السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي صير الدين مراتب ودرجات وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمر ابن دينار عن ابي قابوس مولى عبدالله ابن عمرو عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين ومن طرائق ذلك ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون. وبيان مقاصدها الكلية ومعانيها اجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم. وهذا شرح الكتاب من برنامج مهمات العلم في سنته الحادية عشرة احدى واربعين واربعمائة والف. وهو كتاب تعظيم العلم لمصنفه صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه شيخه وللمسلمين اجمعين. قلتم حفظكم الله تعالى في مصنفكم تعظيم العلم. بسم الله الرحمن الرحيم معظم وسار اليه راغب متعلم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. شهادة نبرأ بها من شرك الاشراك لنا النجاة من نار الهلاك. واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله ربه بالمداوة دين الحق ليظهره على الدين كله ولو كيهل المشركون فبلغ رسالته واداها واسلم امانته وابداها. انتصبت بدعوته يظهر الحجج واندفعت ببينات الشبهات واللجج فورثنا المحجة البيضاء والسنة الغراء لا يتيم فيها ملتمس ولا يرد عنها مقتبس. صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه عدد من تعلم وعلم. اما بعد فلم يزل العلم ارثا جليلا تتعاقب عليه الامة جيلا جيلا ليس لطلاب المعاني هم سوى ولا رغبة لهم في مقلوب عداه. وكيف لا وبه تنال سعادة لا ريب خطيب عن شيء هو شرف الوجود ونور الاغوار والنجود حلية الاكابر ونزهة النواضل من مال ومن جال به غنم ومن انقاد له سلم. لو كان سلعة تباع لبذلت فيه الاموال العظام او صعد في السماء نسمة اليه نفوس كرام هو من المتاجر ارباحها وفي المفاخر اشرفها اكرم المآثر مآثره واحمد الموارد فالسعيد من حض نفسه عليه وحث ركاب روحه اليه والشقي من زهد فيه او زهد وابعد عنه او بعد انفه العلم مزهوم وختم القفا هذا عبد محروم. والعلم يدخل قلب كل موفق من غير بواب ونستئذان ويرده المحروم من خذلانه لا تشقنا اللهم بالحرمان. وان مما يملأ النفس سرورا ويشرح الصدر ويمده نورا اقبال الخلق على مقاعد التعليم وتلمسهم صراطه المستقيم. واجل دليل واصدقه تكاثر الدروس العلمية وتوالي الدورات التعليمية حلاوة في قلوب المؤمنين وشجا في حلوق الكفرة والمنافقين. فالدروس معقودة والركب معكوفة والفوائد شارقة والنفوس فائقة الاشياخ ينفلون درر العلم والتلامذة ينضمون عقده. وان من الاحسان الى هذه الصاعدة والاجيال الواعدة. ارشادها الى سر حيازة العلم الذي يظفرها بمأمورها ويبلغها مأمنها رحمة بهم من الضياع في اقرأ الاراء وظلماء الاهواء واعمالا لهذا الاصل جمل الحديث ايها المؤمنون عن تعظيم العلم. فان حظ العبد من العلم موقوف كن على حظ قلبه من تعظيمه واجلاله. فمن امتلأ قلبه بتعظيم العلم واجلاله صلح ان يكون محلا له. وبقدر لنقصان هيبة العلم في القلب ينقص حظ العبد منه حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم. فمن عظم العلم مناحة انواره عليه ووفدت رسل فنونه اليه ولم يكن لهمته غاية الا تلقيه ولا لنفسه لذة الا في وكأن ابا محمد الدارمي الحافظ لمح هذا المعنى فختم كتاب العلم من سننه المسماة بالمسند الجامع بباب في اعظام العلم واعون شيء على الوصول الى اعظام العلم واجلاله معرفة معاقد تعظيمه وهي الاصول الجامعة المحققة عظمة العلم في القلب فمن اخذ بها كان معظما للعلم مجلا له ومن ضيعها فلنفسه اضاع ولهواه اطاع فلا يلومن انفجر عنه الا نفسه. يداك اوكتا وفوق نفق. ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العيد سنأتي بالقول باذن الله على عشرين معقدا يعظم بها العلم من غير بسط لمباحثها. فان المقام لا يحتمل والاتيان على غاية في كل معقد يحتاج الى زمن مديد. والمراد هنا التبصرة والتذكير. وقليل يبقى فينفع خير من كثير يلقى في رفع فخذ من هذه المعاقد من نصيب الاكبر تنل الحظ الاوفر من رياض الفنون وحدائق العلوم. واياك والاخلاد الى مقالة قوم حجبت وضعفت نفوسهم فزعموا ان هذه الاحوال غلو وتنطع وتشدد غير مقنع. فقد ضرب بينهم بينها بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. فليس مع هؤلاء على دعواهم من ادلة الشرع ما يصدقها ولا من الاقدار ما يوثقها وانما هي عذر البريد وحجة عاجز. فاين الغلو والتنطع من شيء للوحي شاهده؟ والرعيل اول سانكم فكل معقد منها ثابت باية محكمة او سنة مصدقة او اثار عن خير القرون الماضية اذا وثقت لصدقها وعقلت خبرها وخبرها فلا تقعد همتك بخطبة الكسل والتواني تتسلل اليها وهي من مضى من سلف الامة وخير الورى فان الثرى من الثريا. بل من سمت نفسه الى مقاماتهم ادركها. فتشبهوا ان لم يكونوا مثلهم ان التشبه بالكرام فلاح. فاشل قلبك هذه المعاقب وتدبر منقولها ومعقولها. واستنبط منطوقها يومها فالمباني خزائن المعاني. ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة. ثم بالحمدلة ثم ثلث بالشهادة لله عز وجل بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة مقرونة بالصلاة والسلام عليه وعلى اله وصحبه. وهؤلاء الاربع البسملة والحمدلة والشهادتان والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه من اداب التصنيف اتفاقا. فمن صنف كتابا استحب له ان يستفتحه به نعم. وقول المصنف في خطبة كتابه وسار اليه راغب متعلم. اي سار الى الله عز وجل. والسير الى الله هو سلوك الطريق المستقيم وهو صراطه ودينه والسير الى الله هو سلوك الصراط المستقيم وهو دينه وسبيله. ذكره ابن رجب في كتاب المحجة في سير الدلجة وقوله فيه شهادة نظرأ بها من شرك الاشراك الشرك بفتح الشين والراء وتسكن الراء ايضا. فيقال شرك وشرك. وهو حبالة الصائد التي ينصبها لقنص صيده وهو حبالة الصائد التي ينصبها لقنص صيده. اي الفخ الذي يجعله ليغنم به صيده موقعا له فيه. وقوله فيه واندفعت ببيناته الشبهات واللجج اللجج بفتح اللام هو التمادي في الخصومة بفتح اللام هو التمادي في الخصومة. اي الاشتداد فيها. اي الاشتداد فيها. ثم ذكر اصنف قولا جامعا في فضل العلم. وكان مما ذكره من فضله قوله تنور الاغوال ونور الاغوار والنجود. اي منورهما والاغوار جمع غور وهو منخفض من الارض واطمأن منها. جمع غور وهو ما اطمئن من الارض وانخفض منها والنجود جمع نجد وهو ما ارتفع من الارض. والنجود جمع نجد وهو ما ارتفع من الارض فمن فضل العلم انه نور للارض كلها. فمن فضل العلم انه نور للارض كلها. لما يكون فيها بسبب العلم من الخير. لما ونوفيها بسبب العلم من الخير. وقال ايضا في فضل العلم حلية الاكابر اي زينتهم اي زينتهم فالحلية اسم لما يتزين به. فالحلية اسم لما يتزين به وهي نوعان احدهما حلية باطنة وهي ما يزين به باطن العبد وهي ما يزين به باطن العبد. ومن اعظمها العلم والاخر زينة ظاهرة. وهي ما يزين بها ظاهر العبد. وهي ما بها ظاهر العبد والعلم من الحلية الباطنة. واثاره مشاهدة على الحلية الظاهرة. والعلم من الية الباطنة واثاره مشاهدة على الحلية الظاهرة وقال ايضا في اثناء ذلك الدروس معقودة والركب معكوفة اي محبوسة اي محبوسة فالعكوف هو الاقامة واللبث. فالعكوف هو الاقامة واللبث. وقال ايضا الاشياء يمثلون درر العلم اي يستخرجونها ان يستخرجونها فالنثل هو الاستخراج. فالنثل هو الاستخراج. ثم ذكر المصنف من الاحسان الى مقتبس العلم ارشادهم الى سر حيازته وهو تعظيم العلم واجلاله اي ارشادهم الى السبب الاعظم الذي يدرك به العلم. وهو ان يكون العبد معظما العلم مجلا له. فمن عظم العلم ذل له العلم ولان منه بغيته واذا ضعف تعظيم العبد للعلم فاته من حصول العلم فيه بقدر ما ينقص منه في تعظيمه واجلاله. ومن السبل المعينة على الوصول الى تعظيم العلم معرفة معاقد تعظيمه وهي الاصول الجامعة المحققة عظمة العلم في القلب. وهي الاصول الجامعة المحققة عظمة العلم في القلب. فكل واحد منها اصل وثيق. يوصل الى تعظيم العلم. فاذا انتظمت هذه الاصول رسوخا في القلب واخذا بها وشهودا لمراتبها في النفس استقر العلم في القلب وقوي اخذه له. لان المقبل حينئذ على العلم يكون معظما للعلم مجلا له فيحصل من دخول العلم في قلبه من التيسير والقوة والثبوت ما لا كونوا لاولئك الذين يتناولون العلم ثم لا يعظمونه. فتجد احدهم ينفق من وقته وقوده ونفسه ونفيسه شيئا كثيرا ولا يوفق الى حصول العلم الذي يبتغيه. لانه يتناول العلم من غير تعظيم له. فهذه المعاقد المذكورة في هذا الكتاب كل واحد منها اصل يوصل الى تعظيم العلم. واقراء هذا الكتاب بين يدي هذا البرنامج. المراد منه الاشارة الى تلك الاصول للمعونة على اقامتها في النفوس فان المرء اذا تبين منارات الطريق امكنه ان يسير فيه. فاذا عرف طالب العلم ان هذا الطريق الذي يبتدئه في سير العلم من اعظم ما ينبغي ان يقف عليه هو معرفة طرائق تعظيمه علم قدر هذه الرسالة وانها كالمفتاح لباب علم فاذا لم يكن معك مفتاح لم يفتح الباب. واذا كان المفتاح مكسورا تعسر فتحه ايضا واذا كان فتحه بضعف تأخر فتحه كثيرا. اما اذا كان معك المفتاح وكان المفتاح صالحا واخذت الامر بقوة فتح لك باب العلم الله ان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد الاول تطهير وعاء العلم وهو القلب فان لكل مطلوب وعاء وان وعاء علم القلب وواسق وعاء يعكره ويغير ما فيه. وبحسب طهارة القلب يدخله العلم واذا ازدادت طهارته ازدادت قابليته للعلم. ومثل العلم في القلب كنور المصباح ان صفا زجاجه شعت انواره. وان لطخته الاوساخ انواره فمن اراد حيازة العلم فليزين باطنه ويطهر قلبه من نجاسته. فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف وطهارة القلب ترجع الى احدهما طارته من نجاسة الشبهات والاخر طهارته من نجاسة الشهوات ولماذا طهارة القلب من شأن عظيم امر بها النبي صلى الله عليه وسلم في اول ما امر في قوله تعالى في سورة المدثر وثيابك فطهر في قول من يفسر الثياب بالباطل وهو قول حسن له مأخذ صحيح. واذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك من نظر الله الى قلبك وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا. قال مسلم بن حجاج رحمه الله حدثنا عمر الناقل قال حدثنا كثير ابن من شام قال حدثنا جعفر بن مقال عن يزيد الاصمع عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم. واحذركم الى نفسك اللاتي متى خرجت عليك كسرت كسر مهان من طهر قلبه فيه العلم حل. ومن لم يرفع منه نجاسته ودعاه العلم وارتحل. واذا تصفحت احوال طائفة من طلاب العلم في هذا المعقد رأيت خللا بين تعظيم العلم من امرء تغدو الشهوات والشبهات في قلبه وتروح فيه مقالة مجرمة حشوه المنكرات والتلذذ بالمحرمات فيه غل وفساد وحسد وعناد ونفاق وشقاق لهؤلاء وللعلم ما هم منه ولا هو اليهم. قال سهل ابن عبد الله رحمه الله حرام على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما اكرم الله عز وجل ذكر المصنف وفقه الله المعقد الاول من معاقد تعظيم العلم وهو تطهير وعاء العلم. والمراد به المحل الذي يحفظ فيه العلم ويجعل. والمراد به المحل الذي يحفظ فيه العلم ويجعل ثم ابان عنه بقوله وهو القلب فان لكل مطلوب وعاء وان وعاء العلم القلب. ثم ذكر ان القلب له مع علمي حالان احداهما ان يكون القلب طاهرا. فينتفع بالعلم ويدخله والعلم والاخرى ان يكون القلب متلطخا بالاوساخ. من الشهوات والشبهات فيحصل له ضعف دخول العلم او امتناعه بقدر هذا الوسخ. فلا يحل فيه العلم تاما منيرا الا مع تمام طهارته ونظافته. وشبهه بنور المصباح فقال ومثل العلم في القلب كنور المصباح. ان صفا زجاجه شعت انواره. والا لطخته الاوساخ كسفت انواره. اي ذهبت. فالكسوف هو ذهاب النور. ثم ما ارشد ملتمس العلم الى الحال التي ينبغي ان يكون عليها. فقال من اراد العلم فليزين باطنه ويطهر قلبه من نجاسته. ليكون الوعاء صالحا لحمل العلم. وعلله بقوله فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب بالنظيف فذخيرة العلم التي ينتفع بها العبد في الدنيا والاخرة لا تستقروا حالة مع تمام الانتفاع الا مع طهارة القلب وسلامته من النجاسات التي تعتوره وتغتاله. ثم ذكر ان طهارة القلب ترجع الى اصلين عظيمين. احدهما طهارته من نجاسة الشبهات. والاخر طهارته من نجاسة الشهوات. وهاتان النجاسة تحفان القلب وتحيطان به ولا يزال العبد صباح مساء معدوا عليه بهما فلا يخلص منهما العبد الا بمشقة بالغة من المجاهدة في تطييب به ونفي هذه النجاسات عنه. ثم ذكر ما لطهارة القلب من شأن عظيم مبينا ان النبي صلى الله عليه وسلم خوطب بالامن بها فيما انزل عليه اولا في قوله تعالى وثيابك فطهر. في قول من يفسر الثياب بالباطن وهو قول حسن مأخذ صحيح. وقد ذكر ابو جعفر ابن جرير الطبري في تفسيره ان هذا هو قول اكثر اهل العلم يرون ان معنى قوله تعالى وثيابك فطهر اي طهر اعمالك من كل نجاسة وهذا القول له مأخذ صحيح وهو رعاية الايات فان الاية المذكورة وثيابك فطهر واقعة بين ايتين اين اية فيها الامر بالتوحيد. وهي قوله تعالى وربك فكبر هو اية فيها النهي عن الشرك وهي قوله والرج فاهجر. فالمناسب بين هاتين ايتين ان يكون معنى قوله تعالى وثيابك فطهر اي طهر اعمالك من النجاسات التي تطرأ عليها. واصول نجاسات القلب ثلاث الاول نجاسة الشرك والثاني نجاسة البدعة والتالت نجاسة المعصية ذكره ابن القيم في كتاب الفوائد. ثم قال المصنف واذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك فاستحي من نظر الله الى قلبك وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا والاحن جمع احن وهو حقد القلب. والايحن جمع احن وهو حقد القلب. ثم ذكر حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم وفيه بيان محل نظر الله من العبد فانه سبحانه ينظر من عبده الى شيئين احدهما قلبه والاخر عمله والتقوى مؤلفة من قلب طاهر وعمل صالح ظاهر. والتقوى مؤلفة من قلب طاهر وعمل صالح ظاهر فمتى تمت هذه للعبد حالا صار مكرما بالخيرات مدركا للكمالات ومن جملتها العلم ثم ذكر المصنف قول ابن القيم في نونيته واحذر كمائن نفسك اللاتي متى خرجت عليك كسرت كسر مهاني. اي احذر المخبوءة في نفسك من نجاسة الشهوات والشبهات. التي متى ثارت تحركت في قلبك واستولت عليه فانها تولدك المهالك. ثم ذكر من احوال طائفة من طلاب العلم ما يباين هذا المعقد ويناقضه. ممن الشهوات والشبهات في قلوبهم. وختم بقول سهل بن عبدالله التستري رحمه الله حرام على قلب ان يدخله النور. وفيه شيء مما يكره الله عز وجل ان يمتنع على القلب ان يدخله النور النافع من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفيه شيء مما يكرهه الله عز وجل. فان مكاره الله ومباغضه التي تكون في القلب بمنزلة الحجب التي تحول بين القلب وبين الى نور الله علما وعملا. فاذا كثرت هذه الحجب امتنع النور. واذا اذا رقت مع وجودها دخل من النور شيء يسير. فاذا كشفت هذه الحجب عن القلب دخل النور النافع من كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم القلب فانتفع القلب بما يصله من العلم واصل كلام سهل هذا هو في قوله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون هنا في الارض بغير الحق قال سفيان بن عيينة احرمهم فهم القرآن قال سفيان ابن عيينة في هذه الاية احرمهم سهم القرآن. وقال محمد بن يوسف ثياب فيها امنع قلوبهم من التدبر في امري. امنع قلوبهم من التدبر في امري فتصرف القلوب القلوب عما ينفعها والموجب وقوع هذه الحال لهم ما في تلك القلوب مما يكرهه الله. واعظمه الكبر ولما وجد هذا في قلوبهم عاقبهم الله عز وجل ضده وهو فلا يدركون ما ينفعهم من ايات الله سبحانه وتعالى. ذكر هذا المعنى ابن كثير في تفسيره فيذل الله قلوب المتكبرين بالجهل. ويعز الله المتواضعين بالعلم والمراد بصرف القلوب عن فهم الايات عدم انتفاعها بما ينفعها من كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ولا يراد بهذا امتناع الحفظ اذ قد يحفظ العلم من ليس اهلا له ممن يشهد من حاله ويشهد عليه بمخالفة الشريعة ومواقعة البوائق ذكر هذا المعنى ابن الحاج في المدخل. لكن الذي يمتنع بسبب هذا الفهم والانتفاع الفهم والانتفاع بالعلم الذي يصل الى القلب. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد الثاني اخلاص النية فيه ان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم وصولها قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. وقال البخاري في الجامع المسند الصحيح ومسلم في المسند الصحيح واللفظ للبخاري حدثنا عبد الله ابن سلمة قال اخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم عن علقمة عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الاعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى. وما سبق من سبق ولا وصل من وصل من السلف الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين قال ابو بكر المروذي سمعت رجلا يقول لابي عبدالله يعني احمد ابن حنبل وذكر له الصدق والاخلاص فقال ابو عبد الله اذا ارتفع القوم وانما الى المرض العلم على قدر اخلاصه والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول بها تتحقق نية العلم تعلمي اذا قصدها الاول رفع الجهل عن نفسه بتعريفها ما عليها من العبوديات وايقافها على مقاصد الامن والنمي. الثاني رفع الجهل عن الخلق بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم. الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع. الرابع العمل بالعلم فالعلم شجرة والعمل ثمرة وانما يراد العلم للعمل. فقد كان السلف رحمهم الله يخافون فوات الاخلاص في طلبهم العلم يتضرعون عن ادعائه الى انهم لم يحققوا في قلوبهم. فهشام ادى السوائل يقول والله ما استطيع ان اقول اني ذهبت اني ذهبت يوما اطلب الحديث اريد به وجه الله عز وجل. وسئل الامام احمد هل طلبت العلم لله؟ فقال لله عزيز ولكنه شيء الي فطلبته. ومن ضيعني اخلاص فاته علم كثير وخير وفيه. وينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في اموره كلها دقيقها وجليلها سرها وعلنها. ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية. قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي لانها تتقلب علي. بل قال سليمان الهاشمي ربما احدث بحديث واحد ولينية. فاذا اتيت على تغيرت نيتي فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثاني من معاقد تعظيم العلم وهو اخلاص النية فيه. وحقيقة الاخلاص شرعا تصفية قلبي من ارادة غير الله. وحقيقة الاخلاص شرعا تصفية القلب من ارادة غير الله فمدار الاخلاص على امرين احدهما تصفية القلب اي تخليصه من كل شائبة تكدره تصفية القلب اي تخليصه من كل شائبة تكدره والاخر تعلق تلك التصفية بارادة الله. تعلق تلك التصفية بارادة الله. فلا بشيء كطلب محمدة او ثناء او حظ من الدنيا واشرت الى حقيقة الاخلاص بقول اخلاصنا لله صفي القلب من ارادة سواه فاحذر يا اخلاصنا لله صفي القلب من ارادة سواه فاحذر يا وعلل المصنف طلب الاخلاص في اخذ العلم بقوله لان اخلاص الاعمال اه بقوله ان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم اصولها فالسبيل الاعظم الى قبول الاعمال ووصولها الى الله متقبلة هو وقوعها على حال الاخلاص. ثم قال وما سبق من سبق ولا وصل من وصل من السلف الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين. وذكر من شواهد احوالهم ما يدل على ما كانوا عليه من تعظيم هذا الامر وشدة الاعتناء به. ثم قال وانما ينال المرء العلم على قدره فاذا عظم اخلاص العبد عظم حظه من العلم. واذا نقص اخلاصه قسى حظه من العلم بقدر ما فاته من الاخلاص ومن المروي عن ابن عباس انه كان يقول انما يحفظ المرء على قدر نيته. انما يحفظ المرء على قدر نيته. رواه ابن عساكر وغيره. اي ان العبد يحفظ من العلم قدر ما له من النية فيه. اي ان العبد يحفظ من العلم بقدر ما له من النية فيه. فاذا تم اخلاصه قوي حفظه وادراكه واذا ضعف اخلاصه ضعف حفظه وادراكه ثم ذكر المصنف ان الاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول بها تتحقق نية العلم علم فالاصل الاول ان يقصد بالعلم رفع الجهل عن نفسه. ان يقصد بالعلم رفع الجهل عن نفسه ريفها بما عليها من العبودية لله. بتعريفها بما عليها من العبودية لله يكون مراده من طلب العلم ان يقف على مواقع الامر والنهي الواردة في شرع الله. حتى يكون عبدا له سبحانه الاصل الثاني ان يقصد بطلبه العلم رفع الجهل عن غيره. بدلالتهم على طريق العبودية الموصل الى الله عز وجل. والاصل الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع. فيسعى في اخذ العلم وبثه رغبة في حفظه لئلا ينسى ويذهب في الامة الاصل الرابع العمل بالعلم. فينوي في اخذه العلم ان يتحرى العمل به. فمن اراد ان يحصل له الاخلاص في طلبه العلم فليقم هذه الاصول الاربعة في قلبه فينوي بالعلم رفع الجهل عن نفسه اولا ثم رفع الجهل عن غيره ثانيا ثم حفظ العلم من ضياع ثم العمل به. وجمعت هذه الاصول الاربعة في بيتين فقلت ونية للعلم رفع الجهل عم ونية للعلم رفع الجهل عم عن نفسه فغيره من النسم. عن نفسه فغيره من النسم وبعده التحصين للعلوم منه وبعده التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به ضياعها وعمل به زكن وقوله النسم اي الخلق وقوله النسم اي الخلق. وقوله زكن اي ثبت اي ثبت ثم ذكر ما كان عليه السلف من تخوفهم فوت الاخلاص في اعمالهم لا انهم لم يحققوه فانهم كانوا يجتهدون في تحري الاخلاص واصابته. ثم يخاف احدهم على نفسه الا يكون مخلصا في علمه. ثم قال ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير. وينبغي وينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في امور كلها دقيقها وجليلها سرها وعلنها. ثم ذكر الداعي الى طلب تفقد الاخلاص في الاعمال فقال ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية. اي يعظم طلب تفقد احدنا اخلاصه في قلبه لان معالجة النية بحملها على مرادها لله سبحانه وتعالى شاق على النفوس. وذكر قول سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اي ما كابدت في المشقة شيئا اي ما كابدت في المشقة شيئا اشد علي من نيتي لان لا تتقلب علي فمن احوال النية انها متقلبة اي متغيرة متنقلة من حال الى حال فان النية محلها القلب. والقلب متقلب. فاذا كان المحل متقلبا ما فيه معه. قال الاول قد سمي القلب قلبا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل قد سمي القلب قلبا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويله. اي ان القلب سمي قلبا لانه يتقلب متغيرا متحولا. والنية كما تقدم محلها قلب فهي تتغير متقلبة كما يتقلب وعائها ومحلها الذي هو القلب ثم ذكر قول سليمان الهاشمي ربما احدث بحديث واحد ولي نية اي قصد حسن فاذا اتيت على بعضه تغيرت نيتي. فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات اي ان العبد يبتدأ عمله مع نية حسنة. فاذا تمادى فيه واستمر تغيرت هذه النية عليه. فيعرض لها ما يعرض فتتحول وجهتها الى غير القصد الحسن الذي اراده صاحبها ابتداء وهذا الامر الذي ارشد اليه سليمان الهاشمي هو تصحيح النية هو تصحيح النية ومعناه رد النية الى المأمور به شرعا اذا عرض لها ما او يفسدها. رد النية الى المأمور به شرعا اذا عرظ له لها ما يغيرها او يفسدها. فاذا طرق سمعك قولهم على العبد ان يصحح نيته فالمراد به هذا المعنى بان يرد نيته الى المأمور به شرعا اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها فتصحيح النية يجمع ثلاثة امور. فتصحيح النية يجمع ثلاثة امور اولها انه رد للنية اي ارجاع لها الى ما كانت عليه من قصد حسن. انه رد للنية. اي ارجاع لها الى ما كانت عليه من قصد حسن والثاني ان ردها يكون الى المأمور به شرعا ان ردها يكون الى المأمور به شرعا. اي وفق حكم الشرع اي وفق حكم الشرع. وثالثها ان ذلك الرد يكون في حالين. ان ذلك الرد يكون في حالين احداهما اذا عرض للنية ما يغيرها. اذا عرض للنية ما طيروها اي يحولها من قصد القربة والطاعة الى الاباحة. اي يحولها من قصد والطاعة الى الاباحة. والاخرى اذا عرظ للنية ما يفسدها اذا عرظ للنية ما يفسدها اي ما يخرجها من الصلاح الى الفساد اي ما يخرجها من الصلاح الى الفساد. فالعبد تارة يحتاج الى تصحيح نيته. لانها انتقلت من قصد المحبوب شرعا الى قصد مباح. وتارة يحتاج الى تصحيحها لانها انتقلت من المأمور به شرعا الى قصد فاسد منهي عنه فمثال الاول من يأتي الى مجالس العلم مريدا الانتفاع به فاذا طالت عليه مدة مجالسه جعلها محلا لترويح النفس ولقاء الناس والاطلاع على احوالهم وتوثيق الصلات بهم وغيرها من الامور المباحة تغيرت نيته من ارادة العلم النافع الى امور مباحة ومثال الثاني من يقصد مجالس العلم ثم تطيب له الاحوال الممدوحة فيها في حب ان يرتقي الى تلك الاحوال علوا وفخرا وكبرا العلم. فان تنتقل نيته من القصد الحسن المأمور به شرعا الى قصد فاسد. والمقصود ان العبد بغي له ان يتفقد نيته وان يتصفحها بين الفينة والفينة ليصححها اذا عرض لها ما يفسدها او يغيرها. وهذا التفقد المحتاج اليه في كل حين وان هو الذي جعل امر النية شديدا عند السلف وبتفقدهم نياتهم استقامت احوالهم وحصلت لهم الكمالات. نعم. احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله المعقد الثالث جمع همة النفس عليه فان شعث النفس اذا جمع على العلم تام واجتمع واذا شغل به وبغيره ازداد تفرقا وشتاتا وانما تسمع الهمة على المطلوب بتفقد ثلاثة هموم. اولها الحرص على ما ينفع. فمتى وفق العبد الى ما ينفعه حرص عليه الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده ثالثها عدم العجز عن بلوغ البغية منه. وقد جمعت هذه الامور الثلاثة في الحديث الذي رواه مسلم ابن الحجاج قال حدثنا ابو بكر ابن ابي شيبة وابن امين قال حدثنا عبد الله بن ادريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فمن اراد جمع همته على العلم فليشعر في نفسه شعلة الحرص عليه انه ينفعه بل كل خير في الدنيا والاخرة انما هو ثمرة من ثمرات العلم. وليستعن بالله عليه ولا يعجز عن شيء منه فانه حينئذ يدرك بغيته اعوذ بما امله. قال الجنيد ما طلب احد شيئا بجد وصدق الا ناله فان لم ينله كله نال بعضه. الجد من الجد الايمان بالكسل فانصب تصب عن قريب غاية الامل. فانهض بهمتك واستيقظ من الغفلة فان العبد اذا رزق همة فتحت له ابواب الخيرات وتسابقت اليه المسرات قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البقالة وردفه قمر العزيمة اشرقت ارض بنور ربنا ومن تعلق تيمته بمطعم او ملبس او مأكل او مشرب لم يشم رائحة العلم. واعلم بان العلم ليس الهموم الهمه في مطعم او ملبس فاحرص لتبلغ فيه حظا وافرا واهجر له طيب المنام وغلسي. وان مما يعني الهمة يسمو بالنفس اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضي. فابو عبدالله احمد بن حنبل رحمه الله كان وهو في الصبا ربما اراد الخروج الفجر الى حلق الشيوخ فتأخذ امه بثيابه وتقول رحمة به حتى يؤذن الناس او يصبحوا وقرأ الخطيب البغدادي صحيح البخاري على اسماع نحره في ثلاثة مجالس اثنان منها في ليلتهم من وقت صلاة المغرب الى صلاة الفجر واليوم الثالث من رحمة النهار الى صلاة المغرب ومن المغرب كطلع الفجر قال الذهبي في تاريخ الاسلام وهذا شيء لا اعلم احدا في زماننا يستطيعه رحم الله ابا عبدالله فلو راهم مع اهل هذا الزمان ماذا يقول؟ وكان ابو محمد ابن التبان اول ابتدائه يدرس الليل كله فكانت امه ترحمه وتنهاه عن قراءته الليل فكان يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة شيء من الانية العظيمة ويتظاهر بالنوم فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس وقد رأيت في بعض المجموعات الخطية في مكتبة النجدية الخاصة مما ينسب الى عبدالرحمن بن حسن ال الشيخ صاحب فتح مجيد قوله الى طلب العلوم ذيولا وانهض بذلك بكرة واصيلا. وصل السؤال وكن هديت مباحثا فالعيب عندي ان تكون جهولا. فكن رجلا رجله على الثرى ثابتة وهامة همته فوق الثريا سامقة. ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة فان همة الصادق لا تشيب الحنابلة ينشد وهو في الثمانين ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني كرم وانما اعتاض شعري غير صبغته والشيب في الشعر غير الشيب في الهمم. ذكر المصنف وفقه الله المعقلة الثالثة من معاقد تعظيم العلم وهو جمع همة النفس عليه بان يتوجه الى العلم بارادته كلها. فلا يشتغل بغيره. وذكر فيه ان شعث النفس اي تفرقها. اذا جمع على العلم التئم واجتمع. فاذا اقبل العبد على العلم وجمع نفسه عليه نال مراده منه ثم ذكر ان جمع الهمة على المطلوب يكون بتطلب ثلاثة امور. اولها الحرص على ما ينفع وثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله اي في تحصيل ذلك النافع وثالثها عدم العجز عن بلوغ البغية منه. بالا يتقاعد مستسلما ان عما يريد الوصول اليه من العلم وذكر في ثانيها وهو الاستعانة بالله عز وجل قول الاول اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده. اي اذا لم يصحب العبد بمعونة الله فان اجتهاده يجني عليه لانه يخلى بين العبد وبين نفسه. فيتوجه مستعينا غافلا عن استصحاب معونة الله عز وجل له. فيضعف يخذل. ثم ذكر ان ان هذه الامور الثلاثة مجموعة في حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص لا ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. بكسر الجيم وتفتح ايضا. فجمل حديث الثلاث دالة على تلك الامور واحدا واحدا. ثم ذكر ان من اراد جمع همته على العلم فليشعل في نفسه شعلة الحرص عليه لانه ينفعه فالمرء اذا وقر في قلبه عظيم منفعة العلم له في الدنيا والاخرة قويت نفسه في طلبه وبين عظم منفعته بقوله بل كل خير في الدنيا والاخرة انما هو ثمرة من ثمرات العلم فالعلم اصل كل خير. ذكره القرافي في الفروق. وقال ابن القيم رحمه الله اصل كل خير في الدنيا والاخرة العلم والعدل. اصل كل خير في الدنيا والاخرة العلم والعدل واصل كل شر في الدنيا والاخرة الجهل والظلم. واصل كل شر في الدنيا والاخرة الجهل والظلم انتهى كلامه والعدل لا يدرك الا بالعلم. والظلم لا يقع الا مع الجهل. فرجع الامر كله الى فضيلة العلم ومدحه وقبح الجهل. ثم قال في الحث عليه وليستعن بالله عليه ولا اعجز عن شيء منه فانه حينئذ يدرك بغيته ويفوز بما امله. وذكر من قول الجنيد والشعري ما يحرك النفس في هذا ويقويها في طلبه ثم قال فانهض بهمتك. واستيقظ من الغفلة فان اذا رزق همة عالية فتحت له ابواب الخيرات وتسابقت اليه المسرات. ثم ذكر كلاما لابن القيم منقولا من كتاب الفوائد في ايضاح هذا المعنى ثم اتبعه بذكر شيء من احوال الاوائل في هممهم مما يحرك نفس العبد الى الطموح الى مراتبهم واقتفاء اثارهم. فان العبد اذا ذكرت له احوال الماضيين قويت نفسه على السير فالناس يتشبه بعضهم ببعض. قال مالك بن دينار الناس كاسراب القضا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض. رواه ابن مبطأ في الابالة الكبرى. اي ان الناس في احوالهم تجري عادتهم باقتفاء بعضهم بعضا كما يقتفي اسراب القطا بعضه بعضا والقطا نوع من الطير معروف. فاذا ذكر للعبد احوال من احوال الماضين والقوم السابقين طمحت نفسه الى التشبه بهم والسير بسيلهم وكان مما ذكره ما كان عليه الامام احمد بن حنبل رحمه الله في الصبا انه ربما اراد الخروج قبل الفجر الى الشيوخ فتأخذ امه بثيابه رحمة له وشفقة عليه وتقول حتى يؤذن الناس او يصبحوا اي تأمره بالامساك عن الخروج حتى يؤذن الناس لصلاة الفجر او يبين الصبح ويخرج الناس في الطرقات فيخرج بخروجهم. ثم ذكر الحالة التي اتفقت لابي بكر من خطيب الحافظ من قراءة صحيح البخاري كله على اسماعيل الحيني في ثلاثة مجالس على ان النعت المذكور في وصفها. فان ابا بكر الخطيب كانت له همة عالية في العلم. ومن شواهد في علو همته هذه الحال التي ذكرها هو عن نفسه. في كتاب تاريخ بغداد انه قرأ صحيح البخاري اسماعيل الحيري رحمه الله في ثلاثة مجالس في الاوقات المذكورة. ثم نقل عن الذهب ابي ما يظهر ان هذا الشيء لا يكاد يستطيعه احد من اهل زمانه اي زمان الذهبي ومراد الذهب وغيره بمثل هذا تعظيم الامر. لا القطع بامتناعه. وهذا من طرائق اهل العلم في الحث على شيء معظم. فانهم يذكرون صعوبته وبعده فظا على طلبه وابتغاء الوصول اليه. ولا يريدون امتناع وقوعه. كقول ابي عبد الله الشافعي لما رأى بعض اصحابه يطلب الفقه والحديث فقال له هيهات اتريد ان تجمع بين الفقه والحديث فالكلمة المذكورة المراد منها تعظيم ذلك. وانه امر شريف عال ينبغي ان يبذل فيه الوسع ولا يترشح له الا من تم اقباله على العلم. ومن مثله المذكور هنا عن ابي عبد الله الذهبي انه يعظم هذا دون القطع بامتناعه. اذ قد يتفق في الخلف من تكون له احوال كاحوال السلف. ووقع هذا لابن طولون فانه ذكر في الفيلست الاوسط انه قرأ صحيح البخاري في ثلاثة ايام على احد شيوخه وانه لم ما وقف على قصة ابي بكر الخطيب في قراءة صحيح البخاري في المدة المذكورة قويت نفسه وتطلعت الى محاذاته. اي السير كسيره ففعل ذلك وقرأ صحيح البخاري في ثلاثة ايام وكان ابن طولون بعد الخطيب بنحو خمسمائة سنة فلا يمتنع ان يوجد فيمن تأخر من له احوال كاحوال الاوائل في العلم والعمل والصلاح والهداية والارشاد ولكنه امر شديد يدخل على النفوس وذكر ان هذه الاحوال العظيمة التي كانت عليها السلف نشأت من هذا الامر وهو قوة نفوسهم وعلو هممهم ورغبتهم في الخير. وذكر في جملة لذلك حال ابي محمد ابن التبان انه كان يفعل ما يفعل من دراسته الليلة كله. وكانت امه تسفر عليه وتنهاه فكان يأخذ المصباح ويحمله ويجعله تحت الجفنة. وهي انية عظيمة في رفع هذه الانية يدخل المصباح تحتها ويتظاهر بالنوم اي يظهر لامه كانه نام. فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس. ثم ذكر بيتين ما لي الحقيني للعلامة عبدالرحمن بن حسن ال الشيخ يحث فيها على الجد والاجتهاد في اخذ العلم ثم قال فكن رجلا رجله على الثرى اي في الارض. وهمته وهامة همته الثريا وهي نجم معروف عند العرب. فيكون العبد روحا ونفسا فوق ثريا علوا ورفعة وان كانت الارض هي موطأ قدمه وموضعها. ثم قال ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة اي لا تكن ممن هو في سن الشباب بدنا. وفي سن المشيب همة فيكون البدن صحيحا قويا وتكون الروح ضعيفة كليلة فان العبد اذا قويت روحه حملت بدنه. واذا ضعفت روحه عجز البدن عن القيام بما ينفعه وان كان شابا. ثم ذكر بيتين مليحين لابي الوفاء ابن عقيل كان فينشدهما وهو ابن ثمانين سنة. اذ يقول ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي. ولا ولائي ولا ديني ولا وانما اعتاض شعري غير صبغته والشيب في الشعر غير الشيب في الهمم ان شيب الهمة مظنة ضعف الروح. وشيب الشعر مظنة ضعف البدن. وضعف الروح اشد بلاء من ضعف البدن. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعهد الرابع صرف الهمة فيه الى القرآن والسنة ان كل علم نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وباقي العلوم اما خادم لهما فيؤخذ منه ما تتحقق به الخدمة او اجنبي او اجنبي عنهما فلا يضر الجاهل به. فاذا القرآن والسنة يرجع العلم كله وبهما النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم. وهل موحي الى ابي القاسم صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن والسنة. ومن جعل علمه القرآن والسنة كان متبعا غير مبتدع ونال من العلم اوفره وقال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد العلم فليثور القرآن فان فيه علم الاولين والاخرين. وقال مسحوق رحمه الله صلى الله عليه وسلم عن شيء الا علمه في القرآن الا ان علمنا يقصر عنه. وينسب لابن عباس رضي الله عنهما انه كان ينشد جميع العلم في لكن تقاصر عنه افهام الرجال. وما احسن قول عياض يحصو به في كتابه الالماع العلم في اصلين لا يعدهما المضل عن الطريق اللاحم علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن تابعنا صاحبه واعلى الهمم في طلب العلم كما قال ابن القيم في هذه فوائد طلب علم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نفس المراد وعلم حدود المنزل وقد كان هذا هو السلف عليهم رحمة الله ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع فالعلم في السلف اكثر والكلام في من بعدهم اكثر قال حماد بن زيد قلت لي ايوب السقياني العلم اليوم اكثر او فيما تقدم. فقال الكلام اليوم اكثر والعلم فيما تقدم اكثر ذكر المصنف وفقه الله المعقد الرابع من معاقد تعظيم العلم وهو صرف الهمة فيه الى علم القرآن والسنة. اي انفاق همة النفس في العلم الى علم القرآن والسنة. لان العلوم النافعة ترد اليهما فكل علم نافع فاصله في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر ان باقي العلوم لها حالان. الحال الاولى العلوم الخادمة كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وهي الات فهمهما. اي ما يعين على فهم القرآن والسنة كالنحو واصول الفقه ومصطلح الحديث والحال الاخرى علوم الاجنبية عنهما. والامر فيها ما ذكره بقوله فلا يضر الجهل بها. اي لا يضر جهل بالعلم الاجنبي عن الكتاب والسنة وعن خدمتهما. ثم ذكر قول ابن مسعود رضي الله عنه من اراد العلم فليثور القرآن. اي ليبحث عن فهمه. اي ليبحث عن فهم بتحريك القلب للنظر في معانيه. بتحريك القلب للنظر في معانيه فان فيه علم الاولين والاخرين. اي فيه العلم النافع الذي يحتاج اليه. ثم ذكر قول مسروق وهو ابن الاجدع الكوفي احد التابعين ما نسأل اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء الا علمه في القرآن الا ان علمنا يقصر عنه. اي ان جميع العلم الذي يلتمسونه فيسألون عنه الصحابة رضي الله عنهم هو مذكور في القرآن. وتصديقه قوله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. اي ايضاحا لكل شيء يحتاج اليه وينتفع به. فكل ما يحتاج اليه وينتفع الخلق به فهو في القرآن لكن الناس يتباينون في مقادير معرفتهم به وفهمهم له. وهذا معنى قوله الا ان ان علمنا يقصر عنه. اي ينقطع دون الوقوف عليه. فنستعين بمن له معرفة اعظم هم الصحابة رضي الله عنهم فنسألهم عن ذلك. ثم ذكر ما ينسب لابن عباس انه كان يقول جميع العلم في القرآن لكن تقاصروا عنه افهام الرجال اي تقصر عن الوصول اليه مدارك الناس. ما لم يعملوها ويفحصوا معاني قرآن فيقف على العلم النافع المذكور فيه. ثم ذكر بيتي القاضي عياض المالكي انه قال العلم وفي اصلين لا يعدهما الا المضل عن الطريق اللاحد علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن صاحب عن تابعي والطريق اللاحب هو الواضح فاصل العلم هو في القرآن والسنة. فمن اخذ بهذا الاصل بلغه العلم النافع ومن عدل عنه الى غيره ضل وفاته من الهدى بقدر ما اصابه من الهوى فمن عظم قدر الهوى في نفسه ذهب عليه علم نافع كثير في القرآن والسنة ومن خلص نفسه من الاهواء وكملت في قلبه ارادة محاب الله وما قاضيه وصل الى العلم النافع. ثم ذكر المصنف ان اعلى الهمم في طلب علم هي همة العبد الذي يكون طلابا لعلم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نفس المراد. اي المبتغي في طلبه العلم معرفة مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم. فيوجه همته فيما يطلبه الى معرفة في الكتاب والسنة مما يتعلق باقامة العبودية لله عز وجل. قال وعلم حدود المنزل اي من الاحكام. فيعرف ما لكل شيء من حد ابتداء وانتهاء كما انزل علينا ثم ذكر ان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله ثم ذكر الكلام ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع فالعلم في السلف اكثر لان مدار علمهم وقطب رحاه هو علم الكتاب والسنة. قال والكلام في من بعدهم اكثر اي الناس ابتلوا بعدهم ببسط العبارات. وتكثير الكلمات. فالعلوم الحاصلة للخلق نقصت بسبب ما وقع من حجبهم عن علم الكتاب والسنة فتارة يحجبون بالعلوم الخادمة لهما وتارة يحجبون بالعلوم الاجنبية عنهما فيكثر الكلام ويقل منه النافع. ثم ذكر قول حماد بن زيد قلت لايوب السختياني العلم اليوم اكثر او فيما تقدم يعني فيما كان عليه الصحابة والتابعون فقال الكلام اليوم اكثر اي ان تفريع الناس الكلام في العلم اكثر. اي ان تفريع الناس الكلام في العلم اكثر. قال والعلم في لمن تقدم اكثر اي ان ما يبتغى من العلم النافع الذي هو علم الكتاب والسنة كان في الاوائل اكثر منه في الاواخر. لان الاوائل كما تقدم يجعلون عظم مبتغى عظمى مبتغاهم وقطب رحى مطلوبهم هو فهم مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم فيقفون على هذا العلم ويوقفون عليه بالطف العبارات. والخص الكلمات واما من تأخر عنهم فقلت معرفته بالعلم النافع وكثرت منه العبارات التي تحول بين الناس وبين هذا العلم النافع. فالكلام في العلم لا يتفاوت بكثرته. وانما بنفعه. قال ابن ابي العز في شرح الطهاوية فلهذا كان كلام المتأخرين كثيرا قليل الفائدة بخلاف كلام المتقدمين. فانه كان قليلا عظيم انتهى كلامه وذكر ابن القيم قريبا من معناه في مدارج السالكين. فلا ينبغي ان يزهد العلم فلا ينبغي ان يزهد طالب العلم في كلام معلم لقلة كلامه او يرغب في الاخذ عن غيره لكثرة كلامه فان معيار العلم هو النافع لا كثرة الكلام وقد يصل هذا النفع بكلام قليلين واعتبر هذا في الاثار المروية عن الصحابة والتابعين في ابواب العلم فتجد احدهم يذكر كلمة او كلمتين تكون اصلا لباب من ابواب العلم. وهذا من بركة نياتهم وقوة التهم وكمال فهومهم فهومهم وصلاح علومهم. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد الخامس سلوك الجادة الموصلة اليه لكل مطلوب طريق يوصل اليه. فمن سلك جادة مطلوبه اوقفته عليه. ومن عدل عنها لم يظفر بمطلوبه. وان للعلم طريقا من اخطاها ضله ولم ينل المقصود وربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثير. يقول الزروجين في كتابه تعليم المتعلم وكل من اخطأ الطريق ضل ولا تنالوا المقصود قل اوجل. وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد الجهل بالطريق وافاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع الفائدة قليلة وقد ذكر هذا الطريق بلفظ جامع مانع محمد مقتضى ابن محمد الزبيدي صاحب تاج العروس في منظومة له تسمى الفية السند يقول في فما حوى الغاية في الف سنة شخص فقل من كل فن احسنه. بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد الناصح فطريق العلم وجادته مبنية على امرين من اخذ بهما كان معظما للعلم لانه يطلبه من حيث يمكن الوصول اليه فحفظ متن جامع للراجح فلا بد من حفظ ومن ظن انه ينال العلم بلا ومن ظن انه ينال العلم بلا حفظ فانه يطلب محال والمحفوظ المعول عليه والمسن الجامع للراجح اي المعتمد عند اهل الفن فلا ينتفع طالب يحفظ المأمور في فن ويترك مشهورة كمن يحفظ الفية الاثار في النحو ويترك الفية ابن مالك. واما الامر الثاني فاخذه على مفيد ناصح فتفزع الى شيخ تتفهم عنه معانيه يتصف بهذين الوصفين. واولهما الافادة وهي الاهلية في العلم. فيكون ممن عرف بطلب العلم وتلقيه حتى ادرك فصارت له ملكة قوية فيه والاصل في هذا ما اخرجه ابو داوود في سننه قال حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن ابي شيبة قال لله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم قوي والعبرة بعموم خطابنا بخصوص المخاطب فلا يزال من معالم العلم في هذه الامة ان يأخذه الخالف عن السالف. اما الوصف الثاني فهو النصيحة ثم تجمع معني الاثنين احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به والاهتداء بهديه وجله وسمته والاخر معرفته بطرائق التعليم بحيث يحسن تعليما المتعلم ويعرف ما يصلح له وما يضره وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي في الموافقات. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الخامس من معاقد تعظيم العلم وهو سلوك الجادة الموصلة اليه. والجادة هي الطريق ثم ذكر ان كل مطلوب له طريق من سلك جادته وصل اليه ومن عدل عنها لم يظفر بمطلوبه. ومن جملة ذلك ان للعلم طريقا. فمن سلكها ناله ومن اخطأها فان منتهى امره الى حال من حالين. الحال الاولى ان يضل فلا ينال مقصوده. ان يضل فلا ينال مقصوده. والحال الاخرى ان يصيب قليلة مع تعب كثير. ثم ذكر من الكلام المنقول عمن تقدم ما يدل على ذلك ومن جملته ما ذكره عن ابن القيم انه قال الجهل بالطريق وافاتها يوجب التعب الكثير مع الفائدة القليلة. فالتعب الكثير الذي يعرض لطلاب العلم ويحرزون معه فائدة قليلة منشأه من واحد من هذه الامور الثلاثة التي ذكرها ابن القيم واولها الجهل بالطريق. فيوقعه جهله في طريق العلم في خضة خضة عشوائي في التماسه واخذه هو ثانيها الجهل بافات الطريق. وهي الشرور التي تعرض للعبد فيه فكل عمل صالح يبتغيه العبد يعرض له في الوصول اليه افات تضيء عنه او تمنعه تمنعه منه. وللعلم افات تعرض للعبد في طريقه فيحتاج الى معرفة هذه الافات ليجتنبها وثالثها الجهل بالمقصود. اي بالمراد الاعظم من طلب العلم. وهو معرفة دين الله سبحانه وتعالى. واقامة عبوديته ثم ذكر من الاقوال الجامعة في وصف طريق العلم وبيانه قول الزبيدي نظما في الفية السند السماح والغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه. بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على ناصح فطريق العلم وجادته مبنية على امرين. فاما الامر الاول فحفظ متن للراجح فلابد من حفظ. والمحفوظ المعول عليه هو المتن الجامع للراجح والمراد به المتن المعتمد عند اهل الفن. والمراد به المتن المعتمد عند اهل الفن لكونه محررا وفق ما انتهى اليه علم اصحاب هذا الفن فلا ينتفع طالب بحفظ المغمور في فن وترك مشهوره. كمن يحفظ الفية الاثار في النحو ويترك الفية ابن مالك فيكون محفوظه من العلم المتون المعتمدة عند اهله في انواع الفنون مما اخذوا به واقبلوا عليه فان الاخذ بالمشهور الذي تتابع عليه الناس انفع لانه المتن الموصوف بكونه للراجح لاعتماده عند اهل العلم. ثم ذكر الامر الثاني وهو اخذ ذلك المتن على مفيد ناصح فيفزع الى شيخ يتفهم منه معاني ذلك المتن. ويوصف ذلك الشيخ بوصفين الافادة وهي الاهلية في العلم. فيكون ممن عرف بطلب العلم وتلقيه حتى ادرك صارت له ملكة قوية فيه وذكر اصل هذا وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اتسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع ممن يسمع منكم اي تتلقون العلم بالاخذ عنه صلى الله عليه وسلم ثم يتلقاه عنكم من يتلقاه ممن بعدكم ويكون هذا في قرون الامة كلها فان العبرة بعموم الخطاب لا بخصوص المخاطب. فالنبي صلى الله عليه وسلم خاطب الصحابة لهذا غير مريد اختصاصه بهم. بل هو اصل في قرون الامة كلها. ان الخالف فيها يأخذ علمه عن من تقدمه وسلف بين يديه. واما الوصف الثاني فهو النصيحة. بان يكون المعلم ناصحا وتجمع معنيين. احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به فدائي بهديه ودله وسمته والاخر معرفته بطرائق التعليم. فاما الامر الاول وهو صلاحيته به اي بان يكون على حال حسنة من اتباع الشريعة وتعظيمها والعمل بها فيصلح ان كون مقتدا به في ذلك. واما الثاني وهو معرفته بطرائق العلم فالمراد بها معرفته بمسالك ايصاله للمتعلمين. فالمراد بها معرفته بمسالك ايصاله للمتعلمين. وهي التي ارادها بقوله بحيث يحسن تعليم المتعلم ويعرف ويعرف ما يصلح له وما يضره وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي اي في كتاب المواثقات. فيكون المعلم عارفا بالطرائق التي توصل العلم الى نفوس المتعلمين فتارة يوصل اليهم العلم ببيان مجمل وتارة يوصل اليهم العلم ببيان مفصل وتارة ان يوصلوا اليهم العلم على هيئة السؤال والجواب وتارة يوصل اليهم العلم على طريق المسائل وتارة يوصل اليهم العلم على طريق الدلائل. فيعرف الطرق التي ينبغي ان تسلك في ايصال العلم للمتعلمين اعرفوا ان نفوس المتعلمين ليست على حد سواء. فقد يشتركون في شيء ويتفاوتون في شيء اخر. فيلاحظ كل احد بما يناسبه وما يصلح له. ويلاحظ كذلك الناس كلهم. فيما يصلحون به ويحسن لهم نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى المعقد الثالث قلتم وفقكم الله تعالى المعقل السادس رعاية فنونه في الاخذ وتقديم اهم فالمهم ان الصورة المستحسنة يزيد حسنها بتمتع البصر بجميع اجزائها ويفوت من حسنها عند الناظر بقدر ما يحتجب عنه من اجزائها والعلم هكذا من رعى فنونه بالاخذ واصاب من كل فن حظا كملت الته في العلم. قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في صيد خاطره جمع العلوم ممدوح من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار. ويقول شيخ شيوخنا محمد ابن مانع في ارشاد الطلاب. ولا ينبغي الفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه ولا يسوغ له ان يعيب العلم ما الذي يجهله ويزري بعالمه فان هذا نقص مرضية فالعاقل ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بحلم والا دخل تحت القائل اتاني ان سهلا ذم جهلا علوما ليس يعرفهن سهل علوما لو قرأها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهل انتهى كلامه وانما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد اصلين احدهما تقديم الاهم فالمهم مما يفتقر اليه المتعلم في القيام في وظائف العبودية لله عز وجل سئل مالك بنس ما مدار الهجرة عن طلب العلم فقال حسن جميل ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح تمسي فالزمه. قال ابو عبيدة معمر ابن المثنى من شغل نفسه بغير المهم اضر بالمهم. وقدم الاهم ان العلم جم والعمر وقدم الاهم ان العلم جمع والعمر طيف زار او ضيف الم. والاخر ان يكون قصده في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فد. حتى حتى اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق طبعه منها وانس من نفسه قدرة عليه فتبحر فيه سواء كان فدا اما اكثر اما بلوغ الغاية في كل فن والتحقق بملكته فانما يهيأ له الواحد بعد الواحد في ازمنة متطاولة. ثم ينظر المتعلم فيما يمكن من تحصيلها افرادا للفنون ومختصراتها واحدا بعد واحد او جمعا لها. والافراد هو المناسب لعموم الطلبة. ومن طيار شأن الشناقطة قول احدهم وان تريد تحصيل فن تم ما هو عن سواه قبل الانتهاء مه وفي ترادف العلوم المنعجة ان توأمان استبقا لن خروج ومن عرف من نفسه قدرة على الجمع جمع وكانت حاله استثناء من العموم ومن نواقض هذا المعقد المشاهدة الاحجام عن تنوع العلوم والاستغفار ببعض المعارف والاشتغال بما لا ينفع مع الولع من غرائب. وكان مالك رحمه الله تعالى يقول شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه او الناس ذكر المصنف وفقه الله المعقد السادس من معاقد تعظيم العلم. وهو رعاية فنونه في اخذ اي في الاقبال على تلقيها. وتقديم الاهم فالمهم اي تقديم ما اليه حاجته ويتأكد في حقه العلم به. ثم ذكر ان الصورة المستحسنة حسنها بتمتع البصر بجمع اجزائها. ويفوت من حسنها عند الناظر بقدر ما يحتج عنه من اجزائها والعلم هكذا. اي ان الناظر الى صورة حسنة يقع له التمتع بجمال على قدر احاطته باجزائها. فاذا احاط باجزاء هذه الصورة تمتع بجمال كامل. واذا نقص حظه من الاحاطة باجزائها نقص حظه من التمتع بجماله. وكذلك العلم فان التمتع بالعلم والفرح به يكون بالاخذ بفنونه دون الاقتصار على فن واحد فيحصل له من كمال العلم وجماله ولذته بكثرة فنونه في قلبه ما الا يحصل للمقتصر على فن او فنين ثم قال من رعى فنونه بالاخذ واصاب من كل فن حظا كملت الته في العلم او قويت الته في العلم وصار معدودا من اهله. قال ثم ذكر قول ابن الجوزي جمع العلوم ممدوح اي مما يمدح به العبد ان يكون جماعا لانواع اي مما يمدح به العبد ان يكون جماعا لانواع العلوم. لان جمع العلوم يرسم صورة كاملة للعلم لان جمع العلوم يرسم صورة كاملة للعلم. فيقف على العلم وقوفا تاما حسنا يفهم به مدارك الشرع واحكامه. يفهم به مدارك الشرع واحكامه. ثم ذكر بيتا ابن الورد فيه من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار الاسرار اي ان حر النفس يأبى ان يكون جاهلا بشيء من العلم. فتحدثه نفسه بالرغبة فيه الاشراف عليه ويأبى ان يكون جاهلا بشيء منه. ثم ذكر وصيتين عظيمتين من وصايا العلامة محمد ابن مانع رحمه الله في كتابه ارشاد الطلاب. الاولى انه لا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة. والثانية انه لا يسوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله ويزري بعالمه. فاما الوصية الاولى ففي قوله ولا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة. والمراد بها الحث على الاشتغال بالعلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة على اختلاف انواعها وتعددها. وذكر اشرت ذلك بقوله اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه. اي يدرك ان في نفسه قدرة على ذلك العلم. فيقبل على تلك الانواع لما عنده من القدرة على اخذها. واما الوصية الثانية ففي قوله ولا يصوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله ويذري بعالمه. فان هذا ورذيلة اي نقص في حق المتكلم وحال رذالة له. فالنقص في جهله بذلك العلم. فالنقص في جهله بذلك العلم. والرذيلة في ازراعه بعالمه وحطه من قدره والرذيلة في ازرائه بعالمه وحطه من قدره عدوانا وظلما. ثم قال ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بحلم. فان الكلام يمدح اذا كان بعلم والسكوت يمدح اذا كان بحلم. فاذا كان الكلام بجهل والسكوت بعجز فان هذا مما يذم ويعاب. ثم قال والا دخل تحت قول القائل اتاني ان لن دم جهلا علوما ليس يعرفهن سهل سهل علوما لو دراها لو قراها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهل ومعنى قوله ما قلاها ما ابغضها. فالقلى هو البغض اي انه لو انه كان مقادير هذه العلوم وعظيم ثمراتها لما ابغض تلك العلوم. ثم ذكر ان رعاية فنون العلم تنفع اعتماد اصلين. احدهما تقديم الاهم فالمهم وبين تدريجه بقوله مما يفتقر اليه المتعلم في القيام بوظائف العبودية لله اي ان ترتيب العلوم في الاخذ يلاحظ فيه اقامة العبودية. اي ان ترتيب العلوم في الاخذ يلاحظ فيه اقامة العبودية. فيقدم المتعلم من العلم ما تشتد اليه حاجته في اقامة العبودية لله ففي مبتدأ اخذه العلم لا يفتقر الى العلوم الالية كالنحو او البلاغة او قل الفقه او مصطلح الحديث فهو شديد الحاجة لما هو في اقامة العبودية اعظم كمعرفته بتوحيد بيد الله وما يجب له من حق وما يتعلق بوضوءه وصلاته وغير ذلك من انواع العبادات التي تلزمه ابتداء. فيقدم اخذ العلوم بحسب ما يحتاج اليه منها في اقامة العبودية لله سبحانه وتعالى. وذكر قول ما لك ابن انس لما سئل عن طلب العلم فقال حسن جميل. ولكن قم انظري الذي يلزمك من حين تصبح الى حين تمسي فالزمه. اي ابتغي من العلم ما اشتد اليه حاجتك مما هو ملازم لك طول يومك. فالعبد يلازمه في طول يومه اعتقاده الصحيح واذكاره ادابه ووضوءه وصلاته وغير ذلك من احواله التي ينبغي ان يعرفها لاقامة العبودية لله فهو بطلب هذا اولى لاحتياجه الشديد اليه. ثم ذكر الاصل الاخر فقال ان يكون قصده في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فن. اي بان يأخذ من كل فن طرفا مختصرا ليكون له اطلاع على انواع العلوم. فالعلوم الاسلامية على اختلافها بعض اخذ برقاب بعض. ولا يتم العلم للمرء حتى يشرف على انواع تلك العلوم. ومما يعينه على الاشراف عليها ومعرفتها ان يأخذ في كل فن مختصرا. قال ثم اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق طبعه منها وانس من نفسه قدرة عليه. اي بارشاد شيخه. فتبحر فيه سواء كان فنا واحدا ام اكثر؟ ثم قال اما بلوغ الغاية في كل فن يعني النهاية والتحقق بملكته اي حتى فيصير ذلك العلم راسخا في النفس فانما يهيأ له الواحد بعد الواحد في ازمنة تطاوله اي ان اخذ العلوم بالاشراف على مختصراتها ممكن لجمهور الخلق اما بلوغ النهاية بتحقيق تلك العلوم والتضلع فيها فهذا يكون لاحاد من الناس يفتح الله سبحانه وتعالى لهم ابواب العلم. فلا ينبغي ان تشتغل بتحقيق مسائل العلم كلها. بل اشتغل ان تقرأ في كل فن مختصرا. فتقرأ في علم الاعتقاد مختصرا وفي علم التفسير مختصرا. وفي علم الحديث مختصرا وفي اصول الفقه مختصرا وهكذا في كل علم من العلوم الاسلامية المشهورة. وهذا المختصر قد يكون قد يكون في كتاب واحد او في كتابين او في ثلاثة ولا تحدث نفسك انك لا تفارق هذا المختصر حتى تحقق مسائله تحقيقا الغا، فهذا مما يقسو عنه اكثر الخلق. ثم ذكر بعد ذلك ان المتعلم ينظر فيما يمكنه من تحصيل العلوم افرادا للفنون ومختصراتها واحدا بعد واحد او جمعا لها. والافراد هو المناسب لعموم الطلبة ان يلتمس المتعلم في اخذه العلم الحالة المناسبة له. فتارة يناسبه الافراد. بان يقرأ مختصرا في الفقه مثلا لا يخلطه بغيره حتى يتمه. ثم ينتقل الى مختص اخر في فن اخر حتى يتمه وهكذا. ومن الناس من يمكنه ان يجمع دراسة مختصرين في فنين او اكثر من ذلك بحسب ما اعطاه الله سبحانه وتعالى من القوة. والمناسب لعموم الخلق القوى الافراد فيأخذ في كتاب حتى يتمه ثم ينتقل الى كتاب اخر فيتمه وهكذا حتى يشرف على مختصرات العلوم. ثم ذكر بيتين في الارشاد الى ذلك. وهي قول بعضهم وان ترد تحصيل فن تممه وعن سواه قبل الانتهاء مه. وفي ترادف العلوم المنعجاء توأمان استبقا لن يخرجا. ومعنى تممه اي اتمه واكمله. اي اتمه واكمله ومث كلمة زجر اي ينتهي عن ذلك. ومه كلمة زجر اي انتهي ان ذلك فلا تدخل في فن حتى تحكم هذا الفن. لعسر الجمع بين متنين في فنين مختلفين غالبا ومثل تلك الحال بقوله ان توأمان استبقا لن يخرج فشبه تلك بحال المرأة التي تضع فتدفق ولدين من بطنها فيزدحمان في خروجهما فيشق خروجهما ويعسر الامر عليها. فكذلك يكون حال من اراد الجمع بين علمين او متنين فجمهور الناس يناسبهم الافراد بان يجمعوا قلوبهم على فن واحد في كتاب واحد ثم ينتقل الى ما بعده. واذا حمل الانسان على الجمع بلا اختيار له. كالواقع اليوم في الدراسات النظامية وغيرها فانه يجري مع هذه الحال بما يناسبها لا يفارقها ولا يعظمها. فلا يفارقها بان يترك هذا الاخذ ويتهاون فيه. ولا يعظمها بان جعلها الطريق الاتم في اخذ العلم. بل الطريق الاتم هو جمع القلب على مطلوب واحد. يتمثل في كتاب واحد في فن واحد. وهذه الحال هي المناسبة لجمهور الخلق كما تقدم. الا افرادا من الخلق. فما عرف الانسان من نفسه قدرة على الجمع جمع. وكانت حاله استثناء. ثم ذكر ثلاثة امور من نواقض هذا المعقد اي مما يبينه ويخالفه. اولها الاحجام عن تنوع العلوم ايقاف النفس دون جمع العلوم فلا تتطاول نفسه الى ابتغاء الجمع بينها وثانيها استخفاف ببعض المعارف اي عدم المبالاة ببعض العلوم والمعارف لانه معرض عنها فيستخف بها والثالث الاشتغال بما لا ينفع مع الولع بالغرائب اي الاقبال على طلب ما الا ينفع العبد مع اشتداد محبته واعتنائه ورغبته بالمسائل الغرائب التي لا يحتاجها الناس وتخالف المشهور عندهم. فهذه الامور الثلاثة مما يناقض هذا المعقد ويباينه وهي مذكورة للحذر منها ومباعدتها. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقل السابع. المبادرة الى تحصيله مسن الصبا والشباب فان العمر زهرة. فاما ان تصير بسلوك معاني ثمرة واما ان تذبل وان مما تثمر به زهرة العمر المبادرة الى تحصيل العلم وترك الكسل والعجز. واغتنام سن الصبا والشباب امتثالا للامر باستباق الخيرات كما قال تعالى. فاستبقوا الخيرات وايام الحداثة فاغتنمها الا ان الحداثة لا تدوم. قال احمد ما شبهت الشباب الا بشيء كان في كمه سقط. والعلم في سن الشباب اسرع من النفس واقواك تعلقا ولصوتا. قال الحسن البصري رحمه الله العلم في الصغر كالنقش في الحجر فقوة بقاء العلم في الصغر كقوة بقاء النقش في الحجر فمن اغتنم شبابه نال اذبح وحمد عند مشيبه سرى الاغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب عند يحمد القوم السرى واضر شيء على الشباب التسويف وطول الامل فيسوف احدهم ويركب بحر الاماني ويشتغل باحلام اليقظة ويحدث نفسه ان الايام المستقبلة ستفرو له من الشواغل وتصفو من المكدرات والعوائق. والحال المنظورة ان من كبرت سنه كثرت شواغله وعظمت قواطعه مع ضعف الجسم ووهن القوى. ولن تترك الغاية ولن تدرك غايات العظمى بالتلهف والترجي والتمني. ولست بمدرك ما افات مني بلهفة ولا بنيت ولا لوني ولا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم بل هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا ذكره البخاري في كتاب العلم من صحيحه وانما يحصل التعلم في الكبر كما بينه الماء الدين في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة قواطع وتكاثر العلائق فمن قدر على دفعها عن نفسه ادرك العلم. وقد وقع هذا لجماعة من النبلاء طلبوا العلم كبارا فادركوا منه قدرا عظيما منهم الكفار الشافعي رحمه الله ذكر المصنف وفقه الله المعقل السابع من معاقد تعظيم العلم وهو المبادرة الى تحصيله. اي المسارعة الى تلقيه يكون ذلك بما ارشد اليه في قوله واغتنام سن الصبا والشباب. لان العمر زهرة فاذا اغتنم المرء زهرة عمره اثمرت واذا لم يغتنمها ذبلت ومما به زهرة العمر المبادرة الى تحصيل العلم بان يسابق اليه ويبتدأ به صغيرا فيعاجله في ايام الفتوة والحداثة. وذكر قول الشاعر وايام الحداثة فاغتنمها. الا فان الحداثة لا تدوم يعني لا تستمر مع العبد. واتبعه بقول احمد ما شبهت الشباب الا ان كان في كمي فسقط. اي انه بمنزلة شيء يجعل في كم الثوب ثم يسقط منه فهو وسريع التقظي سريع التقظي والذهاب. ثم ذكر ان العلم في سن الشباب اسرع الى ان نفسه واقوى تعلقا ولصوقا فمن بادر العلم في شبابه قوي العلم في نفسه وثبت كقوة بقاء النقص في الحجر. فمن اغتنم فمن اغتنم شبابه نال بغيته يعني حاجته وحمد عند مشيبه سراة. والسرى السير في الليل. والسرى السير في الليل. فيحمد اذا كبرت سنه اجتهاده الذي كان كأخذ المسافر في طريق الليل ساريا واشار الى هذا المعنى بقوله ان اغتنم سر الاغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم السرى. ثم ذكر مما يضر بالشباب كثيرا في اخذهم العلم. وهو التسويف وطول الامل اؤجل احدهم ويرجو انه يفرغ له الوقت فيما يستقبل. فتذهب الاماني زمانه ويفوته اغتنامه كما قال فيسوف احدهم ويركب بحر الاماني ويشتغل باحلام ام اليقظة واحلام اليقظة تركيب يراد به ما لا حقيقة له. واحلام اليقظة تركيب المراد به ما لا حقيقة له. فيقال في شيء هذا من احلام اليقظة اي لا حقيقة له. ثم ذكر ما عليه الخلق في المنظورة اي المشاهدة في واقع الناس ان من كبرت سنه كثرت شواغله وعظمت قواطعه فيعجز عن العلم لاجل هذا. ثم ذكر انه لا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم فالتعلم في الكبر ممكن. اذ المتعلم كبيرا له حالان اذ المتعلم كبيرا له حالان. احداهما ان يطلب العلم مع التقلل من الشواغل. ان يطلب العلم مع التقلل من الشواغل ومدافعة العوائق وقطع العلائق فيرجى له ادراكه وان ينال بغيته منه. والاخرى ان يطلب العلم مع الاستسلام الشواغل والعوائق والعلائق. فيعسر عليه حينئذ ادراكه العلم واخذه له فالكبير اذا قلل شواغله ودفع العوائق التي تعرض له وقطع المانعة من الاخذ وحسمها امكنه ان يحصل العلم. وفي الحديث وفي القديم والحديث من طلب العلم ثم ادركه. ومن اعظم هؤلاء رؤوس الناس. في العلم وهم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فان اكثرهم تعلم في كبره. واشار الى هذا المعنى البخاري في كتاب العلم من في صحيحه اذ قال وتعلم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كبارا فلا سن للعلم ينتهى الى الطلب فيها فاذا سألك سائل انا ابن ثلاثين او ابن اربعين او ابن خمسين او ابن ستين هل يحسن بيان يطلب ان اطلب العلم؟ فالجواب كل سن يحسن لصاحبها ان يطلب العلم. لان العلم عمل صالح فاضل لا يقدر بعمر. وادراك العبد ليس مرجعه الى سنه بل مرجعه الى قوة اقباله عليه. والصغير يكون قليل والقواطع والعلائق فتقوى نفسه عليه. اما من كبر فانه يحتاج الى قطع هذه العوارض عنه. فيتسنى له وحينئذ ان يدرك العلم. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الثامن. لزوم التاد في طلبه وترك العجلة ان تحصيل العلم لا يكون جملة واحدة اذ القلب يضعف عن ذلك. وان للعلم فيه ثقلا كثقل الحجر في يد حامله. قال تعالى انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. اي القرآن. واذا كان هذا وصف القرآن الميسر كما قال تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فما الظن بغيره من العلوم. فقد وقع تنزيل القرآن رعاية لهذا الامر لهذا الامر منجما مفرقا باعتبار الحوادث والنوازل. كما قال تعالى قال الذين كفروا لولا نزل عليهم القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا. وهذه الاية حجة في التاني في طلب العلم والتدرج فيه وترك العجلة. كما ذكره الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه والراغب الاصفهاني في مقدمة جامع التفسير. ومن شعر من شعر ابن النحاس الحلبي قوله اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تنتقط. يحصل المرء بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط قال شعبة ابن الحجاج رحمه الله اختلفت الى عمر ابن دينار خمسمائة مرة وما سمعت منه الا مائة حديث في كل خمسة مجالس حديث. وقال حماد ابن سليمان التلميذ له تعلم كل يوم ثلاث مسائل ولا تزن عليها شيئا. ومقتضى لزوم التأني والتدرج البداءة بالمتن القصار المصنفة في فنون علم حفظا واستشراحا والميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليها. ومن تعرض للنظر في المطولات فقد يجني على دينه. وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى تضييعه. ومن بدائع الحكم قول عبدالكريم الرفاعي احد شيوخ العلم بدمشق الشاب في القرن الماضي طعام كبار سن وصدق رحمه الله فان الرضيع اذا تناول طعام الكبار مهما لذ وطاب اهلكه واعطبه ومثله من يتناول المسائل الكبار من ويوقف نفسه مع ضعف الالة على خلاف العلماء وتعدد مذاهبهم في المنقول والمعقول. ذكر المصنف هو وفقه الله المعقد الثامنة من معاقد تعظيم العلم. وهو لزوم التأني في طلبه وترك العجلة. بالتدرج فيه والترقي شيئا فشيئا. وعلله بان العلم لا يحصل جملة واحدة. لان القلب يضعف عن ذلك. فللعلم في القلب ثقل كثقل الحجر في اليد. فكما يثقل شيء من الحجارة الكبيرة على حامله فكذلك يدخل العلم على القلب اذا لم يكن متهيأ له ودفعه جملة واحدة اليه دون تهيؤ منه يجعله ضعيفا عن حمله. واتفق ذلك في القرآن الكريم. فانه نزل منجما اي مفرقا باعتباره الحوادث والنوازل. ليعقل ويدرك مراد الله عز وجل في تلك الايات. وذكر وقوله تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليهم القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا. وبين ان هذه الاية حجة في لزوم التأني في طلب العلم والتدرج فيه وترك العجلة ذكره الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه والراغب الاصفهاني في مقدمة جامع التفسير فكان انزال القرآن مفرقا شيئا فشيئا على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليوعى ويدرك فيأخذ هذه الحقائق الشرعية والمقاصد الايمانية تدريجا فتثبت في القلب ثم ذكر من الشعر والنثر ما يبين هذا المعنى ويجليه. واتبعه ببيان مقتضى لزوم التأني والتدرج. وانه يكون بامرين. احدهما البداءة بالمتون ايصال المصنفة في فنون العلم حفظا واستشراحا. والاخر الميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليها. فمن اراد ان يأخذ العلم اخذا صحيحا متأنيا فينبغي ان يعمل هذين الامرين في نفسه فيقبل على المتون القصار المصنفة في انواع الفنون ويتلقاها حفظا واستشراحا ويجمع نفسه عليها ويقارن ذلك منعه نفسه عن الاقبال على مطالعة المطولات. لان المطولات مع عدم وعي مقاصد العلوم في المتون المختصرات يورد المتلقي المهالك فان المطولات تشتمل على ذخائر العلم وفنونه وصعابه مما لا يرقى اليه الا بسلم وذلك السلم هو المتون المختصرة. متى حفظها واستشرحها؟ فاذا وجدت هذه الملكة للعلم في نفسه بوعي المتون المختصرة صار عنده سلم يستطيع ان يرقى به الى الاطلاع على المطولات. فاذا اراد ان يتناول المطولات بلا سلم فهو كالمريد ان النزول من سطح عال الى الارض بلا سلم. فيسقط على ام رأسه ويتأذى بفعله. وذكر كلمة تنسب الى عبدالكريم الرفاعي احد شيوخ العلم في القرن الماضي في دمشق الشام انه كان يقول طعام الكبار سم الصغار اي ما يتقوت به كبار اهل العلم من مطالعة المطولات بمنزلة السم للصغار هذه الحال في العلم كالحال في الاكل والشرب. فالصغير الوليد اذا اردت ان تلقمه طعاما مما يأكله الكبار الارز واللحم واشباهها اضر به وربما مات. فالوليد الصغير ينشأ شيئا فشيئا ويقوى لحمه وينشأ عظمه بالحليب. فاذا قوي امكنه بعد ذلك ان يأكل ما يشاء من الطعام وهكذا الراغبون في العلم. تقوى قلوبهم على حمل العلم اذا اخذوا بالمختصرات حفظا وفهما فتحسر لهم من القوة بها ما يكون معينا لهم على فهم المطولات. والمطولات من العلم اصل مرغوب في اخذه لكن في وقته. فمن اهمل مطالعة المطولات فاته علم كثير ومن دخل في المطولات قبل وجود التها اصابه شر كبير. والحسنة بين فالمطولات لا تهمل وتلغى ولا كذلك تجعل في غير اوانها وحينها. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد التاسع الصبر في العلم تحملا واداء. اذ كل جليل من المأمورين يدرك الا بالصبر واعظم شيء تتحمل به النفس ولهذا كان الصبر والمصابرة مأمورا بهما لتحصيل اصل الايمان تارة من تحصيل كماله تارة اخرى قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا وقال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه قال احد ابن ابي كثير من تفسير هذه الاية هي مجالس الفقه ان يحصل احد العلم الا بالصبر. قال يحرم ابي كثير ايضا لا يستطاع العلم براحة الجسم. فبالصبر يخرج من معرة الجهل. قال الاصمعي رحمه الله من لم يحتمل ذلت تعليم ساعة بقي في ذل الجهل ابدا وبه تدرك لذة العلم. قال بعض السلف من لم من لم يحتمل الم التعنيم لم يذق لذة العلم ولابد دون الشهد من سم لسعة. وكان يقال من لم يركب المصاعب لم ينهي الرغائب. وصبر العلم نوعان احدهما صبر في واخذه فالحفظ يحتاج الى صبر والفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر ورعاية حق الشيخ تحتاج الى صبر والنوع الثاني صبر في ادائه وبثه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر وافهامهم يحتاج الى صبر واحتمال زلاتهم يحتاج الى صبر هذين النوعين من صدر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما لكل الى شؤو العلا وثبات ولكن عزيز في الرجال ثبات ومن يلزم الصبر يظفر بالرشد. قال ابو يعلى المنصبي المحدث اني رأيت وفي الايام تجربة للصدر عاقبة محمودة الاثر. وقل من جد في تطلبه واستصحب الصبر الا فاز بالظفر. ذكر المصنف وفقه الله المعقد التاسع من معاقد تعظيم العلم وهو الصبر في العلم تحملا واداء. والمراد بالتحمل الاخذ والتلقي المراد بالتحمل الاخذ والتلقي. والمراد بالاداء البذل والنشر. والمراد بالاداء البذل والنشر. فالمرء مفتقر الى الصبر في العلم في طرفيه. اخذا وجمعا له ثم بثا ونشرا. وكل جليل من الامور لا ينال الا بالصبر. ولهذا امر في اية كثيرة من القرآن بالصبر والمصابرة لتحصيل اصل الايمان تارة ولتحصيل كماله تارة وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا. فامر بالصبر ثم امر بالمصابرة والمصابرة هي الثبوت على الشيء مع المغالبة فيه. الثبوت على الشيء مع المغالبة فيه فيكون العبد منازعا في تصبير نفسه فهو يغالبها ثم ذكر قوله تعالى دير نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. وان يحيى ابن ابي كثير قال في تفسيرها هي مجالس الفقه فيحتاج المرء الى تصبير نفسه فيها بحبسها عليها ثم ذكر ان العلم لا يحصل الا بالصبر. وذكر من منفعته في العلم وذكر من منفعته في العلم احدهما انه يخرج به من معرة الجهل. فلا يزال الجهل عن القلب الا بالصبر. والاخر انه يدرك بصبره لذة العلم. فحلاوة العلم لذة طعمه تدرك بالصبر عليه. قال ولابد دون الشهد من سم لسعة. والشهد بفتح السين وضمها ايضا هو العسل في الشمع. والشهد بفتح الشين وضمها ايضا هو في الشمع ولابد دون تحصيل العسل من شمعه من لسعة من لسعات النحل فمن اراد ان يأخذ العسل من شمعه عدت عليه النحل بلسعاتها وكذلك معاني الامور دونها وخزات الالم. فمن ابتغى شيئا من المعالي لحقه شيء من الالم فلا بد له ان يصبر. ثم ذكر ان صبر العلم نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه به اي في تلقيه. فالحفظ يحتاج الى صبر والفهم يحتاج الى صبر. وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر ورعاية اية حق الشيخ تحتاج الى صبر. والنوع الثاني صبر في ادائه وبثه وتبليغه الى اهله. اي بين الناس. فالجلوس المتعلمين يحتاج الى صبر. فان الجالس لتعليم ناس يجد لذة في مبتدأ جلوسه. فاذا طال عليه الامد شق عليه مفارقته ما عليه عامة الناس من الانس باحوال لهم. فتتلهف نفسه على مشاركتهم فيما هم فيه من انواع اللذات التي فيها ثم قال وافهامهم يحتاج الى صبر اي ان ايضاح العلم للمتعلمين يحتاج الى صبر من المعلم ثم ذكر من الصبر عليهم احتمال زلاتهم. وانه يحتاج الى صبر لان له طبع ادمي والطالبون العلم هم من بني ادم فيقع منهم من الزلات ما ينبغي ان يصبر عليه معلم الخير فيحتمل زلاتهم ويدرك ان هذا من جنس الادمية التي خلقوا عليها فلا يستغرب صدوره منهم. ثم قال وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما عليهما وانشد بيتا له لكل الى شئو العلا وثبات ولكن عزيز في الرجال ثبات. اي كل الى غاية العلا فالشؤب هو الغاية. والوثبات جمع وثبة وهي القفزة قل وثبات جمع وثبة وهي القفزة. فكل احد يبتغي في بلوغ العلا قفزات يدرك بها ما اراد ولكن يعز في الرجال الثبات على مطلوباتهم. ولهذا اشرت بقوله في منظومة الهداية ان الثبات في الرجال عز ويغنم الرجال منه العز. معنى عز يعني قل. ثم قال ومن يلزم الصبر يظفر بالرشد اي يدرك الخير. وانشد بيتين لابي يعلى الموصي وتذكر بغير ايضا انه قال اني رأيت وفي الايام تجربة للصبر عاقبة محمودة الاثر وقل من جد في امر تطلبه استصحب الصبر الا فاز بالظفر. ومعنى قوله وقل من جد في امر تطلبه اجتهد في تحصيل امر يريده. اجتهد في تحصيل امر يريده. ومعنى واستصحب الصبر اي جعله مقارنا له اي جعله مقارنا له. فاذا قرن نفسه بالصبر فاز مطلوبه وادرك منيته. نعم احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله المعقد العاشر ملازمة اداب العلم. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه. وقلة ادبه وشقاوته وبواره. فما استجلب خير الدنيا والاخرة بمثل الادب ما نؤمن مثل قلة الادب. والمرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسب ونسب. وانما يصلح العلم من تأدى بادابه في نفسه ومع شيخه وقرينه قال يوسف بن الحسين بالادب تفهم العلم لان المتأدب يرى اهل للعلم فيبذل له وقليل الادب يعز العلم ان يضيع عنده سأل رجل بقاعي ان يقرأ عليه فاذن له البقاعي. فجلس الرجل متربعا فامتنع البقاعي من لقائه وقال له انت احوج الى الادب منك الى العلم الذي جئت ومن هنا كان السلف رحمهم الله تعالى يعتنون بتعلم الادب كما يعتنون بتعلم العلم قال ابن سيرين رحمه الله تعالى كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم بل ان طائفة منهم يقدمون تعلمهم على تعلم العلم. يا ابن اخي تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم يظهرون حاجتهم اليه قال مخرج ابن حسين ابن المبارك يوما نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم. وكانوا يوصون به ويرشدون اليه قال مالك كانت امي تعممني وتقول لي انما حرم كثير من طلبة العصر للعلم بتضييع الادب. فترى احدهم متكئا بحضرة شيخه بل يمد اليه رجليه. ويرفع صوته عندهم ولا يمتنع عن اجابة هاته الجوال او غيره فاي ادب عند هؤلاء ينالون به العلم؟ اشرف الليث ابن سعد على اصحاب الحديث فرأى منهم شيئا كانهم كرههم فقال ما هذا انتم الى يسير من الادب احوج منكم الى كثير من العلم. فماذا يقول الليث لو رأى حال كثير من طلاب العلم في هذا العصر ذكر المصنف وفقه الله المعقد العاشر من معاقد تعظيم العلم وهو ملازمة اداب العلم. واستفتحه ابن القيم في مدارج السالكين. المبين ان ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه وان قلة ادبه عنوان شقاوته وبواره. فالمرء اذا تأدب استجلب خير الدنيا والاخرة فسعد وافلح. واذا قل ادبه استجلب الشر. ففاته الخير فكان عنوانا لشقاوته وبواره اي فساده وهلاكه. ثم ذكر قول الاول والمرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسب ونسب. اي لا يرتفع الا بالادب ولا ينفعه حسبه ونسبه اذا كان قليل ادبي ثم قال وانما يصلح للعلم من تأدب بآدابه. في نفسه ودرسه ومع شيخه وقرينه اي لا يكون صالحا للعلم الا المتأدب بالاداب على اختلاف متعلقاتها في والدرس ومع الشيخ والقرين. وذكر قول يوسف ابن ابن الحسين بالادب تفهم العلم ثم بين وجهه فقال لان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبذل له. وقليل الادب يعز العلم ان يضيع عنده. اي ان المتعلم اذا اي ان المعلم اذا رأى متعلما متأدبا اجتهد في تعليمه وبالغ في تفهيمه. واذا رآه قليل الادب زوى العلم عنه ومنعه منه ويراد به ايضا ان الله سبحانه وتعالى يجعل للمتأدب من قوة الادراك للعلم ما لا يجعله الى ما لا يجعله لقليل الادب فان ادب العبد عنوان صلاحه كما تقدم. ومما يهبه الله سبحانه وتعالى لاهل الصلاح ان يمكنهم من احراز مطلوباتهم ومن جملتها العلم ادب العلم يحصل لطالبه المعونة من الله توفيقه اليه. ومن المعلمين تفهيمه وتقريب العلم له. ثم ذكر ان السلف كانوا يعتنون بالادب كما يعتنون بتعلم العلم بل ان طائفة انهم يقدمون تعلمه على تعلم العلم وكانوا يظهرون حاجتهم اليه. وهذه المشاهد الثلاثة تدل على شدة الحاجة الى الادب وان متلقي العلم يحسن به ان يهتم بتعلم الادب كما يهتم بتعلم العلم. وان من السلف من كان يقدم اخذ الادب على اخذ العلم. وذكر من احوال في اظهار شدة افتقارهم قول مخلد ابن الحسين رحمه الله لابن مبارك يوما نحن الى كثير من الادب احوج من الى كثير من العلم ان اي ان العبد يحتاج الى الادب اكثر من حاجته الى العلم. لان انتفاعه بالعلم لا يكون الا مع الادب. فاذا اول في العلم ولا ادب له لم ينتفع بالعلم. ثم ذكر المصنف ان تضييع الادب هو السبب الاعظم في حرمان كثير من طلبة العلم في هذا الزمان لهم رغبة في طلبه وسعيا في اخذه. وتمضي المدة باحدهم فلا يبلغ مراده منه او يدرك منه شيئا يسيرا واعظم شيء يحول بينهم وبين الوصول الى ما يريدون من العلم هو عدم التأدب باداب اهله وذكر المصنف من الاحوال المخالفة للادب ما يقع كثيرا من بعض من يطلب العلم انه يلتمسه وتأخذ وترى منه تلك الاحوال المرذولة. فحينئذ لا يمكن من اخذه. ثم ذكر حالا من احوال من تقدمنا وهي فينا اكد واعظم اذ قال اشرف الليث ابن سعد على اصحاب الحديث اي طلاب العلم فان العلم في السلف هو الحديث. فرأى منهم شيئا كانه كرهه فقال ما هذا؟ اي ما هذا امر الذي انتم فيه. ثم قال انتم الى يسير من الادب احوج منكم الى كثير من العلم. اي ان انكم تفتقرون الى شيء اي انكم تفتقدون الى شيء قليل من الادب ينفعكم اكثر مما تلتمسونه من العلم وترغبون فيه. فالعلم مع الادب فيه خير كثير. والعلم بلا ادب فيه شر كثير ثم قال المصنف فماذا يقول الليث لو رأى حال كثير من طلاب العلم في هذا العصر اي لمباينة حالهم لحالنا فمن بصر باحوال المتعلمين في الازمنة المتأخرة وقارنها بما كان عليه الاوائل رأى بونا بين اولئك واولئك وهؤلاء في ادب العلم. نعم. احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله المحقد المعقد الحادي عشر صيانة العلم عما يشين مما يخالف المروءة ويخرمها من لم يصن العلم لم يصنه العلم. قاله الشافعي رحمه الله ومن اخل بالمرور من وقوعه فيما يشين فقد استخف بالعلم. فلم يعظمه ووقع في البطالة فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه. قال وهب ابن منبه رحمه الله لا يكون البطال من الحكماء لا يدرك العلم بطال ولا كسل ولا ملول ولا من يألف البشر وجماع المروءة كما قال ابن تيمية الجدرة رحمه الله في المحرر وتبعه حفيده في بعض فتاويه استعمال ما يجملهم ويزينه وتجنب ما يدنسه ويشينه قيل لابي محمد سفيان تنبضت من القرآن كل شيء فاين المروءة فيه؟ فقال في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين ففيه المروءة وحسن الادب وما الاخلاق ومن الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة وما يحمل عليها وتنكبه خوارمها التي تخل بها كحلق لحيته من الشافعية وابن عابدين من الحنفية او كثرة التفات في الطريق وعده من خوارمها ابن شهاب الزهري وابراهيم النخاعي من المتقدمين او مد اليه في مجمع الناس من غير حاجة ولا ضرورة داعية وعده من خوارم الخوارج من الخوارم جماعة منهم ابو بكر الطرطوشي من المالكية وابو محمد ابن قدام ثواب الوفاء ابن عقيل من الحنابلة او صحبة الاراضين والفساق والمجان والبطالين وعدهم من خوارم المروءة جماعة منهم ابو حامد الغزالي وابو بكر وابو بكر ابن الطيب من الشافعية والقاضي عياض يحفظه من المالكية او مصارعة الاحداث والصغار وعده من الخوارج من الحنفية ومن اخل بمروءته وهو ينتسب الى العلم فقد افتضح عند الخاص والعام ولم ينل من شرف العلم الا الحطام. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الحادي عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو صيانة العلم عما يشين. اي حفظه وحمايته عما يقبح اي حفظه وحمايته مما يقبح ثم بين المشين المقبحة فقال مما يخالف المروءة ويخدمها. فكل شيء خالف المروءة وكرمها فان العلم يحفظ ويحمى عنه. واستفتى فتح بيان هذا المعقد بالكلمة المأثورة عن الشافعي انه قال من لم يصن العلم لم يصنه العلم اي من لم يحفظ العلم مكرما له فان العلم لا يحفظه فلا يصيب حظه منه. ثم ذكر ان من اخل بالوقوع فيما يشين فقد استخف بالعلم فلم يعظمه ووقع في البطالة فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه فيخرج من اسم العلم والحكمة الى اسم البطالة والمجانة. وذكر قول وهب بن منبه ان رحمه الله وهو احد التابعين لا يكون البطال من الحكماء. اي لا يكون الماجن المشتغل بالباطل من اهل الحكمة والعلم اي لا يكون الماجن المشتغل بالباطل من اهل الحكمة والعلم. ثم بيتا في ذلك واتبعه ببيان حقيقة المروءة نقلا عن ابن تيمية الجد وحفيده ابي العباس ابن تيمية انهما ذكر حدها فقال استعمال ما يجمله ويزينه وتجنب ما يدنسه ويشينه. فمدار المروءة على امرين احدهما استعمال المجمل المزين فمدار المروءة على شيئين احدهما استعمال المجمل المزين. والاخراج اجتناب المدنس والاخر اجتناب المدنس المشين. والمدنس اي الموسخ. ثم ذكر استنباط بمحمد سفيان ابن عيينة رحمه الله المروءة من القرآن في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. فقوله تعالى وامر بالعرف اي ما تعارف عليه الناس من انواع الكمالات في احوالهم. ثم قال ومن من الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة. اي اتصافه بها. قال وما يحمل عليها وتنكبه التي تخل بها. والخوارم جمع خرم وهو الشق. والخوارم جمع خرم هو الشر. وخوارم المروءة مفسداتها. لانها تشقها وتذهب بها. وخوارم المروءة مفسدات لانها تشقها وتذهب بها. ثم ذكر جملا مما يخل بالمروءة مأثورا عن اهل العلمي كحلق اللحية او كثرة الالتفات في الطريق او مد الرجلين في مجمع الناس من غير حاجة ولا ضرورة داعية او صحبة الاراذل والفساق والمجان والبطالين او مصارعة الاحداث والصغار. فكل هؤلاء مما والمروءة وينبغي ان يتجافاه ملتمس العلم ويحذر منه لانه يذهب بمروءته ومنها ما هو محرم شرعا ومنها ما ليس محرما لكنه يذهب بالمروءة. ثم قال ومن اخل بمروءته وهو ينتسب الى العلم فقد افتضح عند الخاص والعام اي بان عواره وظهرت عورته بين الناس لاخلاله المروءة ثم قال بعد ولم ينل من شرف العلم الا الحطام اي لا يصل الى ما ما يبتغيه من العلم وانما يصيب من العلم شيئا يسيرا بمنزلة فتات الطعام اي المتساقط منه. فمن قلت مروءته قل علمه. ومن عظمت نبوته اجدر ان يصيب من العلم ما ابتغاه. فينبغي لطالب علم ان يتحلى بالمروءة ويتفهم خصالها وان يحذر من خوارمها التي تذهب بها. وهذا اخر بيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته بعد صلاة العصر مباشرة ان شاء الله تعالى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين