السلام عليكم ورحمة الله ركب ودرجات وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما وصليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه هما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن قال الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم لاقراء اصول المتون وتبين مقاصدها الكلية معانيها الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم وهذا شرح الكتاب الرابع من برنامج مهمات العلم في سنته الثالثة ثلاث وثلاثين بعد الاربع مئة والالف وهو كتاب القواعد الاربع لشيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب التميمي رحمه الله المتوفى سنة ست بعد المائتين والالف الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وجوالديه وللحاضرين ولجميع المسلمين. اما بعد قال الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في القواعد الاربع وبه نستعين رب العرش العظيم ان يتولاك في الدنيا والاخرة وان يجعلك مباركا اينما كنت وان يجعلك ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر فان هؤلاء الثلاثة عنوان السعادة. استفتح المصنف رحمه الله رسالته بالدعاء لقارئ كتابه بثلاث دعوات جامعات اولها ان يتولاه الله في الدنيا والاخرة فيكون وليه الله والولي هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في الدنيا والاخرة هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في الدنيا والاخرة وثانيها ان يجعله سببا ان يجعله مباركا اينما كان اي سببا لكثرة الخير ودوامه وثالثها ان يجعله ممن اذا اعطي شكر واذا اذنب استغفر واذا ابتلي صبر وعدهن المصنف عنوان السعادة والعنوان ما يدل على الشيء ومنه عنوان الكتاب وهو اسمه وعنوان السكن وهو موضع السكنى والسعادة هي الحال الملائمة للعبد هي الحال الملائمة للعبد والعبد مقلب بين احوال ثلاثة نعمة واصلة ومصيبة حاصلة وسيئة نازلة بين نعمة واصلة ومصيبة حاصلة وسيئة نازلة وهو مأموم في كل حال من هذه الاحوال بما يتعبد الله عز وجل به شرعا فاذا وصلت عليه اليه النعمة وجب عليه شكرها واذا حصلت له المصيبة وجب عليه الصبر عليها واذا نزلت به السيئة وجبت عليه التوبة والاستغفار منها ومن امتثل المأمور فيهن نال سعادة الدنيا والاخرة فمتى كانت هذه حال الانسان فيما يحيط به من النعم والمصائب والسيئات فاز بسعادة الدنيا والاخرة فكانت هؤلاء الثلاث عنوان السعادة كما قال المصنف رحمه الله نعم احسن الله اليكم اعلم ارشدك الله لطاعته ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين. وبذلك امر الله جميع الناس وخلقهم لها كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. فاذا الحنيفية طبعا لها معنيان احدهما عام وهو الاسلام والاخر خاص وهو الاقبال على الله بالتوحيد والميل عن كل ما سواه وهي دين الانبياء جميعا ولا تختصوا بنسبتها الى إبراهيم عليه الصلاة والسلام وانما شاع في عرف اهل العلم نسبتها اليه اتباعا للسياق القرآني فانه واقع كذلك ونسبت الحنيفية في القرآن الى ابراهيم لامرين احدهما ان الذين نزل فيهم القرآن وبعث اليهم الرسول صلى الله عليه وسلم يعرفون ابراهيم عليه الصلاة والسلام فينتسبون اليه ويذكرون انهم من ولده ويزعمون انهم على ميراث من دينه فاحرى بهم ان يكونوا كابيهم حلفاء لله غير مشركين به والثاني ان الله سبحانه وتعالى جعل ابراهيم عليه الصلاة والسلام اماما لمن بعده من الانبياء فامر باتباعه ولم يجعل غيره كذلك تناسب نسبتها اليه ذكره ابو جعفر ابن جرير في تفسيره والناس جميعا مأمورون للحنيفية وهي عبادة الله ومخلوقون لها كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فالاية دالة بصريح لفظها على ان الحكمة من خلق الجن والانس هي عبادة الله ولازموا ذلك ان يكونوا مأمورين بها فاذا كانت هذه هي حكمة خلقهم فانهم يجب عليهم ان يمتثلوها فيعبدوا الله وحده لا شريك له نعم. احسن الله اليكم. فاذا عرفت ان الله خلقك لعبادته فاعلم ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد كما ان الصلاة لا تسمى صلاة الا مع الطهارة. فاذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث اذا دخل في الطهارة عرفت ان الشرك اذا خالط العبادة افسدها واحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار. عرفت ان اهم ما عليك كمعرفة ذلك لعل الله ان يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه ان الله ايغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وذلك بمعرفة اظمع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه لما قرر المصنف رحمه الله ان حكمة خلقنا هي عبادة الله وهذا امر اتفاقي بين اهل القبلة ذكر ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد فمن زعم انه يعبد الله وهو غير موحد له فهو كاذب في دعواه ولا اعتداد بعبادته وعبادة الله لها معنيان احدهما عام وهو امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع والثاني خاص وهو التوحيد فتطلق العبادة ويراد بها التوحيد وعبر بالخضوع في بيان حقيقة العبادة العامة دون الذل خلافا للجاري في السنة المتكلمين فيها لامرين احدهما اقتداء خطاب الشرع في كون الخضوع عبادة يتقرب بها الى الله بخلاف الذل فان الذل يتمحض في كونه قدريا كونيا اما الخضوع فيكون كونيا قدريا ويكون دينيا شرعيا فيقال للخلق اخضعوا لله ولا يقال لهم ذلوا لله ووفق ذلك وقعت دلائل الشريعة فعند البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قظى الله بالامر من السماء ضربت الملائكة باجنحتها وضعانا لقوله وروى البيهقي بسند صحيح في في قنوت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وتره ونؤمن بك ونخضع لك فالعبادة التي يتقرب بها الى الله هي الخضوع دون الذل والثاني ان قلب الذليل فارغ من الاقبال على الله الذي هو حقيقة العبادة كما انه يتضمن نقصا لا يناسب الكمال الذي تورثه العبادة ومنه قوله تعالى خاشعين من الذل وقوله ترهقهم ذلة فلا يأتي الذل الا نقصا فالعبادة تجمع الحب والخضوع لا الحب والذل. وفي ذلك قال منشدكم وعبادة الرحمن غاية حبه وخضوع قاصده هما قطبان والقاصد هو المتوجه الى الله سبحانه وتعالى فيما يطلبه اما التوحيد فله معنيان شرعا احدهما عام وهو افراد الله بحقه وهو افراد الله بحقه وحق الله نوعان حق في المعرفة والاثبات وحق بالطلب والقصد حق في المعرفة والاثبات وحق في الطلب والقصد وينشأ من هذين الحقين ان الواجب عليك في توحيد الله ثلاثة انواع هي توحيد ربوبية وتوحيد الوهية وتوحيد اسماء وصفات والثاني خاص وهو افراد الله بالعبادة فان التوحيد يطلق في الخطاب الشرعي ويراد به توحيد الله عز وجل في العبادة والالوهية والعبادة والتوحيد اصلان عظيمان يجتمعان ويفترقان بحسب المعنى المنظور اليه تم اجتماعهما فيكون اذا نظر الى ارادة التقرب فاما اجتماعهما فيكون اذا نظر الى ارادة التقرب فكل عبادة يتقرب بها العبد الى ربه هي توحيد له والصلاة توحيد لله وصيام توحيد لله والحج توحيد لله وقل ذلك في سائر ما يتقرب به الى الله لان العبد يريد بذلك التقرب اليه سبحانه وتعالى واما افتراقهما فيكون اذا نظر الى افراد المتقرب به اي الاعمال التي تفعل طلبا للقربى من الله سبحانه وتعالى فيكون التوحيد واحدا من تلك الاعمال التي يتقرب بها العبد الى ربه عز وجل فهذه هي الصلة بين التوحيد والعبادة اجتماعا وافتراقا ثم نبه المصنف الى مفسد العبادة الاعظم وهو الشرك والشرك شرعا يطلق على معنيين احدهما عام وهو جعل شيء من حق الله لغيره جعل شيء من حق الله لغيره والاخر قاص وهو جعل شيء من العبادة لغير الله فانه يطلق في خطاب الشرع الشرك على ارادة هذا المعنى وعدل في حد الشرك عن الصرف الى الجعل لامرين احدهما اقتفاء الخطاب الشرعي فالوارد فيه هو الجعل دون الصرف قال الله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله اي الذنب اعظم؟ قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك والثاني ان الجعل يتضمن الدلالة على الاقبال والتأله القلبي بخلاف الصرف فانه لا يدل الا على تحويل الشيء عن وجهه دون نظر الى الجهة المحول اليها واثر الشرك في العبادة يختلف باختلاف قدره فمنه اكبر ومنه اصغر والمقصود في كلام المصنف هو الاكبر لقوله فاذا دخل في العبادة فسدت لقوله فاذا عرفت ان الشرك اذا خالط العبادة افسدها واحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار وهذا وصف لا يكون الا في الاكبر دون الاصغر والشرك الاكبر هو جعل شيء من حق الله لغيره يخرج به العبد من الملة وجعل شيء من حق الله لغيره يخرج به العبد من الملة والشرك الاصغر هو جعل شيء من حق الله لغيره لا يخرج به العبد من الملة فنوعا الشرك باعتبار قدره يجتمعان في شيء ويفترقان في اخر فاجتماعهما في كونهما يتضمنان معا جعل شيء من حق الله لغيره ويفترقان في الاثر الناشئ عنهما فالشرك الاكبر يؤول بصاحبه الى الخروج من الملة اما الشرك الاصغر فلا يؤول لصاحبه الى الخروج من الملة نجاسة الشرك التي ذكرها المصنف محلها القلب وقد تقدم ان اصول نجاسات القلب ترجع الى ثلاث هن من ذكره في الفوائد في كتاب الفوائد وقد سبق الانباه الى ان اصول نجاسات القلب ثلاث اولها الشرك وثانيها البدعة وثالثها المعصية ذكره ابن القيم في كتاب الفوائد وكما يؤمر العبد بدفع النجاسة الظاهرة عنه يؤمر بدفع النجاسة الباطنة عن قلبه واعظمها الشرك بالله سبحانه وتعالى ومما يحمل العبد على تحري دفع هذه النجاسة عن قلبه سوء اثرها وعظيم عاقبتها وما تؤول به حال العبد اذا كان من المشركين من حبوط عمله ومصيره الى النار وكونه من الخالدين فيها وهذه النجاسة هي اعظم حبالة ينصبها الشيطان وهو الذي اراده المصنف بقوله هذه الشبكة فان الشيطان ينصب شباكا يختل بها الخلق ليخرجهم عن دين الله اعظمها شبكة الشرك التي اذا امسكت باحد الت به الى حبوط عمله وسيرته من اهل النار اعاذنا الله واياكم منها وذكر المصنف رحمه الله تعالى في التحذير من الشرك وبيان خطره وسوء عاقبته قوله تعالى ان الله الا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فهذه الاية دليل على ان الشرك كن له لا يغفر لان المصدر المؤول المسبوك من ان والفعل المضارع المقدر بقولنا شركا وقع نكرة في سياق نفي فتقدير الكلام ان الله لا يغفر شركا به والنكرة في سياق النفي تعطي ايش تعطي العموم فيكون الشرك كله غير مغفور وهذا اصح قولي اهل العلم في تفسير الاية ومما يعين العبد على معرفة الشرك ليحذره معرفة اربع قواعد ذكرها الله في كتابه تبين حال المشركين الذين بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم وما كان يدعوهم اليه وتتضح بها حقيقة الشرك ويتميز دين المسلمين عن دين المشركين. وهي القواعد التي ذكرها المصنف هنا فالغاية من هذه القواعد التفريق بين دين المسلمين ودين المشركين ومردها الى معرفة الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة حال المشركين الذين بعث فيهم واستمدادها من القرآن الكريم فهي ليست كلاما من مبتكرات المصنف غير مشيد على برهان جلي من القرآن بل قصد المصنف تخصيص دلائل هذه القواعد بالقرآن. فكل قاعدة منها ذكر من القرآن وربما زاد بذكر دليل من السنة فيعلم ان ما قرره فيها ليس بدعا من القول والمصنفون في بيان الدين اذا قيدوا شيئا على وجه التقعيد بعدد معين فلا يريدون بذلك ان الامر منحصر فيها وانما يريدون ثبوت تلك القواعد بدلائلها من القرآن والسنة ولا تجدوا فيما ذكره المصنف رحمه الله تعالى شيئا غير مبين على دليل من القرآن والسنة كما سيعلم من كل قاعدة من هذه القواعد والمراد بالقاعدة هنا اوسع من المعنى الذي يريده الفقهاء وهو اوصق بالمعنى اللغوي فهي اساس من اسس الدين واصل من اصوله فهذه القواعد الاربع من قواعد الشريعة ويصوغ ايضا ارادة المعنى الاصطلاحي للقاعدة لانه كما سلف قضية كلية تنطبق على جزئيات متفرقة من ابواب متعددة لكن هذه الابواب لا تختص بالفقه بل تعم الدين كله فهي قواعد دينية نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى القاعدة الاولى ان تعلم ان الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرون بان الله تعالى هو الخالق المدبر. وان ذلك لم يدخلهم في الاسلام. والدليل قوله قال قل من يرزقكم من السماء والارض ام من يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فقل افلا تتقون. مقصود هذه القاعدة بيان شيئين احدهما ان الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرون بتوحيد الربوبية وهو افراد الله في ذاته وافعاله ان الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرون بالربوبية وهو افراد الله في ذاته وافعاله واشار المصنف رحمه الله اليه بقوله مقرون بان الله تعالى هو الخالق المدبر لان الخلق والتدبير اعظم افعال الربوبية واستدل على ما ذكره بقوله تعالى قل من يرزقكم من السماء والارض امن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فالاية صريحة في اقرارهم بربوبية الله عز وجل لانهم اقروا بان الرزق والملك والتدبير كله لله والاخر ان اقرارهم بتوحيد الربوبية فقط لم يدخلهم في الاسلام ان اقرارهم بتوحيد الربوبية فقط لم يدخلهم في الاسلام لان النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم ولو كانوا باقرانهم مسلمين لما لما قاتلهم خير العالمين صلى الله عليه وسلم نعم القاعدة الثانية انهم يقولون ما دعوناهم وتوجهنا اليهم الا لطلب القربة والشفاعة فدليل القربة تعالى الا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه اولياء اما نعبدهم الا ليقربوا تونا الى الله زلفى. ان الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون. ان الله لا يهدي من هو كاذب كفار ودليل الشفاعة قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاء عند الله والشفاعة شفاعة منثية وشفاعة مثبتة الشفاعة المنفية ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله والدليل قوله تعالى يا ايها الذين امنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة. والكافرون هم الظالمون. والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله والشافع مكرم بالشفاعة. والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الاذن. كما قال تعالى من ذا الذي يشفع عنده الا بإذنه. مقصود هذه القاعدة بيان ان الحامل للمشركين على دعوة غير الله والتوجه اليه شيئان احدهما طلب القربة احدهما طلب القربة والاخر طلب الشفاعة فلم يكن المشركون يعتقدون ان معبوداتهم تدبر الامر وتستقل بما شاءت ولكنهم كانوا يتوجهون اليها لتحصيل الامرين المذكورين وقد ابطل الله هذا وهذا فاما طلب القربة باتخاذهم الاولياء فقد ابطله الله عز وجل بنفي وجودهم كما قال تعالى الا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وهي الاية التي ذكرها المصنف ثم قال في اخرها ان الله لا يهدي من هو كاذب كفار فنسبهم الى الكذب في دعواهم ان لله اولياء وذلك يتضمن نفي وجود ولي من هذه المعبودات وبه صرح الله سبحانه وتعالى في قوله ولم يكن له ولي من الذل فنفى الله سبحانه وتعالى وجود الاولياء وابطل ما تعلقوا به من طلب القربة بهذا الطريق في مواضع عدة في القرآن الكريم فان قال قائل فان الله عز وجل اثبت الاولياء في قوله تعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فما الجواب نعم هم الجواب ان الولي يقع على معنيين احدهما النصير المساعد والثاني المنصور المعان المنصور المعان الاول النصير المساعد والثاني المنصور المعان فالاول هو الذي كان يدعيه المشركون فنفاه الله والثاني هو الذي اثبته الله عز وجل لاولياءه المؤمنين فالولي المنفي عن الله هو ما كان يعتقده المشركون ان لله معينا يتصرف معه بما ينفعه واما الشفاعة فابطلها الله بنفي ملك الشفعاء للشفاعة واما الشفاعة فابطلها الله بنفي ملك الشفعاء للشفاعة وامتناع شفاعتهم الا من بعد اذنه سبحانه وتعالى كما قال قل لله الشفاعة جميعا وقال لا من شفيع الا من بعد اذنه ويترشح من هذا ان من دعاه المشركون في اتخاذ الالهة وهو طلب القربة والشفاعة ابطل في القرآن بمسلكين احدهما ابطال الاولياء وفي ذلك ابطال لما زعموه من طلب القربة والاخر ابطال ملك الشفعاء للشفاعة وفي هذا ابطال لما راموه من شفاعة الهتهم لهم والشفاعة الذي التي يذكرها المتكلمون في ابواب الاعتقاد يريدون بها الشفاعة عند الله وهي هنا شرعا سؤال الشافعي الله تؤال الشافعي الله حصول نفع للمشفوع له سؤال الشافعي الله حصول نفع للمشفوع له والنفع يتضمن جلب خير او دفع ضر عنه وهي نوعان احدهما شفاعة منفية وهي التي نفاها الله والشفاعة المنفية شرعا هي الخلية من اذن الله ورضاه هي الخلية من اذن الله ورضاه وهي نوعان احدهما المنفية عن الشافع المنفية عن الشافع ومنها المنفية عن الالهة المزعومة والاخر المنفية عن المشفوع له وهو الكافر المنفية عن المشروع له وهو الكافر وذكر المصنف رحمه الله تعالى قوله تعالى يا ايها الذين امنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون دليلا عليها لنفي الشفاعة فيها والنفي يختص بالشفاعة التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله سبحانه وتعالى والنوع الثاني من نوعي الشفاعة الشفاعة المثبتة وهي التي اثبتها الله عز وجل وحقيقتها الشرعية الشفاعة التي تطلب من الله الشفاعة التي تطلب من الله وشرطاها اذن الله ورضاه عن الشافع والمشفوع له اذن الله ورضاه عن الشافع والمشفوع له قال تعالى من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه واقتصر عليه المصنف دليلا على الشرطين معا لاندراج الرضا في الاذن فانه لا يحصل الاذن الا بوجود الرضا عن الشفيع عن الشافعي والمشفوع له والافصاح به اولى كما جاء في قول الله تعالى وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى وحذف متعلق الفعل يرضى ليعم فيعم الرضا عن الشافعي وعن المشفوع له والشافع مكرم بالشفاعة كما قال المصنف والله متفضل عليه بها ومكرم بتخفيف الراء في المسموع في رواية الكتاب. ويجوز تشديدها نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى القاعدة الثالثة ان النبي صلى الله عليه وسلم ظهر على المتفرقين في عباداتهم منهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الانبياء والصالحين ومنهم من يعبد الاشجار روى الاحجار ومنهم من يعبد الشمس والقمر وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفرق بينهم دليل قوله تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. ودليل الشمس والقمر قوله تعالى ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم اياه تعبدون. ودليل الملائكة قوله تعالى ولا يأمركم ان تتبعوا الملائكة والنبيين اربابا. ودليل الانبياء قوله تعالى واذ قال الله يا عيسى ابن مريم انت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله. قال سبحانك ما كونوا لي ان اقول ما ليس لي بحق. ان كنت قلته فقد علمته. تعلم ما في نفسي ولا ما في نفسك انك انت علام الغيوب. ودليل الصالحين قوله تعالى يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه. ودليل الاشجار والاحجار قوله تعالى افرأيتم اللات والعزى ومن اتى الثالثة الاخرى. وحديث ابي رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم الى حنين ونحن حذفاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها اسلحتهم. يقال لها ذات انواط فمررنا بسدر فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات انواط كما لهم ذات انواط الحديث. مقصود هذه القاعدة بيان ان مناط الكفر عبادة غير الله بيان ان مناط الكفر عبادة غير الله دون نظر الى منزلة المعبود دون نظر الى منزلة المعبود فمن يعبد النبي والولي والملك كمن يعبد الشجر والحجر واجرام الفلك فالنبي صلى الله عليه وسلم ظهر على اناس متفرقين في عباداتهم اي متفرقين من جهة مألوهاتهم التي يعبدون لا من جهة الافعال التي يتقربون بها اليه فليس معنى قول المصنف متفرقين في عباداتهم ان منهم من يعبد بالذكر ومنهم من يعبد بالذبح ومنهم من يعبد بالدعاء وانما مقصوده كونهم متفرقين في مألوهاتهم التي يعبدون فكان منهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الانبياء والصالحين ومنهم من يعبد الاشجار والاحجار ومنهم من يعبد الشمس والقمر وقاتلهم صلى الله عليه وسلم واكثرهم جميعا ولم يفرق بينهم لانهم وان اختلفوا في معبوداتهم فقد اجتمعوا في موجب الكفر وهو عبادة غير الله عز وجل فلا يختص التكفير بمن عبد الاصنام فقط بل كل من عبد غير الله ولو كان معبوده نبيا او ملكا او وليا او رجلا صالحا فانه كافر لان العبادة حق لله عز وجل. والله عز وجل لا يقبل شركة في حقه فلا يكون التوحيد الا افراده بالعبادة فاذا جعل شيء من هذه العبادة لغير الله صار. جاعل ذلك لغير الله عز وجل كافرا ولو فعل شيئا من صلاته او حجه او ندره او دعائه لمعظم عند الله كنبي او رسول او ملك او رجل صالح وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ادلة ما قرره من تفرقهم في مألوهاتهم فان قوله الشمس والقمر ونظائره يريد به دليل وقوع عبادة المذكورات فيه فتقرير الكلام ودليل عبادة الشمس والقمر كذا وكذا ودليل عبادة الملائكة كذا وكذا وجميع ادلة ذلك من القرآن سوى احد دليل دليلي عبادة الاحجار والاحجار فهو حديث ابي واقد الليثي رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم الى حنين الحديث رواه الترمذي واسناده صحيح وللمصنف رحمه الله كلام حسن في تبيين هذه القاعدة ورد ما عورت به من المماحلة سيأتي معنا باذن الله في كتابه الاخر كشف الشبهات وقوله في الحديث يعكفون هو بضم الكاف وتكسر ايضا والعكوف هو الاقامة على الشيء والمكث عنده فكانوا يعكفون عند هذه الشجرة بالبقاء والمكوث عندها وسيأتي بيانه في كتاب التوحيد وقوله ينوطون اي يعلقون نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى القاعدة الرابعة ان مشركي زماننا اغلظ شرك. ان مشركي زماننا ونبشرك من الاولين لان الاولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة ومشركوا زماننا شركهم دائما في الرخاء والدليل قوله تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى اذا هم يشركون. مقصود هذه القاعدة بيان غلظ شرك اهل زمانه فمن بعدهم من المتأخرين بيان غلاظ شرك اهل زمانه فمن بعدهم من المتأخرين ومجموع الادلة الشرعية والوقائع التاريخية يدل على ان شرك المتأخرين اشد من شرك الاولين من تسعة وجوه الوجه الاول ان الشرك الاولين كان في الرخاء فقط اما شرك المتأخرين فهو في الرخاء والشدة معا ذكر هذا الوجه المصنف هنا في القواعد الاربع وفي كشف الشبهات وجعل دليله الاية المذكورة من سورة العنكبوت فركوب البحر في الفلك وهو السفينة حال شدة هم فيها مخلصون يدعون الله تعالى فلما نجاهم الى البر وهي حال رخاء اشركوا به عز وجل الوجه الثاني ان الاولين كانوا يدعون مع الله خلقا مقربين من الانبياء والملائكة والصالحين ان الاولين كانوا يدعون مع الله خلقا مقربين من الانبياء والصالحين او يدعون اشجارا واحجارا ليست عاصية او يدعون اشجارا واحجارا ليست عاصية وهؤلاء المتأخرون يدعون مع الله الفساق والفجار ذكره المصنف في كشف الشبهات الوجه الثالث ان الاولين يعتقدون ان ما هم عليه مخالف لدعوة الانبياء والرسل لانهم قالوا اجعل الالهة الها واحدا؟ ان هذا لشيء عجاب اما المشركون المتأخرون فيزعمون ان ما هم عليه موافق لدعوة الانبياء والرسل ذكر هذا الوجه بمعناه عبداللطيف بن عبدالرحمن ابن حسن في رده على داوود ابن جرجيس الوجه الرابع ان كثيرا من المتأخرين قصدوا معبوداتهم من دون الله على جهة الاستقلال ان كثيرا من المتأخرين قصدوا معبوداتهم من دون الله على وجه الاستقلال اما الاولون فقصدوا معبوداتهم لتقربهم الى الله فهي عندهم شفعاء ووسائط بخلاف حال من تأخر وان زعموا خلافهم والوجه الخامس ان المتأخرين يزعمون ان قصد الصالحين والتوجه اليهم من حقهم ان المتأخرين يزعمون ان قصد الصالحين والتوجه اليهم من حقهم وان تركهم جفاء لهم وازراء بهم وان تركهم جفاء لهم وازراء به ولم يكن الاولون يذكرون هذا والوجه السادس ان عامة شرك الاولين في الالوهية وهو في غيرها قليل ان عامة شرك الاولين في الالوهية وهو في غيرها قليل اما المتأخرون فشركهم كثير في الربوبية والالوهية والاسماء والصفات جميعا الوجه السابع ان المشركين الاولين كانوا لا يشركون بالله في شيء من الملك والتصوف الكلي العام كانوا لا يشركون بالله بشيء من الملك والتصرف الكلي العام بل كانوا يقولون في تلبيتهم لبيك لا شريك لك لبيك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك فكانوا يقولون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك اما المتأخرون فقد جعلوا لمن يعظمونه تدبيرا وتصرفا في الكون وهذا شرك لم تعرفه العرب في الجاهلية الاولى والوجه الثامن ان المشركين الاولين كانوا يرجون الهتهم في قضاء حوائج الدنيا فقط ان المشركين الاولين كانوا يرجون الهتهم في قضاء حوائج الدنيا فقط لانهم انا منكرون للبعث او يعتقدون انهم اذا وصلوا الى الله استغنوا عن الهتهم او انهم يعتقدون انهم اذا وصلوا الى الله استغنوا عن الهتهم لما يكون لهم من الحظوة والمنزلة عند الله اما المتأخرون فيريدون من معظميهم قضاء حوائج الدنيا والاخرة اما المتأخرون فيريدون من معظميهم قضاء حوائج الدنيا والاخرة ذكر هذا الوجه بمعناه حمد بن ناصر بن معمر في جواب له مذكور في الدرر السنية الوجه التاسع ان المشركين الاولين كانوا يعظمون الله وشعائره كانوا يعظمون الله وشعائره فكانوا يعظمون اليمين بالله ويعيذون من عاذ بالله وببيته ويعتقدون ان البيت الحرام اعظم من اصنامهم يعتقدون ان البيت الحرام اعظم من اصنامهم اما المتأخرون فان احدهم لا يجرؤ على القسم بمعظمه اذا كان كاذبا ولا يبالي اذا اقسم بالله وهو كاذب ولا يعيذون من عاذ بالله وببيته ويعيذون من عاذ بمعظمهم وبتربته ويعتقدون ان العكوف عند المشاهد والمقامات اعظم من العكوف في المساجد ويعتقدون ان العكوف في المشاهد والمزارات اعظم من العكوف بالمساجد واكثرهم يرى ان استغاثته ودعائه غير الله اسرع وانجح في حصول مقصوده من استغاثته ودعائه الله عز وجل وهذا الوجه مستفاد من كلام متفرق لحفيد المصنف سليمان ابن عبد الله في تيسير العزيز الحميد وبعضه في كلام حمد بن معمر انف الذكر وهذه الوجوه انما يؤنس حقيقتها من عرف الشرك والتوحيد اما من جهل التوحيد لقلة علمه به او نشأته في بلاد على التوحيد فانه لا يعرف مقدار هذه الوجوه فينبغي ان يتدبر العبد ما في القرآن والسنة من ذكر احوال المشركين وهي احوال تتكرر في كل زمان ومكان ليعرف حقيقة الشرك والتوحيد فانه لما ضعف العلم في الخلق وكثرت ان دعاوى الشرك والنفاق وتسلط اهل الاهواء في الاسلام عظم الجهل بتوحيد الله حتى سرى هذا الى البلدان التي يسميها اهلها بلاد التوحيد وان الارض المقدسة لا تقدس احدا وانما يحفظ الخلق في بلدانهم بقدر ما يحفظون من حق الله عز وجل في توحيده فمن اراد ان يتغرغر بحلاوة التوحيد فلا يقولن كان أبي وهذه بلدي وانما يقول قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم فانه اذا كان حشو قلبه في معرفة التوحيد والشرك كلام الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم حصلت له قوة عظيمة في التمييز بين التوحيد والشرك وعرف لكل منهما منزلته فاذا ضعف نور هذا المصباح في قلب العبد وانس السكينة الى الحال التي نشأ عليها وربما لم يرفع الى التوحيد راسا ولا تجهم وجهه عبوسا من طروء احوال المشركين. وهذه بلية سرت في الخلق باخرة حتى صرت تسمع ممن نشأ في بلاد على التوحيد اشياء تخالف توحيد الله عز وجل لانه اخذ التوحيد عن ابيه وجده. ولم يأخذه عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم. فلم يقدره حينئذ غد ولا عرف له مرتبة ولا انس شر الشرك الذي هو شر شر موجود على الارض فالله الله في تمييز توحيدكم ومعرفته بما ذكر الله عز وجل في كتابه وذكره رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته فان الشرع اغنى عن كل احد. وكلام اهل العلم انما يراد به الاطلاع على ما يقرب من معاني اذا بالسنة كهذا الكتاب فاذا وقر في قلب الانسان معاني الكتاب والسنة استغنى عن كل كلام الا كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فنسأله سبحانه وتعالى ان ينير قلوبنا بالتوحيد وان يعيذنا من الشرك وان يجعلنا من عباده المخلصين وبهذا ينتهي شرح الكتاب على نحو مختصر يبين معانيه الاجمالية ومقاصده الكلية اللهم انا نسألك علما في المهمات ومهما من المعلومات وبالله التوفيق