السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل الاله ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال الم كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله واحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الامور محدثاتها. وكل محدثة بدعة كل بدعة ضلالة وبعد فقد فرغنا بحمد الله في المجالس الثلاثة الخوالي من املاء ما فتح الله عز وجل به فيما يتعلق من معرفة كيفية تلقي علم التفسير اولا. ثم الارشاد بعد الى بناء ملكة التفسير. وهذا مجلس رابع نشرع فيه باذن الله سبحانه وتعالى. في بيان ما اليه من معاني الفاتحة وقصار المفصل بالتعليق على كتاب معاني الفاتحة وقصار مفصل. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قلتم حفظكم الله في كتاب معاني الفاتحة وقصار المفصل بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي جعل القرآن لكل شيء تبيانا. ورزق به من شاء من عباده علما وايمانا. والصلاة والسلام على رسوله محمد محمد المنزل عليه. وعلى اله وصحبه ومن انتمى في الهدى اليه. اما بعد فان معرفة احاد المفردات تعين على فهم الجمل الكليات ومعرفة معاني كلم القرآن تيسر ادراك ما له من الهدى والبيان. وهذه نبذة مختصرة وتحفة ثم اعتصر من الموضح المحصل في معاني كلمات سورة الفاتحة وقصار المفصل. والله المسئول المؤمل ان يعفو ويتقبل. مم. فاستفتح المصنف وفقه الله كتابه بحمد الله سبحانه وتعالى على امر يتعلق بالقرآن فهو نظير استفتاحه سبحانه وتعالى سورة الكهف بقوله الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والمحمود ها هنا من متعلق القرآن هو المذكور في قوله الذي جعل القرآن لكل شيء تبيانا. وفيه اشارة الى قول الحق سبحانه وتعالى ونزلنا عليك الكتابة تبيانا لكل شيء. ومعنى قوله سبحانه وتعالى تبيانا لكل شيء اي موضحا كل شيء والكلية المرادة هنا لا يقصد بها جميع الافراد. وانما يراد بها كل شيء يحتاج اليه الخلق في عبادة الله عز وجل. فليس القرآن مبينا لكل شيء يكون في الكون. من امور الناس. فليس فيه اخبار الناس ولا وقائعهم ولا احوالهم ولا علوم دنياهم. وانما فيه ما يحتاج اليه الناس من عبادة الله سبحانه تعالى وذلك نظير قوله سبحانه وتعالى تدمر كل شيء بامر ربها فانها لم تدمر الارض ولا السماء فقوله سبحانه وتعالى في وصف القرآن الذي نزل عليك الكتاب تبيانا لكل شيء اي لكل شيء ان يحتاجه الناس وهذا عند قوم نظير قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء فان من من يجعل الايتين على معنى واحد فيقول ان الكتاب المذكور في كلتا الايتين هو الكتاب المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح ان اية النحل الكتاب المراد فيها هو الكتاب المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم واما اية الانعام فليس المراد في قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء الكتاب الشرعي اما المراد الكتاب القدري لان الكتاب المضاف الى الله سبحانه وتعالى نوعان احدهما كتاب قدري ومن قوله تعالى ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله اي في كتابه القدري والاخر كتاب الله الشرعي ومنه قوله تعالى كتاب انزلناه اليك مبارك. والمراد في قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء يعني في الكتاب القدري ان الله سبحانه وتعالى قدر مقادير كل شيء في الكتاب القدري. والدليل على ترجيح ان المراد في قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء انه الكتاب القدري سياق الاية فان الله سبحانه وتعالى قال وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء وذكرت لكم فيما سلف ان من رد القرآن بعضه على بعض وتصديق بعضه ببعض وثني بعضه على بعض ان يفسر بعض بعضه ببعض بالنظر الى السياق القرآني فسياق الاية دال على ان الكتاب المذكور في قوله تعالى ما فرطنا في من شيء هو الكتاب القدري. واما اية النحل ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء فالمراد بها كتاب الشرعي وهو القرآن الكريم والمراد بكونه تبيانا اي موضحا والمراد بقوله لكل شيء اي مما يحتاجه الناس لاقامة دينهم. لا كل شيء يتعلق بالخلق من امور دنياهم ووقائع احوالهم. ثم قال في وصف القرآن ورزق به من شاء من عباده علما وايمانا. وهذا في قوله تعالى نهدي به النشاء من عبادنا وهو المراد بقوله تعالى اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به للناس فان النور الذي وهب له هو نور الاهتداء بالقرآن الكريم. فان الله سبحانه وتعالى يفتح لمن شاء من الخلق هداية القرآن فيكون مددا له في علمه وايمانه. وهذا الرزق المشار اليه في قول المصنف ورزق به من شاء امن عباده علما وايمانا هو رزق الارواح. لان الرزق نوعان احدهما رزق الاشباح يعني الاجساد والاخر رزق الارواح. يعني النفوس والقلوب. والثاني اشرف من الاول. فان الثاني حظ المؤمنين فقط واما الاول فان الانسان يشاركه فيه البهائم العجماء. فان الله عز وجل عليه رزق كل دابة في الارض. ولا رزق الايمان والتوحيد والهداية القلبية الا باهل الايمان. ثم صلى وسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال والصلاة والسلام على رسوله محمد المنزل عليه. وقد وقع في القرآن ذكر انزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم تارة بعلى. وتارة بالاء. فمن الاول قوله سبحانه وتعالى الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب. فجيء به معدا بعلى. وفي مقام اخر قال كتاب انزلناه اليك مبارك ليتدبروا اياته. فعدي انزال الكتاب على النبي صلى الله عليه وسلم تارة بالى وتارة بعلى. والفرق بينهما ان تعديته بالى اشارة الى منتهى نزول القرآن. فان القرآن الكريم نزل من ربنا سبحانه وتعالى واشير الى ابتداء تنزيله بقوله تعالى تنزيل من رب العالمين فان من موضوعة في لسان العرب للابتداء فابتدأ تنزيله من ربنا عز وجل وانتهى تنزيله في البشر الى محمد صلى الله عليه وسلم فلا ينزل على احد سواه شيء من القرآن. واما تعدية انزال القرآن بعلى فيها الى علو القرآن وشرفه. وهذا العلو والشرف هو المذكور في قول الله عز وجل انا القي عليك قولا ثقيلا. فلاجل جلالة ما فيه من الحق. وعظم ما فيه من المعاني اشار الله عز الى ثقله وهذا هو وجه تعدية انزاله في بعض المواضع من القرآن الكريم بعلى على ما ذكرت لك وها هنا سؤال وهو كيف يكون القرآن موصوفا بقول الله تعالى انا سنلقي عليك قولا تقيلا ثم يقول الله عز وجل ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر؟ فكيف يكون ثقيلا ويكون وفي موضع اخر يسيرا ما الجواب؟ واظحة الاشكال؟ الاشكال قال انا سنلقي عليك قولا ثقيلا ثم قال ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر والجواب ان ثقله لا يخالف يسره. فانه ثقيل باعتبار ما فيه من الحق. ويسير ذكر لمن يسره الله سبحانه وتعالى عليه. فهو ثقيل جليل ولكن الله عز وجل اذا يسره على العبد فانه يكون هينا بينا يظهر له من الفهم فيه وحفظ مبانيه ما لا يضاهيه نظيره في سائر الكلام. ثم قال في لتتمة افتتاحه وعلى اله وصحبه ومن انتمى في الهدى اليه يعني الى النبي صلى الله عليه وسلم. ثم اشار الى مقصودها هذا التصنيف فقال فان معرفة احاد المفردات تعين على فهم الجمل الكليات اي ان معرفة معاني الكلم الذي يتركب منه كلام ما تعين على تصور ذلك الكلام كله وفهمه. لان الكلام عند العرب كما قال ابن فارس في مقاييس اللغة نطق مفهم. فالكلام العربي مركب من شيئين. احدهما النطق وهو هي الحروف التي يؤدى بها والاخر الافهام ومتعلقه المعاني. فاذا فهم العبد احاد كلام ما اعانه ذلك الفهم على فهم جميع الكلام. ثم قال ومعرفة معاني كلمات القرآن تيسر ادراك ما له من الهدى والبيان. فاذا ادرك الانسان معاني كلمات القرآن سهل عليه ان يدرك ما فيه من الهدى والبيان لان الافراد توصل الى المجموع فاذا فهم العبد افراد كلام الله عز وجل في كتابه وصل الى فهم مجموع ما فيه من الكلام. ولاجل هذا فان مفتاح علم التفسير معرفة معاني كلمات القرآن. ودرجناه وفيما سلف في ثلاثة رتب اولها معرفة كليات الالفاظ في التفسير وتانيها معرفة غريب القرآن وثالثها معرفة كلمات القرآن ثم ذكر ان المذكور في هذا الكتاب نبذة مختصرة وتحفة معتصرة من الموضح المحصل من الموضح المحصل في معاني كلمات سورة الفاتحة وقصار المفصل. وموجب الاعتناء بالفاتحة وقصار مفصل ان الفاتحة هي اعظم القرآن كما ثبت في حديث ابي سعيد ابن المعلى عند البخاري. فحقيق بالاعظم ان يكون مقدما بالعناية واما الاعتناء بقصار مفصل فذلك ان قصار المفصل هي اكثر ما يدور على الالسن على الالسنة هو يحفظ في القلوب كما ان المفصل كله له من المنزلة في التفسير ما ليس لغيره. وكان السلف الله تعالى اذا ارادوا ان يبدأوا في حفظ القرآن او فهمه ابتدأوا بالمفصل. وعند البخاري في صحيحه ترجمة باب تعليم الصبيان القرآن ثم قال حدثني موسى ابن اسماعيل قال حدثني حدثني موسى ابن اسماعيل قال حدثني ابو عوانة عن ابي بشر عن سعيد بن جبير قال ان الذي تدعونه المفصل هو المحكم وقال قال ابن عباس توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا ابن عشر سنوات وقد قرأت المحكم. فكان السلف رحمهم الله تعالى يقدمون حفظ المفصل وتفهم معانيه. وذكرت لكم فيما سلف ان من اراد ان يدرس تفسير القرآن فانه يدرس اولا تفسيرا مفصل ثم يدرس بعد ذلك تفسير سورة البقرة. فاذا وعى هذين القسمين من القرآن فانه قد حصل الة عظيمة من التفسير. وسبق ايضاح هذا المعنى على وجه اطول في مقام اخر. لكن المقصود ان العناية مفصل حفظا وتفهما مقدمة على غير مقدم على غيره وكلام السلفي رحمهم الله تعالى في ذلك كثير واشار اليه البخاري بهذه الترجمة والاثر الذي ذكرته لكم تنبيها الى عادة السلف رحمهم الله تعالى. نعم الله اليكم معاني سورة الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. ما لك يوم الدين. اياك نعبد واياك نستعين. اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا قوله تعالى الله علم على ربنا عز وجل المألوف المستحق لافراده بالعبادة. قوله علم على ربنا عز وجل اي اسم دال عليه وهذا الاسم مشتمل على صفة الالوهية لربنا سبحانه وتعالى وهي جامعة لجميع معاني الصفات ومن ثم ذهب كثير من المتقدمين والمتأخرين اقدمهم ابو حنيفة النعمان رحمه الله ان الاسم اعظم لربنا سبحانه وتعالى هو اسمه الله. وان كان المحقق خلافه. فان الاسم الاعظم لله عز وجل لا يختص باسم من اسمائه بل هو وصف لجميع اسمائه سبحانه وتعالى فان اسماء الله عز وجل كلها بانها عظمى كما توصف كلها بانها حسنى. وقد اختار هذا من المتقدمين ابن جرير الطبري رحمه الله الا والله عز وجل قد جعل لنفسه اسماء كما قال عز وجل ولله الاسماء الحسنى واكثرها دوران وذكرا في الكتاب والسنة هو الاسم الاحسن الله. ومعنى قوله ومعناه المألوه يعني الذي يجمع في بالعبد عليه الحب والخضوع فانه اذا اجتمع الحب والخضوع في توجه القلب سمي ذلك تألها به تقع العبادة والى ذلك اشرت بقولي وعبادة الرحمن غاية حبه وخضوع قاصده هما قطبان وجد في امر قلبي ما حب وخضوع فان ذلك الامر القلبي يكون عبادة. ويكون يكون عبادة ولذلك تكون العبادات ممزوجة بالحب لله عز وجل والخضوع له. وهو سبحانه على المستحق لافراده بالعبادة. فكل حب وخضوع على قصد ارادة التوجه والتقرب انما يكون لله سبحانه وتعالى. نعم. وقوله تعالى الرحمن الرحيم. اسمان من اسمائه انا دالان على رحمتك ذكر المصنف ان الرحمن والرحيم اسمان من اسماء الله تعالى. وهما دالان على رحمته واذا كان الرحمن والرحيم اسمين الله عز وجل وهما يدلان على صفة واحدة فلماذا قرن ما الجواب؟ هما اسمان لله ويدلان على صفة واحدة. فلماذا قرن اه كيف سبحانه وتعالى يقال في جواب ذلك ان الله سبحانه وتعالى اخبر عن نفسه باسمين باسمين يدلان على صفة واحدة وهي صفة وهي صفة الرحمة لاختلاف متعلق دلالتهما على الصفة. فتقوية في بيان حقيقة اتصاف ربنا بالرحمة جيء بهذين الاسمين مقرونين. وقلنا في الفرق بينهما وهو المحقق لهذا المعنى ورحمة لله مهما علقت بذاته فالاسم رحمن ثبت. او علقت بخلقه الذي رحم فسمه الرحيم فاز من سلم. فالرحمن اسم لله دال على صفة الرحمة حال تعلقها به عز وجل والرحيم اسم لله عز وجل دال على صفة الرحمة حال تعلقها بالمرحومين ولذلك اذا ذكر اسم الرحيم ذكر متعلقه ممن تقع عليه الرحمة كقوله تعالى ان الله بالناس لرؤوف رحيم اي ان رحمته تقع على الناس فجمع بين الاسمين للدلالة على كمال اتصاف الله عز وجل بصفة ببيان اختلاف المتعلق. فالرحمن دال على صفة الرحمة باعتبار تعلقها بذات ربنا عز وجل والرحيم دال على صفة الرحمة باعتبار تعلقها بالمرحومين. اي بفعل الرحمة الذي وقع من الله سبحانه وتعالى لذلك يأتي اسم الرحيم وعند ذكر المرحومين ولا يأتي اسم الرحمن. وقيل في الفرق بينهما اقوال اخرى الا انها اقوال ضعيفة والقول الذي ذكرته لكم هو الذي دل عليه استقراء القرآن الكريم ونصره العلامة ابو عبد الله ابن القيم في بدائع الفوائد. نعم وقوله تعالى الحمد هو الاخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه. قوله في بيان الحمد مع حبه وتعظيمه قيد مخرج للمدح. لان المدح يخبر فيه عن محاسن محمود قد لا يكون المخبر محبا ولا معظما لممدوحه. بخلاف الحمد فان المخبر عن حمد احد من خالق او او مخلوق فان ما اخبر عنه من المحاسن يقترن بحمد ذلك المحمود وتعظيمه. ومحاسن المحمود نوعان احدهما محاسن لازمة وهي التي تسمى بالفضائل والاخر محاسن متعدية وهي التي تسمى بالفواضل. وحمد ربنا سبحانه وتعالى واقع بذلك وذاك. ولاجل هذا يقال ان الله سبحانه وتعالى يحمد لامرين اولهما كماله الحاصل. وثانيهما احسانه الواصل. اولهما ما له الحاصل وتانيهما احسانه الواصل. فاما الاول وهو كماله الحاصل يعني ما اتصف الله عز وجل به من اسماء حسنى وصفات علا كما قال الله عز وجل ولله الاسماء الحسنى وقال ولله المثل الاعلى اي الوصف اعلى واما الثاني وهو احسانه الواصل فما تفضل به سبحانه وتعالى على الخلق من انواع النعماء الحسية والمعنوية كما قال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله. وقال وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها فالله عز وجل محمود على فضائله وفواضله وهي المذكورة في القسمين السابقين كماله الحاصل الواصل. نعم. وقال تعالى رب الرب في كلام العرب المالك والسيد والمصلح شيء ذكر المصنف وفقه الله ان الرب في كلام العرب يرجع الى ثلاثة معان احدها المالك وثانيها السيد وثالثها المصلح للشيء اي القائم عليه واشار الى هذا جماعة من قدماء اهل العربية كبل الانبار رحمه الله تعالى. وهذه المعاني الثلاثة هي اصول غيرها فما شققه المتأخرون كاحمد السجاعي في نظمه من معان للرب بلغوها ثلاثين معنى كلها تعود الى هذه المعاني الثلاثة. والمتأخرون من اهل اللغة ولعوا بتشقيق المعاني. فوعروا فهم عربية واما القدماء فاعتنوا بردها الى اصولها لفظا ومعنى. فجلت كتبهم. ومن اراد ان يفهم لا ما العرب فهما صحيحا فينبغي ان تكون مراجعته فيما اراد فهمه من كلام العرب الى كتب الاوائل ككتب الخليل ابن احمد والازهري وابن فارس واضراب هؤلاء. وقد جر تشقيق المتأخرين معاني اللفظ الى ايراد لازمه وجعله معنى له. وفرقا وفرقا بين كون اللفظ موضوعا لمعنى وبين كون ذلك المعنى لازم له. وتفسير هذه الجملة ما ذكره المتأخرون من ان من معاني الرب معبود وليس كذلك وانما هو لازم معناه فان من وجب ان يكون فان من ربا وجب ان يكون معبودا. فمن اتخذ له ربا من الارباب لزمه ان يتخذه مألوها معبودا يجعل له عبادته. ففسروا لفظ الرب بالمعبود وهو تفسير باللازم وليس تفسيرا لللفظ بوظعه اللغوي الذي جعل له في لسان العرب وهذا كثير في كلام المتأخرين يفسرون اللفظ بلازمه لا بما وضع له في لسان وبيانه في هذه الجملة ما ذكرت لكم من نظم احمد الشجاعي رحمه الله احد علماء الازهر معاني الرب فبلغها معنى وهي كلها ترجع الى هذه المعاني الثلاثة. والعرب اوتوا بيانا يجمع الالفاظ والمعاني وهو الذي اختص وصى به القرآن الكريم فلا يكون الكلام عندهم منوعا على هذه الانواع التي يعسر فهمها ويشق ضبطها وانما يرجع والى اصول موزونة مضبوطة ثم يخرجون عليها ما جاء من الكلام ويردونه الى هذا الاصل. نعم وقال تعالى العالمين جمع عالم وهو اسم للافراد المتجانسة من المخلوقات فكل جنس منها يطلق عليه عالم فيقال عالم الانس وعالم الجن وعالم الملائكة. ذكر المصنف وفقه الله ان العالمين جمع عالم. قال وهو اسم للافراد المتجانسة من المخلوقات. والمراد المجانسة وقوع المشابهة والاشتراك بينها. فالمخلوقات المسماة ملائكة وقع بينها اشتراك وتجانس اوجب ان تجمع فيقال لها عالم الملائكة. وكذلك القول في عالم الانس وعالم الجن فاسم العالمين مختص بالافراد المتجانسة. وقد يقول قائل وهل في المخلوقات افراد ليس متجانسة ما الجواب؟ نعم مثل احسنت. نقول نعم في المخلوقات ما ليس من الافراد المتجانسة. كعرش ربنا سبحانه وتعالى. وكرسي عز وجل والجنة والنار المجعولتين في الاخرة. فان هذه المخلوقات لا جنس لها. فلا يجمعها مع غيرها جنس واحد. فالعرش ليس له نظير والكرسي ليس له نظير. والجنة ليس لها نظير والنار ليس لها نظير. يعني باعتبار ما خلقها الله سبحانه وتعالى عليه. واما المخلوقات المتجانسة فتسمى عوالم. فيقال عالم الجن وعالم الحيوان وعالم الانس وعالم الملائكة وعالم الحشرات وهلم جرا. وحينئذ هل يصح ان يقال ان العالمين اسم لما سوى الله ام لا يصح ما الجواب؟ هل يصح ان نقول ان العالمين اسم لما سوى الله؟ ام لا يصح ها لا يصح لماذا لاختصاصه بالافراد المتجالسة ويبقى وراءها اشياء. لان العالمين يختص بالافراد المتجانسة. فاذا قلت ان الم اسم لما سوى الله بقيت اشياء ليست من العالمين كالكرسي والعرش والجنة والنار. ولذلك فان العرب في لسانها لا تعرف هذا المعنى ولا يوجد في كلام العرب ان العالمين اسم لما سوى الله وانما درج هذا الى من صنف في اللسان العربي من كلام قدماء الفلاسفة اليونان فانهم رتبوا مقدمات عندهم مشهورة الله قديم والعالم حادث فما سوى الله عالم. ثم درجة هذه الكلية النتيجة المنطقية الى كلام المتكلمين وظنوها وظنوها من اللسان العربي وليست كذلك افاد هذا العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله تعالى في تفسيره وكلام قدماء اهل العربية يدل عليه. فالعالمون اسم لما ايش لا للافراد المتجانسة اسم للافراد المتجانسة كالملائكة والجن والانس. فلو قال قائل فعلى هذا ما هي الاية التي تدل على ربوبية الله لكل شيء اذا كانت اية الفاتحة لا تدل الا على ربوبيته للافراد جائزة فالجواب احسنت قوله تعالى وهو رب كل شيء. فان قال قائل فلماذا حمد الله سبحانه وتعالى نفسه في الفاتحة على ربوبية العالمين لماذا؟ الان العالمين بعض المخلوقات وليست كل ليست كل المخلوقات. فلماذا حمد الله عز جل نفسه على ذلك ما الجواب نعم هو كذلك ان ذلك من افضاله التي يحمد عليها ولكن لان القرآن الكريم منزل على اشرف العالمين القرآن الكريم منزل على اشرف العالمين. من اشرف العوالم؟ الملائكة؟ ام الانس؟ ام الجن ام الحيوانات من اشرفهم الانس والجن الذين خوطبوا بالقرآن الكريم. فهم اشرف العوالم. فلذلك ذكر حمد ربنا سبحانه وتعالى عليه مما يقال فيه انه ذكر بعض الخاص لاجل جلالته. فالله عز وجل رب كل شيء لكن خص هنا بالذكر الى فظله ولذلك لما قال فرعون وما رب العالمين؟ كان الجواب رب السماوات والارض لم يذكر كل المخلوقات وهو سبحانه وتعالى رب كل شيء ولم يذكر كل العوالم ولكن ذكر السماوات والارض لبدوها وظهورها بحيث يدركها كل احد. فان السماء في العلو مطلع عليه مشاهد. وكذلك الارض في السبل يوطأ عليها ويمشى نعم. وقال تعالى يوم الدين. يوم الحساب والجزاء على الاعمال. ذكر المصنف ان يوم الدين مفسرة بيوم الحساب والجزاء على الاعمال. فالدين مركب من شيئين. احدهما حساب وهو مقدمته. والاخر الجزاء وهو خاتمته. فان الخلق يحاسبون ثم يجازون بعد ذلك الحساب على اعمالهم. فالجمع بينهما يسمى دينا. وهو واقع في يوم الدين وهو يوم القيامة الذي ذكره الله عز وجل في اخر سورة الانفطار فقال وما ادراك ما يوم الدين ثم ما ادراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفسه شيئا والامر يومئذ لله. نعم. وقال تعالى اياك نعبد نخصك وحدك بالعبادة. قال المصنف في بيان معنى اياك نعبد نخصك وحدك بالعبادة. من اين اخذ له نخصك وحدك بالعبادة. الاية تفهم نعبد من اين نخصك وحدك ما الجواب؟ نعم من تقديم ما حقه في التأخير من تقديم ما حقه التأخير. فاصل الكلام نعبد اياك فلما قدم ما حقه التأخير دل ذلك على ارادة معنى. والمعنى المراد هو تخصيص الله عز وجل بالعبادة دون غيره وهذا من طرائق ما يسميه علماء البلاغة القصر ويسميه علماء الاصول الحصر كما قال في الجوهر المكنون تخصيص امر مطلق بامري هو الذي يدعونه بالقصر. ومن وجوه القصر تقديم ما حقه التأخير او تأخير ما حقه التقديم. ومن عجائب التصرف القرآني ان هذا الضمير المنفصل اياك لم يقع في القرآن الا في هذا الموضع اعلاما بعلو مقام العبادة افراد الله عز وجل بها لا تجد في القرآن موضعا اخر فيه اياك. على وجه الافراد الا هذا الموضع ووقع كذلك في القرآن تنبيها الى اختصاص الله عز وجل بالعبادة وانها لا تجعل لاحد سواه ابدا. نعم. وقال تعالى اياك نستعين نستعين بك وحدك في جميع امورنا وقال تعالى اهدنا وارشدنا وقال تعالى المصنف في معنى قوله تعالى اهدنا دلنا وارشدنا اي يا ربنا وهذه الهداية المسؤولة التي يسأل العبد ربه سبحانه تعالى اياها هي جامعة بين سؤاله سبحانه وتعالى ان يوفقه الى ما فيه مصالحه في الدنيا والاخرى وان يبين له ذلك ويوضحه ويوضحه ولاجل هذا قال ان الهداية نوعان. احدهما هداية التوفيق والالهام هو الاخر هداية البيان والافهام الاول هداية التوفيق والالهام والثاني هداية البيان والافهام فالعبد محتاج الى هذا وذاك. وكونهما جميعا بيد ربنا سبحانه وتعالى كمالا دال على جلالة الهداية الربانية. فان الهداية التوفيقية او التفهيمية على وجه الكمال لا تكون الا لله سبحانه وتعالى. فمن هداه الله فهو المهتدي. ومن لم يهده الله فلن تجد له وليا مرشدا ولم يجعل الله عز وجل للخلق الا المشاركة في هداية البيان والافهام. لكن ليس ما يكون من الخلق من البيان والافهام كما يكون من الرحمن سبحانه وتعالى. وكونهما جميعا بيده على وجه الكمال دال على كمال الهداية الربانية ونظير هذا سؤال الله سبحانه وتعالى التوبة ان العبد اذا قال اللهم تب علينا فانه يريد بذلك ايش يريد بذلك امرين احدهما تيسير سبيل التوبة والاخر قبولها من العبد اذا وقعت منه. ولاجل ذلك سمي توابا. لانه يهدي العبد الى طريق توبة ثم يقبلها منه اشار الى هذا ابو العباس ابن تيمية الحفيد في قاعدة التوبة وتلميذه ابن القيم في منزلة التوبة من مدارج السالكين نعم. وقال تعالى الصراط المستقيم. الاسلام. ذكر المصنف ان الصراط المستقيم الذي يسأل العبد ربه ان يهديه اليه هو الاسلام. وثبت تفسير الصراط بذلك في حديث عند احمد بسند حسن واصله عند الترمذي وابن ماجة الا ان اسنادهما ضعيف واسناد احمد حسن قدم بالذكر فالصراط المستقيم هو الاسلام. والعبد يسأل ربه سبحانه وتعالى ان يهديه الصراط المستقيم وفي كل صلاة فيقول اهدنا الصراط المستقيم نريد بذلك انه يسأل الله عز وجل ان يهديه الى ايش الاسلام فان قال قائل فان المصلي مسلم فكيف يكرر دعاء الله عز وجل في كل صلاة اهدنا الصراط المستقيم يريد الاسلام. ما الجواب نعم يسأل الله الثبات على الاسلام. جواب اخر يعني الثبات نفس الاخ لزومه كالثبات. يقال ان دعاء العبد ربه سبحانه وتعالى الهداية الى الصراط المستقيم. تشمل امرين احدهما الهداية الاجمالية اليه بالدخول فيه. والكينونة من اهله. والاخر الهداية التفصيلية لكل مقام من مقامات الاسلام ومنزلة من منازله. وهذه الهداية التفصيلية يحتاجها العبد في كل حال حتى يتوفاه الله سبحانه وتعالى. فانت عندما تقول اهدنا الصراط المستقيم في صلاتك تسأل الله سبحانه وتعالى ان يهديك في كل امر على وجه التفصيل. فانت محتاج الى الهداية في اذكارك التي تكون فيها بعد الصلاة. ومحتاج بعدها الى الهداية فيما تنقلب اليه بعد الصلاة. واذا شهدت درسا فانك محتاج الى هداية الله عز وجل لك في هذا الدرس. فالعبد مفتقر الى الهداية التفصيلية التي يسألها في كل صلاة ذكر هذا المعنى ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى نعم. وقال تعالى صراط الذين انعمت عليهم المتبعين للاسلام الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المصنف ان الصراط المذكور في قوله تعالى صراط الذين انعمت عليهم انه صراط المتبعين للاسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر الله سبحانه وتعالى حال هؤلاء بانهم منعم عليهم. تنبيها الى ان غيرهم ليس كذلك. وفسر الله عز وجل لا اجمال سوى الانعام في من ذكر بعدهما فقال غير من ذكر بعدهم فقال غير المغضوب عليهم ولا الضالين الضالين. فالمنعم عليهم هم هؤلاء. وغير المنعم عليهم هم هؤلاء. وها هنا سؤال يقال ان الله سبحانه وتعالى قال في هذه الاية صراط الذين انعمت عليهم فاضاف الصراط الى المنعم عليهم سبحانه وتعالى في مقام اخر وان هذا صراطي مستقيما فاضاف الصراط اليه. فهل الصراط الا ام الصراط للمنعم عليهم ما الجواب واضحة الاشكال ام غير واضح؟ قل اشكال قال صراط الذين انعمت عليهم فاضاف الصراط الى المنعم عليهم وقال في اية اخرى وان هذا صراطي مستقيما فاضافه الى نفسه. وفرق بين الاظافتين. فالاولى اظافة الى الخلق. والثاني هي اضافة الى الخالق؟ والجواب امجاد نعم اي نعم والى المنعم عليهم احسنت. يقال ان الصراط اضيف الى الله عز وجل باعتبار بالنظر الى انه سبحانه وتعالى هو شارعه وواضعه. واضيف الى المنعم عليهم باعتبار انهم هم سالكوه. الاخذون فيه فكلا الاضافتين صحيح وكل واحدة من الاضافتين معناها على ما ذكرنا. فالصراط يضاف الى الله لكونه هو الذي وضعه وشرعه للخلق وبينه. ويضاف للخلق بالنظر الى ان المنعم عليهم هم الذين سلكوه ذكر وهذا ابو عبد الله ابن القيم في اوائل مدارج السالكين. نعم. وقال تعالى المغضوب عليهم الذين عرفوا ولم يعملوا به وهم اليهود الضالين الذين تركوا الحق عن جهل فلم يهتوا وضلوا الطريق وهم النصارى. بين المصنف في هاتين الجملتين ان الانعام الذي سلبه هؤلاء واولئك فجعل الاولون مغضوبا عليهم وجعل الاخرون ضلالا اختلاف متعلق ما وقع منه. فاما الاولون فانهم عرفوا الحق ولم يعملوا به. وهم اليهود فان كان عندهم علم الا انهم تركوا العلم الذي ورثوه عن انبيائهم. فصاروا قوما مغضوبا عليهم. واما الطائفة الاخرى وهم الضلال فهم الذين تركوا الحق عن جهل فلم يهتدوا اليه وضلوا الطريق وابتدعوا رهبا انية وطقوسا وانواعا من العبادة لم يأذن الله سبحانه وتعالى بها. فصار الاولون مغضوبا عليهم وصار الاخرون ضلالا واولئك هم اليهود والاخرون هم النصارى. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير هذه الاية بذلك فعند الترمذي وغيره من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضلال. ونقل ابن ابي حاتم في تفسيره اجماع المفسرين على ان المغضوب عليهم هم اليهود وان الضالين هم النصارى فذلك ثابت بالنص والاجماع. نعم. احسن الله اليكم سورة الضحى بسم الله الرحمن الرحيم. والضحى والليل اذا سجى ربك وما قلى وللاخرة خير لك من الاولى. ولسوف يعطيك ربك فترضى الم يجدك يتيما فاواه ووجدك فهدى ووجدك عائلا فاغنى فاما اليتيم فلا تقهر. واما فلا تنهر. واما بنعمة ربك فحدث. قال الله تعالى والضحى اسم ضوي الشمس اذا اشرق وارتفع والمراد به هنا النهار كله. ذكر المصنف ان الضحى اسم ضوء الشمس اذا اشرق وارتفع. وان المراد به هنا النهار كله. وفي قوله المراد به هنا تنبيه الى انه قد يقع على غير هذا المعنى في غير هذا الموضع. وذلك في قول الله سبحانه وتعالى ايش احسنت كأنهم لم يلبثوا الا عشية او ضحاها. فان الضحى في هذه الاية لا يقال انه النهار وانما يقال طرف النهار الاخر. لان الضحى وقع في القرآن على معنيين احدهما النهار كله له وعلامته ان يذكر مع الليل. كما قال في هذه الاية والضحى والليل اذا سجى. وقال سبحانه وتعالى واغطش ليلها واخرج ايش؟ ضحاها يعني نهارها والمعنى الثاني ان يراد به طرف النهار الاخر. لان النهار له طرفان احدهما اوله ويسمى ضحى. والاخر ثانيه ويسمى ايش عشية ويسمى عشية. واضحة؟ فان قال قائل فان الله سبحانه وتعالى قال كان انهم لم يلبثوا فيها الا عشية او ضحاها فاضاف الضحى الى العشية فما وجه هذه الاضافة لماذا اظافها؟ طيب نعم هما الطرفان لكن لماذا اظاف الضحى الى العشية اذا هذا الذي اشار اليه المحل بعبارة ابين قال لما بينهما من الملابسة. كانهم لم يلبثوا الا عشية او ضحاها اضيفت الى العشية لما بينهما من الملابسة فان العشية قريبة من الضحى وليس بينهما الا وقت يسير فاضيف اليها وقيل عشية او ضحاها. نعم. وقال تعالى سجى سكن بالخلق وثبت ضلامه ذكر المصنف ان سجى في قول الله عز وجل والليل اذا سجى انه سكن بالخلق وثبت ظلامه. اي كان الظلام في الارض وهذه المرتبة مرتبة تالية لقول الله عز وجل والليل اذا يغشى فان قوله تعالى والليل اذا يغشى اشارة الى ابتداء الليل. وقوله تعالى والليل اذا سجى اشارة كاستحكام الظلام ولهذا قال المحققون من اهل العربية انه لا يوجد في كلام العرب كلمتان بمعنى واحد من كل وجه ولابد ان يكون بينهما افتراق ولو وقع بينهما اتفاق فربما اشتركا في بعض المعنى لكن لابد ان يكون كل واحد منهما قد زاد في لفظه مما يتعلق من معناه شيئا اخر ليس في الكلمة الاخرى فالذي يظن ان قول الله عز وجل والليل اذا يغشى كقوله والليل اذا سجى قد اخطأ في فهم الايتين بل قوله تعالى اذا يغشى اشارة الى اول الليل. لانه مأخوذ من الغشاء. وهو ما رق من الغطاء. فكأنه اذا بدأ يكون رقيقا. واما قوله اذا سجى فهو مأخوذ من التزكية وهي التغطية. فاشارة الى تمكن الظلام واستحكامه في الارض. واذا كان قول الله سبحانه وتعالى والليل اذا يغشى اشارة الى اول الليل فان اول الليل من الصلوات هي صلاة المغرب. وقوله تعالى والليل اذا سجى اذا كان في تمكن الظلام فان الصلاة التي تكون في هذا الوقت هي صلاة العشاء. وعلى هذا يكون الله عز وجل في قوله والليل اذا لا يغشى قد اقسم بوقت صلاة المغرب. وفي قوله والليل اذا سجى قد اقسم بوقت صلاة العشاء. ويكون قد اقسم بوقت صلاة الفجر في قوله والفجر واقسم بوقت صلاة الظهر في العصر في قوله تعالى والعصر فاين وقت الظهر ولم يبقى الا هو ايش كيف طيب وغيرها من اللي قالوا انها اذا جلت؟ نعم والنهار اذا جلاها لان اشد ما يكون جلاء النهار وبيانه عند هذا الوقت يكون الله عز وجل قد اقسم باوقات الصلوات جميعا في القرآن الكريم على ما بين. نعم. وقال تعالى ما ودعك ما تركك. وقال تعالى وما قلى وما ابغضك. وقال تعالى الاخرة خير لك من الاولى. ولا الدار الاخرة خير لك من دار الدنيا. ذكر المصنف ان معنى قوله تعالى وللاخرة خير لك من الاولى ان معناه ان الدار الاخرة خير لك من دار الدنيا والاتيان بخير على وجه التنكير للدلالة ليش للتعظيم والتكثير فمعنى قوله تعالى والاخرة خير لك عظمة وكثرة وجلالة وهذا من مقاصد في كلام العرب فان العرب تأتي بالنكرة تريد بها التعظيم. واضح النكرة تأتي للتعظيم. مثلا قوله تعالى وقرآنا فرقناه. قرآن نكرة ام معرفة نكرة لماذا نكر تعظيما واجلالا للقرآن الكريم. وهذا البناء عند العرب في قولهم مثلا فلان خير من فلان او الدار الاخرة خير من الدار الاولى اصله عندهم اخير فهو من ابنية افعل التفضيل. فتقدير كلام فلان اخير من فلان. والدار الاخرة اخير لك من الاولى. لكن لكثرة استعمال هاتين اللفظ اخير واختها اشر اسقطوا الالف تخففا كما قال ابن مالك في الكافية الشافية وغالبا اغناهم خير وشر عن قولهم اخير منه واشر. فتقديره على افعل التفضيل في الدلالة على الزيادة في الخير او في الشر. نعم. وقال تعالى فاوى فضمك الى من يكفلك وجعل لك مأوى تأويه اليه. وقال تعالى لا تدري ما الكتاب ولا الايمان. وقال هذا الذي ذكره المصنف في تفسير هذه الكلمة هو احسن ما يدل به من البيان على معنى الضلال الذي ذكره الله عز في حق نبيه فقال ووجدك ضالا فهدى ويدل عليه قول الله سبحانه وتعالى وكذلك اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان. فهذا هو الذي بينه الله سبحانه وتعالى في حال النبي صلى الله عليه وسلم من الضلال. ومن ترك هذا البيان وطلب غيره من البيان وقع في امور فيها غض من النبي صلى الله عليه وسلم وكما يلاحظ عظم مقام الله عز وجل فلا يتجرأ عليه بالقول فيه الا صادق اسماء وصفات وافعالا فكذلك مقام النبي صلى الله عليه وسلم لا يتجرأ فيه بالقول الا بوحي صادق فما تطلبه بعض المفسرين من النظر في الضلال الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. وهل كان موافقا لدين قومه ام غير موافق لهم الى اخر ما ذكره بعضهم ليس هذا محلا للبحث. فقد اخبر الله عز وجل بخبر قاطع بين في الضلال المذكور في هذه الاية في قوله تعالى ووجدك ضالا فهدى وهو قوله سبحانه وتعالى ما كنت تدري ما الكتاب ولا ايمان نعم. وقال تعالى فهدى فدلك وارشدك. وقال تعالى الى فقيرا. وقال تعالى فلا تقهر. فلا تغلبه مسيئا معاملته. وقال تعالى فلا تنهر فلا تزجر. نعم احسن الله اليكم معاني سورة الشرح بسم الله الرحمن الرحيم. الم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا. فاذا فرغت فانصب. والى ربك فارغب قال تعالى ووضعنا وحططنا قوله في تفسيره في بيان معنى قوله تعالى ووضعنا وحططنا اي اسقطنا فاسقط الله سبحانه وتعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم وزره. نعم. وقال تعالى وزرك ذنبك ذكر المصنف وفقه الله ان الوزر المذكور في قوله تعالى ووضعنا عنك وزرك اي ذنبك وما ذنب النبي صلى الله عليه وسلم ما الجواب وهل وهل عروض الغفلة عن ذكر الله عز وجل ذنب اذا ليس ذنبا منه صلى الله عليه وسلم. هذا كالموضع الذي ذكرنا لكم قبل. بعض المفسرين اوغلوا في بحث الذنب الذي للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا من الغلط. وقابلهم قوم فقالوا ليس للنبي صلى الله عليه وسلم ذنب. فاين قول الله سبحانه وتعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر والذنب مكتوب عليه صلى الله عليه وسلم بموجب الادمية. فان طبيعة بني ادم الخطأ كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي في صحيح مسلم يا عبادي انكم تذنبون بالليل والنهار فاخبر ان الذنوب ملازمة للادمية واصلح منه حديث انس عند الترمذي كل بني ادم خطاء الا ان الحديث من رواية علي ابن مسعدة الباهلي احد الضعفاء وتفرد به عن قتادة. والمحفوظ في هذا المعنى حديث ابي ذر القدسي الذي ذكرته لكم ومن بديع القالات ما ذكره ابو العباس ابن تيمية في التدميرية قال من اذنب فندم فتاب فقد اشبه اباه ومن شابه اباه فما ظلم انتهى كلامه. يعني مشابهته لابيه ادم فانه وقع منه الذنب بطبيعة الادمية ثم ندم وتاب فما يقع من النبي صلى الله عليه وسلم من الذنب هو بطبيعة الادمية وليس في ذلك نقص منه صلى الله عليه وسلم ولا فائدة من البحث عنه. وانما يقال معنى هذه الاية ووضعنا عنك وزرك يعني حققنا عنك ذنبك تحقيقا لوعد الله عز وجل ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. نعم. وقال تعالى انقض اثقل وقال تعالى العسر الشدة. وقال تعالى يسرا سهولة. وقالت قال فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا. قال العسر الشدة. يعني المذكور في الاية. والمراد به العسر المعهود الذي اصاب النبي صلى الله عليه وسلم فبشر النبي صلى الله عليه وسلم بان العسر الذي عهده وعرفه انه يصحبه يسر ثم كررت الاية الثانية تأكيدا لهذا المعنى وليس في الاية الثانية معنى زائد بل هي تقرير للجملة المتقدمة. اما ما شهر عند متأخر المفسرين من ان العسر في الاول هو العسر في الثاني وان اليسر في الاول هو اليسر في الثاني فذلك قول ضعيف كما بينه الطاهر ابن عاشور اذ ذلك انما يصح على قواعد البلاغة اذا كانت الجملتان مفترقتين غير متتابعتين اما موقعهما تتابعا فانما يدل على تأكيد الثانية للجملة الاولى. وما روي لن يغلب عسر يسرين لا يثبت فيه شيء لا مرفوع ولا موقوف. نعم. وقال تعالى فاذا فرغت فانصب فاذا فررت من عمل باتمامه فاقبل على عمل اخر. بين بين المصنف وفقه الله ان معنى قوله تعالى فاذا فرغت فانصب انك اذا فرغت من عمل باتمامه فانك تقبل على عمل اخر لان المؤمن لا ينبغي ان يكون لا شغل له فارغا بطالا. بل اذا فرغ من شغل يكتسب فيه امرا ينفعه في الدنيا او الاخرة فانه ينبغي له ان ينتقل الى غيره. ولما عرف المدركون حقيقة العبادة هذا الامر رأوا انه لا فراغ الا في الجنة. كما قيل لابي عبدالله احمد ابن حنبل يا ابا عبد الله الفراغ فقال لا فراغ الا في الجنة. فالانسان لا يفرغ على الحقيقة الا في الجنة وهو في الدنيا بين شغل فيه خير له او شغل فيه شر له. فالنفس اما ان تشغلها بالطاعة او ان تشغلك هي هي بالمعصية فينبغي على العبد ان يقتضي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في دوام اشغال نفسه لان الراحة لا تكون الا بالاشغال. واما من ظن ان الراحة تكون بالتعطيل فذلك قول ضرره قال ابراهيم الحربي اجمع العقلاء ان الراحة لا تنال بالراحة. اجمع العقلاء ان الراحة لا تنال بالراحة يعني ان انس النفس هو اتساع الخواطر وانطلاق الاسارير لا يكون بالبطالة والعطالة ابدا وانما باشتغال الانسان بما ينفعه. فاذا اشتغل الانسان بما ينفعه اكتسب الراحة. نعم. احسن الله معاني سورة التين. بسم الله الرحمن الرحيم. والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الامين. لقد خلقنا الانسان فيه احسن تقويم. ثم ثم رددناه اسفل سافلين. الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير النون فما يكذبك بعد بالدين. اليس الله باحكم الحاكمين؟ قال الله تعالى وطور سنين الطور الجبل وسينين لغة في سيناء وهي صحراء بين مصر بلاد فلسطين وقالت وقال تعالى البلد الامين مكة المكرمة لامن الناس فيها. ذكر المصنف وفقه الله ان الاية التانية بطول سنين تشير الى موضع وهو جبل كائن في صحراء سيناء وان الاية الثالثة وهذا البلد الامين تشير الى موضع اخر وهو مكة المكرمة وعلى هذا فان الاية الاولى تشير الى موضع ام لا تشير لماذا تشير؟ لدلالة السياق دلالة السياق فعلى هذا تكون والتين والزيتون يراد بها الشجر يراد بها الشجرتان ام يراد بها موضعهما موضعهما لان التين والزيتون ينبتان في ارض الشام. فالمراد من ذكر التين والزيتون الاشارة الى ارض الشام لان الاية الثانية والثالثة تشير الى موضع فاذا كان هذا كلام رب العالمين فالبلاغة تقتضي ان يكون المذكور اولا كالمذكور ثانيا وثالثا. فاذا فسرت الاية بان المراد بها موضع انبات التين والزيتون وهو ارض الشام. وان الاية التانية طور سينين وهي الجبل الموجود في صحراء سيناء. وان الاية الثالثة البلد الامين تشير الى مكة المكرمة فان هذه السورة تكون قد جمعت ايش النبوات ام لا؟ تكون قد جمعت اكثر اراضي الانبياء نزول النبوات لانه بقي من اراضي النبوات ايش اين كان ابراهيم في مبدأ امره؟ في العراق في بابل فتكون قد بقيت العراق. فتكون الايات مشيرة الى بعض ارض النبوات وهي اكثرها. اما من يقول من المفسرين انها مشيرة الى ارض النبوات فانه قد فاته نبوة ابراهيم التي وقعت اولا عند ارض العراق في بابل. وقيل ايضا ان نوحا في ابتداء امره كان في العراق. نعم وقال تعالى اسفل سافلين في نار جهنم. ذكر المصنف ان معنى قوله تعالى اسفل سافلين في لقوله ثم رددناه اسفل السافلين يعني في نار جهنم. وهذا الرد الى اسفل السفن بكونه في نار جهنم اذا تمرد على خلقه في احسن تقويم. فان الله عز وجل قال في الاية السابقة لها لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم. وهذا التقويم الاحسن نوعان. احدهما تقويم احسن في باطنه بالفطرة على التوحيد والاخر تقويم احسن في ظاهره بتحسين صورته. فاذا كان الله عز وجل قد امتن على الانسان بخلقه في احسن تقويم باطنا وظاهرا فان رده في اسفل سافلين يكون بادخاله في نار جهنم لا كما قال بعض المفسرين ان رده الى اسفل سافلين بتعميره بحيث ممن يطول عمره حتى يكون هرما. فانما ذكروه قد يناسبه اذا كانت الاية السابقة متعلقة بالظاهر فقط اما باعتبار انها متعلقة بالباطن فان من يرد الى التعمير في اخر عمره ربما كان باطنه في اخر عمره افضل من اوله لان الانسان اذا كبرت سنه وتقدمت عمره فانه يرغب في العمل الصالح ويعظم اقباله على به سبحانه وتعالى. فالمناسب للامتنان في قوله ولقد لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم هو ان يكون معنى ثم رددناه سافلين ثم جعلناه في النار لانه اذا جعل في النار يكون قد رد قوام باطنه وقوام ظاهره فقيل جاء في تعميره في سنه فانه قد يكون رد قد يرد قوام ظاهره اما باطنه فسيكون مثل حاله اولا او احسن نعم وقال تعالى غير ممنون غير مشوب من كدر المن ولا يلحقه الانقطاع. وقال تعالى بالحساب والجزاء تقدم ان بالدين يشمل شيئين احدهما مقدمته وهي الحساب وخاتمته وهي الجزاء. نعم. احسن الله اليكم معاني سورة بسم الله الرحمن الرحيم. اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق خلق الانسان من انها اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم لا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى ان الى ربك الرجعى ارأيت الذي ينهاه عبدا اذا صلى. ارأيت ان كان على الهدى او امر بالتقوى ارأيت ان كذب وتولى؟ الم يعلم بان الله يراه لئن لم ينتهي لنسفعا بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة. فاليدعنان مريم سندعو الزبانية. كلا لا تطعه واسجد واقترب. قال الله تعالى جمع علقة وهي القطعة من الدم الغليظ. ذكر المصنف وفقه الله ان علق جمع علقة وهي القطعة من الدم الغليظ وها هنا اشكال. هل الانسان مخلوق من علقة؟ ام من علق يعني من واحدة ام من عدة قطع ما الجواب الجواب مخلوق من علقة واحدة بصريح القرآن والسنة فلماذا جمع ملاحظة لمشهد الامتنان فان الله في هذه السورة قال اقرأ باسم ربك الذي خلق. فبدأ يعدد على جنس الانسان امتنانا فناسب مقام الامتنان واظهار نعماء الله عز وجل ان يجمع فجمع خلق خلق الانسان من علق وليس بيانا للحقيقة واما الحقيقة فانه مخلوق من علقة واحدة. نعم وقال تعالى بالقلم بالخط والكتابة فسر المصنف قوله تعالى بالقلم بالخط والكتابة وهي هي اثر القلم لان القلم الة الكتابة. لكن الممتن به على الخلق هو تعليمهم الخطاء والكتابة فهذه الاية اصل علم الخط والكتابة بالقرآن الكريم وهو من العلوم الجليلة التي ينبغي ان يعتني بها المسلمون ولا ينبغي لهم ان يهملوها. وقد ال الامر باخرة الى عدم مبالاة المسلمين العلوم التي خصهم الله سبحانه وتعالى بها وهي علوم العربية فان علوم العربية كالخط والاملاء والنحو والصرف الى تتمة الاثني عشر علما من علوم العربية لا توجد في الامم الاخرى تامة وان وجد مشارك في مناحيها فليس كالوضع اللغوي. وكان الناس يعتنون بهذه العلوم. وقد جعلوها فيما سلف من المقررات الدراسية في التعليمية ثم ضعفت وشائج العربية فيهم مع ادعائهم الانتساب الى الامة العربية ومن يضيع حقيقة يضعف انتسابه الى العربية. ولا ينبغي ان يهمل طالب العلم هذه العلوم. ومنها علم الخط. فينبغي له ان يعتني بتجويد قطه ومعرفة قواعده ولم يزل اهل العلم رحمهم الله تعالى من القدماء والمتأخرين يصنفون في علم الخط ويسمونه علم الرسم او علم الخط او علم الكتابة. نعم. وقال تعالى لنسفعا السفع القبض الشديد وقال تعالى قال المصنف السفح القبض الشديد بجذب. ما الفرق بين السفع الصفع سين وصاد لكن سين وصاد في القرآن لها معاني ليست سهلة. وهذا الذي اردته فاني لم ارد ان تفرقوا فقط بين الصفع والسبع وان السبع ما كان مشتملا على الجذب واما الصفع فانه لا يشتمل على جذب فهذا هو الفرق بينهما ولكن المراد هو الاشارة الى اثر الحروف في فهم القرآن الكريم. فان الله مثلا قال ان يمسسكم ايش؟ قرح ولم يقل جرح لان حرف القاف فيه من القوة ما ليس في الجيم. فنبه بالحرف على المعنى. فان القرح يكون مؤلما شديدا واما الجرح فقد يكون شديدا وقد لا يكون كذلك. وهذا باب من فهم العربية عظيم. ولابي العباس ابن تيمية والتلميذ ابن القيم كلام منثور في ذلك وكذلك لابي الفتح بجني في الخصائص. ولا يفهم الانسان العربية ومنها القرآن الا بعنايته باثر الحروف ايضا. فان الحرف قد يغير في شيء يسير فيختلف المعنى ولا يكون له نفس المعنى الذي يكون للاخر. فمثلا المس غير المشي. فالشين فيها من التفشي والانتشار ما يدل على قوة المشي وهذا شيء تعرفه العرب العرباء التي بقيت جذور اللغة عندها مما بقي في جزيرة العرب لكنه ضعف عند تلقينا للعربية واذا جعل الانسان في جرس اذنه ان الحرف يؤثر في المعنى سيجد في القرآن نظائر كثيرة لهذه القاعدة التي ذكرناها في القرح والجرح. نعم. وقال تعالى بالناصية مقدم شعره وانما الناصية لانها اشرف ما في الرجل. فان اشرف ما في الانسان ناصيته. وهو لا يرضى ان يؤخذ لان الاخذ بالناصية اشارة الى الاذلال والاهانة ولذلك فان اهل النار يؤخذون بنواصيهم وانما سمي الرئيس رئيسا لانه يأخذ برأس الرجل يعني بمقدمه فيذعن له ويتبعه فاخبر وعن عقاب هؤلاء المتوعد لهم انهم يذلون ويهانون بسفعهم بجذبهم من نواصيهم وهي مقدم رؤوس واخبرني احد الاطباء وهو رئيس الاتحاد العالمي لطب الاعصاب ان اكثر مراكز الحفظ والفهم تكون في الناصية فبذلك اشارة الى شرفها وجلالتها حسا ومعنى. نعم وقال تعالى الزبانية هم ملائكة العذاب سموا زبانية لانهم يزبنون اهل النار ان يدفعونهم بشدة فسموا نسبة الى فعلهم. فهم يزبنون الناس يعني يدفعونهم بشدة فهم حينئذ الزبانية. نعم احسن الله اليكم معاني سورة القدر. بسم الله الرحمن الرحيم الله في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف في شهر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر هي حتى مطلع الفجر. قال الله تعالى القدر الشرف العظيم. قال المصنف في تفسير القدر المذكور في قوله تعالى انا انزلناه في ليلة القدر قال القدر الشرف العظيم فيكون المعنى اننا انا انزلناه في ليلة الشرف العظيم. وهذه الليلة ليلة من ليالي ايش؟ رمضان لقول الله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن والى من كان هذا الانزال ما الجواب ولا الى النبي صلى الله عليه وسلم احسنت. الانزال المذكور في هذه السورة هو انزال القرآن الكريم من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا. فان انه جعل في بيت في السماء الدنيا كما ثبت ذلك عن ابن عباس عند الطبراني وغيره. فانزال القرآن نوعان. احدهما انزاله كتابة وهو المذكور في هذه السورة فانزل مكتوبا من اللوح المحفوظ الى ماء الدنيا فجعل في بيت فيها. والثاني انزاله تلاوة. وهو انزاله عن النبي صلى الله عليه وسلم فنزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم. فما ذكره بعض المفسرين ان انزال القرآن وقع وفي رمظان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما دلت عليه الادلة الصحيحة. وانما الذي وقع في رمظان انزال القرآن من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا مكتوبا. واما انزاله متلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم به ربنا وسمعه منه جبريل ثم بلغه جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لم يثبت في تعيينه شيء. وهذه الاية جاء فيها انزال القرآن معدا بحرف في في قوله انا انزلناه في ليلة القدر اشارة الى ظرفية الزمان اي الزمان الذي نزل فيه القرآن نعم. وقال تعالى والروح هو جبريل. ذكر المصنف ان الروح جبريل وهذا مخالف لقول الله عز وجل ويسألونك عن الروح قل الروح من امر كيف يقول المصنف؟ الروح جبريل والله عز وجل قال قل الروح من امري ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلة. ما الجواب؟ نعم ايش يعني الروح جبريل طيب ويسألونك عن الروح هذا يدخل في اي نوع من العلوم التي ذكرناها لكم؟ علم الوجوه والنظائر علم الوجوه والنظائر فان الروح تقع على معان متعددة والروح ها هنا يراد به جبريل ولا يراد به سر الحياة الذي قوى الله عز وجل علمه والروح ايضا يطلق على القرآن كما قال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا فالقرآن يسمى روحا وجبريل يسمى روحا وكذلك سر الحياة يسمى روحا وكذلك النصر والامداد يسمى روحا وايدهم بروح منه الى اخر ما ذكره المصنفون في الوجوه والنظار في هذا المعنى بلغها ابن الجوزي سبعة معان للروح. فقوله في هذه الاية تنزل الملائكة والروح فيها المراد بالروح هو جبريل عليه الصلاة والسلام. نعم وقال تعالى باذن ربهم بامره. وهذا اخر البيان والايضاح على هذه الجملة من الكتاب ونستوفي بقيته ان شاء الله تعالى واراد ان نسأله سبحانه وتعالى ان يرزقنا علما نافعا وعملا صالحا والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين