السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا هو الدرس التاسع عشر من برنامج الدرس الواحد الخامس والكتاب المقروء فيه هو اسباب نصر الله للمؤمنين على اعدائهم للعلامة ابن باز رحمه الله تعالى رحمة واسعة. وقبل فروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو العلامة القدوة عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن باز يكنى بابي عبد الله ويعرف بابن باز نسبة الى جد من اجداده ولقب بمفتي البلاد وشيخ الاسلام وكان رحمه الله شديد الزهد في اللقب المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في الثاني عشر من ذي الحجة سنة ثلاثين بعد الثلاثمائة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في السابع والعشرين من محرم حرام سنة عشرين بعد الاربع مئة والالف وله من العمر تسعون سنة رحمه الله رحمة واسعة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا. المقصد الاول تحقيق عنوانه اسم هذه الرسالة اسباب نصر الله للمؤمنين على اعدائهم المقصد الثاني بيان موضوعه حشد الشيخ رحمه الله تعالى في طيات قوله جملة من الاسباب الشرعية التي توجب نصر الله ومعونته لعباده المؤمنين المقصد الثالث توضيح منهجه اصل هذه الرسالة محاضرة القاها رحمه الله ثم فرغت من الشريط الصوتي وطبعت في حياته فجاء نسقها متلاحقا متتابعا موافقة لما عليه الامر في الالقاء البياني فلم تشتمل على فصول ولا ابواب لكنها تميزت بجملة كثيرة من الايات القرآنية كما كان دأبه رحمه الله تعالى في وعظه وارشاده نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد قال العلامة ابن مازن رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم اسباب نصر الله للمؤمنين على اعدائهم. الحمد لله رب العالمين والعاقبة والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وامينه على وحي نبينا وامامنا وسيدنا محمد ابن عبد الله وعلى اله واصحابه ومن سلك ثمينه وفناده الى يوم الدين. اما بعد فاني اشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء باخوة في في اشرف بقعة من بقاع الدنيا وهي مكة المكرمة. للتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى بيان اسباب انتصار المسلمين على اعدائهم وبيان لذلك واسأل الله جل وعلا ان يجعله لقاء مباركا وان يصلح قلوبنا واعمالنا جميعا وينصر دينه ويعلي كلمتهم ويصلح ولاة امرهم المسلمين جميعا ويمنحهم الفقه في الدين. وان يوفق بين عباده كما اسأله سبحانه ان يوفق ولاة عملنا في هذه البلاد لكل خير وان يعين وعلى كل ما فيه صلاح العباد والبلاد وان يصلح لهم البطانة وان ينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل ويجعلهم من الهداة المهتدين انه خير مسؤول ثم اني اشكر اخواني القائمين على هذا النادي وعلى رأسهم معالي الاخ الدكتور راشد ابن راجح مدير جامعة ام القرى ورئيس النادي على دعوتهم لهذا اللقاء اسأل الله ان يبارك للجميع ويصلح احوالنا جميعا ويجعلنا من دعاة الهدى وانصار الحق انه سميع قريب. ايها الاخوة في الله ذكر معاني الدكتور حفظه الله في المقدمة انني رئيس هيئة كبار العلماء واحب التصحيح فان الرئاسة للهيئة محصورة في خمسة من كبار السن من الاعضاء تدور بينهم الرئاسة وكل واحد في السنة الخامسة يتيم له وانا واحد منهم لست رئيسا للهيئة ولكني واحد من رؤساء الهيئة. المصنف رحمه الله تعالى فيما سبق من قوله جملا ابتدأ بها البيان المقصود وهو ابانة اسباب نصر الله للمؤمنين فقدم بين يدي ذلك حمد الله سبحانه وتعالى والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم. ثم شكر الرب عز وجل ان يسر هذا الاجتماع وقد ظهرت في هذه المقدمة خصيصتين من خصائص الشيخ رحمه الله تعالى لا تختصان به دون غيره من ائمة الدعوة النجدية بل كان هذا ديدانهم وعادتهم اتباعا للشرع الحكيم اولاهما دعاؤه لولاة امر المسلمين جميعا بان يصلحهم الله وان يمنحهم الفقه في الدين وان يوفقهم لتحكيم الشرع ثم تخصيص ولاة امر هذه البلاد ان يوفقهم الله لكل خير ومن شعار اهل السنة عند ظهور الوقيعة في الولاة اظهار الدعاء لهم. وكانت تلك السنوات التي القى فيها رحمه الله على هذه المحاضرة من السنوات التي راج فيها الطعن في ولاة امور المسلمين. والذي ينبغي على العبد هو سلوك هذه الجادة من سؤال الله عز وجل ان يصلح ولاة امور المسلمين جميعا وان يوفقهم لتحكيم الشريعة لان صلاح الولاة صلاح للمسلمين وهذا هو داء ابو السلف كما جاء هذا عن الفضيل ابن عياض واحمد ابن حنبل في اخرين ولم تكن طريقة ائمة الدعوة ما انتحله بعض الناس زاعمين انه طريقة السلف من الزيادة على هذا بالمبالغة بالمدح فكما انهم يباعدون طريق القالين الشانئين للولاة فهم يباعدون طريق الغاليين المبالغين في مدح الولاة ولم من طريقته مدح الولاة الا عند الحاجة الى حثهم على خير فيمدحونهم بما هو فيهم. والواجب على الانسان هو ان يسلك هذه الطريق تقربا الى الله عز وجل وابتغاء رضاءه. واما الخصيصة الثانية فهو نقصه رحمه الله تعالى لانزاله غير منزله. وعدم مبالاته بالمناصب والرئاسات. فلما قدم له المتكلم بانه رئيس هيئة كبار العلماء وكان حينئذ لم يتبول وهذه الرئاسة اذ لم يصدر حينئذ النظام الاخير الذي نظم دوائر الدولة ومن جملتها هيئة كبار العلماء وعين رئيسا لها ومفتيا عاما للبلاد. فاحب ان ينبه الى انه ليس رئيسا دائما لهذه الهيئة. بل الرئاسة فيها تدور بين خمسة من كبار السن من الاعضاء كل واحد في السنة الخامسة يأتيه الدور. وفي ذلك ابلغ دليل على زهده رحمه الله تعالى وعدم اغتراره بالمناصب والرئاسات. وكان هذا دأب الناس في هذه البلاد فلم تكن تروج عندهم هذه الالقاب التي ملأت الساحة اليوم من العلامة والمحدث والعالم الرباني واشباهها. ولا نذكر ابدا محاضرة ولا درسا ولا كتاب كتب فيه عن الشيخ عبدالعزيز رحمه الله تعالى في حياته العلامة او الامام او العالم الرباني ولا عن الشيخ ابن عثيمين ولا من تقدمهما وكان اذا قيل بين احد منهم العلامة او الامام او شيخ الاسلام غضب لذلك غضبا شديدا وقطع كلام المتكلم كما وقع هذا مرارا منهم فيما رأيناه وسمعنا عنه. ولم تكن هذه طريقتهم لان طلب الالقاب ليس من طريقة عباد الله المخلصين مخلصين وانما هذا شيء سرى الى القلوب بسبب ضعف الايمان ووهن الشريعة وطلب الناس الرفعة بعضهم عند بعض بالتزني بالالقاب والرئاسات والمناصب حتى راجع هذا الامر على كثير من المنتسبين الى العلم. فينبغي ان يكون دأب المخلص سلوك هذه الطريقة ولا يروج عليه ما رجع للناس اليوم حتى اني رأيت منظرا ما كنا نراه في هذه البلاد من متكلم يتكلم وقد كتب ووراءه العلامة فلان ابن فلان مع انه لا زال في سن الاربعين ولو سلم بانه علامة لا ينبغي ان يكتب هذا على رؤوس الاشهاد وان ينتصب الرجل ووراءه ورقة معلقة فيها مدحه والثناء عليه هذا تأباه قلوب المؤمنين ولا يرظى بمثل هذا الا من اغتر بمثل هذه الاشياء واعجبه مدح الناس وثناؤهم. وانما نبهت الى هذا استفادة من طريقة الشيخ رحمه الله تعالى ايضا على سلوك الجادة التي مضى عليها اهل العلم رحمهم الله تعالى. نعم اما ما يتعلق بموضوع المحاضرة وهي اسباب نصر الله للمؤمنين فالله جل وعلا جعل للنصر اسلاما وجعل للخذلان اسبابا فالواجب على اهل للايمان في جهادهم في المسجد وفي البيت وفي الطريق وفي لقاء الاعداء وفي جميع الاحوال فعلى المؤمنين ان يلتزموا بامر الله وان ينصحوا لله ولعباده وان يحذروا المعاصي التي هي من اسباب الخذلان. ومن المعاصي التفريط من اسباب نصل الاسباب الحسية التي جعلها الله اسبابا لابد منها كما انه لابد من الاسباب الدينية. التفريط في هذا او هذا سبب الخذلان والله جل الا يقول في كتابه العظيم وهو اصدق القائلين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم. هذه الاية العظيمة خطاب لجميع المؤمنين واوضح فيها سبحانه انهم اذا نصروا الله نصرهم سبحانه وتعالى ونصر الله من المؤمنين واتباع شريعته ونصر دينه والقيام بحقه وليته سبحانه في حاجة الى عباده بل هم المحتاجون اليه كما قال عز وجل يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. ان يشأ يذهبكم ويأتي خلق جديد ومع ذلك على الله بعزيز. الناس كلهم جنهم وانسهم ملوكهم وعامتهم كلهم في حال الى ربهم وكلهم الفقراء الى الله والله سبحانه هو الغني الحميد. فنصره سبحانه ونصر شريعته وهو نصر دينه هذا هو نصره ننصر ما بعث به رسوله وانزل به كتابه الكريم. فاذا قام المسلمون بنص دينه والقيام بحقه ونصر اوليائه نصرهم الله على عدوهم ويسر امورهم وجعل لهم هبة حميدة كما قال تعالى اه ان الله ما يعملون محيطا. والصبر والتقوى يكون ان من الصيام بدينه سبحانه والتواصي بذلك في السر والجهر في الشدة والرخاء في حال الجهاد وما قبله وما بعده وفي جميع الاحوال. ولما حذر سمعانه من اتخاذ البطانة من دون المؤمنين في قوله جل وعلا يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يأذونكم خبالا ودوا ما عنتم. قد بدت البعض ومن افواههم وما تخفي صدورهم اكبر. قد بينا لكم الايات ان كنتم تعقلون. بين سبحانه في اخر الايات لانهم اذا صبروا واتقوا لم يضرهم اعدائهم فقال وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ان الله بما يعملون محيط وفي الاية الاخرى يقول جل وعلا وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور. وفي الاخرى ويصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين. ويقول سبحانه واصبروا ان الله مع الصابرين. فنصر الله جل وعلا باتباع شريعته والصبر على ذلك كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك. فمن حفظ الله ومدينه والاستقامة عليه والتواصي بحقه والصبر عليه نصره الله وايده على عدوه. وحفظه من مكائده وقال عز وجل حقا علينا نصر المؤمنين والمؤمنون هم الذين استقاموا على دين الله وحافظوا على حقه وابتعدوا عن مناهيه كما قال تعالى فان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين امنوا وكانوا يتقون. فالمؤمنون هم المتقون قال وهم اولياء الله وهم انصار دين الله ينصرهم الله ويحميهم من كيد اعدائهم ويجعل لهم العاقبة سبحانه وتعالى ذكر المصنف رحمه الله تعالى فيما سبق ان للنصر اسبابا وهذه الاسباب نوعان اثنان احدهما الاسباب الدينية المعنوية والثاني الاسباب الحسية البدنية والعبد مأمور بطلب هذين نوعين جميعا وقد جمعهما وصف المؤمن في الحديث الذي اخرجه مسلم ابن الحجاج من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن القوي احب الى الله من المؤمن الضعيف. وقوله صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي يشمل نوعين من القوة احدهما القوة الايمانية المعنوية والثاني القوة الحسية البدنية ولكل واحد من هاتين القوتين اسباب توصل اليه. ولذلك امرنا الله سبحانه وتعالى بالاخذ بهذا اسباب فامرنا سبحانه وتعالى بان نتخذ الاسباب الحسية كما قال تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وامرنا سبحانه وتعالى بان نتخذ كذلك الاسباب المعنوية الدينية وهي التي اقتصر المصنف رحمه الله تعالى على بيانها فيما يستقبل من كلامه. ومن المعاصي ان يفرط العبد في طلب هذه لان تفريطه تضييع لما امر به من طلب اسباب القوة المورثة للنصر. فاذا فوت الانسان سبب من اسباب القوة فقد فوت مأمورا به. وقد صدر الشيخ رحمه الله تعالى القول في هذه الاسباب بذكر الاية الجامعة في نصرة الله عز وجل لاوليائه وهي قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم فهذا خبر صادق من الرب سبحانه وتعالى ان من قام في نصره فان الله عز وجل يقوم في نصره. لان الله سبحانه وتعالى من اسمائه النصير ووصف الله عز وجل باسم النصير يشمل معنيين اثنين احدهما انه ينصر اولياءه فهو فعيل بمعنى فاعل اي نصير بمعنى ناصر. والثاني انه ينصره اولياؤه. فهو فعيل بمعنى مفعول اي نصير بمعنى منصور. ونصرة الله سبحانه وتعالى التي امرنا بها وعلق نصره لنا عليها هي باتباع شريعته ونصرة دينه والقيام بحقه. وليس المقصود بنصرة الله عز وجل طلب استعزاز الله عز وجل بنا من دلة ولا الاستكثار بنا من قلة وانما المقصود بنصرة الله عز وجل نصرة شريعته لان الله عز وجل محتاج الينا بل هو الغني ونحن الفقراء كما قال الله عز وجل يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد فجميع الخلق مستورون على الافتقار الى الله سبحانه وتعالى ولا غنى لهم الا بهذا الفقر. واذا استغنوا عن فقرهم الى ربهم عز وجل اصابهم الفقر على الحقيقة. كما كان في دعاء بعض من سلف انه كان يقول اللهم اغنني اليه ولا تفقرني بالاستغناء عنك. فاذا افتقر العبد الى ربه عز وجل اغناه الله. واذا استغنى العبد عن ربه عز وجل خذل فلحقه الفقر على الحقيقة ثم بين المصنف رحمه الله تعالى قطبين عظيمين يقوم عليهما امر نصرة دين الله عز وجل وهما التقوى والصبر فالله سبحانه وتعالى قال لعبده فاصبر ان العاقبة للمتقين. فامره بالصبر في قوله فاصبر وامره بالتقوى في قوله للمتقين وجاء الخبر الاخر منه سبحانه وتعالى بان من صبر واتقى لم يضره كيد الكائدين من الكفار غيرهم كما قال تعالى وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا. وعلق الفلاح على اجتماع الصبر والتقوى كما قال تعالى ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون. وقال تعالى وان لم تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم وقال تعالى انه من يتقي ويصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين. في اية اخر تدل على اقتران هذين الامرين العظيمين احدهما بالاخر وان من اجتمع فيه هذان القطبان من نصرة شريعة الله عز وجل بالتقوى وصبر على ذلك فان الله سبحانه وتعالى ينصره لان الله عز وجل قال ان تنصروا الله ينصركم وقال تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين في اية اخر ومعنى هذه الاية يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم من السنة يطابق ما جاء في حديث ابن عباس عند الترمذي وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا احفظ الله يحفظك وهذا حديث عظيم وسنقرأ غدا ان شاء الله بعد صلاة الفجر كتاب ابي الفرج ابن رجب في بيان هذا الحديث ونقف على نحو من هذا المعنى الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى. نعم ويقول سبحانه في كتابه الكريم ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز الذين ان مكناهم في الارض اقاموا صلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور. هؤلاء هم المنصورون وهم الموعودون بالعاقبة الحميدة ان الله سبحانه وصفاته الناصرين له فقال الذين ان مكناهم في الارض اي اقدرناهم اقاموا الصلاة واتوا يعني حافظوا على هذه وهذه كما امر الله فاقاموا الصلاة كما امر الله باركانها وواجباتها وغير ذلك من شؤونها زكاة طيبة بها نفوس كما شرع الله وامر بالمعروف ونهوا عن المنكر وهذا يعم جميع الاوامر والنواهي فيدخل في المعروف الصيام والحج والجهاد وفي الرواية وغير ذلك مما امر الله به ورسوله وينقل في المنكر كل ما نهى الله عنه من انواع الشرك وسائر المعاصي فالمؤمنون يوحدون ان الله يؤمنون به ايمانا صادقا ويلتزمون بتوحيده والاخلاص لهو تصديق اخباره واخبار رسوله عليه الصلاة والسلام. وبالقيام كما امر ومع ذلك يحذرون ما نهى عنه ويبتعدون عن ما حرم عليهم رغبة فيما عنده وطلبا لمرضاته جل وعلا وحذرا من عقابه سبحانه وتعالى فهؤلاء هم المؤمنون حقا وهم المتقون المنكرون في قوله تعالى في سورة الانفال الا المتقون ولكن اكثرهم لا يعلمون. فربنا ينور العبارات بصفات المؤمنين وترجع الى شيء واحد كما قال تعالى وان تصبروا وتتقوا فيدخل فيها ايضا الصلاة والزكاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر يدخل في ذلك من باب اولى توحيد الله والايمان به والايمان برسوله عليه الصلاة والسلام الا وان تصبروا وتتقوا. كما انها داخلة في قوله تعالى الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر والصبر والتقوى يشتملان على فعل جميع الاوامر وترك النواهي وهكذا قوله سبحانه ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم يشمل فعل الاوامر وترك النواهي فان هذا هو النصر باوامره وترك نواهيه عن ايمانه وعن اخلاصه لله. وتوحيد الله سبحانه وايمان برسوله صلى الله عليه وسلم لا عن مجرد شجاعة وحمية والان يقال انه كذا وكذا ولاني مقصد اخر غير اتباع الشرع فالنصر لدين الله يكون بطاعة الله وتعظيمه والاخلاص له والرغبة فيما انه سبحانه وتعالى والعمل بشريعته يريد ثوابه واقامة دينه. فمن كان الله فيهم الله ينصركم ويثبت اقدامكم ويقول فيهم جل وعلا انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معمرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. يعني بذلك العاقبة وهي اللعنة وسوء الدار. فالعاقبة الوخيمة هي النار والطرد من رحمة الله يوم القيامة بخلاف من نصر دين الله واستقام عليه فلهم الدماء والكرامة والعاقبة الحميدة وذلك من مخرج الدنيا في الجنة والنجاة من النار. نسأل الله ان يجعلنا واياكم منهم فالرسل واتباعهم وهم المؤمنون لهم النصر في الدنيا باظهارهم على عدوهم من عدوهم واجعل العاقبة الحميدة لهم ضد عدوهم وفي الاخرة لهم النصر بدخول الجنة والنجاة من النار والسلامة من حول يوم عظيم. ويقول ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان حقيقة النصر لله سبحانه وتعالى هي اقامة شريعته واتباع امره ومجانبة نهيه اورد من القرآن ما يصدق ذلك فاورد قول الله عز وجل ولينصرن الله من ينصره فان الاسم الموصول فيها وهو من فسر في الاية التي تليها فكان معنى الاية ولينصرن الله الذين ينصرون ثم بين الله سبحانه وتعالى صفات الذين ينصرونه فذكر من صفاتهم صفات اربعة عظيمة فقال الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر. وهؤلاء الاربع من جملة ما امر الله عز وجل به من اقامة شريعته. وانما خصت بالذكر تنبيها الى اهميتها وعلو فالصلاة والزكاة اعظم الاعمال في اركان الاسلام بعد الشهادتين. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الى دوام اقامة الدين وذلك بالتواصي بالحق والنهي عن الشرور والمعاصي. فمن قام بهذه الصفات الاربع كان قائما في نصر الله عز وجل فلا بد ان ينصره الله سبحانه وتعالى وكذلك هذا البيان المفسر في هذه الاية من سورة الحج هو مفسر لقول الله عز وجل وان تصبروا وتتقوا لان اصل الصبر والتقوى يرجع الى لزوم الشريعة. فان الصبر شرعا هو حبس النفس على امر الله ومن جملة حبس النفس على امر الله حبسها على الامر ان تفعله وعلى النهي ان تتركه. كما ان حقيقة التقوى هي اتخاذ العبد وقاية بينه وبين ما يخشاه بامتثال خطاب الشرع كما تقدم بيان هذين المعنيين غير مرة ويأتي ان شاء الله على في نور الاقتباس لعلامة ابن رجب. فصار الصبر والتقوى جامعان بمعنى اقامة الدين. ولذلك جاء ذكرهما كثيرا في القرآن الكريم للتنبيه على انهما سببان عظيمان من اسباب الصبر وهما شاملان كما سبق الاخبار وفعل الاوامر واجتناب نواهي والرضا والصبر على اقدار الله سبحانه وتعالى ومن كان بهذه الحلية فان الله عز وجل ينصره كما قال الله عز وجل في الاية الثالثة اين تنصروا الله ينصركم وقال ولينصرن الله من ينصره ومن كان على خلاف هذا فعليه لعنة الله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد. وله الخسارة والتبار في الدنيا الاخرة. نعم ويقول عز وجل وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن ان لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم ام لا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون. هؤلاء هم انصار الله الذين امنوا وعملوا الصالحات وهم الذين اقاموا الصلاة واتوا الزكاة بالمعروف ونهوا عن المنكر وهم الذين نفعوا دين الله واستقاموا عليه في الايات والاحاديث يفسر بعضها بعضا ويدل بعضها على معنى بعض. فان والله هم المؤمنون وهم المتقون وهم الصابرون الصادقون وهم الابرار وهم الذين اذا اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وهم الذين امنوا وعملوا الصالحات يمكرون في هذه الاية من سورة النور وهم الذين قاموا بهذين الامرين امنوا بالله ورسوله امنوا بالله ربهم وهو معبودهم الحق خصوه بالعبادة وامنوا باسمائه وصفاته واستقاموا على دينه قولا وعملا وعقيدة هؤلاء هم هم انصار الله هم انصار دينه وهم المتقون. وهم الذين قال فيهم ان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا وهم الذين ذكروا في قوله وكان حقا علينا نصر المؤمنين وهم المنثورون في قوله جل وعلا ولينصرن الله من ينصرهن ان الله لقوي عظيم. الذين ان مكناهم الاية وفي قوله عز وجل انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد. وهم الموعودون بالاستسلام في الارض والتمكين لدينهم وابدالهم بعد الخوف امنا وبعد الذل عزا. ذكر مصنف رحمه الله تعالى هنا اية اخرى تصدق ما سبق من ان الصبر والتقوى هي سبيل النصر. فذكر قوله الله عز وجل وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض الى اخر الاية. لان الايمان بالله والعمل الصالح من جملة ما يندرج في مسمى الصبر والتقوى كما عرفت معنى كل واحد منهما فيما سلف. ثمان الله سبحانه وتعالى ذكر في هذه الاية اجل مقامات هؤلاء في نصرة الله عز وجل وهو توحيده. فقال يعبدونني لا يشركون بي شيئ كي فاعظم ما ينصر به دين الله عز وجل هو اقامة التوحيد واعلان افراده سبحانه وتعالى في حقوق من ربوبية والوهية واسماء وصفات. ولا يمكن ان ينال عبد التقوى والصبر الا اذا امتلأ بانوار التوحيد فان للتوحيد نورا في القلب كلما قوي التوحيد قوي هذا النور فاهتدى الانسان الى انزال نفسه في منازل التقوى والصبر. واذا ضعف ذلك النور تلزز العبد. ففوت ابوابا كثيرة من ابواب التقوى والصبر ومن هنا فان من اهم المهمات ان يعتني المرء بمعرفة توحيد رب الارض والسماوات لان مفتاح الولاية ومنشور السعادة في الاولى والاخرى موكل بتحقيق التوحيد. كما قال سبحانه وتعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. فاخبر سبحانه وتعالى ان الامن لا يكون الا لمن امن. ثم لم يلبس ايمانه قل والظلم هنا الشرك كما ثبت تفسيره عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين. فاذا هدي العبد الى التوحيد وسلم من الشرك الجزاء ان ينال الامن في الدنيا والاخرة وان يكون مهتديا في الدنيا والاخرة. نعم فعليك يا عبد الله ان تعرف هذا المعنى جيدا وان تعمل به حتى تكون من انصار الله وحتى تحصل لكن عاقبة الحميدة الله وعد انصاره بالنصر والعاقبة الحميدة والتمكين في الارض وجاهدوا في الله وقدموا انفسهم في سبيله سبحانه رخيصة يرضون رحمة ويخافون عذابه واتباعوها لله وسلموها لله عملا قولي سبحانه ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة فهؤلاء هم انصار الله الذين ثبتوا على دينهم والتقام عليه قولا وعملا في الامن والخوف في الشدة والرخاء جاء دون الله وصبروا فجعل الله لهم العاقبة الحميدة. كما قال سبحانه والذين فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين. وعدهم بالهداية وانهم المحسنون المنصورون. بين المصنف رحمه الله تعالى اثر الصبر والتقوى في النصر اراد تقرير هذا المعنى تأكيدا فاخبر رحمه الله تعالى ان هذا الامر اذا وقر في القلب عند ذلك بذل العبد نفسه رخيصة في سبيل الله ونال من ربه سبحانه وتعالى التأييد والنصرة كما قال الله عز وجل ان الله مع المتقين. وقال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم لانهم تبوا لنا وان الله لمع المحسنين. ولما خرج طالوت ومعه الذين امنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة طلبت فئة كثيرة والله مع الصابرين ولما خرجوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم باذن الله. لما استعانوا بالله سبحانه وتعالى وعرفوا انهم اذا صبروا واستعانوا به نصرهم الله جاء النصر من عند الله سبحانه وتعالى. فاذا اذا هذا الامر في قلب العبد نصره الله عز وجل. وهذا النصر لا يقتصر على نصر العبد على مجرد اعدائه الذين يقاتلوا بالسيف بل ينصره الله سبحانه وتعالى على نفسه وينصره على الشيطان وينصره على المنافقين ينصره على دعاة البدعة والضلال وينصره على الحاسدين لانه يكل امره الى الله سبحانه وتعالى صابرا متوكلا والى هذا اشار الله سبحانه وتعالى بقوله في سورة السجدة وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون واليقين لا ينال الا بالتقوى فصارت هذه الاية منبهة على افتقار العبد في امره كله الى الصبر والتقوى وانه لا ينال والولاية والامامة في الدين الا بالاخذ بهذا الامر. قال سفيان ابن عيينة اخذوا برأس الامر فكانوا رؤوسا. فينبغي ان يعلم الانسان ان حاجته الى التقوى والصبر ليست حاجته فقط اليها في قتال اعدائه من الكافرين ولكنه يحتاج اليها في مجاهدة جميع ومن جملتهم نفسه التي بين جنبيه فانها اعداء اعداءه. نعم ولما توافرت هذه الاسباب في الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه رضوان الله عليهم في يوم بدر النصر وعلى الكفار وهم اضعافهم اضعافهم في القوة والعدل ومع ذلك نصرف عليهم بانهم حققوا هذه الصفات نصروا دين الله بالقول والعمل وصبروا في لقاء الاداء وصدقوا فمكنهم الله وهدم عدوهم وجعل لهم لهم العاقبة الحميدة هناك نصرهم الله بهم من عندي على عدوهم بجنود لم يروها حتى زلزلهم ردا صائمين لم ينالوا خيرا. بسبب صبر الصحابة ونبيهم صلى الله عليه وسلم على طاعته وجهاد اعدائه وهكذا في يوم الفتح نصر الله المسلمين على عدوهم وفتحوا مكة وهدموا الشرك واعوانه هنا فضلا منه سبحانه وتعينا لاوليائه. وهكذا وغيرهما صبروا وجاهدوا فافلحوا ونصروا وجعل الله لهم العاقبة الحميدة فصاروا قادة الناس ملوك الارض وسنة الله سبحانه هذه تيرة في عباده الى يوم القيامة. من نصره نصره ومن عن دينه خذله ولما جرى ما جرى يوم احد من الخلل اصيب المسلمون وهم افضل خلق الله في ارض الله. فيهم نبي صلى الله عليه وسلم افضل الخلق وهم بعده وبعد الانبياء افضل الخلق فيهم الصديق رضي الله عنه افضل الامة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وفيهم عمر ترى امر الامة بعد النبي وبعد الصديق وفيهم بقية الاخيار. اصيب المسلمون بسبب الخلل الذي حصل من الرماة مما اخلوا بما اوجب الله عليهم من الصبر لاعدائهم ولزوم الثغر الذي يخشى منه فدخل العدو عليهم وكان الرسول عليه الصلاة والسلام وقد امر الرماة ان يلزموا موقعهم. والا يبرحوه ويبغوا العدو والمسلمين ويرضوا المسلمين نصروا لا هذا ولا هذا. فعليهم ان يلزموا مكانهم فلما انهزم العدو يوم احد ورآه من رمات هدم وظنوا ان فاخلوا بمواقعهم على المسلمين وصارت النكد على المسلمين وقتل والجراحات والهزيمة حتى حاولوا قتله صلى الله عليه وسلم فانجاه الله من شرهم واصابه جراحات رباعيته عليه الصلاة والسلام الى غير هذا مما اصابه عليه الصلاة والسلام. وقتل سبعون من الصحابة واصابوا بعضهم. بقي جراحات وانزل الله فيهم سبحانه وتعالى وتنازعتم في الامر تنازعوا في الامر واختلفوا وعصيتم بترك الموقع الذي امركم الرسول صلى الله عليه وسلم بلزومه من بعد ما اراكم اتحبون من هزيمة العدو؟ والجواب محذوف تقديره سلط العدو عليكم منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الاخرة ثم ما صرفكم الاية. المقصود انهم اصيبوا بسبب الخلل الذي وقع بما فيه موقف عظيم لابد منه ينفذ منها العدو عنده ولاية بذلك وعنده حذر وعنده حرص على سد كل ثمن يمكن ان ينفذ منه العدو على المسلمين ان يضرهم ويأتيهم من خلفهم. ولما استنكر المسلمون هذا هذا الحدث المؤلم من الجراح والقتل قالوا لماذا اصابنا؟ ولماذا جرى هذا وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وفيهم خيرة والله من عباده بعد الانبياء انزل الله تعالى اولمما اصابتكم مصيبة قد اصبتم مثلها يعني يوم بدر قتلوا سبعين من الكفار واثروا وسبعين وحصلت جراحات للكفار كثيرة. يعني استنكرتم من اين اصابنا؟ قال تعالى انفسكم وهذا يفيد ان المعصية للجميع عمت العقوبات وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الناس اذا رأوا المنكر فلم يغيروه او شك ان يعمهم الله بعقابه. اخرجه الامام احمد رحمه الله الصحيحين الصديق رضي الله عنه لما بين المصنف رحمه الله تعالى ان عماد النصرة على الاعداء هو اقامة الدين بتقوى الله الله سبحانه وتعالى والصبر عليه ظرب بذلك مثالا في حال اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فانهم لما اقاموا الصلاة واتوا زكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وامنوا بالله واليوم الاخر وعبدوا الله لا يشركون به شيئا وصبروا على اللأواء والضنا والعنس والمشقة في جهاد الكافرين ايدهم الله سبحانه وتعالى بروح منه. فغلبوا المشركين في يوم وكان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قليلا. وفي صحيح البخاري ان عدة اصحاب بدر كعدة اصحاب طالوت فكان عدد هؤلاء قليلا كعدد هؤلاء ولكنهم جميعا كان الله عز وجل معهم لان لسان حالهم وقالهم والله مع فلما استعانوا بالله سبحانه وتعالى في حرب المشركين ايدهم الله سبحانه وتعالى وامدهم بنصره. فغلبوا المشركين دموهم شر هزيمة مع ان قريش خرجت باحلاسها مواليها وبطرها وزخرفها واقامت على بدر تريد ان تذبح الابل وتغني القيان ويسقى الخمر مستعدين على اولياء الله المؤمنين قتل صناديد قريش وارغم الله انوف الكافرين واسر منهم سبعون وقتل منهم سبعون. ثم اراد الله سبحانه وتعالى ان ان يبين لعباده المؤمنين من صفوة الناس وهم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ويكون مثالا يفقه من بعدهم ان الناس فاذا اخلوا بهذا العصر وهو التقوى والصبر خلط الله عز وجل عليهم اعدائهم. فوقع ما وقع منهم من الخلل في ترك امر النبي صلى الله عليه وسلم وعدم عليه لما نزل الرماة من الجبل وصاروا وراء الغنيمة يطلبون ما تركه الكفار ورائهم فالتف عليهم المشركون ووقعت البلية على المؤمنين فقتل منهم حينئذ سبعون من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ان هذه المصيبة وقعت بمخالفتهم فقال الله عز وجل قل هو من عند انفسكم واذا كان هذا يقع في ترك ام للنبي صلى الله عليه وسلم في لزوم ثغر من الثغور؟ فما الحري بان يقع بامته صلى الله عليه وسلم وقد تركت شعائره دينه وغيرت شريعته ووالت اعداءه. فهل تنصر وهي على هذه الحال؟ لا. فلا تنصر الا اذا رجعت الى الدين الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واخذت بالدين كله كما قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة فاذا نجح المسلمون ففي معالجة الخلل الواقع في اديانهم عند ذلك قووا على الانتصار على اعدائهم. اما واعلام وثنية وقباب الشرك ومظاهر البدعة ونتن الجهل يفشوا في اضراب البلاد الاسلامية فانها لا تنصى هذا وعد الله الذي لا يتخلف والله عز وجل لا ينصرهم بمجرد انتسابهم الى الاسلام بل ينصرهم اذا صدقوا في الانتساب الى الاسلام فكم من منتسب الى الاسلام لا ينفعهم كتابه وانما تصح دعوى النسبة مع اقامة البينات عليها. فاذا قام المسلمون بجمع الة النصر من اقامة الصلاة وايتاء الزكاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والايمان بالله واليوم الاخر وتوحيد الله وترك الشرك. عند ذلك نصرهم الله عز وجل على اعداء الاعداء كما نصر الله محمدا صلى الله عليه وسلم واصحابه على الامم الكافرة. فغلب النبي صلى الله عليه وسلم صناديد العرب من اهل مكة ونجد وتسلط عليهم واخاف صلى الله عليه وسلم ابوهم وخرج اليهم الى ثم تدفكت حصون الامبراطوريتين العظيمتين حينئذ امبراطورية الروم وفارس على يد المؤمنين ولم يكن لهم الة القتال وعدة الحرب ما لاضرابهم من اعدائهم. بل لما دخل ربعي ابن عامر الى رستم فرآه من ثوب ممزق وسيف مثلم ورمح مكسر قال له رستم وهو متكئ قال اجئتم بافراسكم الهزيلة وثيابكم البالية ورماحكم المسلمة لتخرجون من بلادنا فقال المؤمن القوي بايمانه الذي لا ينظر الى كثرة السلاح ولا جمع الاعداد؟ قال نعم جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والاخرة. ومن ذل الاديان الى عز الاسلام. فكان الامر الذي جاء عليه ربعي رضي الله عنه هو اقامة الدين. فجاءوا بتوحيد الله سبحانه وتعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فهزموا الروم والفلس شر هزيمة وهكذا يكون لاتباع النبي صلى الله عليه وسلم اذا صدقوا فليست العبرة بكثرة الالات ولا جمع ولا حشد الرايات وانما العبرة من صدق ما في القلوب ولا ادل على ذلك مما اتفق له صلى الله عليه وسلم في سيرته ولما اتفق ايضا لعباد الله المؤمنين كما قص الله عز وجل علينا في جالوت الذي كان ذو قوة عظيمة حتى قال المؤمنون لا طاقة لنا اليوم. بجالوس فابى عباد الله الصادقين وقالوا والله مع الصابرين ودعوا الله سبحانه وتعالى ان يثبتهم واستعانوا به سبحانه تعالى فاهزموهم باذن الله. نعم والمقصود انه عدم على الامة التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى والصدق في ذلك في كل بلد وفي كل قرية وفي كل كل قبيلة بسبب ذنوبهم يقول سبحانه والعصر ان الانسان لفي خسر. اي جنس الانسان الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر هؤلاء هم الرابحون وهم المنصورون فلا بد من هذه الصفات الاربع الايمان الصادق والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر في الجهاد وغيره. وفي المدن والقرى وفي القبائل لابد من هذه القتال الاربعة فمن اراد نصر الله والسلامة واراد حسن العاقبة فليتق الله وليصبر على طاعة الله وليحذر محارم الله اينما كان هذا هو سبب نصر الله له وهو من اسباب نجاته في والاخرة فالرجل في بيته وفي المسجد وفي الطريق وفي السيارة والطائرة والقطار وفي محل البيع والشراء وفي الجهاد وفي كل مكان يجب عليه ان يتقي الله وان ينصر والله بقوله وعمله وفي جهاده وفي جميع شؤونه. وهكذا المراد بموتاه في كل مكان اليها ان تستقي الله وان تنصر دين الله بقولها وعملها حسب الطاقة في قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. وقوله سبحانه لا يكلف الله نفسا الا وسعها وقول النبي صلى الله عليه وسلم فاجتنبوه وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم. فان مهلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم متفق على صحته المرأة تبذل النصيحة مع الزوج مع الاولاد ومع من في البيت من اقارب وخدم ومع الجيران عند الله من المثوبة عباده وكل واحد من الرجال ان يتقي الله وينصر دين في قوله وعمله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر عن صدق واخلاص ورغبة وراغب كما قال قال سبحانه في سورة الانبياء عن عباده الصالحين وفي سورة المؤمنون ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون. والذي لهم بايات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم مجلة انهم الى ربهم راجعون اولئك يسارعون في الخيرات وهم لما بين المصنف رحمه الله تعالى فيما سبق ما الم بالمسلمين بسبب معصيتهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم يوم احد وارشد الى وجوب الحذر من ذلك فانه اذا فشلت المنكرات وساعت ولم تغير عمت العقوبات ووقع البلاء على الناس وتسلط عليهم اعداءهم. ثم شرع يبين المخرج من ذلك. فاخبر رحمه الله تعالى ان الواجب على الامة تأمر بالمعروف والتناهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى والصدق في ذلك كله. واورد رحمه الله تعالى دليل على ذلك سورة العصر فان هذه الصورة العظيمة قد جمع الله سبحانه وتعالى فيها اسباب السعادة وهي سعادة في الدنيا والاخرة وفلاح في الدنيا والاخرة لان الله عز وجل قال ان الانسان لفي خسر فحكم على جميع جنس الانسان بانه في خسار وتبارك ولا يخرج من هذا الجنس على وجه الاستثناء الا الموصوفون بالصفات الاربع المذكورة في الاية التي تليها وهي الا الذين امنوا من الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. فلا بد من هذه الصفات الاربع من الايمان الصادق والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر فاذا قام المسلمون بهذه الصفات الاربع في انفسهم واقاموها في غيرهم فكملوا انفسهم بالايمان والعمل وسعوا في تثمير غيرهم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ذلك عند ذلك فان الله سبحانه تعالى يوجب لهم النجاسة في الدنيا والاخرى والسعادة في الاولى والاخرى والفلاح في الاولى والاخرى. نعم فهذه اسباب النصر هذه اسباب حماية الله لعباده من كل سوء. واسباب نصره من اعظم الاسباب في دخول الجنة والنجاة من النار ولابد مع هذا كله من الحرص على الاسباب الدينية والحسية التي يعلم انها من اسباب النصح لقوله تعالى واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا اسلحتهم. فاذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ثم لتأتي طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم واسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم وامتعتكم فيميلون عليكم ليلة واحدة ولا جناح عليكم ان كان بكم اذى من مطر او كنتم مرضى ان تضعوا اسلحتكم وخذوا حذركم ويقول سبحانه واعدوا لهم ما استطعتم من قوة. الاية ويقول عز وجل يا ايها الذين امنوا خذوا حذركم وهذا هو الواجب على المؤمنين ان يأخذوا حذرهم من عدوهم عند القتال وان يعدوا له ما استطاعوا من قوة من السلاح والعدد. والحرس الجيد والملاحظات جيدة والثغرات مسدودة والسلاح محموم عند الحاجة حتى ولو كان للصلاة فلا يجوز ان يقول للمجاهدين انا مؤمن ويكفي لابد من هذه الاسباب الحسية والمعنوية والرسول صلى الله عليه وسلم وهو افضل المؤمنين واكمل المتوكلين والصحابة افضل المؤمنين بعد الانبياء على كل اصابهم ما اصابهم يوم احد لما خلى الرماة بالشيء الذي يجب عليهم واخلوا بالموقف الذي امروا بلزومه. فالمعاصي من اسباب سبب الهزيمة يوم احد. وهكذا المعصية لوقت من اسباب الخذلان وان ظهرت ولم تنكر تكون من اسباب خذلان وتسليط الاعداء وحصول الكثير من المصائب كما ان من اسباب قسوة القلب وانتكاسه نعوذ بالله من ذلك قال الله تعالى من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير. وقال تعالى لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطام عليهم الامد فقط فالمعصية اذا ظهرت مرة عامة اذا لم تنكر ولم تغير. فالمؤمنون مأمورون بالاستقامة على تقوى الله والجهاد لاعدائه التقوى والعمل الصالحين ما كانوا مع الايمان بان الله سبحانه سوف ينصهم ويمكنهم من عدوهم ويجعلهم من بعد خوفهم في امن وعافية خلق الاستقرار وراحة بسبب حقه ونصرهم دينه. وتعاونهم على البر والتقوى وصدقهم في ذلك ونصح لله والعباد ومتى اخلوا بشيء اعلموا انه خطر عليهم وانه متى اصابهم مصيبة بسبب الخلل. فمن عند انفسهم كما قال عز وجل انت بما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير. ويقول سبحانه ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك وهو القائل سبحانه في سورة ال عمران بعد ما ذكرك عند الكفار وهو القائل سبحانه في سورة النور وعد الله الذين امنوا من ثم عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكن منهم دينهم الذي ارتفع لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم ام لا يعبدونني لا يشركون بي شيئا الاية وفي سورة محمد يقول سبحانه يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم. المصنف رحمه الله تعالى في هذه جملة طرفا يسيرا من اسباب النصر تنبيها الى ان العروة الوسطى في اسباب النصر هي الاسباب الدينية المعنوية فذكر جملة من الاية الدالة على اخذ الحذر من الكفار عند القتال ووجوب اعداد ما يستطيعه المؤمنون من قوة ومن رباط الخيل يرهبون به عدوهم وعدو الله سبحانه وتعالى. فلا يكتفي العبد بانه قد حصل الاسباب الدينية من اهل الايمان والعمل الصالح واقامة الصلاة وايتاء الزكاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بل لابد من ان يعضد هذه الاحوال التي قامت به ان لها بالاسباب الحسية. فالمؤمن مأمور بهذا وبهذا كما تقدم ذكره. ثم حذر رحمه الله تعالى من المعاصي وذكر انها من اعظم اسباب الخذلان كما اتفق لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في معصية الرماة فكانت سببا للهزيمة يوم وهكذا فان المعاصي تكون سببا للهزائم والخذلان وتسلط الاعداء في كل زمان ومكان. فاذا لم يستقم المؤمنون على فتقوى الله وجهاد اعدائهم ويصبروا على التقوى والعمل الصالح. والا فان الله سبحانه وتعالى لا ينصرهم ثم ابدى واعاد رحمه الله الله تعالى فيما سبق تقريره من ان عماد النصر هو تقوى الله والصبر على اقامة شريعته. نعم واعظم العدو الشيطان فهو اعظم عدو للانسان فانه يدري منه مجردا. فعليك ان تجاهده بتقوى الله واترك معصيته وان تحذر مكائده ووساوسه وان تكثر من الاستعاذة بالله منه مع الاكثار من الحسنات والحذر من السيئات في جميع الاوقات. فهذا هو طريق السلامة من شره ومكائده بتوفيق الله واعانته ولابد مع ذلك من جهاد النفس والاكثار من ذكر الله والاستقامة على دينه والحفاظ على حدوده والحذر من مكائد عدو الله في كل زمان وما كان يقول الله سبحانه ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ويقول تعالى ومن يتق الله يجعل يقول عز وجل ويقول سبحانه عن زوجة العزيز ان ربي غفور رحيم. ويقول عز وجل في سورة النازعات واما من خاف مقام ربي ونهى النفس عن الهوى فان الجنة غير المأوى لابد ما المصنف رحمه الله تعالى هذه الرسالة بذكر اعظم عدو للانسان وهو الشيطان فان ان الشيطان قعد للانسان باطرق الخير فقعد له بطريق التوبة والهجرة وكل سبيل يقربه الى ربه سبحانه وتعالى ولا خلاص للعبد من شره الا بجهاده والحذر منه واتخاذه عدوا كما قال تعالى ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا. وحذر الله سبحانه وتعالى من الركون اليه والوثوق بامانيه واتباع خطواته وانها تؤدي بصاحبها الى الهلاك وحذر من مكائده ووساوسه وشراك كيده. ويلجأ الانسان في ذلك الى الاكثار من الاستعاذة بالله. وملازمة من بعدة السيئات لان الحسنة تضعفه كما ان السيئة تقويه. ومهما بلغ الشيطان فانه بحمد الله ضعيف في مجاهدة المؤمنين. كما قال الله سبحانه وتعالى ان كيد الشيطان كان ضعيفا ولا يضعف كيد الشيطان الا بالايمان. لان المؤمنين يكونون في حصن حصنهم الله عز وجل فيه وهو قوله تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان فكلما زاد ايمان العبد كلما صار في حصن وامن من الشيطان وكلما ضعف ايمانك كلما وجد عليه الشيطان سبيلا وذكر المصنف في تضاعيف كلامه من اعداء الانسان النفس الامارة بالسوء. كما قال الله عز وجل ان النفس لامارة بالسوء فان الانسان قد ركب فيه الظلم والجهل كما قال تعالى وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا. واذا كانت النفس مطبوعة على الظلم والجهل فان صاحبها لا يبوء بشيء منها الا بامرها بالسوء ما لم يقودها بزمام الشريعة ويلزمها بامر الله سبحانه وتعالى فانه اذا فعل ذلك بطلب العلم والعدل مع الناس فحينئذ تنقلب نفسه الى نفس مطمئنة ويفوز مع الفائزين كما قال الله عز وجل يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي عبادي ودخولي جنتي. نعم حضرهم وبدوهم قريبهم وبايديهم وهي اسباب النصر عليهم والسلامة من مكائدهم وهي ان تتقي الله في جميع الاحوال وان تحافظ على ديني وان تحضر معصيته اينما كنت في الجهاد وغيره. فهذه اسباب حفظ الله لك وحفظ الله لدينه ونصر الله لك على عدوك وخذلان عدوك ومتى فرط المؤمن في هذه الامور سواء في الحقيقة سواء في تأييد عدوهم في نصره عليهم والمعنى ان معاصي الجيش لعدوهم عليهم كما جرى يوم احد فعلى المؤمنين جميعا في اي مكان يتقوا الله وينصروا دينه وان يحافظوا على شرعه وان يحذروا من كل لما يغضبهم بانفسهم وفي من تحت ايديهم وفي من سامعهم دل على حسب طاقته كما قال الله سبحانه واتقوا الله ما استطعتم. فنسأل الله عز وجل ان يوفقنا واياكم وجميع المسلمين لما فيه رضاه وان يثني قلوبنا واعمالنا جميعا ويجعلنا من الهداة المهتدين وان يعيننا على حفظ انفسنا من شر جميع اعدائنا وان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وان يوفق ولاة للمسلمين جميعا لما يمكنه من عدوه ثم يعينهم عليه وان ينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل وان يجمع كلمتهم على التقوى. ويصلح جميع الشعوب الاسلامية تماثلوا سبحانه ان يوفقوا ولاة امرنا في هذه البلاد لكل خير. وان يعينهم على كل ما فيه رضا وان ينصر بهم الحق ويخضع بهم امنا ويجعله من الهداة المهتدين انه جل وعلا جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجه الى يوم الدين. ختم المصنف رحمه الله تعالى باعادة التعريف باسباب النصر بقول جامع اذ قال وهي ان تتقي الله في جميع الاحوال وان تحافظ على دينه وان تحذر معصيته اينما كنت في الجهاد وغيره هذه اسباب حفظ الله لك وحفظ الله لدينه بك ونصر الله لك على عدوك وخذلان عدوك. فاذا جمع العبد هذه الالة نصره الله سبحانه وتعالى على اعدائه. والواجب على العبد ان يسعى في طلب هذه الاسباب. وان يبذلها في كل مكان وان يدعو الناس اليها على حسب وسع وطاقته كما قال الله عز وجل فاتقوا الله ما استطعتم. وقال تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها. وقال تعالى لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها فاذا قام المسلمون بهذا مكن الله عز وجل لهم ونصرهم على عدوهم وكبت اعداء الملة والدين وفتح عليهم ابواب الخير في دينهم ودنياهم وفق الله عز وجل المسلمين جميعا الى ما يحبه ويرضاه ونصرهم على عدوهم واعز جنده واعلى كلمته وهذا اخر التقرير على هذه الرسالة الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين