الحمد لله الذي تفرد بالدوام والبقاء. وكتب على الانس والجن الموت والفناء احمده سبحانه جل وعلا واذكره بكل جميل خفي او جلا. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد ايها المؤمنون ان مما تلين به القلوب وتساق الى علام الغيوب. تذكر الموت فان فيه للمتعظين وذكرى للمتذكرين قال عمار وابن مسعود وابو الدرداء رضي الله عنهم كفى بالموت واعظا. وكفى بالدهر فالرقا اليوم في القصور وغدا في القبور. وقال الحسن البصري رحمه الله فضح الموت دنيا فلم يترك لذي لب لب لب لب لب لب لب لب لب لبا ولاجل هذا ارشد النبي صلى الله عليه وسلم الى اكثر من ذكر هادم اللذات وهو الموت. قال الترمذي رحمه الله تعالى حدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا الفضل ابن موسى عن محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله الله عليه وسلم اكثروا ذكر هادم اللذات. يعني الموت وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكم هدم الموت من لذات؟ وكم قطع من راحات؟ وكم فرق من جماعات وكم اورد من كريهات انه الاجل المحتوم والقدر المعلوم. قال الله تعالى كل من هافان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام. وقال تعالى كل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون. وقال تعالى وكل الانسان ما اكفره من اي شيء خلق من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم اماته فاقبره. وقال تعالى انك وانهم ميتون. وقال تعالى وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد. افإن مت فهم الخالدون وقال تعالى ثم انكم بعد ذلك ميتون. مشى عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى يوما في فرأى ناسا من الماشين في جنازة قد غطوا وجوههم بعمائمهم ووقفوا في ظل جدار فبكى رأيهم الله تعالى ثم عيسى يقول من كان حين تصيب الشمس جبهته او الغبار يخاف الشين والشين بعث ويألف الظل كيتبقى بشاشته فسوف يسكن يوما راغما جدثا في ظل مقفرة غبراء موحشة يطيل في قعرها تحت السرى اللبس. فما هو الموت؟ وهل يمكن دفع الموت؟ واين يكون الموت ومتى يكون الموت؟ وكيف يكون الموت؟ اما ما هو الموت فان الموت خلق من خلق الله عز وجل وامر من امر الله فانه سبحانه وتعالى هو الذي يحيي ويميت. كما قال تعالى وانه هو اما نواحي وقال تعالى وهو الذي يحيي ويميت. وقال تعالى نحن وقال تعالى نحن قدرنا لهم الموت وما نحن بمسبوقين. وقال تعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا فانشأ الله عز وجل من خلقه مخلوقا يقال له الموت ليبتلي الله سبحانه وتعالى الخلق يأتمرون بامره وينتهون عن نهيه فيحسنون اعمالهم ويكملون مراداتهم التي يحبها الله على هاتيهم التي يحبها الله عز وجل ان تراهم يستكبرون ويستنكفون عن امر الله عز وجل ونهيه. وان الموت لا به معرف ولا يصفه واصب ولكن كل نفس سوف تذوق ذلك المخلوق. كما قال الله سبحانه وتعالى كل نفس ذائقة الموت ثم الينا ترجعون. وقال تعالى كل نفس ذائقة الموت بالشر والخير ونبلوكم بالشر والخير فتنة. وقال تعالى كل نفس ذائقة الموت. وانما يتوفون اجوركم يوم القيامة. فاذا قضي الامر الالهي من خلق الموت فحين اذ يذبح الموت قال البخاري رحمه الله تعالى حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال حدثنا ابي قال حدثنا الاعمش قال حدثنا ابوه عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالموت يعني يوم القيامة يؤتى بالموت كهيئة كبش املح ثم ينادي مناد يا اهل الجنة فيصطئبون وينظرون فيقول ينظرون فيقول هل تعرفون هذا؟ فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم يقول يا اهل النار يا اهل النار وينظرون فيقول هل تعرفون هذا؟ فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيذبح ثم يقول يا اهل الجنة خلود فلا موت ويا اهل النار خلود فلا موت فهذه هي حقيقة الموت. واما هل يدفع الموت؟ هل يدفع الموت؟ هل يحول بين المرء وبين الموت مداواة طبيب ام معاودة عائد او دعاء داع كلا فانه لا لم تعودونه شيء كما قال الله سبحانه وتعالى قل ان الموت الذي تفرون منه فان ملاقيكم فلا بد ان يلقى كل انسان الموت ولا يمكن ان يدفعه لا يمكن ان يدفعه عنه اجعلوا ان يدفعه عن هداه ان يدفعه عنه دافع. وقال تعالى قل فادرأوا عن انفسكم الموت ان كنتم ما يطهر هارون الرشيد مريم هارون الرشيد رحمه الله واشتد به مرضه فدعا طبيبا باريسية فعرض عليه ماؤه يعني بوله في امواه في مياه كثيرة لمرضى واصحاء جعل الطبيب يستعرض القوارير واحدة واحدة حتى بلغ قارورة الرشيد فقال مروا هذا الرجل مروا هذا الرجل ان يوصي فانه قد انحلت فانه قد انحلت قواه وتداعت بنيته فلما قال ذلك بكى الرشيد رحمه الله تعالى ثم انشأ يقول ان الطبيب بطبه ودوائه لا يستطيع دفاع نحب قد اتى. ما للطبيب يموت بالداء الذي قد كان ابرأ مثله فيما مضى مات المداوي والمداوى والذي جلب الدواء وباعه ومن اشترى. واما اين يكون فما فكما قال الله عز وجل وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس اي ارض تموت ورب امرئ مات على فراشه ورب امرئ مات بعيدا عن اهله. رب امرئ مات مقبلا ورب امرئ مات مدبرا فان المرء قد طوي عنه بصادمة بساط اين موته واما متى يكون الموت فان الموت لا يعرف صغيرا ولا كبيرا. وانما هو اجل ابدله الله سبحانه وتعالى وحين اذ اذا استنفذ الاذى الاجل فان المرء يموت كما قال الله سبحانه وتعالى ما كان لنفس ان تموت الا باذن الله. كتابا مؤجلا. وقال تعالى ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء وقال تعالى ولكل امة اجل. فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون واما كيف هو الموت؟ فقد ذكر الله عز وجل ذلك بيانا وافيا. فاخبر ان للموت سكرة فقال سبحانه وتعالى وجاءت سكرة الموت بالحق الا ان هذه السكرة تتفاوت في حق بين مؤمن وفاجر ومصدق وكافر كما قال سبحانه وتعالى والنازعات ارقى والناشطات فانها الملائكة تنزع ارواح الكفار بشدة وتسن ارواح وتسن ارواح المؤمنين نبي يسن وسهولة وقال سبحانه وتعالى مبينا حال الطائفتين الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم تحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون لهم البصرى في الحياة الدنيا هو في الاخرة. وبشراهم منها في الحياة الدنيا كما قال جماعة من المفسرين ان الله عز وجل يخفف عنهم عند شل ارواحهم. واما الكفار قول الله سبحانه وتعالى ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم وقوله سبحانه وتعالى ولو ترى يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم كبارهم وقد جاء حديث بين عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان حال الطائفتين عند حال الموت وهو ما اخرجه الامام احمد رحمه الله تعالى قال حدثنا ابو معاوية قال حدثنا الاعمش عن المنهال ابن عمر عن زادان عن ابن عازم رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان العبد المؤمن اذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة نزل عليه ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوق من حنوط الجنة حتى يجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول يا ايتها النفس المطمئنة اخرجي الى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء. ثم ذكر حال الرجل الكافر او الفاجر فقال واما الرجل الكافر فاذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة نزل عليه من السماء ملائكة سود الوجوه المسوح وهي ثياب منسوجة من الشعر فيجلسون منهم مد البصر حتى يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه ثم يقول يا ايتهن من يقول يا ايتها النفس الخبيثة اخرجي الى سخط من الله وغضب قال فتفرقن فتفرقوا في جسده يعني هربا وجزعا قال فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول والمراد الصفود هي عفوا غليظة حديثة غليظة ذات حديدة غليظة ذات معكوفة اذا وضعت في الصوف المبلول لم من ان تخرج حينئذ فهذا رحمكم الله هو الموت وهذه حقيقته وهذه حقيقته وهذا متى يكون هذا اي حال يكون عليها المرء فاستعدوا للموت فقد قال الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله. وقال عمر رضي الله عنه يا ايها الناس حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل ان توزنوا وتزينوا ليوم العرض الاكبر. وقال علي رضي الله عنه ايها الناس ان الدنيا ولت مدبرة وان الاخرة جاءت مقبلة وان لكل منهما بنون فكونوا من ابناء الاخرة ولا تكونوا من ابناء الدنيا فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل. وقد ارشد الله عز وجل الى الحال التي يجب ان نكون عليها حتى نموت في ايتين كريمتين فقال تعالى واعبدوا ربك حتى يأتيك اليقين. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا واتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. فنسأل الله العلي العظيم ان يحيينا على الاسلام والسنة وان تميتنا على الاسلام والسنة. اللهم احينا على خير حال وامتنا على خير حال. وقلوبنا جميعا الى خير وقلوبنا جميعا الى خير المآل. اللهم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا. وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان. واجعلنا اللهم من عبادك الراشدين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين