السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الخامس والعشرون من الدرس الواحد التاسع والكتاب المقروء فيه هو مسألة في رجلين. لشيخ الاسلام ابي العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة احمد ابن عبدالحليم ابن عبد النميري الحراني الحنبلي. يكنى بابي العباس ويعرف بشيخ الاسلام وببن تيمية نسبة الى احد جداته وبتقي الدين. وبه اشتهر في كتب فقهاء الحنابلة. فانهم اذا قالوا قال تقي الدين فمرادهم به شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وكان يكره هذا الاسم ويقول ان اهلي سموني به صغيرا. اي فغلب عليه المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في العاشر من ربيع الاول سنة احدى وستين وست مئة المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وله من العمر سبع وستون سنة فرحمه الله رحمة واسعة. المقدمة التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه اثبت على النسخة الخطية لهذا الكتاب مسألة في رجلين قال احدهما للاخر ما مذهبك؟ وكأنه من وضع ناسخ الاصل ورسائل شيخ الاسلام من هذا الجنس كثير. فانه كان يكتب مسألة ثم تسير بها الركبان ويضع لها ناسخوها ما يدل على مضمونها بحسب ما يقدرونه المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب في بيان ان القرآن كلام الله والرد على من اعتقد خلافه المقصد الثالث توضيح منهجه تقدم غير مرة ان المسائل دونت عن ابي العباس ابن تيمية رحمه الله ظهر فيها قوة علمه وسعة اطلاعه وحسن فهمه. مع كثرة الدلائل وحسن سياق المسائل وهذه الرسالة منسوجة على هذا المنوال وقد وقعت جوابا لسؤال رفع اليه. فاجاب عنه بهذه الاوراق. وتابع كلامه دون ما يشير الى تمييز مقاصده من فصول او ابواب. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد. قال رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصلى الله على المرسلين. ما تقول السادة العلماء حنا ما نرافقك. هو ما قال هذا. تقول والى شيخ الاسلام ابن تيمية فقيل له بسم الله الرحمن الرحيم. نعم. سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصلى الله على المرسلين. ما تقول السادة العلماء وهمة الدين. رضي الله عنهم اجمعين في رجل قال له شخص يا فلان ما مذهبك؟ قال شافعي المذهب. فقال له ذلك الشخص بل انت حنبلي. قال فلم؟ قال لانك تعتقد اعتقاد الحنابلة وتزعم ان القرآن كلام الله؟ فقال له فكلام من هذا القرآن؟ فقال يصلح ان يكون كلام جبريل وقيل له انت تقول القرآن كلام جبريل؟ فقال اي قرآن؟ فقيل له وللناس قرآنا؟ فقال نعم. وقال من زعم انه هذا القرآن الذي يقرأه الناس كلام الله فهو حلولي يقول بقول النصارى الذين يقولون بحلول القديم بالمحدث فهل اصابتكم في هذه الاطلاقات ام اخطأ؟ وهل يستتاب منها ام لا؟ وهل يكفر ان دعا اليها واصر عليها بعد بيان الادلة من الكتاب والسنة اجتماع السلف ام لا؟ افتونا مأجورين وابسطوا لنا القول. فاجاب الشيخ ابو العباس احمد ابن تيمية رحمه الله فقال الحمد لله رب العالمين. كلام هذا السائل فيه افتراء على الشافعي رضي الله عنه مذهبه. يستحق به التعزير البليغ بافتراءه على المسلمين ومذاهبهم وفيه افتراء على الله عز وجل وكتابه يستحق به ان يستتاب فان تاب وقر ان القرآن كلام الله الا ضربت عنقه. اما الاول فانه يقتظين مذهب الشافعي رضي الله عنه ان القرآن ليس كلام الله. وهذا افتراء على الشافعي وكل من عرف مذهب الشافعي علم بالاضطرار ان مذهبه ان القرآن كلام الله. ليس شيء منه كلاما لغيره. وان كان بعض منتسبين اليه قال قولا يخالف ذلك. فالشافعي رحمه الله بريء منه كبراءة علي رضي الله عنه من الرافضة. وبراءة سائر الائمة مالك وابي حنيفة واحمد من الرافضة والمعتزلة والحلولية ومن هذا القول المذكور. وان كان من المنتسبين للائمة ان يقولوا ببعض اقوال هؤلاء وهذا القول انما يضاف الى بعض المنتسبين الى ابي الحسن الاشعري. والشافعي رضي الله عنه كان قبل اشعري ومات رحمه الله قبله باكثر من مائة سنة. واصحابه العارفون بمذهبه كالشيخ ابي حامد الاشتراني. امام الطريقة العراقية والشيخ ابي محمد الجويني شيخ الخرسني وغيرهما. يذكرون ان مذهب الشافعي في مسألة كلام الله تبارك وتعالى هو مذهب احمد ابن حنبل وسائر ائمة المسلمين. وانه ليس القول المضاف الى الاشهر. ومع ان الاشعري لا يطبق القول بانه القرآن كلام جبريل بل يقول ان القرآن كلام الله عز وجل. لكن هو صنف في الرد على الفلاسفة والمعتزلة والرافضة وغيرهم وانتصر لمذهب اهل الحديث والسنة وانتسب الى الامام احمد وسائر ائمة السنة واثبت الصفات الواردة في القرآن وعطل تأويل من نفاة لها ولم يختلف كلامه في ذلك بل جميع كتبه المصنفة بعد رجوعه عن قول المعتزلة ليس فيها الا هذا القول كذلك ائمة اصحابه كالقاضي ابي بكر وامثاله. وفي اخر مصنفاته فان قال قائل قد انكرتم قول الجهمية والقدرية والرافضة والحرورية والمرجية. فعرفونا بقولكم الذي تقولون وديانتكم التي بها تدينون. قيل له قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا وبسنة نبينا وما روي عن الصحابة والتابعين. وما كان يقول به ابو عبد الله احمد بن حنبل قائلون ولما خالف قولهم مجانبون فانه الامام الكامل والرئيس الفاضل الذي ابان الله به الحق واوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين. وشك الشاكين فرحمة الله عليه من امام مقدم كبير مفهم وعلى جميع ائمة المسلمين. وذكر جملة اعتقاده الذي حكاه عنه الحافظ ابو القاسم علي ابن عساكر في كتاب عنه وكان القاضي ابو بكر ابن الطيب من اجل اتباعه يكتب احيانا في اجوبته محمد بن الطيب الحنبلي ومع هذا فان المصنف رحمه الله تعالى ان هذا الكلام الذي ذكر في السؤال فيه افتراء على الشافعي رضي الله عنه ومذهبه وفيه افتراء على الله عز وجل وكتابه. فهو افتراء على جهتين احدهما افتراء على امام متبوع والثاني افتراء على الله سبحانه وتعالى. فاما او على الامام المتبوع فانه يستحق به التعزير البليغ. لان من افترى على ائمة الدين شيوخ المسلمين فانه يجب على ولاة الامر ان يعزروه بقدر ما يرتدع به عن هذه المقالات المكذوبة التي تليها على علماء الدين واهله. ففي مثل هذا التعزير. واما الافتراء على الله الله عز وجل وكتابه فانه يستحق به ان يستتاب فان تاب واقر ان القرآن كلام الله والا عنقه وانما بلغ به ذلك انه اذا لم يتب من ذلك وبقي مصرا على خلاف هذه العقيدة انه تضرب عنقه لانه كفر بما قال ممن يزعم ان القرآن مخلوق فقد صدح السلف رحمهم الله تعالى بتكفير القائلين بان القرآن مخلوق. كما الطبراني في كتاب السنة وتبعه ابن القيم في النونية ان الذين كفروهم من العلماء خمسمئة عالم فهؤلاء الذين يزعمون ان القرآن مخلوق هم مفترون على الله سبحانه وتعالى وعلى كتابه فان القرآن كلام الله وما كان من الله فهو صفة من صفاته وصفات الله عز وجل غير مخلوقة وقد بسط ائمة الهدى النقل عن السلف رحمهم الله تعالى في بيان سوء مقالة هؤلاء كما ذكره الاجر في الشريعة وابن بطة في الابادة واللالتان في اعتقاد اهل السنة. ثم شرع المصنف رحمه الله تعالى يبين ما يتعلق بدعوة ان هذا هو مذهب الشافعي وان الشافعي يقول ان القرآن ليس كلام الله عز وجل. فذكر ان هذا افتراء على الشافعي ومذهبه. وكل من عرف مذهب الشافعي علم بالاضطرار ان مذهبه ان القرآن كلام الله ليس شيء منه كلاما لغيره. وهذا مستفيض عن الشافعي رحمه الله تعالى فيما نقله عنه اصحابه كما في ترجمة الشافعي لابن ابي حاتم وكتاب الاسماء والصفات للبيهقي وغيرها من مصنفات قدماء الشافعية. ثم ذكر المصنف رحمه الله ان بعض المنتسبين اليه قال قولا يخالف ذلك ومقالة المنتسب الى الامام لا يلزم ان تكون مقالة له. فكم من منتسب ينتسب الى الائمة المتبوعين وهو يخالفهم في عقائدهم. فالشافعي رحمه الله بريء من هذه المقالة كبراءة علي رضي الله عنه من الرافضة وبراءة سائر الائمة مالك وابي حنيفة واحمد من الرافضة والمعتزلة والحلولية ومن هذا القول المذكور وان كان من المنتسبين للائمة من يقول ببعض اقوال هؤلاء فان المذاهب المتبوعة من والمالكية والشافعية والحنبلية. تسرب الى اتباعها جملة من الاعتقادات الرديئة فصاروا يقولون بها. وتركوا مذاهب ائمتهم الذين يتبعونهم في ابواب الطلب من الحلال والحرام ومن امعن النظر فيما يروى في كتب العقائد المسندة ككتاب الشريعة وفي ايمانه وكتاب اصول اعتقاد اهل السنة. وغيرها من الكتب المسندة يقف على كثير من كلام هؤلاء الائمة المتبوعين صار في الاحكام يخالفون ذلك حتى بلغ الامر ان بعض من سبق من المالكية كابن عبدالبر وابن خويز منداد يذكران براءة المالكية من انتحال مذهب الاشعرية المالكية في عامة الارض في القرون المتأخرة على مذهب الاشعري. فتحولوا عن مذهب ائمتهم في اصول الدين وابواب الخبر الى خلاف ذلك. وهذا القول الذي ذكره السائل كما ذكر المصنف انما يضاف الى بعض المنتسبين الى ابي الحسن الاشعري وهو امام معروف في ابواب العقائد والشافعي رحمه الله كان قبل علي ومات رحمه الله تعالى قبله باكثر من مائة سنة. واصحابه اي اصحاب الشافعي العارفون بمذهبه كالشيخ ابي حامد الاسرائيلي امام الطريقة العراقية والشيخ ابي محمد الجوهري شيخ الخرسانيين اليهما يذكرون ان مذهب الشافعي في مسألة كلام الله تبارك وتعالى هو مذهب احمد ابن حنبل وسائر ائمة المسلمين وانه ليس القول المضاف الى الاشعري. وهذا يوجد في كلام من صنف في العقائد من قدماء اصحاب كالحميدي والمزني والصابوني والاسماعيلي فان هؤلاء كلهم من الشافعية وليس في كتاب احد منهم نسبة هذه المقالة الى الشافعي رحمهم الله تعالى بل هم على عقيدة اهل السنة والحديث ان القرآن كلام الله عز وجل. ثم قال المصنف مع ان الاشعري لا يطلق القول بان كلام جبريل بل يقول ان القرآن كلام الله عز وجل. ثم قال لكن هو صنف في الرد على الفلاسفة والمعتزلة والرافضة وانتصر لمذهب اهل الحديث والسنة وانتسب الى الامام احمد واثبت الصفات الواردة في القرآن وابطل تأويل النفات ولم يختلف كلامه في ذلك بل جميع كتبه المصنفة بعد رجوعه عن قول المعتزلة ليس فيها الا هذا القول وكذلك ائمة القاضي ابي بكر يعني البقلاني وامثاله. وقد كان ابو الحسن الاشعري في صدر زمانه منتسبا الى طريقة المعتزلة ثم انخلع من طريقة المعتزلة ومال الى طريقة ابي سعيد ابن كلاب ثم في ميله الى طريقة ابي سعيد ابن كلاب مال الى مذهب احمد رحمه الله تعالى في العقائد وطريقة السلف الا انه لم يكن ذلك منه فبقيت فيه بقايا من طريقة ابي سعيد ابن كلاب رحمه الله تعالى لكن كتب او المصنفة في اخر عمره ليست على ما ينسبه اليه متأخر الاشاعرة من التأويل بل صرح في الابادة ومقالات الاسلاميين ورسالته الى اهل الثغر بخلاف ما ينسب اليه كما نقل المصنف رحمه الله تعالى كلاما له من كتاب الابانة عن اصول الديانة. وفيه انه لما انكر مقالات ما ذكر من الفرق المخالفة كالجهمية الى ان قال فعرفونا بقولكم الذي تقولون وديانتكم التي بها تدينون. فذكر ان الذي يقول به ويدين به التمسك كتاب ربنا وبسنة نبينا وما روي عن الصحابة والتابعين. وما كان يقول به ابو عبد الله احمد بن حنبلة قائلون ولما خالف قولهم مجانبون وانما ذكر احمد بعد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لان الامام احمد قام في نصرة عقيدة الصحابة والتابعين واتباعهم لما عظمت الفتنة بظهور المعتزلة في زمن المأمون فنسب اليه هذا المعتقد لا انه منفرد به. ولكن لانه ناصر له لما كان هو اعظم ناصر له في زمانه مع ان زمانه لم يخلو من جماعة من المشاركين له في النصرة بل هذا المزني احد كبار اصحاب الشافعي مات في نصرة الامام احمد وعقيدة اهل السنة والحديث وهو في السجن فلم يجب المأمون الى ما طلب وبقي في السجن حتى مات رحمه الله تعالى. فنصرة عقيدة اهل السنة لما ظهرت المعتزلة في زمن المأمون لم تقتصر على احمد. لكن كان احمده واكثر من سعى في ذلك فيها رحمه الله تعالى وكان اماما معظما عند الناس فشاع ذكره ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان اصحاب ابي الحسن الاشعري القدامى ممن ذكر اعتقاده كابي القاسم العسافي في كتاب الدب عن ابي الاشعري القاضي ابي بكر ابن الطيب الباقلاني من اجل اتباعه ذكروا هذا المعتقد بل بلغ الامر ان الباقي وهو من المنسوبين اليه يكتب احيانا في بعض اجوبته محمد ابن الطيب الحنبلي. ولا يريد بذلك المذهب فروعي بل يريد بذلك المعتقد لانه كان شافعي المذهب وكثير من الحنفية والمالكية والشافعية كانوا يكتبون حنبلي يشيرون بذلك الى المعتقد مع كونهم في الاحكام وباب الطلب ليسوا حنابلة ومن هذا قول شيخ الاسلام الهروي رحمه الله تعالى في ابيات له انا حنبلي ما ان حييت وان امت فوصيتي للناس ان يتحملوا مراده بذلك في باب الاعتقاد. وليس مقصوده في باب الاحكام لانه كان شافعيا المذهب فصار اسم الحنبلية يراد به اهل السنة والجماعة في ذلك الزمان. نعم. ومع هذا فان اهل السنة ليس لاحد من الائمة به اختصاص لا لاحمد ولا للشافعي ولا غيرهما بل هو التصديق بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه تبارك وتعالى فاهل السنة يؤمنون بما اخبر الله به ورسوله وهذا هو اصل اعتقادهم وانما الائمة مبلغون لذلك هم دون له ولقول من خالفه. فابو الحسن الاشعري صنف في الرد على اهل البدع الكبار. مصنفات وسلك في مسألة الكلام والصفات ابي محمد عبد الله ابن سعيد ابن كلاب وكان ابن كلاب قد صنف في اثبات الصفات والرد على المعتزلة مصنفات لكنه سلك في اثبات حدوث العالم طريقة المعتزلة المعروفة بطريقة الاعراض المبنية على امتناع دوام الحوادث. وهذه الطريقة انكرها ائمة وهي اصل الكلام الذي انكره مالك مالك والشافعي واحمد واسحاق ابن راهويه وغيرهم وهو المنقول انكاره عن ابي حنيفة ائمة اصحابه وهي الطريقة التي طالت بها عليهم الفلاسفة في مسألة حدوث العالم فانهم ظنوا انهم يثبتون بها حدوث العالم بانها توجب قدم العالم وبين ان القول بها نشأ من القول بحدوث العالم بل وباثبات الصانع. فلما سلك ابو محمد ابن كلاب هذا المسلك اضطره التقسيم الى ان جعل كلام الله معنا واحدا قائما بذات الله. وهو الامر بكل ما امر به والخبر عن كل ما ما اخبر به ان عبر عنه بالعبرانية كان توراة. وان عبر عنه بالسريانية كان انجيلا. وان عبر عنه بالعربية كان قرآنا اتفق جمهور العقلاء من اهل السنة والبدعة على ان هذا القول معلوم الفساد بالضرورة. واضطره ذلك ان الى ان جعل الكلام العربي مخلوقات وانه ليس هو كلام الله وان القرآن العربي الذي نزل به جبريل على محمد ليس هو كلام الله ولم يتكلم به وانما كلامه ذلك المعنى الذي هو الامر والنهي. فوافق المعتزلة على على القول بخلق القرآن. الذين قالوا انه مخلوق واثبت قديما فبين جمهور العقلاء انه لا حقيقة له. فصار بعض المنتسبين اليه يقولون ان القرآن العربي خلقه الله في بعض الاجسام كما قالته المعتزلة وبعضهم يقول بل هو تأليف جبريل ونظمه. فهم عن الله معاني مجردة ثم عبر عنها قال له من اراد بيان فساد هذا فنسبه للرب سبحانه بالاخرس الذي في نفسه معنى لا يمكنه التعبير عنه. فيجيء من فهم مراده فيعبر عنه لكن الاخر سيفهم ما في نفسه باشارته وايماءه. وهذا عندهم ممتنع على الرب سبحانه بل طريق ذلك ان في نفس جبريل علما بمراده من جنس الالهام. وحينئذ فيكون جبريل الهم شيئا عبر عنه. وجاء به الى محمد صلى الله عليه وسلم فيكون من الهمه مراده ان يرى بمنزلة جبريل الذي اخذ عنه محمد صلى الله عليه وسلم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بعدما سلف من تبرئة الشافعي وبيان ان الشافعي يقول ان القرآن كلام الله وان الاشعري كان بعده بزمن وان الاشعري ايضا يقول ذلك وانه استقر في اخر عمره عن الميل الى طريقة اهل الحديث والاثر قال رحمه الله ومع هذا فان اعتقاد اهل السنة ليس لاحد من الائمة به اختصاص لا لاحمد ولا للشافعي ولا لغيره فهذا الاعتقاد ليس منسوبا الى واحد من ائمة المتبوعين بل هو التصديق بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه فاهل السنة يؤمنون بما اخبر الله به وبما اخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا هو اصل اعتقادهم وانما الائمة مبلغون لذلك ومثبتون له ولقول من خالفهم فهذه وظيفة الائمة انها نقل وبلاغ وبيان. ولا ينسب اليهم شيء منع الاعتقاد على وجه الاستقلال انهم استقلوا به. ولهذا فكما ذكر ابو العباس في مقام اخر ان اهل السنة التي لا ينسبون عقائدهم الى احد من الخلق وانما وقع هذا في المبتدعة. كما نسب الى الجهم ابن صفوان والاشعرية الى ابي الحسن الاشعري. واما اهل السنة فانهم لا ينسبون عقيدتهم الى احد من الخلق. بل العقيدة هي ما جاء في الكتاب والسنة وفهم ذلك الائمة المرضيون من الصحابة والتابعين واتباع التابعين ثم من وعى هذا بعدهم الى يومنا هذا. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان ابا الحسن الاشعري صنف في الرد على اهل البدعة كبار مصنفات وسلك في مسألة الكلام والصفات مسلك ابي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب. وذلك انه لم يتمكن من درك حقائق مذهب الامام احمد وفهمه فهما صحيحا فاختلط عليه ذلك بطريقة ابي سعيد طلاب وكان ابن طلاب قد صنف في اثبات الصفات والرد على المعتزلة مصنفات. فان ابن كلاب تصدى لابطال مقالات المعتزلة في نفي الصفات. فالف تأليف في اثبات الصفات والرد عن المعتزلة. لكنه وقع في غلط عظيم وهو انه لم يسلك في اثبات الصفات طريقة الائمة المرضيين من التعويل على التوقيف بالاكتفاء بما في القرآن والسنة فلهج متابعة المتكلمة في طرائق نصب الادلة بالمسالك العقلية والكلامية فسلك في اثبات حدوث العالم طريقة المعتزلة المعروفة بطريقة الاعراض المبنية عن امتناع دوام الحوادث وذلك انهم جعلوا ان اول ما يجب اثبات الصانع الذي هو الخالق سبحانه وتعالى والخالق لابد ان يكون قديما. وحينئذ لابد من الاستدلال على حدوث العالم. وان المحدث قديم وان العالم حادث ثم نشأ من هذا قولهم بحدوث الاجسام تتسلسل من ذلك عندهم القول بان ما يحدث كله مخلوق. ولذلك منعوا الصفات الاختيارية الفعلية التي مردها الى مشيئة الله عز وجل. لانهم توهموا انه ينشأ من ذلك القول بحلول الحوادث في الله سبحانه وتعالى. فاذا قيل مثلا ان الله ينزل قالوا قد صححتم الحدوث على صفة الرب سبحانه وتعالى وانه يحل به الحادث الذي لم يكن من قبل. والحادث لم يكن من قبل معناه تجدد خلق. والله سبحانه وتعالى خالق وليس بمخلوق. ولهذا منعوا اثبات الصفات المتعلقة بالمشيئة والاختيار وتبع الاشعري ابا سعيد بن كلاب فكان مقتديا به في هذه المسألة فمنع الصفات الاختيارية وهذه الطريقة في نصب الادلة في اثبات الصفات هي اصل الكلام الذي انكره مالك والشافعي واحمد واسحاق فانهم كانوا ينكرون علم الكلام الذي يسلك فيه اثبات المسائل بمقدمات عقلية جدلية. وهذه الطريقة التي سلكها المعتزلة استطالت بها عليهم الفلاسفة في مسألة حدوث العالم فان المعتزلة كانت تناصب الفلاسفة العداء وترد عليهم. فاستطالت بهذه الطريق عليهم الفلاسفة في مسألة حدوث العالم. فان الفلاسفة ظنوا انهم يثبتون بها حدوث العالم فعرضوا انها توجب قدم العالم كما تعتقده الفلاسفة. فالفلاسفة تعتقد قدم العالم و رمت بهذه البلية من نحى هذا المنحى من المعتزلة ومن تقلد قوله لانهم الزموهم بانه قول بذلك يؤدي الى القول قدم العالم. ثم ذكر بعد ذلك ان ابا محمد ان طلاب انه اضطره هذا المسلك الى التقسيم الى ان جعل كلام الله معنى واحدا قائما بذات الله بالا يقول بحلول الحوادث كما يزعمون. لانه اذا جعل الكلام بحرف وصوت وان الله تكلم بالتوراة قبل الانجيل وبالانجيل قبل القرآن فمعنى ذلك انه تجدد له حدوث افراد في صفة الكلام فحين اذ قال ان الكلام معنى واحد قائم بذات الله سبحانه وتعالى فاذا حكي العبرانية صار التوراة. واذا حكي السيبيانية صار الانجيل واذا حفي بالعربية صار القرآن. وذكر شيخ الاسلام ان جمهور العقلاء من اهل السنة على ان هذا القول معلوم الفساد بالضرورة. واضطره ذلك الى ان جعل الكلام العربي مخلوقا. فهو يقول ان الكلام الذي هو هو معنى قائم بذات الله. ومن فصل عن هذه الصفة اما السيريانية فكان انجيلا او كان قرآنا او بالعبرانية فكان توراة فانه مخلوق. لان الصفة هي المعنى القائم بذاك الله سبحانه وتعالى. فوافق المعتزلة على القول بخلق القرآن. فبين ظهور العقلاء ان هذا الذي قاله لا حقيقة له. لان ابن كلاب انما رام الرد على وقد ال به مذهبه الى موافقة المعتزلة. فصار قائلا بان كلام الله عز وجل منه ما هو صفة لله عز وجل وهو القائم بالذات ومنه منفصل عنه وذلك الذي انفصل عنه مخلوق هو ما عبر عنه باللغات فصار في العبرانية توراة وفي السيانية جيلا وفي العربية قرآنا. واما معتزلة فانهم لم يضطربوا بل قالوا ان هذا القرآن مخلوق. وهذا مآل من دخل في هذه المسائل بعلم الكلام وقواعده المنطقية العقلية. ثم جر ذلك بعض المنتسبين اليه الى ان قالوا ان القرآن العربي خلقه الله في بعض الاجسام وبعضهم يقول بل هو تاليف جبريل ونظمه ورد عليه من رد بطرائقهم التي ذكروها ومما ذكره المصنف رحمه الله انه قال له من اراد بيانا فساده هذا قال فنسبه للرب سبحانه بالاخرس الذي في نفسه معنى الا يمكنه التعبير عنه فيجيء من فهم مراده فيعبر عنه لكن الاخرس يفهم ما في نفسه باشارته وايماءه. وهذا عنده ممتنع الرب سبحانه وتعالى بل طريق ذلك ان يخلق في نفس جبريل علما بمراده من جنس الالهام وحينئذ يكون جبريل الهم شيئا عبر عنه وجاء به الى محمد صلى الله عليه وسلم. فهو قد جعل الله عز وجل تعالى الله عز وجل عن ذلك بمنزلة الاخرس الذي عنده كلام يريد ان يبينه ومعنى يروم ان يوضحه فلا يتمكن من ذلك. وانما يعبره لمن يدركه فيترجمه باللسان. الا ان الاخرس يجتهد في ذلك بحركته واشارته وهو ممتنع عنده ذلك عن الله سبحانه وتعالى. وحين اذ فانه يقول ان جبريل فهمه من الله عز وجل وهذا الفهم بان يكون الله سبحانه وتعالى الهم جبريل كلاما يعبر به عما يريد الله سبحانه وتعالى. ولهذا قال ابن كلاب القرآن حكاية عن كلام الله سبحانه وتعالى فهو ليس كلام الله وانما حكاية عن الكلام لان الكلام الالهي قائمة بذات الله فعبر عنه جبريل بالقرآن الكريم الذي انزل على محمد صلى الله عليه وسلم وطريق تعبير جبريل عنه ان الله عز وجل خلق في نفس جبريل علما بمراده من جنس الالهام فعبر جبريل عن مراد الله سبحانه وتعالى وجاء به الى محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا يلزم ومنه لازم كما قال المصنف اذ قال فيكون من الهمه مراده ان يرى بمنزلة جبريل الذي اخذ عنه محمد صلى الله عليه وسلم يعني على هذا القول يكون من الهمه الله مراده من الخلق يرى بمنزلة جبريل الذي اخذ عنه محمد صلى الله عليه وسلم فان الله قد يلهم مراده من شاء من الخلق كما سيأتي شواهده في كلام المصنف. وحينئذ فان من الهمه الله من الخلق يرى بمنزلة جبريل الذي اخذ عنه محمد صلى الله عليه وسلم. فجبريل الهم القرآن فانزله على محمد صلى الله عليه وسلم الملهمون كعمر رضي الله عنه الهموا عن الله عز وجل شيئا فاخبروا بي. فيكون من الهبه الله شيئا جبريل ولما نظر ابو الحسن الاشعري رحمه الله تعالى في هذا قال ان قول ابن كلاب القرآن حكاية عن كلام الله عز وجل يفضي الى ان هذا المخلوق المنفصل انه يحاكي كلام الله اي يماثله فيساويه. لان معنى حكاية المماثلة. فامتنع من قول القرآن حكاية عن كلام الله. وقال القرآن عبارة عن كلام الله عز وجل ففرق بين مذهب ابن طلاب وابي الحسن الاشعري ان ابن كلاب يقول القرآن حكاية عن كلام الله ورأى ابو الحسن ان قوله حكاية بمعنى يماثل فجعله بمنزلته وما هو من الله لا يماثله غيره فامتنع من قول القرآن حكاية عن كلام الله وقال القرآن عبارة عن كلام الله عز وجل. نعم. ولهذا يقول من بنى على هذا الاصل كابن عربي انا اخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به الى الرسول. وقد فرق الله بين الوحي وبين التكليم في قوله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده. واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط الى قوله تعالى وكلم الله موسى تكليما. ففرق بين ايحاءه الى سائر الانبياء وتكريمه لموسى ذلك قال تعالى وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء فجعل تكريمه للبشر ثلاثة اصناف. احدها الايحاء اليهم والثاني التكليم من وراء حجاب كما كلم موسى. والثالث وان يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء. فان كان جبريل لم يأخذ القرآن عن الله الا وحيا. كان ايحاء الله بلا واسطة جبريل اعظم فتكون الهامات عمر ابن الخطاب افضل من القرآن واعلى بدرجتين. لان القرآن اخذه محمد عن جبريل وجبريل عن الهام وعمر له الهام من الله. وقال بعضهم ان جبريل اخذ القرآن عن اللوح المحفوظ. وعلى هذا تكون اليهود اعظم قدرا عند الله من محمد صلى الله عليه وسلم بان الله كتب التوراة لموسى وانزلها مكتوبة فتلقى بنو اسرائيل ما في الالواح عن عن الله فان كان جبريل وانما اخذ القرآن عن اللوح صار جبريل كبني اسرائيل وصار محمد كمن اخذ كلام الله بني اسرائيل واذا كان هذا باطلا وكفرا مما استلزم الباطل فهو بالباطل اولى. فتفريق الله بين الايحاء والتكريم دليل على ان الله كلم موسى بكلام سمعه موسى كما قال تعالى فاستمع لما يوحى ومن قال الكلام مجرد معنى من قائم بالنفس يقول تكليم موسى انما هو خلق لطبيعة فيه ادرك بها ذلك المعنى ثم انهم يقولون ان ذلك المعنى لا يتبعض فقال لهم بعض اهل العلم فموسى ادرك جميع المعنى القائم بالذات او بعضه ان قلتم الجميع فيكون موسى قد فادرك جميع كلام الله وعلم جميع ما يتكلم الله به. وكلامه يتضمن لكل خبر اخبر الله به. فيكون موسى قد علم مع ما اخبر به الاولين والاخرين. وهذا معلوم الفساد بالظرورة. ولو لم يكن الا ما اتاه الخلق. فان موسى لم يعلم ذلك بل قال الخضر لما اتاه بدون مد الا ما اتاه الخضر يعني ما فعله الخضر وخفي على موسى. ولو لم يكن الا ما اتاه فان موسى لم يعلم ذلك بل قال الخضر لما نقر العصفور في البحر نقرة ما نقص علمي وعلمك من علم الله الا كما نقصها هذا العصفور من هذا البحث وهذا مبسوط في غير هذا الموضع. وبالجملة فنحن نعلم بالاضطرار من دين محمد صلى الله عليه وسلم ان القرآن كلام الله ليس كلاما لغير الله لا محمد ولا جبريل ولا غيرهما ولكن الله يضيفه الى هذا الرسول والى هذا الرسول تارة لكونه بلغه واداه لا لانه انشأه وابتداه ولهذا قال تعالى انه لقول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين. فالرسول هنا جبريل وقال انه لقول رسول كريم. وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون فالرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم. ولم يقل لقول ملك او نبي بل كفر من قال انه قول البشر كالوليد الذي قال ان هذا الا قول البشر ساصليه سقر. وقول القائل انه قول ملك من جنس قوله انه قول البشر كل ذلك كفر. وقد قال تعالى قل نزله روح القدس من ربك بالحق. فاخبر ان جبريل نزله من الله كما قال تعالى والذين اتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق. وقال تعالى حمز الكتاب من الله العزيز العليم. وقال تعالى حا ميم تنزيل من الرحمن الرحيم. ونظائره كثيرة بعد ان ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان من الهمه الله سبحانه وتعالى مراده يمكن ان يرى منزلة جبريل الذي اخذ عنه محمد صلى الله عليه وسلم على مقالة هؤلاء فاخذ هذا من اخذه وبنى عليه كابن عربي صاحب الفصوص الذي قال انا اخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي الى الرسول فكأنه يعد ذلك علوا في الاخذ لان له الهاما من الله سبحانه وتعالى فلا يحتاج الى ان يكون بينه وبين الله عز وجل رسول فملك فوقه بل هو يأخذ مباشرة منه ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ما يبطل ذلك بان الله فرق بين الوحي وبين التكريم الخاص الايحاء شيء والتكليم هو من جملة الايحاء. كما ذكر قول الله سبحانه وتعالى انا اوحينا اليك حتى قال سبحانه وتعالى وكلم الله موسى تكليما. ففرق بين ايحاءه الى سائر الانبياء وتكليمه لموسى عليه الصلاة السلام بل قال تعالى مبينا ذلك فصلا قال وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء. فجعل تكريمه للبشر ثلاثة اصناف. احدها الايحاء اليهم والثاني التكريم من وراء حجاب كما تم موسى. والثالث ان يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء وقد بسط الكلام على هذه الاقسام الثلاثة ابن القيم في اول زاد المعاد. فان كان جبريل لم يأخذ القرآن عن الله الا وحيا اي لم يكلمه الله عز وجل به كان ايحاء الله بلا واسطة ابل اعظم. فتكون الهامات عمر بن الخطاب افضل من القرآن واعلى بدرجتين. لان القرآن اخذه محمد صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام وجبريل عن الهام الله عز وجل له. واما الهامات عمر فانها من الله مباشرة وقال بعضهم ان جبريل اخذ القرآن عن اللوح المحفوظ. وان الله لم يتكلم به. وان جبريل لم يسمعه من الله وعلى هذا تكون اليهود اعظم قدرا عند الله من محمد صلى الله عليه وسلم. لان الله كتب التوراة لموسى كما ثبت في صحيح مسلم ان الله كذب التوراة بيده. وانزلها مكتوبة فتلقى بنو اسرائيل ما في الالواح عن الله. فيكون بنو اسرائيل اخذوا عن الالواح التي كتبها الله سبحانه وتعالى. وجبريل انما اخذ القرآن عن اللوح المحفوظ فصار جبريل كبني اسرائيل في المرتبة وصار محمد صلى الله عليه وسلم كمن اخذ كلام الله عن بني اسرائيل واذا كان هذا باطلا وكفرا مما استلزم الباطل فهو بالباطل اولى. فانه يلزم المقالات المتقدمة التسليم بهذه المقالات ولا ريب في بطلان هذه الاقوال. ثم قال المصنف فتفريق الله بين الايحاء والتقييم دليل على ان الله سلم موسى بكلام سمعه موسى كما قال تعالى فاستمع لما يوحى. ثم قال المصنف رحمه الله ومن قال الكلام مجرد معنى قائم بالنفس يقول تكليم موسى انما هو خلق لطبيعة فيه ادرك بها ذلك المعنى ويقولون ان ذلك المعنى لا يتبعض. فيكون الله سبحانه وتعالى لم يكلم موسى بكلام سمعه موسى وانما خلق فيه طبيعة قابلة لذلك. وذلك المعنى الذي ادركه بهذه الطبيعة لا يتبعظ فرد عليه بالقول بان موسى حينئذ هل ادرك جميع المعنى القائم بالذات او بعضه؟ فان قال نعم ادرك الجميع فيكون موسى قد ادرك جميع كلام الله وعلم جميع ما يتكلم الله به. وكلامه يتضمن لكل اخبر الله به فيكون موسى قد علم جميع ما اخبر به الاولين والاخرين وهذا معلوم الفساد ولم لم يكن في فساده ما خفي على موسى وعلمه الخضر لكان ذلك كافيا في بطلان هذا القول. ثم قال وبالجملة فنحن نعلم بالاضطرار من دين محمد صلى الله عليه وسلم ان القرآن كلام الله. ليس كلاما لغير الله لا محمد ولا جبريل ولا غيرهما فقد صرح الله عز وجل بذلك فقال وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله هذه الاية نص قاطع في ان القرآن كلام الله عز وجل. لانها تتعلق بالمنزل على النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا المنزل سمي كلام الله لان الله قال وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله المنزل عليك فدل هذا على ان القرآن كلام الله سبحانه وتعالى وليس كلام احد سواه قد يضاف هذا الكلام الى الرسول الملكي تارة والرسول البشري تارة اخرى. فاضافة القرآن الكريم الى الرسول وقعت على نوعين احدهما اضافته الى الرسول الملكي وهو جبريل كما قال تعالى انه لقول رسول كريم. ذي قوة عند ذي العرش مكين. والاخر اضافته الى اولي البشرية وهو محمد صلى الله عليه وسلم. كما قال تعالى انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون. واضافته الى الرسول الملكي تارة والرسول البشري تارة ولاجل قيامهما بتأليته وبلاغه. فلاجل كونهما مبلغين لكلام الله سبحانه وتعالى اضيف اليهما ولم يوظف اليهما على ارادة الانشاء والابتداء فليست بالاضافة اضافة انشاء وابتداء انهما انشأ هذا الكلام من قبل نفسهما وابتدأا. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الله عز وجل لم يقل لقول ملك او نبي وانما قال لقول رسول وهذا من اسرار التصريف القرآني. فان الله سبحانه وتعالى جاء بهذه الكلمة في الموضعين رسول ان الرسول هو المبلغ ورسالة المبلغ انما هي في التبليغ. فلم يقل الله انه لقول ملك كريم ولا قال انه لقول نبي كريم بل جاء بلفظ رسول للدلالة على ان مهمته وما هي البلاغ؟ ثم قال المصنف بل كفر من قال انه قول البشر كالوليد الذي قال ان هذا الا قول البشر قال الله عز وجل ساصليه سقر اي النار. وقول القائل انه قول ملك من جنس قوله انه قول البشر كل ذلك كفر وقد قال الله عز وجل قل نزله روح القدس من ربك بالحق ومن للابتداء. فقوله تعالى في الاية ربك اي ابتدأ هذا الكتاب من الله بتكلمه به سبحانه وتعالى. ووظيفة جبريل هو تبليغه وذلك بالنزول به على النبي صلى الله عليه وسلم. فاخبر ان جبريل نزل من الله كما قال تعالى والذين اتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق. وهذه الاية فيها بان التنزيل من الرب سبحانه وتعالى. وكذلك في قوله تعالى تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم. وقوله تنزيل من الرحمن الرحيم ونظائره كثيرة. وهذا معنى قول اهل السنة في اعتقادهم في كلام الله سبحانه وتعالى منه وبدأ اي تكلم به حقيقة كما في هؤلاء الايات. فمن في هؤلاء الايات يراد بها ابتداء الكلام منه سبحانه وتعالى ثم عقد المصنف رحمه الله تعالى ترجمة فصل بها ولم انتبه لها لما ذكرت انه او لم يفصل فعقد ترجمة وحيدة هنا فقال فصل. نعم. فصل واما قول القائل من زعم ان القرآن الذي يقرأ الناس كلام الله فهو حلولي يقول بقول النصارى الذين يقولون بحلول القديم في الحادث فهذا يدل على جهله بدين الاسلام ودين النصارى اما المسلمون فانهم اذا قالوا كما قال الله تعالى وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله لم يريدوا بذلك ان الكلام الذي تكلم به الرب وقام بذاته انتقل الى القراء. فان الانتقال ممتنع على صفات المخلوقين. فكيف على صفات الخالق والمسلمون اذا سمعوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم وبلغوه عنه وقالوا انه قال انما الاعمال بالنيات وانما لكل لامرئ ما نوى كانوا مبلغين لكلام النبي صلى الله عليه وسلم بحركاتهم واصواتهم لا بصوت النبي صلى الله عليه وسلم الم يكن ما قام به من كلامه حروفه ومعانيه منتقلة عنه ولا حالة فيهم. فكيف يقال ان جبريل سمع كلام الله من الله وبلغه الى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يكون شيئا من كلام الله منتقلا عن ذات الله وحالا بجبريل. فضلا ان الى البشر ويحل بهم بل الكلام كلام من قاله مبتدئا لا كلام من قاله مبلغا مؤديا وموسى سمع كلام الله من بلا واسطة واما المسلمون فانهم فانما سمعوه من المبلغين عنه لم يسمعوا من الله عز وجل. والفرق بين السماعين ظاهر هذا سماع بواسطة وهذا سماع بلا واسطة. كما ان الشمس والقمر والكواكب قد يراها بطريق مباشرة وقد يراها بواسط دماء او مرآة او جسم ثقيل فهذه رؤية مقيدة بواسطة لم يباشرها بالرؤية. وكذلك السامع لكلام من المبلغ عنه وسمع مقيد بواسطة لم يباشره بالسمع. واذا قيل رسول الله بلغ عن ربه وحكى عن ربه عن ربه وروى عن ربه كان صحيحا. واذا قيل هذا حكاية القرآن بمعنى ان احدا يحاكي كلام الله فيأتي مثله فهذا باطل. قال تعالى قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله. ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. ومن قال ان المداد الذي في المصاحف والاصوات المسموعة من القراء قديمة ازلية فهو ضال ضلالا مبينا مخالف لصريح المعقول والمنقول ولم يقل هذا احد من ائمة المسلمين لا ابو حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا احمد ولا جماهير اصحابهم كما ان القول بانه معنى واحد قائم بالذات قول مخالف لصريح المعقول والمنقول. لم يقله احد من ائمة المسلمين ولا جماهير اصحابهم. واما مذهب النصارى فان عندهم اقنوم الكلمة وجوهر قائم بنفسه يخلق ويرزق ويغفر ويرحم وهو الاله المعبود وهو المتحد بالمسيح. فالكلمة عندهم ليست مجرد صفة قائمة بالمتكلم ولا الحلول عندهم حلول صفة الله في غيره بل نفس المسيح عندهم اله يغفر ويرحم ويقيم القيامة. فالحلول الذي يقوله النصارى يشبه قول من يقول في بعض البشر انه اله. كما تقوله الغالية في الائمة والشيوخ. فان كان في المسلمين من يقول انه من القرآن فقد صار الها. فهذا يقول بقول النصارى وان لم يكن في المسلمين من يقول ذلك فهذا تحدث على المسلمين وهذه نكتة مختصرة اذ كان جواب هذه الورقة مبسوطا في غير هذا الموضع. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وسلم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى فصلا عقده لابطال من نسب تلك المقالة الى موافقة النصارى فيما يعتقدونه من الحلول. فبين ان المسلمون اذا قالوا كما قال الله وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله واعتقدوا ان القرآن كلام الله فانهم لا يريدون ان قال تكلم به الله عز وجل ثم انتقل الى القراء بخاصيته نفسها فان كلام الله سبحانه وتعالى بالقرآن صفة الهية له عز وجل. واذا تكلم الله عز وجل بالقرآن ثم انزل على محمد صلى الله عليه وسلم ثم قرأه القراء فليس المراد ان ذلك الالهي انتقل الى القرآن فان الانتقال ممتنع على صفات المخلوقين فكيف يقع في صفات الله سبحانه وتعالى فان صفة المخلوق لا تنتقد منه. فاولى ان تكون صفة الله لا تنتقل منه. وكذلك المسلمون اذا سمعوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم وبلغوه لم يقم في اذهانهم ان هذا الكلام انتقل منفصلا من ذات النبي صلى الله عليه وسلم وحل بمن بلغ هذا الكلام. فكيف يقال ان جبريل سمع كلام الله من الله وبلغه الى صلى الله عليه وسلم ان ذلك انتقال عن ذات الله وانه انتقل من ذات الله وحل بجبيل فلما بلغه انتقل من جبريل وحل بمحمد صلى الله عليه وسلم ولما بلغه النبي صلى الله عليه وسلم حل بغيره وهلم جرا الى سلسلة الاخرين لهذا الكتاب العظيم. فلا ريب ان هذا المعنى لا قائل به من المسلمين بل الكلام هو كلام من قاله مبتدأ ومن بعده فانما يبلغه ويؤديه. واذا قرئ فليس الصوت صوت الباري بل الصوت صوت القارئ وذلك المسموع هو كلام الله سبحانه وتعالى لذلك قال اهل العلم الكلام كلام الباري والصوت صوت القارئ. يعني ان الكلام نفسه هو كلام الله عز ولكن المسموع منه هو صوت القارئ. وكذلك يقال مثله فيما كتب فان المكتوب هو كلام الله سبحانه وتعالى. ولكن ليس الحبر والمداد والقرطاس مما يتصل بالصفة الالهية بل هو مخلوق ثم بين رحمه الله تعالى الفرق بين السماع المباشر والسماع بواسطة. فذكر ان من سمعه ممن تكلم به ابتداء سماع بلا واسطة واما من بلغه واداه فذلك سماع بواسطة. واذا قيل رسول الله بلغ عن ربه وحكى عن ربه وحدث عن ربه وروى عن ربه كان صحيحا اي انه بلغ عن الله سبحانه وتعالى وادى ما هو من من كلام الله سبحانه وتعالى. واذا قيل هذا حكاية القرآن بمعنى ان احدا يحاكي كلام الله فيأتي مثله هذا باطل فانه لا قدرة على احد على ان يضاهي كلام الله او يحاكيه. ومن قال ان المداد الذي في المصاحف والاصوات مجموعة من القراء قديمة الازل بان يعتقد انها من صفة الله عز وجل فهذا ضال ضلالا مبينا. ولم يقل هذا احد احد من ائمة المسلمين لا ابو حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا احمد ولا جماهير اصحابهم. وانما نسب هذا الى بعض من غلط في فهم هذه المسألة فاعتقد ان القول بان القرآن كلام الله يطرد حينئذ بان يقال ان كل ما تعلم به هو منه. وهؤلاء من الجهلة الذين لم يفرقوا بين اضافة الكلام الى المتكلم به وبين اضافته الى مبلغه. فاضافته الى المتكلم به هي اضافة صفة. واما اضافته الى المبلغ له فانما هي اضافة تبليغ وتأدية ليس الا. كما ان القول بانه معنى واحد قائم بالذات قول مخالف المعقول والمنقول لم يقله احد من ائمة المسلمين ولا جماهير اصحابهم. واما مذهب النصارى فان عندهم اقنوم كلمة والاقنوم عند النصارى كلمة وضعوها للدلالة على المتعدد. ثم اختلفوا في تفسيرها فقالوا انها الصفات وقالوا انها الخواص وقالوا غير ذلك. ولذلك فهم يزعمون انهم يؤمنون بالوحدانية لكن الاقاليم ثلاثة. ومنها اقنوم الكلمة. وهو جوهر القائم بنفسه يخلق ويرزق ويغفر ويرحم وهو الاله المعبود. وهو المتحد المسيح. فالكلمة عندهم ليست مجرد صفة قائمة بالمتكلم ولا الحلول عندهم حلول صفة الله في غيره. بل عندهم اقبح من ذلك. فهم يعتقدون ان المسيح اله يغفر ويرحمه ويقيم القيامة. فالحلول الذي يقوله النصارى يشبه قول من يقول في بعض البشر انه اله كما تقوله الغالية في الائمة والشيوخ. فان كان في المسلمين من يقول انه من القرآن فقد صار الها اي ان هذا الذي يسمع انه من القرآن وصار بذلك من يسمع منه الها فهذا يقول بقول صار وان لم يكن في المسلمين من يقول ذلك فهذا تحدث عن المسلمين وليس بالمسلمين من يقول بهذا المعتقد بل العقيدة المسلمين التي دل عليها القرآن والسنة ان القرآن كلام الله عز وجل منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود. فهذا جماع عقيدتهم في القرآن الكريم. ان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود ودلائل ذلك مبسوطة في محلها اللائقي به وكل من خرج عن طريقة الكتاب والسنة وقع في الضلال. كما ترون ان هذه المذاهب المرذولة ابتدأت من الخروج عن الكتاب والسنة باعتقاد ادلة تثبت بها الصفات كما نحى اليه ابن كلاب فجره ذلك الى الوقوع في الغلط كما جر المعتزلة فالزمهم الفلاسفة بالقول بقدم العالم. وهذه اللقيسة والمسالك المنطقية هي التي تسمى بالكلام التي كان يذمه السلف ويحذرون منه. ولا يعرف بركة المعتقد الصحيح ويميز حلاوته الا من طالع هذه الكتب او سمع كلام معتقديها فانه اذا طلع هذه الكتب يرى فيها من الظلمة الشيء العظيم لامتلائها المقالات الكلامية دون الادلة الشرعية. فقل ان تجد فيها نصب الادلة الشرعية على ما يعتقده هؤلاء بل جل ما يذكرونه هو بناء على قياس عقلي او مقدمات منطقية. واما كتب اهل السنة والحديث فتجدها طافحة مليئة بدلائل القرآن والسنة. واعتبر هذا في قدر ما في العقيدة الواسطية من دلائل القرآن الكريم فانه ذكر فيها عددا عظيما من الايات القرآنية مع قلة اوراقها وربما طلعت مجلدا كبيرا مما دون في عقائد المتكلمين فلا تكاد تجد فيه الا نزرا يسيرا من الايات. واما الاحاديث فقد ردها اكثر القوم واهملوها بدعوى انها احاديث احاد. وانه لا يحتج بها في الاعتقاد وهذه المقالات بدأت تطل برأسها على اهل السنة في هذه وابتلعها من ظن ان تلك العقائد هي عقائد جمهور المسلمين. وان العقائد التي في هذا البلاد انما هي العقائد التيمية الوهابية. وهذا من الجهل البليغ. فاننا لا ندعو الى عقيدة تيمية ولا وهابية بل ندعوك الى ان تقرأ ما صنفه الاقدمون من كل مذهب. فانظر الى ما صنفه الاقدمون من كل مذهب من المذاهب المعظمة في العقائد ككلام ابي يوسف الانصاري ومحمد بن الحسن الشيباني من الحنفية او كلام مالك في كتب ابن عبد البر كالتمهيد وجامع بيان العلم وفضله وانظر الى كلام الشافعي في كتاب اداب الشافعي واخباره لابن ابي حاتم وغيره من اصحاب الشافعي كالمزني والاسماعيلي والصابوني وانظر الى كلام الامام احمد رحمه الله تعالى في كتاب السنة للخلال او السنة لابن عبد الله او الابادة لابن بطة ثم انظر هل هذه العقائد التي يدين بها اهل هذه البلاد هي عقائد تختص بهم انتحلوها عن ابن تيمية وابن عبدالوهاب ام هي عقائد سنية سلفية؟ لكن الجهل بهذه الاصول العظيمة هو الذي غر بعض الشباب فصدقوا هذه المقالات. ومر معنا اليوم كلام الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى الذي قرر فيه ان الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات. واكثر متكلمون في باب العقائد اذا ذكروا هذا لا يظنون ان احدا تفوه بها قبل ابن تيمية ويوجد جماعة تكلموا بمثل هذا قبل ابن تيمية كالخطاب والخطيب البغدادي وقوام سنة رحمهم الله تعالى لكن المكنة في الاعتقاد ضعفت عند الناس والمذاهب المرذولة قام لها من ينصرها مع جهل الناشئة بمقالات المخالفين. ومن اراد ان يرسخ اعتقاده فلا بد ان يتعلم اولا اعتقاد اهل السنة كاملا حتى يتقرر في نفسه دون تعريج على مقالات المخالفين. فاذا استقر في نفسه ذلك فليقرأ في كتب على المبطلين حتى يميز الحق من الباطل ولان لا يروج عليه الباطل فان من الناس من يروج عليه الباطل لجهله به وربما اجاب الى تصحيح مقالة من المقالات ظنا انها موافقة للحق لجهله ببطلانها فهو له معرفة اجمالية بعقيدة اهل السنة والجماعة. فاذا جاء في التفصيل تجده حائرا. فلو قال له قائل مثلا انكم تقولون اننا نؤمن بالصفات كما جاءت في القرآن والسنة. فسيلتزم له بذلك فيقول انكم تقولون ان جميع الصفات مما جاءت فيه الادلة تثبت بلا تأويل فسيلتزم له لذلك لانه يعتقده ثم يقول له فما تقول في قول الله سبحانه وتعالى في سورة ياسين يا حسرتا على عباد فانك اما ان تثبت الحسرة لله واما ان تؤولها. صح صح ولا لا؟ اما ان تثبت الحسرة لله واما ان تؤولها. فربما بقي حائرا وربما نثبتها كما تليق بجلال الله. فقال قول لم يقل به احد من المسلمين. وربما قال نعم نأولها ودعا الى ذلك ان هذه لا تليق بالله عز وجل. فيقول له كما قلت في هذه انها لا تليق بالله عز وجل. فكذلك انا اقول في غيرها انها لا تليق بذات الله اي عز وجل لكن لو كانت له معرفة راسخة باعتقاد اهل السنة قال ان هذه الاية التي ذكرتها ليست من ايات الصفات وان الله عز وجل لم يقل يا حسرتي على العباد فلم يوظفها سبحانه وتعالى الى نفسه فليست اية من ايات الصفات والمقصود انه لا ينبغي ان يعرض الانسان نفسه للفتن في الدخول في مثل هذه الامور. بل يجب عليه ان يتمكن في معرفة عقيدة اهل السنة جماعة دون تشويش على نفسه بعقائد المخالفين حتى اذا خلص ادراكه لعقيدة اهل السنة نظر بعد ذلك في الرد على المبطلين وتفنن في طرقه حتى يكون حصنا واقيا لنفسه وحصنا واقيا لاهل السنة والحديث وبتمام هذا الكتاب نكون بحمد الله سبحانه وتعالى قد فرغنا من خمسة اسداس برنامج وبقي سدس واحد. نحن نسينا البيت البارحة وهو البيت البارحة الثلثين حد يذكره؟ نعم وفي الثلثين يا صحبي ثناء فما فرض سواها مستطير واذ يبقى من الاسداس سدس فلا ينأى عن الصبر البصير. ما بقي الا سدس. فالبصير العاقل ينبغي له الا يقصر في الصبر على اتمام هذه الدروس اتمها الله بخير ونفعنا جميعا بها في الدنيا والاخرة. وهذا اخر التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق والاخوة الذين يشاركون في مسابقة المسبوع يعقد اختباره بعد الدرس وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين