السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي جعلني العلم ان الحمد لله الذي جعل العلم للخير اساس الصلاة والسلام على محمد المبعوث رحمة للناس وعلى اله وصحبه الصفوة الاكياس اما بعد هذا المجلس الاول في شرح الكتاب الاول من برنامج اساس العلم بسببه الاولى مدينته الاولى مدينة الدمام والكتاب المقروء فيه هو فضل الاسلام بامام الدعوة الاصلاحية في جزيرة العرب في القرن الثاني عشر الشيخ محمد ابن عبد الوهاب ابن سليمان التميمي رحمه الله المتوفى سنة ست بعد المائتين والالف نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد اللهم اغفر من شيخنا والحاضرين وانصر المسلمين في كل مكان. قال الامام محمد ابن محمد ابن عبد والزامن رحمه الله تعالى في كتابه فضل الاسلام. بسم الله الرحمن الرحيم. وبه نستعين اثبات فضل الاسلام. مقصود الترجمة بيان فضل الاسلام وهو ما اختص به من المحاسن واصل الفضل الزيادة وذكر المصنف رحمه الله تعالى فضل الاسلام قبل بيان حقيقته ومعناه لان العرب اذا شهر بينها المقصود وعرف بينت فضله وذكره اشار الى هذا ابو الفضل ابن حجر في كتاب العلم وفتح الباري. فلما كان الاسلام مقصود المعنى معروفا عند المخاطبين قدم المصنف رحمه الله تعالى بيان فضله واخر في ترجمة مستقبلة ما يتعلق ببيان حقيقته ومعناه في الشرع نعم وقول الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وقومه تعالى قل يا ايها الناس ان كنتم في شك من فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله الا وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله. وامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ومثل اهل الكتابين كمثل رجل استأجر او جرى. فقال من يعمل لي عملا من قدوة الى في النهار على فراق فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من نصف النهار الى صلاة ثم فانتم هم فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ما لنا اكثر عملا واقل قال هل نقصتكم من من اجركم شيئا؟ قالوا لا. قال ذلك فضلي اوتيهم من اشاء وفيه ايضا عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امن الله عليه الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يهم السبع والنصارى يوم الاحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة من اهل الدنيا والاولون يوم القيامة. اخرجهم اخرجه البخاري طريقنا للنبي صلى الله عليه وسلم انه قال احب الدين الى الله الحليفية السمحة وعن ابي ابن كعب قال عليكم بالسبيل والسنة فانه ليس من عبد على سبيل وسنة لكن ذكر الله فاضت عيناه. ففاضت عيناه من خشية الله وتمسه النار. وليس من عبد على سبيل وسنة نشر الرحمن فاخشوا فاخشعوا جلده. فاخشع وجلده من مخافة الله تعالى الا كاف مثل شجرة يابس ورفها الا تحاتكت عنه ذنوبه اما تحدثت عن هذه الشجرة ورقها. وان اقتصادا في سنة خير من اجتهاد في خلاف في سبيل وسنة وعلى ذي الزلزال رضي الله عنه قال يا حبذا لهم الناشئات كيف يغضوا كيف يغضبون فهوى الحمقى وصومهم اعظم وافضل وارجح عند الله من عبادة المغتربين ذكر المصنف رحمه الله تعالى لتحقيق مقصود الترجمة ثمانية ادلة والدليل الاول قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم الاية ودلالته على مقصود الترجمة من ثلاثة وجوه اولها في قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم فدينهم الاسلام وهو كامل بتثمين الله عز وجل له وبلوغ الكمال فضل وكون المكمل هو الله سبحانه وتعالى غاية الفضل وثانيها في قوله تعالى واتممت عليكم نعمتي واجل نعمته هو الاسلام كما قال الله سبحانه وتعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم فالصراط المدفون في الاية هو الاسلام ثبت تفسيره به عند احمد في المسند بسند حسن من حديث النواس ابن سمعان وثالثها في قوله تعالى ورضيت لكم الاسلام دينا فهو الذي رضيه سبحانه وتعالى لنا دينه وما عداه فمسقوط عليه ففي التنزيل قوله تعالى ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين الدليل الثاني قوله تعالى قل يا ايها الناس ان كنتم في شك من ديني الاية ودلالته على مقصود الترجمة في قوله من دينك وهو الاسلام مع قوله اعبد الله فمن فضل الاسلام ان المعبود فيه هو الواحد الاحد لان الانسان يشتمل على ضرورة نفسانية لا يلتئم شعثها ولا تندفع جوعتها الا بكون المعبود المعظم للعبد هو الله وحده لا شريك له ومن عبد غير الله عز وجل لم يزل متفرق الهم متبددة النفس غير مطمئن القلب ابدا وهذا من فضل الاسلام اذ المعبود فيه واحد هو الله عز وجل والدليل الثالث وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته الاية ودلالته على مقصود الترجمة في قوله يؤتكم كثنين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم فمن اتقى الله وامن برسوله صلى الله عليه وسلم فكان مسلما فان الله سبحانه وتعالى يؤتيه كفلين من رحمته ويجعل له نورا يمشي به في الناس ويغفر له فمن فضل الاسلام تحصين المذكورات من الاجور العظيمة والكسلان من الرحمة هما رحمة الدنيا ورحمة الاخرة فمن فضل الاسلام جريان ذلك جزاء للعبد في الاولى والاخرة بسبوغ رحمة الله عز وجل عليه وهذا التفسير هو الموافق لسياق الايات واما القول الاخر المتضمن كون ذلك في حق من كان من اهل الكتاب ثم امن بالنبي صلى الله عليه وسلم فيؤتى اثنين من الرحمة اي حظين منها احدهما لكونه امن بنبي من قبل ثم امن بنبي من بعد فهذا يدفعه سياق الايات. وان ورد في معناه احاديث نبويات ومتى اقتضى السياق ترجيح وجه في التفسير على غيره وجب المصير اليك فان من قواعد رعاية السياق في الاية القرآني ان السياق يبين المراد من الكلام بحل المشكلات وبيان المجملات ودفع المغلقات ذكره ابو محمد ابن عبد السلام في كتاب الامام فبملاحظة سياق الايات بعين الرعاية علم ان الفتنين من الرحمة المرادين في الاية هما كفلان من الرحمة لمن امن بالنبي صلى الله عليه وسلم سواء تقدم ذلك منه ايمان لاحد من الانبياء قبله او كان احدا لم يعرف الا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والدليل الرابع حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثلكم ومثل اهل الكتاب الحديث رواه البخاري وهو مقصود المصنف في قوله وفي الصحيح والغدوة بظم الغين اول النهار بين صلاة الفجر وطلوع الشمس والقيراط هو النصيب وهو في الاصل نصف ثلث الدرهم ذكره الجوهري من ائمة اللغة وابو الوفاء ابن عقيل من ائمة الحنابلة رحمهم الله ودلالته على مقصود الترجمة في قوله فذلك فضلي اوتيه من اشاء فان صاحب الدار جعل فضله لمن عمل بعد العصر الى غروب الشمس فاعطاه قيراطين فكان اقل عملا واكثر عطاء وهذا مثل ضرب لهذه الامة في اخر الامم كما ان ما بعد العصر اخر النهار فقد سبقتنا اليهود والنصارى وجودا وسبقناهم اجورا والدليل الخامس حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اضل الله عن الجمعة من كان قبلنا الحديث اخرجه بهذا اللفظ مسلم وهو عند البخاري بمعناه ودلالته على مقصود الترجمة في قوله نحن الاخرون من اهل الدنيا والاولون يوم القيامة فنحن الاخرون في الدنيا بعد الامم فهذه الامة هي الامة السبعون في تعداد الامم التي وطئت الارض ثبت بذلك الحديث عند الترمذي من حديث معاوية بن حيدث رضي الله عنه باسناد حسن ومع تأخر هذه الامة وجودا الا انها تسبق بالفضل والاجر من كان قبلها من الامم في الاخرة فتكون هذه الامم اول الامم السابقة الى الجنة فهي اول امة تدخل الجنة من الامم وتكون الامم تابعة لها وانما فضلت هذه الامة بالاسلام فدل ذلك على قول الاسلام والدليل السادس حديث احب الدين الى الله الحنيفية السمحة وهو كما عزاه المصنف في الصحيح معلقا فقد رواه البخاري في صحيحه على صورة التعليق والحديث المعلق اصطلاحا ما سخط فوق مبتدأ اسناده من المصنف واحد او اكثر ما سقط فوق مبتدأ اسناده من المصنف واحد او اكثر وهذا الحديث على هذه الصورة عند البخاري فان البخاري قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم احبوا الدين الى الله الحنيفية السمحة فاسقط البخاري شيخه ومن فوقه الى النبي صلى الله عليه وسلم ووصله باسناده في كتابه الادب المفرد من حديث عبدالله ابن عباس باسناد ضعيف ويروى هذا اللفظ من حديث جماعة من الصحابة من وجوه يقطع الناظر فيها بحسن الحديث بمجموع طرقي وبه جزم الحافظ العلائي رحمه الله تعالى فهو حديث حسن بمجموع طرقه ودلالته على مقصود الترجمة من وجهين احدهما ان دين الاسلام عنيف في الاعتقاد تمح في العمل والحنيفية هي الاقبال على الله والسماحة هي السهولة واليسر وهما من شواهد فضل الاسلام لان الدين المحاط باقبال في باب قبره ويسر في باب طلبه دين له فضل عظيم والاخر انه احب الدين الى الله عز وجل ومحبة الله عز وجل له دالة على عظمته لان الله عظيم والعظيم لا يحب الا عظيما فلما كان دين الاسلام هو احب الاديان الى الله عز وجل علم عظم فضله وشرفه وعلو شؤوه والدليل السابع حديث ابي بن كعب رضي الله عنه موقوفا من كلامه قال عليكم بالسبيل والسنة الحديث فوجب ابن المبارك في كتاب الزهد وابن ابي شيبة وابن ابي شيبة في المصنف وفي اسناده يوضع وتمام قول ابي رضي الله عنه فانظروا اعمالكم فان كانت اقتصادا واجتهادا ان تكون على منهاج الانبياء وسنتهم ودلالته على مقصود الترجمة من وجهي احدهما ان الاسلام يحرم العبد على النار لقوله فانه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن تفاضت عيناه من خشية الله فتمسه النار ان يبعدوا ان تمسه النار لاجل هذا والاخر انه يمحو ذنوب العبد كما في قوله وليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الله تقشعر جلده من خشية الله الا كان مثله مثل شجرة الا كان مثله مثل شجرة يابس ورقها فبينما هي كذلك اذ اصابتها ريح فتحات عنها والقوها الا تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن هذه الشجرة ووقوها وهذان الامران وهما محو الاسلام الذنوب عن العبد وتحريمه على النار دال على فضل الدين الموجب لهذا الجزاء فان جلالة الجزاء مفصحة عن جلالة العمل المؤدي اليه ففيه فضل الاسلام وهذان المعنيان المذكوران في الاثر مستقران شرعا من وجوه كثيرة من الايات البينات والاحاديث النبويات الا ان المصنف رحمه الله تعالى عدل عن اولئك الايات والاحاديث مع كثرتها وشهرتها تنبيها الى المقام الاعلى المقتضي فصول ذلك الجزاء وهو كون ذلك الاسلام الذي يرجو به العبد نحو ذنوبه وتحريمه على النار هو الاسلام الكامل. الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وهو المشار اليه في قول ابي ابن كعب رضي الله عنه على سبيل وسنة فكمال محو ذنوب العبد وتحريمه على النار بحسب تكبيره دينه الذي يدين به وفق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من شفوف نظر المصنف رحمه الله تعالى ما لفقهه اذ عدل عن جمهرة الادلة الموجبة للمعنى المذكور الى هذا الاثر تنبيها الى ان المقصود من تلك الادلة ليس اي اسلام يدعى وانما هو اسلام مخصوص وهو الاسلام الكائن على السنة المنبه اليه في قول ابي ابن كعب على سبيل وسنة والدليل الثامن حديث ابي الدرداء رضي الله عنه موقوفا من كلامه يا حبذا نوم الاكياس الحديث اخرجه ابن ابي الدنيا في كتاب اليقين واول عين الاصبهاني في حرية الاولياء وفي اسناده ضعف ايضا ودلالته على مقصود الترجمة ما فيه من ان عمل البر مع حسن اسلام العبد بتقوى ويقين ومكانة دين يضاعف به اجر عامله تقليل عمله قيظ من عبادة المغترين ممن كثر عمله وقل اجره لفقد الاحسان منه فالاول المحسن يفطر نهاره ويقوم ليله والاخر وينام ليله والاخر يصوم نهاره ويقوم ليله ثم يكون السبق للاول فيقبل الثاني ويحصل له الاسى اذ تقدمه الاول عند ربه والغبن فوات الشيء والغفلة والغفلة عنه مع القدرة عليه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم عند البخاري من حديث ابن عباس في مطلع كتاب الرقاب نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الحديث ان يلحقوا الناس فيهما فوات مقصودهم منها ويغلب عليهم عدم انتفاعهم بها مع قدرتهم على ذلك فلما فقد من عمل الثاني الاحسان فيه بكونه على الاسلام والسنة ولم تقع اعماله كذلك بل جاءت غير مستقيمة فحينئذ طار قليل صار كثير عمله موجبا قلة اجره فخلاف الاول الذي عمل قليلا لكن جاء عمله وفق السنة فاجر كثيرا ومن مغاني المعاني في نونية ابن القيم قوله والله لا يرضى بكثرة فعلنا لكن باحسنه مع الايمان فالعارفون مرادهم احسانه والجاهلون عموا عن الاحسان اليس المقصود ان تعمل لله فحسب بل المقصود ان تعمل لله وحده محسنا عملك واحسان العمل بتصيره على الوجه الاكمل واتم وجوه اداء العمل كونه موافقا للسنة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن اراد ان يرى البرهان الساطع والفيصل في تحقيق عظم الثواب مع قلة العمل وقلة الثواب مع كثر العمل فلينظر الى البين الواقع بين الصحابة في الصدر الاول وبين اضدادهم من الخوارج. فان الصحابة عملوا قليلا على سبيل وسنة فسبقوا وعمل وعملت الخوارج كثيرا حتى شهروا بالعبادة لكنهم جعلوا كما ثبتت في الاحاديث كلاب النار. فلم تنفعهم كثرة اعمالهم لفقد الاحسان من فلا ينبغي للعبد ان يغتر بكثرة عمله ولا يبذل المديح لاحد بكثرة العمل حتى يكون عمله وعمل وعمل غيره ممن قصد مدحه على سبيل وسنة فان القليل مع الاحسان كثير عند الواحد المنان سبحانه وتعالى. فنسأله عز وجل ان يرزقنا جميعا الاحسان في اعمالنا نعم بعد وجوب الاسلام مقصود الترجمة بيان حكم الاسلام وانه واجب والاسلام هنا هو الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم والمراد بايجابه مطالبة الخلق بالتزام احكامه والمراد بايجابه مطالبة الخلق بالتزام احكامه في الخبر والطلب وقول الله تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فمن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين وقوله تعالى الآية وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرقا الاية وان كفر رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من احدث في امرنا هذا ما ليس منه وللبخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل امتي يدخلون الجنة الا من ابى. قيل ومن يأبى؟ قال من اقامي دخل الجنة وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ومطلب دم امرئ بغير حق ان يحرق دمه. قال شيخ الاسلام ابن تيمية تقدس الله روحه. قوله سنة جاهلية تجد فينا كل جاهلية مطلقة او مقيدة اي في شخص دون شخص كتابية او وثنية او غيرهما من كل مخالفة لما جاءت به المرسلون. وفي الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال يا معشر استقيموا فان استقمتم فقد سبقتم صدقا بعيدا. فقد صدقتم. فقد كنتم سبق البعيد فان اخذتم يمينا وشمالا فقد ضللتم ضلالا بعيدا. وعن محمد ايها الظاحي انه كان يدخل المسجد فيقف على الحنح فيقول فذكر وقال انبال ابن عيينة عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال قال عن مسروق قال عبد الله الله عنه ليس عام الا والذي بعده شر منه لا اقول عام اخصب من عام ولا امير خير منا امير لكن ذهاب علمائكم وخياركم ثم يحدث اقوام ثم يحدث اقوام يقيس الامور بارائهم فينهدم الاسلام ويسلم ذكر المصنف رحمه الله تعالى لتحقيق مقصود الترجمة ثمانية ادلة فالدليل الاول قوله تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فمن يقبل منه. الاية وجلالته على مقصود الترجمة ما فيه من الوعيد لمن يدين بغير دين الاسلام فترك دين الاسلام وابتغى سواه دينا والوعيد الموجب للخسران لا يكون الا على ترك واجب والمتروك المتوعد عليه هو الاسلام فعلم ان ابتغاء والمتروك المتوعد عليه هو الاسلام فعلم ان ابتغاء غير الاسلام مع ترك الاسلام موجب للعقوبة فيكون الاسلام واجبا لاجل الوعيد على تركه والدليل الثاني قوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام ودلالته على مقصود الترجمة ان العبد مأمور بان يلين لله بدينه والدين المرضي عند الله عز وجل المطلوب من العبد التخلق به وامتثاله هو دين الاسلام فلا يكون المرء عابدا لله الا بالاسلام فلما توقفت العبادة على الدينونة بالاسلام دون غيره علم ان الاسلام واجب لانه لا يمكن لامريء ان يعبد الله الا بهذا الدين والدليل الثالث قوله تعالى وان هذا صراطي مستقيما الاية ودلالته على مقصود الترجمة من وجهين احدهما في قوله تعالى فاتبعوه اي اتبعوا الصراط المستقيم وهو الاسلام كما مر والامر باتباع دال على الايجاب لان الوضع الشرعي واللغوي دل على ان الامر حيث ورد بالادلة الشرعية فموقعه الايجاب ما لم يدل دليل اخر على خروجه من الايجاب الى سواه كاستحباب او اباحة ونحوهما والاخر في قوله تعالى ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله فهو نهي عن اتباع غير سبيل الله والنهي يتضمن الامر باتباع سبيل الله. اذ لا يمكن العدول عن السبل الا بان يسلك المرء تبينا معينا وذلك السبيل المأمور بسلوكه هو دين الاسلام فتوقف اجتنام السبل المنهي عن اتباعها على اتباع دين الاسلام فعلم ان دين الاسلام واجب وذكر المصنف رحمه الله في تفسير السبل قول مجاهد رحمه الله تعالى البدع والشبهات اخرجه الدارمي في سننه بسند صحيح ولا تختص السبل بالبدع والشبهات وانما ذكر هذا الفرد دون بقية افراد السبل لانه اكثرها وقوعا واشدها شيوعا وتعلق النفوس بها سريع وتير فلما كانت البدع والشبهات على هذا النحو من نسوقها بالنفوس ذكرت دون بقية الافراد فقوله تعالى ولا تتبعوا السبل يعم كل سبيل غير سبيل الله سبحانه وتعالى وقول مجاهد رضي الله عنه السبل البدع والشبهات من باب ذكري طرد من افراد العام لمعنى اختص به والمعنى المستكن في هذا التفسير هو ان البدع والشبهات هي اكثر ما يعرض للنفوس فتتهافت عليه وتلتصق بها ومن مقالات الادباء المشتهرة قولهم البدعة شرك الشرك اي حبالته التي توصل اليه فان المرء لا يخرج من دين الاسلام الا ان تعرض له شبهة تنقله من السنة الى البدعة فاذا تمادت به نقلته من البدعة الدائرة في الاسلام الى الكفر بالله عز وجل عياذا بالله من ذلك والدليل الرابع حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد اخرجه البخاري ومسلم وهما المقصودان بقول المصنف اخرج فالتثنية المذكورة عند عزم الاحاديث منصرفة اتفاقا لاصطلاح اهل العلم الى ارادة البخاري ومسلم دون غيرهما واللفظ الذي ذكره المصنف مفردا من عمل عملا ليس عليه امرنا هو عند هو عند مسلم وحده وعلقه البخاري في صحيحه ودلالته على مقصود الترجمة هو ان المحدث في الدين مردود منهي عنه وعلم بذلك ان المقبول هو الكائن في الدين فما كان محدثا خارجا عن الدين فانه ساقط مطرح وما كان من الدين فهو مقبول والمقبول مأمور به فيجب اتباع ديني الاسلام والدليل الخامس حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل امتي يدخلون الجنة الا من ابى الحديث رواه البخاري في صحيحه ودلالته على مقصود الترجمة من وجهين احدهما في قوله من اطاعني دخل الجنة فاستحقاق الجنة متوقف على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من جملة المأمورات واجل مأموراته صلى الله عليه وسلم لنا ان ندخل في الاسلام وندين به فدل على وجوب الاسلام بتعلقه باعظم المأمورات النبوية التي علق استحقاق الجنة على اجودها والاخر في قوله ومن عصاني فقد ابى ومن عصيانه صلى الله عليه وسلم الاعراض عن الاسلام واستحقاق دخول النار يكون بالاعراض عنه ولا تستحق النار الا على ترك واجب فدل هذا على وجوب الاسلام لتوقف استحقاق النار على تركه والدليل حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ابغض الناس الى الله ثلاثة. الحديث اخرجه البخاري وحده وهو المقصود بقول المصنف وفي الصحيح ودلالته على مقصود الترجمة في قوله صلى الله عليه وسلم ومبتغ في الاسلام سنة الجاهلية وسنة الجاهلية هي كل ما خالف ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ما نسب اليها فهو محرم وهذا من الدلالات الشرعية بالنصوص فما اضيف الى الجاهلية من قول او فعل فهو محرم شرعا وطلبوا سنن الجاهلية بالاسلام موجب بغض الله عز وجل للعبد ولا يكون بغضه الا على ترك محرم فاذا كان ابتغاء سنن الجاهلية بالاسلام مبغضا محرما فان مقابله من ابتغاء سنن الاسلام فيه واجب مأمور به وسنن الاسلام هي شرائعه من الفرائض والنوافل والوصول اليها متوقف على ابتغاء دين الاسلام فانه لا يتمكن العبد من القيام بشرائع الاسلام حتى يكون مسلما علم بذلك ان دين الاسلام واجب والدليل السابع حديث حذيفة رضي الله عنه قال يا معشر القراء استقيموا الحديث اخرجه البخاري من كلام حذيفة موقوفا عليه وزيادة محمد ابن وضاح هي عنده في كتاب البدع والنهي عنها واخرجه من هو اجل منه واقدم وهو ابن ابي شيبة في كتاب المصنف والعزو الى الاقدم مقدم فابن ابي شيبة اقدم زمنا واعلى اسنادا من ابن وضاح. فعجو الزيادة اليه على قواعد المحدثين اولى واحرى واسناد هذا الاثر صحيح بزيادته ايضا تبعا لاصله ودلالته على مقصود الترجمة في قوله رضي الله عنه استقيموا مع قوله فان اخذتم يمينا وشمالا فقد ضللتم ضلالا بعيدا فالقراء في عرف السلف اسم للعلماء العاملين بدين الاسلام وسبقهم هو بالدخول في الجنة ولا يكون الدخول في الجنة الا بالاسلام فلما توقف حصول السبق على الاسلام علم ان السبب الذي وقف عليه السابق انه واجب وهذا الاثر ذهب ابو الفضل ابن حجر بفتح الباري الى ان الجملة الاولى منه مرفوعة حكما وهي المتضمنة لذكر تبقي الاولين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لانها تتضمن حكما مستقبلا غيبيا فالجزم بحصول تبقن بالثواب او تخلف بالعقاب غيب لا يمكن الا بوحي صادقين فحذيفة لم يستفد سبق اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الا بخبر منه. والا لم تكن له قدرة ان يخبر عن غيب برأيه فان الصحابة اولى الناس تنزيها من جريان السنتهم بالقول بشيء لا علم له به فما اخبروا عنه من غيب لا يقال من قبل الرأي قيل فيه هو من هو موقوف لفظا مرفوع حكما قال العراقي في الفيته وما اتى عن صاحب بحيث لا يقال رايا حكمه الرفع على ما قال في المحصول نحو من اتى فالحاكم الرفع لهذا اثبت. فيكون قوله رضي الله عنه فقد سبقت تبقى من المرفوع حكما وان كان موقوفا لفظا ولو قيل ان الاثر بجملتيه معا هو مرفوع حكما لم يبعد ذلك فان الجملة الثانية لها شواهد ناطقة بمعناها من الحديث النبوي والدليل الثامن حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه ليس عام الا والذي بعده ترمي الحديد والقول فيه كالقول في سابقه فهو موقوف لفظا مرفوع حكما لانه غيب واسناده ضعيف وروي عند الطبراني من وجه اخر ضعيف ايضا وعند يعقوب ابن شيبة من وجه ثالث اخر ضعيف يحصل بمجموعها القطع بتقويته وانه حسن عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه فمجموع الطرق يقضي بحسنه وفي البخاري عن الزبير ابن عدي احد التابعين قال اتينا انس ابن مالك فشخونا له ما نلقى من الحجاج فقال اصبروا فانه لا يأتي عليكم عام الا الذي بعده شر منه. سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم. وهذا شاهد لقول ابن ابن مسعود ليس عام الا والذي بعده تنظر منه ودلالته على مقصود الترجمة في قوله ولكن ذهاب علمائكم وخياركم ثم يحدث قوم يقيسون لرأيهم فينهدم الاسلام ويسلم الشر يتزايد بهدم الاسلام وتلمه والسلم هو الخلل وذلك بذهاب العلماء والاخيار وضده وهو تقوية الاسلام وبقاؤه لا يكون الا بحفظه بالوجوه التي جاء الشرع ببيانها في حراسة الدين واكد تلك الوجوه هو امتثال الاسلام جميع هو امتثال الناس جميعا بالتزام احكامه فدل ذلك على وجوب الاسلام لتوقف حصول الخير وبقاء قوة الدين الذي يدينون به بالتزامهم احكامهم فانه اذا شهر بينهم التزام الاحكام قوي الاسلام واذا ضعف التزامهم احكام الاسلام ضعف الاسلام بينهم والتزام احكام الاسلام على درجات واعلى مقامات التزام الاسلام في حراسة الدين يكون بطلب العلم ونشره ومده واشاعته وتبليغه فان العلم بالاحكام المراد التزامها لا يمكن الا ببث العلم وتبليغه ونشره واعانة الخلق عليه ومساعدتهم فيه فاذا وجد ذلك بقي الاسلام قويا عزيزا واذا فقد ذلك في ارض ضعف الاسلام وعند الدارمي بسند صحيح عن عبد الله ابن مسعود عن محمد ابن شهاب الزهري احد التابعين قال كان من مضى من علمائنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة والعلم يقبض قبضا سريعا تنعش العلم ثبات الدين والدنيا وذهاب ذلك ذهاب الدين والدنيا فاذا نعش العلم باحيائه بين الخلق وبث فيهم قويت بيضة الاسلام وعلت درجته وصارت له هيبة وجلالة. واذا فقد ذلك من الخلق ذهب الدين والدنيا مع وهذه الخولة العظيمة دالة على ان سعي احدنا التماس العلم طيبه وجمعية مع وجود النية في بثه وتبليغه من اعظم وجوه نصرة الاسلام وان الاسلام لا ينصر بمثل هذا ومن يظن ان الجلوس في حلق العلم والورود على مناهله والنهي منها انصراف عن نصرة الاسلام واشتغال بامور غيرها اولى منها فهذا من الجهل العظيم بدين المسلمين فان الناس التكالى صيحات الجرحى لا تمحى الا بان تتحمل ذلك نفوس تعلم احكام الاسلام علم اليقين فان من ضعف علمه وقلت معرفته بالدين ضعفت نصرته له على الحقيقة وليست النصرة في حماسة فياضة ولا خطبة رنان ولكن اسرته في تبيين احكامه للناس حتى يعبد الله عز وجل على بينة فمتى قوي هذا المعنى بنفوس الخلق؟ ونعش العلم بينهم غضا طريا حافلا مقبلا عليه رويت الدين والدنيا معا واذا ذهب العلم ذهب الدين ومن المعلوم ان اول فتنة وقعت في الارض نشأت من ذهاب العلم وهي الشرك الذي كان في قوم نوح فان عبادة الصالحين فيهم مبدأها من ذهاب العلم في صحيح البخاري عن ابن عباس لما ذكر خبر اولئك الخمسة قال فلما نسي العلم عبدوا من دون الله عز وجل وفي رواية تشويهني لصحيح البخاري فلما نسخ العلم عبدوا من دون الله عز وجل فاذا ضعف العلم في النفوس تكاثرت البدع وشاعة المحرمات وتسارع الناس الى الوقوع في المكفرات جهلا منهم فلا سبيل الى اخراجهم مما عرة هذه الويلات الا بعلم بين يهديهم ويرشدهم الى سواء السبيل الجلوس في حلق العلم جلوس في مقامات المجاهدين بل هذا اعظم الجهاد كما قال ابن القيم لان القائم به قليل والمساعد عليه اقل وفي التنزيل قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين فان النافرة هي المجاهدة والقاعدة هي التي تطلب العلم في اصح قول اهل العلم بالتفسير وليس للمجاهدين فضل الا برجوعهم الى القاعدين الذين يبينون لهم الدين ويبلغونهم فالقعود في طلب تبيين الدين من اعظم الزاد للمجاهدين ولا فضيلة للمجاهدين الا بتعليم المعلمين وقعود تلك الطائفة في المساجد تلتمس العلم مما امر الله عز وجل به في هذه الاية ولكن اكثر الخلق عكس القضية فجعل الجلوس لحفظ الدين وتعليمه وتبليغه قعودا عن الجهاد. مع انه عكس ما جاء في القرآن الكريم فينبغي للانسان ان يشهد هذه النية في قلبه وان يعلم ان تصديره نفسه في مقامات تعلم الدين وبثه من بعده وتبليغه الناس انه من الجهاد الذي من الله سبحانه وتعالى ثوابه. نسأله سبحانه ان يرزقنا الجهاد في سبيله نعم باب تفسير الاسلام. مقصود الترجمة بيان حقيقة الاسلام ومعناه والاسلام الشرعي له معنيان احدهما عام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله والاخر خاص وله معنيان احدهما الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم فان كل ما جاء به يسمى اسلاما ومنه حديث بني الاسلام على خمس الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما فكل فرض من تلك الافراد مندرج في حقيقة عظمى هي الاسلام هو الاخر كرائع والاخر الشرائع والاعمال الظاهرة فانها تسمى اسلاما ويظهر ذلك المعنى اذا قرن الاسلام بالايمان والاحسان فيكون المراد بالاسلام بينهن الاعمال الظاهرة فصار الاسلام يطلق على ثلاثة اطلاقات اثنان منهما يشتركان في معنا فاصل والاخر ينفرد بالعموم فتسمى الاعمال الظاهرة في الصلاة والحج وغيرهما اسلاما وفوق هذا اي يسمى الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم اسلاما وفوق الاثنين المعنى العام وهو ان كل استسلام لله بالتوحيد وانقياد له بالطاعة وبراءة من الشرك واهله يسمى اسلاما ولهذا اذا قيل هل الانبياء جاؤوا بدين الاسلام ام جاءوا بغيره فالجواب ايش الجواب ان يجيب يرفع يده جاؤوا بدين الاسلام تركيب الجملة في الاسلام العام ايه يعني جاءوا بالاسلام العام فقط طيب والنبي صلى الله عليه وسلم ما جاء لا من خاف الجواب يا ابي لذلك اذا قيل هل الاسلام جاؤوا؟ هل الانبياء جاءوا بالاسلام؟ قيل ان اريد الاسلام بمعناه العام المتضمن للاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله فكلهم جاؤوا به. وان اريد به الاسلام بمعناه الخاص. المتضمن للاحكام الخاصة فيه فهذا جاء به نبي واحد هو محمد صلى الله عليه وسلم. ولاجل ذلك يكون دين الانبياء واحدا باعتبار الاصل وهو اندراجهم في الدعوة الى الاستسلام بالله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة والبراءة من الشرك واهله فيقال دين الانبياء واحد اي انهم جاؤوا جميعا بامر واحد وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الدين والاهلي. وحينئذ فاذا كان دين الانبياء واحدا فان الاديان السماوية ايش الاديان السماوية واحد ام متعددة لا يوجد اديان سماوية. الدين السماوي واحد الذي جاء به الانبياء جميعا. اليس الله عز وجل يقول ان الدين عند الله الاسلام فالدين واحد وعند البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الانبياء اخوة لعلات دينهم واحد وامهاتهم شتى فمن الغلط الجاري قول بعض الناس الاديان السماوية لان الدين السماوي المضاف الى الله سبحانه وتعالى هو دين واحد وليست اديانا متعددة نعم وقول الله تعالى فان حادك فقل اسلمت وجهي الاية وفي الصحيحين في عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاسلام اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان قال وتحج البيت الحرام. وتحج البيت الحرام اذ استطعت اليه سبيلا. متفق عليه وابي عن ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده خير من هجر ما نهى الله عنه. وعن بهسه حكيم عن ابيه عن تركه انه سال رسول الله صلى الله انه سئل رسول الله صلى الله سأل رسول ان موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاسلام فقال ان تسلم قلبك فلله وان تولي وجهك الى الله وان تصلي الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة رواه احمد عليه وسلم ما الاسلام؟ فقال ان تسلم قلبك لله وان يسلم المسلمون من ذلك ويدك قال اي الاسلام افضل؟ قال الايمان بالله قال وما الايمان بالله؟ قال ان تؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الاخر ذكر المصنف رحمه الله تعالى لتحقيق مقصود الترجمة خمسة ادلة فالدليل الاول قوله تعالى فان حازوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعني الاية ودلالته على مفصول الترجمة في قوله اسلمت وجهي لله فحقيقة اسلام الوجه هي استسلام العبد لله للتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله. وهذا تكفير الاسلام كما تقدم ومعنى قوله ومن اتبعني اي ومن اتبعني مسلما وجهه لله عز وجل. والدليل الثاني حديث عبد الله ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاسلام ان اشهد ان لا اله الا الله الحديث وعزاه المصنف الى البخاري ومسلم وانما هو عندهما من حديث عبد الله ابن عمر بلفظ بني الاسلام على خمس كهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. واما بهذا اللفظ فانما هو قطعة من حديث عمر رضي الله عنه في قصة جبريل المعروفة وقد وقع هذا في بعض نسخ الكتاب ودلالته على مقصود الترجمة ظاهرة لانه فسر الاسلام بما ذكر فقال الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله الى اخره وذلك مبين وذلك مبين حقيقة الاسلام وان المراد به ما بعث الله عز وجل به النبي صلى الله عليه وسلم لتعداد اركان الاسلام في حديث المذكور والدليل الثالث حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وهذا الحديث وهذا الحديث اخرجه البخاري من حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما واللفظ للبخاري وليس هو عندهما من حديث ابي هريرة كما عزاه المصنف بل حديث ابي هريرة اخرجه الترمذي والنسائي باسناد حسن ولم يخرجه الشيخان ولا احدهما ودلالته على مقصود الترجمة في وصف المسلم لانه من سلم المسلمون من لسانه ويده ولا يسلم الخلق من احد حتى يكون مسلما مستسلما لله فان حقيقة الاستسلام تقتضي ان لا يعمل جوارحه الا فيما اذن الله عز وجل به فاذا كان العبد على هذه الصورة ممن سلم المسلمون من لسانه ويده فانه من قبل محقق للاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله. فلما وجد هذا فيه تهل عليه ان يسلم الناس من لسانه ويده وهذا ينبئك ان سلامة الناس من احد في لسانه ويده على قدر اسلامه وذلك الاحد المضمر المشار اليه هو انت فسلامة الناس من لسانك ويدك على قدر قوة اسلامك فانه اذا قوي اسلامك ومتن دينك وكمل ايمانك سلم الناس من لسانك ويدك واذا ضعف اسلامك ووهي دينك وقل ايمانك جازفت بيدك وجرى لسانك بما ما لا يأذن الله عز وجل به في معاملة المسلمين والدليل الرابع حديث معاوية ابن حيدة رضي الله عنه وهو جد باهي انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاسلام فقال ان تسلم قلبك لله الحديد رواه احمد في المسند بهذا اللفظ لكن من حديث ابي قزعة عن حكيم بن معاوية عن معاوية بن حيدر رضي الله عنه لا من حديث بهج بن حكيم عن ابيه عن جده معاوية وانما رواه بهذا الاسناد الذي ذكره المصنف النسائي بسننه بنهر اسلمت وجهي لله ودلالته على مقصود الترجمة ظاهرة فهو جواب سؤال عن الاسلام اجاب فيه المجيب وهو الرسول صلى الله عليه وسلم بما فسر به الاسلام من قبل وانه متضمن سلامة القلب واسلام الوجه لله عز وجل وقوله ان تسلم قلبك لله متعلق بالباطل وقوله وان تولي وجهك الى الله متعلق بالظاهر والاسلام جامع بين الباطن والظاهر. فلا يتحقق الا باستسلامهما معا والدليل الخامس حديث رجل من اهل الشام عن ابيه انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الاسلام؟ قال ان تسلم قلبك لله. الحديث ولم يعزف المصنف هنا وعزاه في مجموعة الحديث الى مسند الامام احمد وهو متبع في عزمه اليه ابا العباسي ابن تيمية الحفيد فانه عزا الحديث المذكور الى مسند احمد ولا يوجد الحديث في نسخ المسند التي بايدينا وانما رواه جماعة في مساندهم منهم مسدد ابن مسرهد واحمد ابن منيع والحارث ابن ابي اسامة باسناده ضعف من جمل منه عدة شواهد يثبت بها ودلالته على مقصود الترجمة من وجهين احدهما في قوله ان تسلم قلبك لله والاخر في قوله وان يسلم المسلمون من لسانك ويدك وتقدم بيان معناهما في حديثين سابقين في الباب فقول الله تعالى ومن يبتغي غير الاسلام الا فمن يقبل منه؟ الاية مقصود الترجمة بيان بطلان جميع الاديان سوى الاسلام بيان بطلان جميع الاديان سوى الاسلام لانها لا تقبل من اصحابها بل ترد عليهم وكل موجود فهو باطل والاسلام ها هنا يصح ان يكون المراد به معناه العام وهو دين الانبياء جميعا وذلك فيما كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقبل من احد دين الا بما جاءت به الانبياء مما تضمن الاسلام لله عز وجل وبعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يختص اسم الاسلام بالدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم وتكون الاديان التي جاء بها الانبياء من قبل منسوخة بدينه فقبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يقبل من يهودي ان يدين بدين موسى عليه الصلاة والسلام وهو في ذلك الدين كائن على دين الاسلام العام واما بعثة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فقد نسخ اسم الاسلام من الاديان جميعا وبقي اسم الاسلام مختصا بالدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم فقبل بعثته صلى الله عليه وسلم في الناس من يدين بدين موسى عليه الصلاة والسلام فيقبل منه وفيهم من يدين بدين عيسى عليه الصلاة والسلام فيكمل منه وفيهم من يدين بدين ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام فيقبل منه واما بعد بعثته صلى الله عليه وسلم فقد دينه جميع الاديان واختص اسم الاسلام بالدين الذي بعث به عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجيء الصلاة فتقول يا ربي انا الصلاة فيقولنك على خير نقول يا ربي انا الصدقة. فيقولهنك على خير. ثم يتم الصيام فيقول يا ربي انا الصيام فيقول انك على خير. ثم تجد الاعمال على ذلك فيقول انك على خير. ثم ايها الإسلام فيقول يا ربي انت السلام. انت السلام وانا الإسلام. فيقول انك على بك اليوم اخذ وبك اعطي. قال الله تعالى في كتابه ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين. رواه الامام احمد وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من على الميت عليه امرنا فهو رد. رواه الامام احمد. ذكر المصنف رحمه الله تعالى لتحقيق مقصوده ترجمة ثلاثة ادلة فالدليل الاول قوله تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا الاية والمراد بالابتغاء طلب الاتخاذ المراد بالابتغاء طلب الاتكال غير الاسلام فمبتغي غير الاسلام دينا هو من اتخذ دينا سواه. ودلالته على مقصود الترجمة في قوله فلن يقبل منه وما لا يقبل فهو ممدود على صاحبه والمردود هو الباطل فما سوى دين الاسلام باطل مردود على اهله. وسعي اهله في ضلال وثبات والدليل الثاني حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجيء الاعمال يوم القيامة. الحديث رواه احمد في مسنده باسناد ضعيف ودلالته على مقصود الترجمة في قوله ثم يجيء الاسلام فيقول يا رب انا الاسلام وانت السلام. فيقول الله عز وجل انك على خير بك اليوم اخذ وبك اعطي ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم الاية المذكورة تصديقا للمعنى المراد وهو توقف النجاة والخسران ودخول الجنة والنار على الاسلام فمن اسلم نجا ومن لم يسلم قصر ومن اسلم دخل الجنة ومن لم يسلم دخل النار وما اوجب الخسران فهو باطل فدل هذا على بطلان جميع الاديان سوى الاسلام لانها توجب للعبد الخسران والاسلام المقصود في الحديث هو ما يكون في القلب فانما يكون في القلب من الاستسلام لله عز وجل يسمى اسلاما وقد وقع في هذا الحديث في مقابل الاعمال الظاهرة من صدقة وصيام وصلاة ويبين معناه الحديث المروي في الصحيح خفيفا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من ايمان فاخرجوه. اي من النار والموجود في قال به من الذرات هو استسلام ذلك القلب لله سبحانه وتعالى. وان قصر به العمل الظاهر والدليل الثالث حديث عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد وهذا الحديث تقدم ان الذي اخرجه بهذا اللفظ هو من مسلم واما لفظ الصحيحين فهو من احدث من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد طيب هنا سؤال هذا الحديث في الصحيحين ومع ذلك المصنف لما ذكره قال ولهما ثم بعد ذلك قال في اخر رواه الامام احمد ومن القواعد الحديثية ان الحديث اذا كان في الصحيحين او احدهما اكتفي بعزوه اليهما ذكره الدمياطي في مقدمة المتجر الرابح فما وجه الذكر المصنف عزو الحديث الى الامام احمد فهمتم القاعدة ان الحديث اذا كان في الصحيحين او احدهما يعزى اليهما دون غيرهما فلماذا انزاد المصنف العجوة الى احمد المتقدمة عندك المنزل احمد اول اذا كان اول عزاء احمد من فضلنا علقنا عليه اثنان والله العزيم الا في هذا الموضع يقول الاخ انس قل لعله ذكره من قبل في الصحيحين فاراد ان يزيد مخرج اخر فعزاه لاحمد هذا جواب حسن لكن يشكل عليه ان هذا الحديث اخرجه من هو اولى من العزيز الى المسند لان العزو الى المسند متى يكون؟ اذا فقد الحديث من من الكتب الستة كلها عزي الى مسند الامام احمد ذكر هذا ابو الفضل ابن حجر في مختصر زوائد البزار هذا الحديث قد اخرجه بعض اصحاب السنن فايهما العزم؟ يا اصحاب السنن ام الى احمد الى عن الصلة فلماذا تركه وعزا الى احد هذا وجه لكنه عقلي لا نقلي لان هذا اللفظ في مسلم بهذا الحديث في مسلم بهذا اللفظ ووجه حسن لكن النقل على خلافه الجواب ها اراد ان طيب لكن وصلها مسلم الجواب ان عزوه الى احمد تابع لكون المصنف حنبليا والحنابلة لما كانوا مقتدين بالامام احمد في ابواب الفقه اعتنوا بالعزم اليه في الاحاديث حتى ان المجد ابن تيمية جعل اصطلاحه في الملتقى ان المتفق عليه اسم لما اخرجه البخاري ومسلم واحمد فاذا وجدت حديثا بالمنتقى في الاحكام من مسجد ابن تيمية قد عزاه بقوله متفق عليه. فاعلم انه يريد انه قد اخرجه ثلاثة قل البخاري ومسلم واحمد بخلاف اصطلاح المحدثين فان اصطلاح المحدثين هو ان اسم المتفق عليه مختص البخاري ومسلمه لكن لما كان المجد ابن تيمية عن بلية رعى هذا الاصل ومثله هذا الموضع وغيره من كتب من كلام الحنابلة فمن الغلط طليقهم عند عزمهم لاحمد تأتون الان تجدون بعظ الفقهاء من الحنابلة يأتي ويعزو الحديث الى احمد وهو عند ابي داوود وعند الترمذي وعلى قواعد المحدثين ان العزوة الى ابي داوود والترمذي اولى من العزم الى احمد فيعد هذا وهما منه وهذا من الغلط ان ليس هذا وهما منه بل لانه يرى ان احمد مقدم في العزو باعتبار كونه عن بلي المذهب وهو يعجز الحديث الان في كتاب فقهي وجه دلالة الحديث على مقصود الترجمة في قوله فهو رد اي مردود وما رد فهو باطل وكل ما كان على خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود فتكون الاديان وقت غير دين الاسلام مردودة على اهلها نعم كان وجوب الاستغناء بمتابعة الكتاب عن كل ما سواه مقصود الترجمة بيان وجوب الاستغناء بمتابعة الكتاب اي القرآن عن جميع ما سواه والاستغناء هو طلب الغنى فيما يحتاج اليه هو طلب الغنى فيما يحتاج اليه والمتابعة هي امتثال ما فيه وما سواه يشمل امرين احدهما ما تقدمه من الكتب المنزلة على الانبياء مما دخله التحريف والاخر ما كان خارجا عنها من كلام الناس فيكون القرآن مغنيا عن هذا وعن ذاك نعم وقول وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم انه رأى انه رأى في يد في يد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ورقة من التوراة. فقال المتموكون يا ابن الخطاب؟ لقد جئتكم بيضاء نقية لو كان موسى حيا واتبع توب وتركتموني ظللتم وفي رواية لو كان موسى حيا ما وسعه الا اتباعه فقال عمر رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا ذكر المصنف رحمه الله لتحقيق مقصود الترجمة دليلين فالدليل الاول قوله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء الاية ودلالته على مقصود الترجمة بوصف الكتاب وهو القرآن انه تبيان لكل شيء والتبيان افعال من البيان اي موضح مفسر فاذا كان القرآن موضحا كل شيء لم يحتج معه الى شيء فان الذي يحتاج معه الى شيء هو ما اختلفه الغموض والقرآن مبرأ منه اذ وصف بانه تبيان لكل شيء. والدليل الثاني حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد عمر فرحة من التوراة الحديث اخرجه احمد في روايتيه المذكورتين من حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما واسناده ضعيف ومعناه مروي من وجوه يدل مجموعها على ثبوت الحديث وان له اصلا كما قال الحافظ ابن حجر ولم ارى هذا الحديث في سنن النسائي الصغرى ولا الكبرى والمصنف رحمه الله تعالى تابع في عزمه اليهما ابا العباس ابن تيمية وتلميذه ابن كثير وتلميذه ابن كثير فانهما عزي الحديث الى سنن النسائي والنسخ التي بايدينا من صغراه وكبراه ليس الحديث فيها فلعله في بعض نسخه التي لم تصل الى ان لم تصل الينا ودلالته على مقصود الترجمة من ثلاثة وجوه اولها في قوله امتهوكون يا ابن الخطاب لقد جئتكم بها بيضاء نقية اي امتحيرون فالتهوك هو التحير واستفهامه صلى الله عليه وسلم على وجه استنكار فانه استنكر تعنت عمر لوفاء ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم واغنائه عن غيره فقد جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية وعلم ان ما عدا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم انه سوداء مخلطة تورث القلوب الحيرة والشكوك فكل ما لا يحتاج اليه من معارف المخالفين في امور الدنيا فانه يعود على القلوب بالحيرة والشهم وما كان من منافع الدنيا في العلوم الظاهرة فهذا لا بأس بتعاطيه واما ما تعلق بالشرائع والاحكام فان في دين الاسلام من الغلاء والوفاء ما لا يحتاج معه الى غيره ولا يورث النظر في ما عند اولئك مما يتعلق بابواب الخبر والطلب الدينية الا الحيرة والشك فمن الغلط التهافت على علوم غير المسلمين بما لم يحتج اليه في امور الدنيا وتسمية ذلك فكرا ثقافة وادبا وتشييعه بقولهم انه انفتاح على الحضارات وتلاق للعقول ظلالة عمياء فان الاسلام لا يحتاج ان ينفتح على غيره لكماله وانما يحتاج غيره ان ينفتح عليه لانغلاقه فما كان منغلقا احتاج ان ينفجر وما كان مفتوحا بوضع الله عز وجل فانه لا يحتاج الى ايجاد وضع من الانفتاح لم يأذن به الله سبحانه وتعالى فالولع بالاطلاع على الثقافات الاخرى تحت مسوغات متعددة وشعارات متنوعة خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فان النبي صلى الله عليه وسلم امرنا بهذا الدين واخبرنا بكماله ونهانا عن اتباع غيره وايراد القلب على غير دين الاسلام ايراده على حوض منتن من الشبهات ومن الدين الفرار به من الفتن وقد ترجم البخاري في كتاب الايمان باب من الدين الفرار بالدين باب من الايمان الفرار بالدين من الفتن ثم اورد حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يوشك ان يكون خير مال مسلم قلم يشفع بها وواقع القبر يسير بدينه من الفتن. والمقصود ان تعلم ان من الغلط الواقع الدعوة الى فالانفتاح بالاطلاع على الثقافات والافكار الشرقية والغربية لمضرة ذلك على الدين واما في منافع الدنيا فذلك امر واسع فان قال قائل فان النبي صلى الله عليه وسلم امر زيد ابن ثابت ان يتعلم ان يتعلم اليهودية فتعلمها في سبعة عشر يوما فهذا يدل على تسويغ ذلك في امر لا يتعلق بمنافع الدنيا فان معرفة اللغة اليهودية حينئذ ليست فيه منفعة دنيوية وخلاف تعلم بعض اللغات في زماننا فيكون ذلك دالا على جواز الاطلاع على الثقافات والافكار دون قيد الحاجة فما الجواب عن هذا الجواب عن هذا من وجهين احدهما ان الذي امر زيدا نهى غيره فان الشرع جاء بوجوب متابعة القرآن والسنة والاستغناء بهما ويكون الاذن لزيد من باب الاذن الخاص ولهذا لم يأتي سوى ذلك عن زيد ابن ثابت رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم امره به والامر الثاني ان النبي صلى الله عليه وسلم امر زيدا بذلك لا ليقرأ كتب اهل الكتاب وانما ليقرأ رسائلهم اذا جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم فهي منفعة مقيدة وثانيها في قوله صلى الله عليه وسلم ولو كان موسى حيا واتبعتموهم وتركتموني ظللتم وموسى عليه الصلاة والسلام معه كتاب منزل وهو تواب ومع ذلك لو انه اتبعوه بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لظلوا فدل ذلك على اغلاء القرآن وعدم الحاجة الى غيره وثالثها في قوله ولو كان موسى حيا ما وسعه الا اتباعي فاذا كان الانبياء يتركون ما داموا عليه ويتبعون النبي صلى الله عليه وسلم فغيرهم اولى ان يتبع ويسلم للنبي صلى الله عليه وسلم لان الكتاب المنزل عليه يغني ولا يغني عنه غيره مقصود الترجمة بيان حكم الخروج عن الاسلام بالانتساب الى غيره بيان حكم الخروج عن الاسلام بالانتساب الى غيره فدعو الاسلام هي الاسماء الشرعية التي جعلت لاهله فدعوى الاسلام هي الاسماء الشرعية التي جعلت لاهله والخروج عنها هو التسمي لغيرها والخروج عنها هو التسمي بغيرها. نعم وقول الله تعالى هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا الاية عن الحارث عن الحارث الاشعري رضي الله عن الحارث الاشعري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال امركم بخمس. الله امرني بهم هو الطاعات والجهاد والهجرة والجماعة. فانه من فاق الجماعة قيدا. قيد شبر قد خلع من قتل الاسلام من عنقه. الا ان يراجعه. ومن دعا بدعوى الجاهلية انه من دجاج جهنم. فقال رجل يا رسول الله وان صلى وصام؟ قال وان صلى والمؤمنين عباد الله. رواه واحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح وبالصحيح من فارق الجماعة شبرا فمات خبيثته جاهلية وانا بين اظهركم قال ابو العفاف رحمه الله تعالى كل ما خرج عن دار الاسلام والقرآن من نسب او بلد او جنس او مذهب او طريقة فهو من عزاء الجاهلية. بل لما اختصمه مهاجرين وانصاري. فقال المهاجرين يا للمهاجرين وقال يا للمهاجرين فقال المهاجرين يا للمهاجرين وقال الانصاري يا للانصاري. قال صلى الله عليه عليه وسلم وغضب لذلك غضبا شديدا. انتهى كلامه رحمه الله. يزال المصنف رحمه الله لبيان مقصود الشرجم اربعة ادلة فالدليل الاول قوله تعالى هو سماكم المسلمين من قبل ودلالته على مقصود الترجمة بذكر ما سمى الله به عباده المتبعين رسله فانه سماهم المسلمين بما انزله من الكتب وفي هذا اي في القرآن وتسميتهم بغير ما سماهم الله به خروج عن دعوى الاسلام والله اعلم بهم وما رضيه لهم فهو اسلم واحكم ومن عدل عن ذلك فقد عدل عن محاب الله ومراضيه الى مساخطه وما لا يرضيه والدليل الثاني حديث الاشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال امركم بخمس الله امر بهن الحديث رواه احمد والترمذي وصححه والنسائي في الكبرى وصححه ابن خزيمة ايضا وهو حديث صحيح ودلالته على مقصود الترجمة من ثلاثة وجوه اولها في قوله من فارق الجماعة فانه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع رفقة الاسلام من عنقه الا ان يراجع ومن مفارقة جماعة المسلمين الخروج عن دعوى الاسلام والرفقة قسم لحبل يعلق بعنق الدابة او رجلها فيمسكها وتحفظ والوعيد بذلك وعيد شديد دال على حرمة مفارقة الجماعة ومن صور مفارقة الجماعة الانتساب الى غير دعوى الاسلام ومعنى الا ان يراجع ان يتوب الا ان يتوب وينزع عن قوله وذكر دعوى الجاهلية في الحديث نفسه لا يدفع كون مفارقة الجماعة منها لانها فرض من افرادها فيكون من باب تقديم الخاص على العام فان الانتساب الى غير الاسلام من عام اعظم وهو مفارقة الجماعة وسيعيد المصنف هذا المعنى في الدليل التافه وثانيها في قوله ومن ادعى دعوى الجاهلية فانه من جثى جهنم ودعوى الجاهلية تشمل كل انتساب الى ما يخالف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وتقدم ان من قواعد الخطاب الشرعي ان ما اظيف الى الجاهلية فهو محرم فهو باطل محرم شرعا والوعيد بجهنم تأكيد لحرمتها وعدم انتفاع العبد حينئذ بصلاة وصيام تأكيد بعد تأكيد في تعظيم الحرمة فعظمت الحرمة بهذه الوجوه المجتمعة ومعنى جثى جهنم اي جماعاتها جمع جدوى وتثلى تجيبها فيقال جسوة وجسوة وجفوة يعني جماعة واصلها الحجارة المجموعة وروي من جثث جهنم من جثي جهنم الجمع جاثم والجافي هو الذي ينتصب على ركبتيه مرتفعا بجسده وبذلك اشارة الى انه من اهل النار وثالثها في قوله فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين والمؤمنين عباد الله فالامر بلزوم دعوى الاسلام وما سمى به عباده فالمسلمين والمؤمنين وعباد الله وعباد الله دال على حرمة مقابلها من دعوى الجاهلية المذكورة في الحديث لانها خروج عن دعو الله عز وجل وهي دعوة الاسلام. والدليل الثالث حديث فانه فارق الجماعة كبرا فما فميتة جاهلية اخرجه البخاري ومسلم من حديث عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما ودلالته على مقصود الترجمة فيما سبق ذكره قبل من ان من مفارقة الجماعة الخروج عن دعوى الاسلام والانتساب الى غيره وتوعد من مات كذلك بالموت على الجاهلية دام على التحريم لان ما اضيف اليها من قول او فعل فهو محرم. والدليل الرابع حديث ابي دعوة الجاهلية وانا بين اظفركم وهذا الحديث بهذا اللفظ انما يروى مرسلا من حديث زيد ابن اسلم احد التابعين عند ابي جرير في تفسيره وفيه قصة والمعروف في الصحيحين لفظ ابي دعوة الجاهلية اخرجاه من حديث جابر ابن عبد الله في قصة كسع المهاجرين الانصاري يعني ضربه له في خاصرته فهذا هو المحفوظ في الحديث واما زيادة وانا بين اظهركم فليست في الصحيح وانما في المرسل السابق ودلالته على مقصود الترجمة في انكاره صلى الله عليه وسلم على من دعا بدعوى الجاهلية وتغليظه عليه المفيد حرمته فان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينكر بالقول ولا يغلظ الا على محرم وقع من العبد وما نقله المصنف رحمه الله تعالى عن ابي العباس ابن تيمية الحفيد في حقيقة دعوى الجاهلية هو معنى ما تقدم من ان الجاهلية اسم لكل ما خالف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من قول او فعل ومن جملة ذلك الانتساب الى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ويعلم بهذا حينئذ ان انتساب الخلائق نوعان احدهما انتساب الى دعوى الاسلام والاخر انتساب الى غير دعوى الاسلام وليس المقصود بهذا الانتساب الانتساب الذي هو من قبل الاعراف وانما الانتساب الذي هو من قبل الاديان فاذا انتسب الانسان على وجه يتعلق بالدين فالمأمور به ان يكون انتسابه الى الاسماء الشرعية وان خرج عنها وقع في اسماء الجاهلية ومن الاسماء الشرعية التي رضي الله لنا ان الله عز وجل سمانا بالمسلمين وبالمؤمنين وبعباد الله فمن الرضا الانتساب الى هذه الاسماء الدينية والخروج عنها الى غيرها على وجه لم يأمر به الله عز وجل ولا اذن به هو انتساب الى الجاهلية اياك فمثلا اذا قيل لانسان ما انت فقال انا سعودي وقصد بذلك الانتساب الى بلد نشأ فيه وترعرع بين جنابتين. كان ذلك سائغا لانه لا يتعلق به امر جاهلي يخالف المأمور به شرعا في الانتساب وان قال انا سعودي على قصد تعاظمه ووجود الخير في فيه دون غيره فذلك من الانتساب الى الجاهلية فانه خرج من المعنى المأذون به هو الانتساب الى الاباء والاجداد او البلدان والبقاع الى العجب بنفسه والادلاء عمله تحت دعوى انه منتسب الى تلك البلاد ونظير هذا لو ان انسانا في بلد فيه جماعة منتظمة تحت ولي امر كهذه البلاد انتسب الى غير انتساب اهلها في جماعتهم الواحدة فانتسب الى الجماعة الفلانية او الجماعة العلانية او الطائفة الفلانية او غيرها فان ذلك من انتساب الجاهلية. لان الجماعة المنتظمة تحت ولاية حاكم مسلم هي الجماعة التي علقت بها الاحكام الشرعية ولا يجوز حينئذ ان تتعدد الجماعة في تلك البقعة مع وجود جماعة منتظمة فمن الغلط رواج مثل هذه الامور. وهجر الاسماء الشرعية التي نسبنا اليها الى غيرها فانك كثر ما تسمع الناس يقولون اهل السنة والجماعة وهي اسماء وقعت على جهة المقابلة. وليست اسما اصليا. ويتركون الاسماء الاصلية التي ذكر الله عز وجل كالمسلمين والمؤمنين وعباد الله. فالاسماء التي يسمى بها اهل الحق نوعان. احدهما اصلية الاخرى تابعة فاما الاول وهو الاصل فما جاء في الكتاب والسنة. فمما جاء في الكتاب والسنة المؤمنون والمسلمون والمحسنون هنا وعباد الله وعباد الرحمن والجماعة والنوع الثاني وهو التابع تسميتهم باهل السنة واهل الاثر واهل الحديث والسلفيين وغيرها من التي وقعت تبع وهذه الاسماء التي وقعت تبعا ليست هي الاصل بل الاصل التسمية بالاسماء الشرعية وهي اسم الاسلام والايمان والاحسان والعبودية لله سبحانه وتعالى نعم فاخرجوا من دخول الاسلام كله وترك ما سواه. مقصود الترجمة بيان وجوب الدخول في الاسلام كله بالتزام جميع احكامه لا بعضها دون بعض والتأكيد بقوله كله للتفريق بين هذه الترجمة والترجمة المتقدمة فقد تقدم باب وجوب الاسلام والفرق بينهما ان المذكور قبل هو الدخول المجمل والمذكور في هذه الترجمة هو الدخول المفصل نعم وقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة وقوله تعالى الم ترين الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك الاية وقوله تعالى ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء الاية قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى اسود قد يقودوه اهل السنة والابتلاء وتسوى وجوه اهل البدع والاختلاف. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتين على امتي مات على بني اسرائيل على بني اسرائيل حذو النعل بالنار. حتى ان كان فيهم من اتى امه علانية كان في امتي من يصنع ذلك. وان بني اسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة وتمام الحديث قوله وستفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين خلقة. كلها في ما علينا واحدة قالوا من هي يا رسول الله؟ قالوا من هي يا رسول الله؟ قال ما انا فليتأمل المؤمن الذي يرجو لقاء الله كلام الصالح المصدوق في هذا المقام خصوصا قوله ما انا عليه اليوم واصحابي شالها من موعظة نوافقت من القلوب رواه الترمذي ورواه ايضا من حديث ابي هريرة وصححه. ولكن ليس فيه ذكر النار وهو في حديث معاوية عند احمد وابي داوود وفيه انه سيخرج في امتي قوم تتجارى بهم تتجارى بهم تلك الاهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه. كملك كما يتجارى الكنب لصاحبه فلا يبقى منه علق ولا مفصل الا دخله. وتقدم قوله ومبتغ في الاسلام سنة جاهلية ذكر المصنف رحمه الله لتحقيق مقصود الترجمة ثمانية ادلة. فالدليل الاول قوله تعالى يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السن كافة ودلالته على مقصود الترجمة بالامر بالدخول في السلم اي في الاسلام والامر للايجاب والتأكيد بقوله كافة يتضمن ترك ما سواه لان ما خرج عن ذلك فان العبد يقع به في مخالفة امر الشرع والدليل الثاني قوله تعالى الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك الاية ودلالته على مقصود الترجمة في تمام الاية يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به فان الله عز وجل عجب مستنكرا من فعل المنافقين الزاعمين انهم امنوا بما انزل على النبي صلى الله عليه وسلم وما انزل من قبل على الانبياء ووبخهم الله عز وجل على فعلتهم لما ارادوا التحاكم الى غير الله سبحانه وتعالى. مع انه مع انه امرهم بان يكفروا به وذلك الامر يتضمن ايجاد دخول الاسلام كله فالاية في وجوب الكفر بغير الاسلام وهي متضمنة الامر بوجوب الدخول في الاسلام كله فقوله تعالى وقد امروا ان يكفروا به يعني بالطاغوت اي امروا بان يكفروا بما سوى ما جاء في هذا الدين فعيبهم بذلك جان على امرهم ضده وهو الدخول في الدين كله. والدليل الثالث قوله تعالى ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا نفت منهم في شيء ودلالته على مقصود الترجمة في كون تفريق الدين لاخذه باخذ بعضه وترك بعضه ليس من طريقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بعث بها فما كان كذلك فهو مما بدأ منه النبي صلى الله عليه وسلم وبراءته دالة على حرمة ذلك فالواجب على العبد اتباع الدين كله وترك وترك ما سواه والدليل الرابع قوله تعالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه واورد فيه المصنف قول ابن عباس تبيض وجوه اهل تبييض وجوه اهل السنة والاختلاف وتسود وجوه اهل البدع والاختلاف. اخرجه ابن ابي حاتم في تفسيره ولا لكائي في شهر اصول اعتقاد اهل السنة والجماعة باسناد ضعيف جدا طيب اذا كان باسناد ضعيف جدا لماذا اخرج في التفسير وشهر عند المفسرين حتى لا تجد احد من المفسرين كابن كثير وغيره الا اوردوا هذا الاثار الجواب بان صحة المعنى يوجب المسامحة في الاسانيد عند المفسرين لان صحة المعنى توجب المسامحة في الاسانيد عند المفسرين. لان المقصود من ذكر شيء ما بيان المعنى واذا كان ما بينه المتكلم من الصحابة او غيرهم صحيحا تارة حينئذ ان يذكر هذا لاجل كونه مبينا للمعنى المراد وفي السنة ما يغني عنه فقد روى احمد بسند حسن من حديث ابي غالب عن ابي امامة انه رأى رؤوسا منصوبة على درج مسجد دمشق فقال ابو امامة رضي الله عنه كلاه النار كلاب النار كلاب النار شر قتلى تحت اديم السماء خير قتلى من قتلوه ثم قرأ قول الله عز وجل يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فقال ابو غالب اسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال لو لم اسمعه الا مرة او مرتين او ثلاثا حتى عد سبعا لما حدثتكموه فقراءة الصحابي رضي الله عنه للاية المذكورة مع ذكر الحديث المتقدم عند رؤية اهل البدع على ان من معاني ابيضاض الوجوه متابعة السنة والاجتماع عليه. وان الضد بالضد فاذا وجدت البدعة والاختلاف اسودت وجوه اهلها وجلالته على مقصود الترجمة ان تبيظ الوجوه يوم القيامة لا يكون الا على امتثال واجب ان تبييض الوجوه يوم القيامة لا يكون الا على امتثال واجب وان تسويدها لا يكون الا على مقاربة محرم ومن افراد الواجبات المبيضة للوجوه امتثال الشريعة كلها والدخول فيها جميعا ومن موجبات تسويد الوجوه ضد ذلك واحسن ما قيل في تفسير هذه الاية يوم تبيض وجوه وتسود وجوه تبيض وجوه المؤمنين وتسود وجوه الكافرين رواه ابن جرير في تفسيره عن ابي ابن كعب باسناد حسن والاسلام والكفر معنيان عامان ومن المعاني التي ترجع الى الاسلام السنة والاجتماع ومن المعاني التي ترجع الى الكفر البدعة والاختلاف. والدليل الخامس حديث عبد الله ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتين على امتي ما اتى على بني اسرائيل. الحديث اخرجه الترمذي باسناد ضعيف وفي معناه دون الجملة الاخيرة حديث عوف بن مالك عند الطبراني بالمعجم الكبير واسناده ضعيف جدا فالرواية في هذا الباب فيها ضعف سوى الجملة الاولى فلها شاهد في الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتتبعن اننا الذين في قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع كما ان اخره يروى من وجوه اخرى ولكنها لا تصح ودلالته على مقصود الترجمة من وجهين احدهما في ذكر الافتراء وموجبه اخذ بعض الدين وترك بعضه والوعيد عليه برهان حرمته فاذا اشترط الناس باخذ بعض الدين وترك بعظه وقعوا في الحرام والاخر ذكر ان النادي هو الباقي على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه والذي كانوا عليه هو الاسلام كله. فوجب الدخول فيه كله والدليل السادس حديث ابي هريرة بمعنى حديث عبد الله المتقدم ولفظه استرخف اليهود على احدى وشركين على احدى او ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على احدى او اثنتين وسبعين فرقة ستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة وليس فيه ذكر النار من حديث ابي هريرة وقد اخرجه اصحاب السنن سوى النسائي واسناده حسن ودلالته على مقصود الترجمة في ذكر افتراق هذه الامة وتقدم ان موجب الافتراء اخذ بعض الدين وترك بعضه وذلك محرم. والدليل السابع حديث معاوية رضي الله عنه وفيه وانه سيخرج في امتي قوم تتجارى بهم الاهواء الحديث اخرجه ابو داوود واسناده حسن وفيه ذكر النار والكلب جاء يصيب الانسان من عظة كلب اصابه مثل الجنون وهو الذي يسمى بسعال الكلاب فالكلب المسعور اذا عض انسانا تجارى فيه هذا الداء وانتشر في عروق الانسان وجلالته على مقصود الترجمة في الوجهين المتقدمين في حديث عبد الله ويضم اليهما وجه ثالث وهو تسميتهم اهواء والاهواء اسم للضلال ومن الهوى والضلال اخذ بعض الدين وترك بعضه والدليل الثامن حديث ومبتغ في الاسلام سنة الجاهلية وهو عند البخاري من حديث عبدالله بن عباس وتقدم بلفظه في باب وجوب الاسلام ودلالته على مقصوده الترجمة ان من ابتغى في الاسلام سنة الجاهلية يترك بعض الاسلام فانه يفعل شيئا من الاسلام ويترك غيره ويترك بعضه بفعله لغيره من سنن الجاهلية وشدة البغض دالة على تحريم ذلك الفعل فيدل ذلك على ان امتثال بعض الاسلام وترك وترك بعظه محرم وان الواجب على العبد هو امتثال الدين كله والمراد بالامتثال ان يدين المرء لله عز وجل بجميع شرع الاسلام فما كان من شرائع الاسلام فهو يدان به والذي يترك بعض الاسلام ويأخذ بعض الاسلام فهذا واقع فيما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الهوى وفي موجب الهوى والضلال والافتراء وهذا حاصل في الناس وتفتش وفتش نفسك تجد حقيقة ذلك. فان من انفسنا من يوجد فيها محبته لبعض الامور الدينية وكراهته لبعضها طبعا وربما غلب عليه ذلك الطبع حتى عده شرعا فمن الناس مثلا اذا حدثت بالواجب على ولي الامر من رحمة المسلمين والشفقة عليهم والقيام بحقوقهم وعدم ظلمهم كره ذلك وظن انه فكا لامر السمع والطاعة وغمزا فيه. ومقابله من اذا حدث باحاديث السمع والطاعة كره تلك الاحاديث وظنها صيانة لعروش الظالمين. وكل هذا من الجهل بالدين فان الذي امر بهذا امر بهذا فينبغي ان يدين الانسان بالدين كله. ولا يمكن ذلك الا بخلع النفوس من اهوائها ونزعها من غيها واخراجها من ظلمتها بالعلم. فان الله سبحانه وتعالى اخبر عن طبع الانسان ظلوما جهولا. كما قال تعالى وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا. ولا يخرج الانسان من الجهل الا بالعلم ولا يخرج من الظلم الا بالعدل. ولا يمكن العدل الا بالعلم. فتوقف الامر كله على قال ابن القيم رحمه الله تعالى العلم والعدل اصل كل خير والظلم والجهل اصل كل شر واحسن منه قول القراءة في الغرور العلم اصل كل خير والجهل اصل كل شر انتهى كلامه لان العدل لا يمكن الا لا بعلم والجهل لا يقع الظلم لا يقع الا بجهل. فرجع الامر الى العلم كله فلا يمكن لاحدنا ان يقيم الشرع كله الا بالعلم واعتبر هذا ان نفسك ربما ارتفعت وسمت الى حضور مجلس العلم. وربما وهنت وضعفت لحضور موعظة في الرقائق. تحت دعوة انك طالب علم وان المواعظ للعام وهذا من الجهل. فان الذي جاء بامرك بالعلم جاء بامرك بان ترقق قلبك هذا من الدين وهذا من الدين نسأله سبحانه ان يرزقنا جميعا العلم في الدين وان يجعلنا من عباده الصالحين ونستكمل بقية باذن الله بعد صلاة العصر ويكون بعد المغرب والعشاء اذا هو ثلاثة الاصول والحمد لله اولا واخرا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين