نعم احسن الله اليكم وقال تعالى وهذا دليل على وهذا دليل على ان من لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم اولى به من نفسه فليس من المؤمنين وهذه الاولوية وهذه الاولوية تتضمن امورا منها ان يكون احب الى العبد من نفسه لان الاولوية اصلها الحب. ونفس العبد احب اليه من غيره ومع هذا فيجب ان يكون الرسول اولى به منها. واحب اليه منها فبذلك يحصل له اسم الايمان ويلزم من هذه الاولوية والمحبة كمال الانقياد والطاعة والرضا والتسليم وسائر لوازم المحبة من الرضا بحكمه والتسليم لامره وايثاره على كل من سواه ومنها الا يكون للعبد حكم على نفسه اصلا بل الحكم على نفسه للرسول صلى الله عليه وسلم يحكم عليها اعظم من حكم السيدة على عبده والوالد على فليس له في نفسه تصرف قط الا ما تصرف به الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو اولى به منها فيا عجبا فيا عجبا كيف تحصل هذه الاولوية قد عزل ما جاء به الرسول عن منصب التحكيم ورضي بحكم غيره واطمئن اليه اعظم من طمأنينته الى الرسول صلى الله عليه وسلم وزعم ان الهدى لا يتلقى من وانما لا يتلقى من مشكاته وانما وانما يتلقى من دلالات العقول. وان ما جاء به لا يفيد اليقين الى غير ذلك من الاقوال تتضمن الاعراض عنه وعن ما جاء به والحوالة في العلم النافع على غيره وذلك والضلال المبين ولا سبيل الى ثبوت هذه الاولوية الا بعزل كل ما سواه في كل شيء وارض ما قاله كل احد سواه على ما جاء به فان شهد له بالصحة قبله وان شهد له بالبطلان رده وان لم تتبين شهادته له بصحة ولا بطلان جعله بمنزلة احاديث اهل الكتاب ووقفه حتى يتبين اي الامرين اولى به. فمن سلك هذه الطريقة استقام له سفر الهجرة واستقام له عمله واستقام له علمه وعمله واقبلت وجوه الحق اليه من كل جهة ومن العجب ان يدعي حصول هذه الاولوية والمحبة التامة لمن كان سعيه واجتهاده ونصبه في الاشتغال باقوال غيره وتقريرها والغضب والحمية لها والرضا بها والتحاكم اليها وعرض ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عليها فان وافقها قبله وان خالفها التمس وجوه الحيل وبالغ في ربه ليا واعراضا كما قال تعالى وان تلووا او تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من الاية المقدمة فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. اورد اية ثانية في هذا المعنى وهي قوله تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم. وذكر ان هذه الاية دليل على ان من لم يكن الرسول اولى به من نفسه فليس من مؤمنين ومن علامات المؤمنين ان النبي صلى الله عليه وسلم اولى باحدهم من نفسه. وهذه الاولوية كما ذكر تتضمن امورا عدة اي اقتصر هنا على ذكر امرين احدهما ان يكون الرسول صلى الله عليه وسلم احب الى لعبدي من نفسه وثانيهما الا يكون للعبد حكم على نفسه اصلا بل الحكم على نفسه للرسول صلى الله عليه عليه وسلم. فحقيقة الاولوية تنتظم فيها محبة الرسول صلى الله عليه وسلم محبة من محبة العبد لنفسه وينتظم فيها بعد جريان حكمه صلى الله عليه وسلم على العبد بمنزلة جريان حكمه سيدي على عبده والوالد على ولده فليس له في نفسه تصرف الا ما تصرف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بالامر والنهي ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى العجب من حال من عزل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن منصب التحكيم ورضي بحكم غيره واطمأن اليه وزعم ان الهدى والنور والعلم لا يتلقى من مشكاة الانوار الصادرة من النبي صلى الله عليه وسلم وانما يتلقى من دلالات العقول. وهذا امرئ رضي بزبلات الاذهان وكناسات العقول قوتا يتقوت به في طلب الهدى وبئس القوت قوته ولا بين حاله وبين حال عبد رضي بالعلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم موردا ومنهلا ومنبعا يقتات منه في طلب العلم والهدى والنور. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه لا سبيل الى ثبوت بهذه الاولوية الا بعزل كل ما سواه وتوليته في كل شيء وعظم ما قاله كل احد سواه على ما جاء به صلى الله عليه وسلم فان شهد له بالصحة قبله. وان شهد له بالبطلان رده. وان لم تتبين شهادته له بصحة ولا بطلان جعله بمنزلة احاديث اهل الكتاب ووقفه حتى يتبين اي الامرين اولى به. فما لم يقم عليه دليل شاهد من العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم طرح وترك. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى ان من سلك هذه الطريقة استقام له سفر الهجرة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستقام له علمه وعمله واقبلت وجوه الحق اليه من كل جهة ثم عجب المصنف ثانية ممن يدعي حصول هذه الاولوية والمحبة التامة ممن يشتغل اقوال غيره وتقريرها ويغضب لها حمية ويرضى بها ويتحاكم اليها ويعرض عليها ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فان وافقها قبله وان خالفها التمس وجوه الحيل وبالغ في ردها لينا واعراضا وهذا حال كثير من الخلق ممن ينازع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم اما بعقله ورأيه واما فوقه ووجده واما بتدبيره وسياسته فان الناس يتقاسمون هذه الموارد في ابطال ما جاءت به الشريعة ذكره ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وحفيده بالتلمذة ابن ابي العز في صدر شرح العقيدة الطحاوية فالمرء اما ان ينازع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم برأيه وعقله واما ان ينازعه بذوقه ووجده واما ان ينازعه بسياسته وتدبيره فالاول حظ جماعة من المنتسبين الى العلم والثاني حظوا جماعة من المنتسبين الى العبادة والثالث حظ جماعة من المنتسبين الى الحكم الولاية ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان حال هؤلاء هو ما ذكره الله عز وجل في قوله وان تلووا او تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا فحالوا الناس في كتم ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم اما رده لينا واما رده واعراضا وسيذكر المصنف رحمه الله تعالى بعض المعاني التي اشتملت بها الاية المذكورة من سورة النساء فيما يستقبل. نعم احسن الله اليكم. وقد اشتملت هذه الاية على اسرار عظيمة نحن ننبه على بعضها لشدة الحاجة اليها. قال تعالى يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين او الوالدين ان غنيا او فقيرا فالله اولى بهما فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا وان تلووا او تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا تنو واوين فان تلو فان تلو وان وان وان تلو او تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا. فامر سبحانه بالقيام بالقسط وهو العدل وهذا امر من القيام به في حق كل احد عدو كان اوليا واحق ما قام له العابد بالقسط الاقوال والاراء والمذاهب اذ هي متعلقة بامر الله وخبره بالقيام فيها بالهوى والعصبية مضاد لامر الله مناف لما بعث به رسله. والقيام فيها بالقسط وظيفة خلفاء الرسول في امته وامنائه بين اتباعه ولا يستحق اسم ولا يستحق اسم الامانة الا من قام فيها بالعدل المحض. نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولعباده اولئك هم الوارثون حقا لا من يجعل اصحابه ونحلته ومذهبه عيارا على الحق وميزانا له يعادي ما خالفه ويوالي من وافقه بمجرد موافقته ومخالفته فاين هذا من القسط الذي فرضه الله على كل احد وهو في هذا الباب اعظم فرضا واكبر وجوبا ثم قال شهداء لله والشاهد هو المخبر فان اخبر بحقه فهو شاهد عدل مقبول وان اخبر بباطل فهو شاهد زهول فامر تعالى ان نكون شهداء له مع القيام بالقسط وهذا يتضمن ان تكون الشهادة بالقسط ايضا ان تكون لله وان تكون لله لا لغيره. وقال في الاية الاخرى كونوا قوامين لله شهداء بالقسط. فتضمنت فتضمنت الايات فتضمنت الاياتان امورا اربعة احدها القيام بالقسط والثاني ان يكون لله والثالث الشهادة بالقسط والرابع ان تكون لله واختصت اية النساء القيام بالقسط والشهادة لله واية المائدة بالقيام لله والشهادة بالقسط بسر عجيب من اسرار القرآن. ليس هذا ما وضع ذكره. ثم قال تعالى ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين. فامر سبحانه بان يقام بالقسط ويشهد ويشهد به على كل احد ولو كان احب الناس الى العبد فيقوم به على نفسه ووالديه الذين هما اصله واقربيه الذين هم اخص به والصق من سائر الناس. فانما في العبد من محبته لنفسه والديه واقربه يمنعه من القيام عليهم بالحق ولا سيما اذا كان الحق لمن ينقضه ويعاديه قبلهم فانه لا يقوم به في هذه الحال في هذه الحال الا من كان الله ورسوله احب اليه من كل ما سواهما هذا يمتحن به العبد ايمانه فيعرف منزلة الايمان من قلبه ومحله منه وعكس هذا عدل العبد في اعدائه ومن وانه لا ينبغي وانه لا ينبغي له ان يحمله بغضه لهم على ان يجلس عليهم كما فينبغي ان ان يحمله حبه لنفسه ووالديه واقاربه على ان يترك على ان يترك القيام عليهم بالقسط فلا يدخله ذلك البغض في باطل ولا يقصر به هذا الحب عن الحق. كما قال بعض السلف العادل هو الذي اذا غضب لم يدخله غضبه في باطل. واذا رضي يخرجه رضاه عن الحق فاشتملت الايتان على هذين الحكمين وهو القيام بالقسط والشهادة به على الاولياء والاعداء فلما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هذه الاية وهي قوله تعالى يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط الى تمامها تشتمل على اسرار هو انه ينبه على بعضها ابتدأ ذلك ببيان ان الله امر بالقيام بالقسط وهو العدل. وهذا امر بالقيام به في حق كل احد عدو كان اوليا فالواجب على العبد ان يكون عادلا مع كل احد سواء كان ممن يحبه ويواليه او ممن يبغضه ويعاديه. واحق ما قام له العبد بالقسط الاقوال والاراء والمذاهب. لانها متعلقة بامر الله وخبره فالقيام فيها بالهوى والعصبية مضاد لامر الله مناف لما بعث به رسله. والقيام بها بالقصد اي بالعدل وظيفة خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في امته وامنائه بين اتباعه ولا يستحق اسم الامانة الا من قام فيها بالعدل المحض نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولعباده. فالامين من ورثة الشريعة هو الذي يعرض الاراء والاقوال والاهواء على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فما وافق هديه قبله وما وهديه تركه. واما من يتحيز الى هواه وذوقه ووجبه وتدبيره وسياسته ثم يتطلب من دلائل الشرع في هدي النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون حجة له ويكتم مما هو حجة عليه فهو خائن للامانة. ومن خان الامانة في ميراث النبوة فانه يسلب نوره فان رجلا من الصيارفة ذكر لابي العباس ابن تيمية الحفيد ان من خان في نقد درهم اي خان في بيان ان درهما من الدراهم مزيف فانه يسلب علم النقد اي لا تكون له قدرة بعد ذلك على التمييز بين الصحيح المعروف وبين المزيف المكشوف. فيعميه الله سبحانه وتعالى عن معرفة ما يميز بين العملات الصحيحة والمزورة. فقال ابو العباس وكذلك من خان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه فمن خان في الرسالة فانه يصيب حقيقة العلم ونوره. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الامناء على الشريعة القائمين بحقها هم الوارثون حقا لا من يجعل اصحابه ونحلته ومذهبه عيارا على الحق اي معيار وميزانا له يعادي من خالفه ويوالي من وافقه لمجرد موافقته ومخالفته ثم قال فاين هذا من القيام الذي فرضه الله على كل احد وهو في هذا الباب اعظم فرضا واكبر وجوبا لتعلقه بحق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم ثم بين ان معنى قوله تعالى شهداء لله ان الشاهد هو المخبر. فان اخبر بحق فهو شاهد مقبول وان اخبر بباطل فهو شاهد زول وكذب وميل. فامر تعالى ان نكون شهداء له مع القيام بالقسط وهذا يتضمن ان تكون الشهادة بالقسط ايضا وان تكون لله لا لغيره. فالعبد مأمور بشيئين احدهما ان يكون قيام بالعدل فاذا قام في امر قام بالعدل فيه وتانيهما ان تكون شهادته خالصة لله سبحانه وتعالى لا لغيره. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اية اخرى من المتشابه مع اية النساء وهي قوله تعالى كونوا ومن لله شهداء بالقسط. فبين ان هاتين الايتين تضمنت امورا اربعة احدها القيام اي القيام بالعدل والثاني ان يكون ذلك القيام لله والثالث الشهادة بالقسط اي الشهادة بالعدل والرابع ان تكون تلك الشهادة بالعدل لله لا لغيره. ثم قال واختصت اية النساء بالقيام بالقسط اي بالعدل. والشهادة لله واية المائدة بالقيام لله والشهادة بالقسط لسر عجيب من اسرار القرآن ليس هذا موضع ذكره وقد تقفرت محله من كتبه رحمه الله تعالى فلم اجد له ذكرا بين فيه الفرق بين الايتين وكشف عن السر العجيب من اسرار القرآن وكيف ان الله قال في اية النساء كونوا قوامين بالقسط شهداء وقال في اية المائدة كونوا قوامين لله شهداء بالقسط. والذي يظهر ان النكتة المفرقة بينهما ان اية المائدة جاءت في سياق حق يتعلق بالله عز وجل وهو الوضوء فان الله عز وجل لما ذكر اية الوضوء قال اية الطهارة كلها وهي متعلقة بحق الله عز وجل لما فيها من التطهر لما امر الله عز وجل به من العبادة قال كونوا قوامين لله شهداء بالقسط فقدم القيام لله لان الحق متعلق به. واما اية النساء فذكرت بعد بيان احكام تتعلق بالزوجية بين الرجل والمرأة. فلما ذكر ذلك وكانت متعلقة بحق غير الله عز وجل قال كونوا قوامين بالقسط شهداء لله فالقيام لله يكون بالاخلاص والقيام لحق الخلق يكون بالعدل. فهذه هي النكتة في التفريق بين الايتين والله اعلم ثم ذكر بعد ذلك ان الله عز وجل امر بان يقام بالقسط ويشهد به على كل احد ولو كان من احب الناس من والد وولد وقريب ثم ذكر ان العبد يمتحن بذلك ايمانه فيعرف منزلة ايمانه بقدر ما به من القسط مع المحب والمبغض والقريب والبعيد. نعم. احسن الله اليكم ثم قال تعالى كمنفعة غناه عليكم فلا تقومون عليه او فقيرا فلا ترجونه ولا تخافونه. والله اولى بهما منكم هو ربهما ومولاه ما هما عبد كما انكم عبيده فلا تحابوا غنيا لغناه ولا تطمعوا في فقير لفقره فان الله اولى بهما منكم وقد يقال فيه معنى اخر واحسن من هذا وهو انهم ربما خافوا من القيام بالقسط واداء الشهادة على الغني والفقير. اما الغني فخوفا على ما له واما الفقير فلاعدامه وانه لا شيء له فتاة فتتساهل النفوس في القيام عليه بالحق. فقيل لهم الله اولى بالغني والفقير منكم اعلم بهذا وارحم بهذا فلا تتركوا اداء الحق والشهادة على غني ولا فقير ثم قال تعالى فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا. نهاهم عن اتباع الهوى الحامل على ترك العدل وقوله منصوب الموضع على انه مفعول لاجله. وتقديره عند البصريين كراهية ان تعدلوا او حذار ان تعدلوا تكون اتباعكم الهوى كراهية العدد وفرارا منه وعلى قول الكوفيين التقدير الا تعدلوا. وقول البصريين احسن واظهر. ثم قال الا وان تلوه او تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا. ذكر سبحانه السببين الموجبين لكتمان الحق محذرا منهما متوعدا عليه احدهما احدهما اللي والاخر الاعراب فان الحق اذا ظهرت حجته ولم يجد من يروم دفعها طريقا الى دفعها اعرض عنها عن ذكرها فكان شيطانا اخرس وتارة يلويها او يحرفها والليل مثل الفتن وهو التحريف وهو نوعان لين في اللفظ ولين في المعنى فاللين في اللفظ ان يلفظ بها ان يلفظ بها على وجه الله يستلزم الحق اما بزيادة اما بزيادة لفظة او نقصانها او ابدالها بغيرها ولين في كيفية ادائها وايهام السامع لفظا ومراده غيره كما كان اليهودي يلون السنتهم بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا احد نوعي الليل والنوع الثاني منه لي المعنى وهو تحريفه وتأويل اللفظ على خلاف مراد المتكلم به وتحمله ما لم يرده او يسقط منه بعض ما اراد ونحو هذا من لي المعاني ونحو هذا من لي المعاني. فقال تعالى وان تلووا او تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا فلما كان الشاهد مطالبا باداء الشهادة على وجهها فلا يكتمها ولا يغيرها كان الاعراب كان الاعراب نظير الكتمان نظير تغييرها وتبديلها فتأمل ما تحت هذه الاية من كنوز العلم. والمقصود ان المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة. ما بقي من كلامه مما يتعلق بالاية المتقدمة في معنى قوله تعالى وان يكن غنيا او فقيرا فالله اولى بهما فبين ان هذه القطعة من الاية تحتمل معنيين احدهما ان يكون المشهود عليه غنيا يرجى ويأمل عود منفعة غناه فلا تقومون عليه او فقيرا لا ترجونه ولا تخافونه. فالله اولى بهما منكم هو ربهما اولاهما والثاني انهم ربما خافوا من القيام بالقسط واداء الشهادة على الغني والفقير فيخافون على الغني ان ابى من ماله شيء ويخافون على الفقير لاعدامه وعوزه. فاخبروا بان الله عز وجل اولى بالغني والفقير منهم فهو بهم اعلم ولهم سبحانه وتعالى ارحم. ثم ذكر ان معنى قول الله سبحانه وتعالى فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا انه نهي عن اتباع الهوى الحامل على ترك العدل. ثم ذكر وجه وجود هذا المعنى بان قوله تعالى ان تعدلوا منصوب الموضع على انه مفعول لاجله وهذا مذهب البصير وتقديره عندهم كراهية ان تعدلوا او حدارا ان تعدلوا فيكون اتباعكم الهوى كراهية العدل وفرارا منه واليه ما لا عز مخشري في مواضع من الكشافة واما على قول الكوفيين فالتقدير على الا تعدلوا بتقدير لا النافية. وما لا اليه الطاهر بن عاشور الحلف والتقدير في القرآن الكريم به. وما لا المصنف رحمه الله تعالى الى قول البصريين وانه احسن واظهر وكلام البصريين في بيان تضمن المباني للمعاني اجزل من كلام الكوفيين في مواضع متفرقة مما وقع بينهم من الخلاف في كلام الله سبحانه وتعالى في بيان معانيه. ثم بين بعد ان قول الله تعالى وان تلووا او تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا انه ذكر للسببين الموجبين لكتمان الحق واحدهما الليل والاخر الاعراب واللي هو الاخبار بالكذب والاعراض هو كتم الحق. قاله ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى فالمرء اذا لوى اخبر بالكذب واذا اعرض كتم الحق ثم بين المصنف رحمه الله تعالى ان اللي مثل الفتل وهو التحريف. فهو من جنس فتل الحبل اذا فتل الانسان عقده وحلها وكذلك اللي فيه طي وامالة للشيء عن وجهه وذلك نوعان احدهما لين في اللفظ والاخر لين في المعاني وهو الذي يذكر في كلام المتكلمين في ابواب العقائد لان التعريف نوعان احدهما تحريف لفظي والاخر تحريف معنوي فاما ان يكون متعلقه اللفظ واما ان يكون متعلقه المعنى ومن الاول ان اليهود كانوا السنتهم بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون السام عليك ومن الثاني لي المعنى من يفسر الاستواء بالاستيلاء نعم. احسن الله اليكم. والمقصود ان الواجب الذي لا يتم الايمان الذي لا ايتم الايمان بل لا يحصل مسمى الايمان الا به مقابلة النصوص بالتلقي والقبول والاظهار لها ودعوة الخلق اليها ولا تقابل بالاعراب تارة وبالليل قال تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. فدل هذا على ان اذا تبت لله ولرسوله في كل مسألة من المسائل حكم طلبي او خبري فانه ليس لاحد ان يتخير لنفسه غير ذلك الحكم فيذهب اليه واما ذلك ليس ولا مؤمنة اصلا فدل على ان ذلك مناف للايمان. وقد حكى الشافعي رضي الله عنه اجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم على ان من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له ان يدعها لقول احد. ولا يستريب احد من ائمة الاسلام في صحة ما قال الشافعي رضي الله عنه فان الحجة يجب اتباعها على الخلق كافة انما هو قول المعصوم. الذي لا ينطق عن الهوى واما اقوال غيره فغايتها ان تكون سائرة الاتباع لا واجبة الاتباع فاضلا على ان تعارض بها النصوص وتقدم عليها عياذا بالله من الخذلان من الخذلان من الخذلان عياذا بالله من وقال تعالى قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول فان تولوا فانما عليهما حمل وعليكم ما حملتم وان تطيعوه تهتدوا وما على الرسول الا البلاغ المبين. فاخبر سبحانه ان الهداية انما هي في طاعة الرسول لا في غيرها فانه معلق بالشرط بانتفائه وليس هذا من باب دلالة المفهوم كما يغلط فيه كثير من الناس ويظن انه يحتاج في تقارير الدلالة منه الى تقييد كونه المفهوم حجة بل هذا من الاحكام التي رتبت على شروط وعلقت فلا وجود لها بدون فلا وجود لها بدون شروطها اجماع على الشرط فهو عدم عند عدمه والا لم يكن شرطا له اذا ثبت هذا فالاية نص على انتفاء الهداية عند عدم طاعته وفي اعادة الفعل في قوله قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول دون الاكتفاء يعني الأول سر لطيف وفائدة جليلة سنذكرها عن قرب ان شاء الله تعالى. وقوله فإن وقوله وتولوا فانما عليه ما حمل الفعل للمخاطبين واصله تتولوا فحذفت احدى التائين تخفيفا والمعنى انه قد حمل اداء الرسالة وتبليغها وحملتم طاعته والانقياد له والتسليم. كما ذكر البخاري في صحيحه عن الزهري قال من الله من من الله البيان وعلى رسوله البلاغ التسليم فان تركتم انتم ما حملتم من الايمان والطاعة فعليكم لا عليه فانه لم يحمل طاعتكم فانه لم يحمل طاعتكم وايمانكم انما حملت تبليغكم اداء الرسالة اليكم فان تطيعوه فهو حظكم وسعادتكم وهدايتكم وان لم تطيعوه فقد ادى ما حمل وما على رسوله بلاغ مبين ليس عليه هداكم وتوفيقكم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة من الاية ما يؤكد المعنى متقدم مقدما بين يدي ذلك التنبيه الى ان المقصود هو بيان ان الواجب على العبد بل لا يتم ايمانه بل لا يصح له مسمى الايمان ولا تقع له حقيقته الا في مقابلة النصوص بالتلقي والقبول والاظهار لها ودعوة الخلق اليها لا تقابل بالاعراض تارة وبالليل تارة اخرى ثم ورد قول الله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. وفي هذا الاية الارشاد انه اذا ثبت عن الله او عن رسوله صلى الله عليه وسلم في مسألة ما حكم طلبي او خبري فانه ليس لاحد ان يتخير لنفسه ما يشاء بل الواجب عليه ان يلتزم بما اختاره له الله او اختاره له رسوله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى الحكاية المشهورة عن الشافعي في حكايته اجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم على من ان من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له ان يدعها لقول احد ثم ذكر ان هذا الاجماع لا ريب في صحته فان الحجة الواجبة اتباعها على الخلق انما هو قول المعصوم الذي ينطق عن الهوى واما اقوال غيره فغايتها ان تكون سائغة الاتباع لا واجبة اتباع. فضلا عن ان تعارض بها النصوص وتقدم عليها عياذا بالله من الخذلان لان كل احد يؤخذ من قوله ويرد. واما النبي صلى الله عليه وسلم فان قوله جميعا فلاجل هذا الفرقان بين قوله وقول غيره فان ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم يؤخذ به تسليما فيكون واجب اتباع واما قول غيره فيكون سائغ الاتباع فربما وافق النصوص فقبل وربما كان مخالفا للنصوص فرد وفي ذلك شهرت كلمة الامام ما لك رحمه الله تعالى اذ قال مشيرا الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم كل احد يؤخذ من قوله ويرد الا صاحب هذا القبر يعني نبيه صلى الله عليه وسلم. ونظم ذلك محمد سعيد سفر رحمه الله تعالى في رسالة الهدى اذ قال ومالك امام دار الهجرة قال وقد اشار نحو الحجرة كل كلام منه ذو قبول ومنه مردود سوى الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى اية اخرى في تأكيد المعنى المتقدم من طاعة الله وطاعة صلى الله عليه وسلم وهي قوله تعالى قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول فان تولوا فانما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم الى تمام الاية وفيها الخبر بان الهداية لا تكون الا في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم الاية عليها هي من دلالة المنطوق وليس من دلالة المفهوم فان سياق الاية دال على تقرير هذا المعنى وليس شيء يوجد في غير محل اللفظ ويستنبط منه كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى لوروده معلقا فينتفي بانتفائه ثم بين المصنف ان اعادة الفعل بالامر بالطاعة قوله قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول هو لسر لطيف وفائدة جليلة سيذكرها المصنف فيما يستقبل ثم بين ان قوله تعالى فان تولوا فانما عليه ما حمل ان الفعل للمخاطبين واصله تتولوا اي فان تتولوا ثم حذفت احدى التائين تخفيفا وصار سياق الاية فان تولوا والمعنى انه قد حمل صلى الله عليه وسلم اداء الرسالة وحمل الناس طاعته والانقياد له والتسليم له صلى الله عليه وسلم وفي ذلك قال الزهري فيما رواه البخاري معلقا عنه ووصله جماعة بسند صحيح قال من الله البيان وعلى رسوله البلاغ وعلينا التسليم. فاذا ترك الناس ما امروا بتحمله من الايمان والطاعة فان ذلك لا يضر النبي شيئا فان النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح للخلق ابلغ النصيحة واتمها وما على الرسول الا البلاغ المبين ليس عليه هدى احد من المخلوقين. نعم