السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله جعل الحج من شعائر الاسلام واعاده على عباده مرة في كل عام واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله اله وصحبه اجمعين وسلم عليه وعليهم تسليما مزيدا الى يوم الدين. اما بعد فهذا هو المجلس الثاني من مناسك الحج الثامن والكتاب المقروء فيه هو كتاب التحقيق والايضاح للعلامة عبدالعزيز ابن باز رحمه الله تعالى وقد انتهى بنا القول الى قوله فصل في حكم من وصل الى الميقات في غير اشهر الحج. نعم. احسن الله اليك. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى فصل في حكم من وصل الى الميقات بغير اشهر الحج اعلم ان الواصل الى الميقات له حالان احداهما ان يصل اليه في غير اشهر الحج كرمضان وشعبان فالسنة في حق هذا ان يحرم بالعمرة فينويها بقلبه ويتلفظ بلسانه قائلا لبيك لبيك عمرة او اللهم لبيك عمرة ثم يلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم وهي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. ويكثر من هذه التلبية ومن ذكر الله سبحانه حتى يصل الى البيت اذا وصل الى البيت قطع التلبية وضاف بالبيت سبعة اشواط وصلى خلف المقام ركعتين ثم خرج الى الصفا وطاف بين الصفا والمروة سبعة اشهر ثم حلق شعر رأسه او قصره وبذلك تمت عمرته وحلله كل شيء حرم عليه بالاحرام. الثانية ان يصل الى اشهر الحج وهي شوال وذو القعدة وذو القعدة والعشر الاول من ذي الحجة فمثل هذا يخير بين ثلاثة اشياء وهي الحج وحده والعمرة وحدها والجمع بينهما. لان النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل الى الميقات في ذي القعدة في حجة الوداع خير اصحابه بين هذه الانساك الثلاثة. لكن السنة في حق هذا ايضا اذا لم يكن معه هدي ان يحرم بالعمرة. ويفعل ما ذكرنا هذه حق من وصل الى الميقات في غير اشهر الحج. لان النبي صلى الله عليه وسلم امر اصحابه لما قربوا من مكة ان يجعلوا احرامهم واكد عليهم في ذلك بمكة فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا امتثالا لامره صلى الله عليه وسلم الا من كان معه الهدي فان النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يبقى على احرامه حتى يحل يوم النحر. والسنة في حق من ساق ان يحرم بالحج والعمرة جميعا. لان النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك. وكان قد ساق الهدي وامر من ساق الهدي من اصحابه وقد اهل بعمرة ان يلبي بحج مع عمرته والا يحل حتى يحل منهما جميعا يوم النحر. وان كان الذي ساق الهدي قد بالحج وحده بقي على احرامه ايضا حتى يحل يوم النحر كالقارن بينهما. وعلم بهذا ان من احرى بالحج وحده او بالحج والعمرة وليس معه هدي لا ينبغي له ان يبقى على احرامه بل السنة في حقه ان يجعل احرامه عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويحل كما امر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي من اصحابه بذلك الا ان يخشى هذا فوات الحج. لكونه قدم متأخرا فلا بأس ان يبقى على احرامه والله اعلم. وان خاب المحرم الا يتمكن من اداء نسكه لكونه مريضا او خائفا من عدو ونحوه له ان يقول عند احرامه فان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. لحديث ضباعة بنت الزبير رضي الله عنهما انها قالت يا رسول الله اني اريد الحج وانا شاكية. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم حجي واشترط واشترطي ان محلي حيث وحبستني متفق عليه وفائدة هذا الشرط ان المحرم اذا عرض له ما يمنعه من تمام نسكه من مرض او صد عدو جاز له قال له ولا شيء عليه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى فصلا اخر. من الفصول المتعلقة ببيان احكام الحج ترجم له بقوله فصل في حكم من وصل الى الميقات في غير اشهر الحج. ومراده الميقات المكاني وهو الانواع الخمسة التي تقدمت في فصل سابق فذكر ان من وصل الى ميقات مكاني له حالان اثنتان. احداهما ان يصل اليه في غير اشهر الحج كرمضان وشعبان. فاذا وصل العبد الى الميقات في غير اشهر الحج فالسنة في حقه ان يحرم بالعمرة. فينوي نسكها ويتلفظ بشعارها لا بنيتها قائلا لبيك عمرة او اللهم لبيك عمرة ثم يلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة ويكثر من هذه حتى يصل الى البيت فيأتي بعمرة تامة يطوف فيها سبعة اشواط حول البيت ويصلي خلف المقام ركعتين ثم يخرج الى الصفا ويطوف بين الصفا والمروة سبعة اشواط ثم يحلق شعره رأسه او يقصره فتتم عمرته ويحل له كل شيء حرم عليه بالاحرام. فالمشروع في حق الواصل الى الميقات في غير اشهر الحج استحبابا انما هي العمرة على الوصف الذي ذكره المصنف رحمه الله. فان احرم بالحج في غير اشهر كأن يصل الافاقي الى الميقات في شعبان او رمضان ثم يحرم بالحج فهل عقد احرامه ام لا؟ قولان باهل العلم اصحهما ما جاءت به الاثار عن الصحابة ان ان حجه ينقلب عمرة ولا يكون احرامه بالحج منعقدا بل يقلب نية حجه ان نواها الى عمرة ثم ثم يأتي بافعالها ويتحلل منها وهذا هو مذهب الشافعي رحمه الله وهو الموافق للاثار المنقولة عن رضي الله عنهم فعقد نية الحج لمن وصل الى الميقات تختص باشهره. اما ما تقدم ذلك فان الناسك لو نواه وعقده لا يكون حجا بل ينقلب عمرة في حقه. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى تلبية عزاها الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ثم يلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم وذكرها وهذا هو الذي ثبتت به الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وما عدا ذلك من الاحاديث التي فيها زيادة شيء في الفاظ تلبيته صلى الله عليه وسلم على هذا اللفظ فلم يصح منها شيء. وما سوى هذا اللفظ من الفاظ تلبية فهو ثلاثة اقسام. القسم الاول ما لبى به الصحابة رضوان الله عنهم وسمعه النبي صلى الله عليه وسلم امنهم فلم ينكر عليهم وهو قولهم لبيك اله المعالج. فهذه التلبية اتى الخبر بها ان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يلبون بها ويسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم. فيعد هذا مما ما اقره النبي صلى الله عليه وسلم من التلبية. ونوع الثاني ما زاده اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يثبت انهم لبوا به في حضرته كما صح عن عمر رضي الله عنه انه كان يقول لبيك مرغوبا او مرهوبا لبيك ذي النعماء والفضل الحسن. وثبت عن ابنه عبد الله انه كان يقول لبيك وسعديك. والخير بيديك والعمل والرغباء كله اليك. وثبت عن انس عند البزار انه كان يقول لبيك حقا حقا لبيك تعبدا ورقا. فهذه الاثار وما كان من جنسها مما زاده الصحابة لم يسمعوا النبي صلى الله عليه وسلم. وهو من افضل ما يلبى به بعد المأثور عنه صلى الله عليه وسلم القسم الثالث ما زيد فيها غير المأثور عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سواء مما زادوه وسمعه او زادوه بعده والاصل فيه الجواز فاذا زاد الانسان لفظا من الالفاظ المعظمة لربنا سبحانه وتعالى في تلبيته كائن يقول لبيك يا رحمن يا رحيم لبيك يا حليم يا كريم. فهذه من جنس الجائز لكنها ليست من ما يستحب والاولى ان يلزم الانسان المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم. واذا خشى خشي ملل نفسه او رفقته مزج ذلك بما اثر عن الصحابة رضوان الله عنهم وامثاله ما كانوا يزيدونه ويسمعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو اله المعارج. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى الحالة الثانية. وهي ان يصل الى الميقات في للحج وعد رحمه الله تعالى اشهر الحج شوالا وذا القعدة والعشر الاول من ذي الحجة وهذا احد قولي اهل العلم. والقول الثاني ان تمام ذي الحجة مندرج كله في جملة الاشهر الثلاثة. فالاشهر الثلاثة هي شوال وذو القعدة وذو الحجة ذو الحجة تاما وهذا هو قول ابن عباس رضي الله عنه وهو الاسعد بالدليل. فان تسمية بعض الشهر باسمه لا تعرف في الخطاب الشرعي. وانما يطلق الشهر على ما كان تاما. فقوله تعالى اشهر معلومات دال على ادراج شهر ذي الحجة تاما ولو كان المراد اوله لنبه على ذلك كما امرت المعتدة بان تزيد عشرا ولم تسمى بعد الاربعة اشهر ولم تسمى شهرا خامسا بل قال الله عز وجل يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا. ولو كان تتميم شهرا يراد به بعض الشهر لجعلت خمسة اشهر وهذا هو المعروف في خطاب الشهر. في خطاب الشرع فالصحيح ان اشهر الحج هي شوال وذو القعدة وذو الحجة وهذا مذهب الامام مالك رحمه الله تعالى ذكر ان من وصل الى الميقات في اشهر الحج خير بين ثلاثة اشياء. هي الحج وحده والعمرة وحدها والجمع بينهما وهذه الانساك الثلاثة هي انساك الحج فان الحج له ثلاثة انساب احدها الافراد وهو الاحرام بالحج وحده وثانيها القران وهو الاحرام بالعمرة مع الحج. من غير فصل بينهما وثالثها التمتع وهو الاحرام بحج وعمرة مع فصل بينهما بتحلل. فالقران والتمتع يشتركان في اجتماع نسكين هما الحج والعمرة ويفترقان في تحلل المتمتع بخلاف القارئ واسم التمتع يطلق في الشرع عليهما جميعا. كما قال الله عز وجل فمن تمتع العمرة الى الحج فالتمتع يراد به في خطاب الشرع ما يجمع هذا وهذا لان العرب كانت اذا الحج افردت نسكه. فلم تجمع اليه عمرة بل كان منسك الحج عند العرب في عهد الجاهلية يفرد بالحج وحده ولا يخلط بعمرة. فلما جاء الشرع بزيادة ذلك كان متعة في حق المؤمنين فلهم ان يأتوا بعمرة وحج في سفرة واحدة. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى الموجب فلذلك هو ان النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل الى الميقات في ذي القعدة في حجة الوداع خير اصحابه بين هذه الانساك. لكن ان السنة في حق العبد اذا لم يكن معه هدي ان يحرم بالعمرة. فان الواصل الى الميقات اما ان يكون للهدي معه مدخلا له من الحل الى الحرم واما ان لا يكون سائقا له فاذا كان لم يكن معه هديه فالسنة ان يحرم بالعمرة ويفعل ما تقدم مما ذكر انفا. لان النبي صلى الله عليه وسلم امر اصحابه لما قدموا مكة لما قلوا قربوا من مكة ان يجعلوا احرامهم عمرة في حق من لم يسق الهدي منهم. اما من ساق الهدي منهم فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يبقى على احرامه والا يحل حتى يحل منهما جميعا يوم النحر وهذا الامر في حق من ساق الهدي عام سواء انا مع حجه عمرة او افرد نسك الحج وجاء بالهدي معه على وجه التقرب الى الله سبحانه وتعالى فان المفرد لا هدي عليه لكن ان اراد ان يتطوع بالتقرب الى الله سبحانه وتعالى بهدي يدخله من الحل الى الحرم ويذبحه هناك كان هذا امرا مستحبا بل مسنونا فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يهدي ولم يحج كما ثبت ذلك في الصحيحين قبل حجة الوداع. فاذا ساق المحرم المفرد الهدي فانه يبقى على احرامه حتى يحل يوم النحر اذا ذبحه وعلم بما تقدم ان من احرم بالحج وحده او بالحج والعمرة وليس معه هدي لا ينبغي ان يبقى على احرام بل السنة ان يرتقي في نسكه من مجرد افراد الحج او بينهما مع دون فصل الى مرتبة افضل وهي مرتبة التمتع فيطوف ويسعى ويقصر ويحل من احرامه كما امر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك من لم يسق الهدي. وهذا مذهب الحنابلة رحمهم الله تعالى في تفضيل التمتع على غيره من الانساك. فان اهل العلم رحمهم الله تعالى مختلفون في التفضيل بين الانساك الثلاثة المتقدمة على ثلاثة اقوال فالقول الاول ان افضلها هو القران. وهذا مذهب الحنفية وثانيها ان افضلها الافراد. وهذا مذهب المالكية والشافعية وثالثها ان افضلها هو التمتع. والمختار والله اعلم ان اطلاق القول بتفضيل نسك ما منها على غيره ينظر فيه الى حال الناس. فاذا قامت فيه قرينة تدل على شيء له على اخر من هذه الانساك كان القول بتفضيله في حقه مقيدا لاجل ما قام به من حال كما اختار ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. فمن ساق الهدي مثلا فان الافضل في حقه ان يكون قارنا ومن لم يسق الهدي فالافضل في حقه ان يكون متمتعا. لكن ان كان غير سائق الهدي قد قدم سفرة مفردة للعمرة فالافضل بحقه حينئذ الافراد لتنفرد كل شفرة بنسك مفرد. فينظر الى الحال المتعلقة بالناسك ويحكم من افضل باعتبارها. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى الاشتراط في النسك فقال وان خاف المحرم وان لا يتمكن من اداء نسكه لكونه مريضا او خائفا من عدو ونحوه استحب له ان يقول عند احرامه فان حبسني حابس فمحل حيث حبستني وذكر دليل ذلك وهو حديث ضباعة رضي الله عنها في الصحيحين وقد اختلف اهل العلم رحمهم الله هل للاشتراط هل الاشتراط سنة مطلقا؟ ام انها سنة مطلقة مقيدة بحال الحاجة اذا خيف العدو او المرض والصحيح من القولين ان الاشتراط وفي النسك مقيد بحاجة بالحاجة اليه كخوف الانقطاع بمرض او عدو صائل ونحو ذلك فان هذا هو الذي يدل عليه امره صلى الله عليه وسلم لضباعة دون غيرها من اصحابه. فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد عموما الناس معه الى الاشتراط وانما خص من كانت له حال داعية الى ذلك وهي طباعة بنت الزبير رضي الله عنها. ومنفعة الاشتراط في النسك لمن احتاج اليه ان المحرم اذا عرظ له ما يمنعه من تمام بنسكه من نسكه من مرض او صد عدو جاز له ان يتحلل من نسكه حينئذ ولا شيء عليه. نعم فصل في حكم حج الصبي الصغير هل يجزئه عن حجة الاسلام؟ يصح حج الصبي الصغير والجارية الصغيرة في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما ان امرأة رفعت الى النبي صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت يا رسول الله الهذا فقال نعم ولك اجر. وفي صحيح البخاري عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال حج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن سبع سنين لكن لا يجزئ ما هذا الحد عن حجة الاسلام وهكذا العبد المملوك والجارية المملوكة يصح منهما الحج ولا يجزئهم عن حجة الاسلام بما ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ايما صبي حج ثم فعليه ان يحج حجة اخرى وايما عبد حج ثم اعتق فعليه حجة اخرى. اخرجه ابن ابي شيبة والبيهقي باسناد حسن ثم ان كان الصبي دون التمييز نواع والاحرام وليه فيجرده من المخيط ويلبي عنه. ويصير الصبي محرما بذلك فيمنع مما يمنع عنه الكبير وهكذا الجارية التي دون التمييز ينوي عنها الاحرام وليها ويلبي عنها وتصير محرمة بذلك وتمنع مما تمنع من المحرمة الكبيرة وينبغي ان يكون طهي الثياب. والابدان حال الطواف. لان الطواف يشبه الصلاة والطهارة شرط لصحتها. وان الصبي والجارية المميز مميزين احرما باذن وييهما وفعلا عند الاحرام ما يفعله الكبير من الغسل والطيب ونحميهما وليهما هو المتولي لشؤونهما القائم بمصالحهما سواء كان اباهما او امهما او غيرهما. ويفعل الولي عنهما المكرم ونحوه ويلزمها ويلزمهما فعل ما سوى ذلك من المناسك كالوقوف بعرفة والمبيت بمنى ومزدلفة والطواف والسعي فان عجز عن الطواف والسعي طيف بهما وسعي بهما محمولين والافضل لحاملهما الا يجعل الطواف والسعي مشتركين. مشتركين بينهما وبينهما بل ينوي الطواف والسعي لهما ويطوف لنفسه طوافا مستقلا. ويسعى لنفسه سعيا مستقلا. احتياطا للعبادة بالحديث الشريف دع ما يريبك الى ما لا يريبك. فان والحامل الطواف عنه وعن المحمول والسعي عنه وعن المحمول. اجزأه ذلك في صح القولين لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر التي سألته عن حج الصبي ان تطوف له وحده ولو كان ذلك واجبا لبينه الله عليه وسلم والله الموفق. ويؤمر الصبي المميز والجارية المميزة بالطهارة من الحدث والنجس قبل الشروع في الطواف. كالمحرم الكبير وليس الاحرام ان الصبي الصغير والجارية الصغيرة بواجب على وجههما بل هو نفل فان فعل ذلك فله اجر وان ترك ذلك فلا حرج عليه والله اعلم ذكر المصنف رحمه الله تعالى قصرا اخر من فصول الاحكام المتعلقة بالحج ترجم له بقوله فصل في حكم حج الصبي الصغير هل يجزئه عن حجة الاسلام؟ ثم استطرد المصنف دخل في الترجمة فادخل في الفصل ما لم يترجم له فذكر حكم حج العبد المملوك والجارية المملوكة وابتدأ هذا الفصل ببيان صحة حج الصبي الصغير والجارية الصغيرة لما ثبت في صحيح مسلم في قصة المرأة التي بعد الصبية فقالت الهذا حج؟ فقال نعم ولك اجر. وما ثبت في صحيح البخاري عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال حج بهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا ابن سبع سنين. وهذا قول جمهور اهل العلم خلافا في الحنفية والاحاديث الصحيحة دالة على صحة حج الصغير ولو لم يميز الا ان صغيرة اذا حج دون بلوغه مميزا او غير مميز لم يجزئه ذلك عن حجة الاسلام. ومثله العبد المملوك والجارية المملوكة فانهما يصح منهما الحج لكن لا يجزئهما عن حجة الاسلام بل متى بلغ الصغير واعتق الرقيق وجب عليهما حجة الاسلام وكانت تلك الحجة المتقدمة في حقهما نفلا والاصل في ذلك الحديث المروي عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ايما صبي حج ثم بلغ الحنتة فعليه ان يحج حجة اخرى وايما عبد حج ثم اعتق فعليه حجة اخرى. اخرجه ابن ابي شيبة والبيهقي وباسناد حسن. وهذا الحديث قد اختلف في رفعه ووقفه. والاشبه هو اعلم انه موقوف لفظا مرفوع حكما. اما الرواية المصرحة بكونه مرفوعا لفظ التي ساقها المصنف فلا تصح والمحفوظ ما رواه البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال احفظوا عني ولا تقولوا قال ابن عباس ايما عبد حج ثم اعتق فعليه حجة اخرى وايما حج ثم ادرك فعليه حج الرجل. واسناده صحيح بهذا اللفظ. وقوله رضي الله عنه احفظوا عني ولا تقولوا قال ابن عباس مشعر بانه لم يقل هذا من قبل نفسه وانما قاله اثرا له عن النبي الله عليه وسلم واستظهر هذا الحافظ ابن حجر في كتاب التلخيص الحبير وهو الحجة في هذه المسألة من ان العبد اذا عتق والصبي اذا بلغ وجبته حجة اخرى هي حجة الاسلام وان تقدمت منه حجة قبل ذلك ثم ذكر ان الصبي اذا كان دون التمييز والتمييز كما سلف له علامتان اثنتان احداهما علامة شرعية والاخرى علامة قدرية. فاما العلامة الشرعية فهي تمام سبع سنين لما ثبت عند ابي داوود وغيره من الامر بامر الصغير بالصلاة وهو ابن سبع فجعل الى هذا الامر علامة على التمييز في الشرع واما العلامة القدرية فهي معرفة الصغير ما يضره وما ينفعه ومن جملة ما ذكره الفقهاء في هذا معرفته للخطاب وادراكه ورده وهو داخل في جملة قولنا معرفته ما يضره وما ينفعه. لان من عرف ذلك كان له مكنة في المخاطبة ورد الجواب. فذكر ان الصبي اذا كان دون التمييز نوى عنه وليه الاحرام جرده من المخيط ويلبي عنه ويصير الصبي محرما بذلك. فيمنع مما يمنع منه المحرم الكبير. وهكذا الجارية ينوي عنها وليها الاحرام ويلبي عنها اذا لم تكن مميزة وتصير محرمة بذلك وتمنع مما تمنع منه الكبيرة وينبغي ان يكونا طاهري الثياب والابدان حال الطواف لان الطواف يشبه الصلاة والطهارة شرط لصحتها. ثم ذكر حكم الصبي المميزين فذكر انهما يحرمان باذن وليهما فلا يصح لهما ان يحرما دون اذن بل يحرمان بانفسهما بعد اذن وليهما. وليس للولي ان يحرم عنهما. لان المميز له نية يقدر عليها فهو الذي ينوي الاحرام لكن يكون احرامه مقيدا باذن وليه. فاذا اذن له وليه احرم وفعل عند الاحرام ما يفعله الكبير. والمتولي لشؤونهما القائم بمصالحهما هو الولي ويفعل الولي ما عجز عنه من رمي ونحوه. وقد نقل ابن المنذر اجماع اهل العلم على جواز الاستنابة عن الصبي لعجزه فاذا وجد العجز في حق الصبي وما كان من جنسه فان كان له ان ينيب عنه غيره. ثم ذكر انه يلزمهم يلزمهما فعل ما سوى ذلك من المناسك كالوقوف بعرفة والمبيت بمنى ومزدلفة والطواف والسعي فان عجز عن الطواف والسعي طيف بهما وسعي بهما محمولين. والافضل لحاملهما الا يجعل الطواف والسعي مشتركين بينه وبينهما بل ينوي الطواف والسعي لهما ويطوف لنفسه طوافا مستقلا ويسعى لنفسه سعيا مستقلا احتياطا للعبادة. وعملا بالحديث الشريف الذي اخرجه الترمذي النسائي باسناد صحيح من حديث الحسن بن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال دع ما يريبك او يريبك ضبطان صحيح ان فيه الى اما لا يريبك او يريبك فالمشروع للانسان على وجه الكمال ان يفرد نفسه بطواف وسعي ثم صغيره العاجز صغيره العاجز عن القيام بذلك الا بحمله يجعل له طوافا وسعيا مستقلا يحمله فيه وان والحامل الطواف عنه وعن المحمول والسعي عنه وعن المحمول في فعل واحد بان يحمي الى صغيره ويطوف به ناو الطواف عنه وعن المحمول فذلك مجزئ في اصح قول اهل العلم رحمهم الله تعالى وهو مذهب الحنفية وقول في رواية احمد واختاره ابو محمد ابن قدامة وعبد الرحمن ابن سعدي رحمهم الله وهو المناسب للتوسعة على الخلق في هذا المقام ويدل على ملاحظة التوسعة ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة التي سألته عن حج الصبي ان تطوف له وحده ولو كان ذلك ذلك واجبا لبينه صلى الله عليه وسلم لان من قواعد الشريعة ان الخطاب لا يجوز ان البيان لا يجوز تأخيره عن الخطاب فلما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم تلك المرأة بتصحيح حج الصغير وقال لها نعم ولك اجر لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم ما يترتب على ذلك ولو كان له حكم يختص بينه النبي صلى الله عليه وسلم لان تأخير البيان عن وقت حاجته لا يجوز. ثم ذكر ان الصبي المميز والجريدة المميزة المميزة يؤمران بالطهارة من الحدث والنجس قبل الشروع في الطواف كالمحرم الصغير. ثم ذكر ان الاحرام عن الصغير ليس بواجب على وليهما بل ان شاء احرم بهما وان ان لم يشأ لم يحرم بهما معه غير ناسكين. فما يتوهمه بعض العوام من ان من اخذ صغره معه وجب عليه ادخالهم في نسكي لا دليل عليه. لان العبادة في حقهما نفل. فاذا ادخلهما في النسك وفعل ذلك اجر كما تقدم في حديث ابن عباس وان ترك ذلك فلا حرج عليه. وهل له ان يأمرهما بعد ذلك ان ثقل عليه وعجز عنهما ان يأمرهما بفسخ بفسخ نسقيهما والحل منه قولان اهل العلم واصحهما ان له ذلك ولا شيء عليهما. لان دخولهما في النسك نفل في اصله وخروجهما من النفل جائز لان خطاب الامر لا يتناولهما لكونهما لكونهما غير بالغين وهذا مذهب ابي حنيفة واختاره العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى نعم ان شاء الله فصل في بيان محظورات الاحرام وما يباح فعله للمحرم. لا يجوز للمحرم بعد نية الاحرام سواء كان ذكرا او انثى ان يأخذ شيئا من شعره او اظفاره او يتطيب ولا يجوز للذكر خاصة ان يلبس مخيطا على جملته يعني على هيئته التي فصل وفي ضعايها كالقميص او على بعضه كالفانية والسواوين والخفين والجوربين الا اذا لم يجد ازارا جاز له لبس السراويل وكذا لم يرد نعلين جازله لبس الخفين من غير قطع. لحديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يردن عليهن هل يلبس الخفين ومن لم يجد ازارا فليلبس السراويل. واما ما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من الامر الخفين اذا احتاج الى لبس الى لبسهما لفقد النعلين فهو منسوخ. لان النبي صلى الله عليه وسلم امر بذلك في المدينة لما سئل عما يلبس المحرم من الثياب ثم لما خطب الناس بعرفات اذن في لبس الخفين عند فقد النعلين ولم يأمر بقطعهما وقد حضر هذه الخطبة من لم يسمع جوابه في المدينة وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز كما قد علم في علمي اصول الحديث والفقه فثبت بذلك نسخ الامر بالقطع ولو كان ذلك واجبا لبينه صلى الله عليه وسلم والله اعلم. ويجوز للمحرم لبس الخدال الذي ساق ساقها دون الكعبين لكونها من بئس النعلين ويجوز له عقد الازار وربطه بخيط ونحوه لعدم الدليل المقتضي للمنع ويجوز للمحرم ان يغتسل ويغسل رأسه ويحكه اذا الى ذلك برفق وسهولة فان سقط من رأسه شيء بسبب ذلك فلا حرج عليه. ويحرم على المرأة المحرمة ان تلبس مخيض لوجهنا كالبرقع كالبرقع والنقاب او ليديها كالقفازين لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين رواه البخاري والقفازان هما ما يخاط او ينسر من الصوف او القطن او غيرهما على قدر اليدين. ويباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص والخفين والجوارب ونحو ذلك. وكذلك يباح لها سد خمارها على وجهها اذا احتاجت الى ذلك بلا عصابة. وان مس الخمار وجهها لا شيء عليها لحديث عائشة رضي الله عنها قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فاذا حاذوا بناس احدانا جلبابها من رأسها على وجهها فاذا جاوزت جاوزنا كشفناه. اخرجه ابو داود داود وابن ماجة واخرج الدار قطني من حديث ام سلمة مثله كذلك لا بأس ان تغطي يديها بثوبها او غيره ويجب عليها تغطية وجهها وكفيها اذا كانت بحضرة الرجال الاجانب لانها عورة لقول الله سبحانه وتعالى ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن الاية ولا ريب ان الوجه او الكفين من اعظم الزينة والوجه في ذلك اشد واعظم. وقال تعالى واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء بحجابه ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهم الاية. واما ما اعتاده كثير من النساء من جعل العصابة تحت الخمار لترفعه لا اصل له في الشرع فيما نعلم ولو كان ذلك مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لامته ولم يجز له السكوت عنه ويجوز من الرجال والنساء غسل ثيابه التي احرم فيها من وسخ او نحوه. ويجوز له ابدالها بغيرها. ولا يجوز له لبس شيء من الثياب والزعفران او الورس لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ويجب على المحرم ان يترك الرأفة والفسوق والجدال لقول الله تعالى الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وصح عن النبي صلى الله عليه انه قال من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه والرفث يطلق على الجماع وعلى الفحش وعلى الفحش من القول والفعل والفسوق المعاصي والجدال المخاصمة في الباطل او فيما لا فائدة فيه فاما الجدال بالتي هي احسن من اظهار الحق ورد الباطل فلا بأس به بل هو مأمور به قوله لقول الله تعالى ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ويحرم على المحرم الذكر تغطية رأسه بملاصق قطابية والوترة والعمامة او نحو ذلك. وهكذا وجهه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي سقط عن راحلته يوم عرفة اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه. ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فانه يبعث يوم القيامة ملبيها. متفق عليه هذا لفظ مسلم واما استظلاله بسقف السيارة او الشمسية او نحوه او نحوهما فلا بأس به كالاستظلال بالخيمة والشجرة لما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم بثوب حين رمى جمرة العقبة وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه ضربت له قبة بنمرة فنزل من تحتها فنزل تحتها حتى زالت الشمس يوم عرفة ويحرم على المحرم من الرجال والنساء قتل الصيد البري والمعاملة في ذلك توفيره من مكانه وعقد النكاح والجماع وخطبة النساء ومباشرتهن بشهوة لحديث عثمان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب. رواه مسلم. وان لبس المحرم مخيطا او غطى رأسه او او تطيب ناسيا او جاهلا فلا فدية عليه ويزيل ذلك متى ذكر او علم وهكذا من حلق رأسه او اخذ من شعره شيئا او قلما اظافره ناسيا او جاهلا فلا شيء عليه على الصحيح على المسلم محرما كان او غير محرم ذكرا كان او انثى قتل الصيد قيد قتل صيد الحرم والمعاونة في قتله. بالة او اشارة او نحو ذلك ويحرم تنذيره من مكانه ويحرم القطع من شجر الحرم ونباته الاخضر ونقطته ونقطته الا لمن يعرفها لقول النبي صلى الله عليه عليه وسلم ان هذا البلد يعني مكة حرام بحرمة الله الى يوم القيامة لا يعرض شجرها ولا ينفخ صيدها ولا يفتلى ولا تحل ساقطتها الا لمنشده. متفق عليه. والمنشد هو المعرف والخلاء هو الحشيش الرطب. وبناء مزدلفة من الحرم واما عرفة فمن الحل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فصلا اخر من الفصول المشتملة على بيان احكام الحج ترجم له بقوله فصل في بيان محظورات الاحرام وما يباح فعله للمحرم. فمقصود المصنف منه بيان محظورات الاحرام وخلطه رحمه الله تعالى في اثناء ذلك ببيان ما له تعلق بشيء منها لكنه غير ممنوع ولا محظور بل هو مباح فعله للمحرم. وقد ترجم الفقهاء رحمهم الله تعالى لقولهم محظورات الاحرام ويريدون بذلك ممنوعاته. والمعروف في خطاب الشرع تسمية الممنوع محرما فعدل الفقهاء عن قولهم محرمات الاحرام الى قولهم محظورات الاحرام لماذا لماذا عدل الفقهاء عن هذا؟ مع انه هو المعروف في خطاب الشرع ما الجواب خاصة بالاحرام واذا قلنا محرمات الاحرام ما تكون خاصة بالاحرام المحظور هو المحرم اليس المحظور هو المحرم بلى بلى لكن في الدلالة اللغوية ايهما اقوى؟ الحظر ام التحريم ما الدليل مد لي ما الدليل على ان التحريم اقوى في الدلالة اللغوية لا وارد في القرآن المحرم. طيب لماذا عدلوا عنه الفقهاء الفقهاء لا يعدلون عن شيء ولا يختارون اللفظ الا لنكتة لابد انها لنكتة وهذا امر من تتبع لغة الفقهاء عرفها ها طيب اصل التحريم افهموها اصل التحريم في اللسان اداته ماذا؟ في اللسان العربي لا مع الفعل المضارع لا تأكل لا تشرب ليس هذا هو اصل التحريم في اللسان العربي الجواب بلى طيب في الخطاب الشرعي هل يختص التحريم لا الناهية؟ ام هناك الفاظ تدل على التحريم ايضا هناك الفاظ اخرى فايهما اضيق في الدلالة اللغوية في الدلالة على المنع الحظر المكتسب من الناهية مع الفعل المضارع ام ما زيد عليه الفاظ اخرى؟ الاول. الاول لان الحظر اللغوي له صيغة واحدة هي لا السابقة للفعل المضارع ولا تحتمل غير النهي ابدا. بخلاف غيرها من الالفاظ الموضوعة للدلالة على التحريم شرعا. فمثلا من الالفاظ الدلالة الموضوعة للدلال على التحريم شرعا ليس منا من فعل كذا وكذا فان هذا البناء موضوع التحريم شرعا فلما كان حرف لا السابق للفعل المضارع هو الموضوع لغة كان الحظر اقوى في المنع من مجرد بلفظ التحريم واكثر المحظورات التي جاءت في الاحرام جاءت على هذا البناء ام جاءت على غيره؟ الصيد قال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تقضوا الصيد وانتم حرم. حلق الراس قال الله تعالى لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله النكاح. قال النبي صلى الله عليه وسلم ايش؟ لا لا ينكح المحرم ولا فجمهور ما سماه الفقهاء محظورات للاحرام جاء بناؤه في الشرع على اي بناء على بناء لا الناهية سابقا للفعل المضارع وهي الموضوعة في اللغة لهذا دون الدلالات الشرعية الاخرى الدالة على التحريم. ولهذا عدل الفقهاء رحمهم الله تعالى عن قولهم محرمات الاحرام الى محظورات الاحرام لاختصاص غالب الباب تركيبه اللغوي وهو لا الناهية السابقة لفعل المضارع. هذا هو النكتة في ذلك لان جاء النهي فيها على البناء اللغوي الدال على الحظر في لسان العرب ولم يأتي على غيره من الابنية. اعطيكم مثال الاخر في لغة الفقهاء الحنابلة يقولون نواقض الوضوء يقولون واكل لحم الجزور الجزور ما قالوا اكل لحم الابل صح ولا لا ما قاله الموت للحنابلة ما قالوا لحم الابل قالوا لحم الجزور. مع ان الاحاديث فيها ايش؟ اكل لحم الجزور ام الابل؟ الابل. لماذا عدلوا عنها لان الجزر اسم لما يختص من اللحم بما يقطع وهو اللحم الهدر والحنابلة مذهبهم اختصاص باللحم دون الرأس وما اشتملت عليه الحوايا. فلاجل ان الحظر المنع والنقض في الوضوء مختص باللحم اوقعوا عليه فعله وهو فعل الجزر. لان الانسان لا يقول اخذت رأس الناقة فجزرت انه لا يجزى وكذلك ما اشتملت عليه الحوايا لا يكون مجزورا عندهم في لسان العرب فعدلوا عن هذا الى هذا مثال اخر الفقهاء رحمهم الله تعالى قالوا قضاء الفوائت ولم يقولوا قضاء صح او لا قالوا قضاء الفوائت من الصلوات ما قالوا قضاء المتركات. لماذا ها يا احمد كان متنازع فيها هو تارك طيب النافلة لا يعيدها يعيدها يقول يقضى ما فاته من نافلة احسنت لان الظن الاحسن بالمسلم ان لا يكون تعمد ذلك في ترك الصلاة. وانما فاتته قهرا عليه فعبروا باللائق بحال المسلم وقالوا باب قضاء الفوائت. نرجع الى ما ترجم له المصنف فانه قال فصل في بيان محظورات الاحرام. ومحظورات ومحظورات الاحرام تسعة. اولا حلق شعر الرأس والحق به سائر شعر الجسد. لان الدليل ورد بايهما ما الجواب؟ ورد بالرأس ولا تحلقوا رؤوسكم ثم الحق به غيره. وتانيها تقليم الاظافر وثالثها تغطية الرأس للرجل خاصة تغطية الرأس للرجل خاصة. ورابعها لبس المخيط للرج خاصة ايضا وتختص المرأة بانها لا تلبس القفازين القفازين ولا تنتقب وخامسها الطيب وسادسها قتل الصيد البري وسابعها عقد النكاح وثامنها الجماع وتاسعها المباشرة فهذه الامور التسعة كلها مما يحظر على المحرم فيمنع من ذلك كونوا حراما عليه. وجميعها مما ثبت به الدليل من القرآن والسنة او من السنة فقط الا تقليم الاظافر فانه ليس فيه الا ما رواه ابن ابي شيبة بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال لا بأس للمحرم اذا انكسر ظفره ان يقصه. لا بأس للمحرم اذا انكسر ظهره ان يقصه فقوله لا بأس للمحرم مشعر بانه ان لم يحتج اليه كان في قصه بأس وهذا اصل في كون قص الاظافر من جملة محظورات الاحرام. وقد المصنف رحمه الله تعالى هذه المحظورات التسعة مفرقة وابتدأ ذلك بقوله لا يجوز للمحرم بعد نية الاحرام سواء كان ذكرا او انثى ان يأخذ شيئا من شعره. اي شعر رأسه او سائل بدنه او اظفاره او يتطيب ولا يجوز للذكر خاصة ان يلبس مخيطا على جملته يعني على هيئته التي فصل وآآ عدوا لبس المخيط من جملة المحظورات ليس فيه باعتبار لفظه شيء مأثور. فان التعبير عن ما نهي عنه من الالبسة بلبس المخيط انما تكلم به ابراهيم النخاعي رحمه الله تعالى ثم تتابع الفقهاء على استعماله والا فان الاحاديث النبوية انما جاءت مشتملة على تعداد ما يحضر من الالبسة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يلبس المحرم السراويل ولا الخفاف الحديث المشهور في الصحيحين ثم صار ما في حكمها جار مجراها وعبر عنه بلبس المخيط. والمخيط هو المفصل على هيئة العضو. فاذا فصل شيء من الثياب على هيئة العضو كان مخيطا. ومثل المصنف ذلك بالفنيدة والسراويل والخفين والجوربين. ثم ذكر انه اذا لم يجد ازارا جاز له ان يلبس السراويل. واذا لم نعلين جاز له ان يلبس الخفين من غير قطع. وقد اختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في من لم يجد نعلين ولبس الخفين هل يجب عليه ان يقطعهما بحيث تكونا اسفل من الكعبين ام لا يجب ذلك وقد بين المصنف رحمه الله تعالى انه لا يجب عليه. لان حديث ابن عمر الذي فيه الامر بذلك وهو مخرج في الصحيحين وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فمن لم يجد الا الخفين فليلبسهما وليقطعهما اسفل من كعبي فان هذا الحديث عند الحنابلة رحمه الله تعالى منسوخ خلافا الجمهور والاشبه صحة ما ذهبت اليه الحنابلة من النسخ لان النبي صلى الله عليه وسلم انما ذكر حديث ابن عمر حديث ابن عمر في المدينة كما ثبت ذلك في لفظ عند ابي يعلى في مسنده وروي عند احمد كذلك ذلك الا ان اسناد احمد فيه ضعف فتقدم خطبته صلى الله عليه وسلم بذلك في المدينة مع خطبته يوم عرفة واذنه للناس في لبس الخفاف دون ذكر الامر بالقطع دال على ان ذلك مما نسخ الا وكان باقيا على الحكم لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لهم لما اذن لهم بلبس الخفات ومعلوم ان ان النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع عليه في عرفة ما لم يجتمع عليه في المدينة النبوية قبل خروجه صلى الله عليه وسلم الى الحج ثم ذكر ان مما يجوز المحرم لبس الخفاف التي ساقها دون الكعبين لكونها من جنس النعلين ويجوز له عقد الازار اي تقيد بعضه ببعض. وقد ثبت هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما. ويجوز له ربطه بخيط ونحوه لعدم الدليل المقتضي للمنع مع ثبوت الاثر عن ابن عمر. ويجوز للمحرم ان يغتسل ويغسل رأسه ويحكه اذا احتاج الى ذلك برفقة سهولة وان سقط شيء من رأسه فلا حرج عليه. ثم ذكر مما يحرم على المرأة من الملبوسات ان تلبس مخيطا لوجهها كالبرقع والنقاب او بيديها كالقفازين. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تنتقل المرأة ولا تلبس القفازين. رواه البخاري والقفازان هما ما يخاض او ينسج من اللباس على قدر اليدين الحديث مصرح بالنقاب والحق به ما كان في معناه كالبرقعي واللثام وقد ثبت ذلك في اتى لعائشة موقوفا عنها عند البيهقي في سننه الكبرى بسند جيد عنها. ثم ذكر من ما يباح للمرأة انه يباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص والسراويل والخفين والجوارب ونحو ذلك فانما تنهى المرأة عن لبس النقاب وما في معناه القفازين دون سائر المخيط. ثم ذكر انه يباح لها سدر خمارها على وجهها اذا احتاجت الى ذلك بلا عصابة فلا يجب عليها ان تشد على رأسها عصابة ترخي الخمار من ورائها بل لها ان تسدل خمارها على وجهها واورد في ذلك حديث عائشة كان الركبان يمرون بنا الحديث اخرجه ابو داوود وابن ماجة وفي اسناده ضعف وقد ثبت عن عائشة في اثرها المتقدم عند البيهقي انها قالت وتسجد الخمار على وجهها اذا شاءت. فهذا دليل على جواز ان تسدل المحرمة الخمار على وجهها اذا احتاجت الى ذلك ثم ذكر انه لا بأس لها ان تغطي يديها بثوبها او غيره وانه ليس في معنى القفاز ثم ذكر انه يجب عليها تغطية وجهها وكفيها اذا كانت بحضرة الرجال الاجانب لانها عورة وذكر دليلين على وجوب تغطية الوجه لانه من اعظم الزينة. وتقدم بسط الادلة المتعلقة بذلك في رسالته رحمه الله على المتعلقة بالحجاب والتبرج وقد سلف اقراءها في برنامج الدرس الواحد الثامن وتقدمها ايضا اقرأوا نظير لها في بعض مباحثها وهي رسالة الشيخ عبد المحسن العباد في برنامج الدرس الواحد السابع ثم ذكر ان التزام بعض النساء بجعل عصابة على الرأس تربطها لتضع الخمار من ورائه بحيث لا يلامس وجهها ان هذا لا اصل له. ثم ذكر انه يجوز للمحرم من الرجال والنساء غسل ثيابه التي احرم فيها. ويجوز له ابدالها بغيرها ايضا. ثم ذكر انه لا يجوز للمحرم لبس شيء من الثياب مسه الزعفران او الورس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فليس للناس ان يطيب ثيابه ولا ان يلبس شيئا مطيبا منها ثم ذكر مما يحرم على المحرم ويجب عليه تركه الرفث والفسوق الجدال لقوله تعالى الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وفي الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه. والرفث اسم موضوع للدلالة على الجماع ودوعيه والفسوق اسم موضوع للدلالة على الكبائر. فان الله سبحانه وتعالى ذكر ترتيب الذنوب في اية الحجرات فقال وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. فالكفر يشير الى الذنوب المكفرة والفسوق يشير الى الذنوب الكبائر والعصيان يشير الى الذنوب الصغائر فالمذكور في ضمنها هذه الاية ليس مطلق المعاصي وان كان الانسان مأمورا بتركها بل المراد به نوع خاص من المعاصي وهي الكبائر فمعنى قوله تعالى ولا فسوق اي لا يواقع كبيرة من كبائر الذنوب وان كان المحرم بل غير المحرم منهي عن المعاصي. واما الجدال فاهل العلم رحمهم الله تعالى مختلفون في المراد والصحيح من قولي اهل العلم ان الجدال الممنوعة ها هنا هو الجدال في احكام الحج التي بينها الشرع فان العرب كانت تختصم فيه ويؤثم بعضها بعضا. ولذلك قال تعالى فمن تعجل في يومين فاثم عليه ومن اخر فلا اثم عليه اشارة الى بعض ما كان يجري بينهم من النزاع في احكامه. لان الجدال في لا يكون ممنوعا في كل وجه بل اذا كان لنصب الحق وابطال الباطل كان مأمورا به. فلا بد ان يكون الجدال المنهي عن في هذه الاية مختصا بنوع منه وهو الجدال في احكام الحج. ويدل على هذا قراءة ابي جعفر من العشرة ولا جدال في الحج. فان الرفع فيها يقتضي ان يكون المراد فردا من افراد الجنس لا عمومه المتوهم من القراءة الثانية ولا جدال في الحج. وهذا الذي ذكرناه من كون الجدال مخصوصا بالاختلاف في احكام الحج هو الذي ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وكان الحامل على رعاية ذلك في النهي عنه ان الناس لا يزالون يختلفون في هذه المسائل اختلافا كثيرا فان الشيطان انا يزين لهم ذلك ليمنعهم من تمام الاجر الموعود به في حديث من حج فلم يرفث ولم يفسق كيوم ولدته امه وما امر به كذلك في الاية. فلا يزال الشيطان يزين لهم هذه الموبقات ومن الجدال في احكام الحج الذي نهوا عنه. فينبغي ان يتورع الانسان عن اللجج في احكام الحج وان يتمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه. وان غاب عنه العلم بشيء من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فليتمسك بالمأتور عن الصحابة رضوان الله عنهم. ولا يخلو بحمد الله شيء من احكام الحج من سنة مأثورة او اثر صحيح عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ففي الاحاديث النبوية والاثار المروية عن الصحابة غنية عن كلام غيرهم واذا اشكل على الانسان شيء من ذلك فليأخذ بما جرى عليه عمل المسلمين. فان عمل المسلمين الظاهر حجة لم يزل اهل العلم رحمهم الله تعالى على تعظيمها والاحتجاج بها. اما تطلب الخروج عن المعروف المألوف والفزع الى خلاف العلماء فانه مذموم ولو كان مترجحا في حق ولو كان راجحا في حق صاحبه لان الاحكام المتعلقة بجماعة المسلمين ينبغي ان تبنى على ما يكون في ذلك ائتلاف قلوبهم واجتماع كلمتهم. فاذا كان المسلمون في عمل ما متتابعون على حكم من الاحكام الشرعية فليس للمجتهد اذا بان له رجحان غير هذا القول ان يدعو الى قوله بما في ذلك من التشويش على المسلمين واثارة الشر بينهم ومن غاب عنه هذا الاصل فقد غاب عنه رعاية الشريعة للجماعة فان من اعظم الاصول التي فارق النبي صلى الله عليه وسلم فيها اهل الجاهلية دعوته الى الجماعة وتحذيره من الافتراء. ومن جملة ذلك ملاحظة هذا في الاحكام الشرعية ولم يزل اهل العلم رحمهم الله تعالى الى الاخذ بقاعدة جامعة في احكام الحج كانوا عليها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم الخلفاء الراشدين ثم خلفاء المسلمين الى مدة قريبة حتى انحل الامر. فان الحج كان له امير يأتمر الناس به ومفت يستفتونه في الاحكام الظاهرة. فكانت هذه السنة الجارية الى مدة قريب من قرن ونصف ثم اتسع الامر بعد ذلك واهمل امر امارة الحج ثم اهمل امر فتوى الحج فصارت كل يتصرف في رفقته بما شاء دون نظر الى امر الامير. وقد كان الصحابة رضوان الله يأمرون من استفتاهم بالنظر الى ما يأمر به الامير في الحج فيفعله كما صح ذلك عن ابن عمر وانس رضي الله عنهما في معنى الامير لما انفصل الحكم عن العلم في معناه المفتي فينبغي ان يكون المفتي للحج واحدا ولو تعدد الحاجون من العلماء فان المقام ليس مقام اجتهاد وعلم بل المقام مقام اجتماع وائتلاف واذا غاب الاصل واذا غاب هذا الاصل عن القلوب نشأ الشر بين المسلمين كما وقع هذا من عقد من الزمان ولم يزل يتزايد والواجب على ولي الامر ان ينصب اميرا للحج ومفتيا للحج وان يلزم الناس بطاعة هذا وهذا فيطاع الامير وفي تدبير سير الحج مما يتعلق بالحكم ويطاع المفتي فيما يتعلق بفتوى الحج. وهذه قاعدة هي القاعدة الكفيلة بنزع كل خلاف يشيع بين المسلمين في امر حجهم سواء مما يتعلق بتدبير سيره او فيما يتعلق باحكامه الشرعية. وربما يجر اهماله الى اعظم مما عليه الناس اليوم. فربما ينشأ في زمن قادم من من يقف في عرفة في يوم ويقف الناس في يوم اخر فيصير من المسلمين من يقف يوم الاثنين ومنهم من يقف يوم الثلاثاء. وليس هذا ببعيد اذا انفرط الامر وضعفت هيبة الولاية واهملت الاحكام الشرعية كما رتبت في الشرع. فان هذا الامر لم يزل عليه المسلمون الى مدة قريبة وقد صنف غير واحد من العلماء في بيان امراء الحج من عهده صلى الله عليه وسلم الى بعد سنة مئتين بعد الالف انا في الصدر الاول يشهر مفت من المفتين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم هو المفتي بالحج والامير ثم كان على هذا الخلفاء رحمهم الله تعالى ثم لما ضعف الامر صار من الصحابة من يكون مأمور قم باستفتاءه كما امر عبدالملك بن مروان الحجاج ان لا يأتمر بامره حتى يرجع الى ابن عمر. ثم خلفه بعد ذلك ابن عباس فكان هو المفتي ثم خالفه عطاء ثم خلفه ابن جريج رحمهم الله تعالى وكان هذا امرا مشهورا في المسلمين حتى ظعفت الحال في الازمنة الاخيرة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى مما يحرم على المحرم الذكر ان يغطي رأسه بملاصق له والغترة للنهي عن ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم ولا تخمروا رأسه ولا وجهه وهذه الزيادة في ذكر الوجه زيادة شاذة. وانما المنهي عنه هو تخمير الرأس. واما تغطية الوجه فاصح قولي اهل العلم انه اذا احتاج الى ذلك جاز له كما ثبت هذا عن عثمان ابن عفان وعبد الرحمن ابن عوف فاذا هاجت ريح او كان برد او نشأ غبار او غير ذلك فلانسان ان يغطي وجهه بلا كراهة. ثم ذكر ان الاستظلال بسقف السيارة او الشمسية اي المظلة او الخيمة او الشجرة لا بأس به. وتغطية الناسك رأسه لها نوعان اثنان. احدهما تغطية رأسه بملاصق له. كطاقية او غترة او قنصوة فهذا حرام لا لا يجوز والثاني تغطية رأسه بغير ملاصق له وهو نوعان اثنان احدهما كون ذلك المستظل به منفصلا عنه غير تابع له كشجرة ونحوها. هذا جائز باتفاق اهل العلم وثانيهما ان يكونا منفصلا عنه تابعا له داخلا في ملكه. كسيارته او مظلته وهذا جائز في اصح قولي اهل العلم رحمهم الله تعالى ثم ذكر مما يحرم على المحرم من الرجال والنساء قتل الصيد البري والمعاونة على ذلك وتنفيذه من مكانه وعقد النكاح والجماع النساء ومباشرتهن بشهوة والمراد بالمباشرة الافظاء الى المرأة بالجسد فان اصلا مباشرة مأخوذ من البشرة وهي جلد الانسان. ثم ذكر ان المحرم اذا لبس مخيطا او غطى رأسه او تطيب ناسيا او جاهلا فلا فدية عليه. فان النسيان والجهل يرفع المؤاخذة عنه فلا تجب عليه فدية واذا ذكر ازال المحظور الذي ارتكبه ومثله ايضا من حلق رأسه او اخذ من شعره شيئا او قلم اظافره ناسيا او جاهلا فلا شيء عليه على الصحيح. وظاهر كلامه رحمه الله تعالى الاخذ بمذهب جمهور في اختصاص العذر بالنسيان والجهل بهؤلاء المذكورات. والقول الثاني ان النسيان والجهل عذر يعم جميع محظورات الاحرام وهو الصحيح الذي اختاره ابو العباس ابن تيمية وعبد الرحمن ابن سعدي رحمهما الله فان الادلة الشرعية دالة على العذر بالنسيان والجهل في كل محظور من محظورات الاحرام وقد ذكر رحمه الله تعالى ان من تطيب ناسيا او جاهلا او لبس مخيطا فلا فدية عليه وعلم به انه من فعل ذلك عمدا فلبس مخيطا او تطيب او حلق رأسه او قلم اظافره فعليه فدية وهذه الفدية يسميها الفقهاء رحمهم الله تعالى بقولهم فدية الاذى لان اصل مشروعيتها هي قصة كعب بن عجرة لما اذته هوام رأسه فسميت باعتبار والواقعة التي نشأ منها الاذن بها. وفدية الاذى هي المذكورة في قوله تعالى ففدية من صيام او صدقة او نسك وفسر الصيام في حديث كعب ابن عجرة بصيام ثلاثة ايام والاطعام باطعام ستة مساكين المسكين نصف صاع والنسك بذبح شاة ثم ذكر انه يحرم على المسلم محرما كان او غير محرم او انثى قتل صيد الحرم والمعاونة في قتله بالة او اشارة او نحو ذلك ويحرم تنفيره من مكانه وهذا حكم يتعلق بالحرم. لا بالمحرم فقط فهو متعلق بالموضع سواء كان فاعله محرما ام غير محرم فلا يجوز للمسلم على اي حال ان يقتل صيد الحرم ولا ان يعاون في قتله ولا ان يشير الى ذلك ويحرم عليه ان ينفره يعني ان يخرجه ويبرزه من محله ويحركه منه. ومن ما يحرم عليه ايضا قطع شجر الحرم ونباته الاخضر. والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ذكره لا يعضد شجرها. لكن المنهي عنه من الشجر انما هو الشجر الرطب. الذي يشير اليه الفقهاء بقولهم ونباته الاخضر فعلم ان الشجر اذا كان يابسا لم يكن ممنوعا من قطعه. وكذلك اذا كان موذيا ولو كان اخضرا فانه يجوز للانسان ان يدفع اذاه عنه. فلا يجوز قطع الحرم بشرطين اثنين احدهما اذا كان الشجر رطبا اخضرا وثانيهما اذا لم يكن مؤذيا. ثم ذكر مما يحرم نقطة الحرم الا لمن عرفها كما قال صلى الله عليه وسلم ولا تحل ساقطتها اي لقطتها الا لمنشد اي لمعرف لها ثم ذكر مما يتعلق بتعيين الحل والحرم مما يحتاج اليه الناس خارج مكة فقال ومنى ومزدلفة من الحرم واما عرفة فمن الحل. نعم احسن الله اليك. قال فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة وبيان ما يفعله بعد دخول المسجد الحرام من الطواف وصفته اذا وصل المحرم الى مكة استحب له ان يغتسل قبل دخولها لان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فاذا وصل الى المسجد الحرام سن له تقديم اليمنى ويقول بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم افتح لي ابواب رحمتك ويقول ذلك عند دخول سائر المساجد وليس لدخول المسجد الحرام ذكر يخصه. ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما اعلم فاذا وصل الى الكعبة قطع التلبية قبل ان يشرع قبل ان يشرع للطواف ان كان متمتعا او معتمرا ثم قصد الحجر الاسود واستقبله ثم يستلمه بيمينه ويقبله ان تيسر ذلك ولا يؤذي الناس بالمزاحمة ويقول عند استلامه بسم الله والله اكبر او يقول الله اكبر فانشق التقبيل اسلامه بيده او بعصا او نحوها وقبل ما استلمه به. فان شق استلامه اشار اليه وقال الله اكبر. ولا يقبل ما يشير به ويشترط لصحة الطواف ان يكون الطائف على طهارة من حدث الاصغر والاكبر لان الطواف مثل الصلاة غير انه رخص فيه بالكلام ويجعل البيت عن يساره حال الطواف وان قال في ابتداء طوافه اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فهو حسن لان ذلك قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ويطوف سبعة اشواط ويرمل في جميع الثلاثة الاول من الطواف الاول وهو وهو الطواف الذي يأتي به اول ما يقدم مكة سواء كان معتمرا او متمتعا او محرما بالحج وحده او قارنا بينه وبين العمرة ويمشي في الاربعة الباقية يبتدأ كل شوط من حجر الاسود ويختم به والرمل هو الاسراع في المشي مع مقاربة ويستحب له ان يتطبع في جميع هذا دون غيره والاضطباع ان يجعل وسط الرداء تحت منكبه الايمن وطرفيه على عاتقه الايسر وان شك في عدد الاشواط بنى على اليقين وهو الاقل فاذا ثلاثة اشواط او اربعة جعلها ثلاثة وهكذا يفعل في السعي وبعد فراغه من هذا الطواف يرتدي برداءه فيجعله على كتفيه على صدره قبل ان يصلي ركعتي الطواف. ومما ينبغي انكاره على النساء وتحذيرهن للطوافهن بالزينة. وتحذيرهن منه طوافهن بالزينة الروائح الطيبة وعدم التستر وهن عورة فيجب عليهن التستر وترك الزينة حال الطواف وغيرها من الحالات التي يختلط فيها النساء مع الرجال لانهن وفتنة وفتنة وفتنة ووجه المرأة هو اظهر زينتها فلا يجوز له لها ابداؤه الا لمحارمها لقول الله تعالى ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن الاية فلا يجوز لهن كشف الوجه عند تقبيل الحجر الاسود اذا كان يراهن احد احد من الرجال واذا لم يتيسر لهن فسحة لاستلام الحجر وتقبيله فلا يجوز لهن مزاحمة الرجال بل يطوفن من ورائهم وذلك خير لهن واعظم اجرا من الطواف قرب الكعبة حال مزاحمتهن الرجال ولا يشرع الرمل والاضطباع في غير هذا الطواف ولا في السعي ولا للنساء لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل الرمل والطباع طوافه الاول الذي اتى به حين قدم مكة ويكون حال الطواف متطهرا من الاحداث والاخباث خاضعا لربه متواضعا له ويستحب له ان من ذكر الله والدعاء. وان قرأ فيه شيئا من القرآن فحسن. ولا يجب في هذا الطواف ولا غيره من الاطوفة ولا في السعير مخصوص ولا دعاء مخصوص. واما ما احدثه بعض الناس من تخصيص كل شوط من الطواف او السعي باذكار مخصوصة او ادعية مخصوصة فلا اصل له بل مهما تيسر من الذكر والدعاء كفى. فاذا هذا الركن اليماني استلمه بيمينه وقال بسم الله والله اكبر. ولا يقبله فان شق استلامه فان شق عليه استلامه تركه ومضى في طوافه. ولا يشير اليه ولا يكبر عند محاذاته لان ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيما نعلم ويستحب له ان يكون بين الركن اليماني والحجر الاسود. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار اخذ الحجر الاسود استلمه وقبله وقال الله اكبر فان لم يتيسر استلامه وتقبيله واشار اليه كلما حاذاه وكبر ولا بأس بالطواف من الزمزم والمقام ولا سيما عند الزحام والمسجد كله محل للطواف ولو طاف في اوقات المسجد اجزأه ذلك ولكن ولكن ولكن طوافه ولكن طوافه قرب الكعبة افضل ان تيسر ذلك. فاذا فرغ من الطواف ركعتين خلف المقام ان تيسر ذلك وان لم يتيسر ذلك لزحامه صلاهما صلاهما في اي موضع من المسجد ويسن ان يقرأ فيهما بعد الفاتحة يا ايها الكافرون في الركعة الاولى وقل هو الله احد في الركعة الثانية هذا هو الافضل وان قرأ بغيرهما فلا بأس ثم يقصد الحجر الاسود فيستلم بيمينه ان تيسر ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ثم عقد المصنف رحمه الله تعالى فصلا اخر من الفصول المتعلقة ببيان احكام الحج ترجم له بقوله فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة وبيان ما يفعله بعد دخول المسجد الحرام من الطواف وصفته. وابتدأه بقوله فاذا وصل المحرم الى مكة استحب له ان يغتسل قبل دخولها لان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك كما ثبت في الصحيحين. ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء من الاغسال في نسكه الا اغتساله صلى الله عليه وسلم لدخول مكة. لما بات بذي طوى عند ابار الزاهر المعروفة اليوم بحي الزاهر ثم قصد صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام. فاذا وصل اشكو الى المسجد الحرام سنة له ان يقدم رجله اليمنى وتقديم الرجل اليمنى عند دخول المسجد واليسرى عند خروجها لم يثبت فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وانما يخرج ذلك على ما تقرر من قاعدة الشريعة في اختصاص المكرمات باليمين. فاذا دخل المرء الى المسجد قدم يمينه لان الموضع الداخل فيناسب الاكرم واذا خرج قدم يساره لان الموضع الاكرم وراءه فالاولى ان يقدم الناقص الناقص ويقدم يسراه وانما يروى في هذا شيء عن ابن عمر موقوفا علقه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه فذكر ان ابن عمر كان اذا دخل المسجد دخل برجله اليمنى واذا خرج خرجا برجله اليسرى وهذا الاثر بيض له رجب في فتح الباري وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى انه لم يقف عليه مسندا ولا نعلم احدا وقف وعلى هذا الاثر مسندا. وقد علقه البخاري مجزوما به. فهو على ما جرى عليه البخاري في اصطلاحه في المعلق في الصحيح حجة قل والله اعلم وان كانت القاعدة المتقدمة مغنية عنه لكنه لو ثبت لكان مؤيدا ونصيرا خاصا في هذه المسألة ثم ذكر ما يشرع قوله عند دخول المسجد الحرام ولا يختص به بل يعم كل مسجد فذكر ذكر مجتمعا من عدة اثار مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم. والاحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم من اذكار الدخول عند المسجد لا يثبت منها الا ذكران اثنان. احدهما اللهم افتح لي ابواب رحمتك عند مسلم في صحيحه. وثانيهما اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم عند ابي داود في سننه بسند جيد. وما عدا ذلك من الاذكار فانه ضعيف ثم ذكر ان هذا الذكر لا يختص بالمسجد الحرام بل عند دخول سائر المساجد كما تقدم فاذا وصل الى الكعبة قطع التلبية قبل ان يشرع في الطواف ان كان متمتعا او معتمرا. ثم قصد الحجر الاسود. وقطع التلبية عند الوصول الى الكعبة قبل ابتداء الطواف ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو قول الجمهور ثبت عن ابن عمر انه يقطعه في ادنى الحرم اذا دخله. والقول الاول اظهروا عليه جمهور اهل العلم رحمهم الله تعالى ثم ذكر انه يقصد الحجر الاسود ويستقبله اي يقبل عليه بوجهه وجسده ثم بيمينه ويقبله ان تيسر له ذلك ولا يؤذي الناس بالمزاحمة. فان لم يتيسر استلامه بيده وتقبيله فانه يستلمه بشيء يستلمه او بعصا ثم يقبل ما استلم به. فان لم يتيسر له استلامه بشيء معه اشار اليه. فهذه ثلاثة هذه ثلاث مراتب يكون بها العمل عند ارادة ابتداء الطواف ابتداء كل شوط من اشواطه واكملها ان يستلم الانسان بيده ويقبل بفمه. وتقبيل الحجر الاسود ينبغي ان يكون رقيقا خفيظ الصوت كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى وخلاف ذلك هو من سوء الادب لان تقبيل الحجر الاسود انما هو تقبيل تعظيم وتقبيل التعظيم المناسب له خفض الصوت وعدم رفعه به فما يفعله بعض الناس متوهمين انه تعظيم من زيادة الصوت عند التقبيل له خلاف المشروع ثم ذكر ان الناس يقولوا اذا استلم بسم الله والله اكبر او يقول الله اكبر. والمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم هو التكبير زيادة التسمية ثبتت عن ابن عمر في الشوط الاول فقط لا في سائر الاشواط. فان اراد الانسان زيادتها في الشوط الاول كان له ذلك دون بقية الاشواط. ثم ذكر انه يشترط لصحة الطواف ان يكون على طهارة من الحدث الاصغر والاكبر. لان الطواف مثل الصلاة غير انه رخص فيه في الكلام. وهذه المسألة فيها قولان مشهوران لاهل العلم في ايجاد الطهارة على الطائف. صحهما والله اعلم. ان الطهارة في حقه سنة مستحبة اما الايجاب ففيه بعد لان انتقاض الطهارة مما تعظم به البلوى ولما حج النبي صلى الله عليه وسلم فئام كثير من الخلق لم يتقدم لاكثرهم نسك لم يرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك. فلما وقع هذا علم ان الاشبه هو ما ذهب اليه بعض التابعين رحمهم الله تعالى واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وغيره من ان الطهارة فيه غير واجبة لكنها مؤكدة تأكيدا شديدا. فالافظل ان يكون الانسان على طهارة حال طوافه. ثم ذكر ان الانسان ان قال في ابتداء طوافه اللهم ايمانا بك الى اخره فهو حسن. وهذا الذكر قد روي مرفوعا ولا يثبت مرفوعا ولا موقوفا عن احد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. بل ثبت عند الفاكه في مكة بسند حسن عن عطاء ابن ابي رباح انه قال اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك مما احدثه اهل العراق فلم يكن معروفا قبل ذلك وانما احدث ولاجل هذا عده ابن الحاج المالكي في المدخل من جملة البدع فينبغي تجافيه وعدم الاخذ به لعدم صحة ذلك مرفوعا ولا موقوفا بل جاء عن عطاء وهو من هو في الامامة في المناسك ان هذا مما احدثه اهل العراق ثم ذكر انه يجعل البيت عن يساره على الطواف ويطوف سبعة اشواط ويرمل في جميع الثلاثة الاول من الطواف الاول والمراد به طواف القدوم الذي يأتي به او مكة اول مرة. سواء كان معتمرا او متمتعا او محرما بالحج وحده او قارن اذا قصد البيت ويمشي في بقية الاشواط والرمل هو الاسراع في المشي مع مقاربة الخطى وهو شبيه بالهروي ولا فيه هرول الانسان في الاشواط الثلاثة الاول دون بقية الاشواط. والرمل مختص بهذا الطواف دون غيره من اطوفة النسك كطواف للحج المسمى بطواف الافاضة او طواف الوداع. واذا لم يمكن الانسان ان يرمل مع القرب فان تأخره مع الرمل او لا؟ لان الفضيلة المتعلقة بذات العبادة افضل من الفضيلة المتعلقة بزمانها او مكانها فاذا تأخر الانسان عن البيت بعيدا ورما فهذا افضل من قربه مع عجزه عن الرمل. ثم بعد ذلك ان الناس اذا شك ان الناس يستحب له ان يطبع في جميع الطواف دون غيره وفسر الطباع بان يجعل وسط الرداء تحت منكبه الايمن وطرفيه على عاتقه الايسر. فيكون منكبه الايمن باديا مكشوفا. ويكون او موضوعا من تحته ثم ذكر من مسائل الطواف انه ان شك في عدد الاشواط بنى على اليقين وهو الاقل فاذا شك هل طافت ثلاثة اداة اشواط او اربعة جعلها ثلاثة وهكذا يفعل في السعي. وهذا احد قولي اهل العلم. والقول الثاني انه اذا على ظنه شيء اخذ به وهو اصح القولين واختاره العلامة ابن عثيمين. فاذا غلب الظن بشيء جاز له ان يعمل به اما اذا لم يغلب الظن فانه يطرح شكه ويأخذ بيقينه بانيا عليه. ثم ذكر انه بعد فراغه من هذا الطواف يرتدي بردائه ويجعله على كتفيه وطرفيه قبل ان يصلي ركعتي الطواف. فالاضطباع سنة مخصوصة بهذا الطواف فقط. ثم ذكر مما ينبغي انكاره على النساء طوافهن بالزينة والروائح الطيبة وعدم التستر فيجب امرهن بذلك ونهيهن عن ذلك لما تقرر من ادلة شرعية في ذلك ولا يجوز لهن ان يكشفن وجوههن عند تقبيل الحجر اذا كان يراهن احد من الرجال ولا يجوز لهن مزاحمة الرجال والاختلاط بهن بل يطوفن من ورائهم كما في صحيح البخاري ان عائشة كانت تطوف حجرة من الرجال اي محتجرة عنهم في مكان من وراء من وراء الرجال وهكذا كانت النساء في العهد الاول كما ثبت ذلك عن عطاء في صحيح البخاري ان النساء كن لا يخالط الرجال في الطواف بل من وراء الرجال ثم ذكر انه لا يشرع الرمل والطباع في غير هذا الطواف ولا في السعي ولا للنساء لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ضمنه الطباع الا في طوافه الاول الذي هو طواف القدوم. ثم ذكر ما ينبغي ان يكون عليه الانسان حال الطواف من التطهر من الاحداث والاخبار والخضوع والتواضع والاكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى وقراءة شيء من القرآن ولا يجب فيه ذكر مخصوص بل يدعو انسان بما شاء وامثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر في الطواف انه كان يقول بين اليماني والحجر الاسود ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. فهذا شيء رواه ابو داوود بسند حسن. فيأتي الانسان بهذا الذكر في اثناء طوافه وكلما حاد الحجر الاسود استلمه وقبله وقال الله اكبر. فان لم يتيسر استلامه وتقبيله اشار اليه كلما حذاه كبر ثم ذكر انه لا بأس بالطواف من وراء زمزم والمقام لما كانت زمزم لها قبة او موضع موجود وقد زالت القبة والموضع اليوم ولا سيما عند الزحام فالمسجد كله محل للطواف. فحيث طاف في اروقة المسجد اجزأه ذلك الا ان القرب من الكعبة افضل ثم ذكر ان الطائف اذا فرغ من طوافه صلى ركعتين خلف المقام ان تيسر له اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وان لم يتيسر لذلك ذلك لزحام ونحوه صلاهما في اي موضع من المسجد. ويستحب ان يقرأ فيهما بعد الفاتحة قل يا ايها الكافرون في الاولى وقل هو الله احد في الركعة الثانية. هذا هو الافظل وان قرأ بغيرهما فلا بأس. وليس في هذا خبر ثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم واما ذكر قراءته صلى الله عليه وسلم للسورتين المروية آآ في صحيح مسلم فانه مدرج من كلام جعفر بن محمد وليس مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما بينه الخطيب في كتابه في الفصل والوصل فهي زيادة ادرجت فلم لم يثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهاتين السورتين في هذا الطواف وعلى هذا فاننا نقول يستحب ولا نقول يسن. طيب ليش ما نقول يسن؟ ما الجواب لانه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فان السنة تتحقق في المندوب الذي جاء به دليل على النبي صلى الله عليه والاستحباب اوسع من ذلك على هذا اصطلاح الفقهاء. ولماذا قلنا يستحب طيب اذا ما ثبت فيها حديث اذا ما يستحب لا تقييدها انها مقروءة في الركعتين ليست من الصحابة هي من دونه ماء هدم في المحل هذا نريد المحل هذا يا علي من الان يقولون بدعة كيف ما في مخالف ايه في السابق؟ تعرف احد نص على هذا من المعر فيه مخالف اي بس هذي سنة اخرى نقول يستحب ذلك لاننا لا نعلم احدا من الفقهاء رحمهم الله تعالى قال بخلاف الاستحباب بل المذاهب الاربعة على استحباب قراءة هاتين الركعتين ولا اعلم احد من الفقهاء من غيرهم قال بانها لا تستحب فهي باقية على ذلك. ولم ارى احد ما ذكرت لكنه هو المعروف لمن تصفح كلام الفقهاء فليس منهم من منع ذلك بل هم قائلون باستحباب قراءتها ثم ذكر انه بعد ذلك اذا فرغ من طوافه فانه وصلاة الركعتين فانه يقصد الحجر الاسود اي يرجع اليه فيستلمه بيمينه ان ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم لما فعل ذلك وهل يقبله زيادة على استلامه؟ قولان لاهل العلم. والمقطوع به ان النبي صلى الله عليه وسلم استلمه ولم يقبله فهو السنة. وان قبله كان ذلك جائزا. لان التقبيل مما يحيى به الحجر الاسود. وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنه انه كان اذا كان في المسجد الحرام فاراد ان يخرج جاء الى الحجر الاسود فاستلمه وقبله فدل هذا على ان الحجر الاسود يعظم بالتقبيل ولو في غير نسك الطواف وهذا امر جائز كما ثبت ذلك عن ابن عمر والى هذا المقام ينتهي القول في هذا المجلس ونستكمل باذن الله سبحانه وتعالى بقية هذا المنسك بعد العشاء وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله رسول محمد واله وصحبه اجمعين