السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الثالث عشر من برنامج الدرس الواحد الخامس والكتاب المقروء فيه هو الغرر سوافل العلامة الزرقشي رحمه الله وقبل الشروع في اعطائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين. المقدمة الاولى التعريف بالمصنف. وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة المتفنن محمد بن عبدالله بن بهادل الزركشي يكنى بابي عبد الله ويعرف ببدر الدين وبالمنهاج لانه كان يحفظ كتاب المنهاج للنووي في فقه الشافعية حفظا حسنا المقصد الثاني تاريخ مولده ولد سنة خمس واربعين وسبعمائة فيما نقله ابن حجر في الدرر كاملة من خطه المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في الثالث من رجب سنة اربع وتسعين وسبع مئة وله من العمر اربع واربعون سنة رحمه الله رحمة واسعة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول تحقيق عنوانه عنوان هذا الكتاب الغرر السوافر عما يحتاج اليه المسافر كما هو مصرح به في مقدمته المقصد الثاني بيان موضوعه اشتمل هذا الكتاب على بيان جملة مستكثرة من احكام السفر وادابه المقصد الثالث توضيح منهجه رتب المصنف رحمه الله تعالى كتابه هذا ترتيبا حسنا فائقا فقد سلسل معارفه في ثلاثة ابواب وقسم مقاصد الابواب الى فصول يشير اليها باسم فصل وربما فصل النسق المتتابع بترجمة دون ذكر كلمة فصل وقد تجلت في هذه الرسالة جودة الصناعة العلمية مع حسن الصياغة الادبية فجمع المصنف بين اطايب العلم وملحه جمعا حسنا لا يمل معه الكتاب مع تكرار قراءته نعم الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال العلامة الزرقشي يرحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي جعل الارض بلولا نمشي في مناكبها والانعام حمولة نستوي في مراكبها السماء بها ان نهتدي في كواكبها نحمده على نعمه التي فتح ابواب مطالبها ومننه التي قرن مستقبلها بذاهبها. وصلى الله على سيدنا محمد الحال من العلا في اشرف مراتبها والحال لعقد الضلالة والهازم لمواكبها وعلى اله وصحبه ما ترددت النجوم في مقال فهذا كتاب للغريب ان يسموا وللوحيد جنيس يكون رفيقا للمسافر في سفره معينا له على قضاء وطره مؤنسا له مساعدا له في مصادره وموارده سميته بالغرر السوافر عما يحتاج اليه المسافر ناتجا له على غير منوال منشأ له على غير ان الله سبحانه اسأله النفع والافادة عليه وان يجعله خالصا لوجهه مقربا للفوز لديه. انه قريب مجيب ورتبته على ثلاث الباب الاول في مدلول السفر وفوائده الباب الثاني فيما يتعلق عند السفر الباب الثالث في الاداب المتعلقة بالسفر عمره الصحيح تسعة واربعون اذا طرحتم تبين لكم ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مقدمة كتابه التي افصح فيها عن مقصوده من تصنيف هذا الكتاب كي يكون للغريب انيسا وللوحيد جليسا ورفيقا للمسافر بسفره ومعينا له على قضاء وتره اي حاجته. ثم ذكر اسمه اذ سماه بالغرر السوافذ يعني الكاشفة المبينة عما يحتاج اليه المسافر اي من الاحكام والاداب وهو كتاب حسن الوضع بديع النفس قل ان يكون له نظير في بابه. نعم الباب الاول في حقيقة السفر وفوائده اصل السفر في اللغة ظهور والبروز ومنه اسفر الصباح اذا لمع وسميت سفر سفرا لانه يسقط عن اخلاق الرجال ان يظهروا احوالها ومنه سفرت المرأة عن وجهها اذا كشفته واظهرته ومنه سميت مسفرة لانها تسكر التراب عن وجه الارض ويقال رجل سافر وقوم سفر جمع سافر كراكب وركب الا انهم لم ينطقوا بسافر وسافر ايضا شاذ في الافعال فيما وقع في باب فاعل من فعل واحد واكثره ان يكون من اثنين والاصل فيه قوله تعالى واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله وقال تعالى هو الذي جعل لكم الارض بلولا في مناكبها وكلوا من رزقه. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال سافروا تصحوا وتغنموا. اخرجه البيهقي في سننه من حديث ابن عمر روى ابن عباس رضي الله عنهم باسناد ضعيف. وفي رواية الطبراني وتسلم بدل تغنموا. قال ابن عبد البر وهذا عندي لا يعارض حديث سفر قطعة من عذاب بل ذلك العذاب هو التعب والمشقة كالدواء المر المعقد الصحة. ولذلك قيل السفر مصحة واما المصنف رحمه الله تعالى هنا حقيقة السفر في لسان العرب فاخبر ان اصل السفر في اللغة الظهور والبروز ومنه اكثر الصباح اذا لمع وسميت سفر سفرا لانه يسفر عن اخلاق الرجال ويظهر بواطن احوالهم. ومنه سفرت المرأة عن وجهها فاذا كشفته ومنه سميت مسفرة لانها تسهر التراب عن وجه الارض يعني تكشفه. ويقال رجل سافر على زنة راكب ويجمع على سفر ثم ذكر ان العرب لم تنطق بسافر وانما يخبرون عنه بمسافر. ثم قال وسافر يعني الفعل ايضا شاذ في الافعال فيما وقع في باب فاعل من فعل واحد. واكثره ان يكون من اثنين يعني ان الغالب في بناء تاء على في لسان العرب قاتل وضارب ولعن ان يكون بين اثنين الا هذا الفعل سافر فانه من الشاد عن القاعدة فانه يقع من واحد ثم بين الاصل في ثبوت السفر من الاي والسنة فاورد طرفا من الايات فيها واخرون يضربون في الارض وقوله تعالى هو الذي جعلكم الارض ذنولا فامشوا في مناكبها. فهاتان الايتان دالة على اصل مشروعية واورد من السنة حديث سافر تصح وتغنم والاحاديث المروية في هذا المعنى ضعيفة لا يخرج منها شيء بل حديث السفر المشتملة على مدحه لا يثبت منها حديث وانما يثبت للسفر فعله صلى الله عليه وسلم. بل الاحاديث القولية ذم السفر ومن ذلك الحديث الذي ذكره المصنف نقلا عن ابن عبد البر وسيأتي ان شاء الله وهو حديث ابي هريرة رضي الله رضي الله عنها المخرج في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال السفر قطعة من العذاب. وهذا الحديث في ظاهره توهموا المعارضة لما سبقه من الاحاديث وان كانت احاديث ضعيفة. لكنه ايضا يوهم معارضة الاحاديث الفعلية ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفعلين. فان النبي صلى الله عليه وسلم سافر ومع ذلك قال السفر قطعة من العذاب. فهل يقتضي هذا ذم السفر وانه لا يمدح بحال ام لابد من الجمع بينهما الصحيح هو الجمع بينهما وقد جمع بينهما ابن عبد البر كما نقله المصنف بان العذاب هنا هو التعب والمشقة. ومثل له بالدواء المر المعقب للصحة ان الانسان قد يتناول لاجل علة طرأت عليه دواء مرا فتورثه هذه المداواة بالدواء المر الصحة والعافية فيحمد الدواء المر لاجل ذلك ولهذا فان السفر لما كان مصحة تصح به العقول والابدان كان ممدوحة واوفقوا في العبارة والطف بالاشارة ان يقال ان اسم العذاب في خطاب الشرع يطلق على معنيين اثنين اولهما نزول العقاب المرهوب نزول العقاب المرهوب. وهذا اكثر ما يذكر في الشرع لقوله تعالى عذاب اليم قوله تعالى عذاب مستمر في اين اخر والثاني فوات الكمال المرغوب فوات الكمال المرغوب وهذا المعنى هو المراد في حديث ابي هريرة هذا السفر قطعة من العذاب ما الدليل؟ ما الدليل لان هذا من الثاني ليس من الاول مع السلامة لا هذا جمع نبيه دليل على صحة الدعوة فيه ما يقولوش ايه ان تتمة الحديث تدل على ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم قال يمنع احدكم طعامه وشرابه ونومه فالذي حصل هنا قوات كمال المطلوب او وقوع عقاب مرغوب. فواتوا كمال مرغوب مطلوب فدل هذا على صحة ما ذكرنا من الجمع. نعم اما فوائده فقد اشار اليه الشافعي رضي الله عنه فيما روي عنه من قوله تغرب عن الاوطان تكتسب العلا وسافر ففي الاسفار خمس فوائد خروج هم واكتساب معيشة وعلم واداب وصحبة ماجد. فان قيل في الاسفار ذل وشدة وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد. فموت الفتى خير له من حياته بدار هوان بين واش وحاسد. فاما الاولى وهي انفراج الهم فان الله اجرى العادة ان الملازم لمكان واحد او طعام واحد يسأم منه لا سيما اذا كان في هم كثير فاذا انتقل عن تلك الحالة او تشاغل بغيرها تصرف عنه الهم على التدريج وانبعثت روحانيته لما يدوم قال يحيى بن عادي ان الطبيعة تمل الشيء الواحد اذا دام عليها ولذلك اتخذت الوان الطعام واطلق التزويج باربع نسوة. ورسم التنزه والتحويل والاستكثار منه مكان الى مكان للاكثار من الاخوان والتفنن في الاداب والجمع بين الجد والهزل. وقال الحريري وجدت بها ما يملأ العين قرة ويسلي عن كل غريب. واما الثانية وهي ما يمشي البيت ها؟ هذا بيت شعر بس ويفلي عن الاوطان كل غريب احسن الله اليك قال الحريري وجدت بها ما يملأ العين قرة ويثني عن الاوطان كل غريب. واما الثانية وهي اكتساب المعيشة فانها لا تكون الا بالتحرك في الحديث السابق سافروا تغنموا. وفي التوراة ابن ادم خلقتك من الحركة فتحرك واني معك. وقالت العرب البركات مع الحركات وقالوا عن الظفر وقيل من ضعف عمله اتكل على رزق غيره وقال علي رضي الله عنه الرزق مقدمه اللون. وقال احمد رأيت دواء الاستعجال خيرا من الاحتياج ومن الكلم النواب صعود الاكام وهبوط وغيطان خير من القعود بين الحيطان. ولله در السراج والراقي حيث يقول دع الهوينا وانتصر واكتسب واقتح فنفس المرء كداحه وكن عن الراحة في معزل فالصفح موجود مع الراحة. وقال اخر ليس ارتحالك في نفس الغنى فرندلي المقام على فقر هو السفر. وروي ورؤي عكرمة وراء نهر بلخ فقيل له ما جاء بتها هنا؟ قال بناتي. وقال رجل الكرخي يا ابا محفوظنا تحرك لطلب الرزق ان اجلس. قال لا بل تحركت فانه اصلح لك فقال له اتقول هذا؟ فقال وما انا قلته ولكن ان الله عز وجل امر به قال لمريم وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ولو شاء ان ينزله عليها لفعل وانشد الثعالبي الم ترى ان الله قال لمريم وهزي اليك الجذعة الساقة الرطب. ولو شاء ان تجنيه من غير هزها ولكن كل شيء له سبب وقال النابغة اذا المرء لم يطلب معاشا لنفسه شكى الفقر او لا مصديق فاكثرا فسرتي بلاد الله والتمس الغناء تعش لا يسار او تموت تعذر وقال ابن عبد ربه هل يجوز في عقل او يمثل في وهم او يصح في قياس ان يحصد زرع بغير بذل او يجنى ثمر بغير غرس او يرى زمزم بغير قبح او ينمو مال بغير طلب. واما الفائدة الثالثة وهي حصول العلم والاداب. فقد كان السلف يرحلون في طلب الفائز ورحل جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في طلب حديث واحد وقال موسى صلى الله عليه وسلم لا تدوم السفر فاني ادركت منهما لم يدركه احد يريد ان الله تعالى كلمه ونظم هذا ابو تمام ونظم هذا ابو تمام فقال فان موسى صلى على روحه الله صلاة كثيرة القدس صار نبيا واعظم بغيبته في جدوى للصلاة او قدس. صار نبيا واعظم بغيبته في وسن الصلاة اوقبتي نعم صار نبيا واعظم بغيبته في جدوة للصلاة اوقبت. وقال اخر لولا التغرب ما ارتقى در الجحور الى النحور اما الفائدة الرابعة وهي الاداب فلما يرى من الادباء ولقاء العلماء والعقلاء الذين لا يردون قطره فيكتسب من اخلاقهم وخلائقهم تحلى بفوائدهم وحقائقهم كما قيل. اذا اعجبتك خلال امرئ فكنه يكن فيك ما تعجب فليس على المجد والمكرمات اذا حاجب يحجب واما الفائدة الخامسة وهي صحبة الامجاد فيشهد لها الحس والواقع. وصحبة الامجاد ترفع المنقوص وترقيه الى رتبة اهل بالخصوص وتدخله في زمرتهم وتنسجه في لحمتهم ولله در القائل نزلت على ال مهلب شاكيا غريبا عن الاوطان في زمن المجد فما زال باحسانهم وجميلهم وبرهم حتى حسبتهم اهلي. وزار علي القاضي الرشيد ابن الزبير فقال ولما نزلنا في ظلال لبيوتهم امنا ومنا الخصب في زمن المجد ولو لم يزد احسانهم وجميلهم على البر من اجل حسبتهم اهلي وقيل لولا ما فارقتكم ابدا ولا تقلبت من ناس الى ناس وكل امرئ يولي الجميل محبب وكل مكان ينبت العز طيب وقال الثعلبي من فضائل السفر ان صاحبه يرى من عجائب الانصار ومن بدائع الاقطار ومحاسن الاثار ما يزيده علما بقدرة الله تعالى ويدعو شكرا الى نعم وقال المأمون لا شيء الذ من السفر في كفاية لانك كل يوم تحل محلة لم تحلها وتعاشر قوما لم تعاشرهم. وقال عنترة السفر يشد الابدان وينشط الكتان ويشهي الطعام. وقال ابن رشيق كتب الي بعض اخواني مثل الرجل القاعدي اعزك الله كمثل واكد ان ترك تغير وان تحرك تكدر فمثل المسافر كالسحاب الماطر هؤلاء يدعونه رحمة وهؤلاء يدعونه نقمة. فاذا اتصلت ثقل مقامه وكثر لوامه فاجمع لنفسك فرحة الغيبة وفرحة الاوبة والسلام. وقالت الحكماء لا تدرك الراحة الا بالتعب ولا الرغبة الا بالنصب. وقال ابن شرف القيرواني وصير الارض دارا والورى رحلا حتى ترى مقبلا في الناس مقبولا. ولهذه الفوائد او بعض وبها اكثر الناس من الاسفار حتى قيل كريشة بمهب الريح ساقطة لا يستقر على حال من القلق ولله قول ابي الطيب يخيل لي ان لا دام سامع وان يفيها ما يقول العواد معناه ان العادل ما تكلم كلمة فاستقرت في اذن المحب. وابن اللباني كانما الارض اني غير راضية فليس لي وطن فيها ولا وتر. والشهاب المناري حيث يقول ان عشت عشت بلا اهل ولا وطن وان قضيت فلا قبر ولا كفن اظن قبري بطون الوحش ترحل بي بعد الممات في الحالين لي ضعنوا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة طرفا من فوائد السفر بناها على ما ذكره من شعر الشافعي رحمه الله تعالى اذ عد فيه خمس فوائد فقال خروج هم واكتساب معيشة وعلم واداب وصحبة ماجد ثم بين هذه الفوائد الخمس التي ذكرها الشافعي رحمه الله تعالى واحدة واحدة وابتدأها بالاولى وهي انفراج الهم لان الله سبحانه وتعالى قد اجرى العادة بين الناس ان من لازم شيئا واحدا واعتاده في مكان او طعام او شراب فانه يسأم منه. فاذا انتقل عنه فانه يحصل له تفريج عن نفسه. ولهذا راعت الشريعة هذا الاصل في احكامها فاذنت بما اباح الله عز وجل للناس وجاء الشرع بتقرير ان الاصل في اشياء الحل فللمرء ان ينتفع بما شاء من المباحات. لان الاقامة على شيء واحد مما يضر العبد واما الفائدة الثانية فهي اكتساب المعيشة واصابة الرزق فان المرء لا ينال ذلك الا بالتحرف فان الله سبحانه وتعالى في سورة الملك قال هو الذي جعل لكم الارض ذلولا ثم قال فامشوا في مناكبها ثم قال كلوا من رزقه تنبيها الى ان اصابة الرزق تكون بالمشي في الارض. وقال سبحانه وتعالى في سورة الجمعة قال فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض ثم قال وابتغوا من فضل الله تنبيها على ان الرزق يكون بالحركة. واورد المصنف رحمه الله تعالى في هذا الحديث السابق وهو حديث ضعيف ونقل عن التوراة ابن ادم خلقت فمن الحركة تتحرك واني معك. وقالت العرب البركات مع الحركات. وقالوا اسفر الرجل عن الظفر الله يعني ان الرجل اذا سافر اصاب ظفرا وسمعت الشيخ عبيد الله اللاهوري يقول كان شيوخنا يقولون السفر وسيلة الظفر وهو في معنى هذه العبارة. ونقل عن علي رضي الله عنه انه قال الرزق مقدم اللون والمراد باللون يعني التحول والتغير وهذا انما يحمد في طلب الدنيا. اما في الديانة والتعبد فان اللون والتغير مذموم شرعا. وقد قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى فيما رواه ابن بطة في ابانه وغيره من اكثر الخصومات اكثر التلون او قال وقع التلون يعني في تغيير دينه وقال بعد ذلك ومن الكلم النوابغ يعني المستجاد الطيب صعود الاثام وهي الاماكن المرتفعة وهبوط الغيطان وهي الاماكن رضا خير من القعود بين الحيطان. ثم ذكر ابياتا حسانا ومقالات جيادا عن جماعة من اهل العلم في تقرير هذا المعنى ثم ذكر الفائدة الثالثة وهي حصول العلم والادب ولا ادل على ذلك من قصة موسى عليه الصلاة والسلام ام مع الخضر عليه الصلاة والسلام؟ فان العلم الذي اصابه موسى من الخضر لم يقع له الا بالرحلة فان او رحل يقصد مجمع البحرين حتى اصاب العبد الصالح. وقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرحلون دون لاجل حديث واحد كما وقع من جابر بن عبدالله فانه رحل في حديث واحد الى مصر سأل عنه عبد الله ابن انيس رضي الله عنه وقد افرد ابن ناصر الدين الدمشقي هذا الحديث بجزء طبع باسم مجلس في حديث الذي سافر لاجله ثم ذكر الفائدة الرابعة وهي حصول الاداب وذلك بما يراه من الادباء ولقاء العلماء والعقلاء الذي لا يريدون قطرة ولا يفدون على بلده فيكتسب من اخلاقهم وخلائقهم ويتحلى بفوائدهم وحقائقهم وقد يوجد في بلدان المسلمين ما لا يجده المرء في بلده. فقد قال الذهبي رحمه الله تعالى العلم بحر لا ساحل له وهو مفرق في الامة موجود لمن التمسه ومن التماسه طلبه بالاسفار. فقد يجد المرء علما هنا لا يجده هناك. ويجد هناك علما لا يجده هنا. وهذا امر معروف لمن طلب العلوم وكشف عن مراتب الناس فيها ولم يزل هذا في الامة من قرون وقل ان تجتمع العلوم على نحو مستقيم قوي في بلد من البلدان بل يشتهر اهل بلد بعلم ويشتهر اخرون بعلم اخر ويشتهر غير هؤلاء اولئك بعلم ثالث فمن رام بلوغ المقصود في هذه العلوم احتاج الى الرحلة الى هؤلاء وهؤلاء واما الفائدة الخامسة فهي صحبة الاماجد. فانه يلقى من كمل الرجال وعقلاء الناس من ينتفع بصحبته فيستفيد من تدبيره وحسن معاشرته. ويحصل له من القوة والمعارف ما لم يكن عنده من قبل. نعم فصل وللسفر فوائد وازرة غير ما سبق احدها رفع الانسان نفسه من الذل اذا كان بين قوم لئام. كما قيل اذا ما جاورتك الليالي بساقط قدرك مرفوع فعنه تحول الم تر ما لاقاه في جنب جاره كبير اناس في بجاد مزمل وقيل فسرتي بلاد الله والتمسي الغنى فما الفرق بالدنيا ولا الناس قائم؟ احد يحفظ منكم هالبيت هذا؟ فسر في بلاد الله والتمس الغناء فما الكرف بالدنيا ولا الناس ماشي ها لا احد يعرف انا ابي احد يحضاني انا اظن البيت وما الناس قاسموا هذا الذي اعرفه في البيت ان رجل اسمه قاسم فينظر. نعم وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم الله تعالى وهي احب البقاع اليه وهاجر الى طيبة لما نبى المقام فكان من امره ما كان ثم عاد اليها وفتحها الله عليه يستنبط منه مشروعية الانتقال من مكان الظرر. وان صريح الامر والرأي لامرئ اذا بلغته الشمس ان يتحول الثاني ان فيه تعديلا للبدن وصحة له كما سبق السافر تصح وروي السفر مصحة ومصحة قال الصاباني في العباب وهو من الاحاديث التروية بلا طرق وكذا الصوم مصحة ومصحة. والفتح اعلى ان يصح عليه. الثالث يحصل مقام الغربة لنفسه فانه قد ورد فيه ما يبعث على ذلك فذكر الحافظ ابن عبد البر رحمه الله ان وكيعا روى عن مالك عن سمي عن ابي صالح عن ابي هريرة يرفعه لو يعلم الناس ما للمسافر اصبحوا على ظهر سفر ان الله لا ينظر الى الغريب في كل يوم مرتين. قال وهذا حديث غريب لا اصل له من حديث ما لك ولا غيره وهو حديث حسن وفي الطيوريات من حديث رشدين ابن سعد عن ابي علقمة عن ابي هريرة يرفعه لو يعلم الناس رحمة الله للمسافر لاصبح الناس على ظهر سفر. ان الله عز وجل بالمسافر رحيم. الرابع انه اذا مات يختم له بالشهادة لما رواه وابن ماجه والدار قطني في سننهما من حديث ابن عباس يرفعه موت الغريب بشهادة وذكره الدارقطني من حديث ابن عمر وصححه. الخامس روى النسائي وابن ماجة في سننهما عن عبد الله ابن عمرو قال مات رجل في المدينة ممن ولد بها لا تصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا ليته مات بغير مولده قالوا ولم ذلك يا رسول الله؟ قال ان الرجل اذا مات بغير مولده قيس له من مولده الى منقطع اثره في الجنة. وفي اسناد هذا الحديث نظر وقد جاء في الترمذي مصححا من استطاع ان يموت بالمدينة فليمت بها فاني اشفع لمن يموت بها. السادس ان الاعمال التي تفوته بسبب السفر تكتب له وان لم يعملها اذا كان العائق لها مجرد السفر. وفي صحيح البخاري عن ابي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مرض العبد او سافر كتب له كتب له ما كان يعمله مقيما صحيحا. السابق وانه مستجاب الدعوة عن ابي هريرة يرفعه ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة الوالد ودعوة المسافر. ورواه ابو داوود والترمذي ابن ماجة وقال الترمذي حسن ورأى سفيان الثوري عن ابي اسحاق عن مطر ابن عكامة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قضى الله لرجل ان يموت بارض الا له اليها حاجة؟ رواه الترمذي وقال غريب ولا يعرف لمطر غيره واخرجه الحاكم في مستدركه سندا ومثنا ثم اخرجه عن ابي حمزة عن ابي اسحاق كما جعل الله اجل رجل بارض الا حصلت له فيها حاجة. ثم قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا جميعا على اخراج جماعة من الصحابة لكل واحد منهم الا راوي واحد وقال عثمان بن سعيد الدارمي وقلت ليحيى ابن ماعين مطر ابن عكام لقي النبي صلى الله عليه وسلم قال لا اعلم روى غير هذا الحديث واخرجه الترمذي وايضا من حديث ابي المليح عن ابي عزة واسمه يسار ابن عبد الله وله صحبة. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قضى الله لعبد ان يموت بارض جعل له اليها حاجة او قال فيها حاجة وقال حسن صحيح. واخرجه الحاكم وقال حديث صحيح ورواته عن اخرهم ثقات. وسمعت ابا العباس محمد بن يعقوب تقول سمعت العباس محمد بن الدوري يقول سمعت يحيى ابن معين يقول اسم ابي عزة يسار ابن عبد له صحبة واما ابو مليح فاني سمعت دار قطني يلزم البخاري ومسلما اخراج حديث ابي المليح عن ابي عزة فقد احتج البخاري بحديث ابي المليح عن بريدة وحديث ابي عزة رواه جماعة من الثقات الحفاظ اخرجه ابن عدي من جهة عبيد الله ابن ابي حميد الهلالي عن ابي المليح به قال وعبيد والله متروك الحديث. واخرجه ابن ماجة والحاكم ايضا من حديث اسماعيل ابن ابي عن قيس ابن ابي حازم عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا كان اجل احدكم بارض اثبت اليها حاجة فاذا بلغ اقصى اثره فتوفاه الله فتقول الارض يوم القيامة يا ربي هذا ما استودعتني. قال الحاكم قد احتج البخاري برواة هذا الحديث عن اخرهم وفي لفظ له. اذا انا ما نية احدكم بعرض اتيح له الحاجة فيقصد اليها اقصى اثره فيقبض منها فتقول الارض يوم القيامة ربي هذا ما استودعتني وقال وقد اسنده ثلاثة من الثقات عن اسماعيل عمر ابن علي المقدم ومحمد ابن خالد الوهبي وهشيم وساق اتاني لهم ثم قال واوقفه عنه سفيان ابن عيينة نتف يجعل على شرطهما في اخراج الزيادة من الثقة في الوصف والسند. وانشد بعضهم في هذا المعنى اذا ما حمام المرء كان ببلدة دعته اليها حاجته فيطير وكان الشافعي رضي الله عنه ينشد قبل مجيئه الى مصر واني ارى نفسي تسوق الى مصر ومن دونها خوض المهامه والقصر فوالله ما ادري هل الخفظ والغناء قادوا اليها ام اقادوا الى قبري؟ واتفق في عصرنا ان شابا سافر من مصر الى مكة لقصر الحج فتوفي فهناك فاقام اهله عليه العزاء فدخلت عليه امرأة من العرب فانشدتهم. اذا لم تزرن اباتوا بارضنا ركبنا المطايا نحوها فنزوا ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل جملة اخرى من فوائد السفر فوق ما ذكره ابو عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى فذكر منها رفع الانسان نفسه من الذل اذا كان بين قوم من لئام فان الانسان قد يبتلى بقوم بام لا تصلح صحبتهم فلا مخرج له من هؤلاء الا بالتحول عنهم وقد ثبت عند ابي داود وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من جار السوء في دار المقامة يعني في دار هل حضر لان جار السفر يتحول وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة شرفها الله وهي احب البقاع اليه وهاجر الى طيبة لما ابى مشرك مكة ان يدخل في الاسلام فكان من امره ما كان واعاده الله اليها وفتحها على يديه فذلك ادل شيء على مشروعية الانتقال من مكان الضرر والتحول عن مجاورة اللئام ومن كان من جنسه بهم الثاني ان في السفر تعديلا للبدن وصحة له وروي في هذا سافر تصح الا انه ضعيف كما تقدم روي السفر مصحة ومصحة وهو كما قال الصغاني في العباب من الاحاديث المروية بلا طرق. وعلماء اللغة كثيرا ما يريدون احاديث لا زمام لها ولا خطام يستدلون بها على الوضع العربي لكلمة من الكلمات. ومن احسن من تصدى لبيان جملة من مراتب احاديث العربية الزبيدي رحمه الله تعالى في تاج العروس. فيستفاد منه معرفة كثيرا من الاحاديث التي قد تمر على احدنا في معاجم اللغة ولا يجد للمحدثين كلاما فيها فينظر في ما ذكره الزبيدي فانه كان مشتغلا بالحديث واللغة فيستفيد من كلامه ما لا يوجد في كلام غيره. الا ان ما ذكره المصنف من كون السفر تعديلا للبدن وصحة لا صحيح ولا ريب لان النبي صلى الله عليه وسلم لما استوخم العرينيون المدينة امرهم صلى الله عليه وسلم بالتحول الى غيرها وانما امرهم النبي صلى الله عليه وسلم بترك المدينة مع فظلها والخروج منها ليحصل لهم بذلك تعديل ابيدانهم وصحتها ومن جرب هذا في السفر وجده في طبيعته فان تحول البدن من من محل الى محل ومكان الى مكان اذا كان وفق ما يقتضيه قدرة العبد وقوته نفعه والا ضره اذا كان فوق لا يصلح لحاله ولذلك اعتنى العلماء المصنفون في احوال البلدان ببيان هويتها وطبائع اشربتها واطعمتها ليكون المسافر في حيطة من التعامل معها لان لا تصبه علة بسبب عدم معرفته بما ينبغي ان يكون عليه تدبير امره فانما يصلح ببدن ووطن قد لا يصلح في بدن ووطن اخر. ومن ذلك ما ذهب اليه ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد الى ان تخفيف الحمى بالماء لا يصلح الا في البلدان الحارة دون البلدان الباردة ورأى ان الحديث ورد على مكان معين وهو الحجاز والحجاز حار فيصلح معه التخفيف بالماء وهذا الذي ذكره ابن القيم قوي متوجه مع ان ظاهر الحديث العموم الا ان عموم الاحاديث قد يخصص بسبب الورود الذي ورد لاجله ان المسافر يحصل مقام الغربة لنفسه فانه اذا سافر صار غريبا. وقد ذكر المصنف رحمه الله على احاديث في مدح مقام الغربة اذا صار الانسان غريبا فابتدأ بحديث ابي هريرة لو يعلم الناس من المسافر لاصبح او على ظهر سفر ان الله لا ينظر الى الغريب في كل يوم مرتين وهذا الحديث حديث لا يصح هل ابن عبد البر عندما قال وهذا حديث غريب لا اصل له من حديث مالك ولا غيره وهو حديث حسن. هل قوى هذا الحديث ام ضعفه تفهم من كلام ابن عبد البر ما الجواب مالك من اين اتيت بها يعني من قوله حديث حسن احد يخالف سؤال كلام ابن عبدالبر المذكور بعد الحديث يفيد ثبوته ام يفيد ضعفه ما يحمل والدليل ايش يدل على على حسن المعنى طب لماذا ما يدل على قال لا اقرأ من حديث مالك ولا غيره لكن له اصل من حديث غيره وحديث حسن هذا الكلام من ابن عبد البر فيه اشارة الى ضعفه وسقوطه. وابن عبدالبر يطلق كثيرا اسم الحديث الحسن يريد به معناه يريد به ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن يريد ما انتظم بلفظه من معنى حسن. فابو عمر ابن عبد البر يظعف هذا حديث وهو حديث ضعيف ثم ذكر المصنف الحديث الثاني وهو حديث ابي هريرة لو يعلم الناس رحمة الله للمسافر الى اخره وهو حديث ضعيف ايضا فهذه الاحاديث التي بنى عليها المصنف ان المسافر يحصل مقام الغربة لنفسه وان مقام الغربة حينئذ ممدوحا فله من اجل ما ذكر لا يثبت فيها شيء. ولكن يأتي في الخامس ما يكون شاهدا له في الجملة. ذكر انه اذا مات يحكم له بالشهادة لحديث موت الغريب شهادة وهذا حديث ضعيف ولا يحكم لغريب بشهادة. والخامس الحديث الذي ذكره المصنف روى النسائي وابن ماجة في سننهما عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما قال مات رجل في المدينة ممن ولد بها فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا ليته مات بغير مولده قالوا ولم ذلك يا رسول الله قال ان الرجل اذا مات بغير مولده قيس له من مولده الى منقطع اثره في الجنة. ثم قال الزركشي وفي اسناد هذا الحديث نظر وقد جاء في الترمذي مصححا من استطاع ان يموت بالمدينة فليمت بها. فاني اشفع لمن يموت بها الحديث الاول الذي ذكره المصنف حديث حسن فان اسناده اسناد مصري حسن. ولكن لعل الذي حمل المصنف على تعقبه بذلك انه توهم ان الحديث الذي بعده مخالف له. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال من استطاع ان يموت في المدينة فليمت بها فاني اشفع لمن يموت بها. وهذا حديث حسن قد اخرجه الترمذي وغيره. فما الجمع بين الحديثين الاول ماذا يقتضي مدح الموت خارج البلد ومن جملة ذلك المدينة لان هذا الرجل مات في المدينة فتنوم النبي صلى الله عليه وسلم على موسمها. والحديث الثاني يدل على مدح الموت في المدينة فما الجمع بينهما نعم الاول لاهل المدينة والثاني لمن لم يكن من اهل المدينة. يعني اهل المدينة ما يمدح لهم ويموتون فيها الافضل انهم يخرجون منها ويموتون في غيرها التفوت من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ما في ترى حديث خشي في المدينة هذا هذاك في مكة بس يا سلام لانه قد يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا ينسى جيرانه فيشفع لهم مكان خارج المدينة وهذا يدل عليه نعم لا الاول هو في المدينة وهو من اهل المدينة يا ليته مات بغير مولده يعني انه يمدح ان ان يموت خارج قال في المدينة هنا بلد المدينة والحديث الثاني يمدح فيه من مات بالمدينة ما الدليل على ان هذا مختص بغير اهل المدينة هذا مثل قلت مثل ما قال الاخ من استطاع ان يموت بالمدينة يعني من غير اهلها نعم والاول مختص باهل المدينة. لكن الاحكام لم تنزل لتخصيص طائفة بدون طائفة ولا فرد دون فرد. الاصل في الاحكام العموم حتى يأتي دليل طيب السكن ينتج الموت اذا سكن فيها مات فيها احنا انتهينا منه قلنا استاذه حسن الثاني اسناده جيد كلاهما حسن سير طيب بس الاول في من مات مات اين مات الرجل المدينة هذا يقتضي انه يمدح الموت خارج المدينة لاهلها. والثاني يقتضي المدح ان يموت من كان من اهل وغيرهم يموت في المدينة يعني قربت شوي هذا جيد لو كان هذا الحديث خاص بالصحابة. لكن انا نقول الان لرجل مات في غير في مولده نقول يا ليته مات في غير مولده لان النبي ثم قال ان الرجل اذا مات بغير مولده ليس له من مولده الا مقطعة في الجنة. نقوله ايضا الجواب ان يقال والله اعلم اعتبار حال الصحابة دال على ذلك الصحابة هل بقوا في المدينة ما الجواب لم يبقوا خرج كثير منهم فنقول الاقامة في المدينة لا تمدح لذاتها وانما يمدح عمل العامل اين كان. فاذا كان عمله في المدينة افضل اختار المدينة فمات فيها وحصلت له الشفاعة وان كان عمله خارج المدينة افضل مات فيها وحصلت له الفضيلة الواردة في الحديث الاول. ولهذا ذهب فشيخ الاسلام ابن تيمية ان المختار في التفظيل بين البقاع ان البقعة لا تمدح لذاتها وانما تمدح اقامة الانسان باعتبار ما يؤول اليه حال دينه في ذلك البلد. فاذا كان دينه وعمله في هذا البلد اكثر فان ان اقامته له وبه افضل واكمل. وان كانت في ضد ذلك فان تحوله عنه افضل. المقصود ان يعلم ان هذا الامر دائر بحسب ما يجتمع قلب الانسان عليه من العمل الصالح. فاذا كان الافظل له عمل في المدينة عمل بها ومات قد حصلت له الشفاعة وان كان عمله في غيرها افضل خرج اليها فمات ورجي له ان يحصل له الاجر الوارد في الحديث الاول كان خارج بلدها ثم ذكر السادس وهو ان الاعمال التي تفوته بسبب السفر تكتب له وان لم يعملها. اذا كان العائق لها مجرد سفر وفيه حديث البخاري اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان يعمله من عمل مقيما صحيحا. والسابع انه مستجاب الدعوة يعني المسافر وذكر فيه حديث ابي هريرة عند ابي داود والترمذي وابن ماجه واسناده ضعيف. وامثل ما روي في اجابة دعاء المسافر حديث ابي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر الى اخر الحديث فهذا الحديث فيه ذكر موجبات الاجابة واولها اطالة السفر فهذا يدل على ان المسافر مظنة لاجابة الدعوة ثم ذكر عدة احاديث في معنى واحد باعتبار ما يحكم الله عز وجل به من القدر على عبد اذا اراد ان يقبضه في ارض غير ارضه ان يجعل له فيها حاجة ثم يقبضه هناك. وامثل هذه الاحاديث الحديث الذي اخرجه الترمذي وصححه هو والحاكم من حديث ابي المليح عن ابي عزة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قضى الله لعبد ان يموت بارض جعل له اليها حاجة او قال فيها حاجة. فاذا اراد الله عز وجل قبض عبده في ارض اخرجه حاجة اليها فمات هناك هذا امثل المظوي والاحاديث الاخرى تعبد بهذا الحديث ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى في تصديق هذا المعنى نعم فصل واما عيوب السفر فاجلها فقد الاحباب وتقطيع الاكباد وترك المألوف واقتحام المخوف. وقد روي من حديث المسافر وماله الى قلب اي هلاك. واخرج البخاري في صحيحه من طريق مالك عن سمي عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السفر قطعة من العذاب يمنع احدكم طعامه وشرابه ونومه فاذا قضى نهمته فليعجل الى اهله. قال ابو عمر ابن عبد الذي هذا حديث تفرد بهما عن سمية وهو لا يصح لغيره وانفرد به ايضا سمي فلا يحفظ عن غيره. وهو صحيح ثابت احتاج الناس فيه الى مالك وليس له غيره. هذا الاسناد من وجه يصح وروى عبيد الله بن المؤمنون تابعا سليمان بن اسحاق الطلحي ان هارون الفروي عن عبدالملك ابن المهدي قال قال مالك ما بال اهل العراق يسألونني عن حديث السفر قطعة من العذاب. قيل له لم يروه غيرك. فقال لو استقبلت من امري ما استدبرت ما حدثت به. ولا معارضة بينه وبين الاحاديث الدالة على في السفر كما ظنه قوم والاحتمال ان يكون العذاب وهو التعب والنصب مبتدأ للصحة والراحة. قال ابن بطال لان في الحركة والرياضة منفعة لاهل الدعة والرفاهة كالدواء المر المعقد الصحة وان كان في تناوله كراهية. والنهمة بفتح النون والسكون انهاء الحاجة وبلوغ الغرض. قال ابن وظبطناه ايضا بكسرها وقوله فليعجل الى اهله ان يسفع بالرجوع اليهم ليزول عذابه ويطيب له طعامه وشرابه. وذكر الخطابي ان فيه لمن رأى في تغريب الزاني بعد جلده قال تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين. وقال ابن عبد البر فيه دليل على ان طول التغريب عن اهلي والوطن الى غير حاجة من ديننا ودنيا لا يصلح ولا يجوز. وان من انقضت حاجته لزمه الاستعجال لاهله. لطيفة ذكر السمعاني في تاريخه فقال لما قدم الاستاذ ابو القاسم القشيري بغداد وعقد له مجلس الوعظ فروى في اول مجلسه الحديث المشهور السفر قطعة من العذاب فقام اليه سائل وقام لما سمى النبي صلى الله عليه وسلم السفر قطعة من العذاب فقال لانه من فرقة الاحباب فاضطرب الناس وتواجدوا وما امكنه ان يتم المجلس فنزلت ومن معايبه انه يورث ضيق الاخلاق وقالوا لا تعرف صاحبك حتى تعصيه او تسافر معه. وقال الحريص والمسافر مريضان لا يعادان وقال بعضهم يمدح ابلج بسام وان طال السفر. وقال علي رضي الله عنه السفر ميزان القوم وقال عسرك في بلدك خير من يسر وقيل لاعرابيهما الغبطة قال الكفاية مع لزوم الاوطان والجلوس مع الاخوان قيل فما الذلة؟ قال التنقل في البلدان والتنحي عن الاوطان وحكى ابن عبد البديع ان الامام الشافعي رضي الله عنه خرج في بعض اسفاره فضمه الليل الى مسجد فبات فيه واذا بالمسجد قوم يتحدثون ويضربون من اللحن من اجل المنطق فتمثل وانزلني طول النوى دار غربة اذا شئت لاقيت الذي لا اشاكله. وانشدوا فكل غريب سوف يمسي بذلة اذا غاب عن اوطانه وجث لاهل وانشدوا وان اقتراب المرء من غير حاجة ولا فاقة يسمونها العجيب. وحسب الفتى دلا وان ادرك وقد نال ملكا ان يقال ومما ينسب الى الشافعي رضي الله عنه رواه ابن السمعاني باسناده ان الغريب له مخافة والخضوع مديون وذلة وامق. واذا تذكر اهله وبلاده ففؤاده كجناح طير خافق وقد قال تعالى حاكيا عن من دخل الجنة يا ليت قومي يعلمون. وانشد ابن عطية علا العز مطلوب وملتمس واحسنه ما نيل في وكان الحجاج يقول لولا فرح الاياب لما عزبت اعدائي الا بالسفر. وقيل الغربة ذلة فان اعقبها قلة فهي نفس مضمحلة وقال ابوقراط يداوى كل عليل بعقاقير ارضه فان الطبيعة تنزع الى غذائها وعادتها وقال يستروح العليل الى توجهه لارضه كما تستروح الارض الجدة لوابل المطر ولله در ابن الرومي حيث يقول. وحبب وحبب وحبب اوطان الرجال وحبب اوطان الرجال اليهم ومآرب قضاها الفؤاد هنالك اذا ذكروا اوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلك اذا ذكروا واوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلك. اذا ذكروا اوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلك كأس واراد الحطيئة سفرا فلما اراد الركوب قالت له زوجته متى الرجوع؟ فانشد عد السنين اذا ارتحلت لرجعتي ودعي الشهور فانهن صاروا فانشدته اذكر صبابتنا اليك وشوقنا وارحم بناتنا وقال شهداء ونحن ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل عيوب السفر فقد الاحباب وتقطيع الاكباد وترك المألوف واقتحام الوقوف. والاصل في ذلك الحديث الذي رواه ما لك عن عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال استمروا بضعة من العذاب يمنع احدكم طعامه وشرابه ونومه فاذا قضى نعمته فليعجل الى وهذا حديث مفرد في الصحيحين وغيرهما ومداره على ماله كما ذكر المصنف عن سؤالي العراقيين ما لك هذا الحديث لانه لم يروه احد عن سمي الا ما لك ابن انس وعنه اشتهر في الصحاح والسنن والمسانيد ثم ذكر ان هذا الحديث يعارض الاحاديث الدالة على مدح السفر والاحاديث الدالة على مدح السفر في الاصل افعال النبي صلى الله عليه وسلم اما الاحاديث الصريحة التي تقدمت فلا يصح منها شيء. وقد سبق ان ذكرنا ان هذا الحديث لا يخالف الاحاديث الفعلية لان العذاب هنا يقصد به فوات الكمال المرغوبة ولا يقصد به نزول العقاب المطلوب فلا تعارظ بين الاحاديث كما سبق بيان والدليل على تتمة الحديث يمنع احدكم طعامه وشرابه ونومه. وفي هذا الحديث كما ذكر ابن عبد الباسط دليل على ان طول التغرب عن الاهل وطن بغير حاجة من دين او دنيا لا يصلح ولا يجوز. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال فاذا قضى احدكم نعمته فليعجل. فاذا قضى المرء حاجته فليعدل برجوعه الى اهله. ثم ذكر لطيفة نقلت عن ابي القاسم الحسيني كما نقلت عن ابي المعالي فنقلها السمعاني في تاريخه عن ابي القاسم ابن بشير قال السخاوي في كتابه في الاحاديث المشتهرة المسمى بالمقاصد الحسنة عن ابي المعالي الجويني كما نقلها غيره ان ابا المعالي لما مات ابوه نصب في مكانه وكان صغيرا فاستكثر عليه بعض حساده من اصحابه الشافعية ان يجلس في موضع به للتعليم فسأله هذا السؤال ليشق عليه بجوابه فاجابهم بقوله لانه من فرقة الاحباب يعني انه صار عذابا لما يحصل فيه من اللوعة بفوات حظ الانسان من احبابه. ثم ذكر من معايبه ايضا انه يورث ضيق والاخلاق لان المسافر لاجل بعده عن اهله وغلبة طلبه لحاجته حتى يضر ذلك بمأكله ومشربه ونومه يورثه ذلك ضيق اخلاقه وذهاب سمو نفسه الى الصفح عن الناس فهو يرى انه وغريب له حال مع الادب. فربما توسع في شيء من مساوئ الاخلاق وحمله على ذلك مشقة السفر ثم ذكر رحمه الله تعالى اشعارا وابياتا في تشوق الناس الى بلدانهم وان فرحة الايام توجب على الانسان عن بقايا محبتي وطنه في قلبه. كما قال الشاعر نقل فؤادك حيث شئت من الهوى. ما الحب للحبيب الاولي كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لاول منزل فالمقصود ان الانسان تبقى فيه محبة لبلده. ونقل عن ابوقراط احد اليونان الفلاسفة قال يداوى كل عليل بعقاقير ارضه فان طبيعة تنزع الى غذائها وعادتها. يعني ان قوة الانسان مبنية على ما اعتاده من غذاء وعادة. وكل هذا دليل على تخوف الانسان بالرجوع الى بلده لان قلبه ينجذب اليه. وهناك حديث خير من قول ابوقراط ما هو نعم وهو رواه حديث الرقية المخرج في الصحيحين فبسم الله تربة ارضنا بريق بعضنا يشفى مريضنا باذن ربنا. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ ريقا على رأسه ثم يضعه على التراب ثم يضع التراب على وهذا دليل على اثر طبيعة البلد الذي نشأ فيه الانسان اثر على صحته. ولابن القيم رحمه الله تعالى في هذا المعنى كلام حسن كما ان لعبد الحميد بن باديس كلام جميل في هذا المعنى ذكره تلميذه عبدالرحمن بن شيبان في كتابه عن عبد الحميد بن باديس نعم فصم في حكمه اعلم ان السفر مشروع في الجملة ولكنه ينقسم الى طلب وهرب وكل منهما ينقسم الى الاحكام الخمسة اما الهرب فينقسم الى واجب بحب وحرام ومكروه ومباح. واما الواجب فالخروج من ارض غلب فيها الحرام فان طلب الحلال فريضة على المسلم. واما المستحب فالخروج من ارض فيها البدع اذا لم يقدر على انكارها. قال تعالى واذا رأيت الذين يقومون في اياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره. واما الحرام فالخروج من ارض تعين عليه فيها وظيفة كمن يتعين عليه قضاء البلد. واما المكروه فالخروج من ارض وقع بها الطاعون فرارا منه فقد نهى النبي صلى صلى الله عليه وسلم عن ذلك. واما المباح فخروج المريض من الارض الوقمة الى النزهة. وقد اذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك للرعاية حين استوخموا واما سفر الطلب فينقسم ايضا الى واجب ومندوب وحرام ومكروه ومباح. فالواجب سفر الجهاد والحج وتحصيل القوت لان ما لا يتم الواجب والا به فهو واجب. والمستحب السفر لطلب العلم والزيارة والعشرة والرباط والحرام سفر المعاصي والمكروه سفر الاستكثار من المال من غيره مباح سفر التنزه والتجارة وكسب الزائد على القوت الذي لا ينتهي به الى حد الطغيان. المعنى واما سفر السيف حد الطغيان بعدين المعنى واما مرحبا بالسياحة متناسق الكلام غير متناسب هذي الصواب انها المغني وانها في السطر السابق الذي لا ينتهي به الى حد الطغيان المغني ثم واما سفر الصيام نعم. احسن الله اليكم والمباح سفر التنزه والتجارة وفصل الزائد على القوت الذي لا ينتهي به الى حد الطغيان المغني. واما سفر السياحة لا لغرض ولا الى مكان مقصود فمنهي عنه. وفي الحديث لا رهبانية في الاسلام ولا تبتل ولا سياحة في الاسلام. وقال الامام احمد ما السياحة في الاسلام في شيء ولا من فعل النبيين ولا ولان السفر يشتت القلب فلا ينبغي للمريد ان يسافر الا في طلب علم او مشاهدة شيخ يقتدى به انتهى. وفي الحديث سياحة امة الصوم رهبانيتهم الجهاد ويروى سياحتهم الجهاد ورهبانيتهم الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة والاول رواه ابن جرير في تفسيره بسنده لابي هريرة رضي رضي الله عنه مرفوعا وموقوفا قال بعضهم والموقوف واصح. ورواه ابن جرير ايضا باسناده عن عبيد ابن عمير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا واسناده جيد اما حديث السياحة في الجهاد فرواه ابو داوود مرفوعا وفي صحيح ابن حبان مرفوعا رهبانية امة الجهاد وعن عكرمة في قوله تعالى السائحون قال هم قال الحديث ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل حكم السفر فبين ان السفر مشروع في الجملة للادلة المتقدمة ثم قسمه الى قسمين اثنين احدهما سفر الطلب وهو الذي تحمل عليه الرغبة والثاني سفر الهرب وهو الذي تحمل عليه الرهبة. وكل منهما ينقسم الى الاحكام الشرعية الخمسة الواجب والمستحب والحرام والمكروه هي المباح وابتدأ بتقسيم الهرب اليها فقال اما الواجب فالخروج من ارض غلب فيها الحرام فان طلب الحلال فريضة على المسلم ومنه ايضا خروج العبد بدينه هجرة من بلاد الكفر الى بلاد الاسلام عند عدم قدرته على القيام بدينه وارتفاع مصلحة من بقائه هناك. واما المستحب من سفر الهرب فالخروج من انغلبت فيها البدع اذا لم يقدر على انكارها. وقد ذكر هذا النوع ابن العربي في احكام القرآن اما السفر المحرم هربا فالخروج من ارض تعين عليه فيها وظيفة كمن يتعين عليه قضاء البلد اي تعين واجه لا يقوم به احد سواه في ذلك البلد فيحرم عليه ترك ذلك الواجب لما يترتب على ذلك من الاخلال بمصالح المسلمين. واما السفر هربا فالخروج من ارض وقع بها الطاعون فرارا منه. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. ومثل هذا السائر الاوبية التي تكون بالعدوى فاذا كان الانسان في ارض انتشر فيها وباء ينتقل بالعدوى فانه ينهى ايضا عن الخروج منها كما منها في الطاعون. واما السفر المباح هربا فخروج المريض من الارض الوقمة الى النزهة كما وقع مع العرينيين اذ اذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الخروج من المدينة. ثم ذكر القسم الثاني وهو سفر الطلب الذي تحمل عليه الرغبة وقسمه الى الاقسام الخمسة. وذكر مثال الواجب سفر الجهاد والحج وتحصيل القوت لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. والمستحب السفر لطلب العلم والزيارة والعشق والرباط والحرام سفر المعاصي والمكروه سفر استكثار من المال من غيره. والمباح سفر التنزه والتجارة وكسب الزائد القوت الذي لا ينتهي به الى حد الطغيان المغني. ثم ذكر حكم سفر السياحة والمراد بسفر السياحة هو السفر لا لغرض وعي ولا مباح دون تعيين مكان كما يفعله بعض الناس ترهبا وتعبدا فيخرج من بلده على وجهه لا لغرض معين ولا الى مكان مقصود يحمله على ذلك طلب القربة الى الله عز وجل به. ومثله هذا الوضع فانه وضع منهي عنه وهو من البدع التي حدثت في الاسلام. وسياحة هذه الامة هي الجهاد كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في احاديث اما الاحاديث الواردة في ان سياحة هذه الامة الصوم فلا يثبت منها شيء. ثم ذكر تفسير عكرمة لقوله تعالى السائحون بانهم هم الحديث والمراد طلبة العلم لكن لما كان العلم في الصدر الاول هو الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه غلب اطلاق اسم الحديث على ارادة العلم. نعم الباب الثاني فيما يتعلق به عند السفر وفي ذلك ادابنا الاول تقديم الاستخارة فان الله تعالى اجرى العادة بالسلامة العاقبة عند حصول ذلك وفي في صحيح البخاري عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم الاستخارة في الامور كلها. قال ابن الصلاح ويستحب وان يكرر الصلاة في الاستخارة مرات ثم ينبغي ان يشاور من يثق بدينه وخيره. الثاني اذا عزم فليبدأ بالتوبة من المعاصي ويخرج من مظالم الخلق ويقضي ما امكنه من ديونهم ويرد الودائع ثم يستحل ممن كان بينه وبينه مماطلة في شيء او مصاحبة ويكتب وصيته ويشهد عليها بها والوكل من يقضي دينه ما لم يتمكن من قضائه ويترك لاهله يوما يلزمه نفقتهم ومؤنتهم. الثالث في ارضاء والديه ومن يتوجب عليه مسرته وطاعته فان منعه الوالد فرعوا منع الزوج الزوجة او الصاحب الدين المديون من السفر ففيه كلام في موضعه. الرابع الا يقصد اليوم بالسفر لما في ذلك من التطير لكن اخرج الخطيب البغدادي في تاريخه عن الهيثم عن عمر ابن مجاشع عن تميم ابن الحارث عن ابيه عن علي رضي الله عنه انه كان يكره ان يتزوج الرجل او اذا كان القمر في محاط الشهر او العقرب قال الهيثم والمحاق لثلاث بقين من الشهر ونقل عنه خلافه وكتب بعض الفضلاء على ظهر بالانواع الابن يا قصيدة انزلوا وقد خوفني القران. القران القران يعني اقتران النوم بنزوله في محل من المنازل. منازل القمر والنجوم يقولون اذا نزل المنزل الفلاني اثرن يعني بذلك المكان حصل كذا واذا اقترن بذلك المكان حصل كذا. نعم الله اليكم انزلوا وقد خوفني القران وما هو من شره كائن ذنوبي اخافك اما قران فاني من شره امن. الخامس السفر يوم الجمعة بعد الفجر وقبل الزوال سواء كان مباحا كالزيارة والتجارة او طاعة كالغزو وقيل يجوز مطلقا وقيل يجوز في سفر الجهاد دون غيره وفي كتاب الافراد للدارقطني باسناد فيه ابن لهي عتى عن ابن عمر يرفعه من سافر يوم الجمعة دعت عليه الملائكة الا يصحب في سفره. وفي فضائل الاوقات بالبيهقي يعني الاوزاعي قال كان عندنا رجل صياد يسافر يوم الجمعة يصطاد ولا ينتظر الجمعة فخرج يوما فخسف ببغلته فلم يبقى الا ذنبوها. قال ابن الصلاح اسناده قوي. قال محمد ابن كثير الراوي عن الاوزاعي رأيت موضع مكانه ببيروت فيلقى فيه تراب وعن مجاهد ان قوما سافروا يوم الجمعة حين زالت الشمس فاضطرم عليهم خداؤهم من غير ان يروا نارا واما بعد الزوال فقيد الرافعي في المحرم والتحريمه بالمباح من الواجب والمندوب. وقال في الشرح وهل كون السفر طاعة عذرا في انشائه بعد الزوال؟ المفهوم من كلام الاصحاب انه ليس امر معين سيحرم انشاء السفر وهو الذي صححه النووي يرحمه الله. وذكر البيهقي عن الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج لسفر يوم من اول النهار وهو منقطع لا تقوم به حجة واخرج ايضا عن عمر رضي الله عنه قال لا تحبس الجمعة عن سفر وقال الطحاوي لا يعرف عن خلافه واعلم ان لستة لبعد صلاة الجمعة اصلا من كتاب الله تعالى قال الله تعالى فاذا قضيت الصلاة فمن فسروا في الارض وابتغوا من فضل ان وقد استحسنت ما يفعله اهل الشام من اقامة اسواق البيع بعد صلاة الجمعة. قال سعيد بن جبير اذا انصرفت يوم الجمعة فساوم بشيء وان لم وعن ابن سيرين انه لا يعجبني ان تكون لي حاجة فاقضيها بعد الانصراف. وحكى المحب الطبري عن بعضهم انه يكره السفر ليلة الجمعة وهو غريب ولعل انه لمن لا يصليها من غده او تتعطل الجمعة بغيبته. وحكى الدارمي عن ابراهيم النخعي السيد الجليل انه قال كان اذا اراد السفر يوم الجمعة سابقا غدوة الخميس الى ان يرتفع النهار فان اقام الى العشاء لم يخرج حتى يصلي الجمعة السادس يستحب له ان يطلب رفيقا موافقا راغبا بالخير عارفا في الشد ان نسي ذكره وان ذكر اعانه وان تيسر له مع ذلك كونه عالما فليتمسك به. فانه يمنعه بعلمه وعمله ما يقرأ على المسافرين من مساوئ الاخلاق والضجر ويعينه على مكارم الاخلاق ويحثه عليها. وقد اخرج الخطيب البغدادي في كتاب الجامع من جهة محمد بن مسلم عن ابي محمد بن علي عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين بن علي عن ابيه علي بن ابي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال بها الدار ورفيق قبل الطريق والزاد قبل الرحيل. الطبراني من حديث رافع بن خديج ايضا ورواه الخطيب بسنده ايضا الى الوريد عن الاوزاعي فقال الرفيق بمنزلة الرقعة من الثوب اذا لم تكن مثله شانت. وذكر ابن عبدالبادر في الاستيعاب في ترجمة خفاف ابن ندبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا خفاف ابتغ الرفيق قبل الطريق فان عرض لك امر نصرك وان احتجت اليه رفدك وقال لا اعلم له غير هذا الحديث وذكر عسكري في الاماني من حديث علي وسعيد ابن معروف ابن رافع عن نبيه عن جده مرفوعا. وفي الحلية ابي نعيم عن سفيان الثوري جاء رجل اليه فقال اني اريد الحجة قال لا تصحب من يكرم عليك فان ساويته في النفقة اضر بك وان تفضل عليك استذلك. وفي مكارم الاخلاق للخرائط عن الحسن البصري لا تصحب رجلا عليك فيفسد ما بينك وبينه لشيء من السفر. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه اذا سافرتم فاصحبوا ذوي الجود واليسر. فائدة واثموا عن النبي صلى الله عليه وسلم خير الرفقاء اربعة. وقد تكلم على معناه السهيلي في التعريف وقال القاضي ابو بكر ابن العربي اقل الصحبة ثلاثة لان احدهم ان مظى يحتطب او يستقي بقي اثنان. قال النووي واستحب بعظ العلماء ان يكون من الاجانب لا من الاصدقاء ولا من الاقارب قال والمختار ان الصديق المألوف به اولى لانه اعون له على مهماته وارفق به في اموره. قال ثم يحرص كل منهما على ارضاء رفيقه في جميع طريقه ويحتمل كل منهما صاحبه. ويرى له فضلا وحرمة ويصبر على ما يقع منه في بعض الاوقات. السابع ان يعلم اخوانه فعن زيد ابن رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اراد احدكم سفرا فليودع اخوانه فان الله جاعل في دعائهم البركة. اخرجه ابو بكر في كتاب مكارم الاخلاق واخرج الطبراني في الاوسط من جهد سهيل ابن ابي صالح عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا فاراد احدكم سفرا فليسلم على اخوانه فانهم يزيدون بدعائهم الى دعائه خيرا. واخرج العقيلي من طريق ليث ابن انس ابن رنين قال سمعت ابن سيرين يقول من خرج الى ارض او بلد فسلم علينا لزمنا اتيانه اذا قدم الا ان نؤخذ عنه بالفضل. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال من السنة اذا اراد الرجل سفرا ان يأتي اخوانه فيسلم عليهم. واذا قدم من سفر جاء اخوانه فسلموا عليه. ويستحب طلب الدعاء الوصية من اهل الخير والصلاح ففي السنن عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا قال يا رسول الله اني اريد ان اسافر فاوصني. قال عليك بتقوى الله عز وجل والتكبير على كل شرف فلما ولى الرجل قال اللهم اطوي له البعد وهون عليه السفر قال الترمذي حسن ويستحب الدعاء عند الوداع فعن قزعة ابن يحيى البصري قال قالني ابن عمر هلم اودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك رواه ابو داوود والنسائي والحاكم وعن عبد الله الخطمي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اراد ان يستودع الجيش قال استودع الله دينكم وامانتكم وخواتيمكم فيما اعمالكم روياه ايضا وانما ذكر الدين مع الوداع بان السفر موضع خوف وخطر وقد يصيبه منه المشقة والتعب فيكون سببا ما لبعض الامور المتعلقة بالدين فدعا له بالمعونة والتوفيق فيهما وقيل الامانة ها هنا اهله ومن يخلفه منهم وماله الذي اودعه ويستحفظ انه ووكيله ومن في معناه واخرج الطبراني في الاوسط من حديث زيد ابن اسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ودع رجلا من اصحابه قال زودك الله بالتقوى وغفر لك ذنبك ولقاك الخير حيث توجهت وقال لم يروه عن زيد ابن اسلم الا اسماعيل ابن رافع الثامن يستحب السفر يوم الخميس ففي البخاري عن كعب ابن مالك قال قل ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في سفر الا يوم الخميس قال النووي فان لم يكن فيوم الاثنين لانه صلى الله عليه وسلم هاجر من مكة يوم الاثنين ويستحب ان يكون باكرا لحديث صفح الغامدي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك امتي في بكورها وكان اذا بعث جيشا او سرية بعثه من اول النهار وكان صخر تاجرا فكان يبعث تجارته اول النهار فاسرى وكثر ماله داود والترمذي وقال حسن لكن في اسناده مجهول. التاسع اذا سافر بحج او غزو او غيره ما يستحب ان يحرص على ان تكون حلالا خالصة من الشبهة فان خالف وحج او غدا بمال مغصوب عصى وصح حجه في الظاهر لكنه ليس حجا مبرورا كما قال النووي ومراده اصاب التصرف في المال وبلاد الحج او الغزو. ويدل على انه لم يعص بهما انه يكتب له ثوابه ويثاب عليه والانسان لا يثاب على معصية انتهى. وهذا ممنوع بل ظهر انه لا ثواب فيه كما قالوا في الصلاة في الدار المغصوبة. ويستحب ان يستكثر من الزاد والنفقة ليواسي به المحتاجين وليكن زاده طيبا لقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم الاية. والمراد بالطيب هنا الجيد والخبيث الرديء. ويكون طيب النفس بما ليكون اقرب الى قبوله. العشر ويستحب له ترك المماحكة فيما يشتهيه لاسباب سفره لا سيما في سفر حجه وغزوه. وكذا كل قربة قال الامام الجليل ابو الشعثان جابر ابن زيد التابعي وغيره ويستحب الا يشارك غيره في الزاد والنفقة والراحلة لان ترك المشاركة اسلم فانه امتنعوا بسببها من التصرف في وجوه الخير والبر والصدقة ولو اذن له شريكه لم يوثق باستمرار رضاه فان شارك جاز ويستحب ان يقتصر على دون حقه واما اجتماع الرفقة على طعام يجمعونه يوما يوما فحسن ولا بأس بأكل بعضهم من بعض إذا وثق بأن اصحابه لا يكرهون ذلك وان لم يتب فلا يزيد على قدر حصته وليس هذا من باب الرياء في شيء فقد صحت الاحاديث في خلط الصحابة رضوان الله عليهم ازواجهم وعن وحشه بحرب ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله نأكل ولا نشبع؟ قال فلعلكم تفرقون. قال فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه. الحادي عشر يستحب التبكير فقد اخرج اصحاب السنن عن عمارة ابن حديد عن صفحه الغامدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لامتي في بكورها وكان اذا بعث سرية او جيشا بعثهم اول النهار وكان صخر رجلا تاجرا وكان يبعث تجارته من اول النهار فاسرى وكثر ما له. قال الترمذي هو حديث ولا يعرف لصخر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث. وقال ابو القاسم البغوي لا اعلم روى صخون الغامدي وغير هذا وكذلك قال ابن السكن وابن عبد وذكر بعضهم انه روى حديثا اخر وهو قوله لا تسبوا الاموات فتؤذوا الاحياء. وعمارة ابن حديد الراوي عنه قال ابو حاتم مدفون وقال ابو زرعة لا فقال ابن السكني وابن عبد البدي مجهول ولم يروي عنه غير يعلى ابن عطاء الطائفي وقد اخرجه ابو بكر الخرائطي في مكارم الاخلاق من حديث علي ابن ابي طالب وابن عمر روى جابر بن انس بن مالك وابن مسعود وابي هريرة رضي الله عنهم. وللحديث شاهد في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم يصبح العباد فيه الا ملكان ينزلان فيقول احدهما اللهم اعط منفقا خلفا ويقول الاخر اللهم اعط ممسكا سلفا. وقال ابن عباس رضي الله عنهما بعد صلاة الصبح يقسم فيه الارزاق بين العباد وهو نشاط النفس وراحة البدن وصفاء الخاطر. الثاني عشر تستحب الصلاة عند ارادة السفر الطبراني مرفوعا ما خلف احد عند اهله افضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا. وهو حديث المطعم بن مقدام الصحابي قال النووي يستحب ان يقرأ في الاولى قل يا ايها الكافرون في الثانية الاخلاص وان يقرأ بعد سلامه اية الكرسي فانها عظيمة النفع جدا. فقد جاء في حديث من قرأ اية الكرسي قبل خروجه من منزله لم يصمه شيء يكرهه حتى يرجع ويقرأ معها لايلاف قريش فقد جاء فيها اثار السلف مع ما علمه من بركة القرآن في كل حين. وقد اخرجه ابو بكر الخرائطي في كتاب مكارم الاخلاق من جهة سعيد ابن مرداس عن اسماعيل ابن محمد عن انس ابن مالك رضي الله عنه انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني قدرت سفرا وقد كتبت وصيتي من مالي اي الثلث ادفعها الى ابي ام الى اخي ام الى ابني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما استخلف عبد في اهله خليفة احب الى الله من ركعات يصليهن في بيته اذا شد عليه زيادة سفر يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وقل هو الله احد. ثم يقول اني استقمت بهن اليك فاخلفني بهن في اهلي ومالي فهي في اهله وماله ودرك حول داره حتى يرجع الى اهله. الثالث عشر يستحب للمسافر الصدقة في موضعين اذا وضع رجله في الركاب سلامته من الله عز وجل واذا رجع شكر الله قاله ابن سراقة في كتاب الاعداد الرابع عشر اخرج البيهقي في سننه من جهة الحسن عن انس ابن مالك رضي الله وقال لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا الا قال حين ينهض من جلوسه. اللهم بك انتشرت واليك توجهت وبك اعتصمت وانت ثقتي ورجائي اللهم قني ما اهمني وما لا اهتم به وما انت اعلم به مني ووجهني الى الخير حيث ما توجهت. قال وكان الخطابي يقول كيف انتشرتم بترت يعني ابتدأت في سفري قال النووي والسنة ان يدعو بما صح عنه ام سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اذا خرج من بيته بسم الله توكلت على الله اللهم اني اعوذ بك ان اضله وظلا واذل واذل واظلم او اظلم او اجهل او يجهل عليه وقال الترمذي حسن صحيح ويستحب الدعاء لما في حديث انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا خرج من بيته بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة الا بالله فقال له كفيت وتنحى الشيطان عنه. قال الترمذي حسن صحيح عشر اخرج الخطيب ابو بكر في كتاب الجامع من جهة محمد ابن عقبة ابن هارين السدوسي عن ابي امية ابن يعلى الثقفي عن هشام عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها قالت خمس لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعهن في سفر ولا حظر المرآة والمكحلة والمشط والمدراء المكحلة من اسماء الالة الشاذة؟ المرآة والمقفولة والمشط والمدراء والسواك يعني ايش؟ المدراة ايش انا اتذكر اسمه اللي نعرفه بعدين نسيت لكن علي ايش لا باختصار الابرة الكبيرة اللي كانوا قديما الناس عندنا يخرجون بها بيوت الشعر مخيط او مخبز. نعم واخرجه ابن عدي في كامله من جهة ابيه امية اسماعيل ابنه على الثقفي عن هشام به وقال لا اعلم رواه عن هشام غيره وهو متروك في الحديث وقد رواه عن هشام ايوب وهو ضعيف يروي المناكير وروى الطبراني في الاوسط من حديث ابراهيم ابن ابي عبلة عن ام الدرداء قالت سألت عائشة فذكر نحوه وزاد قارورة دهن واخرج الطيوريات عن الهيثم عن حميد عن رجل من قريش عن مكحول عن وسيلة بن الاشفع رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القوس والسيف في السفر بمنزلة الزاد قال بعضهم وينبغي للمسافر ان يستصحب معه عصا تأتيا بموسى عليه السلام وفيها فوائد منها ان تقتل الحية والعقرب والذئب والفحل الهائج ويتوكأ الكبير والسقيم والاقع والاعرج والخطيب. فتنوب للاعرج عن ساق اخرى والا ما عقائد وهي للقصار والدنانح. وهي شاد للملة في كل التنور ولدق الحمص والسمسم وتخبط الشجر والسرط والمتاري وللراعي عن غنم وللراكب مركبه ووتدا من الحائط وتركزها فتجعلها قبلة وان شئت ما ضلة وتدخلها في عروة المروج فطرفها في يدك والباقين في يد صاحبك ما تعرفون المروج هو المراد هذا الذي قلت لكن المروة شيء ثاني المروج الذي تكون فيه المكحلة تسمى مرود لكن الذي هنا في اراده قال وتدخلها في عروة المزود الذي يوضع فيه الزاد في السفر ويكون له عروة فيدخل ازال حتى اليوم على هذه الصفة فيدخل تدخل العصا ويحملها اثنان. نعم المزود نعم فتدخلها في عروة المزود فتركها في يدك والباقي في يد صاحبك وان كان فيها زج كانت عنزة وان زدت شيئا كانت عكازا فان زدت شيئا كانت مطردة فان زدت شيئا كانت رمحا وكانت اية موسى عليه السلام وفي عصاه وكانت لا تفارق يد سليمان عليه السلام في مقامه حتى سلط الله عليها الارض وهو ميت فسقط وكانت للجن اية. السادس عشر يستحب لاخوانه توديعه ولا بأس بان يكون هو راكبا معهم وهو مشاه. ولا سيما اذا كان المودع كبيرا قال البزار في مسنده لما وجه النبي صلى الله عليه وسلم معاذا الى اليمن كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي ومعاذ الراكب واخرج الحاكم في مستدركه من جهة سعيد ابن مسيب ان ابا بكر الصديق رضي الله عنه لما بعث الجيوش نحو الشام يزيد ابن ابي سفيان وعمرو ابن العاص وشرحبيلة ابن حسنة رضي الله عنهم مشى معهم حتى بلغ ثنية الوداع قالوا يا خليفة رسول الله تمشي ونحن ركبان قال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. السابع عشر ينبغي السفر مع غير الصاحب ان تيسر له ابو بكر ابو بكر ولا الحاكم تركي الحاكم حاكم حتى لا يتوهمون من كلام ابي بكر هذا من اللطايف شيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله طبع سند ابن ماجة لما طبع سنن ابن ماجة رحمه الله ادخل بعض كلام البوصيري الذي هو من علماء القرن التاسع في كتابه مصباح الزجاجة في زواج ابن ماجة ادخله بعد الاحاديث فيذكر الحديث واذا كان البصير يتكلم عليه جعل الحديث داخل فقال قال في الزوائد ويذكر ويذكر الكلام تقريبا للناس صار كثير من الناس ممن لا يعرف من العلم الا تحضير الرسائل الاكاديمية يأتي ويقول قال ابن ماجة قال في الزوائد وينقل الكلام فهمتم الغلط؟ مما جاء قبل البصير بخمسة او ستة قرون ولكن البوصيري هو الذي في الاصل حكم على احاديث ابن ماجه نعم. السابع عشر ينبغي السفر مع غير الصاحب ان تيسر له فقد روى اكثر. عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اغزوا مع غير قومك يحسن خلقك ذكره السهيلي في الروض قال وقال في الاذكار في كتاب فوائد الاخبار معنى هذا ان الرجل اذا غزا مع غير قومه تحفظ ولم يسترسل وتكلف من رياضة نفسه ما لا يتكلف في صحبة من يثق باحتماله لنظرهم اليه بعين الرضا ولنصحه اذلالا فذلك يحسن خلقه او في رياضة نفسه على الصبر والاحتمال قال السهيلي وهو احسن من التأويل غير ان الحديث مختلف في لفظه فقد ورد فيه السافر مع قومه وذكر الروايتين ابو عمر في هذه لا وجه لها والله اعلم بصحتها لكن هذه امواته ليست صحيحة. نعم وذكر روايتين ابو عمر في حمواته. ابو عمر اذا اطلق من مر معنا كم مرة ابن عبد البر؟ نعم هذا يحتمل نعم سيعلمون ان تكون غزوات مثل ما ذكر الاخ. نعم ويستحب ان يوفقه جماعة لقوله صلى الله عليه وسلم لو ان الناس يعلمون من الوحدة ما اعلم ما صار راكب في ليل وحده. رواه البخاري كذا احتج به النووي في وهم من جهة انه خاص بالليل والمسألة عامة في سفر الليل والنهار. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الواحد شيطانا مجازا لانه صاحب الشيطان اذا حدث المضارع واذا قيل قد اشتهر عن خلائق انها تستحب الوحدة في السفر فاجيب بان الوحدة عندما تكره لمن يستأنس بالناس فيخاف عليه فيخاف عليه بالانفراد الضرر من الشياطين ونحوهم. اما الصالحون فانهم استأنسوا بالله واستوحشوا من الخلق في كثير من اوقاتهم فلا ضرر عليهم في الوحدة بل مصلحة وراحة ثم ينبغي ان يسير مع الناس ولا ينفرد بطريق ولا ركب يتأبق الطريق فانه يخاف الافات من ذلك. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في الباب الثاني مما يتعلق بالعبد عند السفر جملة من الاحكام. فاولها تقديم الاستخارة عند انشاء سفره كما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم الاستخارة في الامور كلها. ونقل المصنف هنا عن الاصطلاح استحباب تكرار لصلاة الاستخارة ثلاث مرات. والمذهب استحباب تكريرها سبع مرات ولا دليل على شيء من ذلك. بل الظاهر ان الانسان تأخير مرة ثم يقدم على ما عزم عليه. الثاني اذا عزم فليبدأ بالتوبة من المعاصي وهو يخرج من مظالم الخلق ويقضي ما امكنه ومن ديونهم والمقصود انه يرد الحقوق الى اهلها. فيرد حقوق الله عز وجل بالتوبة ويرد حقوق الخلق من وامانة ودين اليهم. الثالث ارضاء والديه ومن يتوجب عليه مسرته وطاعته. وان منعه الوالد السفر او منع الزوج والزوجة او صاحب الدين المديونا من السفر ففيه خلاف بين اهل العلم رحمهم الله تعالى والاصل ان الانسان يحبس لاجل حق غيره اذا كان الزوج يمنع الزوجة لاجل حقه منها وجب على المرأة البقاء. واما ان كان يمنعها لغير ذلك فانه اثم بمنع ثم ذكر الرابع وهو ان لا يقصد اليوم بالسفر يعني لا يتحرى يوما معينا لما في ذلك من التطير يعني ببقية الايام كمن لا يسافر الا في يوم الاحد او في يوم الثلاثاء او لا يسافر في يوم الاربعاء يخشى الظرر فان هذا من جملة التطير المنهي عنه وكل الاحاديث التي وردت في تحري السفر من قول النبي صلى الله عليه وسلم او الامر بتحري يوم معلوم لا يصح منها شيء وانما يصح من فعله صلى الله عليه وسلم انه كان يخرج يوم الخميس الخامس ذكر مسألة السفر يوم الجمعة بعد الفجر وفيها للعلماء مذاهب منهم من يفرق بين السفر قبل الزوال وبين بعده ومنهم من لا يفرق بينها. واصح مذاهب العلماء فيها مذهب ابي حنيفة وهو الجواز مطلقا ثبت عن عمر رضي الله عنه عند الشافعي في مسنده والبيهقي في سننه ان عمر رضي الله عنه قال ان الجمعة لا تحبس عن سفر ولا يعرف له مخالف من الصحابة كما قال الطحاوي. فهذا اقوى الاقوال للاثر فيه وبقية الاقوال ليس لها متعلق قوي من المأثور في السنة او في اقوال الصحابة رضوان الله عليهم ثم ذكر السادس وهو استحباب طلب الرفيق الموافق الراغب في الخير العارف بالشر ليذكره اذا نسي ويعينه اذا ذكر وذكر حديث الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق وهو حديث ضعيف كما بل ضعيف جدا كما تقدم في كتاب حقوق الجار الذهبي ثم ذكر حديث خفاف ابن ندبة وهو ضعيف ايضا ثم ختم بفائدة قال فيها روى اختم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الرفقاء اربعة. وهذا الحديث قد اخرجه ابن ماجة بسند والثابت من السنة ان اقل الصحبة ثلاثة كما نقله ابو بكر بن العربي فقال اقل الصحبة ثلاثة. لان النبي صلى الله عليه وسلم فقال كما عند ابن خزيمة والحاكم بسند جيد قال الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة راكب فدل هذا على ان اقل ثلاثة ثم ذكر الادب السابع وهو ان يعلم اخوانه وذكر فيه احاديث لا يثبت منها شيء لكن كمال الادب ان يعلم اخوانه بسببه ما لم هناك مصلحة راجحة في اخفائه وعدم ذكره كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في سفر هجرته فانه لم يخبر به جميع اصحابه وانما اختص من اختص منهم. ويستحب طلب الدعاء والوصية من اهل الخير والصلاح كما في حديث ابي هريرة ان رجلا قال يا رسول الله اني اريد ان اسافر فاوصني قال عليك بتقوى الله عز وجل والتكبير على كل شرف وهو حديث حسن قد اخرجه رواه الترمذي وغيره والمراد بالتكبير على كل شرف يعني على كل مكان مرتفع ويستحب الدعاء عند الوداع مما جاء في حديث ابن عمر عند ابي داوود وغيره وفي حديث عبد الله الخطمي وهما حديثان يقوي احدهما الاخر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا ودع احدا قال استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك خص الدين بالذكر لان السفر مظنة التغير والتحول والخطر على الدين. ثم ذكر حديث زوجك الله بالتقوى وغفر لك الخير حيث توجهت وهذا حديث ضعيف كما مر معنا في كتاب وصول الاماني باصول التهاني للسيوطي ثم ذكر الثامن وهو استحباب السفر يوم الخميس لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. واذا لم يكن يوم الخميس فالاثنين كما استحبه النووي لان النبي الله عليه وسلم هاجر من مكة يوم الاثنين ثم ذكر التاسع وهو انه اذا سافر بحج او غزوة او غيرها استحب له ان يتحرى المال الحال الخالص في ما يتزود به به في سفره لانه اذا سافر على هذه الحال فهو مأزور عند جميع العلماء لكن هل يبطل عمله الذي سافر ويجزه هل يبطل كله لاجل ان ماله حرام؟ او ينقص اجره قولان اثنان اظهرهما والله اعلم ان عمله لا بل ينقص اجره كما لو غصب مالا فحج به فانه قد صح حجه ولكن فاته الثواب العاشر انه يستحب له ترك المماحكة فيما يشتريه لاسباب سفره لا سيما في سفر حجة وغزوة وكذا كل قربة وهذا من مروءة العامة واما شيء خاص به فلم يثبت فيه شيء وذكر في اثناء هذا اجتماع الرفقة على الطعام يوما فيوما وان ذلك حسن وذكر حديث وحشي ابن حرب وفيه ضعف لكن معناه قد جاء في احاديث كثيرة فيها مدح الاجتماع على الطعام. الحادي عشر استحباب التبكير وذكر فيه حديث اللهم بارك لامته في بكورها وهذا الحديث يروى من حديث جماعة من الصحابة لا يسلم شيء منها من ضعف ان يغني عنه ما في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من يوم يصلح العباد فيه الا ملكان ينزلان فيقول احدهما اللهم اعطي منفقا خلفا الى اخر الحديث ففي هذا ان نزول الملكين يكون في اول النهار مما يدل على استحباب السفر فيه او جاء الى اصابة دعوة هذا الملك الثاني عشرة عند ارادة السفر وروي في ذلك اشياء لا تصح منها ما ذكره المصنف في هذا الباب ولا يصح في الصلاة عند ارادة السفر حديث الا صلاة الاستخارة اذا شاء. اما صلاة مخصوصة في السفر فلا يصح في ذلك شيء وبهذا تعلم ان استحباب ان يقرأ في الاولى كذا وفي الثانية كذا في نظر. وانما يثبت مما لم يذكره المصنف هنا يثبت الصلاة بعد القدوم والزهر فاذا قدم الانسان من سفره تحب له ان يصلي ركعتين كما ثبت ذلك في الصحيح واما الصلاة قبل فلا يثبت بها شيء. والثالث عشر يستحب للمسامل الصدقة من موضعين اذا وضع رجله في الركاب فيشتري سلامته من الله. واذا رجع شكر الله وهذا قاله بعض الفقهاء رحمهم الله تعالى ولا دليل عليه. الرابع عشر ذكر ما جاء من الدعاء عند ارادة السفر وهو حديث انس ابن مالك اللهم بك واليك توجهت وهذا الحديث لا يصح. وقد ذكر النووي عقبة ان السنة ان يدعو بما صح ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اذا قال بسم الله على الله الى اخره. ثم ذكر حديث انس من قال اذا خرج من بيته بسم الله توكلت على الله الى اخره. وهذان الحديثان قد صححهما نعم لكن في صحتهما نظر فان اسناد الاول منقطع لان الشعبي راويه عن ام سلمة لم يسمع منها كما قال علي ابن مديني. والثاني مما استنكر على ابن جريج فلا يثبت حديث مخصوص في الدعاء عند الخروج من المنزل ثم ذكر الادب الخامس عشر وذكر فيه احاديث فيما ينبغي ان يكون مع المسافر من مرآة ومكحلة ومسك ومدراء سواك وجميع الاحاديث المذكورة في هذا الباب لا يصح منها شيء. ثم ذكر بعض الالة التي يحتاجها المسافر كالعصر ولما فيها من المنافع الكثيرة ولم يزل هذا من عادات العرب الى يومنا هذا انهم يستحبون استصحاب العصا. السادس عشر وانه يستحب لاخوانه توديعه. وهذا من الادب العام في احسان المعاشرة بين المؤمنين لانه يفارقهم فيستحب لهم توجيه وذكر بذلك حديثا واثرا عند خروجهم بان يودعهم ولو كان المودع راكبا والمودع ماشيا والحديث والاثر المذكور ضعيفان ثم ذكر السابع عشر وهو انه ينبغي السفر مع غير صاحب ان تيسر له. وذكر فيه حديث اكتم اوزو مع غير قومك احسن وخلقك وهذا حديث رواه ابن ماجة باسناد ضعيف وهو خلاف السنة فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر مع ازواجه واصحابه وقد تقدم عن النووي انه قال المستحب ان يسافر مع صاحب يعرفه وهو الصحيح. ثم ذكر ان المستحب ان يرافقه جماعة لما في الوحدة من الضرر وبذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لو ان الناس يعلمون من الوحدة ما اعلم ما صار راكب في ليل وحده وعند احمد ما خرج مسافر وحده الا ان ذكر المسافر غلط في هذا الحديث والمحفوظ ما سأل راكب في ليل وحده وهو مغن عن ذكري السفر لان النبي صلى الله عليه وسلم انما ذكر الليل لان الغالب ان العرب لا تسافر الا في الليل وكان هذا الى وقت قريب جدا لما في الليل من برودة الجو وطيب الهواء وعدم المشقة على الدواب. نعم. الباب الثالث في الاداب المشقة بالسفر ما يقول اذا ركب عن علي ابن ربيعة قال شهدت عليا اتي بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله فلما استوى على ظهرها قال الحمد لله ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقننين وانا لربنا لمنقلبون. ثم قال الحمد لله ثلاث مرات ثم قال الله اكبر ثلاث مرات ثم قال سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي انه لا يغفر الذنوب الا انت ثم ضحك فقيل يا امير المؤمنين من اي شيء ضحكت؟ قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت ثم ضحك فقلت يا رسول الله من اي شيء ضحكت؟ قال ان ربك تعجل من عبده اذا قال اغفر لي ذنوبي يعلم انه لا يغفر الذنوب غيري اخرجه ابو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح ورواه الحاكم في مستدركه ثم قال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه قلت قال عبد الرحمن ابن مهدي عن الشعبة قلت ابي اسحاق السبيعي ممن سمعت هذا الحديث قال من يونس ابن حيان فلقيت يونس ابن حيان فقلت ممن سمعته قال من رجل سمعه من علي ابن ربيعة ورواه بعضهم عن يونس ابن حيان عن شقيق ابن عتبة الاسدي عن علي بن ربيعة الوالد ورواه مسلم من حديث ابن عمر نحوه واخرج المرعشي في سننه عن مجاهد عن ابي عن ابن مسعود قال اذا ركب رجل الدابة فلم يذكر اسم الله ردفه الشيطان فقال له تغنى فاذا لم يحسن قال له تمنى واخرجه احمد في مسنده من حديث محمد بن اسحاق عن محمد ابن ابراهيم التيمي عن عمر ابن الحكم ابن ثوبان عن ابي الخزاعي قال حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابل من ابل الصدقة ضعاف للحج فقلنا يا رسول الله ما نرى ان تحملنا هذه؟ فقال ما من بعير الا على ذروته شيطان فاذكروا اسم الله اذا ركبتموها فكما امركم ثم امتهنوها لانفسكم فانما يحمل الله. وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه ولو شاهد صحيح. ثم اخرجه من حديث ابن سعد عن زيد ابن ابي حبيب عن معاذ ابن انس عن ابيه وكان من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اركبوا هذه الدواب سالمة وهالثانية ولا تتخذوها كراسي واخرج ابن حبان في صحيح عن عبيد الله بن موسى قال حدثنا اسامة بن زيد قال حدثني محمد ابن حمزة ابن عمرو الاسلمي قال اتى به يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق كل ظهر بعيره شيطان فاذا ركدتموهن فاذكروا اسم الله ولا تقتصروا عن حاجاتكم وقال على شرط المسلمين ولهم شاهد على شرطه ثم ساقه من حديث ابن ابي الزناد عن ابيه عن الاعرج عن ابي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه اي وسلم يقول ان على كل ذروة بعير شيطانا فامتهنوهن بالركوب وانما يحمل الله عز وجل ما يدعو به في سفره عن ابي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سافر قال اللهم انت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل اطوي لنا الارض وهون علينا. اخرجه ابو داوود والنسائي واخرجه من حديث ابن عمر اتم منه واخرج من حديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من وعثاء السفر وكآبة البلد والحول بعد الكور ودعوة المظلوم هكذا رواه مسلم بالرائي ويروى بالنون وعثاء السفر شدته ومشقته واصله من الوعت وهو الرمل الدقيق الذي يغوص فيه الرجل ويسد المشي عليهم ثم جعل تلك مما يشق ويؤلم والكآبة تغير النفس والانكسار من الحزن والهم ويقال رجل اي حزين ونقلك ابتخفيف الهمزة واسكان الالف كرأفة وراثة والمنقلب لفتح اللام المرجع ومعناه ان يرجع من سفره فيجد اهله اصيبوا بمصيبة نسأل الله السلامة. والحور بعد الكور قيل الرجوع عن الاستقامة والحالة الجميلة بعد ان كان عليها والرجوع من قوله تعالى اي يرجع والكون بالنون الوجود نقول لا تردنا الى حال بعد وجودنا على خير من واما على رواية الراء فقيل معناه ان يعود الى النقصة اي بعد الزيادة وقيل من الرجوع عن الجائحة المحققة بعد ان كان فيها يقال كان الكون اي الجائحة شبه الاجتماع بالجائحة باجتماع العمامة باجتماع العمامة اذا لفت. ويقال كار عمامته اذا لفها وحار امامته اذا نقضها فكأنه استعاذ من انتقاض اموره بعد ثباتها حكاه ابو اسحاق الحربي وغيره. ما جاء في استحباب ذكر الله في حال واقامته روى جعفر السريابي في كتاب فضل الذكر عن عون ابن عبد الله قال ابن مسعود رضي الله عنه ان الجبل ليقول للجبل يا فلان المرء بك اليوم ذكر الله عز وجل فان قال نعم سره ذلك ورواه البيهقي وقال استبشارا بذكر الله قال عمرو بن عبدالله الراوي عن ابن مسعود سمع ان الزور ولا يسمع معنى الخير وهي للخير اسمع واقرأ وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا ادا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق ارض وتخر الجبال هدا ان دعوا للرحمن ولدا. وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال ما من صباح ولا رواح الا تنادي بقاع الارض بعضا وها بعض هل مر بك اليوم عبد فصلى عليك لله او ذكر الله عليك فمن قائلة لا ومن قائلة نعم فاذا قالت نعم رأت عليها بتلك لها فضلا وقال ابو الدرداء رضي الله عنه اذكروا الله في اسفاركم عند كل حجرة وشجرة لعلها تأتي يوم القيامة تشهد لكم وقال الحليمي من الاداب التعليم الحليم احسن الله اليك. وقال الحليمي من الاداب الذكر عند كل اضطجاعة وعند كل شيء وعند كل حجر ومدد وسجن واستدل له الشافعي رضي الله عنه بما رواه وابو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اضطجع مضطجعا لم يذكر الله فيه كان عليه سرة يوم القيامة وروائض ابي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني اريد سفرا فقال له اوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف ما يقول اذا علا واذا فهبط عن جابر ابن عبدالله رضي الله عنه قال كنا اذا صعدنا كبرنا واذا نزلنا سبحنا رواه البخاري قال الائمة التكفير عند اشراف الجبال استشعار لكبرياء الله عندما تقع عليه العين من عظم عظم خلق الله انه اكبر من كل شيء. واما تسبيحه في بطون الاودية فهو مستنبط من قصة يونس عليه السلام وتسبيحه في بطن الحوت قال تعالى فلولا انه كان من المسبحين قد فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا التسبيح في بطون الاودية وقيل معنى التسبيح عند هبوط تنزيه الله تعالى عن صفات الانخفاض مضلعة. ما يقول اذا خاف قوما عن ابي موسى رضي الله تعالى عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا خاف قومه قال اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. اخرجه ابو داوود والنسائي والحاكم في مستدركه في باب قسم الفئ والغنيمة ثم قال صحيح على شق الشيخين واكثر ظني انهما لم يخرجا. واخرج ابو نعيم في حديث الهجرة ان النبي صلى الله عليه وسلم جاء على سراقة حين اتبعه وابا بكر فقال اللهم بما شئت فساخت به فرسه في الارض الى بطنها ما يحتاجه من طعام او شراب ويأكل البصل بالخل او مطبوخا في الطعام او البطيخ او ينقع فيه السويد الكعك او الخرموب او الخف الجاف ويخاض به حتى يختلط اختلاطا ثم يصفي الماء ويبرد على قدر الامكان ويشرب ويتزود طين بلده فاذا انزل على ما اخذ منه شيئا والقاه فيه واقره حتى يصفو ثم يشرب منه ليستعمل شيئا من السكنجبين وان كان الماء مطلقا استعمل معه الاغذية القابضة ويقلل من اكلي في شدة الحر ثم المياه انواع احدها الكدر ولتصفى من اناء الى اناء اخر الى ان يروق ويلصق بالكعك المبلول او بعسل او بعسل بعسل غليان المغلي او بعسل غليان ثم يبرد ثم يطرح او يطرح فيه شيء من شد يماني مسحوق. الثاني المالح ويشهب يعني يشاب بالخل والله ويشهب بالخل ويلقى فيه خرموب او حب الاتي او زعرور او يأكل السفرجل والسكنجبيل فانه يدفع ضرره. الثالث الزعاق ويجعل في قدر نظيفة ويوضع فوقه عيدان منفردة ويلقى فيه صوف وعليه حمر قد اشتعل ويعتصر ذلك الصوف حتى ينتهي ويشرب. الرابع ما يطلق البطن فليستعمل الاغذية المقبضة. والخامس ان يكون في الماء حشائش وهو اعشاب لها حدة ورداءة فليكثر من اكل الدسم ويعتني بتصفيتها وينظر هل نبت في فيه نبات سمي وان كان فيه علق فليروق وينبغي للمسافر ان يتمضمض كل وقت ولا يشربه ويستنشق بالدهان كذهن القرع او اللوز او البنفسجي ويدهن جسده وان حمل معه قضبان البقرة الحمقاء وامتص منه منفعة نفعه جدا لا سيما ان اكل منه قليلا فانه طعام دافع السموم مذهب للعطش. فصل وليعد مسافر الكحل والسويق والسكر والمشمش اجاص اليابس والخل والبصل المدقوق مع الثوم والكشك اخذ لتلك وبزر قطونا البزر يعني البزر نعم وهليلة اصفر مسحوق مع السفح والسكر والكعك والسيرج والزيت العذب والملح الجرش والطيب وجوارج ممسكة والتمر وقلب الجوز ولا يستصحب الاطعمة الغليظة كالقديد ولا الحلوة غليظة المتخذة من العجين ولا الجبن. فصم بالاحتراس من ضرر الحج من سافر في حر شديد فلا يمتلئ من الطعام ولا الشراب ولا ينبغي ان يكون خاويا منهما الا ان يكون متخما والا فليعتدل منهما ويستعمل الاغذية الباردة المسكنة للعطش. كماء الحصرم والخل والزيت ويشرب شربة خفيفة من السكر والماء البارد ويستريح قليلا ثم يسير فانه وان تحرك عقبه تخطب في معدته وساء هضمه وليقي اعضاءه خصوصا الرأس من الشمس فاذا قطع في سيره اغتسل بالماء البارد والعذب الفاتر وليأكل بعض فاكهته وينام في موضع ريح ويتجنب الباحة. فان وجد صداعا عالج بالماء ورد وزاد من الاغتسال بالماء وتنشق دهن البنفسج او القرع او الخلاف وينبغي لمن خاف العطش في طريقه الا يستوي في طعامه قبل سيره بل يأكل شيئا قليلا من البقول الباردة والبوارد الحامضة او يشرب من التسويق او السكر بالماء الكثير وليحذر الاكل من المالح والحلو والحريث والسمك خاصة والزيتون فانها معطشة. وينفعه البصل المنقوع بالخل والرفق في السير وتقليل الكلام بتعمل ايه؟ اجي اصور او المشمشة اليابسة ويمسكها في فمه وكذلك التمرة هندي وحب الرمان الحامض او يمسك في الفم قطعة من البلور او الصدأ او الفضة الخالصة طب الحق خالقة الحلية هذا يعني غير مشبوك. او الفضة الخالصة الحلية ويضم الشفتين ولا ينشق الهواء بالفم وينشق الادهان المبردة. ومن بال العطش فلا ينبغي ان يروى من الماء ساعة دوسه بل يتمضمض به ساعة ويتجرأ منه قليلا ويضع اطرافه فيه ويغسل به وجهه ويدخل فيه الى حبة ثم يتغير ببعض مما ذكرناه ويزيد بالشرب قليلا قليلا والا هلك. فصم بالاحتراس من ضرر البرد من سافر في البرد الشديد او الثلج فقد يعرض له الجمود والجوع القدر والاسترخاء ونحوها فينبغي ان ينفلئ من الطعام وينال من الشراب ليلا صالحا ويمسك عن الحركة بسببه بقدر ما يسخن الطعام ختم المصنف رحمه الله تعالى كتابه هذا بالباب الثالث الذي سرد فيه جملة من الاداب المتبقية المتعلقة بالسفر فذكر اول اه ما ذكر ما يقوله المسافر اذا ركب واورد فيه حديث علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه يقول الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا الى اخره وهذا الحديث مع شهرته له علة بينها المصنف وهو ان ابا اسحاق السبيعي لم اسمع هذا الحديث من علي ابن ربيعة بل بينهما رجل او اكثر. الا ان هذا الحديث له طرق عدة تقويه فيكون حسنا بمجموعها فيما يظهر والله اعلم كما تقدم في كتاب الترغيب في الدعاء. ثم ذكر الاثر الوارد عن ابن عباس الذي اخرجه عبد الرزاق في مصنفه ومن طريقه الطبراني عن معجم كبير عن ابن مسعود قال اذا ركب الرجل الدابة فلم يذكر اسم الله رجفه الشيطان فقال له تغن. يعني ترنم بالحدى. فاذا لم يحسن قال له من يعني اشغله بالفكر فيما لا ينفعه من الاماني. واسناده صحيح. ثم ذكر ما رواه احمد في مسنده والحاكم من حديث ابي لكن الخزاعي وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من بعير الا على ذروته شيطان فاذكروا اسم الله اذا ركبتموها واتبعه بحديث انس قال اركبوا هذه الدواب سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي يعني لا تديموا البقاء عليها من غير حاجة ثم ذكر حديث حمزة الاكتمي فوق كل ظهر بعير شيطان ثم ختم بحديث ابي هريرة ان على كل ذروة بعير شيطان فامتهنوهن بالركوب وانما يحمل الله عز وجل. والاحاديث الثلاثة الاولى جميع الحسان والاخير فيه مقال ولكنه يتقوى بالشواهد السابقة فهذا دليل على ان على ذروة كل بعير الشيطان وهذا هو سر الشيطنة الموجودة في الابل ولاجل هذا امر بالوضوء منها لاجل هذا كما اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية ابن القيم ثم ذكر طرف من الاحاديث التي يدعو بها المسافر اذا سافر فذكر حديث ابي هريرة اللهم انت الصاحب في السفر الى اخره وردفه بحديث ابن عمر اتم منه حديث عبد الله بن سلجة كلها احاديث صحيحة وفسر الفاظها رحمه الله تعالى بما ابان وحدثوا السفر يبتدئها الانسان اذا ركب دابته متوجها الى سفره فاذا ركب الانسان السيارة وهو السفر فانه يشرع في ذكر هذه الادعية. ثم عقد ترجمة بعنوان ما جاء باستحباب ذكر الله في حال سفره واقامته احسن ما في هذا الباب الحديث الاخير وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم اوصى رجلا قال اوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شر اخرجه ابو داوود واسناده حسن ثم اتبعه بما يقول اذا علا واذا هبط وذكر حديث جابر قلنا اذا صعدنا كبرنا واذا نزلنا سبحنا وعلته ما ذكر المصنف التكبير عند العلو بدفع توهم تعظيم هذه المخلوقات دون الله عز وجل فامر العبد بالتكبير ليذكر عظمة الله واما التسبيح فامر بالتسبيح عند بطون الاودية ليتذكر الانسان علو الله عز وجل وتنزهه عن النقص. ثم ذكر ما يقول اذا خاب قوما وهو حديث اللهم انا نجعلك بنحورهم ونعوذ بك من شرورهم وفي اسناده ضعف ومثله ما وراءه وامثل ما فيروى في التعوذ من قوم خافهم حديث عقبة ابن عامر في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انزلت علي الليلة قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ثم قال فما تعود متعوذ بمثلهما فمن خاف شيئا في سفر او حظر فانه يتعوذ بهاتين السورتين ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى نصائح في ما يتعلق بما يصلح العبد به حاله في الزمن من طعام او شراب الاوصاف باعتبار ما عليه اهل عصره. اما اليوم فقد تغيرت كثير من هذه الاطعمة. والنصيحة النافعة فيما يتعلق في اثناء السفر ان يجتنب الانسان الاكثار من الطعام حال سفره. لان الاستكثار يولد الثقل واذا نزعه الانسان بالعمل ربما رجع عليه بالضرر. وكذلك يحذر من الهجوم على اطعمة لا يعرفها لم تكن ببلده فانه لا يحسن به تعريض نفسه في حال الغربة الى كدل المرض فان النفس مطبوعة على طبيعة خاصة بماكلها ومشربها فاذا حولت اضر بها وينصح بالمآكل التي تشتمل على الحلوى المعتادة بما فيها من تنشيط النفس وافضلها التمر او ما كان مصنوعا منه من الحاويات ونحوها. وفي الشتاء ينصح ان يكون في شراب الانسان شيء حار يورثه الدفء ثم ختم بفصلين فيهما بيان ما يحترس به الانسان من ضرر الحر وضرر البرد في حال السفر ووافق شيئا مما يتعلق بذلك من مطعوم ومشروب. وهذا اخر التقرير على هذه الرسالة النفيسة التي هي من انفع ما صنف فيما يتعلق بما يحتاج اليه المسافر من احكام واداب السفر والحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين