السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الدين مراتب ودرجات. وسير للعلم به اصول ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله بن عمر عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما انه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء اه ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين. في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون. وبيان معانيها الكلية ومقاصدها الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم. وهذا المجلس الثاني في شرح الكتاب الاول من برنامج مهمات العلم في السنة الحادية عشرة احدى واربعين واربعمائة والف. وهو كتاب تعظيم العلم لمصنفه صالح بن عبدالله حمد العصيمي وقد انتهى بنا البيان الى قوله المعقد الثاني عشر. نعم. الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين اجمعين. قلتم الله في مصنفكم تعظيم النعيم. المعقد الثاني عشر انتخاب الصحبة الصالحة له. فالانسان مدني بالطبع واتخاذ الزبين لازمة في نفوس الخلق فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره من الطلاب لتعينه هذه المعاشرة على تحصيل العلم والاجتهاد في طلبه والزمالة في العلم ان سلمت من الغبائل نافعة في الوصول الى المقصود ولا يحسن بقاصد العلا الا انتخاب صحبة صالحة تعينه فان للخليل في خليله اثرا. قال ابو داوود والترمذي وسياق لابي داوود حدثنا ابن بشار قال حدثنا ابو عامر وابو داود كلاهما قال حدثنا زهير ابن محمد قال فحدثني موسى بن وردان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالله يقول الراغب الاصفاني وليس اعداء الجليس لجليسه بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر اليه. لا تصحب الكسلان في حالاته كم صالح فساد اخر يفسد عدوى البريد الى الجليد سريعة كالجمر يوضع في الرماد فيخمد. والجليد هو الجاد الحازم وانما يختار الصحبة من يعاشر للفضيلة لا للمنفعة ولا للذة. فان عقد المعاشرة يبرم على هذه المطالب الثلاثة الفضيلة والمنفعة واللذة كما شيخ شيوخنا محمد الخضر بن حسين في رسائل الاصلاح فانتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به. قال ابن مسعود رضي الله عنه اعتبروا الرجل بمن يصاحب فانما يصاحب الرجل من هو مثله وانشد ابو الفتح المستنير لنفسه اذا ما اصطنعت امرأ فليكن شريفا زكي الحسب فنذ الرجال كنذل النبات فلا للثمار ولا للحطب. ويقول ابن مانع رحمه الله في ارشاد الطلاب وهو يوصي طالب العلم احذروا كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة وسيء السمعة والاغبياء والبلداء. فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان وكأن هذا عين قول سفيان ابن عيينة رحمه الله تعالى اني لاحرم جلساء الحديث الغريب لموضع رجل واحد ثقيل فقد يحرم المتعلم العلم لاجل صاحبه فاحذر هذا الصنف وان تزيى بزي العين فانه يفسدك من حيث لا تحس. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثاني عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو انتخاب الصحبة الصالحة له. اي اختيار صفوة من الخلق يصحبهم فيه. اي اختيار صفوة من الخلق يصحبهم فيه فالانتخاب هو الاختيار. والداعي الى اختيار تلك الصحبة في العلم هو المذكور في قوله الانسان مدني بالطبع اي مفتقر الى غيره في شد ازره وتقوية نفسه في تحصيل مصالحه العاجلة والاجلة. واصل هذا في كتاب الله قوله تعالى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. اي لتحصل بينكم المعرفة فتتحقق بمعونة بعضكم بعضا مصالحكم التي تريدون في العاجل والاجل. ثم ذكر ان اتخاذ ضرورة لازمة في نفوس الخلق. فالمرء مفتقر الى من يؤانسه ويشاركه في مطلوبه ويجد نفسه مضطرا الى الموانس المشارك له. ثم قال والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود. فالرفقة في العلم معينة على تحصيله نافعة الى الوصول الى المقصود منه بشرط السلامة من الغوائل اي العوادي المفسدة لها. اي العوادي المفسدة لها. التي متى وجدت اغتالت تلك المنفعة فذهبت بها كتزين بعض الرفق لبعض او محاباة بعضهم بعضا او ترك قيام بعضهم بامر غيرهم وهكذا. فاذا وجد شيء من تلك الغوائل فسدت رفقتهم في العلم. ثم قال ولا لا يحسن بقاصد العلا اي المطالب العالية. ومن جملتها العلم قال الا انتخاب صحبة صالحة تعينه وعلله بقوله فان للخليل في خليله اثرا. اي ان للزميل في زميله اثرا ثم ذكر اصل هذا من السنة وهو حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. رواه ابو داوود والترمذي وهو حديث فالرجل اذا اتخذ من الخلق خليلا يركن اليه ويثق به انطبعت صورة ذلك الخليل في نفسه. وسرت الى روحه ما في روح ذلك الخليل. من صلاح او فساد فانفع اخلاء العبد هو من كان موحدا لله متبعا رسوله صلى الله عليه وسلم كان الحال حسن الصورة في باطنه. ثم ذكر من المنقول عن الاوائل نضما ونثرا ما يبين اثر الجليس في جليسه. ثم بين الاواصر التي تنعقد بها الصحبة. اي الروابط التي اذا وجدت وصلت بين اثنين فاكثر. فالناس يتصاحبون لواحد من ثلاثة مطالب المطلب الاول صحبة الفضيلة. والمطلب الثاني صحبة المنفعة والمطلب الثالث صحبة اللذة. فتنعقد رابطة بين اثنين او اكثر من الناس تارة لمنفعة يرجوها احدهم من الاخر. وتارة للذة تكون بينهم وتارة لفضيلة يجتمعان عليها. وارفع هذه الصلات وانفعها ان يصل غيره باصرة الفضيلة. ولهذا قال فانتخب صديق فضيلة زميلا فانك تعرف به اي تتميز عن غيرك بصحبته واجتماعك معه على تلك الفضيلة الشريفة ثم ذكر من المنقول عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله اعتبروا الرجل بمن يصاحب استدلوا عليه واعرفوه بمن يصاحبه. قال فانما يصاحب الرجل من هو مثله اي ان الناس تجري احوالهم بمصاحبة الموافقين لهم. كما تقدم في قول ما لك ابن دينار عند ابن بطة في الابانة الكبرى انه قال الناس كاسراب القطا مجهولون على تشبه بعضهم ببعض انتهى كلامه. ومن جملة هذه الجبلة ان الناس يميزون ان الناس يميلون الى من مشاكلهم من الخلق. فالموحد يميل الى الموحد والسني يميل الى السني والمطيع تميل الى المطيع وضد ذلك بمثل ذلك. فالمشرك يميل الى المشرك والمبتدع يميل الى المبتدع. والعاصي يميل الى العاصي فمن صحب اهل الفضائل الكاملة من التوحيد والسنة والطاعة فهو منهم ومعهم ومن اهل الرذائل الساقطة من الشرك والبدعة والمعصية فانه منهم ومعهم ثم ذكر لابي الفتح البستي انه قال اذا ما اصطنعت امرأ فليكن شريف النجار زكيا الحسب فندل الرجال كندل اسفل للثمار ولا للحطب. والنجار بكسر النون وتضم ايضا هو الاصل وهدان البيتان حث على تخير الاصحاب الصالحين للصحبة الذين يكونوا احدهم شريف الاصل زكيا الحسب من اهل الشرف والمروءة. مباعدا اهل السفاسف والسفالة والرذائل. ثم ذكر من كلام ابن مانع رحمه الله وصيته طلاب العلم في في قوله ويحذروا كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة. وسيء السمعة والاغبياء والبلداء فان خالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان. انتهى كلامه. فالمرء اذا صحب ممسوسا بسفه او نون او مجون او وقاحة او قلة ادب ان جذب الى حال من صحب فانطبع بما هو عليه عليه وتسلل الى نفسه تلك الاخلاق الرذيلة التي هي فيه. ثم ذكر قول سفيان ابن عيينة اني لاحرم الحديث الغريب. يعني الحديث الذي يستفاد لعلوه او محل معناه. يعني الحديث الذي يستفاد لعلوه او محل معناه وهذا من معاني الغريب في عرف المحدثين قال اني لاحرم جلسائي الحديث الغريب لموضع رجل واحد ثقيل. اي يمنعهم رواية حديث نافع لهم لما يراه منهم من صحبة من لا يستحق العلم. فلما يقارن هذا ويحضرون معه مجلس سماع الحديث عنده حجب عنهم ما هم محتاجون اليه من العلم. تأديبا لهم بمفارقة هؤلاء والا يصحب مبتغي العلم الا من يفرح برؤيته معه من اهل الصدق في الطلب والمحبة له فانه اذا حضر معه ومثل هذا مجالس العلم قويت نفوس المعلمين على بذله له. وان صحب اهل الرذالة وقلة الادب والوقاحة وقارنهم في حضور مجالس العلم عند شيوخه كره شيوخه منه ذلك ومنعوه من ما ينفعه لينفر من صحبة هذا واحضاره مجالس العلم. نعم. احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله المعقد الثالث عشر بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه. للتلقيه عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له. ومذاكرة به وسؤاله فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه والاشتغال به. فالحفظ خلوة بالنفس والمذاكرة جلوس الى القرين والسؤال اقبال على العالم فبالحفظ مقرر العلم في القلب. وينبغي ان يكون جل همة الطالب مصروفا الى الحفظ والاعادة. كما يقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد ولم يزل العلماء الاعلام يحضون على الحفظ ويأمرون به. قال عبيد الله بن الحسن وجدت احضر العلم منفعة ما وعيته بقلبي ولقته بلساني سمعت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله يقول حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأناه ليس بعلم ما حوى القمط بل علم الا ما حواه الصدر. والمتلمس للعلم لا يستغني عن الحفظ ولا يجمل به ان يخلي نفسه منه. واذا قدر على ما كان يصنع ابن الفرات فليأخذ به. فقد كان لا يترك كل يوم اذا اصبح ان يحفظ شيئا وان قل. ومن عقل هذا المعنى لم يزل من الحفظ في ازدياد فلا ينقطع عنه حتى الموت كما اتفق ذلك ابن مالك رحمه الله صاحب الالفية النحوية فانه حفظ في يوم موته خمسة شواهد وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس ويقوى تعلقه بها. والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران. وقد امرنا بتعاهد القرآن الذي هو ايسر العلوم. قال البخاري محدثنا عبد الله ابن موسى قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل قال ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. ورواه مسلم من حديث ما لك به نحوه. قال ابن عبدالبر في كتابه التمهيد عند هذا الحديث. واذا كان الميسر للذكر كالابل المعقدة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم؟ وكان الزهري رحمه الله يقول انما يذهب العلم النسيان وترك الهدى وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه. قال الزهري انما هذا العلم خزائن وتفتتحها المسألة. وحسن المسألة نصف العلم. والسؤالات المصنفة كما احمد المظوية عنه برهان جلي على عظيم منفعة السؤال. وقلة الاقبال على العالم السؤال اذا ورد على بلد تكشف مبلغ العلم فيه. فهذا سفيان يقدم عسقلا فيمكث ثلاثا لا يسأله انسان عن شيء. فيقول رواد ابن جراحي احد اصحابه اكتر لي اخرج من هذا البلد. هذا بلد يموت فيه فمن لقي شيخا فليغتنم مقامه بالسؤال عما يشكل عليه ويحتاج اليه. لا سؤال متعنت ممتحن. وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته. فالحفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثالث عشر من معاقد تعظيم العلم وهو بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه. مبينا ثلاثة اصول في اخذ العلم. احدها احفظوا العلم اي حفظه وهذا لا يكون الا بكلفة وتعب. ولهذا جاء به على هذا بناء فقال تحفظ العلم. وثانيها مذاكرته اي مدارسته مع الاقران وثالثها السؤال عنه اي الاستفهام عنه. ثم افاض يبين ذلك مستفتحا كلامه بما يتعلق بالحفظ ذاكرا منفعته. ثم بين منزلة هؤلاء الثلاث فقال اذ تلقيه يعني العلم عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له ولا بلا حفظ له ومذاكرة به الن عنه فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه. والاشتغال به. ثم ذكر منفعة الحفظ فقال فبالحفظ يقرر العلم في القلب. اي يثبت فيه ويكون راسخا فلا بقاء للعلم في القلب الا بالحفظ. وذكر مما ذكر في مدحه قول عبيد الله بن الحسن وجدت احضر العلم منفعة. اي اسرعه حضورا في النفع اي اسرعه حضورا في النفع. ما وعيته بقلبي. اي ما اتقنته وضبطته بقلبي اي ما اتقنته وضبطته بقلبي. حافظا له. ولقته بلساني. اي حركت به لساني متحفظا له. اي حركت به لساني متحفظا له. فمن قواعد العلم ان من اراد حفظ شيء منه رفع صوته به فانه اوثق في تمكن الحفظ. فالحفظ يستجلب الى القلب بالتين. في الحفظ يستجلب الى القلب بالتين احداهما الة العين بالنظر في المحفوظ. الة العين بالنظر في المحفوظ. والاخرى الة الاذن بسماع المحفوظ الة الاذن بسماع المحفوظ. فاذا اردت شيئا فانظر اليه وارفع صوتك به اذا اردت حفظ شيء فانظر اليه وارفع صوتك به. فتجتمع الالتان المذكورتان على ايصاله الى القلب فيكون اقوى ثبوتا ولصوقا به. ثم ذكر قول ابن عثيمين رحمه الله حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا. ثم بيت الخليل ابن احمد ليس بعلم ما حوى القمطر ما العلم الا ما حواه الصدر. والقنطر بكسر القاف وفتح الميم وعاء تجعل فيه الكتب. وعاء تجعل فيه الكتب. حفظا لها بمنزلة الحقيبة المعروفة اليوم. بمنزلة الحقيبة المعروفة اليوم. فاعظم العلم هو ما كان في الصدر محفوظا فيه. ثم ذكر ان المتلمس للعلم لا يستغني عن الحفظ ولا يجمل به ان يخلي نفسه منه اذا قدر على ما كان يصنع ابن الفرات بل يأخذ به. فقد كان لا يترك كل يوم اذا اصبح ان يحفظ شيئا وان انتهى كلامه. فاكملوا الاحوال لمبتغي الحفظ ان يلازمه. فيبقى دائم الرغبة فيه مجتهدا في حفظ شيء منه كل يوم ولو قل فان دوام هذه الرياضة القلبية في النفس يجعل العبد قادرا عليها ولو شاخ وهرما. فان قدرة العبد المتعلقة بعقله لا تذهب الا العقل ومن ادوات هذه القدرة الحفظ. فيبقى الحفظ مع الكبير الا انه يضعف ما لم يكن له في مدة حياته السابقة. كالمتفق لابن مالك الاندلسي رحمه الله صاحب الالفية انه حفظ في يوم موته اي مع مرضه وعلته خمسة شواهد لم يكن يحفظها من قبل. فبقيت نفسه تائقة للحفظ راغبة فيه قادرة عليه لانه كان يتعاهدها برياضة الحفظ فيديمها ويتناولها في احواله كلها ومما يحول بين مبتغي العلم والحفظ افتان عظيمتان. ومما يحول بين مبتغي العلم والحفظ افتان عظيمتان الاولى ترك رياضة القلب في الحفظ. ترك رياضة القلب في الحفظ فان الحفظ قوة تؤخذ شيئا فشيئا. فان الحفظ قوة تؤخذ شيئا فشيئا ويدرب القلب فيها. في حفظ شيئا يسيرا ثم يتبعه بعد مدة بزيادة شيء اخر. فاذا دام هذا منه قوي قلبه على الحفظ اما من لا يروض لا يروض قلبه على الحفظ ويريد ان يكون حافظا من اول وهلة فهذا يثقل الامر على قلبه فينقطع قلبه عن الحفظ. كمريد ان يرفع ثقلا عظيما وهو لا يقدر على رفع عسره اصلا فيبادر الى رفع هذا الثقل بنتله بيده فتتمزق عضلاته ولا يقدر بعد ذلك على ما هو ايسر منه فكذلك القلب اذا هوجم بمحفوظ ثقيل ابتداء بلا رياضة للقلب فانه يدخل عليه الحفظ وينقطع عنه. فينبغي ان يدرجه ملتمس العلم. بان يبتدأ بحفظ شيء قليل ثم يلازمه مدة ثم اذا وجد قوة قلبه زاد على ذلك. كمبتدئ حفظ القرآن يحفظ شيئا من القرآن يسيرا كايات معدودات او نصف وجه اذا كانت له قدرة على ذلك او ما هو اقل منه ثم بعد مدة يزيد في المحفوظ في قدره اذا وجد من نفسه قدرة فاذا داوم هذا انتهت نفسه الى القوة على حفظ لم يكن قادرا عليه ابتداء. ومن اللطائف المتعلقة بهذا المبينة اهمية هذه الرياظة ما ذكره ابو هلال العسكري في كتابه الحث على حفظ العلم انه اخبر عن حاله انه كان لا يقدر على حفظ الشيء اليسير من الشعر. فلم يزل يروض نفسه على الشعر ويتحفظه شيئا فشيئا ويزيد من المحفوظ حتى امكنه ان يحفظ قصيدة وحشية الالفاظ لرؤبة ابن العجاج الراجز المعروف في ثلاث مئة بيت في سحر واحد اي في مدة يسيرة من الليل قبل الفجر فامكنه ان يصل الى هذه المرتبة برياضة قلبه وتدريجه شيئا فشيئا في المحفوظ. والافة الثانية استطالة الطريق والاستعجال في اخذ العلم. استطالة الطريق والاخذ في استطالة والاستعجال في اخذ العلم. فتجد احدهم اذا احب العلم ومال اليه هجم على محفوظاته. فبادر الى الشروع في محفوظ من المحفوظات التي تذكر. ثم حدث نفسه بمحفوظ اخر لانه سمع من يثني عليه من اهل العلم ثم رأى محفوظا ثالثا فرغب في حفظه. فيريد الاستعجال في حفظ هذه المحفوظات مستطيلا طريق العلم وانه متى لم يفعل هذا فانه لا يقدر على بلوغ مقصوده منه فيقع في ضد ما اراد اذ من استعجل شيئا قبل اوانه عوقب بحرمانه. ومن بدائع ابن القيم قوله من استطال الطريق ضعف مشيه. من استطال الطريق ضعف مشيه. انتهى كلامه. اي ان العبد اذا سلك طريقا من طرق مطلوباته المعنوية او الحسية ثم رأى الطريق طويلا فانه يضعف سيره عنه هؤلاء المتعاطون الحفظ مع الاستعجال. والنظر الى ما يكون اليه المآل. والرغبة في الوصول الى العلم في اقصر مدة يستيطلون طريق التدرج في المحفوظات شيئا فشيئا فيرغبون في الاسراع والعجلة فيفوتهم الحفظ ويعجزون عنه. ثم ذكر المصنف منفعة المذاكرة فقال مذاكرتي تدوم حياة العلم في النفس ويقوى تعلقه بها وبين معنى المذاكرة بقوله والمراد بالمذاكرة مدارسة اقران اي بان تجتمع مع زميل لك فتتذاكران مدارسة بينكما ما تلقيتم وما هو من العلوم حفظا او فهما. ثم ذكر ان اصل المدارسة هو الامر بتعهد القرآن الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم انما مثل صاحب الابل انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل معطلة اي المقيدة الموثقة بالحبال. ان عاهد عليها امسكها. اي ان راقبها واحاطها بعنايته امسكها وان اطلقها اي باهمالها والغفلة عنها ذهبت. واذا كان هذا في القرآن الذي هو اصل العلم فكيف بسائر العلوم؟ فهي اولى بملاحظتها بالمذاكرة مع الاقران. ثم ذكر من السؤال فقال وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه. فخزائن العلوم صدور العلماء فخزائن العلوم صدور العلماء. ومما تستفتح به تلك الخزائن. سؤال العلماء عن العلم فاذا سألت عالما فقد شرعت في فتح خزانة من خزائن العلم. وذكر قول الزهري انما هذا العلم وتفتتحها المسألة اي تفتح الخزانة للملتمس العلم بسؤاله اشياخه عنه فيحوز بذلك خيرا كثيرا. ثم قال وحسن المسألة نصف العلم. اي من كان حسن السؤال ادرك بحسن سؤاله نصف العلم. ثم بين ان قلة الاقبال على العالم بالسؤال اذا ورد على بلد تكسب مبلغ العلم فيه. فمن طرائق اقتباس اقتباس العلم. سؤال الاشياخ الواردين على بلد اذ قد يعجزون عن الجلوس لاقراء شيء من فنونه او متونه. فيلتمس مبتغي العلم منهم شيئا ينفعه فيه بسؤالهم. واذا رأيت اهل بلد لهم رغبة في سؤال علمت ان العلم فيهم منتعش ظاهر قوي. واذا رأيت العالم يدخل بلدا من الحوائج ومقصد من المقاصد ولا يتمكن من الجلوس فيه للتعليم ثم لا ينتفع منه بسؤاله فاعلم ان العلم في هذا البلد قليل بضاعته كاسدة. ثم قال فمن لقي شيخا فليغتنم لقاءه بالسؤال عما يشكل عليه ويحتاج اليه لا سؤال متعنت ممتحن. اي يتخير الاسئلة التي ينتفع بها تعلما ولا يلقي من اسئلة ما يكون امتحانا ثم ختم هذا المعقد بقوله وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقي وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته فالحفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته انتهى كلامه فاذا حفظت العلم غرزته في قلبك. واذا ذاكرته اجريت ماء السقيا عليه واذا سألت عنه نميته وكثرته في نفسك. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد الرابع عشر اكرام اهل العلم وتوقيرهم ان فضل العلماء عظيم ومنصبهم منصب جليل لانهم اباء الروح فالشيخ اب للروح كما ان الوالد للجسد وفي قراءة ابي بن كعب رضي الله عنه ان النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم والابوة المذكورة في هذه القراءة ليست قوة النسب اجماعا وانما هي الابوة الدينية الروحية فالاعتراف بفضل المعلمين حق واجب. قال شعبة ابن الحجاج رحمه الله كل من سمعت منه فانا له عبد واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد ابن علي القدفوي فقال اذا تعلم الانسان من العالم ما استفاد منه فوائد قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون. ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله عز وجل فتاه لذلك وقد امر الشرع برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. قال احمد في المسند حدثنا هارون قال حدثنا ابن ابي قال حدثني مالك ابن خير الزيادي وعن ابي المعافرين عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف عالمنا حقه امسك ابن عباس رضي الله عنهما يوما بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه فقال زيد اتمسك لي وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس رضي الله عنهما ان هكذا نصنع بالعلماء. ونقل ابن حزم الاجماع على توقيع العلماء واكرامهم. والبصير بالاحوال السلفية يقف على احوالهم في توقيع علمائهم فقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا جلسوا اليه كأنما على رؤوسهم الطير لا يتحركون وقال محمد ابن سيرين رأيت عبد الرحمن اما بليلة واصحابه يعظمونه ويسودونه ويشرفونه مثل الامير. فقال يحيى المنصري رأيت ما لك ابن انس غير مرة. وكان باصحابه من الاعظام لو واذا رفع احد صوته صاحوا به فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل. التواظع له والاقبال عليه وعدم ومراعاة ادب الحديث معه اذا حدث عنه عظمه من غير غلو بل ينزله منزلته من حيث اراد ان يمدحه وليشكر تعليمه ويدعو له وليظهر الاستغناء عنه ولا يظهر الاستغناء عنه ولا يؤذيه بقول او فعل وليتلطف في تنبيهه على خطأه اذا وقعت منه زلة ومما تناسب الاشارة اليه هنا باختصار وجيد معرفة واجب ازاء زلة العالم وهو ستة امور. الاول التثبت في صدور الزلة منه والثاني التثبت في كونها في كونها خطأ وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها والثالث ترك اتباعه فيها رابع التماس العذري له بتأويل سائغ. والخامس بذل النصح له بلطف وسر لا بعنف وتشييد. والثالث حفظ جنابه فلا تهدر كرامته في قلوب ومما يحذر منه مما يتصل بتوقيع العلماء ما صورته التوقير ومآله الاهانة والتحقير كالازدحام على العالم والتضييق عليه والجائه السبل فما مات هشيم ابن بشير الواسطي رحمه الله المحدث الثقة الا بهذا فقد ازدحم اصحاب الحديث عليه فطرحوه عن حماره ان سبب موتي ذكر المصنف وفقه الله المعقد الرابع عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو اكرام اهل العلم وتوقيرهم. اي اجلالهم واكبارهم. لما لهم من الفضل العظيم منصب الجليل فهم اباء الروح. فالشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد. والابوة روحية هي الابوة في تلقي العلم. والابوة الروحية هي الابوة في تلقي العلم قال ابن تيمية الحفيد الشيخ والمعلم والمؤدب اب للروح. الشيخ هو المعلم والمؤدب اب للروح والوالد اب للجسد. والوالد والوالد اب للجسد. انتهى كلامه. ذكره عنه صاحبه ابن القيم في مدارج السالكين. ومقصوده هو وغيره ممن يثبت الابوة الروحية اعظام قدر المعلم. وان له حقا ولا يجعلون طاعته كطاعة فحق الوالدين اعظم وطاعتهم اجل. لكن للعالم والشيخ والمؤدب حظ من الابوة وهي ابوة الروح باسداء الخير وتعليم العلم. فيكون له حق فيها. ثم ذكر عن شعبة قوله كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد. اي انا له ممتن حتى اصير بمنزلة المملوك له اي انا له ممتن اي مقر بالمنة اي مقر بالمنة وهي النعمة حتى اصير بمنزلة المملوك له. فانه ملكه بما اسدى له من الخير في تعليمه ذكر استنباط هذا المعنى من القرآن في كلام محمد ابن علي الاجفوي انه قال اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له عبد. قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن مملوكا له انما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فتاه لذلك. انتهى كلامه. ثم بين ان الشرع امر اية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. وذكر حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي. وذكر افرادا منها قوله ويعرف لعالمنا حقه فالعالم له حق اثبتته الشريعة. لما له من القيام على حفظ الدين وايصال الخير للناس. فلاجل فضيلة ما هو عليه من العمل جعلت الشريعة له حقا يطلب من الناس اداؤه ثم ذكر من المأثور عن الصدر الاول ما اتفق لابن عباس رضي الله عنهما من امساكه بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه. وركاب الابل هي الرواحل التي تتخذ للركوب منها الابل هي الرواحل التي تتخذ للركوب منها. فلما قدمت الى زيد ابن بثابت ناقة ليركبها ويعتريها. امسك ابن عباس بخطامها ليسهل لزيد صعودها فقال زيد اتمسك لي وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس انا اهكذا نصنع بالعلماء؟ اي ان طريقة اهل الاسلام اجلالهم للعلماء لهم وقيامهم بحقهم. وهذا من جملة الاحسان اليهم. ثم نقل اجماع اهل العلم على توقير العلماء واكرامهم عن ابن حزم الاندلسي ثم قال والبصير بالاحوال السلفية يقف على حميد احوالهم في علمائهم اي من كان له بصر ومعرفة بما كان عليه سلف الامة وقف على احوالهم المحمودة في توقير علمائهم وذكر من شواهد ذلك ما يبين صدق المذكور في وصفهم. ثم قال فمن الادب اللازم شيخي على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه. واذا حدث عنه عظمه من غير غلو بل ينزله منزلته لئلا يشينه. اي يعيبه من حيث اراد ان يمدحه وليشكر ويدعو له ولا يظهر الاستغناء عنه ولا يؤذه بقول او فعل وليتلطف في تنبيهه على خطأه اذا وقعت منه زلة انتهى كلامه. ثم ذكر نبذة وجيزة في معرفة الواجب. تجاه زلة العالم. فان دلة العالم من طبع العالم. فان زلة العالم من طبع العالم اي ان الله لما خلق الخلق وابدع الكون جعل من صفات الادميين ومن جملتهم العلماء الخطيئة والسيئة فلا ينفك احد من الناس عن خطيئة وسيئة. ومن جملة ذلك ما يقع من نقص العالم بما يبدر عنه من في العلم فاذا صدر عن احد من العلماء زلة روعي معه اقامة هذه الستة واولها التثبت في صدور الزلة منه. اي التحقق من كون المنقول ثابتا عنه. فكم من زلة تنسب قديما وحديثا الى احد من اهل العلم وهو منها براء التثبت في كون تلك الزلة خطأ. وهذه وظيفة العلماء الراسخين. فيسألون عنها فان الامر كما قال الاول وكم من عائب قوله صحيحا وافته من الفهم السقيم. والحكم على شيء من اقوال العلماء وافعالهم انه خطأ هي وظيفة العلماء الراسخين. ذكره الشاطبي في الموافقات وابن رجب في كتاب جامع العلوم والحكم. لان زلة العالم من جنس به الذي يمتزج فيه الحق بالباطل. فلا يتمكن من فصل حقه من باطنه الا العالم الراسخ المميز لهما. وثالثها ترك اتباعه فيها بان يترك اقتداء الاقتداء واقتفاؤه في تلك الزلة فلا يتبع فيها رابعها التماس العذر له بتأويل سائغ. اي تطلب ما يحمل عليه كلامه مما يكون له وجه محتمل فان من زكت نفوسهم بالعلم لا يقصدون الوقوع في الخطأ. لكن لما جرى قلم التقدير عليهم بان العبد تصدر منه زلة وقع منهم ما وقع. فينبغي ان يلاحظ قدرهم بطلب الاعتذار لهم بتأويل سائغ ان امكن ذلك. وخامسها بذل النصح له بلطف وسر. لا بعنف وتشهير لان المقصود من بيان زلته وخطأه هو رده عنه. فاذا له ذلك بلطف وخفاء رجي ان ان يقبل تصحيح خطأه. واذا قوبل خطأه بتعنيفه به ربما تولد استكبار في نفسه وامتنع من الرجوع عن خطأه. فيقابل الخطأ بخطأ وسادسها حفظ جنابه. والجناب هو الجانب والقدر. فيحفظ قدره ولا تهدر كرامته بين المسلمين. فتبقى رتبته التي له مع رد زلته. فان مقارنة الادمية. ثم ذكر مما يحذر ما يتصل بتوقير العلماء مما صورته التوقير ومآله الاهانة والتحقير. فيكون الواقع فيه مبتغيا توقير العالم. لكنه يقع او في ضد ذلك كالذي اتفق لاصحاب الحديث لما ورد عليهم هشيم ابن بشير فاجتمعوا عليه مستقبلين ماشين معه تشييعا له. فعظم زحامهم فسقط عن الحمال الذي كان يركبه فكان سبب موته رحمه الله. نعم. احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله المعقد الخامس عشر رد مشكله الى اهله فلنعظم للعلم يعول على والجهابدة من اهله لحل مشكلاته. ولا يعرض نفسه لما لا تطيق. خوفا من القول على الله بلا علم على الدين فهو يخاف سخط الرحمن قبل ان يخاف سخط السلطان فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا فان تكلموا في مشكل بكلامهم وان سكتوا عنه فليسعك ما وسعهم. ومن اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن. والناس في هذا الباب طرفان ووسط فقوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها وفزعوا الى الاهواء والاراء يستمدونها من هيجان الخطباء ورقة الشعراء وتحليلات السياسيين الجافات المنافقين وقوم يعرضونها على العلماء لكنهم لا يقتضون قالهم ولا يرضون مقالهم فكأنهم طلبوا جوابا يوافق وهوى في نفوسهم فلما ما لم يجدوا ممالوا عنهم والناجون من نار الفتن السالمون من وهج المحن. هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليهم شيء من قولهم احسن احسن الظن بهم فطاح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة ان كانوا احق بها واهلها واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسواد لهم ايثارا للسلامة فالسلامة لا يعدها شيء. وما احسن قول ابن عاصم رحمه الله تعالى في مبتقى الاصول. وواجب في مشكلات الفهم تحسين الظن باهل العلم. ومن جملة المشكلات رد زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء بينه الشاطري في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم. واذا تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب تولدت فتن وبلايا. كما هو في عصرنا فانما نشأت كثير من الفتن حين تعرض للرد على زلات العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة الاغمار والجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم فيها. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الخامس عشر من معاني تعظيم العلم وهو رد مشكله الى اهله. ومشكل العلم ما غمض منه وتعارضت فيه البينات ومشكل العلم ما غبض منه وتعارضت فيه البينات. فمن تعظيم العلم رد ما كان منه على هذه الصفة من الغموض وتعارض البينات الى اهل العلم. والحال كما قال فالمعظم للعلم يعول على دهاقنته والجهابذة من اهله لحل مشكلاته. والدهاكنة والجهابذة وصفان معظمان لاهل العلم. فالدهاقنة جمع دهقان. بكسر الدال ضم وذكر الفتح ايضا. وهو قوي التصرف في حدة. وهو قوي التصرف في حدة اصله اعجمي ثم عرب. ومثله ايضا الجهابدة. فانه جمع جهد بكسر الجيم وتفتح. وهو الناقد الخبير ببواطن الامور. وهو الناقد الخبير ببواطن الامور. فاذا اشكل على المرء شيء من العلم فزع الى المتصفين هذه الرتبة من اهله ولم يعرض نفسه لما لا تطيق. اي من كلفة سؤال الله سبحانه وتعالى له خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء على الدين. فالمرء يحجم عن المخاطرة بدينه فلا تقدموا بين ايدي العلماء بالقول في هذه المشكلات لئلا يقع في القول على الله بلا علم. ثم قال فهو يخاف سخطة الرحمن قبل ان يخاف سوط السلطان. اي ان الفازع الى العلماء في تلك الراد لها اليهم يحمله على ذلك تعظيم الله واجلاله. فيتخوف ان تكلم في دين الله بشيء تعظم عليه تبعته في الدنيا والاخرة. ثم ذكر حال العلماء قال فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا. والمراد بهؤلاء العلماء الذين اين هم ائمة الهدى ممن اسم العلم وصف ملازم لهم باحوالهم لا بمناصبهم ورئاساتهم فاسم العالم يحرز باسباب معروفة تدل على العلم كالجلوس للتدريس والتصنيف والافتاء والرد على المخالفين وغير ذلك. والمتصفون بتلك الرسوم هم الذين يقال لهم العلماء لا بمجرد المنصب والرئاسة والجاه وكثرة الجمع. فمتى كان احد على هذه الحال منسوبا الى العلم فينبغي ان يتفطن المتعلم الى حاله. فانه هو وغيره ممن هذه رتبته تكلموا تكلموا بعلم وان سكتوا سكتوا ببصر نافذ. فمنشأ كلامهم العلم. ومنشأ قوتهم البصر النافذ اي ادراكهم لامور تخفى على كثير من الناس. فيحملهم العقل وكمان التجربة والخبرة باحوال الخلق على الامساك عن الكلام. وكما يكون الكلام بيانا للشرع فان السكوت يكون ايضا بيانا للشرع. ثم قال فان تكلموا في مشكل تكلم بكلامهم وان سكتوا عنه فليسعك ما وسعهم. فمقتبس العلم الصادق في باتباع اهله من العلماء المعروفين بصلاح احوالهم وكمال علومهم. اذا وقعت المشكلات تكلم بما تكلموا به واذا سكتوا سكت كما سكتوا فوسعه ما وسعهم. ثم ذكر بعد ان من المشكلات التي تغمض على الناس الفتن الواقعة والنوازل الحوادث الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن ثم بين اقسام الناس فيها فقال والناس في هذا الباب طرفان ووسط. فهم ثلاثة اقسام. فالقسم الاول قوم اعرضوا عن افتاء العلماء فيها وفزع وفزعوا الى الاهواء والاراء يستمدونها من هيجان الخطباء ورقة الشعراء وتحليلات سياسيين وارجافات المنافقين فتجد من هؤلاء من يغمض عينه ويصم اذنه عن كلام العلماء في تلك المشكلة ويلتمس من غيرهم ما يوافق رغبته وهواه فيجدها تارة في حماس خطيب وتارة في رقة قاعد وتارة في تحليل سياسي وتارة في ارجاف منافق فيتجارى معها اخذا بها موهما ان هذا هو الصدق في الدين. والقسم الثاني قوم يعرضونها على العلماء. ليظفروا منهم بما يوافق ما في نفوسهم. ثم تكون حالهم انهم لا يرتضون قالهم ولا يرضون مقالهم. فكأنهم طلبوا جوابا هوى في نفوسهم فلما لم يجدوه مالوا عنهم. انتهى كلامه. وعلامة هؤلاء انهم اذا وجدوا كلام العلماء موافقا اهواءهم اشاعوه وذكروه. واذا وجدوه مخالفا اهواءهم دفنوه ووأدوه فهم يطلبون من كلام العلماء ما يوافق هواهم. فاذا قالوا نحن نتبع العلماء يعني اذا ما وافقونا فان خالفونا فانهم لا يوافقون العلماء. وهؤلاء في طرف مقابل للطرف الاول. والقسم الثالث هم المذكورون في قوله والناجون من نار الفتن السالمون من وهج المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم فطرح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها واذا اختلفت هم لزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة فالسلامة لا يعدلها شيء انتهى كلامه. والمراد بالسلف السلامة الدينية من تبعات الخطأ في دين الله. فان المادة رقبته للكلام في المشكلات معرضا عما عليه العلماء يعرض دينه لما يهتكه ويفرقه. وهذا مشاهد في احوال الناس عما عليه اهل العلم الموثوق بهم. فتجد احدهم يلهب حماسته ويزمجر بهوى يعتقد فلا يزال والغا فيه حتى يتهتك دينه ويضعف ايمانه وربما انقلب منحرفا مائلا عن ان طاعنا فيه او ملحدا في دين الله سبحانه وتعالى. وهذا شيء يعرفه من له خبرة باحوال الخلق في السنين الماضية انه رأى ناسا ركبوا هذا فلم يزالوا في هذه الشرور حتى تعاظمت بهم ثم انقلبوا على اعقابهم فعاقبهم الله سبحانه وتعالى بالاحوال المخذولة من الوقوع في الرذائل واقبحها واعظمها الكفر بالله سبحانه وتعالى وقوله عند وصف هؤلاء السالمون من وهج المحن المراد بالوهج حر النار ونار المحن لها حر ثم قال ومن جملة المشكلات رد زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون كما بينه الشاطري بينه الشاطري في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم انتهى كلامه لان زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين من جنس المتشابه الذي يمتزج فيه الحق وبالباطل ولا يفرق بينهما الا الراسخ في العلم. وللشاطب كلام منثور واسع الاطراف في بيان هذا في كتاب الموافقات الاعتصام. واما ابن رجب فانه ذكر هذا في جامع العلوم والحكم. فقال في اوفى بيان ومن انواع نصحي لله تعالى وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو مما يختص بالعلماء. رد الاهواء المضلة بالكتاب والسنة وبيان دلالتهما على ما يخالف الاهواء كلها وكذلك الاقوال الضعيفة من زلات العلماء وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها انتهى كلامه لان من لم ترسخ قدمه في العلم ربما رد بدعة ببدعة وخطأ بخطأ. فالعلماء اعرف بما ينبغي ان يكون عليه الرد. فينبغي ان يتصدوا لها. واذا ظهرت البدعة ببلد لا علم فيه فان طلاب العلم فيه يلتمسون من علماء من علماء اخرين في غير بلدهم الرد على تلك الاقوال فطلاب العلم بمنزلة المبلغين اقوال العلماء. فان وجدوا لهم ردا على تلك البدعة او الخطأ اخذوا به. وان لم يجدوا فزعوا الى علماء السنة والاسلام في البلدان اينما ما كانوا للقيام بهذا الواجب فانه مناط بهم. ثم ذكر الحالة التي صار الناس عليها بقوله واذا تعرضت الناشئة للدخول في هذا الباب. تولدت فتن وبلايا كما هو مشاهد في عصرنا. فانما نشأت كثير من الفتن حين تعرض للرد على زلات العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة الاغمار. والجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين قيل والاستمساك بقولهم انتهى كلامهم فمن اراد ان يسلم له دينه اخذ بهذه الجادة المذكورة. وقوله اغمار جمع غمر بضم الغين وسكون الميم جمع غمر بضم الغين وسكون الميم وتضم ايضا فيقال غمر وغمر. والغمر هو الذي لم يجرب الامور ولم يطلع على حقائقه. هو الذي لم يجرب الامور ولم يطلع على حقائقها. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. المعقد السادس عشر توقير العلم واجلال اوعيته فمجالس العلماء كمجالس الانبياء. قال سهل بن عبدالله من اراد ان ينظر الى مجالس الانبياء فلينظر الى مجالس العلماء يجيء الرجل تقول يا فلان اي شيء تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيكون طلقت امرأته. ويجيء اخر فيقول ما تقول في رجل حنف على امرأته بكذا وكذا فيقول ليس يحمد بهذا القول وليس هذا الا لنبينا ولعالم فاعرفوا لهم ذلك. وقال ما لك بن انس رحمه الله ان مجالس العلماء تحتضن بالخشوع والسكينة والوقار وقد كان مالك اذا اراد ان يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن من جلوسه بوقار وهيبة ثم حدث وكان عبد الرحمن بن مهدي يتحدث في مجلسه ولا يبغى فيه قلم ولا يتبسم فيه احد. وكان وكيع للجراح في مجلسه كأنه في صلاة. فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس العلم حقها يجلس فيها جلسة الادب ويصغي الى الشيخ ناظرا اليه فلا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها ولا يعبث بيديه او رجليه ولا يستند من حضرة شيخه ولا يتكئ على يده ولا يكثر التنحنح والحركة ولا يتكلم مع جاره اذا عطس خفض صوته واذا تثائب ستر فمه بعد رده جهده وينضم الى توقير مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب. فاللائق بطالب العلم صون كتابه وحفظه واجلاله والاعتناء به. فلا يجعله صندوقا يحشر ولا يجعله بوقا واذا وضعه وضعه بلطف وعناية. رمى اسحاق ابن رأويه يوما بكتاب كان في يده فرآه ابو عبد الله احمد بن حنبل فغضب وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ ولا يتكئ على الكتاب او يضعوه عند قدميه اذا كان يقع فيه على شيخ رفعه عن الارض وحمله بيديه. ذكر المصنف وفقه الله المعقد السادس عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو توقير مجالس العلم اي اجلالها واكبارها واعظامها. قال واجلال اوعيته. والاوعية ما يحفظ فيه العلم من كتاب ونحوه والاوعية ما يحفظ فيه العلم من كتاب ونحوه. والداعي الى هذا المعقد هو ان مجالس العلماء كمجال الانبياء فان العلم ميراث النبوة. والقائم بتبليغ العلم وبيانه في هذه الامة نائب عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة. فهو يوصل الى الناس ما وجد دين النبي صلى الله عليه وسلم موروثا بعده. ومن حسن الادب معه صلى الله عليه وسلم الادب في المجالس التي يقسم فيها ميراثه من العلم النافع. فان النبي صلى الله عليه وسلم اعظم حق العلماء واعظم حق العلم والدين الذي جاء به. فمن الادب معه رعاية ما ينبغي من الادب في مجالس العلم ثم ذكر من الاثار السلفية ما يبين هذا المعنى ويقرره ثم قال فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس العلم حقها وهو ما ثبت بطريق الشرع كما تقدم. وذكر من انحاء ذلك ووجوهه ان يجلس فيها جلسة الادب ويصغي الى ناظرا اليه فلا يلتفت عنه من غير ضرورة. ولا يضطرب لضجة يسمعها اي لصوت اسمعه فاذا لج في اذنه صوت في حلقة الدرس لم يلتفت الى ذلك الصوت لما في ذلك من الانصراف عن معلمه المبلغ له الخير ثم قال وينضم الى توقير مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب فاللائق بطالب العلم صون كتابه وحفظه واجلاله والاعتناء به فلا يجعله صندوقا يحشوه ودائعه اي يملؤه بما يودعه فيه من اشياء يدخرها مكنوزة في اثنائه ولا يجعله وبوقا بان يلفه ويديره ويجعله بصورة البوق الممتد دائرة مما ينفخ في الناس ثم قال واذا وضعه وضعه بلطف وعناية اجلالا واعظاما له. ثم ذكر ما اتفق اسحاق بن راهويه رحمه الله انه رمى بكتاب كان في يده فرآه ابو عبد الله احمد بن حنبل فغضب قال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ وهذه الغضبة الغضنفرية والصعقة الاثرية التي بدت من ابي عبدالله احمد بن حنبل حمله عليها ما في بطن ذلك الكتاب من كلام الابرار اي من العلماء السابقين من الصحابة والتابعين واتباع التابعين. واذا كان هذا في كتاب حشوه كلام الابرار من الناس فكيف ينبغي ان يكون الامر مع كتاب حشوه؟ كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. فان حق هذا الكتاب يكون اعظم واجلاله يكون اولى واحرى. ومن جملة الادب مع الكتاب ان لا على الكتاب فيجعله متكئا له او يضعه عند قدميه. واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفع على عن الارض وحمله بيديه. وهذه الاداب من جملة ما تتابع عليه اهل العلم من شعارهم ودينهم وهي الحال الكاملة. فما يوهنه بعض الناس من ذكرها تارة لانه لا يوجد في ذلك اية ولا حديث. وتارة لان في ذلك تشديدا ومبالغة فهو من طول الاحاطة بالعلم والدين. فان هذا المنقول عن العلماء هو من دينهم الذي نقلوه بينهم في اعظام كتب العلم واجلالها ثم نسبة ذلك الى التشديد غلق. لان هذا يخاطب به حملة العلم ويؤمرون بالادب كامل ولا يحكم فقيه بان فعل هذا محرم وان فاعله اثم لكن تأديب طالب العلم غير تأديب بغيره. فاذا سألك طالب علم عن مسألة من المباحات قد تقول فيها قولا لا تقوله لعامي. لان اصحاب الكمالات والمراتب الشريفة ينبغي ان يأخذوا بما هو اكمل وارفع. وقد ذكر ابن القيم انه سأل شيخه ابا العباس ابن تيمية عن مسألة فقال له هذا لا يصلح لارباب الاحوال الكاملة لان هذه الحال لا تنبغي ممن يطلب كمال نفسه. اما من دونه من الخلق فهذا قد يصوغ منه ويقع له فاذا خطب طالب العلم بما ذكرنا لم يكن هذا نشاذا بعيدا عن الدين. بل هذا من الدين الموروث عن العلماء ذلك لا يعد تشديدا لان طالب العلم ينبغي ان يرقى ويكمل حتى يصل الى مراتب اعظم. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد السابع عشر الذب عن العلم والذود عن حياضه ان للعلم حرمة وافرة توجب الانتصار له اذا تعرض لجنابه لما لا يصلح وقد ظهر هذا الانتصار عند اهل العلم في مظاهر منها الرد على المخالف فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين ولم يزل الناس يرد بعضهم على بعض قاله الامام احمد رحمه الله لكن المرشح لذلك هم العلماء لا الدهماء مع لزوم الادب وترك الجور والظلم ومنها هجر المبتدع ذكر على الفراغ اجماعا فلا يؤخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كما في الرواية عنهم لدى المحدثين وفي ذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الحفيد مقررا اصلا كبيرا تعظم الحاجة اليه في ازمنة الجاهلية والفتن. فاذا تعذر اقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك الا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ذلك الواجب. كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة خيرا من العكس ومنها زجر المتعلم لا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد او سوء ادب. كان عبدالرحمن بن مهدي ان تحدث احد في مجلسه او بري قلم صاح ولبس نعليه ودخل وكان وكيع اذا انكر من امر جلسائه شيئا جعل ودخل وشوهد هذا مرارا من شيخ شيوخنا محمد بن ابراهيم ال الشيخ فكم مرة رؤي منصرفا لما سمع من يتشدق في مقامه فاخذ نعليه وانصرف. وحضر شاب مجلس سفيان الثوري فجعل يترأس ويتكلم ويتكبر بالعلم. فغضب سفيان وقال لم يكن هكذا لم يكن السلف هكذا. كان احدهم لا يدعي الامامة ولا يجوز في الصدر حتى يقض هذا العلم ثلاثين سنة. وانت تتكبر على من هو اسن منك. قم عني ولا اراك تدنو من مجلسي وكان يقول اذا رأيت الشاب يتكلم عند المشايخ وان كان قد بلغ من العلم مبلغا فايس من خيره فانه قليل الحياء. وان احتاج المعلم الى رجل متعلم مجلسه زجرا له فليفعل كما فعل سفيان وكما كان يفعله شعبة مع عفانا ابن مسلم في درسه فقد يزجر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك فالسكوت جواب قاله الاعمش. رأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز رحمه الله. فربما سأله سائل عما لا ينفعه فترك الشيخ امر القارئ ان يواصل قراءته او اجابه بخلاف قصده؟ ذكر المصنف وفقه الله المعقد السابع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو الذب عن العلم اي الدفاع عنه. والذود عن حياضه. اي الحيلولة دون موارده من العلماء والتصانيف. لما للعلم من حرمة وافرة توجب الانتصار له. وذكر جملة من مظاهر انتصار اهل العلم له. منها الرد على المخالف. فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين. قال الامام احمد لم يزل الناس يرد بعضهم على بعض انتهى كلامه. فردوا قول المخالف بالدليل اصل مقرر وثيق في الشرع وهو كما تقدم من وظائف العلماء. فهم المرشحون له دون الدهماء. والدهماء هم العامة سموا دهماء لانهم يغطون الارض. سموا دهماء لانهم يغطون الارض. فاصل الدهم التغطية. فاصل الدهم التغطية. واكثر الناس هم من العوام وسموا دهماء ومنها هجر المبتدع ذكره ابو يعلى في الراوي اجماعا فمما يحفظ به العلم هجر اهل البدع فلا يؤخذ العلم عنهم والاصل تركهم ومباعدتهم والاعراض عنهم. قال لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كان يكون في دراسة نظامية لا سبيل له الى التخلي عن الاخذ عن الممسوس ببدعة او غير ذلك من الاحوال كنظير المقرر عند المحدثين في الرواية عن اهل البدع. ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد او سوء ادب واللدد الخصومة الشديدة واللدد الخصومة الشديدة. فاذا ظهر من المتعلم شيء من ذلك زجر عن غيه حفظا للعلم. وذكر من احوال السلف ما ذكره عن عبدالرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح ثم قال وشوهد هذا مرارا من شيخ شيوخنا محمد بن ال الشيخ فكم مرة رؤي منصرفا لما سمع طالبا يتشدق في مقاله فاخذ نعليه وانصرف انتهى كلامه فكان زجره لمثله بالاعراض عن ذلك المجلس. ثم ذكر قول سفيان الثوري لما بدر من شاب طلبوا الرئاسة بالكلام والتكبر في العلم فقال لم يكن السلف هكذا لم يكن السلف هكذا انا احدهم لا يدعي الامامة. اي لا يعد نفسه عالما ولا يجلس في الصدر. اي في المقدم من المجلس حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة. وانت تتكبر على من هو اسن منك قم عني ولا اراك تدنو من مجلسي فزجره عنه لما رأى من سوء حاله بطلب الرئاسة في العلم. ثم ذكر عنه قوله اذا رأيت الشاب يتكلم عند المشايخ اي بين ايدي اهل العلم الكبار. وان كان قد بلغ من العلم مبلغا. فايس من خيره فان قليل الحياء. انتهى كلامه. اي من اتفقت منه تلك الاحوال من المبادرة بالكلام بين يدي اهل العلم الكبار مع وجودهم فان خيره قليل مهما بلغ من العلم مبلغه لانه كما قال قليل الحياء ومن قل حياؤه قل ورعه. ومن قل ورعه ضعف دينه وعلمه فهذه الحال المرذولة التي زجر عنها سفيان يغرى بها كثير من الخلق الذين اذا انسوا من انفسهم تحصيل شيء امتدت نفوسهم الى التقدم في العلم بين يدي اهله. فاذا رأيت احدا من هذا الضرب فاياك واياه. وفر منه فرارا الصحيح من المجذوم والخائف من الاسد. ثم قال وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه زجر له فليفعل اي اذا رأى المعلم ان المتعلم ينتفع باخراجه من المجلس فليفعله ان من اخر الطب الكي. ومن اخر مداواة علل المتعلمين زجرهم عن المجالس وطردهم منها. فان رجعوا اليها وان لم يستقيموا ذهبوا فكان حفظا للعلم من ان يدخله من ساءت حاله. ثم قال وقد يزجر الم تعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته فالسكوت جواب قاله الاعمش. فمن الناس من يسأل ويكون جوابه ان يسكت عن سؤاله. ثم قال ورأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز فربما سأله سائل عما لا ينفعه فترك شيخ اجابته اي اعرض عنه. وامر القارئ ان يواصل قراءته او اجابه بخلاف قصده. فمن الاسئلة ما حقها الاعراض عنه. ومن الناس من اذا سأل سؤالا ثم اعرض عنه زعم انه يفزع الى العلماء ثم لا يجيبون عن سؤاله وكان اللائق به ان يتفكر في سبب اعراض العالم عن الاجابة على سؤاله فليس الانفع له ان يجيبك العالم. بل الانفع لك ان يعرض عن سؤالك حتى ترجع بتدبر سؤالك. والنظر هل مما ينفعك وتحتاج اليه ام مما لا ينفعك. ومن صحب العلماء وتزكى باحوالهم رأى هذا ظاهرا فيهم. فان العلماء الذين هم العلماء يعرفون عن اي شيء يجيبون. ويعرفون عن اي شيء يسكتون الحامل لهم على كل هو حفظ دين الله بتوقير الله سبحانه وتعالى ومعرفة ما يجب له من الحق وما يصلح به الناس فتجد كمل الخلق من يلاحظ هذا في اجوبته فتارة يجيب وتارة يسكت. والجاهل يظن ان هذا يسكت لشيء من امور الدنيا. والعارف باحوالكم من الخلق يعرف ان من سكت منهم يسكت لاجل مصلحة شرعية ادركها الناس ام لم يدركوها. فان الانسان ينبغي ان يسأل عما ينفعه ويحتاج اليه. واما ما لا ينفعه او ولا يحتاج اليه فلا ينبغي ان يسأل عنه. واذا سأل عنه فانه لا يحسن ان يجاب عنه. واذا امسك عالم عن جوابه فان ذلك العالم هو الصادق في نصحه في نصحه له. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الثامن عشر والتحفظ في مسألة العالم فرارا من مسائل الشغب وحفظا لهيبة العالم فان من السؤال ما يراد به التشغيل وايقاظ الفتنة من شاعة السوء ومن انس من وهذه المسائل لقي منهم ما لا يعجبه كما مر معك في زجر المتعلم فلابد من التحفظ في مسألة عالم ولا يفلح في تحفظه فيها الا من اعمل اربعة اصول اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ فيكون قصده من السؤال التفقه والتعلم ولا التعنت والتهكم فان من ساء قصده في سؤاله يحرم بركة العلم ويمنع منفعته وفي الناس من يسأل وله في سؤاله قصد باطل يريد التوصل به الى مقصود له. فاذا غفل عنه المفتي وافتاه بما يريد فرح به واشاعه واذا الى قصده حال بينه وبين مراده وزجره عن غيه. قال القرافي رحمه الله تعالى في كتابه الاحكام سئلت مرة عن عقد النكاح في القاهرة هل يجوز ام لا؟ فارتبت قلت له اي للسائل ما افتيك حتى تبين لي ما المقصود بهذا الكلام؟ فان كل احد يعلم ان عقد النكاح من القاهرة جائز فلم ازل به حتى قال انا اردنا ان نعقله خارج القاهرة فمنعنا لانه استحلال يعني نكاح تحليل وهو نوع من الامكحة المحرمة. فجئنا الى الطائرة فقلت له لا يجوز لا بالطائرة ولا بغيرها. ووقع مثل هذا ابن عباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى في فتوى تتعلق باهل الذمة ذكرها تلميذ بار ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه اعلام الواقعين ردت عليه غير مرة في وجه غير الوجه السابق لها فكان يقول لا يجوز حتى قال في اخر مرة. هي المسألة المعينة ان خرجت في عدة قوالب. اما الاصل الثاني فالتبطن الى ما يسأل عنه فلا تسأل عما الا نفع فيه اما بالنظر الى حالك او بالنظر الى المسألة نفسها. سأل رجل احمد بن حنبل عن يأجوج ومأجوج؟ اسلمونهم؟ فقال له احكمت العلم حتى تسأل ومثله السؤال عما لم يقع او ما لم يحدث به كل احد وانما يخص به قوم دون قوم. اما الاصل الثالث فالانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله فلا يسأله في حال تمنعه ككونه مهموما او متفكرا او ماشيا في طريق او راكبا سيارته. بل يتحين طيب نفسه. قال قتالة سألت ابا الطفيل سنة فقال ان لكل مقام مقالة. وسأل رجل ابن المبارك عن حديث وهو يمشي فقال ليس هذا من توقير العلم. وكان عبدالرحمن يكره ان يسأل ثم يمشي اما الاصل الرابع فتيقظ السائل الى كيفية سؤاله باخراجه في صورة حسنة متأدبة. فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في خطابه ولا تكن مخاطبته له كمخاطبته اهل السوق واخلاق العوام. قال جعفر ابن ابي عثمان كنا عند احد معي فجاءه رجل مستعجل فقال يا ابا زكريا احدثني بشيء يذكرك به؟ فقال يحيى اذكرني انك سألتني ان احدثك فلم افعل. واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم اليوم رأيت في كثير من الناس والتحفظ الادب فترى من يسأل متهكما او يسأل محتقرا يسألون عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع لا يتخيرون وقت الايراد المناسب ولا يتلطفون في عرض طالب فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون. وما احوج هؤلاء الى مقالة زيد ابن اسلم لما سأله رجل عن شيء فخلط فقال زيد اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل. وكم هم المحتاجون اليوم الى مثل مقالة زيد ابن اسلم؟ ذكر المصنف وفقه الله عقد الثامن عشر من معاقد تعظيم العلم وهو التحفظ في مسألة العالم. اي حفظ النفس عن الخطأ بالتوقف والاحتراز من القول فيها. اي حفظ النفس عن الخطأ بالتوقي والاحتراز من القول فيها. وموجبه هو المذكور في قوله فرارا من مسائل الشغب وحفظا لهيبة العالم اي طلبا للخلاص من المسائل يشغب بها والشغب بسكون الغين هو تهييج الشر وتحريكه. والشغب بسكون الغيب هو تهييج الشر وتحريكه. ومن اللحن الشائع قولهم الشغب. ثم ذكر ان المفلح في السؤال المتحفظ فيه هو من اعمل اربعة اصول. اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ فيكون قصده من السؤال التفقه والتعلم لا التعنت والتهكم. ثم ذكر من احوال الناس ان منهم من يسأل وله في سؤاله قسط باطن تريد التوصل به الى مقصود له. فيكن في نفسه شيئا ويضمره ويسأل عن امر الظاهر. كالمسألتين المذكورتين في سؤال القرافي وابن تيمية رحمهما الله فان السائلين كانوا يضمرون في انفسهم شيئا ويظهرون شيئا اخر. انتبه العالمان المذكوران لما يريد هؤلاء وامتنع وامتنع من الجواب عن ما سألوا عنه ثم ذكر الاصل الثاني وهو التفطن الى ما يسأل عنه فلا يسأل عن شيء الا شيئا ينفعه واما ما لا ينفعه فلا ينبغي له ان يسأل عنه. كسائر احمد بن حنبل عن يأجوج ومأجوج ومسلمون هم فقال آآ له احكمت العلم حتى تسأل عن ذا. انكارا لسؤاله. فاستنكر صدور هذا السؤال منه لانه ويحتاج الى ما يحتاج اليه من العلم فينبغي ان يجعل همته في احكامه واتقانه. ثم ذكر الاصل الثالث وهو الانتباه الى صلاحية المت حال الشيخ وهو الانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله. اي تهيؤه للجواب. فربما كان مهموما او مغموما او مشغولا في طريق او حال فلا يحسن سؤاله حينئذ. ثم ذكر الاصل الرابع وهو تيقظ السائل الى كيفية سؤاله بان يخرجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في خطابه اي يعظمه عند عرض سؤال ولا تكون مخاطبته شيخه كمخاطبته اهلا السوق واخلاط العوام فيخاطب العالم باللفظ اللائق ثم ذكر الداهية المدهية في سؤالات اهل العصر فقال واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم رأيت في كثير منها سلب التحفظ وسفسفة الادب. وسفساف من كل شيء الردي من كل شيء الردي. ورداءة الادب في السؤال ظاهرة في كثير من الاسئلة التي تعرض على علماء الزمان. ثم ذكر شيئا من احوال هؤلاء فقال فترى من يسأله متهكما او يسأل محتقرا يسألون عما يقع عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع لا يتخيرون وقت الايراد المناسب ولا يتلطفون في عرض المطالب فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل له لهم مما يصنعون. ثم ذكر قول زيد بن اسلم لما خلط سائل فقال له اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل وما احوج كثيرا من الناس اليوم الى الادب في سؤالاتهم وان يحملوا على ذلك بان يعرفوا ما ينفعهم ويصلحون الصيغة التي يسألون بها. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد التاسع عشر شغف القلب بالعلم وغلبته عليه فصدق الطلب له يوجب محبته وتعلق القلب به ولا ينال درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة. ومن لم يغلم لذة ادراكه وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة العلم ابدا وانما تناء لذة العلم بثلاثة امور ذكرها ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه السالف احد ابا ابن مصعب الجهل وثانيها صدق وثالثها صحة النية والاخلاص ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب. ومن صبر هذه اللذة في احوال السابقين من علماء الامة وعجبا فلسان احدهم ما لذتي الا رواية مسند قد قيدت بفصاحة الالفاظ. ومجالس فيها تحل سكينة ومذاكرات معاش الحفاظ ان لذة العلم فوق لذة السلطان والحب التي تتطلع اليها نفوس كثيرة وتبذل لاجلها اموال وفيرة وتسفك دماء غزيرة اتى ابو جعفر النسبي مهموما من ضيق البال وسوء الحال وكثرة العيال فوقع في خاطره فرم من فروع مذهبه وكان حنفيا فاعجب به فقام يرقص في داره ويقول اين الملوك وابناء الملوك؟ اين الملوك وابناء الملوك؟ اذا خاض في بحر التفكر خاطره على درة من معضلات المطالب حقرت ملوك الارض في نيل حووا غنلت المنى بالكثف لا بالكتائب. ولهذا كانت الملوك تتوق الى لذة العلم وتحس بقدها وتطلب تحصيلها. قيل لابي جعفر المنصور الخليفة المشهور الذي كانت ممالكه تملأ الشرق والغرب. هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله؟ فقال وهو مستمع على كرسيه وسليم ملكه بقيت خصلة ان اقعد على وحوله اصحاب الحديث اي طلاب العلم فيقول المستندي من ذكرت رحمك الله فيعني فيقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان ويسوق الاحاديث المسندة فانظر الى شدة افتقار هذا الخليفة الى لذة العلم وطلبه تحصيلا ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات وذهلت النفس عنها فالنظر بن شبيه رحمه الله يقول لا يجد المرء لذة العلم حتى يجوع وينسى الجمعة. بل تستحيل الالام لذة في هذه اللذة ومحمد ابن هارون الدمشقي يقول ذبحرة تجالسني نهاري احب الي من انس الصديق ورزمتك غد في البيت عندي احب الي من عدل الدقيق تعاني من الخد مني الذ لدي من شؤب الرحيق. ولا تعجب فما هذه الاحوال الا مسمع عشق العلم فابن القيم رحمه الله يقول في روضة المحبين. واما عشاق العلم فاعفا به وعشقا له من كل عاشق بمعشوقه وكثير منهم لا يشغله عنه واجمل صورة من البشر. فاين هذا الشرف يا طلاب العلم ممن يقدم حظه من عرسه على حظه من درسه. ويكون جلوسه الى السمان وشيوخ القمراء احب اليه من الجلوس الى العلماء. وتقوى عزيمته لك في الفلوات ولا تقوى على السير في نقل المعلومات. وينهض نشيطا لقنص الطير ويقبض كسلا عن صيد الخير. فما حظ هؤلاء وكثير ما حظهم من تعظيم العلم وقلوبهم مأسورة في محبة غيره؟ ذكر المصنف وفقه الله المعقد التاسع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو شغف القلب بالعلم وغلبته عليه. اي محبته العلم حتى يبلغ شغاف قلبه. وشغاف القلب هو غشاؤه فيزيد حب العلم في قلبه حتى يصل باطنه. ثم ذكر ان المرء يحظى بلذة العلم اذا احرز ثلاثة امور ذكرها ابن القيم في مفتاح دار السعادة احدها بذل الوسع وهو الطاقة والجهد فيه وثانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص. ثم قال ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب ثم ذكر بعض من اخبار الاوائل من الماضين من اناث هذه اللذة محبتها والشغف والشغف بها ما يخبر عن ذلك اصدق خبر حتى كان الملوك يتوقون اليها ويرجونها وذكر خبر ابي جعفر المنصور الخليفة العباسي المشهور وفيه قوله بقيت خصلة يعني من اللذات ان عد على مصطبة والمصطبة هي المكان المرتفع بمنزلة الدرج. وحول اصحاب الحديث اي الطلاب العلم ليحدثهم. ثم ذكر ان هذه الاحوال التي سردها يدعو اليها عشق العلم وغلبته على القلب. فاذا غلب القلب على فاذا غلب العلم على القلب وداخله نشأ منه هذه الاحوال وما هو اغرب منها. ثم ذكر احوالا مذمومة يقع فيها بعض المنتسبين الى العلم تدل على ضعف له وكان مما ذكر ويكون جلوسه الى السمار اي اصحاب السمر وشيوخ القمراء احب اليه من الجلوس الى العلماء. وشيوخ القمراء هم كما قال محمد بن عقبة الشيباني شيوخ دهريون اي طويلة اعمارهم. شيوخ دهريون يجتمعون في ليالي القمر. اي الليالي شيوخ دهريون يجتمعون في ليالي القمر فيتحدثون بايام الخلفاء. ولا يعرف احدهم كيف توضأ رواه الرامهر هرمزي في المحدث الفاصل. ومن المنتسبين الى العلم من يطيب له الجلوس الى هؤلاء ممن يذكرون اخبار الخلق واحوالهم فيأنس بهم فيجره ذلك الى ان تصير حاله كحالهم وهم اقوام فرطوا في اعمالهم واضاعوا العلم الذي يلزمهم كالوضوء والصلاة وصاروا يتسلون في اجتماعات بما لا خير فيه. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. المعقد العشرون حفظ الوقت في العلم. اذا كان العلم اشرف مطلوب والعمر يطوى كجليد يذوب فعين العقل حفظ الوقت فيه والخوف من تقضيه بلا فائدة. والسؤال عنه يوم القيامة يحملني واياك على المبالغة في رعايته. قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ينبغي للانسان ان يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قبة ويقدم فيه الافضل فالافضل من القول والعمل ومن هنا عظمت نهاية العلماء للوقت حتى قال محمد ابن عبدالباقي البزاز ما ضيعت ساعة من عمري في لهو او لعب. فقال ابو نساء بن عقيل الذي الذي صنف كتاب الفنون في ثمانمائة مجلد اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري. وبلغت بهم الحال ان يقضى عليهم حال الاكل. فلقد كان احمد بن سليمان المقاسي والمتوفى عن ثمانية عشرين سنة يقرئ القراءات في حالته خوفا من ضياع وقته في غيرها فكان اصحابه يقرأون عليه وهو يتناول مأكله ومشربه بل كان يقرأ عليهم هم في دار الخلاء فكان منتمية الجد واذا دخل الخلاء وفي قضاء حاجة قال بعض من حوله اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك وتجلت هذه الرعاية للوقت عند القوم رحمهم الله تعالى في معالم عنده لن تبلغها الحضارات الانسانية قاطبة منها كثرة دروسهم فقد كان النووي رحمه الله تعالى يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على مشايخه والشوكاني يصاحبنا الاوطان ثلاثة عشر درسا منها ما يأخذه عن مشايخه ومنها ما يأخذه عنهم تلامذته واربى محمود الانوسي صاحب التفسير عليهم جميعا فقد كان يدرس في اليوم اربعة وعشرين درسا. ولما اشتغل بالتفسير والافتاء نقصت الى ثلاثة عشر درسا. ثم رأيت في توزعة محمد ابن ابي بكر في جماعة ان دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو خمسين درسا. ومنها كثرة مدروساتهم فقد درس ابن التبان رحمه الله تعالى المدونة نحو الف مرة وربما ولد في بعض عباس الفارسي بخطي درسته الف مرة. وكرر غالب بن عبدالرحمن المعروف بن عطية والد صاحب التفسير المشهور صحيح البخاري سبعمائة مرة ومنها كثرة مكتوباتهم فاحمد ابن عبد الله المقدسي واحد شيوخ العلم من الحنابلة كتب بيده الفي مجلد وقع مثله ابن الجوزي ومنها كثرة مقروءاتهم فابن الجوزي وهو بعد في الطلب عشرين الف مجلد ومنها كثرة شيوخهم في الذين جاوزوا فالذين جاوز عدد شيوخهم الالف كثير في هذه الامة واعجب ما ذكر ان ابا سعد السمعاني بلغ عدد شيوخه سبعة الاف شيء قاله قال ابن النجار في ليلة تاريخ بغداد وهذا شيء لم يبلغه احد ومنها كثرة مسموعاتهم واتهم على شيوخهم من التصانيف المطولة والاجزاء الصغيرة فقد تعد بالالاف المؤلفة كما وقع لابن السباني المذكور وصاحبهم لعساكر في جماعة اخرين ومنها كثرة مصنفاتهم حتى عدة الفم صنف لجماعة من علماء هذه الامة منهم عبدالملك بن حبيب عالم الاندلس وابو الفرج ابن الجوزي فاحفظ ايها الطالب وقتك فلقد ابلغ الصالح بن هبيرة في نصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه ووراه السلام عليك يضيع. ذكر المصنف الله المعقد المتمم العشرين وهو حفظ الوقت في العلم. لان العلم اشرف مطلوب والعمر يطوى كجليد يذوب فلا يمكن احراز العلم الا بحفظ الوقت. ومن هنا عظمت رعاية العلماء للوقت. فابلغ الناس حفظا للوقت واجلالا له هم المنتسبون الى العلم. وذكر عن العلماء انه بلغت بهم الحال ان يقرأوا عليهم ان يقرأ عليهم في حال الاكل حفظا للوقت في انفاقه في غير من انفاقه في غير العلم. بل كان يقرأ عليهم وهم في دار الخلاء كالمذكور هنا عن ابن تيمية الجد ومثله في قراءة ابن ابي حاتم الحافظ على ابيه ابي حاتم الى الرازي وما وقع منهما هما وغيرهما لا يباين اعظام العلم فان القارئ يكون خارج الكنيف وهو موضع قضاء الحاجة مباعدا له وهم ارادوا حفظ الوقت بالانتفاع به ففزعوا الى مثل هذا ثم ذكر جملة من من المعالم التي برزوا فيها في حفظ الوقت حتى صارت اعلاما شهيرة في هذه الامة. ككثرة دروسهم وكثرة وكثرة مقروءاتهم وكثرة شيوخهم وكثرة مسموعاتهم وكثرة مصنفاتهم. مما لا ينال مثله الا بحفظ الوقت ثم ختم ببيت ابن هبيرة والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع. فقوله بحفظه اي شغلت بحفظه. وقوله اراه اسهل ما عليك يضيع اي اظن انه اسهل ما عليك يضيع واراه بالظن بمعنى اظن. واراه بالفتح بمعنى اعلم. واراه بالضم بمعنى اظن واراه بالفتح بمعنى اعلم والبيت يروى بالضبطين المذكورين. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله الخاتمة الى هنا بلغ القول التمام وحسن قطع الكلام بالختام فيا سداة العلم وطلابه ويا قصاد فقه واربابه امتثلوا معاقل التعظيم وانتم تقبلون على مقاعد التعليم. تجدوا نفعه وتحمدوا عاقبته. واياكم والتهاون بها والعزوف عنها مفتاح العلم وملقاة الفهم فبها تجمع العلوم وتؤصل وبها تيسر الفنون وتحصل فشمروا عن سائر الجد ولا ولا تشغلوا بميعة الجد واحفظوا رحمكم الله قول ابي عبد الله ابن القيم طالب النفوذ الى الله والدار الاخرة بل الى كل علم وصناعة ورئاسة بحيث يكون رأسا في ذلك مقتدى به في يحتاج ان يكون شجاعا مقداما حاكما على وهمه غير مقهور تحت سلطان تخيله. زاهدا في كل ما سوى مطلوبه عاشقا لما توجه اليه عارفا بطريق الوصول اليه من الطرق القواطع عنه مقدام الهمة ثابت الجأش لا يثنيه عن مطلوبه لو ملائم ولا عدل عادل كثير السكون دائم الفكر غير مائل مع لذة المدح ولا الم قائما بما يحتاج اليه من اسباب معونته لا تستفزه المعارضات شعاره الصبر وراحته التعب محبا لمكارم الاخلاق حافظا لوقته لا يخالط الناس الا لعن احدهم كالطائر الذي يلتقط الحب بينهم قائما على نفسه بالرغبة والرغبة رابعا في نتائج الاختصاص على بني جنسه غير محسن شيئا من حواسه عبثا ولا خواطره في مراتب الكون وملاك ذلك هجر العوائد وقطع العلائق. الحائلة بينك وبين المطلوب. انتهى كلامه. فما اجمله ذكرى وتفسيرا اللهم يسر لنا تعظيم العلم واجلاله واجعلنا ممن سعى له كذلك فناله. اللهم انا نسألك علما نافعا ونعوذ بك من علم لا ينفع اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ابدا ما احييتنا واجعله فمنا اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا الى النار مصيرنا ولا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا ختم المصنف وفقه الله كتابه بالنداء في شدات العلم. وهم من اخذ طرفا منه في العلم هو المصيب قدرا حسنا منه. فالشادي في العلم هو المصيب قدرا حسنا منه. وقال في نداءه امتثلوا معاقد التعظيم وانتم تقبلون على مقاعد التعليم. تجدوا نفعه وتحمدوا عاقبته. ثم ذكر من كلام ابن القيم ما يبين الخصام التي ينبغي ان يتحلى بها من يطلب الامامة في الدين. فذكر اثنتين وعشرين خصلة. ردها ابن القيم بعد ذلك الى امرين فقال وملاك ذلك هجر العوائد وقطع العلائق. والملاك هو قوام الشيء ونظامه وعماده فالخصال المتقدمة كلها ترجع الى هجر العوائد وقطع العلائق. والمراد بهجر العوائد ترك ما جرت عادة الناس عليه والمراد بهجر العوائد ترك ما جرت عادة الناس عليه والمراد بقطع العلائق قطع الصلات النفسية الحائلة بين العبد وبين مطلوبه. قطع الصلات النفسية الحائلة بين العبد وبين مطلوبه وزاد ابن القيم في موضع اخر رفظ العوائق. وزاد ابن القيم في موضع اخر رفض العوائق. وفرق بين العوائق والعلائق بان العوائق الحوادث الخارجية. لان العوائق الحوادث الخارجية والعلائق التعلقات النفسية الداخلية. فتحصيل المطلوبات يرجع الى امور ثلاثة. فتحصيل المطلوبات يرجع الى امورهم ثلاثة احدها هجر العوائد. وثانيها قطع العلائق وثالثها رفض العوائق. فمتى تحرى الانسان هؤلاء في طلب مقصوده ادركه واليها اشرت بقولي اهجر عوائدهم واقطع علائقهم وارفض عوائقهم ان كنت ذا طلب. فاهجر عوائدهم واقطع علائقهم وارفض عوائقهم ان كنت ذا طالب. وبهذا قد نكون فرغنا من بيان معاني هذا الكتاب بما يناسب المقام. اكتبوا السماع سمع علي جميع تعظيم العلم كتاب تعظيم العلم بقراءة غيره في البياض الثاني بقراءة غيره صاحبنا ويكتب اسمه سمع علي جميعا لمن سمع الجميع ومن عليه فوت يكتب اكثر او كثير بحسب حاله. سمع علي جميع كتابه تعظيم العلم بقراءة غيره صاحبنا ويكتب اسمه تاما رباعيا فتم له ذلك في مجلسين بالميعاد المثبت في محله من نسخته واجزت له روايته عن اجازة خاصة من معين لمعين في معين والحمد لله رب العالمين صحيح ذلك وكتبه صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي يوم ايش اليوم ايش؟ الجمعة يوم الجمعة كما التاريخ التامن. يوم الجمعة الثامن من شهر جمادى الاولى سنة احدى واربعين واربع مئة والف في المسجد النبوي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم لقاؤنا بعد المغرب ان شاء الله تعالى في الكتاب الثاني الحمد لله رب العالمين