وبركاته الحمد لله الذي صير الدين وراتب ودرجات وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله ابن عمر عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الراحمون الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في مراتب اليقين ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم باقرائهم اصول المتون وتبيين مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون فلقيهم ويكون للمتوسطين فيما يذكرهم واغاثا للمنتهين على تحقيق مسائل العلم وهذا شرح الكتاب الاول من برنامج مهمات العلم في سنته الاولى وهو كتاب تعظيم العلم لمعدي البرنامج صالح بن عبدالله بن حمد العثيمي نعم الله بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الحمد لله ما عظمه معظم وسار اليه راغب متعلم. قوله وشار اليه راغب متعلم السير الى الله يراد به في كلام اهل العلم سلوك الصراط المستقيم كما ذكره ابن رجب في استنشاق نسيم الانس وهو سير العبد بقلبه لا ببدنه وفي بيان الة السير يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد تعلم ان العبد انما يقطع منازل السير الى الله بقلبه وهمته لا ببدنه انتهى كلامه نعم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة نبرأ بها من شرك الاشراك. فتوجب لنا النجاة من نار الهلاك. قوله فوق من شرف الاشراك الشرك حبالة الصائد التي ينصبها لقنص الصيد ومن نوابغ الكلم عند الادباء كما في نهاية العرب وغيره قولهم البدعة شرك الشرك بتحريك الراء وتسكن اي الحبالة التي ينصبها الشيطان للخلق فاذا وقعوا فيها جرهم الى الشرك وجعلهم من اهله نعم واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله. ولو كره المشركون بلغ رسالته واداها واسلم امانته وابداها. انتصبت بدعوته اظهروا الحجج واندفعت ببيناته الشبهات قوله واندفعت ببيناته الشبهات واللجج اللجج بتحريك اللام مفتوحة لا بضمها هو التمادي في الخصومة كما ذكره ابن سيدة والزمخشري فورثنا المحجة البيضاء والسنة الغراء لا يتيه فيها ذلك لا يتيم فيها ملتمس ولا يرد عنها مقتبل صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه عدد من تعلم وعلم. اما بعد فلم يزل العلم ارثا جليلا يتعاقب عليه الاماثل جيلا جيلا. ليس لطلاب المعالي هم سواه ولا رغبة لهم في مطلوب عداه. وكيف لا وبه تنال سعادة الدارين وطيب العيشين هو شرف الوجود ونور الاغوار والنجود حلية الاكابر ونزهة النواظر من مال اليه نعم ومن جال به غنم ومن انقاد له سلم قوله ونور الاغوار والنزود الغور من الارض ما اطمأن منها وانخفض والنجد اسم لما ارتفع منها وغور جزيرة العرب تهامة وكل ما ارتفع عنها فهو عندهم نجد وقوله حلية الاكابر الحية اسم لما يتزين به وهي نوعان اثنان احداهما الحلية الباطنة والاخر الحية الظاهرة والعلم حلية الباطن وما يرى على الظاهر فهو من اثاره لو كان سلعة تباع لبذلت فيه الاموال العظام او صعد في السماء لسمت اليه نفوس الكرام. هو من المتاجر اربحها وفي اشرفها اكرم المآثر مآثره. واحمد الموارد موارده. فالسعيد من حض نفسه عليه وحث ركاب روحه اليه اي من زهد فيه او زهد وابعد عنه او بعد. انفه باريج العلم يزكوم وختم القفاء هذا عبد محروم. والعلم قلب كل موفق من غير بواب ولا استئذان. ويرده المحروم من خذلانه لا تشقنا اللهم بالحرمان وان مما يملأ النفس سرورا ويشرح الصدر ويمده نورا. اقبال الخلق على مقاعد التعليم وتلمسهم صراطه المستقيم واذل دليل واصدقه تكاثر الدروس العلمية وتوالي الدورات التعليمية. حلاوة في قلوب المؤمنين وشدا في حلوق الكفرة المنافقين الدروس معقودة والركب معكوفة والفوائد شارقة. والركب معكوفة اي محبوسة فالعكف هو الحبس واللبث وليس المراد وصف حركتها فانما يقال في وصف حركتها تني الركب كما قال زياد بن واصل السلمي يكفيك من اناقة ثني الركب فالمراد بالعكس الاقامة على الشيء ومنه قوله تعالى ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون اي مقيمون عليها نعم السلام عليكم والفوائد شارقة والنفوس تائقة الاشياخ ينزلون دور العلم والتلامذة ينضمون عقده. قوله الاشياخ يمثلون هنا درر العلم ان يستخرجونها ومنه قولهم نثلت الكنانة اي استخرجت ما فيها من النبل فالنفل هو الاستخراج وان من الاحسان الى هذه الجموع الصاعدة والاجيال الواعدة ارشادها الى سر حيازة العلم الذي يوفرها بمأمولها وبلغوها اكثروها يظهرها الذي يظهرها بمأمونها ويبلغها مأمنها رحمة بهم من الضياع في صحراء الاراء ظلماء الاهواء واعمالا لهذا الاصل جمل الحديث ايها المؤمنون عن تعظيم العلم فان حظ العبد من العلم موقوف على حظ قلبه من تعظيمه واجلاله. فمن امتلأ قلبه بتعظيم العلم واجلاله صلح ان يكون محلا له. وبقدر وبقدر نقصان هيبة العلم في القلب ينقص حظ العبد منه الكتاب مشكور صلحه كنت قرأت صالحات يجوز فيها الفتح والضم نعم فمن امتلأ قلبه بتعظيم العلم واجلاله صلح ان يكون محلا له وبقدر نقصان هيبة العلم في القلب ينقص حظ العبد منه حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم. فمن عظم العلم لاحت انواره عليه ووفدت رسل فنونه اليه ولم يكن له ومن لم يكن لهمته غاية الا تلقيه ولا لنفسه لذة الا الفكر فيه. وكان ابا محمد الداري فيه الحافظ رحمه الله لمح هذا المعنى فختم كتاب العلم من سننه المسماة بالمسند الجامع بباب في اعظام العلم شيء على الوصول الى اعظام العلم واجلاله معرفة معاقل تعظيمه. وهي الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب. فمن اخذ بها كان معظما للعلم مجلا له. ومن ضيعها فلنفسه اضاع ولهواه اطاع. فلا يلومن ان فتر عنه الا نفسه اوكتاوفوك نفخ ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العلم وسنأتي بالقول باذن الله على عشرين معقدا يعظم بها العلم من غير بسط لمباحثها. فان المقام لا يحتمل والاتيان على غاية كل اعتقد اني احتاج الى زمن مديد والمراد والمراد هنا التبصرة والتذكير وقليل يبقى فينفع خير من كثير يلقى فيرفع فخذ من هذه المعاقد بالنصيب الاكبر تنل الحظ الاوفر من رياض الفنون وحدائق العلوم. واياك والاخلاد الى مقالة قوم حجبت قلوبهم وضعفت نفوسهم فزعموا ان هذه الاحوال غلو وتنطلون وتنطع وتشدد غير مقنع فقد بينهم وبينها بسور له باب. باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. فليس مع هؤلاء على دعواهم من ادلة الشرع ما يصدقها ولا من شواهد الاقدار ما يوثقها. وانما هي عذر البليد وحجة العاجز. فاين الغلو والتنطع بشيء الوحي شاهده والرعيل الاول سالكه. فكل معقد منها ثابت باية محكمة او سنة مصدقة او اثار عن خير القرون الماضية فاذا وثقت بصدقها وعقلت خبرها وخبرها فلا تقعد همتك بخطبة الكسل والثواني اليها وهي تجلجل هذه احوال من مضى من سلف الامة وخير الورى فاين الثرى من الثريا؟ بل من سمت نفسه الى قاماتهم ادركها فتشبهوا فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم ان التشبه بالكرام فلاح. فاشهد قلبك هذه المعاقد وتدبر من قولها ومعقولها. واستنبط منطوقها ومفهومها فالمباني خزائن المعاني. مقصود هذه الاعلام بان نيل الطالب للعلم موقوف على قدر تعظيمه له فمن عظمه ناله ومن لم يبالي به حجب عنه واعون شيء على الوصول الى اعظام العلم واجلاله معرفة معاقل تعظيمه وهي الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب وفي هذه الرسالة ذكر عشرين معقدا من معاقد تعظيم العلم على وجه متوسط بين الايجاز والاطناب فالمراد هنا التبصيرة والتذكير وقليل يبقى وينفع خير من كثير يلقى في رفع فان النفوس انما تحمد وتمدح بقدر ما تدرك تدرك والعلم يمدح بالانتفاع لا بالبسط والاتساع والشريعة انما جاءت بارادة نفع الخلق لا بتوسيع المعاني المبينة لهم فانه قد توسع المعاني بما لا تدركه العقول فيكون ذلك حائلا بينها وبين اصابة مراد الشريعة فيها والسير على هذه الاصول جادة شرعية وسنة سنية وترك الناس لها خلل عظيم في اخذهم للعلم حتى انقلبت عندهم غلوا وتنطعا ومن لا يعرف الذهب يحسبه نحاسا وحري بمن رام اقتناص العلم ان يجتهد في تعرف طرائق تعظيمه عند اهله فانه اذا اخذ بهذه الطرائق بحظ وافر وكان معظما للعلم صلح قلبه ان يكون محلا له وان غفل عن هذا الاصل فاته العلم فلم ينفعه قوة حفظه ولا جودة فهمه فان العلم عظيم. ولا يجعل الله سبحانه وتعالى العظيم الا في قلب صالح له وقدم اقراء هذا الكتاب رجاء مسالك اهل العلم رحمهم الله تعالى في تعظيمه التي تعبد الطريق لطالبه للوصول اليه فان من عظم العلم اصابه. ومن لم يعظمه لم يصبه البتة نعم المعقد الاول تطهير وعاء العلم وهو القلب فان لكل مطلوب وعاء. وان وعاء العلم وان وعاء العلم القلب ووسخ الوعاء ويغير ما فيه وبحسب طهارة القلب يدخله العلم يدخله العلم. واذا ازدادت طهارته ازدادت قابليته للعلم. ومثل العلم في القلب كنور المصباح ان صفا زجاجه شعت انواره وان لطخته الاوساخ كسفت انواره. قوله كسفت انواره اي ذهبت فان الكسوف هو ذهاب نور الشمس او بعضه وذهب ابو حاتم السجستاني احد ائمة اللغة في كتاب الفرق الى ان ذهاب نور الشمس جميعه يسمى خسوفا. واما ذهاب بعضه فيسمى كسوفا والذي عليه جمهور اهل اللغة هو ان الكسوف اسم لذهاب نور الشمس جميعه او بعضه لا فرق بين ذلك عندهم نعم فمن اراد حيازة العلم فليزين باطنه ويطهر قلبه من نجاسته. فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف القلب ترجع الى اصلين عظيمين احدهما طهارته من نجاسة الشبهات. والاخر طهارته من نجاسة الشهوات. ولمال القلب من شأن عظيم امر بها النبي صلى الله عليه وسلم في اول ما امر في قوله تعالى في سورة المدثر وثيابك فطهر في قول من يفسر الثياب بالباطل وهو قول حسن له مأخذ صحيح. قوله وهو قول حسن له مأخذ صحيح اي تفسير الثياب بالباطن وان المأمور به في هذه الاية هو تطهير القلب هو مأخذ استجادة هذا القول رعاية السياق فان الاية مسبوقة بقوله تعالى وربك فكبر ومتبوعة بقوله والرز فاهجر والمناسب بين هذا وذاك ان يكون معنى قوله تعالى وثيابك فطهر اي طهر اعمالك من الذنوب والعرب تقول فلان نقي الثياب اي سالم من الاثام وعلى هذا التفسير اكثر السلف رحمهم الله تعالى كما ذكره ابن جرير الطبري في تفسيره فتفسير الاية بالاعمال الملابسات اصح من تفسيرها بالثياب الملبوسات فدلالة السياق ترجح الاول وعليه المعول ومن القواعد النافعة ما ذكره ابو محمد ابن عبد السلام رحمه الله تعالى في كتاب الامام اذ قال واشتياق يرشد الى ترجيح المجملات والسياق يرشد الى تبيين المجملات وترجيح المحتملات وتقرير الواضحات انتهى كلامه فالسياق له اثر في فهم الكلام ولا سيما في القرآن الكريم بالتفريق بين التوهم والايهام كما في هذه الاية فان العرب تسمي العمل توبا كما تسمي ما يلبس ثوبا لكن سياق الاية مناسب لحملها على ان المراد في قوله تعالى وثيابك فطهر اي طهر اعمالك من كل ما ينجسها وجماع منجسات الاعمال ثلاثة ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد احدها الشرك وثانيها البدعة وثالثها المعصية فآية سورة المدثر جامعة للامر بالتطهر منها جميعا نعم واذا كنت تستحيي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك من نظر الله الى قلبك وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا قال مسلم ابن الحجاج حدثنا عمرو الناقد وحدثنا كثير ابن هشام حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد الاصم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم. وفي هذا الحديث بيان ان محل نظر الله الى العبد هو القلب والعمل ليس القلب دون العمل ولا العمل دون القلب كطهارة القلب بلا عمل كذب وشقاق هو عمل بلا طهارة قلب النفاق فالتقوى مؤلفة من قلب طاهر وعمل ظاهر ولاجل هذا كان النظر اليهما جميعا لا الى واحد منهما طيب واحذر كمائن نفسك اللاتي متى خرجت عليك كسرت كسر مهان سرت واحذر كما ان نفسك اللاتي متى خرجت عليك كسرت كسر مهان. من طهر قلبه فيه العلم حل ومن لم يرفع منه نجاة ودعه ودعه العلم وارتحل واذا تصفحت احوال طائفة من طلاب العلم في هذا المعقد رأيت خللا بينا فاين تعظيم العلم من امرئ تغدو الشهوات والشبهات في قلبه وتروح تدعوه صورة محرمة وتستهويه مقالة مجرمة. حشوه المنكرات والتلذذ بالمحرمات فيهم وفساده وحسد وعناد ونفاق وشقاق. انى لهؤلاء وللعلم ما هم منه ولا هو اليهم. قال سهل ابن عبد الله رحمه الله حرام على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل وفي التنزيل قول الله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير حق قال سفيان ابن عيينة رحمه الله تعالى في تفسيرها احرمهم فهم القرآن وقال الفريابي امنع قلوبهم من التدبر في امري وفي ذلك يقول ابن كثير رحمه الله تعالى مبينا انهم عوقبوا بما يناسب ذنبهم قال كما استكبروا بغير حق اذلهم الله بالجهل انتهى كلامه واذا صرف الله قلب العبد لم ينتفع بقوة حفظه ولا حسن لفظه ولا جودة فهمه ولا جدة نهمه فلا ينتفع بما يعلق في قلبه من ذلك وليس المراد الا تكون له مكنة على حفظ القرآن بل ربما وجد في حفاظ القرآن لفظا من هو متكبر بل المراد ان يحجبه الله سبحانه وتعالى عن فهم اياته والعمل بها كما قال ابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى في المدخل قال ومعلوم بالظرورة ان بعظ المتكبرين يحفظ القرآن والعلم ولكنهم منعوا فائدته وهي الفهم والعمل به وذلك هو المطلوب فبقي العوام احسن حالا منهم انتهى كلامه رحمه الله فمن يحفظ لفظا ويحقق حرفا ولا يعمل به فالعوام خير منه وهذا هو المراد بصرف قلبه عن الايات فانها تصرف عن الفهم والعمل لا عن ضبط الالفاظ وربما يوجد في الخلق من تستجيد ضبطه للفظه في قرآن او غيره لكن حاله وحال اهل القرآن والعلم بينه وبينهم بول شاسع عظيم ومرد الامن كله الى صلاحية القلب لحمل القرآن والعلم بالفهم والتدبر ومن امعن النظر في احوال المدركين المحققين من اهل العلم وجد ان ما يجري على السنتهم وسترته اقلامهم من فتوح الله عز وجل عليهم انما استمطروه باقبالهم على الله عز وجل ومن تأمل في حالهم مع ربهم خضوعا ومحبة واقبالا واخباتا وانكسارا ادرك ان مأخذ العلم الاعظم هو تعلق القلب بالله سبحانه وتعالى ونزع النفس من كل قوة تعول عليها والمشغولون بقواهم النفسية من الفهم والحفظ دون اللياذ بالله والاقبال عليه لا يدركون مرادهم من العلم بالفهم والعمل فيحجبون عن هذا لما تتضمنه قلوبهم من الالتفات الى غير الله سبحانه وتعالى والانشغال به وكثيرا ما يشتغل طالب العلم بمآخذ العلم الظاهرة كحفظ المتون والحضور على الاشياخ ويغفل غفلة عظيمة عن اقبال قلبه على الله عز وجل وتعلقه به ورده الامر كله اليه تضرعا ودعاء وسؤالا وذكرا فان العلم رزق والارزاق بيد الرزاق سبحانه وتعالى فمن تضرع اليه واقبل عليه واحسن الصنيعة معه فان الله اكرم الاكرمين وهو يفتح لعباده ويهبهم من القدر ما لا يكون عند نظرائهم اجراء لرحمته سبحانه وتعالى عليهم فاياك يا طالب العلم والاغترار بجودة حفظك او قوة فهمك او كثرة اقبالك على الدروس وحضورك لها او معرفة او معرفتك بالاشياخ فان ذلك لا ينفعك اذا كان قلبك غافلا عن الله سبحانه وتعالى واعلم انه بقدر الاقبال وكثرة الاعمال واحسان الصنيعة مع الله سبحانه وتعالى فان الله يعلمك ما لم تعلم ويفتح لك من ابواب الفهم ما لا يكون لغيرك وذلك محض رحمة الله سبحانه وتعالى التي تخوض فيها فاعرف السبيل اليه. وتمسك به واسلكه نعم. احسن الله اليك المعقد الثاني اخلاص النية فيه فان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم وصولها كما قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا اتقوا الله مخلصين له الدين حنفاء. وقال البخاري في الجامع المسند الصحيح ومسلم في المسند الصحيح. واللفظ للبخاري حدثنا عبد الله بن مسلم قال اخبرنا مالك عن يحيى ابن سعيد عن محمد ابن ابراهيم عن علقمة عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى وما سبق من سبق ولا وصل من وصل من السلف الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين قال ابو بكر الاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله هو تصفية القلب من ارادة غير الله والى ذلك اشرت بقولي اخلاصنا تصفية للقلب من ارادة غير الله فاحذر يا فطن اخلاصنا تصفية للقلب من ارادة غير الله فاحذر يا فطن نعم قال ابو بكر المروذي رحمه الله سمعت رجلا يقول لابي عبد الله يعني احمد بن حنبل وذكر له الصدق والاخلاص فقال ابو عبد الله لهذا ارتفع القوم وانما ينال المرء العلم على قدر اخلاصه والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول بها تتحقق نية العلم علمي اذا قصدها الاول رفع الجهل عن نفسه بتعذيبها ما عليها من العبوديات وايقافها على مقاصد الامر والنهي رفع الجهل عن الخلق بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم. الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع الرابع العمل بالعلم فالعلم شجرة والعمل ثمرة وانما يراد العلم للعمل المصنف هنا اصول النية في العلم فان النية في العلم اصل اصيل لكن تبينا ماخرها مما يعزب علمه عن كثير من المشتغلين في العلم وقد بين ان نية العلم ترجع الى اربعة اصول احدها رفع الجهل عن النفس بان تنوي بتعلمك رفع الجهل عن نفسك وتانيها رفع الجهل عن الخلق بان تنوي بتعلمك تعليم الخلق فيما بعد وارشادهم وثالثها احياء العلم وحفظه من الضياع بان تنوي ان تكون بتعلمك ساعيا في احياء العلم وحفظه وصيانته من الضياع والذهاب فان العلم انما يذهب اذا اهمل تعلما وتعليما. ورابعها العمل بالعلم بان تنوي بتعلمك ان تجتهد في العمل بهذه العلوم التي تعلمتها وقد اشرت الى هذه الاصول الاربعة بقول نية للعلم رفع الجهل عم عن نفسه كغيره من النسم نية للعلم رفع الجهل عن عن نفسه فغيره من النسم والثالث التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن والثالث التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن وقوله نية للعلم رفع الجهل عم يعني من العموم وذلك العموم مفسر بالشطر الثاني عن نفسه فغيره من النسم اي من الخلق والثالث التحصين للعلوم من يعني الحفظ للعلوم لان اصل الحصن هو ما يحفظ فيه الشيء وثالث التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن اي ثبت نعم تهلا ولقد كان السلف رحمهم الله يخافون فوات الاخلاص في طلبهم فيتضرعون عن ادعائه الى انهم لم يحققوه في قلوبهم. فهشام مدة استوائي رحمه الله يقول والله ما استطيع ان اقول اني ذهبت يوما اطلب الحديث اريد به وجه الله عز وجل. وسئل الامام احمد هل طلبت العلم لله؟ فقال لله عزيز ولكنه شيء حبب الي فطلبته. من ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير وينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في اموره كلها. دقيقها وجليلها سرها وعلنها. ويحمل على التفقد شدة معالجة النية قال سفيان قال سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي لانها عليه قوله رحمه الله لانها تتقلب علي لان محل النية القلب وهو متقلب كما قال الشاعر ما سمي القلب قلبا الا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل فاذا كان وعاء النية وهو القلب متقلبا تقلبت النية بتقلبه من حال الى اخرى نعم بل قال سليمان الهاشمي رحمه الله ربما احدث بحديث واحد ولي نية فاذا اتيت على بعضه تغيرت نيتي فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات هذا الذي ذكره سليمان الهاشمي رحمه الله يراد به تصحيح النية وهو ردها الى المأمور فيها اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها وهو ردها الى المأمور فيها اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها ومعنى قولنا ردها الى المأمور فيها اي الى المحكوم به شرعا وقولنا ما يغيرها ان يحولها عن وجهها باخراجها من قصد القربة الى الاباحة المجردة وقولنا او يفسدها اي يخرجها من الصلاح الى ضده وهو الارادة المحرمة وتصحيح النية غير تجديدها فان محل تصحيح النية هو اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها واما التشديد واما التجديد فانه انما يكون اذا عرض للنية ما يضعفها اذا طال العهد فيسعى العبد في تجديد نيته بتحريك قلبه الى مراده الذي يشتغل به وموجب التجديد استصحاب ذكرها فان العبد ربما استصحب حكم نيته بالا يقطعها بقاطع لكن قلبه يضعف عن استحضارها فلا يكون ذاكرا لها فيحتاج المرء الى تجديدها واضرب به مثالا في العلم يتبين به الفرقان بين تصحيح النية وتجريدها فان من يأخذ العلم ليصيب به منصبا من مناصب الدنيا او جاها او مالا قد ركب نية فاسدة فيه فهو يحتاج الى تصحيح تلك النية التي تحركه الى العلم واما من طلب العلم لله تقربا اليه لكن تمادى به العهد حتى ضعف هذا المعنى في قلبه فانه يحتاج الى التجديد لا الى التصحيح لان اصل النية في نفسها صحيح وانما يفتقر الى تجريدها بتذكير نفسه حقيقة مراده المحرك له في العلم وعلى قدر رعاية العبد لجدة نيته تذكرا وتفكرا يكون اخذه للعلم ورغب السلف رحمهم الله تعالى في دوام المحاسبة للنفس في نياتها ابتغاء توثيق اصابتها للمراد من تحريكها فان من يحرك نيته في اول يومه لحضور مجالس الدرس لا تزال تلك النية تضعه شيئا فشيئا باخذ اليوم في ساعاته كشعلة النار اذا اوقدت في اول امرها فانها تكون متوهجة شديدة فاذا تمادى الزمن بها ضعفت شيئا فشيئا وكذلك نيتك يا طالب العلم اذا حركت في اول غدوك تطلب العلم لله فانك تحتاج بين الفينة والفينة الى تجديدها بتذكير نفسك بها واعلموا ان من اعظم مقويات القلوب امتلاؤها بالنية الصحيحة فان النية الصحيحة تحمل العبد على ادراك مطلوبه ولو ضعفت قواه البدنية عنه وكم ترى ممن صحت نيته ضعيف البدن خائر القوة البدنية لكن قلبه قوي ثابت في طلاب مقصوده فهو حريص على استحفاظ ما رتبه من ورد يومه قرآنا او سنة او شيئا من فنون العلم كما انه حريص على حضور حلق الاشياخ مهما تعددت في يومه الذي هو فيه فاذا كان العبد محركا لنيته مراقبا لها اعانته تلك النية على ادراك مطلوبه وما سبق من سبق الا بالنية الصالحة الخالصة لله سبحانه وتعالى وهذه المعاني القلبية هي اعظم ما ينبغي ان تجعل شغلك فيه فاياك ان تكون ظاهريا في الطلب حريصا على تلقف مفهوم او تحفظ منطوق دون رعاية لامر باطنك باصلاح نيتك وكمال اقبالك على ربك عز وجل نعم المعقد الثالث جمع همة النفس عليه فان شعث النفس اذا جمع على العلم التئم واجتمع واذا شغل به وبغيره ازداد تفرقا وانما تجمع الهمة على المطلوب بتفقد ثلاثة امور. اولها الحرص على ما ينفع فمتى وفق العبد الى ما ينفعه حرصوا حرصوا عليه ثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده ثالثا هذا بيت مشهور نسبه الراغب الاصفهاني في محاضرات الادباء الى علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وذكر في نفح الطيب وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة بيتا اخر بزينته ومعناه وهو اذا لم يكن عون من الله للفتى اتته الرزايا من وجوه الفوائد والرزايا جمع رزية وهي المصيبة ومعنى البيت انه تلحقه مصائب من وجوه ظن انها تنفعه ونظير هذين البيتين ايظا قول عبد الغفار الاخرس اذا لم يكن عون من الله للفتى فكل معين ما عدا الله خاذلوا نعم. احسن الله اليك عدم العز عن بلوغ البغية منه. فقد جمعت هذه الامور الثلاثة في الحديث الذي رواه مسلم ابن حجاج. قال حدثنا ابو بكر بن في شيبة بن نمير قال احدثنا عبد الله بن ادريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. فمن اراد جمع همته على العلم فليشعل في نفسه شعلة الحرص عليه. لانه بل كل خير في الدنيا والاخرة انما هو ثمرة من ثمرات العلم. وليستعن بالله عليه ولا يعجز عن شيء منه فانه حينئذ يدرك ويفوز بما امله قوله بل كل خير في الدنيا والاخرة انما هو ثمرة من ثمرات العلم وفي تقرير ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب مدارج السالكين فاصل كل خير قوى العلم والعدل واصل كل خير هو العلم والعدل واصل كل شر هو الجهل والظلم واصل كل شر هو الجهل والظلم انتهى كلامه ولا عدل بلا علم فمن لم يكن عنده علم لم يمكنه ان يعدل فالحاكم اذا حكم بين اثنين بلا علم لم يصب العدل في كل حال والرجل اذا تزوج امرأتين فاكثر لم يمكنه العدل لم يمكنه العدل بينهن بلا علم فرجع اصل الخير كله الى العلم لتوقف العدل عليه نعم. احسن الله اليك قال الجنيد رحمه الله ما طلب احد شيئا بجد وصدق الا ناله فان لم يله كله نال بعضه. الجد بالجد والحرمان بالكسل فانصبت صبعا قريب غاية الامل على الجيم في الكلمة الاولى تقتضي صحتهما جميعا فتفتح ويقال الجد وتكسر ويقال الجد ووضع الضبطين على الحرف الواحد اعلام انه بهما جميع فيصح في هذه الكلمة فتح جيمها وكسره واذا اجتمع حركتان على حرف الاولى وضع الاعلى منهما لغة اعلى محلا وجعل السفلى للغة الاقل فتضع الارفع محلا لما هو اعلى لغة وتجعل ما دونه لما دونه وكان بعض فضلاء المصححين ونبلاء الناشرين في القرن السابق يعتنون بهذا في طباعة الكتب العربية من كتب الديانة وغيرها حتى اذا ضعف العهد صار الناس يقتصرون على حركة واحدة وربما لم يبالوا ب التنبيه الى مسلك اللغة في نطق كلمة من كلمات كتاب ما فالطبعات القديمة للكتب الاصول في صحيح البخاري وصحيح مسلم مما ينبغي ان يعتني طالب العلم بتحصيلها لان تلك النشرات اعتني فيها ببيان ما تحتمله الكلمة من ضبط فاكثر بطباعته على هذه الصورة بان يجمع على الحرف حركتان ويراعى ما صح فيهما لغة اعلى فيجعل اعلى. نعم فانهض بهمتك واستيقظ من الغفلة فان العبد اذا رزق همة عالية فتحت له ابواب الخيرات وتسابقت اليه المسرات قال ابن القيم رحمه الله في كتابه فوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة اشرقت بنور ربها ومن تعلقت همته بمطعم او ملبس او مأكل او مشرب لم يشم رائحة العلم. لم يشم لم يشم رائحة العلم واعلم بان العلم ليس يناله من همه في مطعم او ملبس. فاحرص لتبلغ فيه حظا وافرا واهجر له طيب المنام وان مما يولل الهمة ويسمو بالنفس اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضين. فابو عبدالله احمد بن حنبل كان عبد الله احمد ابن حنبل فابو عبدالله احمد بن حنبل كان وهو في الصبا ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حلق الشيوخ فتأخذ امه بثيابه وتقول رحمة به حتى يؤذن الناس او يصبحوا. وقرأ الخطيب البغدادي رحمه الله صحيح البخاري كله على اسماعيل على اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس اثنان منها في ليلتين من وقت صلاة المغرب الى صلاة الفجر. واليوم الثالث من ضحوة النهار الى صلاة المغرب ومن المغرب الى طلوع الفجر قال الذهبي في تاريخ الاسلام وهذا شيء لا اعلم احدا في زماننا يستطيعه. رحم الله اباه الله كيف لو رأى همم اهل هذا الزمان؟ ماذا يقول؟ وهذا الذي ذكر عن الخطيب رحمه الله تعالى مما يستبعد وقوعه من قعدت به همته اما اهل الجد فيطربون لمثله ولمشقته يستغربه الخلق بل ربما استصوبوا غيره كما ذكر محمد ابن ابي بكر الشلي في المشرع الروي لما ذكر هذه الحكاية قال والذي في ترجمته انه قاعه في خمسة ايام وهو الصواب انتهى كلامه وهذا الذي صوبه الشلي وهم محض وانما اتيان خلطه بين قراءتين للبخاري وقعتا للخطيب البغدادي رحمه الله تعالى فانه قرأ صحيح البخاري على شيخه اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس على هذا الوجه المذكور ها هنا كما قرأه في خمسة ايام على كريمة المروزية ابان حجها فوقع له هذا وهذا وما ذهب اليه الشلي اقتصار على احدى الحكايتين الصحيحتين عنه رحمه الله تعالى وانتقال ذهن من قراءة الخطيب للبخاري على كريمة الى قراءته على اسماعيل الحين وهذا الامر المذكور في سيرة الخطيب البغدادي هو كما قال الذهبي مؤرخ الاسلام وهذا شيء لا اعلم احدا في زماننا يستطيعه انتهى كلامه وذلك بزمانه رحمه الله تعالى فكيف في هذا الزمان الذي ضعفت فيه الهمم وكثرت فيه الشواغل حتى صارت قراءة البخاري امرا مستصعبا وربما جعل في عرف المشتغلين بالعلم مصدرا او مرجعا يرجع اليه عند الحاجة دون الاشتغال بقراءته ويشغل الناس بتقطيع زمانهم في قراءة كتب لا تنفعهم كما ينفعهم صحيح البخاري رحمه الله تعالى الذي هو اصح الكتب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى وليس هذا الا من زغل العلم الذي فشى وشاع حتى صارت هذه الاصول العظيمة بمنأى عن طلاب العلم وصرفوا عنها الى كتب لا تنفعهم في العلم نفعا عظيما وينبغي الا يبالي طالب العلم بحال اهل زمانه والا يركن اليهم بل يجتهد في سلوك جادة من سبق فان العمدة التي ينبغي ان يعول عليها في الاخذ والاقتباس سلوك السلف الماضين من اهل العلم رحمهم الله تعالى فان الجادة التي سلكوا تبلغك امنيتك وتوقفك على مأمولك دون اشغالك بالفضول واما طرائق المتأخرين فانها تذهب العمر وتضيعه في شيء كان غيره انفع منه واذا لاح لك داع الى جادة جديدة وطريقة مستحسنة عصرية في اخذ العلم فلا يهولنك اقبال دهماء الخلق عليها فان عامة الناس لا عقول لهم بل خذ بطريق من مضى والزم جادتهم فان جادتهم هي الطريق التي اقتبسوا بها العلم ووصلوا بها الى مأمولهم ومما ينبه اليه في مثل هذا ان كثيرا من الناس صار يكتفي بقراءة او اقراء المتون المعتمدة مرة واحدة ويتشاغل بغيرها وهذا من الجهل بحقيقة العلم فان اعادة العبد لما ينفعه ولو كان مئين من المرات خير له من الاشتغال بما لا ينفعه انظروا الى حكمة الشريعة لما رتبت قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلوات ولم يكن ذلك موجبا لاستهجانها ولا مظهرا لذهاب رونقها وجدت معانيها بل يتجدد للعبد من فهم معانيها وادراك مقاصدها كل مرة ما لا يكون له من قبل وهكذا تكرار قراءة اصول العلم واعادتها مرة بعد مرة يملأ قلبك بحقائقه. ويجعلك على مكنة منه وانما كان علم من ادرك من العلماء الماضيين هو ضبط هذه المتون وتكرار قراءتها واقرائها حتى تثبت في نفسه ونفوس المتعلمين وقد ذكر من حال شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى ابان اقامته في بلدة الدلم انه اقرع ثلاثة الاصول اكثر من مئة مرة وربما لو قلت لطالب علم قرأ ثلاثة الاصول اعدها مرة ثانية لاستنكف من ذلك ولو قلت لشيخ متصدر للتعليم اعد اقرأها لقال يكفي من ذلك ان اقرئها مرة واحدة ولم يكن هذا في عرف من سبق ولا جادتهم بل كانوا يعيدون قراءة الكتب مرة بعد مرة فاخذك بهذا الاصل اعظم نفعا لك فاحرص عليه وكان ابو عبيد القاسم ابن سلام رحمه الله تعالى يقول عجبت لمن يشتغل بالفضول ويترك الاصول انتهى كلامه ومن جملتي ما يدخل في معنى قوله الحال التي ال اليها الناس بالعزوف عن هذه المتون العظيمة وعدم رفع الرأس الى تكرار قراءتها مرة بعد مرة تعلما وتعليما كم الله فكان ابو محمد ابن التبان اول ابتدائه يدرس الليل كله فكانت امه ترحمه الليل يدرس يدرس الليل كله فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل. فكان يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة شيء من الانية العظيمة ويتظاهر بالنوم فاذا وقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس. وقد رأيت في بعض المجموعات الخطية في مكتبة نجدية خاصة مما ينسب الى عبدالرحمن ابن حسن ال الشيخ صاحب فتح المجيد قوله رحمه الله شمر الى طلب العلم العلوم ديونا وانهض لذلك بكرة واصيلا وصل السؤال وكن هديت مباحثا فالعيب عندي ان تكون جهولا. فكن رجلا رجله على الثرى ثابتة وهامة همته فوق الثريا سامقة. ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة فان همة الصادق لا تشيب. قوله ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة يقال اشيب ولا يقال في وصف الرجل شائب في اصح القولين عند اهل العربية وهو اسم للرجل اذا خلطه الشيب كما ان المرأة لا يقال لها اذا ظهر شيبها امرأة شيباء بل يقال امرأة شمطاء فيختص وصف الاشيب بالرجل فيقال رجل اشيب لا شائب ويقال امرأة شمطاء لا شيباء تطلع هيك. كان ابو الوفاء ابن عقيل احد اذكياء العالم من فقهاء الحنابلة ينشد وهو في الثمانين. ما اشاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي. وانما اعتاض شعري غير صبغته والشيب في الشعر غير الشيب في الهمم ومن بدائع ابن الجوزي رحمه الله تعالى قوله العلم والعمل توأمان امهما علو الهمة انتهى كلامه العلم والعمل توأمان امهما علو الهمة نعم المعقد الرابع صرف الهمة فيه الى علم القرآن والسنة فان كل علم نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وباقي العلوم اما خادم لهما فيؤخذ منه ما تحقق به الخدمة او اجنبي عنهما افلا فلا يضر الجهل به. المعنى اه ليقول ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري واصفا العلوم قال وان باقي العلوم اما الات لفهمهما وهي الضالة المطلوبة واما اجنبية عنهما وهي الضارة المغلوبة انتهى كلامه ومعنى الضالة المطلوبة اي ما ينشد من ضائع يفتقر ويحتاج اليه ومعنى الضارة المغلوبة اي المفسدة المطرحة فما كان خادما للقرآن والسنة او السنة فهما واستنباطا كان من العلوم المطلوبة ابتغاء اتخاذها وسيلة لفهم القرآن والسنة وما لم يكن محققا لخدمة الوحيين من العلوم فانه لا يحتاج اليه نعم فالى القرآن والسنة يرجع العلم كله وبه ما امر النبي صلى الله عليه وسلم. كما قال تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم. وهل اوحي الى ابي القاسم صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن والسنة؟ ومن جعل علمه القرآن والسنة كان غير مبتدع ونال من العلم اوفره. قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد العلم فليثور القرآن فان فيه علم الاولين والاخرين وقال مسروق رحمه الله ما نسأل اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء الا علمه في القرآن الا ان علمنا يقصر عنه وينسب وينسب لابن عباس رضي الله عنهما انه كان ينشد جميع العلم في القرآن لكن تقاصروا عنه افهام الرجال وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء فجميع العلم في القرآن لكن الناس تتفاوت حظوظهم منه بحسب ما يفتح الله عز وجل لهم من الفهم والاستنباط فيه نعم وما احسن قول عياض اليحسو به في كتابه الالماع العلم في اصلين لا يعدهما الا المضل عن الطريق اللاحب علم علم الاثار التي قد اسندت عن تابع عن صاحبه. قوله الا المضل عن الطريق اللاحب اي الواضح الزائغ عن الطريق الواضح لا يوفق لاصل العلم وهو علم الكتابي وعلم السنة نعم واعلى الهمم في طلب العلم كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد طلب علم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله به نفس المراد وعلم حدود المنزل. وقد كان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع فالعلم في السلف اكثر والكلام في من بعدهم اكثر قال حماد ابن زيد قلت لايوب السقتي قلت لايوب السخط يا انيس السختان الله عليك. قلت لايوب السخت يا علي العلم اليوم اكثر او فيما تقدم. فقال الكلام اليوم اكثر والعلم فيما تقدم اكثر. وفي هذا المعنى اه يقول ابن ابي العز رحمه الله في شرح الطحاوية فلذلك صار كلام المتأخرين كثيرا قليل البركة ولهذا صار كلام المتأخرين كثيرا قليل البركة بخلاف كلام المتقدمين فانه قليل كثير البركة وذكر نحو هذا المعنى ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين وهذا يصدق ما ذكرت لك انفا من ان العلم لا يحمد بالبسط والاتساع وانما يحمد بالنفع والانتفاع فان القليل الذي يلقى فينفع خير من الكثير الذي يلقى في رفع وليس من مدارك العلم عند اهله ان تبسط عبارتك وتوسع اشارتك بل مأخذ العلم الاعظم عندهم الايجاز وقد بنيت الشريعة عليه وما بعث النبي صلى الله عليه وسلم الا بجوامع الكلم فمن ناب عنه من المعلمين قمين به ان يسير على سنته صلى الله عليه وسلم في ملاحظة هذا وقد صار من محامد المعلمين عند المتأخرين تطويل العبارات وبسط الاشارات وليس هذا ممدوحا في التعليم على كل على كل حال بل المناسب لجمهور الخلق بل خواص المتعلمين من المبتدئين والمتوسطين انما هو الايجاز الذي يجمع لهم الكلم فتجمع قلوبهم عليه واما التطويل فان ضرره عليهم وبيل فاياك ان تكون مشغوفا بحضور درس لان معلمك فيه يبقى مدة طويلة في جملة قصيرة اذ ليس هذا ممدوحا على كل حال بل ربما كان حاجبا بينك وبين العلم وحائلا لك دون بلوغك بغيتك منه بخلاف معلمك الذي يلقنك ما تستفتح به علمك من جوامع المعاني التي تفتقر اليها في فهم كلام السابقين رحمهم الله تعالى تحرص على هذا واعلم ان الشغف ببسط العبارات من علل المتأخرين واما المتقدمون رحمهم الله فانهم كانوا يميلون الى الجام الالسنة عن بسط القول فكان كلامه فكان كلامهم قليلا ونفعهم عظيما بخلاف كلام من تأخر فانه كثير الجمل والعبارات لكنه قليل النفع والبركات نعم المعقد الخامس سلوك الجادة الموصلة اليه. لكل مطلوب طريق يوصل اليه فمن سلك جادة مطلوبه اوقفته عليه. ومن عدل عن لم يظهر بمطلوبه وان للعلم طريقا من اخطأها ضل ولم ينل المقصود. وربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثير. يقول الزرنود رحمه الله في كتابه تعليم المتعلم. وكل من اخطأ الطريق ظل ولا ينال المقصود قل اوجل. وقال ابن القيم رحمه الله في هذه الفوائد الجهل بالطريق واثاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع الفائدة القليلة. وقد ذكر هذا الطريق بلفظ جامع مانع محمد مرتضى ابن محمد الزبيدي صاحب تاج العروس في منظومة في منظومة له تسمى الفية السند. يقول فيها فما غاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه. بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد ناصح وطريق العلم وجادته مبنية على امرين من اخذ بهما كان معظما للعلم انه يطلبه من حيث يمكن الوصول اليه. اما الامر اولها حفظ متن جامع للراجح فلابد من حفظ ومن ظن انه ينال العلم بلا حفظ فانه يطلب محالا. والمحفوظ المعول عليه والمتن للجامع للراجح اي المعتمد عند اهل الفن. فلا ينتفع طالب يحفظ المغمور في فن ويترك مشهورة. كمن يحفظ الفية النحو ويترك الفية ابن مالك. واما الامر الثاني تضمن كلامه عيب الاشتغال بحفظ المتون غير المعتمدة فان طالب العلم ينبغي له ان يكون حريصا على حفظ وقته ومن جملة حفظه وقته ان يكون ما يشتغل بحفظه هو المتن المعتمد في الفن الذي يروم ادراكه اما صرف نفسه الى حفظ المتون غير المعتمدة فانه يضر بالطالب ومن هنا قال الزبيدي منبها على هذا الاصل بحفظ متن جامع للراجح فما خرج عن ذلك من المتون غير المعتمدة فلا ينبغي للطالب ان يتشاغل به كما انه لا ينبغي للطالب ان يتشاغل بالنسخ المصلحة في المتون المعتمدة والمراد بالنسخ المصلحة النسخ التي جرت فيها ايدي بعض المتأخرين بالاصلاح والتبديل لما ذكره مصنف متن ما لما يراه هذا المتأخر من ان الصواب او الاولى هو ان يكون سياق البتن على هذا النمط فاذا اردت ان تحفظ الفية ابن مالك مثلا فلا تشتغل بنسخة ادخلت فيها اصلاحات ابن غازي مأخوذة من شرحه فانه قد اكثر من الاستدراك على ابن مالك واصلاح ابيات الفيته. ومثل هذا يصلح في الشرح. بان يقال ولو قال كذا وكذا لكان اصح او اولى اما تحويل المتن المشهور المعتمد عن وجهه والاخذ بنسخة تشتمل على ذلك فهذا غلط ومن الشائع بايدي طلبة العلم مما خرج على هذه الصورة الفية العراق فان الفية العراق التي ظهرت وقد عملت فيها يد بعض المتأخرين بالتحويل والتبديل بحسب ما يراه ذلك الناشر مما ينبغي الا يعول عليه ولم يكن ينبغي ان يدخل هذا في صلب الكتاب بل كان المستحسن ان يجعل حاشية له لمن رغب ان يطلع على صواب البيت ووجهه المستحسن. اما ان يحول اصل الكتاب الى نمط اخر بادخال متأخر فهذا مما لا يحمد الا اصلاح شيء يتعلق بخطاب الشرع فهذا لا بأس به فمثلا كتاب العقيدة الواسطية لابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى ليست الايات فيه على قراءة حفص لان ابا العباس لم يكن حفصية تلاوة بل كان يقرأ على حرف ابي عمرو بن العلاء والنسخ العتيقة ومنها نسخة قرأت على شيخ الاسلام ابن تيمية جعلت بالمواضع المحتملة لوجه ابي عمرو على ما يقبله ولما نشرت في هذه البلاد ثم اشتهرت جعلت الايات فيها على رواية ابي على رواية حفص عن عاصم فمثل هذا مستحسن ومثله كذلك اعادة الفاظ الاحاديث النبوية الى نصابها كما هي في الاصول فان هذا لا يذم فمثلا في احاديث اربعين النووية احرف لا توافقوا النسخ التي بايدينا فاذا حولت هذه الاحرف موافقة الى النسخ التي بايدينا لم يكن ذلك مذموما فمثلا من احاديث الاربعين حديث سفيان بن عبدالله التقفي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قل امنت بالله ثم استقم والموجود في نسخ مسلم التي بايدينا قل امنت بالله فاستقم ليس فيها ذكر لثم فلو حول الى مثل هذا كان ذلك سائغا. اما غير خطاب الشرع فلا ينبغي ان يحول ومما لا يدخل في هذا بل هو مستحسن ما يسمى بالزيادات في المتون التي شهرت عند الشناقطة باسم الاحمرار كاحمرار الحسن ابن زين الى نية الافعال او احمرار المختار ابن بونا لالفية ابن مالك والمقصود بالاحمرار ابيات من نظم من زادها ادخلت في ضمن متن الفية ابن مالك او لامية الافعال له لما تتضمنه من زيادة معنى وبيان مسألة فهذا لا بأس به ولكن المذموم هو ان تحول النسخة في متن ما الى اختيار متأخر عنه كما مثلنا. نعم. احسن الله اليك واما الامر الثاني فاخذه على مفيد ناصح فتفزع الى شيخ تتفهم عنه معانيه. يتصف بهذين الوصفين واولهما الافادة وهي اهليته العلم فيكون ممن عرف بطلب العلم وتلقيه حتى ادرك. فصارت له ملكة قوية فيه. والاصل في هذا ما اخرجه ابو داوود رحمه الله في سننه قال حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن ابي شيبة قال احدثنا جرير عن الاعمش عن عبد الله بن عبدالله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم واسناده قوي. والعبرة بعموم الخطاب لا المخاطبة فلا يزال من معالم العلم في هذه الامة ان يأخذه الخالق عن السالف. اما الوصف الثاني فهو النصيحة تجمع معنيين اثنين احدهما صلاحية شيخنا للاقتداء به والاهتداء بهديه ودله وسمته. والاخر والاهتداء بهديي ودله وسمته الهدي اسم بالطريقة التي يكون عليها العبد وهو جامع للسمت والدل فان الدال قوى المتعلق بالصورة الظاهرة والسمت هو الهيئة في الافعال اللازمة والمتعدية والاخر معرفته بطرائق التعليم بحيث يحسن تعليم المتعلم ويعرف ما يصلح له وما يضره. وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي في الموافقات ومن طرائق التعليم برنامج مهمات العلم فنوره يخرج من مشكاة ما ذكره الشاطبي رحمه الله تعالى من معرفة ما يصلح للمتعلم واحسان تعليمه فالناس يحدث لهم مع ضيق ازمانهم وكثرة اشغالهم احوال توجب طلب الاصلح لهم وفي هذا يقول عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تحدث للناس اقضية بقدر ما يحدثون من الفساد انتهى كلامه ومن جملة ما ينبغي ان يحدث للناس مراعاة احوالهم في التعلم والتعليم فليس هذا المسلك في سرد المتون مع التعليق اللطيف والتنكيت الطريف بدعا من القول من هو مبني على اصل وثيق في اخذ العلم بملاحظة احوال الناس وحملهم على ما يصلحون به نعم. احسن الله اليك. المعقد السادس رعاية فنونه في الاخذ وتقديم الاهم فالمهم. ان الصورة المستحسنة يزيد حسنها بتمتع البصر بجميع اجزائها ويفوت من حسنها عند الناظر بقدر ما يحتجب عنه من اجزائها. والعلم هكذا من رعى فنونه بالاخذ واصاب من كل فن حظا كملت الته في العلم. قال ابن جوزي رحمه الله في صيد خاطره جمع العلوم يمدوح من كل فن خذ ولا تجهل فالحر مطلع على الاسرار يقول شيخ شيوخنا محمد بن مانع رحمه الله في ارشاد الطلاب. ولا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب السنة اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه ولا يصوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله ويجري بعالمه فان هذا نقص ورذيلة فالعاقل ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بحلم والا دخل تحت قول القائل اتاني ان سهلا ثم جهل علوما ليس يعرفهن سهل. علوما لو قرأها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهل. انتهى كلامه وانما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد اصلين احدهما تقديم الاهم فالمهم فالمهم مما يفتقر اليه المتعلم في القيام بوظائف بالعبودية لله سئل ما لك بن انس امام دار الهجرة عن طلب العلم؟ فقال حسن جميل ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح الى حين في ملزمه قال ابو عبيدة معمر ابن المثنى رحمه الله من شغل نفسه بغير المهم اضر بالمهم. فقدم الاهم ان العلم جم والعمر طيف زار او ضيف الم. والاخر ان يكون قصده في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فن. حتى اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق طبعه منها وانس من نفسه قدرة عليه فتبحر فيه سواء كان فنا واحدا ام اما بلوغ الغاية في كل فن والتحقق بملكته فانما يهيأ له الواحد بعد الواحد في ازمنة متطاولة ثم ينظر المتعلم فيما يمكنه من تحصيلها افرادا للفنون ومختصراتها واحدا بعد واحد او جمعا لها والافراد هو المناسب لعموم لعموم الطلبة. ومن طيار فعل الشناقطة قول احدهم وان ترد تحصيل فنن تممه. وعن سواه قبل الانتهاء وفي توادف العلوم المنعوجة ان توأمان استبقا لن يخرجا. قوله ومن طيار شعر الشناقطة البيت الطيار قوى المشتهر دون معرفة قائله والى ذلك اشرت بقولي شائع الابيات ان لم يعلم قائله الطيار بين الامم شائع الابيات ان لم يعلمي قائله الطيار بين الامم ومعنى قوله قبل الانتهاء مه ما كلمة زجر ومن عرف من نفسه قدرة على الجمع جمع وكانت حاله استثناء من العموم ومن نواقض هذا المعقد المشاهدة الاحجام عن تنوع العلوم والاستخفاف ببعض المعارف والاشتغال بما لا ينفع مع الولع بالغرائب وكان مالك يقول شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس المعقل السابع المبادرة الى تحصيله واغتنام سن الصبا والشباب. فان العمر زهرة اما ان تصير بسلوك المعالي ثمرة واما ان تذبل وان مما تثمر به زهرة العمر المبادرة الى تحصيل العلم. وترك الكسل الكسل والعجز. واغتنام سن الصبا امتثالا للامر باستباق الخيرات كما قال تعالى فاستبقوا الخيرات. وايام الحداثة فاغتنمها الا ان الحداثة لا قال احمد رحمه الله ما شبهت الشباب الا بشيء كان فيكم مي فسقطه والعلم في سن الشباب اسرع الى النفس واقوى تعلقا قال الحسن البصري رحمه الله العلم في الصغر كالنقش في الحجر فقوة بقاء العلم في الصغر كقوة بقاء النقش في الحجر. فمن اغتنم شبابه نال اربه وحمد عند مشيبه سراه. اغتنم سن الشباب عند المشيب عند المشيب اغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم السرى. واضر شيء على الشباب التسويق وطول الامل. فيشوه احدهم ثم يركب بحر الاماني ويشتغل باحلام اليقظة ويحدث نفسه ان الايام المستقبلة ستفرغ له من الشواغل وتصفو من المكدرات والعوائق قوله ويشتغل باحلام اليقظة احلام اليقظة تركيب يراد به ما لا حقيقة له والحال المنظورة ان من كبرت سنه كثرت شواغله وعظمت قواطعه مع ضعف الجسم ووهن القوى. ولن تدرك الغايات العظمى بالتلهف التوجه والتمني ولست بمدرك ما فات مني بلهف ولا بليت ولا لوني. ولا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كباره. كما ذكره البخاري رحمه الله في كتاب العلم من صحيحه. وانما يعسر التعلم في الكبر كما بينه الماوردي في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القواطع قواطع وتكاثر العلائق. فمن قدر على دفع عن نفسه ادرك العلم وقد وقع هذا لجماعة من النبلاء طلبوا العلم كبارا فادركوا منه قدرا عظيما. منهم القفال الشافعي رحمه الله المعقد الثامن لزوم التأني في طلبه وترك العجلة فان تحصيل العلم لا يكون جملة واحدة. اذ القلب يضعف عن ذلك وان للعلم فيه قال ثقل الحجر في يد حامله كما قال تعالى انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. اي القرآن واذا كان هذا وصف القرآن ميسر كما قال تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فماذا فما الظن بغيره من العلوم وقد وقع تنزيل القرآن رعاية لهذا الامر مفرقا باعتبار الحوادث والنوازل. كما قال تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليهم القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا. وهذه الاية حجة في لزوم التأني في طلب العلم والتدرج فيه. وترك العجلة ما ذكره الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه والراغب الاصفهاني في مقدمة جامع التفسير قوله رعاية لهذا الامر منجما مفرقا فالنجم هو الوقت المضروب فمعنى الجملة اي في اوقات مضروبة معينة ومن شعر ابنه النحاس الحنبلي الحلبي قوله رحمه الله اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تلتقط. يحصن المرء وبها حكمة وانما السيل اجتماع النقط. قال شعبة ابن الحجاج اختلفت الى عمرو ابن دينار خمسمائة مرة وما سمعت منه الا كحديث في كل خمسة مجالس حديث. وقال حماد بن ابي سليمان لتلميذ له تعلم كل يوم ثلاث مسائل ولا تزد عليها شيئا ومقتوى لزوم التأني والتدرج البداءة بالمتون قصار المصنفة لفنون العلم حفظا واستشراحا والميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليها. ومن تعرض للنظر في المطولات فقد يجني على دينه. وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى تضييعه. ومن الحكم قول عبدالكريم الرفاعي احد شيوخ العلم بدمشق الشام ذي القرن الماضي طعام الكبار سم الصغار وصدق فان الرضيع اذا تناول طعام الكبار مهما لذ وطاب اهله اهلكه واعطبه مهما الذ وطاب اهلكه واعطبه ومثله من يتناول المسائل الكبار من المطولات ويوقف نفسه مع ضعف الالة على خلاف العلماء وتعدد مذاهبهم في المنقول والمعقول المعقد التاسع الصبر في العلم تحملا واداء. اذ كل دليل من الامور لا يدرك الا بالصبر. واعظم شيء تتحمل به النفس غلب المعالي تصبير عليه ولهذا كان الصبر والمصابرة مأمورا بهما لتحصيل اصل الايمان تارة ولتحصيل كماله تارة اخرى كما قال تعالى يا ايها الذين الذين امنوا اصبروا وصابروا وقال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه قال يحيى ابن ابي كثير في تفسير هذه الاية هي مجالس الفقه ولن يحصل احد العلم الا بالصبر. قال يحيى ابن ابي كثير ايضا لا العلم براحة الجسم فبالصبر يخرجه فبالصبر يخرج مما احسن الله اليك. فبالصبر يخرج من معرة الجاهل قال الاصمعي من لم يحتمل ذل التعليم ساعة بقي في ذل الجهل ابدا. وبه تدرك لذة العلم. قال بعض السلف من لم يحتمل الم التعليم لم يذق لذة العلم ولابد دون الشهد من سم لسعة قوله ولابد دون الشهد من سم لسعة الشهد بفتح الشين وضمها ايضا هو العسل في الشمع ودونه ابر النحل التي تلسع من اراده وكذلك معالي الامور دونها وخزات الالم التي تصعب الوصول اليها فمن رام ان يصيبها فلا بد ان يشهد قلبه ان دون تلك المعالي امور عظائم تستوجب منه صبرا عظيما وجهدا كبيرا في طلابها والحرص عليها نعم الله عليك وقد يقال من لم يركب وكان يقال وكان يقال من لم يركب المصاعب لم لم ينل الرغائب. وصبر العلم نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه. فالحفظ يحتاج الى صبر والفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر ورعاية حق الشيخ تحتاج الى صبر. والنوع الثاني صبر في وبثه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر وافهامهم يحتاج الى صبر. واحتمال زلاتهم يحتاج الى صبر وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما بكل الى شئو العلا وثبات ولكن عزيز في الرجال ثبات. قوله لكل الى شأو العلا وثبات الشاو هو الغاية والمعنى لكل الى غايات العلا وثبات وقفزات في طلابها ولكن يعز في الرجال الثبات على مطلوبهم وقريبا قيل من ثبت نبت فان من له عزيمة فثبت في طلاب مقصوده وصل اليها نعم ومن يلزم الصبر يظفر بالرشد. قال ابو يعلى الموصني المحدث اني رأيت وفي الايام تجربة للصبر عاقبة محمودة من اثاره وقل من جد في امر تطلبه واستصحب الصبر الا فاز بالظفر المعقل العاشر ملازمة اداب العلم. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارس السالكين. ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه وقلة ادبه به عنوان شقاوته وضواله. فما استدلب خير الدنيا والاخرة بمثل الادب. ولاستجلب حرمانهما بمثل قلة الادب. والمرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسب ونسب. وانما يصلح للعلم من تأدى بادابه في نفسه ودرسه ومع شيخه وقرينه. قال يوسف بن الحسين بالادب تفهم العلم لان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبذل له فيبذل ما شاء الله عليك. فيبذل له وقرين الادب يعز العلم ان يضيع عنده. سأل رجل البقاعية ان يقرأ عليه فاذن له البقاعي. فجلس الرجل متربعا فامتنع البقاعي من اقرائه وقال له انت احوج الى الادب منك الى العلم الذي جئت تطلبه. ومن هنا كان السلف رحمهم الله يهتمون بتعلم الادب كما يهتمون بتعلم العلم قال ابن سيرين رحمه الله كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم بل ان طائفة منهم يقدمون تعلمه على تعلم العلم قال بن انس لفتى من قريش يا ابن اخي تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم. وكانوا يظهرون حاجتهم اليه. قال مخلد بن الحسين بن يوم نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم وكانوا يوصون به ويرشدون اليه. قال ما لك كانت امي تعممني وتقول لي اذهب الى ربيعة تعني ابن عبدالرحمن فقيه اهل المدينة في فتعلم من ادبه قبل ان قبل علمه وانما حرم كثير من طلبة العصر العلم بتضييع الادب فترى احدهم متكئا بحضرة شيخه بل يمد اليه رجليه ويرفع صوته عنده ولا امتنعوا عن اجابة هذه الجوال او غيره فاي ادب عند هؤلاء ينالون به العلم؟ اشرف الليث ابن سعد رحمه الله على اصحاب الحديث امنهم شيئا كانه كرهه فقال ما هذا؟ انتم الى يسير من الادب احوج منكم الى كثير من العلم فما هذا يقول الليث لو رأى حال كثير من طلاب العلم في هذا العصر المعقد الحادي عشر صيانة العلم عما يشين مما يخالف المروءة ويخرمها فمن لم يكن العلم لم يصنه العلم كما قال الشافعي. ومن اخل بالمروءة بالوقوع فيما يشين فقد استخف بالعلم. فلم يعظمه ووقعت قالت كيف تفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه؟ فقال وهب ابن منبه رحمه الله لا يكون من الحكماء. لا يدرك العلم بطال ولا كسل ولا ملون ولا من يألف البشر. ودماع المروءة كما قال ابن تيمية الجد في المحظر وتبعه حفيده في بعض فتاويه استعمال ما يجمله ويزينه وتجنب ما يدنسه ويشينه. قيل لابي محمد سفيان ابن عيينة قد استنبط من القرآن كل شيء فاين المروءة فيه؟ قال في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. ففيهم المروءة وحسن الادب ومكارم الاخلاق. ومن ومن الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة وما يحمل عليها. وتنكبه التي تخل بها كحلق لحيته قوله وتنكبه خوادمها الخوارم جمع خرم وهو الشق وحوارم المروءة مفسداتها التي تذهب بها فلا يقال في شيء ما انه خان للمروءة الا اذا كان قاضيا عليها بالنقص او الافساد ومن جملة ذلك ما سيذكر في الكلام المستقبل نعم تطلع هيك ومن الزم ادب النفس للطالب تحلوه تحليه بالمروءة وما يحمل عليها وتنكبه خوارمها التي تخل بها كحلق لحيته فقد عده في المروءة ابن حجر الهيتمي من الشافعية وابن عابدين من الحنفية او كثرة الالتفات في الطريق وعده من خوارمها ابن شهاب الزهري وابراهيم النخاعي من المتقدمين او مد الرجلين في مجمع الناس من غير حاجة ولا ضرورة داعية. وعده من الخوارم جماعة منهم ابو بكر الطرطوشي الطرطوشي من المالكية وابو محمد ابن قدامة وابو الوفاء ابن عقيل من الحنابلة او صحبة الاراذل والفساق والمدان والبطالين وعنده من خوارم مروءة جماعة منهم ابو حامد الغزاري وابو بكر ابن الطيبين الشافعية والقاضي عياض المحصوبي من المالكية او ومصارعة الاحداث والصغار وعده من الخوارم ابن الهمام وابن لجيم من الحنفية ومن اخل بمروءته وهو ينتسب الى العلم فقد افتضح عند الخاصة الديوان العام ولم ينل من شرف العلم الا الحطام المعقد الثاني عشر انتخاب الصحبة الصالحة له. فالانسان مدني بالطبع واتخاذ الزميل ظرورة لازمة في نفوس الخلق. قوله فالانسان مدني بالطبع اي لابد له من الاجتماع بغيره من ابناء جنسه ومشاركة بعضهم بعضا في تحصيل مصالحهم وهذه الجملة الانسان مدني بالطبع مشهورة من كلام الفلاسفة اليونان ثم شهرها تأصيلا وتفريعا ابن خلدون رحمه الله في مقدمته ومعناها موجود في القرآن الكريم في قوله تعالى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا فان التعارف المراد به المدنية التي تشتمل على انتفاع الخلق بعضهم لبعض في امر معاشهم ومعادهم نعم والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود. ولا يحسن فيحتاج طالب العلم فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره من الطلاب لتعينه هذه المعاشرة على تحصيل العلم والاجتهاد في طلبه. والزمالة في العلم ان سلمت من اوائل نافعة في الوصول الى المقصود ولا يحسن ان سلمت من الغوائل الغوائل هي الدواهي التي ترجع على العلم بالضرر والافساد فالزمالة محمودة ممدوحة في العلم ما لم تشتمل على ما يضر به نعم ولا يحسن بقاصد العلا الا انتقاب صحبة صالحة تعينه فان للخليل خليله في خليله اثرا. قال ابو داوود والترمذي والسياق لابي داوود حدثنا ابن بشار حدثنا ابو عامر وابو داوود قال حدثنا زهير بن محمد قال حدثني موسى ابن وردان عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. يقول الراعب الاصفهاني ليس اعداء الجليس لجليسه بمقاله بل بالنظر اليه لا تصحب الكسلان في حالاته كم صالح بفساد اخر يفسده. عدوى البليد الى الجليد سريعة كالجمري يوضع في الرماد فيخمد. والجليد هو الجاد الحازم وانما يختار للصحبة من يعاشر من يعاشرني فضيلة لا للمنفعة ولا لذة فان عقد المعاشرة يبرم على هذا يبرم يبرم على هذه المطالب الثلاثة الفظيلة والمنفعة واللذة كما ذكره شيخ شيوخنا محمد الخضر بن حسين في رسائل الاصلاح انتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به. قال ابن مسعود رضي الله عنه اعتبروا الرجل بمن يصاحبه فانما يصاحب الرجل من هو مثله وانشد ابو فتح البوستي لنفسه اذا ما اصطنعت اذا ما اصطنعت امرءا اذا ما اصطنعت ما شاء الله عليك. اذا ما اصطنعت امرأ تكن شريفا النداء زكي الحسب فنذل الرجال كنذل النبات فلا للثمار ولا للحطب. قوله شريف النجار فالنجار بكسر النون وضمها هو الاصل والانساب مؤثرة في الطبائع. كما بينه شيخ الاسلام ابن تيمية كاقتضاء الصراط المستقيم ولذلك لا تلم خوارم المروءة وقبائح العادات الا بساقط الاصل نعم ويقول ابن مانع رحمه الله في ارشاد الطلاب وهو يوصي طالب العلم ويحذر كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة وسيئي السمعة والاغنياء والبلداء فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان وكانها لا عين قول سفيان ابن عيينة اني لاحرم الحديث الغريب لموضع رجل واحد ثقيل فقد يحرم المتعلم العلم لاجل صاحبه فاحذر هذا الصنف وان تزيأ بزي العلم فانه يفسد فمن حيث لا تحس. المعقد الثالث عشر بذل الجهد بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه اذ تلقيه عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له ومذاكرة به وسؤال عنه فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه والاشتغال فالحفظ خلوة بالنفس والمذاكرة جلوس الى القرين. والسؤال اقبال على العالم. فبالحفظ يقرر العلم في القلب وينبغي ان يكون جل همه الطالب مصروفا الى الحفظ والاعادة. كما يقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره. ولم يزل العلماء الاعلام يحضون عن الحفظ ويأمرون به قال عبيد الله بن الحسن وجدت احضر العلم ووجدت احضر العلم منفعة ما وعيته بقلبي ولا ملكته بلساني قوله ولقته بلساني مأخوذ من قولهم لا كالشيء في فمه اي علكه وتحرك به لسانه فمعنى قول عبيد الله هذا ما حركت به لساني متحفظا له ومن قواعد العلم ان القراءة التي يراد للحفظ يرفع فيها الصوت والقراءة التي يراد فيها الفهم يخفض فيها الصوت لان رفع الصوت مناسب للحفظ من جهة ان الانسان يحفظ لبصره وبسمع اذنه وخفض الصوت مناسب للفهم لما فيه من جمع القلب على المقروء فاذا خفض صوته لم يشوش على قلبه بقوة صوته فيجتمع القلب على تفهم ما يريد فينبغي ان يراعي طالب العلم هذا في مقروءه فان كان متحفظا لشيء فليرفع صوته به وان كان متفهما فليخفض صوته به. نعم الله عليك. وسمعت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله يقول حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا. فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا ليس بعلم ما حوى القيمطرون العلم الا ما حواه الصدر. قوله ما حوى القمطر القمطر بكسر القاف وفتح الميم هو وعاء تصان فيه الكتب وتحفظ فيما سبق يشبه الحقيبة التي يتخذها الناس اليوم مقامه نعم والمتنمس للعلم لا يستغني عن الحفظ ولا يجمل به ان يخلي نفسه ان يخلي نفسه منه واذا قدر على ما كان يصنع للفؤاد رحمه الله فليأخذ به فلقد كان لا يترك كل يوم اذا اصبح ان يحوى شيئا وان قل ومن عقل هذا المعنى لم يزل من الحفظ الازدياد فلا ينقطع عنه حتى حتى الموت. كما اتفق ذلك لابن مالك رحمه الله صاحب الالفية النحوية فانه وحفظ في يوم موته خمسة شواهد. وبالمذاكرة لا تزال للانسان قدرة على الحفظ حتى يموت ولا تزول هذه القدرة الا بزوال عقله ولكن القوى تختلف فان الانسان قد يحصل بقوة حفظه ما لا يحصله غيره بحسب ما يمن يمن الله به عليه ويهيئ له من الاسباب ومن ادام اعادة محفوظه وتكراره فانه سيبقى قادرا على الحفظ ما لم يتغير عقله ومن اخبار اهل العلم في هذا ان ابن هشام النحوي المعروف صاحب اوضح المسالك ومغن لبيب تحول في اخر عمره الى مذهب الحنابلة وكان شافعيا فحفظ متن الخرق تاما في مدة يسيرة مع كبر سنه ووهن عظمه لكنه كان رائضا لنفسه عن الحفظ ملازما له فامكنه ذلك مع تقدم سنه واتفق لابي الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى انه قرأ القراءات وحفظها وهو ابن ثمانين سنة ومعلوم مشقة تحفظ احرف القراءات واختلاف اهلها لكن من راضى عقله وعوده الحفظ اغتاظه ولزمه ومن انصرف عنه وانقطع بعد بدئه منه فانه يضعف عن ذلك ورياضة القلب في هذا كرياضة البدن عند ارادة تنمية عضلاته فان مريد تقوية عضلات بدنه يأخذ بدنه شيئا فشيئا بانواع الاحمال والاثقال واصناف الرياضات حتى تشتد تلك العضلات فتبرز للعيان في بدنه وكذلكم الحفظ اذا اخذ الانسان فيه شيئا فشيئا لا يزال قلبه يقوى عليه حتى يتمكن في منتهى امره في الحفظ من شيء لم يكن يستطيعه في اوله وطلاب العلم يغفلون عن رعاية هذا الاصل فيريد احدهم ان يحفظ في ابتداء امره القدر الذي يحفظه غيره من الشدات السابقين له فاذا لم يمكنه ذلك تكدر خاطره وضعفت همته وربما انصرف عن الحفظ وهذا من الجهل باخذ العلم والمناسب لحال الشادي للعلم في ابتدائه ان يأخذ نفسه بالحفظ القليل شيئا فشيئا حتى اذا تمادى به الزمن في التحفظ فليستكثر بحسب قدرته فاذا ابتدأ مثلا بحفظ سطر او سطرين فليمكت على ذلك مدة حتى يقوى قلبه ويكون قادرا على حفظها ثم يزيد بعد ذلك شيئا ويبقى عليه مدة ثم يزيد بعد ذلك شيئا ويبقى عليه مدة حتى يتمكن من الحفظ ولا ينبغي ان يغتم ويهتم لعجزه في المبادئ عن عدم بلوغ مراده من الحفظ فان الامر كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة النبوية والعبرة بكمال البداية والعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية انتهى كلامه فان مبادئ الامور تكون ضعيفة كخلقك يا ابن ادم فقد بدأت جنينا ثم صرت رضيعا ثم ارتفعت غلاما ثم قويت شابا ثم صرت كهلا وبلغت اشدك ولم تكن قوتك عند بلوغ الاشد كقوتك التي كنت عليها صغيرا وكذلكم العلم في حفظه وفهمه فرع هذا في اخذك والتماسك له ومن رعى هذا في اخذه اصاب مقصوده. واما من يضرب خبط عشواء ولا يفرق بين حال وحال ويريد ان يكون في ابتدائه كحال المنتهين فهذا مضر به وكذلكم من تعاطى في الحفظ او الفهم شيئا ليس له فانه يضر به كما ولع به الناس باخرة من العناية بحفظ الاسانيد مع المتون في ابتداء امرهم ولو كان هذا الامر مرادا عند اهل العلم لما جردوا المختصرات في حفظ السنة كالاربعين النووية وعمدة الاحكام وبلوغ المرام ورياض الصالحين لكنهم لما عرفوا ان هذا امر لا يستطاع في المبادئ وان من قدر عليه في اول مرة في اول امره فانه يضر به عزفوا عنه ورفعوه من هذه المختصرات فجعلوها مخصوصة بحفظ متون الاحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك كانوا يأخذون في حفظ العلم شيئا فشيئا ويأخذون في فهمه شيئا فشيئا فلا يرتقون الى مطالعة المطولات وحضورها على الاشياخ وهم بعد لم يثبتوا اصولهم ويدركوا مقاصد العلم المذكورة في المتون ومن ظن انه يحفظ او يفهم في اول امره شيئا عظيما فيأخذ نفسه به فانه سيعود على نفسه بالفشل والافساد بخلاف من اخذها شيئا فشيئا وان قدرت على ما هو فوقه. فان النفس غرارة وهي تمهل صاحبها رجاء يقع في حبالة من حبالاتها تصده عن مقصوده من العلم فينبغي ان تعقل ان اخذك للعلم ينبغي ان يكون رويدا رويدا ومن العجيب ان الناس ينشأون في دراستهم النظامية فيدخلون الابتدائية ولا يتقدم احد الى المرحلة المتوسطة وهو لم يدرس الابتدائية فاذا فرغ من الابتدائية انتقل الى المتوسطة فاذا فرغ منها انتقل الى الثانوية حتى يدرك العلم. واذا درس الحساب فانه يدرس الجمع قبل ان يدرس الطرح او يدرس الضرب او يدرس القسمة لانه هو المناسب لمداركه. ومع رعاية بهذا الامر رعاية واضحة بينة لا يتلجج في فهمها احد في علومهم النظامية لكن كثيرا من طلاب العلم يضيعون هذا اصل في طلبهم العلوم التي تقربهم الى الله سبحانه وتعالى ويريد احدهم ان يحفظ بلوغ المرام وهو لم يحفظ الاربعين النووية ويحضر احدهم صحيح البخاري وهو لم يقرأ بعد على شيخ الاربعين النووية. فاين هذا من العلم وانما حصل النقص عند الناس في العلم باخرة لتضييعهم مثل هذه الاصول حتى صار الداعي اليها عليها مستغربا وكأن الناس اعجبوا بما فتح عليهم من الات الطباعة التي تقذف كل يوم بكتاب جديد وشرح جديد فجمعوا هذه الكتب في ادراج خزائن كتبهم وظنوا ان العلم يؤخذ بالكم. والعلم لا يؤخذ الا بالكيف واما الكم الكثير فاعلم انك مهما استكثرت منه قراءة او حضورا او حفظا دون البناء على اصل وثيق فانك لا تواصل مسيرك وابن القيم رحمه الله تعالى يقول من استطال الطريق ضعف مشيه فالذي ينظر الى هذه الكتب المنتهية ويرى ان تسريع الوصول اليها يكون بالهجوم عليها قراءة وفهما وحفظا وانه يكون بذلك من اهل العلم فانه لا يدرك ابدا وانما تدرك العلم اذا سرت بسير اهله اخذا لصغار العلم حفظا واستشراحا حتى ترتفع الى ما بعدها ثم ترتفع بعد ذلك الى ما بعدها حتى تصل الى الكتب المنتهية واضاعتك وقتك فيما سواها هو تضييع لقوتك فاياك ان تضيع قوتك ووقتك فيما نفعه قليل وضرره وبين. بل اشتغل بما نفعه كثير لك وحال هذا كحالنا في البستنا فان المرء يلبس وهو ابن عشرين ما لم يكن لابسا له وهو ابن عشر سنين وكذلك العلم لا تدخل في شيء لم تصل اليه بعد واعلم ان اسرع طريق الى العلم هو الجادة المسلوكة عند اهله. وما عدا ذلك فمهما نمق لك او حسن او حملت عليه فانك لا تنتفع به ابدا. نعم الله عليك. وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس ويقوى تعلقه بها. والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران. فقد امرنا بتعاهد القرآن الذي هو ايسر العلوم. قال البخاري رحمه الله حدثنا عبد الله بن يوسف. قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعطلة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. رواه مسلم ورواه مسلم حديث مالك به نحوه قال ابن عبد البر رحمه الله في كتابه التمهيدي عند هذا الحديث واذا كان القرآن ميسر للذكر كالابل المعقلة من تعاهدها فكيف بسائر العلوم؟ وكان الزهري رحمه الله يقول انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة. وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه. قال رحمه الله انما هذا العلم خزائن وتفتتحها المسألة وتفتتحها المسألة. وحسن المسألة نصف العلم والسؤالات المصنفة مسائل احمد المروية عنه برهان جلي على عظيم منفعة السؤال وقلة الاقبال على العالم بالسؤال اذا ورد على بلد تكشف مبلغ العلم فيه فهذا سفيان الثوري رحمه الله يقدم عسقلان فينكث ثلاثة لا يسأله انسان عن شيء فيقول لرواد لرواد ابن الجراح احد اصحابه اختر لي اخرج من اكتر لي اخرج من هذا البلد جاء بلد يموت فيه العلم قوله رحمه الله هذا بلد يموت فيه العلم لانه لا احد يسأل عنه فاذا بلي الانسان بمثله كان موتا لعلمه فاختار سفيان رحمه الله تعالى ان يخرج من هذا البلد لئلا يموت فيه علمه. واذا كان هذا في حق العالم الذي معه طعامه وشرابه من العلم فانه في حق المتعلم اولى فالبلد الذي لا ينعش فيه العلم ولا يظهر ولا يجده متلمسه مما ينبغي ان يهجره ملتمس العلم الى غيره رجاءا يصيب العلم الذي يؤمله ولاجل هذا شهرت عند اهل العلم الرحلة فيه بالتنقل من بلد الى بلد لاصابة العلوم وادراكها نعم فمن لقي شيخا فليغتنم لقاءه بالسؤال عما يشكل عليه ويحتاج اليه لا سؤال متعنت ممتحن. وهذه المعاني الثلاثة بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته في الحفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته الرابع عشر اكرام اهل العلم وتوقيرهم. ان فضل العلماء عظيم ومنصبهم منصب جليل. لانهم اباء الروح فالشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد وفي قراءة ابي ابن كعب رضي الله عنه النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو اب لهم. والابوة المذكورة في هذه القراءة ليست نبوة النسب اجماعا وانما هي الابوة الدينية الروحية فالاعتراف بفظل المعلمين حق واجب قال شعبة ابن الحجاج كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد. واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد ابن علي الادفي الاودفوي فقال رحمه الله اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه فوائد فهو عبد له فهو له عبد قال الله تعالى واذ قال سالفتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فداه لذلك وقد امر الشرع برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. قال احمد في المسند حدثنا هارون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني مالك ابن الخير عن ابي قبيل المعاهثري عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا لا يعرفني عالمنا لعالمنا حقه. امسك ابن عباس رضي الله عنه يوما بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه. فقال زيد اتمسك لي وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس انا هكذا نصنع بالعلماء. قوله امسك ابن عباس رضي الله عنه يوما بركاب زيد ابن ثابت ثابت رضي الله عنه الركاب اسم للابل التي تحمل القوم واراد بذلك زمام الناقة التي هو عليها نعم ونقل ابن حزم الاجماع على توقير العلماء واكرامهم والبصير بالاحوال السلفية يقف على حميد احوالهم في توقير علمائهم فقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا جلسوا اليه كانما على رؤوسهم الطير لا يتحركون. وقال محمد ابن سيرين رأيت عبدالرحمن ابن ابي ليلى واصحابه ابوه يعظمونه ويشودونه ويشرفونه مثل الامير فقال يحيى المنصري الموصلي رأيت ما لك بن انس غير مرة وكان لاصحابه من الاعظام له والتوقير له. واذا رفع احد صوته وصاحوا به فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل. التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه. ومراعاة ادبه في الحديث معه واذا حدث عنه عظمه من غير غلو بل ينزله منزلته لان لا يشينه من حيث اراد ان يمدحه وليشكر تعليمه ويدعو ولا يمهل استغناء عنه لا لا ولا يؤذيه بقول او فعل وليتلطف في تنبيهه على خطأه. اذا وقعت منه زلة. ومما تناسب الاشارة اليه هنا باختصار وديس معرفة الواجب ازاء زلة العالم وهو ستة امور. الاول التثبت في صدور الزلة منه التثبت في كونها خطأ وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها. والثالث ترك اتباعه فيها. والرابع التماس العذر له تأويل سائغ والخامس بذل النصح له بلطف وسر لا عنف وتشهير والسادس حفظ جنابه فلا تهدر كرامته في قلوب المسلمين. قوله حفظ جنابه الجناب بالفتح كالجانب والمراد قدره فيحفظ قدره ولا تهجر كرامته وهذه النبذة في معرفة الواجب ازاء زلة العالم من عيون ما في هذه المقيدة فان زلة العالم ذهاب العالم وهي مما شاع ابتلاء الخلق به باخرة لضعف قلوبهم وكثرة الاهواء فيهم وسريانها الى المتشرعة فزادت الوقيعة فيها والبلية بها فينبغي لمريد السلامة ان يعمل هذه الامور الستة فيها فليتثبت اولا من الزلة اذا صدرت انها صحيحة فيمن نسبت اليه ثم ليتثبت بعده في كونها خطأ وهذا شيء لا يميزه كل احد بل انما يميزه العلماء الراسخين فوظيفة بيان كون امر ما هو زلة من الزلات مناط بالعلماء الراسخين كما ذكره الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم فلا يحكم احد على احد من العلماء انه زل الا عالم مثله اما المتعلمون فاذا عرظ لهم شيء من ذلك فيرفعون ما اشكل عليهم الى العلماء اما تصدر المتعلم لرصد الزلات ومناقشة الاشكالات فمن بلايا العصر وفواقره ثم اذا حكم بعد بانها خطأ لقول عالم متمكن ان ما صدر عن فلان خطأ من الاخطاء فانه يترك اتباعه فيه. ويلتمس له عذر بتأويل سائغ والتأويل السائغ انما يكون حقا لمن ثبت له الاجتهاد ممن وجدت فيه الته واجتمعت له عدته اما من قصر عن هذه الرتبة فانه لا يقال لعل له تأويلا سائغا بل هو مريد للخط الخير قد اخطأ فيه ومن الشائع عند الناس عند عند الحكم على خطأ ما ان يقال لعله اجتهد وليس الاجتهاد حقا لكل احد بل هو مخصوص باهله فلا يصح اطلاق هذه العبارة في حق كل متكلم بل تكون حصرا على من يصح فيه الاجتهاد فاذا اخطأ متأهل له قيل لعله اجتهد اما غيره فلا يقال فيه ذلك وانما يقال لعله اراد خيرا فاخطأ فيه كما قال ابن مسعود فيما رواه الدارمي في سند صحيح عنه انه قال كم من مريد للخير لن يصيبه فمن وقع في خطأ وكان مجتهدا قيل لعله اجتهد فاخطأ واما من لم يكن اهلا للاجتهاد فلا يصح ان يقال فيه لعله اجتهد فاخطأ. وانما يقال لعله اراد خيرا فاخطأه ثم اذا حقق انه قد اخطأ بتأويل سائغ كما تقدم والتمس له عذر فانه تبذل له النصيحة بلطف ويسر لا عنت وتشهير فبدل النصح واجب وطرد العنف في جميع احواله ليس من اهل ليس من هدي اهل السنة والجماعة بل اهل السنة يعملون في كل محل ما يناسبه فان النصح تارة يناسبه اللطف واليسر فيكون الواجب امضاؤه به ويكون تارة المناسب له العنف والتشهير فيمضى هذا معه ومن بدائع ابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى قوله اهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق انتهى كلامه ومن رحمتهم للخلق اعمال هذه الاصول الستة التي ذكرت ازاء زلة العالم نعم ومما يحذر منه مما يتصل بتوقيع العلماء ما صورته التوقير ومآله الاهانة والتخفير. كالازدحام على العالم عليه والجاءه الى اعسر السبل فما ماته شيء من بشير الواسطي المحدث الثقة رحمه الله الا بهذا فقد ازدحم اصحاب الحديث عليه اطلعوا عن حماره فكان سبب موته رحمه الله. المعقد الخامس عشر رد مشكله الى اهله. فالمعظم للعلم يعول على دهاقي والجهابية من اهله لحل مشكلاته. قوله يعول على دهاكنته والجهابذة من اهله الدهاقنة جمع دهقان بالكسر وتظم ايضا وذكر الفتح ثالثا لهما وهو اعجمي عرب ومعناه قوي التصرف في حدة والجهامدة جمع جهبذ بكسر اوله وثالثه لا جه بذ وهو النقاد الخبير لغوامض الامور وهذه الكلمة كسابقتها اعجمية الاصل لكنها عربت فاشتهرت نعم ولا ولا يعرض نفسه لما لا تطيق خوفا من القول على الله بلا علم وافتراء على الدين. فهو يخاف سخرة الرحمن قبل ان يخاف السلطان فان العلماء بعلم تكلموا نافذ سكتوا فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامهم وان سكتوا عنه فليسع كما ومن اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن والناس في هذا الباب طرفان ووسط فقوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها وفزعوا الى اهل الاهواء والاواء يستمدونها من هيجان الخطباء ورقة الشعراء وتخليات السياسيين وارجافات وقوم يعرضونها على العلماء لكنهم لا يرتضون قالهم ولا يرضون مقالهم فكأنهم طلبوا جوابا يوافق هوى في نفوسهم فلما لم يجدوه ومالوا عنهم والناجون من نار الفتن السالمون من وهج المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم قوله السالمون من وهج المحن الوهج بالتحريك هو حر النار فمعنى الجملة السالمون من حر نار المحن نعم هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم. فطرح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة. فالسلامة لا يعدنها شيء. وما احسن قول ابن عاصم في ملتقى الوصول واجب في مشكلات الفهم تحسين الظن باهل العلم. ومن جملة المشكلات ورد زلات العلماء والمقالات الباطلة اهل البدع والمخالفين فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون كما بينه الشاطري بالموافقات. ومن رجب في جامع العلوم والحكم. واذا تعرضت الناشئة تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب. تولدت فتن وبلايا كما هو مشاهد في عصرنا فانما نشأت كثير من حين تعرض للرد على زلات العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة الاغمار والجادة السالمة عرضها على العلماء والاستمساك بقولهم فيها قوله بعض الناشئة الاغمار الاغمار جمع غمر بسكون الميم وتضم ايضا فيقال غمر وغمر وهو اسم لمن لم يجرب الامور نعم المعقد السادس عشر توقير مجالس العلم واذلال واوعيته. فمجالس العلماء كمجالس الانبياء قال سهل ابن عبد الله من اراد ان ينظر الى مدارس الانبياء فلينظر الى مجالس العلماء. يجيء رجل فيقول يا فلان اي شيء تقول فيه رجل حلف على امرأته بكذا وكذا؟ فيقول طلقت امرأته ويجد اخر فيقول ما تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول ليس يحنث بهذا القول وليس هذا الا لنبي او لعالم فاعرفوا لهم ذلك فقال مالك بن انس ان مجالس العلماء تحتضن بالخشوع والسكينة والوقار وقد كان مالك رحمه الله اذا اراد ان يحدث توضأ وجلس على فراشه وشرح لحيته وتمكن من جلوسه بوقار وهيبة ثم حدث فكان عبدالرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه ولا يبرى فيه قلم ولا يتبسم فيه احد. وكان وكيل ابن الجراح في مجلسه كأنهم في صلاة فعلا طالب العلم ان يعرف لمجالس العلم حقها فيجلس فيها جلسة الادب ويصغي الى الشيخ ناظرا اليه لا يلتفت عنه من غير ظرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها ولا يعبث بيديه او رجليه ولا يستند بحضرة شيخه ولا يتكئ على يده ولا يكثر التنحنح والحركة ولا يتكلم مع جاره واذا عرف خفض صوته واذا تثائب ستر فمه بعد رده جهله. وهذه هي روضة العلم الموقرة ومقامته المعظمة التي تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتعلوها السكينة والعلم صلاة القلب كما قال ابن جماعة رحمه الله تعالى في تذكرة السامع والمتكلم فاذا احرم القلب بصلاته تعلما وتعليما وجلس ملتمسه ومقتبسه الى حلقته لزمه ان يصرف نفسه عن كل ما يشغلها مما ذكر ولو كان المفظي الى هذا المهيأ من جمع النفس والقلب على هذا المراد قوى التقييد بالقيود لكان ذلك صالحا للعلم وقد كان ابن عباس رضي الله عنه يقيد مولاه عكرمة على تعليم القرآن والسنن والفرائض كما ذكره البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه فانظر الى شريف فهمهم لما ادركوا ان هذه المعالي لا تقع الا بحبس النفوس عليها ولم تكن المكنة في حبس نفس من تلك النفوس الا بتقييدها. فلما حملت عليه شرفت فان عكرمة البربري مولى ابن عباس رحمه الله تعالى صار له رفعة في العلم بعد هذا الحبس وهذا حبس نافع لا سجن قاطع والمحبوس من حبسه هواه وصرف قلبه عن ما ينفعه والمسجون من سجن قلبه عن الامور العظيمة او اخذ فيها بطريق لا تفظي اليها فلا تستكثرن ما ذكر من حال الادب في العلم اذ هذا هو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم واذا كان اهل الدنيا يحفظون دراهمهم ودنانيرهم ويتفننون في صيانتها بانواع الخزائن واشكال الاقفال والمفاتيح التي يحرزون بها حفظها فحري بالقائمين بالنيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ميراثه ان يجتهدوا في هذا وان يعمل المنتصبون لانفسهم في هذا الامر وهو طلب العلم ان يعملوا هذا الاصل فيه تعظيما لمقام النبي صلى الله عليه وسلم تقابيح بك ان تلاحظ عند مراجعتك لمصرف مالي ادب اهله واسلوب نظامه وتترفق بموظفيه رجاء تخرج بحاجتك منهم فاذا جلست الى ميراث النبي صلى الله عليه وسلم كانت بئسة الجلسة فانت ساه لاه لا تقيم ادبا ولا تحفظ حقا ولما كان السلف رحمهم الله تعالى يدركون هذا المعنى كانوا يحفظون ابصارهم والسنتهم وحركاتهم في مجالس العلم فشرفوا وعظموا ولما كثر عند المتأخرين الاخذ للعلم على غير هذا الناموس المبارك لم يبالي الله سبحانه وتعالى بهم فربما امضوا اوقاتا كثيرة في حفظ او فهم ثم يرجعون بخفي حنين لانهم لم يرعوا الادب اللازم مع هذا الميراث والله سبحانه وتعالى لا يضع ميراث النبي صلى الله عليه وسلم الا عند متأدب معه معظم له وتقدم قول يوسف ابن الحسين بالادب تفهم العلم وهذا من الامور التي ذكرت لكم انها من احوال القلوب في اخذ العلم التي يغفل عنها طلاب العلم فربما رأيت طالبا يحظر في صحيح البخاري والمقروء هو احاديث النبي صلى الله عليه وسلم ثم تراه كثير الالتفات او الفرقعة لاصابعه او الرد على جواله او التشاغل بهندامه فاين هذا؟ والاقبال على ميراث النبي صلى الله عليه وسلم. نعم الله عليك وينضم الى توقير مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحظ فيها وعمادها للكتب. فاللائق بطالب العلم صون كتابه وحفظه واجلاله والاعتناء فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه ولا يجعله بوقا واذا وضعه وضعه بلطف وعناية. رمى اسحاق يوما بكتاب كانت في يده فرآه ابو عبدالله احمد ابن حنبل فغضب وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ ولا يتكئ على الكتاب او يضعه عند قدميه واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفعه عن الارض وحمله بيديه المعقد السابع عشر الذب عن العلم والذود عن حياضه. فان للعلم حرمة واثرة توجب الانتصار له اذا تعرض لجنابه بما لا يصح وقد ظهر هذا الانتصار عند اهل العلم في مظاهر منها الرد على المخالف فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان للدين ونصيحة للمسلمين ولم يزل الناس يرد بعضهم على بعض كما قال الامام احمد لكن المرشح لذلك هم العلماء لا الدهماء مع لزوم الادب وترك والظلم وقوله لكن المرشح لذلك هم العلماء للدهماء الدهماء هم العامة قال المبرد رحمه الله تعالى يقال للعامة الدهماء يراد انهم قد غطوا الارض انتهى كلامه لان اصل الدهم هو التغطية ولما كان اكثر اهل الارض الذين يغطون وجهها هم العامة سموا بالدهماء نعم ومنها هجر المبتدع المجمع عليه كما ذكره ابو يعلى كما ذكره ابو يعلى الفراء فلا يؤخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كما في الرواية عنهم لدى المحدثين ولذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية الحديث مقررا اصلا عظيما كبيرا واصلا مقررا اصلا كبيرا تعظم الحاجة اليه بازمنة الجاهلية والفتن. فاذا تعذر اقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك الا بمن فيه بدعة مضرتها. دون مضرة ذلك كالواجب كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة خيرا من العكس ومنها جدر المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد او سوء ادب. قوله او ظهر منه لدد اللدد هو الخصومة الشديدة نعم كان عبدالرحمن بن مهدي ان تحدث احد في مجلسه او بري قلم صاح او لابسا عليه ودخل. وكان وكيع اذا انكر من امر جلسائه شيئا ان فعل ودخل وشهد هذا مرارا من شيخ شيوخنا محمد بن ابراهيم ال الشيخ. فكم مرة رؤي منصرفا لما سمع طالبا يتصدق في مقاله فاخذ عليه وانصرف وحضر شاب بعض جلساء الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله انه لما كان قاضيا ببريدة وكان كفيفا فدخلت المسجد بقرة اثناء درسه فانصرفت اليها اعناق الحاضرين من الطلبة فاحس الشيخ رحمه الله بانصرافهم واقبالهم على البقرة يلاحظون حركاتها فقام الشيخ رحمه الله اخذا نعليه وقال خاتما درسه سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك فانه لما رأى انهم انصرفوا بقلوبهم اليها علم انهم انصرفوا عن العلم فلم يكونوا صالحين لاخذه فاراد تأديبهم بهذا فقام وتركهم. ومن الادب في حلقة العلم ان لا يغادرا بصر المتعلم وجه شيخه لانه هو المقصود بحضوره. فاذا صار يصرف بصره يمنة ويسرة فانه من جنس الاختلاس الذي يختلسه الشيطان من العبد الذي يكون في الصلاة فان العلم ملحق بالصلاة في كثير من احكامه. وكثرة التلفت فيه والانصراف الى ما لا ينفع مما يقطع القلب عن اقباله فينبغي ان يكون طالب العلم حافظا لبصره اما ناظرا الى شيخه او الى كتابه الذي يقرأ فيه ولا يزيد عن ذلك فيما لا حاجة منه. نعم تهلا هيك وحضر شاب سفيان الثوري فجعل يترأس ويتكلم ويتكبر بالعلم. فغضب سفيان وقال لم يكن السلف هكذا لم يكن السلف هكذا كان احدهم لا يدعي الامامة ولا يجلس ولا يجلس في الصدر حتى يطلب حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة. وانت تتكبر على من هو واشن منك قم عني ولا اراك تدنو من مجلسي. وكان رحمه الله يقول اذا رأيت الشاب يتكلم عند المشايخ وان كان قد بلغ من العلم مبلغا فايش من خيره فانه قليل الحياء. وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه زجرا له فليفعل كما فعل سفيان وكما كان يفعله شعبة رحمه الله مع عفان ابن مسلم في درسه قوله وكما كان يفعله شعبة رحمه الله عفان ابن مسلم في درسه اي بطرده فانه كان اذا شغب عليه اخرجه من حلقته ومن عجائب احوال الخلق ان المتعلم اذا طرد من قاعة الدراسة النظامية في الجامعة او ما دونها لم يحمله ذلك على ترك دراسته خشية حرمانه من ذلك المقرر بل يرجع الى تلك القاعة مرة اخرى ويحضر حلقة ذلك المدرس الذي طرده. واذا اريد حمل الطالب في حلقة العلم على الادب في مثل هذه المجالس انف الطالب وترك الدرس فلحقه الحرمان. وهذا من انتكاس احوال الخلق في اخذ العلم. وتأمل ان فعل شعبة مع عفان افظى به رحمه الله الى ان يصير حافظا عالما وحدث عفان عن شعبة بكثير من حديثه لان الادب يصير الانسان عارفا بقدر العلم مهتما به مقبلا عليه معظما له فيصيب منه مراده. وسوء الادب يتجارى بصاحبه فيحرم العلم نعم فقد يجزر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته فالسكوت جواب كما قال الاعمش. ورأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز رحمه الله ربما سأله سائل عما لا ينفعه فترك الشيخ اجابته. وامر القارئ ان يواصل قراءته او اجابه بخلاف قصده. المعقل عشر التحفظ في مسألة العالم فرارا من مسائل الشغب وحفظا لهيبة الشغب الشغب قوله الشغب هو بسكون الغين ولا تحرك وهو تهييج الشر واما تحريكها الشائع في قولهم احداث الشغب فهذا لحن نعم فرارا من مسائل الشرب وحفظا لهيبة العالم فان من السؤال ما يراد به التشغيل وايقاظ الفتنة واشاعة السوء ومن انس منه العلماء هذه مسائل لقي منهم ما لا يعجبه كما مر معك في زجر المتعلم فلابد من التحفظ في مسألة العالم ولا يفلح في تحفظه فيها الا من عمن اعمل اربعة اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ فيكون قصده من السؤال التفقه والتعلم لا التعنت والتهكم فان من ساء قصده في يحرم بركة العلم ويمنع منفعته. وفي الناس من يسألونه في سؤاله قصد باطل يريد التوصل به الى مقصود له. فاذا غفل عنه المفتي ما يريد فرح به واشاعه واذا تنبه الى قصده حال بينه وبين مراده وزجره وزجره عن غيه. قال القوافي رحمه الله في كتابه الاحكام سئلت مرة عن عقد النكاح بالقاهرة هل يجوز ام لا؟ فارتبت وقلت له اي للسائل ما افتيك حتى تبين لي ما المقصود بها هذا الكلام فان كل احد يعلم ان عقد النكاح في القاهرة جائز فلم ازل به حتى قال انا اردنا ان نعقده خارج القاهرة فمنعنا لانه استحلال يعني تحليل وهو نوع من الانكحة المحرمة فجئنا للقاهرة فقلت له لا يجوز لا بالقاهرة ولا بغيرها ووقع مثل هذا لابي العباس ابن تيمية الحفيد في فتواه تتعلق باهل الذمة ذكرها تلميذه البار ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه اعلام ردت عليه غير مرة في وجه غير وجه الذي غير الوجه السابق لها. فكان يقول لا يجوز حتى قال في اخر مرة هي المسألة بينته وان خرجت في عدة قوارب اما الاصل الثاني فالتفطن الى ما يسأل عنه فلا تسأل عما لا عما لا نفع فيه اما بالنظر الى حالك واما بالنظر او بالنظر الى المسألة نفسها سأل رجل احمد بن حنبل عن يأجوج ومأجوج امسلمون هم؟ فقال له احكمت العلم حتى تسأل عن ذا. ومثل السؤال عما لم يقع او ما لا يحدث به كل احد. وانما يخص به قوم دون قوم. اما الاصل الثالث فالانتباه الى صلاحية حال للاجابة عن سؤاله فلا يسأله في حال تمنعه ككونه مهموما مهموما او متذكرا او ماشيا في طريق او راكبا لسيارته بل يتحين طيب نفسه قال قداسة رحمه الله سألت ابا الطفيل سألت ابا الطفيل سألت ابا الطف غير مسألة سألت ابا الطفيل مسألة فقال ان لكل مقام مقالة. وسأل رجل ابن المبارك عن حديث وهو يمشي فقال ليس هذا من توقيع العلم وكان عبدالرحمن ابن ابي ليلى يكره ان يسأل وهو يمشي. اما الاصل الرابع فتيقظ السائل الى كيفية تاكل السائلين تيقض السائلين. السلام عليكم اما الاصل الرابع الرابع السائل الى كيفية سؤاله باخراجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في ولا تكونوا مخاطبته له كمخاطبته اهل السوق واخلاط العوام. قال جعفر ابن ابي عثمان كنا عند يحيى ابن معين فجاءه رجل مستعجل فقال يا ابا زكريا حدثني بشيء اذكرك به فقال يحيى اذكرني انك سألتني ان احدثك فلم افعل. واذا تأملت السؤالات الوالدين على ان للعلم اليوم رأيت في كثير منها سلب التحفظ الادب قوله وسفساف الادب اي ردئه واستفسافه والرديء من كل شيء نعم اترى من يسأل متهكما او يسأل محتقرا. ترى من يسأل فترى من يسأل متهكما او يسأل محتقرا يسألون عن ما لم يقع او ما وقع ولا ينفع لا يتخيرون وقت الاراد المناسب ولا يتلطفون في عرض المطالب فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون. وما احوج هؤلاء الى مقالة زيد ابن اسلمة الله لما سأله رجل عن شيء فخلط عليه فقال زيد اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل. وكم هم المحتاجون اليوم الى مثلهم قالت زيد ابن اسلم رحمه الله المعقد التاسع عشر شغف القلب بالعلم وغلبته عليه قوله شغف القلب بالعلم اي بلوغه شغاف القلب وهو غشاؤه ومنه قوله تعالى قد شغفها حبا نعم فصدق الطلب له يوجب محبته وتعلق القلب به ولا ينال العبد درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه قال ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة ومن لم يغلب لذة ادراكه وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة علمي ابدا وانما تنال لذة العلم بثلاثة امور ذكرها ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله في كتابه السالف احدها بذل الوسع والجهد وثانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص. ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما عن القلب قوله بذل الوسع بضم الواو اي الطاقة والفتح والكسر فيها لغتان ايضا وبهما قرأ خارج العشر في قوله تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها وقوله رحمه الله صحة النية والاخلاص النية شرعا هي ارادة القلب العمل تقربا الى الله هي ارادة القلب العمل تقربا الى الله والاخلاص كما تقدم هو تصفية القلب من ارادة غير الله فالعطف في كلام ابن القيم رحمه الله تعالى صحة النية والاخلاص من عطف الخاص على العام فالنية عمل القلب والاخلاص هو الصفة المطلوبة فيها شرعا ومن سبر هذه اللذة في احوال السابقين من علماء الامة رأى عجبا فلسان احدهم ما لذتي الا رواية مسند قد قيدت نصاحت الالفاظ ومجالس فيها تحل سكينة ومذاكرات معاشر الحفاظ. ان لذة العلم فوق لذة السلطان والحكم التي تتطلع اليها نفوس كثيرة وتبذل لاجلها اموال وفيرة وتسفك دماء غزيرة. بات ابو جعفر ابو جعفر النسب مهموما من ضيق البال وسوء الحال وكثرة العيال. فوقع في خاطره فرع من فروع مذهبه. وكان رحمه الله حنفيا فاعجب فقام يرقص في داره ويقول اين الملوك وابناء الملوك؟ اين الملوك وابناء الملوك؟ اذا خاض في بحر التفكر على درة من معضلات المطالب حقرت حقرت فطرتم ملوك الارض في نيل ما حووا ونلت المنى بالكتب لا بالكتائب. ولهذا كانت الملوك تتذوق الى لذة العلم تتوق ما شاء الله عليك ولهذا كانت الملوك تتوح الى لذة العلم وتحس فقدها وتطلب تحصيلها. قيل لابي جعفر المنصور الخليفة العباسي المشهور الذي كانت ممالكه تملأ الشرق والغرب. هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله؟ فقال وهو مستو على كرسيه وسرير بقيت خصلة ان اقعد على مصطبة وحولي اصحاب الحديث اي طلاب العلم فيقول المستملي من ذكرت رحمك الله يعني يقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان ويسبق الاحاديث المسندة. فانظر الى شدة افتقار هذا الخليفة الى لذة العلم وطلبه تحصيلها اليها ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات وذهلت النفس عنها فالنظر ابن سمير يقول لا يرد المرء لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه بل تستحيل الالام لذة بهذه اللذة ومحمد بن هارون الدمشقي يقول لمحبرة تجالسني نهاري احب الي من انس الصديق ورزمة في البيت عندي احب الي من عدل الدقيق. ولطمة عالم في الخد اني الذ لدي من شرب الرحيق. ولا تعجب فما هذه الاحوال الا مس عشق العلم؟ فابن القيم يقول في روضة محبهم واما عشاق العلم فاعظم شغفا به وعشقا له من كل عاشق بمعشوقه. وكثير منهم لا يشغله عنه اجمل صورة من البشر فاين هذا الشغف يا طلاب العلم ممن يقدم حظه من عرسه على حظه من درسه. ويكون جلوسه الى السم. من من عرسه كسر العين فاين هذا الشغف يا طلاب العلم ممن يقدم حظه من عرسه على حظه من درسه ويكون جلوسه الى السمار وشيوخ القمراء احب من الجلوس الى العلماء وتقوى عزيمته للتنقل في الفلوات ولا تقوى على السير في نقل المعلومات وينهض نشيطا لقنص الطير ويرقد كسلا عن صيد الخير. فما حظ هؤلاء وكثير هم ما حظهم من تعظيم العلم وقلوبهم وقلوبهم مأثورة بمحبة غيره. قوله ممن يقدم حظه من على حظه من درسه العرس بكسر العين امرأة الرجل والمراد انه يقدم حظه من اهله استمتاعا بالمباح الذي يمكنه ادراكه على حظه من العلم النافع الذي يفوته وقوله ويكون جلوسه الى السمار وشيوخ القمراء شيوخ الخمراء كما روى الرامهر عن الاعمش في كتاب المحدث الفاصل انه كان يقول اذا رأيت الشيخ ولم يكتب الحديث فاصفعه فانه من شيوخ القمراء قال سهل بن اسماعيل شيخ راما هرمزي لابن عقبة وهو شيخ محمد ابن وهو شيخه محمد ابن عقبة الشيباني ما معنى شيوخ القمراء فقال شيوخ دهريون اي منسوبون الى الدهر لطول اعمارهم شيوخ زهريون يجتمعون في ليالي القمر فيتحدثون بايام الناس ولا يحسن احدهم ان يتوضأ للصلاة انتهى وهو في كتاب المحدث الفاصل للرامة هرمزي وما اكثر شيوخ القمراء في هذا الزمن. نعم ان شاء الله هيك المعقد العشرون حفظ الوقت في العلم. اذا كان العلم اشرف مطلوب والعمر يقوا كجليد يذوب فعين العقل حفظ الوقت فيه الخوف من تقضيه بلا فائدة. والسؤال عنه يوم القيامة يحملني واياك على المبالغة في رعايته. قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطبه ينبغي للانسان ان يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم فيه الافظل فالافضل من القول والعمل. وفي هذا ايضا ما جاء في خاتمة المقدمة العزية وهي من المتون المختصرة عند المالكية قول صاحبها وينبغي للانسان الا يرى الا محصلا حسنة لميعاده او درهما لمعاشه انتهى كلامه نعم ومن هنا عظمت رعاية العلماء للوقت حتى قال محمد بن عبد الباقي البزاز ما ضيعت ساعة من عمري في لهو او لعب فقال ابو الوفاء ابن عقيل الذي صنف كتاب الفنون في ثمان مئة مجلد. اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري. وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم حال فلقد كان احمد بن سليمان البلقاسي المتوفى عن ثمانية وعشرين سنة يقرأ يقرأ القراءات في حال اكله خوفا من ضياع وقته في غيرها فكان اصحابه واصحابه يقرأون عليه وهو يتناول مأكله ومشربه بل كان يقرأ عليهم وهم في دار الخلاء فكان ابن تيمية الجد رحمه الله اذا دخل الخلاء لقضاء حاجة قال لبعض من حوله اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك وتجلت هذه الرعاية ومما يطالع هذه الحال التي اتفقت لابن تيمية الجد في القراءة عليه حال من دخول الخلاء ما ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة ابن ابي حاتم عن احمد ابن علي الرقام قال سألت عبدالرحمن اي ابن ابي حاتم عن اتفاق كثرة السماع له من ابيه فقال ربما كان يأكل واقرأ عليه ويمشي واقرأ عليه ويدخل الخلاء واقرأ عليه ويدخل البيت في طلب بشيء واقرأ عليه انتهى وتدلت هذه الرعاية للوقت عند القوم رحمهم الله في معالم عدة لم تبلغها الحضارات الانسانية قاطبة. منها لم تبلغها الحضارات انسانية فالانسانية منسوبة الى الانسان وهو اسم جمع يقع على الذكر والانثى والواحد والجمع مشتق من الانس او النسيان وهو بمعنى البشرية او الادمية وليس مختصا بالصفات الحسنة وما جرى به لسان المتأخرين من قولهم فلان انساني يريدون انه محمود لتظمنه صفات حسنة فهو لحن فان العرب لا تعرف هذا المعنى. وانما تكون هذه النسبة نسبة الى كونه بشرا لا يزيد على ذلك المعنى بشيء ومن هنا هجرتها العرب في ممادحها في الاشعار نثرا ونثرا نظما ونثرا فلا يعرف احد منهم مدح ممدوحه فوصفه بالانسانية معظما له بها لان الانسانية لا تعدو الوصف بكونه بشرا ادميا. وهذا امر مشترك بين الخلق كافة من ذرية ادم. نعم منها كثرة دروسهم فقد كان النووي رحمه الله يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على مشايخه والشوكاني رحمه الله صاحب نيل الاوطار تبلغ ودروسه في اليوم والليلة ثلاثة عشر درسة. منها ما يأخذه عن مشايخه ومنها ما يأخذه عنه تلامذته. واربى محمود الالوسي صاحب التفسير عليهم جميعه فقد كان يدرسه اليوم اربعة وعشرين درسا. ولما اشتغل بالتفسير والافتاء نقصت الى ثلاثة عشر درسا. عبر الهامش ثم رأيت فيه ترجمة محمد ابن ابي بكر لجماعة ان دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو خمسين درسا ومنها كثرة مدروساتهم فقد درس ابن التبان المدونة نحو الف مرة ربما وجد في بعض كتب عباس ابن الفارسي بخطه درسته الف مرة. درسته الف مرة اي اعدته الف مرة نعم وكرر غالب ابن عبد الرحمن المعروف ابن عطية والد صاحب التفسير المشهور صحيح البخاري سبع مئة مرة وقد استظهر الكتاني في فهرس الفهارس في ترجمة ابن عطية انه كان يقرأ صحيح البخاري في السنة نحو عشر مرات تقريبا حتى كمل له هذا العدد الذي نقل عنه رحمه الله تعالى نعم احسن الله اليك. ومنها كثرة مكتوباتهم فاحمد بن عبد الدائم المقدسي احد شيوخ العلم من الحنابلة. كتب بيده الفي مجلد ووقع مثله لابن الجوزي منها كثرة مقروءاتهم فابن الجوزي رحمه الله طالع وهو بعد في الطلب عشرين الف مجلد. ومنها كثرة شيوخهم فالذين جاوز عدد شيوخهم الالفة في هذه الامة واعجب ما ذكر ان ابا سعد السمعاني بلغ عدد شيوخه سبعة الاف شيخ. قال ابن الدار في ذيل تاريخ بغداده وهذا شيء لم يبلغه احد. معنى قوله وهذا سمي شيء لم يبلغه احد اي في كثرة شيوخه وقد روى الذهبي باسناده في سير اعلام النبلا عن ابي عبدالله ابن منده في ترجمته قال رأيت ثلاثين الف شيخ فعشرة الاف ممن اروي عنهم واقتدي بهم وعشرة الاف ممن اروي عنهم ولا اقتدي بهم وعشرة الاف من نظراء وليس احد منهم الا واحفظوا عنه عشرة احاديث اقلها انتهى كلامه. وهذا يقتضي ان له ثلاثين الف شيخ فهو فوق من روى عن سبعة الاف لكن في اسناده عند الذهبي من لم يعرف وقد عقب عليه الذهبي بقوله رحمه الله تعالى قوله اني كتبت عن الف وسبعمئة شيخ اصح وهو شيء يقبل وناهيك به كثرة انتهى كلامه. فالاظهر ان ابن منده لم يبلغ شيوخه هذا العد وانما شهر تقديم ابي سعد السمعاني في المشيخة وكان من حرصه على العلم انه دخل بلادا لم يدخلها اكثر الحفاظ الذين كانوا في زمانه وهي بلاد الشام التي كانت تحت ايدي الصليبيين. فتخفى دخلا فيها وكتب عن شيوخها فانفرد بالرواية عن اهلها وهذا من حرصه رحمه الله تعالى على العلم والشيخ عند من سلف يشمل كل من افادك فائدة ولو قصة او بيت شعر وليس مقصورا على شيخ التعلم او شيخ التخرج ولاجل هذا اربوا بهذه الاعداد التي نستكثرها نحن لكن من رعى هذا في نفسه فصار اذا سمع فائدة ولو كانت بيت شعر او قصة دونها وعد هذا في شيوخه فانه يحصل كما حصلوا. وليس مرادهم الاستكثار فقط وانما مرادهم حفظ ما يدركون من العلم. نعم ومنها كثر ومنها كثرة مسموعاتهم ومقروءاتهم على شيوخهم من التصانيف المطولة والاجزاء الصغيرة. فقد تعد بالالاف المؤلفة كما وقع ابن السمعاء عن المذكور وصاحبه ابن عساكر جماعة اخرين. ومنها كثرة المصنفات حتى عدت الف مصنف لجماعة من علماء هذه الامة. منهم عبدالملك بن عالم الاندلس وابو الفرج ابن الجوزي. فاحفظ ايها الطالب وقتك فلقد ابلغ الوزير الصالح ابن هبيرة في نصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع. قوله ما عنيت هو بالبناء للمفعول ومعناه اي شغلت نعم. احسن الله اليك الخاتمة الى هنا بلغ القول التمام وحسن قطع الكلام بالختام. فيا شداة العلم وطلابه ويا قصاد الفقه قوله فيا شدات العلم الشدات جمع شادي والشادي في العلم هو من اخذ بطرف منه نعم فيا شداة العلم وطلابه ويا قصاد الفقه واربابهم تثلوا معاقد التعظيم وانتم تقبلون على مقاعد التعليم تجدون وتحمده عاقبته واياكم والتهاون بها والعزوف عنها. فانها مفتاح العلم ومرقاة الفهم. فبها تجمع العلوم وتؤصل وبها تيسره الفنون وتحصل فشمروا عن ساعد الجد ولا تشغلوا بمعيشة ولا تشغلوا بميعة الجد. قوله ولا تشغلوا بميعة الجد اي رفاهية الغنى وسعة العيش نعم واحفظوا رحمكم الله قول ابي عبد الله ابن القيم رحمه الله عز وجل طالب النفوذ الى الله والدار الاخرة بل الى كل علم قناعة ورئاسة بحيث يكون رأسا في ذلك مقتدى به فيه يحتاج ان يكون شجاعا مقداما حاكما على وهمه حاكما على وهمه الوهم بسكون الهاء هو الظن اما بتحريكها الوهم فهو الغلط وليس مقصودا هنا غير مقهور تحت سلطان تخيله زاهدا في كل ما سوى مطلوبه عاشقا لما توجه اليه. عارفا بطريق الوصول اليه والطرق طرق القواطع عنه مقدام الهمة ثابت الجأس لا يثنيه عن مطلوبه يوم لائم ولا عدل عادل كثير السكون دائم الفكر غير مائل اما على لذة المدح ولا الم الذنب قائما بما يحتاج اليه من اسباب معونته لا تستفزه المعارضات شعاره الصبر وراحته التعب محبا لمكارم الاخلاق حافظا لوقته لا يخالط الناس الا على حذر كالطائر الذي يلتقط الحد بينهم قائما على نفسه بالرغبة الرهبة طامعا في نتائج الاختصاص على بني جنسه غير مرسل شيئا من حواسه عبثا ولا مسرحا خواطره في مراتب الكون وملاك ذلك هجر العوائد وقطع العلائق الحائلة بينك وبين المطلوب. انتهى كلامه رحمه الله. فما اجمله ذكرى تبصرة قوله رحمه الله وميناك ذلك ملاك الامر بكسر الميم وفتحها هو قوام الشيء اي نظامه وعماده فالنظام الذي يجمع ما سبق هو ما اشار اليه رحمه الله تعالى هنا فقد رد ابن القيم رحمه الله تعالى في كلامه هذا تحصيل المطلوبات المعظمة الى اصلين اثنين احدهما هجر العوائد وهو ترك ما جرت به عادة الخلق والفوه مما يضعف السير الى المطلوب والثاني قطع العلائق اي الوشائج والصلات التي تحول بين العبد وبين مطلوبه وزاد ابن القيم رحمه الله تعالى في موضع اخر من كتاب الفوائد رفظ العوائق وفرق رحمه الله تعالى بينها وبين العلائق بان العوائق هي الحوادث الخارجية وان العلائق هي التعلقات القلبية فصار تحصيل المطلوبات المعظمة مردودا الى ثلاثة امور احدها هجر العوائد وثانيها قطع العلائق وثالثها رفض العوائق اللهم يسر لنا تعظيم العلم واجلاله واجعلنا ممن سعى له كذلك فناله. اللهم انا نسألك علما نافعا امين ونعوذ بك من علم لا ينفع اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماءنا وابصارنا وقوتنا ابدا ما احييتنا. امين. واجعله الوارث منا. اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا. ولا مبلغ علمنا ولا الى النار مصيرنا ولا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا وبهذا ينتهي شرح الكتاب على نحو مختصر يوقف على مقاصده الكلية ويبين معانيه الاجمالية اللهم انا نسألك علما في المهمات ومهما في المعلومات وبالله التوفيق وقبل ان نختم هذا المجلس اريد ان انبه الى امور احدها ان فكرة هذا البرنامج هي اقراء مهمات المتون مع التعليق اللطيف والتنكيت الظريف فتشرد المتون مع بيان ما يحتاج اليه من المعاني اللازمة المناسبة للمحل وثانيها ان غايته تقريب مقاصد الفنون للمبتدئين. وتقريرها في نفوس المتوسطين. وتحقيقها للمنتهين فمنفعته عامة للطالبين باذن الله وثالثها ان جدول البرنامج سائر على المثبت في اخر نسخكم. وينبغي ان يصطحب الطالب ما استطاع الكتاب الذي يشرح وتاليه فقد يمكن الفراغ من احد الكتابين قبل وقت الاخر فنشرع مباشرة في قراءة الكتاب التالي له ورابعها التحريض على اغلاق الجوالات لانها تشوش حضور الدرس وتقطع اقبال القلب عليه وتظعف بلوغ الانسان مقصوده منه فمن كان معه شيء من هذه الاجهزة فليغلقه او ليضعه على حال الصامت ولا يؤذي المسلمين وخامسها ان من ادب الحلقة في السنة هو القرب منها والدخول فيها. اما التفرق اوزاعا اوزاعا فهذا مخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء النهي عنه سادسها ان من رام ان يسجل هذه الدروس لنفسه فلا بأس وليكن خاصا به لا يخرجه لغيره وسابعها التحريض على اقتناء النسخ المصححة من متون هذا البرنامج لان ذلك احضروا للمنفعة لمن اراد ان يستسيحها في هذه الحلقة ومن كان عنده غيرها فليحضره مع العناية بتصحيحها وثامنها ان الدروس تبدأ بعد الصلوات مباشرة حرصا على جمع الوقت على اقرائها لئلا يتفرقا في غيره فاذا فرغ من صلاة الجنازة بعد الصلاة المكتوبة سنشرع في الدرس باذن الله وتاسعها توجد بطاقات مخصوصة لتسجيل الاسئلة وتقبل الاسئلة المكتوبة فيها دون غيرها وهذه هي البطاقات لعلها موجودة هنا موجودة على هذه الاعمدة القريبة منا فمن كان عنده سؤال فانه يسجله في هذه البطاقة ثم يوصله اليه ونجيبه عليه ان شاء الله ونجيب عنه ان شاء الله تعالى في وقت المناسب في سير البرنامج وما عدا ذلك من الاسئلة فانه مما نطلب فيه العذر والمسامحة. فاذا قيد انسان في ورقة اخرى فنحن لا ننتفع تقييده لان هذه الاوراق تحفظ على نحو معين فاحبذ ان تكون الاسئلة مكتوبة فيها ويلحق بها كذلك الاسئلة التي تلقى كفاحا فان الوقت ضيق لكم ولي وجمع النفس على ما هو اولى اولى فلعلكم ترجعونها الى سعة ان من الوقت وليذهب كل واحد منكم راشدا في طريقه بعد الفراغ ولا تزح تزاحموا معلمكم بالاجتماع عليه فان اهل العلم والسلف الصالح يكرهون ذلك فاعذرونا منه. الامر العاشر توجد في النسخ التي يوزعها الاخوان في اول درس توجد ارقام عليها للحصول على بقية نسخ البرنامج مجانا من الهاتف والمكتبة التي اثبت اسمها على النسخة. فالنسخ التي وزع عليها الاخوان التي وزعها الاخوان وعليها ارقام هذا الرقم هو رقم نسخك عند هذه المكتبة. فراجع هذه المكتبة واحصل على بقية النسخ وهذه نسخ وقفية شرطها الحضور للدروس والانتفاع بها وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. درسنا المقبل ان شاء الله تعالى بعد صلاة العصر في ثلاثة الاصول وادلتها. صلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين