السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما وزيد اما بعد فهذا المجلس الثالث في شرح الكتاب الثالث من برنامج اليوم الواحد التاسع وهو كتاب في توقيع العلامة ابي عبدالله ابن القيم رحمه الله تعالى. وقد انتهى من البيان الى قوله اصل فهذا حكم الاتباع الاشقياء نعم. محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فصل فهذا حكم الاتباع الاشقياء فاما الاتباع السعداء فنوعان اتباع الله حكم الاستقلال وهم الذين قال الله عز وجل فيهم والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه. فهؤلاء هم السعداء الذين ثبت لهم رضا الله عنهم وهم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من وكل من تبعهم باحسان وهذا يعم وهذا يعم كل من اتبعهم باحسانه. وهذا يعم كل من اتبعهم باحسان الى يوم القيامة ولا يقتص ذلك بالقرن الذي حين رأوهم فقط وانما خص التابعون بمن رأى الصحابة تخصيصا عرفيا ليتميزوا به عن من بعدهم. فقيل التابعون مطلقا لذلك القرن فقط والا فكل من سلك سبيلهم فهو من التابعين لهم باحسان وهو ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه. وقيد سبحانه هذه التبعية بانها بانها تبعية بانها تبعية باحسان ليست مطلقة فتحصل بمجرد النسبة والاتباع في شيء والمخالفة في غيره ولكن تبعية ولكن تبعية مصاحبة للاحسان الباء هنا للمصاحبة والاحسان في المتابعة شرط في حصول رضا الله عنهم وجناته. وقال تعالى هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم هم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فالاولون هم فالاولون هم الذين ادركوا صلى الله عليه وسلم وصاحبه والاخرون هم الذين لم يلحقوا والاخرون الذين لم يلحقوا بهم هم كل من بعدهم على منهاجهم الى يوم القيامة. فيكون تأخروا عدم بهم في الزمان وفي الايات قول اخر ان المعنى ان المعنى لم يلحقوا بهم في الفضل والمرتبة بل هم دونهم فيكونوا عدم اللحاق في الرتبة. والقولان المتلازمين فان من بعدهم لا يلحقون بهم لا في الفوز ولا في الزمان فهؤلاء استنفار هم السعداء. واما من لم يقبل هدى الله الذي بعث به والذي بعث الذي بعث به رسوله ولم يرفع به رأسا فهو من الصنف الثالث وهم الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اقسام الخلائق بالنسبة الى دعوته وما بذل وما بعثه الله به من الهدى في قوله صلى الله عليه وسلم مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث اصاب ارضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير. وكان منها جاذب امسكت الماء فسق فسق الناس وزرعوا ما اصاب طائفة واصاب طائفة اخرى. انما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من في دين الله ونفعه ما بعثني الله به ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي ارسلت به فشبه صلى الله عليه وسلم العلم الذي جاء به الغيث لان كلا منهما سبب الحياة بالغيث سبب حياة الابناء والعلم سبب سبب حياة القلوب. وشبه القلوب القابضة للعلم بالارض القابلة للغيث كما شبه سبحانه القلوب في قوله تعالى فسالت اودية بقدرها وكما ان وكما ان الاراضين ثلاثة من نسبة الى قبول الغيث احداها ارض زكية قابلة للشرب والنبات فاذا اصابها الغيث ارتوت منه ثم انبتت من كل زوج بهيج مثل القريب الذكي الذكي فهو يقبل العلم بذكائه ويثمر فيه وجوه الحكم ودين الحق بزكائه فهو قابل للعلم امر لموجبه وفقهه واسرار معادنه. والثانية ارض صلبة قابلة لثبوت الماء فيها وحفظه فهذه ينتفع الناس بورودها والسقيم والازدراء وهذا مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه ولا تصرف له فيه ولا استنباطا ولا استنباطا بل له الحفظ المجرد فهو يؤدي كما سمع وهو من القسم الذين قال فيهم النبي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فرب حامل فقه الى من هو افقه منه ورب حامل فقه فقيه الاولون مثل فالاول مثل غني التاجر الخبير بوجوه المكاسب والتجارات وهو يكسب بماله ما شاء والثاني مثل وعليه الذي لا خبرة له بوجوه الربا والكسب ولكنه حافظ لماله لا يحسن التصرف والتقلب فيه. والارض الثالثة ارض قائم وهو المستوي الذي لا يقبل النبات ولا يمسك ماء فلو اصابها من وطر ما اصابها. ولم تنتفع بشيء منه فهذا مثل قلب الذين يقبل العلم ولا الفقه والدراية به وانما هو بمنزلة الارض البواري التي لا تنبت ولا تحفظ الماء وهو مثل الفقير الذي لا مال له ولا يحسن يمسك مالا فالاول عالم معلم داع الى الله على بصيرة. فهذا من ورثة الرسل. والثاني حافظ مؤد لما سمعه فهذا يحمل الى غيره ما به المحمول اليه ويستثمر والثالث لا هذا ولا هذا فهو الذي لم يقبل هدى الله ولا رفع به رأسا فاستوعب هذا الحديث اقسام الخلق في الدعوة النبوية ومنازلهم منها قسمان سعيدان وقسم شقي. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من ذكر قسمة الاتباع الاشقياء وانهم نوعان احدهما اتباع مشتركون مع متبوعيهم في الضلالة اخر اتباع مخالفون لمتبوعيهم. شرع بعد يذكر الاتباع السعداء. وجعلهم رحمه الله تعالى نوعين احدهما اتباع لهم حكم الاستقلال وهم الذين قال الله عز وجل فيهم والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه. فهؤلاء هم السعداء الذين لهم رضا الله عنهم وهم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من تبعهم باحسان. وانما جعل هؤلاء اتباعا عن الاستقلال لان متبوعهم المعظم هو واحد وهو محمد صلى الله عليه وسلم. فباعتبار كونهم مشتركين في الامام الذي يقتدون به ويتبعونه صاروا اصلا مستقلا. وهؤلاء طائفتان احداهما طائفة شهدت التنزيل وصحبت النبي صلى الله عليه وسلم وهؤلاء هم الصحابة والاخرى طائفة جاءت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وهؤلاء لا ينقطعون الى ان يرث الله الارض ومن عليها. وهم من امن بما امن به من شهد التنزيل وصحب الرسول صلى الله عليه وسلم فيندرج في هؤلاء القرن الذي كان بعده فمن بعده فمن بعدهم الى يومنا هذا بشرط ان يكونوا على الاحسان اي على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين باحسان غير مختص بمدة من الزمن كانت بعد الصحابة رضي الله عنهم ومن اهل العلم من المتأخرين من جعل التابعين باحسان من الصحابة وهم الذين اسلموا بعد فتح مكة وروي وفيه حديث عند احمد الا انه لا يصح. والصحيح ان التابعين باحسان اسم لكل من جاء بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فامن بما امن به اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان على الاحسان وتندرج في ذلك قرون الامة كافا ثم بين المصنف رحمه الله تعالى ان هؤلاء تبعيتهم هي تبعية باحسان فليست مطلقة فتحسر بمجرد النسبة والاتباع في شيء والمخالفة بغيره. ولكنها تبعية مصاحبة للاحسان. ثم اورد قول الله عز وجل في سورة الجمعة هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته حتى قال واخر منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم. وهؤلاء الايات تضمنت ذكر نوعين فالنوع الاول قل الذين ادركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبوه. والنوع الثاني الذين لم يدركوا النبي صلى الله عليه وسلم ولكنهم كانوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء لم يلحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بصحبه الى زمانا ولا فضلا ومقاما. فالقولان المذكوران في الاية هما متلازمان كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى فان من بعدهم لا يلحقون بهم لا في الفضل ولا في الزمان فهؤلاء الصنفان هم السعداء واما من لم يقبل هدى الله الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يرفع اليه رأسا فهؤلاء من الصنف الثالث المذكورين في قوله تعالى الذين التوراة ثم لم يحملوها فهم لهم علم لكنهم لم ينتفعوا بذلك العلم ولا ظهر اثرهم عليه ثم ذكر رحمه الله تعالى حديثا عظيما وهو حديث ابي موسى الاشعري في الصحيحين في بيان قسمة الناس في قبول الدعوة النبوية او ردها. وللمصنف رحمه الله تعالى كلام حسن نفيس لا نظير له فيما علمت ذكره في شرح هذا الحديث في كتابه الوابل الصيب فانه بسط القول في هذه القسمة الثلاثية وبين الناس فيها وما وقعوا منها بما ملخصه ها هنا فان حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه تضمن تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم العلم والهدى والنور الذي جاء به بالغيب. لان الغيث سبب حياة الابدان وكذلك العلم الهدى والنور سبب حياة القلوب وشبه القلوب القابلة للعلم بالارض القابلة للغيث كما شبه سبحانه القلوب بالاودية في قوله تعالى انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها. ثم ذكر رحمه الله تعالى انه كما ان الاراضين ثلاثة بالنسبة الى قبول الغيث فكذلك القلوب. واولها ارض زكية قابلة للشرب والنبات فاذا اصابها الغيث اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج وهذه مثل مضروب للقلب الذكي الذكي هو الذي يقبل العلم بذكائه ويثمر فيه وجوه الحكم ودين الحق بزكائه فهو جامع بين الذكاء والزكاء فان المرء لا يفلح الا بذكاء وزكاء. فان كان ذكاء دون زكاء فانه لم يفلح كما هي حال كثير من في ابواب الخبر خاصة دون تقوى ولا زكاء كما قال ابو العباس ابن تيمية في فصل في اخر الحديث اولوية اوتوا ذكاء ولم يؤتوا ذكاء واعطوا علوما ولم يعطوا كهوما وجعل الله لهم سمعا وابصارا وافئدة فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من شيء اذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. انتهى كلامه ثم ذكر الطائفة الثانية وهي من ضرب له مثل في ارض صلبة قابلة لثبوت الماء فيها حفظه فهذه ينتفع الناس بالورود عليها والسقي منها والازدراء. وهذا مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه ولا تصرف له فيه ولا استنباط بل له الحفظ المجرد فهو يؤدي كما سمع. وهذان النوعان مثلهما مثل الغني التاجر الخبير بوجوه المكاسب فهو يكسب بماله ويتصرف فيه وهذا من جنس القلب الذكي الذكي والثاني مثل الغني الذي لا خيرة له بوجوه الربح والمكاسب ولكن عنده مال عظيم فهو قائم على حفظه دون تنميته وتدميره وتقليبه وهذا القلب الثاني ثم ذكر الارض الثالثة وهي ارض طاع وهي الارض المستوية التي لا تقبل النبات ولا تمسك الماء فلو اصابها من ولما اصابها لم تنتفع بشيء ولا انتفع الناس منها بشيء فهذا مثل القلب الذي لا يقبل العلم ولا الفقه والدراية فيه وانما هو بمنزلة الارض البوار التي لا تنبت ولا تحفظ الماء وهو مثل الفقير الذي لا مال له ولا يحسن ثم ذكر مراتب الناس حينئذ فقال فالاول عالم معلم داع الى الله على بصيرة فهذا من ورثة الرسل والثاني يحافظ المؤذن لما سمعه فهذا يحمل الى غيره من يتجر به المحمول اليه ويستثمر. والثالث لا هذا ولا هذا فهو الذي لم بل هدى الله ولا رفع به رأسا فكان هذا الحديث مستوعبا لاقسام الخلق بالدعوة النبوية ومنازلهم وان منهم بين سعيدين وثالثهم قسم شقي واذا ولد على العبد هذا الحديث ينبغي له ان يزعج قلبه وان يحرك فنفسه فانه لا يدري من اي القلوب الثلاثة يكون. وان ورود مثل هذه الاحاديث التي يمرها بعض الناس على اسماعهم ثم لا يلقون اليها بالا ولا يرفعون اليها رأسا ولا يتلمس احدهم مقامه في الدين او ممن ينعم الله عز وجل عليه فيكون من اهل المثل الاول او يكون من اهل المثل الثاني او يكون من اهل المثل الثالث مما يوجب له انزعاجا وخوفا واقبالا على الله سبحانه وتعالى ودوام سؤال لله عز وجل ان يرزقه العلم النافع والعمل الصالح وان يجعله من اهل الذكاء والزكاء فان الله سبحانه وتعالى هو الذي يقلب القلوب ويصرف الامور. وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية واجعل لقلبك مقلتين من خشية الله باكيتان لو شاء ربك كنت ايضا مثلهم فالقلب بين اصابع الرحمن فلو شاء الله عز وجل لحبسك عن الجلوس في مثل هذه المجالس وجعل قلبك صلدا لا ينتفع بغيث ابدا فلا يهتدي بهدى ولا يأتمر بامر ولا ينتهي بنهي وصار وحال المرء فيه ما قال الله عز وجل واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه قال بعض السلف يريد ان يهتدي فلا يهتدي ويريد ان يتوب فلا يتوب فاذا نظر الانسان الى حال قلبه خشي ان يجعله الله سبحانه وتعالى من اهل القسم الثالث. ثم رجع بحسن الظن وقوة جاء الى الله سبحانه وتعالى مستغيثا ملتمسا داعيا خاشعا خاضعا راغبا راهبا الى الله ان يجعله من اهل العلم الزكاة والزكاء الذي يقربه الى الله. ما الذي يقربه الى المناصب والرئاسات والجاه والمقام في الدنيا فان هذا لا يغني عن الانسان شيئا وكل ما فوق التراب تراب ولكن المقصود ان تنفي وتلقى العلم الذي يقربك عند الله سبحانه وتعالى ومن من عجائب الاخبار ان مصنف هذا الكتاب رأى شيخه ابا العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد موته سأله عن مقامه فاخبره انه في مقام عظيم. ثم اخبره بانه هو في مقام ابي بكر ابن خزيمة. فالرقي والصعود عند الله عز وجل في الدرجات باعتبار المقامات هو بحسب ما يناله الانسان من العلم الصحيح النافع المقرب الى الله سبحانه وتعالى فنسأله سبحانه تعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يرزقنا علما نافعا وعملا صالحا واياهب لنا الزكاة والذكاء. نعم. احسن الله اليكم فصل واما النوع الثاني من الاتباع السعداء فهم اتباع المؤمنين من ذريتهم من ذريتهم الذين لم الذين لم يثبت الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في دار الدنيا وانما هم مع ابائهم تبع لهم تبع لهم تبع لهم. قال الله تعالى فيهم والذين امنوا واتبعوا ذريتهم بايماننا الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيء. كل امرئ بما كسب رهين. اخبر انه يلحق الذرية بابائهم في الجنة كما اتبعهم اياهم في الايمان ولما كان الذرية لا عمل لهم يستحقون به تلك الدرجات تلك الدرجات قال تعالى وما التناهم من عملهم من شيء والضمير عائد الى الذين امنوا اي وما نقصناهم شيئا من عملهم بل رفعنا ذريتهم الى درجاتهم مع مع توفيتهم اجور اعمالهم فليست منزلتهم منزلة من لم يكن له عمل بل وفيناهم اجورهم والحقنا بهم ذرياتهم فوق ما يستحقونه من اعمالهم. ثم لما كان هذا الالحاق في الثواب والدرجات فضلا من الله فربما وقع في الوهم ان الحاق الذرية ايضا حاصل بهم حاصل بهم في حكم العدل فاذا اكتسبوا سيئات اوجبت عقوبة كان مع من رهينا بكسبه لا يتعلق بغيره منه شيء. فالالحاق المذكور انما هو في الفضل والثواب لا في العدل والعقاب هذا ونحوه من اصغار القرآن وكنوزه الذي يختص الله بفهمه يا من شاء فقد تضمنت هذه الايات اقسام الخلائق كلهم سعدائهم واشقيائهم السعداء المتبوعين والاتباع والاشقياء المتبوعين والاتباع فعلى العاقل لنفسه ان ينظر من اي الاقسام هو ولا يغتر بالعادة ويخلد الى البطالة فان فان كان من فان كان من قسم سعيد فان كان من قسم سعيد انتقل منه الى ما فوقه وبذل جهده والله ولي التوفيق والنجاح وان كان من قسم شقي انتقل منه الى القسم السعيد في زمن الامكان قبل ان يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل النوع الثاني من الاتباع السعداء هم اتباع المؤمنين من ذرياتهم الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في دار الدنيا اي الذين لم يتعلق بهم خطاب الامر كمن مات صغيرا او غير ذلك وهؤلاء يكونون مع ابائهم تبع لهم كما قال الله عز وجل الذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيء يعني ما انقصناهم من عملهم من شيء فاخبر الله عز وجل ان الذرية تبع للاباء وذلك فضل منه سبحانه وتعالى عليهم فوفاهم الله عز وجل جزاء اعمالهم وزادهم فضلا بان الحق بهم ذرياتهم. وهذا الالحاق هو في الفضل دون العدل. لان كل نفس بما كسبت رهينة ثم ذكر رحمه الله تعالى ان الايات المتقدمة تضمنت اقسام الخلائق كلهم سعدائهم السعداء المتبوعين والاتباع والاشقياء المتبوعين والاتباع ثم قال واعظا وموصيا فعلى العاقل انصحي نفسي ان ينظر من اي الاقسام هو ولا يغتر بالعادة ويخرج الى البطالة فان كان من قسم سعيد انتقل منه الى ما فوقه جهده والله ولي التوفيق والنجاة وان كان من قسم شقي انتقل منه الى القسم السعيد في زمن اي زمن العمل وهو دار الدنيا فهي التي يمكن للانسان فيها ان يرقي نفسه وان يرتفع برتبتها من الحضيض الى العلو قبل ان يقال ان يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. نعم. احسن الله اليكم. فصل المقصود به والمقصود بهذا ان من اعظم التعاون على البر والتقوى تعاون على سفر الهجرة الى الله ورسوله باليد واللسان والقلب مساعدة ونصيحة وتعليما وارشادا ومن كان هكذا مع عباد الله كان الله بكل خير اليه اسرع واقبل الله اليه بقلوب عباده وفتح على قلبه ابواب العلم ويسره لليسرى ومن كان بالضد وما ربك بظلام للعبيد. فان قلت فقد اشرت الى سفر عظيم وامر جسيم فما زاد هذا السفر وما طريقه وما مركبه بيت زاده العلم الموروث عن خاتم الانبياء صلى الله عليه وسلم ولا زاد له سواه فمن لم يحصل على الزاد فلا يخرج من بيته وليقعد مع الخالفين تخلف البطالون اكثر من ان يحصوا. فله اسوة بهم ولن ينفع ولن ينفعه هذا التأسي يوم الحسرة شيئا. كما قال تعالى ولن ينفعكم اليوم اذ ظلمتم ائمكم في العذاب مشتركون. وقطع الله سبحانه انتفاعهم بتأسي بعضهم بعضا في العذاب فان مصائب الدنيا اذا صارت بسلاتا وتأسى بعض المصابين البعض كما قالت الخنساء فلولا كثرة الباكين حولي على اخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل اخي ولكن اصلي النفس عنهم بالتأسي فهذا الروح فهذا الروح فهذا الروح الحاصل من التأسي معدوم بين بين المشتركين في العذاب يوم القيامة واما طريقه فهو بذل الجهد واستفراغ الوسع فلن ينال بالمنى ولا يدرك بالهوينى وانما كما قيل فخذ غمرات الموت واسموا الى العلا فخذ غمرات الموت واسمو الى العلا لكي تدرك العز الرفيع الدائم. فلا خير في نفس تخاف من الردى ولا همة تصبو الى لوم نائم ولا سبيل الى ركوب هذا الظهر الا بامرين احدهما الا يصبو في الحق الى لوج نائم فان الله ما يدرك فيصرعه عن فرسه ويجعله طريحا في الارض. والثاني انت تهون عليه نفسه في الله فيقدم حينئذ ولا يخاف الاهوال فمتى خافت النفس تأخرت واحجمت الى الارض ولا يتم له هذا الامران الا بالصبر. فمن صبر قليلا صار تلك الاهوال ريحا رخاءا في حقه تحمله بنفسها الى مطلوبه فبينما هو يخاف منها اذا صارت اعظم اعوانه وخدمه وهذا امر لا يعرفه الا من دخل فيه. واما مركبه فصدق اللجأ الى الله والانقطاع اليه بكليته وتحقيق الافتقار اليه من كل وجه والضراعة اليه وصدق التوكل عليه والاستعانة به والانطراح بين يديه كالاناء المثنوم المكسور الفارغ الذي الى شيء ابيه يتطلع الى قيمه ووليه ان يجبره ويلوم شعثه ويمده من فضله ويستره فهذا الذي يرجى له وتولى الله هدايته وان يكشف له ما خفي على غيره من طريق هذه الهجرة ومنازلها. فصل ورأس ورأس ورأس مال الامر وعموده في ذلك انما هو دوام التفكر وتدبر وتدبر ايات القرآن بحيث يستولي على الفكر ويشغل القلب فاذا صارت معاني القرآن الخواطر من قلبه وهي الغالبة عليه بحيث يصير الى اليها مفزعه وملجؤه تمكن حينئذ الايمان من قلبه وجلس وجلس على كرسيه له تصرف وزارة والامر المطاع امره فحينئذ يستقيم له سائره ويتضح له الطريق وترعاه ويتضح له الطريق وتراه ساكنا وهو يباري الريح وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من تقرير ما سبق من مقصد التعاون على البر والتقوى وبيان جلالة الهجرة الى الله والى رسوله صلى الله عليه وسلم بين ان المقصود بما سلف ان من اعظم التعاون على البر والتقوى التعاون على سفر الهجرة الى الله والى رسوله صلى الله عليه وسلم باليد واللسان والقلب مساعدة ونصيحة وتعليما وارشادا ومودة فمن اعمل نفسه في هذا المقصد وحمل على خيله ورجله طلبا لاصلاح الناس متعاونا معهم على البر والتقوى في تحريك جموعهم الى هجرة قلوبهم الى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وذلك من اعظم النصيحة لهم والبر بهم. ومن كان هكذا مع عباد الله كان الله بكل كل خير اليه اسرع واقبل الله اليه بقلوب عباده. فانه على قدر تصفية الاعمال تكون تصفية قاله ابو الفرج ابن الجوزي في صيد خاطره فمن صفت اعماله في صدق قلابه وصحة متعاونا على البر والتقوى مع الخلق في حملهم على الهجرة الى الله والى رسوله صلى الله عليه وسلم عليه حصل هذا الخير وفتح الله على قلبه ابواب العلم ويسره لليسرى ومن كان بالضج فالضد وما ربك بظلام للعبيد. ثم ذكر رحمه الله تعالى سؤال سائل حمله عليه ما انتهت اليه الحال وهو قوله فقد اشرت الى سفر عظيم امر جسيم فما زاد هذا السفر وما طريقه وما مركبه ثم اجاب عنه مبينا زاده وطريقه ومركبه فقال الاول قلت زاده العلم الموروث عن خاتم الانبياء صلى الله عليه وسلم. فالزاد الكامل النافع في الهجرة بالقلوب الى الله والى رسوله صلى الله عليه وسلم هو العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فمن لم قل له هذا الزاد فلا يخرج من بيته وليقعد مع القاعدين فرفقاء التخلف البطالون اكثر من ان يحصوا فله اسوة بهم. واما من كان زاده العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم. فانه لا يزال يتقلب بين نعيم ونعيم وخير وخير وفضل وفضل ومن اعمل ذهنه في العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم وجد فيه شيئا عظيما تضيق الاوقات عن جمعه وتكل الادهان عن استظهاره ولكن من مع الله عز وجل فتح الله عز وجل له انواع الفتوحات ومن دلائل ذلك ما ذكره ابن العرب في كتابه في احكام القرآن انه هو وجماعة من اصحابه من المالكية تذاكروا في بغداد اية الطهارة فاستنبطوا منها اكثر من خمسين وثمانمائة حكم وذكر ابن حجر في فتح الباري ان ابن المنذر رحمه الله تعالى استخرج من صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر اكثر من الفائدة. فزادوا القلوب بالعلم الموروث عن النبي صلى الله الله عليه وسلم اعظم من كل زاد سواه. ومن عدل عنه الى غيره فانه لا يحصل شيئا وسيندم على فاعلم التي فعل ولن يجد له من يواسيه عليها لانه ذهب وقت المواساة وربما كان في حال الناس في الدنيا مسداة يخفف بها بعضهم عن بعض اثر الالام واما في الاخرة فلا مسلاة لاهلها فالامر كما قال ابن القيم فهذا الروح الحاصل يعني الفرج بعد الشدة الحاصل من التأسي معدوم بين المشتركين في العذاب يوم بان انتفاعهم بذلك مسناة كان في الدنيا واما في الاخرة فلا محل لذلك. ثم بين طريقه بقوله واما طريقه فهو بذل الجهد واستفراغ الوسع فلن ينال بالمنى ولن يدرك بالهوينة وانما كما قيل فخذ الموت واسموا الى العلا لكي تدرك العز الرفيع الدعائم. فلا خير في نفس تخاف من الردى ولا همة تصبو الى نوم دائمي وفي ذلك قال ايضا بعض الشعراء لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقه والاقدام قتال فاذا لم يكن الانسان متحملا للمشاق حاملا على نفسه في طلب المعاني فانه لا يمكن له ركوب هذا الطريق ثم ذكر المصنف انه لا سبيل الى ركوب هذا الظهر ولزوم ذلك الا بامرين احدهما الا يصبو في الحق الى لومة لائم اي الا يلتفت الى لومة لائم يلومه على امره الذي هو فيه. والثاني ان تهون عليه نفسه في الله عز وجل فيوقده حينئذ ولا يخاف الاهوال فهو لا يطلب لنفسه شيئا ولا يلتمس من احد من الخلق اليها احسان ثم ذكر ان هذان الامران لا يتمان الا بالصبر فمن صبر قليلا صارت تلك الاهوال ريحا رخاءا في حقه تحمله بنفسها الى مطلوبه لان الصبر من اعظم المعونة للعبد في احراز مأموله والقرآن والسنة طافحان بالدلائل المبينة مقام الصبر وعظم شأنه. ثم ذكر مركبه بقوله واما مركبه فصدق اللجاء الى الله والانقطاع اليه بكليته وتحقيق الافتقار اليه من كل وجه والضراعة اليه وصدق التوكل عليه والاستعانة به والانطراح بين يديه ويجمع ذلك ما اخبر الله عز وجل به من حال الناس اذ قال الله عز وجل يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. وفي ذلك قال نبي الله موسى ربي اني لما انزلت الي من خير فقيل فالمركب الذي ينبغي ان يكون عليه الانسان هو الافتقار الى ربه سبحانه وتعالى في جميع احواله ثم بين المصنف رحمه الله تعالى رأس مال الامن وعموده في ذلك اي جماعه الذي يلم شتاته ويضم شمله فذكر انه دوام التفكر والتدبر في ايات القرآن الكريم بحيث يستولي على الفكر ويشغل القلب فاذا صارت معاني القرآن مكان الخواطر من قلبه وهي الغالبة عليه بحيث يصير اليها مفزعه وملجؤه تمكن حينئذ الايمان من قلبه وجلس على كرسيه وصار له التصرف وصار هو الامر المطاع امره فحين اذ يستقيم له ويتضح له الطريق وتراه ساكنا وهو يباري الريح كما قال تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر ومر السحاب فحاله كما قال الاول من لي بمثل سيرك المدلل تمشي رويدا وتجي في الاول فهو يمشي اذا متوكلا على الله سبحانه وتعالى لان مناط قلبه ودوران فكره هو في تدبر ايات القرآن الكريم واذا جعل الانسان ايات القرآن الكريم محل الخواطر التي ترد على قلبه من نوازع الدنيا والاخرة فانه تتفجر منه من قلبه انواع العلوم والفهوم بما لم يتكلم به احد من الماضين. لان العلم منن الهية ومنح ربانية فاذا اقبل الانسان على كلام الله سبحانه وتعالى وجد اصل العلم ومنبعه ومعدنه الذي يخرج منه انفع العلم واطيبه كما قال ابن عباس جميع العلم في القرآن لكن تقاصروا عنه افهام الرجال. فمن اقبل على القرآن الكريم فتحت له له انواع من العلوم في ابواب العلم كله. من قوله ومعقوله خبره وطلبه. لكن ذلك يحتاج الى الة عظيمة مفتاحها ما سئل عنه الشيخ عبدالرحمن الدوسري رحمه الله تعالى عن الة المفسر فقال اولها فرحه بالقرآن الكريم. فاذا كان العبد فرحا بالقرآن الكريم محبا له راغبا فيه. كثير القراءة والتدبر له فانه يفتح له في فهمه. ثم اذا صحب ذلك دوام النظر فيه ولو كان حافظا له فانه او يفتح له من الفهم بالتكرار والنظر مرة بعد مرة ما لا يحصل له من اول مرة. وعند ابن ابي حاتم في الجرح تعديل عن ابن وهب قال كنا نعجب من نزع مالك من القرآن فسألنا اخته فقالت انه كان اذا دخل بيته لم يكن له شغل الا القرآن الكريم. يعني في قراءته فاذا اراد الانسان ان يعرف مرد الامر كله في زاد المهاجر الى به وطريقه ومركبه فليعلم ان جماعه واصله في القرآن الكريم. نعم