السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي صير الدين مراتب ودرجات وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين. ومن طرائق رحمته ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون وبيان مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية. ليستفتح ذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتهون على تحقيق مسائل علم وهذا المجلس الثاني في شرح الكتاب الاول من برنامج مهمات العلم في سنته السابعة سبع وثلاثين مئة والف وهو كتاب تعظيم العلم لمصنفه صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي. فقد انتهى بنا البيان الى قوله المعقد الثاني عشر نعم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا لوالديه ولمشايخه وللمسلمين قلتم حفظكم الله في مصنفكم تعظيم العلم. المعقد الثاني عشر انتخاب الصحبة الصالحة له. فالانسان مدني بالطبع واتخاذ الزمي ضرورة لازمة في نفوس الخلق فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره من الطلاب لتعينه هذه المعاشرة على تحصيل العلم والاجتهاد في طلبه والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود ولا يحسن بقاصد العلا الا انتخاب صحبة صالحة تعينه فان للخليل في اثرا. قال ابو داوود والترمذي والسياق لابي داوود قال حدثنا ابن بشار قال حدثنا ابو عامر وابو داود قال حدثنا زهير بن محمد قال موسى قال حدثني موسى ابن وردان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. يقول الراغب ليس اعداء الجليس لجليسه بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر اليه لا تصحى بالكسلان في حالاته كم صالح بفساد اخر يفسد عدوى البريد الى الجليد سريعة كالجمر يوضع في الرماد فيخمد. والجليد هو الجاد الحازم. وانما يختار للصحبة من يعاشر للفضيلة المنفعة ولا للذة فان فان عقد المعاشرة يبرم على هذه المطالب الثلاثة. الفضيلة والمنفعة واللذة كما ذكره شيخ محمد الخضر بن حسين في رسائل الاصلاح تنتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به. قال ابن مسعود رضي الله عنه اعتبروا الرجل بمن يصاحب فانما يصاحب الرجل من هو مثله وانشد ابو فتح البستي لنفسه اذا ما اصطنعت امرأ فليكن شريفا النجار زكي الحسب. فنذل الرجال كنذل النبات فلا للثمار ولا الحطب ويقول ابن مانع في ارشاد الطلاب وهو يوصي طالب العلم ويحذر كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة وسيء السمعة والاغبياء والبلداء فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان. وكان هذا عين قول سفيان ابن عوينة اني لا اني لاحرم موجودة سائلا حديثا غريبا لموضع رجل واحد ثقيل. فقد يحرم المتعلم العلم لاجل صاحبه فاحذر هذا الصنف وان تزيى بزي العلم فانه يفسدك من حيث لا تحس ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثاني عشر من معاقل تعظيم العلم وهو انتخاب الصحبة الصالحة له اي اختيار صفوة من الخلق يصحبهم في طلبه فالانتقام اختيار الصفوة والداعي الى اختيار تلك الصفوة ان الانسان مدني بالطبع اي مفتقر الى غيره في اقامة مصالحه اي مفتقر الى غيره في اقامة مصالحه فالخلق جارون على نفع بعضهم بعضا واصله في كتاب الله سبحانه وتعالى قوله تعالى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا اي ليعرف بعضكم بعضا بما ينفعه فتتعاونون في تحصيل مصالحكم وهي التي تسمى بالمدنية. ثم ذكر ان اتخاذ الزميل ضرورة لازمة في نفوس الخلق فالمرء مفتقر الى من يؤانسه ويشاركه مطلوبه ثم قال بعد والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود اي الرفقة في العلم اعون شيء في تحصيل المراد منه بشرط ان تسلم من الغوائل. وهي المفسدة لها كتزين بعضهم لبعض ومجاراة بعضهم بعضا في ترك التواصي بالحق والصبر عليه. فاذا اشترك قوم في زمالة فيما ينفعهم. فكانوا متواصين بالمعونة على الحق والصبر عليه عظم انتفاعهم. وان اشتركوا في زمالة مطلوب ثم سكت كل واحد منهم عما يرى عند اخيه من الخلل راجعت تلك الزمالة بالفساد عليهم. ثم قال ولا يحصل بقاصد العلا اي المطالب العالية. ومن جملتها العلم الا انتخاب صحبة صالحة تعينه. وعلله بقوله فان ان للزميل فان للخليل في خليله اثرا. اي للزميل في زميله الذي يتخذه اثرا يجده في نفسه. وابلغ والزمالة من عقدت فيها المحبة خالصة لله عز وجل مجتمعة على محبوباته ومراضيه. واصله في السنة حديث ابي هريرة رضي الله عنه الذي ذكره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. رواه ابو داوود الترمذي وهو حديث حسن. فالرجل يكون خليله في الدين الذي يدين به. فما يكونان عليه من دين يجري الى احدهما كما يجري في مجلسهما فان الناس يتناقلون بينهما بينهم الاخلاق كما يتناقلون بينهم الاقوال فاذا صحب المرء خليلا صالحا جذب صلاحه اليه. واذا صحب خليلا فاسدا جذب فساده اليه. ثم من المنقول عن الاوائل نثرا ونظما ما يبين اثر الجليس في جليسه ثم بين بعد الاواصر التي تنعقد بها الصحبة ان الناس يتصاحبون لاحد ثلاثة مطالب فالمطلب الاول صحبة الفضيلة والمطلب الثاني صحبة المنفعة والمطلب الثالث صحبة اللذة فالناس يشتركون في صحبتهم لاصرة واحدة مما تقدم تربط بينهم. فتارة يتشاركون لاجل منفعة تجمعهم وتارة يتشاركون لاجل لذة تجمعهم وتارة اخرى يتشاركون لاجل فضيلة تجمعهم. والنافع من هذه الاواصل من هذه الاواصل هي اصرة الفضيلة. فالمجتمعون على رابطة الفضيلة تعظم فائدتهم من تلك الاصلة لجلالة من عقدت عليه صحبتهم. واما المجتمعون على اصل المنفعة او اللذة فانهم سرعان ما يتفرقون اذا فقدوا ما يطلبون. فاذا منك صاحبك الذي يصحبك لمنفعة او لذة ما يريده منك من منفعة او لذة فصم اصرة العلاقة مع وانقطعت عرى الاخاء بينك وبينه. واما صاحب الفضيلة فانه لا يزال مجاريا صحبته معك باصرة الفضيلة. ولو قدر انقطاعها فان انقطاعها عادة يكون الى خير. بخلاف على منفعة او لذة فان الجاري غالبا فيما يفصم صلتهم انهم يتشاجرون ويتنافسون فيما يطلبون من لذة او منفعة فيحدث بينهم من الشر اضعاف اضعاف ما كان من الزور بالصلات التي كانت بينهم ثم قال بعد فانتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به اي تتميز به عن غيرك المرء اذا صاحب للفظيلة زكت حاله وقوي انتفاعه واذا صاحب لغاية فاسدة من لذة او منفعة جر عليه ذلك وباء عاجلا واجلا. ومن المنقول عن ابن عباس عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله اعتبروا الرجل بمن تصاحب اي استدلوا على الرجل واعرفوه بمن يصحبه فانما يصحب الرجل من هو مثله فاذا صحب اهل الفضائل من اهل التوحيد والسنة والعلم صارت فيه هذه المعالم الرشيدة. واذا صحب اهل الشرك والبدعة والفساد اليه هذه الرذائل ثم قال قال ابو الفتح البستي اذا ما اصطنعت امرأ فليكن شريف النجار زكي الحسب فنذل رجال كندل النبات فلا اكتمال ولا للحطب. والنجار الاصل وهو بكسر النون وتضم ايضا فيقال نجار ونجار. والانساب مؤثرة في الطبائع ذكره ابن تيمية الحفيد في اقتضاء الصراط المستقيم. ولذلك لا تلم خوارم العادات وفاسد الاحوال الا بساقط الاصل ثم ذكر من كلام ابن مانع وصيته طلاب العلم بقوله زار كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة وسيء السمعة والاغبياء والبلداء فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان لان ما هم عليه من سفه او مجون او فساد او بلاذ او غباء يسري الى من يصحبهم. فانك ترى المرء نقيا تقيا زكيا ذكيا فذا يصاحب هؤلاء فيفسد ويخلو من تلك الصفات التي كانت فيه. لمجاذبة خلقه خلق الذين صحبهم واذا كان المرء يتخوف عليه من جليسه الذي يجلس اليه ان يسري بلاء الفساد او او البلادة او الغباء فانه ينبغي ان يكون في قلوبنا من الخوف ما هو اعظم من ذلك ان يسري الى قلبك من جالسة في جليسك الشرك او البدعة او الهوى او الضلالة او فساد احوالك في ايمانك واعمالك فان فهذا عليك اخوف من شيء يسري اليك وربما قدرت على نزعه او خف اثره فيك بخلاف شيء تتخوف وعلى نفسك ان يخرجك من الاسلام الى الشرك او من السنة الى البدعة او من الطاعة الى المعصية ثم ذكر كلام سفيان ابن عيينة انه كان يحرم الرجل الحديث الغريب اي الحديث الذي يستفاد لمحل معناه او علو اسناده فهو حديث غريب لانه يطلب فائدة بعلو اسناده او جلالة معناه. قال لموضع رجل واحد ثقيل. فيمنع جليسه ان يرويه هذا الحديث لاجل صحبته رجلا ثقيلا لا يستحق العلم معهم فقد يحرم المتعلم العلم من اشياخه بالنظر الى من يصحبه من اصحابه. وكما ينتخب المرء اصحابه في امر دنياه فانه اجدر وبه ان ينتخب اصحابه اكثر واكثر في امر دينه فلا يصحب الا من يرجو منفعته وبره. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقل الثالث عشر بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه اذ تلقيه عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له ومذاكرة به وسؤال عنه. فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه الانشغال به فالحفظ خلوة بالنفس والمذاكرة جلوس الى القرين والسؤال اقبال على العالم. فبالحفظ يقرر العلم في القلب وينبغي ان يكون جل همة طالب طالبي مصروفا الى الحفظ والاعادة كما يقول ابن الجوزي في صيد خاطره ولم يزل العلماء الاعلام يحضون على الحفظ ويأمرون به. قال عبيد الله بن الحسن وجدت احضر العلم منفعة ما وعيته بقلبي ولكته بلساني وسمعت شيخنا ابن عثيمين يقول حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا ليس بعلم ما حولت مطر ما العلم الا ما حواه الصدر. والمتنمس للعلم لا يستغني عن الحفظ. ولا يجمل به ان يخلي نفسه منه واذا قدر على ما كان يصنع ابن الفرات فليأخذ به فقد كان لا يترك كل يوم اذا اصبح ان يحفظ شيئا وان قل. ومن عقل هذا المعنى لم يزل من في ازدياد فلا ينقطع عنه حتى الموت. كما اتفق ذلك لابن ما لك صاحب الالفية صاحب الالفية النحوية فانه حفظ في يوم موته خمسة شواهد. وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس. ويقوى تعلقه بها. والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران. وقد امرنا بتعاهد القرآن الذي هو ايسر العلوم. قال البخاري حدثنا عبدالله بن يوسف فقال اخبرنا مالك عن نافع ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. ورواه مسلم من حديث مالك بنحوه به نحوه قال ابن عبدالبر في كتابه التمهيد عند هذا الحديث واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابل المعطلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم وكان الزهري يقول انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة. وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه. قال الزهري انما هذا علم خزائن وتفتتحها المسألة. وحسن المسألة نصف العلم والسؤالات المصنفة كمسائل احمد المروية عنه. برهان على عظيم منفعة السؤال وقلة الاقبال على العالي بالسؤال اذا ورد على بلد تكشف مبلغ العلم فيه فهذا سفيان الثوري يقدم عسقلان فيمكث ثلاثا لا يسأله انسان عن شيء فيقول لرواد من جراح احد اصحابه اكتر لي اخرج من هذا البلد هذا ولد يموت فيه العلم. فمن لقي شيخا فليغتنم لقاءه بالسؤال عما يشكل عليه ويحتاج اليه لا سؤال متعنت ممتحن. وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته فالحفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثالث عشر من معاقل تعظيم العلم وهو بذل الجهد في تحفظه والمذاكرة به والسؤال عنه ذاكرا ثلاثة اصول في اخذ العلم اولها تحفظه اي حفظه اي حفظه وهو الاستظهار عن ظهر قلب وهو الاستظهار عن ظهر قلب وتانيها المذاكرة به المذاكرة به وهي مدارسته مع الاقران وثالثها السؤال عنه وهو استفهام اهله عنه. وهي استفهام اهله عنه ثم اتاهم ويبين ذلك مستفتحا كلامه بما يتعلق بالحفظ ذاكرا منفعته الاذ تلقيه يعني العلم عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له ومذاكرة به. وسؤال عنه فهؤلاء اولئك تحققوا في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه والاشتغال به. فالحفظ خلوة بالنفس والمذاكرة جلوس الى القرين والسؤال اقبال على العالم. ثم ذكر منفعة الحفظ فقال فبالحفظ يقرر العلم في القلب ان يثبتوا فيه ويكون راسخا ان يثبتوا فيه ويكون راسخا. وذكر فيما ذكر من مدحه قول عبيد الله بن الحسن وجدت احضر العلم منفعة اي اسرعه حضورا في النفع اي اسرعه حضورا في النفع ما وعيته بقلبي اي اتقنته وضبطته حفظا بقلبي اي ما ضبطته واتقنته حفظا بقلبي ولقته بلساني اي حركت به لساني متحفظا له اي حركت به لساني متحفظا له فان من قواعد العلم ان ان مبتغي الحفظ يرفع صوته عند ارادته. فاذا قصدت الى حفظ شيء فكرره صوتك به فانه اثبت في المحفوظ لانه تجتمع عليه التان احداهما العين بالنظر في المحفوظ المراد حفظه احداهما العين بالنظر بالمحفوظ المراد حفظه والاخرى الاذن بايصاله اليها الاذن بايصاله اليها عند رفع الصوت به فيسري العلم الى قلبك من هاتين الجهتين معا فيكون اقوى في حفظك واثبت واثبت له بخلاف الفهم فان الفهم لا يرفع الصوت فيه. فاذا اردت تفهم شيء خفضت صوتك به. لان جمع القلب على معنى يراد استنباطه يعيقه رفع الصوت به. فالمناسب لجمع القلب خفض الصوت بالا ينازع القلب بالة اخرى وهي اللسان الذي يوصل الكلام المرتفع الى القلب بالة اذن فيشوش الفهم ويضعفه. فاذا اردت ان تحفظ فارفع صوتك. واذا اردت ان تفهم فاخفض صوتك ثم ذكر قول ابن عثيمين رحمه الله حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فانتفعنا بما حفظنا اكثرا من انتفاعنا بما قرأنا ثم انشد بيت الخليل ابن احمد الفراهيدي امام امام اللغة في زمانه ليس بعلم ما حوى القمطر ما العلم الا ما حواه الصدر. والقمطر وعاء تحفظ فيه الكتب وعاء تحفظ فيه الكتب بمنزلة الحقيبة في زماننا بمنزلة الحقيبة في زماننا. ثم ذكر ان الملتمس للعلم لا يستغني عن الحفظ ولا يجمل به ان يخلي نفسه منه واذا قدر على ما كان يصنع ابن الفرات فليأخذ به فان ابن الفرات كان لا يترك كل يوم اذا اصبح ان يحفظ شيئا وان قل فاذا عقل مقتبس العلم هذا الاصل فالزم نفسه الحفظ كل يوم فانه لا يتقوى في حفظه ويدوم له ويبقى ممتد عمره قادرا عليه فان من الف شيئا صار عادة له فتجده في المشتغلين بالحفظ الحريصين عليه قدرة عليه وان كبرت اسنانهم. فترى من ابناء الثمانين من يقدر على الحفظ ولا يعجز عنه لدوام صلته به وترى من ابناء العشرين من عنه لضعف صلته به. فمن قوى صلته بالحفظ ملازمة له. قويت هذه الملكة عنده. ومن اخبار من فيه ان ابن مالك صاحب الالفية حفظ في يوم موته خمسة شواهد من الشعر. وكان قد تتابع به عمر واتفق لابي الفرج ابن الجوزي انه حفظ القراءات بعد سن الثمانين. ولما تحول ابن هشام عن النحو من مذهب الشافعية الى مذهب الحنابلة في حال كبره حفظ مختصر الخرق في ستة في اشهر فالملازم دأبا للحفظ لا يعجز عنه. وان كبرت سنه. ومما يحول بين ملتمس العلم وبين الحفظ افتان عظيمتان الاولى ترك رياضة القلب في الحفظ ترك رياضة القلب في الحفظ فان القلب الة لا تقدر على ما يجعل لها الا مع رياضة حسنة لها بان لها شيئا فشيئا فلا يكفر عليها المحفوظ حتى اذا اعتادت حفظ قدر يسير واليفته رقاها بعد الى مرتبة اخرى. فاذا وصلت الى مرتبة اعلى مما ابتدأ به نقلها بعد مدة الى مرتبة ثانية حذرا من الهجوم على القلب بما لا يقدره ولا اعتاده. فالهاجمون على قلوبهم مباشرة الحفظ بقدر كبير سرعان ما يعجزون عنه وينقطعون ولو قدر استمرارهم في الحفظ فانما حفظوا لا يبقى في قلوبهم بخلاف من يحمل نفسه على الحفظ شيئا فشيئا فانه لا يزال يقوى قلبه حتى يقدر في المنتهى على مقامات لم يكن قادرا عليها في المبتدأ. ومن اخبار ابي هلال العسكري التي ذكرها عن نفسه في كتاب على طلب العلم انه كان يعجز عن الحفظ ويحاول مدة طويلة حفظ شيء يسير فلا يستطيعه فلا فلم يزل يروض نفسه على الحفظ ويأخذها به حتى قدر على حفظ قصيدة لرؤبة ابن العجاج قاتم الاعماق خاوي المخترق وهي ثلاث مئة بيت بان حفظها في سحر ليلة واحدة. فالمرء اذا كابد حفظ وراض قلبه عليه استطاعه. واذا هجم عليه هجمة واحدة اضر بقلبه. والافة الثانية استطالة الطريق والاستعجال فتجد احدهم هجاما على المحفوظات متنقلا بينها مستطيلا طريق حفظها فانه يشرع لنصح ناصح في ثلاثة الاصول في حفظ منها اويقات ثم اسمع داعيا يدعو الى حفظ الحديث فيتحول الى حفظ الاربعين النبوي النووية فلا يلبث فيه اياما فيها اياما حتى يثنى عنده على حفظ معاني القرآن الكريم فيرغب في ذلك. فلم يزل متنقلا متحولا بين انواع العلوم راغبا فيها مستطيلا طريق اصابتها جميعا بالحفظ فيعود وعليه ذلك بالانقطاع عن العلم ومن فوائد ابن القيم قوله رحمه الله من استطال الطريق ضعف مشيه من استطال الطريق ضعف مشيه. انتهى كلامه. فالمرء الذي يستطيل الطريق المنصوب. امامه في الوصول الى مطلوبه ينقطع عنه ويضعف سيره فلا ينبغي ان ليجعل طالب العلم نصب عينيه استطالة الطريق فانه يمنعك ويعيقك عن نيل مطلوبك من حفظه ثم ذكر المصنف منفعة المذاكرة فقال وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس ويقوى تعلقه بها وبين معنى المذاكرة بقوله والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران بان تجتمع انت وزميل لك في النظر فيما علقتما عن شيخ وتتراجعان بينكما التقريرات التي ذكرها شيخكما حفظا او فهما ثم ذكر اصل المدارسة في الشرع وهو الامر بالتعاهد القرآن الكريم. وفيه قوله صلى الله عليه وسلم ان مثل انما مثل صاحب القرآن كمثل المعطلة ان ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. والابن المعقلة هي المقيدة. ان راقبها صاحبها واحاطها بعنايته امسكها. وان اهملها وغفل عنها ذهبت. واذا كان هذا في القرآن وهو هو اصل العلم مما يسره الله فانه في غيره اولى. ثم ذكر منفعة السؤال فقال وبالسؤال عن العلم تفتتح خائنه وذكر قول الزهري انما هذا العلم خزائن وتفتتحها المسألة فاذا سأل المتعلم اشياخه في العلم حاز خيرا كثيرا. فان من ابواب العلم المنقولة عن اهله ما لا تجد فيه الا فتوى مستفت او سؤال سائل سأل عالما من العلماء فكتب فيه ما كتب تعليقا فبقي هذا الجواب نورا يستضيء به سداة العلم وينتفعون به بعده مددا طويلة ثم قال وحسن المسألة نصف العلم. ثم بين ان قلة الاقبال على العالم بالسؤال اذا ورد على بلد تكشف مبلغ العلم فيه. فان الواردين على بلد تستمطر فوائدهم وتستخرج علومهم بطرائق مختلفة. منها مبادرتهم بالسؤال في العلم. فاذا لقيت احدا من اهل للعلم ضاق وقته او وقتك عن القراءة عليه فلا تعجز عن عرض سؤالات عليه وكان بعض اهل العلم الذين يريدون بلدانا يبقون يبقون فيها اياما ينتفع بهم بسؤالهم فقط. فلا تكون مجالس درس لهم لكن يقصدون من بعض الاباء اهل الفطنة من طلاب العلم فيتوجهون اليهم بسؤالاتهم فيكون في سؤالاتهم ما ينفعهم فاحرص على تعاهد هذا فاذا لقيت عالما يضيق وقته او وقتك عن القراءة عليه فلا تعجز عن سؤاله وتقييد ما تسمعه من الاجوبة عنه ويتأكد هذا اذا كان رجوعه الى هذا البلد متكررا فان من اهل العلم من يتكرر لداع اقتضى رجوعه الى بلد من البلدان فينبغي ان تقيد اسئلة في ناس عندك عندك فاذا جاء عرضت ما يسر الله من تلك الاسئلة وقيدت اجوبة اجوبتها فما هي الا مدة من الزمن واذا بك قد حزت ذخيرة عظيمة من العلم. واذا اردت ان تعلم قدر هذا في العلم فانظر الى السؤالات عن الامام احمد كمسائل ابنه صالح وابنه عبدالله وابن هاني وابن منصور في اخرين فانهم حفظوا كثيرا من ابواب العلم عن الامام احمد بهذه السؤالات. ثم ختم هذا المعقد بقوله وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته. فالحفظ غرس العلم. فاذا حفظت العلم كنت غارسا له في قلبك. قال والمذاكرة سقيه اي بمنزلة الماء الذي يجرى اليه بعد غرسه والسؤال عنه تنميته اي تكفيره وتزكيته في النفس حتى يربو وينمو. نعم الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقل الرابع عشر اكرام اهل العلم وتوقيرهم. ان فضل العلماء عظيم منصبهم منصب جليل لانهم اباء الروح. فالشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد. وفي قراءة ابي ابن كعب رضي الله عنه نبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو اب لهم والابوة المذكورة في هذه القراءة ليست ابوة النسب اجماعا وانما هي الابوة ابوة الدينية الروحية فالاعتراف بفضل المعلمين حق واجب قال شعبة ابن الحجاج كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد. واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد بن علي الادفوي فقال اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له عبد قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فتاه لذلك وقد امر الشرع برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. قال احمد في المسند حدثنا هارون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني مالك بن المخير الزيادي عن ابي قبيله المعافري عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه. امسك ابن عباس رضي الله عنه يوما بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه فقال زيد اتمسكني وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس رضي الله عنهما ان هكذا نصنع بالعلماء. ونقل ابن حزم الاجماع على توقير العلماء واكرامهم. والبصير بالاحوال للسلفية يقف على حميد احوالهم في توقيع علمائهم فقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا جلسوا اليه كأنما على رؤوسهم الطير لا واكون وقال محمد ابن سيرين رأيت عبدالرحمن ابن ابي ليلى واصحابه يعظمونه ويسودونه ويشرفونه مثل الامير. وقال يحيى الموصلي رأيت ذلك ابن انس غير مرة وكان باصحابه من الاعظام لهم والتوقير له واذا رفع احد صوته صاحوا به فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل التواضع له والاقبال عليه وعدم التفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه اذا حدث عنه عظمه من غير غلو بل ينزله منزلته لئلا يشينه من حيث اراد ان يمدحه. وليشكر تعليمه ويدعو له ولا يظهر الاستغناء عنه ولا بقول او فعل. وليتلطف في تنبيهه على خطأه اذا وقعت منه زلة ومما تناسب الاشارة اليه هنا باختصار وجيز معرفة الواجب ازاء زلة العالم وهو ستة امور. الاول التثبت في صدور الزلة منه. والثاني التثبت وفي كونها خطأ وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها. والثالث ترك اتباعه فيها والرابع التماس العذر له بتأويل سائل. والخامس بذل النصح له بلطف وسر لا بعنف وتشهير. والسادس حفظ جنابه فلا تهدر كرامته في قلوب المسلمين. ومما يحذر منه مما يتصل بتوقير العلماء ما صورته التوقير وما اهله الاهانة والتحقير. كالازدحام على العالم والتظييق عليه والجائه الى اعسر السبل فما مات هشيم ابن بشير الواسطي المحدث الثقة الا بهذا فقد ازدحم اصحاب الحديث عليه فطرحوه عن حماره فكان سبب موته ذكر المصنف وفقه الله المعقد الرابع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو اكرام اهل العلم وتوقيرهم اي اجلالهم واعظامهم ومعرفة حقهم. فانهم اباء الروح فان الاب ان الوارد ابو الجسد والعالم ابو الروح. فالابوة الروحية هي ابوة العلم. قال ابن تيمية الحفيد والمعلم والمؤدب اب للروح الشيخ والمعلم والمؤدب اب للروح والوالد اب للجسد والوالد اب للجسد. ذكره صاحبه ابن القيم في مدارج السالكين. ثم ذكر عن شعبة قوله كل من سمعت منه حديثا فانا كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد. اي انا له ممتن اجعل نفسي بمنزلة المملوك له لما افاض علي من الخير في التعليم. وذكر استنباط هذا المعنى من القرآن من كلام محمد ابن علي الاجهوي رحمه الله انه قال اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه فوائد فهو له عبد قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمدا له متبعا له فجعله الله لذلك انتهى كلامه. فكان يوشع عليه الصلاة والسلام من موسى عليه الصلاة والسلام بمنزلة فتى من سيده ووجه تلك السيادة ما اسداه اليه من الخير في التعليم والتفييم. ثم ان الشرع امر برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. وذكر حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس منا او قال ليس من امتي وذكر افرادا فقال ويعرف لعالمنا فعلموا الامة له حق عليها اثبتته الشريعة. ومن المأثور عن الصدر الاول ما ذكره من حكاية بفعل ابن عباس رضي الله عنه مع زيد ابن ثابت لما امسك بركاب ناقته فسأله زيد عن ذلك فقال ان هكذا نصنع بالعلماء وكان ابن عباس منتفعا بزيد في العلم وركاب الراحلة من الابل هي شيء يعلق بمنزلتي هو شيء يعلق يعلق باعلى بادنى سرجها هو شيء يعلق بادنى سرجها او رحلها. فالسرج الفرس والرحل ما يوضع على الناقة. فكانوا يعلقون يربط برحل الناقة وهو ما يجعل الجلوس عليها تجعل فيه القدم عند الصعود عليها وهو الذي يسمى ماء غرزا ايضا لكن الغرس يختص بالجلد. فلما فعل ذلك ابن عباس مع زيد بين وجهه بقوله ان هكذا نصنع بالعلماء. ثم نقل اجماع اهل العلم على توقير العلماء واكرامهم عن ابن حزم الاندلسي ثم قال الا والبصير بالاحوال السلفية اي ما كان عليه سلف الامة يقف على حميد افعالهم احوالهم في توقيع علمائهم وذكر من شواهد ذلك ما يبين صدق هذا ثم قال فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه واذا حدث عنه عظمه من غير غلو الى اخر ما ذكر ثم ذكر نبذة نافعة في معرفة الواجب تجاه زلة العالم. وهي من عيون المقيدات هنا فان اتى العالم من طبع العالم فان الله خلق الناس مطبوعين على النقص فاكملهم حالا العلماء يبدر منهم من الزلات ما يبدر تحقيقا لاختصاص مقام الكمال والحفظ في الشريعة بالنبي صلى الله عليه وسلم واما غيره من الخلق فمهما عظم قدره فيهم فانه يبدر منه ما يبدر من الزلات مما هو من من الجبلة الادمية والخليقة الانسانية. فاذا صدر من احد من العلماء زلة فانه يرعى معه اقامة امور ستة اولها التثبت في صدور الزلة منه اي التحقق من صدور ذلك عنه فانه ربما نسب اليه ما ليس صدقا عنه وثانيها التثبت في كون تلك الزلة خطأ. وهذه وظيفة العلماء الراسخين. فان من الناس من يلوح له معنى في التخطئة لا يصح. وكم من عائب قولا صحيحا وافته من الفهم السقيم والحكم على شيء من اقوال العلماء وافعالهم بانها من الزلات هي وظيفة العلماء الراسخين ذكره الشاطبي في وابن رجب في جامع العلوم والحكم. وثالثها ترك اتباعه فيها. فمن زل زلة لم يتبع فيها ولم يكن حجة لغيره ان يقتدي به في تلك الزلة. ورابعها التماس العذر له بتأويل سائغ اي تطلب ما يحمل كلامه عليه مما له مأخذ قوي في العلم فانه ربما كان له محمل حسن اراده فيما نقل عنه فيطلب ذلك ولا يترشح لهذا الا من كمل علمه كما ذكره ابن تيمية كالحفيد في كلام له ان من اتسع علمه قدر على حمل كلام العلماء على ما يناسب مقاماتهم من الادب. ومن نقص علمه انحبست نفسه وضاق صدره فاذا وجد كلاما اشكل عليه عده زلة ولم يمكنه ان يطلب له موقعا معتدا به عند العلماء. وخامسها بذل النصح له بلطف وسر لا عنف وتشهير. لان المقصود من بيان زلته رده عن رأيه وبلوغ هذا انما يكون بالرفق والتأني. واما الغلظة والشدة فانها ربما تحمله على المعاندة في اتباع الحق فيزداد تعصبا لزلته فيتولد شر فوق الشر الاول الذي كان ثم ذكر وهو حفظ جنابه اي جانبه. والمراد به القدر في حفظ قدره ولا تهدر كرامته في نفوس المسلمين الرتبة والمنزلة التي كانت له فان الخطيئة مقارنة الادمية واذا صدر من الانسان زلة وخطيئة لم يحسن ان يجعل ان يجعل ذلك غرضا لاسقاطه واهدار كرامته عند الناس فمن ثبت مقامه في العلم والسنة حفظ له مقامه ولم يستغرب صدور الزلات منه فانها طبع الادمية لكن يراجع في الرجوع عنها ثم ذكر ختما ما يحذر منه مما يتصل بتوقير العلماء وهو ما صورته التوقير ومآله الاهانة والتحقيق كالجاء العالم الى اعسر السبل لارادة السلام عليه او سؤاله فيلحقه من الضيق ما يضره كالذي اتفق من موت هشيم ابن بشير الواسطي لاجتماع اهل الحديث عليه حتى اسقطوه عن دابته فوقع على رأسه فكان منها موته رحمه الله نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد الخامس عشر رد مشكله الى اهله. فالمعظم للعلم يعول على دهاقنته والجهاد من اهله لحل مشكلاته. ولا يعرض نفسه لما لا تطيق خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء على الدين. فهو يخاف سقطة الرحمن قبل ان يخاف صوت السلطان قبل ان يخاف سوق السلطان فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا. فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامهم وانسك وان سكتوا عنهم فليسعك ما وسعهم ومن اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمان. والناس في هذا الباب طرفان ووسق فقوم عن استفتاء العلماء فيها وفزعوا الى اهل الاهواء والاراء يستمدونها من هيجان الخطب من هيجان الخطباء ورقة الشعراء وتحليلات سياسيين وارجافات المنافقين وقوم يعرضونها على العلماء لكنهم لا يرتضون قالهم ولا يرضون مقالهم فكأنهم طلبوا جوابا يوافق هوا في نفوسهم فلما لم يجدوه ما لو عنهم والناجون من نار الفتن الفتن السالمون من وهج المحن هم من من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم طرح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها واذا اختلفت اقوالهم لزمة قول جمهور جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة السلامة لا يعدلها شيء. وما احسن قول ابن عاصم في مرتقى الوصول وواجب في مشكلات الفهم. تحسين الظن باهل العلم ومن جملة المشكلات رد زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون بينه الشاطبي والموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم. واذا تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب تولدت فتن وبلايا كما هو مشاهد في عصرنا فانما نشأت كثير من الفتن حين تعرض للرد على زلات العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة الاغمى والجادة السالمة وعرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم فيها. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الخامس عشر من معاقد تعظيم العلم وهو رد مشكله الى اهله ومشكل العلم ما غمض منه وتعارضت فيه البينات ومشكل العلم ما غمض منه وتعارضت فيه البينات. فمن تعظيم العلم رد ما كان على هذا النعت الى اهله العارفين به. كما قال فالمعظم للعلم يعول على دهاكنته والجهابذة من اهله لمشكلات والجهابدة وصفان لاهل العلم يدلان على الرسوخ فيه والتمكن منه فالدهاقنة جمع دهقان بكسر الدال وتضم وذكر الفتح ايضا وهي كلمة اعجمية عربت. معناها قوي التصرف في حدة قوي التصرف في حدة والجهابذة جمع جهبذ بكسر الجيم وهو النقاد البصير ببواطن الامور. وهو النقاد البصير ببواطن الامور. فالمرء يرد ما اشكل من العلم الى المتصفين بهذه الرتبة من الكمال فيه ولا يعرض نفسه لما لا تطيق خوفا من القول على الله بغير علم والافتراء في الدين. فالمرء لا ينبغي له ان يخاطر بدينه ما وجد طريق الى السلامة فاذا كفي في وقته بعلماء راسخين لهم معرفة في العلم يميز دون مشكلاته اكتفى برد الناس اليهم فان هذا هو طريق السلامة له ولهم ثم قال فهو يخاف سخطة الرحمن قبل ان يخاف صوت السلطان. فالحامل على احجامه هو تعظيم الله واجلاله لا ملاحظة امن السلطان فمخافته على التبعة في دينه اعظم من مخابته على التبعة في دنياه ثم ذكر حال العلماء فقال فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا فان العلم يكون بيانه بحالين فان العلم يكون بيانه بحالين احدهما الكلام والاخر السكوت احدهما الكلام والاخر السكوت فكلام العلماء يحملهم عليه العلم فكلام العلماء يحملهم عليه يحملهم عليه العلم. وسكوتهم يحملهم عليه البصر النافذ. وهو الكامل وسكوتهم يحملهم عليه البصر النافذ. وهو العقل الكامل. ثم قال فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامهم وان سكتوا عنه فليسعك ما وسعهم لان السلامة لا يعدلها شيء فاذا تكلم المرء في شيء من دين الله او سكت عن الكلام في شيء منه فانه ينظر في هذا وذاك الى نفسه عند ربه سبحانه وتعالى. ويسعه في السلامة ان يكل الامر الى العلماء الراسخين العارفين بهذا. ثم ذكر بعد ان من اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن. ثم ذكر اقسام الناس فيها فقال والناس في هذا الباب طرفان ووسط. فهم ثلاثة اقسام فالقسم الاول قوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها وفزعوا الى الاهواء والاراء يستمدونها منها الخطباء ورقة الشعراء وتحليلات السياسيين وارجافات المنافقين. فهم وهو يغمض عينه ويصم اذنه عما يذكره العلماء ويلتمس من غيرهم ما يوافق رغبته وهواه. والقسم قوم يعرضونها على العلماء ليظهروا منهم ما يوافق هواهم ونفوسهم فاذا صدر من العلماء ما لا يجري مع رغباتهم اعرضوا عنهم فلم يرتضوا قولهم ولا مقالهم ثم ذكر القسمة الثالثة فقال والناجون من نال الفتن السالمون من وهج المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم فطرح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة هم كانوا حق بها واهلها واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة فان السلامة لا يعدلها شيء والمراد بالسلامة السلامة الدينية عند الله. فكم من امرئ هتك دينه باقدامه على هذه النوازل جرؤه على القول فيها فعرض دينه لما بدده او اضعفه او نقله من حال تحمد الى حال تذم ثم قال بعد ومن جملة المشكلات رد زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون بينه الشاطبي في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم. لانها من جنس به الذي لا يترشح له الا الراسخ. فان الحقائق الدينية منها ما هو بين واضح ومنها ما هو ومتشابه متنازع البينات. ومن هذا الجنس ما يتعلق بزلات العلماء ومقالات اهل البدع فانه يخلق فيها الحق بالباطل. فلا ينقضها مبينا الحق من الباطل والصواب من الخطأ هو الصحيح من ضده الا العالم الراسخ. ذكر هذا الشاطبي في الموافقات وفي في كلام واسع اطراف منثور في ثنايا هذين الكتابين وذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم عند شرح حديث الدين النصيحة فقال في بيان بين ومن انواع النصح لله وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم. وهو مما العلماء رد الاهواء المضلة بالكتاب والسنة وبيان دلالتهما على ما يخالف الاهواء كلها وكذلك قالوا الضعيفة من زلات العلماء وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها. انتهى كلامه. لان من لم ترسخ قدمه في لمعرفة الدين ربما رد البدعة ببدعة. وربما قام ليرد البدعة فعلقت في قلبه وجرته اليها فلا يقوى على مجاهدة اهلها الا العالم الراسخ ومن دونه يكون ناقلا قوله في مقارعة اهل البدع ورد زلات المخالفين من العلماء فينوب عن العالم في نقل كلامه فان تبين في هذه المشكلات لا يكون الا لعالم راسخ وطلاب العلم ينوبون عن العلماء في نقل كلماتهم واعتبر هذا المعنى فيما يستقبل في قصة القوم المجتمعين في الحلق فيما عاملهم به ابن مسعود وما عاملهم به ابو موسى الاشعري رضي الله عنهما وسيأتي هذا في كتاب فضل الاسلام غدا باذن الله تعالى فطلاب العلم بمنزلة المبلغين عن العلماء ما يردون به البدع والضلالات. ثم ذكر الحالة التي صار الناس عليها بقوله واذا تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب تولدت فتن وبلايا كما هو مشاهد في عصرنا فانما نشأت كثير من الفتن حين تعرض للرد على العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة الاغمار والجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم فيها والاغمار جمع غمر بضم الغين وتفتح ايضا وهو من لم يجرب الامور اي لم يطلع على حقائقها نعم احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله المعقل السادس عشر. توقير مجالس العلم واجلال واوعيته. فمجالس العلماء كمجالس الانبياء قال سهل بن عبدالله من اراد ان ينظر الى مجالس الانبياء فلينظر الى مجالس العلماء يجيء الرجل فيقول يا فلان اي شيء تقوله وفي رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول طلقت امرأته ويجيء اخر فيقول ما تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول سيحنث بهذا القول وليس هذا الا لنبي او للعالم فاعرفوا لهم ذلك. وقال ما لك بن انس ان مجالس العلماء تحتضن بالخشوع والسكينة والوقار. وقد كان مالك اذا اراد ان يحدث توضأ وجلس على صدد فراشه وسرح لحيته وتمكن من جلوسه بوقار وهيبة ثم حدث. وكان عبدالرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه ولا يبرى فيه قلمه ولا يتبسم فيه احد وكان وكيع بن الجراح في مجلسه كأنهم في صلاة. فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس العلم حقها فيجلس فيها جلسة الادب ويصغي الى الشيخ ناظرا اليه فلا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها ولا يعبث بيديه او رجليه ولا يستند بحضرة شيخه ولا يتكئ على يده ولا يكثر التنحنح والحركة ولا يتكلم مع جاره واذا عطس خفض صوته واذا تثائب ستر فمه بعد رده جهده وينضم الى توقير مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب فاللائق بطالب العلم صون كتاب كتابه وحفظه واجلاله والاعتناء به. فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه ولا يجعله بوقا واذا وضعه. وضعه بلطف وعناية رمى اسحاق نراهويه يوما بكتاب كان في يده فرآه ابو عبد الله احمد بن حنبل فغضب وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار ولا وعلى الكتاب او يضعوه عند قدميه واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفعه عن الارض وحمله بيديه ذكر المصنف وفقه الله المعقد السادس عشر من معقد تعظيم العلم وهو توقير مجالس العلم اي اجلالها واعظامها واجلال اوعيته والاوعية ما يحفظ فيه العلم من كتاب ونحوه والداعي الى هذا المعقد هو ان مجالس العلماء كمجالس الانبياء فان العلم ميراث النبوة. وذكر من الاثار السلفية ما يبين هذا ثم قال فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس في العلم حقها اي مما ثبت بطريق الشرع لا بموافقة ما تميل اليه النفس وتطلبه. وذكر وجوه من ذلك ان يجلس فيها جلسة الادب ويصغي الى الشيخ ناظرا اليه ولا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها الى اخر ما ذكره من الاداب المتعلقة بمجلس العلم. ثم قال وينضم الى توطيد مجالس في العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب فاللائق بطالب العلم صون كتابه وحفظه واجلاله والاعتناء به فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه. يملؤه بما يودعه فيه من اشياء يدخرها مكنوزة في ثناياه. ولا يجعله بوقا بان يلفه حتى يصوره في صورة الذي ينفخ فيه واذا وضعه وضعه بلطف وعناية اكبارا واجلالا لما فيه من العلم وذكر من اخبار اهل العلم في ذلك ما اتفق لاسحاق ابن رهويه رحمه الله انه دخل يوما على الامام احمد وبيده كتاب فالقاه بين يديه طارحا له. فقال احمد مغضبا اهكذا يفعل كلام الابرار اي اهل العلم لما في تلك الكتب مما ينفع في العاجل والاجل. ويعظم هذا الامر اذا كانت تلك الكتب حاوية ايات قرآنية او احاديث نبوية فان الادب مع انها احق واولى من الادب مع كتب مجردة في كلام الناس. فمن تعظيم العلم واجلاله اعظام اوعيته من الكتب ورعايتها ومن طرائق ذلك ما ذكره بقوله ولا يتكئ على الكتاب فلا يجعله متكئا يستند عليه ولا يضعه او يضعه وعند قدميه واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفعه عن الارض وحمله بيديه. نعم الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقل السابع عشر الذب عن العلم والذود عن حياضه. ان للعلم حرمة وافرة توجب الانتصار انه اذا اذا تعرض لجنابه ما لا يصلح. وقد ظهر هذا الانتصار عند اهل العلم في مظاهر منها الرد على المخالف. فمن استبانت مخالفته قول الشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين ولم يزل الناس يرد بعضهم على بعض قاله الامام احمد لكن مرشح لذلك هم العلماء لده ما مع لزوم الادب وترك الجور والظلم ومنها هجر مبتدع ذكره ابو يعلى الفراء اجماعا فلا يؤخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كما في الرواية عنهم لدى المحدثين. وفي ذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية الحفيدي مقررا اصلا كبيرا تعظم الحاجة اليه في ازمنة الجاهلية والفتن. فاذا تعذر اقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك الا بما فيه بدعة مضرتها دون مضرة ذلك الواجب كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة خيرا من العكس ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد او سوء ادب كان عبدالرحمن بن مهدي ان تحدث احد في مجلسه او بري قلم صاح ولبس عليه ودخل وكان وكيع اذا انكر من امر جلسائه شيئا انتعل ودخل وشهد هذا مرارا من شيخ شيوخنا محمد ابن ابراهيم ال الشيخ وكم الرؤيا منصرفا لما سمع طالبا يتشدق في مقاله فاخذ نعليه وانصرف وحضر شاب مجلس سفيان الثوري فجعل يترأس ويتكلم ويتكبر بالعلم فغضب سفيان وقال لم يكن السلف هكذا لم يكن لم يكن السلف وهكذا كان احدهم لا يدعي الامامة ولا يجلس في الصدر حتى يطلب هذا العلم حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة وانت تتكبر على من هو اسن منك؟ قم عني ولا اراك تتنو من مجلسي. وكان يقول اذا رأيت الشاب يتكلم عند المشايخ وان كان قد بلغ من العلم مبلغا فايس من خيره فانه قليل الحياء. وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه زجرا له فليفعل كما فعل سفيان. وكما كان يفعله شعبة ما عفان ابن مسلم في درسه. وقد يزجر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته فالسكوت جواب قاله الاعمش. ورأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز فربما سأله سائل عما لا ينفعه فترك الشيخ اجابته وامر القارئ ان يواصل قراءته او اجابه بخلاف قصده. ذكر المصنف وفقه الله المعقد السابع عشر من معاقد العلم وهو الذب عن العلم اي الدفاع عنه والذود عن حياضه اي الحيلولة دون موارده من العلماء والتصانيف لما للعلم من حرمة وافرة توجب الانتصار له. وذكر جملة من مظاهر انتصار اهل العلم له. منها على المخالف فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلم قال الامام احمد ولم يزل الناس يرد بعضهم على بعض فليس رد القول المخالف للدليل من هجر قولي بل هو من حقه وهو مشيد على اصل وثيق في الشرع من وظائف العلماء الراسخين ما قرن باصابة الجواب وحسن الخطاب كما ذكره ابو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى في الفرق بين نصيحتي والتعيير فانه يلزم الرد على المخالف ان يصيب الجواب ويحسن الخطاب وذكر ان القائم بهذا كما تقدم هم العلماء لا الدهماء والدهماء هم العامة فاصل الدهم هو التغطية واصل الدهم هو التغطية واكثر من يعمر الارض هم العامة الذين لا علم لهم فسموا دهماء. ومنها هجر المبتدع ذكره ابو يعلى الفراء اجماعا. فان مما يحفظ به العلم ان يهجر اهل البدع فلا يؤخذ عنه فالاصل تركهم والاعراض عنهم ما لم يضطر اليه كأن يكون في دراسة نظامية لا سبيل الى التخلص من الاخذ عم وزن ببدعة وفق المقرر عند المحدثين في الرواية عن اهل البدع وتتأكد مراعاة هذا الاصل في ازمنة والجاهلية كما في كلام ابن تيمية الحفيد الذي ذكره ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد اي خصومة شديدة او سوء ادب فانه يزجر اذا وقع منه شيء من ذلك وذكر من احوال السلف ما يشهد بصدقه كالمنقول عن عبدالرحمن ابن مهدي ووكيع ابن الجراح ثم اتبعه بالمنقول عن شيخ شيوخنا محمد ابن ابراهيم ال ثم ذكر قول سفيان الثوري لما بدر من شاب بين يديه ما بدر من طلب الرئاسة بالكلام والتكبر في العلم فزجره وقال لم يكن السلف هكذا لم يكن السلف هكذا. لم يكن احدهم يدعي الامامة كان احدهم لا يدعي الامامة ولا يجلس في الصدر يعني في مقدم المجلس حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة وانت تتكبر على من هو اسن منك لا اراك قم عني ولا اراك تدنو من مجلسي. ثم ذكر عنه قوله اذا رأيت الشاب يتكلم المشائخ اي يتكلم بين ايدي اهل العلم وان كان قد بلغ من العلم ما بلغ فايس من خيره فانه قليل الحياء فان من قل حياؤه قل ورعه. ومن قل ورعه سلب الديانة النافعة له وللناس ولزوم الادب في سلوك هذه الجادة التي كان عليها السلف. لا في التزاحم والمسارعة بالمصارعة على التصدر للكلام في العلم ما كفي المرء بغيره. دخل عبدالله ابن مبارك مجلس سفيان بن عيينة. فاراد بعض اصحاب سفيان بن عبدالله ان يتكلم فقال انا نهينا عن هذا اذا كنا بحضرة اكابرنا ومن معاني لزوم الجماعة المطلوبة شرعا الاستغناء بالعلماء الراسخين ما وجدوا في زمانهم فان فيهم غنية عن غيرهم وربما صار من دونهم قاطعا عنهم مانعا من الاستفادة منهم ثم ذكر من المأثور عن السلف شيئا ثم قال وقد يزجر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته فالسكوت جواب قاله الاعمش فرأينا هذا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز ربما سأله سائل عما لا ينفعه. فترك الشيخ اجابته اي اعرض عن اجابته امر القارئ ان يواصل قراءته او اجابه بخلاف قصد تأديبا له وحفظا لحرمة العلم. فانه ليس كل سؤال يستحق الجواب. قال ابن مسعود رضي الله عنه من افتى الناس في كل ما يسألونه عنه فهو مجنون. رواه الدارمي فان من اسئلة الناس ما يفصح عن ضعف عقولهم فاذا جاراهم في الجواب عنها صار له حظ من ضعف العقل الاسئلة يكون جوابها السكوت. ذكره ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى او الحامل على السكوت ملاحظة السائل او ما يتعلق بموافقة سؤاله لزمانه او مكانه. والمرء كما يتلقى عن العلماء الكلام في العلم يتلقى عنهم السكوت في العلم. فكما تتعلم من معلمك الكلام فيه تعلم السكوت فيه. واذا رأيت اعلمك لا يسكت عن اشياء فاعلم ان هذا مما يضرك ويضر به. فان العلماء الراسخين يجمعون بين الكلام والسكون فان الكلام بيان والسكوت بيان. وللشاطب رحمه الله تعالى كلام نافع في احدى مقدمات كتابه الموافقات حظر فيه هذا الاصل. وان من بيان الشريعة السكوت تارة وذكر شواهد له من دلائل الشرع احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقل الثامن عشر التحفظ في مسألة العلم. من مسائل الشغو وحفظا لهبة العالم فان من السؤال ما يراد التشغيب وايقاظ الفتنة واشاعة السوء. ومن انس منه علماء هذه المسائل لقي منهم ما لا يعجبه كما مر معك في زجر متعلم فلا بد من التحفظ في مسألة العالم ولا يفلح في تحفظه فيها الا من اعمل اربعة اصول اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل فيكون قصده من السؤال التفقه والتعلم لا التعنت والتهكم. فان من ساء قصده في سؤاله يحرم بركة العلم او يمنع منفعته. وفي الناس من يسأل وله في سؤاله قصد باطل يريد التوصل به الى مقصود الله. فاذا غفل عنه المفتي وافتاه بما يريد فرح به واشاعه. واذا تنبه الى قصده حال بينه وبين وزجره عن غيه قال انقرافي رحمه الله تعالى في كتابه الاحكام سئلت مرة عن عقد النكاح بالقاهرة هل يجوز ام لا فارتبتها قلت له اي للسائل ما افتيك حتى تبين لي ما المقصود بهذا الكلام؟ فان كل احد يعلم ان عقد النكاح بالقاهرة جائز فلم ازل به حتى قال ان اردنا ان نعقده خارج القاهرة فمنعنا لانه استحلال يعني كهتحليل وهو نوع من الانكحة المحرمة فجئنا للقاهرة فقلت له لا يجوز لا بالطاهرة ولا بغيرها ووقع مثل هذا لابي العباس ابن تيمية الحفيد في فتواه في فتواه تتعلق باهل الذمة ذكرها تلميذه تلميذه البار ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه اعلام الواقعين ردت عليه غير مرة في وجه غير الوجه السابق لها فكان يقول لا يجوز حتى قال في اخر مرة هي المسألة المعينة وان خرجت في عدة قوالب. اما الاصل الثاني فالتفطن الى ما يسأل عنه فلا تسأل عما لا نفع. ما يسأل عنه فالتفطن الى ما يسأل عنه فلا تسأل عما لا نفع فيه. اما بالنظر الى حالك او بالنظر الى المسألة نفسها. سأل رجل احمد بن حنبل عن يأجوج ومأجوج امسلمون هم؟ فقال له احكمت العلم حتى تسأل عن ذا ومثله السؤال عما لم يقع او ما لم يحدث به كل احد او ما لا يحدث به كل احد وانما يخص به قوم دون قوم. اما الاصل الثالث فالانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله. فلا يسأله في حال تمنعه ككونه مهموما او متفكرا او ماشيا في طريق او راكب او راكبا سيارته. بل يتحين طيب نفسه. قال قتادة سألت ابا الطوفيل مسألة فقال قال ان لكل مقام مقال وسأل رجل ابن المبارك عن حديث وهو يمشي فقال ليس هذا من توقير العلم. وكان عبدالرحمن بن ابي ليلى يكره ان يسأل وهو يمشي. اما الاصل الرابع فتيقظ السائل الى كيفية سؤاله باخراجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في خطابه. ولا تكون قاطبته له كمخاطبته اهل السوق واخلاق العوام. قال جعفر بن ابي عثمان كنا عند احد معين فجاءه فجاءه رجل مستعجل فقال يا ابا زكريا حدثني بشيء اذكرك به. فقال يحيى اذكرني انك سألتني ان احدثك فلم افعل. واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم اليوم في كثير منها سلبت تحفظ وسفساف الادب. فترى من يسأل متهكما او يسأل محتقرا يسأل ابن عمه لم يقع او ما وقع ولا ينفع. لا يتخيرونه الاراضي المناسبة ولا يتلطفون في عرض المطالب فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون. وما احوج هؤلاء الى مقالة زيد بن اسلم لما سأله رجل عن شيء فخلط عليه فقال زيد اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل. وكن هم المحتاجون اليوم الى مثل ما قالت زيد ابن اسلم. ذكر المصنف وفقه الله المعقد امن عشرة من معاقد تعظيم العلم وهو التحفظ في مسألة العالم. اي حفظ النفس عن الخطأ بالتوقي فيها. اي حفظ النفس عن الخطأ بالتوقي فيها. وموجبه ما ذكره في قوله فرارا من مسائل الشغب. وحفظا لهيبة العالم والشغب بسكون الغين وهو تهييج الشر وتحريكه. ثم ذكر ان المفلح في السؤال المتحفظ فيه هو من اعمل اربعة اصول اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ اي اي شيء يحمله على السؤال فيكون قصده من سؤاله التفقه والتعلم. لا التعنت والتهكم فان من ساء في سؤاله حرم بركة العلم ومنع منفعته ثم ذكر احوال الناس في ذلك وان منهم من يسأل وله في سؤاله قصد باطن يريد التوصل به الى مقصود له باطل كالمذكور في المسألتين المعروضتين على القرافي وابن تيمية الحفيد. ثم ذكر الاصل الثاني وهو التفطن الى ما يسأل عنه فلا يسأل الا عن شيء ينفعه ولا ينبغي له ان يسأل عما لا صلة له به ولا انتفاع له من الاستفهام عنه وذكر سؤال سائل احمد بن حنبل رحمه الله لما قال له يأجوج ومأجوج امسلمون هم؟ فقال له احكمت العلم كله حتى تسأل عن ذا. وقصده رجل يوما. فقال ما تقول في ماء الباق؟ لا؟ فقال تعرف وما تقول اذا اصبحت؟ فقال لا. قال تعرف ما تقول اذا امسيت؟ قال لا. قال اذهب فتعلم هذا ثم اسأل عن ماء الباقلاء. ثم ثم ذكر الاصل الثالث وهو الانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله فينظر الى مناسبة سؤاله حال الشيخ فانه ربما يكون مهموما او مغموما او مشغولا بشيء يقطعه او ماشيا في طريق يمنعه من استيفاء الجواب على سؤاله فيمتنع من سؤاله عند تلك الحال ثم ذكر الاصل الرابع وهو تيقن السائل الى كيفية سؤاله بان يخرجه في صورة حسنة متأدبة يقدم الدعاء للشيخ ويعظمه ويبجله ثم يعرض وعليه سؤاله ويخاطبه المخاطبة اللائقة به ولا يخاطبه مخاطبة اخلاط العوام واهل السوء. ثم ذكر والداهية المدهية من حال السؤالات الواردة في هذا العصر فقال واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم اليوم رأيت في كثير منها سلب التحفظ وسفساف الادب. ثم ذكر من احوالهم ما جاء في قوله فترى من يسأل او يسأل محتقرا يسألون عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع ولا يتخيرون وقت الايراد المناسب ولا في عرض المطالب فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون. ثم ذكر قول زيد ابن اسلمة رحمه الله وهو احد التابعين لما سأله سائل خلط في سؤاله فقال له اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل المرء مأمور بتعلم كيفية السؤال فكل شيء بدر الى نفسك من الاستفهام فلا تخرجه مباشرة بلسانك بننظر الى مقامه مما ينفعك ومناسبته للسؤال عنه والكيفية التي يحسن ان تعرض فيها سؤال لك على شيخك والحال التي يكون عليها شيخك عند مبادرته بهذا السؤال. وقوله سفسف الادب اي ردئه فاستفسافوا من كل شيء هو الرديء. نعم الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقل التاسع عشر شغف القلب بالعلم وغلبته عليه فصدق الطلب له يوجب محبته وتعلق القلب به ولا ينال العبد درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه. قال ابن القيم رحمه الله تعالى مفتاح دار السعادة ومن لم يغلب لذة ادراكه وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة العلم ابدا. وانما تنال لذة العلم بثلاثة امور ذكرها ابو عبد الله ابن القيم في كتابه السالف احدها بذل الوسع والجهد وثانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية النية والاخلاص. ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب ومن سفر هذه اللذة في احوال السابقين من علماء الامة رأى عجبا فلسان احدهم ما لذتي الا رواية مسند قد قيدت بفصاحة الالفاظ ومجالس فيها تحل سكينة ومذاكرات معاشر الحفاظ. ان لذة العلم فوق لذة السلطان والحكم التي تتطلع اليها نفوسهم كثيرة وتبذل لاجلها اموال وفيرة وتسفك دماء غزيرة. بات ابو جعفر النسفي مهموما من ضيق البال وسوء الحال وكثرة العيال فوقع في خاطره فرع من فروع مذهبه وكان حنفيا فاعجب به فقام يرقص في داره ويقول اين الملوك وابناء الملوك؟ اين الملوك وابناء الملوك؟ اذا وفي بحر التفكر خاطري على درة من معضلات المطالب حقرت ملوك الارض في نيل ما حوى ونلت ونلت المنى بالكتب لا من كتائب ولهذا كانت الملوك الملوك تتوق الى لذة العلم وتحس فقدها وتطلب تحصيلها قيل لابي جعفر المنصور الخليفة العباسي المشهور الذي كانت ممالكه تملأ الشرق والغرب هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله؟ فقال وهو مستو على كرسيه وسرير ملكه. بقيت خصلة ان اقعد على مصطبة وحولي اصحاب الحديث اي طلاب العلم فيقول المستملي من ذكرت رحمك الله يعني فيقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان ويسوق الاحاديث المسندة. فانظر الى شدة افتقار هذا الخليفة الى لذة العلم وطلبه وطلبه تحصيلها وجوعته اليها. ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات وذهلت النفس عنها فالنظر بن شميل يقول لا يجد المرء لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه بل تستحيل الالام لذة بهذه اللذة. ومحمد بن هارون الدمشقي يقول لمحبرة تجالسني نهاري احب الي من انس الصديق ورزمتك غد في البيت عندي احب الي من عدل الدقيق ولطمة عالم في الخد مني الذ لدي من شرب من شرب الرحيق ولا تعجب فما هذه الاحوال الا مس عشق العلم؟ فابن القيم يقول في نظرة المحبين واما عشاق العلم فاعظم شغفا به وعشقا له من كل لعاشق بمعشوقه وكثير منهم لا لا يشغله عنه اجمل صورة من البشر. فاين هذا الشغف يا طلاب العلم ممن يقدم حظه من عرسه حظه من درسه ويكون جلوسه الى السمار وشيوخ القمراء احب اليه من الجلوس من العلماء. وتقوى عزيمته للتنقل في الفلوات ولا تقوى على السير في نقل المعلومات وينهض نشيطا لقنص الطير ويرقد كسلا عن صيد الخير فما حظ هؤلاء وكثير هم؟ ما حظهم من تعظيم العلم وقلوبهم مأسورة بمحبة وغيره ذكر المصنف وفقه الله المعقد التاسع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو شغف القلب بالعلم وغلبته عليه اي محبته العلم حتى يبلغ شغاف قلبه وشغاف القلب باطنه. والحب المتمكن هو ما خلط الباطن فصدق الطلب له يوجب محبته وتعلق القلب به. ثم ذكر ان المرء يحظى بلذة العلم باحراز ثلاث امور ذكرها ابن القيم في مفتاح دار السعادة. احدها بذل الوسع وهو الطاقة. والجهد فيه. وثانيها صدق الطلب وثالثها صدق النية والاخلاص ثم قال ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ايشغلوا عن القلب ثم ذكر من احوال الاوائل الماضيين من اناس هذه اللذة ومحبتها والشغف بها ما يخبر عن ذلك في اصدق نبأ حتى ما اتفق للملوك من القصة المذكورة عن الخليفة العباسي المنصور الذي كان ان يهفوا الى ان يبلغ مبلغا ان يجلس اليه ويلتمس العلم بالرواية عنه. ثم ذكر ان هذه الاحوال المتقدمة ذكرها حمل عليها ودعا اليها عشق العلم وغلبته على القلب ثم لوح باحواله مذمومة مما يقع فيه بعض المنتسبين الى العلم ويفصح بجلاء عن ضعف محبتهم علما كما قال ويكون في اثناء ذلك ويكون جلوسه الى السمار اي اصحاب السمر وشيوخ القمراء اليه من الجلوس الى العلماء. وشيوخ القمراء هم كما قال محمد بن عقبة الشيباني دهريون اي طويلة اعمارهم يجتمعون في ليالي القمر اي في الليالي المقمرة ويتحدثون باخبار الاوائل ولا يعرف احدهم كيف يتوضأ رواه الرامهر في كتاب المحدث الفاصل فتجد من الناس من يأنس بالجلوس الى هؤلاء مع جهلهم لاجل مسامرتهم بالحديث عما مضى. وهذا من الاحوال الرديئة الكاشفة عن عدم محبة العلم نعم الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد العشرون حفظ الوقت في العلم. اذا كان العلم اشرف مطلوب والعمر يطوى كجديد يذوب فعين العقل حفظ الوقت فيه الخوف من تقضيهم لا فائدة. والسؤال عنه يوم القيامة يحملني واياك على المبالغة في رعايته. قال ابن الجوزي في صيد خاطره ينبغي للانسان ان يعرف وشرف زمانه وقد روى وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم فيه الافضل فالافضل من القول والعمل ومن هنا عظمت رعاية العلماء حتى قال محمد بن عبد الباقي البزاز ما ضيعت ساعة من عمري في لهو او لعب وقال ابو الوفاء ابن عقيل الذي صنف كتاب الفنون في ثمانمائة مجلد اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري. وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل فلقد كان احمد بن سليمان بالقاسم والمتوفى عن ثمانية وعشرين سنة يقرأ القراءات في حال اكله خوفا من ضياع وقته في غيرها فكان اصعبه يقرأون عليه وهو يتناول مأكله ومشربه بل كان يقرأ عليه وهم في دار الخلاء فكان ابن تيمية الجد واذا دخل الخلاء لقضاء حاجة قال لبعض من حوله اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك وتجلت هذه الرعاية للوقت عند القوم رحمهم الله في معالم عدة لم تبلغها الحضارات الانسانية قاطبة. منها كثرة دروسهم فقد كان النووي يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على مشايخه والشوكاني يصاحبنا للاوطان تبلغ دروسه في اليوم والليلة ثلاثة عشر درسا. منها ما يأخذه عن مشايخه ومنها ما يأخذه عن تلامذته واربع محمد الالوسي صاحب التفسير عليهم جميعا فقد كان يدرس في اليوم اربعة وعشرين درسا. ولما اشتغل بالتفسير والافتاء نقصت الى ثلاثة عشر درسا ثم رأيت في ترجمة محمد ابن ابي بكر لجماعة ان دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو خمسين درسا. ومنها كثرة مدروساته فقد درس ابن التبان المدونة نحو الف مرة وربما وجد في بعض كتب عباس ابن الفارسي بخطه درسته الف مرة. وكرر غالب بن عبدالرحمن المعروف بن عطية والد صاحب التفسير المشهور صحيح البخاري سبعمائة مرة ومنها كثرة مكتوباتهم فاحمد ابن عبد الدائم المقدسي احد شيوخ العلم من الحنابلة كتب يده الفي مجلد ووقع مثله لابن الجوزي ومنها كثرة مقروءاتهم فابن الجوزي طالع وهو بعد رواه بعد في الطلب عشرين الف مجلد. وبينها كثرة شيوخهم فالذين جاوز عدد شيوخهم الالف كثير بهذه الامة واعجب ما ذكر ان ابا سعد السمعاني بلغ عدد شيوخه سبعة الاف شيخ قال ابن النجار تاريخ بغداد وهذا شيء لم احد ومنها كثرة مسموعاتهم ومقروءاتهم على شيوخهم من التصانيف المطولة والاجزاء الصغيرة فقد تعد بالالاف المؤلفة كما وقع لابن السمعاني المذكور وصاحبه في في جماعة اخرين. ومنها كثرة مصنفاتهم حتى عدت الف مصنف لجماعة من علماء هذه الامة منهم عبدالملك بن حبيب عالم الاندلس وابو الفرج ابن الجوزي فاحفظ ايها الطالب وقتك فلقد ابلغ الوزير الصالح بن هبيرة بنصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع. ذكر المصنف وفقه الله المعقد المتمم العشرين. وهو حفظ الوقت في علم لان العلم اشرف مطلوب والعمر يطوى كجريد يذوب فلا يمكن احراز ما ينفع من العلم الا بحفظ الوقت فيه ومن هنا من هنا عظمت عناية العلماء برعاية الوقت وحفظه وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم وهم يأكلون. او يقرأ عليهم هم في دار الخلاء كالمذكور عن ابي حاتم الرازي وابن تيمية الجد. وما وقع منهم لا يباين تعظيم العلم. فان القارئ كان خارج مباعدا له والعامل لهم هو شغل الوقت بما ينفع. ثم ذكر من جملة جملة من المعالم التي برزوا بحفظ الوقت في ككثرة دروسهم وكثرة مدروساتهم وكثرة مقروءاتهم وكثرة شيوخهم وكثرة مسموعاتهم وكثرة مصنفات مما لا ينال الا بحفظ الوقت ثم ختم ببيت الوزير ابن هبيرة والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه اسهل وما عليك يضيع واراه بالضم بمعنى اظن ويصح واراه بالفتح بمعنى اعلم واتحقق نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله الخاتمة. الهنا بلغ القول التمام وحسن قطع الكلام بالختام فيا شداة العلم وطلابه. ويا اقتصاد الفقه واربابهم تثل معاقل التعظيم وانتم تقبلون على مقاعد التعليم تجد نفعه وتحمدوا عاقبته واياكم والتهاون والعزوف عنها فانها مفتاح العلم ورقات الفهم. فبها تجمع العلوم وتؤصل وبها تيسر الفنون وتحصل. فشمروا عن ساعد الجد ولا تشغلوا الجد واحفظوا رحمكم الله وقال ابي عبد الله ابن القيم طالب النفوذ الى الله والدار الاخرة بل الى كل علم وصناعة ورئاسة بحيث يكون رأسا في ذلك مقتدى به فيه يحتاج ان يكون شجاعا مقداما حاكم ومن على وهمه غير مقهور تحت سلطان تخيله زاهدا في كل ما سوى مطلوبه عاشقا لما توجه اليه عارفا بطريق الوصول اليه والطرق القواطع عنه مقدام الهمة ثابت الجأش لا يثنيه عن مطلوبه لو ملائم ولا عدل عادل كثير السكون دائما الفكر غير مائل مع لذة المدح ولا الم الذنب قائما بما يحتاج اليه من ما يحتاج اليه من اسباب معونته. فلا تستفزه شعاره الصبر وراحته التعب. محبا لمكارم الاخلاق حافظا لوقته لا يخالط الناس الا على حذر كالطائر الذي يلتقط الحب بينهم قائما على نفسه بالرغبة والرهبة طامعا في نتائج الاختصاص على بني جنسه غير مسيء شيء من حواسه عبثا ولا مسرحا خواطره في مراتب الكون ذلك هجر العوائد وقطع العلائق الحائلة بينك وبين المطلوب انتهى كلامه فما اجمله ذكرى وتبصرة. اللهم يسر لنا تعظيم العلم واجلاله واجعلنا ممن سعى له كذلك فناله. اللهم انا نسألك علما نافعا ونعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعمل اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ابدا ما احييتنا واجعل الوارث منا. اللهم لا دع الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا الى النار مصيرنا ولا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا. امين. ختم وفقه الله كتابه بنداء شدات العلم والشداة جمع شاد والشادي في العلم من اصاب حظا نافعا منه فناداهم بقوله امتثلوا معاقد التعظيم وانتم تقبلون على معاقد التعليم تجد نفعه وتحمدوا عاقبته. ثم ذكر من كلام ابن القيم ما يبين الخصال التي ينبغي ان يكون عليها من يطلب الامامة في الدين. فذكر اثنتين وعشرين خصلة ردها بعد الى امرين فقال وملاك ذلك هجر العوائد وقطع العلائق وملاك الشيء قوامه وعماده نظامه فمدار ما تقدم من تلك الخصال يرجع الى امرين. احدهما هجر العوائد. اي ترك ما اعتاده الناس والاخر قطع العلائق وهي الصلات الحائلة بين العبد وبين مطلوبه وزاد ابن القيم في مقام اخر وافضل عوائق وزاد ابن القيم في مقام اخر وافضل عوائق وصار مدار ادراك المطلوبات دائرا على ثلاثة اصول احدها هجر العوائد وثانيها قطع العلائق وثالثها رفض العوائق وفرق ابن القيم بين العلائق والعوائق بان العلائق هي التعلقات القلبية الداخلية والعوائق هي الامور الخارجية فمدار ما ينفعك راجع الى هذه الامور الثلاثة. ونكون بحمد الله قد فرغنا بهذا من الكتاب الاول نسأل الله عز وجل ان ينفعنا جميعا بما قلنا ونلتقي ان شاء الله تعالى بعد المغرب في درس ثلاثة اصول والحمد لله رب العالمين