السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما مزيدا اما بعد فهذا المجلس الثاني في شرح الكتاب الاول من برنامج اليوم الواحد التاسع والكتاب المقروء فيه هو اداب طالب الحديث للعلامة بكر ابو زيد رحمه الله. وقد انتهى بنا الى قوله رحمه الله الرابع ذكر ما يجب تقديم حفظه على الحديث. نعم. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده اما بعد. قال المختصر غفر الله له ولشيخنا ونفعنا بعلومهما. الرابع ذكر ما يجب تقديم حفظه على الحديث ينبغي للطالب ان يبدأ بحفظ كتاب الله عز وجل اذ كان اجل العلوم واولاها بالسبق والتقديم اذا رزقه الله تعالى حفظ كتابه فليحذر ان يشتغل عنه بالحديث او غيره من العلوم اشتغالا يؤدي الى نسيانه. ثم الذي يتلو القرآن من العلوم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه. فيجب على الناس طلبها اذا كانت اس الشريعة وقاعدتها. قال الله تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وقال تعالى من يطع الرسول فقد اطاع الله. وقال وما ينطق عن الهوى ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادبا اخر من اداب المتعاطي صنعة الحديث وهو ملاحظة ما يجب تقديم حفظه عليه. بالبدائة بكتاب الله سبحانه وتعالى. وهذا امر مجمع عليه عند ابتداء الطلب ولا سيما مع سن الصغر. فمن كان صغيرا فمفتتح طلبه العلم هو ان يشرع بحفظ كتاب الله عز وجل. فان تقدمت به السن ولما يطلب العلم وعسر عليه عليه ان يحفظ القرآن او زاحمه ابتداء طلبه للعلم فانه يقبل على حفظ مهماته ومهمات قرآن هي السور والايات التي توقفت عليها احكام العبادات او تعلم بها فضائل عظيمة. فمثلا الفاتحة من مهماته لان صلاة العبد لا تصح الا بها. واية الكرسي من مهماته لعظيم فضلها. فمن تأخر في حفظ القرآن فانه يقدم حفظ المهمات ذلك بالعناية بحفظ سورة الفاتحة ثم ملاحظا السور والاية ذات الفضل العظيم مقبلا على ومن رزقه الله عز وجل حفظ كتابه فليحذر ان يشتغل عنه بحفظ غيره كحديث او غيره من العلوم اشتغالا يؤدي الى نسيانه. فان المحفوظات يزاحم بعضها بعضا. فيحتاج المرء الى دواء مراجعة محفوظاته ولا سيما القرآن الكريم. وقل من اشتغل بالحفظ الا لقي مشقة. في بملازمة حفظ القرآن قلبه. وهذا ذكره جماعة من الاكابر منهم الامام احمد رحمه الله. وكان رحمه الله قد حفظ القرآن في صغره ثم زاحمه حفظ الحديث حتى ذهب عنه كثير منه فكان يسأل الله سبحانه وتعالى حفظه مرة اخرى. فلما اتفقت له محنة القول بالقرآن وسجن فيها رجع رحمه الله تعالى اليه بضبط حفظه فيه وكان يقول بعد اذا سألتم الله عز وجل حفظ القرآن فاسألوه حفظه في فاني كنت حافظا له ورجوت ان احفظه بعد ان اخذ الحديث منه ماخذه ولم اقل في عافية فلم يقدر لي ذلك الا في ايام المحنة يعني فتنة خلق القرآن. ثم يتلو القرآن الكريم في العناية بالحفظ احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي بعد القرآن اس الشريعة وقاعدتها. والمقدم منها حفظ الكتب التي تشتمل على جوامعها. والمشهور فيها اربعة عند المسلمين. هي الاربعين النووية فعمدة الاحكام فبلوغ المرام فرياض الصالحين. فهؤلاء الكتب الاربعة هي الحقيقة بالتقديم بالحفظ وما وراء ذلك بحر لا ساحل له. فان السنة لا يحيط بها الا نبي. قاله وابو عبد الله الشافعي بالرسالة وابو بكر ابن خزيمة في صحيحه. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله قال الخطيب اخبرنا محمد بن احمد بن يعقوب قال اخبرنا محمد بن نعيم الطبي قال اخبرني محمد ابن يوسف ابن ريحان ابن ريحان قال حدثني ابي قال سمعت ابا عبد الله محمد ابن اسماعيل يعني البخاري يقول المسلمين رجل احيا سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اميتت. فاصبروا يا اصحاب السنن رحمكم الله فانكم اقل الناس قال الشيخ ابو بكر قول البخاري ان اصحاب السنن اقل اقل الناس عنا به الحفاظ للحديث العالمين بطرقه مميزين لصحيحه من سقيم وقد صدق رحمه الله في قوله لانك اذا اعتبرت لم تجد بلدا من بلدان الاسلام يخلو من فقيه المتبقي يرجع اهل مصر اليه ويعولون في فتاويهم عليه. وتجد الامصار الكثيرة خالية من من صاحب حديث عارف مجتهد في وما ذاك الا بصعوبة علمه وعزته وقلة من ينجب فيه من سامعه وكتبته. وقد كان العلم في وقت البخاري بغض النظرية والابتسام به محبوبا شهيا والدواعي اليه اكبر والرغبة فيه اكثر. وقال هذا القول الذي حكيناه عنه. فكيف نقول في هذا الزمان مع عدم الطالب وقلة الراغب وكأن الشاعر وصف قلة المتخصصين من اهل زماننا في قوله وقد كنا نعدهم قليلا لقد صاروا اقل من القليل. هذا الذي ذكره ابو بكر الخطيب. رحمه الله تعالى في قلة العارفين بالحديث وذهاب اهله هو من جنس التوجهات والتفجعات التي لا يراد بها حقيقتها وان اما المؤمل منها ان تكون حافزا للنفوس الى طلب ما يذكر لها. ويوجد هذا في كلام كثير من السلف فيحملها بعض الناس على وجهها. ويجعل من المحال اللحاق بالاولين. في حفظهم ومكنتهم وقدرتهم في العلم وهذا شيء لم يرده الاولون. لان العلوم منن الهية ومنح ربانية. فليس على الله عز وجل ان يتفضل على المتأخر بما كان عليه الاول او اكثر. ومن الغلط الجاري على لسان قوله في حق احد خاتمة الحفاظ او خاتمة المحدثين لان هذا تأل على الله في علمه فان الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم من اليه المنتهى في كونه خاتمة الكفار وفي ذلك تزهيد للناس وتضعيف لهم ولكن ما وقع من كلام السلف على هذا النحو فانما يريدون به تحريك النفوس الى تحصيل المطلوب. ومن هذا الجنس ان الشافعي رحمه الله قال يوما لاحد اصحابه يطلب الفقه والحديث اتريد ان تجمع بين الفقه والحديث هيهات وما قول الشافعي رحمه الله هيئات على ارادة منع ذلك بالكلية ولكن فيه تنبيه الى مشقته وصعوبته والا فالشافعي في زمنه ومن بعده احمد ابن حنبل في جماعة اخرين حاجوا الجمع بين الفقه والحديث فليس المقصود من مثل هذه السياقات في كلام الائمة الماضين ومنه ابو بكر الخطيب رحمه الله تعالى هو تقنيط الناس من رحمة الله في تحصيل العلوم. ولا تسريب اليأس اليها. وانما مرادهم حفز النفوس الى الجد والاجتهاد في اخذ العلم. فان العلم لا يؤخذ الا بجد. وذكر مثل هذه المعاني يحرك النفوس الى تحصيل مطالبها من العلم وغيره. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله. الخامس القول في الاساني للعالية اذا عزم الله تعالى لامرئ على سماع الحديث وحضرته نية في الاشتغال به فينبغي ان يقدم المسألة لله ان يوفقه فيه ويعينه عليه ثم يبادر الى السماع ويحرص على ذلك من غير توقف ولا تأخير. ويعمد الى اسند شيوخ مصره واقدمهم سماعا. فيديم الاختلاف ويواصل العكوف عليه ومذاهب الناس تختلف في ذلك فمنهم من يكتفي بسماع الحديث نازلا مع وجود من يرويه عاليا ومنهم من لا يقتنع ذلك ولا يقتصر على النزول وهو يجد العلو. واهل النظر ايضا مختلفون في ذلك فمنهم من يرى ان سماع النازل افضل. لانه يجب على الراوي ان اجتهد في معرفة جرح من يروي عنه من يروى عنه وتعديله. والاجتهاد في احوال رواة النازل اكثر. وكان الثواب فيه اوفر ومنهم من يرى ان سماع العار افضل لان المجتهد مخاطر وسقوط بعض الاسناد مسقط لبعض الاجتهاد. وذلك اقرب الى السلامة فكان او والذي نستحبه طلب العالي اذ في الاختصار على النازل ابطال الرحلة وتركها. فقد رحل خلق من اهل العلم قديما حديثا الى الاقطار البعيدة طلبا لعلو الاسناد. قال وانتقيه عفا الله عنه يريد الخطيب بهذا رحمه الله تعالى في عصر الرواية وامتداد بالاسناد والاجازة اما في عصرنا فما بقي فيه الا رسوم اجازات والسنة ولله الحمد محفوظة باسانيدها ومتونها في دواوير الاسلام فعلى الطالب ان يعمد الى ابرع اهل عصره في رواية الحديث ودرايته. ذكر المصنف رحمه الله ادبا اخر من اداب طالب الحديث يتعلق بتحصيل الاسانيد العالية. والاسناد العالي هو باقصر عبارة عند المحدثين ما قلت رواتبه. فان كثرت سمي ازدادا نازلا. فالاسناد الثنائي عندما اعلى من الاسناد الثبادي عند احمد والبخاري. والاسناد الثلاثي عند احمد والبخاري اعلى من الاسناد الرباعي عند مسلم وطبقته وهلم جرا فكلما قلت وسائط رواية بين المحدث وبين النبي صلى الله عليه وسلم خاصة او امام ذي صفة علي سمي اسنادا عاليا وافتتح المصنف رحمه الله القول في هذا الادب في قوله اذا عزم الله تعالى واضافة العزم الى الله عز وجل وقعت في قول ام سلمة في صحيح مسلم ثم عزم الله لي فقلتها واضطرب شراحه الصحيح في تصحيح اضافة العزم الى الله او منعه وذكروا فيه قولين والصحيح ان العزم يضاف الى الله عز وجل فعلا من افعاله وصفة من صفاته. فهو قول جماعة من السلف واختاره ابو العباس ابن تيمية نية الحفيد وابلغ حجج هؤلاء قراءة جماعة من السلف فاذا عزمت فتوكل على الله بضم التاء. وهي قراءة خارجة عن العشر. لكن قرأ بها جماعة من الاوائل ويشهد لتصحيح اضافة العزم الى الله ما جاء في مسلم من قول ام سلمة ثم عزم الله لي فقلتها ووقع هذا في كلام جماعة من اهل العلم منهم مسلم ابن الحجاج في صحيحه وابو بكر الخطيب في هذا ضع فالعزم صفة من صفات الله الفعلية. والمراد بها الارادة المتمكنة فهي ليست ارادة مجردة بل هي اشد الارادة. نظير القول ان المقت هو اشد البغض. فالله يوصف بالبغض ويوصف بالمقت الذي هو اشده. وكذلك يوصف الله ارادة ويوصف بالعزم الذي هو اشد الارادة. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى توطئة قبل ذكر ما يتعلق بالقول في الاسارير العالية انه ينبغي ان يقدم المشتغل بالحديث المسألة الله ان يوفقه فيه ويعينه عليه ثم يبادر الى السماع ويحرص على ذلك من غير توقف ولا تأخير ويعمد الى اسند شيوخ نصره واقدمهم سماعا اي اكثرهم رواية واشهرهم بها فيديم الاختلاف اليه والتردد عليه ويواصل العكوب عليه يعني الاقامة عنده فان العكوف معناه الاقامة. ثم ذكر اختلاف مذاهب الناس في تفضيل العلو او النزول وكان هذا محله فيما سلف صحة الحديث وثبوته على النظر في رواته. فاذا قل عدد رواته قلت الحاجة الى النظر فيهم اذ يكون عددهم قليلا. اما اذا نزل بكثرة رواته احتاج الى تعب كثير. والمقدم عند الماظين والمتأخرين استحباب طلب العالي. سواء كان مؤثرا في الرواية كما سبق او صار من زينة الحديث فان الاحاديث اليوم لا توجد مروية في غير كتاب. بل تروى اما بطريق صحيح البخاري او بطريق صحيح مسلم او بغيرها من الكتب المروية. وعامتها كما قال المنتقي بقايا رسوم اجازات يزهد فيها الا بقايا من السماع في الموطأ والصحيحين والسنن والشمائل فهذه اشهر ما بقي سماعا في طبقاته او كلها. ووراء ذلك قراءة لكتب الحديث على من شهر بصنعته. فان قراءة كتب الحديث ولو اقتصر الامر على امرارها فيها منافع عديدة. منها الاطلاع على الاحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله وتقريره. فان الانسان ربما لا له معرفة الحديث الا بمثل هذه القراءة. ومن صحب مجالس المحدثين حفظ كثيرا من الحديث بصحبتهم كما ذكر الضياء المقدسي انه حفظ كثيرا من الحديث في مجالس عبدالغني المقدسي صاحب رحمه الله فكثرة ذكر الاحاديث تورث حفظها. كما ان في الاطلاع على كتب الحديث اعلاما طرائق مصنفيها وتعريفا بفوائد منثورة فيها فانه يوجد في الكتب الحديدية من الفوائد المتعلقة بالمتن والاسناد ما لا يوجد في الكتب المصنفة لا في شرحها ولا في مصطلحها. فان لاهل العلم رحمهم الله تعالى في مكان كتبهم في بيان معاني الحديث اشياء لم يذكرها الشرة كما انه يوجد من كلامه في المسائل التي تتعلق في مصطلح الحديث اشياء لم يذكرها المصنفون في علم الحديث. فمن مر على كتب الحديث بالقراءة وقف على هذه الفوائد زد على هذا ما يكون في ذلك من كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وفضلها عظيم مشهود فينبغي الا يخلي المرء نفسه من قراءة كتب الحديث في مجالس السماع خاصة وسيأتي في كلام ما يستقبل ما يرشد الى ذلك. لكن ينبغي البراءة من الغلواء فيها بتعظيمها فوق قدرها فان المحل الاعلى والمقام الاسمى هو للدراية والفهم. فتلقي علوم الشريعة دراية وفهما ورعاية هي المرتبة الاولى التي ينبغي ان يعتني بها الطالب. وكم من امرئ برز في علم الدراية وانتفع به الناس ولم تكن له رواية عند المتأخرين كالعلامة ابن عثيمين في القرن الماضي في العقد الماظي فانه نفع الناس في علوم الدراية مع انه لم يكن له اجازة يروي بها. وكان في القرن الماضي من له رواية لكنه لم يشهرها جهدا فيها كالعلامة ابن باز رحمه الله تعالى فينبغي ان يسير الانسان بسير هؤلاء العقلاء المتمكنين بانزال كل شيء منزلته دون شطط ولا غلط. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله السادس تخير الشيوخ اذا تباينت او درجات الرواة لا تتساوى في العلم. فيقدم فيقدم السماع ممن علا اسناده على ما ذكرنا. فان تكافئت اسانيد جماعة من الشيوخ في العلو واراد الطالب ان يقتصر على السماع من بعضهم فينبغي ان يتخير المشهور منهم بطلب الحديث المشار اليه قال له والمعرفة به واذا تساووا في الاسناد والمعرفة فمن كان من الاشراف وذوي الانساب فهو اولى بان يسمع منه وبسنده شعبة قال حدثوا عن اهل الشرف فانهم لا يكذبون. هذا اكل الشرب هم اهل الفضل والمقام الحميد اما بالنظر الى انسابهم او بالنظر الى مقاماتهم بالدين. كأن يكون منسوبا الى ال البيت النبوي او يكون او يكون من بيت شهروا بالعلم عقدا بعد عقد وطبقة بعد طبقة. فما كان من هذا الجنس ممن شهر بمقامه الحميد فانه يستبعد صدور الكذب منه. فالمرء قد لا يألف الكذب بالنظر الى واصله فالشريف يرى ان في الكذب غضا منه ارومة وحمية فضلا عن الديانة فيستنكف ومن هذا الجنس اعراض الخلق عند الاوائل فان الاعراب لم يكونوا يعرفون الكذب وقد قال الحاكم في اسناد وقال الحاكم وغيره في اسناد هذا اسناد اعرابي يريد ان اهله لا يعرفون بالكذب. فغالب الاعرابي الاوائل كان الكذب عندهم كبيرة مستعظمة فلم يكونوا يجرونه في امر دين ولا دنيا. فمتى علم من عنصر المرء واصله بالنظر الى نسبه او حسبه او مقامه الحميد انه ممن يستنكف عن الكذب خلقة وسجية فضلا عن الديانة فان هذا ممن يؤخذ العلم وعنده عنه ويتحرى وتتحرى الرواية عنه. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله هذا كله بعد استقامة الطريقة وثبوت العدالة والسلامة من البدعة. فاما من لم يكن على هذه الصفة فيجب العدول عنه واجتناب السماع منه. وذكر بسنده عن ابراهيم قال كانوا اذا اتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا الى والى صلاته والى حاله ثم يأخذون عنه. ذكر من يجتنب السماع منه في ترك السماع من الفاسق اتفق اهل العلم على ان السماع ممن ثبت في اسمه لا يجوز. ويثبت الفسق بامور كثيرة لا تختص بالحديث فاما ما يختص بالحديث منها فمثل ان يضع متون الاحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم او اسانيد المتون. ويقال ان الاصل بالتفتيش عن حال الرواة كان لهذا السبب. قوله ويقال ان الاصل في التفتيش عن حال الرواة اي معرفة ما فيه من الجرح والتعديل فان اسم التفتيش عندهم يراد به معرفة ما فيهم من جرح وتعديل. وكان مبدأ امره لما ظهر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما نجم نجم الكذب على صلوات الله وسلامه عليه صار نقاد الحديث ودهاقلته يفتشون عن احوال الرواة جرحا تعديلا وابتدأ هذا في زمن التابعين ثم لم يزل يتكاثر حتى شهر به من شهر به من الائمة كالبخاريين واحمد وابي حاتم وابي زرعة الرازيين. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ومنها ان يدعي السماع ممن لم يلقه هذه العلة قيد الناس مواليد الرواة وتاريخ موتهم فوجدت روايات لقوم عن شيوخ قصرت اسنانهم عن ادراكهم وضبط اصحاب صفات العلماء وهيئاتهم واحوالهم ايضا لهذه العلة. وقد افتضح غير واحد من الرواة في مثل ذلك. قال ابو بكر الخطيب واذا سلم الراوي من وضع الحديث وادعاء السماع ممن لم يلقه وجانب الافعال التي تسقط بها العدالة. غير انه لم يكن له كتاب بما سمعه فحدث من حفظه لم يصح الاحتجاج بحديثه حتى حتى يشهد له اهل العلم بالاثر والعارفون به انه ممن قد طلب الحديث وعانه وضبطه وحفظه ويعتبر اتقانه وضبطه بقلب الاحاديث عليه. قوله وعاناه اي تعاطى صنعته ونسب اليه واشتغل به. فالمعاناة هي الاشتغال. يقال فلان يعاني علم الفقه ان يشتغلوا به. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله في ترك السماع من اهل الاهواء والبدع وبسنده عن الثوري يقول من سمع من مبتدع لم ينفعه الله بما سمعه ومن صافحه فقد نقض الاسلام عروة عروة واذا كان الراوي من اهل اين هو ايه والمذاهب التي تخالف الحق؟ لم يسمع منه وان عرف بالطلب والحفظ. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ممن يجتنب السماع منه اهل الاهواء والبدع اماتة لبدعتهم. وازهاقا لمقالتهم. فان السلف رحمهم الله الله تعالى كانوا لا يشهرون الاخذ عنهم تظعيفا لرأيهم واذهابا لتلك المقالة من الشهب فان احتاجوا اليه اذ عدم نظيره من اهل السنة فانهم يحددون عنه على مختلفة في معقد ذلك اشهرها فيما استقر عليه الامر عندهم في علم اصطلاح الحديث ان الراوي المبتدع يروى عنه بشروط احدها الا تكون بدعته وتانيها ان لا يكون داعية اليها وثالثها الا يكون مرويه مقويا لبدعته والى هذا اشار السمني بقوله في نظم نخبة الفكر وكل من يكفر بابتداع رد حديثه بلا نزاع او لا ولكن فسقه به حصل وما دعا الناس لما له انتحل فليس من حديثه يرد الا الذي لرأيه يشد. وهذا اشهر مذاهب المحدثين ولهم في ذلك مسالك اخرى افاضة الكلام عليها في مقام اخر باذن الله. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ترك السماع لمن لا يعرف احكام الرواية وان كان مشهورا بالصلاح والعبادة وبسنده عن رجاء عن ابن حيوة انه قال لرجل حدثنا ولا تحدثنا عن تماوة ولا طعان. المتماوت بعرف السلف هو المرائي لانه يظهر العبادة في حركات كحال الميت الذي لا يكاد يحرك شيئا من جسده فيظهر عبادته رياء باظهار التضاعف في بدنه فسمي متماوتا نسبة الى ذلك. وروى نعيم ابن حماد عن ابن المبارك قال المتماوتون المغاون. والطعان هو المنسوب الى الطعن وهو عيب الناس. وتنقصهم وعند الترمذي وغيره ليس المؤمن بالطعان. الحديث نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله كراهة السماع من الضعفاء اذا كان الراوي صحيح السماع غير انه متسائل في الرواية ومعروف بالغفلة فالسماع منه جائز غير انه مكروه ويضاعف حاله بما ذكرنا. السابع اداب الطلب ينبغي لطالب الحديث ان يتميز في عامة اموره عن طرائق القوم باستعماله رسول الله صلى الله عليه وسلم ما امكنه وتوظيف السنن على نفسه فان الله تعالى يقول لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة استعماله السمت وحسن الهدي وبسنده عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما ان ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ان الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى مما ينبغي ان يراعيه طالب الحديث بالعناية استعمال السمت وحسن الهدي واورد حجته من الحديث النبوي حديث عبدالله ابن عباس ان الهدي الصالح والسنت الصالح الحديث. رواه ابو بو داوود وغيره باسناد ضعيف. لكن له شاهد عند الترمذي باسناد حسن. من حديث عبدالله بن سرجس رضي الله عنه يتقوى به فيكون حسنا لغيره. فالرواية في هذا الباب والهدي اسم للخلق العام كله لازمه ومتعديه اما السمت فمختص بالخلق اللازم للمرء. فما يكون متعلقا بالصورة الظاهرة والحركات والسكنات يسمى سمتا. وما يكون متعلقا بمعاملة الانسان للاخرين وما يتجاوزه من الافعال كالكرم والحلم وغيرها فانه يندرج في اسم الهدي ولا يندرج في اسم السمع فالهدي اعم من السم. واضافتهما الى الصالح تنبيه الى الممدوح منهما. وهو ما كان صالح والصالح ما كان خالصا لله موافقا هدي النبي صلى الله عليه وسلم فما جرى من الاخلاق على هذا النحو سمي صالحا. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ويجب على طالب الحديث ان يتجنب اللعب العبث والتبدل في المجالس بالسخط والضحك والقهقهة وكثرة التنادر وادمان المزاح والاكثار منه. فانما يستجاز من المزاح يسيره وطريفه الذي لا يخرج عن حد الادب وطريقة العلم. فاما متصله وفاحشه وسخيفه وما اوغر منه وجلب الشر فانه مذموم. وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر ويزيل المروءة. الثامن ادب الاستغفار. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا جملة من القول من ضنائن الابحاث في بيان ما يستقبح من المزاح نقلها عنه جماعة فانه جمع بهذا الكلام الحد الاوفى في بيان المستقبح من المزاح وان المستقبح من المزاح ما يرجع الى ثلاثة امور احدها كثير المتطاوي فان كثرة المزح وتواصله مما يذم ويعاد وتانيها فحشه وسخافته فما نبأ عن الخلق السوي. والدين المستقيم. من فهو فاحش سخيف ساقط. وثالثها ما انتج وحشة في النفوس وايغارا للصدور. فمتى كان المزاح بواحد من هذه الامور الثلاثة فهو مذموم مستقبح منهي عنه. وان خلا منها كان جائز ممدوحا بمنزلة الملح للطعام. فاذا مزح المرء قليلا او كان مزحه لطيفا او امر مزحه تحابب النفوس وتقاربها مدح مزحه. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ادب الاستئذان على المحدث والدخول عليه. قال ابو بكر اذا وجد الطالب الراوي نائما فلا ينبغي له ان يستأذن عليه. بل يجلس وينتظر هو وينصرف ان شاء كيفية الوقوف على باب المحدثين الاستئذان اذا كان باب دار المحدث مفتوحا فينبغي للطالب ان يقف قريبا منه ويستأذن وان كان الباب مردودا فله ان يقف حيث شاء منه ويستأذن. ويكره للطالب اذا استأذن فقيل من ذا ان يقول انا. من غير ان يسمي نفسه ولا يجوز الدخول على المحدث من غير استئذان. فمن فعل ذلك امر بالخروج وان يستأذن ليكون تأديبا له في المستقبل. واذا حضر جماعة من الطلبة باب المحدث واذن لهم في الدخول فينبغي ان يقدموا اسنهم ويتقنوه امامهم فان ذلك هو السنة وان قدم الاكبر على نفسه من كان اعلم منه جازى ذلك وكان حسنا. من الاداب التي ينبغي ان يتعلق بها الحديثي والمحدث ادب الاستئذان عند ارادة الدخول. وذكر المصنف رحمه الله ان من قصد المحدث فوجد باب داره مفتوحا وقف قريبا منه واستأذن. فلا يلج فيه الا بتقديم اذن. الا ان يعهد من العرف ان فتحه اذن به. فان الاذن العرفي يقوم مقام الاذن الشرعي. فان ان الانسان مأمور شرعا ان يستأذن ثلاثا بالسلام. فاذا تواطأ احد مع اصحابه على ان فتح الباب في وقت كذا وكذا اذن دخلوا من غير حاجة استئذان خاص اكتفاء بالاذن فان رفع الحجاب في منزلة الاذن ذكر هذا المعنى ابو العباس ابن تيمية رحمه الله وان كان الباب مردودا اي موجفا مغلقا فله ان يقف حيث شاء منه ويستأذن. ويكره له اذا استأذن فقيل من ذا ان يقول انا من غير ان يسمي نفسه. فالادب هو تسمية المستأذن نفسه ولما استأذن جابر كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم من بالباب فقال انا فرددها النبي صلى الله عليه وسلم انا انا كالمستنكر لها. فمن استأذن فانه يذكر اسمه. الذي يتميز به. وهو الاسم العلم الذي وضع اليه واما الكنية التي دأب الناس على اللهج بها عند ذكر انفسهم في هذا المقام او غيره فاقل احوال اخبار المرء عن نفسه الكراهة. استظهره الحافظ ابو الفضل ابن حجر. وشيخنا تصل رحمهما الله لان التكنية نوع تعظيم والمرء لا يعظم نفسه كما ان مضافة الى مقام ما من مقامات الشريعة لا يخبر عن نفسه بذلك اللقب لانه نوع تعظيم وتعظيم النفسي مما يكره وربما حرم. والمقصود ان المرء يستأذن باسمه الذي عرف به. ولا يجوز الدخول على احد من غير استئذان فمن فعل ذلك امر بالخروج وان يستأذن ليكون تأديبا له في المستقبل. واذا حضر جماعة واستأذنوا فاذن لهم قدموا اسنهم وادخلوه امامهم. فان ذلك هو السنة. فالاحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يقدم الاكبر سنا او مقاما. وترجم على ذلك البخاري وغيره واما تقديم اليمين فلا اصل له الا في حال التساوي. فاذا تساووا او قدرا قدموا ايمنهم. اما مع عدم التساوي فيقدم الاكبر لانها فان اسقط الاكبر حقه وقدم غيره ممن هو اعظم منه مقاما جاز ذلك وكان ادبا حسنا منه نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله كراهة تسليم الخاصة اذا دخل الطالب على الراوي فوجد عنده جماعة فيجب ان يعمهم بالسلف استحباب المشي على البساط حافيا. يستحب للطالب ان لا يمشي على بساط المحدث الا بعد نزع نعليه من قدميه لا يؤمن ان يكون في النعلين من الاقدار. وذلك ايضا من التواضع وحسن الادب. ويجب ان يبتدأ بنزع اليسرى من نعليه دون اليمنى. قوله رحمه الله ويجب ان يبتدأ بنزع اليسرى من نعليه دون اليمنى لا يريد به المصنف رحمه الله تعالى الوجوب شرعي وهذا واقع في مواضع عدة من كتابه يذكر الايجاب او التحريم لا يريد بهما النظر الى الحكم الشرعي بل يريد الادب الكامل. فيحمل كلامه على ذلك طلبا لموافقته لما استقر عند الفقهاء رحمهم الله في تلك المواضع فان الفقهاء مثلا في هذا الموضع موجب على ان الابتداء بنزع اليسرى قبل اليمنى من نعليه انه سنة مستحبة وليس واجبة واجبا نقل الاجماع جماعة منهم عياض يحصوا بي من المالكية والنووي من الشافعية. فما وجد من كلامه هو او غيره حمل على ما يوافق الامر المشهور عند اهل العلم. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ومن الاداب جلوس الطالب حيث ينتهي به المجلس والنهي عن تخطي الرقاب. الكراهة له ان يقيم رجلا ويجلس مكانه. كراهة الجلوس وسط الحلقة وفي صدرها كراهة الجلوس بين اثنين بغير اذنهما. قال ابو بكر ومتى فسح له اثنان ليجلس بينهما فعل ذلك. انها كرامة رماه بها فلا ينبغي ان يردها. قال ابو بكر ويجب على من فسح له اثنان فجلس بينهما ان يجمع نفسه. قوله رحمه الله ويجب على من فسح له اثنان فجلس بينهما ان يجمع نفسه لان لا يؤذيهما. فان اذية المؤمن محرمة وهذان تكرما عليه باجلاسه هذا الموضع فينبغي له ان يكف اذاه عنهما ان يجمع نفسه ولا ينبسط في جلوسه بحيث يضيق عليهما. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله كراهة القعود في موضع من قام وهو يريد العودة الى المجلس. وبسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام احدكم من مجلسه ثم رجع اليه فهو احق به. هذا الحديث اخرجه مسلم في صحيحه. ومقصوده من كانت نيته الرجوع فمن قام مريدا الرجوع الى مجلسه فهو احق به. اما ان قام قطع المجلس منصرفا عنه. ثم رجع بعد فوجد احدا جلس فيه فان الجالس فيه احق لانقطاع حق الاول بخروجه. فان حقه في الجلوس ثابت ما لم يرد قطعه بالخروج وترك المجلس فاذا خرج ناويا الترك انقطع حقه فلما زال حقه زال ما له من المجلس نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعظيم المحدد وتبجيله لعموم الحديث ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا بسنده واخرجه الترمذي وغيره. واذا خاطب الطالب المحدث عظمه في خطابه بنسبته اياه الى العلم مثل ان يقول له ايها العالم او ايها الحافظ ونحو ذلك من الاداب الحديثية مخاطبة المقدمين من اهله المحدثين والحفاظ وعلماء الحديث بما يدل على تعظيمهم وتبجيلهم واجلالهم لعموم حديث ليس منا من لم يوقر كبيرنا. وتوقير الكبير هو اجلاله وتعظيمه. اي استعمال تعظيم والاجلال معه. والكبير اما ان يكون كبيرا سن او كبيرا قدر علم او غيره وهذا الحديث رواه الترمذي وغيره عن انس في اسناده ضعف لكن له شواهد عديدة عن جماعة من الصحابة يدخل بها الحديث المذكور في جملة الحسان. والايات والاحاديث في اثبات هذا المعنى كثيرة. لكن التعظيم الذي يحسن سلوكه مع مقدمين من علماء الحديث وغيرهم هو ما كان وفق الشريعة والعرف. وما خرج عن الشريعة فانه مطرح لا يلتفت اليه. فاذا دلت الشريعة على وجه ما من وجوه التعظيم او جاء به العرف كان من حق المعظم في العلم ان يصرف اليه. وما خرج عن ذلك فانه لا تعول عليه فليس التعظيم اصلا واسعا تندرج فيه جميع الصور بل لابد ان تكون سورة التعظيم مأدونا بها شرعا او عرفا فان لم تكن مألوفة كذلك فانها فضاح ومما ينبغي ان يتجافى في التعظيم والتبجيل رفع المخاطب بالتعظيم فوق قدره فان رفعه فوق قدره انزال له عن قدره. كالبياض اذا زاد انقلب برصا. فاذا رفع المتعلم شيخه في الحديث او غيره فوق القدر الذي هو له وسيره في مقام ليس هو من اهله فانه يضر بشيخه. ولم تكن العرب ترفع رأسا ولا تولي عناية لامر التعظيم والتبجيل حتى داخلها العجم. فان مفتونون قديما وحديثا بوجوه من التعظيم لم تأت بها الشريعة ولا عرفتها العرب في ارومتها وحميتها. فلا ينبغي ان يجتال طالب الحديث بالمظاهر الجوفاء من طرائق التعظيم عند الاعاجم. اما بالالفاظ او بالافعال. فان من الشائع عند مثلا كثرة التنقيب بالحافظ. فتجد امام احدهم الحافظ فلان الفلاني ثم تجده واخر كذلك ثم تجد ثالث كذلك وهم يطلقونه على حافظ القرآن وكأنه اقصى ما يبلغون من حفظ الشريعة فان حفظ السنة فيهم ولا سيما في الاعصار المتأخرة بعد القرن السابع فما بعده الى يومنا قليل وغلبت عليهم العلوم العقلية والعربية والمقصود ان الانسان ينبغي له ان يحذر من نافذة التعظيم والتبجيل التي عظمت عند الناس اليوم فصار كثير منهم يشار اليه باسم المحدث او الحافظ او المحقق وهو خلي مما يصدق عليه هذا الوصف. ومن كان فرحا بالالقاب كانت هي غاية محصوله. ومنتهى مأموله فلم يفلح في مجاوزة ضيقها. اما المعرض عنها المتشاغل بما يقربه الى الله عز وجل. فهو اذا صدق مع الله لم يبالي لقبه الناس بكيت او كيت لان الفوز بالمقامات العالية والدرجات الرفيعة عند الله اعظم من التشاغل مثل هذه الالقاب. وكان اهل هذه البلاد خاصة لا يعرفون الالقاب المشهورة اليوم عند من خلفهم كالمحدث والعلامة والحافظ. وكان اقصى ما يطلق على المتقدم في العلم اسم الشيخ ومن دونه يسمى طالب علم. ولم يكن في زمن المقدمين من علمائهم ابن باز وقبله ابن ابراهيم وقبله ابن عبد اللطيف واضرابهم يزاد على تنقيبه باسم وربما ذكروا لقبه المتعلق بعمله كالقاضي او المفتي الذي صار لقبا للشيخ ابن ابراهيم ثم لابن باز رحمهم الله تعالى فينبغي ان يسير الانسان بسير هؤلاء الذين كانوا على طريقة الاوائل فان الصحابة والتابعين اتباع التابعين لم يشتهروا بالالقاب. ولا ترى قط ابدا. في ما عندنا نحن والله اعلم بخارج البلاد ان تجد قد كتب امام صحابي ما لقب من القابه. فهذا ابو هريرة حافظ الصحابة بالاجماع نقله الذهبي وغيره ولا تجد ابدا اسم ابي هريرة مسبوقا بلقب الحافظ بان يقال عن الحافظ ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما تجد عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والسر في ذلك انهم كملوا فاغناهم الله واستغنوا عن الالقاب. وغيرهم فيهم نقص فاحتاجوا الى الالقاب التي تدفع نقصهم. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله التاسع ادب السماع اول ما يلزم الطالب عند السماع ان يصمت ويصغي الى استماع ما يرويه المحدث. وذكره بسنده عن الضحاك ابن مزاحم قال اول باب من العلم الصمت والثاني استماعه والثالث العمل به والرابع نشره وتعليمه. وان عرض للطالب امر احتاج ان يذكره في مجلس الحديث عليه ان يخفض صوته ان يخفض صوته لان لا يفسد السماع عليه او على غيره. وان لم يبلغه صوت الراوي لبعد عنه لبعده عنهم سأله ان يرفع صوته سؤالا لطيفا لا سمجا ولا عنيفا. وليتقي اعادة الاستفهام لما قد فهمه وسؤال التكرار لما قد سمعه وعلمه فان ذلك يؤدي الى يؤدي الى اقدار الشيوخ. وينبغي ان يكون مقعد الطالبين المحدث بمنزلة مقعد الصبي من المعلم ويجب ان يقبل على المحدث بوجهه ولا يلتفت عنه ولا يسار احدا في مجلسه. ولا يحكي عنه عن غيره خلاف روايته وليحذر ان يعترض على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سماعه من المحدث برأيه فان ذلك محظور عليه. وكذلك يجب الا يعترض عليه بعموم القرآن بجواز ان يكون ذلك الحديث مما خص به كتاب الله عز وجل. واذا روى المحدث خبرا قد تقدمت معرفة فينبغي له الا يداخله في روايته ليريه انه يعرف ذلك الحديث. فان من فعل مثل هذا كان منسوبا الى سوء الادب قوله رحمه الله وليحذر ان يعترض على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سماعه من المحدث برأيه فان ذلك محظور عليه اي محرم عليه. من شدة الوعيد الوارد فيه فان الله يقول فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم. فمن اعظم البلايا معارضة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سماعه فمن كان له علم في بيان وجه الحديث بينه. اما من من عرظ له اشكال فيه فلا ينبغي ان يتجرأ على معارظة الحديث دون علم فان ذلك قلة دين وقلة عقل ايضا فمن لم يكن له علم لزم ما عنده من العلم. ولم يتطاول الى معارضة حديث النبي صلى الله عليه فانه متوعد بالعذاب وربما رأى وعيده في الدنيا فقد روى الطبراني بكتاب السنة بسند صحيح ان جماعة كانوا في مسجد يتذاكرون احاديث النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا حديثا مصراء وهو من احاديث ابي هريرة المشكلة عند فقهاء الحنفية خاصة فلما ذكروه قال رجل منهم معترضا ان ابا هريرة ليس بفقيه. فسقط عليهم حية عظيمة من سقف المسجد. فتفرقوا فاتبعت ذلك الرجل الذي قال تلك المقالة فناداه الناس تب تب فقال تبت تبت فاختفت الحية كأنها لم تكن ذكر هذه القصة ابو العباس ابن تيمية الحفيد بان كتاب السنة الطبراني مما لم يوجد اليوم. والقصص في هذا المعنى كثيرة فينبغي ان يحذر المرء من الجراءة على الحديث النبوي اذا خالف قادته وهواه بل يسلم له ويسكت عن معارضته وفي اوقات المحن تخرج كما النفوس كما قال ابن القيم واحذر كمائن نفسك اللاتي متى خرجت عليك كسرت كسر مهان ان من الناس من اذا حدث في امر ما يكرهه في الاحاديث النبوية ظجر منها. وهذا من دلائل قلة ايمانه وضعف دينه وربما رغب بعضهم في طي هذه الحديد الاحاديث وعدم اشاعتها ظنا ان هذه الاحاديث لا تنزل على ما عليه الناس وكأن دين الناس اليوم لا ينبغي ان هو الدين الذي كان عليه ابو القاسم صلى الله عليه وسلم. وهذا في ابواب كثيرة. فانك اذا حدثت باحاديث تحريم التصوير ضجر ضجر جماعة من المولعين بالتصوير. وطلبوا مخارج لتعليق الصور واشاعات واظهارها لمعظميهم من الولاة وغيرهم. واذا حدثت باحاديث طاعة الامراء ظجر اخرون ظنا منهم ان ذلك تأييدا للطغاة والظالمين. فتجد كل واحد من اهل الاهواء يشرق بالاحاديث النبوية. واما المؤمن بالله المتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فان يقول للاحاديث كافة سمعا وطاعة. ويزهق هواه امامها. فاذا جاء نهو الله بطل معقل واذا صح الاثر لم يبقى محل للنظر. وينبغي ان يمر طالب العلم هذا الاصل على نفسه امرأة وان يقره في قلبه اقرارا. فيقدم سنة النبي صلى الله عليه وسلم على قول كل احد ويرمي وراءه ظهريا ما توليه عليه نفسه او يدعوه اليه هواه. لان حقيقة التسليم لا تكون الا كذلك فان من الناس من يتفوه بالتسليم والاتباع للشريعة. فاذا ابتلي فيها وجدت ضعف التسليم عنده. واما من استقر هذا الاصل في نفسه فانه دائم التسليم الشرعي ليس في قلبه قدر قلامة ظفر في منازعته. وابو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى يقول ان قدم الاسلام لا تثبت الا على ظهر التسليم والاستسلام. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ادب السؤال للمحدث مذاهب المحدثين في الرواية تختلف فمنهم من يبتدئ بها احتسابا من غير ان يسن ومن المحدثين من لا ومن المحدثين من لا يروي شيئا الا بعد ان يسأل ويحكى مثل هذا عن ابراهيم النفعي وعبدالله بن طاووس ومنهم من يتمنع وان سئل اعتمادا على قول ابن الحجاج قوله رحمه الله اعتمادا على قول شعبة ابن الحجاج احالة على غير مذكور. ووقع هذا الاخلال في مواضع من هذا المختصر كهذا المحل. فان قول شعبة لم يتقدم وهو عند الخطيب باسناده عن شعبة قال تمنع اشهى لك. تمنع اشهى لك. واسناده حديث. ومعناه تمنع من الرواية حتى تشتهيها وتجد لها في نفسك طلبة فاذا وجدت ذلك فبادر بها احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان بعض السلف يتمنع من التحديث اذا كان السامع ليس من اهل العلم وكان غير واحد من المتقدمين يقتصر على رواية الشيء اليسير ولا الشيء اليسير ولا يتوسع في التحديد. فاذا كان المحدث ممن يتمنع بالرواية ويتعسر في التحديث فينبغي للطالب ان يلاطفه في المسألة ويرفق به ويخاطبه بالسؤدد والتفتيح ويديم الدعاء له فان ذلك سبيل الى بلوغ اغراضه منه قال الشيخ الخطيب رحمه الله ومن الادب اذا روى المحدث حديثا فعرض للطالب في خلاله شيء اراد السؤال عنه الا يسأل عنه في تلك الحال فليصبر حتى ينهي الراوي حديثه. ثم يسأل عما عرض له وليتجنب الطالب سؤال المحدث اذا كان قلبه مشغولا ينبغي ان يسأله التحديث وهو قائم ولا وهو يمشي لان لكل مقام مقالة. وللحديث مواضع مخصوصة دون الطرقات والاماكن الدنية قوله ويخاطبه بالسؤدد والتفتية اي باسم السيادة. والتبدية بان ينسب نفسه الى كونه فداء فيقول مثلا فديتك او نحوها من الالفاظ. ومثل هذا في النفس سائغ. لان الانسان نفسه اليه واما التفتية بالوالدين ففيها خلاف في غير حق النبي صلى الله عليه وسلم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله كيفية السؤال وتعيين الحديث المسؤول عنه قال ابو بكر يجب ان يذكر يجب ان يذكر السائل للمحدث طرف الحديث الذي يريد ان يحدثه به. فان كان للحديث طرق متسعة. نص السائل على احسنها وعين كما يستفيد سماعه منها كراهة املاء للشيوخ اذا اجاب المحدث الطالب الى مسألته وحدثه فيجب ان يأخذ منه العفو ولا يقصر ما ينبغي قوله رحمه الله فيجب ان يأخذ منه العفو يعني المتيسر المتسهل ومنه قوله تعالى خذ العفو اي خذ ما يتيسر من اخلاق الناس واحوالهم وامورهم. ومن لازم السهولة اليسر فتح الله له ابواب الامر فان الرفق واليسر والتؤدة ممدوحة في الشرع ومن ممدوح شرعا ظفر بمراده. واما من يجري على وجه الحدة او التعنت او المشقة على الشيوخ فان ذلك مما يورث قلوبهم الميل عنه وينفر نفوسهم من الاقبال عليه نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ما ينبغي ان يسأل الراوي عنه من احاديثه غير واحد من المحدثين لنكدي رواية نازل حديثه وعن الضعفاء من شيوخه. فينبغي للطالب ان يسأل الراوي عن عيون احاديثه التي ثبتت اسانيدها وتقدمها سماعه لها واذا لم يكن الطالب ممن يعرف الاحاديث التي يسأل المحدث عنها استعان بمن حضر المجلس من اهل الحفظ والمعرفة وطلب يسأل له الشيخ عن ذلك فان لم يحضر الشيخ احد من اهل المعرفة فينبغي للطالب ان يقدم الاستخبار عن ذلك بعض حفاظ الحديث قبل حضوره ويعلق اطراف الاحاديث حتى يسأل الراوي عنها. قال ابو بكر انما قال هذا لان جماعة من السلف كانوا يكرهون كتابة العلم في الصحف ويأمرون بحفظه عن العلماء فرخص ابراهيم في كتابة الاطراف للسؤال عن الاحاديث. ولم يرخص في كتابة غير ذلك. وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة والتابعين اباحة كتابة العلم وتدوينه. ولنا في تقييد العلم بالخط وما جاء فيه من الاباحة بالحظر وبيان كتاب مفرد غنينا بما ضمناه عن اعادته في هذا الكتاب. وكان في المتقدمين من يكتب الحديث في الالواح دون الصحف. قال ابو بكر وانما كانوا يكتبون في الالواح لكي يحفظوا المكتوب ثم يمحو الكتابة. فمن اراد رسم المسموع للتأبيد ومال في كتابته للبقاء والتخليد. فكونه في الصحف او وتضمينه الكراريس احفظ له وابقى. ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة ما ينبغي ان يسأل الراوي عنه من احاديثه فان غالب الحديث فيما سلف كان اذا قصد الى راو من الحديث عنده احاديث مسندة سأله عن تلك الاحاديث فحدثه بها. ومن المحدثين كما قال المصنف يتعمد لنكده اي لضيق خلقه. رواية نازل حديثه وعن الضعفاء من شيوخه فمن المحدثين من اذا قصد حدث باحاديثه النازلة او ما كان عن شيوخه الضعفاء. لضيق خلقه خلقه وسوء طريقته في ادب نفسه. وهذا موجود في الخلق كافة. لا يختص لاحد دون احد فيوجد في المنسوبين الى العلم من خلقه ضيق وفيه زعارة ونكادة ومثل هذا يعامل بما يستخرج منه الطالب علمه بادب ولطف ويصبر على ما يكون منه من شدة وتضييق على الخلق خلق نفسه ولا ينبغي له ان يمتنع من الاستفادة منه لاجل ما هو عليه من حال فان الله قسم الاخلاق كما قسم الارزاق. فمن الناس عالم لين العريكة المعشر ومن الناس عالم صعب الميراث شديد النفس. وما طبع عليه لا ينبغي ان يكون حائلا دون الافادة منه. وما كان كذلك ممن عنده علم ورواية للحديث فكان اهل العلم يحرصون على ان يسألوا الراوي عن عيون احاديثه التي ثبتت وتقدم سماعه لها. فان لم يكن الطالب ممن يعرف الاحاديث التي يسأل عنها استعان بمن حضر مجلس شيخه من اهل الحفظ والمعرفة. فان لم يحضر الشيخ يحضر الشيخ احد من اهل فينبغي للطالب ان يقدم الاستخبار عن ذلك بعض حفاظ الحديث قبل حضور مجلسه. ويعلق اطراف الاحاديث حتى يسأل الراوي عنها واطراف الاحاديث اسم لمبتدأ الحديث من اوله كانوا يكتبون الحديث على هذا النحو حرصا على حفظه وتخفيفا لحمله. فانه لو كتب الحديث بطوله الورق فثقل المحمل عليه. واورد ابو بكر الخطيب رحمه الله تعالى كلاما له عقب به على كلام قبله لابراهيم النخاعي. فان الخطيب قال انما قال هذا. يشير الى كلام متقدم اسقطه المتقي ولم يحسن اسقاطه. وهو قول ابراهيم النخعي لا بأس بكتابة الاطراف. فان الخطيب اسند عن ابراهيم النخاعي قال لا بأس بكتابة الاطراف ثم قال الخطيب انما قال يعني النخعي هذا لان جماعة من السلف كانوا يكرهون كتابة العلم بالصحف ويأمرون بحفظه عن العلماء. فرخص ابراهيم في كتابة الاطراف للسؤال عن الاحاديث ولم يرخص في كتابة غير ذلك. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا من الخلاف في الحديث وكان هذا خلافا قديما ثم استقر الامر على جواز كتابة الحديث وتقييده ولابي بكر الخطيب كتاب حافل اسمه تقييد العلم. اورد فيه كثيرا من الاحاديث والاثار المتعلقة بكتابته وتقييده. ثم ذكر ان من اهل العلم من كان يكتب الحديث في الالواح دون الصحف. والالواح ما كان من خشب ونحوه. والصحف ما كان من جلد وورق ونحوهما. فكان من المتقدمين من يكتب الحديث في الالواح ليحفظ ليحفظ المكتوب ثم يمحو الكتابة. واما الصحف فانها لا تمحى وانما تغسل غصدا فمشقة اذهاب ما فيها طويلة. وما كتب فيها يدوم بقاؤه اكثر ورغب المصنف الى تدوين العلم وتقييده في الصحف لانه ابقى واحفظ نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله الحادي عشر كيفية الحفظ عن المحدث؟ قال ابو بكر ولا يأخذ الطالب نفسه بما لا يطيقه بل يقتصر على اليسير الذي يضبطه ويحكم حفظه ويتقنه. واذا كان في حفظ بعض الطلبة ابقاء قدموا من عرفوا بسرعة الحفظ وجودته حتى يحفظ لهم عن الراوي ثم يعيد ثم يعيد ذلك عليهم حتى يتقنوا حفظه عنه. وان كتبه بعض الطلبة وذاكر بهم باقين حتى يحفظوا جميعا لم يكن به بأس ويستحب لمن حفظ عن شيخ حديثا ان يعرضه عليه يصحح اولى ويرده عن خطأ ان كان سبق الى حفظه اياه واذا لم يجد الطالب من يذاكره ادام ذكرى ذكرى الحديث مع نفسه. وكرره على قلبه. واذا روى المحدث حديثا طويلا لم يقم الطالب بحفظه وسأل المحدث ان يمليه عليه او يعيره كتابه لينقله منه ويحفظه بعد من نسخته. فلا بأس بذلك ذكر المصنف رحمه الله تعالى كلاما حسنا يتعلق بكيفية حفظ الحديث يستخرج منه اصلان عظيمان بحفظ الحديث خاصة والعلم عامة. احدهما تقليل المحفوظ وعدم تكثيره. وهو اشاروا اليه بقوله ولا يأخذ الطالب نفسه بما لا يطيقه. بل يقتصر على اليسير الذي يضبطه ويحكم حفظه ويتقنه فينبغي ان يكون مقصود الانسان في الحفظ الاقتصار على قدر يسير. لانه فان التكثير عن النفس على النفس يملها ويضعفها. فلو قدر انه يحفظ كل يوم حديث اذا او حديثين او ثلاثة وداوم على ذلك فانه ربما حفظ في السنة الواحدة او الفا من الاحاديث فاذا بقي على هذا عشر سنوات يكون قد حفظ عشرة الاف حديث من الناس من يشق على نفسه فيحفظ في اليوم خمسين حديثا ثم ينقطع في اليوم التالي لان النفس تحتاج الى في كل شيء ولا سيما في امر الحفظ. وثانيهما الاشادة والتنويه بتكرار محفوظ فانه ينبغي اذا اثبت قدرا يسيرا يحفظه فينبغي له ان يكرره مرة بعد مرة وان يعيده كرات وكرات وذكر في تراجم السابقين من هذا عجبا فمنهم من كان يكرر خمسين مرة ومنهم من كان يكرر مئة مرة ومنهم من كان يزيد على ذلك فاذا عينت محفوظا ما فان حفظته من اول مرة او ثاني مرة او ثاني مرة فلا يكن هذا اخر تعلقك به. بل كرره مرات كثيرة. فاذا حفظ مثلا حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق عليه في اول مرة من امران المحفوظ او بعد اعادته مرة ثانية فينبغي له ان يعيده حال حفظه عشرات المرات. ليبقى ذلك المحفوظ في نفسه. فان فائدة تكرار محفوظ دواب بقائه. وشبيه هذا انحلال القوى عند الكبر. فان الانسان اذا تقدم بالسن بدت قواه البصرية والسمعية والجسدية تضعف شيئا فشيئا. فان كان اخذها برياضة فيما فان ظعفها يكون على وجه التدريج. فيبقى معه في اخر عمره قوة تحصل بها كفايته من هذه الالات وكذلك حفظ الشيء مكررا هو بمنزلة تثبيت هذه القوى حتى اذا بدأ الانسان يضعف في قواه رويدا رويدا فان محفوظه يبقى معه. فلو قدر انك كررت محفوظك خمسين مرة فان هذه الخمسين تزول واحدة مع كل سنة. فيذهب من ذاكرتك قدرة منها ثم هكذا وهكذا حتى اذا بلغ الانسان السبعين فان كان ممن كرر محفوظه يكون قد بقي معه المحفوظ ولو يسيرا وان كان ممن حفظ مرة او مرتين فهذا قبل ان يصل الثلاثين من الشباب يكون قد ذهب فمحفوظه واعتبر هذا في نفسك فكم حفظت محفوظا لم تكرره وانت الان اذا اردت تذكره لا تجد في نفسك منه شيئا ان فينبغي ان تحرصوا على امرين في الحفظ احدهما تقليل المحفوظ والاخر كثرة تكراره عند ارادة حفظه نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله الثاني عشر الترغيب في اعارة كتب السماع وذم من سلك في ذلك طريق البخل والامتناع. قال ابو بكر اذا كان لرجل كتاب مسموع من بعض الشيوخ الاحياء فطلب منه ليشفع من ذلك الشيخ فيستحب الا يمتنع من اعارته لما في ذلك من البرد واكتساب المثوب والاجر وهكذا اذا كان في كتابه سماع لبعض الطلبة من شيخ قد مات فابتغى الطالب نسخه استحب له اعارة وياه وكره ان يمنعه قال لنا ابو بكر ولاجل حبس الكتب امتنع غير واحد من اعارتها واستحسن اخرون اخذ الرهون عليها من الاصدقاء وقالوا شعر في ذلك الثالث عشر تدوين الحديث في الكتب وما يتعلق بذلك من انواع الادب. قال ابو بكر لا ينبغي ان يكتب الطالب خطا دقيقا الا في حال العذر مثل ان يكون فقيرا لا يجد من الكافر ساعة او يكون مسافرا فيدقق خطه ليخف ليخف حمل كتابه واكثر الرحالين في حاله الصفتان الصفتان اللتان يقوم بهما له العذر في تدقيق الخط. قوله لا يجد من الكاغد فتح العين وكسرها اسم للجلد الذي يكتب فيه فهو نظير الورق. وكان من مضى هنا تدقيق الخط الا انهم وسعوا فيه لمن كان فقيرا او كان مسافرا الا لان الفقير يشق عليه شراء ما يحتاج اليه من الكاغد الذي يكثر فيه العلم والرحال المسافر يشق عليه اذا كبر خطه كثرة المحمول. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ينبغي ان يبتدى ببسم الله الرحيم في كل كتاب من كتب العلم فان كان الكتاب ديوان شعر فقد اختلف فيه. وممن ذهب الى رسم التسمية في اول كتاب الشعر سعيد بن جبير وتابعه على ذلك فاكثر المتأخرين وهو الذين اختاروه ونستحبه. اخبرني قال ابو بكر اخبرني عبد العزيز بن علي قال قال لنا ابو عبد الله بن بطة. وفي الكتاب من يكتب وعبدالله في كتب عبدي في اخر السطر ويكتب الله ابن فلان في اول سطر اخر او عبد في سطر والرحمن في سطر ويكتب بعده ابن هذا كله غلط قبيح فيجب على الكاتب ان يتوقاه ويتأمله ويتحفظ منه. قال ابو بكر وهذا الذي ذكره ابو عبد الله صحيح فيجب اجتنابه ومما اكرهه ايضا ان يكتب قال قال رسول في اخر السطر ويكتب في اول السطر الذي يليه الله صلى الله عليه فينبغي التحفظ من ذلك. واذا كتب الطالب المسموع فينبغي ان يكتب فوق سطر التسمية اسماء من سمع معه. وتاريخ وقت السماع وان احب كتب ذلك في حاشية اول في حاشية اول ورقة من الكتاب. فكلها قد فكلا قد فعله شيوخنا. وان كان سماعه الكتابة في في مجالس عدة كتب عند انتهاء السماع في كل مجلس علامة البلاغ ويكتب في الذي يليه التسميع والتاريخ كما يكتب في اول الكتاب شاهدت اصول جماعة من شيوخنا مرسومة ورأيت كتابا بخط ابي عبد الله احمد ابن ابن محمد ابن حنبل مما سمعه منه ابنه وعبدالله وفي حاشية ورقة منه بلغ عبدالله قوله واذا كتب الطالب المسموع فينبغي ان يكتب فوق سطر بالتسمية اسماء من سمع معه وتاريخ وقت السماع سطر التسمية هو السطر الذي اثبت فيه بسم الله الرحمن الرحيم. في كتب فوق كلمة بسم الله الرحمن الرحيم في الصدر الذي يسبقها مبتدأ الكتاب اسماء من سمع معه ذلك الكتاب على شيخه وتاريخ وقت السماع. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله وفي العلم جماعة تشتبه اسمائهم وانسابهم في الخط وتختلف في اللفظ مثل بشر وبشر وبريد وبريء وبريد ويزيد وعياش وعباس وحبانا وحبان وحنان وعبيدة وعبيدة وغير ذلك مما قد ذكرناه في كتاب التلخيص. فلا يؤمن على من لم يتمهر في صنعة الحديث تصحيف وهذه الاسماء الا ان تنقط وتشكل فيؤمن دخول الوهم الوهم فيها. ويسلم من ذلك حاملها وراويها. وينبغي اذا كتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم ان يكتب معه الصلاة عليه. وينبغي وينبغي ان يجعل بين كل حديثين دارة تفصل بينهما وتميز احدهما عن من الاخر رأيت في كتاب ابي عبد الله احمد ابن محمد ابن حنبل بخطه بين كل حديثين دارة وبعض الدارات قد نقط في كل لواحدة منها نقطة وبعضها لا نقطة فيه وكذلك رأيت في كتابي إبراهيم إبراهيم الحربي ومحمد ابن جرير الطبري بخطيهما فاستحب ان تكون الدارات غفلا فاذا عورظ بكل حديث نقط في الدارة التي تليه نقطة او خط في وسطها خطا وقد كان بعض اهل العلم لا يعتد من سماعه بما كان كذلك او في معنى ما ذكره رحمه الله من اغفال الدارات اي رسم دائرة جوفاء فترسم دائرة جوفاء بعد كل حديث ثم اذا فرغ الناسخ من نسخ الكتاب عرضه بالاصل المنقول منه فامسك اخر الكتابة فقرأ احدهما ونظر الاخر في الاصل. فاذا مر على حديث جعل في وسط الدارة التي كتبت بعده نقطة اشارة الى ان الحديث المتقدم مما تيقن ضبط لفظه من الاصل المنقول عنه ثم يعمل هكذا مع تاليه فمع تاليه حتى يختم الكتاب. ومن طالع منكم الحديثية وجد كثيرا من الاجزاء الحديثية خاصة وضعت على هذا النحو. يكتب في اخر كل حديث منها دارة ثم تنقط في وسطها اشارة الى انها قد قوبلت باصلها. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ويجب على من كتب نسخة من اصل بعض الشيوخ ان يعارض نسخته بالاصل فان ذلك شرط في صحة الرواية من الكتاب المسموح ويجعل ويجعل للعرض قلما معدا واذا وجد اسما عاضلا من التقيين نقضه وان رأى حرفا مشكلا شكله وظبطه قوله واذا وجد اسما عاطلا من التقييد يعني خليا من التقييد مع احتياجه اليه نقطه. فالتعطيل هو التخلية والترك. نعم الله اليكم قال رحمه الله واذا كرر في الخط كلمة ليس من شأنها التكرار فكتبها مرتين ضرب على احداهما وقد اختبئ في المستحق منهما ان يضرب الاولة ام الثانية؟ قال والصحيح ان المستحق ان يضرب عليه الثانية لانها هي التي وقعت خطأ فلو قدر ان احدكم كتب قال محمد محمد واعاد الثانية غلطا فانه يضرب على الكلمة الثانية خطا رفيقا ولا يسودها. الا ان تكون الثانية واقعة في اول السطر التالي. فانه يستقبح جعل اوله ضربا فتضرب الاولى في اخر السطر السابق فلو قدر ان احدكم كتب في اخر سطر قال محمد ثم كتب في اول السطر الثاني محمد على وجه الغلط فانه لا يضرب الكلمة الاولى في السطر الثاني. لاستقباح ذلك في صورته بل يضرب الكلمة الاولى التي وقعت في اخر السطر. فالاصل ان الضرب يقع على الكلمة الثانية التي وقعت غلطا الا في المحل المذكور ذكره ابن جماعة في تذكرة السامع وغيره. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله قال ابو بكر يجب ان يزيل التحريف ويغير الخطأ والتصحيح. وينبغي كل ما عارض بورقة ان ينشرها لان لا يلتمس المصلح ويكون ما ينشر به نحاتة الساجة. نحاتة الساج او غيره من الخشب ويتقي استعمال التراب. والمستحب في التغيير الضرب دون الحك. ذكر المصنف رحمه الله مما تحفظ به اوراق الكتب القديمة اذا فرغ الانسان من معارضة ورقة بتصحيحها نشرها اي عليها نشارة. والذر هو وضع ما خف من نشارة خشب او غيره كخشب الساج او غيره. والنشارة هي النحاتة. فيأخذها فيدرها عليه ثم يحركها على الكاغت لانها تحفظه ويتقي استعمال التراب. فان بعض الماظين كانوا يذكرون من الة حفظ الكاغد وهو من جلد ان يكرم او يطين اي يوضع عليه طين وتراب ليحفظه ورويت في احاديث لا تصح والتراب مضر قديما وحديثا اذا وصل الى الصحف التي يكتب فيها ثم ذكر ان مستحبة في التغيير يعني عند ارادة تغيير شيء ما على وجه الغلط الضرب يعني الخط عليه خطا رفيقا فان هذا يسمى ضربا ومعنى قول جماعة من الحفاظ اضرب على هذا الحديث يعني خط عليه خطا رفيقا دون الحق وهو الازالة بالكلية فان الحك هو ان يعمد الى سكين فيحركها على الكاغل لارادة ازالة ورقة ما. لازالة ارادة ازالة كلمة ما. والاولى ان يغير الانسان بالضرب دون الحك لان الحك مظنة التهمة في صحة السماع او ادخال شيء في الكتاب ليس منه. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله وان سقطت كلمة من اسناد حديثنا او متنه كتبها بين السطرين امام الموضع الذي سقطت منه ان كان هناك واسعا والا كتبها في بحذاء السطر الذي سقطت منه. الرابع عشر القراءة قال المحدث وادبها وما يختار ادبها وادبها وما يختار من الامور المتعلقة بها. اذا قرأ المحدث بنفسه كان افضل وثوابه في اكمل وان عجز عن القراءة فامر بها غيره جاز. لان القراءة عليه بمنزلة قراءته بنفسه. واستحب لمن قال اذا قرأ حدث بنفسه كان افضل وثوابه في ذلك اكمل. وهذا امر طوي وقل ان تجد احدا من المسمعين للحديث يقرأ الحديث بنفسه على السامعين. وكان من مفاخر شيخ زمانه في الهند العلامة نبي الحسين الديه لوي انه كان كثيرا يقرأ الحديث بنفسه. فكثير من اهل العلم سمعوا من لفظه الكتب الستة ومن منهم من سمع الصحيحين ومنهم من سمع نصف احدهما فكان في كثير من دروسه هو الذي يقرأ الحديث النبوية ويفيض عليه بعد ذلك الشرح والابانة. فمتع رحمه الله تعالى بقواه حتى توفاه الله فانه عمر مئة سنة واقرأ فيها كتب الحديث ما لا يحصيه الا الله. وقد سأله بعض تلامذته هل رأى البخاري مئة مرة قال اكثر وكانت واحدة منها في سجن دهري لما اخذه الانجليز في فتنة ذهنه المعروفة في ذلك الزمن. والمقصود ان من محاسن المحدثين التي كانوا عليها انهم كانوا يعتنون باسماع لفظ الحديث النبوي بانفسهم محبة لامرار كلام النبي صلى الله عليه وسلم على لسان احدهم وهذا من اعظم القربات الى الله سبحانه وتعالى. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله واستحب لمن حضر سماعه سماع ما يقرأ ان تكون له نسخة ويصطحبها معه. وينبغي ان يتخير لقراءة افصح الحاضرين لسانا. واوضحهم بيانا واحسنهم عبارة واجودهم ذا وينبغي ان يكون القارئ ممن قد انس بالحديث واشتغل به بعض الشغل ان لم يكن الكل. ثم ذكر بعض اخبار اهل الوهم الوهم والتحريف والمحفوظ والمحفوظ عنهم من الخطأ والتصعيد. ينبغي لقارئ الحديث ان يتفكر فيما يقرأه فيما يقرأه حتى يسلم من تصحيفه ومتى لم يكن حافظا لكتاب الله تعالى لم يؤمن عليه التصحيف في القرآن ايضا وهو من اقبح الاشياء وقد حكي عن جماعة من المحدثين ذلك ولم يحك عن احد من المحدثين من التصحيح في القرآن في القرآن اكثر مما حكي عن عثمان ابن ابي شيبة قال ابو بكر يقال في المثل الحديث ذو شجون وقد اخرجنا هذا النوع من التصحيف الى طريق طريقة الهزل الى طريقة الهزل فنعود الى اصل ما كنا فيه من ادب القراءة على المحدث ونسأل الله العفو عن الزلل والتوفيق لصالح القول والعمل. ويستحب للقارئ ان اقرأ من اصل المحدث والا يمسه الا على طهارة. قال الخطيب اخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال اخبرنا احمد بن ابراهيم قال قال حدثنا عبد الله ابن محمد ابن عبد العزيز قال حدثني ابن زنجوية قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن معمل عن قتادة قال لقد كان يستحب الا تقرأ الاحاديث التي عن النبي صلى الله عليه وسلم الا على طول. ويبتدأ القارئ بالذكر لله ويختم بالصلاة على رسول صلى الله عليه وسلم ويدعو القارئ للمحدث عند فراغه من القراءة وكنت اسمع اصحابنا يقولون في اخر القراءة رضي الله عن الشيخ وعن والديه وعن جميع المسلمين. وكان يحيى بن سعيد القطان لا يعتد بدعاء اصحاب الحديث للمحدث ويراه صادرا عن غير نية صحيحة وان كان المحدث هو الذي يقرأ على اصحابه دعا لنفسه وللحاضرين بالرحمة ويجوز ان يبدأ بنفسه في الدعاء واذا اختلفت اغراظ الطلبة في السماع اراد بعضهم القراءة لما لا يستفيده غيره. فعلى المحدث ان يقدم السابق منهم الى المجلس. ويجب على الطالب الا يقرأ حتى يأذن له المحدث فان اعجلته حاجة خشي فواتها بتأخيرها سأل سأل من سبقه ان يهب له سبقه ويسامحه في القراءة قبله ويستحب في السابق ان يقدم على نفسه من كان غريبا لتأكد حرمته ووجوب ذمته. واذا اذن له المحدث بقراءة احاديث احاديث عينها له فينبغي الا فينبغي الا يتعدى طلبا لزيادة للزيادة عليها. قال ابو بكر ومباح للمحدث ان يؤثر حفاظ الطلبة اهل المعرفة والفهم منهم وان كان الافضل ان يعدل بينهم ولا يؤثر بعضهم على بعض. ذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا من الاداب التي تتعلق بقراءة الحديث النبوي خاصة وهي اداب صالحة لقراءة العلم كله واستفتح ذلك بالتحذير من التصحيف والغلط والخطأ في قراءة المفروظ لا سيما في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر مقدم ما اورده في هذا الباب في كتابه من الاثار عدة اثار حكيت عن تصاحيف عثمان ابن ابي شيبة في القرآن الكريم وهذا امر شهر به عثمان والذي يظهر انه كان سامحه الله يفعله مجانة في مبتدأ امره ثم تاب عنه واناب. واشار الى احتمال توبته الذهبي في اخر ترجمته في ميزان الاعتدال. لكن لم يبين وجه مأخذه والاشبه انه كان يفعله مزاحا ومجانة فانه ذكر عنه اشياء لا يتلجلج امرء بتعمد فعله ذلك فان افراد الصبيان من المسلمين يقرأون سورة الفيل على وجهها. وذكر انه كان قرأها مرة فقال لام ميم ومثل هذا لا يقع من من وصف بالتقدم في الحفظ والعلم فان عثمان من الكبار فالذي يظهر ان ما ذكره جماعة من المصنفين في علوم القرآن والحديث من اخبار عثمان ابن ابي شيبة انها ليست على وجهها ويدل على ذلك ان البخاري في صحيحه اخرج عنه حديثا يتعلق باية واوردها كاملة وكأن البخاري يشير الى ذلك فانه قال في صحيح حدثنا عثمان بن ابي شيبة ثم ساق اسنادا ومتنا يشتمل على اية طويلة يتعلق الحديث بها ولذلك اشارة على وجه التعريض بان عثمان ليس كما شهر عنه مخلا بحق القرآن لكن كان يفعل هذا مجانة ومزاحا في اول امره ثم تاب عنه واناب. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى من ما يستحب لقارئ الحديث ان يقرأ من اصل المحدث يعني من كتاب شيخه الثابت له روايته. حتى لا يقع في الغلط في قراءة شيء لم يقرأه الشيخون فانه بما سبق لم تكن الكتب مطبوعة هذه الطباعة الانيقة فكان المتعلم يعمد الى كتاب شيخه فينقله عنه ثم يعارضه به ثم يقرأ بعد ذلك عليه ومن الادب الا يمسه الا على طهارة تعظيما له. وليس ذلك على وجه الوجوب في غير مس المصحف تعظيم العلم ومنه بل من اخصه الحديث النبوي مما ينبغي ان يؤخذ بعين الرعاية ويبتدئ القارئ بذكر الله ويختم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويدعو للمحدث عند فراغه من قراءة بما شاء من الفاظ الدعاء. وكان من المحدثين من لا يعتد بدعاء اصحاب الحديث ويراه صادرا عن غير صحيحة وليس مقصوده انهم صادر عن نية فاسدة لكنه يريد انه مما صار عادة ليس فيه معنى التعبد. فكان قول القائل رضي الله عنك واحسن الله اليك او اشباه او اشباه ذلك مما صار يجري عادة لا تقصد به العبادة. فينبغي ان يجتهد الانسان في تطلب كونه متعبدا لله واذا كان المحدث هو الذي يقرأ على اصحابه دعا لنفسه وللحاضرين بالرحمة او بغيرها. ويجوز ان يبدأ بنفسه في الدعاء ذكره المصنف والاشبه ان السنة لمن دعا لنفسه وغيره ان يقدم نفسه صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا دعا لاحد بدأ بنفسه فاذا اراد الانسان ان يقول اعلم رحمك الله فان الاكمل ان يقول اعلم رحمني الله واياك. فاذا اراد ان يجمع بين الدعاء لنفسه ولغيره قدم نفسه وان اقتصر على الدعاء لغيره فلا بأس. لكن مما لا ينبغي ان يدعو لنفسه لغيره مقدما غيره عليك كأن يقول اعلم رحمك الله واياي فان الاحظ بالتقديم في الدعاء هو حظ النفس ثم ذكر انه اذا اختلفت اغراض الطلبة في السماع واراد بعضهم القراءة لما لا يستفيده غيره فعلى المحدث ان يقدم منهم الى المجلس اي اذا كان كل واحد منهم يستقل بقراءته لانتفاعه بها قدم السابق. ويجب على الطالب الا يقرأه حتى يأذن له المحدث لان حق الاذن له فلا ينبغي له ان يتجرأ عليه كما ان اقامة الصلاة موكلة الى الامام وهي حق له فكذلك القراءة على العالم حق له لا ينبغي للانسان ان يبادر الى الشروع فيها الا بعد باستئذانه فان اعجبته حاجة خشي فواكه بتأخيرها سأل من سبقه ان يهب له سبقه ويسامحه في القراءة قبل له ويتأكد هذا في حق من كان غريبا لضيق وقته وقلة بقائه في البلد فاذا تقدم طلب الاستئذان من احد سبقه كان الخلق اللائق لطالب العلم ان يأذن له حفظا لحرمته ووجوب ذمته. واذا اذن له المحدث في قراءة احاديث عينها له كأن يقول له اقرأ خمسة احاديث او عشرة احاديث فينبغي له ان لا تعداها طلبا للزيادة عليها وفاء بما شرط عليه شيخه. وروى الخطيب وغيره ان شابا جاء الى الاوزاعي فسأله ان يحدثه ثلاثين حديثا فاذن له فصار الشاب يقرأ عليه والاوزاعي يعد. فلما بلغ التلاتين زاد واحدا. فقال الاوزاعي يا بني اذهب علم الصدق ثم تعلم الحديث. اذهب تعلم الصدق ثم تعلم الحديث. فمن شارك شيخه على قراءة قدر معين كحزب او جزء من القرآن او مقدار مبين من الاحاديث فلا ينبغي له ان يزيد على الا بعد اذنه. اما المباغتة بذلك ولا سيما على وجه المغالطة والمغالبة له. فانها من مستقبح اخلاق ثم ذكر رحمه الله انه من المباح للمحدث ان يؤثر حفاظ الطلبة اهل المعرفة وان كان الافظل ان يعدل بينهم ولا يؤثر بعضهم على بعض. فالمعلم والمحدث له حالان احداهما فضل والثانية العدل. والاصل ان يقيم الامر بينهم على العدل. والا حظى في امر ما ترقية احد منهم الى مقام الفضل كان ذلك جائزا. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ذكر اخلاق الراوي وادابه وما ينبغي له واستعماله مع اتباعه واصحابه ينبغي لمن عزم على التحديث ان يقدم له النية ويبتغي فيه الحسبة. وان كان في بلده او بغيره من هو اعلى اسنادا منه دل عليه وارشد الطلبة اليه. ثم ذكر ما قيل في طلبة في طلب الرئاسة قبل وقتها وذم المثابر عليها وهو غير مستحقها مبلغ السن الذي يستحسن التحديث معه لا ينبغي ان يتصدى صاحب صاحب الحديث للرواية الا بعد دخوله في السن واما في الحديث فذلك غير مستحسن. فان احتيج اليه في رواية الحديث قبل ان تعلو سنه فيجب عليه ان يحدث ولا يمتنع لان نشر العلم عند الحاجة اليه لازم والممتنع من ذلك عاصم اثم. قال ابو بكر وقد حدثت انا ولي عشرون سنة حين قدمت حين قدمت من البصرة كتب عني شيخنا ابو القاسم الازهري اشياء كتب عن كتب عني شيخنا ابو القاسم الازهري واشياء ادخلها في تصانيفه وسألني فقرأتها عليه وذلك في سنة اثنتي عشرة واربعمئة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى من المقاصد التي شاعت عند المحددين رعاية سن التصدي للرواية. وكانوا يستحسنون الا يتصدى المرء للرواية ونفع الناس في العلم الا اذا صار كهلا واما في الحداثة فلم يكونوا يستحسنون ذلك لمضرتها على المتصدي والمعتمد عندهم وجود الاحتياج. فاذا وجد الاحتياج ساغ لمن كان تغييرا ان ينفع الناس في حديث او غيره. وهذا الاحتياج ينزل منزلته ولا يزاد عليه لان الرئاسة في الحداثة يضيع بها علم كثير. فمن ترأس في سن الشباب ندم على ذلك. لانه او يشغل نفسه بالعطاء قبل تمام البناء. فالقاعدة الناجعة النافعة ملاحظة ائمة الملاءمة بين العطاء والبناء. فمن الناس من يحصل شيئا من العلم ثم يجتهد في بذله ويعطي من وقته كثيرا بايصاله للخلق فيضر ببناء نفسه والاصل ان المرأة في سن الشباب يعتني بتقوية بنائه وتنمية علومه ومعارفه. ليبذل بعد الحاجة اليه ومن لاحظ الملاءمة بين العطاء والبناء انتفع ونفع ومن لم يرعى هذا اضر بنفسه. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله السادس عشر كراهة التحديث لمن لا يبتغي وان من من ضياعه بذله لغير اهله. حق الفائدة الا تساق الا الى مبتغيها ولا تعرض الا على الراغب فيها. فاذا رأى المحدث بعض الفتور من المستمع فليسكت فان بعض الادباء قال نشاط القائم على قدر فهم المستمع وذكر اخبارا في كراهة التحديث لمن عارضه الكسل والفجور ومن كان لا يحدث اهل البدع وترك التحديث لمن عارض الرواية بالتكذيب ومن كان لا يحدث اصحاب الرأي ومن كان لا يحدث ومن كره التحديث على سبيل المباهاة. ومن كان يمتنع ان يحدث من لا نية صحيحة له من لا نية. صحيحة له في الحديث. قال ابو بكر والذين استحبوا ان يروي المحدث لكل احد سأله التحديث ولا يمنع احدا من الطلبة فقد قال سفيان الثوري في خبر اخر طلبه الحديث نية وقال حبيب ابن ابي ثابت ومعمر ابن راشد طلبنا الحديث وما لنا فيه نية ثم رزق الله النية بعد. وكان في السلف من الناس على حديثه ابتغاء المثوبة في نشره ويرى ان ذلك من واجب حقه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى من مسالك المحددين في ادب العلم كراهتهم التحديث لمن لا يبتغيه وان من ضياعه بذله لغير اهله فمن كان بطالا كسلا او مبتدعا بغيضا عنيدا او معارضا الرواية بالتكذيب او صاحب رأي وهوى او من السلاطين المستبدين بملكهم ومقامهم. او خاف المرء على نفسه المباهاة والمراعاة به فانه يمتنع من التحديث لاجل هذه المقاصد الصحيحة. وكذلك كان من اهل العلم من يمتنع من تحديث من لا نية صحيحة له في الحديث. بما يطلع عليه من قرائن احواله. والا فالنية امر باطل. لكن الاحوال الظاهرة تفصح عنها وتدل عليها ومن جعل الله له نورا ميز بين الصادق والكاذب من قسمات وجهه وفلتات لسانه وكان من اهل العلم من يرى ان المستحب تحديث كل احد وعدم منع احد من العلم ورد امرهم الى الله سبحانه وتعالى وفي ذلك قال سفيان طلبهم الحديث نية. اي لو لم تكن لهم نية حسنة في العلم كفاهم اقبالهم عليه. ثم ذكر اثرا مشهورا عن جماعة من السلف منهم مجاهد. صاحب ابن عباس وحبيبنا ابي ثابت ومعمر ابن راشد قالوا طلبنا الحديث وما لنا فيه نية ثم رزق الله النية النية بعد. ومعنى كقولهم وما لنا فيه نية اي طلبناه محبة له باعتبار الجبلة والطبيعة فمحبتهم له جبلية نفسية. ثم لما اولوا في العلم واطلعوا على مقدار ما ينبغي من النية الحسنة فيه امتثلوها. فرزقهم الله عز وجل النية بعد. هذا وجه مأثور عن السلف ذكر هذا ابو العباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابو عبد الله الذهبي في كتابه سير اعلام النبلاء وزغل العلم وغيرهم وكان في السلف من يتألف الناس على حديثه اي يرغبهم في حضور مجالسه ابتغاء المثوبة في نشره لا تكثرا بعددهم وانما ابتغاء نفعهم ويرى ان ذلك من واجب حقه. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله السابع عشر توقيع المحدث طلبة العلم واخذه نفسه بحسن الاحتمال لهم والحلم وذكر وذكر اخبارا في ذلك وفي اكرامه المشايخ واهل المعرفة وفي تعظيم المحدث وفي تعظيم المحدث الاشراف ذوي الانساب وفي تعظيمه من كان في طائفته وكبيرا عند اهل نحلته وفي اكرامه الغرباء من الطلبة وتقريبهم واستقباله لهم بالترحيب وتواضعه لهم وتحسين خلقه معهم الرفق بمن جفا طبعه منهم. الثامن عشر ذكر ما ينبغي للمحدث ان يصون نفسه عنه من اخذ الاعواض على الحديد ونكر اخبارا وفي من نزه نفسه من المحدثين عن قبول عن قبول اموال السلاطين وفي من تورع ان يستقضي سامع الحديد منه حاجة وفي اعزاز نفسه وترفعه عن مضيه الى منزل من يريد السماع منه. قال الخطيب اخبرنا ابو بكر البرقاني. البرقاني قال اخبرنا احمد بن ابراهيم الاسماعيلي قال اخبرنا عبد الله ابن محمد ابن سيار قال سمعت ابن عرعرة يقول كان طاهر ابن عبد الله ببغداد فطمع في ان يسمع من ابي عبيد وطمع ان يأتي ان يأتيه في منزله فلم يفعل ابو عبيد حتى كان هذا يأتيه فقدم علي ابن المديني وعباس العنبري فاراد ان يسمع غريب الحديث فكان يحمل كل يوم كتابه ويأتيه ما في منزلهما فيحدثهما فيه. قال ابو بكر انما امتنع ابو عبيد عن من المضي الى منزل طاهر توقيرا للعلم. ومضى الى منزل ابن المديني وعباس تواضعا وتدينا. ولا وقف عليه في ذلك اذ كانا من اهل الفضل والمنزلة العارية في العلم. وقد فعل سفيان الثوري مع ابراهيم بن ادهم مثل هذا. وكان طاهر هذا من اهل الرئاسة والجاه فكره ابو عبيد القاسم سلام ان يمضي اليه. ومعنى قوله ولا وكث عليه اي لا اثم عليه نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله التاسع عشر اصلاح المحدث هيأته واخذه لرواية الحديث واخذه لرواية في الحديث زينته ينبغي للمحدث ان يكون في حال روايته على اكمل هيئته وافضل زينته ويتعاهد نفسه قبل ذلك باصلاح اموره التي تجمله عند الحاضرين من الموافقين والمخالفين وليبتدئ بالسواك وليقص اظافره اذا طالت ويأخذ من شاربه ولا يجوز ان يترك اظفاره وشاربه اكثر من اربعين يوم ويسكن شعث رأسه واذا اتسق ثوبه غسله. واذا اكل طعاما زهما انقى يديه من غمره. ويجتنب ويجتنب ويجتنب من الاطعمة ما كره ريحه ويغير شيبه من خطاب مخالفة لطريقة اهل الكتاب. قال ابو بكر لم يزل صبغ اللحية من زي الصالحين وزينة المتدينين والمستحب ان يكون بالحناء والكتم. وان صفر الشيب بالزعفران والورس. والورس كان ذلك حسنا ثم ذكر كراهة الخطاب بالسواد يستحب له لباس الثياب بالبياض ويكره له ان يلبس ويكره له ان يلبس الثوب الخل وهو يقدر على الجنين وكما يكره له لبس لبس الثياب فكذلك يكره له لبس ارفعها خوفا من الاشتهار بها وان وان تسمو اليه الابصار فيها ويجب ان يكون قميصه مشمرا فانه ابقى للثوب وانفى للكبر وينبغي ان يمنع اصحابه من المشي وراءه ان ذلك فتنة للمتبوع وذلة للمتبع. ويأمر من صحبه ان يمشي الى جنبه. وابتداؤه بالسلام لمن لقيه من المسلمين ولا يجوز له اذا لقيه ذمي ان يبدأه بالسلام. فان سلم الذمي عليه لزمه الرد. فاذا رد السلام على الذني لم يزد على ان يقول وعليكم لان ذلك هو السنة ويعم بالسلام كافة المسلمين حتى الصبيان غير البالغين. واذا دخل على اهل المجلس فلا يسلم عليهم حتى ينتهي اليهم ويمنعوا من كان جالسا منه ويمنع من كان جالسا من القيام له. فان السكون الى ذلك من افات النفس. ويكره ان يجعل يده وراء ظهره ويتكئ عليها استعماله لطيف الخطاب وتحفظه في منطقه تجنبه المزاح مع اهل المجلس يجب ان يتقي المزاح في فانه يسقط الحشمة ويقل الهيبة. ويجوز له الانكار على من ترك بحضرته الوقار. ويستحب النكير بالرفق دون الاغلاظ والخر المصنف رحمه الله تعالى من اداب طالب الحديث واخره اصلاح هيئته واكمال زينته وذكر وجوها منها في الابتداء بالسواك عند دخول البيت او المسجد او ارادة وغير ذلك من مواضعه الشرعية. حتى انتهى الى قوله ولا يجوز ان يترك اظفاره وشاربه اكثر من اربعين يوما لانه وقت ذلك في السنة في حديث انس عند اصحاب السنن بسند صحيح ومذهب جمهور اهل العلم ونقل الاجماع فيه انه مكروه. ومقصودهم ما لم يطل قبل ذلك فالعادة الجارية فالعادة الجارية ان انتهاء طول الاظفار والشارب يكون في هذه المدة وربما وجد من الخلق من يطول شاربه واظفاره قبل هذه المدة طولا ابشع معها منظره فاذا وجد المعنى الذي لاجله امر بقص الاظفار او حف ذلك فانه يبادر اليه ولو دون مدة الاربعين. وذكر من الاداب انه اذا اكل طعاما زهما. اي ذا زهم الزهم هو الودق والشحم. ويقال لاثره غمر. فبقية ما يبقى في اليد اذا اكل الانسان طعاما ذا ودكن وشحم يسمى غمر فاذا اكل طعاما فيه شحم فانه يلقي يديه من اثره وهو غمره ثم ذكر من اداب ذلك انه يغير شيبه بالخطاب مخالفة لطريقة اهل الكتاب لان اليهود والنصارى لا يصبغون الصبغ للشيب هو بالحناء والكتم للاحاديث الواردة فيه. واذا صفر بالزعفران والونس كان كذلك حسن واما الخضاب بالسواد فانه مكروه. وهو مذهب جماهير اهل العلم ومذهب الشافعي التحريم والاشبه القول بالكراهة الا عند ارادة التدليس او حرب فاذا اريد التدليس به كخطبة امرأة فانه يحرم اتفاقا او صبغ الشعر وادي عند ارادة الحرب لاظهار القوة فذلك جائز اتفاقا. وما عدا هذين المحلين ففيه الخلف ومذهب الجماهير كراهته وهو اقوى. ثم ذكر من الادب ايضا انه يكره له ان يلبس الثوب الخلق وهو البالي القديم مع قدرته على الجديد ويكره له لبس ادون الثياب يعني انقصها واقلها كما يكره له لبس ارفعها لما في ذلك من الاشتهار بها. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن ثوب الشهرة وثوب الشهرة هو الذي يرفع اليه الناس ابصارهم. اما في لونه او في قصده او غير ذلك من المعاني الموجبة لتميز صاحبه وانفراده عن غيره. ثم ذكر جملة من اداب السلام وكان مما ذكره فيها قوله فاذا رد السلام على الذمي لم يزد على ان يقول وعليكم لان ذلك هو السنة. ومحله اتفاقا فيما لم يتحقق فيه لفظ المسلم من اهل الكتاب. فاذا عمي عليه لفظ الدمي المسلم عليه فلا قال السلام عليكم او السلام عليكم او غير ذلك فان اهل العلم متفقين مع وجود التعمية في لفظه انه لا يرد عليه الا وعليكم. واما اذا تحقق بوقع سمعه المتيقن ان الذمي قال له السلام عليكم ففي ذلك وجهان لاهل العلم. ورواية عن احمد اختارها ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم جواز الرد عليه بالسلام اذا تحقق تلفظه به لان الاحاديث التي وردت محلها فيما اذا عمي اللفظ ولم يتيقن اقال السام عليكم ام السلام عليكم؟ فلما كانت اليهود اذا سلموا قالوا السلام عليكم يعني الموت جاء الامر في السنة بان يقال وعليكم. فعلته خفاء لكم. اما اذا توقن فقال بعض اهل العلم انه يرد عليه السلام فيه قوة لان الحكم زالت علته وهو رواية عن احمد اختارها من اصحابه ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهم الله ثم ذكر من الادب انه يمنع من كان جالسا من القيام له. فان السكون الى ذلك من افات النفس يعني اقبال النفس ومحبتها لقيام الخلق اليها من الافات التي تضر بها شرعا. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله الاحوال التي يكره التحديث فيها يكره التحديث في حالتي المشي والقيام حتى يجلس الراوي والسامع حتى يجلس الراوي والسامع ما ويستوطنا فيكون ذلك احضر للقلب واجمل الفهم. وهكذا يكره للمحدث ان يروي وهو مضطجع. قال ابو كراهة من كره التحديث في الاحوال. التي ذكرناها من المشي والقيام والاضطجاع وعلى غير طهارة. انما هي على سبيل التوقير للحديث والتعظيم والتنزيه له. ولو حدث محدث في هذه الاحوال لم يكن مأثوما ولا فعل امرا محظورا. واجل الكتب كتاب الله في هذه الاحوال جائزة فقراءة الحديث فيها بالجواز اولى. ويجب الا يجاوز صوت المحدث مجلسه. ولا يقصر عن ولا يقصر عن الحاضرين فان حضر المجلس سيء السمع وجب على المحدث ان يرفع صوته بالحديث حتى يسمع اذا اذا كثر عدد من من يحضر للسماع وكانوا بحيث لا يبلغهم صوت الراوي ولا يرونه استحب له ان يجلس على منبر او غيره حتى يبدو للجماعة وجهه ويبلغهم صوته. وكان بعضهم يكره السماع ممن لا يرى وجهه. واذا امسك عن الراوي في خلال المجلس واذا امسك عن رواية في خلال المجلس الاستراحة ذكر الله تعالى في تلك الحال وقد كان جماعة من اكابر السلف يفعلون ذلك العشرون تحري المحدد الصدق في مقاله وايثاره ذلك على اختلاف اموره واحواله وذكر الرواية في ذلك. الاحتياط للمحدث والاولى به ان روي من كتابه ليسلم من الوهم والغلط ويكون جديرا بالبعد من الزلل. والرواية والرواية عن الحفظ جائزة لمن كان متقنا لها متحفظ فيها وينبغي مع هذه الحال الا يغفل الراوي عن مطالعة كتبه وتعاهدها والنظر فيها ويجب ان ينظر من كتبه فيما علق بحفظك. قلت ويتعاهد المحفوظ اولى. والمراعاة له اعم نفعا ويحدث بما لا يداخله فيه الشك. وما شك في حفظه لزمه ان يمسك عنه وينبغي للطالب الا يكره الا يكره المحدث عن الرواية من حفظه اذا لم يحضره النشاط لذلك؟ والحفظ على ظربين احدهما حفظ حفظ الفاظه وعد حروفه والاخر حفظ معانيه دون اعتبار لفظه والمستحب للراوي ان يريد الاحاديث بان التي سمعها فان ذلك اسلم له مع الاتفاق على جوازه وصحته. وكان الحسن ممن يذهب الى جواز الرواية على المعنى دون اللفظ مع هذا استحباب ورأيه مع هذا استحبابا ورأيه مع هذا استحباب الاداء كما سمع فاما من شدد في الحروف وراءها ان تغيير اللفظ غير جائز فجماعة من اعيان السلف وكبار المتقدمين. ويروى عن بعض من كان يذهب الى وجوب اتباع اللفظ انه كان لا الا لمن يكتب عنه ويكره ان يحفظ عنه حديثه خوفا من الوهم عليه والغلط حال روايته وكان غيره يأمر بالكتابة عنه بالصحف دون احتياطا وتوثقا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى من اداب طالب الحديث المتعلقة بمن اراد تحديد به من المحدثين ان يتحرى الصدق في مقاله. ويحتاط لنفسه عند الرواية من كتابه او حفظه والمقدم عندهم الرواية من الكتاب لانها اتقن واضبط. والرواية عن الحفظ جائزة لمن كان متقنا لها متحفظا فيها. فمن كان حافظا له ان يحدث من حفظه. مع عدم اغفاله مطالعة كتبه وتعاهدها والنظر فيها لئلا يذهب محفوظه فان المحفوظ اذا لم يدم المرء النظر فيه ذهب وقد ذكر ابو عمر ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ان ابا عبد الله البخاري صاحب الصحيح سئل عن من دواء الحفظ فقال لا اجد مثل نهمة الرجل وادمان النظر في الكتب. اي ادامة النظر في الكتب ثم ذكر ان حفظ الحديث على ضربين احدهما حفظ الفاظه وعد حروفه والاخر حفظ معانيه دون اعتبار نقضه فالاول حفظ مباني والثاني حفظ معاني فيكون في الاول حافظا لالفاظه حرف حرفا واما في الثاني فانه يثبت معناه العام. ثم عرض على وجه اللطيف الى جواز الرواية المعنى وهي متعلقة بالتغيير. فان رواية الحديث معنى هي تغيير الفاظه بالنقص او المرادف هي تغيير الفاظه بالنقص او المرادف. ولا تستباح عندهم الا في حق من كان ذا معرفة بما تحيله المعاني. والى ذلك اشار في نظم نخبة الفكر اذ قال ولا تجز تغيير مد ورد بنقص او مرادف تعمدا الا لمن كان ذاع الفاني بما به احالة المعاني. فبين ان الرواية بالمعنى هي تغيير متن الحديث بنقص او مرادف وهذا هو مضمن نخبة الفكر للحافظ ابن حجر وهي جائزة بشرط ان يكون الراوي للحديث معناه عارف بما به احالة المعاني. وسيعرض المصنف مرة ثانية لهذا المقصد والمقصود ان من اهل العلم من وسع في حفظ الحديث معنى ولم يشدد في اتباع الحروف وانما يكون هذا توسعة حال سياق المحفوظ لا حال تناوله وحفظه فان هذا من فيضر المتحفظ فمن الطلبة من اذا اخذ في حفظ الاربعين النووية او عمدة الاحكام او بلوغ المرام او رياض الصالحين سامح نفسه في اعتمادا على تجويز الرواية بالمعنى فيؤول هذا الى تفلت حفظه وظعفه. فهذا مما لا يسوغ عليه عند ارادة الحفظ وانما يسوغ التعويل عليه عند ارادة ذكر المحفوظ والتحديث به. فاذا اردت ان تحفظ احاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب المذكورة او غيرها فحقق حفظك لها حرفا حرفا ولفظا لفظا فاذا حدثت بها بعد من حفظك ساغ ان توسع على نفسك في ايرادها بمعناها. اما ان يحفظ الانسان بالمعنى كما صار بعض المتأخرين يفعله ويسميه حفظا فليس هذا حفظا وانما الحفظ اثبات الالفاظ واما الواجب المعنى بعد ذلك فسائه. اما مجرد اثبات المعنى في الذهن بحيث يعرف حديثا مرويا في الاعمال وحديثا مرويا في قصة جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم فهذا ليس بحفظ وانما صورة الحفظ. وهذه لا لا تبقى مع الانسان فمن اراد ان يثبت حفظه فليعتني بالالفاظ تدقيقا وتحقيقا حتى في ضبطها لئلا يغلق وفي ذكرها وهذا من افات الحفظ عند المتأخرين فصار الناس يحفظون ولا يحققون كيفية ضبط الحرف ومثلا ذروة سنامه ام ذروة سنامه ام ذروة سنامه؟ وايهما الذي روي به الحديث ان كان مما ذكر وايهما المقدم لغة؟ لان اللفظ النبوي يحمل على الافصح فيقدم الافصح في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم سلم وهذا امر مذكور في الشروح المطولة ولو عمد احد الى العناية بهذا عند ارادة ضبط محفوظه فهو انفع له اذا اراد ان يحفظ الاربعين اخذ من فتح الباري وشرح النووي ما يتعلق بضبط الفاظها. حتى لا يحفظ غلطا. وهكذا ثم اذا حفظ عمدة الاحكام اخذ من كتاب الاعلام لابن الملقن ما يتعلق بظبطها لان لا يحفظ الانسان غلطا. فيورد الحديث على غير الوجه الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم فهذا اخر المجلس ونستكمل بقيته باذن الله بعد صلاة العشاء والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين