فصل في وجوب الامر بالمعروف عن الحجاج وغيرهم ومن اعظم ما يجب على الحجاج وغيرهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المحافظة على الصلوات الخمس الجماعة كما امر الله بذلك في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. واما ما يفعله كثير من الناس من سكان مكة وغيرها من الصلاة في البيوت وتعطيل المساجد فهو خطأ مخالف للشرع فيجب النهي عنه وامر الناس بالمحافظة على الصلاة في المساجد لما قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال لابن ام مكتوم لما استأذنه ان يصلي في بيته لكونه اعمى بعيد الدار عن المسجد هل تسمع النداء قال نعم قال فاجب وفي رواية لا اجد لك رخصة. وقال صلى الله عليه وسلم لقد هممت ان امر بالصلاة تقام ثم امر رجلا فيؤم الناس ثم انطلق الى رجال لا يشهدون الصلاة. فاحرق عليهم بيوتهم بالنار. وفي سنن ابن ماجة وغيره باسناد عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سمع النداء فلم يأت فلا صلاته الا من عذر. وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه عنه قال من سره ان يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهم. فان الله شرع لنبيكم سنن الهدى من سنن الهدى ولو انكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته فتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لظلتم ما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمل الى من هذه المساجد الا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه ويرفعه الله ويحط عنه بها سيئة. ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق. ولقد كان رجل يؤتى به يهادى بين رجل حتى يقام بالصف. ويجب على الحجاج وغيره اجتناب محارم الله تعالى والحذر من نسكها بهذا الزنا واللواط والسرقة. واكل الربا لمال اليتيم والغش في المعاملات والخيانة في الامانات وشرب المسكرات والدخان واسبال الثياب والكبر والحسد والرياء والغيبة والنميمة والسخرية بالمسلمين واستعمال الات الملاهيك الاسطوانات والعود والرباب والمزامير واشباهها واستماع الاغاني والات الطرب من الراديو وغيره واللعب بالنرد والشطرنج والمعاناة بالميسر وهو القمار وتصوير ذوات الارواح والادميين وغيرهم والرضا بذلك فان هذه كلها من المنكرات التي حرمها الله على عباده في كل زمان ومكان فيجب ان يحذرها الحجاج وسكان بيت الله الحرام اكثر من غيرهم لان المعاصي بيد الامين اثمها اشد وعقوبتها اعظم. وقد قال الله تعالى ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم فاذا كان الله قد توعد من اراد ان يلحد في الحرم فكيف تكون عقوبة من فعل؟ لا شك انها اعظم واشد فيجب الحذر من ذلك ومن سائر المعاصي. ولا يحصل للحجاج بر الحج قالوا الذنوب الا بالحذر من هذه المعاصي وغيرها مما حرم الله عليهم كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من حج فلم يرفث ولم الشكر دعاء يوم ولدته امه واشد من هذه المنكرات واعظم منها دعاء الاموات والاستغاثة بهم والنذر لهم مدح لهم. رجاء ان يشفعوا لداعيهم الله او او يشفوا مريضه او يرد غائبه ونحو ذلك وهذا من الشرك الاكبر الذي حرمه الله وهو دين مشركي الجاهلية وقد بعث الله الرسل انزل الكتب لانكاره والنهي عنه فيجب على كل فرد من الحجاج وغيرهم ان يحذره وان يتوب الى الله مما سلم من ذلك ان كان قد سلف منه شيء وان يستأنف التوبة منه لان الشرك الاكبر يحفظ الاعمال كلها. كما قال تعالى كما قال الله تعالى ولو اشركوا لحفظ عنهم ما كانوا ومن انواع الشرك الاصغر الحلف بغير الله كالحديث بالنبي والكعبة والامانة ونحو ذلك ومن ذلك الرياء والسمعة وقول ما شاء الله وشئت ولولا الله وهذا من الله ومنك واشباه ذلك فيجب الحذر من هذه المنكرات الشركية. والتواصي بتركها لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك اخرجه ابو داوود والترمذي باسناد صحيح. وفي الصحيح عن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت. وقال صلى الله عليه وسلم ايضا من حلف بالامانة فليس منا اخذه ابو داوود. وقال صلى الله عليه وسلم ايضا اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر فسأل عنه فقال الرياء فقال صلى الله عليه وسلم لا تقولوا ما شاء الله جاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان. اخرج النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا قال يا رسول الله ما شاء الله وشئت. فقال اجعلتني لله للذنب بل ما شاء الله وحده وهذه الاحاديث تدل على حماية النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وتحذيره امته من الشرك الاكبر ايها الاصغر وحرصه على سلامة ايمانهم ونجاته من ونجاتهم من عذاب الله واسباب غضبه. فجزاه الله عن ذلك افضل الجزاء فقد ابلغ وانذر ونصح لله ولعباده صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين الى يوم الدين. والواجب على اهل العلم من الحجاج والمقيمين في بلد الامين وبدية رسوله الكريم عليه الصلاة والتسليم ان يعلموا الناس ما شرع الله لهم ويحذروهم مما حرم الله عليهم من انواع الشرك والمعاصي وان يبسطوا ذلك بادلته ويبينوه بيانا شافيا ليخرجوا الناس بذلك من الظلمات الى النور ويؤدوا بذلك ما اوجب الله عليهم من البلاغ والبيان. قال الله سبحانه واذا اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه. والمقصود من ذلك تحذير علماء هذه الامة من سلوك مسلك الظالمين من اهل الكتاب اتباع الحق ايثارا للعاجلة على الاجلة. فقد قال وقد قال تعالى ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بين انه للناس للكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون الا الذين تابوا واصلحوا بينوا فاولئك توبوا عليهم وعلى التواب الرحيم. وقد دل الايات القرآنية والاحاديث النبوية على ان الدعوة الى الله سبحانه وارشاد العباد الى ما خلقوا له من افضل القربات واهم الواجبات وانها هي سبيل الرسل واتباعهم الى يوم القيامة. كما قال الله سبحانه ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين وقال عز وجل قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين وقال النبي صلى الله عليه وسلم من دل على خير فله مثل مثل اجر فاعله. اخرجه مسلم في صحيحه وقال لعلي رضي الله عنه لان يهدي الله بك رجلا واحد اذا خير لك من حمر النعم متفق عليه متفق على صحته والايات والاحاديث في هذا المعنى كثيرة فحقيق باهل العلم والايمان ان يضاعف وجودهم في الدعوة الى الله سبحانه وارشاد العباد الى اسباب النجاة وتحذيرهم من اسباب الهلاك ولا سيما في هذا العصر الذي غلبت فيه الاهواء هجرت فيه المبادئ الهدامة وشعارات مضللة وقل فيه دعاة الهدى وكثر فيه دعاة الالحاد والاباحية. فالله المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى فصلا اخر لا يختص ببيان الاحكام المتعلقة الحج لكنه يتأكد فيه فلاجل عظيم الحاجة اليه ذكره المصنف رحمه الله تعالى في هذا الكتاب فترجم له بقوله فصل في وجوب الامر بالمعروف عن الحجاج وغيرهم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يختص في الحج بل هو اصل من اصول الشريعة. وانما يتأكد القيام بهذا الاصل حال اجتماع الناس. وذلك في الحج فمن اعظم ما يجب على الحجاج الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمحافظة على ما امروا به من طاعة عن كل ما نهاهم الله سبحانه وتعالى عنه. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا من المأمورات التي يجب امتثالها وطرفا من المحرمات التي يجب الانتهاء عنها. فذكر من ذلك المحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة كما امر الله بذلك في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وان ما يفعله الكثير من الناس من سكان مكة وغيرها من الصلاة في البيوت وتعطيل المساجد خطأ قالف بالشرع فيجب ان ينهوا عنه وان يؤمروا باداء الصلاة في المساجد. ثم ذكر طرفا مما يجب على الحجاج اجتنابه من المحارم والحذر من ارتكاب كالزنا واللواط والسرقة الى اخر ما عد من المنكرات التي حرمها الله سبحانه وتعالى في كل زمان ومكان الا ان التحريم يتأكد في هذا المقام لان المعاصي في البلد الامين اسمها اشد وعقوبتها اعظم كما قال الله عز وجل ومن يرد في بلحاد بظلم نذيقه من عذاب اليم. فاذا كان الله قد توعد على مريد الالحاد في الحرم بظلم اذا كان مجرد فعله هما اصر فيه فان من فعل الفعل اعظم في العقوبة والصحيح في الارادة التي يرتب عليها العقاب انها الارادة المقترنة بالقدرة على الفعل والتمكن منه وهي المسماة بارادة الاصرار. فان الامام احمد ذكر ان الهم نوعان احدهما هم والثاني هم اصرار وهم الاصرار هو المراد بالارادة التي يرتب عليها العقاب بان يكون الانسان قد عزم على مع المكنة منه فانه يعاقب عليه ولو لم يباشره. وقد ذهب بعض اهل العلم الى ان السيئات تضاعف في الحرم. والصحيح ان السيئات لا تضاعف في الحرم كما وعددا. بل جزاء سيئة مثلها ولكنها تضاعف تضاعف قدرا وكيفية. فالخطيئة المفعولة في الحرم اعظم من مثلها اذا فعل في غيره فالنظرة الحرام في مكة اعظم من نظرة الحرام في غيرها. ثم ذكر بعد ذلك ان لا يحصل لا يحصل لهم بر الحج وغفران الذنوب الا بالحذر من هذه المعاصي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع في يوم ولدته امه وتقدم بيان معناه ومن اشد المنكرات ما يتعلق بحق الله سبحانه وتعالى كالوقوع في دعاء دعاء الاموات والاستغاثة بهم والذي لهم والذبح لهم رجاء شفاعتهم او شفاء المريض او رد الغائب وهذا من الشرك الاكبر الذي يجب على كل فرد من الحجاج وغيرهم ان يحذره وان يتوب اليه لان الشرك الاكبر محبط للعمل كما قال تعالى ولو اشركوا لحفظ عنهم ما كانوا يعملون ثم ذكر نظيره من المنكرات من انواع الشرك الاصغر كالحديث بغير الله كالحديث بالنبي صلى الله عليه وسلم والكعبة والامانة والرياء والسمعة وقول ما شاء الله وشئت ولولا الله وانت وهذا من الله ومنك واشباه ذلك فهذه كلها من المنكرات الشريكية يجب تركها وذكر المصنف رحمه الله تعالى الادلة عليها من اقوال النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على حرمتها النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وتحذيره امته من الشرك الاكبر. والواجب على اهل العلم من الحجاج والمقيمين في بلد الله الامين ومدينة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ان يعلموا الناس ما شرع الله لهم وان يحذروهم مما حرمه الله عليهم كما ذكر المصنف رحمه الله الله تعالى واولى ما يسعى فيه الداعي في تلك المواطن هو اصلاح حال الحجيج من الوافدين الى هذا المحل من اهل هذه البلاد وغيرها فانهم يقبلون في هذه المحال على الله سبحانه وتعالى فقلوبهم وارجى للقبول فيجب ان يجتهد العلماء طلاب العلم والداعون الى الله سبحانه وتعالى في اغتنام هذا الموسم المبارك في اصلاح حال الناس ودعوتهم الى امتثال ما امرهم الله سبحانه وتعالى به وان يضاعفوا من جهودهم في الدعوة الى الله سبحانه وتعالى والتحذير من اسباب الغي والهلاك ولا سيما في هذا العصر كما ذكر المصنف الذي غلبت فيه الاهوال وانتشرت فيه الدعوات الضالة وفشت الفرق والملل المنسوبة زورا وكذبا الى الاسلام نعم