السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم. ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله واحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. وبعد ايها المؤمنون قد سبق القول بان علم التفسير علم جليل القدر عظيم الخطر وانه كسائر العلوم له جادة توصلوا اليه وطريق من اخذ بها افضت به الى معارفه وعلومه. ومن حاد عنها ارهق نفسه في تعب كثير مع فائدة قليلة. ولم يزل سداة العلم يدركون ذلك ويوقنون به. لان كل مطلوب خاص او عام فانه لا بد من طريق يوصل اليه. وينتهي بسالكه الى منيته منه. وتقدم نعت جملة من المراتب التي اذا اخذ فيها المترقي اوصلته الى علم التفسير. فنعتنا فيما سبق خمس مراتب فالمرتبة الاولى دراسة كليات الالفاظ في التفسير. والمتن المعتمد المرشح للدراسة فيها هو حسن البيان في نظم مشتركات القرآن للعلامة عبدالهادي ابن رضوان الابياري رحمه الله. والمرتبة دراسة غريب القرآن والمتن المعتمد المرشح فيها للدراسة كتاب تحفة الاريب فيما في اعاني من الغريب للعلامة ابي حيان الاندلسي رحمه الله تعالى. والمرتبة الثالثة دراسة كلمات القرآن والمتن المعتمد المرشح للدراسة فيها هو كتاب كلمات القرآن توضيح وبيان. للعلامة محمد العدوي الازهري رحمه الله تعالى والمرتبة الرابعة دراسة الوجوه والنظائر القرآنية والمتن المعتمد المرشح فيها هو نزهة الاعين النواضل في علم الوجوه والنظائر للعلامة ابي عبدالرحمن بن علي بن الجوزي رحمه الله تعالى. والمرتبة الخامسة دراسة هدايات السور التي سماها المتأخرون في مقاصد السور او بغايات السور واغراظها والمتن المعتمد المرشح للدراسة فيها هو كتاب اغراظ سور القرآن الكريم في تفسير التحرير والتنوير للطهي بن عاشور رحمه الله تعالى وقد احد المعاصرين وابقى فيه كلام ابن عاشور بنصه وخصه فهو متن صالح للاخذ به دراسة في في هذه المرتبة فهذه المراتب الخمس هي المراتب الاول في دراسة تفسير القرآن الكريم وبقيت بعدها عدة مراتب فالمرتبة السادسة من مراتب دراسة القرآن الكريم هي دراسة مجمل التفسير. والمراد بمجمل التفسير التفسير الوجيز الكفيل ببيان المعاني الكلية لايات القرآن الكريم فهو تفسير مختصر وجيز لا يطيل فيه واضعه في بيان معاني القرآن وانما يبينها على الاختصار والاقتصار دون اطالة واطناب. فيكون جل مقصوده بيان معنى الاية دون الاسترشاد في ذكر المنقولات فيها. وهذا التفسير المجمل مرتبة قبل التفسير المفصل. ولا يرتقي الى التفسير المفصل الا من درس القرآن الكريم تفسيره على وجه الاجمال. لان الدراسة المجملة لمعاني ايات القرآن الكريم رتبة يتلقى بها المرء في فهم كلام الله سبحانه وتعالى. فاذا وجدت هذه الرتبة في نفسه سهل عليه بعد ان يبقى مفصل التفسير. وفائدة دراسة التفسير الوجيز الاطلاع على المعاني الكلية اجمالية للقرآن الكريم فاذا درس الدارس تفسيرا وجيزا للقرآن الكريم اطلع على معاني القرآن على وجه الاجمال فهو بمنزلة التصور الكلي الشامل للقرآن الكريم دون تفصيل جمله. لان تفصيل جمله ربما تثقل النفوس عنه واذا اشتغل المرء في مبادئ اخذه التفسير بتفسير بتفصيل تفسير القرآن الكريم ربما لم يقطع فيه شوطا طويلا وجرت عادة اهل العلم رحمهم الله تعالى في كل فن على تقديم وجيز مختصر بحيث يتلقاه على وجه الاجمال في مدة يسيرة ثم يترقى بعد بعد ذلك الى مفصل ذلك العلم وكذلك تفسير القرآن ينبغي المرء ان يتلقاه اولا على وجه الاجمال الموجز ثم بعد ان بقيت فيه قوة وقدرة يترقى بعد ذلك الى دراسته على وجه التفصيل كما سيأتي بيانه. والتفاسير الوجيزة المصنفة على هذا النحو كثيرة واكثرها نفعا واعظمها دورانا هو تفسير الجلالين واسمه المفصل في تفسير القرآن الكريم لكنه شهر بتسميته تفسير الجلالين نسبة الى المصنفين اللذين تشاركا في وضعه. فان كتاب الجلالين ابتدأ اولا جلال الدين المحلي رحمه الله تعالى في كتابته من سورة الكهف. حتى اتى سورة فالناس ثم رجع يريد ان يشرع في تفسير القرآن من اوله فابتدأ بتفسير الفاتحة ثم اخترمته رحمه الله تعالى فنهض بحمل عبئه بعده اجلال السيوطي رحمه الله تعالى وقد ادرك زمان فيه الجلالة المحلي وجلس في مجالس درسه لكن ليس له اخذ بين عنه. فابتدأ بعد الجلال السيوطي في استكمال تفسير الجلال المحلي شارعا من سورة البقرة حتى وصل الى الموضع الذي ابتدأ منه الجلالة المحلي وهو تفسير سورة الكهف. فنشأ من اجتماع هذين التفسيرين تفسير واحد نسب اليهما فسمي تفسير الجلالين فالمراد بالجلالين جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي لانهما تشاركا في وضعه رحمهم الله تعالى على اصح الاقوال فيما ظهر لهما مع الاشارة الى شيء مما يحتاج اليه من القراءات واعراب الايات القرآنية فهو تفسير وجيز مليح. لم يزل مستعملا في درس القرآن الكريم في بلاد مصر من عهد تأليفه حتى وقت قريب فكان اصلا معتمدا في مصر ثم انتقل الى الحجاز فهذا التفسير اكثر ما يستعمل في هذين البلدين. حتى طوي الاعتناء بعلم التفسير في اكثر بلاد المسلمين ذكر تفسير الجلالين عند سداة علم التفسير مع انه انفع التفاسير الوجيزة في فهم كلام الله سبحانه وتعالى وانك لن تجد تفسيرا من التفاسير اعتنى به اهل العلم درسا وشرحا وتحشية اكثر من تفسيرين اثنين احدهما تفسير الجلالين والاخر تفسير البيضاوي. وانما غلب تفسير الجلالين تحشية وشرحا. لانه كان اصل معتمدا لتلقي التفسير في البلاد المصرية والبلاد الحجازية ثم انتقل بعد ذلك الى بلاد الهند والافغان. واما البيضاوي فشهر لانه كتاب اعتنى به علماء الاتراك والاكراد ولم يزل اصلا معتمدا عندهم في تفسير القرآن الكريم الا ان تفسير الجلالين مقدم بالعناية في الدرس كي يكون تفسيرا وجيزا يتلقاه المرء واعظم ما ينتفع الانسان معه بحاشيتين اثنتين احداهما حاشية الجمل والاخرى حاشية الصاوي. فهاتان الحاشيتان نافعتان في استصحابهما عند دراسة هذا التفسير عند احد علماء التفسير اما المرتبة السابعة فهي دراسة تصريف القرآن. وليس المراد بالتصريف ما ينسب الى علم النحو من ابنية الافعال والاسماء. وانما يراد بذلك ما ذكره الله عز وجل في قوله. ولقد صرفنا افي هذا القرآن يتدبروا وقال ولقد صرفنا في هذا القرآن من كل مثل في اية اخر اشار الله سبحانه وتعالى فيها الى التصريف في القرآن. وهو الذي سماه المتأخرون بمتشابه القرآن. وهذه التسمية لا تناسبوا الوضع الشرعي لمعنى التصريف. وهم في بناء هذا العلم تارة يخلطونه باشياء اخرى لا مدخل لها في علم تصريف القرآن. وعلم تصريف القرآن مرجعه الى ملاحظة كيفية تصرف الرب سبحانه وتعالى في اياته فتارة قال الله سبحانه وتعالى وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودات وتارة اخرى قال وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودة. وتارة جاء في دعاء ابراهيم رب اجعل هذا بلدا امنا وتارة رب اجعل هذا البلد امنا في نظائر اخرى بالزيادة والنقص والادراج والحذف والتقديم والتأخير فهؤلاء المثل هن المندرجات في مسمى تصريف القرآن الذي سماه المتأخرون بمتشابه القرآن وهذا المعنى الذي جعلوا له هذا اللقب معنى واسع تدخل فيه انواع شتى لكن اللقب الذي يخلص على المعنى المراد شرعا هو تصريف القرآن الكريم. فمن اراد ان موسى تفسير القرآن الكريم فلابد له ان يدرس فمن اراد ان يدرس تفسير القرآن الكريم فلابد له ان يدرس تصريف القرآن الكريم الذي سماه المتأخرون متشابه القرآن وصنفوا فيه تصانيف متعددة. والمتن المعتمد اصلا في هو كشف المعاني في متشابه المثاني كشف المعاني في متشابه المثاني للعلامة محمد ابن ابراهيم ابن جماعة رحمه الله تعالى فانه كتاب حسن الوضع بديع الجمع الفه بعد التفسير مدة مديدة وعروض سؤالات لطيفة ومنازل عجيبة تحتاج الى حلها. كما قال رحمه الله تعالى في مقدمته قال ربما لهج بعض فضلاء الحاضرين يعني في درسه بمسائل حسنة مستغربة وسأل عن مناسبات الفاظها لمعانيها العجيبة مما لم يذكر بعضه او اكثره في كتب التفسير المشهورة ولا به في اسفارها المسطورة من اختلاف الفاظ معان متكررة وتنويع عبارات وتنويع عبارات فنونه المحررة ومن تقديم وتأخير وزيادات ونقصان وبديع وبيان وبسيط واختصار وتعويض حروف بحروف اغيار انتهى كلامه. ولا يتمكن المرء في علم التفسير حتى يدرس تفسير تصريف القرآن ان اعمل ذهنه تدبرا للقرآن الكريم فنونا من القرآن الكريم في فهمه لم يذكرها احد قبله لان الله عز وجل جعل اعجاز القرآن في اياته من جهة بيانها. واذا قلب الانسان النظر في التقديم والتأخير والزيادة والنقص في القرآن الكريم سيظهر له من المعاني اشياء كثيرة لم يتكلم بها من قبله وانا اضرب لكم مثال بطرف يتضح به المقال مما يناسب الحال دون استيفاء لمقاصده. وهو قولنا عند قراءة القرآن اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فان الله سبحانه وتعالى امرنا بذلك فقال فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم والى ذلك اشار الشاطبي اذ قال اذا ما اردت الدهر تقرأ فاستعذ جهارا من الشيطان بالله مسجلا على ما اتى في النحل يسرا وان تزد لربك تنزيها فلست مجهلا. وهذا الذكر المأمور به استحبابا عند تلاوة القرآن الكريم لمن اراد ان يستنبط تصريف القرآن فيه لمحت له معان منها ان الله سبحانه وتعالى مع امره لنا بالاستعاذة عند القرآن الكريم فانه لن يجعل الاستعاذة اية من القرآن. فقد اجمع اهل العلم على ان الاستعاذة ليست اية وانه لا تجوز كتابتها في المصاحف. وليت شعري لماذا وقع هذا ما الجواب مع الامر بالاستعاذة والنص عليها عند قراءة القرآن ما جاءت اية من القرآن. لا تجدون في المصاحف مكتوب في اولها اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لماذا ما الجواب؟ نعم ها طيب امعانا في بيان ضعف كيد الشيطان. فاننا مع امرنا بالاستعاذة الا اننا بالله اقوياء. فاذا امر العبد بان يستعيذ من الشيطان الرجيم فان الشيطان لم يبلغ قدر كيده ان يكون عدوا يصد الانسان عن القرآن الكريم وانما امرنا به تقوية ولم تجعل اية تنبيها الى ان الشيطان مهما بلغ كيده فان كيده كما قال الله عز وجل ان كيد الشيطان كان ضعيفا. معنى اخر اننا لما امرنا بالاستعاذة من الشيطان الرجيم عند بداية القرآن الكريم امرنا بان يكون قول الانسان كما جاء في المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولم يقع القول نعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانما وقع على وجه الافراد. فلماذا يشرع للعبد ان يقول اعود ولا يقول نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ما الجواب الجواب عن ذلك وجهان احدهما مناسبة للامر في قوله تعالى فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم فانه وقع مفردا فالمناسب للامر المفرد ان يكون الوقوع والامتثال بمفرد. وتانيهما ان الاصل في العبادات ايقاع العبد لها عن نفسه لا عن غيره. ولذلك يقول العبد في الشهادة عند الاقرار اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله. ولا نقول نشهد ان لا اله الا الله ونشهد ان محمدا رسول الله على وجه الاقرار للعبادة. واما على وجه الخبر فان ذلك سائغ معنى اخر من معاني التصريف في الاستعاذة اننا امرنا بان نجعل قبل القرآن ما يتميز به وهو قولنا اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولم نؤمر بان نجعل بعد قراءتنا للقرآن شيء شيء يتميز فان الانسان اذا شرع في قراءة القرآن قال اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم شرع يقرأ فاذا ختم القرآن الكريم فان ختم قراءته فانه ليس في المأثور شيء ثابت واحسن ما روي فيه ما بوب عليه النسائي في السنن الكبرى بما تختم قراءة القرآن ثم اورد حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا جلس مجلسا او قرأ قرآنا قال سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله انت الى اخر كفارة المجلس الا ان هذا اللفظ غير محفوظ ولا يعلم احد من الفقهاء قال به فلماذا وقع الامر بتمييز قراءتنا للقرآن قبل الشروع فيها ولم يؤمر بان نأتي بذكر في اخر القراءة بعد الفراغ منها ما الجواب؟ الجواب ان القرآن اذا قرأ لم يحتج الى شيء يميزه. ان القرآن اذا قرأ لم يحتج الى شيء يميزه ولكن الانفصال عن ما قبله من الكلام يحتاج الى تمييز فلو قدر ان احدنا يتحدث ثم اراد ان يشرع في قراءة القرآن قال اعوذ من الشيطان الرجيم. فاذا قرأ القرآن فان كل سامع يسمعه يقع في قلبه من الهيبة والجلال لهذا الكلام الذي يسمعه ما به عنده ان هذا ليس كلام احد من البشر. وانما كلام رب البشر سبحانه وتعالى. فهذا الفن وهو فن تصريف القرآن الذي سماه المتأخرون متشابه القرآن فن عظيم والعناية به قليلة والتصانيف فيه كليلة من امثلها كتاب ابن جماعة الذي ذكرت لك وهو كتاب مفتقر الى شروح وحواش توضع عليه لكنه هو المتن المعتمد في هذا الفن واما المرتبة الثامنة في تلقي تفسير القرآن الكريم فهي دراسة مفصل التفسير والمراد بمعنى بمفصل التفسير التفصيل المستوعب المفرد لكل اية من ايات القرآن على وجه التفصيل لا على وجه الاجمال. لان المتلقي قد تلقى قبل تفسير القرآن على وجه الاجمال. ثم يرتقي بعده الى تلقيه على وجه التفصيل وهذا التفصيل تناسبه الاطالة والاطناب حينئذ. وفائدته الاعانة على امال الفهم للقرآن الكريم لان من يتلقى القرآن او غيره على وجه الاجمال يحصل له تصور كلي عام فاذا تلقى ذلك المجمل على وجه التفصيل فصوره تصورا تاما وفهمه فهما صحيحا. فاذا فرغ المرء من تلقي تفسير المجمل ارتقى بعد ذلك الى تلقي التفسير المفصل والمراد به المطول وفيه مصنفات كثيرة من امثلها اصلا معتمدا في درايته جامع البيان في تفسير القرآن وهو من تأديب تصنيف في الحافظ محمد ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى وهو كتاب حافل جليل اجمعت كلمة الاوائل على واجلاله ولم يكن في القرون الاولى تفسير يعظم ويجل ويتلقى كتفسير ابن جرير الطبري وفيه قال ابو بكر بن خزيمة رحمه الله تعالى لو ان احدا رحل الى الصين فيه لكان ذلك قليلا. اي لو ان انسانا اراد ان يتلقاه فرحل لاجله الى بلاد الصين كان ذلك قليلا فهو كتاب نفيس نافع. قال في مقدمته رحمه الله تعالى مبينا مراده قال ونحن في شرح تأويله وبيان مع ما فيه من معانيه منشؤون ان شاء الله تعالى كتابا مستوعبا لكل ما بالناس اليه الحاجة من علمه جامعا. ومن سائر الكتب غيره في ذلك كافيا. ومخبرون في كل ذلك بما انتهى الينا من اتفاق الحجة في بما اتفقت عليه الامة واختلافها فيما اختلفت فيه منه. ومبين علل كل مذهب من مذاهبهم وموضح الصحيح لدينا من ذلك باوجز ما امكن الايجاز في ذلك واخصر ما امكن فيه الاختصار فهو تفسير محرر فيه كثير من اصول معرفة التفسير. ومن اشرب قلبه تفسير ابن جرير الطبري استفاد في علوم كثيرة ولا سيما علم كلام العرب في قواعد فقه اللغة فانه يذكر شيئا من ذلك يشير اليه بقوله ومن سنن العرب في كلامهم وهذا قل وجدان نظيره في كتب التفاسير الاخرى كما انه كتاب حافل تفاسير السلف رحمهم الله تعالى مع الترجيح وبيان الصحيح وتزييف ما ليس بصحيح فهو تفسير جليل لا ينبغي ان تقعد همة المرء عن قراءته وتكرار النظر فيه. وما جل تفسير ابن كثير المتأخرين الا لانه في الحقيقة اختصار لتفسير ابن جرير فان ابن كثير رحمه الله تعالى عمد الى تفسير ابن جرير فلخصه مع زيادات حسنة وتعقبات مليحة على كلام ابن جرير رحمه الله تعالى وهذا الكتاب وهو كتاب ابن جرير لم يحفل بشيء من الشروع والحواشي مع انه اولى التفاسير بذلك سوى ما كتبه عليه ابن شاكر العلامة محمود واخوه احمد رحمهم الله تعالى. فيستفاد مما كتب فيما انتهى اليه كتابتهما رحمهم الله تعالى. كما انه يستفاد خاصة من تفسير ابن كثير في التعقبات التي نبه عليها فيما يتعلق كلام ابن جرير الطبري ومن احسن الجهود التي ينبغي ان تبذل جمع تعقبات المفسرين على تفسير ابن جرير فان تفسير ابن جليل ابن جرير اصل اصيل في علم التفسير فلو قصد انسان الى التفاسير التي جاءت بعده فجمع ما تعقبوا به ابن جرير لكان ذلك عملا نافعا لجامعه خاصة وللمسلمين عامة لانه يبين جهود الامة المتعلقة بتفسير اصيل وهو تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى. اما المرتبة التاسعة في تلقي علم التفسير فهي دراسة هدايات السور مفصلة هدايات السور مفصلة. وهي التي سماها المتأخرون باحكام القرآن. ويريدون بذلك المستنبطة من اي القرآن الكريم. وهذه المرتبة مرتبة اخرى غير مفصل التفسير. فان هم المفسر في مفصل التفسير هو بيان معنى الاية مطنبا في ذلك ومفصلا بذكر ما يتعلق به من كلام وشواهد الشعر في كلام العرب والاحاديث والاثار المتعلقة بالاية وترجيح المذكور في معانيها واما ما هداية السور مفصلة التي سماها المتأخرون احكام القرآن فالمراد بها استخراج كل استخراج كل ما يستفاد من اي الكتاب الكريم. ولذلك فان القرآن كما سلف كتاب هداية. وهداية القرآن في سوره نوعان احدهما الهداية الاجمالية وهي التي تسمى بمقاصد السور او اغراض السور. والاخر الهداية اية التفصيلية وهي التي تتعلق بالايات واحدة واحدة. فمثلا لو قدر في بيان الهداية المالية بصورة الاخلاص ان قيل ان سورة الاخلاص في بيان التوحيد العلمي الخبري. فهذه هي الهداية اجمالية للسورة. واما الهداية التفصيلية فيعمد فيها الى كل اية من اياتها واحدة واحدة. فيستخرج وما فيها من الهدايات فيقال مثلا فيها تسمية الله عز وجل باسم الله وفيها تسميته سبحانه وتعالى باسم الاحد ووقع منكرا وجيء به معرفا في السنة النبوية وفيها اثبات صفة الالوهية وفيها اثبات صفة الوحدانية له. الى غير ذلك من المعاني التي تستنبط من السورة. وهذه المعاني هي هدايات الكريم ولو ان المرأة اذا قرأ القرآن الكريم جعل نصب عينيه استخراج هدايات القرآن لتفجرت له ينابيع الفهم في وربما درس الانسان علم التفسير في كتاب كامل ثم لم يلحظ هذا الاصل كما ذكر عبد الحميد ابن باديس رحمه الله تعالى انه درس في الزيتونة كتاب تفسير البيضاوي ثم تخرج ولم يلح له ان القرآن كتاب هداية حتى رجع اليه مرة اخرى بالنظر والتدبر فيه. وكثير من المشتغلين بالتفسير يحجبون عن هدايات القرآن الكريم بكلام المفسرين. ومن اراد ان يفهم هدايات القرآن الكريم في اياته فانه يجرد النظر لنفسه بعد اكتمال الاية الله! فيجرد النظر في ايات الله سبحانه وتعالى في كتابه وسيقف على معان بديعة اما بفهمه او بما يجمعه من كلام اهل العلم في ذلك. ومن لطيف ذلك مثلا ان الله عز وجل قال وقل جاء الحق وزهق الباطل. ولم يقل سبحانه وتعالى فزهق الباطل بفاء التعقيب. وانما وقع على هذا المعنى للاشارة الى ان الباطل في نفسه كان زهوقا ضعيفا فلم يظهر هوانه لما جاء الحق. بل هو زاهق من قبل ذلك. اشار الى ذلك ابن عبد السلام الناصر رحمه الله الله تعالى من علماء المغرب واذا نظر الانسان في كلام المفننين في التفسير وما يستخرجونه من هدايات القرآن الكريم وجد ان اعظم زاد لهم هو ادمان النظر في القرآن الكريم وكثرة قراءته. وقد روى ابن ابي حاتم في مقدمة الجرح عن عبد الله بن وهب المصري قال كنا نعجب من نزع مالك من القرآن فسألنا اخته فقالت اما انه اذا دخل لم يكن له شغل الا قراءة القرآن الكريم. فاذا قرأ الانسان القرآن الكريم على هذه النية وهي استخراج الهدايات من القرآن الكريم فسيقع له كثير من الفهم في كلام الله سبحانه وتعالى. والمتن المعتمد اصلا في دراية اية القرآن الكريم هو كتاب الجامع في احكام القرآن للعلامة ابي عبد الله محمد ابن احمد القرطبي وهو كتاب عظيم بديع من احسن ما صنفه الناس في احكام القرآن الكريم. وعماد هذا التفسير على تفسيرين هما المحرر الوجيز لابن عطية واحكام القرآن لابي بكر ابن العربي رحمهما الله تعالى فاخذ هذين التفسيرين وزادهما بيانا واكثر من استنباط الاحكام حتى صار كتابه من احسن كتب احكام القرآن المتداولة وقد شرع العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى في املاء شيء من هذا فاملأ شيئا كثيرا من احكام القرآن طبع في ثلاثة مجلدات وانتهى الى اثناء سورة البقرة ولغيره من العلماء كذلك جهود انها مبتورة لم تكتمل في القرآن الكريم وهو اولى الانواع في التفسير بالعناية لانه غاية علم التفسير فان غاية علم التفسير ليست معرفة معانيه فقط وانما النظر فيما تؤول به الايات من المعاني وهذا هو التدبر فان الله سبحانه وتعالى قال افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اغفالها وقال افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. وليس المراد بالتدبر معرفة المعاني. ولا الكلام فيه بالخواطر وما يقع في النفوس كلا. وان التدبر هو نظر القلب في القرآن للاصول الى مقاصد الاي. هو نظر القلب في القرآن للوصول الى مقاصد الاية لان التدبر مأخوذ من الدبر وهو اخر الشيء. فينظر الانسان في الاية ليستنبط ما فيها من الاحكام والمعاني وهذه مرتبة رفيعة لا يصل اليها اي احد وانما يصل اليها من كانت له مكنة في علم التفسير اولا ثم ادمان للنظر في القرآن الكريم ثانيا مع شدة صلة به كما سيأتي بيانه في موضع اخر ولكن المقصود هنا هو الاشادة بالعناية بهدايات القرآن الكريم. وانه ينبغي للانسان اذا قرأ اية ان ينظر ما فيها من الهدايات من رمق ما تكلم به الاولون رأى من ذلك عجبا وللسيوطي كتاب نافع اسمه الاكليل في استنباط التنزيل ومما ذكره رحمه الله تعالى في تفسير سورة المسد في قوله تعالى وامرأته حمالة الحطب ان الشافعي رحمه الله تعالى استنبط ومنها تصحيح انكحة الكفار واقرارها كما هي لان الله عز وجل اضاف ام جميل الى ابي لهب وجعل لها امرأته وفي ذلك الاعلام بصحة نكاحهما مع كونهما كافرين اصلا. فمثل هذه المعاني لا تتأتى الا باعمال النظر في استخراج هدايات القرآن الكريم. ولا يقع للانسان لذة في علم التفسير وقراءة القرآن حتى يكون من اعظم شغله استنباط هدايات القرآن الكريم. وهذا هو اللائق ان تكون قراءتنا عليه. فنحن نقرأ القرآن الكريم لنستخرج منه المعاني والاوامر والاحكام التي امرنا الله سبحانه وتعالى بها. ولذلك جاء عن جماعة من السلف كالحسن البصري وغيره ان تدبر القرآن العمل به يعني النظر في نتيجة التدبر ثم امتثال ذلك بالعمل به. فهذه التسع التي ذكرنا هي المراتب التي من اخذ بها تلقى علم التفسير. ونعيدها مرة اخرى فنقول ان المرتبة الاولى هي ايش معرفة كليات الالفاظ في التفسير معرفة كليات الالفاظ في التفسير والمتن المرشح ايش حسن البيان للعلامة الابياري. والمرتبة الثانية ها الاخوان للجهة هذي دراسة غريب القرآن والمتن المرشح ها تحفة الاريب لابي حيان الاندلسي. والمرتبة الثالثة هاي الاخوان اللي هنا لا انت اجبت خل اخواني اللي وراه المرتبة الثالثة يا اخوان ايش معرفة كلمات القرآن. معرفة كلمات القرآن ولا تقل الفاظ القرآن. لان اللفظ عندهم يقع على الكلمة ذات المعنى المستعمل والمهمل فالاكمل ان تقول كلمات القرآن. كما قال الله عز وجل وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله فهو كلام الله ومفرد ذلك الكلام كلمات والمتن المعتمد فيها هو كلمات القرآن توظيح وبيان للعلامة حسنين مخلوف رحمه الله تعالى والمرتبة الرابعة دراسة الوجوه والنظائر القرآنية والمتن المعتمد فيها نزهة الاعين النواضل للعلامة ابي الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى. المرتبة الخامسة دراسة هدايات السور الاجمالية التي سماها المتأخرون مقاصد سور القرآن الكريم والمتن المعتمد فيها هو كتاب اغراض السور في تفسير التحليل والتنوير لابن عاشور وهو حقيق بان يسمى المقدمة العاشورية في مقاصد السور القرآنية والمرتبة السادسة دراسة مجمل التفسير والمتن المرشح فيها هو كتاب الجلالين للعلامة جلال الدين المحلي وتتمته لجلال الدين السيوطي والمرتبة السابعة دراسة تصريف القرآن الذي سماه المتأخرون متشابهوا القرآن والمتن المعتمد فيه هو كتاب كشف المعاني عن المتشابه من للعلامة محمد ابن ابراهيم ابن جماعة. والمرتبة الثامنة دراسة مفصل التفسير والمتن المعتمد فيه هو تفسير ابن جرير الطبري المسمى بجامع البيان والمرتبة التاسعة دراسة هدايات السور المفصلة الذي يسمى باحكام القرآن والمتن المعتمد فيه هو كتاب الجامع لاحكام القرآن للعلامة محمد ابن احمد القرطبي رحمه الله تعالى. فهذه المراتب التسع وفق المتون لها تتلقى بالدراسة على شيخ اما متمكن في علم التفسير او متمكن فيما تعلق به من العلوم كعلم القرآن او كلمات القرآن فيصلح ان تدرس على من له علم بلغة العرب وكلامهم. ومن اجتهد ان شاء الله تعالى سيجد من يقرأ عليه هذه الكتب التسعة التي سميناها. وينبغي على المتصدرين لافادة الناس في علم التفسير ان يأخذوا بهم في جادة مأمونة توصلهم الى فهم كلام الله سبحانه وتعالى. واما الكلام الانشائي في بيان معاني التفسير فانه لا يخرب مفسرين وتجد الطلبة ربما انفقوا وقتا مديدا في الدراسة الجامعية في دراسة التفسير فربما تخرجوا بعد سنين من الدراسة لم يدرسوا نصف القرآن في التفسير وانما درسوا سورا متفرقة ولاجل هذا صار حال الامة في علم التفسير ضعيفا ينبغي ان يأخذ الطالب بنفسه في سلوك هذه الجادة وان يعين المتصدرين في علم التفسير للاخذ بها لتحصيل كمال الانتفاع في تفسير كلام الله سبحانه وتعالى فهذه كتب تسعة في مراتب تسعة يؤخذ تلقيا عن الشيوخ. وكل هذه المراتب مندرجة في احدى القوتين التي تحصن بها العلوم. فان العلوم تحصل بقوتين. ذكرهما قدماء الفلاسفة اليونان ثم وسط المعنى ابو العباس ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم وغيره. فالقوة الاولى قوة الفهم. والقوة الثانية هي قوة الحفظ ولا يظنن امرئ انه يدرك علما من العلوم بلا حفظ. قال شيخ شيوخنا ابن مانع رحمه الله تعالى اجمع العقلاء على ان العلم لا ينال الا بحفظه. فكما ان الطالب يتلقى في علم التفسير مفهوماته انه لا بد ان يأخذ على نفسه في محفوظات تكون لديه ملكة تفسيرية اذا ضم اليها غيرها مما سنبينه في مجلس اخر باذن الله سبحانه وتعالى. فثمة جملة من الكتب التي يحسن ان يحفظها الطالب. فاولها وحسن البيان في نظم مشتركات القرآن لمن؟ للعلامة الابياري. وقد قال في اخره فاحفظ فديتك هذا النظم هذا النظمة ترقى الى اوج المعالي واظفر بالذي عسر فهو متن قيف نافع في كليات الالفاظ. كقوله مثلا وكل ريب فسروه بشك سوى ريب المنون الدهر ما خطر فتستفيد من هذه الاية تستفيد من هذه الكلية ان كل ريب فسر بالشك الا في ريب البنون في قوله تعالى ام يقولون شاعر نتربص به ريب المنوف ففسر بكيد الدهر يعني بتصريفه واحواله وخسر ايضا الموت فحفظ هذه المنظومة وهي في بضعة وستين بيتا يكون لدى المتلقي ملكة تفسيرية في فهم كثير من كتاب الله سبحانه وتعالى واما المحفوظ الثاني فهو البيان لما خفي معناه من القرآن. البيان لما خفي معناه من القرآن والذي يخفى معناه من القرآن هو الذي يسمى بالغريب الذي يسمى بالغريب وتقدم ذكر المتن فيه وانه كتاب تحفة الاريب للعلامة ابي حيان الغرناطي رحمه الله تعالى. الا ان هذا الكتاب مع جلالته وامامة مصنفه جعله على الاصول اللغوية. والوصول الى الاصول اللغوية يشق على المتلقين لذلك وضعه على السور القرآنية ربما خفي موضع الاية المراد في اي سورة في عسر الوصول اليه فعمدت اليه فرتبته على الاحرف الابجدية الابجدية باعتبار الكلمة دون النظر الى اصلها. ثم رأيت ان من البركة للمتلقى الا يقتصر على حفظ ما ذكره ابو حيان. بل ننظر الى اصول ذلك فنمده به فيحفظه الطالب ويقع له بذلك حفظ كثير من كلام السلف. فمثلا اول كلمة فيه اتوا قال اعطوا. وتفسير الكلمة موجود قبل ابي حيان بعدة قرون فانها رويت عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه وعبد الرزاق في تفسيره وابن ابي حاتم في تفسيره. فالاكمل والاكثر بركة للعبد ان يحفظها كلمة لابن عباس رضي الله عنهما واذا اطرد هذا فيما خفي معانيه من القرآن الكريم مما ذكره ابو حيان الاندلسي فانه يحصل للمتلقي فائدة زائدة عن حفظ معاني الغريب فهو يحفظ معاني الغريب ويحفظ القائلين بتفسيرها من القدماء من الصحابة والتابعين وهو عظيم النفع وهو الذي ينبغي ان يعتنى به في علم التفسير. فاذا رأيت كلاما من كلام المفسرين فابحث عن اصله لان معرفة اصول العلوم يسهل تصورها. فتجد هذا التفسير في كلام ابن عباس او في كلام ابن مسعود او في كلام من بعدهم من التابعين او اتباع ولا ريب ان علوم السلف اكثر بركة واقرب للصواب من علوم المتأخرين واما المتن الثالث فهو امداد المستشير باصول الاحاديث في التفسير. امداد المستشير باصول الاحاديث في التفسير وهو نظير كتاب بلوغ المرام للحافظ ابن حجر في الاحكام فان الايات قرآنية مفتقرة الى الاحاديث النبوية المتعلقة بها. فمثلا في تفسير سورة الفاتحة عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضلال. فان هذا الحديث رواه الترمذي الترمذي وهو اصل في تفسير اخر اية من سورة الفاتحة. فلا يحسن بطالب العلم الا يحفظ احاديث النبي صلى الله عليه وسلم تفسير ومثل حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عند احمد الذي ذكرته لكم كل حرف يذكر كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة. رواه احمد وصححه ابن حبان. فمثل هذه الاحاديث كيف يكون الانسان مفسرا وهو لا الاحاديث النبوية المتعلقة بعلم التفسير على وجه الخصوص. لان سنة النبي صلى الله عليه وسلم كلها بيان للقرآن وقد جمع مع السيوطي رحمه الله تعالى كتاب الدر المنثور فادخل فيه كل حديث ولو من وجه بعيد يتعلق بالاية وليس هذا هو المراد الاعظم في احاديث التفسير وانما المراد الاعظم في احاديث التفسير ذكر ما تعلق بالاية على وجه الخصوص وهذا الكتاب كنظيره السابق فعسى ان يخرج هذه السنة في عالم المطبوعات. واما المتن الرابع فهو الفية ابن العالم الادرار الجزائري المتوفى سنة الف ومائتين وعشرين. وهذه الالفية احسن الالفيات المصنفة في ما يتعلق بتفسير القرآن الكريم لان الغالب على المصنفين في تفسير القرآن الكريم نضمن اعتناؤهم بالغريب. واما هو فانه اعتنى بالغريب على وجه بديع وزاد الابداع ابداعا فنظم الوجوه والنظائر القرآنية. وجعل منظومته ثلاثة اقسام في القسم الاول في الغريب المتكرر في ايات القرآن الكريم لا في سورة بعينها. والقسم الثاني في الغريب المتعلق بسورة مفردة وجاء به على ترتيب المصحف والقسم الثالث في اه بيان الوجوه والنظائر القرآنية و هذا هذه الالفية عليها شرح اسمه ضياء المعالم في شرح الفية ابن العالم لعلامة محمد بايب العالم رحمه الله تعالى ولعله توجد نسخة من هذا الشرح في مكتبة المسجد النبوي لانه رحمه الله تعالى كان حريصا على امدادها بالكتب التي في التفسير والفقه وغيره من العلوم. فهذه المتون الاربعة هي التي يحسن حفظها مع دراسة كتب التسعة فمتى استوفى الانسان دراسة هذا العلم على هذا النسق فانا كفيل له بان يكون علم في التفسير على وجه قل وجدانه في المتأخرين للجهل بالطريق. وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى والجهل الطريق وافاتها والمقصود يضيع العمر مع تعب كثير وفائدة قليلة. فتجد من الطلبة من يذكر لك كانه قرأ تفسير الجلالين ثم قرأ تفسير ابن سعدي ثم قرأ تفسير ابن كثير ولكنه لا يحمل شيئا من فهم معاني القرآن كما يريد. وجواب ذلك انه اخذ علم التفسير على غير وجهه الذي ينبغي تلقيه. فاذا اخذه على وجهه الذي ينبغي تلقيه فانه يصل الى منيته ومبتغاه منه. وربما ازي الانسان من عمره في بادراك هذا سنوات ولكنها سنوات عظيمة في علم عظيم. وكثير من الطلبة اذا ارادوا ان يتلقوا علم الاعتقاد او علم الفقه بل علم النحو وعلم الاصول سألوا عن كيفية الترقي فيه فنعت لهم ذلك. واما التفسير وهو اجل العلوم واعظمها فتجد ان نظرة الطلاب اليه نظرة استظعاف لهم فهو علم قد تقوى عليه كل احد فما من احد منهم الا ويحشد في مكتبته جملة من التفاسير ثم يأخذ من هذه التفاسير ويقرأ ويقول افهم تفسير القرآن الكريم لكن لو اريد منه ان يتكلم في معاني القرآن الكريم فانه سينفق وقتا طويلا للتحضير فاينما وقر في من علم التفسير ما ذلك الا اشياء من الخيالات. وقرت في عقله فتبدى له ان عنده علما في التفسير ليس الامر كذلك فينبغي ان يأخذ طالب العلم خاصة بل كل مؤمن في هذه الطريق التي توصله الى علم التفسير وتأخذه بامانة اليه. ولكنني اقول لكم ان الطالب بعد اخذه بهذه الكتب تكون له تكون له معرفة بعلم التفسير. واما كينونته مفسرا ذا قدرة على الاستنباط بما لم يأتي به الاوائل. فان هذه ليست كفيلة له بذلك. وانما يحتاج الى امداد نفسه بانواع من المدد كي يكون مفسرا للقرآن الكريم كما يوجد اليوم من يعرف الفقه لكنه ليس فقيها وانما يحيط بمذهب من المذاهب وكان ابو محمد ابن عبد سلام يسمي هؤلاء فروعيين ولا يسميهم فقهاء. لان الفقيه هو الذي يخرج النوازل الواقعة على الاصول متكررة واما الذي ينقل ما في الكتب او ما عليه الفتوى فان هذا لا يسمى فقيها كما ينبغي ان يكون الفقيه وان انما هو فروعي يحفظ فروع مذهبه او ما افتى به شيوخه. فربما يسأل مثلا عن حكم قراءة الخطبة في الجمعة فيقول الفتوى على جوازها لكن ان اريد منه اصل تخرج عليه هذه النازلة مما لم يكن قبل لم يجد في مدونة علمه في علم الفقه شيئا. واما الفقيه فانه يخرجها على الاثار الواردة في قراءة القرآن الكريم للمصحف في صلاة التراويح وهي قد وقعت في عهد الصحابة فمن بعدهم والخطبة اهون من الصلاة. فكذلك المفسر الكامل ليس هو الذي يعرف ما قال فلان او قال فلان او نحو ذلك. وانما المفسر على الحقيقة من يلاحظ معاني القرآن الكريم فيستنبط في ما لم يقل به احد من قبله ولكنه استنباط صحيح لان القرآن يشهد له بالصحة. ولا ينبغي ان يقرأ القرآن الكريم على تصور انه يفهمه. بل ينبغي له ان يقرأه على تصور انه ان فهم منه شيئا فقد غاب عنه اشياء لانه كتاب الله سبحانه وتعالى ولا يحيطون به علما ومهما بلغ علم الانسان فانه اذا صدقت نيته يتجدد له من المعاني في كل اية يقرأها كل يوم ما لم يكن يظهر له من المعاني السابقة ولكن بشرط صدق اعمال النظر فيه مع اكتمال الالة التي سنذكرها ان شاء الله تعالى غدا والتي يتهيأ بها بناء ملكة فان هذا الذي ذكرنا انما يترقى به الانسان في كيفية تلقي علم التفسير. واما بناء ملكة المفسر فوراء ذلك الات وعلمية متى استوفاها الانسان؟ كان مفسرا. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا جميعا فهم كتابه. وان يجعلنا من اهل وحزبه وان يعلمنا منه ما جهلنا وان يذكرنا منه ما نسينا. والحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين