العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا. اما بعد فهذا المجلس الاول من الدرس الاول من برنامج اليوم الواحد الثامن. والكتاب المقروء فيه هو دروس من القرآن الكريم للعلامة صالح بن فوزان حفظه الله تعالى. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمات ثلاث. المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ستة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة صالح بن خوزان بن عبدالله الفوزان وهذا البناء الجاري على لسان اهل نجد من اسقاط ياء النسبة في الاسم الاخير خلاف سنن العربية وصوابه احد وجهين. الاول اضافة ياء النسبة اليه فيقال الفوزاني ولا يقال الفوزان. اتباعا لقاعدتهم في النسب التي اشار اليها ابن مالك في الالفية بقوله يا انكيا الكرسي زادوا للنسب والثاني سبق الاسم الاخير بكلمة ابن. فيقال ابن فوزان ولا يقال الفوزان الثاني المقصد التاج المقصد الثاني تاريخ مولده ولد حفظه الله سنة اربع وخمسين بعد ثلاثمائة والالف. المقصد الثالث جمهرة شيوخه تلمذ حفظه الله لجماعة من العلماء. من اهل بلده الشماسية والرياض. منهم ابراهيم بن يوسف. وهو اول ومحمد الامين الشنقيطي وعبدالعزيز ابن باز وعبدالله بن حميد رحمهم الله. المقصد الرابع جمهرة تلاميذه اخذ عنه حفظه الله جم غفير من الطلبة. منهم عادل الفريدان وعبدالعزيز المحمود وعلي الشبل وناصر ال عبد المنعم المقصد الخامس ثبتوا له حفظه الله تأليف عدة. منها ما حرره بنفسه. ومنها ما كتب عنه في مجلس الدرس ثم نشر تحت اشرافه ونظره فمن تلك الكتب الملخص الفقهي واعانة المستفيد واحكام الاطعمة والتحقيقات المرضية وشرح العقيدة الواسطية هو شرح زاد المستقنع المقصد الثالث تاريخ وفاته لا يزال الشيخ حيا بين اظهرنا ممتعا بالصحة والعافية وله من العمر سبع وسبعون سنة وذكر هذا المقصد في حق الاحياء جار على التزام سنن واحد في الترجمة يعقد مقصد بهذا الاسم يبين فيه حياة من كان حيا وفاة من كان قد مات من المصنفين. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف بالمصنف. وتنتظم في ستة مقاصد جاء ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه اسم هذا الكتاب دروس من القرآن الكريم فهو الاسم الذي طبع به في حياته وله وله كتاب اخر زاد فيه دروسا من السنة المطهرة الثاني اثبات نسبته اليه. هذا الكتاب ثابت النسبة الى مصنفه فانه مطبوع في حياته معزوا اليه دون نكيل منه. ولا ادعاء غيره به له فعلم بهاتين القليلتين ان الكتاب من تصنيفه المقصد الثالث بيان موضوعه اشار المصنف حفظه الله الى ان هذا الكتاب دروس من القرآن. في مواضيع مختلفة من العقائد والعبادات والمعاملات. ذكر هذا في ديباجة كتابه وهي كافية في بيان موضوعه. المقصد الرابع ذكر رتبته من منازع فهم القرآن عند المتأخرين ما يسمى بالتفسير الموضوعي. ومراد به بيان المعاني والاحكام المتعلقة بموضوع ما من خلال الايات القرآنية ولهم فيه طرائق مختلفة تصنيفا بين الاختصار والتطويل. والافراد والجمع وهذا الكتاب من جملة الكتب المتوسطة فيه. اذ اشتمل على قدر من الموضوعات المختلفة على نحو موجز المقصد الخامس توضيح منهجه قسم المصنف حفظه الله كتابه الى دروس سبعة وعقد لكل واحد منها ترجمة تدل عليه وتخبر عنه وافاض في بيان مقصوده فيه بذكر الايات القرآنية المتعلقة به مع الاشارة الى ما يحتاج اليه من بيان المعاني وذكر التقاسيم والانواع وما يصدق ذلك من الاحاديث النبوية وربما اشار قليلا الى الخلاف في مسألة ما. مصحوبا لبيان ما يرجحه المقصد السادس العناية به اقتصرت العناية بهذا الكتاب على طباعته مرة بعد مرة ثم قام بعض الافاضل بترجمته الى اللغة الفرنسية المقدمة الثالثة ذكر السبب الموجب لاقراءه ان من العلوم النافعة علم التفسير الا انه علم طويل قلت عناية المتأخرين به وان من مسالك تحبيبهم فيه واقافهم على طريق تلقيه اقرأوا ومثل هذا الكتاب فهو بمثابة مدخل يعرف بمعاني جملة مستكثرة من ايات القرآن من خلال موضوع من الموضوعات المتعلقة بآياته وتنويع الطرائق المفضية الى هذا العلم. مما يزيد قدر اخذ الطالب له وذلك باقراء كتاب يشتمل على تناول موضوع من خلال القرآن او مقصورا على تفسير اية او سورة من سوره. فان النفوس قد تكل قد تكل بل من قراءة التفسير كله. لكن اذا نوع ذلك على هذا النحو اصابت من علم التفسير حظا مباركا. نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع الحاضرين والمستمعين. قال المصنف حفظه الله تعالى. بسم الله الرحمن الرحيم لينزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي كان خلقه قرآن وعلى اله واصحابه اهل النهى والعرفان اما بعد فهذه دروس من القرآن في مواضيع مختلفة من العقائد العبادات والمعاملات كنت قد القيتها في احد المساجد ثم رأيت طباعتها ونشرها رجاء ان يكون فيه نفع ولي فيه ولي فيها اجر ان شاء الله. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه اكمل كتبه صالح ابن فوزان ابن عبد الله الفوزان مباقي التاريخ؟ في الخامس عشر من شهر جمادى الاخرة. سنة احدى وعشرين واربعمائة والف من الهجرة. استفتح المصنف رحمه الله تعالى كتابه بمقدمة تنبئ عن مكنونه. وجعل اولها تحميدا وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم متضمنة لذكر القرآن. وهذا من جنس النوع المعروف عند اهل البديع ببراعة الاستهلال. وهو ان يأتي المتكلم في اول كلامه بما يدل على مقصوده فيه. فان من يطالع هذه الكلمات في اول الكتاب يعرف ان الكتاب موضوع لامر يتعلق بالقرآن الكريم. وقد اشرت الى هذا بقولي الاستهلال ان يأتي في اول الكلام ما بقصده يفي ثم ذكر ان هذا الكتاب يتناول مواضيع مختلفة من القرآن في ابواب متنوعة من العقائد والعبادات والمعاملات. ثم ختم هذه المقدمة بالاشارة الى باسمه بقوله وكتبه صالح ابن فوزان ابن عبد الله الفوزان وختم الكتب بهذه الصيغة امر قديم عند العرب. تروى فيه اشياء من الصدر الاول من رسائل النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب في عقبة بن عامر رضي الله عنه انه رأى بمصر مصحفا بخطه اخره وكتبه عقبة بن عامر وكان الجاري فيما سلف جعل ذلك اخر الكتاب. ثم اصطلح المتأخرون في القرن الرابع عشر في القرن الرابع عشر على جعله اخر المقدمة. وقد ذكر المصنف حفظه الله تاريخ كتابة هذه المقدمة ممهورا بالهاء في المشيرة الى كونه مؤرخا بتاريخ الهجرة استعمال هذا الرمز للدلالة على التاريخ الهجري هي مضاهاة للنصارى. الذين يضعون للدلالة على التاريخ الميلادي. وهذا امر ينبغي تجافيه. لان اهل الاسلام ليس لهم تاريخ الا التاريخ الهجري. فالاكمل اغفاله وعدم ذكره. اشار الى هذه النكتة العلامة احمد ابن محمد شاكر رحمه الله والعلامة بكر ابن عبد الله ابن زيد رحمه الله نعم. الدرس الاول التوحيد في القرآن الكريم. اهمية التوحيد وعاقبة الاعراض عنه. قد يقول وقايل وقد قيل هذا ما بالكم دائما تهتمون بالتوحيد وتكثرون الكلام فيه. ولا تتناولون قضايا المسلمين في الوقت الحاضر الذي الذين يقتلون ويشردون في الارض وتلاحقهم دول الكفر في كل مكان. فنقول وبالله التوفيق التوحيد هو الاصل الذي بنيت عليه الملة الحنيفية فالاهتمام به اهتمام بالاصل. واذا تدبرنا القرآن الكريم وجدنا انه بين التوحيد تبيانا كاملا حتى انه لا تخلو سورة من سور القرآن الا وفيها تناول للتوحيد وبيان له ونهي عن ضده. وقد قرر الامام ابن القيم رحمه الله تعالى ان القرآن كله في التوحيد لانه اما اخبار عن الله واسمائه وصفاته وهذا هو التوحيد العلمي الذي هو توحيد الربوبية واما امر بعبادة الله وحده لا شريك له ونهي عن الشرك وهذا هو التوحيد العملي الطلبي وهو وتوحيد الالوهية واما امر بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ونهي عن معصية الله ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا من حقوق التوحيد ومكملاته واما اخبار عما اعد الله للموحدين من النعيم والفوز والنجاة والنصر في الدنيا والاخرة او اخبار عما حل بالمشركين من النكال في الدنيا وما اعد لهم في الاخرة من العذاب الدائم والخلود المؤبد في جهنم وهذا في من حقق التوحيد وفي من اهمل التوحيد. اذا فالقرآن كله يدور على التوحيد وانت اذا تأملت المكية تجد غالبها في التوحيد. لان النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الى التوحيد وينهى عن الشرك ما نزلت عليه اغلب الفرائض من زكاة وصيام وحج وغير ذلك من امور الحلال والحرام وامور المعاملات. ما نزل هذا والا بعد الهجرة في المدينة الا الصلاة فان فقد فرضت عليه فقد فرضت عليه في مكة ليلة المعراج حين اسري به صلى الله عليه وسلم ولكن كان هذا قبيل الهجرة بقليل. ولذلك كان غالب السور المكية التي نزلت عن النبي صلى الله عليه قبل الهجرة كلها في قضايا التوحيد. مما يدل على اهميته وان الفرائض لم تنزل الا بعد ان تقرر التوحيد ورسخ في النفوس وبانت العقيدة الصحيحة لان الاعمال لا تصح الا بالتوحيد ولا تؤسس الا على التوحيد. وقد اوضح القرآن ان الرسل الصلاة والسلام اول ما يبدأون دعوتهم بالتوحيد بالدعوة الى التوحيد قبل كل شيء. قال الله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطابوت. وقال تعالى وما ارسلنا من قبل من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. وكل نبي يقول لقومه يا يا قومي اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. هذا هو شأن الرسل البدات بالتوحيد. وكذلك اتباع الرسل من الدعاة والمصلحين اول ما يهتمون بالتوحيد لان كل دعوة لا تقوم على التوحيد فانها دعوة فاشلة لا تحقق اهدافها لا تكون لها نتيجة كل دعوة تهمش التوحيد ولا تهتم به فإنها تكون دعوة خاسرة في نتائجها وهذا شيء مشاهد معروف وكل دعوة تركز على التوحيد فإنها تنجح بإذن الله وتثمر وتفيد المجتمع كما هو معروف من قضايا ونحن لا نهمل قضايا المسلمين بل نهتم بها ونناصرهم ونحاول كف الاذان بكل وسيلة. وليس من السهل علينا ان المسلمين يقتلون ويشردون ولكن ليس الاهتمام بقضايا المسلمين. ولكن ليس الاهتمام بقضايا المسلمين اننا نبكي ونتباكى تملأ الدنيا بالكلام والكتابة والصياح والعويل فان هذا لا يجدي شيئا. لكن العلاج الصحيح لقضايا المسلمين ان نبحث اولا عن الاسباب التي اوجبت هذه العقوبات التي حلت بالمسلمين. وسلطت عليهم عدوهم. ما السبب في تسليط الاعداء على المسلمين حينما ننظر في العالم الاسلامي لا نجد عند اكثر المنتسبين الى الاسلام تمسكا بالاسلام الا من رحم الله انما هم مسلمون بالاسم فالعقيدة عند اكثرهم ضائعة يعبدون غير الله يتعلقون بالاولياء والصالحين والقبور والاضرحة ولا يقيمون الصلاة ولا لا يؤتون الزكاة ولا يصومون ولا يقومون بما اوجب الله عليهم. ومن ذلك اعداد القوة لجهاد الكفار هذا حال كثير من المنتسبين الى الاسلام ضيعوا دينهم فاضاعهم الله عز وجل واهم الاسباب التي اوقعت بهم هذه العقوبات هو اهمالهم للتوحيد ووقوف في الشرك الاكبر ولا يتناهون عنه ولا ينكرونه. من لا يفعله منهم فانه لا ينكره بل لا يعده شركا. كما يأتي بيانه وان شاء الله فهذه اهم الاسباب التي احلت بمسلمين هذه العقوبات ولو انهم تمسكوا بدينهم واقاموا توحيدهم وعقيدتهم على الكتاب والسنة واعتصموا بحبل الله جميعا ولم يتفرقوا لما حل بهم ما حل. قال الله تعالى ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز. الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر عاقبة الامور. فبين انه لا يحصر النصر للمسلمين الا بهذه الركائز التي ذكرها الله سبحانه وتعالى وهي اقامة الصلاة وايتاء الزكاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. واين هذه الامور في واقع المسلمين اليوم اين الصلاة عند كثير من المسلمين؟ بل اين العقيدة الصحيحة عند كثير ممن يدعون الاسلام؟ وقال تعالى عباد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا. لكن اين الشرط لهذا الوعد يعبدونني لا يشركون بي شيئا. فبين ان هذا الاستخلاف وهذا التمكين لا يتحقق الا بتحقق شرطه الذي وهو عبادته وحده لا شريك له. وهذا هو التوحيد فلا تحصل هذه الوعود الكريمة. الا لمن حقق بعبادة الله وحده لا شريك له. وعبادة الله تدخل فيها الصلاة والصيام والزكاة والحج وجميع الطاعات. ولم يقل انه يعبدونني فقط بل اعقب ذلك بقوله لا يشركون بي شيئا لان العبادة لا تنفع مع وجود الشرك بل لابد ومن اجتناب الشرك ايا كان نوعه وايا كان شكله وايا كان اسمه وهو صرف شيء من العبادة لغير الله عز وجل هذا اهو سبب النجاة والسلامة والنصر والتمكين في الارض صلاح العقيدة وصلاح العمل وبدون ذلك فان العقوبات النكبات والمثلات قد تحل قد تحل بمن اخل بشيء مما ذكره الله من القيام بهذا الشرط. وهذه النكبات التسلط من الاعداء سببه اخلال المسلمين بهذا الشرط. وتفريطهم في عقيدتهم ودينهم. واكتفاؤهم بالتسمي فقط ابتدأ المصنف رحمه الله تعالى مواضيع هذا الكتاب بموضوع عظيم بل هو اعظم الموضوعات المذكورة بالقرآن الكريم. وهو توحيد الله سبحانه وتعالى. فانه ما ملئ القرآن بشيء ما ملئ بالآيات المتعلقة بتوحيد الله سبحانه وتعالى. ولا ادل على ذلك ما ذكره المصنف وغيره مما يأتي ان القرآن كله توحيد. وقد ابتدأ المصنف رحمه الله تعالى هذا الدرس العظيم. بعقد ترجمة تبين اهمية التوحيد وعاقبة الاعراض عنه. واورد سؤالا جعله فاتحة في بيان هذا الاصل. وهو القائلين ما بالكم دائما تهتمون بالتوحيد وتكثرون الكلام فيه ولا تتناولون قضايا المسلمين في الوقت اغضب الذين يقتلون ويشردون في الارض. ثم اجاب عنه ببيان ان الحامل على ذلك هو كون التوحيد هو الاصل ومقتضى الشريعة والعقل ان ما كان اصلا عظيما هو مقدم على غيره. وقد كان ابو عبيدة معمر ابن مثنى رحمه الله تعالى يقول عجبت لمن يشتغل بالفضول ويترك الاصول انتهى كلامه فتقديم الاصول امر مقطوع بصحته عند العقلاء في كل ملة. والتوحيد في هذه الملة الحنيفية هو الاصل فالعناية به عناية بالاصل العظيم فيها. كما قال المصنف فالاهتمام به اهتمام بالاصل وكلمة الاهتمام كلمة مولدة عند المتأخرين. يريدون بها شدة العناية. وقد ذهب بعض اهل اللغة الى تصحيحها. والافصح اجتنابها والاكتفاء باسم العناية للدلالة على مقصودها وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى وجوها دالة على ان التوحيد هو الاصل. اولها ان القرآن كله هو في التوحيد. فلا تخلو سورة من سور القرآن الا فيها تناول التوحيد كما ذكر هذا المعنى ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين وابن ابي العز في شرح الطحاوية وتبعهما جماعة من المتأخرين. وقد بين ابن القيم رحمه الله تعالى وابن ابي العز. كون القرآن كله في التوحيد وذلك من وجوه اربعة. اولها ان القرآن منه ما هو خبر عن الله. وثانيها ان منها ان منه ما هو خبر عن حقه وهو العبادة وثالثها ان منه ما هو بيان للطريق المؤدي الى القيام بحقه ورابعها ان منه ما هو خبر عن جزاء الموحدين والمشركين فلما كان خبر القرآن راجعا الى هذه الامور الاربعة تقرر ان انه كله انه كله في التوحيد. انه كله في التوحيد. لان الخبر عن الله سبحانه وتعالى يتعلق بالتوحيد العلمي الخبري. والخبر عن عبادته يتعلق توحيد العملي الارادي الطلبي. والخبر عن الطريق المؤدي الى كيفية القيام بحق هو من جملة حقوق التوحيد ومكملاته. والخبر عن جزاء اهله ومن اعرض عنه هو خبر عن جزاء التوحيد وضده. فحينئذ فالقرآن كله في التوحيد والوجه الثاني الدال على كون التوحيد اصلا هو ان غالب السور المكية تتمحض في التوحيد فلا يذكر فيها غيره. وهذا معنى قول المصنف ولذلك كان غالب الصور المكية التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة كلها في قضايا التوحيد اي متمحضة خالصة فيه. لا يذكر فيها سواه الثالث الدال على كون التوحيد اصلا هو ان الرسل عليهم الصلاة والسلام اول ما يبدأ هنا دعوتهم بالدعوة الى التوحيد. كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان يعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت في ايات اخر دالة على ان الرسل يبدأون دعوة قومهم بدعوتهم الى توحيد الله عز وجل. ومن كان على صراط الرسل وسبيلهم من الدعاة المصلحين فان اول ما يبدأ به هو الدعوة الى توحيد الله سبحانه وتعالى لان كل دعوة لا تقوم على ذلك لا تصل الى المقصود منها وهو هداية الخلق اذا ما الله سبحانه وتعالى له وهو عبادته عز وجل. ثم ذكر حفظه الله كشف الشبهة المذكورة آنفا من اهمال قضايا المسلمين. فأخبر ان المتحدثين عن اهمية توحيد ووجوب العناية به لا يهملون قضايا المسلمين. ولا يهون عليهم كون المسلمين يقتلون ويشردون. الا ان العناية بالمسلمين لا تكون بالبكاء والتباكي والعويل فان هذا لا يجدي شيئا. وان كان هو حال اكثر الناس. فان اكثر الناس كما ذكر ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى اذا رأى غربة الاسلام واهله وما حل بالمسلمين من البلاء بكى وانتحب وذلك لا يجدي عليه شيئا وانما ينفع الناس حملهم على ما يرضي الله على ما يرضي الله عز وجل. وفي الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم لما دمعت عينه على ابن ابنته لما توفي قال ان العين لتدمع وان قلبه ليحزن ولا نقول الا ما يرضي الرب. فاذا وقع بالمسلمين بلاء دمعت العيون حزنوا حزنت القلوب لكن الواجب هو الا يقول العبد ولا يعمل الا شيئا يرضي الله سبحانه وتعالى والذي يرضي الله سبحانه وتعالى والذي يرضي الله سبحانه وتعالى هو الاخذ بالاسباب الموجهة مؤدئتي الى كشف البلاء بمعرفة موجب ذلك عند المسلمين. كما قال المصنف لكن العلاج الصحيح لقضايا المسلمين ان نبحث اولا عن الاسباب التي اوجبت هذه العقوبات التي حلت بالمسلمين عليهم عدوهم والناس في هذا الامر طرفان ووسط فالطرف الاول حال قوم لا تتحرك نفوسهم لما يحل بالمسلمين من البلاء ولسان احدهم ان لهم شأنا ولنا شأن اخر. فلا ينبغي ان نتكلم في شيء يتعلق بهم. ولا ريب ان هذا من الجهل العظيم بالدين فان المسلمين لحمة واحدة اذا حل ببعضهم بلاء كان من من القيام برفع هذا البلاء عنهم. ومن دلائل الايمان حزن القلب ودمع العيون والطرف الثاني حال من يجازه بالنهوض الى قضايا المسلمين فيخرج بها عما يغضب سبحانه وتعالى. من امور احدثوها. يزعمون ان انها تحقق تكافلا بين المسلمين وعناية بالمنكوبين. كالمظاهرات والاعتصامات وما لا ينفع الناس من هذا الضرب. والطريق وسطوا بين الطرفين هو الاخذ بطريقة الشريعة المرشد اليها بالحديث الانف ان العين لتدم وان القلب ليحزن ولا نقول الا ما يرضي الرب. فيجب على العبد ان يتمسك عند حلول البلاء ببلد من بلدان المسلمين واهله بالطريقة الشرعية فيعول على نصرتهم بما امر الله سبحانه وتعالى به. دون الخروج عن ذلك. ومن اعظم ذلك وملاحظة الاسباب التي اوجبت هذا. فان الله سبحانه وتعالى قال ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا. وهذه اية جامعة في بيان السبب الكلي لتسلط الكافرين على اهل الاسلام وهو نقص الايمان. فاذا نقص ايمانهم سلط الله عز وجل عليهم اعداءهم. اما اذا كمل ايمانهم وتمسكهم بدينهم فان الله عز وجل لا يسلط عليهم عدوهم. واذا رأى الانسان احوال المسلمين فاحصا اطلع على مقدار ما ضيعوه من دين الله سبحانه وتعالى وقد قال الله عز وجل فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. وذلك ان من عدل عن هدى الله سبحانه وتعالى حل به الضلال والشقاء. والمسلمون اليوم قد عدلوا في كثير من امورهم عن امر الله عز وجل. فتجد منهم من يتشوه الى والسحرة والاولياء والمزارات والاضرحة فيتعلق بها ويتقرب الى اهلها وفيهم من ترك الحكم بما انزل الله سبحانه وتعالى. وفيهم من ضيع الشرائع الاسلام الظاهرة كالصلاة والصيام والزكاة والحج. فلما ضيعوا ما ضيعوا من دينهم حل بهم البلاء واكبر الاسباب التي اوقعت هذه العقوبات بهم هو اهمالهم للتوحيد ووقوعه في الشرك ولو انهم تمسكوا بدينهم واقاموا توحيدهم واعتصموا بكتاب ربهم واتبعوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم لما تسلط عليهم الكفرة. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ايات قاضية بان من تمسك بالشريعة نصره الله سبحانه وتعالى منها قوله تعالى وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنه في الارض الاية وفيها ذكر قيد عظيم. للظفر بهذا الوعد المأمول. وهو قوله تعالى يعبدونني يشركون بي شيئا فهذا شرط ثقيل في تحقق الوعد الذي اخبر الله عز وجل به من الاستخلاف وهو الكون على الحال الكاملة من عبادة الله عز وجل وعدم الشرك به. وذكر المصنف رحمه الله تعالى من اسرار التصريف القرآني في هذه الاية ان الله عز وجل لم يكتفي بقوله يعبدونني بل دعاها بقوله لا يشركون بي شيئا تأكيدا لمقام التوحيد فان معنى قوله يعبدونني ان يوحدونني لكن المبالغة في تأكيد التوحيد اوجبت قرنها بقوله تعالى ايفيقون بي شيئا لان العبادة لا تسمى عبادة في الشرع ولا تنفع صاحبها الا مع البراءة من الشرك. ثم عرف المصنف حفظه الله الشرك بقوله وهو صرف شيء من العبادة لغير الله عز وجل. وهذا الحد المشهور متعقب ان الشرع اتخذ كلمة الجعل للدلالة على الوقوع في الشرك كما قال الله عز وجل اتجعل لله انذادا وانتم تعلمون. وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم اي ذنب اعظم؟ فقال ان تجعل لله ندا وهو خلقك. ثم ان كلمة الصرف انما تدل عن على تحويل الشيء الى غير وجهه. بخلاف كلمة الجعل. فانها موضوعة في لسان العرب للدلالة على الاقبال وتعلق القلب. فالاوفق ان يقال الشرك هو جعل شيء من عبادة الله لغيره وهذا هو الشرك المتعلق بالعبادة. وهو المشهور شرعا فان المعهود في خطاب الشرع اطلاق الشرك على هذا المعنى الخاص. من وراء ذلك معنى عام. وهو جعل شيء من حقوق الله لغيره. فلشرك شرعا معنيان. احدهما خاص والاخر عام فاما الخاص فهو جعل شيء من عبادة الله عز وجل لغيره. واما العام فهو فعل شيء من حقوق الله لغيره. ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى هذه الترجمة من هذا الدرس ببيان ان السبب في النجاة والسلامة صلاح العقيدة والعمل. وبذلك ترتفع العقوبات والنكبات والسنت الجامع لهذا قوله تعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولى اولئك لهم الامن وهم مهتدون. فان هذه الاية ضمانة الهية. بتحقق الامن والاهتداء في الدنيا والاخرة لمن امن ولم يلبس ايمانه بظلم اي بشرك كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عبد الله ابن ابن مسعود رضي الله عنه نعم. احسن الله اليكم. ثانيا معنى التوحيد اذا ما التوحيد الذي هو اهمية توادي مكانته التوحيد مأخوذ من موحد الشيء اذا جعله واحدا. والواحد ضد الاثنين والثلاثة واكثر. فحاصله انه الكثرة فالشيء الواحد وهو الشيء المستقل المتوحد. الذي لا يشاركه غيره. واما في الشرع فالتوحيد هو افراد الله بالعبادة بمعنى ان تجعل العبادة كلها لله عز وجل. ويكون الدين كله لله. بدليل قوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وقوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وقوله فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. هذا هو التوحيد في الشرع. افراد الله بالعبادة ترك عبادة ما سواه. لما بين المصنف رحمه الله تعالى فيما سلف اهمية التوحيد. عقد ترجمة بين فيها معنى التوحيد فجعله في لسان العرب مأخوذا من وحد الشئ اذا جعله واحدا. والواحد ضد اثنين والثلاثة فاكثر فحاصله انه ضد الكثرة والمراد بالكثرة هنا التعدد فلو قال المصنف حفظه الله فحاصله انه ضد المتعدد لكان ذلك هو الموافق للمأخذ اللغوي فان توحيد الشيء جعله واحدا فان توحيد الشيء جعله واحدا وذلك الجعل كائن بنفي المتعدد ثم عرفه شرعا بقوله افراد الله بالعبادة وهذا كما سلف تعريف للتوحيد باعتبار الوضع الشرعي المعهود. فان التوحيد اكثر ما يطلق في خطاب الشرع على ارادة هذا المعنى الخاص وله معنى ثان عام وهو افراد الله بحقوقه. فيكون التوحيد شرعا له معنيان احدهما خاص وهو افراد الله بالعبادة. وثاني عام وهو افراد الله بحقوقه نعم. احسن الله اليك ثالثا منواع التوحيد التوحيد انواع ثلاثة مستقرات من كتاب الله عز وجل وليس تقسيم التوحيد الى ثلاثة جاء من قبل الرأي او من قبيل الاصطلاح وانما هو مستقر من كتاب الله عز وجل. النوع الاول توحيد الربوبية وهو الله جل وعلا بافعاله من الخلق والرزق والاحياء ولماتة وتدبير الامور. فيعتقد المرء ان الله وحده فمن قرأ الاخ من الخلق والرزق عدلوها لان الرزق هو الفعل الذي هو فعل الله فينسب اليه واما الرزق هو المفعول اي القدر الذي يحوزه العبد مما قسمه الله عز وجل من رزقه. نعم احسن الله اليك. من الخلق والرزق والاحياء والاماتة وتدبير بالامور فيعتقد المرء ان الله وحده الخالق الرازق. المدبر الحي الذي لا يموت. النوع الثاني توحيد الالوهية وهو الله جل وعلا بافعال العباد التي يتقربون بها اليه سبحانه وتعالى. كالدعاء والخوف والرجاء الرهبة والرغبة والتوكل والاستقامة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من انواع العبادة فيجب ان تكون العبادة بجميع انواعها لله سبحانه لا يصرف منها شيء لغير الله. هذا هو توحيد العبادة او توحيد الالوهية وهو التوحيد العملي وهو توحيد الطلب والقصد وتوحيد الطاعة النوع الثالث توحيد الاسماء والصفات وهو الايمان بما اثبته الله لنفسه او اثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم من الاسماء والصفات هذه انواع التوحيد مستقرة من كتاب الله عز وجل فكل اية وفي القرآن تتحدث عن افعال الله من الخلق والرزق والاحياء والاماتة وتدبير الامور. فهي من فهي في توحيد الربوبية كثير في القرآن قال الله تعالى قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون سيقولون لله قل افلا تذكرون. قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل افلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيء فهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون. سيقولون لله قل تسحرون وقال تعالى قل من يرزقكم من السماء والارض عن من يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا تتقون؟ وهكذا كل اية في هذا خلق السماوات والارض وخلق المخلوقات فان هذا في الربوبية وكل اية فيها ذكر العبادة بان تتحدث عن الامر بعبادة الله والنهي عن الشرك فان هذا في توحيد الالوهية وهي وكل اية تتحدث عن اسماء الله وصفاته فان هذا في توحيد الاسماء والصفات فكل هذه الانواع في كتاب لله ولذلك قال العلماء التوحيد ثلاثة اقسام توحيد الالوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات ما جاءوا بهذا من عندهم وانما استقرؤوا من كتاب الله سبحانه وتعالى. وسيأتي بهذا زيادة بيان ان شاء الله. ذكر المصنف حفظه الله ترجمة اخرى عقدها لبيان انواع التوحيد. وهذه الانواع يشار بها الى اقسامه وتسمى القاب التوحيد. كما ذكر ذلك العلامة ابن مانع بالاجوبة الحميدة التي اجاب بها عن اسئلة عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب الشهير في التوحيد ومنها وما هي القابه؟ فذكر ان القابه ثلاثة فذكر ان القابه ثلاثة هي الانواع التي اشار اليها المصنف ها هنا. وهذه الانواع مستقرأة من كتاب الله ليست من قبيل الرأي او الاصطلاح. بل دل عليها الاستقراء. والمراد بالاستقراء تتبع الجزئيات المفضي الى حكم كلي. كما قال الاخبري في السلم وان بجزئي على كل استدل فذا بالاستقراء عندهم عقل تتبع ايات القرآن الكريم للدلالة على افراد التوحيد انتج الاطلاع على هذه الانواع الثلاثة وهذه الانواع الثلاثة موجودة في كلام المتقدمين وليست وليدة كلام ابي العباس ابن تيمية او محمد ابن عبدالوهاب. بل هي في كلام جماعة من القدماء كابي حاتم ابن حبان في مقدمة روضة العقلاء. وابن منده في كتاب توحيد ومن جرير الطبري في تفسيره وضم كلام بعضهم الى بعض ينتج هذه القسمة. فان انواع التوحيد ثلاثة اولها توحيد الربوبية وهو توحيد الله في ذاته وافعاله والاكتفاء بذكر الافعال فقط للقطع بافراد الذات عند كل العقلاء فاذا ترك ذكر الذات فهو للتسليم بالقطع بوجودها فان افعال تصدر عن ذات وان كان الموافق للبيان الاتم ان يقال توحيد الربوبية هو الله في ذاته وافعاله. والنوع الثاني توحيد الالوهية او الالهية. وهو الله بافعال العباد المتقرب بها. فلا يقال هو افراد بافعال العباد فقط. لما يوهمه الاطلاق من اندراج جميع افعالهم. فيدخل في اكلهم وشربهم ونومهم واشباه ذلك. مما يرجع الى الحكم القدري والمراد شيء مخصوص من افعالهم وهي الافعال التي يتقربون بها الى الله عز وجل. ولهذا قال المصنف بافعال العباد التي يتقربون بها اليه. فحينئذ فتوحيد الالهية شرعا هو افراد الله بافعال العباد المتقرب بها. والنوع الثالث توحيد الاسماء والصفات وهو افراد والله لاسمائه وصفاته وسيذكر المصنف حفظه الله بيانا اتم لهذا المأخذ في التقسيم والرد على من خرج عنه في نبذة متقدمة من الكتاب. نعم. رابعا التوحيد عند المتكلمين هناك من يقول التوحيد نوع واحد فقط وهو توحيد الربوبية وهو الاعتراف بان الله هو الخالق الرازق المحب يا اخي ما جاء من افعال الله وصفاته جل وعلا. وعلى هذا جميع علماء الكلام والنظار الذين بنوا عقيدتهم على علمه كلام وعقائد موجودة واذا قرأت في كتبهم لا تجد فيها الا اثبات توحيد الربوبية. فمن اعترف به عندهم فهو الموحد وليس عندهم توحيد الالوهية ولا توحيد الاسماء والصفات ولذلك لا يعدون عبادة القبور ودعاء الاموات شركا وانما يقول هذا توجه لغير الله وهو خطأ ولا يقولون هذا شرك. وبعضهم يقول ان هؤلاء الذين يدعون الاموات ويستغيثون بالمقبورين ليسوا بمشركين لانهم لا يعتقدون ان هؤلاء الاموات او هذه المعبودات تخلق وترزق تخلق ارزق وتدبر مع الله فما داموا لم يعتقدوا ذلك فانهم ليسوا مشركين. ولا يعد عملهم هذا شركا. وهم انما اتخذوا هذه الاشياء وسائل ووسائط بينهم وبين الله شفعاء. هذه مقالتهم كما قال المشركون من قبل ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. وقال تعالى عنهم ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفع ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله. ويقول علماء الكلام ان عبادة القبور والتعلق بالاموات والاستغاثة بما ليس بشرك وانما هو توسل وطلب للشفاعة واتخاذ وسائط الى الله عز وجل ايكون شركا الا اذا اعتقدوا ان هذه الاشياء تخلق وترزق وتدبر مع الله عز وجل. هذا يصرح نبي في كتبهم وفي كلامهم والذي ينكر من اهل الكلام على من يقع في هذا الامر يقول هذا من باب الخطأ وهؤلاء الجهال وقعوا في هذا الجهل وقعوا في هذا لا عن قصد بل للجار لكن الاكثر لا ينكرون عليهم بل يقولون هذا اتخاذ وسائق وشفعاء عند الله عز وجل وليس وانا على ما تقول على القوم شيئا لم يقولوه بل هذا موجود في كتبهم في كتبهم التي ردوا بها على اهل التوحيد وذاك بها عن اهل الشرك واما الاسماء والصفات فاثباتها عندهم يقتضي التشبيه فنفوها عن الله عز وجل وهؤلاء هم والمعتزلة والاشاعرة والما تريدية. كلهم نفوا توحيد الاسماء والصفات تنزيها للعبهم عن مشابهة المخلوقين فصار التوحيد منحصرا عندهم في توحيد الربوبية فقط وليس عندهم توحيد الالوهية ولا توحيد الاسماء والصفات وينكرون على ما يقسم التوحيد الى ثلاثة اقسام حتى حتى ان كاتبا عصريا منهم يقول تقسيم التوحيد الى ثلاثة اقسام هو من بلغت الوقاحة به الى يشبهه بدين النصارى والعياذ بالله. عقد المصنف رحمه الله حفظه الله تعالى ترجمة رابعة متعلقة بهذا الدرس بين فيها حقيقة التوحيد عند وهو انهم يزعمون ان التوحيد نوع واحد هو توحيد الربوبية المتضمن للاعتراف بان الله هو الخالق الرازق المحيي المميت الى اخر ما جاء من افعال الله. وانما اوجب لهم هذا لان ثقة علم الكلام هي بيان العقائد الدينية بالادلة اليقينية. والمراد بالادلة اليقينية عند وضعه القواطع العقلية. وهذه القواطع العقلية هي ما يتعلق باثبات ربوبية الله عز وجل ولاجل هذا اختلفوا في اول واجب على العبد اهو النظر ام الشك ام القصد الى على اقوال مختلفة لهم. فمقدمة معرفة الله عز وجل عندهم هو الاستدلال قاطع اليقينية العقلية المزعومة على وجود الله وربوبيته. وافضى بهم هذا الى حصر التوحيد في معرفة الله عز وجل من جهة الربوبية. لان مبنى علم الكلام عندهم هي الادلة اليقينية المسماة بالقواطع العقلية وهي المعرفة بربوبية الله عز وجل. فلاجل ما افاضوا به من العناية بهذا حصروا فهمهم للتوحيد في معرفة ربوبية الله عز وجل. وجعلوا غيره تابعا وليس اصلا. ومن هنا لم يروا ان التوجه الى الاولياء والصالحين والاستغاثة بهم واللياذ باضرحتهم ومزاراتهم شركا مخرجا عن الملة. بل جعلوا ذلك كبيرة من كبائر الذنوب. ومنهم من يبالغ في الاعتذار عن هؤلاء. ولا يعظم عنده الامر. لان التوحيد محصور عنده في الاقرار بربوبية الله. وهؤلاء لا يزعمون ان الاولياء والمعظمين يخلقون ويرزقون وانما جعلوهم وسائط وشفعاء عند الله هذه مقالة اهل الجاهلية الاولى حذو القذة بالقذة وافضى جهلهم بهذا الاصل وهو توحيد الله عز وجل على الوجه الاتم الى تفصيل اثبات الاسماء والصفات عندهم تشبيها فزعموا ان تنزيه الله عز وجل يوجب نفي الاسماء والصفات عنه. الا انهم متفاوتون في القدر الذي ينفونه منه فقول المصنف فنفوها عن الله عز وجل وهؤلاء هم الجهمية والمعتزلة والماتوريدية كلهم نفوا توحيد الاسماء والصفات تنزيها لله بزعمهم عن مشابهة المخلوقين اي في الاصل الكلي في النفي فانهم مشتركون في النفي الا انهم متفاوتون فيه فمنهم من يثبت شيئا من الصفات مع اثبات الاسماء كما هي طريقة الاشاعرة ومنهم من يثبت الاسماء دون الصفات كما هي طريقة المعتزلة. ومنهم من ينفي الاسماء الصفات جميعا كما هي طريقة الجهمية. فجعل المصنف هؤلاء جميعا نفاة باعتبار وجود مشترك بينهم من النفي وان كانوا يختلفون في حظوظهم منه. وهذا النفي لما سلف من قصر حقيقة التوحيد عندهم على الربوبية وعدم كمال فهمهم لدلائل القرآن والسنة انه من شمول التوحيد للانواع الثلاثة السابقة. نعم خامسا الخطأ في تقسيم التوحيد ومن المعاصرين من يقسم التوحيد الى اربعة اقسام فيقول التوحيد اربعة انواع توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات وتوحيد الحاكمية ويستند في هذا الى ان التقسيم اصطلاحي وليس توقيفيا فلا مانع من الزيادة على الثلاثة. ويقال لهذا ليس التقسيم الصلاحي وانما يرجع في التقسيم من الكتاب والسنة والسلف حينما قسموا التوحيد الى ثلاثة اقسام استقرؤوها من الكتاب والسنة. اما الحاكمية فهي حق يجب ان يكون التحاكم الى شرع الله عز وجل لكن هذا داخل في توحيد العبادة لانه طاعة الله عز وجل. والسلف ما اهملوا توحيد الحاكمية حتى يأتي واحد متأخر فيضيفه بل هو عندهم داخل في توحيد العبادة توحيد الالوهية لان من عبادة الله عز وجل طاعته تحكيم شرعي فلا يوجد قسم مستقل والا لزم من ذلك ان تدار الصلاة قسما من اقسام التوحيد وتجعل الزكاة قسما والصيام قسم والحج القسمة وكل انواع العبادة اقساما للتوحيد. ويجعل التوحيد اقساما لا نهاية لها وهذا غلط. بل انواع العبادة كلها تندرج تحت كقسم واحد هو توحيد الالوهية. فانه جامع لها مانع من دخول غيرها معها. ومنهم من يزيد على الاقسام الاربعة قسما خامسا ويسميه اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا غلط فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم حق ولابد منه لكن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم من لوازم التوحيد. ولذلك لا تصح الشهادة ان لا اله الا الله الا بشهادة ان محمدا رسول الله فمن لازم الشهادة لله بالتوحيد الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة وهذا من لوازم التوحيد وليس قسم مستقلة اقسام التوحيد ومخالف التوحيد يقال له مشرك او كافر ومخالف المتابعة يكون مبتدأ هذه اقوال مخالفين تقسيم التوحيد وهم بين مفرط ومفرط. المفرط هو الذي زاد على تقسيم التوحيد الى ثلاثة اقسام. والمفرط هو الذي اختصر على واحد واهمل البقية بل اهمل الاهم الذي هو المطلوب وهو توحيد الالوهية. اما توحيد الربوبية فجميع الامم. فجميع الامم بي لم ينكره الا شذاذ من الخلق انكروا تكبرا وعنادا. مع اعترافهم به في قرارات انفسهم. فجميع الخلق مقرون الله هو الخالق الرازق المحيي المميت والمدبر. لكن ليس هذا هو التوحيد المطلوب. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ترجمة اخرى في هذا الدرس بين فيها الخطأ في تقسيم التوحيد. فان الذي دل عليه الاستقراء كما تقدم ان التوحيد يقسم الى ثلاثة اقسام هي توحيد الربوبية والالوهية والاسماء والصفات. وزاد اخرون اقساما اخرى استندوا فيها الى ان هذا التقسيم اصطلاحي اي بحسب المواضعات التي اتفق عليها العلماء وانه ليس توقيفيا. وهذا من الغلط لان مبنى هذه القسمة هو استقراء ايات القرآن الكريم والاستقراء التام من الادلة المجمع عليها. بل كثير من اهل العلم يعدونه دليلا قطعيا ايا وقد دل تتبع ادلة القرآن الكريم على رد قسمة التوحيد الى هذه الانواع الثلاثة وما زاد عن ذلك فمما ذكره المتأخرون فهو شيء يرجع اليها. فمن ذكر توحيد الحاكمية وجعله اسما فانه قد افرد شيئا متعلقا بتلك الانواع الثلاثة. وقد ذكر المصنف حفظه الله ان وجه رجوعه ان توحيد الحاكمية وهو افراد الله سبحانه وتعالى في الحكم بتحكيم شرعه داخل في في توحيد العبادة وهو توحيد الالهية. لان من عبادة الله عز وجل طاعته بتحكيم شرعه تحقيق ان الحاكمية التي يذكرها المتأخرون راجعة الى انواع التوحيد الثلاثة. فاما رجوعها الى توحيد العبادة فهو كما ذكر المصنف ان من عبادة الله عز وجل طاعته في تحكيم شرعه. واما رجوعها الى الربوبية فذلك ان الحكم كله لله سبحانه وتعالى. كما قال تعالى ان الحكم الا لله فالله عز وجل من افعاله النافذة في الخلق الحكم بينهم. فان الله يحكم بينهم لا معقب لحكمه واما رجوعه الى توحيد الاسماء والصفات فذلك ان الله هو الحكم كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابي شريح يزيد ابن هانئ رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم ان الله هو الحكم. واليه الحكم. فتوحيد الحاكمية غير خارج عن الاقسام ثلاثة فهو راجع اليها وليس قسيما لها. واما اما ما يذكره غيرهم من زيادة في قسم اخر وهو توحيد الاتباع ويريدون به اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا غلط لان اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم من لوازم التوحيد ومكملاته. فان من امن بالله عز وجل ربا يعبد وجب عليه ان يؤمن بان النبي صلى الله عليه وسلم رسول مأمور باتباعه ومن المتأخرين من يخرج عن هذا فيجعل التوحيد مقصود الى قسمين احدهما توحيد المرسل وهو الله. ويقسمه الاقسام الثلاثة المشهورة. والاخر توحيد المرسل وهو النبي صلى الله عليه وسلم وذلك باتباع. وهذه القسمة من حيث هي صحيحة وهي خير من قول من جعل توحيد الاتباع اسما رابعا. الا انه يشكل عليها ان اسم التوحيد موضوع في الشرع لما تعلق بحق الله دون غيره. فقولهم توحيد المرسل اشارة الى الاتباع بلفظ غير موضوع له. وهو لفظ التوحيد. فان لفظ التوحيد موضوع لحق الله اي عز وجل القسمة التي دل عليها الاستقراء التام هي القسمة الثلاثية دون زيادة عليها وهذه القسمة مبنية على دليل الشرع وليست على مواضعة استلاحية. وانما يزعم ذلك من لا يعرف دلائل التوحيد فان من الناس من تفوه بمثل هذه الكلمات لجعله لجهله بالتوحيد حتى قال احدهم ولذلك لا توجد حدود فاصلة بين انواع التوحيد الثلاثة يتميز بها احدها عن الاخر وبنى على ذلك التسويق بالزيادة عليه نوعا رابعا وهو توحيد الحاكمية فمن وعى ادلة القرآن علم ان التوحيد لا يخرج عن هذه الانواع الثلاثة وهي موجودة في كلام متقدمين كما سلف كابن حبان وابن منده وابن جرير رحمهم الله. نعم سادسا التوحيد الذي طولب به البشر التوحيد المطلوب هو توحيد الالوهية ولهذا كان الرسل كلهم يبدأون دعوتهم في اقوامهم بقولهم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. يدعون الى توحيد الالوهية كما اخبر القرآن عنهم. كما اخبر ذلك لان توحيد الالوهية هو الذي تنكر له البشر واجتالتهم الشياطين عنه. واما توحيد الربوبية فهو شيء حاصل وجود مستقر في النفوس والاقتصار عليه والاكتفاء به لا ينجي العبد. ولا يدخله في زمرة الموحدين المؤمنين. ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كفار قريش وهم يقرون بان الله وهم يقرون بان الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت قاتلهم واستحل دماءهم حتى يقروا بتوحيد الالوهية. قال صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا لا اله الا الله فاذا قالوها عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله. فهذا دليل على ان المطلوب الاعظم من الخلق هو توحيد الالوهية. ولذلك لم يقل صلى الله عليه وسلم ان يقاتل الناس حتى بان الله هو الخالق الرازق المحي المميت. لانه مقرون بهذا بل قال حتى يقولوا لا اله الا الله او اشهد ان لا اله الا الله. ذكر المصنف حفظه الله ترجمة سادسة حقق فيها ان التوحيد المطلوب شرعا اي المأمور به هو توحيد الالوهية. ولهذا كانت الرسل تبتدأ دعوة اقوامها به بقولهم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. وليس هو توحيد الربوبية لان توحيد الربوبية شيء فطري مستقر في النفوس والاقتصار عليه لا يدخل به العبد في الاسلام. والنبي صلى الله عليه وسلم انما امر بقتال الناس حتى يقولوا لا اله الا الله اي لا معبود بحق الا الله وذلك هو توحيد الالوهية. فالنبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم لاجله. ولم يقاتلهم لاجل الاقرار بكونه هو الخالق الرازق المحيي المميت. نعم. سابعا بيان وانواع التوحيد الثلاثة من القرآن سبق ان قلنا انها مستقرة من القرآن الكريم والايات التي تؤخذ منها انواع التوحيد الثلاثة كثيرة منها سورة الفاتحة وهي اول سورة في المصحف فيها انواع التوحيد الثلاثة فقوله الحمد لله رب العالمين فيه توحيد الربوبية لان الآية اثبتت ربوبية الله لجميع العالمين. وهم كل ما سوى الله والرب هو المالك المدبر وقوله الرحمن الرحيم مالك يوم الدين فيه توحيد الأسماء والصفات لإثبات وصف الله في الآيتين بالرحمة واثبات اسمائه الرحمن الرحيم المالك. وقوله اياك نعبد واياك نستعين. فيه توحيد الالوهية لدلالة الاية على وجوب افراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة. كذلك سورة الناس وهي اخر في المصحف فيها انواع التوحيد الثلاثة. فقوله قل اعوذ برب الناس. هذا توحيد الربوبية. ملك الناس. هذا توحيد الاسماء والصفات اله الناس هذا توحيد الالوهية. كذلك اول نداء في المصحف هو في نوعي التوحيد. وذلك في قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم. فلا تجعلوا لله اندادا هم تعلمون لما ذكر سبحانه وتعالى اقسام الناس الثلاثة المؤمنين والكافرين والمنافقين وجه عباده نحو الاهتداء بهداية القرآن فعقب ذلك بقوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم وهو نداء عام افة الخلق لامرهم جميعا بافراد الله بالعبادة. وعدم اشراك اي احد معه. وهذا هو توحيد الالوهية. ثم جاء بتوحيد الربوبية دليلا عليه فقال الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل ولكن الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج من السماوات رزقا لكم. اليست هذه افعال الله جل وعلا هذا توحيد الربوبية. ذكره سبحانه وتعالى دليلا على توحيد الالوهية وبرهانا عليه. فكما انه يسأل هذه الاشياء وحده فانه لا يستحق العبادة احد غيره بل هي حق خالص له سبحانه وذكر في هذه الاية نوعي التوحيد توحيد الالوهية لانه المقصود الاعظم وذكر توحيد الربوبية دليلا على الالوهية ومستلزما له وامر بذلك جميع الناس كما قال في اية اخرى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فاخبر ان هذين العالمين العظيمين عالم الجن عالم الجن وعالم الانس لم يخلقا الا للقيام عبادة الله وافراده بها وتوحيده في الوهيته. ثم نهى عن الشرك في اخرها فقال فلا تجعلوا لله اندا وانتم تعلمون ان اندادنا شركاء اي شركاء تصرفون لهم شيئا من العبادة وانتم تعلمون ان لا شريك له في ربوبيته يشاركه في هذه الامور خلق السماوات والارض وانزال المطر وانبات النبات انتم تعلمون انه لا احد يشارك الله في هذه الامور فكيف تشركون معه غيره في العبادة؟ وقال سبحانه وتعالى والهكم اله واحد لا اله الا هو هذا في توحيد الالوهية. والاله معناه المعبود والالوهية العبادة والحب ومعنا الاية ومعبودكم بحق معبود واحد لا اله الا هو اي لا معبود بحق سواه وقوله الرحمن الرحيم وهذا داخل في توحيد الاسماء والصفات لله واثبات صفة الرحمة وقوله ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس. وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون. هذا في توحيد الربوبية اذا كره الله دليلا وبهانا على توحيد الالوهية. ولذلك ولذا اخبر ان في ذلك ايات اي دلالات وبراهين على استحقاق للعبادة دون غيره. ففي هذه الاية اقسام التوحيد الثلاثة. وهكذا تجدها متجاورة في القرآن الكريم سبق ان المصنف حفظه الله ذكر ان انواع التوحيد دل عليها استقراء القرآن الكريم. وقد ها هنا ترجمة بين فيها طرفا من ادلة الاستقراء الدالة على انواع التوحيد. فبين ان فسورة الفاتحة وهي اول سورة في المصحف اي من جهة كتابته ورسمه قد تضمنت انواع التوحيد الثلاثة فان قوله سبحانه وتعالى الحمد لله رب العالمين فيه توحيد الربوبية لان الاية اثبت اثبتت الربوبية لله والرب هو المالك المدبر كما قال. وقوله حفظه الله فيه توحيد الربوبية. اي من جهة معنى المتبادل منه ظاهرا والا فان انواع التوحيد الثلاثة مستكنة في هذه الاية. فان قوله تعالى لله اثبات للالوهية. فانه سمى نفسه الله وذلك الاسم الاحسن دال على اثبات ما تضمنه هذا الاسم من الوهية الله عز وجل على خلقه. كما ان قوله سبحانه وتعالى رب العالمين متضمن لتوحيد الاسماء والصفات. فهذه الاية مع وجازتها متضمنة للانواع الثلاثة الا ان الغالب في معناها مما يتبادر من ظاهرها اثبات الربوبية وعليه اقتصر المصنف. ثم ذكر قوله تعالى الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وبين انه متضمن لتوحيد الاسماء والصفات ثم ذكر قوله تعالى اياك نعبد واياك نستعين وانه متضمن لتوحيد الالوهية لدلالة الاية على وجوب افراد الله عز وجل بالعبادة والاستعانة ثم ذكر بعد ان سورة الناس وهي اخر السورة في المصحف اي من جهة كتابته ورسمه فيها انواع التوحيد الثلاثة فقوله تعالى قل اعوذ برب الناس هذا توحيد الربوبية وقوله ملك الناس هذا توحيد الاسماء والصفات لان من اسمائه المضافة عز وجل تسميته ملك الناس. وهذا يتضمن اثبات الملك له عز وجل. ثم ان قوله تعالى اله الناس متضمن لتوحيد الالوهية فسورة الناس وهي اخر السورة في المصحف متضمنة للانواع الثلاثة. وكذلك اول اية فيها نداء في رسم المصحف وهي قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم متظمنة نوعي التوحيد الربوبية والالوهية فان الله سبحانه وتعالى لما ذكر في صدر سورة البقرة اقسام الناس الثلاثة المؤمنين والكافرين والمنافقين وجه نداء الى الخلق بالامر بعبادته بقوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم وهذا اول نداء في القرآن. وهو متظمن للامر بعبادة الله عز وجل التي هي توحيد الالوهية وذكر الله عز وجل بعدها ما يدل على الربوبية وهو قوله تعالى الذي جعل لكم الارض فراشا الى ان اخر الاية والقرن بينهما لاجل ما بينهما من المناسبة. فان الاقرار بالربوبية دليل على او وجوب افراد الله عز وجل بالالوهية. وسيذكر المصنف هذا فيما يستقبل. ثم بين ان الله سبحانه وتعالى نهى عن الشرك في اخرها فقال فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون وذكر ان معنى الانداد اي الشركاء. والتحقيق ان الند هو ما جمع معنيين احدهما المشابهة والمماثلة والآخر المنافرة والمخالفة. فلا يكون الشيء ندا لشيء حتى تجتمع فيه الجهتان. فيكون مشابها مماثلا لما جعل ندا له. مع وجود مخالفة منافرة بينهما. وهذا النهي هو اول نهي في القرآن. ثم ذكر قول الله سبحانه وتعالى والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم. وهذه الاية دالة ايضا على توحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات. ثم ختم بالاية التابعة لها وهو قوله تعالى ان في خلق السماوات والارض وهي في توحيد الربوبية وانما ذكرها تبعا لما سبقت دينه منه وهو ان قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم متضمن للالوهية والربوبية نعم ثامنا الحكمة من تقرير القرآن لتوحيد الربوبية والقرآن انما يذكر توحيد الربوبية مع ان الكفار مقرون من اجل ان يبين دلالته ويقيمه برهانا على توحيد الالوهية. فيحتج عليهم بما اقروا به من باب الالزام لهم. كيف تقرون الربوبية ولا تقرون له بالالوهية والعبودية. كيف تصرفون العبادة لمن لا يشارك الله في شيء من مخلوقاته؟ هذا من تناقض قل ارأيتم ما تدعون من دون الله يروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شركهم في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا او اثارت من علم ان كنتم صادقين. وقوله تعالى هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه وقوله يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا قال ان الذين تدعون من دون الله لم يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب اي ان لا يستنقذوه منه. ضعف الطالب والمطلوب. لو سلط الله عليهم الذباب ما استطاعوا ان ينتصروا منه والذباب اضعف شيء فلو سلط الله ود بعضه البعوض على الناس ما استطاعوا ان يتخلصوا منه يقتلون منه ما يقتلون ثم ويكثروا عليهم ويغمرهم وقيل المعنى لو ان الذباب اخذ شيئا مما على الصنم من الطيب والزينات التي يجعلونها عليه فان الصنم لا ان يسترد ما اخذه الذباب منه ضعف الطالب والمطلوب ضعف الطالب هو المشرك والمطلوب هو الصنم الى الذباب اذا كان كذلك فكيف تجعل هذه شركاء الله الخالق الرازق المحي المميت القوي العزيز الذي لا سبحانه وتعالى اين العقول؟ واين الافهام؟ نسأل الله العافية. ذكر المصنف حفظه الله ترجمة ثامنة في هذا الدرس بين فيها الحكمة من تقرير القرآن لتوحيد الربوبية وهو كونه برهانا على توحيد الالوهية فانما افيض في القرآن الكريم في تقرير هذا النوع ليستدل به على افراد الله عز وجل بالوهيته. وقد ذكر ابن الوزير في ترجيح اساليب القرآن على اساليب اليونان. عن صاحب كتاب بالسلف ولم يسمه ان في القرآن خمسمائة اية تدل على توحيد الربوبية انما جاء هذا الكم من الايات لان الاقرار بتوحيد الربوبية مرقاة مفضية الى الاقرار بتوحيد الالوهية. فمن امن بالله ربا له الملك والخلق والرزق وجب وجب ان يؤمن به ربا معبودا لا يشرك به. وقد ذكر المصنف حفظه الله اين تدل على ان العدول عن ذلك تناقض فمن اقر بالله ربا ولم يقر به معبودا فهو متناقض. ومن جملة الاي اية سورة الحج. وذكر في تفسيرها قولين اثنين الصحيح منهما ان الطالب هو الصنم والمطلوب هو الذباب. فان معنى الاية ان الذين يدعون من دون الله اي من الاصنام. لن يخلقوا ذبابا واجتمعوا ولو اجتمعوا له. وان يسلبهم الذباب شيئا ان اي ان يسلم الذباب الاصنام شيئا مما هو لها فان تلك الاصنام لا تستنقذه منه. كما قال تعالى لا يستنقذوه منه ضعف الطالب اي الصنم. والمطلوب اي الذباب. وهذا هو قول ابن عباس واختاره ابن جرير وقال ابن كثير في تفسيره وهو ظاهر السياق وهو اصح القولين اتباعا لدلالة السياق كما ذكر ابن كثير. نعم تاسعا التوحيد في اية الكرسي اية الكرسي الله لا اله الا هو الحي القيوم لا اتأخذه سنة ولا نوم؟ لهما في السماوات وما في الأرض. من ذا الذي يشفع عنده الا يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. هذه اعظم اية في كتاب الله عز وجل اجتمعوا على ربوبية الله وعبادته وعلى اسماء الله وصفاته جمع الله فيها بين النفي والاثبات نفي والعيوب عنه واثبات الكمال له سبحانه وتعالى. وفي اولها توحيد الالوهية. الله لا اله الا هو اين معبود بحق الله؟ ثم ذكر توحيد الربوبية بقوله الحي القيوم وهذا فيه اثبات الحياة والقيومية لله وقوله لا تأخذه سنة ولا نوم. هذا نفي النفى الله عن نفسه النقص والعيب من صفات النقص المنفية قوله لهما في السماوات وما في الارض هذا اثبات لربوبيته فهو مالك السماوات والارض ومن فيهن وقوله من ذا الذي يشفع عنده الا بإذنه هذا نفي نفع ان يشفع احد عنده الا بإذنه وذلك لكمال عظمته سبحانه وتعالى وان احدا لا يجرؤ ان يشفع عنده الا بعد اذنه قوله يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم هذا اثبات فيه اثبات كمال العلم لله عز وجل يعلم كل شيء الماضي والحاضر المستقبل لا يخفى عليه شيء علمه شامل المحيط. قوله ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء. اعدى نفى عن الخلق ان يعلموا شيئا من علم الله الا بما اطلعهم الله عليه والا فانهم لا يعلمون الغيب لا يعلم الغيب الا الله سبحانه وقوله وسع كرسيه السماوات والارض الكرسي مخلوق من مخلوقات الله وهو مخلوق عظيم السماوات والارض بالنسبة اليك سبعة دراهم القيت في فلاة وهي الصحراء الواسعة او في ترس وهو صحن كبير ما تكون سبعة الدراهم في صلاة او في ترس فكرصي الله جل وعلا اكبر من السماوات والارض وهو غير العرش والعرش اعظم من الكرسي اما الكرسي في العرش الا كحلقة حديد القيت في ارض فلا. هذا الكرسي فكيف بعرش الرحمن سبحانه وتعالى اذا فالمخلوقات بالنسبة لله صغيرة جدا وليست بشيء. واذا كان مخلوق من مخلوقات وهو الكرسي وسع السماوات والارض وهو دون العرش. فالله جل وعلا اعظم من كل شيء. وقوله ولا يؤده اي لا يشق عليه سبحانه ولا يثقله ولا يكرثه حفظ السماوات والارض وحمايتهما من الفساد والتغير ويمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه. وقوله رفع السموات بغير عمد كونها وقوله ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا. والله سبحانه ليس محتاجا الى السماوات والارض ولا الى العرش ولا الى الكرسي وليس محتاجا الى المخلوقات وانما مخلوقاته هي المحتاجة اليه سبحانه وتعالى وقوله هو العلي بذاته وقدره وقهره فوق عباده العظيم الجامع لصفات العظمة والكبرياء فهذه الاية اشتملت على انواع التوحيد الثلاثة. عقد المصنف رحمه الله تعالى ترجمة تاسعة في بيان اشتمال اية الكرسي على انواع التوحيد الثلاثة وانما خصها بالذكر دون غيرها من الايات لانها اعظم اية في كتاب الله. كما ثبت عند البخاري من حديث ابي سعيد ابن المعلا رضي الله عنه وهذه الآية تشتمل على ربوبية الله وعبادته وعلى اسمائه وصفاته جمع الله فيها بين النفي والإثبات والمراد بالنفي نفي النقائص والعيوب التي لا تليق به عنه سبحانه وتعالى. والمراد باثبات الكمال له سبحانه وتعالى اي اثبات ما يليق به سبحانه وتعالى. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى وجه ذلك فذكر ان صدر الاية وهو الله لا اله الا هو متضمن لتوحيد الالوهية فمعناها لا معبود بحق الا هو. ثم ذكر الله توحيد الربوبية فيها بقوله الحي القيوم. وفي هذا اثبات الحياة والقيومية لله وهما من جملة الاسماء والصفات لكنهما يتعلقان بفعله عز وجل ولذلك جعل لهما المصنف دالان على توحيد الربوبية. لان معنى قيوميته سبحانه وتعالى قيامه بنفسه وقيامه على غيره. فكل ما سواه مفتقر محتاج اليه عز وجل. وهذا هو ومعنى الربوبية ثم ذكر في النفي قوله تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم والسنة هو والسنة هي مقدمة النوم من النعاس وشبهه وهذا من جملة نفي العيوب والنقائص عنه ثم قال لهما في السماوات وما في الارض وفي هذا اثبات الربوبية ثم قال من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه فلا يشبع احد عنده الا باذنه وهذا فيه اثبات كمال ملك الله سبحانه وتعالى وهو من ربوبيته. ثم قال يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم وهذا اثبات كمال الله عز وجل بالخلق في الماضي والحاضر والمستقبل. ثم قال ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما ما شاء وهذا نفي علم الخلق للغيب الا بما يشاءه الله عز وجل من اطلاعه لهم عليه كما قال الله عز وجل وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء اي فيطلعهم على ما شاء من غيبه سبحانه وتعالى. ثم ذكر معنى قوله وسع كرسيه السماوات والارض وهو ان الكرسي مخلوق من مخلوقات الله. وقد ثبت عن ابن عباس وابي موسى رضي الله عنه ما ان الكرسي موضع قدمي الرب سبحانه وتعالى. وهو مخلوق عظيم. سعته السماوات والارض كما في الاية ومن مبلغ عظم خلقه ان السماوات والارض بالنسبة اليه كسبعة دراهم القيت في بلاء وان الكرسي في العرش كحلقة حديد القيت في ارض فلاة. وهاتان الجملتان رويت في احاديث ضعيفة لا تصح. والاية من سورة البقرة وسع كرسيه السماوات والارض كافية في الدلالة على عظم خلق الكرسي. واما الاحاديث المتضمنة للجمل التي ذكرها المصنف ففيها ضعف. وقد فسر الترس بانه صحن كبير. وهذا على ارادة التشبيه والا فالترس الة من الات الحرب. يجعلها المقاتل في يده يتقي بها ضرب غيره وهو على هيئة الصحن ففسره المصنف بذلك ثم ذكر معنى قوله سبحانه وتعالى ولا يؤوده حفظهما اي لا يشق عليه ولا يثقله ولا ولا يكرمه فلا تلحقه سبحانه وتعالى مشقة ولا تقل في حفظ السماوات والارض. بل هو سبحانه وتعالى الا يحفظها لكمال قدرته وسلطانه. ثم ذكر معنى قوله تعالى وهو العلي بقوله بذاته وقدره وقهره. وقسمة العلو الى هذه الانواع الثلاثة وهي علو الذات والقدر والقهر مذهب مشهور والمختار ان علو القهر راجع الى علو القدر. لان القهر صفة من صفات الله عز وجل والله عز وجل يقول ولله المثل الاعلى اي الوصف الاعلى ومن جملة وصفه الاعلى علو قهره في علو قدره. فالعلو راجع الى نوعي اثنين هما علو الذات والقدر. واما القهر طرد من افراد علو القدر. ثم بين معنى العظيم وهو انه الجامع لصفات العظمة والكبرياء. فهذه الاية اشتملت على انواع التوحيد الثلاثة وللعلامة ابن عثيمين جزء مفرد في تفسير هذه الاية بين فيه بيانا واضحا معانيها المتعلقة بالتوحيد وقد تقدم اقراؤها في برنامج الدرس الواحد الاول او ثاني نعم احسن الله اليكم. عاشرا التوحيد في سورة الكافرون والاخلاص في القرآن الكريم سور اختصت توحيد الالوهية مثل قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما اعبد ولا انا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما اعبد لكم دينكم هذه السورة مخصصة لتوحيد الالوهية توحيد العبادة. والسبب نزولها هو ان المشركين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يعبدوا ربهم سنة وهو يعبد الهتهم سنة فانزل الله هذه السورة في البراءة من عبادة الاوثان وتخصيص الله جل وعلا بالعبادة وقوله لا اعبد ما تعبدون كرر هذه الجمل بالتأكيد وقوله لكم دينكم ولي دين هذا من باب البراءة. من باب البراءة وتيئيس المشركين من هذا الطمع وفي ايضا صور خاصة بتوحيد الربوبية والاسماء والصفات هي سورة الاخلاص قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. فيها نفي وفيها اثبات. نفي النقائص عن واثبات صفات الكمال له سبحانه وتعالى. كما في اية الكرسي وهذه السورة خالصة في صفات الله عز وجل ولهذا جاء ان صحابيا كان يكثر قراءة هذه السورة فسئل عن ذلك فقال اني احبها لانها صفة الرحمن فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال اخبروه ان الله تعالى يحبه. ذكر المصنف حفظه الله ترجمة عاشرة تندرج في هذا الدرس بين فيها ان في القرآن الكريم سورا اختصت بتوحيد الالوهية او الربوبية والاسماء والصفات. ومن ذلك سورة الكافرون. فانها اختصت بتوحيد الالوهية وذكر ما جاء في سبب نزولها وهو ان المشركين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يعبدوا ربه سنة وهو يعبد الهتهم سنة. وهذا شيء روي فيه حديث عن ابن عباس باسناد لا يصح ورويت مراسيل دونه لا تقوى على القول بثبوت الحديث فهو حديث ضعيف لا يثبت. وسياق الاية كاف في الدلالة على ان وسياق الشورى كاف بالدلالة على انها مفردة في توحيد الالوهية. ثم ذكر المصنف حفظه الله النكتة في قوله تعالى لا اعبد ما تعبدون. فان من طرائق التصرف القرآني تكرير الفاظ او الجمل في الاية او السور. ومن مقاصد التكرير تأكيد المعنى المراد هذه الاية في سورة الكافرون لا اعبد ما تعبدون فانما كررت في قوله تعالى ولا انتم عابدون ما اعبد ولا انا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما اعبد لانها جميعا تدل على نفي عبادة غير الله عز وجل للتأكيد بهذا المعنى العظيم. ثم ختم بقوله تعالى لكم دينكم ولي دين وفي قراءة يعقوب ولي ديني وهذا من باب البراءة من المشركين وتيئيس من الطمع في موافقة النبي صلى الله عليه وسلم له. وهذه السورة مفردة في توحيد الالوهية المتضمن للطلب والارادة والقصد من العبد. وفي القرآن ايضا سورة خاصة بتوحيد الربوبية والاسماء والصفات اي توحيد المعرفة والاثبات. وهي سورة الاخلاص. وهي متضمنة للنفي والاثبات. فالمنفي فيها نفي نقائص والنقائص اسم لجميع ما لا يليق بالله. وفيها اثبات الكمال والكمال اسم لجميع ما يليق بالله سبحانه وتعالى. وهذه السورة خالصة في توحيد المعرفة والاثبات ومن جملته صفات الله سبحانه وتعالى. وقد ذكر المصنف حفظه الله فيها حديثا دالا على تفريج ياء وهو ما ثبت في الصحيح في قصة الصحابي الذي كان اذا قرأ سورة بعد الفاتحة ختم بسورة فامرهم النبي صلى الله عليه وسلم ان يسألوه فقال انها صفة الرحمن وانا احب ان اقرأ بها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال اخبروه ان الله تعالى يحبه والشاهد من هذا الخبر اقراره صلى الله الله عليه وسلم على قول انها صفة الرحمن وهذا الحديث اصل في اثبات الصفات لفظا من طريق السنة. فان من اهل العلم من امتنع عن تسميتها صفات وسماها اضافات كابي الوفاء بن عقيل وابي الفرج بن الجوزي رحمهما الله من الحنابلة. وفي هذا الحديث تسمية تلك الاضافات صفات لانه قال لانها صفة الرحمن واقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. وزعم ابو محمد ابن وحزم رحمه الله ان هذا الحديث المخرج في الصحيح ضعيف وهو من مجازفات فان هذا الحديث حديث لا مطعن في اسناده. نعم. احسن الله اليك. الحادي عشر انواع التوحيد في سورة الزمر. سورة الزمر من اولها الى اخرها تدور على التوحيد بانواعه الثلاثة. توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات. وانت اذا حملت السورة من اولها الى اخرها وجدتها كذلك. فقوله تعالى تنزل الكتاب من الله العزيز الحكيم انا انزلنا اليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين. الا لله الدين خالص وقوله تعالى قل اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم. قل الله اعبد مخلصا له ديني هذا ونحوه في توحيد الالوهية. فالسورة كلها تضمنت انواع التوحيد الثلاثة. وكذلك غيرها من سور القرآن متضمنة متضمنة انواع التوحيد الثلاثة. فلا تكاد تجد سورة من القرآن تخلو من ذكر التوحيد ابو السور خالصة في نوع واحد او اكثر من انواع التوحيد. واكثر السور المكية في بيان التوحيد والدعوة اليه. وهذا يدل على اهمية التوحيد ومكانته من الدين. وانه يجب على المسلمين العناية بتعلم وتعليما وعملا. قال الا فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات وهذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكل واحد من امته امرهم بالتعلم قبل العمل تعلم العلم ولا سيما علم التوحيد لان العمل اذا لم يؤسس على علم فانه لا يكون صحيحا. فلا بد ان يتعلم الانسان اولا ثم ولا يعمل بدون علم. واذا قال سبحانه وتعالى الا من شهد بالحق وهم يعلمون. شهد بالحق يعني نطق بلسانه وقال لا اله الا الله وهم يعلمون ما يشهدون به من معنى هذه الكلمة ومقتضاها وما تدل عليه ويعملون بها بعد العلم والمعرفة فلا بد من ثلاثة امور النطق بلا اله الا الله واعلان ذلك ومعرفة والعمل بمقتضاها ظاهرا وباطنا. فالقرآن اذا كله في التوحيد وانواعه وحقوقه ومكملاته اي من عمل به وجزاء من اعوانه كله يدور على هذه المعاني. هذا هو التوحيد الذي يجب على المسلمين ان يهتموا به قبل كل شيء حتى يتحقق لهم النصر والعز والتمكين في الارض. فهذه الامور لا تتحقق الا بتحقيق التوحيد الذي خلق الله الخلق من اجله وامرهم به من اولهم الى اخرهم. فكيف يهوء؟ فكيف يهون من شأن التوحيد؟ فيقال الان في مشكلات المسلمون في ضيق وفي مضايقة من الاعداء يجب ان يعلم ان اعظم قضايا المسلمين هو الاتيان بالتوحيد فتجب العناية به قبل كل شيء. وان نخلص الناس من الجهل بالتوحيد ونخلصهم من الشرك والبدع والخرافات. حتى تحقق لهم النصر كما تحقق لمن كان قبلهم من قرون هذه الامة الذين حققوا التوحيد قولا وعملا قولا وعلما وعملا فمكن الله لهم في الارض كما في قوله تعالى وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفن او في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم. وليبدلنهم من بعد بخوفهم ان لكن بشرط يعبدونني لا يشركون بي شيئا. وقوله تعالى ومن كفر بعد ذلك يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون. اي الخارجون عن طاعة الله عز وجل هذا هو التوحيد وهذه انواعه وهذه اهميته وهذه دلالة القرآن عليه نسأل الله ان يجعلنا واياكم من اهل التوحيد المتمسكين بالكتاب والسنة الداعين الى الله على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة بالتي هي احسن ونسأله ان ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح ولاة امور المسلمين وعلمائهم خاتم المصنف رحمه الله تعالى وحفظه هذا الدرس ببيان ان سورة الزمر اشتملت على انواع التوحيد الثلاثة توحيد الربوبية والالوهية والاسماء والصفات وان كان اظهرها سياقا هو العناية بتوحيد الالوهية فيها. كما قال تعالى فاعبد لها مخلصا له الدين. وما كان في معنى هذه الاية من ايات السورة. ثم رجع المصنف حفظه الله الى تأكيد ان القرآن متضمن لانواع التوحيد الثلاثة. وبعض صوره خالصة في نوع منه واكثر الصور المكية متمحضة في بيان التوحيد والدعوة اليه. وهذا يدل على اهمية التوحيد ومكانته من الدين وانه يجب على المسلمين العناية به تعلما وتعليما وعملا. كما قال تعالى فاعلم انه لا اله الا الله الآية وهذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولامته جميعا كما قال الناظم لنا ما امر الرسول سوى ما خصه الدليل. فالامر له صلى الله عليه وسلم امر لنا فنحن مأمورون تبعا له بالتعلم قبل العمل. واكد العلم علم التوحيد ثم ذكر المصنف حفظه الله ما يدل على وجوب ذلك وهو قوله تعالى الا من شهد بالحق وهم يعلمون. ثم فسرها بقوله شهد بالحق يعني نطق بلسانه وقال لا اله الا الله الله وهم يعلمون اي يعلمون ما يشهدون به من معنى هذه الكلمة. وانما فسرها على هذا المعنى لان الشهادة لفظ موضوع في لسان العرب للدلالة على العلم والخبر والاطلاع التام ومقتضى ذلك ان تجتمع ثلاثة امور احدها النطق بلا اله الا الله واعلان ذلك وثانيها معرفة معناها اي اعتقادا. وثالثها العمل بمقتضاها ظاهرا وباطنا فقوله تعالى الا من شهد بالحق وهم يعلمون جامع للمآخذ الثلاثة. الاعتقادية والقولية والعملية لما يتضمنه لفظ لفظ الشهادة من وجود العلم والاطلاع والخضر وذلك يرجع الى الاصول الثلاثة المتقدمة. فالقرآن كما قال المصنف ختما كله في التوحيد وانواعه ومكملاته وجزاء من عمل به ومن اعرض عنه. وهذا هو الذي يجب ان يعتني به المسلمون قبل قبل كل شيء ليتحقق لهم النصر. ثم رجع الى تقرير المعنى المتقدم ان من اراد ان يرفع البلاء عن المسلمين ويحل مشكلاتهم فعليه ان يعتني بتوحيد الله سبحانه وتعالى تعالى فانه لا نصر ولا تمكين لهم الا مع قيام التوحيد وهذا اخر بيان على هذه الجملة من الكتاب وبها نختم درس الفجر ونستكمل بقية الكتاب ان شاء الله تعالى في العصر والعشاء والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه اجمعين