السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي انزل القرآن ايات بينات ففسره رسوله بالاحاديث الشريفات ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد. كما وصليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد. كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فهذا المجلس الثالث عشر في شرح الكتاب الاول من برنامج التفسير النووي للقرآن وهو كتاب الاربعين المدنية في تفسير القرآن بالسنة النبوية. وقد انتهى بنا البيان الى قوله الحديث العشرون. وقبل الشروع في بيان ما يستقبل من الاحاديث يحسن العود الى جملة من المعاني التي ذكرناها في الدرس السابق. فاننا ابتدأنا الدرس السابق بشرح الحديث السادس عشر وهو في تفسير قوله تعالى في سدر مخضوض. وراوي الحديث هو ابو امامة الباهلي كما وقع في قوله عن ابي امامة الباهلي. فمن هو ابو امامة الباهلي؟ هو صدي بن عجلان ابن وهب يكنى ابا امامة وبه شهر سكن مصر مدة طويلة ثم تحول الى حمص فمات بها سنة ست وثمانين وله من العمر كم سنة؟ سنة وله من مئة وست سنوات ثم ذكرنا ان هذا الحديث الذي ذكرناه عن ابي امامة انه قد اخرجه لقوله رواه الحاكم وصححه. واذا اطلق العزو الى الحاكم فالمراد به المستدرك على في حين وهذا الحديث قد اختلف في وصله وارساله. والمحفوظ فيه انه مرسل عن سليم ابن عامر. رواه ابن ابي الدنيا في كتاب صفة الجنة مرسلا. والحديث المرسل من انواع الحديث الضعيف. وذكرت لكم بيتا في ضبط حده بيان حكمه وهو نعم. احسنت. ومرسل الحديث ما قد وصف برفع تابع له وضعف ثم ذكرنا ان هذا الحديث وقع تفسيرا لقول الله تعالى في سدر مخضوض. وبينا ان الراجح في معنى هذه الاية نعم احسنت. هو السدر الذي نزع شوكه. هو السدر الذي نزع شوكه. طيب سؤال لماذا اختص بالذكر من بين الشجر. احسنت. السدر هو من الشجر الذي تحبه العرب وكان في بواديها ولم يكن يزرع في بساتينها وجنانها. فكان من امتنان الله عليهم الوعد به بان يكون في البساتين التي وعدوا من الجنات. ثم اتبعناه بالحديث السابع عشر وهو في تفسير قوله تعالى وظل ممدود وراويه هو ابو هريرة عبدالرحمن ابن صخر ابن عبد ذي الشرى. توفي سنة سبع وخمسين للمدينة وله من العمر ثمان وسبعون سنة رضي الله عنه وهذا الحديث متفق عليه. اي مما اخرجه البخاري ومسلم. وهو في تفسير لقوله تعالى وظل ممدود. وبينا ان معنى وظل ممدود نعم يا اخوان ايش ان ظلها ممتد لا يتقلص وهو دائم كما قال الله عز وجل وكلها دائم وظلها يعني وظلها دائم ايضا ثم في الحديث الثامن عشر وهو من رواية ابي هريرة رضي الله عنه وقد اخرجه مسلم وحده دون البخاري وهو في تفسير قوله تعالى هو الاول والاخر والظاهر والباطن. ووقع في الحديث تفسير ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم اللهم انت الاول فليس قبلك شيء. وهذا متعلق بازليته سبحانه وتعالى وانت الاخر فليس بعدك شيء وهذا متعلق بابديته سبحانه وتعالى وانت الظاهر ليس فوقك شيء وهذا متعلق بعلوه وفوقيته وانت الباطن فليس دونك شيء وهذا متعلق باحاطته سبحانه وتعالى ودنويه وذكرت كلمة عن القرطبي في هذا في تفسير هذه الاية قال نعم احسنت قال شرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم شرحا يغني عن قول كل قائل. عن قول كل قائل وتقدم انه قال في موضع من مم احسنت قال وتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم اولى واعلى واحسن واذا ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير لم يحتج معه الى قول غيره. ثم ذكرنا الحديث التاسع عشر وهو في تفسير قوله تعالى تعالى يسعى نورهم بين ايديهم وبايمانهم وهو هو من رواية عبد الله ابن مسعود وقد عزيناه وقد عزوناه الى الحاكم في مستدركه واسناده اجمل واسناده جيد او حسن. والجيد في اصطلاح اهل العلم كما قال السيوطي مرتبة فوق الحسن ودون فهي اشبه ما تكون باعلى رتب الحسن فهي تتضامن عن مرتبة الصحيح وهي من جملة ما يندرج في الحسن ذكره في تدريب الراوي. وهذا الحديث وان كان موقوف اللفظ الا انه يحكم برفعه لماذا يقوم برفعه يا ابراهيم احسنت لانه خبر عن غيب. واذا اخبر الصحابي عن غيب علم ان هذا لا يقال من قبل الرأي اي من قبل الاجتهاد. بل يفتقر الى خبر من وحي وخبر اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيب الاصل انه عن الوحي الذي اوحاه الله عز وجل اليه فهو مأخوذ صلى الله عليه وسلم في حكم حينئذ برفعه. وذكرنا ان هذا الحديث فيه بيان مقادير الانوار. كما قال يؤتون نورهم على قدر اعمالهم. منهم من نوره مثل الجبل. وعند ابن ابي شيبة ومنهم من نوره كالنخلة منهم من نوره كالنخلة. والحاكم اخرج هذا الحديث من طريق ابن ابي شيبة. ومنهم نورا من نوره على ابهامه يطفأ مرة ويوقد اخرى. ثم ذكرنا ان هذا النور كائن يوم القيامة هي الانوار التي تكون على الصراط للمؤمنين بقدر اعمالهم وان معنى قوله تعالى بين ايديهم ان يضيءوا لهم ما بين ايديهم وان وبايمانهم او اي ولهم نور بايمانهم ينتفعون به حيث شاؤوا. نعم. الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين. قلتم الله لكم في كتابكم الاربعين المدنية في تفسير القرآن بالسنة النبوية. الحديث العشرون في تفسير قوله تعالى ومبشرا برسوله يأتي من بعدي اسمه احمد. عن جبير ابن مطعم رضي الله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انا محمد وانا احمد وانا الماحي الذي يمحى بي الكفر وانا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي وانا العاقب والعاقب الذي ليس بعده نبي متفق عليه واللفظ لمسلم. موارد قولي في هذا الحديث ثلاثة فالمورد الاول في تعريف راوي الحديث وهو جبير ابن اطعم بكسر العين. ابن عدي النوفلي او القرشي النوفلي. القرشي النوفلي. فان قاعدة النسب البداءة بالاعلى ثم التدلي. القرشي النوفلي يكنى ابا محمد. يكنى ابا محمد اسلم بعد الحديبية وتوفي سنة سبع وخمسين وقيل ثمان وخمسين وقيل تسع وخمسين. فتوفي في النصف الثاني من الخمسينيات هجية الاولى فهو متوفى سنة سبع وخمسين وقيل ثمان وقيل تسع وخمسين وكان عارفا بالانساب. لانه اخذها عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه فلم يكن بعد وفاة ابي بكر احد اعرف بانساب العرب من جبير ابن مطعم رضي الله عنه وارضاه واما المورد الثاني فهو في تخريج الحديث. فهذا الحديث من المتفق عليه. وتقدم ان اتفق عليه اذا اطلق فالمراد به انه ما اخرجه البخاري ومسلم. فهذا الحديث اخرجه البخاري في صحيحه قال حدثنا ابو اليماني قال اخبرنا شعيب عن الزهري قال اخبرني محمد ابن جبير ابن في مطعم عن ابيه فذكره. واخرجه مسلم في صحيحه قال حدثني ابراهيم ابن المنذر. قال معن عن مالك عن ابن شهاب الزهري به بالاسناد المتقدم ولم يذكر الاية. واخرجه مسلم ايضا في صحيحه قال حدثنا اسحاق ابن ابراهيم وزهير ابن حرب وابن ابي عمر واللفظ لزهير قال اسحاق اخبرنا وقال الاخران حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري انه سمع محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه رضي الله عنه فذكر هذا الحديث. واما المورد الثالث وهو بيان ما منه بتفسير الاية وهي قوله تعالى ومبشرا برسول من بعدي اسمه احمد. فان الاية خبر عن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام انه اخبر ان الله سبحانه وتعالى بعثه لما بين يديه من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد. فذكر اسم النبي الاتي بعده انه احمد وهو من اسمائه صلى الله عليه وسلم لقوله في حديث جبير وانا احمد. فمن الاسماء النبوية اسمه صلى الله عليه وسلم احمد وهو الذي اخبر به عيسى ابن مريم في قول الله تعالى مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد. وفي حديث ابي امامة عند احمد في مسنده ان ابا امامة الباهلية قال يا رسول الله ما بدو امرك؟ فقال انا دعوة ابي ابراهيم وبشرى واخي عيسى ووقع في لفظ اخر في حديث اخر وبشارة عيسى. وهما اسنادان لا يخلوان من ضعف لكنه ما يحسنان بمجموعهما. والقرآن واقع بمثل ما اخبر به من ان النبي صلى الله عليه وسلم ما بشر به عيسى ابن مريم واخبر اتباعه بان الله عز وجل يبعث من بعده نبيا به وهو احمد عليه الصلاة والسلام وهذا احد الاسماء النبوية. والاسماء النبوية كثيرة عديدة واجمع حديث فيها هو هذا الحديث. وهو حديث جبير ابن مطعم ان لي خمسة اسماء فذكر هذه الاسماء الخمسة وله صلى الله عليه وسلم اسماء اكثر من ذلك ولابن فارس كتاب بديع وضع جليل النفع اسمه تفسير اسماء النبي صلى الله عليه وسلم. ففسر الاسماء النبوية فيما لها من المعاني ومن جملة تلك الاسماء اسمه احمد عليه الصلاة والسلام. ومعنى هذا الاسم انه احمد حامدين لربه انه احمد الحامدين لربه فهو علم منقول من صفة وهي افعل التفضيل فاكثر الناس حمدا لله عز وجل هو نبينا صلى الله عليه وسلم فلذلك سمي صلى الله عليه سلم بهذا الاسم وهو احمد. وذكرت لكم من قبل نكتة لطيفة وفائدة شريفة في الجمع بين ما في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل الاسماء ايش عبدالله وعبدالرحمن. فكيف يكونان افضل الاسماء ثم المقام النبوي والجناب المحمدي من تسميته بهما. واضح الاشكال؟ ما الجواب؟ نعم ايش؟ افضل الاسماء من غير النبي صلى الله عليه وسلم. يعني كن اسم محمد افضل. محمد افضل منهما طب طيب وليش الحديث؟ قال افضل الاسماء. لان النبي صلى الله عليه وسلم ما سمى نفسه وانما سماه الله عز وجل بذلك. نعم طيب اذا كان الله سماه بذلك في اسمه سماه عبد الله وعبد الرحمن كيف تشريفه؟ ومحمد واحمد تشريف جميل. ايش؟ باعتبار التعبير. قلنا ان الجواب عن ذلك ان هذين انما مدح من جهة كونهما اعلاما اي اسماء دالة على شخص دون تعلقهما بالصفة التي تتضمنهما فقد يسمى الانسان عبد الله ولا يكون كذلك وقد يسمى عبدالرحمن ولا يكون كذلك. اما اسمه صلى الله عليه وسلم محمد واحمد فانه صلى الله عليه وسلم قد بلغ الكمال في العبودية لربه عز وجل اغنى عن الاسم الدال على ذلك وترقى الى مقام اعظم وهو انه حمد ربه اكمل الحمد فحمده الله سبحانه وتعالى ابلغ الحمد فهو احمد ومحمد. واضح؟ عبد الله وعبدالرحمن يسمى بها العبد رجاء ان يكون عبدا لله وعبدا للرحمن فلاجل هذا الشرف في الاسم كان افضل الاسماء. والمعنى الذي تظمنه وهو العبودية قد حظي النبي صلى الله عليه وسلم به من ربه. ثم وقع حمده لربه بهذه العبودية اكمل الحمد. فكان احمد وحمده الله عز وجل على ذلك ابلغ الحمد. فكان محمدا صلى الله عليه وسلم. اما باعتبار غيره فان عبد الله وعبد الرحمن هي افضل الاسماء كما اخبر صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة نعم احسن الله اليكم. الحديث الحادي والعشرون في تفسير قوله تعالى واخرين منهم لما يلحقوا بهم. عن ابي هر هريرة الدوسي رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم اذ نزلت عليه سورة الجمعة فلما واخرين منهم لما يلحقوا بهم. قال رجل من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة او مرتين او ثلاثة. قال وفينا سلمان الفارسي. قال فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء متفق عليه اللفظ لمسلم موارد القول في هذا الحديث ثلاثة فالمورد الاول في تعريف راوي الحديث وهو وعبدالرحمن بن صخر بن عبد ذي الشرى الدوسي يكنى بابي هريرة وبكنيته اشتهر اتى بالمدينة سنة سبع وخمسين وله من العمر ثمان وسبعون سنة رضي الله عنه وارضاه. واما المولد ففي تخريج الحديث. فهذا الحديث متفق عليه. اخرجه البخاري في صحيحه قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثنا سليمان ابن بلال عن ثور عن ابي الغيث عن ابي هريرة رضي الله عنه فذكر الحديث اخرجه مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد عن ثور بالاسناد المتقدم فهو حديث متفق عليه من حديث ثور عن ابي الغيث عن ابي هريرة رضي الله عنه واخرجه مسلم مختصرا من حديث عبد الرزاق عن معمر عن جعفر الجزري عن يزيد ابن الاصمي عن ابي ابي هريرة رضي الله عنه. واما المولد الثالث فهو بيان ما يتعلق منه بتفسير الاية وهي قوله تعالى واخرين منهم لما يلحقوا بهم لما ذكر الله سبحانه وتعالى امتنانه على الاميين اذ بعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. ثم قال واخرين منهم لما يلحقوا بهم فسأل رجل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال من هؤلاء يا رسول الله فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم اي بالجواب حتى سأله مرة او مرتين او ثلاثة اي اعاد سؤاله عليه قال وفينا سلمان الفارسي قال فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال منها هؤلاء يعني من فارس. فيكون قوله تعالى واخرين منهم لما يلحقوا بهم بتفسير النبي صلى الله عليه وسلم وهو واحسن التفاسير كما قال القرطبي لما ذكر الاختلاف في ذلك قال وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بانه متعلق فارس فيكون معنى قوله واخرين منهم لما يلحق بهم من يأتي من المسلمين من فارس. فيكونون هم الممدوحون بهذه الاية اية ومن فارس؟ ايش؟ ايران. يقول الاخ ايران. هي بلاد فارس كما قال الاخ لكن هذا هذا فارس هو فارس ابن جابر ابن يافث ابن نوح فهم من نسله في احد الاقوال ان هذا نسبه قيل في فيه غير ذلك ولكن المهم ان فارس هذه التي هي البلد الموجود اليوم باسم ايران قال قال ياقوت الحموي لما ذكر كلاما نافعا قال واما فارس فنار خمدت ثم ماتت. يعني لم يتخرج منها احد من وصدق قال والعرب انما تقول فارس تريد المشرق. وهذا من من مما سبق ان ذكرت ان معرفة الوضع اللغوي وما كان عليه حال العرب من قبل يعين على فهم الادلة الواردة. فالعرب كانت اذا ارادت المشرق كله قال فارس فايران وما وراءها الى روسيا كلها يسمى في الخطاب الشرعي لفارس كما كانت العرب تسميها وهو والواقع فان الذي تخرج منهم العلماء وكان منهم النبلاء والمجاهدون هم اخر البلاد الفارسية من وراء ايران من جهة وخرسان بعضها اليوم في ايران وبعضها في اذربيجان خارج ايران. المقصود ان المراد بفارس بلاد المشرق مما هو وراء البحر فكل ما كان وراء ما يسمى اليوم بالخليج العربي هذا كله فارس ومنه الائمة الكبار اصحاب الكتب الستة البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابو داوود وابن ماجة فانهم كلهم من تلك الجهات. وليس احد منهم اليوم من القطر المسمى ايران بخصوصه وانما من اخر ايران مما كان يسمى خرسان كسجستان والتي ينسب اليها اليوم فيقال وسجستان وترمز وما ورائها تلك هي البلاد التي تخرج منها العلماء والفقهاء والنبلاء رحمهم الله الا فالامر كما قال ياقوت خلافا لما ذهب اليه بعض شراح الحديث. وانما الصواب ان فارس عند العرب بلاد المشرق فانه يسمونها ثالثا وذكرت لكم من قبل ان معرفة الاوضاع المتعلقة باللسان العربي وباحوال العرب تعينه على فهم النصوص. تعين بعد فهم الادلة كما سبق معنا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فراش للرجل وفراش لامرأته وفراش للضيف والرابعة الشيطان كما في الصحيح. وها هنا اشكال يرد ووقع فيه بعض شراح الحديث. وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم سمى فراشا للرجل وفراشا لامرأته مع ان الثابت من سنته صلى الله عليه وسلم انه كان ينام مع اهله في فراش واحد لكن الفراش الثاني الذي اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وفراش لامرأته هو ما كانت تتخذه المرأة العربية لحاجتها في تمريض ولدها او في ارضاعه او في غير ذلك من احوال رعايته فتنفصل حينئذ عن زوجها فراشا يختص به ذو الحاجة من اولادها يكون قريبا منها. ومن لا يعرف هذه الحال العربية يتكلم في معنى الحديث بغير هذا كما وقع فيه بعض شراح الحديث. نعم احسن الله اليكم. الحديث الثاني والعشرون في تفسير قوله تعالى يأتي احدكم الموت عن ابي هريرة التونسي رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قال يا رسول الله اي الصدقة اعظم اجرا؟ قال ان تصدق وانت صحيح شحيح تخشى الفقر. وتأمل الغنى ولا تمهلوا حتى اذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا. وقد كان لفلان متفق عليه واللفظ البخاري موارد القول في هذا الحديث ثلاثة فالمورد الاول في تعريف راوي الحديث وهو عبدالرحمن ابن صخر ابن عبد ذي الشرى الدوسي يكنى ابا هريرة وشهر بهذه الكنية. توفي سنة سبع وخمسين في المدينة النبوية وله من العمر ثمان وسبعون وتقدم طرف من اخباره رضي الله عنه. واما المولد الثاني فهو هو في تخريج الحديث فهذا الحديث متفق عليه. اخرجه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه. قال حدثنا ابن اسماعيل قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا عمارة ابن القعقاع قال حدثنا ابو زرعة قال حدثنا ابو هريرة فذكر الحديث وهذا اسناد مسلسل بالتحديث عند البخاري فكل راو من رواته قال حدثنا فلان قال حدثنا فلان الى تمامه واخرجه مسلم في صحيحه قال حدثنا ابو كامل الجحدري قال حدثنا عبد الواحد بالاسناد المتقدم فهو حديث متفق عليه من رواية عبد الواحد عن عمارة ابن القعقاع عن ابي زرعة عن ابي هريرة رضي الله عنه واخرجاه ايضا من طرق اخرى عن عمارة ابن القعقاع عن ابي زر عن ابي هريرة رضي الله عنه. واما المولد الثالث فهو بيان ما يتعلق منه بتفسير الاية. وهي قوله تعالى وانفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي احدكم الموت. ففسر النبي صلى الله عليه وسلم اتيان الموت احدنا بقوله حتى اذا بلغت الحلقوم. فالموت الذي اخبر عن اتيانه للعبد في الاية فسر ببلوغ هذه الحال وهو بلوغ الحلقوم وذلك بخروج بمقاربة خروج الروح من الجسد ومراد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عند رؤية علامات الموت. فاذا رؤيت علامات الموت فاراد الانسان ان ان يوصي او يوقف او نحو ذلك لم يصح منه باتفاق الفقهاء لانه في تلك الحال يكون يكون قد فقد كمال عقله فلا تكون له اهلية فحذر العبد من ذلك ان يوخر من سعته التي يرجوها من ماله من صدقة او وقف او غير ذلك الى ان يرى علامات الموت بالمرض المقرب من الموت فانها حينئذ حال نقص في الانفاق لان كمال النفقة ان ينفق الانسان وهو في حال الصحة اما ان يؤخرها حتى يدنو منه الموت فذلك دال على شحه وبخله وليس للانسان من ماله الا ما قدمه وقوله في هذا الحديث حتى اذا بلغت الحلقوم هو كقوله تعالى فلولا اذا بلغت الحلقوم فذكرت على الموت بقوله تعالى فلولا اذا بلغت الحلقوم انتم حينئذ تنظرون وكذلك كقوله تعالى كلا اذا بلغت التراقي وقيل من ظاء فالتراقي اسم للعظام التي تكون دون صغرة النحر فهذه العظام التي في اعلى الصدر فوق ثغرة النحر تسمى التراقي. وهي مقاربة للحلقوم. فاذا وصلت الروح الى التراقي فقد وصلت الى الحلقوم فذكرت التراقي باعتبار الادنى وذكر الحلقوم باعتبار الاعلى فمبتدأ الغرغرة بخروج الروح يكون اذا بلغت التراقي ثم لا تزال تتصاعد حتى تشتد في الحلقوم ثم تخرج رح الانسان حينئذ من قبل اعلاه ويتبعها البصر كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم. نعم. احسن الله اليكم. الحديث الثالث عشرون في تفسير قوله تعالى وضرب الله مثلا للذين امنوا امرأة فرعون عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكونوا من النساء الا اسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام متفق عليه موارد القول في هذا الحديث ثلاثة فالمورد الاول في تعريف راوي في تعريف راوي الحديث وهو عبد الله ابن قيس ابن سليم الاشعري يكنى بابي موسى وبكنيته اشتهر توفي سنة اربع واربعين وله من العمر بضع وستون سنة رحمه الله تعالى. واما المورد الثاني وهو في تخريج الحديث فهذا الحديث متفق عليه كما قال المصنف. اخرجه البخاري ومسلم معا. قالا حدثنا محمد بن بشار زاد مسلم ومحمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر غندر قال شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه. واخرجاه من طرق عن شعبة بهذا الاسناد وهذا الاحاديث من الاحاديث القلائل التي اشترك البخاري ومسلم في روايتها عن شيخ واحد فان على المتفق عليه ان يشترك البخاري ومسلم في رواية حديث عن شيخ واحد بذلك الاسناد كقولهما مثلا حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة عن انس ابن مالك عن معاذ ابن جبل قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فهذا الحديث اخرجه جميعا عن هدبة ابن خالد واتفقا على جملة من حديث هدبة ابن خالد بهذا الاسناد المذكور فهذا اعلى ما يقع فيه الاتفاق بين الشيخين رحمهم الله تعالى. واما المولد الثالث فهو بيان ما يتعلق منه بتفسير الاية وهي قوله تعالى وضرب الله مثلا للذين امنوا امرأة في عون. ففي الحديث بيان اسم امرأة فرعون وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم الا اسية امرأة فرعون فسماها النبي صلى الله عليه وسلم اسيا ووقع عند النسائي ذكر اسم ابيها وهو ما اسمه مزاحم احسنت ووقع عند النسائي بهذا الاسناد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا غندر وهو محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن ابن مرة عن مرة عن ابي موسى الاشعري فذكر هذا الحديث وفيه اسية بنت مزاحم وسميت بهذا الاسم ايضا في حديث ابن عباس عند النسائي واسناده قوي. فاسم امرأة فرعون وقع في السنة. في حديث ابي موسى هذا تسميته باسية بنت مزاحم وقع كذلك في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عند النسائي. ومما ينبه اليه ان ما وقع في القرآن مبهما لم يمكن تعيينه الا بالخبر الصادق عن النبي صلى الله عليه وسلم. فما يذكر عن غيره او ما اشتهر عند المؤرخين لا يكون مقبولا وانما يكون المقدم هو ما جاء في كتاب الله عز وجل. كقوله تعالى واتلوا عليه من نبأ ابني ادم بالحق اذ قربا قربانا فان الذي ذكره الله سبحانه وتعالى عنهما انهما من ابناء ادم عليه الصلاة والسلام ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تسميتهما بقابيل وهابي. وانما هذا شيء ذكره المؤرخون وكانهم اخذوه من كتب اهل الكتاب. فالاولى ان يخبر الانسان بمثل ما اخبر به الشرع. وفي حديث ابن مسعود في ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من نفس تقتل ظلما الا كان على ايش؟ ابن ادم الاول كفل منها فقال الا على ابن ادم الاول ولم يسمه النبي صلى الله عليه وسلم. ومثله ملك الموت. فان الذي وقع في القرآن ذكره بانه ملك الموت واما تسميته بعزرائيل فلم تثبت في خبر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهما عنه بمثل ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. فامرأة فرعون يخبر بان اسمها هو اشية بنت مزاحم. كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقوله في صدر الحديث كمل من الرجال كثير موافق لما سبق تقريره من ان عبدا يحظى بالكمال لكنه يكون كمالا انسانيا مناسبا لحاله واما الكمال الالهي فانه لا يصل اليه احد ابدا واما الكمال في الناس فقد اخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن وقوعه كما قال كمل من الرجال كثير ولم يكن من النساء الا امرأة فرعون ومريم بنت عمران. فالكمال بلوغ التمام. وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بان في الناس من الرجال والنساء من يبلغ التمام وهذا الكمال الانساني اعلى الخلق فيه هو محمد صلى الله عليه وسلم فيترشح مما سبق مع ما ذكرنا تقرير المعنى الذي تقدم وهو ان الكمال نوعان احدهما الكمال الالهي وهذا لا يبلغ قدره ولا يحيط به احد وهذا معنى قول الناس لا كامل الا الا الله يعني انه لا يبلغ احد مقدار ما بلغ الرب عز وجل من كمال والاخر كمال الانسان وهو تمام مناسب للمخلوقين باعتبار احوالهم فهذا يقع في الخلق واكمل الناس فيه هو محمد صلى الله عليه وسلم. ولهذا اذا قيل ما حكم تسمية الانسان بكامل فالجواب يجوز ذلك يجوز ان يسمى احد من الخلق كاملا لان الخلق يقع فيهم الكمال لكنه الكمال المناسب فهو كامل باعتبار ما يقع عند الخلق وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته غدا ان شاء الله تعالى وانوه الى انه بعد صلاة الفجر باذن الله تعالى سنقرأ الكتب الستة التي تتعلق بالموطأ ومن لم يكن قد اخذ هذه الكتب اليوم فانه غدا بعد صلاة الفجر مباشرة يذهب الى مكان التوزيع عند الباب رقم واحد ويأخذ معه نسخته من الموطأ ليعطوه الكتابين وسينتظرون ربع ساعة كما قالوا فامل الا يتأخر عليهم الاخوان لان لا يتأخروا ايضا عن القراءة في المجلس والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله واصحابه اجمعين