السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي انزل القرآن ايات بينات. ففسره رسوله صلى الله عليه وسلم بالاحاديث الشريفات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم. انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد. كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فهذا هو المجلس الثاني في لشرح الكتاب المزمع شرحه في هذا الوقت وهو الاربعين المدنية في تفسير القرآن بالسنة النبوية نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على ختام الانبياء واشرف المرسلين نبينا محمد عليه وعلى اله افضل الصلاة واتم التسليم. قلتم احسن الله اليكم في كتاب الاربعين المدني في تفسير القرآن بالسنة النبوية. الحمد لله الذي انزل القرآن ايات بينات. وملا به الذين اوتوا العلم من المؤمنين والمؤمنات جعله لكل شيء تبيانا وختم به كتبه صدقا واحسانا والصلاة ابتدأ المصنف كتابه بالبسملة اتبعها بحمد الله امتثالا لادب التصنيف فان من اداب التصنيف ذكر الحمدلة في اوله. ذكره جماعة منهم ابو عمر ابن عبدالبر وابو بكر الخطيب رحمهما الله. ودليل هذا الادب مضاهاة افتتاح القرآن الكريم. فان افتتاح القرآن الكريم واقع رسم. لقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وتقدم ان وقوع وتقدم ان وقوع رسم المصحف على هذه الهيئة اما ان يكون باشارة منه صلى الله عليه وسلم او باتفاق الخلفاء الراشدين لوقوع كتابة المصحف اولا في عهد اولهم وهو ابو بكر رضي الله عنه ثم ثانية في عهد عثمان رضي الله عنه. والى ذلك اشار محمد العاقب ابن ما يأبى اذ قال لانه اما بامر المصطفى او باتفاق الراشدين الخلفاء ويذكر المصنفون دليلا اخر وهو حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل امر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو اقطع. رواه ابو داوود وابن ماجة واسناد هذا الحديث ضعيف. فانه لا يثبت الا مرسلا. ذكره ابو داود والدار قطني رحمهما الله. والحديث المرسل من انواع الحديث الضعيف. وهذا الحديث يروى باربعة الفاظ احدها كل امر ذي دار لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وثانيها كل امر ذي بال لا يبدأ بحمد الله كل امر ذي بال لا يبدأ بالحمد ورابعها كل امر ذي بال لا يبدأ بذكر الله. وجميع هذه الالفاظ ضعيفة واشدها ضعفا كان اولها فلا يثبت في استحباب استفتاح التأليف بالحمد سوى مضاهاة رسم المصحف المبدوء ببسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين فقدان ما يثبت من ذلك مرفوعا اهمل كثير من المتقدمين ذكر الحندلة في استفتاح كتبهم كالامام مالك في موطئه والامام احمد في مسنده والامام البخاري في صحيحه في فاكتفوا باستفتاح كتبهم ببسم الله الرحمن الرحيم. ثم عمدوا الى اثبات ما قصدوا بيانه ولكن من ادب التصنيف المستقر عند المتأخرين استحباب ذكر الحندلة بعد بسم الله الرحمن الرحيم. ووجه اسقاط من اسقط ذكرى الحمدلة. هو انهم يرون ان السنة في الخطب استفتاحها بالحمدلة دون الكتب. واما الكتب فالسنة عندهم استفتاحها بالبسملة. فالحق الكتب بخطبه صلى الله عليه فالحقوا الكتب بمكاتباته ورسائله صلى الله عليه وسلم. واولها بسم الله الرحمن الرحيم واما خطبه صلى الله عليه وسلم فكانت تستفتح بالحمدلة وتلحق بها مجالس الدرس ومحاضرات العلم فتكون السنة فيها استفتاحها بالحمدلة. والحمد هو الاخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه. هو الاخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه فالحمد مركب من امرين احدهما انه خبر عن محاسن المحمود والاخر ان ذلك الخبر مقترن بالحب والتعظيم لمن اخبر عن فان تجرد من حبه وتعظيمه فكان خبرا مجردا عن محاسنه سمي مدحا فالفرق بين الحمد والمدح ان الحمد يصحبه محبة المحبود واما المدح فانه يخلو من ذلك. فربما مدح مادح احدا بذكر محاسنه وليس له في قلبه محبة ولا تعظيم. فالحمد ارفع قدرا. واعلى رتبة ومحاسن المحمود هي خصاله التي يحمد عليها. وهي نوعان. احدهما خصاله اللازمة وتسمى الفضائل. والاخر المتعدية المتعدية وتسمى الفواضل. خصاله المتعدية وتسمى الفواضل فالمرء يحمد لفضائله او فواضله. فما كان لازما له من هلاله وفصاله حمد عليه فضيلة له. وما تعداه بايصاله الى غيره حمد اهله لتفضله به عليه. وربنا سبحانه وتعالى له الحمد كله لذلك فان في قولنا الحمد لله دالة على الاستغراق. اي عموم جميع افراد الحمد فالله سبحانه وتعالى مستحق للحمد الكامل التام. ولا يبلغ حمده سبحانه وتعالى احد ولذلك فان اكمل الحمد له هو الحمد له سبحانه وتعالى بما حمد به نفسه وبما حمده به رسوله صلى الله عليه وسلم. والمحاسن التي يحمد عليها الله سبحانه وتعالى نوعان. احدهما كماله الحاصل والاخر احسانه الواصل. احدهما كماله الحاصل. والاخر احسانه الواصل فان الله سبحانه وتعالى يحمد لما اتصف به من صفات الكمال كل كمال فهو له سبحانه وتعالى. وهو يحمد ايضا على ما يوصله الينا من والاحسان. واركان الحمد خمسة. اولها الحامد وهو المبتدئ بالحمد وثانيها المحمود وهو الذي جعل له الحمد وثالثها المحمود به. وهو الخبر عن محاسنه ورابعها المحمود عليه وهو متعلق الحمد من محاسن المحمود. وخامسها صيغة الحمد. وهي القول الذي جعل دليلا على الخبر عن محاسن المحمود. وهي القول الذي جعل دليلا للخبر عن محاسن المحمود وشاع عند المتأخرين قولهم ان الحمد هو الثناء باللسان على الجميل اختيار وهذا الحد منتقد من وجوه اكدها في اقتراحه قولهم ان الحمد هو الثناء فان الحمد بعض الثناء ولا يكون هو الثناء كله. والمرشد الى ذلك ما رواه مسلم في صحيحه. من العلاء بن عبدالرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى انه قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فاذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله ايش؟ حمدني عبدي فاذا قال الرحمن الرحيم قال الله ايش؟ اثنى علي عبدي ولو كان الحمد هو الثناء لوقع في مقابل قول العبد الحمد لله ولكن الثناء هو تكرار المحامد مرة بعد مرة. فالثناء حمد وزيادة. فاذا وقع الاخبار عن محاسن المحمود مع الحب والتعظيم سمي ايش؟ حمدا. واذا كرر ذلك الخبر سمي ثناء واذا اقترن ذلك الثناء المكرر بصفات القوة والعظمة سمي تمجيدا ولابي عبد الله ابن القيم فائدة نافعة ذكرها في بدائع الفوائد في الفرق بين الحمد والثناء والتمجيد. محصلها هو ما ذكرته لكم. ولشيخه ابي العباس ابن تيمية الحفيظ رحمه الله مناظرة مع ابن المرحل في حقيقة الحمد. يحسن بطالب العلم الاطلاع وعليها للوقوف على حقيقة الحمد كما ذكرناها. وقد حمد وقد حمد المصنف الله سبحانه وتعالى بقوله الحمدلله الذي انزل القرآن وحمد الله سبحانه وتعالى على انزال القرآن من مواقع الحمد التي جاءت في كتاب الله تعالى. فقال الله سبحانه تعالى الحمدلله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. فمما يحمد وبه سبحانه وتعالى فمما يحمد عليه الله سبحانه وتعالى انزاله الكتاب على رسوله صلى الله عليه وسلم وهل هذا حمد لله على كماله الحاصل ام حمد له على احسانه الواصل؟ ما الجواب؟ على احسانه؟ الواصل كيف ارفع صوتك طيب وغيره كيف وحمد الله على انزال كتابه يتضمن حمده سبحانه على كماله الحاصل واحسانه الواصل فاما كونه من كماله الحاصل ذلك ان القرآن الكريم لا يأتي احد بمثله. قال تعالى ولا يأتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا. فلا يضاهيه ينام احد ابدا فهو دال على كمال الله سبحانه وتعالى. واما كونه متظمنا حمد الله سبحانه وتعالى على احسانه الواصل فلعظيم المنافع وجليل البركات التي تجتنى وتقتنى من القرآن الكريم. قال الله تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم فما يتوقف عليه خير الدنيا والاخرة كله مما جاء في القرآن الكريم فهو من اعظم احسان الله سبحانه وتعالى الينا فحمد الله على انزال كتابه القرآن جامع بين حمده سبحانه على كماله الحاصل واحسانه الواصل ودل على حمد الله سبحانه وتعالى بانزال القرآن بقوله الذي انزل القرآن فالقرآن اسم للكتاب الذي انزله الله سبحانه وتعالى على محمد عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى بما اوحينا اليك هذا القرآن. وقال في الاية انفة الذكر ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وهذا اسم اشارة للقريب. فالقرآن اجل الاسماء التي جعلت للكتاب بالذي انزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم. ولماذا سمي قرآنا؟ لماذا سمي القرآن قرآنا ارفع صوتك لا هذا الوزن في الصفات. ليس في الاسماء هو اسمه. يعني من القراءة. يقول الاخ سمي قرآنا من القراءة. نعم. سمي قرآنا من الظهور والبيان. سمي قرآنا من الظهور والبيان. من قول العرب ما قرأت الناقة جنينا قط ما قرأت الناقة جنينا قط. يعني ما اخرجت ولا جنينا قط. وهذا قول قطرب واختاره ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في زاد المعاد وهو احسن الاقوال مأخذا واسلمها مدركا ذلك لان الخصيصة التي فضل بها القرآن على كلام العرب. وتقاعدت هممهم عن مضارعة ومضاهاته ما كسي به القرآن من ظهور وبيان وفصاحة. فاحسن الاقوال هو ان القرآن سمي قرآنا بما يتضمنه من البيان والخروج والظهور. وهذه الخصيصة هي اصل اسم العرب فان اسماء الامم بنيت على صفات اتصفوا بها. فان العرب انما سموا عربا لما كسي به كلامهم من الاعراب. وهو الظهور والبيان والفصاحة وانما سمي الفرس فرصا لما طبعوا عليه من محبة الظلم والطيش والبطش. وانما سمي الروم روما لما جبلوا عليه من محبة التوسع والملذات في المآكل والمشارب والمناكح لها لا ينتهي. اشار الى هذا المعنى ابو العباس ابن تيمية الحفيد في كتاب الرد على المنطقيين وحمد المصنف الله سبحانه وتعالى على انزال القرآن. وانزال القرآن الكريم نوعان احدهما انزال كتابة. احدهما انزال كتابة. فان الله انزله مكتوبا من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا في ليلة القدر. فان الله انزله مكتوبا من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا في ليلة القدر والاخر انزال تكلم انزال تكلم فان الله سبحانه وتعالى تكلم به فسمعه منه جبريل ونقله الى النبي صلى الله عليه وسلم مدة حياته صلى الله عليه وسلم وجمع هذان النوعان في قول ابن عباس رضي الله عنه انزل القرآن جملة من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا. انزل القرآن جملة من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم انزل بعد ذلك في عشرين ليلة. ثم انزل بعد ذلك في عشرين ليلة. رواه النسائي في السنن الكبرى واسناده صحيح. رواه النسائي في السنن الكبرى واسناده صحيح اين الدلالة على القسم الاول في قوله انزل القرآن جملة الى السماء الدنيا من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا في ليلة القدر. ودليله على القسم الثاني قوله ثم انزل بعد ذلك في عشرين سنة يعني باسقاط الكسر لان عربا اذا كان العدد دون الخمسة اسقطوا عده فان مدة تنزيل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم هي ثلاث وعشرون سنة لكنه اسقط الثلاثة فقال ثم انزل في عشرين سنة بعد ذلك ويعلم بهذا ان قول الله سبحانه وتعالى انا انزلناه في ليلة مباركة وقوله انا انزلناه في ليلة القدر يراد بها ايش؟ انزاله مكتوبا يراد بها انزاله مكتوبا الى السماء الدنيا وليس المراد بذلك ابتداء تنزيله على النبي صلى الله عليه وسلم ما الفرق بين الانزالين ما الفرق بين الانزالين ها يا عمر ها احسنت الفرق الاول ان انزال الكتابة وقع به انزال القرآن كله واما انزال التكلم فوقع منجما حسب الوقائع والحوادث. فرق الثاني الفرق الثاني ان انزال الكتابة لم يتجاوز السماء ان انزال الكتابة لم يتجاوز السماء فلم يؤتاه النبي صلى الله عليه وسلم مكتوبا واما ان كانوا التكلم فانه تجاوز السماء. ونزل به الروح الامين جبريل عليه الصلاة والسلام الى النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل والفرق الثالث ان انزال الكتابة لا تعلم فيه واسطة الانزال فلم تذكر اما انزال التكلم فان الواسطة فيه بين الله وبين محمد صلى الله عليه وسلم هو جبريل عليه الصلاة والسلام فهذه فروق ثلاثة بين الانزالين المذكورين للقرآن الكريم ثم وصف المصنف القرآن بكونه ايات بينات. اذ قال الحمد لله الذي انزل القرآن ايات فالقرآن الكريم مؤلف من ايات قال الله تعالى هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات واخر متشابهات. وقال في سورة النور سورة انزلناها وفرضناها وانزلنا فيها ايات بينات فافراد ما يتركب منه القرآن تسمى ايش ايات تسمى ايات. ولذلك فان الاية القرآنية شرعا هي جملة قرآنية ذات مقطع تتركب من كلمة او اكثر هي جملة قرآنية مقطع تتركب من كلمة او اكثر. فالاية القرآنية مؤلفة من ثلاثة اشياء احدها انها جملة قرآنية فهي منسوبة الى القرآن وعلم ان ما لم يكن من القرآن فليس اية. ومنه الاستعاذة. فان استعاذة باجماع العلماء ليست اية من القرآن الكريم وثانيها ان هذه الجملة القرآنية ذات مقطع. والمراد بالمقطع الفاصلة التي تتميز بها مما يسمى ايش رأس الاية مما يسمى رأس الاية وكيف تكون رأسا وهي في اخر الاية؟ نحن نتفق معكم اسمها رأس الاية لكن كيف تكون رأسا؟ وهي في اخر اية ما الجواب هنا بالنسبة لما بعدها. طيب الاية الاولى الاية الاخيرة من من السورة. ايش؟ الاية لا تكتمل الا طيب اذا اكتملت باخرتها تكون رأس الاية؟ الجواب ان هذا من ادب العلماء مع القرآن فانهم عدلوا عن القول نهاية الاية الى قولهم رأس الاية تعظيما للقرآن الكريم فاضطرد عند علماء عدد القرآن والمشتغلين بعلومهم التعبير برؤوس الاية. لا باوامر الاية وهذا مشهور في كلام السلف فمن بعدهم الى يومنا فالتعبير برأس الاية اكمل من التعبير في اواخر الاية ووصف المصنف ايات القرآن بكونها بينات فالايات القرآنية توصف في القرآن بوصفين احدهما نعم اي نسينا الثالث جزاك الله خير مثل هذا اللي قال الاخ يحسن التنبيه عليه اذا وهلت فنبهوني وثالثها انها تتركب منك كقوله تعالى مدهامتان في سورة الرحمن او اكثر من ذلك وهو جمهور الاية القرآنية فانها تتركب من اكثر من كلمة ثم هؤلاء الاية وصفها المصنف بقوله بينات وايات القرآن وصفت فيه بوصفين. احدهما ايش؟ بينات قال الله تعالى ولقد انزلنا اليك ايات بينات والاخر مبينات قال تعالى ولقد انزلنا اليك ايات مبينات الكسر في قراءة وفي قراءة سبعية اخرى مبينات فايات القرآن وصفت بهذا. لما جعلت عليه من البيان والظهور ولهذا فان الاولى ان توصف الاية المفردة بقولنا الاية البينة لا بقولنا الاية الكريمة لماذا؟ احسنت اتباعا لما وصفه الله سبحانه وتعالى به فان قال قائل فقد قال الله عز وجل انه لقرآن كريم قلنا نعم. قال انه لقرآن كريم. فجعله وصفا له كله. ولم يجعله وصفا لافراده فمن اسرار الخبر عن القرآن في القرآن ان وصفه كله وقع بالكرم. وان قاده وصفت بالبيان. لان الكرم هو الرفعة والعلو. وليست هذه وصفا ظاهرا في القرآن الا باجتماعه فباجتماع القرآن الكريم ظهر علوه ورفعته. ولهذا لم يقع تحدي العرب باية وانما وقع تحديهم بصورة او بعشر سور او بالقرآن كله. فالكرم يكون وصفا للقرآن بمجموعه. والبينة تكون وصفا لاياته وفي ذلك قال الله سبحانه وتعالى سلبني اسرائيل كم اتيناهم من اية ايش؟ بينة فوصف الاية بكونها بينة فان قال قائل هذا الذي ذكر في حق بني اسرائيل واندرجت فيه كتبهم لا يصلح ان يكون لنا. لان افراد كتابنا تسمى ايات. فهل تسمى كتبهم كالتوراة والانجيل ايات ام لا؟ ما الجواب؟ نعم اعمل تسمى اية ما الدليل؟ ايش والله ما اسمعك لكن الجواب نعم تسمى فواصل ما انزل على اهل الكتاب ايات ودليله في القرآن قال الله تعالى ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة ماذا معلوم يتلون ايات الله. فالصحيح ان افراد الكتب المتقدمة كالتوراة والانجيل تسمى اياته. فما ذكره العلامة احمد شاكر رحمه الله من انه يقال فيها فاصلة ولا يقال فيها اية فيه نظر لما ذكرنا من ان افراد تلك الكتب اما ايات فيكون قوله تعالى سل بني اسرائيل كم اتيناهم من اية بينة صالحا للدلالة على ان وصف الاية المفردة من كتب الله سبحانه وتعالى توصف كونها بينة ثم قال المصنف وملأ به صدور الذين اوتوا العلم من المؤمنين والمؤمنات. اي ان الله سبحانه وتعالى جعل صدور المؤمنين وعاء لما انزله الله سبحانه وتعالى من الايات البينات في القرآن الكريم والصدر هو محل الارادة من العبد. ومن جملته العلم. قال الله سبحانه وتعالى لانتم اشد رهبة في صدورهم. وقال تعالى بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم. فرد مبتدأ الارادة والحركة الى الصدر. لان وزراء هو الوعاء الذي يشتمل على القلب. والقلب مع اتصاله بالدماغ هو محل العلم من الانسان فان العقل الذي اختص به الانسان وتميز عن غيره اختلف في موضعه على ثلاثة اقوال اصحها ان موضعه هو القلب مع اتصاله بالدماغ. فهو رواية عن الامام احمد اختارها من اصحابه او العباس ابن تيمية الحفيد. وقد ذكر المصنف ان ايات القرآن الكريم هي ملء صدور الذين اوتوا العلم. لقوله تعالى في سورة العنكبوت بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم واختلف بالمراد بالذين اوتوا العلم في هذه الاية على ثلاثة اقوال اولها ان المراد بهم علماء اهل الكتاب وثانيها ان المراد به محمد صلى الله عليه وسلم واخبر عنه بالجمع للدلالة على التعظيم واخبر عنه بالجمع للدلالة على التعظيم وثالثها انهم المؤمنون العالمون بالقرآن من هذه الامة انهم المؤمنون العالمون بالقرآن من هذه الامة واصح الاقوال والله اعلم ان المراد بذلك هم علماء اهل الكتاب اختاره ابن جرير الطبري وابن كثير. لان سياق الايات باهل الكتاب فالسابق من الاي في اية في سورة العنكبوت كان حديثا عن اهل الكتاب ثم لما ذكر حال الرسول صلى الله الله عليه وسلم قال الله وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطل بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم. يعني ان المشركين من العرب وقع في قلوبهم ريب وتردد اما علماء اهل الكتاب فعندهم من الخبر الصادق عن وصفه صلى الله عليه وسلم ما علموا به ان هذا الرجل هو الذي بعث الينا وان هذا الكتاب هو الذي انزل الله سبحانه وتعالى عليه ثم ان المصنف لما ذكر ان القرآن هو ملء صدور الذين اوتوا العلم قال من المؤمنين والمؤمنات لقترانهما في الاحكام والجزاء. فان الخطاب الشرعي متعلق بالرجال نساء على حد سواء والجزاء واقع لكل. ووقع في القرآن الكريم القرن بينهما في مواضع فقال الله سبحانه وتعالى ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات. وقال الله على المؤمنين والمؤمنات وقال والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات وقال ان الذين فتنوا مؤمنين والمؤمنات. ومن اللطائف ان اكثر ما وقع من الاقتران بينهما هو في سورة الاحزاب بتعلق الاحكام فيها بهما معا الى التذكير بذلك افصاحا واعلانا به واذا ذكر المؤمنون اندرج فيهم المؤمنات. لان المقصود به حينئذ والمتصف بالايمان سواء كان ذكرا او انثى. فقوله تعالى قد افلح المؤمنون الذين هم في خاشعون يتعلق بمن بالرجال والنساء قال المبطلون هذه ذكورية النص هذه ذكورية النص يقولون ان القرآن الكريم قد جعل عنايته بالنساء بالرجال دون النساء وجاء الشرع هكذا معتني بالرجال دون النساء. وهذا من افكهم ولو علموا الحكمة لانقطع مقالته لان الحكمة في مباشرة الرجال بالخطاب هو كونهم اكثر اعداء اعداء الملقاة على عواتقهم والامانة المناطة بذممهم اكثر من النساء فلم ما كانوا اشد حبلا واثقل عبئا جاء القرآن بمباشرة الخطاب اليهم مع القول بان ان النساء تندرج حينئذ فيما خاطب الله سبحانه وتعالى به الرجال. ولا اخرجوا عن ذلك الا بدليل بين ثم قال المصنف واصفا القرآن جعله الله لكل شيء تبيانا كما قال قال تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وتبيان القرآن الكريم نوعان احدهما تبيانه الحق في نفسه تبيانه الحق في نفسه والاخر رده الباطل. والاخر رده الباطل. قال الله تعالى ولا يأتونك بمثل لا جئناك بالحق واحسن تفسيرا. ولما سمع الوليد بن المغيرة القرآن قال ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة. وان اسفله لمغدق وان اعلاه مثمر وانه ليعلو ولا يعلو عليه. فلا يأتي احد بمثل ما جاء في القرآن الكريم من التبيان فمن رام الفصاحة في البيان والجلالة في اللسان فعليه بالقرآن. وانك اتعجب من امرئ يحفظ القرآن ثم يكون عيا لا يفصح القول ومنشأ هذا هو قطع الصلة او ضعفها بالقرآن الكريم. فتجد احدنا يحفظ القرآن الكريم لكنك لا تتلمس في كلامه الاوضاع القرآنية في الكلام سواء في الافراد او التركيب. فينبغي ان يعمل المرء كانه بما جاء في القرآن الكريم من الوضع العربي لانه اكمل الاوضاع التي جعل عليها لغة العرب. ومن لم يكن عنده الا القرآن فان عنده اصلا وثيقا من معرفة كلام العرب فهو قاموس من لم يجد القاموس. فهو قاموس من لم يجد القاموس حدثني عبد القادر ابن كرامة الله البخاري قال سمعت شيخنا موسى ابن يا لله القازاني وكان مفتي تدارستان من بلاد روسيا اليوم في القرن السابق يقول القرآن قاموس الفقراء. القرآن قاموس الفقراء. سمعت هذه الكلمة ايضا من شيخنا عبدالغني الدقر يقول القرآن قاموس الفقراء. اي من لم يجد كتابا يستعين به في العربية فان بين يديه القرآن الكريم وهو اجل الكتب قاطبة فيما به الى اللسان العربي. ثم قال وختم به كتبه صدقا واحسانا اي جعل القرآن الكريم خاتمة الكتب التي انزلها الله سبحانه وتعالى ووقع الختم به لكماله فهو اكمل الكتب التي انزلها الله سبحانه وتعالى على انبيائه كما قال تعالى وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا ما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه اي له علو ورفعة على غيره من كتب فالقرآن الكريم خاتمة الكتب. وقد جمع الله عز وجل لهذه الامة انواع عمنا الختم فخاتم الانبياء هو نبيها صلى الله عليه وسلم. وخاتم الكتب هو المنزل على نبيها صلى الله عليه وسلم هو القرآن. وخاتم الدين الذي رضيه الله سبحانه وتعالى هو الاسلام الذي جعله الله عز وجل دينا لهذه الامة. فلما اجتمعت هذه الانواع من الختم لهذه الامة كانت هذه الامم خاتمة الامم واعظمها عند الله سبحانه وتعالى وعند الترمذي من حديث عبد ابن حميد قال حدثنا عبد ابن حميد قال اخبرنا عبد الرزاق عن معمل عن بهزي بن حكيم بن معاوية بن حيدة عن ابيه عن جده معاوية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم تتمون سبعين امة. يعني هذه الامة عددها في الامم سبعين انتم خيرها واكرمها على الله عز وجل. وانما وقعت هذه الخيرية والكرامة على الامم جميعا لما اجتمع لها من الفضائل ومن جملتها انواع الختم التي ذكرناها انفا. ثم قال المصنف لما ذكر ختم كتب الله بالقرآن صدقا واحسانا. كما قال تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا فالمقصود بالاحسان هو الاتقان. والاتقان لا يكون الا بالعدل. فكمال كلمة الله سبحانه وتعالى كائن بشيئين احدهما بالصدق ومحله الاحكام ايش؟ الخبرية ومحله الاحكام الخبرية. والثاني العدل ومحله الاحكام طلبية فمثلا من الاحكام الخبرية قوله تعالى وهو السميع البصير. وقوله تعالى في امم قد خلت من قبلكم وقوله تعالى وما ربك بالظلام للعبيد. فكل هذه الاخبار موصوفة بانها صدق ومن الاحكام الطلبية الموصوفة بالعدل ما امرنا الله سبحانه وتعالى به او نهانا عنه فقوله تعالى مثلا واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا. غاية العدل في معاملة الله ومعاملة الوالدين في امرنا بذلك. فقوله تعالى ولا يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا الربا اضعافا مضاعفة وقوله سبحانه وتعالى لا تقربوا الزنا. غاية العدل لان حفظ الاموال والفروج لا يكون الا بذلك فجاء القرآن الكريم تاما صدقا وعدلا بما تضمنه في اخباره في خبره وطلبه. وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب استوفي بقيته باذن الله سبحانه وتعالى غدا والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين