احسن الله اليكم. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تأويلا. فامر سبحانه وطاعته وطاعة رسوله وفتح الاية من ندائهم باسم الايمان المشعر بان المطلوب منهم من موجبات الاسم الذي نودوا وخوطيبوا به. كما يقال يا من انعم الله عليه من فضله احسن كما احسن الله اليك ويا ايها العالم علم الناس ما ينفعهم. ويا ايها الحاكم احكم احكم بالحق ونظائره ونظائره. ولهذا كثيرا لا يقع الخطاب في القرآن بالشرائع بقوله يا ايها الذين امنوا يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام يا ايها الذين امنوا اذا الصلاة من يوم الجمعة. يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود احلت لكم ونظائر ونظائره. ففي ذلك الى انكم ان كنتم مؤمنين فالايمان يقتضي منكم كذا وكذا فانه من موجبات الايمان وتمامه ثم قال اطيعوا الله واطيعوا الرسول فرق بين طاعته وطاعة رسوله في الفعل ولم يسلط الفعل الاول عليها وقال دعني نصحها غير هذه الطبعة هكذا يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود احلت لكم ثم ثم قال تعالى لان الشاهد يعني الى اوفوا بالعقود. فربما كان يعني ذكرها زيادة. نعم. احسن الله اليكم. ثم قال ثم قال اطيعوا الله واطيعوا الرسول ففرق بين طاعته وطاعة رسوله في الفعل ولم يسلم الفعل الاول عليها وقال واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فقارن بين طاعة الرسول وطاعة اولي الامر وسلط عليهما عاملا واحدا وقد كان ربما يسبقه الى الوهم ان الامر يقتضي عكس هذا فانه من يطع الرسول فقد اطاع الله ولكن ولكن الواقع في ولكن الواقع في الاية هو المناسب وتحته سر لطيف دلالته على ان من على ان ما يأمر به رسوله تجب طاعته فيه وان لم يكن مأمورا به بعينه في القرآن فتجب طاعة الرسول صلى الله عليه ويسلم مفردة ومقرونة فلا يتوهم فلا يتوهم متوهم ان ما يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ان لم يكن في القرآن والا فلا تجب طاعته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوشك رجل شبعان متكئ على اريكته يأتيه الامر من امري. فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ما وجدنا من شيء اتبعناه الا واني اوتيت الكتاب ومثله معه. واما اولوا الامر واما اولوا الامر فلا تجب الطاعة احدهم الا اذا اندرجت تحت طاعة الرسول لا طاعة مفردة مستقلة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال على المرء السمع والطاعة فيما احب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله فان امر بمعصية لا سمع ولا طاعة فتأمل كيف اقتضت اعادة هذا المعنى قوله تعالى فردوه الى الله والرسول ولم يقل والى الرسول فان الرد الى القرآن الى الله والرسول والرد الى السنة رد الى الله والرسول فيهم فما فما يحكم به فما يحكم به الله هو بعينه حكم رسوله وما يحكم الرسول هو بعينه حكم الله فاذا رددتم الى الله ما تنازعتم فيه يعني الى كتابه فقد فقد رددتموه الى الله ورسوله وكذلك اذا وكذلك اذا رددتموه الى رسوله وقد رددتم فقد رددتموه الى الله والرسول هذا من اسرار القرآن وقد وقد اختلفت الرواية عن الامام احمد في اولي الامر فعنه في روايتان احداهما لانهم العلماء والثانية انهم الامراء. والقول ثابتان عن الصحابة في تفسير الاية والصحيح انهما انها متناولة للصنفين جميعا فان العلماء والامراء هم ولاة الامر الذي بعث الله به رسوله. فالعلماء ولايته حفظا وبيانا وبلاغا ودبا عنه وردا على من الحد به وزاغ عنه وقد وكلهم الله بذلك فقال تعالى فان يك بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها وبكافرين. ويا لها من التي اوجبت طاعتهم والانتهاء الى امرهم. وكان هنا الناس تبعا لهم الامراء ولاته قياما. ورعاية وجهادا والزاما للناس به واخذ واخذهم على من خرج عنه وهذا نص ثاني هم الناس وسائر الموظوع الانساني تبع لهم رعية ثم قال تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر. وهذا دليل قاطع على انه يجب رد موارد النزاع في كل ما تنازع فيه الناس من من الدين كله الى الله ورسوله لا اله احد غير الله ورسوله فمن احال الرد على غيرهما فقد ضاب امر الله ومن دعا عند النزاع الى تحكيم لغير الله ورسوله فقد دعا بدعوى الجاهلية فلا يدخل العبد في الايمان حتى يرد كل ما تنازع فيه المتنازعون الى الله ورسوله. ولهذا قال تعالى ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر هذا مما وهذا مما ذكرناه انفا انه شرط ينتفي المشروط بانتفائه فدل على ان من حكم غير الله ورسوله على ان من حكم غير الله ورسوله في موارد النزاع كان خارجا عن مقتضى الايمان بالله واليوم الاخر. وحسبك بهذه الاية القاسمة العاصمة بيانا فانها قاصمة لظهور المخالفين فانها قاصمة لظهور المخالفين لها عاصمة للمتمسكين بها الممتثلين لما امر ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وان الله لسميع عليم. وقد اتفق السلف والخلف وان الرد الى الله هو الرد الى كتابه والرد الى رسوله صلى الله عليه وسلم هو الرد اليه في حياته والرد الى سنته بعد وفاته. ثم قال تعالى ذلك خير واحسن ايلاف اي هذا الذي اي هذا الذي امرتكم به من طاعتي وطاعة رسوله واولي الامر وربي ما تنازعتم فيه الي والى رسوله خير لكم في معاشري ومعهدكم وهو سعادتكم في الدارين فهو خير لكم واحسن عاقبة. فدل هذا على ان طاعة الله ورسوله وتحكيم الله ورسوله هو سبب السعادة عاجلا واجلا ومن تدبر العالم وشرور الواقعة فيه. علم ان كل شر في العالم فسببه مخالفة الرسول والخروج عن طاعته وكل خير في العالم فانما هو بسبب طاعة الرسول وكذلك شرور الاخرة يعلمها وعذابها وانما هي موجبات وانما هي موجبات مخالفة الرسول ومقتضياتها فهذا شر الدنيا والاخرة الى مخالفة الرسول عليه بل وان الناس اطاعوا الرسول حق طاعته لم يكن في الارض شرا قط. وهذا كما انه معلوم في الشرور العامة والمصائب الواقعة في الارض. فكذلك هو في الشر والالم والغم الذي يصيب العبد في نفسه فانما فانما هو بسبب مخالفة الرسول والا فطاعته هي الحصن الذي من دخله فهو من الامنين. والكهف الذي من لجأ اليه فهو ومن اللاجئين فعلم ان شرور الدنيا والاخرة انما هي الجهل بما جاء به الرسول والخروج عنه هذا برهان قاطع على انه لا نجاة للعبد ولا الا باجتهاده في معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علما والقيام به عملا. وكمال هذه السعادة بامرين اخرين. احدهما ما دعوة الخلق اليه؟ والثاني صبره وجهاده على تلك الدعوة. فانحاصر الكمال الانساني في هذه المراتب الاربعة احداها العلم وبما جاء به الرسول. والثانية العمل به هي ثالثة بثه في الناس ودعوتهم اليه هي الرابعة صبره وجهاده في ادائه وتنفيذه. ومن تطلعت همته الى معرفة ما كان عليه الصحابة اراد اتباعهم فهذه طريقتهم حقا. فان شئت وصل القوم فاسلك طريقهم. فقد فقد وضحت للسالكين عيانا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى اية اخرى في تشييد الاصل العظيم المتقدم من الامر بالرد الى النصوص وتلقيها بالقبول وعدم معارضتها. وهي قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم الاية وبين ان الله عز وجل امر بطاعته وطاعة رسوله وافتتح الاية بندائهم باسم الايمان المشعل بان المطلوب منهم من موجبات الاسم الذي نودوا وخوطبوا به اي من موجبات الايمان ومن قواعد البيان بمعاني القرآن ان كل اية استفتحت بالنداء بيا ايها الذين امنوا فالمعقب بعدها من امر او نهي فهو متعلق بالايمان يكون تارة متعلقا باصله ويكون تارة متعلقا بكماله. فقوله تعالى مثلا يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول متعلق باصل الايمان وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام بكمال الايمان لان الانسان لو لم يصم من غير جحد لا يخرج من الايمان. والمقصود ان تعلم انها هذه القاعدة تفيد في بيان ان ما يذكر بعد المناداة بالايمان هو من موجبات الايمان ومتعلقاته. اما مما يرجع الى واما ما يرجع الى كماله. ففي هذه الاية التنبيه الى انكم ان كنتم مؤمنين فان الايمان يقتضي منكم ان تطيعوا الله وتطيعوا الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بين المصنف ان الله سبحانه وتعالى فرق بين طاعته وطاعة رسوله ولم يسلط الفعل الاول عليهما فلم يقل واطيعوا الله والرسول وانما قال اطيعوا الله واطيعوا الرسول فاعاد فعل الامر بالطاعة مع ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعده مع اولي الامر بل قيل واطيعوا الرسول واولي اولي الامر منكم فقرن بين طاعة الرسول وطاعة ولي الامر وسلط عليهما عاملا واحدا والمقتضي لذلك كما ذكر المصنف هو دلالته على ان ما يأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم تجب طاعته فيه وان لم يكن مأمورا به بعينه بالقرآن فربما توهم متوهم لو كان سياق الاية يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله والرسول ان طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تكون الا فيما كان اصله في القرآن. فاعيد فعل الامر بالطاعة تنبيها الى ان الرسول صلى الله عليه سلم تجب طاعته في كل ما جاء به سواء مما ذكر في القرآن او ما جاء في سنته صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى حديث المقدام ابن معد كذب رضي الله عنه الذي اخرجه ابو داوود وغيره بسند صحيح يوشك رجل شبعان متكئ على اركته يأتيه الامر من امري فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ما وجدنا فيه من شيء اتبعناه الا واني اوتيت كتابا ومثله معه تنبيها الى ما ستؤول اليه حال الناس وقد وقعت من ظهور طائفة تسمى قرآنيين يزعمون ان العبد مأمور باتباع القرآن دون السنة. فنبه النبي صلى الله عليه وسلم الى بطلان مقالتهم الى مقدار ما اوتي اذ قال الا اني اوتيت الكتاب ورثه معه يعني في الحجية فالسنة مثل القرآن الكريم في حجيتها واما باعتبار فضل الكلام فان فضل كلام الخالق سبحانه وتعالى لا يقاربه كلام احد. ثم ذكر ان السر في عدم اعادة فعل الامر بالطاعة مع اولي الامر ان ان ولاة الامر لا تجب طاعة احدهم الا اذا درجة تحت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فليست لهم طاعة مفردة مستقلة وانما طاعتهم طاعة مقترنة لطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فان طاعتهم هي في المعروف فان امروا بغيره فلا سمع ولا طاعة ثم نبه المصنف رحمه الله تعالى ان ما ذكره انفا من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وان طاعة كل واحد منهما مستقلة ملازمة للاخرى بين ان ذلك اعيد في قوله فردوه الى الله والرسول ولم يقل الى الرسول تنبيها الى اجتماعهما في الرد اليهما فان الرد الى القرآن رد الى الله والرسول صلى الله عليه وسلم والرد الى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم رد الى الله واذا رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم عرض المصنف رحمه الله تعالى لبيان معنى اولي الامر المذكور في الاية وبين ان المنقول عن احمد فيه روايتان احداهما انهم العلماء والتانية انهم الامراء والقولان ثابتان عن الصحابة في تفسير الاية عن جابر ابن عبد الله وغيره. والصحيح كما اختاره جماعة من المحققين منهم او عباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابن القيم في مواضع منها هذا الموضع وغيرهما ان الاية متناولة للصنفين جميعا فان العلماء والامراء هم ولاة الامر الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم لان الامر الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم جامع بين شيئين احدهما الفتيا والعلم والاخر السلطان والحكم والاول وهو الفتيا والعلم حظ العلماء والثاني وهو السلطان والحكم حظ الامراء. وكان هذان الامران مجتمعين في النبي صلى الله عليه وسلم وفي الخلفاء من بعده فلم الامر يضعف حتى صار اكثر ملوك المسلمين لا قدرة لهم على الفتيا والعلم ويحتاجون الى العلماء الذين يبصرونهم بالعلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فلكل طائفة من هاتين طائفتين حظ وحق فالعلماء ولاة العلم والدين حفظا وبيانا وبلاغا ودبا عنه وردا على من الحد وزاغ فيه ووكل الله عز وجل اليهم هذا والامراء هم ولاة الامر في الدين قياما ورعاية وجهادا والزاما للناس به وحكما عليهم وانفاذا لذلك فيهم واخذا لهم على يد من خرج وهذان الصنفان هم الناس وسائر نوع الانساني تبع لهم ورعية وكل واحد منهم يلي ما جعله الله سبحانه وتعالى له واذا قدر اجتماعهما في احد فذلك الكمال التام وان لم يوجد قام كل احد بما يجب عليه في حظه فالعالم يجب عليه اذا ظهرت الشرور وارتفعت اعناق دعاتها ان يبين بطلانها وان يرد عليها والامير وجب عليه حينئذ اذا بين العلماء ذلك ان يردع اولئك يكبت دعوتهم ويطفئ نارهم. فاذا قصر احد من العلماء او الامراء في واجبه فقد اخل بما عليه من الحظ واذا تطاول احد منهما الى غير حقه فانه يزري على دينه ونفسه فان العالم ليس له ان ينفد امر الله سبحانه وتعالى المتعلق بالسلطان والحكم ولا يد له. فليس له يد ان ينفذ حكم الرد على مرتد ولا ان يزج بمبتدع او ضال في السجن. فاذا تطاول على ذلك فقد وقع في غير حقه كذلك الامير الذي لا علم له ليس له حظ ان يتكلم في الدين والعلم فيصحح امرا او يبطل واذا وقع منه خلاف ذلك فقد اضر بدينه وعقله. ومن وعى هذا الترتيب الذي جاءت به الشريعة صار في سلامة من دينه ومن لم يعي هذا الترتيب الموضوع في الشريعة وقع في الخلط عليها وعلى اربابها واهلها ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان قول الله عز وجل فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون لله واليوم الاخر دليل قاطع على انه يجب رد موارد النزاع كلها الى الله والى رسوله صلى الله عليه وسلم وجود الايمان بالله واليوم الاخر عليها في قوله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر فهو شرط ينتفي المشروط بانتفاءه وهذه اية عظيمة كما قال المصنف وحسبك بهذه الاية القاصمة العاصمة بيانا وشفاء انها قاصمة لظهور المخالفين لها عاصمة للمتمسكين بها الممتثلين لما امرت به. ثم ذكر اتفاق السلف رحمهم الله على ان الرد الى الله هو الرد الى كتابه والرد الى رسوله صلى الله عليه وسلم هو الرد اليه في حال حياته والرد الى سنته بعد وفاته ومن اقدم من تكلم بهذا المعنى ميمون ابن مهران رحمه الله احد التابعين ثم تبعه جماعة من العلم. ثم بين ان الله عز وجل ختم بقوله ذلك خير واحسن تأويلا تنبيها الى ان الخير والسعادة تكون في رد الامر الى الله والى رسوله صلى الله عليه وسلم وان الشر والندامة تكون في ضد ذلك. فكل وخير في العالم بسبب طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وكل شر في العالم فسببه مخالفة الله ومخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان مبتدأ شرور الدنيا والاخرة انما هو الجهل بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قالوا هذا برهان قاطع على انه لا نجاة للعبد ولا سعادة الا باجتهاده معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك المعرفة العلمية ثم بالامتثال العملي. فالانسان مأمور بشيئين احدهما العلم والعمل فيجب عليه ان يعلم ثم يجب عليه ان يعمل بذلك العلم ولا تكمن سعادته بهذين الامرين حتى يضم اليهما امرين اخرين احدهما دعوة الخلق اليه والتاني صبره وجهاده على تلك الدعوة. وهؤلاء الاربع هن المذكورات في سورة في سورة العصر. وبين المصنف ان الكمال الانسانية انحصر في هذه المراتب الاربعة احداها العلم بما جاء به الرسول والثانية العمل به والثالثة بثه في الناس دعوتهم اليه صبره وجهاده في ادائه وتنفيذه وذكر نحو هذا الكلام في زاد المعاد ويوجد في كلام شيخه ابن عباس ابن تيمية رحمه الله تعالى فانهما ردا كمال الانسان الى امرين اثنين احدهما تكميل الانسان لنفسه والاخر تكميل الانسان لغيره. فاما تكميله لنفسه فيكون بشيئين العلم والعمل. واما تكميله لغيره فيكون بشيئين الدعوة والصبر. فمن جمع هذين كملت له سعادته. نعم احسن الله اليكم. وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل ان ضللت فانما اضل على نفسي وان اهتديت فبما فيوحي الي ربي انه سميع قريب. هذا نص صريح في ان هدى الرسول صلى الله عليه وسلم انما حصل بالوحي فيا عجبا كيف فيحصل الهدى لغيره من الاراء والعقول المختلفة والاقوال المضطربة. ولكن من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له مرشدا فاي ضلال اعظم من ضلال من يزعم ان الهداية لا تحسب بالوحي ثم يحييه فيها ثم ثم يحيل فيها على عقل فلان ورأي فلتان وقول زيد وعمرو فلقد عظمت نعمة الله على عبدتان يعني ايش قال عندكم في الحاشية الفلتان من الرجال الصلب الجريء الحديد الفؤاد. هذا الفلتان الفلتان هذا الذي الصلب الجلي لكن هم هنا يقولون عقل فلان ورأي فلتان وليس فلتان ورأيي فلتان من فلتان هذا؟ مثل فلان فلان كناية عن المذكر. وفلتان كناية عن المؤنث فلان كناية عن المذكر وفلتان كناية عن المؤنث نعم احسن الله اليكم. فاي ضلال اعظم من ضلال من يزعم ان الهداية لا تحصر بالوحي ثم يحيل فيها على على عقل فلان ورأي فلتان وقول وقول زيد وعامر الان وش يقولون؟ وراي ايش؟ فلانتان يقولون فلانتان النون هذه لا اصل لها يعني هي الفلتان نعم احسن الله اليكم. قال يا ابومت نعمة الله على عبد عافاه من هذه البلية العظمى والمصيبة الكبرى والحمد لله رب العالمين وقال تعالى اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه اولياء قليلا ما تذكرون. وامر سبحانه باتباع ما نزل على رسوله ونهاه اتباع غيره فما هو الا اتباع المنزل او اتباع او اتباع اولياء من دونه فانه لم يجعل بينهما فانه ولم يجعل بينهما واسطة فكل من لم يتبع الوحي فانما اتبع الباطل واتبع اولياء من دون الله هذه بحمد الله وهذا بحمد الله ظاهر لا خفاء به وقال تعالى ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانساني خذولا. فكل من اتخذ خليلا غير الرسول صلى الله عليه وسلم اترك لاقواله وارائه ما جاء به الرسول فانه قائل هذه المقالة لا محالة ولهذا فانه سبحانه لم يعين هذا الخليل وكنا عنه باسم فلان اذ لكل متبع من اولياء من دون الله فلان وفلان فهذا حال هذين الخليلين المتخالين على خلاف طاعة الرسول ومآل تلك الخلة والعداوة واللعنة كما قال تعالى الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين. وقد ذكرت على وقد ذكرت على هؤلاء الاتباع وحال من اتبعوهم في غير موضع من كتابه كقوله تعالى يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا يا ليتنا اطعنا الله واطعنا الرسول وقال وقالوا ربنا انا اطعنا سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيلا ربنا اتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا. فمن القوم طاعة الله وطاعة رسوله حين لا ينفعهم ذلك ويتضروا بانهم اطاعوا كبراءهم ورؤساءهم واعترفوا بانهم لا عذر لهم في ذلك لانهم اطاعوا السادات والكبراء وعصوا الرسول وعالت تلك الطاعة والموالاة الى قولهم ربنا اتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا. وفي بعض هذا عبرة للعاقل موعظة شافية وبالله التوفيق. وقال تعالى فمن فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب باياته. اولئك اهلهم من الكتاب حتى اذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا قالوا اينما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا وعلى انفسهم انهم انهم كانوا كافرين. قال ادخلوا في امم قد خلت من قبلكم من الجن والانس النار كلما دخلت امة لعنت اختها حتى اذا اداركوا فيها جميعا قالت اخراهم لاولائهم ربنا ربنا هؤلاء ايظل هنا فاهتهم عذابا ضعفا من النار. قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون. وقالت اولاهم لاخراهم فما كان لكم من فضله فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون. فليتدبر العاقل هذه الايات وما اشتملت عليه من العبر. قوله تعالى افترى على الله كذبا او كذب باياته ذكر الصنفين المبطلين احدهما منشئ الباطل والفرية وواضعها وداع الناس اليها ذكر الصنفين المبطلين. احسن الله اليكم. ذكر الصنفين المبطلين احدهما منشيء الباطل والبلية وواضعها ودائم الناس اليها والتعليم يكذب بالحق. فالاول كفره بالافتراء وانشاء الباطل والثاني كفره بجحود الحق وهذان النوعان يعرضان لكل لكل مبطل فانضاف الى ذلك دعوته الى باطله وصد الناس عن الحق استحق تضعيف العذاب لتضاعف كفره وشره ولهذا قال تعالى الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون. فلما كفروا وصدوا عن فلما كفروا وصدوا عباده عن سبيله عذبهم عذابين عذابا بكفرهم بصدهم عن سبيله وحيث يذكر حيث يذكر الكفر المجرد لا يعدد العذاب كقوله والكافرين عذاب اليم وقوله تعالى اولئك اهلهم نصيبهم من الكتاب يعني ينالهم ما كتب لهم في الدنيا من الحياة والرزق وغير ذلك حتى اذا جاءتهم الرسول حتى اذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا اينما كنتم تدعون من دون الله اين من كنتم توالون فيه وتعادون فيه وتغاضونه من دون الله قالوا ضلوا عما زالوا وفارقوا وبطلت تلك الدعوة وشهدوا على انفسهم كانوا كافرين قال ادخلوا في امم قد خلت من قبلكم من الجن والانس في النار. ادخلوا في جملة هذه الامم كلما دخلت امة لعنت اختها حتى اذا اداركوا فيها جميعا قالت اخراهم لاولاهم كل امة متأخرة باسلافها ربنا هؤلاء اضلونا فاتهم عذابا وضعفا من النار ضاعف عليهم ضاعف عليهم العذاب بما اضلونا ويصدون عن ضعاف رسلك. قال الله قال الله تعالى لكل ضعف من الاتباع والمتبوعين بحسب ضلاله ولكن لا تعلمون لا تعلم كل طائفة بما في اختها من العذاب من العذاب المضاعف وقالت اولاهم لاخراهم فما كان لكم ان من فضله فانكم جئتم بعد نفارا فارسلت اليكم فارسلت فيكم الرسل وبينوا لك فارسلت فيكم الرسل وبينوا لكم الحق وحذروكم من ضلالنا ونهوكم اتباعنا وتقليدنا فابيتم الا اتباعنا وتقليدنا وترك الحق الذي اتتكم به الرسل فاي فضل كان لكم علينا وقد ضللتم كما ظللنا وتركتم الحق كما وطنناه بليتم انتم فضللتم انتم بنا كما ظللنا نحن بقوم اخرين. فاي فضل لكم علينا فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون فلله ما اشفاها من موعظة وما ابلغها من نصيحة لو صادفت من القلوب حياة فان هذه الايات وامثالها مما تذكر قلوب السائرين الى الله واما اهل البطالة الثكنة فليس عندهم من ذلك فسدة احسن الله اليكم. واما اهل البطالة الثكلة فليس عندهم من ذلك خبر. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة زمرة اخرى من الايات القرآنية المبينة فضل الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم والتسليم للنصوص ومن ذلك قول الله عز وجل وان اهتديت فبما يوحي الي ربي انه سميع قريب. فهذه الاية دالة ان حصول الاهتداء انما يكون بالوحي النازل على النبي صلى الله عليه وسلم. فمن هداه الله عز وجل بذلك فقد اهتدى. ومن التمس هدى في غير ذلك كزبلات الاذهان وحثالات العقول فانه لا يهتدي بل لا يزال في ضلال ثم ذكر قول الله سبحانه وتعالى اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه اولياء قليلا ما فامر سبحانه وتعالى باتباعه ونهى عن اتباع غيره. فما تم من الاتباع الا نوعان احدهما اتباع المنزل والاخر اتباع الاولياء من دون الله سبحانه وتعالى. فمن اتبع المنزل سلم واهتدى ومن اتبع غيره ضل وشقي ثم بين سبحانه وتعالى ما يكون بين الاخلاء الذين ظلم بعضهم بعضا بسوء خلتهم وتعاضدهم على ترك ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وتقلد الاقوال والاراء فانهم حينئذ يتوجعون ويتفجعون ويتبرأ احدهم من اخيه ويقول يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا وبين علة ذلك لقد اضلني عن الذكر اي ما ذكرت به بعد اذ جاءني والذي جاءه وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى ان الله سبحانه وتعالى لم يعين هذا الخليل وكنا عنه باسم فلان ليعم كل متبع من الاولياء من دون الله سبحانه وتعالى كل من اتبع احدا دون الله سبحانه وتعالى فيما لم يأتي به الذكر المنزل منه سبحانه فمآله الى هذه الحال وهذه الحال هي حال الاخلاء المجتمعين على خلاف طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مآل خلتهم الى العداوة واللعنة كما قال تعالى الاخلاء يومئذ اي يوم القيامة بعضهم لبعض عدو الا المتقين. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ما جاء من الايات القرآنية في بيان لاولئك واولئك من الاتباع والمتبوعين المشتركين في مخالفة امر الشرع ورد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يجري عليهم من العذاب ومضاعفته لهم. ثم اورد ايات من سورة الاعراف قوله تعالى فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا الى تمام الاية والايتين بعدها. وبين ان هؤلاء الايات اشتملت على جملة من العبر فبين ان قوله تعالى فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب باياته فيه ذكر الصنفين مبطلين واولهما منشأ الباطل والفرية وواضعها وداعي الناس اليها فهو يضع شيئا مفترى من الباطل ويدعو اليه والثاني المكذب بالحق فهو يعلم الحق لكنه يكتمه ويكذب به. فالاول كفره بالافتراء وانشاء الباطل والتاني كفره بجحود الحق وهذان النوعان يعرضان لكل مبطل وبهما يضاعف العذاب على العبد فان الانسان اذا بلغ هذا المبلغ فانه بلغ مبلغا عظيما في السوء والدليل قوله تعالى فمن اظلم ممن افترى وهذا البناء كما سبق موضوع في القرآن على معنى لا احد اظلم اي هو ابلغ الخلق في الظلم فمستحق لتضعيف العذاب بكفره وصده عن سبيله لله سبحانه وتعالى ثم بين رحمه الله تعالى ما يقع على هؤلاء من زيادة العذاب والمضاعفة لما وقع منهم من الصد والكتم عن الحق. نعم. احسن الله اليكم فصل فهذا حكم فهذا حكم الاتباع والمتبوعين المشركين في الضلالة واما الاتباع المخالفون لمتبوعيهم العابرون عن طريقتهم الذين ويزعمون انهم تبعون لهم وليسوا متبعين بطريقتهم فهم المذكورون في قوله تعالى اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا اذ تبرأ ومن الذين اتبعوا وراءهم العذاب وتقطعت بهم الاسباب. وقال الذين اتبعوه لو ان لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا ومنا كذلك يريهم الله اعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار. فهؤلاء المتبوعون كانوا على الهدى واتباعهم انهم على طريقاتهم ومنهاجهم وهم مخالفون لهم سالكون غير طريقهم يزعمون انهم يحبونهم وان محبتهم لهم تنفعهم مع مخالفتهم لهم فيتبرأون منهم يوم القيامة فانهم اتخذوهم اولياء من نور الله وظنوا ان هذا الاتخاذ ينفعهم وهذه حال كل من اتخذ من دون الله ورسوله وليجة واولياء ولي لهم ويرعوا ضالهم ويغضب لهم فان اعمالهم فان اعمالهم كلها باطلة. يراها يوم القيامة حسرات عليه مع كثرتها وشدته تعبه بها اذا لم يجرد موالاتهم ومعادته ومحبته وبغضه وانتصاره لله ورسوله الله عز وجل ذلك العمل كله وقضاء تلك الاسباب وقضاء تلك الاسباب وهي الوصل والموالاة التي كانت بينهم في الدنيا لغيره كما قال وتقطعت بهم الاسباب فينقطعوا فينقطع يوم القيامة كل سبب ووصلة ووسيلة ومودة وموالاة كانت لغير الله. ولا يبقى الا السبب الواصل بين العبد وبين ربه وهو احظه بالهجرة اليه والى وتجريد عبادته وحده ولوازمها من الحب والبغض والعطاء والمنع والموالاة والمعاناة والتقريب والعباد وتجديد متابعة رسوله وترك اقوال غيره لقوله وترك كل ما خالف ما والاعراض عنه وعدم الاعتداد به وتجريده وتجريه بمتابعته وتجريد متابعته تجريدا محضا بريئا من شوائب الالتفات الى غيره فضلا عن الشركة بينهم فضلا عن الشركة بينه وبين غيره فضلا عن تقديم قول غيره عليه. هذا هو السبب فهذا السبب هو الذي لا ينقطع بصاحبه فهذه هي وهذه هي النسبة التي بين العبد وبين ربه وهي نسبة العبودية المحضة وهي اخريته التي يجول ما يجول ثم اليها مرجعه نقي الفؤاد حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاول. كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لاول منزلي وهذه النسبة هي التي تنفع العبد فلا ينفعه غيرها في الدهور الثلاثة يعني دار لا ادار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار فلا قوام ولا عيش ولا نعيم ولا فلاح الا بهذه النسبة. وهي السبب الواصل بين العبد وبين الله. ولقد احسن القائل حيث قال اذا تقطع من الوصل بينهم بل المحبين حبل غير منقطعين وان تصدع شمل الوصل بينهم فللمحبين شمل غير منصدم والمقصود ان الله سبحانه يقطع يوم القيامة الاسباب والعلقاء والوصلات التي كانت بين الخلق في الدنيا كلها ولا يبقى الا السبب والوصلة التي بين العبد بين ربه فقط وهو سبب العبودية المحضة التي لا يوجد لها ولا تحقق الا بجديد متابعة الرسول الا بتجريد متابعة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اذ هذه العبودية انما جاءت بهذه العبودية انما جاءت على السنتهم وما عرفت الا بهم ولا سبيل اليها الا بمتابعتهم وقد قال تعالى الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا. فهذه الاعمال التي كانت في الدنيا على غير سنة رسوله وعلى غير رسله وطريقتهم ولغير وجهه يجعلها الله هباء منثورا لا ينتفع منها صاحبها بشيء اصل وهذه من اعظم الحسرات على العبد يوم القيامة ان يرى سعيه كله ضائعا لم ينتفع منه بشيء وهو وهو احوج ما كان العامل الى عمله وقد سعد اهل السعي النافع بسعيهم لما فرغ رحمه الله تعالى من ذكر حال الاتباع المشتركين مع متبوعيهم في الضلالة ذكر نوعا اخر من الاتباع الاشقياء لكنهم مخالفون لمتبوعيهم عادلون عن طريقتهم وان زعموا انهم لهم وليسوا متبعين لها وهم المذكورون في قوله تعالى اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا اداب وتقطعت بهم الاسباب الى تمام الاية بعدها. فهؤلاء المتبوعون كانوا على الهدى واتباعهم او انهم على طريقتهم ومنهاجهم مع وقوع مخالفتهم لهم وهم يزعمون انهم يحبونهم مع عدم صدق تلك المحبة في معنى الاقتداء وهذا نظير ما كانت عليه العرب من الانتساب الى دين ابراهيم والزعم بانها على ارث من ارثه وانها تحبه مع مخالفتها لما كان عليه ابراهيم الخليل من توحيد رب العالمين. وهذه الحال هي حال كل كل من اتخذ من دون الله ورسوله وليجة واولياء. يعني داخلة يلجوا اليهم ويكون بينهم ويميل نحوهم يوالي لهم ويعادي لهم ويرضى لهم ويغضب لهم فان اعماله كلها باطلة يراها يوم القيامة حسرات عليه مع كثرتها وشدة تعبه ونصبه فيها وتتقطع يومئذ الاسباب التي بينه وبينهم وهي الوصل والموالاة التي كانت بينهم في الدنيا لغيره كما قال تعالى وتقطعت بهم الاسباب. قال ابن عباس الاسباب المودة رواه ابن جرير بسند جيد. فينقطع يوم القيامة كل سبب ووصلة ووسيلة ومودة وموالاة كانت لغير الله. ولا لا يبقى الا السبب الواصل بين العبد وبين ربه وهو حظه من الهجرة اليه والى رسوله صلى الله عليه وسلم بتجريد عبادة الله وطاعته رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك كل ما خالف امر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم. فهذا السبب الوثيق هو الذي الذي لا ينقطع بصاحبه وهذه هي النسبة التي بين العبد وبين ربه وهي نسبة العبودية المحضة. فمتى كان العبد فائزا بهذه النسبة العظيمة وهي كونه عبدا لله عز وجل فان تلك والوصلة العظيمة لا تنقطع يوم القيامة وهي كما قال المصنف اخيته التي يجول ما يجول ثم اليها هو الاخرة هو عمود يجعل في حائط او في عصا في الارض ويمد حبل تدور فيه الدابة ثم ترجع اليه يسمى اخية واخية ايضا. وذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا المعنى قول ابي تمام نقي فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاول كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لاول منزلي فالعبودية المحضة هي النسبة النافعة للعبد ولا ينفعه غيرها في هذه الدور الثلاثة دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار. ثم ذكر المصنف ان المقصود ان الله عز وجل يقطع يوم القيامة كل الاسباب والعلق والوصلات التي كانت بين الخلق في الدنيا ولا يبقى الا السبب والوصلة التي بين العبد وبين ربه فقط وهو سبب العبودية المحضة التي لا وجود لها ولن تحقق بها الا بتجديد متابعة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لان هذه العبودية انما جاءت على السنتهم وما عرفت الا بهم ولا سبيل اليها الا بمتابعتهم وحظ هذه الامة منها هو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وما خرج عن ذلك فانه لا نفع فيه للعبد ويكون يوم القيامة هباء منثورا فيضيع سعيه ويفلت عمله الى سوء مأواه لانه لم يقم به على الوجه الاتم فلم تكن الوصلة المحركة له هي عبودية المحضة لله وانما كان طلب المودة من الخلق او محبتهم او غير ذلك من الاحوال التي ربما عمل العامل بها ظاهره القربة الى الله وحقيقته طلب ما عند الناس من المحمدة والثناء والاحسان اليه وغير ذلك من مطالب الناس في اعمالهم فلا يصل العبد الى ثبوت تلك النسبة الا بثبوت العبودية له. فمن ثبتت له العبودية فقد عظم بشرف جزيل كما قال عياض الي ومما زادني شرفا وتيها وكنت باخمصي الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وان صيرت احمد لي نبيا وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل باذن الله بعد صلاة العشاء ومن المعلوم لديكم انه لا اختبار اليوم بعد المغرب وانما يكون في التوحيد ان شاء الله يوم غد بعد المغرب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى اله وصحبه اجمعين