السلام عليكم ورحمة الله وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد. فحدثني جماعة من الشيوخ واول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان ابن عيينة عن عمرو ابن دينار عن ابي قابوس المولى عبد الله ابن عمرو عن عبد الله ابن عمرو ابن عاصي رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا ومن في ارض يرحمكم من في السماء. ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين من في السماء. ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين. ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون وتبين مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلاقيهم فيجد فيه المتوسطون ما يذكرهم فيطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم. وهذا المجلس الثاني بشرح الكتاب الثامن من برنامج مهمات العلم في سنته الثالثة ثلاث وثلاثين بعد اربع مئة والالف وهو كتاب كشف الشبهات لشيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب التميمي رحمه الله المتوفى سنة ست بعد المائتين والالف فقد انتهى بنا البيان الى قوله رحمه الله فان قال انا لا اعبد الا الله. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله فان قال انا لا الا الله وهذا اليهم ودعاؤهم ليس بعبادة فقل له انت تقر ان الله فرض عليك اخلاص العبادة وهو حق عليك فاذا قال نعم فقل له بين لي هذا الفرض الذي فرضه الله عليك وهو اخلاص العبادة لله وهو حقه فانه لا يعرف العبادة ولا انواعها فبينها له بقولك قال الله تعالى وخفي فاذا اعلمته بهذا فقل له هل هو عبادة لله تعالى؟ فلابد ان يقول نعم والدعاء من العبادة فقل له اذا اقررت انه عبادة ودعوت الله ليلا ونهارا خوفا وطمعا ثم دعوت في تلك الحاجة نبيا او غيره هل اشركت في عبادة الله غيره؟ فلابد ان يقول نعم فقل له قال الله تعالى فصل لربك وانحر فاذا اطعت الله ونحرت له هل هذه عبادة؟ فلابد ان يقول نعم فقل له اذا نحرتني مخلوق نبي او جني او غيرهما هل اشركت هذه العبادة غير الله؟ فلابد ان يقر ويقول نعم وقل له ايضا فالمشركون الذين نزل فيهم القرآن هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك؟ فلا بد ان يقول نعم فقل وهل كانت عبادتهم اياهم الا في الدعاء والذبح والالتجاء ونحو ذلك؟ والا فهم مقرون انهم عبيد تحت قهر الله وان الله هو الذي يدبر الامر. ولكن دعوهم والتجأوا اليهم للجاه والشفاعة. وهذا ظاهر جدا. ذكر المصنف رحمه الله شبهة اخرى من شبه المشبهين في توحيد العبادة وهي ان بعضهم يقول انا لا لا اعبد الا الله وهذا الالتجاء الى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة وجواب شبهته ان يقال له انك تقر ان الله فرض عليك اخلاص العبادة له وهو حقه عليك كما قال تعالى الا لله الدين الخالص. وقال فاعبد الله مخلصا له الدين وكل مسلم يعلم ان الله افترض عليه اخلاص العبادة له ولا مناص له من اقراره بذلك فان المسلمين قاطبة متفقون على ان المفروض عليهم هو اخلاص العبادة لله وحده فحينئذ بين له حقيقة العبادة وانها تشمل جميع انواع تألف القلب فكل ما وقع في القلب من تأليه وتعظيم وتعلق مقترن بالحب والخضوع فانه عبادة فمدار العبادة على وجود الحب والخضوع فاي شيء يوجد فيه هذا المعنى فانه عبادة من العبادات ان جعلت لله وحده فهي عبادة توحيدية. وان جعلت لغيره فانها عبادة شركية يدل على ذلك قوله تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية فان الدعاء يشمل جميع الاعمال المتقرب بها. وهو الذي يسميه اهل العلم بدعاء العبادة. فيكون وشاملا جميع افرادها. ومن جملة ذلك ما يقع في قلوب هؤلاء من تعلق من تعلق وتأليه لمعظميهم اذا التجأوا اليهم فاذا عرفته بعد ان العبادة هي من ضم عليه القلب من الحب والخضوع فحينئذ يعلم ان ما يجده من الفزع والتعلق باولئك الصالحين هو عبادة وانه اذا تقرب اليهم بذلك فقد تقرب اليهم بما اوقعه في الشرك فاذا تقرر عنده ان ما وقع فيه من طلب الالتجاء هو عبادة لوجود معنى الحب والخضوع لهم في قلبه فانك حينئذ تقول له اذا اقررت بانك اذا دعوت الله ليلا ونهارا ثم دعوت غيره لحاجة من الحاجات وقعت في الشرك فلابد ان يقول نعم لانه يعلم ان الدعاء عبادة واذا كان يقطع بان من جعل شيئا من الدعاء لغير الله فقد وقع في الشرك فكذلك لابد ان يعلم انما يوجد في قلبه من الفزع الى هؤلاء والتعلق بهم والالتجاء اليهم قوى شرك ايضا ثم اذكر له ان العبد اذا امتثل قول الله عز وجل فصل لربك وانحر فنحر متقربا الى الله يكون قد اوقع عبادة فلابد ان يقر بانها عبادة ويقول نعم فاذا اقر ان امتثال خطاب الشرع في الامر بالنحر عبادة فقل له فانك اذا ذكرت لجني او نبي فقد اشركت بالله عز وجل فلا بد ان يقر بان ذلك شرك. لانه مقر بان النحر لله عبادة فكما اقر بوجود معنى الشرك في الدعاء والنحر لانهما عبادتان تكونان لله وجعلهما لغيره شرك فلابد ان يقر ان التعلق الموجودة في قلبه والفزع الذي يعتريه والالتجاء الذي يسديه الى الصالحين هو شرك كما ان معنى الحب والخضوع موجود في النحر والدعاء فكذلك معنى الحب والخضوع موجود في هذا التعلق المدعى للصالحين فتكون هذه الحال حال شركية وقل له ايضا المشركون الذين نزل فيهم القرآن هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك فلا بد ان يقول نعم لتظاهر الادلة الشرعية بالقرآن الناطقة بان اولئك كان منهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الصالحين كاللاف وغيره. فاذا اقر بان الاولين كانوا يعبدون هؤلاء فقل له وهل كانت عبادتهم الا في الدعاء والذبح والالتجاء والا فهم مقرون انهم عبيد لله تحت قهره وانه هو الذي يدبر الامر ولكنهم جعلوا لهؤلاء جاها طاعة واتخذوهم وسائق عند الله عز وجل فيكونون قد وقعوا في شرك الالتجاء كما ان هؤلاء بمدعين وقعوا في شرك الالتجاء. وهذا ظاهر كما قال المصنف ولكن انها لتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. وهذه الجملة من كلام المصنف في ابطال شبهة من زعم ان التعلق بالصالحين والالتجاء اليهم ليس بعبادة مرتب في اربعة اصول مرتب في اربعة اصول اولها تقرير المشبه بان الله امره بالعبادة تقرير المشبه لان الله امره بالعبادة اي استدعاء اقراره بان الله امر الخلق بعبادته وثانيها بيان حقيقة العبادة له بيان حقيقة عبادة له وانها التأليه المتضمن للحب والخضوع بيان حقيقة العبادة له وانها التأليف المتضمن الحب والخضوع وثالثها ايضاح ان من جعل منها شيئا لغير الله فقد اشرك ايضاح ان من جعل منها شيئا لغير الله فقد اشرك ورابعها تحقيق ان المشركين الذين نزل فيهم القرآن كانت عباداتهم في الدعاء والذبح والنذر والالتجاء ان المشركين الذين نزل فيهم القرآن كانت عباداتهم في الدعاء والذبح والنذر والالتجاء نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فان قال اتنكر شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ منها فقل لا ولا اتبرأ منها بل هو صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع في المحشر وارجو شفاعته ولكن الشفاعة كلها لله كما قال تعالى قل لله الشفاعة جميعا ولا تكون الا بعد اذن الله فقال تعالى من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ولا يشفع في احد الا بعد ان يأذن الله فيه ولا يأذن الا لاهل التوحيد والاخلاص كما قال تعالى ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهو لا يرضى الا التوحيد. كما قال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين فاذا كانت الشفاعة كلها لله ولا تكون الا بعد اذنه ولا يشفع النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره في احد حتى يأذن الله وفيه ولا يأذن الا لاهل التوحيد. تبين ان الشفاعة كلها لله وانا اطلبها منه. فاقول الله اللهم لا تحرمني شفاعته اللهم شفعه في وامثال هذا ذكر المصنف رحمه الله من الدعاوى التي يتعلق بها المشبهون في توحيد العبادة زعمهم ان من يأمر بتوحيد الله عز وجل في الالتجاء وينهى عن التعلق بالصالحين ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم واهل التوحيد والحق لا ينكرون شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بلغه صلى الله عليه وسلم في الشفاعة من المقامات العظيمة ما ليس لغيره. ويختصه الله عز وجل فيها بما الا يكون لسواه الا ان هذه الشفاعات الثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم هي محض فضل الله عليه فليست ملكا خالصا للنبي صلى الله عليه وسلم. وانما يعطيها اياه الله سبحانه وتعالى. تفضلا منه على رسوله صلى الله عليه وسلم. فالشفاعة كلها ملك لله. كما قال تعالى قل لله الشفاعة جميعا ان والذي اعطى النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة لم يأمرني ان اسألها النبي صلى الله عليه وسلم وانما امرني ان اسأله سبحانه وتعالى وحده بان يقول الداعي اللهم شفع في نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم فهو يسأل الله وحده ان يرزقه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم. فالنبي صلى الله عليه وسلم احد الشفعاء الذين يؤتيهم الله عز وجل الشفاعة فلا يبتدئ العبد بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة لانه لا يملك وانما الملك لله وحده. فيسأل العبد ربه شفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم فيه نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله. فان قال النبي صلى الله عليه وسلم اعطي الشفاعة وانا اطلبها مما اعطاه الله فالجواب ان الله اعطاه الشفاعة ونهاك ان تدعو معه ونهاك ان تدعو معه احدا وقال تعالى فلا تدعوا مع الله احدا وطلبك من الله شفاعة نبيه عبادة. والله نهاك ان تشرك في هذه العبادة احدا. فاذا كنت تدعو الله ان يشفعه فيك فاطعه في قوله فلا تدعوا مع الله احدا. وايضا فان الشفاعة اعطيها غير النبي صلى الله عليه وسلم فصح ان الملائكة يشفعون والافراط يشفعون والاولياء يشفعون. اتقول ان الله اعطاهم الشفاعة اطلبها منهم فان قلت هذا وجوزت دعاء هؤلاء رجعت الى عبادة الصالحين التي ذكرها الله في كتابه وان بطل قولك اعطاه الله الشفاعة وانا اطلبها مما اعطاه الله فان قال انا لا اشرك بالله شيئا حاشا وكلا ولكنني التجائي الى الصالحين ليس بشرك فقل له اذا كنت تقر ان الله حرم الشرك اعظم تحريم اعظم من تحريم الزنا وتقر ان الله لا يغفره فما هذا الامر الذي عظمه الله ترى انه لا يغفره فانه لا يدري. قل له كيف تبرئ نفسك من الشرك وانت لا تعرفه؟ كيف يحرم الله عليك فهذا ويذكر انه لا يغفره ولا تسأل عنه ولا تعرفه. اتظن ان الله عز وجل يحرمه هذا التحريم لا يبينه لنا فان قال الشرك عبادة الاصنام ونحن لا نعبد الاصنام فقل له ما عبادة الاصنام؟ اتظن انهم يعتقدون ان تلك جار والاخشاب والاحجار تخلق وترزق وتدبر امر من دعاها. فهذا يكذبه القرآن وان قال انهم يقصدون خشبة او حجرة او بنية على قبر او غيره يدعون ذلك ويذبحون له ويقولون انه يقربنا الى الله زلفى ويدفع عنا الله ببركته ويعطينا ببركته. فقل صدقت. وهذا هو فعلكم عند الاحجار والبنا الذي على القبور وغيرها فهذا اقر ان فعلهم هذا هو عبادة الاصنام وهو المقلوب وايضا قولك الشرك عبادة الاصنام هل مرادك ان الشرك مخصوص بهذا؟ وان الاعتماد على الصالحين ودعائهم لا يدخل في في ذلك فهذا يرده ما ذكر الله تعالى في كتابه من كفر من تعلق على الملائكة او عيسى او الصالحين فلابد ان يقر لك ان ان من اشرك في عبادة الله احدا من الصالحين فهو الشرك المذكور في القرآن. وهذا هو المطلوب ذكر المصنف رحمه الله تعالى في كلامه المتقدم حججا تبطل تعلق المتعلقين بدعوى شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فانهم ان ادعوا ان النبي صلى الله عليه وسلم اعطي الشفاعة وان داعيه يطلبه مما اعطاه الله فالجواب عن ذلك بان ما ذكرته ايها المشبه من اعطاء الله نبيه صلى الله عليه وسلم الشفاعة حق ولكن الله الذي اعطاه الشفاعة نهاك ان تسأله اياها فان الله سبحانه وتعالى ذكر ان الشفاعة له. فقال قل لله الشفاعة جميعا. ونهى عن دعاء غيره فقال فلا تدعوا ومع الله احدا فكما اطعت الله في اعطائه الشفاعة محمدا صلى الله عليه وسلم وصدقت بذلك فاطعه في عدم دعاء غيره بان تترك النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة ثم ذكر حجة ثانية وهي ان الشفاعة التي اعطيها النبي صلى الله عليه وسلم قد يصح ان غيره اعطيها فالملائكة يشفعون والافراط وهم الصغار الذين ماتوا قبل ابائهم يشفعون والاولياء يشفعون. فكل هؤلاء ممن اعطاهم الله عز وجل الشفاعة فان زعم هذا الزاعم بعد اقراره بان هؤلاء قد اعطوا الشفاعة ان هؤلاء يطلب منهم ايضا تطلب الشفاعة من الملائكة والافراط والاولياء فحينئذ يكون قد اقر بوقوعه في الشرك الذي هو عبادة الصالحين التي كانت عليه اهل الجاهلية الاولى وان قال لا هم اعطوها وانا لا اسألهم اياها. فحينئذ يقال له بطل قولك اعطاه الله الشفاعة وانا اطلبه مما اعطاه الله لان الباب واحد. فالمعطي هو الله عز وجل. والمعطى ممن وهبت له الشفاعة. فكيف تفرق بين افرادهم فتسألها من احدهم ولا تسأل بقيتهم. وان قال انا لا اشرك بالله شيئا. حاشا وكلا ولكن الالتجاء الى الصالحين ليس بشرك فقل له اذا كنت تقر ان الله حرم الشرك اعظم من تحريمه الزنا وتقر ان الله لا يغفره فما هذا الامر العظيم الذي عظمه الله وذكر انه لا يغفره فاذا سألته ذلك انقطع لانه لا يدري ما تتميز به العبادة عن غيرها فلم يعرف ما لله وما غيره فحينئذ قل له كيف تبرئ نفسك من الشرك وانت لا تعرفه. لان المدعي برائته من انما يصدق في دعواه اذا كان عارفا بما يدعي براءته منه. اما ان كان جاهلا في معرفة ما يدعي البراءة منه فكيف تصح دعواه في صدق البراءة ثم اسأله مستنكرا كيف يحرم الله عليك هذا؟ ويذكر انه لا يغفره. ولا تسألوا عنه ولا تتعلمه ولا تعرفه اتظن ان الله عز وجل يحرمه هذا التحريم ولا يبينه لنا فما حرمه الله عز وجل وغلظ فيه وابدى فيه واعاد الا لنحذره ونجتنبه فنكون على بصيرة في معرفته تحول بيننا وبين الوقوع فيه وان زعم ان الشرك هو عبادة الاصنام قاصدا حصر الشرك في عبادة الاصنام فجاوبه بما يدحض شبهته ويظهر جهله وانه لا اعرفوا دين الانبياء والرسل وذلك بايراد سؤالين عليه احدهما ان تقول له ما معنى عبادة الاصنام التي حصلت الشرك فيها اتظن ان عبادتهم انهم كانوا يعتقدون في تلك الاخشاب والاحجار انها تخلق وترزق وتدبر امر من دعاها فان قال نعم فهذا يكذبه الله في كتابه فان الله عز وجل ذكر عن هؤلاء المشركين الاول كما تقدم انهم كانوا يقرون بان الخالق الرازق المالك المدبر هو الله سبحانه وتعالى فلن يكونوا يعتقدون هذا فيهم. وان قال هو من قصد خشبة او حجرا او بنية على قبر يدعو لها ويذبح لها ويندر لها رجاء ان تقربه الى الله زلفى وان يدفع عنه فهذا تفسير صحيح لعبادة الاصنام التي كانوا عليها. وهذا الذي كانوا عليه من الشرك هو بعينه الذي يفعله هؤلاء عند المقامات والمزارات المعظمة كانوا يتوجهون الى هذه المقامات يريدون منها ببركتها. كما كان اولئك المشركون يتوجهون الى اصنامهم يرجون منها ببركتها. والسؤال الاخر ايضا ان يقال له قولك الشرك عبادة الاصنام هل مرادك ان الشرك مخصوص بهذا اي محصور في عبادتهم دون عبادة سواهم وان الاعتماد على الصالحين والانبياء والاولياء والملائكة والتعلق بهم ودعاءهم لا يدخل في ذلك فلا يكون شركا فان كان كذلك فهذا امر باطل يرده ويبطله ما ذكر الله في كتابه من كفر من تعلق بعيسى او ملائكة او بالصالحين فان الله بين ان من تعلق بهؤلاء والتجأ اليهم انه كافر. فاذا كان من بالملائكة وعيسى يكون كافرا فان من تعلق بمن تأخر من المعظمين يكون كافرا ايظا نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وسر المسألة انه اذا قال انا لا اشرك بالله شيئا فقل له وما الشرك بالله فسره لي فان قال هو عبادة الاصنام فقل له وما عبادة الاصنام فسرها لي وان قال انا لا اعبد الا الله فقل ما معنى الله وحده لا شريك له فسرها لي فان فسرها بما بينته فهو المطلوب وان لم يعرفه فكيف يدعي شيئا وهو لا يعرفه وان فسرها بغير معناها بينت له الايات الواضحات في معنى الشرك بالله وعبادة الاوثان انه الذي يفعلونه وفي هذا الزمان بعينه وان عبادة الله وحده لا شريك له هي التي ينكرون علينا ويصيحون منه كما صاح حيث قالوا اجعل الالهة الها واحدا؟ انها دا لشيء عجاب. بين المصنف رحمه الله بعدما تقدم سر المسألة. يعني الاصل الذي يجمعها وترجع اليه يعني الاصل الذي يجمعها وترجع اليه فاعاد جواب شبهة ان الشرك هو عبادة الاصنام على سبيل اللف بعد النشر اي ضم المتفرق بعد ذكره انفا فظم متفرق جوابه بعد بسقه انه اذا قال انا لا اشرك بالله فقل له ما معنى الشرك بالله؟ فسره لي. فان قال هو عبادة الاصنام فقل له ما معنى عبادة الاصنام فسرها لي فان قال انا لا اعبد الا الله وحده فقل ما معنى عبادة الله وحده؟ فسرها لي فان فسرها بما تضمنه القرآن فهو المطلوب وان لم يعرف ذلك فكيف يدعي شيئا لا يعرفه وان فسرها بغير ما جاء في الايات البينات في معنى الشرك وعبادة الاوثان وانه هو الذي يفعلونه فانه جاهل بما جاء في القرآن وجاهل بحقيقة الشرك فحاصل الجواب عن الشبه الثلاث ان له ثلاث احوال الحال الاولى ان يتوقف ان يتوقف فلا يجيب بشيء فقل له انت لا تعرف الحق من الباطل وهو كاف في رد شبهته وهذه حال كثير ممن يتعلق بالصالحين ويعتقد فيهم لا يدري حقيقة الشرك ويظن انه عبادة الاصنام فقط وثانيها ان يفسرها بما فسره الله في القرآن ان يفسرها بما فسره الله في القرآن وهذا قد كفانا مؤنته وهذا قد كفانا مؤنته لان ايات القرآن متكاثرة على انف الدلالة على ان الشرك لا ينحصر في عبادة الاصنام بل من تعلق بالملائكة او الانبياء او لاولياء ملتجئا اليهم داعيا اليهم فانه واقع في الشرك كما يقع فيه اهل الاصنام وثالثها ان يفسرها بمعنى باطل مخالف لما اخبر الله عنه ان يفسرها بمعنى باطل مخالف لما اخبر الله عنه فتبين له الايات الواضحات بمعنى الشرك بالله وعبادة الاوثان وانه هو الذي يفعلونه في هذا الزمان بعينه وان افراد الله بالعبادة هو التوحيد الذي ينكرونه ويصيحون منه كما صاح اخوانهم في انكار التوحيد على الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا له اجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب فاستنكروا افراد الله بالعبادة كما يستنكر هؤلاء افراد الله افراد الله عز وجل بالتعلق به والتوجه اليه نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فان قال انهم لم يكفروا بدعاء الملائكة او الانبياء وانما كفروا لما قالوا الملائكة بنات الله ونحن لم نقل ان عبد القادر ولا غيره ابن الله فالجواب ان نسبة الولد الى الله تعالى كفر مستقل قال الله تعالى قل هو الله احد الله الصمد والاحد الذي لا نظير له والصمد المقصود في الحوائج فمن جحد هذا فقد كفر ولو لو لم يجحد اخر السورة ثم قال تعالى لم يلد ولم يولد فمن جحد هذا فقد كفر. ولو لم يجحد اول السورة قال الله تعالى ما اتخذ الله من ولد ففرق بين النوعين وجعل كلا منهما كفرا مستقلا. وقال الله تعالى وجعلوا لله شركاء الجن. ففرق بين الكفرين. والدليل على هذا ايضا ان الذين كفروا بدعاء الله مع كونهم رجلا صالحا لم يجعلوه بنى الله والذين كفروا بعبادة الجن لم يجعلوهم كذلك وكذلك العلماء ايضا في جميع المذاهب الاربعة يذكرون في باب حكم المرتد ان المسلم اذا زعم ان لله ولدا فهو مرتد وان اشرك بالله فهو مرتد بين النوعين وهذا في غاية الوضوح وان قال الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فقل هذا هو الحق ولكن لا يعبدون ونحن لا ننكر الا عبادتهم مع الله واشراكهم معه والا فالواجب عليك حبهم باعهم والاقرار بكراماتهم ولا يجحد كرامات الاولياء الا اهل البدع والضلالات. ودين الله وسط بين طرفين وهدى بين ضلالتين وحق بين باطلين. ذكر المصنف رحمه الله من مماحلات المشبهين قولهم ان مشركي العرب لم يكفروا بدعاء الملائكة والانبياء وانما كفروا لما قالوا الملائكة بنات الله وانهم هم لا يقولون ان عبد القادر ولا غيره ابن لله فكيف يكفرون وجواب باطلهم من اربعة وجوه احدها ان نسبة الولد الى الله تعالى كفر مستقل ان نسبة الولد الى الله تعالى كفر مستقل كما قال الله عز وجل قل هو الله احد الله الصمد ثم قال لم يلد ولم يولد وثانيها ان الله فرق بين نوعين من الكفر ان الله فرق بين نوعين من الكفر هما عبادة غيره ونسبة الولد اليه هما عبادة غيره ونسبة الولد اليه وجعل كلا منهما كفرا مستقلا قال الله تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله وقال وجعلوا له شركاء الجن وخلقهم. وخلقوا له بنين وبنات بغير علم ففرقا بين الكفرين وثالثها ان الذين كفروا بدعاء اللات مع كونه رجلا صالحا لم يجعلوه ابن الله ان الذين كفروا بدعاء اللات مع كونه رجلا صالحا لم يجعلوه ابن الله والذين كفروا بعبادة الجن لم لم يجعلوهم كذلك والذين كفروا بعبادة الجن لم يجعلوهم كذلك ابناء لله ورابعها ان العلماء في جميع المذاهب الاربعة يذكرون في باب حكم المرتد من كتاب الحدود ان المسلم اذا زعم ان لله ولدا فهو مرتد وان اشرك بالله فهو مرتد فيفرقون بين النوعين وهذا في غاية الوضوح فان قال بعدما تقدم الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون يعرض بذكر ما لهم من مقام كريم. ومنزلة عند الله حميدة فقل مبينا قدرهم هذا هو الحق. ان لهم قدرا عظيما. ولكن لا يرفعون فوقه فيعبدون ولا يخفضون عنه فيهضمون والمنكر الباطل عبادتهم مع الله واشراكهم به والحق المعروف حبهم واتباعهم والاقرار بكراماتهم ولا يجحد كرامات الاولياء الا اهل البدع والضلالات فالواجب على معظم الاولياء ان يحفظ حق الله حقهم فحق الله عبادته وحق الاولياء اتباعهم وحبهم والاقرار بكراماتهم وهذه القسمة السوية بملاحظة حق الله في رعاية حق الله وحق الاولياء كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي المنزلة المتوسطة بين الغلو والجفاء ودين الله وسط بين طرفين وهدى بين ضلالتين وحق بين باطلين كما قال المصنف وهي من جواهر كلامه رحمه الله نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فاذا عرفت ان هذا الذي يسميه المشركون في زماننا الاعتقاد هو الشرك الذي انزل فيه القرآن وقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عليه فاعلم ان شرك الاولين اخاف من شرك اهل وقتنا بامرين احدهما ان الاولين لا يشركون ولا يدعون الملائكة او الاولياء او الاوثان مع الله الا في الرخاء. واما في الشدة فيخلصون الدين لله كما قال تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون. وقال تعالى واذا ما مسكم الضر في البحر ضل من تدعون الا اياه. وقال تعالى قل ارأيتكم ان اتاكم عذاب الله او اتتكم الساعة اغير الله تدعون الى قوله ما تشركون. وقال تعالى واذا مس الانسان ضر دعا ربه منيب اليه ثم اذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو اليه من قبل. الاية وقال تعالى واذا غشيه هم وجهوك الظلل فمن فهم هذه المسألة التي وضحها الله في كتابه وهي ان المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون الله ويدعون غيره في الرخاء واما في الشدة فلا يدعون الا الله وحده لا شريك له وينسون ساداتهم تبين له قبيل شرك اهل زماننا وشرك الاولين. ولكن اين من يفهم قلبه هذه المسألة فهما راسخا. والله المستعان والامر الثاني ان الاولين يدعون مع الله اناسا مقربين عند الله اما نبيا واما وليا واما ملائكة او يدعون احجار واشجارا مطيعة لله تعالى ليست بعاصية. واهل زماننا يدعون مع الله اناسا من افسق الناس والذين يدعونهم هم الذين يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك. والذي يعتقد في الصالح والذي لا يعصي مثل الخشب والحجر اهون ممن يعتقد في من يشاهد فسقه في من يشاهد فسقه وفساده ويشهد به ذكر المصنف رحمه الله ان العبد اذا عرف ان هذا الذي يسميه المشركون في زماننا الاعتقاد وهو تأله القلوب المعظمين من الخلق هو الشرك الذي انزل فيه القرآن وقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عليه فان هناك فرقين عظيمين بين الشرك الاولين والاخرين فالفرق الاول ان الاولين كانوا لا يشركون بالله الا بالرخاء اما في الشدة فانهم كانوا يوحدون الله كما جاء هذا في ايات عدة ذكر المصنف طرفا منها اما المتأخرون فانهم يفزعون الى معظميهم في الرخاء والشدة معا فهم اقبح شركا واشد كفرا من الاولين. والفرق الثاني ان الاولين يدعون مع الله عز وجل اناسا مقربين عند عنده سبحانه وتعالى او يدعون احجارا واشجارا مطيعة لله طاعة كونية وليست عاصية لله عز وجل. واما المتأخرون فيدعون مع الله عز وجل اناسا من افسق الناس ممن يحكى عنهم انواع من الفجور والفسق فصار شرك المتأخرين اشد من شرك الاولين من هذين الوجهين وتقدم في شرح القواعد الاربع ان جماع الادلة الشرعية والوقائع الكونية دال على ان ترك الاولين اخف من شرك المتأخرين وان شرك المتأخرين اعظم من شرك الاولين من تسعة وجوه استوفينا ذكرها في شرح القواعد الاربع نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله اذا تحققت ان الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اصح عقولا واخف شركا منها هؤلاء فاعلم ان لهؤلاء شبهة يريدونها على ما ذكرنا وهي من اعظم شبههم فاصغ سمعك لجوابها وهي انهم يقولون ان الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ويكذبون رسول الله الله عليه وسلم وينكرون البعث ويكذبون القرآن ويجعلونه سحرا. ونحن نشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ونصدق القرآن ونؤمن بالبعث ونصلي ونصوم فكيف تجعلوننا مثل اولئك؟ فالجواب انه لا خلاف بين العلماء كلهم ان الرجل اذا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء وكذبه في شيء انه كافر لم يدخل في الاسلام وكذلك اذا امن ببعض القرآن ان يواجه بعضه كمن اقر بالتوحيد وجحد وجوب الصلاة او اقر بالتوحيد والصلاة وجحد وجوب الزكاة. وقض بهذا كله احد وجوب الصوم او اقر بهذا كله وجحد وجوب الحج ولما لم ينقد اناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم للحج انزل الله تعالى في حقهم ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا قيل ومن كفر فان الله غني عن العالمين ومن اقر بهذا كله وجحد البعث كفر بالاجماع وحل دمه وماله كما قال تعالى ان الذين يكفرون بالله ورسله به ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله. فاذا كان الله تعالى قد صرح في كتابه ان من امن ببعض وكفر ببعض فهو كافر الحق زالت هذه الشبهة وهذه هي التي ذكرها بعض اهل الاحساء في كتابه الذي ارسل الينا ويقال اذا كنت تقر ان من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء وجحد وجوب الصلاة فهو كافر حلال الدم والمال بالاجماع وكذلك اذا اقر بكل شيء الا البعث. وكذلك لو جحد وجوب صوم رمضان وصدق بذلك كله لا يجحد هذا ولا تختلف المذاهب فيه وقد نطق به القرآن كما قدمناه. فمعلوم ان التوحيد هو اعظم فريضة جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وهو اعظم من الصلاة والزكاة والصوم والحج. فكيف اذا جحد الانسان شيء من هذه الامور كفر ولو عمل بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم واذا جحد التوحيد الذي هو دين الرسل كلهم لا يكفر سبحان الله ما اعجب هذا الجهل ويقال ايضا لهؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوا بني حنيفة وقد اسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم يشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ويصلون ويؤذنون. فان قال انهم يشهدون ان مسيلمة نبي قلنا هذا هو المطلوب اذا كان من رفع رجلا في رتبة النبي صلى الله عليه وسلم كفر وحل ماله و ولم تنفعه الشهادتان ولا الصلاة. فكيف بمن رفع شمسان او يوسف او صحابيا او نبيا او غيرهم؟ في مرتبة جبار السماوات والارض سبحانه ما اعظم شأنه. كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون. ويقال ايضا الذين حرقهم علي ابن ابي طالب رضي الله عنه بالنار كلهم يدعون الاسلام وهم من اصحاب علي رضي الله عنه وتعلموا العلم من الصحابة ولكن اعتقدوا في علي مثل الاعتقاد في يوسف وشمسان وامثالهما. فكيف اجمع الصحابة على قتلهم وكفرهم؟ اتظنون ان الصحابة يكفرون المسلمين ام تظنون ان الاعتقاد في تاج وامثاله لا يضر؟ والاعتقاد في علي ابن ابي طالب يكفر يقال ايضا بنو عبيد القداح الذين ملكوا المغرب ومصر في زمن بني العباس كلهم يشهدون ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله ويدعون الاسلام ويصلون الجمعة والجماعة فلما اظهروا مخالفة الشريعة في اشياء دون ما نحن فيه اجمع العلماء على كفرهم وقتالهم وان بلادهم بلاد حرب وغزاهم المسلمون حتى استنقذوا ما بايديهم من بلدان المسلمين ويقال ايضا اذا كان المشركون الاولون لم يكفروا الا لانهم جمعوا بين الشرك وتكذيب الرسول الا انهم جمعوا بين الشرك وتكذيب الرسول والقرآن وانكار البعث وغير ذلك. فما معنى الباب الذي ذكره العلماء في كل مذهب؟ باب حكم المرتد هو المسلم الذي يكفر بعد اسلامه ثم ذكروا اشياء كثيرة كل نوع منها يكفر ويحل دم الرجل وماله حتى انهم ذكروا اشياء يسيرة عند من فعلها مثل كلمة يذكرها بلسانه دون قلبه او كلمة يذكرها على وجه المزح واللعب ويقال قالوا ايضا الذين قال الله فيهم يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم اما سمعت الله كفرهم بكلمة مع كونهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجاهدون معه ويصلون معه ويزكونه ويحجون ويوحدون الله. وكذلك الذين قال الله تعالى فيهم قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم. فهؤلاء الذين صرح الله فيهم انهم كفروا بعد ايمانهم. وهم مع الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قالوا كلمة ذكروا انهم قالوها على وجه المزح فتأمل هذه الشبهة وهي قولهم تكفرون المسلمين اناسا يشهدون ان لا اله الا الله ويصلون ويصومون ويحجون ثم تأمل جوابها فانه من انفع ما في هذه الاوراق نعم ومن الدليل على ذلك ايضا ما حكى الله عز وجل عن بني اسرائيل مع اسلامهم وعلمهم وصلاحهم انهم قالوا لموسى اجعل لا اله وقال اناس من الصحابة اجعل لنا يا رسول الله ذات انواط كما لهم ذات انواط. فحلف رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم ان هذا مثل قول بني اسرائيل لموسى اجعل لنا الها ولكن للمشركين شبهة يدلون بها هذه القصة وهي انهم يقولون ان بني اسرائيل لم يكفروا بذلك وكذلك الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ان يجعل لهم ذات انواط لم يكفروا. فالجواب ان تقول ان بني اسرائيل لم يفعلوا ذلك. وكذلك الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلوا ذلك ولا خلاف ان بني اسرائيل لو فعلوا ذلك لكفروا وكذلك لا خلاف ان الذين نهاهم النبي الله عليه وسلم لو لم يطيعوه واتخذوا ذات انواط بعد نهيه لكفروا. وهذا هو المطلوب ولكن هذه القصة تفيد ان المسلم بل العالم قد يقع في انواع من الشرك لا يدري عنها فتفيد التعلم والتحرز ومعرفة ان قول الجاهل التوحيد فهمناه ان هذا من اكبر الجهل ومكايد الشيطان وتفيد ايضا ان المسلم المجتهد الذي اذا تكلم بكلام كفر وهو لا يدري فنبه على ذلك فتاب من ساعته انه لا يكفر كما فعل بنو اسرائيل والذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفيد ايضا انه لو لم يكفر فانه يغلظ عليه الكلام تغليظا شديدا. كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشبه المتعلقة بتوحيد العبادة المذكور جوابها في هذا الكتاب ترجع الى اصلين احدهما شبه يراد بها ان ما عليه المتأخرون ليس بشرك شبه يراد بها ان ما عليه المتأخرون ليس بشرك والثاني شبه يراد بها دفع التكفير والقتال عمن فعل شيئا من ذلك شبه يراد بها دفع التكفير والقتال عمن فعل شيئا من ذلك ولما فرغ المصنف رحمه الله من بيان الاصل الاول بابطال دعاوى من يزعم ان تلك الافعال ليست شركا كر على ابطال شبه من يزعم ان هؤلاء وان وقع ما وقع من الشرك فان ذلك لا يقتضي تكفيرهم وقتالهم. فما سلف قبل متعلق بابطال الشبه التي ترجع الى الاصل الاول. والجملة الاخيرة التي ابتدأ القارئ في قراءتها ابتداء ابطال الشبه المتعلقة بالاصل الثاني وهو دفع التكفير والقتال عنهم والقائلون بان هذه الافعال وان كانت شركا لا يكفر قائلوها ولا يقاتلون يتذرعون بان هؤلاء يشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وانهم يصومون ويصلون. فهذه الافعال الواقعة منهم افعال مخالفة للشريعة لكن لا توجب تكفيرا ولا قتالا فرد عليهم المصنف رحمه الله تعالى من ثمانية وجوه فالوجه الاول ان من امن ببعض الاحكام وكفر ببعضها فهو كافر للجميع فمن اقر بالصلاة وانكر الصيام او قر بالحج وانكر الزكاة فانه لا يكون بذلك مسلما بل هو كافر فالاسلام دين كامل لا يتجزأ ولا يتبعظ فمن انكر شيئا لازما للعبد منه كان كافرا به جميعا والوجه الثاني اطباق العلماء ومنهم الصحابة على اكثار من جاء ببعض اعمال الكفر والشرك وقتالهم فهو استدلال بالاجماع العملي الذي وقع من الصحابة وتتابع عليه العلماء في وقائع عدة احدها واقعة الصحابة مع بني حنيفة المعتقدين ان مسيلمة رسول الله وثانيها واقعة علي رضي الله عنه مع الغاليين فيه الذين زعموا انه هو الله فحرقهم علي واطبق الصحابة على تكفيرهم وثالثها ما وقع في عهد بني العباس لما ظهر العبيديون المتسمون بالفاطميين فكفرهم العلماء اجماعا نقله القاضي عياض وغيره فهذا الاطباق من العلماء من لدن الصحابة فمن بعدهم اجماع عملي على ان من وقع منه شيء من الكفر كفر به وان كان فيزعم ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله بنو حنيفة والغالون في علي والعبيديون الفاطميون كلهم كانوا يشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله في دعواهم. لكن وقعت منهم اقوال وافعال كفرهم بها العلماء وقاتلوهم والوجه الثالث ان العلماء رحمهم الله في كل مذهب من المذاهب المتبوعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية عقدوا بابا اسمه باب الردة ذكروا فيه نواقض الاسلام ومرادهم من عقد هذا الباب ان العبد قد يكفر بقول او فعل او اعتقاد او شك يخرج من الاسلام وان كان مدعيا انه من اهله والا فما فائدة هذا الباب ان لم يكن له اثر في اخراج من وقع في شيء منه من دائرة الاسلام الى الكفر والوجه الرابع ان الله عز وجل حكم بكفر اناس لقولهم كلمة تكلموا بها ابطلت اسلامهم وايمانهم كما قال تعالى يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم تكفلهم الله عز وجل مع كونهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون معه ويصومون ويجاهدون والوجه الخامس وهو نظير سابقه ما وقع من الكلام من المنافقين في غزوة تبوك لما استهزأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه فاكثرهم الله عز وجل واعلن كفرهم والوجه السادس ان الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون ان لا اله الا الله ويكذبون الرسول وهؤلاء يشهدون ان لا اله الا الله ويصدقون بالرسول صلى الله عليه وسلم لكنهم يصدقونه في شيء ويكذبونه في شيء اخر فهم يصدقونه مثلا في كونه صلى الله عليه وسلم شافع مشفع ويكذبونه فيما جاء عنه من النهي عن سؤال غير الله سبحانه وتعالى فلا يستقيم اسلامهم الا بان يصدقوا بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. فان صدقوا بعضه وكذبوا بعضه فهم الكفار والوجه السابع ان من جحد وجوب الحج كفر وان كان يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويصلي ويصوم كما وقع في سبب نزول قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين انها نزلت في قوم اقروا بالصلاة وغيرها ثم لما امروا بالحج ابوا وجحدوه وهذا المعنى فيه شيء يروى عن التابعين كعكرمة مولى ابن عباس رحمه الله وليس فيه شيء مرفوع لكن الاية دالة على ان من جحد وجوب الحج فانه فانه كافر ولو كان يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. فاذا كان من جحز الحج يكون كافرا فان من جحد التوحيد يكون كافرا الوجه الثامن حديث ذات انواط فان بني اسرائيل وقعوا فيما يوجب الكفر لما طلبوا من نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ان يجعل لهم ان يجعل لهم الها غير الله كما كان لاولئك القوم الذين مروا بهم الهة فقالوا له اجعل لنا الها كما لهم الهة. فزجرهم موسى عليه السلام ونهاهم عن ذلك ووقع هذا في حال اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع القوم الذين مروا عليهم وهم ينوطون اي يعلقون اسلحتهم في شجرة عظيمة يرجون بركتها. فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم ان يجعل لهم ذات انواط وهؤلاء هم من المؤمنين الذين كانوا مع نبيين عظيمين هم موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام. وكانوا مع النبيين قائمين بنصرة دين الانبياء الذين جاؤوا به ولكنهم ارتكبوا فعلا شنيعا لم يشفع لهم فيه ايمانهم في دفع الكفر عنهم وانما منع تكفيرهم انهم قالوا ذلك جهلا ثم لما نبهوا انتبهوا والانسان اذا سأل شيئا من الكفر ثم زجر عنه فانتبه ولم يفعله لم يكن ذلك موجبا كفره لانه لم يمتثل ذلك فبالفعل وانما سأله بالطلب وقد صرح المصنف رحمه الله تعالى في كتابه التوحيد ان الذي وقع هو من الشرك الاصغر وهنا ظاهر كلامه انه من الشرك الاكبر والاظهر كما سلف ان الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم انما ارادوا ان تكون الشجرة سببا التبرك فالواقع منهم شرك اصغر ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ثلاث فوائد من قصة ذات انواط اولها الحذر من الشرك وقد بوب المصنف في كتاب التوحيد باب الخوف من الشرك فالعبد مأمور بان يخافه وثانيها الاعلام بان العبد اذا وقع منه شيء من اقوال الكفر واعماله ثم نبه وتاب من ساعته فانه لا يكفر وثالثها ان من لم يكفر بكلمة الكفر اذا قالها جهلا فانه لا يتسهل معه بل يغلظ في الانكار عليه كما غلظ موسى عليه السلام على قومه وكما غلظ محمد صلى الله عليه وسلم على اصحابه. احسن الله اليكم قال رحمه الله وللمشركين شبهة اخرى وهي انهم يقولون ان النبي صلى الله عليه وسلم انكر على اسامة رضي الله عنه قتله من قال لا اله الا الله وقال اقتلته بعد ما قال لا اله الا الله؟ وكذلك قوله امرت ان اقاتل الناس حتى اقول لا اله الا الله وكذلك احاديث اخرى في الكف عن من قالها. ومراد هؤلاء الجهلة ان من قالها لا اكفروا ولا يقتل ولو فعل ما فعل. فيقال لهؤلاء الجهلة المشركين معلوم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل اليهود وسباهم وهم يقولون لا اله الا الله وان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوا بني حنيفة وهم يشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ويصلون ويدعون الاسلام. وكذلك الذين حرقهم علي ابن ابي طالب رضي الله عنه بالنار وهؤلاء الجهلة مقرون ان من انكر البعث كفر وقتل ولو قال لا اله الا الله وان من انكر شيئا من اركان الاسلام كفر وقتل ولو قالها فكيف لا تنفعه اذا جحد شيئا من هذه الفروع؟ وتنفعه اذا جحد التوحيد الذي هو اساس دين الرسل ورأسه ولكن اعداء الله ما فهموا معنى الاحاديث. فاما حديث اسامة الله عنه فانه قتل رجلا ادعى الاسلام بسبب انه ظن انه ما ادعاه الا خوفا على دمه وماله. والرجل اذا اظهر الاسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك. وانزل الله تعالى في ذلك يا ايها الذين امنوا اذا اضربتم في سبيل الله فتبينوا الاية اي تثبتوا. فالاية تدل على انه يجب الكف عنه والتثبت. فان تبين منه بعد ذلك ما يخالف قتل لقوله فتبينوا ولو كان لا يقتل اذا قالها لم يكن معنى وكذلك الحديث الاخر وامثاله. معناه ما ذكرت ان من اظهر الاسلام والتوحيد وجب الكف عنه لا ان يتبين منه ما يناقض ذلك. والدليل على هذا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال اقتلته بعدما قال لا لا اله الا الله وقال امرت ان اقاتل الناس حتى يقول لا اله الا الله هو الذي قال في الخوارج اينما لقيتموهم فقتلوه لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد مع كونهم من اكثر الناس عبادة تكبيرا وتهليلا. حتى ان الصحابة يحقرون انفسهم فهم عندهم وهم تعلموا العلم من الصحابة. فلم تنفعهم لا اله الا الله ولا كثرة العبادة ولا ادعاء الاسلام لما ظهر منهم مخالفة الشريعة وكذلك ما ذكرنا من قتال اليهود وقتال الصحابة رضي الله عنهم بني حنيفة وكذلك اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يغزو بني المصطلق لما اخبره رجل انهم منعوا الزكاة حتى انزل الله يا ايها الذين امنوا جاءكم فاسق بنبأ الاية وكان الرجل كاذبا عليهم. فكل هذا يدل على ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم وفي الاحاديث الواردة ما ذكرنا. ذكر المصنف رحمه الله شبهة اخرى وهي انهم يقولون ان النبي صلى الله عليه وسلم انكر على اسامة رضي الله عنه قتل من قال لا اله الا الله وقال له قتلته بعد ما قال لا اله الا الله. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله وكذلك احاديث اخرى في هذا المعنى وهذه الاحاديث لم تفهم على وجهها فان الذي اراده النبي صلى الله عليه وسلم في حديث اسامة وغيره به مما هو في معناه ان من قال لا اله الا الله وجب الكف عنه حتى يظهر منه ما يخالف مدلول هذه كلمة من كفر او شرك فقول لا اله الا الله تثبت به عصمة الحال. وتبقى وراء ذلك امور يطالب بها العبد تثبت بها عصمة طول ما قال كما تقدم بيانه في شرح اربعين النووية ان العصمة نوعان احدهما عصمة الحال وتثبت بكلمة التوحيد والثاني عصمة المآل وتثبت بالتزام العبد مقتضيات كلمة التوحيد ولوازمها اذا لم يلتزم العبد ما ما تقتضيه كلمة التوحيد وتدعو اليه من الحقوق فان عصمة الحال التي ثبتت له اولا ينتقض بما يقول ترفه مما ينافيها وهذا هو الواقع من هؤلاء ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اربعة اربعة فادلة تدل على صحة فهم الاحاديث وفق ما تقدم. اولها ان الذي قال ما قال في ايجاب الكف عما عمن قال لا اله الا الا الله هو الذي امر بقتال الخوارج وهم اشد الناس عبادة ومع هذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم لما فعلوا اشياء تخالف الاسلام مع انهم يقولون لا اله الا الله ويصلون هنا ولهم اعمال مشهورة في الصلاح وثانيها ما تقدم من قتال النبي صلى الله عليه وسلم اليهود. وكانت اليهود تقول لا اله الا الله وثالثها ما تقدم من قتال الصحابة رضي الله عنهم بني حنيفة وكانوا يقولون لا اله الا الله ورابعها قصة بني المصطلق هم قبيلة دخلوا في الاسلام وارسل اليهم النبي صلى الله عليه وسلم المصدق الذي يجدي الزكاة يأتي بزكاتهم فرجع واخبره انهم منعوا الزكاة. فهم النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم فنزلت الاية يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا. وهذه القصة رويت من وجوه ضعاف. مجموعها يدل على ثبوت اصل القصة. وانها في واقعة الوليد ابن عقبة رضي الله عنه مع بني المصطلق ونقل ابو موسى المديني الحافظ في كتاب معرفة الصحابة اجماع اهل العلم بالتفسير ان هذه القصة ان هذه الاية نزلت في واقعة الوليد ابن عقبة مع بني المصطلق فاصل القصة ثابت على هذا النحو. اما تفاصيل ما جاء في بعض الطرق مما فيه بغض من مقامه رضي الله عنه فهذا لا يعول عليه. فحقيقة الامر انه لما اقبل عليهم ظهروا اليه بجمعهم يريدون استقباله. فخشي انهم يريدون منعه وقتاله. فرجع واخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما رأى هذا حقيقة الحكاية من الوجوه التي تدل على ثبوتها والاجماع في ذلك من قول فلا مصير الى غيره. وهذا اخر بيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته باذن الله عز وجل بعد صلاة العشاء ثم نشرع بعده في كتاب فضل الاسلام بعون الله وحوله فالحمد لله رب العالمين