السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الذي جعل العلم للخير الاساس. والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد المبعوث رحمة للناس. وعلى اله وصحبه البررة الاكياس. اما بعد فهذا شرح الكتاب الثامن من برنامج اساس العلم في سنته السابعة سبع وثلاثين واربع مئة والف وثمانية وثلاثين واربعمائة والف في مدينته التاسعة في مدينة عرعر. وهو كتاب البينة العلم والحذق في مصنفه صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي. نعم. الحمد لله رب رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. تم حفظكم الله تعالى في بكتاب البينة في اقتباس العلم والحذق فيه. بسم الله الرحمن الرحيم الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى فله الحمد في الاخرة والاولى. واصلي واسلم على واله صلاة وسلاما بالمكيال الاوفى. اما بعد فانه لم يكن الذين يقتبسون العلم منفكين عن خطهم زائلين عن خلقهم حتى تأتيهم بينة واضحة وحجة واضحة توجه حائرهم وتنبه غافلهم وقضي لي فيما سلف تصدير مقيدة في مدارج العلم بعشر وصايا شرف وغربت ما شاء الله فتلقفها فئام يسترشدون واستفاد منها اخيار مرشدون ثم حسن وانسل نصالها وبوح وصالها توسعة في الافادة فاجبت الداعي وحققتم امنه. فابرزتم البينة فابرزت البينة في الطباس العلم والحذب فيه من خدرها. تنفع الملتمس وترفع المقتبس وتدفع المختنس والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. ابتدأ المصنف وفقهم ثيابه بالمسلملة ثم ثنى بالحمدلة ثم تلة بالصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وهؤلاء الثلاث من اداب التصنيف اتفاقا فمن صنف كتابا استحب له ان يبتدأ بهن ثم ذكر ان المشتغلين بجمع العلم ونقله لم يكونوا تاركين خبطهم ومفارقين خلطهم في اخذ العلم حتى تأتيهم بينة واضحة وحجة موضحة. وكانت هذه الاوراق هي من جملة تلك البينة تلك البينة المحتاج اليها فانها نشرت اولا في جملة اوراق باسم مدارج العلم. ثم رأى اصنفها لنصح ناصح ان تفرد باسم البينة باقتباس العلم والحلق فيه. والحذق هو والاهلية والمكنة والحذق والاهلية والمكنة بان يكون ماهرا في العلم وهو بفتح وكسرها فيقال الحذق والحذق. نعم. احسن الله اليكم الاولى العلم صيد وشراكه النية فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم دررا ونال منه عمره ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصب من الصيد الا اردله مما لا يقصده صائد ولا يبشر به رائد ومن كنوز السنة انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى وبتصحيح النيات تدرك الغايات. ومدار نية العلم على اربعة امور. من اجتمع له قصدها كملت نيته في العلم اولها رفع الجهل عن النفس بتعريفها طريق العبودية. وثانيها رفع الجهل عن الخلق بارشادهم الى مصالح دنيا واخرتهم وثالثها العمل به فان العلم يراد للعمل. رابعها احياؤه وحفظه من الضياع هذا المعنى متأكد في حق المتأهل المهيأ له القادر عليه واليهن اشرت بقولي ونية من العلم رفع الجهل عن نفسه فغيره من النسم. وثالث التحصين للعلوم منه اعها وعمل به زكن. ومعنى عما شمل والنسم النفوس جمع نسمة. وسكن اي ثبت المصنف وفقه الله البينة الاولى من البينات العشر المذكورة في هذا الكتاب. مبينا قدر النية في طلب العلم. وان العلم بمنزلة الصيد هو النية شراؤه. والشراط هو الحبالة التي تجعل بقنص الصيد. واعلم بان من صح نيته وحسن قصده من العلم غرره ونال منه غرره اي ادرك مطلوبه منه ومن فسدت نيته وساء قصده لم يصب من الصيد الا ارجل مما لا يقصده صائد ولا يبشر به رائد. والرائد طليعة القوم الذين الربيع فكان يتقدم القوم في طلب الربيع في الارض ثم يخبرهم بما يخبرهم به ثم ذكر حديث النية المشهور انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى واتبعه ببيان ان نية العلم تدور على اربعة مقاصد. فكل عمل يختص بنية لها معنى يناسبه ونية العلم ترجع الى هذه المقاصد الاربعة فاولها رفع الجهل عن النفس. بان يعرفها طريق العبودية لله وثانيها رفع الجهل عن الخلق بان يرشدهم الى مصالحهم العاجلة والاجلة في الدنيا والاخرة وثالثها العمل به ورابعها احياؤه وحفظه من الضياع. وذكر ان هذا المعنى يتأكد في حق المتأهل المهيأ له القادر عليه. اي من يكون له فضل وزيادة في جودة الحفظ وحسن الفهم فان القيام باحياء العلم وحفظه من يتأكد عليه. ثم عقد هذه مقاصد الاربعة في بيتين من الشعر جمعا لها. فقال ونية للعلم رفع الجهل عن نفسه فغيره من ثالث التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله تعالى البينة الثانية العزم مركب الصادقين ومن لم تكن له عزيمة لم افرح بغنيمة فان العزائم جلابة الغنائم فاعزم تغنم واياك واماني البطالين قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد اذا طلع نجل الهمة في في ظلام ليل البطالة وردفه العزيمة اشرقت الارض اشرقت ارض القلب بنور ربها. وانما يحل عقدة العزم ثلاثة ايدي اولها الف العوائد مما جرى عليه الخلق في رسومهم واحوالهم وثانيها وصل على وهي تعلقات القلب وصلاء هي تعلقات القلب وصلاته. وثالثها قبول العوائق من الحوادث القدرية التي اكتسح العبد من قبل غيره فان لهن سلطانا على النفس يحول بين العبد وبين مطلوبه. ويقعده عن مرغوبه لا يدفع الا بحسب مادته. فالعوائد تحسم بالهجر والعلائق تحسم بالقطع. والعوائق تحسن بالرفس فمن هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق فهو سلطان نفسه اقسام النفوس اجل من حسام الرؤوس. وتمد قوة العزم ثلاثة موالد. اولها مورد الحرص على ما وثانيها مورد الاستعانة بالله عز وجل. وثالثها مورد خلع ثوب العجز والكسل. وهن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. فجملة فجمله الثلاث منابع الموارد واحدا واحدا حذو القذة بالقذة ومما يحرك العزائم مطالعة سير المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فالاعتبار بحالهم مصاعدهم يثور ازمتك ويقوي شكيمتك. فلا تحرم نفسك من اثارهم. وطالع ما استطاع من سيرهم سيرهم دخل المصنف وفقه الله البينة الثانية من البينات العشر. المشتملة في على بيان مرتبة العزم في اخذ العلم. فقال العزم مركب الصادقين. والعزم هو ارادة الجازمة. فاذا عزم الانسان وجزم في مطلوبه ادرك منه مأمولا كما قال فان العزائم جلابة الغنائم اي تجمع الغنائم وتحصل بالعزائم قاضية فاعزم تغنم واياك واماني لان الاماني كما قال ابن القيم رؤوس اموال المفاليس. فالمفلس الذي لا يحصل شيئا هو المتسلي بالاماني. ثم ذكر كلام ابن القيم في ذلك ثم اتبعه ببيان ما يضعف العزم ويوهنه ورده الى ثلاثة ايد الى ثلاث ايد اولها الف العوائد اي الانس بما اعتاده الناس اي الانس بما بما اعتاده الناس وملازمة وثانيها وصل العلائق. اي اجابة داعيها. والاسترسال معها بين معنى العلائق بقوله وهي تعلقات القلب وصلاته اي ما يجده القلب من شيء ينزع اليه ويتعلق به ثم ذكر ثالثها فقال قبول العوائق اي العوارض التي تعرض للانسان كما قال من الحوادث القدرية التي تكتسح الانسان من قبل غيره. اي بكونها خارجة عنه فالفرق بين العلائق والعوائق ان العلائق متعلقة بالمرء نفسه جائلة في صدره واما العوائق فهي خارجة عنه. وذكر ان هؤلاء الثلاث لهن سلطان على النفوس لا يدفع الا بحسم مادتهن اي باستئصال ذلك بالكلية والحسم هو الاستئصال التام فمن حسم هؤلاء الثلاث من نفسه حصلت له قوة في عزمه. ثم ذكر ما تحسم به هؤلاء الثلاثة فقال فالعوائد تحسم بالهجر اي ما تعارف عليه الناس والفوه مما يقطعك عن مطلوبك يحسب بهجره. قال تحسم بالقطع بان يبترها الانسان وينزعها من نفسه. قال والعوائق تحسم بالرفض اي الاستسلام لها. قال فمن هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق فهو سلطان نفسه والى ذلك اشرت بقولي اهجر عوائدهم واقطع علائقهم وارفض عوائقهم ان كنت ذا طلب المرء اذا كان طالبا بمقصود ما ينبغي ان يتحرى هذا اهجر عوائدهم واقطع علائقهم وارفض عوائقهم ان كنت ذا طلب. ثم ذكر ان حسام النفوس اجل من حسام الرؤوس ان مكابدة المرء مشقة دفع نفسه عظيمة فمن قدر على سياسة نفسه وقيادتها ونقضها الى ما فهذا سلطانه على نفسه قوي. ثم ذكر ما يقوي العزم في النفس وهو ثلاثة موارد. اولها ومولد الحرص على ما ينفع وثالثها مورد الاستعانة بالله. وثالثها مورد خلع ثوب العجز والكسل. فمن حرص على ما ينفعه واستعان بالله ولم يعجز قويت عزيمته. وهؤلاء الثلاث في حديث ابي هريرة رضي الله عنه احرص على ما ينفعك عند الله ولا تعجز بكسر الجيم وفتحها ايضا رواه مسلم. قال فجمله الثلاث منابع الموارد واحدا واحدا حذو القدة بالقذة. والقذة الريشة التي تكون في اخر السهم. فالسهو يكون في اخره ليشن ليشد بها في حبل القوس. فيكون تكون هذه الموارد الثلاث كل واحدة ازاء الاخرى ومحاذية لها كما تتحاذى ادد السهم. ثم ذكر اصلا نافعا في اصلاح النفس في تقوية عزيمتها وهو ادمان مطالعة سير المنعم عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين هو معرفة احوالهم فان ذلك يقوي النفس. قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى لا اجد شيئا انفع لطالب العلم من ادمان النظر في سير السلف. انتهى كلامه. لان الخلق مجبولون على بعضهم ببعض قال مالك بن دينار الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم بعض فاذا طالع المرء ما كان عليه من تقدمه من احوال في العلم والعمل والاصلاح والارشاد نفسه على ان يكون مثل هؤلاء. نعم. قلتم حفظكم الله تعالى البينة الثالثة التبحر في العلم فضيلة. والمشاركة في كل فن غنيمة. قال يحيى ابن مجاهد رحمه الله كنت اخذ من كنت اخذ من كل علم طرفا فان سماع الانسان قوم يتحدثون وهو لا يدري ما يقول امة عظيمة قال ابو محمد قال ابو محمد ابن حزم كتيبة الاندلسيين عقب ذكره له ولقد صدق وما احسن عند اهل الذوق والوجد من طلاب المعاني قول ابن الورد من كل فن خذ ولا تجهل به الحب مطلع على الاسرار. ويقبح بالمرء ان تكون له قدرة وليست له همة. فيقعد عن استنباط علم مع القدرة عليه ويتباعد عنه مع قرب طريق وصوله اليه. وهذا ضرب من الحرمان فان العلم خير وان المؤمن لا يشبع من الخير حتى يكون منتهاه الى اصله الزخار. ومنازله الاولى. فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم. ومن خصائص علوم الديانة ارتباط بعضها ببعض فمحلها الى النورين القرآن والسنة؟ وهما وحي من الله. واذا كان المنبع واحدا. كان الارتباط واضحة. قال الزبيدي رحمه الله في الفية السند. فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط مرتبط والتفريق بينها بالاقتصار على فن واحد دون تحصيل اصول بقية الفنون من اثار الابتداء بعلوم اهل الدنيا التي سارت في كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة وثبوت القدم على الصراط الاتم هو في تحصين اصول الفنون دون اتساع فيها. ثم التشاغل بما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه اما بلوغ الغاية وحصول الكفاية في علوم الديانة جميعا فليس متهيئا لكل احد بل يختص به الله من يشاء من خلقه وملاحظة الاختصاص تهون المغامرة فيه وتجشم العناء حتى ينال حتى ينال المنافق لاستسهلن الصعب او ادرك المنى فمن قادت الامال الا لصابرين ذكر المصنف وفقه الله البينة الثالثة من البينات العشر. مبينا ان حراء اي التوسع في العلم فضيلة والمشاركة في كل فن غنيمة وذكر كلام يحيى ابن مجاهد انه قال كنت اخذ من كل فن طرفا. اي اي قدرا حسنا قال فان سماع الانسان قوما يتحدثون وهو لا يدري ما يقول اي لا يدري ما يتكلم به معهم امة عظيمة ان يجدوا معه الانسان امة في نفسه فانه يكون بينهم بمنزلة الاصم بين السامعين والاعمى بين المبصرين. ثم ثم ذكر كلام ابي محمد بن حزم لما ذكره انه قال ولقد صدق. اي ان نفس الحر تجد غصة والما ان يجتمع بقوم فيجدهم يتكلمون في شيء لا يعيه ولا يدري ما يقول فيه فان حر النفس شريفها لا يرضى لنفسه بالدون فهو يتطلب ترقية نفسه في كمالاتها وقوله في وصف ابن حزم كتيبة الاندلسيين اي بمنزلة الجماعة من الرجال والخيل في العسكر فهو واحد بجماعة. ثم ذكر مستحسنا قول ابن الوردي من كل فن خذ ولا تجهل به. فالحر مطلع على الاسرار اي على المعارف والعلوم. ثم ذكر انه يقبح بالمرء ان له قدرة وليست له همة. فيقعد عن تحصيل امر ما مع قدرته عليه. قال المتنبي ولم ارى في عيوب الناس عيبا بنقص القادرين على التمام قال وهذا ضرب من الحرمان. اي ان تكاسل الانسان وتقاعده عن تحصيل ما تحصيله نوع من الحرمان. لان العلم خير. ولا ينبغي ان يوقف المرء نفسه عن الترقي في مراتبه ودرجاته حتى يكون منتهاه الى اصله الزخار ومنازله الاولى وهي الجنة جعلنا الله واياكم من اهلها. واقرب الخلق الى الجنة هم العلماء فالعلماء هم اقرب الناس الى الجنة. فان مستفتح الجنة هو النبي صلى الله عليه وسلم وورثته هم العلماء فاحرى الناس بان يحرصوا على الترقي فيما ينفع من العلم لايصاله الجنة هم ثم ذكر قول ابن القيم في ميميته فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم. يعني باعتبار ان الابوين ادم وحواء عليهما الصلاة والسلام كانا فيها ثم انزل. ثم ذكر ان من خصائص علوم الديانة ارتباط بعضها ببعض. اي قوة اتصال بعضها ببعض. قال فمحلها الى النورين. القرآن والسنة اي منتهاها الى الكتاب والسنة وهما وحي من الله واذا كان المنبع واحد كان الارتباط واضحا وانشد قول الزبيدي فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض مرتبط ان العلوم الشرعية وما يخدمها يأخذ بعضها برقاب بعض فهي متصلة قوية العلاقة بعضها ببعض ثم ذكر ان التفريق بين هذه العلوم بالاقتصار على فن واحد دون اصول بقية الفنون من اثار الاقتداء بعلوم اهل الدنيا. فان علوم اهل الدنيا ربما ادرك العلم منها بجمع النفس عليه وهذا متعذر في علوم الشريعة والديانة لان علوم الشريعة بعضها يخدم بعضا ويرفد بعضها بعضا فاذا قطع المرء صلته عن علم منها اضر بعلمه نفسه فالذي يشتغل مثلا في التفسير ولا علم له بما يحتاج اليه في الاعتقاد والفقه لا ينبل في التفسير ابدا وكذا من يشتغل بالفقه ويقطع صلته من عن التفسير والحديث لا ينبل في الفقه ابدا ثم ذكر الجادة السوية والمهيعة النافع في اخذ العلم فقال وثبوت القدم على الصراط الاتم وفي تحصيل اصول الفنون دون اتساع فيها. ثم التشاغل ما شاء العبد منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه. فاللائق بالمشتغل بالعلم ان يحصل اصول الفنون دون اتساع فيها فيعمد الى اصل او اصلين في كل علم وفق ما رتبه اهله. فاهل العلوم عادة يرتبون تلك العلوم في اصول تتلقى من المتون الجامعة. فيأخذ هذا الاصل او ما ابوه ويكتفي به ثم ينتقل الى غيره كان يأخذ مثلا في علم الحديث والنووية وعمدة الاحكام وبلوغ المرام ورياض الصالحين. ويأخذ مثلا في النحو المقدمة الاجرومية والفية ابن ما لك حتى يستتم اصول الفنون المتداولة عند اهل العلم. ثم ينتقل بعد الى رتبة ثانية وهي التشاغل بما شاء منها مما وجد قوته فيه وقدرته عليه فان النفس اذا تعاطى العلوم يجد نفسه في بعضها بالرغبة اليه وحسن الفهم له والقدرة عليه او بارشاد انه انس منه حسن فهم لعلم من العلوم او علمين. فعند ذلك يتوجه بكلكله اذا ذلك العلم او العلمين وينبل ويتوسع فيهما فلو قدر ان احدا احاط باصول الفنون المتداولة وله في مدة فقضاها ثم وجد نفسه ترغب الفقه وتدريه ولها قدرة على الاستنباط والكلام فيه. فجمع نفسه بعد على كتب الفقه. فصار متشاغلا بي ما نزلوا منزلة المطولات في هذا الفن كان يكون قرأ في المبتدأ اخصر المخصرات مختصراته وزاد المستقنع ثم يريد بعد ذلك الاقبال على الفقه فيقرأ بعد ذلك الروضة المربع وشرح المنتهى وشرح الاقناع ويجمع نفسه على هذه الكتب المطولة تكرارا. ثم ذكر ان بلوغ الغاية وحصول الكفاية اه في علوم الديانة جميعا ليس لكل ليس متهيأ لكل احد. اي ان الرتبة الاعلى وهي ان تكون للمرء قدرة ومشاركة ورغبة في كل الفنون وصعود الى مطولاتها فهذا ليس متهيأ لكل احد بل يقسمه الله سبحانه وتعالى بين الخلق بحسب ما يشاء ويقدر ثم قال وملاحظة الاختصاص اي ملاحظة ان هذا الامر يختص به من يختص به من الخلق تهون فيه اي تجعل هينا على النفس لمن كان سامي الروح ان يغامر في طلبه وان يتجسم العناء حتى ينال المنى ثم انشد قول الشاعر لاستسهلن الصعب. او ادرك المنى. فمن قادت الامال الا للصابرين. اي لا تلين الامان وتستسلم الا لمن صبر في تحصيلها. والمقصود ان يعلم طالب العلم ان الجادة السوية هو ان يجمع نفسه في مبتدأ عمره في مبتدأ عمره على حفظ الاصول المعتمدة واستشراحها بالفنون المتداولة. فاذا احاط بهذه الاصول علما واراد ان يجمع نفسه على فن او فنين من العلوم التي وجد فيها قوته وقدرته كان ذلك ممدوحا. واما بعض هذه العلوم النافعة حتى لا يدريها فهذا يضر به. فالذي يشتغل ولو تبحر في الحديث ولم يقرأ اصول النحو الرامية والفية ابن مالك فهذا لا ينتفع بعلمه كثيرا نقص في علمه الذي اراد ان يجمع نفسه عليه بقدر ما فاته من حاجة ذلك من حاجة هذا العلم الى علم النحو نعم. احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله تعالى البينة الرابعة ينبغي بان يكون هم الطالب الاعظم تحصيل علوم المقاصد والتفقه في الوحيين. فلا يشتغل بغيرها الا بقدر ما فيقف به على مقاصد العلم المنظور فيه دون ادامة نظر تبلغه غوره فان العلوم الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد وهي للعلم بمنزلة من حدي الطعام ان زاد ساء وان نقص ساء. قال ابن رحمه الله في المقدمة. اعلم ان العلوم المتعارفة بين اهل العمران على صنفين. علوم مقصودة كالشرعيات وعلوم هي الة ووسيلة لهذه العلوم. فاما العلوم التي هي مقاصد فلا حرج توسعة الكلام فيها وتفريع المسائل واستكشاف الادلة والانظار. فان ذلك يزيد طالبها تمكنا من وايضاحا لمعانيها المقصودة. واما العلوم التي هي الة لغيرها مثل العربية والمنطق وامثالها فلا ينبغي ان ينظر فيها الا من حيث هي الة لذلك الغير فقط. ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع لان ذلك مخرج لها عن المقصود اذ المقصود منها ما هي الة له لا غير. فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود وصار الاشتغال بها لغوا. مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرة وربما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات بطول وسائلها مع ان شأنها والعمر يقصر ان تحصين الجميع على هذه الصورة. انتهى ولا يتأنى للطالب الظفر بما يؤمنه منه المقاصد والوسائل ولا يتأتى احسن الله اليكم ولا يتأتى للطالب الظفر بما يؤمن من علوم المقاصد والوسائل حتى يكون نهازا للفرص مبتدئا للعلم من اوله اتيا له من منصرفا عن التشاغل عن التشاغل بطلب ما لا يضر جهله. ملحا في ابتغاء درك ما استصعب عليه غير مهمل له. قال الماوردي رحمه الله في ادب الدنيا والدين. فينبغي لطالب العلم الا يني في طلبه وينتهي الفرصة به فربما شح الزمان بما سمح وظن بما منح. ويبتدأ من العلم باوله ويأتيه من مدخله ولا يتشاغل بطلب ما لا يضر جهله ويمنعه ذلك من ادراك ما لا يسعه جهله. فان لكل علم فضولا مذهلة وشذورا مشغلة. انصرف اليها نفسه قطعته عما هو اهم منها. انتهى ثم قال ولا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما استصعب عليه اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه وادارة لها في ترك الاشتغال به فان ذلك مطية نوكة وعذر المقصرين. ومن اخذ ومن اخذ من العلم ما وترك منه ما تعذر كان كالقناص اذا امتنع عليه الصيد تركه فلا يرجع الا خائبا اذ ليس فيرى الصيد الا ممتنعا كذلك العلم. طلبه صعب على من جهله سهل على من علمه. لان معانيه التي ان يتوصلوا اليها مستودعة في كلام مترجم عنها. وكل كلام مستعمل فهو يجمع لفظا مسنوعا. ومعنى ثم فاللفظ كلام يعقل بالسمع والمعنى تحت اللفظ يفهم بالقلب انتهى. ذكر المصنف الله البينة الرابعة من البينات العشر. مبين انه ينبغي ان يكون هم الطالب الاعظم تحصيل الى علوم المقاصد والتفقه بالوحيين. فهذا الامر هو الكعبة المقصودة التي يشد اليها العلم رحاله في اقتباس العلم. فان اصل العلم وينبوعه هو الوحي الواردي الوالد في القرآن والسنة. ولا يشتغل مقتبس العلم بغير ذلك الا بقدر ما يطلعه على مقاصد العلم المنظور فيه. فهو لا يبتغي ان يقف على غور كل علم اي قعره الذي ينتهي اليه فان ذلك مما تطول فيه الاعمار وتنقص عنه قدر الخلق كما قال فان العلوم الالية كثيرة العدد ثقيلة العدد وهي للعلم بمنزلة الملح للطعام ان زاد ساء وان نقص ساء ويكفيه ان يبتغي الاطلاع على ما يحتاج اليه من هذه العلوم. ثم ذكر كلام ابن خلدون في ابن خلدون في مقدمته المبين ان علوم الخلق نوعان احدهما علوم مقصودة بالذات وهي الشرعية. والاخر علوم هي الة ووسيلة لهذه العلوم ثم ارشد الى ما ينبغي ان يكون عليه ملتمس العلم فيهما من ان العلوم التي هي مقاصد يتوسع فيها وتفرع فيها المسائل وينظر في وجوه الادلة اما العلوم التي هي الة لها فلا ينظر اليها الا من حيث هي الة لذلك الغير فقط فلا يوسع الكلام فيها ولا تفرع المسائل. لانها طويلة الذيل تنقطع دونها الاعمار وجمع النفس عليها يحول بين العبد وبين ما ينفعه من علوم المقاصد. ان المرء اذا اراد ان ان يستقصي علم النحو وعلم الاصول وعلم مصطلح الحديث احتاج الى عمر مديد كي يحيط بجميع افراد ما فيه وهو لا يحتاج الى كثير منه في فهم القرآن والسنة. فعلل النحو مثلا وهو من علوم النحاة لا يحتاج المرء الى توسيع القول فيه والاطلاع عليه لقلة حاجته اليه في النظر في الكتاب والسنة. ثم ذكر انه لا يتأتى للطالب اي لا يمكن للطالب الظفر بما يؤمله من علوم المقاصد ووسائل حتى يتحرى خمسا احدها ان يكون نهازا الفرص اي مغتنما لها. وثانيها ان يكون مبتدأ للعلم من اوله. فهو يشرع في العلم الذي يطلبه من اول ذلك العلم مما تعارف اهله على جعله صدرا له. يبلغ اخره مثلا اطبقوا على جعل مقدم علمهم هو باب الكلام فمن اراد ان يدرس النحو لزمه ان يبتدأه من اوله وثالثها ان يكون اتيا له من مدخله اي اخذا له من الاصول التي تعارف عليها اهله فهي مدخل ذلك العلم. فمن اراد النحو مثلا لم يحسن به ان يبتدأ من اخره بان يدرس كتاب مغن لبيب الذي هو معدود في اخر الة النحو بل ياتي هذا العلم من مدخله من المتون المختصرة المقيدة فيه كالمقدمة الات جرامية. ورابعها ان يكون منصرفا عن تشاغل بطلب ما لا يضر جهله فيحبس نفسه عن ان تذهب في طلب تلك العلوم مما لا يضر الجهل بها. وخامسها ان يكون ملحا. في ابتغاء درك ما استصعب عليه غير مهمل له. اي ينبغي ان يكون حريصا قويا العزم في طلب ما صعب عليه فاذا صعب عليه شيء لم يتركه لاجل صعوبته بل كرر النظر فيه حتى افهمه ثم نقل كلام الماوردي في ادب الدنيا والدين المرشد الى هؤلاء الخمس في قوله فينبغي لطالب العلم الا يني في طلب ان لا يقصر في طلبه وينتهز الفرصة به الى اخر كلامه ثم نقل عنه بعد انه لا ينبغي ان يدعوه ذلك الى ترك ما استصعب عليه اشعارا لنفسه ان ذلك من فضول علمه واعذارا لها في ترك الاشتغال به فان ذلك مطية النوكى اي الحمقى. وعذر المقصرين. فمن الناس اذا عليه شيء من العلم القى في نفسه ان هذا من فضول العلم. وان للانسان مندوحة في ترك الاشتغال به كان يدرس علم الفرائض فيدرس باب الجد اخوة ثم يترك فهم هذا الباب كما ينبغي على مذهب الحنابلة بان يعتمد الراجح ويسلي نفسه بان هذا من فضول العلم ويتركه وهذا لاجل استصعابه له بل العاقل ينبغي له وان يقوي نفسه في طلبه حتى يدركه ثم ذكر ان من اخذ من العلم ما تسهل وترك منه ما تعذر كان قناص اي الذي يطلب الصيد اذا امتنع عليه الصيد تركه فلا يرجع الا خائبا اذ ليس يرى الصيد الا ممتنعا يعني اي كمن يخرج في طلب صيد فهو يطلب صيدا فبينما هو في طريق خروجه الى الصيد رأى ارنبا فرغب في صيده ثم حدث نفسه بان الارنب سريع ويحتاج الى طرد حتى يدركه فترك التشاغل به لتكاسله عن اللحاق به. فرأى فوق لما رفع رأسه غزالا كبيرا من نفسه ان يصيده ثم حدث نفسه بان هذا الغزالة ممتنع في رأس الجبل وينبغي ان يرقى الجبل حتى ينال هذا الغزال ثم حدث نفسه بان يرجع الى شجرة بجانب بيته فيها طيور ليصيدها. فلما جاء الى تلك الشجرة واذا بالليل قد اظلم والطيور لا يراها. هذا يرجع من صيده بشيء كذلك طالب العلم اذا استصعب العلوم لم يرجع منها بشيء نعم احسن الله قلتم حفظكم الله تعالى البينة الخامسة مما يعين الطالب على الاتصاف بما سبق جمع على تلقي الاصول تحفظا وتفهما. فان افراغ زهرة العمر وقوة النفس في طلابها احسن الانتهاز واكمله وبها ابتداء العلوم من اوائلها واتيانها من مداخلها. واتياء واتيانها ومن مداخلها وهي سلم الارتقاء وهي سلم الارتقاء الى الحق في العلم وتحصيل ملكة الفن فان الحذق يدرك يدرك لثلاثة امور اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده. وثانيها الوقوف على مسائل وثالث واستنباط فروعه من اصوله. وايسر سبيل للتحقق بهذه الامور الثلاثة. بقر الاصول واستبطال منطوقها ومفهومها حتى يمتلئ القلب بحقائقها وتثبت في النفس مقاصدها فيصير يمارسون هذا حد وبصيرة بها. قال ابن خلدون في مقدمته بعد كلام سبق. وذلك ان الحق في العلم التفنن فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصول ملكة في الاحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على واستنباط فروعه من اصوله وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن في ذلك الفن المتناول حاصل وهذه الملكة غير الفهم والوعي لانا نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد ووعيها مشتركة مشتركا بين منشدا في ذلك الفن وبين من هو مبتدأ فيه. وبين العامي الذي لم يحصل علما وبين العالم من الحرير والملكة انما هي للعالم او الشادي في الفنون دون من سواهما. فدل على ان هذه الملكة غير الفهم والوعي انتهى. ذكر المصنف وفقه الله البينة الخامسة من البينات العشر معرفا بما يعين الطالب على الاتصاف بما سبق من تحصيل ما ينفعه من العلوم بان يجمع نفسه على تلقي الاصول اي الكتب المعتمدة تحفظا وتفهما فالاقبال يكون على اصول من معتمدة هي متون تلك الفنون ويأخذها حفظا وفهما فان هذا هو احسن الانتهاز للفرصة واكمله. ثم ذكر ان سلم الارتقاء في العلم وتحصيل وتحصيل ملكة الفن يكون بثلاثة امور اولها الاحاطة بمبادئ العلم وقواعده وتانيها الوقوف وعلى مسائله وثالثها استنباط فروعه من اصوله. فمن ادرك هذه الامور الثلاثة ترقى الى الحق في العلم. ثم بين ان ايسر سبيل للتحقق اي للاتصاف بهذه الامور الثلاثة الاصول اي شق الاصول واستبطان منطوقها ومفهومها اي ان يدرك ذلك ادراكا كانه يجعله في باطن نفسه. قال حتى يمتلئ القلب بحقائقها وتثبت في النفوذ بالنفس مقاصدها فيصير الممارس لها ذا حذق وبصيرة لها. فاذا تمكن المرء من تلك الاصول حفظا وفهما وادرك معانيها صارت عنده مكنة للحلق في العلم. ثم بين ذكر كلام ابن خلدون في التنوير بالحذق في العلم فقال وذلك ان الحذق في العلم والتفنى فيه والاستيلاء عليه انما هو بحصول ملكة في الاحاطة في مبادئه الى اخر ما قال فالحذق في العلم قدر زائد عن فهمه ففهم العلم شيء والحذف شيء اخر فان الفهم هو ادراك العلم. واما الحذق فهو كمال التصرف فيه. فهو كما ال التصرف فيه وهو الذي يسميه الفقهاء في فنهم فقيه النفس ففقيه النفس ليس هو الذي يدرك الفقه انما فقيه النفس هو الذي يكون الفقه ملكة راسخة له حتى يتصرف في هذا العلم بتلك الملكة كحال ابن الرفعة الشافعي فانه كان رجلا فقيها حق فقيه وقد وصفه عصريه ابن تيمية لما لقيه بانه رأى رجلا فروع الفقه تتقاطر من لحيته. فابن الرفعة لما انا جوهر الصقلي القاهرة ودعا الناس اليها افتى بحرمة النظر فيها وذكر ان موجب ذلك ان هذا من مد النظر الى زينة الحياة الدنيا وانه يقع بذلك استيلاء على القلب ورغبة في الدنيا فمثل هذه المعاني لا تكون الا من فقيه نفس قد وعى العلم وحواه حتى صار متصرفا فيه تصرفا كاملا قل مثل هذا في سائر العلوم. فهذه الرتبة وهي رتبة الحدق من وجود الملكة وهي الهيئة الراسخة فيه النفس ليست هي الفهم كما قال فان نجد الفهم مشتركا بين من هو بين من هو من شدى في ذلك الفن وبين من هو مبتدئ وبين العامي وبين العالم النحرير. فكل هؤلاء يفهمون ما يكون من الكلام في هذا الفن. ثم قال والملكة انما هي للعالم او الشادي في الفنون دون سواهما. والشادي في العلم هو الذي حصل قدرا حسنا فيه. والشادي في العلم هو الذي حصل قدرا حسنا فيه. فاذا علم المرء ان هذه الرتبة وهي رتبة الحذر اعلى مما مجرد الفهم حرص على الوصول اليه. وذلك بامتثال الطريق الذي ذكرناه من بقر الاصول واستبطان منطقها ومفهومها ولا يتأتى هذا الا جودة الحفظ وحسن الفهم لاصول العلوم. نعم. احسن الله قلتم حفظكم الله تعالى البينة السادسة ان الوصول الى في العلم لا يتهيأ باخذه واحدة بل لا بد من تجليج النفس فيه شيئا فشيئا. ويتحقق هذا بتكرار دراسة الفن في عدة اصول لله تنتظم ارتفاعا من الايجاز الى التوسط ثم الطول. وقد يكون لكل مرتبة اصل واحد وقد تضم وقد تضم اصلين اثنين معا وتختص الاصول الموجزة بكونها جامعة للمسائل الكبار في كل باب ثم ثم تتزايد مسائله في الاصول المتوسطة والمطولة. ومفتاح الانتفاع بكل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال يتهيأ له بذلك فهم الفن وتحصيل مسائله. ويتلقى بعدها الاصول المتوسطة مستوفاة الشرح والبيان مع ذكر ما هنالك من الخلاف ووجهه. فتقوى بذلك ملكته في الفن. ثم يتلقى وبعدها الاصول المطولة مستكملا شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها. ويزاد له حل المشكلات المبهمات وفتح المقفلات فيصل بهذه المدة الى ملكة الفن. والمرشد الى هذا كله هو الدراكة بصير ابن خلدون اذ يقول في مقدمته. اعلم ان تلقين العلوم للمتعلمين انما يكون مفيدا اذا كان على التدريب يجي شيئا فشيئا وقليلا قليلا. يلقى عليه اولا مسائل من كل باب من الفن. هي اصول ذلك الباب ويقرب له في شرحها على سبيل الاجمال ويراعي في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يورد عليه حتى ينتهي الى اخر الفن وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم الا انها جزئية وضعيفة وغايتها انها هيأته لفهم الفن وتحصيل مسائله. ثم يرجع به الى الفن ثانية في رفعه في التلقين عن الرتبة الى اعلى منها ويستوفي الشرح والبيان ويخرج عن الاجمال ويذكر له ما هنالك من الخلاف ووجه الى ان الى ان ينتهي الى اخر الفن فتجود ملكة فتجود ملكته. ثم يرجع به وقد فلا يترك عويصا ولا مبهما ولا منغلقا الا وضحه وفتح له مقفله. فيخلص منها من الفن استولى على ملكته هذا وجه التعليم المفيد وهو كما رأيت انما يحصل في ثلاث تكرارات وقد يحصل في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه. انتهى كلامه وهو شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة النظامية فيما دون الجامعة في مراحل ثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية ذكر المصنف وفقه الله البينة السادسة من البينات العشر. مبينا ان الوصول الى الحلق العلم وهي المرتبة الممدوحة قبل لا يتهيأ باخذه دفعة واحدة بل لابد ان يدرج المرء اخذه للعلم شيئا فشيئا. ويكون ذلك بتكرار دراسة الفن في عدة اصول له. تنتظم ارتفاعا من الايجاز الى التوسط ثم الطول. فالعلم له في كل فن مراتب ثلاث. هي الاختصار ثم ثم الطول وكل مرتبة من هذه المراتب لها اصل او اكثر فيكون تلقيه للعلم بان يبدأ بالمرتبة الاولى ويحصل ما فيها من اصل واحد او اكثر ثم يرتقي الى المرتبة الثانية ثم يلتقي الى المرتبة الثالثة كذلك. ثم ذكر ما تختص به الاصول الموجزة بانها جامعة للمسائل الكبار في كل باب ثم تتزايد مسائله في المتوسط والمطول فانك اذا درست الاصول مثلا وجدت مقدمها الكلام على الاحكام التكليفية والوضعية. فيكون الكلام فيه بصرا في الاصول الوجيزة. ثم يكون هذا الباب ايضا هو مقدمة الاصول المتوسطة. ولكن الكلام عليه اكثر من الكلام عليه في الوجيز. ثم اذا وصلت الى المطول وجدت الباب نفسه ولكن بزيادة اكثر. ثم ذكر ان مفتاح الانتفاع بكل هو ان يتلقى الطالب الاصول الموجزة على سبيل الاجمال ثم يزاد له في الشرح والبيان في المتون المتوسطة. ثم يتلقى الاصول المطولة مستكملا شرحها وبيانها ومعرفة خلافياتها. فهذه هي جادة العلم. واذا اخذ بغير هذه تعسر نيله فاذا بدر الطالب بان يتلقى هذا العلم في المتون المختصرة على نحو تبين به المطولات اضر ذلك به فان المتون المختصرة كما تتقدم كما تقدم يتلقاها الطالب على سبيل الاجمال. واما في المطولات فيتلقاها على سبيل استكمال الشرح والبيان وذكر الخلافيات ونحوها. فاذا اخذت طريقة بيان المطولات وجعلت من المختصرات لم يفلح الطالب للانتفاع بالعلم ولم يفلح الشيخ في توريث العلم الذي معه الناس بعده كعلم النحو مثلا فاذا جاء الطالب المقدمة الاجرامية وهي عند اكثر اهل الارض المتن الذي يستفتح به النحو عادة فجاء الى شيخ فلقنه هذا المتن على سبيل الشرح والبيان فانه لا يكاد يستكمله ولو استكمله واستكمله لم يفهمه بخلاف لو سلك معه سبيل الاجماع. فاذا جاء وشرح اليه قوله اوله او قوله في اوله الكلام هو اللفظ المفيد بالوظع فقال له الكلام مركب من شيئين احدهما اخر كلام وال عندهم ثلاثة انواع ثم تكلم على كل نوع من انواع ثم ذكر الخلاف في المعرف هل هو الالف واللام معا؟ ام هل الالف وحدها او اللام وحدها؟ على اختلاف مذاهب نحاكي فيها وبقي كل درسه في الكلمة الاولى الكلام ثم في درس اخر استكمل ذلك فمثل ذلك لا ينتفع به الطالب ولا يكون نحويا حتى يلج الجمل يسمى الخيار. ولم يقع هذا الا في هذه العصور المتأخرة لما انبت في العلم من لم يأخذه عن اهله وانما اخذه عن الكتب. ثم ذكر ان المرشد الى هذا امر الجاري بين اهل العلم بنصه ابن خلدون في كتابه المقدمة. فبين ان ترقين العلوم للمتعلمين انما ما يكون مفيدا وانما عندهم تسمى اداة حصر. انما يكون مفيدا اذا كان على التدريج شيئا فشيئا يلقى اليه يلقي اليه اولا مسائل من كل باب من الفن ثم ذكر انه يرجع اليه ثانية ثم اليه ثالثة ويلقنه كل مرة زيادة في المسائل وزيادة في الشرح والبيان. فهو يزيده في المسائل باصول متوسطة فوق ما في المختصرة ففي المطولة فوق ما في المتوسطة وكذلك يكون بيانه من المطولات غير بيانه للمتوسطات وبيانه للمتوسطات غير بيانه للمختصرة. ثم قال ابن خلدون في اخر كلامه في الصفحة الثانية قال هذا وجه التعليم المفيد. هل هذا وجه التعليم المفيد يعني هذا هو التعليم الذي ينفع؟ قال وهو كما رأيت انما يحصل في ثلاث تكرارات وقد يحصل للبعض في اقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه وقد يزاد البعض بحسب ما يحتاج اليه. فان من الناس من يثقل فهمه في علمه مع وجود رغبته فينقله معلمه الى زيادة اصل ينتفع به. فمثل هذا يسوء. وهذه هي جادة المعلمين الذين يسعون في نفع الخلق ثم قال صاحب الكتاب بعد نقل كلام ابن خلدون وهو شبيه باجتماع الخلق على ترتيب الدراسة فيما دون الجامعة في مراحل ثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية والعادة انه يتلقى غالبا ما تلقاه في المرحلة السابقة لكن مع زيادة. فيزيد في المتوسطة فوق ما في الابتدائي ويزيد في الثانوي فوق ما في متوسط نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله تعالى البينة السابعة تؤخذ اصول الفنون حفظا وفهما عن شيخ عارف متصف بوصفين اثنين. احدهما الاهلية في الفن بتمكنه في النفس اخر النصح وحسن المعرفة بطرق التعليم. فان العلم خزانة الشريعة ومفاتيح الخزانة بايدي العلماء انهم ورثة الانبياء ومن لم يفتح له الخازن كيف ينال مبتراه. ودلائل الشرع والعقل متواطئة على تقرير بهذا المعنى ومن ظن انه يدرك العلم دون شيخ مرشد فلا يتعنى والشيوخ لهم درجات ومراتب يتفاضلون فيها والذي تنبغي رعايته فيهم الوصفان المذكوران انفا. فمن اجتمع فيه من الشيوخ فهو اولى عنه وان كان غيره اعلم منه. فمن لم يكن ناصحا عارفا بطرق التعليم اضر بالمتعلمين واوردهم ارد الاذى فاحرص على من تقدم وصفه فان لم يتيسر مثله او من يقاربه من الشيوخ وفقد الشيخ المعلم في بلد او زمن او شق الوصول اليه امكن سلوك احد الطرق الاتية. الاول استحضار شرح معتمد للاصل المقصود وتفهم معانيه مع مراجعة شيخ عارف بالفن فيما اشكل منه. الثاني الزيادة على شرح واحد مع سلوك ما مضى ومحل هذا اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه فلابد من بعضها الى بعض او كان الطالب جيد الفهم قوي العقل. الثالث الزيادة على المرتبة السابقة بمطالعة مدونة الفن المعتمدة ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروط على الحال المذكورة سابقا والطالب فوق ما تقدم وكما اردت فان اختيار طريق دون اخر يختلف باختلاف قوة الفهم ومحل الفن المقصود من العلوم ومنزلة اصل الموصل الى فهمه بين كتبه. ومن اصول الملكة العلمية ما يمكن تحصيله دون الحاجة الى ارضه على شيخ مع كون ذلك اكمل كالبداية والنهاية مثلا لكن هذا الضرب من الاصول لا تحصل مطالعته الا بعد التظلم نوع من مهمات العلوم لتعظم منفعته وقد يحتاج الطالب الى عرض شيء منه على شيخ يكشف معناه ويوضح مغزى هذا كله من حق الطالب من صناعة الفهم عند فقد الشيخ. اما صناعة الحفظ فله ان يعرض محفوظه من المصححة للاصل على قرين له ذي معرفة على قرين له ذي معرفة بالفن فان عدم القرين الموصوف غيره مع الالتزام بنسخ الاصول المتقنة الموثوق بها. فان لم يجد فليرتحل من بلده فان العلم لا ينعش فيها وليطلب بلدا يجد فيها بغيته. والا بقي في ظلمة الجهل والحيرة. ذكر المصنف الله البينة السابعة من البينات العشر مخبرا بان اصول الفنون تؤخذ حفظا وفهما عن شيخ عارف موصوف بوصفين احدهما الاهلية في الفن بان يكون ذا معرفة له واحاطة به متمكنا منه والاخر النصح وحسن المعرفة بطرق التعليم. فالعلم لا يمكن والا بالتلقي عن اهله وهذا اصل مضطرد في هذه الامة. والشيوخ المتصدرون للتعليم متفاوتون في رتبهم منه. والذي تنبغي رعايته فيهم ملاحظة الوصفين المتقدمين. فمن وجد ناصحا لزمه فانه انفع له من غيره. وان كان غيره اوسع منه في ذلك فكم من انسان له نظر واسع في فن لا يتخرج به احد بجهله بطرق التعليم و تغييبه النصح للمتعلمين فهو ذو علم كثير في فن من الفنون لكن لا بصيرة له في تعليم الناس وارشادهم فربما اضر بهم. ثم ذكر ما ينبغي سلوكه في المحل الذي يتعطل فيه الشيخ ولا يوجد من يقوم مقامه للاخذ عنه فارشد الى ما ينبغي سلوكه بمنزلة اكل الميت الميتة عند الضرورة فهذا الشيء الذي ذكره انما هو وصف لما ينبغي ان يسلكه بعض الناس في بعض البلاد الاسلامية اليوم او غيرها مما مما لا يوجد فيها شيخ معلم فارسل الى انه يمكن سلوك طرق اولها استحضار شرح معتمد للاصل المقصود وتفهم بمعانيه مع مراجعة شيخ عارف بالفن فيما اشكل منه. لا تمكنه القراءة عليه اما لبعده واما لشغله. لكن يراجعه فيما اشكل فقط ويتفهم اذى المتن من شرح معتمد والثاني الزيادة على شرح واحد مع سلوك فيما مضى ومحله اذا كانت شروح الاصل تقصر عن توضيح معانيه. اي لا يقوم شرح واحد منها بالوفاء ببيان فيحتاج الى ضم شرح ثان او تالت فيضمه اليه وينظر في عدة شروح بشرط ان يكون الطالب جيد الفهم قوي العقل اي يمكنه ان ينظر في عدة كتب ويفهم منها والثالث الزيادة على المرتبة السابقة لمطالعة مدونات الفن المعتمدة فاذا قصرت شروح عدة عن بيان معنى شيء في متن له ان يطالع متون اصول الفن التي ليست بشروح فينظر في كلام اهلها على تلك المسألة المذكورة في ذلك المثل قال ولا يصلح هذا الطريق الا اذا كانت الشروح على الحال المذكورة سابقا اي من جهة قصورها عن بيان ما يحتاج والطالب فوق ما تقدم يعني اي موصوفا بجودة الفهم وقوة العقل. ثم ذكر ان اختيار طريق دون اخر يختلف باختلاف قوة الفهم ومحل الفن المقصود من العلوم فالعلوم متفاوتة القوى في النفس قال ومنزلة الاصل الموصل الى فهمه بين كتبه ثم ذكر ان من اصول الملكة العلمية اي من من الاصول التي تبني للملكة العلمية ما يمكن تحصيله دون الحاجة الى عرضه على شيخ. مع كون ذلك اكمل. قال كالبداية والنهاية مثلا في البداية والنهاية هو من اصول الملكة العلمية في التاريخ. قالوا لكن هذا الضرب من الاصول لا تحسنوا مطالعته الا بعد التضلع من مهمات العلوم لتعظم منفعته. فلا يطالعه الا اذا ادرك اصول الفنون لينتفع اكثر. بل وقد يحتاج الطالب الى عرض شيء منه على شيخ يكشف معناه ويوضح ثم قال بعد فراغه هذا كله حد الطالب من صناعة الفهم عند فقد الشيخ اي سلوكه تلك طرق واحدة من تلك الطرق التي ذكرنا قال اما صناعة الحفظ اذا لم يكن شيخ يعرض عليه محفوظة فله ان يعرض ومحفوظه من نسخة مصححة للاصل على قرين له ذي معرفة بالفن. فلابد من شيئين احدهم ان تكون النسخة التي يعرض محفوظه منها نسخة صحيحة والاخر ان يكون من يعرض عليه ممن لم رتبة الشيخ له معرفة بذلك الفن. اي ممن درسه وان لم يحط به علما بان يكون معلما له قال فان عدم القرين الموصوف قصد غيره. يعني قصد اخر. مع الالتزام بنسخ الاصول المتقنة الموثوق بها. اي اذا فقد قرين له معرفة بالفن اقتصر على ان تكون النسخة التي يحفظ منها نسخة معتمدة موثوقا بها لان لا يقع في الغلط في حفظ شيء او فهمه كما ذكرنا في الوسطي انه وقع في بعض نسخها عند ذكر الكرامة وهي موجودة في جميع فرق الامة. فهذا خطأ في الحفظ نشأ منه خطأ في الفهم لمن تلقاه على هذه النسخة هو له نظائر في كتب العلم. قال فان لم يجد اي لم يكن له قرين يعينه وله رغبة انتم في العلم فليرتحل من بلده. فان العلم لا ينعش فيها اي لا يحيا ولا يقوى فيها. ومن ابواب الهجرة الممدوحة الهجرة من بلد الجهل الى بلد العلم. ذكره ابن العرب في احكام القرآن قال وليطلب بلدا يجد فيه بغيته اي حاجته والا بقي في ظلمة الجهل والحيرة. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله تعالى البينة الثامنة من القواعد الاصول في ادراك العلم من مأمول تقليل الدروس واحكام المدروس. وعروة الاحكام الوثقى هي ملازمة التكرار للدرس والحرص على مذاكرة الاقران ففي المذاكرة احياء الذاكرة والعلم غرس القلب والغرس بلا سقيا يموت وسقيا العلم مذاكرته ومن بدائع الالفاظ المستجابة من طرائح الحفاظ قول ابي الحجاج المسي الحافظ رحمه الله من حاز العلم وذاكره حسن الدنيا واخرته. فادم للعلم مذاكرة فحياة العلم مذاكرته وعاقبة ترك المذاكرة فقد العلم. قال ابن شهاب الزهري قال ابن شهاب الزهري رحمه الله انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة وترك الاستذكار بعد التحفظ والتفهم يضيع به زمن طويل ابتغاء استرجاع مفهوم ذهبت معانيه او محفوظ نسيت مبانيه. وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعطلة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. قال ابن عبد البر رحمه الله في كتابه التمهيدي يبين معناه. واذا كان قرآن ميسر للذكر كالابل المعطلة. من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم ذكر المصنف وفقه الله البينة الثامنة من البينات العشر مبينا ان من القواعد الاصول في ادراك العلم المأمول تقليل الدروس واحكام المدروس بان يقلل ما يدرسه ويجتهد في احكامه. والتقليل نسبي فمن اهل العلم من له قدرة على اثني عشر درسا في اليوم ويرى هذا قليلا في حقه كالنووي وغيره لما كان طالبا ومنهم من يكون تكون له قدرة على درس واحد فيلاحظ المرء قوة نفسه. والمقصود درس واحد في اليوم كما كانوا ويجتهدوا في احكام المدروس يعني حفظا وفهما بان يتقنه. ثم ذكر ان عروة الاحكام الوتقى ملازمة التكرار للدرس والحرص على مذاكرة الاقران. فيكرر درسه في نفسه ويذاكره مع قال فيلم ففي المذاكرة احياء الذاكرة والعلم غرس القلب. وذكر كلام المزي نظما في مشهورين ثم اتبعه بقوله وعاقبة ترك المذاكرة فقد العلم اي اذا ترك ملتمس العين مذاكرة ذهب منه واذا ذهب العلم منه فاراد ان يسترجعه انفق وقتا جديدا وجهدا اخر في ما تقدم له حفظه وفهمه وذكر في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعطلة اي المقيدة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. قال ابن عبد البر واذا كان القرآن الميسر او للذكر كالابل المعطلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم؟ اي اولى بان من تعاهدها ورعاها بقيت معه ومن اهملها فانها تضيع منه. ومما نسخ في اكثر البلدان من طريقة اخذ العلم المذاكرة بين الاقران فلا تكاد تجد الاقران يجتمعون لمدارسة علومهم. وكان الاشياخ فيما سبق يلزمون لهم بان يجلسوا في اليوم ميعادا اي وقتا محددا لمذاكرة الدروس التي اخذوها في ذلك اليوم بينهم فيذكر بعضهم بعضا بها ويوضح بعضهم لبعض ما قد يكون اخطأ في فهمه فتقوى ملكة العلم فيهم ويترقون فيه شيئا فشيئا. نعم. احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله تعالى البينة التاسعة في التأني نيل بغية المتمني والثبات نبات وانما يجمع العلم بطول المدة وتجويد العدة قال الزهري يوصي صاحبه يونس ابن يزيد الايدي يا يونس لا تكابر العلم فان العلم اودية فايها اخذت فيه قطع بك قبل ان تبلغه ولكن خذه مع الايام والليالي ولا تأخذ العلم ولا تأخذ العلم جملة فان من رام اخذه جملة ذهب عنه جملة. ولكن الشيء ولكن الشيء بعد الشيء مع مع الليالي والايام فمن طلب العلم في ايام وليال فقد طلب فمن طلب العلم في ايام وليال فقد طلب المحال. ومن حشى قلبه به شيئا فشيئا سال واديه واروى قاصديه. ونهاية العجول تشتت وغفول. قال الخطيب رحمه الله في الفقيه والمتفقه اعلم ان القلب ان القلب جارحة من الجوارح تحتمل اشياء وتعجز عن اشياء كالجسم الذي يحتمل بعض الناس ان يحمل مئتي رطب ومنهم من يعجز عن عشرين ركلا عن عشرين رطلا ذلك منهم من يمشي فراسخ في يوم لا يعجزه ومنهم من يمشي بعض ميل فيضر ذلك به ومنهم من يأكل من الطعام قال ومنهم من يتخمه الرتر فما دونه. فكذلك القلب من الناس من يحفظ عشر ورقات في ساعة ومنهم من من لا يحفظ نصف صفحة في ايام فاذا ذهب الذي مقدار حفظه نصف صفحة يروم ان يحفظ عشر ورقات تشبها بغيره لحقه الملل وادركه الضجر ونسي ما حفظ ولم ينتفع بما سمع بما سمع ذكر المصنف ووفقه الله البينة التاسعة من البينات العشر. مبينا ان في التأني نيل بغيت المتمني والثبات نبات. فالمرء اذا تأنى في اخذه العلم ادرك بغيته منه. قال وانما يجمع العلم بطول وتجويد العدة فلا ينال العلم في مدة يسيرة ولا يكون ثابتا في النفس في ازمنة قصيرة وذكر كلام الزهري لبعض اصحابه وهو يونس بن يزيد الايدي اعلاما له بصفة باخذ العلم بقوله ولكن خذه مع الايام والليالي ولا تأخذ العلم جملة فان من رام العلم فان من رام اخذه جملة ذهب عنه جملة ثم قال المصنف فمن طلب العلم في ايام وليال فقد طلب المحال. ومن حشى قلبه به شيئا فشيئا سال وديه واروى قاصديه ونهاية العجول تشتت وافول يعني ذهاب وزوال فطلب العلم يحتاج الى اعادة نظر وادمان فكر وتقريب ذهنه فيما ينتفع به من العلم كهذه الدروس فهذه الدروس اذا اقتصر عليها طالب العلم وظن انه اذا جلس فيها ثم رجع الى بيته صار قد ادرك علما فهذا لا ينتفع بما سمع وانما ينتفع اذا اعاد النظر في هذه المسموعات من العلم واحسن تفهمها وحرص على حفظ ما القي فيها وذاكر بها اقرانه فيكون قد جود ما اخذه في مدة يسيرة ان الناس قد استجد من احوالهم في ضيق اوقاتهم ما ينبغي معه اصلاح التعليم لهم. قال عمر ابن عبد العزيز يحدث للناس اقضية بقدر ما يحدثون من الفساد. ومثله تحدث للناس احوال بقدر ما يحفظون به على ونشر العلم وتعليمه ليس له صورة توقيفية لا يكون الا بها وانما ينظر فيه ما يصلح به الناس لكن ينبهون الى ان ما يعرض لهم في هذه الصورة او تلك يحتاج الى كذا وكذا ثم ذكر كلام الخطيب البغدادي في ملاحظة قدرة القلب على العلم وان القلب كسائر الاعضاء كسائر الاعضاء اذا فحمل شيئا لا يقدره فانه يعجز عنه. واذا اخذ شيئا فشيئا فانه يقدر عليه. ولابيه ذلك العسكري كتاب نافع اسمه الحث على حفظ العلم. ذكر فيه حاله التي كان عليه. وانه كان في ابتداء اخذ العلم كان يعاني الساعات الطوال في حفظ الشيء اليسير. فلم يزل يروض نفسه عن الحفظ يعني نفسه على الحفظ ويعتاد حتى حفظ في سحر واحد قصيدة رؤبة ابن العجاج قاتب الاعمال بخاوي المخترق وهي ثلاثمئة بيت. حفظها في سحر واحد وهو يقول انا كنت ما اقدر على الحفظ. لانه لم يزل يروظ نفسه على الحفظ حتى قوي قلبه عليه. مثله من لم يعتدي المشي فاراد ان يمشي لاول مرة بعد لان سمع طبيبا ينصح بالمشي اراد ان يطوف حول عرعر كلها على قدميه فخرج في صبيحة يوم وطاف قول عرعر كلها في ذلك اليوم. ففي المساء ذهبوا به الى المستشفى عنده تمزق في العضلات. اضر بنفسه وبعدها ترك كان ضحك علينا الدكتور هذا فليه يضر هو اضر انت الذي لو ضريت نفسك لانك لم تسلك به الطريقة الصحيحة لكنه لو مشى كيلا اذا عدة ايام ثم زاد كلا ثانيا بعده ثم زاد كيلا ثالثا فانه مع المدة يصير له تصير له قدرة على مشي المسافات الطويلة. وكذلك العلم اذا مضى الانسان عليه شيئا فشيئا حفظا وفهما ومطلعة وبحثا مذاكرة اذا راض الانسان نفسه عليه شيئا فشيئا فانه يصل الى بغيته منه. نعم احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله تعالى البينة العاشرة لكل صناعة عدة تقرب نوالها صيابها وعدة التعلم الة المتعلم. فمن كانت معه الالة بلغ ذروة العلم والا وقف دونه واوعى مقالة بينت الة العلم مما طالعته ما ساقه الماوردي في ادب الدنيا والدين. فقد جعلها تسعة امور مع مع ما يلاحظ المتألم من التوفيق ويمد به من المعونة. الاول العقل به تدرك حقائق الامور. والثاني الفطنة التي يتصور بها غوامض العلوم. والثالث الذكاء الذي يستقر حفظ ما تصوره وفهم ما علمه. الرابع والرابع الشهوة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع اليها الملل والخوف خامس الاكتفاء بمادة تغني عن كلف الطلب. والسادس الفراغ الذي يكون معه التوفر ويحصل به الاستكشار والسابع عدم القواطع المذهلة من هموم واشغال وامراض. والثامن طول العمر واتساع المدة فهي بالاستكثار الى مراتب الكمال. والتاسع الظفر بعالم سمح بعلمه. متأن في تعليمه ذكر المصنف وفقه الله البينة العاشرة من البينات العشر فهي اخرها ذاكرا ان لكل صناعة عدة تقرب نوالها اي الة تقرب نوالها كما قال اعدت في التعلم الة المتعلم اي ان العدة التي يتخذها المرء باصابة العلم هي التي تسمى الة الم تعلم؟ فمن كانت معه الالة بلغ ذروة العلم اي اعلاه والا وقف دونها. ثم ذكر ان اول اوعى مقالة بينت الة العلم مما طالعه كلام الماوردي في ادب الدنيا والدين وجعلها تسعة امور مع ما يلاحظ من التوفيق اي ما يحيطه من توفيق الله سبحانه وتعالى ويمد به من معونته عز وجل. قال الاول العقل الذي تدرك به حقائق العلوم اي قوة الادراك التي يقدر بها على الفهم الصحيح. قال والثاني الفطنة التي يتصور بها قوامض العلوم. اي نباهة الذهن اي نباهة الذهن فتكون له نباهة يقدر بها على فهم ما يغضب من العلم. والثالث الذكاء اي حدة الذهن الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم وفهم ما علمه رابع الشهوة اي شدة الرغبة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع اليها الملل خامس الاكتفاء بمادة تغنيها عن كلف الطلب اي اي الاستغناء بمال يغنيه عن حوائج طلبه من كتب او ملبس ومطعم وسكن ونحو ذلك. والسادس الفراغ الذي يكون معه التوفر ويحصل به استفتاء فلا يكون مشغولا بصنعة من الصنائع ولا بغيرها. فيفرغ نفسه للعلم والسابع عدم القواطع المذهلة من هموم واشغال وامراض لان هذه القواطع اذا هجمت على العبد اضعف فلم تكن له قدرة على اخذ العلم. لهذا ينبغي ان يحرص الطالب على اهتمام ما يجده من فراغ نفسه وعدم شغلها بهم في جسده ولا في رزقه وقوته في بطلب العلم فان الايام تتغير والاحوال تتبدل. قال والثامن طول العمر واتساع المدة. لينتهي بالاستقلال الى مراتب الكمال. فالعلم يحتاج الى عمر ولا يتم للمرء علمه حتى يتم له عمره هو يموت المرء ولم يقضي نهمته من العلم. فكما ان الانسان كلما كبر سنة وجد نفسه اكبر فالصغير يفرح اذا بلغ والبالغ يفرح اذا صار شابا والشاب يفرح اذا صار كهلا فان العلم تكون حاله مع المرء كحال عمره في تقدمه فيه. ثم قال الظفر بعالم اي الفوز بعالم يأخذ عنه. سمح بعلمه اي بادر له. اي اذن له متأن في تعليمه. اي يلقنه العلم شيئا فشيئا. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله تعالى الخاتمة قال محمد مرتضى قال محمد مرتضى بن محمد الحسيني زبيدي. روى ابن عبدالبر ذو الاتقان في طرة من جامع البيان ارجوزة تعجب من رآها الى الامام اللؤلؤ عزاها. منظومة كالجوهر المكنون وقيل عزوها قائلا المأمون اوردت ها هنا لحسن سوقها للغائصين في بحار ذوقها ونصها من بعد حمد الله مصليا على رسول الله. اعلم بان العلم بالتعلم والحفظ والاتقان والعلم قد يرزقه الصغير في سنه ويحرم الكبير وانما المرء باصغريه ليس برجليه ولا يدريه لسانه وقلبه المركب في صدره وذاك خلق عجم والعلم بالفهم وبالمذاكرة والدرس والفكرة والمناظرة فرب انسان ينال الحفظ ويورد ويحكي اللفظ وماله في غيره نصيب. مما حواه العالم الاديب. ورب ذي من شديد الحب للعلم والذكر بليد القلب معجز في الحفظ والرواية. ليست له عمة وحكاية واخر يعطى بلا اجتهاد حفظا لما قد جاء في الاسناد يفيده بالقلب نابلا ناظره ليس بمضطر الى قناطره. فالتمس العلم واجبل في الطلب والعلم لا يحصل الا الادب النافع حسن الصمت ففي كثير القول بعض المقت. فكن لحسن الصمت ما حييت مقارنا تحمد ما بقيت وان بدت بين اناس مسألة معروفة في العلم او مفتعلة فلا تكن الى الجواب سابقا حتى ترى غيرك فيه ناطقا. فكم رأيت من عجول سابق من غير فهم بالخطأ ناطق. ازغى به ذلك في المجالس بين ذوي الالباب الصمت فاعلم بك حقا ازين ان لم يكن عندك علم متقن. وقل اذا اعياك ذاك الامر ما لي بما تسأل عنه فذاك شطر العلم عند العلماء. كذا كما زالت تقول الحكماء اياك والعجب بفضل رأيك واحذر جواب القول من خطابك كم من جواب الندامة فاغتنم الصمت مع السلامة. العلم بحر منتهاه يبعد ليس له حد اليه يقصد وليس كل العلم قد حويته فجلول العشر ولو احصيته. وما بقي عليك منه اكثر مما علمت والجواد يعثر فكن لما علمت فكن لما علمته مستفهما. ان كنت لا تفهم الكلمات. القول قولان فقول تعلم. واخر تسمع فتجهله. وكل قول فله جواد يجمعه الباطل والصواب وللكلام اول واخر فافهمهما والذهن منك لا تدفع القول ولا ترده حتى يؤديك الى ما بعده. فربما اعياد فضائلي جواب ما يلقى من المسائل فيمسك في الصمت عن جوابه عند اعتراض الشك في صوابه ولو يكون القول عند الناس من فضة بيضة بلا انتباس. اذا لكان من اين الذهب فافهم هداك الله اداب الطلب الى هنا قد انتهى المنقول فاسمعه رشد ما اقول العلم اصل الدين والاحسان طريق كل الخير والجنان دل على لا تفضي لهم برهان وسنة النبي والقرآن هل يستوي الذين يعلمون وعصبة بالعلم يجهلون لا تدعو الا العلماء ناسا لغيرهم لا ترفعن رأسا. وهو فالعلم ان زاد ولم يزد هدى لم يستفد الا ردى فلا تعد ذاته فضيلة. ان لم يكن على الهدى وسيلة انه كالكذب والخيال يكون عند الخلق للاعمال فحق اهل العلم صدق النية وفي صفا هويتي والجد في التقوى بخير سيرتي ليستقر العلم في البصيرة الانوار في جنانه وعن مد الاوزار في لسانه وان عنوان علوم في الصدق والخشية واليقين وافضل العلوم علم يقترب به الفتى من ربه فيما يحب فليبذل الجهد بما يزيده والهدى في كل ما يفيده وبالاهم الاهم ينتقي من كل فن ما يفيد ما بقي فان انواع العلوم تختلط وبعضها بشرط بعض المرتبط فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد ناصح ثم مع المدة فابحث عنه حقق ودقق ما استمد منه لكن ذاك باختلاف الفهم مختلف وباختلاف العلم فالمبتدي والفدم لا يطيق بحثا بعلم وجهود دقيق ومن يكن في فهمه فلاذة فليصرف الوقت الى العبادة او غيرها من كل ذي ثواب ولو بحسن قصد في الاسباب فليعمر العمر فكل ذرة رخيصة منه بالف درة فيضبط الاوقات بالموت من قبل سب فتنة وفوت والعلم ذكر الله في احكامه على الورى كالشكر في فذكره في الذات والصفات كالذكر في الاحكام والايات لكن كثير افاته كما ترى فصار فيهم حاجبا لنوره عنه فما ذاقوا جنى مأثوره فهلكوا بقسوة وكبر وحسد وعجب ومكر نعوذ بالله من الخبائث والعود بعد الحق في الضلال فالذم منهم لا من العلوم فانها من طلعة قيوم فحق من يخشى مقام ربه ان يعتني بعين معنى قلبه وليجتهد بكل ما يزيده بالحق في يقينه وان يديم الذكر بالامعان. والفكر في والفكر وفيه في جميع الشأن ليغرس التحقيق باليقين في قلبه بالحق والتمكين حتى يكون عند موت جسمه حي الحجاب نوره وعلمه طوبى لمن طاب له فؤاده بالعلم والتقوى عليه زاده فسار في الحق على طريقه الحقيقة على اتباع المصطفى مدنية في القول والفعل وعقد النية. هذا اخر بينه وبين وتمام المعاني المبينة. هذه ابيات من اخر الفية اسمها السند وهي ابيات نافعة مشتملة على نصائح كثيرة في اخذ العلم وحمله واصلاح النفسي به