الحمدلله الذي جعل للعلم اصولا وسهل بها اليه وصولا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ما بينت اصول العلوم وسلم عليه وعليهم ما ابرز المنطوق منها والمفهوم. اما بعد فهذا المجلس الاول في شرح الكتاب العاشر من برنامج اصول العلم في سنته الثانية اربع وثلاثين بعد الاربعمائة والالف وخمس وثلاثين بعد الاربعمائة والالف وهو كتاب في الشبهات لامام الدعوة الاصلاحية في جزيرة العرب في القرن الثاني عشر. الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن ايمان التميمي رحمه الله المتوفى سنة ست بعد المائتين والالف. نعم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كشف الشبهات بسم الله الرحمن الرحيم. اعلم رحمك الله ان التوحيد هو افراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة. وهو دين الرسل الذي ارسلهم الله به الى عباده فاولهم نوح عليه السلام ارسله الله الى قومه لما غلوا في الصادقين ود وسواع ويغوث ويعوق واخر الرسل محمد صلى الله عليه وسلم. وهو الذي كسر صورها هؤلاء الصالحين ارسله الله الى اناس يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله كثيرا ولكنهم يجعلون بعض المخلوقين وسائط بينهم وبين الله عز وجل. يقولون نريد منهم التقرب الى الله تعالى. ونريد كفاعتهم عنده مثل الملائكة وعيسى ومريم واناس غيرهم من الصالحين. فبعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم يجدد لهم دينهم دين ابيهم ابراهيم. ويخبرهم ان هذا التقرب والاعتقاد محض حق الله تعالى. لا يصلح منه شيء لغيره لا لملك مقرب ولا نبي مرسل فضلا عن غيرهما. والا فهؤلاء المشركون الذين رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون ان الله هو الخالق وحده لا شريك له. وانه لا يرزق الا هو لا يحيي ولا يميت الا هو ولا يدبر الامر الا هو. وان جميع السماوات السبع ومن فيهن والاراضين السبع ومن فيه ان كلهم عبيده وتحت تصرفه وقهره ابتدأ المصنف رحمه الله ببيان حقيقة التوحيد فقال اعلم رحمك الله ان التوحيد هو افراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة. والتوحيد عيدوا له معنيان شرعا. احدهما عام وهو افراد الله بحقه. وحق الله نوعان حق في المعرفة والاثبات وحق في الارادة والقصد والطلب. وينشأ من هذين الحقين ان التوحيد المطلوب شرعا له ثلاثة انواع هي توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات والاخر خاص وهو افراد الله بالعبادة واياه ذكر المصنف فانه قال اعلم رحمك الله ان التوحيد هو افراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة مقتصرا عليه لان التوحيد اذا اطلق شرعا اريد به توحيد العبادة. لان التوحيد اذا اطلق شرعا اريد به توحيد العبادة فمتى وقع هذا الاصل؟ في خطاب الشرع قرآنا او سنة فالمراد به توحيد العبادة قال الله تعالى قل هو الله احد اي احد في عبادته. وفي صحيح مسلم من حديث جعفر بن محمد بن علي عن ابيه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في حديث صفة الحج الطويل وفيه انه قال فاهل بالتوحيد. يعني بالتلبية وهي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك الى تمامها. والفاظ التلبية المذكورة تتعلق توحيد العبادة فاقتصار المصنف على ذكر المعنى الخاص للتوحيد موجبه انه هو المعنى المعهود شرعا ومن ثم لم يذكر سواه. واما المعنى العام للتوحيد الذي يضم الى العبادة غيرها فهو المتقدم ذكره من قولنا هو افراد الله بحقه. اي بما وجب له من حق ويندرج فيما له من حق انواع التوحيد الثلاثة على ما تقدم بيانه. ثم بين المصنف مو ان التوحيد هو دين الانبياء والرسل جميعا فان جميع الرسل لم يبعثوا الى لتقرير توحيد الربوبية فهو مغروس في فطرهم والمنازع المنكر له قليل كطوائف من الملاحدة والدهرية واعظم الخلاف الذي جرى بين الانبياء واقوامهم هو الخلاف في توحيد العبادة. ولهذا بعث الله عز وجل الانبياء لبيان حق الله عز وجل على الخلق في العبادة. قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وقال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون واول اولئك الرسل هو نوح عليه الصلاة والسلام بعثه الله سبحانه وتعالى الى اهل الارض لما غيروا وبدلوا وعبدوا غير الله سبحانه وتعالى فاول رسل الله للدعوة الى التوحيد بعد حدوث الشرك هو نوح عليه الصلاة والسلام. ففي الصحيحين من حديث ابي عوانة عن قتادة عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الشفاعة الطويل فيقول يعني ادم ائتوا نوحا اول رسول ارسله الله. فاول رسول ارسله الله الى اهل الارض بعد حدوث الشرك هو نوح عليه الصلاة والسلام بعثه الله عز وجل الى قومه يأمرهم بعبادة الله وحده وينكر عليهم عبادة وغيره وكان حدوث الشرك فيهم انهم غلوا في رجال من الصالحين ودين وسواع ويغوث ويعوقا ونسر كانوا رجالا صالحين من قوم نوح فلما ماتوا حزنوا عليهم فزين لهم الشيطان ان يصوروا لهم صورا لتشوقهم الى عبادة الله سبحانه وتعالى اتخذوا لهم تماثيلا. ليروا صورهم فتحملهم على محاذاتهم في عبادة الله عز وجل فكان مبتدأ امرهم رغبتهم في الشوق الى عبادة الله عز وجل. لكنهم سلكوا ما لم يأذن به الله لهم تماثيلا ثم لما طال عليهم الامد ونسي العلم عبدوهم من دون الله. ثبت هذا في صحيح البخاري من حديث عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه موقوفا من كلامه ثم بعد ذلك فشت عبادة الاصنام في الخلق. وكان قدومها على العرب بتغيير دين ابراهيم عليه الصلاة والسلام ان عمرو بن لحي وكان سيد خزاعة ولهم سلطان على الحجاز خاصة كان يتجر الى الشام فذهب اليها مرة ورأى ما جعل اهلها من اصنام وتماثيل يعبدونها من دون الله عز وجل فزينوا ذلك له فنقل تلك الاصنام الى العرب وكان تغيير دين ابراهيم بعبادة الاصنام في العرب على يد عمرو بن لحي الخزاعي ذكره ابن اسحاق وابن هشام في جماعة من نقلة السيرة. ووقع عند بعضهم ان عمرو بن لحي هذا كان له قرين من الجن فزين له عبادة تلك الاصنام لما وافقت قلبه في رحلته الى الشام فدله على اصنام قوم نوح انها عند شاطئ جد جدة قد سفت عليها السوافي فاخرجها عمرو ابن لحي وفرقها في قبائل العرب. فكان ابتداء شرك العرب في عبادة الاصنام على يد عمرو بن لحي في المشهور من اخبار نقلة السيرة والتاريخ ولم يزل العرب يعبدون تلك الاصنام حتى بعث اليهم الله محمدا صلى الله عليه وسلم يجدد لهم دين ابيهم ابراهيم يأمرهم بعبادة الله وينهاهم عن الاشراك به فبشر وانذر وقام وقعد وابدى واعاد. حتى اظهره الله سبحانه وتعالى عليهم وكسر صلى الله عليه وسلم تلك الاصنام لما فتح الله عز وجل له مكة فدان له الناس بدين الاسلام وقضى النبي صلى الله عليه وسلم على عبادة الاوثان والاصنام من جزيرة العرب حينئذ نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله فاذا اردت الدليل على ان هؤلاء المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشهدون بهذا فاقرأ عليه. قل من يرزقكم من السماء والارض. امن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله. الاية وقوله تعالى قل لمن الارض ومن فيها الى قوله فانى تسحرون وغير ذلك من الايات العظيمة الدالة على ذلك. اقام المصنف رحمه الله في هذه الجملة الدليل على ان هؤلاء المشركين الذين بعث اليهم النبي صلى الله عليه وسلم مقرون هنا بتوحيد الربوبية فذكر ما يدل على انهم كانوا يعتقدون ان الله هو الخالق المالك المدبر المحيي المميت. ووجه دلالته على ان هؤلاء المشركين مقرون الربوبية في الاية الاولى هو انهم يقولون جوابا على ما يورد عليهم من سؤال يتعلق بافعال الربوبية انه الله. فقوله تعالى قل من يرزقكم من السماء والارض تقدير جوابه انهم يقولون الله وقوله تعالى امن يملك السمع والابصار تقدير جوابه ايضا انهم يقولون الله وكذا فيما ذكره المصنف رحمه الله تعالى بعدها من الاية فان هؤلاء الايات من القرآن كريم ولها نظائر عدة فيه كلها شاهدة ان اولئك المشركين الذين بعث اليهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرتابون لم يكونوا يرتابون ان التدبير والملك والخلق والتصرف والرزق والاحياء والاماتة هو بيد الله سبحانه وتعالى. هذا قول جمهورهم وسوادهم منهم لا يعبأ به والمقصود من كلام المصنف تقرير ان توحيد الربوبية موجود في المشركين اجمالا لا تفصيلا فان توحيد المؤمنين بالربوبية هو غير توحيد المشركين بها قطعا لتفاضل ما بين الطائفتين في الايمان بالله سبحانه وتعالى. والمقصود تقرير ان اولئك المشركين الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا يأمره بعبادة الله وينهاهم عن الشرك به هم مقرون بتوحيد الربوبية. نعم عليكم. قال رحمه الله تعالى اذا تحققت انهم مقرون بهذا وانهم لم يدخلون في التوحيد وانه لم يدخلهم في الذي دعت اليه الرسل ودعاهم اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعرفت ان التوحيد الذي جحدوه هو توحيد العباد الذي يسميه المشركون في زماننا الاعتقاد. كما كانوا يدعون الله سبحانه وتعالى ليلا ونهارا. ثم منهم من يدعو الملائكة لاجل صلاحهم وقربهم من الله عز وجل. ليشفعوا لهم او يدعوا رجلا صالحا مثل اللاتي او نبيا مثل عيسى وعرفت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم على هذا الشرك ودعاهم الى اخلاص العبادة لله وحده لا شريك له كما قال تعالى وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. وقال تعالى له دعوة الحق والذين من دونه لا يستجيبون لهم بشيء. وتحققت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليكون الدين كله لله والدعاء كله لله والذبح كله لله والنذر كله لله والاستغاثة كلها بالله وجميع انواع العبادة كلها لله. وعرفت ان اقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الاسلام. وان قصدهم او الانبياء او الاولياء يريدون شفاعتهم والتقرب الى الله بذلك. هو الذي احل دماءهم واموالهم عرفت حينئذ التوحيد الذي دعت اليه الرسل وابى عن الاقرار به المشركون. ذكر المصنف رحمه الله سبع تفضي بمن عقلها الى مقدمة جليلة وتلك المقدمات السبع لمن وعاها عرف عظم دعوة التوحيد الى الله سبحانه وتعالى وان الله عز وجل اقام عليها من الشواهد والادلة ما يتميز به الحق عن الباطل. فاولها في قوله اذا تحققت انهم مقرون بهذا اي ان المشركين مقرون بتوحيد الربوبية على الوجه الذي تقدم بيانه. وثانيها في قوله انه لم يدخلهم في التوحيد الذي دعت اليه الرسل ودعاهم اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في التوحيد الذي دعت اليه الرسل ودعا اليه محمد صلى الله عليه وسلم. فانهم دعوا الى ان تكون العبادة لله وحده لا شريك له وثالثها في قوله وعرفت ان التوحيد الذي جحدوه هو توحيد العبادة الذي يسميه في زماننا الاعتقاد. كما كانوا يدعون الله سبحانه وتعالى ليلا ونهارا. ثم منهم من يدعو لاجل صلاحهم وقربهم من الله عز وجل ليشفعوا لهم او يدعوا رجلا صالحا مثل اللات او نبيا مثل عيسى انتهى كلامه. فالتوحيد الذي جحدوه هو المتعلق بافراد الله سبحانه وتعالى بان نوعي القرب اي العبادات التي يراد منها حصول الزلفى عند الله سبحانه وتعالى وهذا هو الذي يسميه متأخر المشركين الاعتقاد فيزعمون ان فلانا معتقد فيه او ان للناس معتقدا فيه يريدون تعلق القلوب به في توجهها اليه بطلب القرب منه لتنال ما ترجوه من النفع وتحذر ما تخافه من الضر فاوجب وجود هذا المعنى في قلوبهم ان جعلوا لهؤلاء المعظمين حقا من العبادة دون الله سبحانه وتعالى. فصاروا يذبحون لهم وينذرون لهم ويستغيثون بهم. فوقعوا في شابهت دين المشركين. فكان اهل الجاهلية مع ما لهم من عبادات يزعمون انها لله سبحانه وتعالى تتوجه قلوبهم كالتعلق بغير الله عز وجل. رجاء نفعه ومخافة ضره. وهذا المعنى من التعلق هو الذي يقع في قلوب متأخر المشركين فيتوجهون الى احد من الخلق بشيء من اعمالهم ويدعون ان فلانا معتقد فيه ان يوجدوا فيه معنى القدرة على النفع والضر. فيتوجه اليه بشيء لينال المتوجه نفعه اذ رأى ضره ضره الذي يتخوفه وهذا هو حذو دين المشركين الاولين. فاولئك كانوا يدعون من دون الله سبحانه وتعالى من يدعون من الاصنام او من الانبياء او من الملائكة او من الصالحين وهؤلاء وان لم يدعوا اصناما او تماثيلا فانهم يتوجهون الى معظمين منها الخلق سواء كان تعظيمهم بالاتفاق كالحسن والحسين رضي الله عنهما او عبدالقادر الجيلاني او كان ممن عند اخرين موصوفا بالزندقة والدجل والمخرقة لكنه يجدون في نفوسهم توجها الى هؤلاء كالذي كان يجده مشركو الجاهلية الاولى. وكان مشرك الجاهلية الاولى يجعلون هؤلاء شفعاء ووسائط عند الله وكدا هؤلاء المشركون المتأخرون انهم يجعلون هؤلاء وسائطا عند الله سبحانه وتعالى ويرجون منهم ان تكون لهم حظوة عند الله سبحانه وتعالى. ورابعها في قوله وعرفت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم على هذا الشرك ودعاهم الى اخلاص العبادة لله وحده لا شريك له. كما قال تعالى وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احد وقال تعالى له دعوة الحق. والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء. انتهى كلامه المشركون من اهل الجاهلية مع ما كانوا عليه من العبادة التي يزعمون انها لله التي ذكرها المصنف في كونهم كان يذكرون الله كثيرا ويتصدقون ويحجون الا انهم لم ينتفعوا بعباداتهم تلك. فاكثرهم الله عز وجل وقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم على الشرك ودعاهم الى افراد الله بالعبادة واخلاصها وذكر المصنف من دلائل ذلك ايتين فالاية الاولى قوله تعالى وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا وهذه الاية التي تخلع القلوب خوفا في افراد العبادة لله عز وجل وتحذيرا من جعل شيء من له تدور معانيها على اصلين عظيمين احدهما الامر بان تكون جميع انواع الاعظام والاجلال والاكبار والتوجه هي لله سبحانه وتعالى. في قوله تعالى وان المساجد لله. فان قوله سبحانه وان المساجد لله على ما فيه من ائتلاف بين المفسرين في معناه الا ان القطب الجامع لاقوالهم ان يكون التعظيم والاجلال والاكبار التوجه لله سبحانه وتعالى والاخر في قوله تعالى فلا تدعوا مع الله احدا. نهيا عن ان يدعى احد من دونه سبحانه وتعالى كائنا من كان فان النهي عن الشرك وقع فيه ذكر المنهي عن دعائه بالنكرة في سياق النهي في قوله احدا وهذه تفيد عند الاصوليين العموم. فان الله نهى ان يدعى من دونه احد كائنا من كان والمراد بالدعاء المنهي عنه هو العبادة. فان اسم العبادة فان اسم الدعاء يقع في الشرع اسما للعبادة كلها وعند اصحاب السنن من حديث ذر ابن عبد الله عن يسيع عن النعمان ابن بشير رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة. فالاية المذكورة تدل على وجوب افراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وعلى حرمة الشرك به كائنا من كان من جعل له شيء من العبادة فهي تحسم مادة الشرك من القلب. وتجمع القلوب على تعظيم الله سبحانه وتعالى. وقوله عز جل في صدرها وان المساجد لله يتفاضل فيه الخلق. في قدر ما يقع في قلوبهم من تعظيم الله واجلاله واكباره تفاضلا عظيما. فلا ينتهي النظر بالعبد الطالب القربى من الله سبحانه وتعالى. ان تكون لله وان تكون دعاء يكون دعاؤه لله وان تكون استغاثته لله سبحانه وتعالى فان هذه مقاصد مطلوبة واعظم من ذلك ان تكون حركة قلبه كلها توجها وارادة هي لله سبحانه وتعالى فان احب احب لله وان ابغض ابغض لله وان اعطى اعطى لله وان منع منع لله ومهما اتت العبارات على بيان هذه المعاني فان اللسان ينحصر بيانه عن ذوق القلب لحقائقها. فمتى انك قد اوغلت في التوحيد معرفة فاعلم انك تحتاج الى ان تجتهد في ترقية نفسك لا اقول بعد يوم بل لحظة بعد لحظة في توحيد الله عز وجل واشهد كونك تقول في كل صلاة اهدنا الصراط المستقيم ان سؤالك الهداية اعظمه ان يكون قلبك معلقا بالله سبحانه وتعالى. نسأله سبحانه وتعالى ان يرزقنا صلاة وان يفرغ قلوبنا من التوجه لغيره في كل شيء. والاية الثانية قوله تعالى له دعوة الحق والذين يدعون عون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء. فان الله عز وجل ذكر في هذه الاية اصلين عظيمين احدهما ان العبادة الصحيحة تكون لله. في قوله له دعوة الحق. وهي نظير قوله تعالى الا الله الدين الخالص اي السالم من كل شائبة. فالدين الذي يكون لله عز وجل هو الدين الذي لا يشرك فيه الله سبحانه وتعالى مع احد غيره ولو قدر قلامة ظفر. والاخر في قوله تعالى والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء. اي كل من دعي من دون الله عز وجل فانه لا ينفع سائل ابدا وقد جيء بما يدل على العموم في قوله تعالى والذين فان الاسم الموصول الذين موضوع في كلام للدلالة على العموم فقوله تعالى والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء يندرج فيه كل من يدعى من دون الله عز وجل. قال الله تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. فاذا توجه العبد بدعاء الى غير الله سبحانه وتعالى فقد خسر خسرانا عظيما ولم ينل من دعائه الا اياه من دعائه اياه الا ما ذكر الله سبحانه وتعالى في الايتين المذكورتين من سورة الاحقاف. وخامسها في قوله سبحانه في قوله رحمه الله وتحققت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليكون الدين كله لله دعاء كله لله والذبح كله لله والنذر كله لله والاستغاثة كلها بالله وجميع انواع العبادة كلها لله فلا يقبل الله عز وجل من العبد تشريكا في العبادة بان يدعو الله ويدعو غيره ويستغيث فبالله ويستغيث بغيره وينذر لله وينذر لغيره بل لا يقبل الله عز وجل من العمل الا ما كان خالصا له ودين المشركين لا يقبله الله سبحانه وتعالى وسادسها في قوله رحمه الله وعرفت ان اقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الاسلام. فاقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وهو دين الاسلام. فان دين الاسلام يقع اسما لجميع ديان الانبياء فانهم بعثوا جميعا بدين الاسلام. ويقع اسما خاصا للدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم اقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الدين الذي جاء بهم النبي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وحينئذ فان هذه المقدمة السادسة ليست هي عين المقدمة الثانية فان المقدمة الثانية ذكر فيها المصنف رحمه الله ان اقرارهم بتوحيد الربوبية لا يدخلهم في الاسلام العام وهو الاستسلام لله بالتوحيد. والانقياد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله. واما هذه المقدمة السادسة فانه ذكر رحمه الله ان اقرارهم بالربوبية لا يدخلهم في الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وسابعها في قوله وان قصدهم الملائكة او الانبياء او الاولياء يريدون شفاعتهم والتقرب الى الله بذلك هو الذي قل دماءهم واموالهم. فانهم لم يكونوا يقصدون بعبادة الملائكة والاولياء ان اولئك ادين مستقلون بالخلق والرزق والاحياء والاماتة كلا بل كانوا يعتقدون ان هؤلاء لا يخلقون ولا يرزقون ولا يحيون ولا يميتون ولكنهم اتخذوهم شفعاء ليقربوهم الى الله سبحانه وتعالى زلفى. قال الله تعالى هؤلاء شفعاءنا عند الله. وقال تعالى ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. وهاتان الايتان دالتان على مبتغى المشركين من دعاء غير الله سبحانه وتعالى انهم يرجون منهم ان يكونوا شفعاء عند والله وان يقتربوا من الله زلفى. ثم ذكر المصنف رحمه الله النتيجة المرتقبة والثمرة المنتظرة من ادراك تلك من ادراك تلك المقدمات السبع بقوله عرفت حينئذ التوحيد الذي دعت اليه الرسل وابى عن الاقرار به المشركون. اي عرفت ان التوحيد الذي اريد منهم وطولبوا به هو توحيد العبادة وهو افراد الله سبحانه وتعالى بانواع العبادات من نذر وذبح ودعاء واستغاثة وتوكل وهو التوحيد الذي دعت اليه الرسل وهو التوحيد الفارق بين المسلم والكافر فلا يكون العبد مسلما ولو اقر بتوحيد الربوبية حتى يقر بتوحيد الالوهية فكما يشهد ان الله سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق الملك المتصرف المدبر فانه يجب عليه ان يشهد ان الله سبحانه وتعالى هو المعبود وحده فهو الذي يدعى وهو الذي يرجى وهو الذي يتوكل عليه وهو الذي تتوجه اليه القلوب في كل صغير وكبير نعم قال رحمه الله تعالى وهذا التوحيد هو معنى قولك لا اله الا الله فان الاله عندهم هو الذي يقصد لاجله في هذه الامور سواء كان ملكا او نبيا او وليا او شجرة او قبرا او جنيا لم يريدوا ان الاله هو الخالق الرازق المدبر فانهم يعلمون ان ذلك لله وحده كما قدمت لك وانما يعنون بالاله ما يعني به المشركون في زماننا بلفظ السيد النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم الى كلمة التوحيد وهي لا اله الا الله والمراد من هذه الكلمة معناها لا مجرد لفظها والكفار الجهال يعلمون ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة هو افراد الله تعالى بالتعلق والكفر والكفر بما يعبد من دونه والبراءة منه. فانه لما قال لهم قولوا لا اله الا الله. قالوا جعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب. فاذا عرفت ان جهال الكفار يعرفون ذلك. فالعجب ممن يدعي الاسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرف جهال الكفار بل يظن ان ذلك هو التلفظ بحروف من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني والحاذق منهم يظن ان معناها لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر الامر الا الله وحده فلا خير في رجل جهال الكفار اعلم منه بمعنى لا اله الا الله. بين المصنف رحمه الله ان توحيد العبادة الذي دعت اليه الرسل هو معنى لا اله الا الله. فان الاله هو المعبود. فاذا قلت لا اله الا الله فانك تريد انه لا معبود بحق سوى الله سبحانه وتعالى. فحقيقة قول هذه الكلمة مع الايمان بها ان تكون العبادة كلها لله وهذا هو توحيد الالهية الذي وقعت فيه الخصومة بين الانبياء واقوامهم. لان الاله عندهم فيما كانوا يتوجهون بقلوبهم هو الذي يرجى لقضاء الحاجات وكشف الكربات ورد الملمات واغاثة اللهفات ولم يكونوا يعتقدون ان الاله هو الذي يخلق ويرزق ويدبر ويحيي ويميت فقط بل كانوا يجعلون في معنى الاله من يرجى منه ويطلب حصول النفع ويخشى وقوع الضر فلم يكونوا يعتقدون اصنامهم التي يدعونها من دون الله او غيرها مما كانوا يعظمونه من دون الله انه يخلق او يرزق او يحيي او يميت ولكن انهم يعنون به من يتوجه اليه في تحصيل النفع ودفع الضر بان يكون شفيعا ووسيطا عند الله سبحانه وتعالى. وهذا المعنى للاله عندهم هو الذي يعني به المتأخرون من يجعلون له اسم السيد فان من المتأخرين من يتوجه الى احد من المعظمين فيكسوه اسم يعني من يتوجه اليه رجاء وصول نفع منه ودفع ضر يخشى صدوره عنه فيكون واسطة بينه وبين الله سبحانه وتعالى. سواء كان من الاحياء او كان من الاموات. فهم لا يريدون اسم السيد نسبة هؤلاء الى مجرد السؤدد وهو التقدم بين الخلق. وانما يريدون بمعنى السيد من يعتقد فيهم معنى النفع والضر بما له من حظوة ونصيب عند الله سبحانه وتعالى. فيرجوا هؤلاء الذين يتوجهون اليه ان يكون لهم حظ من ذلك بان يصيروه شفيعا ووسيطا عند الله عز وجل وقد اتى النبي صلى الله عليه وسلم اولئك المعتقدين في مألوهاتهم المعظمة بالتوحيد فدعاهم الى لا اله الا الله واراد منهم ما تضمنته من النفي والاثبات. فلا اله تنفي جميع المعبودات والا الله تثبت العبادة لله وحده فلا معبود حق الا الله. ولم يكن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من مطالبتهم ان يقولوها بالسنتهم مكتفين بالقول دون المعنى بل كان مراده صلى الله عليه وسلم بمطالبته اياه ان يقولوها ويعملوا بها. والكفار الجهال يعلمون ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة وافراد الله بالعبادة والكفر بما يعبد من دونه. والبراءة منه كما ذكر المصنف رحمه الله. وهذا ابطال الهتهم التي يدعون من دون الله عز وجل وان يكون المعبود المألوف المتوجه اليه هو واحد ولذلك قالوا اجعل الالهة الها واحدا؟ ان هذا لشيء عجاب. فهم عقلوا ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم من مطالبته اياهم بان يقولوا لا اله الا الله هو ان يؤمنوا بما فيها من المعنى. بنفي جميع العبادة غير الله واثبات العبادة لله وحده سبحانه وتعالى. ثم ذكر المصنف ان من اهل الاسلام باخرة من لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما يعرفه جهال المشركين الاولين. فتجد من يقول لا اله الا الله وهو يدعو غير الله ويقول لا اله الا الله وهو يذبح لغير الله ويقول لا اله الا الله وهو لغير الله ويقول لا اله الا الله وهو يستغيث بغير الله عز وجل. فهؤلاء قالواها بالسنتكم ولم يعوها بقلوبهم ولا فهموها حق الفهم. فظنوا ان مجرد التلفظ بها كاف في ذلك دون اعتقاد شيء من معناها ولا التزام بمقتضاها. فالمسلم عندهم من قال لا اله الا الله لو عبد غير الله وهذا مضاد لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من دعوة الحق المتضمنة ان تكون عبادة لله وحده. فاذا جعل احد شيئا من العبادة لغير الله عز وجل فهو ليس من اهل الاسلام وان قال لا اله الا الله ثم ذكر المصنف رحمه الله ان من اهل الحذق والفهم اي من المنتسبين الى العلم من المتأخرين من يزعم ان معناها لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر الامر الا الله وحده. فيقولون ان معنى الاله هو القادر على الاختراع ويفسرون كلمة التوحيد ان معناها لا خالق الا الله او لا رازق الا الله او لا مدبر الا الله فيجعلون التوحيد الذي دعت اليه الرسل وطولب به الخلق هو توحيد الربوبية وهذا مما يعجب منه العاقل الفقير اذ كيف يدعي مثل هذا الاسلام؟ والجهلاء من كفار العرب الاولى اعلم منه بحقيقة الكلمة فانهم عقلوا ان صريخه صلى الله عليه وسلم في اسواقهم ايها الناس قولوا لا اله الا الله تفلحوا لهم بان تكون العبادة كلها لله وحده لا شريك له. فالامر كما ذكر المصنف فلا خير وفي رجل جهال الكفار اعلم منه بمعنى لا اله الا الله لانه اعمن عن الحق فاهل الجاهلية الاولى عرفوا الحق لكنهم استكبروا واستنكفوا عن قبوله. واما المتأخرون من المشركين بنا الى الاسلام فهم اعظم جهلا اذ لم يعرفوا الحق. فظنوا ان قول لا اله الا الله يكفي في عصمة دماء واموالهم وتصحيح اديانهم ولو وقعوا في الشرك. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا التوحيد هو معنى قولك لا اله الا الله قال رحمه الله اذا عرفت ما قلت لك معرفة قلب وعرفت الشرك بالله الذي قال الله فيه ان الله لا يغفر ان يشرك بي ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وعرفت دين الله الذي بعث به الرسل. من اولهم الى اخره. ما اصبح غالب الناس عليه من من الجهل بهذا افادك فائدتين الاولى الفرح بفضل الله ورحمته. كما قال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. وافادك ايضا الخوف العظيم فانك اذا عرفت ان الانسان يكفر بكلمة يخرج وها من لساني دون قلبه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل. وقد يقولها وهو يظن انها تقربه الى الله كما ظن الكفار خصوصا ان الهمك الله ما قص عن قوم موسى عليه السلام مع صلاحهم وعلمهم انهم توهم قائلين اجعل لنا الها كما لهم ما الها. فحينئذ يعظم خوفك وحرصك على ما يخلصك من هذا ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة مقدمات اربع اخرى رتب عليها نتيجة عظيمة ثانية. فاولها في قوله اذا عرفت ما قلت لك معرفة قلب وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث في قوم يقرون بتوحيد الربوبية فيزعمون ان الله هو الخالق المحيي المميت لكنهم يدعون الله ويدعون غيره ويذبحون لله ويذبحون لغيره وقد علم هؤلاء ان قولهم لا اله الا الله يوجب عليهم ان يتخلوا من عبادة غير الله سبحانه وتعالى فلما عرفوا ذلك معرفة قلب ابوا ان يستجيبوا للنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته. وثانيها في قوله وعرفت الشرك بالله الذي قال الله فيه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فالشرك الذي وقع فيه المتقدمون من اهل الجاهلية كان شرك العبادة. وان وجد الشرك عنده في والاسماء والصفات لكن عظم شركهم واشده بشاعة واعظمه قباحة هو الشرك المتعلق بافراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة. والشرك يطلق في الشرع على معنيين احدهما عام وهو جعل شيء من حق الله لغيره جعل شيء من حق الله لغيره. والاخر خاص وهو جعل شيء من العبادة لغير لله وهو جعل شيء من العبادة لغير الله. والمعنى الثاني هو المعهود شرعا فمتى اطلق اسم الشرك في خطاب الشرع في القرآن والسنة فان المراد به توحيد العبادة عبادة وعدل عن قول بعضهم في بيان حقيقة الشرك صرف الى قولنا جعل لامرين وعدل عن قول بعضهم صرف في بيان حقيقة الشرك الى قولنا جعل لامرين احدهما ان الجعل هو والمعبر به في الخطاب الشرعي ان الجعل هو المعبر به في الخطاب الشرعي. قال الله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون وفي الصحيحين من حديث شقيق ابن سلمة عن عبد بن شرحبيل عن ابن مسعود رضي الله عنه فذكر حديثا وفيه اي الذنب اعظم فقال ان تجعل لله ندا وهو خلقك. فالاية والحديث المذكوران فيهما ذكر الشرك باسم الجعل والاخر ان الجعل يتضمن معنى اقبال معنى اقبال القلب وتألهه. ان الجعل يتضمن معنى اقبال القلب وتألهه. وهذا غير موجود في كلمة صرف وهذا غير موجود في كلمة صرف. لانها موضوعة لتحويل الشيء عن وجهه. لانها موضوعة لتحويل الشيء عن وجهه دون التزام مقصود مراد في المحول اليه دون التزام مقصود مراد في اول اليه. والمقصود من معرفة الشرك التي ذكرها المصنف هو تحقيق معرفة التوحيد ان العبد لا يمكنه تحقيق توحيده الا ان يكون عالما بالشرك ليحذره. وكان حذيفة رضي الله عنه وعن ابيه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة ان يدركه ويقع فيه وليس المراد بهذه المعرفة تتبع تفاصيل حوادث الشرك ووقائعه وما يستجد من صوره فان ذلك لا يتناهى. ويحدث للناس منه في زمن مستقبل ما لم يكونوا عليه اليوم ولا كانوا عليه قبل. ولكن المراد بمعرفة الشرك هو معرفة اصوله الجامعة والقواعد الدالة عليه التي متى وعاها العبد فلاح بين ناظريه شيء من الشرك علم ان هذا الذي يذكر ولو لم يعرفه من قبل هو من الشرك بالله سبحانه وتعالى وثالثها في قوله وعرفت دين الله الذي بعث به الرسل من اولهم الى اخرهم الذي لا يقبل الله من احد دينا سواه فالرسل جميعا جاءوا بالاسلام وحقيقته الاستسلام لله بالتوحيد. ولا يقبل الله من احد سواه كما قال تعالى ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين. ورابعها في قوله عرفت ما اصبح غالب الناس عليه من الجهل بهذا. اي من الجهل بالتوحيد والشرك فيجعلون التوحيد والشرك شيئا غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فربما سموا الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من التوحيد شركا وسموا الشرك الذي يفعلونه توحيدا. ثم ذكر المصنف رحمه الله النتيجة المرتقبة. والثمرة المنتظرة من لادراك المعارف الاربع السابقة في تلك المقدمات بقوله افادك فائدتين. الاولى الفرح بفضل الله ورحمته كما قال تعالى قل بفضل الله ورحمته وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. وافادك ايضا الخوف العظيم انتهى كلامه. فافادك الفرح بفظل الله لما جعل لك من البصيرة والهداية التي تميز بها بين الحق والباطل والتوحيد والشرك قال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وقد فسر ابي ابن كعب رضي الله عنه وجماعة من السلف الاية بقولهم بفضل الله الاسلام وبرحمته القرآن بفضل الله الاسلام وبرحمته القرآن. فمن اعظم ما يفرح به ما انعم الله سبحانه وتعالى به عليك من هدايتك الى الاسلام والقرآن فهو خير مما يتسارع اليه الناس ويتصارعون عليه وتقع بينهم الخصومات المؤدية الى الاقتتال من حطام دنيا لان من اصاب من ذلك شيئا اصاب شيئا يزول. واما من ادرك معرفة توحيد الله سبحانه وتعالى فانه ينال ما يكون ثوابه لا يزول ولا يحول. وافادك ايضا الخوف العظيم من الوقوع في الشرك. لان الانسان اذا عرف ذلك خوفه من الشرك ان يقع فيه وهو لا يدري وكان من دعاء ابينا ابراهيم عليه الصلاة والسلام واجلبني وبني ان نعبد الاصنام يدعو بهذا وهو الذي حطم تلك الاصنام بيده. فيدعو بمجانبتها اي مباعدتها تخوفا ان يقع في عبادتها هو وبنيه. فاذا كانت هذه حال ابراهيم عليه الصلاة والسلام مع تحقيقه التوحيد فان الحري بغيره ان يعظم خوفه من الشرك. قال ابراهيم التيمي من يأمن البلاء بعد رواه ابن جرير وابن ابي حاتم في اخرين. ومما يقوي الخوف من الشرك ان الانسان قد يكفر بك كلمتي يخرجها من لسانه. فيتكلم بها لا يتبينها. فيهوي بها في نار جهنم ابعد مما بين المشرق والمغرب اعاذنا الله سبحانه وتعالى من ذلك فيحبط عمله ويخرج من ملة الاسلام بتلك الكلمة التي تكلم بها كما وقع من تلك الطائفة المنافقة التي النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب قطونا ولا اكذب السنا ولا عند اللقاء فقالوا كلاما اكثرهم الله سبحانه وتعالى به. وقد يقول الانسان تلك الكلمة كما ذكر امام الدعوة فلا يعذر بها. وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بجهله بها. لقيام حجة عليه وتمكنه من معرفتها. لقيام الحجة عليه وتمكنه من معرفتها. اما مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من المعرفة فان هذا هو الذي نفى الله سبحانه وتعالى عنه التعذيب في قوله وما كنا حتى نبعث رسولا فلا عذاب الا بقيام حجة الرسل ذكره ابن القيم في طريق الهجرتين وكلامه هناك من خير ما تكلم به المتكلمون في هذه المسألة. واصول الدين العظام ومبانيه الجسام لا يسع مسلما جهلها لشيوع العلم بها في بلاد المسلمين في هذه الازمنة فانه ولما انحسر امر الجهاد في سبيل الله بالسيف والسنان هيأ الله اسباب نشر هذا الدين باسباب لم تكن عند الاولين فصارت المعرفة بالاسلام تصل الكلمة على اختلاف الوسائل الموصلة اليها الى الكافرين في بلادهم فكيف في بلاد المسلمين؟ اما المسائل التي قد تخفى لغموضها فيعذر وفيها بالجهل ومن لم تقم عليه الحجة ولم يبلغه شيء من الرسالة فهذا هو الذي يكون في الاخرة من جنس اهل الفترة الذين يمتحنهم الله سبحانه وتعالى واعظم من ذلك ان يتكلم المتكلم بتلك الكلمة التي لا يلقي لها بالا وهو يظن انها تقربه الى الله سبحانه وتعالى زلفى. كما كان اهل الجاهلية يلبون فيقولون في تربيتهم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك لا شريك لك لبيك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك. فكانوا يقولون هذه الكلمة يظنون انها عند الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر المصنف واقعة من الوقائع تثمر الخوف في القلوب من الوقوع في الشرك. وهي ما قص الله سبحانه وتعالى عن قوم موسى عليه الصلاة والسلام مع صلاحهم وعلمهم واتباعهم لها انهم مروا على قوم فقالوا اجعل لنا اله اهل كما لهم الهة اي كما يتخذ هؤلاء من يعظمونهم ويعبدونهم من دون الله فاجعل لنا مثل ما يفعل هؤلاء واذا كان هذا من اهل علم وصلاح مع نبي هو من اعظم الانبياء فان من تأخر بعدهم في زمن قد فيه معالم النبوة انطمست اعلام الرسالة الخوف في حقهم اعظم واكبر واشد وابلغ. فينبغي ان يعظم خوف احدنا من ان يقع في الشرك وهو لا يعلم لتفريطه في معرفة اصوله ومسائله. واذا خاف الانسان شيئا اوصله ذلك الخوف الى مأمنه. واذا امن الانسان شيئا وركن اليه وقع منه على ما يضره في الدنيا او في الاخرة فان المخوف الذي يحرك الانسان حاد يحديه الى الحذر مما يرديه. واما الامن فانه ربما اوقعه في مهامها من الهلاك. قال الحسن البصري لان تصحب قوما يخوفونك الله حتى امنا خير من ان تصحب قوما يؤمنونك الله حتى تلقاه خائفا. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى واعلم من الله سبحانه من حكمته لم يبعث نبيا بهذا التوحيد الا جعل له اعداء كما قال تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن. وقد يكون لاعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج. كما قال تعالى فلما جاءت هم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم. وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. ذكر المصنف رحمه الله امرين عظيمين في هذه الجملة احدهما ان الله لم يبعث نبيا الا جعل له اعداء من المشركين. قال على وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وفي الصحيح في قصة ورقة ابن نوفل انه قال لم يأتي رجل قط بمثل ما جئت به الا عود. لم يأت رجل قط الا بمثل ما جئت به الا عود والاخر ان دعاة الباطل يكون عندهم كتب وعلوم وحجج يجادلون بها. قال تعالى فلما جاءتهم رسلنا بالبينات فرحوا بما عندهم من علم والعلم الذي عندهم هو صورة يتسلون بها وليست علما صحيحا لان العلم الصحيح المقرون بنور الله سبحانه وتعالى وهدايته للعبد لا يفضي به الى الشرك. ومجادلة الانبياء في دعوتهم. لكن اولئك كان عندهم من صورة العلم من ميراث الاباء والاجداد ما يزعمون انه حجة ما يزعمون انه حجة يناهضون بها الانبياء الذين بعثهم الله عز وجل بالدعوة الى التوحيد. فدعاة الباطل عندهم علوم كثيرة حجج متنوعة لكنها لا تزيدهم الا حيرة وظلالا. وذاك انها ليست من العلم الصحيح نوري بنور الشريعة من الكتاب والسنة فحجتهم عند الله وعند اوليائه داحضة. والعلم النافع الذي يورث العبد سعادة الدنيا والاخرة هو العلم الذي يقتبسه العبد من مشكاة انوار الشريعة في والسنة فهذا العلم هو الذي يكون نورا للعبد في الدنيا. ونورا للعبد في قبره ونورا العبد على الصراط يوم القيامة وهذا هو الذي تنفق فيه الاعمار ونفائس الاوقات والاموال لانه هو المقرب الى الله وتعالى فلا يغتر العبد بوجود علم وانما يفرح بالعلم الصحيح الباعث على ما يحبه الله سبحانه وتعالى وبلوغ هذا العلم لا يزال العبد فيه في جهاد من اول امره حتى منتهاه فانه اذا قليلا ربما جر الى نفسه عذابا وبيلا. ولا يدرى العبد ولا يدري العبد. اي حبالة ينصبه لها ينصبها الشيطان له في العلم فان الناس منهم من يبتدئه الشيطان في نصب حبالته في اول في اول امره فيجره صراعا عن العلم ومنهم من له الشيطان المضيء في دربه حتى يوقعه في حبالة اكبر مما جعلها لغيره. ومنهم من يكابد معه الشيطان مشقة فلا يزال يحاوله حتى يدركه بعد مدة مديدة. فمن يظن انه اذا طلب العلم مدة صار في امن من حبائل في غوائله فقد اخطأ العاقل يعلم ان العلم الذي يزيده من الله قربا يزيد غيظا. فلا يزال الشيطان يشتد في وظع الحبائل لك كي يصدك. فلا بد ان تكون في جهاد عظيم حتى يتوفاك الله سبحانه وتعالى فانه لا راحة من عناء الدنيا وبلائها والفتنة بالشيطان ونوابه فيها حتى رضا روحك وتخرج من جنبيك. فعند ذلك نصير الى الله سبحانه وتعالى. فمن احسن وجد الحسنى وصار في امر من الشيطان ما حزن ومن اساء فانما وراءه حينئذ اعظم. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى اذا عرفت ذلك وعرفت ان الطريق الى الله لا لابد له من اعداء قاعدين عليه. اهل فصاحة وعلم وحجج. فالواجب عليك ان تتعلم من دين الله ما يصير سلاحا تقاتل به هؤلاء الشياطين الذين قال امامهم ومقدمهم لربك عز وجل لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين ولكن ان اقبلت الى الله تعالى واصغيت الى حجج الله وبيناته. فلا تخف ولا تحزن ان كيد الشيطان كان ضعيفا والعامي والعامي من الموحدين يغلب الفا من علماء هؤلاء المشركين كما قال الله تعالى لهم الغالبون. فجند الله تعالى هم الغالبون بالحجة واللسان. كما انهم هم الغالبون بالسيف والسنان انما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح. ذكر المصنف رحمه الله ان الانسان اذا عرف ما يفرح به من توحيده وما يخاف من الشرك وان الطريق الى الله لابد له من اعداء قاعدين عليه اهلي فصاحة وحجج وعلم من مدعي العلم والحجة والبيان وجب عليه ان يتخذ سلاحا يدفع به عن دينه فان المرء اذا خاف عدوا على نفسه اتخذ سلاحا يدفع به الشر هذا العدو عن نفسه والمرء ينبغي له ان يتخذ سلاحا يحفظ به دينه كما يتخذ سلاحا يحفظ به نفسه يعني دم ما هو؟ فاذا اتخذ ذلك السلاح خلصه ذلك السلاح من واردات الشهوات والشبهات وقاتل به شياطين الجن والانس الذين قال امامهم ومقدمهم يعني ابليس لربنا سبحانه وتعالى لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين. فالشيطان توعدنا بان يقعد لنا على الصراط المستقيم وان يأتينا من بين ايدينا ومن خلفنا وعن ايماننا وعن مائلنا فهو راصد لنا في شراك لا يتناهى عدها ولا ينقضي مدها. وليس للعبد سبيل ينجيه من تلك الحبائل الا ما بقي من تلك الجهات. فان الله لم يجعل للشيطان علينا سبيلا من فانه قال من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمالهم. واما جهة العلو فهي محال ان يتسلط علينا الشيطان منها لان جهة العلو لله وحده لا شريك له. فمن توجه الى الله سبحانه وتعالى في علوه كان الله سبحانه وتعالى له عونا ونصيرا وانجاه الله عز وجل من غوائد الشيطان وحبائله. ومما تطمئن به قلوب الموحدين ان هؤلاء القاعدين على الطريق من علماء الضلالة الذين يروجون تلك الشبهات حابط ما صنعوا وباطل ما كانوا يعملون فان الشيطان مهما بلغ شره هو وحزبه فان كيده ضعيف. قال الله تعالى ان كيد الشيطان انا ضعيفا فلا تخف ولا تحزن. ومتى قوي اقبال العبد على ربه سبحانه وتعالى واصغى الى حجج الله على الله عز وجل له نورا يخرجه من الظلمات الى الهدى والرشاد. قال الله تعالى الله ولي الذين امنوا من الظلمات الى النور. فاذا كان الله لك وليا ونصيرا كتب الله عز عز وجل لك من التأييد والنصرة ما لا يستطيع معه الشيطان ولا نوابه من الجن والانس ان يتسلطوا عليك بشيء. فالشأن كله في صدق التوجه الى الله سبحانه وتعالى واتخاذه وليا فان الله عز وجل يجعلك منصورا على هؤلاء المخذولين. ثم ذكر المصنف رحمه الله مما تقوى به عزائم الموحدين ان العامي من الموحدين يغلب الفا من علماء هؤلاء ومنشأ غلبته اياهم هو ثبوت الفطرة في نفسه فان الفطرة الصحيحة السالمة من شوائب الشرك ودعاء غير الله عز وجل تجري اللسان بانواع من الحجج لا تخطر على بال. فتكون الفطرة المغروسة في النفوس سلاحا يظهر به العامي الموحد على الف من علماء المشركين ومتى كان العبد موافقا للفطرة المغروسة فيه من توحيد الله عز وجل والاستسلام له فهو من جند الله عز الذين قال الله عز وجل فيهم وان جندنا لهم الغالبون. فمن كان من جند الله عز وجل نصره الله عز وجل على غيره والنصر حليفه فهو الغالب بالحجة والبيان وهو الغالب بالسيف والسنان. ثم ذكر المصنف ان الخوف هو على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح. اي ليس معه شيء من العلم. فان المرأة يبتلى في دينه كما يبتلى في نفسه وهو يدفع عن نفسه الشرور بانواع من التحفظ والاحتياط واعظم ما يحفظ به الدين هو ان تكون على علم وبصيرة من دين الله سبحانه وتعالى فتتخذ من العلم سلاحا تدفع به عنك جيش الشهوات والشبهات. فان العبد اذا خلا من علم راسخ ويقين وصبر ثابت متين اغتالته. غوائل الشهوات والشبهات. فالقوي حينئذ هو القوي بالله بما في قلبه من الصبر واليقين. والضعيف هو الذي ضعف الصبر واليقين في قلبه او انطمست انوار الصبر واليقين من قلبه. قال الله سبحانه وتعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا كانوا باياتنا يوقنون فبالصبر تدفع جيوش الشهوات وباليقين تدفع جيوش الشبهات وهذا معنى قول ابي العباس ابن تيمية بالصبر واليقين تنال الامامة في الدين. وقال سفيان ابن عيينة عند هذه الاية اخذوا برأس الامر فجعلهم الله سبحانه وتعالى رؤوسا اي اصطفاهم الله عز وجل فجعلهم ائمة اخذهم برأس الامر وراس الامر الذي اخذوه ليس هو النسب ولا الحسب ولا المنصب ولا الجاه ولا الرئاسة ولا مال وانما هو الصبر واليقين. ثم ان قول المصنف رحمه الله تعالى والعامي من يغلب الفا من علماء المشركين هؤلاء المشركين لا يخالف قوله وانما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح. فان الجملة الاولى يتوهم معها ان الموحد العامي بتوحيده يرد على ضلالات المضلين. والجملة الثانية يتوهم معها ان العامية الموحد اذا خلا من العلم فانه حينئذ لا ينتفع بتأييده في مقاومة هؤلاء المشركين. ودفع التعارض بين الجملتين ان صنف رحمه الله تعالى لما ذكرهما نظر الى مأخذين. ان المصنف رحمه الله تعالى لما ذكرهما نظرا الى ماخذين احدهما مأخذ كوني والاخر ماخذ شرعي احدهما مأخذ كوني والاخر ماخذ شرعي. فالمأخذ الكوني هو الذي يتعلق به قوله والعامي من الموحدين يغلب خلفا من علماء هؤلاء المشركين ان يقعوا بقدر الله وحكمته ان يظهر عاميا واحدا على الف من علماء المشركين. واما المأخذ الشرعي فهو المتعلق بقوله وانما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح. اي المطلوب شرعا من العام من الموحدين ان يجتهد في طلب العلم وان يتخذ سلاحا يدفع به عن دينه هاتي هؤلاء المشبهين نعم. قال رحمه الله وانما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق ولن سمعه سلاح. وقد من الله علينا بكتابه الذي جعله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. فلا ياتي صاحب باطل بحجة الا وفي القرآن ما ينقضها ويبين بطلانها كما قال تعالى ولا يأتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا. قال المفسرين هذه الاية عامة في كل حجة يأتي بها اهل الباطل الى يوم القيامة. ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة السلاح الاكيد في ابطال الشرك والتنديد. وهو كتاب الله سبحانه وتعالى. فانه لا يأتي صاحب باطن بحجة يدعي بها صحة الباطل الذي هو عليه الا كان في القرآن الكريم ما ينقضها ضلالها. قال الله تعالى ولا يأتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا. فلا يأتي مشبه من المشبهين بشيء من الباطل الا وفي القرآن الكريم ما يبطل باطله. واعظم من هذه المرتبة هو ان ما يستدل به على باطله يكون فيه ما ينقضه. ان ما يستدل به على باطله يكون فيه ما ينقضه ذكر هذا الامام مالك رحمه الله تعالى وبسط هذا الاصل بعده ابن تيمية الحفيد مواضع عدة في مواضع عدة عدة من كتبه. فصار ابطال الباطل بطريقين احدهما الطريق العام فصار ابطال الباطل بطريقين احدهما الطريق العام فاذا رأيت احدا يستدل بشيء من القرآن او غيره على باطل فاعلم ان في القرآن الكريم ما يبطل ذلك والاخر الطريق الخاص. الطريق الخاص وهو ان من يذكر باطلا ويقرنه بدليل يستدل به ففي ذلك الدليل ما يبطل قوله. ان من يذكر باطلا ويستدل معه بدليل فان في ذلك الدليل ما يبطل قوله. فالمرتبة الاولى مرتبة عامة. والمرتبة الثانية مرتبة خاصة. المرتبة العامة تتصورها عند سماعك باطلا تتطلب في اي القرآن الكريم ما يدفعه. والمرتبة الثانية تتصورها بان تحقق في الدليل الذي ذكره هذا المبطل. فستجد ان نور الله قلبك في دليله الذي استدل به ما يبطل ذلك الباطل وفي هذا يتفاضل الناس على قدر ما يفتح الله عز وجل لهم من انواع الفهم في كتاب الله عز وجل نعم احسن الله اليك قال رحمه الله تعالى وانا اذكر لك اشياء مما ذكر الله تعالى في كتابه جوابا لكلام احتج به المشركون في زماننا علينا فنقول جواب اهل الباطل من طريقين مجمل ومفصل. اما المجمل فهو الامر العظيم والفائدة الكبيرة لمن عقلها وذلك قوله تعالى هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكماتهن ام الكتاب واخر متشابهات وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال اذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى الله احذروا مثال ذلك لما بين المصنف رحمه الله ان القرآن كاف في ابطال الباطل واحقاق الحق شرع يذكر في كتابه هذا جوابا لكلام ذكره بعض المشركين في زمانه يحتج به على التوحيد فبين ان الرد على تلك الاقوال الباطلة يقع من طريقين احدهما طريق مجمل. والاخر طريق مفصل. والمراد بالطريق المجمل القاعدة الكلية التي ترد اليها تفاصيل المسائل المشتبهة. القاعدة الكلية التي ترد اليها تفاصيل المسائل المشتبهة. والمراد بالجواب والمراد بالطريق المفصل ما يكون جوابا عن كل شبهة على حدة. والمراد بالطريق المفصل ما يكون جوابا على كل شبهة على حدة وبدأ المصنف رحمه الله بالجواب المجمل لانه الاصل الكلي وهو الامر والفائدة كبيرة لمن عقد فلها كما قال واستدل على تحقيقه بقوله تعالى في سورة ال عمران هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. فان الله بين فيها ان من القرآن ما هو محكم وان منه ما هو متشابه والاحكام والتشابه المتعلق بالقرآن له معنيان والاحكام والتشابه المتعلق بالقرآن له معنيان. احدهما الاحكام والتشابه الكلي. احدهما الاحكام والتشابه الكلي. قال الله تعالى كتاب احكم اياته قال تعالى قال الله تعالى كتاب احكمت اياته. وقال تعالى كتابا متشابها. كتابا متشابها فوصف القرآن كله بالاحكام ووصفه كله بالتشابه فالمراد بالاحكام الكلي الاتقان فالمراد بالاحكام الكلي الاتقان فهو كتاب متقن والمراد بالتشابه الكلي تصديق بعضه بعضا. والمراد بالتشابه الكلي تصديق بعضه بعضا. وثانيهما الاحكام والتشابه الجزئي الاحكام والتشابه الجزئي. وهو المراد في اية ال عمران التي ذكرها المصنف وهو المراد في اية ال عمران التي ذكرها المصنف. والاحكام والتشابه الجزئي له نوعان والاحكام والتشابه الجزئي له نوعان. احدهما احكام وتشابه في باب الخبر احكام وتشابه في باب الخبر. فالمحكم منه ما ظهر لنا علمه فالمحكم منه ما ظهر لنا علمه والمتشابه منه ما طوي عنا علمه. والمتشابه منه ما طوي عنا علمه والاخر احكام وتشابه في باب الطلب احكام وتشابه في باب الطلب. فالمحكم منه ما اتضح معناه. فالمحكم منه ما اتضح معناه والمتشابه منه ما لم يتضح معناه. والمتشابه منه ما لم ان يتضح معناه فما يوصف بالتشابه والاحكام الجزئي في القرآن الكريم ينظر الى منزلته من بابين الدين الخبري والطلب. فان كان من باب الخبر فالاحكام حينئذ ما ظهر لنا معناه. والمتشابه ما طوي عنا معناه فلم نعقل حقيقة معناه الذي اراده الله سبحانه وتعالى واما الاحكام والتشابه المتعلق بباب الطلب فانه يكون حينئذ متعلقا بوضوح المعنى او خفائه. يكون متعلقا بوضوح المعنى وخفائه. وذاك متعلق بعلمنا به ليس بمعناه ذاك السابق متعلق بعلمنا به او طي معناه فنحن او طي علمنا به. فنحن ربما نعقد معناه لكن لا نتحقق العلم به كما نتحققه في باب الخبر. فمثلا عندنا في باب خبر ما امر الله عز وجل به من اقامة الصلاة في اية عديدة. فهذا نعقل معناه وظهر لنا واما في التشابه الجزئي في باب في باب الطلب فيكون اشياء لا تظهر عند قوم معاني لا تظهر عند قوم من معانيها وتظهر عند اخرين ولذلك لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المتشابهات في النعمان بن بشير في الصحيحين من حديث زكريا بن ابي زائدة عن عامله الشعبي عن نعمان وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يعلمهن كثير من الناس فمن الناس من يعلمها ومن الناس من لا يعلمها. واما في باب الخبر فان المحكم من باب الخبر ما ظهر لنا علمه وليس معناه ما ظهر لنا علمه مثل مثل الايات المتعلقة بخلق السماوات او فخلق السماوات نحن ندرك هذه السماء خلقها وندرك خلق الارض وان عجب عنا تمام علمها ولكن يكون منها اشياء طوي عنا علمها كالساعة. قال تعالى ان الساعة لاتية اكاد اخفيها. في اية اخر ان الساعة اتية اكاد اخفيها في ان اخر فانه قد طوي عنا علمها والذي اراده المصنف رحمه الله تعالى جوابا كليا جامعا في هذا ان يعمد الى ما يذكره المشبه فان الذي يذكره المشبه من المتشابه الذي يترك تمسكا بايش بالمحكم واعمال هذا الجواب بان يترك ما يذكره المبطل من متشابه الادلة ويتمسك بالمحكم. فاذا ذكر المشبه شيئا من القرآن الكريم فيه بيان ما الانبياء او الصالحين او الشهداء من جاهل ومقام كريم. وان هذا يدل على دعائهم على جواز دعائهم من غير الله من دون الله عز وجل فان من ذكر له ذلك يترك هذا المتشابه تمسكا بايش؟ بالمحكم وهو ان العبادة لله وحده لا شريك له. نعم ثم ثم ذكر المصنف رحمه الله ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه منه فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم متفق عليه من حديث عائشة. والحذر من هؤلاء يجمع امرين. والحذر من هؤلاء يجمع امرين احدهما الحذر من اشخاصهم فلا يصحبون الحذر من اشخاصهم فلا يصحبون. والاخر الحذر مما قالتهم فلا يقبل الانسان عليها ولا يتعلق بها. الحذر من مقالاتهم. فلا يقبل الانسان عليها ولا يتعلق بها. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله. مثال ذلك اذا قال لك بعض المشركين الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا لا هم يحزنون او ان الشفاعة حق او ان الانبياء لهم جاه عند الله او ذكر كلاما للنبي صلى الله عليه وسلم يستدل به على شيء من باطنه وانت لا تفهم معنى الكلام الذي ذكره. فجاوبه بقولك ان الله تعالى ذكر لنا في كتابه ان الذين قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه. وما ذكرت لك من ان الله ذكر ان المشركين يقرون بالربوبية انه كفرهم بتعلقهم على الملائكة او الانبياء او الاولياء. مع قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله هذا امر محكم لا يقدر احد ان يغير معناه وما ذكرته وما ذكرته لي ايها المشرك من القرآن او كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا اعرف معنى ولكن اقطع ان كلام الله لا يتناقض وان كلام النبي صلى الله عليه وسلم الا يخالف كلام الله عز وجل؟ وهذا جواب جيد سديد. ولكن لا يفهمه الا من وفقه الله تعالى. ولا تستهوي فانه كما قال تعالى وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم. لما ذكر صنفه رحمه الله ان جواب الشبه المدعاة في باب العبادة او غيره يكون من طريقين احدهما جواب والاخر جواب مفصل وبين حقيقة الجواب المجمل وهي ترك المتشابه تمسكا المحكم شرع رحمه الله يذكر مثالا يتضح به الجواب المجمل من رد المحكم الى ابه وترك المتشابه. فذكر انه اذا استدل عليك احد من المشركين بالدعاوى الباطلة في توحيد باب العبادة. وجاء بكلام متشابه فقال الشفاعة حق والانبياء لهم عند الله سبحانه وتعالى جاه او ذكر كلاما يستدل به وانت لا تفهم هذا الكلام فالجواب القاطع لما ذكره من تلك الشبه ان تتمسك بالاحكام الذي عرفته من كلام الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ان المشركين الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا مقرين بتوحيد الربوبية وان توحيد الربوبية لم يدخلهم في الاسلام وان الله تعالى كفرهم بتعلقهم بالملائكة والانبياء والصالحين اولياء اذ جعلوهم شفعاء من دون الله سبحانه وتعالى. فهذا اصل محكم. لا يمكن ان يرده احد ابدا ولا يمكن ان يتركه من عقله. فمن عقل هذا لم يتركه الى غيره لان الاحكام الراسخ في القلب لا ينبغي ان ينزع منه بمجرد شبهة ترد على الانسان او مقالة يسمعها لاول امرة لاول مرة وهذا من اصول السلامة في الدين فانك اذا نشأت على شيء من الخير في بلد مأمون على الاسلام والسنة فاذا وقع في اذنك الام او اتصل بك شيء منه عن امر يستجد لك به علم فلا تخلع ما كنت تعرفه من العلم لاجل هذا العارظ فان المحكم لا يترك لاجل المتشابه. وهذا اصل عظيم في النجاة بالدين. فاذا تشابه عليك مما يروج عند الناس فمهما استعظموه فاياك وترك المحكم وترك المحكم الذي انت عليه. لان المحكم ما الذي عرفته لم يكن محكما في نفسك من ارث الاباء والاجداد؟ بل هو محكم بما وعيته من الكتاب والسنة وما في علمك في بلد مأمون كما ذكرنا فلا ينبغي ان تخلعه لاجل اول وهلة تسمع بها كلاما استحسنته لبيان او او انشاء فان نجاتك في دينك ان تتمسك بالمحكم الذي تقطع به. واما المتشابه الذي يعرض لك فانك تنخلع منه ولا تقبل عليه ومنه ما ذكره المصنف ان من قيل له كلام يشبه فيه بدعاء غير الله سبحانه وتعالى من ذكر مقام اعظم للصالحين والانبياء من رتبة وحظوة عند الله سبحانه وتعالى. لا تترك ما ذكره هذا المشبه بمقابل ما تعرفه من المحكم. لا تترك ما تعرفه من المحكم في مقابل ما ذكره هذا المشبه. فتتمسك بان العبادة بان العبادة كلها لله وان اولئك المشركين الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ولم يدخلهم ذلك في الاسلام وقل له كما قال المصنف وما ذكرته لي فانه كلام لا اعرف معناه. وقوله لا اعرف معناه يحتمل امرين وقوله لا اعرف معناه يحتمل امرين احدهما لا اعرف معناه الذي تدعيه وتذكره مستدلا به لا اعرف معناه الذي تدعيه وتذكره مستدلا به والاخر لا اعرف معناه الذي ذكره اهل العلم لا اعرف معناه الذي ذكره اهل العلم فهذا جواب مجمل يدروا عنك البلية في دينك. فهذا جواب مجمل يدرأ عنك البلية في دينك. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى واما الجواب المفصل فان اعداء الله لهما اعتراضات كثيرة على دين الرسل يصدون بها الناس عنه منها قولهم نحن لا نشرك بالله شيئا بل نشهد انه بل نشهد انه لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يدبر الامر ولا ينفع ولا يضر الا الله وحده لا شريك له وان محمدا صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا عن عبد القادر او غيره ولكن انا مذنب والصالحون لهم جاه عند الله. واطلب من الله بهم. فجاوبه بما تقدم. وهو ان الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرون بما ذكرت لي ايها المبطل ومقرون ان اوثانهم لا تدبر شيئا وانما ارادوا ممن قصدوا الجاه والشفاعة واقرأ عليه ما ذكر الله في كتابه ووضح. فان قال ووضحه. احسن الله اليكم. واقرأ عليهما ذكره الله في كتابه ووضحه. لما فرغ المصنف رحمه الله من ذكر الجواب المجمل وظرب له مثالا يتبين به فقال شرع يبين شبه المشبهين من المبطلين في توحيد العبادة على وجه التفصيل فذكر شبها ثلاثا اوردها واحدة واحدة ثم الحق كل شبهة بما يبطلها وينقضها. وهذه الشبه الثلاث هي ما عندهم فاول هذه الشبه انهم يقولون نحن لا نشرك بالله بل نشهد انه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر الا الله. وان محمدا صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا عمن دونه ولكن مذنبون والصالحون لهم جاه عند الله فنحن نطلب من الله بهم ولكن نحن مذنبون والصالحون لهم عند الله جاه فنحن نطلب من الله بهم هذه هي شبهتهم الكبرى. والجواب عن هذه الشبهة من ثلاثة اوجه. والجواب عن هذه الشبهة من ثلاثة اوجه الوجه الاول ان هذه المقالة التي انتحلوها هي مقالات المشركين ان هذه المقالة التي انتحلوها هي من مقالات المشركين الذين اكفرهم النبي صلى الله عليه وسلم بها وقاتلهم عليها فهذا الذي انتم فيه هو الذي كان فيه ابو جهل واضرابه فهذا الذي انتم فيه هو الذي كان فيه ابو جهل واضرابه. والوجه الثاني ان الجاه الذي للصالحين هو جاه وحظوة لهم ان الجاه الذي للصالحين هو جاه وحظوة لهم. لا يلزم منه جواز دعائهم وسؤالهم لا يلزم منه جواز دعائهم وسؤالهم فان الله جعل لهم جاها وامرك ان تدعوه ونهاك عن دعائه فان الله جعل لهم جاها وامرك بدعائه ونهاك عن دعائهم والوجه الثالث ان العبد المذنب ان العبد المذنب وكلنا هو لم يؤمر اذا وقع ذنبا ان يقصد الصالحين ان العبد المذنب لم يؤمر اذا وقع ذنبا ان يقصد الصالحين ليسألهم ان يلتمسوا من الله المغفرة له بل العبد المذنب امر ان يتوب الى الله بل العبد المذنب امر ان يتوب الى الله. قال تعالى وتوبوا الى الله جميعا. ايها المؤمنون. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا توبوا الى الله توبة نصوحة فامر العبد اذا اذنب ان يتوجه الى الله سبحانه وتعالى تائبا مستغفرا ولم يؤمر ان يتوجه الى الصالحين بما لهم من جاه ليسألوا له المغفرة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فان قال ان هؤلاء الايات نزلت في من يعبد الاصنام ونحن لا نعبد الاصنام كيف تجعلون الصالحين مثل الاصنام ام كيف تجعلون الانبياء اصناما؟ فجاوبه بما تقدم فانه اذا اقر ان الكفار يشهدون بالربوبية كلها لله وانهم ما ارادوا مما قصدوا الا الشفاعة. ولكن اراد ان يفرق بين فعلهم وفعله بما ذكر. فاذكر له ان الكفار منهم من يدعون اصنام ومنهم من يدعو منهم من يدعو الاولياء الذين قال الله فيهم اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه. ان عذاب ربك كان محظورا. ويدعون عيسى ابن مريم وامه وقد قال الله تعالى ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة واذكر له قوله تعالى ويوم يحشر جميعا ثم يقول للملائكة هؤلاء اياكم كانوا يعبدون. وقوله تعالى واذ قال الله يا عيسى ابن مريم كما انت قلت للناس فقل له عرفت ان الله كفر من قصد الاصنام وكفر ايضا من قصد الصالحين وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فان قال ذكر المصنف رحمه الله شبهتهم الثانية وهي انهم يزعمون ان هذا متحقق فيمن يعبد الاصنام وانهم هم لا يعبدون الاصنام ذكر شبهتهم الثانية وهو ان هذا الكفر متحقق في من يعبد الاصنام وهم لا يعبدون الاصنام افتجعلون الاولياء كالاصنام افتجعلون الاولياء كالاصنام وجواب شبهتهم ان يقال هذا الذي زعمتم دفعه عمن دعا الاولياء وحصره في من دعا الاصنام جاء في القرآن الكريم ما يبطله فان الله سبحانه وتعالى نهى عن دعاء الاصنام ونهى عن دعاء الانبياء والاولياء والصالحين فدعاء الاصنام شرك ودعاء الانبياء والاولياء والصالحين من دون الله عز وجل شرك. فالشرك لا ينحصر في الاصنام بل اذا وجد اصله ولو مع نبي او صالح او ولي وقع العبد في الشرك فاذا دعا العبد وليا او نبيا او صالحا واستغاث به وسأله ورجاه وذبح له ونذر له من دون الله عز وجل فانه يكون واقعا في الشرك كما ان داعي الصنم وعابده واقع في الشرك. والايات التي ذكرها المصنف شاهدة على تحقق الشرك في من دعا هذا وذاك. نعم احسن الله قال رحمه الله تعالى فقل له عرفت فان قال الكفار يريدون منهم النفع والضر. وانا اشهد ان الله هو النافع الضار المدبر لا اريد الا منه. والصالحون ليس لهم من الامر شيء ولكن اقصدهم ارجو من الله شفاعتهم. فالجواب ان هذا قول الكفار سواء بسواء فاقرأ عليه قوله تعالى والذين اتخذوا من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وقوله تعالى ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله واعلم ان هذه الشبه الثلاث هي اكبر ما عندهم فاذا عرفت ان الله وضحها في كتابه وفهمتها فهما جيدا فما بعدها ايسر منها. ذكر المصنف رحمه الله شبهتهم الثالثة هي قولهم الكفار يريدون منهم. وانا اشهد ان الله هو النافع الضار المدبر. لا اريد الا منه والصالحون ليس لهم من الامر شيء ولكن اقصدهم ارجو من الله سبحانه وتعالى شفاعتهم فجعل توجهه الى اولئك الصالحين لاجل طلب الشفاعة والجواب عن هذه الشبهة من وجهين والجواب عن هذه الشبه من وجهين احدهما ان هذا القول الذي قلته هو الذي قاله المشركون الاولون ان هذا القول الذي قلته هو القول الذي قاله المشركون الاولون فانهم قالوا هؤلاء شفعاءنا عند الله فانهم قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله وقد اكفرهم الله عز وجل بتلك المقالة. وقاتله النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. ولم يدخلوا الاسلام وهم على تلك الحال فكما وقع الاولون في الشرك بهذا فانتم واقعون بالشرك في هذا بحكم الله عز وجل وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم والاخر ان الشفاعة التي ترجوها من هؤلاء ليست ملكا لهم ان الشفاعة التي ترجوها من هؤلاء ليست ملكا لهم فالشفاعة ملك الله عز وجل. قال الله تعالى قل لله الشفاعة جميعا قل لله الشفاعة جميعا. فالشفاعة لا تطلب من غير الله سبحانه وتعالى. فالشفاعة لا اطلب من غير الله سبحانه وتعالى. فان الله جعل من جعل من الشفعاء ولم يأذن لك ان تسألهم الشفاعة. فان جعل من جعل من الشفعاء ولم يأذن لك ان تسألهم الشفاعة من دون الله عز وجل. وانما تدعو الله ان يشفعوا لك عنده سبحانه وتعالى. وسيأتي هذا في كلام اخر للمصنف رحمه الله. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله فان قال انا لا اعبد الا الله وهذا الالتجاء اليهم ودعاؤهم ليس بعبادة فقل له انت تقر ان الله فرض عليك اخلاص عبادة وهو حقه عليك. فاذا قال نعم فقل له بين لي هذا الفرض الذي فرضه الله عليك. وهو اخلاص العبادة لله وهو حقه عليك فانه لا يعرف العبادة ولا انواعها فبينها له بقولك. قال الله تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية. فاذا اعلمته بهذا فقل له هل هو عبادة لله تعالى؟ فلابد ان يقول نعم. والدعاء من العبادة فقل له اذا اقررت ان عبادة ودعوت الله ليلا ونهارا خوفا وطمعا ثم دعوت في تلك الحاجة نبيا او غيره هل اشركت في عبادة الله غيره فلا بد ان يقول نعم فقل له قال الله تعالى فصل لربك وانحر. فاذا اطعت الله ونحرت له هل هذه عبادة فلابد ان يقول نعم فقل له اذا نحرت لمخلوق نبي او جني او غيرهما هل اشركت في هذه العبادة غير الله فلا لابد ان يقر ويقول نعم وقل له ايضا المشركون الذين نزل فيهم القرآن هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغيرهم غير ذلك فلا بد ان يقول نعم فقل له وهل كانت عبادتهم اياهم الا في الدعاء والذبح والالتجاء ونحو ذلك. والا فهم يقرون انهم عبيد تحت قهر الله وان الله هو الذي يدبر الامر. ولكن دعوهم والتجأوا اليهم للجاه والشفاعة. وهذا طائر جدا. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من تلك الشبه الثلاث الكبرى شرع يذكر شبها اخرى للمبطلين في باب العبادة فذكر شبهة اخرى لهم وهي ان بعضهم يقول انا لا اعبد الا الله انا لا اعبد الا الله. وهذا الالتجاء الى الصالحين ليس عبادة وهذا الالتجاء الى الصالحين وسؤالهم ليس عبادة وذكر المصنف رحمه الله تعالى ما يبطل تلك الشهبة الشبهة على وجه المناظرة مع المدعي لها وذلك مرتب في اربع منازل وذلك مرتب في اربع منازل او في اربعة منازل فاولها تقرير المشبه بان الله امره بعبادته تقرير المشبه بان الله امره بعبادته. وخلقه لها بان الله امره بعبادته وخلقه لها قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وقال تعالى الا لله الدين الخالص. وقال تعالى فاعبد الله مخلصا له الدين. وقال تعالى وما امروا الا ان يعبدوا الله وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين في اية اخرى وثانيها بيان حقيقة العبادة له بيان حقيقة العبادة له وانها تشتمل على جميع انواع توجه القلب لله بيان حقيقة العبادة له. وانها تشتمل على جميع انواع توجه القلب له فالتجاء والخضوع والدعاء والصلاة والرجاء والتوكل كلها من افراد العبادة. وثالثها ايضاح ان من جعل منها شيئا لغير الله فقد اشرك ايضاح ان من جعل منها شيئا لغير الله فقد اشرك قال تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون وقال تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة الايات من سورة الاحقاف. ورابعها تحقيق ان المشركين الذين نزل فيهم القرآن تحقيق ان المشركين الذين نزل فيهم القرآن كانت عباداتهم لمألوهاتهم هي الدعاء والالتجاء والنذر والذبح تحقيق ان المشركين الذين نزل فيهم القرآن كانت عباداتهم لمألوهاتهم التي يعظمون كانت هي الدعاء ذبح والنذر والالتجاء فهذا الذي زعمت انه ليس بعبادة وانك لا تشرك بالله سبحانه وتعالى باطل داحض تجاء الى الصالحين وسؤالهم هو توجه للقلب وتعلق بهم في رجاء نفع ومخافة ضر وهذا التوجه هو وعبادة لله وحده. فاذا جعلته لغير الله فقد وقعت في الشرك. واذا وقعت فيه فانك كافر كما كفر النبي صلى الله عليه وسلم اولئك وقاتلهم فانت واقع في الشرك الذي وقع فيه اولئك الاولون وهذا اخر هذا المجلس ونستكمل بقيته بعد صلاة المغرب باذن الله تعالى. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين