السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الدين مراتبه ودرجات وخير للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم. انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منه باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبدالله بن عمرو عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين ومن طوائف رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون وتبيين مقاصدهم الكلية ومعانيها الاجمالية. ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم. ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم فيطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم. وهذا المجلس الثاني في شرح الكتاب الاول من برنامج ذات العلم في سنته الخامسة خمس وثلاثين بعد الاربع مئة والالف. وهو كتاب تعظيم العلم لمعد البرنامج صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي فقد انتهى بنا بيانه الى قوله المعقد السابع المبادرة الى تحصيله واغتنامه مسن الصبا والشباب. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قلتم احسن الله اليكم المعقد السابع المبادرة الى تحصيله واغتنام سن الصبا والشباب. فان العمر زهرة. اما ان تصير بسلوك المعالي ثمرة. واما ان وان مما تثمر به زهرة العمر المبادرة الى تحصيل العلم وترك الكسل والعجز. فاغتنام سن الصبا والشباب امتثالا للامر واستباق الخيرات كما قال تعالى فاستبقوا الخيرات. وايام الحداثة فاغتنمها الا ان الحداثة قال احمد رحمه الله ما شبهت الشباب الا بشيء كان فيكم فسقط. والعلم في سن الشباب اسرع الى النفس وتعلقا ولصوقا. قال الحسن البصري رحمه الله العلم في الصغر كالنقش في الحجر. فقوة بقاء العلم في الصغر كقوة بقاء النقش في الحجر. فمن اغتنم شبابه نال اذ به. وحمد عند مشيبه سراه. اغتنم سن يا فتى عند المشيب يحمد القوم السرى. واضر شيء على الشباب التسويف وطول الامل. فيسوف احدهما ويركب بحر الاماني ويشتغل باحلام اليقظة. ويحدث نفسه ان الايام المستقبلة ستفرغ له من الشواغل من المكدرات والعوائق قوله ويشتغل باحلام اليقظة احلام اليقظة تركيب يراد به ما لا حقيقة له. تركيب يراد به ما لا حقيقة له. فاذا قيل فلان مسترسل مع احلام اليقظة اي جار مع شيء لا حقيقة وجوده. نعم. والحال المنظور ان من كبرت سنه كثرت شواغله وعظمت قواطعه مع ضعفي جسمي ووهن القوى ولن تدرك الغايات العظمى بالتلهف والترجي والتمني ولست مدرك ما فات مني بلهفة ولا بليت ولا لوني ولا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم بل هؤلاء اصحاب رسول الله فصلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا. ذكره البخاري رحمه الله في كتاب العلم من صحيحه. وانما يعثر التعلم في الكبر كما بينه الماوردي في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القواطع وتكاثر العلائق. فمن قدر على دفعها عن نفسه ادرك العلم وقد وقع هذا لجماعة من النبلاء طلبوا العلم كبارا فادركوا منه قدرا عظيما. منهم القفال رحمه الله ذكر المصنف وفقه الله ان طلب العلم في الكبر مما يمكن فان رأى يتعلم ولو كان كبيرا. الا انه يعسر لكثرة الشواغل وغلبة القواطع وتكاثر العلائق فمتى تقلل المرء من شواغله وقطع علائقه وغلب قواطعه امكنه ادراك العلم ولو كان فمن طلب العلم كبيرا له حالان فمن طلب العلم كبيرا له حالان الحال الاولى طلبه مع التقلل من الشواغل طلبه مع التقلل من الشواغل ومدافعة القواطع ومدافعة القواطع ومقاطعة العلائق ومدافعة القواطع ومقاطعة العلائق فمثل هذا يرجى له ادراك بغيته منه. فمثل هذا يرجى له ادراك بغيته منه الثانية ان يطلبه مع الاسترسال في الشواغل ان يطلبه مع الاسترسال في الشواغل والاستسلام للقواطع والعلائق والاستسلام للقواطع والعلائق. فمثل هذا يبعد ان يحصل العلم فمثل هذا يبعد ان يحصل العلم وليس للعلم عمر ينتهي ادراكه فيه. بل من حسن به العيش حسن به ان يطلب والعلم فمتى كان المرء متقلبا في ايام الحياة ولو كان كبيرا فانه يحسن به ان يغتنم ما بقي من عمره في تعلم العلم. قيل للامام احمد الى متى يحسن بالمرء ان يطلب العلم؟ فقال ما حسن به العيش. فقال ما حسن به العيش وقال رحمه الله حاجة الناس الى العلم اعظم من حاجتهم الى الطعام والشراب. حاجة الناس الى العلم اعظم من حاجتهم الى الطعام والشراب. انتهى كلامه والكبير لا يترك طلب الطعام والشراب. ويمتع نفسه بانواعه فقمين بالعاقل ممن كبرت سنه وفاته طلب العلم فيما سبق ان يغتنم ما فضل من علمه وما بقي من ايامه في طلب العلم قربة يتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى. نعم. احسن الله انكم قلتم حفظكم الله المعقد الثامن لزوم التأني في طلبه وترك العجلة. ان تحصيل العلم لا يكون جملة واحدة اذ القلب يضعف عن ذلك وان للعلم فيه ثقل كثقل الحجر في يد حامله. قال تعالى سنلقي عليك قولا ثقيلا اي القرآن. واذا كان هذا وصف القرآن الميسر كما قال تعالى ولقد يسرنا قرآن للذكر فما الظن بغيره من العلوم؟ وقد وقع تنزيل القرآن رعاية لهذا الامر منجما مفرقا باعتبار الحوادث كما قال تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة. كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا. وهذه الاية حجة في لزوم التأني في طلب العلم. والتدرج فيه وترك العجلة كما الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه والراغب الاصفهاني في مقدمة جامع التفسير قوله وقد وقع القرآن رعاية لهذا الامر منجما اي مقسما. اي مقسما نجم هو الوقت المضروب فالنجم هو الوقت المضروب. فيكون المعنى في اوقات مقدرة مضبوطة فيكون المعنى في اوقات مقدرة مضبوطة نعم. قلتم احسن الله اليكم. قوله رحمه الله اليوم شيء وغدا مثله نخب العلم التي تلتقط. يحصل المرء بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط. قال شعبة ابن الحجاج اختلفت الى عمرو بن دينار خمسمائة مرة وما سمعت منه الا مئة حديث في كل خمس مجالس حديث. وقال حماد بن ابي سليمان له تعلم كل يوم ثلاث مسائل ولا تزد عليها شيئا. ومقتضى لزوم التأني والتدرج. البداءة بالمتون القصاي مصنفته فنون العلم حفظا واستشراحا. والميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليها. ومن للنظر في المطولات فقد يجني على دينه وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى تضييعه. وان بدائع الحكم قول عبد الكريم الرفاعي احد شيوخ العلم بدمشق الشام في القرن الماضي طعام الكبار سم الصغار وصدق فان الرضيع اذا فتناول طعام الكبار مهما لذ وطاب اهلكه واعطبه ومثله من يتناول المسائل الكبار من المطولات ويوقف نفسه مع ضعف الالة على بخلاف العلماء وتعدد مذاهبهم في المنقول والمعقول قرر المصنف وفقه الله ان من معاقد تعظيم العلم اخذه ورعاية التدرج فيه بان يأخذه شيئا فشيئا مع الايام والليالي رجاء ان يقر ومع طول المدة في قلبه. وهذا الاصل لا يبطل ترتيب برنامج مهمات العلم على هذا وجه لان المقصود من هذا البرنامج ان يكون استفتاحا للمبتدئين وتذكيرا للمتوسطين وتحقيقا للمنتهين لكنه ليس غاية المراد. ولا روضة المرتاد التي ينتهي اليها طلب العلم. وانما يرجى منه ان يكون معينا للطالب في الازدياد من العلم والاقبال عليه وتكرار النظر في هذه الاصول العظيمة التي لم نزل الناس قرنا بعد قرن على الاقبال عليها واستنباط العلم منها. فهو ترشيح لهذه المعارف العلمية العلمية والحقائق الايمانية ان تكون نصب عيني المتعلم. يعيد نظره فيها ويأخذها على انواع وتارة يأخذها تقريرا وتعليقا وتارة يأخذها شرعا وتفصيلا وتارة يأخذها مقرونة شرح مختصر وتارة يأخذها مقرونة بشرح واف فان تنويع هذه المدارج على القلب مما يجعل هذه المعاني ثابتة فيه. اما المرور عليها ولو كان مع التأني ثم القاؤها وراء الظهر وكأنها متن يدرس في العمر مرة واحدة فان هذا يفضي الى تضييع العلم النافع. فالعلم النافع ترد اصوله وتكرر وادل شيء على ذلك ان سورة الفاتحة التي لقناها صغارا لا زلنا كل يوم نرددها في صلاتنا مرارا لعظمتها وجلالتها. وكذا هذه الاصول المذكورة في هذا البرنامج فانها اصول جليلة في ينبغي ان يكرر المرء اخذه لها على وجوه شتى وان يعيدها مرة بعد مرة ليرسخ العلم ويقوى فيها الفهم. نعم. قلتم احسن الله اليكم المعقد التاسع. الصبر في العلم تحملا واداء. اذ كل جليل من لا يدرك الا بالصبر واعظم شيء تتحمل به النفس طلب المعالي. تصبيرها عليه. ولهذا كان الصبر والمصابرة مأمورا بهما لتحصيل اسم الايمان تارة ولتحصيل كماله تارة اخرى. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا قابروا وقال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. قال يحيى ابن ابي كثير في تفسير هذه الاية هي مجالس الفقه. ولن يحصل احد العلم الا بالصبر. قال يحيى ابن ابي كثير ايضا لا تضاع العلم براحة الجسم. فبالصبر يخرج من معرة الجهل. قال الاصمعي من لم يحتمل ذل التعليم ساعة كم بقي في ذل الجهل ابدا. وبه تدرك لذة العين. قال بعض السلف من لم يحتمل الم التعليم يذق لذة العلم ولابد دون الشهد من سم لسعة وكان يقال من لم يركب المصاعب لم ينل الرغائب. قوله ولابد دون الشهد من سم لسعة. الشهد بفتح الشين وضمها هو العسل في الشمع. الشهد بفتح الشين وضمها هو العسل في والوصول اليه يلقى فيه مبتغيه الما من ابل النحل. فان جمع العسل اذا رام اخراجه من المناحل تعرضت له النحل بابرها فيجد الما في الى العسل وكل عسل من المعارف والاعمال لا يبلغه المرء الا مع المكاره. فله الم لابد من احتماله ومتى استمرت النفس عليه تحولت تلك الالام الى لذات فيجد ان هذا الالم ما الذي يلحقه في ابتغاء هذه الامور العظيمة مما يتردد به وتطرب نفسه معه. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله وصبر العلم نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه فالحفظ يحتاج الى صبر الفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر. ورعاية حق الشيخ تحتاج الى صبر. والنوع الثاني صبر في وبثه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر وافهامهم يحتاج الى صبر. واحتمال زلاتهم يحتاج لا صبر وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما لكل الى شؤو علاوة ولكن عزيز في الرجال ثبات. قوله لكل اذا شئوا العلا الشأو هو الغاية هو الغاية والوثبات جمع وثبة. والوثبات جمع وثبة. وهي القفزة والمعنى لكل الى غايات العلا قفزات في طلابها. ولكن عزيز في الرجال ثبات ان يقل الثبات في تحصيل تلك المطالب العظيمة. فثابت القدم راسخ القلب في ابتغاء مطلوبه العظيم مما يقل يقل وجوده في الناس. والى ذلك اشرت بقوله في خاتمة الهداية. ان الثبات في الرجال عز ويغنم الرجال منه العز. ان الثبات في الرجال عزا. اي قل ويغنم الرجال منه العجز. نعم. قلتم احسن الله اليكم ومن يلزم الصبر يظفر بالرشد. قال ابو يعلى الموصلي المحدث اني رأيت وفي الايام تجربة للصبر عاقبة محمودة الاثر. وقل من جد في امر تطلب واستصحب الصبر الا فاز بالظفر. المعقل العاشر ملازمة اداب العلم. قال ابن القيم رحمه الله وفي كتابه مدارس السالكين ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه وقلة ادبه عنوان شقاوته وبواره. فما استجلب خير الدنيا الاخرة بمثل ادب ولاستجلب حرمانهما بمثل قلة الادب. والمرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسن ونسب وانما يصلح للعلم من تأدب بآدابه في نفسه ودرسه ومع شيخه وقرينه. قال يوسف بن الحسين ادبي تفهم العلم لان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبذل له وقليل الادب يعز العلم ان يضيع عنده رجل البقاعية ان يقرأ عليه فاذن له البقاعي فجلس الرجل متربعا فامتنع البقاعي من اقرائه قال له انت احوج الى الادب منك الى العين الى العلم الذي جئت تطلبه ومن هنا كان السلف رحمهم والله يعتنون بتعلم الادب كما يعتنون بتعلم العلم. قال ابن سيرين رحمه الله كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العين بل ان طائفة منهم يقدمون تعلمه على تعلم العلم. قال ما لك بن انس لفتى من قريش يا ابن اخي تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم. وكان يظهرون حاجتهم اليه. قال مخلد بن الحسين لابن المبارك يوما نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم. وكانوا يوصون به ويرشدون اليه. قال ما لك كانت امي تعممني وتقول لي اذهب الى ربيعة كعن ابن ابي عبدالرحمن فقيه اهل المدينة في زمنه فتعلم من ادبه قبل علمه. وانما حرم كثير من طلبة العصر العلم بتضييع الادب. فترى احدهم متكئا بحضرة شيخه بل يمد اليه رجليه ويرفع صوته عنده ولا يمتنع عن اجابة هاتفه الجوال او غيره فاي ادب عند هؤلاء ينالون به العلم. اشرف الليث ابن سعد رحمه الله على اصحاب الحديث. فرأى منهم شيئا كأدنى كره فقال ما هذا؟ انتم الى يسير من الادب احوج منكم الى كثير من العلم. فماذا يقول الليث لو رأى حال كثير من طلاب العلم في هذا العصر. هذا الذي ذكره المصنف وفقه الله في الحض على ملازمة اداب العلم وانه معقد من معاقد تعظيمه شذرة مما ينبغي ان يكون في علم احدنا فان الادب من اعظم ابواب تحصيل العلم. بل هو من اعظم ابواب حفظ الدين. فان المتأدب تؤول حالهم الى السعادة. وسيء الادب تؤول حالهم الى الشقاوة. وابن القيم رحمه الله تعالى كلام ماتع نافع في اثر الادب في الفلاح والفساد والنجاة والهلاك. ذكره في منزلة ادب من كتاب مدارج السالكين. واذا اعتبر المرء ما ذكر من كلام السلف الاوائل في هذا وما عليه الناس اليوم رأى الحاجة الشديدة الى تأديب المتعلمين وان من اعظم اسباب باضاعة الاعمار في عدم نيل العلم ان طلابه يشتغلون بتحصيله مع اخلالهم بالادب بخلاف فانهم كانوا يبالغون في التأدب ثم ينظرون الى انفسهم بعين النقص والعيب. كما قال مخلد ابن الحسين نحن كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم. فانه قالها في مقام الازراء بالنفس. وعيبها فانه قالها في مقام الازراء بالنفس وعيبها تحريكا لها وشوقا لها الى طلب المقامات العظيمة ومواضع نحن من الكلام ثلاثة. ومواضع نحن من الكلام ثلاثة ان تقال لبيان حقيقة الامر ان تقال لبيان حقيقة الامر. اي خبرا عن حال العبد ومنه نحن الذين بايعوا محمدا ومنه نحن الذين بايعوا محمدا وثانيها ان تقال للإزراء بالنفس وعيبها ان تقال للازراء بالنفس وعيبها. وكبح جماحها وكبح جماحها عن الكبر وكبح جماحها عن الكبر. وهذا ادب حسن. وهذا ادب حسن. وهو الواقع في كلام مخلد بن الحسن وثالثها ان تقال على وجه الكبر والبطر. ان تقال على وجه الكبر والبطر فهذه مكروهة كراهية شديدة. فهذه مكروهة كراهية شديدة. لانها ربما افظل الى ما لم يأذن به الله بامتلاء القلب بانواع من الادواء كالكبر والفخر والخيلاء والتيه والاستعلاء على الناس. فابتدأ الامر مع صاحبها بكثرة لزومه لقوله نحن فلم يزل يقول نحن يملأ فمه بها حتى امتلأ قلبه من شرها. ولهذا كان من مضى من اذا سمعوا طالبا يخبر عن نفسه من غير قصد منه عن شيء فيقول نحن قرأنا او نحن ذهبنا او نحن طالعنا زجروه ابلغ الزجر مع ما يغلب على ظنهم انه لا يقولها تكبرا ولكنهم يريدون تأديبه لئلا يسترسل مع كثرة الخبر بنحن فيصبح من حاله التكبر بها. فاذا لزم الطالب هذه الكلمة واسترسل معها ربما جربته الى بلاء وبين. فينبغي ان يتحرز المرء منها ولا يكثر من قولها يقول خبرا عن نفسه نحن نقرأ عند الشيخ فلان او نحن نحفظ الكتاب الفلاني او نحن طالعنا او نحن نريد ان نزورك فاذا فحصت عن منتهى كلمته اذا قال لك نحن نريد ان نزورك فقلت من انتم؟ قال انا فقط. فتسأله اين نحن هذه التي كانت خبرا عن جمع فتجده يتلجلج ولا يعرف شرر هذه الكلمة على نفسه. فينبغي ان ينزه طالب العلم لسانه من نحن لانها تجره الى الكبر والخيلاء. ويلزم الازراء على نفسه. فان من خفض للعلم رفعه العلم. ومن رفع نفسه عن العلم خفضه العلم. نعم. قلتم احسن الله اليكم معقد الحادي عشر صيانة العلم عما يشين مما يخالف المروءة ويخرمها من لم يصن العلم لم يصنه العلم كما قال ومن اخل بالمروءة بالوقوع فيما يشين فقد استخف بالعين. فلم يعظمه ووقع في البطالة فتفضي به الحال الى والاسم العلمي عنه. قال وهب ابن منبه رحمه الله لا يكون من الحكماء. لا يدرك العلم بطال ولا كسل ولا ملول ولا من يألف البشر. وجماع المروءة كما قاله ابن تيمية الجد في المحرم. وتبعه الحفيد في بعض فتاويه استعمال ما يجمله ويزينه وتجنب ما يدنسه ويشينه. قيل لابي محمد سفيان ابن عيينة قد استنبطت من كل شيء فاين المروءة فيه؟ فقال في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. ففيه المرور وحسن الادب ومكارم الاخلاق. ومن الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة وما يحمل عليها وتنكبه خوارمها تخل بها قوله وتنكبه خوارمها التي تخل بها الخوارم جمع خرم وهو الشق الخوارم جمع خرم وهو الشق وخوارم المروءة ما يطرأ عليها فيضعفها او يفسدها. وخوارم مروءة ما يطرأ عليها فيضعفها او يفسدها فكل شيء اضعف المروءة وافسدها فهو خادم لها ومن انواعها ما سيأتي ذكره نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. ومن الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة وما يحمل عليها وتنكبه من خوارمها التي يحل بها كحلق لحيته فقد عده في الخواري والمروءة ابن حجر الهيتمي من الشافعية وابن عابدين من الحنفية او كثرة التفات في الطريق وعده من خوارمها ابن شهاب الزهري وابراهيم النخاعي من المتقدمين او مد الرجلين في مجمع الناس من غير حاجة على ضرورة داعية وعده من الخوارم جماعة. ومنهم ابو بكر الطرطوشي من المالكية وابو محمد ابن قدامة وابو الوفاء ابن عقيم من الحنابلة او صحبة الاراذل والفساق والمجان والبطالين وعده من خوارم المروءة جماعة منهم ابو حامد وابو بكر بن الطيب من الشافعية والقاضي عياض الي من المالكية او مصارعة الاحداث والصغار وعده من الخوالي ابن الهمام وابن نجيم من الحنفية. ومن اخل بمروءته وهو ينتسب الى العلم فقد اتضح عند الخاص والعام ولم ينل من شرف العلم الا الحطام. المعقد الثاني عشر انتخاب الصحبة الصالحة له. فالانسان مدني بالطبع واتخاذ الزميل ضرورة لازمة في نفوس الخلق. فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره من الطلاب لتعينه هذه المعاشرة على تحصيل العلم والاجتهاد في طلبه. قوله فالانسان مدني بالطبع اي لابد له من الاجتماع بغيره من ابناء جنسه. اي لابد له من الاجتماع بغيره من ابناء جنسه ومشاركة بعضهم بعضا في تحصيل مصالحهم. ومشاركة بعضهم بعضا في تحصيل وهي قاعدة مشهورة في كلام فلاسفة اليونان وبسطها من علماء الاسلام جماعة منهم ابن خلدون في مقدمته. نعم قلت ما احسن الله اليكم والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود. ولا يحسن بقاصد العلا الا انتخاب صحبة صالحة ان تعينه فان للخليل في خليله اثرا. قال ابو داوود والترمذي والسياق لابي داوود حدثنا ابن بشار حدثنا ابو وابو داوود قال حدثنا زهير بن محمد قال حدثني موسى ابن وردان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. يقول الراغب الاصفاني ليس اعداء الجليس لجليسه مقاله وفعاله فقط بل بالنظر اليه. لا تصحب الكسلان في حالاته. كم صالح اخر يفسد عدوى البريد الى الجليل سريعة كالجمر يوضع في الرماد فيخمد. والجليد هو ادوا الحازم وانما يختار للصحبة ويعاشر الفضيلة لا للمنفعة ولا للذة. فان عقد المعاشرة يضرب على المطالب الثلاثة الفضيلة والمنفعة واللذة كما ذكره شيخ شيوخنا محمد الخضر بن حسين في رسائل الاصلاح انتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به. قال ابن مسعود رضي الله عنه اعتبروا الرجل بمن يصاحب انما يصاحب الرجل من هو مثله. وانشد ابو الفتح البستي لنفسه اذا ما اصطنعت امرأ فليكن شريفا لجاره زكي الحسب فنذل الرجال كنذل النبات فلا للثمار ولا للحطب. قوله شريف النجار النجار بكسر النون وضمها الاصل النجار بكسر النون وضمها الاصل والانساب مؤثرة في الطبائع. ذكره ابو العباس ابن تيمية فلا تكاد مروءات فلا تكاد خوارم المروءة تلزم شخصا الا مع سقوط اصله. نعم. احسن الله واليكم قلتم حفظكم الله. ويقول ابن مانع رحمه الله في ارشاد الطلاب وهو يوصي طالب العلم. ويحذر كل الحذر من مخالطة في السفهاء واهل المجون والوقاحة وسيء السمعة والاغبياء والبلداء. فان مخالطتهم سهو الحرمان وشقاوة الانسان. وكان هذا عين قول سفيان ابن عيينة اني لاحرم جلساء الحديث الغريب لموضع رجل واحد ثقيل فقد يحرم المتعلم العلم لاجل صاحبه فاحذر هذا الصنف. وان تزيى بزي العين فانه يفسدك من حيث لا تحس المعقد الثالث عشر بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه اذ تلقيه عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له ومذاكرة به وسؤال عنه. فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه والاشتغال به فالحفظ خلوة بالنفس والمذاكرة جلوس الى القرين والسؤال اقبال على العالم. فبالحفظ يقرر العلم في القلب وينبغي ان يكون جل همة الطالب مصروفا الى الحفظ والاعادة. كما يقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ولم يزع العلماء الاعلام يحضون على الحفظ ويأمرون به. قال عبيد الله بن الحسن وجدت احضر العلم منفعة ما وعيته بقلبي وذكته بلساني قوله وذكته بلساني اي حركت به لساني متحفظا له. اي به لساني متحفظا له ومن قواعد العلم ان من رام حفظ شيء رفع صوته به ان من رام حفظ شيء رفع صوته به ليجتمع على ذلك التان. احداهما الاذن بسمعها والاخرى العين بنظرها فالمتحفظ الذي يقرأ نصا ما يريد حفظه في رفع صوته به يقوي وصول العلم الى قلبه بسماعه من اذنه ودخوله مع بصره. فاذا اردت ان تحفظ شيئا رفعت صوتك به فان اردت ان تفهم شيئا خفضت صوتك به. لان خفض الصوت انسب لجمع القلب على المطلوب والفهم يراد الوصول اليه بتحريك معناه في القلب. والمعين على ذلك ان تقرأه قراءة منخفضة الصوت فتجمع قلبك على ما تريد تفهمه. فالقراءة الرفيعة للحفظ والقراءة المحفوظة الصوت للفهم. نعم. قلتم احسن الله اليكم وسمعت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله يقول حفظنا وقرأنا كثيرا فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا. ليس بعلم ما حاولت مطر العلم الا ما حواه الصدر قوله القمطر بكسر القاف وفتح الميم بكسر القاف وفتح الميم وهو وعاء تحفظ فيه الكتب كالحقيبة في زماننا. وهو وعاء تحفظ فيه الكتب كالحقيبة في زماننا نعم. قلتم احسن الله اليكم المتلمس العلم لا يستغني عن الحفظ. ولا يجمل به ان يخلي نفسه منه. واذا قدر على ما كان يصنع ابن الفرات رحمه الله فليأخذ به فقد كان لا يترك كل يوم اذا اصبح ان يحفظ شيئا وان قل. ومن عقل هذا المعنى لم يزل من الحفظ في ازدياد فلا ينقطع عنه حتى الموت. كما اتفق ذلك لابن مالك رحمه الله صاحب الالفية النحوية فانه حفظ في موته خمسة شواهد. وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس ويقوى تعلقه بها والمراد بالمذاكرة مدارسة وقد امرنا بتعاهد القرآن الذي هو ايسر العلوم. قال البخاري رحمه الله حدثنا عبدالله بن يوسف قال اخبرنا مالك نافعا عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. ورواه مسلم من حديث مالك به نحوه. قال ابن عبد البر رحمه الله في كتابه التمهيد عند هذا الحديث واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابل المعقلة من اهلها امسكها فكيف بسائر العلوم؟ وكان الزهري رحمه الله يقول انما يذهب العلم النسيان وترك مذاكرة قوله والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران اي الاجتماع معهم. اي الاجتماع معهم على درس العلم اي الاجتماع معهم على درس العلم. فيجتمعون ويذكر بعضهم لبعض ما عوه من وسائل من مسائل العلم التي اخذوها عن شيخهم فلا تنفع مذاكرة الاقران الا اذا وقعت موقعها وهي انها تقع تتميما لما تلقوه عن الشيخ فيجتمع الاقران الاخذون عن شيخ ويراجع بعضهم بعضا الدرس الذي تلقوه على شيخهم فانه هم ينتفعون واما اجتماع الاقران مع الاستقلال عن الاشياخ توهما ان ذلك من طرائق تحصيل العلم فهذا يضر اهله. قيل لابي حنيفة ان اناسا يجتمعون في المسجد يتفقهون. فقال هل لهم رأس اي فقيه كبير يرجعون اليه اذا اشكل عليهم شيء فقالوا لا فقال لا يفلحون ابدا الاقران ومدارستهم نافعة اذا وقعت موقعها بعد التلقي عن الشيخ الذي يجمعهم على العلم الذي يأخذونه عنه نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه. قال الزهري رحمه الله انما العلم خزائن وتفتتحها المسألة. وحسن المسألة نصف العلم. والسؤالات المصنفة كمسائل احمد المروية يعني برهان جلي على عظيم منفعة السؤال. وقلة الاقبال على العالم السؤال اذا ورد على بلد تكشف مبلغ العلم فيه فهذا سفيان الثوري رحمه الله يقدم عسقلان فيمكث ثلاثا لا يسأله انسان عن شيء. فيقول رواد بن الجراح احد اكتر لي اخرج من هذا البلد. هذا بلد يموت فيه العلم. قوله اكتري لي اي اطلب لي من ينقلني بالاجرة اي اطلب لي من ينقلني بالاجرة لاخرج من هذا البلد. وقوله هذا بلد يموت فيه العلم لان نعش العلم وحياته بذكره. لان نعش العلم وحياته بذكره. ومن طرائق بذكره؟ الجواب عن سؤالات السائلين. فاذا كان العالم يسأل ويدرس ويعلم حفظ علمه واذا انتهى الى بلد لا يقرأ عليه فيها احد ولا يسأله احد فان علمه الذي هو معه يموت معه لحاجته الى تذكره واثارته ونعشه بالدرس والجواب. نعم. قلتم احسن الله اليكم فمن لقي شيخا فليغتنم لقاءه بالسؤال عما يشكل عليه ويحتاج اليه. لا سؤال متعنت ممتحن. وهذه الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته. فالحفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته. المعقد الرابع عشر اكرام اهل العلم وتوقيرهم. ان العلماء عظيم ومنصبهم منصب جليل. لانهم اباء الروح. فالشيخ اب للروح. كما ان الوالد اب للجسد. وفي وابي ابن كعب رضي الله عنه النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو اب لهم. والابوة المذكورة في هذه القراءة كنيسة ابوة النسب اجماعا وانما هي الابوة الدينية الروحية فالاعتراف بفضل المعلمين حق واجب. وفي هذا المعنى قال ابو العباس ابن تيمية الشيخ والمعلم والمؤدب اب للروح الشيخ والمعلم والمؤدب اب للروح. والوالد اب للجسد والوالد اب للجسد. نقله عنه تلميذه ابن القيم في مدارج السالكين. نعم قال شعبة ابن الحجاج كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد. واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد بن علي الادفو فقال رحمه الله اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو عبد له. قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له جعله الله فتاه لذلك وقد امر الشرع برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. قال احمد في مسند حدثنا هارون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني مالك ابن الخير الزيادي عن ابي قبيل المعافر عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف عالمنا حقه امسك ابن عباس رضي الله عنهما يوما بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه فقال زيد اتمسك لي وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ابن عباس رضي الله عنهما انا هكذا نصنع بالعلماء قوله بركاب زيد الركاب اسم للابل التي تركب. الركاب اسم للابل التي تركب. والعادة الجارية ان يكون لها خطام. والعادة الجارية ان كون لها خطام اي حبل مشدود في رأسها. فامسك ابن عباس رضي الله عنه بذلك الخطام تأدبا مع زيد ابن ثابت رضي الله عنه. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله ونقل ابن حزم يا جماعة على توقيع العلماء واكرامهم والبصير بالاحوال السلفية يقف على حميد احوالهم في توقير علمائهم. فقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا جلسوا اليه كانما على رؤوسهم الطير لا يتحركون. وقال محمد بن سيرين رأيت عبدالرحمن بن ابي واصحابه يعظمونه ويسودونه ويشرفونه مثل الامير. وقال يحيى الموصلي رأيت ما لك بن انس غير مرة وكان باصحابه من ضامنه والتوقيد له واذا رفع احد صوته صاحوا به فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه. واذا حدث عنه عظم من غير غلو بل ينزله منزلته لان لا يشينه من حيث اراد ان يمدحه وليشكر تعليمه ويدعو له ولا يظهر ولا يؤذيه بقول او فعل وليتلطف في تنبيهه على خطأه اذا وقعت منه زلة. واما تناسب الاشارة اليه هنا وجيز معرفة الواجب اذا اذلت العالم وهو ستة امور. الاول التثبت في صدور الزلة منه. والثاني في كونها خطأ وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها والثالث ترك اتباعه فيها والرابع التماس العذر له بتأويل سائغ. الخامس بذل النصح له بلطف وسر لا بعنف وتشهير. السادس حفظ جنابه فلا تهدر كرامته في قلوب المسلمين هذه النبذة المذكورة في هذه المقيدة من بيان الواجب تجاه زلة في العالم من عيون ما فيها. فان الله قضى اظهارا لحفظ مقام النبوة ان من قام بعد النبي صلى الله عليه وسلم من العلماء فان الطبيعة البشرية تقضي بوقوع الزلة منهم بخلاف صلى الله عليه وسلم فانه محفوظ جزما في تبليغ دين الله عز وجل. فلا يخلو احد من العلماء من ذلة يقع فيها وبادرة تصدر عنه. وقد رتب الشارع الحكيم احكاما تتعلم بتلك الزلة. جماع ما ينبغي العلم بها مما يناسب هذا المقام ستة امور. اولها التثبت في اولي الزلة منه فانه قد ينسب اليه شيء هو منه بريء فلابد من التثبت في انه قال هذا القول او فعل هذا الفعل ليتحقق من صدور تلك الزلة منه. والثاني التثبت في كونها خطأ اي التحقق بيقين من الجزم بانها خطأ محض. وهذه وظيفة العلماء الراسخين. ذكره في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم. لان زلة العالم من جنس المتشابه. فانه يتجاذبها الحق والباطل وتمييزها بسلها بين الحق والباطل والحكم عليها بانها موافقة للحق او ومخالفة له مضارعة للباطل يحتاج الى قدم راسخة في العلم فهي وظيفة العلماء الراسخين والثالث ترك اتباعه فيها. فمن زل زللا بينا قطع الراسخون من العلماء بوقوعه منه بعد تحقق ثبوت نسبته اليه فانه لا يتابع فيها ولا يرضى بقوله لاجل ما هو عليه مما مقام حميد في الدين فان الزلة زلة وان صدرت عن من صدرت عنه من معظم الخلق من العلماء. والرابع التماس العذر له بتأويل سائغ اي التماس حملها على مأخذ قوي معتد به عند اهل العلم فان الزلة التي تبدر ممن عرف ثبوت قدمه في الدين وطريقة اهل العلم الراسخين اذا بدرت منه يلتمس هل يحمل قوله على شيء ذكره غيره من اهل العلم اوله مستمسك قوي من دليل يبين ذلك وخامسها بذل النصح له بلطف وسر لا عنف وتشهير لان مقصودة من بيان زلته رده الى حياض الحق. فان المرء لا يفرح بزلة اخيه من اهل العلم والسنة بل يتألم لصدورها منه ويسارع بمداواتها. ومما يعين على مداواة تلك الزلة ان يعالجها المرء بحكمة عقل ولطف رجاء رده الى الحق. لان معاملته بضد ذلك ربما جعلته يشايع الباطل. ويستنصر لنفسه ثم يتحزب له من يتحزب فتعظم المصيبة في المسلمين باقتطاع الشيطان لزمرة منهم واجتياله لهم عن الصراط المستقيم والسادس حفظ جنابه اي قدره فالجناب بالفتح هو الجانب والمراد به القدر فيحفظ وقدره ولا تهدر كرامته في قلوب المسلمين. فيرد عليه بقدر ما وقع منه من خطأ دون زيادة على ذلك فان الاصل في عرضه الحرمة ويبقى عرضه محفوظا ولا يستباح منه الا ما يؤدي الى بمقالته الباطلة فليس للمرء ان يتخذه سخرية وهزءا في صورته او مشيه او بيته او او غير ذلك مما لا تعلق له بذلته. نعم. قلتم احسن الله اليكم ما يحذر منه مما يتصل بتوقير العلماء صورته التوقير ومآله الاهانة والتحقيق. كالازدحام على العالم والتضييق عليه والجائه الى اعسر السبل. فما ماته ابن بشير واسطي المحدث الثقة رحمه الله الا بهذا. فقد ازدحم اصحاب الحديث عليه فطرحوه عن حماره فكان سبب موته رحمه الله. المعقد الخامس عشر رد مشكله الى اهله. فالمعظم للعلم على دهاقنته والجهابذة من اهله لحل مشكلاته. ولا يعرض نفسه لما لا تطيق. خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء عليه الدين فهو يخاف وسخط الرحمن قبل ان يخاف سوط السلطان. فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا. فان في مشكل فتكلم بكلامهم وان سكتوا عنه فليسعك ما وسعهم. قوله يعول على دهاكنته. الدهاق قنا جمع دهقان بكسر الدال وضمها. الدهاقنة جمع دهقان بكسر الدال وضمها وهو قوي التصرف مع حدة وهو قوي التصرف مع حدة والجهابدة جمع جهبذ والجهابدة جمع جهب وهو النقاد الخبير ببواطن الامور. وهو النقاد الخبير بواطن الامور نعم. قلتم احسن الله اليكم ومن اشق المشكلات اي فتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن والناس في هذا الباب طرفان ووسط. فقوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها وفزعوا الى الاهواء والاراء يمدونها من هيجان الخطباء ورقة الشعراء وتحليلات السياسيين وارجافات المنافقين وقوم يعرضونها على العلماء لكنهم لا قال هم ولا يرضون ولا يرضون مقالهم فكأنهم طلبوا جوابا يوافق هوى في نفوسهم فلما لم يجدوه مالوا والناجون من نار فتن السالمون من وهج والمحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليه شيء من قوله ما احسن الظن بهم فطرح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة. فالسلامة لا يعدلها شيء وما احسن قول ابن عاصم في مرتقى الوصول وواجب في مشكلات الفهم تحسيننا الظن باهل العلم قوله السالمون من وهج المحن السالمون من وهج المحن الوهج بالتحريك حر النار. الوهج بالتحريك حر النار. فمعنى الجملة سالمون من حر نار المحن وهذه الجملة التي ذكرها المصنف من رد ما اشكل الى العلماء موجب امتثالها طلب السلامة كما قال في اخره ايثارا للسلامة فالسلامة لا يعدلها شيء. والمراد بها السلامة من تبعة القول عند الله اي سبحانه وتعالى فان المرء يطلب سلامة دينه. ومن جملة سلامة دينه رد الامر الى اهله. قال الله تعالى واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فمن السلامة الدينية وكل المهام العظام الى اهلها ممن استأمنهم الله سبحانه وتعالى عليها من العلماء الذين لا ايخفون عن العجائز في دورهن. فاذا ترشح العبد لهذا الابتلاء وصار مشارا اليه بالاصابع بالله عز وجل وليعلم ان خبره خبر عن حكم الله عز وجل. فيكون ذلك مؤديا الى عظمة خوفه من الله عز وجل ان يسكت عن شيء او يتكلم بشيء. ومن لم يترشح لهذه الرتبة من طلاب العلم ولو كانوا منتهين فانهم ينبغي ينبغي ان يحبسوا انفسهم رغبة بها عن ان يقعوا فيما يهلكها. فمن الناس من تجرأ على المشكلات حتى جرته الى قبيح المهلكات فربما خلع المرء ربقة الايمان بتهاتره وتعديه في المشكلات التي تعرض الناس من الفتن والنوازل فصار مآل امره لما لم يكل الامر الى اهله ان ضعف دينه ضعفا بينا بل ربما خرج بعضهم من الاسلام بالكلية لان هذا الدين متين. فينبغي ان يوغل فيه المرء برفق وان يلاحظ منزلته بين اهله لئلا يهلك نفسه ها احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله ومن جملة المشكلات رد زلات العلماء والبقالات باطنة لاهل البدع والمخالفين فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون بينه الشاطبي في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم اذا تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب تولدت فتنا وبلايا. كما هو مشاهد في عصرنا فانما نشأت كثير من الفتن حين تعرض للرد على زلات العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة الاغمار. والجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم فيها قوله بعض الناشئة الاغمار الاغمار جمع غمر والغمر هو الذي لم يجرب الامور ولا اطلع على حقائقها. والغمر والغمر هو الذي لم يجرب الامور اطلع على حقائقها وميمه بالسكون وتضم ايضا فيقال غمر وغمر. نعم قلتم احسن الله اليكم المعقد السادس عشر توقير مجالس العلم والجلال اوعيته. فمجالس العلماء كمجالس قال سهل بن عبدالله من نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد السابع عشر الذب عن العلم والذود عن حياضه السادسة احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد السادس عشر توقير مجالس العلم واجلال اوعيته. فمجالس العلماء مجالس الانبياء. قال سهل بن عبدالله من اراد ان ينظر الى مجالس الانبياء فلينظر الى مجالس العلماء. يجيء الرجل فيقول يا فلان اي شيء تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول طلقت امرأته ويجيء اخر فيقول ما تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول ليس يحنث بهذا القول. وليس هذا الا لنبي او لعالم فاعرفوا لهم ذلك. وقال ما لك بن انس رحمه الله ان مجالس العلماء تحتضن بالخشوع والسكينة والوقت وقد كان مالك رحمه الله اذا اراد ان يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن من جلوسه بوقار وهيبة ثم حجة. وكان عبدالرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه ولا يبرى فيه قلب ولا يتبسم فيه احد وكان وكيع بن الجراح في مجلسه كأنهم في صلاة. فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس العلم حقه فيجلس فيها جلسة الادب ويصغي الى الشيخ ناظرا اليه فلا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها ولا يعبث بيديه او رجليه ولا يستند بحضرة شيخه ولا يتكئ على يده ولا يكثر التنحنح والحركة. ولا لو مع جاره واذا عطس خفض صوته واذا تثائب ستر فمه بعد رده جهدا وينضم الى توقيت مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب. فاللائق لطالب العلم صون كتابه وحفظه وجلاله والاعتناء به فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه. ولا يجعله بوقا. واذا وضعه بلطف وعناية رمى اسحاق بن راهويه يوما بكتاب كان في يده فرآه فرآه ابو عبد الله احمد بن بل ان فغضب وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ ولا يتكئ على الكتاب او يضعه عند قدمه واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفعه عن الارض وحمله بيديه قوله واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفعه عن وحمله بيديه اعلام بان وضع الكتاب على الارض حال القراءة خلاف الادب خلاف الادب فاذا حضر المتعلم بين يدي شيخه رفع كتابه بيديه تأدبا مع الكتاب ومعرفة بمجلس العلم حقه في هذا الوعاء وانه مما لا يطرح ولا يلقى في الدرس على الارض ومن تأدب بهذا الادب رجي له الانتفاع بالعلم ومن لا يعرف الادب مع الكتاب فانه يتخوف عليه ان يفوته حظه من العلم. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد السابع عشر الذب عن العلم والذود عن حياضه. ان للعلم حرة واثرة توجب الانتصار له اذا تعرض لجنابه بما لا يصلح. وقد ظهر هذا الانتصار عند اهل العلم في مظاهر منها الرد على المخالف فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين فلم يزل الناس يرد بعضهم على بعض كما قال الامام احمد لكن المرشح لذلك هم العلماء لا الدهماء مع لزوم الادب وترك الجور والظلم قوله لا الدهماء الدهماء هم العامة. الدهماء هم العامة. واصل الدهن التغطية واصل الدهم التغطية. واكثر من يغطي الارض هم العوام فهم اكثر اهل الارض. فسموا لاجل ذلك دهماء افاده المبرد رحمه الله صاحب الكامل. نعم. قلتم احسن الله اليكم ومنها هجر ذكره ابوي على الفراء جماعا فلا يؤخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كما في الرواية عنهم لدى حدتين وفي ذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية الحفيد مقررا اصلا كبيرا تعظم الحاجة اليه في ازمنة الجاهلية والفتن فاذا تعذر اقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك الا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ذلك الواجب كان تحصيل الواجب مع مفسدة مفضوحة خيرا من العكس. ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد او سوء ادب قوله ندد اي خصومة شديدة. اي خصومة شديدة. نعم. وكان عبد الرحمن ابن مهدي اذا تحدث احد في مجلسه او بني قدما صاح ولبس لعليه ودخل. وكان وكيع اذا انكر من امر جلساء نسائه شيئا انتعل ودخل وشوهد هذا مرارا من شيخ شيوخنا محمد بن ابراهيم ال الشيخ. فكم مرة رؤي منصرف لما سمع طالبا يتشدق في مقاله فاخذ نعليه وانصرف وحضر شاب مجلس سفيان الثوري فجعل يترأس ويتكلم ويتكبر بالعلم. فغضب سفيان وقال لم يكن تلف هكذا لم يكن السلف هكذا. كان احدهم لا يدعي الامامة ولا يجلس في الصدر حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة وانت تتكبر على من هو اسن منك قم عني ولا اراك تدنو من مجلسي. وكان رحمه الله يقول اذا رأيت الشاب عند المشايخ وان كان قد بلغ من العلم مبلغا فايس من خيره فانه قليل الحياء. وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلمين مجلسه زجرا له فليفعل كما فعل سفيان وكما كان يفعله شعبة رحمه الله مع عفان ابن مسلم في درسه قد يصدر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته فالسكوت واجب كما قال الاعمش. ورأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز رحمه الله فربما سأله سائل عما لا ينفعه. فترك الشيخ اجابته وامر القارئ ان يواصل قراءته او اجابته بخلاف قصدي وهذا اخر هذا المجلس ونستكمل بقية الكتاب بعد صلاة العشاء باذن الله تعالى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين