السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الاول من برنامج الدرس الواحد الثامن والكتاب المقروء فيه هو قاعدة شريفة في تفسير قوله تعالى قل اغير الله اتخذ وليا لشيخ الاسلام ابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو شيخ الاسلام بحر العلوم العلامة احمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام النميري الحراني يكنى بابي العباس ويعرف بابن تيمية وبشيخ الاسلام وبتقي الدين وكان يكره هذا اللقب. ويذكر ان اهله سموه به صغيرا فغلب عليه لما تقرب من كراهة الاسماء المضافة الى الدين المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في العاشر من ربيع الاول سنة احدى وستين وست مئة المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وله من العمر وسبعون سنة رحمه الله رحمة واسعة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه اسم هذه الرسالة قاعدة شريفة في تفسير قوله تعالى قل اغير الله اتخذ وليا فاطر السماوات والارض الاية المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذه الرسالة هي الحكومة بين قراءتين منقولتين في قوله تعالى ولا يطعم احداهما بالبناء للمجهول يطعم والاخرى بالبناء للمعلوم يطعم. المقصد الثالث توضيح منهجه لا غرو ان هذه الرسالة تندرج في غمرة مسلك ابي العباس ابن تيمية الذي شهر به من كثرة دلائله وغزارة فوائده مع حسن العرظ وبديع الاعتراظ في تمييز الاقوال وقد عرظ رحمه الله تعالى لبيان متعلق هذه المسألة بايضاح من طوى. في تلك القراءتين مبنى ومعنى نعم بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين. قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم تسليما. فصل في قوله تعالى اغير الله اتخذ وليا من فاطر السماوات والارض وهو يطعم ولا يطعم. قل اني امرت ان اكون اول من اسلم لا تكونن من المشركين. القراءة المتواترة التي بها يقرأ جماهير المسلمين قديما وحديثا. وهي العشرة وغيرهم وهو يطعم ولا يطعم. وروي عن طائفة انهم قرأوا وهو يطعم ولا يطعم بفتح الياء. قال الفرج وقرأ عكرمة والاعمش ولا يطعم بفتح الياء قال الزجاج وهذا الاختيار عند البصراء بالعربية ومعنى وهو يرزق ويطعم ولا يأكل. قلت الصواب المقطوع به ان القراءة المشهورة المتواترة ارجح من هذه ان تلك القراءة لو كانت ارجح من هذه لكانت الامة قد نقلت بالتواتر القراءة المرجوحة. والقراءة التي هي احب القراءتين الى الله ليست معلومة للامة ولا مشهودا بها على الله. ولا منقولة نقلا متواترا تكون الامة قد حفظت المرجوح ولم تحفظ الاحب الى الله الافضل عند الله. وهذا عيب في الامة ونقص فيها ثم هو خلاف قوله انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. فانه على قول هؤلاء يكون الذكر الافضل الذي نزله ما حفظه حفظا يعلم به انه منزل. كما يعلم الذكر عندهم وايضا فلناس في هذه القراءة وامثالها مما لم يتواتر قولان. منهم من يقول هذه تشهد بانها كذب قالوا وكل ما لم يقطع بانه قرآن فانه يقطع بانه ليس بالقرآن. قالوا ولا يجوز ان يكون قرآنا منقولا بالظن واخبار الاحاد. فانا ان جوزنا ذلك جاز ان يكون ثم قرآنا غير هذا لم يتواتر. قالوا وهذا مما تحيله العادة. فان الهمم والدواعي متوفرة على للقرآن فكما لا يجوز اتفاقهم على نقل كذب لا يجوز اتفاقهم على كتمان صدق فعلى قول هؤلاء يقطع بان هذه وامثالها كذب. فيمتنع ان يكون افضل من القرآن صدق والقول الثاني قول من يجوز ان تكون هذه قرآنا وان لم ينقل بالتواتر وكذلك يقول هؤلاء اي في كثير من الحروف التي يقرأ بها في السبعة والعشرة. لا يشترط فيها التوتر. وقد يقولون ان التواتر منتف فيها او ممتنع فيها. ويقولون المتواتر الذي لا ريب فيها ما تضمنه مصحف عثمان ما الحروف؟ واما كيفيات الاداء مثل تليين الهمزة ومثل الامالة والادغام. فهذه مما يسوغ للصحابة بان يقرأوا فيها بلغاتهم. لا يجب ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بهذه الوجوه المتنوعة كلها بل انقطعوا بانتفاء هذا او لا من القطع بثبوته. وما كان تلفظه به على وجهين اله ما صحيح المعنى مثل قول مثل قوله وما الله بغافل عما تعملون ويعملون وقوله الا ان يخافا الا يقيما حدود الله. الا ان يخافى الا يقيما حدود الله فهذه يكتفى فيها بالنقل الثابت وان لم يكن متواترا. كما يكتفى بمثل ذلك في اثبات الاحكام والحلال والحرام وهو اهم من ضبط الياء والتاء. فان الله سبحانه وتعالى ليس بغافل عما يعمل المخاطب بالقرآن ولا عما يعمل غيرهم وكلا المعنيين حق قد دل عليه القرآن في مواضع فلا يضر لا يتواتر دلالة هذا اللفظ عليه بخلاف الحلال والحرام الذي لا يعلم الا بالخبر الذي ليس والعادة والشرع اوجب ان ينقل القرآن نقلا متواترا. كما نقلت جمل الشريعة نقلا مثل ايجاد الصلوات الخمس وان صلاة الحضر اربع الا المغرب والعشاء الا المغرب والفجر وانه مخافة في صلاة النهار ويجهر في صلاة الليل. ويجهر في صلاة الفجر وان قيل انها من صلاة النهار ركعتان حضرا وسفرا والمغرب ثلاث حضرا وسفرا ونحو ذلك. ثم كثير من واحكام التي يعملها الخاصة دون العامة. تعلم باخبار التي يعلمها الخاصة كذلك بعض الحروف التي يضبطها الخاصة من القراء قد تكون من هذا الباب. وعلى هذا الوجه فيمتنع ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بتلك القراءة اكثر ويعلمها لامته اكثر. وجماهير الامة لم تنقلها ولم تعرفها نقول جمهور الامة لها خلافا عن سلف توجب انها كانت اكثر واشهر من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ان كان قرأ بالاخرى وان كان لم يقرأ بالاخرى لم تعدل بهذه. فنحن نشهد شهادة قاطعة انه قرأ بهذه وان تلك اما ان لم يقرأ بها او قرأ بها. اما انه لم يقرأ بها او قرأ بها قليلا والغالب عليه قراءته بهذه لانه يمتنع عادة وشرعا ان تكون قراءته بتلك اكثر وجمهور الامة لم تنقل عنه ما هو اغلب عليه. ونقل عنه ما كان قليلا منه. فهذا من جهة نقل لاعراب القرآن ولفظه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ما سبقت الاشارة اليه من الحكومة ابتداء باعتبار لفظي هاتين القراءتين قبل التعويل على بيان ما انتظم في الترجيح بينهما بالنظر الى المعاني. وكان اول ذلك ان بين رحمه الله تعالى ان المتواترة التي بها يقرأ جماهير المسلمين هي الضم للياء في قوله تعالى ولا يطعم واشار الى ذلك بقوله رحمه الله تعالى وهي قراءة العشرة وغيرهم والمراد بالعشرة القراء العشرة مشهورون الذين اولهم نافع واخرهم خلف البزار. فهؤلاء القراء العشرة قرأوا ولا يطعم ثم اشار الى القراءة الثانية وهي ولا يطعن بفتح الياء. ونقل عن ابي الفرج والمراد به ابن الجوزي رحمه الله. وشيخ الاسلام يعول على نقل الاقوال المذكورة في تفسير ابي الفرج ابن الجوزي المعروف بزاد المسير. لحسن ترتيبه وانتقده في موضع من فتاويه بانه يسرد الاقوال دون تمييزها فمن كالاقوال ما يمكن رده الى بعض ومنها ما يحتاج الى بيان حاله ونقضه. فمن خصائص تفسير ابي ابن الجوزي المعروف بزاد المسير جمعه للاقوال المنقولة في تفسير الاية الا ان هذا عيب بشيئين احدهما ان بعض تلك الاقوال يرجع الى بعض وتانيهما انه لا يعتني بتمييز مراتب تلك الاقوال من القبول والرد ثم ذكر ما رجحه الزجاج رحمه الله تعالى من قراءة يطعن بفتح الياء بقوله قال الزجاج وهذا الاختيار عند البصراء بالعربية اي العارفين بالعربية ومعناه وهو يرزق ويطعم ولا يأكل. فمعنى ولا يطعم لا يأكل ولا يشرب وقد بين شيخ الاسلام رحمه الله تعالى انه باعتبار نقل القراءات فقراءة ضم الياء ارجح من القراءة الاخرى بفتح الياء. وقاعدة الترجيح عنده رحمه الله تعالى ان القراءة المشهورة اشهر ارجح من القراءة الاخرى. وهذه قاعدة من قواعد الترجيح بين القراءات نص عليها من القدامى ابو جعفر ابن جرير في تفسيره. فما كان من القراءات المشهورة المنتظمة في العشر هو ارجح من غيره من القراءات. لان القراءة التي تداعت النفوس الى نقلها وفشت في الامة اولى بالاخذ من تلك القراءة التي لم يروها الا نقلت الاحاد كقراءة فتح الياء ها هنا. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان القراءة التي هي احب القراءتين الى الله والافضل عنده عز وجل هي المتواترة. وهذه من قواعد المفاضلة بين القراءات وقد تكلم العلماء رحمهم الله تعالى في مسألة تفاضل القرآن اي كون بعضه افضل من بعض ومذهب جمهورهم جريان ذلك التفاضل بين اي القرآن وسوره كما فيقال افضل سورة في القرآن هي سورة الفاتحة وافضل اية في القرآن هي اية اية الكرسي وقل من ذكر الاشارة الى التفاضل بين القراءات والتفاضل بين القراءات يراد به معنيين اثنين. يراد به معنيان اثنان احدهما التفاضل العام بان يقال مثلا قراءة نافع افضل من قراءة حمزة او قراءة ابن كثير افضل من قراءة ابي عمرو وهذا اشبه شيء بالمسألة المشهورة عند المحدثين في اصح الاسانيد. وكما ان المقطوع به الا يقال ان اصح الاسانيد على الاطلاق هو كذا وكذا. فالمقطوع به كذلك الا يقال ان افضل القراءات هي قراءة كذا وكذا. وان تكلم بهذا جماعة هل كان من الائمة السابقين كسفيان واحمد بن حنبل من يرجح قراءة بعض الائمة ممن ليس من السبعة على قراءة من كان منهم كما رجح قراءة ابي جعفر المدني ويعقوب الحضرمي على قراءة حمزة كساء وهذين الاخيرين هما من السبعة. والحاصل انه لا يمكن الاطلاق بان قراءة ما هي افضل من قراءة اخرى. اما النوع الثاني فهو التفاضل الخاص بين القراءات وهذا يرجع تارة الى تفاضل المباني وتارة يرجع الى تفاضل المعاني. فمثلا قراءة من قرأ ما يوم الدين مع قراءة من قرأ ملك يوم الدين ان نظر الى المباني فان من قرأ باثبات الالف فيها زيادة حرف. وزيادة الحرف فيها مضاعفة اجر. وبالنظر الى اني فان قراءة ملك يوم الدين ابلغ من قراءة ما لك يوم الدين وقد يقترن بقراءة ما معنى من المعاني يوجب ترجيحها على غيرها بالنظر الى محل معين. مثاله قراءة البلد الفاشية فيه قراءة البلد الفاشية فيه افضل من القراءة المهجورة. فالقارئ بحفص في هذه البلد قراءتهم بها افضل ممن يقرأ بغيرها. فمن ام الناس صلى بهم بقراءة اخرى فقد عدل عن الفاضل الى المفضول لان مدارك العوام انما تحيط قراءة المشهورة فتكون حينئذ افضل لما فيها من جمع نفوسهم وعدم التشويش عليها والحاصل ان المصنف رحمه الله تعالى رجح قراءة الضم باعتبارها القراءة المتواترة المشهورة في الامة. وما كان كذلك فهو ارجح من غيره كما نص على ذلك ابو جعفر ابن جرير في موضع من تفسيره وما كان متواترا فاشيا في الامة فهو احب عند عند الله وافضل والا لم تتطلع النفوس ولا اجتمعت القلوب على حفظ تلك القراءة ونقلها وليعلم ان التواتر عند القراء لا يراد به المعنى الذي يذكره الاصوليون او المحدثون فان التواتر عند القراء هو الشهرة في الطبقة بان تكون هذه القراءة رواها في طبقة اشياخنا الوف ومن قبلهم الوف ومن قبلهم الوف وهلم جرا حتى يتصل اخذها بالنبي الله عليه وسلم وهذا هو منصب القراءات العشر. فانها هي التي حظيت بهذا وليس المراد بتواترها تواترها الى من اضيفت اليه كما اذا قيل قراءة عاصم فلا يراد انها تواترت الى عاصم بل عاصم اخذها في طبقة كانت فاشية فيها ومن قبله كانت كذلك حتى اتصلت بالنبي صلى الله عليه وسلم. لكن لما انتصب عاصم لاقراءها واقبل الناس على الاخذ عنه اشتهرت بالنسبة اليه. والا فهؤلاء الائمة نقلة لا غير وانما اظيفت اليهم لاجتهادهم بالنقل في طبقة ما من طبقات نقل قراءات فالقراءة سنة متبعة. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى ان هذه القاعدة التي رجح بها باعتبار التواتر هي مقتضى ما تكفل الله عز وجل به من حفظ القرآن كما قال تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. وعليه فالقراءات المتواترة هي المندرجة فيما تكفل الله به من حفظ الذكر. وما خرج عنها فلا يندرج في هذا المعنى. ثم بين رحمه الله تعالى اختلاف الناس فيما لم يتواتر من القرآن هل يقال انه قرآن ام لا؟ كالقراءات المذكورة عن الصحابة في الصحيحين وغيرهما كقراءة ابي الدرداء وابن مسعود المروية في الصحيحين والذكر والانثى فان هذه القراءة ثابتة عنهما بسند من اصح الاسانيد في الدنيا ومخرجة في كتابين هما اصح الكتب المصنفة في الحديث فما كان من هذا الجنس هل يقال هو قرآن ام لا؟ فذكر ان اهل العلم الله تعالى مختلفون في ذلك على قولين احدهما من يقول ان هذه ليست بقرآن بل يشهد بانها كذب لعدم تواترها. فلا يجوز ان يكون القرآن منقولا باخبار الاحاد بل القرآن ما كان متواترا فاشيا في الامة مشهورا فيها. والقول الثاني من يجوز ان تكون هذه قرآن وان لم تتواتر. وهذا مذهب جمهور اهل العلم. انهم ان هذه قرآن الا انها نسخت بالعرضة الاخيرة التي كتب على المصحف فما خرج من القراءات عن العرظة الاخيرة فانه ان ثبت نقله كان قرآنا فنسخ كالقراءة التي ذكرناها وحينئذ فلا يجوز ان يقرأ بها القارئ في الصلاة في اصح قول اهل العلم رحمهم الله تعالى وينتفع بها في بيان المعاني واستيضاحها والترجيح بين اقوال المفسرين ثم ذكر رحمه الله تعالى في ضمن مفردات هذا القول الثاني ان من هؤلاء اي من يقول ان المتواتر بلا ريب هو ما تضمنه مصحف عثمان من الحروف. واما كيفيات الاداء مثل تليين الهمزة والامالة والادغام فهذه مما يسوغ للصحابة ان يقرأوا فيها بلغاتهم. والصحيح ان القراءات جميعا اصولا وفرشا كلها مما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس مما اجتهد فيه الصحابة رضوان الله عنهم اتقرر عندهم ان القراءة سنة متبعة. ذكر هذا المعنى زيد ابن ثابت من الصحابة وصح عند الدارمي عن ابن مسعود انه قال اقرأوا القرآن كما علمتم. فيبعد مع هذا اصل ان يكون في شيء من القراءات امر فعلوه اجتهادا ولم يتلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم. بل نقل القراءات جميعا سواء في كيفيات ادائها او مفردات حروفها كلها مما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم بين رحمه الله تعالى ان نقل القرآن الذي بين التواتر والاحاد شبيه بنقل الاحكام التي منها ما يكون معلوما عند الخاص والعام ومنها ما يكون منقولا عند الخاصة فقط فكذلك بعض الحروف التي يضبطها الخاصة من القرآن تكون من هذا الضرب فتشتهر عندهم ولا تفشوا في الامة فتكون قرآنا باعتبار صحة نقلها لكنها ليست مما يقرأ بها لانها مما نسخ في العرظة الاخيرة. وبعد ان بين المصنف رحمه والله تعالى ما سلف قال فهذا من جهة نقل اعراب القرآن ولفظه واعراض القرآن معنى يوجد في كلام الصحابة فمن بعدهم رويت فيه احاديث كحديث اعرب القرآن والتمسوا غرائبه ولا يثبت منها شيء لكنه معنى شائع في كلام الصحابة والتابعين. وقد جزم رحمه الله تعالى في الاتقان انه لا يراد به الاعراب المصطلح عليه عند النحاة. لان هذا معنى الحادث وجنح تبعا لابن النقيب الى القول بان اعراب القرآن يراد به معرفة معانيه. والاطلاع على تفسيره. فالاثار الواردة في اعراب القرآن تحمل على هذا المعنى عند ابن النقيب والسيوطي. وهو ظاهر كلام ابي جعفر ابن النحاس في اول كتابه معاني القرآن وهذا المعنى الذي ذكروه لا تساعد عليه الاثار. فان الذي تدل عليه الاثار هو ان معنى الاعراب الابانة والاخراج. فالامر باعراب القرآن المراد به ابانته واخراجه عند قراءته. فمتعلق الاعراب هو الالفاظ. لا المعاني وهذا معنى قول شيخ الاسلام فهذا من جهة نقل اعراب القرآن ولفظه. فتصرف ابي العباس ابن تيمية رحمه الله الله تعالى موافق لما يترشح من الاثار من ان المقصود باعراب القرآن هو ابانته واخراج لفظه فمثلا من يقرأ اياك نعبد فهو معرب لقراءته. بخلاف لمن قرأها فخففت خفف التشديد على الياء. او اختلس حركة الفتحة فلم يأتي بالفتحة على الكاف كما ينبغي. فمثله لا يكون معربا للقرآن. نعم فصل واما من جهة معناه ومفهومي فيقال نفس القراءة المتواترة ارجح واظهر واتم وذلك من وجوه احدها ان معنى هذه موافق لمعنى قوله في الاية الاخرى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون لا اريد منهم من رزقي وما اريد ان يطعموني ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين قوله وما اريد ان يطعمون نفي لارادته منهم ان يطعموه فهو نفي لاطعامهم وهذا موافق لقوله وهو يطعمه ولا على البناء للمفعول. ولو اريد نظير تلك القراءة لقال فاني لا اطعم. ونحو ذلك ولا ريب انه سبحانه منزه عن الاكل والشرب بل الملائكة لا تأكل ولا تشرب. فكيف بالسبوح القدوس رب الملائكة وهذا المعنى قد دل عليه في مواضع من اسمه الصمد فان من معناه الذي لا يأكل ولا يشرب كما قد هذا في تفسير هذه السورة ومنها قوله ما المسيح بن مريم الا رسول قد خلتني الرسل وامه صديقة كانا يأكلان الطعام. انظر كيف نبين لهم الايات ثم انظر وهو سبحانه ذكر هذا بعد قوله لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني اسرائيل نعبد الله ربي وربكم انه من يشرك بالله فقد حرم الله الله عليه الجنة ومأواهن النار وما للظالمين من انصار. لقد كفر الذين قالوا ان الله وثالث ثلاثة وما من اله الا اله واحد وان لم ينته عما يقولون ليمسن كفروا منهم عذاب اليم. افلا يتوبون الى الله ويستغفرونه؟ والله غفور رحيم. ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كانا يأكلان الطعام كيف نبين لهم الايات ثم ينفكون. فهذا كلام في سياق نفي الالهية عن المسيح وغيره وتكفير من قال انه الله او ان الله ثالث ثلاثة. ومن اتخذه وامه الهيه من دون الله. فبين غايته وغاية امه فقال ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة وهو رد على اليهود والنصارى. ثم قال كانا يأكلان الطعام. وهو يقتضي ان اكل الطعام مناف للاله فمن يأكل الطعام لا يصلح ان يكون الها ولولا منافاته للالهية لم يذكر دليلا على نفيها الدليل يستلزم المدلول عليه وعلم ان اكل الطعام يستلزم نفيا الهية. فقد ذكروا في ذلك وجهان اشهرهما ان من يأكل ويشرب يعيش بالغذاء. ومن يقيمه الاكل والشرب كان مفتقرا الى غيره. فلا يصلح ان الها وهذا هو الذي ذكره اكثر المفسرين. وقال طائفة منهم ابن قتيبة انه ينبه على عاقبته وهو الحدث اذ لابد لاكل الطعام من الحدث. قال وقوله انظر كيف نبين لهم الايات من ما يكون من الكناية وهذا الوجه صحيح في حق المسيح وامثاله من البشر في الدنيا فان اكلهم الطعام يستهزؤوا الحدث وخروج الحدث من ابيان الاشياء دلالة على انتفائه الهية من يبول ويغوط. وذلك اعظم من كونه يلد والدليل يجب طرده ولا يجب عكسه. فلا يلزم ان يكون كل من يتغوط او من لا يأكل ويشرب كما انه لو استدل على انتفاء الالهية بانه لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر كان دليلا صحيحا ولم يلزم ان يكون كل من يتكلم ويسمع ويبصر الها. بل انتفاء صفات الكمال يناقض الاله وان كان ثبوت جنسها لا يستلزم الهية. كما انه اذا قيل ان الاله يجب ان يكون موجودا قائما بنفسي حيا عليما قديرا فانتفاؤ هذه الامور يستلزم انتفاء الالهية ولا يستلزم ان يكون موجود حي عليم قا قدير ولا يستلزم ان يكون كل موجود حي عليم قدير الها واما ان اريد بهذا الوجه الذي ذكره ابن قتيبة وغيره من لزوم الحدث قاضي الدليل. فيحتاج دون ان يفسروا الحدث بجنس خارج من الاكل الشارب. فان اهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا كما ثبت ذلك في الاحاديث الصحيحة. لهم رشح كرشح المسك. وهذا من جنس العرق الذي يخرج من وهو ايبضنا في الصمدية. فان الصمد هو الذي لا يدخل فيه شيء ولا يخرج منه شيء. فخروج الخارج ولو وكان كرشح المسكينات الصمدية التي هي من لوازم البارئ. فيكون لزوم الحدث للاكل داما على نفيه الهيته من هذه الجهة ايضا. والصمدية هي المنافية للاكل والشرب وسائر ما يدخل ويخرج وقد بسط في تفسير السورة من فرغ المصنف رحمه الله تعالى من بيان ما يتعلق بنقل تلك كالقراءتين وبيان لفظهما شرع يبين رحمه الله تعالى رجحان القراءة المتواترة يطعم على القراءة غير المتواترة يطعم بالنظر الى المعنى. فذكر ان ذلك يتم من وجوه اربعة ابتدأها بقوله رحمه الله ان معنى هذه موافق لمعنى قوله في الاية الاخرى ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون. فقوله تعالى وما اريد ان يطعمون مشتمل على نفي ارادته سبحانه وتعالى ان يطعم وهذا مصدق لقراءة الضم فان المعنى المستكن فان المعنى المستكن في هذه وهذه واحد هو حمل القراءة المتواترة على ما انتظم في معنى اية الذاريات يجعلها ارجح من القراءة الاخرى المشتملة على فتح الياء ولا يطعم ففي كلا القراءتين ففي كلا الايتين بيان استغنائه سبحانه وتعالى واحتياجه وانه لا يفتقر الى الخلق في الانتفاع باطعامهم عز وجل له وهذا المعنى كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى منتظم في مواضع من القرآن الكريم منها ما في سورة الاخلاص من تسميته سبحانه وتعالى بالصمد. فان من معاني الصمد المذكورة في كلام السلف الذي لا يأكل ولا يشرب. فهو مصمت لا جوفاء له ولا يفتقر الى اكل وشرب. وسبق ان بسطنا معاني هذا الاسم في اقرأي تفسير سورة الاخلاص للعلامة ابن رجب رحمه الله وهو احد دروس برنامج الدرس الواحد في احدى سنواته وبينا حينئذ ان المختار في معنى الصمدية انها جمعت معنيين اثنين احدهما كماله عز وجل والثاني افتقار خلقه اليه فانه سبحانه وتعالى صمد فصمد اليه. اي كمل فافتقر الخلق اليه. ومن كماله عز وجل انه لا يأكل ولا يشرب. ومن منها ما في قوله تعالى ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كانا يأكلان الطعام. الاية فان هذه الاية فيها بيان ان مما ينافي الالهية الاكل والشرب فمن اكل وشرب لا يصلح ان اله فاذا كان عيسى عليه الصلاة والسلام وامه يأكلان الطعام فهما لا يصلحان ان يكونا الهين. وفي معنى هذه الاية وجهان اثنان ذكرهما شيخ الاسلام رحمه الله تعالى اولهما ان من اكل وشرب مفتقر الى غيره. ومن افتقر لا يصلح ان يكون الها. والثاني ان من اكل وشرب مضطر الى الحدث وخروج الحدث مناف للالهية واقوى هذين الوجهين هو الوجه الاول ثم ذكر رحمه الله تعالى تنبيها متعلقا بالقول الثاني وهم الذين عللوه بخروج الحدث ان المراد بالحدث لا يقتصر على البول والغائط بل لا بد ان يندرج فيه جنس الخارج من الاكل او الشارب. فان اهل الجنة يأكلون ويشربون لكنهم لا يبوألون ولا يتغوطون بيد ان لهم رشح كرشح المسك من جنس العرق فهو خارج دليل على نقص المخلوق وان الاكل او الشرب لهم لهما اثر فيما يخرج منه. وقوله رحمه الله تعالى واما ان اريد بهذا الوجه الذي ذكره ابن قتيبة وغيره من لزوم الحدث طرد الدليل. المراد بطرد الدليل ان يقال كل من كل او شرب فليس باله لانه يحدث. هذا طرد الدليل في هذه المسألة والحدث حينئذ اما ان يكون بولا او غائطا كما في حق اهل الدنيا. واما ان يكون خارجا يرشح من جسم الاكل والشارب كحال اهل الجنة نعم. الوجه الثاني ان هذه الاية لم تسق لبيان تنزهه عن الاكل فان ذلك مبين فيما ذلك من السور التي التي فيها تنزيهه عن النقائص. ومن الايات الدالة على ان هذه النقائص مستلزمة كون صاحبها مخلوقا لا الها ونحو ذلك. وانما سيقت لبيان حاجة الخلق اليه واحسانه اليهم وبيان غناهم وعنهم وامتناع احسانهم اليه فانه يطعمهم وهم لا يطعمونه. وهذا الوصف دال على هذا المقصود. كما اذا قيل يعلمهم ولا يعلمونه ويعطيهم ولا يعطونه. وهو من معاني الصمد ان كل ما سواه محتاج اليه وهو استغن عن كل ما سواه ثم كونه في نفسه لا يأكل ولا يشرب مدح له. وتنزيه من جهة اخرى فان نفسك يطعم ولا يطعم وصف اختص به. فالحيوان انسهم وجنهم وبهائمهم يأكلون. فاذا قدر انهم اطعموا فهم يطعمون والملائكة وان كانوا لا يأكلون ولا يشربون فهم لا يطعمون الخلق. فليس من يطعم ولا يطعم الا الله واذا قدر قادر يطعم غيره ويحسن اليه ويرزقه. واولئك لا يطعمونه ولا يرزقونه ولا يحسنون اليه هو المنعم عليهم واستحق ان يشكروه. وان كان هو يأكل ويشرب من ملكه. لكن ليس هو محتاجا اليهم ولا هم يحسنون اليه فتبين ان هذا الوصف وصف مدح يختص به ويبين ربوبيته وافتقار الخلق اليه واحسانه اليهم واذا قيل وهو يطعم ولا يطعم كانت دلالته على هذا المعنى بطريق اللزوم فانه اذا كان لا يطعن في نفسه امتنع ان يطعمه احد. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا وجها ثانيا يرجح به قراءة الضم وهو ان الاية لم تسق لبيان تنزهه عن الاكل. فلا يحتاج حينئذ الى ان يقرأ ولا يطعم اي ولا يأكل لان هذا ليس هو المقصود في الاية. بل المقصود في الاية بيان افتقار الخلق الى الله واستغناؤه سبحانه وتعالى عنهم فهو عز وجل يطعمهم وهم لا يطعمونه. كما انه هو يعلمهم ولا يعلمونه ويعطيهم ولا يعطونه. وبهذا يظهر كمال الربوبية. وذل العبودية فان العبد مفتقر الى الله. والله عز وجل مستغن عنه. كما قال الله عز وجل يا ايها الناس وانتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. فسبك معنى الاية في هذا المعنى الاشرف اولى من قصرها على ارادة تنزيهه سبحانه وتعالى عن الاكل. فاذا قيل اريد بها ان ينزه الله عن الاكل لم يكن كمال المعنى في هذا كما اذا قيل ان معناها هو بيان استغناء عن خلقه وافتقار الخلق اليه. وحملها على المعنى الاشرف اولى من وقفها على المعنى الادون نعم. الوجه الثالث ان مجرد كون الشيء يطعم غيره ولا يطعمه يوجب المدح فهذه كمال حيث كانت. واما كون الشيء في نفسه لا يطعم ولا يأكل ولا يشرب. فهذا انما يكون مدحا في حق المستغني عن الطعام والشراب لكماله. واما من لا يطعم ولا يشرب لنقصه كالجامدات وكالحيوان المريض فهذا ليس ممدوحا بذلك. فلو قدر مريض موسر يطعم الناس وهو في نفسه لا يطعم لمرضه لم يمدح بانه يطعم ولا يطعم والناس اذا لم يطعموا لكونه لا يطعم لمرضه ونقصه. لم يكن ممدوحا بانهم لا يطعمونه بخلاف ما اذا لم يطعم لغناه فانه يمدح بانه يطعم ولا يطعم. وان كان هو في نفسه يأكل ويشرب مما مع ان المريض لا بد ان يطعم واما ما لا يطعم بمال لنقصه كالجامدات. فالارض يخرج منها صنوف الثمرات وهي لا تأكل لنقصها. فقد يقال انها تطعم ولا تطعم. اي لا تأكل بنقصها لكن هي محتاجة والشرب وهذا حاجة منها الى ما يقيها ويغذيها. ولهذا قال تعالى وهو يطعم ولا يطعم فوصفه بالاثبات المطلق والنفي العام وصفه بانه يطعم وهذا مطلق يصلح ان يدخل فيه كل اطعام كما اذا قيل يخلق ويرزق ويعطي ويمنع كما في الحديث الصحيح الالهي يا عبادي كلكم ضال الا من فاستهدوني اهدكم. يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمته فاستطعموني اطعمكم. يا عبادي عار الا من كسوته فاستكسوني اكسكم. وقال وما بكم من نعمة فمن الله فقال هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض؟ فقال الخليل الذي فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقيني واذا مرضت فهو يشفين. وفي الحديث المأثور انه وقالوا على الطعام الحمد لله الذي اطعمني هذا ورزقني من غير حول مني ولا قوة وانه من قال ذلك كرماء. وفي الحديث الاخر الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم. من علينا فهكانا واطعمنا وسقانا من كل خير آوانا. وقد قال تعالى فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف وبالجملة فضرورة الخلق للرزق دائما امر باهر علما وذوقا وواجدا فكونه يطعم من اطعم بيان نعمه وكرمه واحسانه وقوله ولا يطعم نفي عام. فان الفعل نكرة في في سياق النفي فلا يطعمه احد بوجه من الوجوه. فلا يكون احد محسنا اليه ولا مكافئا له على هذه النعمة كما رواه البخاري عن ابي امامة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اذا رفعت مائدته الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفيا ولا مودع ولا مستغنا عنه ربنا. واما اذا قيل يطعم وهو لا يأكل لم يكن المنفي عنه من جنس المثبت له. بل ذكر تنزيهه عن الاكل فلا يبين المقصود من انه يحسن اليهم احسانا الذي يضطرون اليه مع ان احدا من الخلق لا يحسن اليه فان دلالة القراءة المشهورة على نفي احسان الخلق اليه مع احسانه اليهم ابين من دلالة كونه لا يأكل فان تلك تدل على المدح مطلقا مع قطع النظر عن كونه وهو يأكل او لا يأكل حتى لو قدر على سبيل الفرض انه يأكل لانه يأكل لم يكن محتاجا اليه كانوا هم الذين يطعمونه كما قال وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزقه وما اريد ان يطعمني ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. وقد نبهنا على هذا وانه اذا كان مخلوق يحسن الى غيره ويطعمه وهو لا يحتاج اليه في امر الله طعام ولا غيره. كان محسنا اليه احسانا ان نحضى وان كان محتاجا الى غير هذا الشخص فكيف بمن هو سبحانه لا يحتاج الى احد بوجه من الوجوه ثم انه من كمال احسانه الى عباده بين ان من لم يطعم اولياءه ولم يعدهم فهو كمن لم يطعمه ولم يعد كما في الحديث الصحيح يقول الله تعالى عبدي مرضت فلم تعدني فيقول ربي كيف اعودك وانت رب العالمين فيقول اما علمت ان عبدي فلانا مرض فلو عدته لوجدتني عنده. عبدي جئت فلم تطعمني فيقول ربي كيف اطعمك وانت رب العالمين. فيقول وما علمت ان عبدي فلانا جاء فلو اطعمته ولا وجدت ذلك عندي. فقال لوجدت ذلك عندي. ولم يقل لوجدتني قد اكلته. وقال لوجدتني عند ولم يوجدني اياه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الوجه الثالث من وجوه ترجيح قراءة الضم. وحاصل ما ذكره من بيان ان نفي الاكل والشرب المذكور في قراءة الفتح لا يطعم لا يظهر فيه كمال فان الجامدات مثلا لا تأكل ولا تشرب. ولا يقتضي هذا كمالها وانما الكمال في كونه سبحانه وتعالى يطعم خلقه وهم لا يطعمون فهو محسن اليهم غير مفتقر عز وجل الى اطعامهم بهذا الكمال خصيصة له لا توجد في قراءة الفتح يطعم فان قراءة الفتح لا تتجاوز نفي الاكل عنه سبحانه وتعالى ونفي الاكل ليس ممدوحا لذاته فان من الناقصات من لا يأكل كالجامدات من الصخور وغيرها فانها لا تأكل ولكن المعنى الذي يظهر فيه كمال لله سبحانه وتعالى هو ما تساعد عليه قراءة الضم في تحقيق استغنائه سبحانه وتعالى عن الخلق وافتقار الخلق اليه فيما تقوم به احوالهم نعم الوجه الرابع ان يقال قوله وهو يطعم يتناول اطعام الاجساد ما تأكل وتشرب واطعام القلوب والارواح ما به وتتقوت به من العلم والايمان والمعرفة والذكر وانواع ذلك. مما هو قوت للقلوب فانه هو الذي يقيت القلوب بهذه الاغذية وهو في نفسه عالم لم يعلمه احد هاد لم يهديه احد. متصف بجميع صفات الكمال قيوم لا يزول. ولا يعطيه غيره شيئا من ذلك. فاذا قال وهو يطعم ولا يطعم. تناول قسمين واذا قيل لا يطعم لم يكن المراد الا الاكل والشرب لم يكن المراد ذكره وعلمه وهدايته. وحينئذ قوله وهو يطعم لا يتناول الا مأكول الجسد ومشروبه. ومعلوم ان ذلك ان ذاك اشرف قسمين فالقراءة التي تتناول القسمين اكمل من القراءة التي لا تتناول الا احدهما. بيان ذلك ما يصلح ما في الصحاح من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن الوصال قالوا انك تواصل قال اني لست كاحدكم اني ابيت ورؤي اظل عند ربي يطعمني ويسقيني. واظهر القولين عند العلماء ان مرادهما يطعمه في باطنه من غير ان يكون اكلا وشربا في الفم لوجهين. احدهما انه لو كان يطعمه ويسقيه من فمه لم يكن فان المواصل هو من لا يأكل ولا يشرب ولو قدر انه اوتي بطعام من الجنة فاكله لكان اكلا نواصل الثاني انه روي اني اظل عند ربي وهذا يتناول النهار والاكل في النهار حرام مفطر وكان ولو كان من طعام الجنة فتبين انه سمى ما يرزقه ويقيت قلبه ويغذيه طعاما واسقاء وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالطعم والذوق والوجد والحلاوة ما في القلوب من الايمان. فقال في الحديث في الصحيح الذي رواه مسلم عن العباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذاك طعم الايمان لمن رضي بالله ربا وبالاسلام ديننا وبمحمد نبيا. فهذا ذائق طعم الايمان وهو ذوق بباطن قلبك يظهر اثره الى سائر بدنه ليس هو ذوقا لشيء يدخل من الفم. وان كان ذوقا لشيء يدخل من الاذن. ولهذا البهائم تسمن من اقواتها والادمي يسمع من اذنه. وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان. من كان الله ورسوله احب اليه مما سواهما. ومن كان يحب المرء لا يحبه الا لله. ومن كان يكره ان يرجع في الكفر بعده اذا انقذه الله منه كما يكره ان يلقاه في النار. فاخبر ان من كانت فيه هذه الثلاث وجد حلاوة الايمان. والحلاوة ضد المرارة وكلاهما من انواع الطعون. فبين ان انسان يجد بقلبه حلاوة الايمان ويذوق طعم الايمان. والله سبحانه هو الذي يذيقه طعم الايمان وهو الذي يجعله واجدا لهذه الحلاوة. فالمؤمنون يذوقون هذا الطعم ويجدون هذا الوجد. وفي ذلك من اللذة من اللذة والسرور والبهجة ما هو اعظم من لذة اكل البدن وشربه. والرب تعالى له كمال الذي لا يقدر العباد القدرة في انواع علمه وحكمته ومحبته وفرحه وبهجته وغير ذلك مما اخبرت به النصوص النبوية دلت عليه الدلائل الالهية كما هو مبسوط في غير هذا الموضع وهو في كل ذلك غني عن كل ما سواه فهو الذي يجعل في قلوب العباد من انواع الاغذية والاقوات والمسار والفرح والبهجة ما لا يجعله غيره وهو اذا فرع فرح بتوبة التائب فهو الذي جعله تائبا حتى فرح بتوبته. لم يحتج في ذلك الى احد سواه المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الوجه الرابع وبسط القول فيه فيما يستقبل وحاصل ما قصده رحمه الله تعالى الاعلام بان النفي قوله عز وجل ولا يطعم ينتظم فيه نفي الاطعام الحسي والاطعام عنوي فان الطعام يراد به تارة ما تقتات به الابدان من اكل وشرب به تارة اخرى ما تقتات به الارواح من علم وهداية وقدرة وغير ذلك فاذا قيل في القراءة ولا يطعم كان المنفي فقط هو الاطعام الحسي المتعلق بالاكل والشرب واذا قيل ولا يطعم صار نفيا عاما فهو لا يطعم مما يتعلق بالحسيات ولا يطعم مما يتعلق بالمعنويات. فهو لا يفتقر سبحانه وتعالى الى اكل وشرب ولا يفتقر عز وجل الى علم وهداية وقدرة وقوة وما كان من القراءتين دالا على المعنى الاعم كان هو الاولى بالتقديم. فتقديم قراءة الضم حينئذ اولى من قراءة الفتح لقصور قراءة الفتح على معنى واحد وهو نفي الاكل والشرب واما قراءة الضم فانها تنفي هذا وتزيد عليه فتنفي الافتقار في المعنويات كالعلم والهداية والقدرة والقوة فالله عز وجل مستغن عن الخلق في هذا وهذا. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى في طرف ها هنا وسيفيض فيما مستقبل ان الاحتياج المعنوي من جنس الطعوم بل هو اعظمها فحاجة الانسان في هدايته وعلمه وبصيرته وقوته اعظم من حاجته الى اكله وشربه. وهذا المعنى في ملاحظة ما تقوم به الارواح معنى موجود في الشريعة مبين بطرائق عدة منها كما ذكر المصنف رحمه الله وتعالى ما في حكاية وصاله صلى الله عليه وسلم وتعلله بقوله اني ابيت يطعمني ربي ويسقين وفي لفظ اني اظل يطعمني ربي ويسقين. واظهر القولين ان الاطعام ها هنا يتعلقان بالباطن. اي بالروح. فليس مراده فليس المراد به الاكل والشرب بل المراد به انواع المعارف والعبوديات التي يستغرق فيها النبي صلى الله الله عليه وسلم وتجري عليه فيستغني بها صلوات الله وسلامه عليه عن مأكل ومشرب ولو قدر غير هذا المعنى وقيل بل المراد الاكل والشرب انتقض ذلك من وجهين احدهما انه لو كان يطعم ويسقى من فمه باكل وشرب لم يكن صلى الله عليه وسلم حينئذ مواصلا والاخر ان في بعض الفاظ الحديث اني اضل يطعمني ربي ويسقين واضل تتناول وقت النهار ووقت الليل بخلاف لفظ البيتوتة فان لفظ الميتوتة في اشهر قولي العلماء يقتصر على الليل ومنهم من يحمله على معنى الصيرورة فيقدر معنى اني ابيت يعني اني اصير. فيكون شاملا لليل والنهار لكن المختار ان البيتوتة حيثما تصرفت في القرآن والسنة لا يراد بها الا ما تعلق بالليل. فتكون حينئذ الرواية اضل يطعمها ربي ويسقين شاملة لليل والنهار. ومعلوم ان الاكل والشرب في النهار حرام مفطر فتبين ان المقصود ها هنا هو ما يرزقه صلى الله عليه وسلم من المعارف والمدارك التي يحصل بها استغناؤه عن الطعام والشراب. ومما ينبه ليه؟ ان المصنف رحمه الله تعالى في جماعة اخرين عزوا هذه اللفظة الى الصحاح بلفظ عند ربي. وهذا اللفظ ليس مويا في الصحاح ولا محفوظا. ولكن المحفوظ اني ابيت يطعمني ربي ويسقيني واللفظ الاخراني اظل يطعمني ربي ويسقيني. اما ذكر العندية عند ربي قد رويت في طرق لا تثبت وعزو المخرج في الحاشية الى الصحيحين باعتبار المعنى العام دون تدقيق في اللفظ. فان في معنى العندية اشكالا ومن جهة الرواية فان عند ربي ليس محفوظا في هذا الحديث ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ما يدل على وجود هذه المعارف القلبية بالطعم والذوق والوجد والحلاوة كقوله صلى الله عليه وسلم ذاق طعم الايمان وقوله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان. وهذه الطعوم والاذواق والمواجيد هي مما يتعلق بحظ القلب. نعم والتعبير بلفظ القوت والطعام والشراب ونحو ذلك عما يقيت القلوب ويغذيها كثير جدا. كما قال بعضهم اطعمه طعام المعرفة وسقاهم شراب المحبة. وقال اخر لها احاديث من ذكراك يشغلها. عن الشراب ويغنيها عن وكثيرا ما توصف القلوب بالعطش والجوع وتوصف بالريه والشبع. وفي الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم ما قال رأيتك اني اوتيت قدح فشربت حتى اني لارى الري يخرج من اظفاري ثم ناولت فضلي عمر. قالوا فما اولته يا رسول الله؟ قال العلم فجعل العلم بمنزلة الشراب الذي يشرب بالصحيحين عن ابي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث اصاب ارضا فكانت منى طائفة الماء فانبت تلكأ والعشب الكثير. فكانت منى طائفة امسكت الماء فشرب الناس وسقوا وزرعوا وكانت من طائفة انما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعد الله به من الهدى والعلم. ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي ارسلت به. فقد بين ان فلما بعثه الله به من الهدى والعلم مثل الغيث الذي تشربه الارض فتخرج فنون الثمرات وتمسك ارض لتنتفع لتنتفع به الناس وارض ثالثة. لا تنتفع بشربه ولا تمسكه لغيرها. فتبين ان القلوب وتشرب ما ينزله الله من الايمان والقرآن وذلك شراب لها. كما ان المطر شراب للارض والارض تعطش كذلك القلب يعطش الى ما ينزله الله ويروى به. وهو سبحانه الذي يطعمه هذا الشراب وهو سبحانه لا احد شيئا بل هو الذي يعلم ولا يتعلم من غيره شيئا. وفي مناجاة داوود اني ظمئت ذكرك كما تظمأ الابل الى الماء او نحو هذا ببعد الابل عن الماء وشدة عطشها اليه. وفي مراسلة يحيى بن معاذ لابي يزيد. لما ذكر ان من الناس من شرب براري. قال ابو يزيد قوله ها هنا لما ذكر ان من الناس من شرب براري كان ناشر هذه النسخة لم يتبين له قراءة هذا الحرف ادمجه ولا يتضح معناه. والذي في حلية الاولياء والذي في الرسالة قشيرية وحلية الاولياء او غيرهما ان يحيى ابن معاذ ذكر لابي اليزيد فقال سكرت من كثرة ما شربت من كاس سكرت من كثرة ما شربت من كأس محبته عوضا لما ذكر ان من الناس من شرب براري. فقال ابو اليزيد لكن اخر قد سقوه الى اخره. نعم احسن الله اليكم. قال ابو يزيد لكن اخر قد سقوه بحور السماوات والارض وقد ادلع لسانه من العطش يقول هل من من مزيد او ما يشبه هذا. وقد قال القائل شربت الحب كأسا بعد كأس فما فني الشراب وما رويت ويقال فلان ريان من العلم ريان من العلم ويقال هذا الكلام يشفي العليل ويروي الغليل. وهذا الكلام لا يشفي العليل ولا يروي الغنيم وفي حديث مكحول المرسل من اخلص لله اربعين يوما تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فقال ابن مسعود رضي الله عنه لاصحابه كونوا ينابيع العلم مصابيح الحكمة احلاس البيوت سرج القلوب اخلاق الثياب. تعرفون في السماء وتخفون على اهل الارض. وقد شبه حياة القلوب بعد موتها بحياة الارض بعد موتها. وذلك بما ينزله عليها فيسقيها وتحيا به. وشبه ما انزله على القلوب بالماء الذي ينزله على الارض وجعل القلوب كالاودية واديا كبيرا يسع ماء كثيرا وواديا صغيرا ماء قليلا كما قال فسالت اودية وبين انه يحتمل السيل زبدا رابيا. وان هذا مثل ضربه الله للحق والباطل اما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض كذلك يضرب الله الامثال. فالارض تشرب ما ينفع وتحفظه. كذلك القلوب تشرب ما ينفع وتحفظه. كما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثله ومثل ما بعثه الله به من الهدى والعلم كغيث اصاب ارضا. فبعض الارض الماء فشربته فانبتت الكلعة والعشب الكثير. فبعض الارض حفظته لمن يسقي ويزرع. وبعض الارض قيل قالوا لا تمسكوا ماء ولا تنبت كلأ. ثم قال فذلك مثل ان فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به من الهدى والعلم. ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي ارسلت به. فجعل قبول القلوب شربها فجعل قبول القلوب بشربها وامساكها والاول اعلى وهو حال من علم وعمل والثاني حال من من حفظ العلم لمن انتفع به. ولهذا قال فكانت منها طائفة قبلت الماء فانبتت الكلام والعشب الكثير وكانت منها طائفة امسكت الماء فشرب الناس وسقوا وزرعوا. فالماء اثر في الاولى واختلط حتى اخرجت الكلأ والعشب الكثير وكالثانية لم تشربه لكن امسكته لغيرها حتى شرب ذلك الغيظ وهذه حال من يحفظ العلم ويؤديه الى من ينتفع به. كما في حديث حسن وبعضهم يجعله من قال العلم علمان علم في القلب وعلم على اللسان. فعلم القلب هو العلم النافع وعلم اللسان حجة على عباده وبعض الناس قال ان الاول مثل الفقهاء والثاني مثل المحدثين. والتحقيق وان سماهم فقهاء اذا كان مقصودهم انما هو فهم الحديث وحفظ معناه وبيان ما يدل عليه. وبيان ما يدل عليه بخلاف المحدث الذي يحفظ حروفه فقط. فالنوعان مثل الممسك الحافظ المؤدي لغيره حتى به لكن الاول فهم من مقصود الرسول ما لم يفهمه الثاني. وكذلك القرآن. اذا كان هذا احفظ حروفه وهذا يفهم تفسيره وكلاهما قد وعاه وحفظه واداه الى غيره. فهما من القسم الثاني وانما القسم القسم الاول من شرب قلبه معناه فاثر في قلبه كما اثر الماء في الارض الذي شربته فحصل له به من ذوق طعم الايمان وواجد حلاوته. وذوق محبة الله وخشيته. فحصل له فحصل له به من ذوق طعم الايمان ووجد حلاوته ومحبة الله وخشيته والتوكل عليه والاخلاص له. وغير ذلك من حقائق الايمان الذي يقتضيها الكلام فهؤلاء كالطائفة التي قبلت الماء فانبتت الكلى والعشب الكثير. ولابد ان يظهر ذلك على جوارحهم كما يظهر الكلأ والعشب. قال الحسن البصري ليس الايمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما في القلب وصدقه العمل. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الا ان في الجسد اذا صلحت صلح لها سائر الجسد. واذا فسدت فسد لها سائر الجسد الا وهي القلب. وهذا من في مواضع مثل كتاب الايمان وشرح احاديثه واياته وغير ذلك. والسلف كانوا يجعلون الفقيه لهذا والمتكلم بالعلم بدون هذا يسمونه خطيبا. كما قال ابن مسعود انكم في زمن كثير من فقهاؤه قليل خطباؤه كثير ملقوه قليل سائله. وسيأتي عليكم زمان كثير الخطباء الفقهاء كثير سائلوه قليل معطوه. وفي حديث زياد ابن نبيد الانصاري رضي الله عنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا او ان يرفع العلم. فقال له زياد كيف يرفع العلم وقد قرأنا القرآن والله لنقرأنه ولنقرأنه ابنائنا ونساءنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان كنت لا احسبك من افقه اهل المدينة؟ اوليست التوراة والانجيل عند اليهود والنصارى؟ فماذا يغني عنهم وقد قال الله تعالى اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة. وان تصبهم سنة يقول هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك. قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا. وقال تعالى ولله خزائن السماوات والارض ولكن المنافقين لا يفقهون. وقال تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثير من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها. الاية وفي الحديث خصلتان لا تكونان في منافق حسن سمت ولافقهم في الدين. فان حسن السمت صلاح الظاهر الذي يكون عن صلاح القلب والفقه في الدين تضمنوا معرفة الدين ومحبته وذلك ينافي النفاق. وقال الكفار لشعيب يا شعيب ما نفقه كثير مع ان شعيبا خطيب الانبياء وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه انه قال الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام اذا فقهوا. وهذا انما يكون دعم القلب للحق واتباعه له. وفي الصحيحين عن ابي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل طعمها طيب وريحها طيب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل طعمها طيب ولا ريح لها. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها امر ومثل منافق الذين يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها. فهذا قارئ القرآن يسمعه الناس وينتفعون به وهو منافق. وقد يكون مع ذلك عالما بتفسيره واعرابه واسباب اذ لا فرق بين حفظه لحروفه وحفظه لمعانيه. لكن فهم المعنى اقرب الى ان ينتفع الرجل به فيؤمن به ويحبه ويعمل به ولكن قد يكون في القلب موانع من اتباع الاهواء والحسد والحرص والاستكبار التي تصب القلب عن اتباع الحق. قال تعالى لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون. فهؤلاء لا خير في يقبلون الحق به اذا فهموا القرآن فهو سبحانه لا يفهمهم اياه. ولو علم فيهم خيرا لافهمهم اياه. ولما لم يكون فيهم خير فلو افهمهم اياه لتولوا وهم معرضون. فيحصل لهم نوع من الفهم الذي يعرفون به الحق لكن ليس في قلوبهم قصد للخير والحق وطلب له. فلا يعملون بعلمهم ولا يتبعون الحق. فقد بسط الكلام وعلى هذا في مواضع وبين ان مثل هذا العلم والفهم الذي لا يقترن به العمل بموجب لا يقترن العمل بموجبه لا يكون تاما ولو كان تاما لاستلزم العمل فان التصور التام للمحبوب يستلزم الى يستلزم حبه قطعا والتصور التام للمخوف يوجب خوفه قطعا. فحيث حصل نوع من التصور ولم تحصل والخوف لم يكن التصور تاما. قال بعض السلف من عرف الله احبه. ولهذا قال السلف كل من عصى طه فهو جاهل وقال ابن مسعود وغيره كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا وقيل ايها العالم فقال انما العالم من يخشى الله وهذا مبسوط في مواضع ولهذا قال هدى للمتقين وقال لينذر من كان حيا. وقال سيذكر من يخشى. الى امثال ذلك. ولهذا الرسول يجعل الرسول نفس الفقه موجبا للسعادة كما يجعل عدمه موجبا للشقاء. ففي الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم قال الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام اذا فجعل مسمى الفقه موجبا لكونهم خيارا. وذلك يقتضين العمل داخل في مسمى الفقه لازم وفي الصحيحين انه قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فمن لم يفقهه في الدين لم يرد به فلا يكون من اهل السعادة الا من فقهه في الدين. والدين يتناول كل ما جاء به الرسول كما في الصحيحين ما جاء جبريل في صورة اعرابي وسأله عن الاسلام والايمان والاحسان فقال هذا جبريل جاءكم دينكم فاجعل هذا كله دين. بعد ان بين المصنف رحمه الله تعالى ان مما يندرج في افتقار القلب الى العلم والهداية. والقدرة والقوة من الدلائل مس اثر ذلك مس اثر ذلك بالذوق والوجه وغيرهما ابانا رحمه الله تعالى ان ملاحظة هذا المعنى ينشأ المعرفة عطش القلوب وجوعها وليها وشبعها. فكما ان الابدان تجوع وتعطش اذا فقدت الاكل والشراب فكذلك القلوب تجوع وتعطش اذا فقدت المعارف التي تتغذى بها والانوار التي تهديها. وذكر رحمه الله تعالى من اوصي ما يدل على وصف القلوب بالعطش والجوع ووصفها بالري والشبع كما في حديث الصحيحين رأيت كأني اوتيت بقدح وفي اخره قال فما اولته يا رسول الله؟ قال العلم. فجعل العلم بمنزلة الشراب الذي يشرب وهذا شراب القلب. ثم ذكر حديث ابي موسى الاشعري في الصحيحين ان مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم. الحديث وفيه تقسيم الخلق الى طوائف ثلاث اولها ما كان من جنس الطائفة التي قبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير والثانية ما كانت من جنس الطائفة التي امسكت الماء. لكنها لم تنبت عشبا عشبا. والثالثة الطائفة التي لم تمسك ماء ولم تنبت عشبا وهذا هو حال القلوب فيما تشربه مما انزله الله عز وجل من الايمان والعلم والقرآن فمنها من ارتوى وانبت ومن من امسك ماء ومنها من لم يمسك شيئا من العلم والقرآن والايمان. ثم ذكر رحمه الله تعالى انه يقال في اوصاف الخلق لملاحظة هذا المعنى فلان ريان من العلم وهذا الكلام يشفي العليل ويروي وهذا الكلام لا يشفي العليل ولا يروي الغليل. ومن هذا الجنس قول ابي الفتح البستي في عنوان الحكم يا ايها العالم المرضي سيرته ابشر فانت بغير الماء ريان. وليه انما هو بالعلم ثم ذكر احاديث في هذا المعنى. ثم افاض رحمه الله تعالى في بيان معنى جليل مذكور في حديث ابي موسى في نعت الطائفة التي امسكت الماء وقبليته فانبتت الكلأ والعشب الكثير فبين ان المراد بهذه الطائفة هي الطائفة التي جمعت بين العلم والعمل وليس المراد بذلك الطائفة التي فهمت معاني المنزل من القرآن والسنة كما جنح الى ذلك تلميذه ابن القيم في الوابل الصيب. فان ابن القيم جعل الطائفة التي امسكت وانبتت من فهم معاني المنزل قال وهم الفقهاء وجعل الطائفة التي تليها التي امسكت ها؟ قال من اعتنى بنقل الالفاظ من القراء والمحدثين؟ والتحقيق هو ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى ها هنا هو ان الطائفة الاولى التي قبلت الماء فانبت الكلى والعشق الكثير انها الطائفة التي وعد معاني المنزل وعملت به فجمعت بين العلم والعمل. فان الانسان لا بمجرد العلم وانما يمدح اذا ضم اليه العمل. ولم يكن السلف الله تعالى يطلقون اسم الفقيه الا بهذا المعنى وليس عندهم الفقه الا العلم والعمل وقد نقل ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة اجماع السلف على ان الفقه ما جمع بين العلم والعمل انتهى كلامه فاذا خلا مدرك الخطاب الشرعي من عمل لم يكن فقيها. وانما يكون عالما. والسلف رحمهم الله تعالى يسمونه خطيبا. فان الخطيب عندهم هو المتكلم بالعلم مع عريه من العمل كما قال ابن مسعود انكم في زمن كثير فقهاء او قليل خطباؤه فالفقهاء هم الجامعون بين فضيلة العلم والعمل. وهذا هو معنى الفقه في الكتاب والسنة. فليس معنى الفقه هو فهم خطاب الشرع. بل الفقه في الكتاب والسنة كما سلف بيانه هو ادراك خطاب الشرع مع العمل به. فاذا ذكر اسم الفقه او الفقيه او مدح فانما يراد ما انتظم فيه من علم وعمل. كقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فان معنى يفقهه بالدين يجمع له بين العلم بالدين والعمل به وليس المراد يعلمه الدين. فان هذا معنى قاصر لا يتناوله اسم الفقه كما يدل عليه تصرف اللفظ في الكتاب والسنة. ولذلك لما نفى الله عز وجل الفقه عن قوم كما قال لا يكادون يفقهون حديثا وقالوا ولكن لا يفقهون ليس المراد به لا يدركون مراد الشرع بل المقصود لا يمتثلون خطاب الشرع بالعمل بعد العلم. كما قال الكفار بشعيب يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول. ليس المعنى لا نفهم كثيرا مما تقول بل المقصود لا تحتمل نفوسهم الجمع بين والعمل به لان شعيبا كان فصيحا مبينا. وروي في احاديث انه خطيب الانبياء اولا تستو من ضعف لكن وصفه بهذا مشهور في لسان السلف كما ثبت عن هذا عن مالك وسفيان الثوري انهما عداه خطيبا الانبياء. ومثل هذا المعنى ما ذكر في نعت القراء حديث ابي موسى الاشعري ايضا في الصحيحين مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن الى اخره. فالقارئ الممدوح هو القارئ الذي جمع مع حفظ حروفه وفهم معانيه العمل به. واما مجرد حفظ واما مجرد حفظ المباني وادراك المعاني وادراك المعاني دون عمل بها فانه لا يمدح. وهذا المعنى كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية معنى مبسوط في تآليفه رحمه الله تعالى وهو وشائع في كلام السلف كما قال قال بعض السلف من عرف الله احبه ومعنى احبه يعني امتثل بالعمل فان من يدعي انه محب دون عمل كاذب في دعواه. فان المحبة تحتاج الى برهان وبرهانها العمل وقال جماعة من السلف كابي العالية وغيره كل من عصى الله فهو جاهل ونقل شيخ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في اغاثة اللافان الاجماع على هذا. ان كل من عصى الله فهو جاهل وليس بالجهل هنا عدم الادراك. ولكن الجهل هنا عدم الامتثال. فان الجهل يطلق على معنيين اثنين ان احدهما عدم العلم. والاخر عدم امتثال العلم. والثاني هو المراد في قول من قال من السلف كل من عصى الله فهو جاهل يعني غير ممتثل للعلم. وذكر قول ابن في هذا المعنى كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا. لان الخشية تشتمل على عمل وما كان كذلك فهو العلم الصحيح. ولما قيل للشعبي ايها العالم فقال انما العالم من يخشى الله اي الذي مع علمه عملا. وقيل للشعبية فقيه فقال ثكلتك امك وهل رأيت كفقيها قط والمعنى الازراء على نفسه لان اسم الفقيه لا بد ان يشتمل لا بد ان يشتمل على علم واذا اريد تخصيصه بذلك دون بقية الخلق لزمه ان يكون ذا عمل كثير. فالفقه ما جمع مع علما وعملا. نعم. والمقصود هنا كان الكلام في ان الله يطعم القلوب ويسقيها. وقد قال الله تعالى في حق عباد العجل واشربوا في قلوبهم العجل. اي اشربوا حبهم ما كان المخلوق الذي لا تجوز به محبته قد يحبه القلب حبا يجعل ذلك شرابا للقلب. فحب الرب تعالى ان يكون شرابا يشربه قلوب يشربه قلوب المؤمنين او لا واحرى. قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اذا كان المخلوق الذي لا تجوز له محبته به ما يظهر معناه. اذا كان الفضل الذي لا تجوز له محبة احسن الله اليكم فاذا كان المخلوق الذي لا تجوز له محبته قد يحبه القلب حبا يجعل ذلك شرابا للقلب فحب الرب تعالى ان يكون شرابا يشربه قلوب المؤمنين او لا واحرى. قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله يحبونهم كحب الله والذين امنوا هو اشد حبا لله. ووصف الشعراء وغيرهم ان القلوب تشرب محبة فضربهم المثل في ذلك بالشراب الطاهر وان شرب المحبة اعلى الشرابين كثير جدا وهو سبحانه الذي عباده المؤمنين ويسقيهم شراب معرفته ومحبته والايمان به. وهو غني عن جميع خلقه في معرفة ومحبته وايمانه اذ كان من اسمائه المؤمن وفي توحيده وشهادته وسائر شؤونه سبحانه وتعالى اما يقول الظالمون علوا كبيرا واهل الشرك الذين يعبدون غير الله ومن ضاهاهم من اهل البدع الذين اخذوا من دون الله اوثانا يحبونهم كحب الله لهم شراب من محبتهم وذوق ووجد. لكن ذلك من عبادة الشيطان لا من عبادة الرحمن فلهذا وقعت باطلا فان البدن كما يتغذى بالطيب والخبيث كذلك القلوب تتغذى بالكلم الطيب والعمل الصالح. وتتغذى بالكلم الخبيث والعمل الفاسد. ولها صحة مرض واذا مرضت اشتهت ما يضرها وكرهت ما ينفعها. فقد ضرب الله مثل الايمان الذي هو كلمة طيبة بشجرة طيبة ومثل الشرك الذي هو كلمة خبيثة بشجرة خبيثة فهذا اصله كلمة طيبة في قلبه وهي كلمة التوحيد. وهذا اصله كلمة خبيثة في قلبه وهي كلمة الشرك. فهذا يتغذى بهذا الكلمة الطيبة وهذا يتغذى بهذه الكلمة الخبيثة. كما تتغذى الابدان بالطيب والخبيث. قال تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. فقد امر الله المؤمنين بما امر به المرسلين قال يا ايها الذين امنوا كلوا منوا طيبات ما رزقناكم. فالتوحيد والايمان كلمة مثلها مثل الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء. والشرك والكفر كلمة خبيثة جثث من فوق الارض ما لها من قرار ليس لها اصل راسخ ولا فرع باسق. ولهذا كان اهل الشرك والضلال لهم اجيد واذواق واعمال بحسب ذلك. لكنها باطلة لا تنفع. اذ هم في جهل بسيط يعملون بهواهم بلا اعتقاد ونظر او في جهل مركب يحسبون انهم على هدى وهم على ضلال. والمؤمنون يعملون علم وهدى من الله. ولهذا قال تعالى الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاة الاية الى قوله نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله هنا مثال للناس والله بكل شيء عليم. ثم قال في بيوت اذن الله ان ترفع يذكر فيها اسمه الى اخر الاية ثم ضرب للكفار مثلين للجهل المركب والبسيط فقال والذين لكفروا اعمالهم كسراب يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه ولم يجده شيئا. الاية فهذا مثل الجهل المركب وهو الاعتقادات الفاسدة. ثم قال او ظلمات في بحر لجي غشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات وبعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها. وهذا مثل الجهل البسيط. وهذا بين المصنف الله تعالى ان الله يطعم القلوب ويسقيها بما تذوق وتجد وتلتذ به من المعارف والعلوم وانواع الهداية والبصيرة بين ان اجل الطعام والسقيا الاشراب والمراد باشراب القلب الشيء ان ان يلتصق به التصاقا لا ينفك عنه كما قال جماعة من المفسرين انه بمنزلة الثوب الصبيغ. اي الثوب الذي صبغ صبغ من الاصباغ فلزمه ذلك الصبغ ولم ينفك عنه. فاعظم سقي القلوب واطعامها ان تكون مشربة فان كان اشرابها بما ينفعها كان ذلك سر حياتها وسعادتها. وان اشربت ما حرمه الله عز وجل من الشرك والبدعة. كان ذلك عنوان مرضها وبريد موتها. ومما يدخل في هذا المعنى قوله تعالى واشرب في قلوبهم العجل ومنه ايضا ما في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تعرض الفتن على القلوب عودا عودا فاي قلب اشربها نكث فيه نكتة سوداء الحديد فان الاشراب ها هنا يشير الى الاستغراق والاتصال الكلي الذي لا ينفك به الشيء عن الشيء وما كان من هذه المشربات نافعا كان قوة للقلب وما كان كان ضعفا له. ولهذا يوجد عند اهل الهداية والفضل من الاذواق والمواجيد ما ينتفعون به كما يوجد عند اهل الشرك والضلال من الاذواق والمواجيد ما يزيد ظلمة الى ظلمتهم وغبا الى غمهم. واعظم ما به حياة القلب اذا اشرب اذا اشربه القلب هو توحيد الله سبحانه وتعالى. كما ان اعظم موته اذا اشرب هو الشرك بالله سبحانه وتعالى كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى. نعم طعام الضلال يذكرون المحبة وشراب الحب ونحو ذلك وكثيرا ما يمثلون ذلك بشراب الخمر دون غيرها من الاشربة ويذكرون اوعية الخمر كالدن والكأس ونحو ذلك ومواضعها كالحان او دير الرهبان. والخمر توجب الغي ولما على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج اللبن والخمر اخذ اللبن. فقيل له اصبت الفطرة لو اخذت امر لغرت امتك وكلما كان القوم اعظم عمة وضلالا مثلوا بما هو اقبح من شرب الخمر. فان شربها وان كان قبيحا فهو في الحانات مواضع الفحش اقبح. وفي مواضع الكفر كديور الرهبان اقبح واقبح. ويذكرون ومن شراب المحبة كالسكر الذي يعتري من شرب الخمر كقول بعضهم شربنا على ذكر الحبيب مدامة سكرنا بها من قبل ان يخلق الكرم. وهذا الحب والشرب من عبادة الشيطان لا من عبادة الرحمن. والتشبيه بالخمر يبين ان ذلك من عبادة الشيطان الذي قال الله فيه انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة. فهل انتم منتهون؟ وذلك من وجهين احدهما ان شرب الخمر محرم فحب الله ورسوله ورسوله وشرب وشرب القلوب لهذا الحب. لا يكون الخمر وانما يكون كشرب الخمر شرب الحب الذي لا يحبه الله ورسوله كحب المشركين اتخذوا من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله. الثاني ان شرب الخمر يوجب السكر وزوال العقل فهو والسكر بالحب واتباع اتباعنا واحال الكفر كقوم لوط الذين قال الله فيهم لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون. وقد قيل سكران سكر هوا وسكر مدامة ومتى افاقة من به سكران ومحبة المؤمنين لله ورسوله لا تستلزم زوال العقل بل هم اكمل الناس عقلا. وانما يوجب متابعة الرسول كما قال قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله. فالمحب ومن الله اذا اتبعوا الرسول احبهم الله واتباع الرسول فعل ما امر به وترك ما نهى عنه. وهو لم يأمر بما يزيل العقل قط لا باطنا ولا ظاهرا. فلم يأمر باكل شيء مما يغير العقل سواء كان معه سكر كالخمر او لم يكن كالبنج بل نهى عن ذلك وكذلك ما في القلوب من حب الله ورسوله وحقائق الايمان التي يحبها الله ورسوله. ليس فيما امر الله به ورسوله منها ما زوال العقل ولا الموت ولا الغش والصعق ولهذا لم يكن الصحابة افضل القرون يعتريهم شيء من هذا ولكن بعض من بعدهم ضعفت قلوبهم عن بعض ما يرد عليها من خوف او غيره. فصار فيهم من يموت اذا سمع الاية وفيهم من يغشى عليه هؤلاء معذورون مع الصدق والاجتهاد في اتباع الرسول. ويشكر الله لهم ما معهم من الايمان والخوف الذي الذي امروا به. احسن الله اليكم ويشكر الله لهم ما معهم من الايمان والخوف الذي امروا به. وهو ما يحض على فعل الواجب وترك المحرم. واما التي اوجب لهم الموت فحسب من يكون فيها معذورين لا مأجورين. كالحاكم اذا اجتهد فاصاب له وله اجران فاذا اجتهد فاخطأ فله اجر. ومن ظن ان الميت من هؤلاء بسماع اية افضل من شهداء بدر فمن ظن ان الميت من هؤلاء بسماع اية افضل من شهداء بدر واحد ونحوهما وجعل هؤلاء قتل القرآن وشهداء الرحمن واولئك ماتوا بسيوف الكفار فقد غلط غرطا عظيما فان اولئك فعلوا ما امروا به وقتلوا شهداء وهم من افضل ما خلق الله. وهؤلاء فعلوا ما لم يؤمروا به. اما تعديا للحج واما تفريطا في الحق فباتوا بهذا السبب موتا ليس في سبيل الله ولا جهاد اعدائه. ولكن ضعف قلوبهم عما ورد عليها والله تعالى ما انزل القرآن ليقتل به اولياءه ولا ليشقيهم به. بل ليهديهم وليشفيهم وينورهم فهؤلاء ضلوا الطريق ولهذا انكر حالهم من ادركهم من الصحابة مثل ابن عمر وابن الزبير واسماء بنت ابي بكر وغيرهم كما هو مبسوط في موضع اخر. تقدم في كلام المصنف رحمه الله تعالى ان لاهل الضلال مواجد واذواق يجدونها في قلوبهم كما ان لاهل الهدى والنور واذواق يجدونها في قلوبهم. وضرب رحمه الله تعالى من بعد من طرائق اهل الضلال في اذواقهم ومواجدهم القلبية ما يذكره اهل الضلال من ارباب الوحدة والاتحاد من متصوفة من امتداح شرب الخمر وجعل منزلة الله سبحانه وتعالى بمنزلة ذلك. فكان قلوبهم غمست في تلك المحبة فذهلت عقولهم كذهول شارب الخمر عن عقله ويزيدون القبح قبحا بقرنها بمعان مستقبحة كذكر اوعية الخمر او مواضع شربها وهذا من عظيم عنتهم وضلالهم. وبين المصنف رحمه الله تعالى ان هذا الحب والشرب الذي استغرقوا فيه وجعلوه بمنزلة محبة الله سبحانه وتعالى انه من عبادة الشيطان لا من عبادة الرحمن تشبيه للمحبة بشرب الخمر مذموم بوجهين. احدهما ان شرب الخمر حرام وحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم اذا اشربته القلوب لا يكونك شرب الخمر والثاني ان شرب الخمر يوجب السكر وزوال العقل. واما محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا ينشأ منها زوال العقل بل هي زيادة في العقل. وكمال في قوته فالمحبون لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم هم عقلاء الخلق وكلما وقر في القلوب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم استغرق القلب في حقائق الايمان زاد ثباتا وقوة. واما ما يعتري بعض الخلق من قبل ومن بعد. بدعوى المحبة وكمال وكمال الديانة مما يعتريه من صعق وزعق وارتجاف وبكاء عند طروء معنى من المعاني المتعلقة بحقائق الايمان فهذا من ضعف ايمانهم وعدم قوة قلوبهم. واذا كان هذا مما يغلب على الانسان فقد يكون معذورا لان المغلوب لا خيار له. اما من يفعله اختيارا فانه جاهل بحق الله بحق رسوله صلى الله عليه وسلم. واذا جعله ديانة فانه ضلال. فالذي يزعقوا او يصعقوا او يغشى عليه عند سماع القرآن او قراءته ان كان لا اختيار له فهو معذور. وان كان يطلب هو هذا الامر ويصنع في نفسه الاسباب التي توصله اليه فهو اثم بهذا الفعل واذا جعله دينا فهو ضال لان هذا ليس من الدين ومن يتوهم من الخلق ان من يعظ الناس فيبكي انه اخشع واتقى وانفع موعظة فقد غلط فلم تكن هذه احوال النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يذكر من بكائه صلى الله عليه وسلم في هذه الاحوال المتفرقة الا شيء يسير فما عليه بعض الناس من وعظ الخلق وعظا يقترن بالبكاء او الزعيق او الصعيق فهذه ليست من الاحوال الايمانية. وهم اذا كانوا مغلوبين لضعف قلوبهم فانهم معذورون بذلك وان كانوا يرون ان هذا مما يقرب الخلق الى الله عز وجل ويزين لهم الايمان ويحببه الى هذا ضلال لان هذا لم يكن هديا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة والتابعين ومن هذا الجنس ما يحصل من الخلق عند وفاة عظيم. من ظنهم ان التكالب على جنازته والقرب منها والبكاء بين يديه. والحديث عنه على المنابر. ان هذا من دلائل الايمان ومحبة المؤمنين. وكل هذا ليس من المعاني المرقوبة بالشريعة. بل هي من الامور التي مال اليها الخلق لضعف ايمانهم. اما اصحاب الايمان الراسخ فانهم يرون في هذه شرائع مبدلة واحوالا تخالف الايمان. والمؤمن القوي خير واحب الى الله من مؤمن ضعيف والقوي في مثل هذه المحال هو الذي يثبت قلبه ولهذا مدح المؤمنون هنا بثبات قلوبهم عند اقبالهم على ربهم عز وجل في احتضانهم. كما ان غيرهم ما بزوال قلبه عن محله. وكما يكون هذا عند الاحتضار يكون عند المواضع التي لا تحتملها القلوب. والمقصود الاعلام بان حقائق الايمان انما تفهم بما كان كمل الخلق من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين. فان النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لما احتضر ابن ابنته ارسل اليها يعزيها ويسليها فابت عليه الا ان يحضر. فلم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم علامة حبه ابنته وابن ابنته حضوره. بل كان علامة حبه تزكيته صلى الله عليه وسلم لها عزيته اياها ثم انه صلى الله عليه وسلم لما حضر لم يكن منه من الاحوال التي يظن الناس انها دليل وزيدي محبة من العويل والبكاء والزعيق والصريخ بل كان على الحال الكاملة صلوات الله سلامه عليه وهذا هو الفرق بين ارباب العلم المدركين له الذين انطبعت قلوبهم به وبين الواقفين على رسوم العلم. فان اكثر الخلق يجرون مع صورة العلم ورسمه. ولا يستغرقون في ادراك معانيه والوقوف مع حقائقه. وتظهر هؤلاء وهؤلاء الشدائد اذا وقعت. فيزل الناس في فتيا او في حال لقلة الايمان واصحاب الايمان الثابت لا يتغيرون ولا يتحورون ومن هذا الجنس ما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من ان بعض الناس اذا رأى او سمع ما حل بالاسلام من تكالب الاعداء عليه وانتهابهم اراضيه بكى وعول وظن ان في ذاك كمال ايمانه وليس هذا كمال الايمان بل كمال الايمان هو في السعي الى الاسباب التي يندفع بها الاعداء. من بث العلم ونشره والجهاد في سبيل الله عز وجل. ثم بين رحمه الله تعالى من غلط هؤلاء ان منهم من جعل من مات لسماع القرآن افضل ممن قتل في بدر واحد. وهكذا الجهل بالشرع ومنشأ شبهة هؤلاء انهم جعلوا هؤلاء قتل القرآن وعسكر الرحمن وان اولئك قتلوا بسيوف الكافرين قالوا وليس من قتل بايات رب العالمين كمن قتل بسيوف الكافرين. وهذا من الجهل فان الذي قتل بسيوف الكافرين كان قوي القلب وحملته قوة قلبه على ان يبذل نفسه قربة الى الله سبحانه وتعالى بتسلط عدوه عليه بسفك دمه. واما هؤلاء الذين يقتلون في اية القرآن او يصعقون او يزعقون بها فليس لهم من كمال النفوس كما لاولئك بل ضعفت قلوبهم عن حمل المعاني التي ترد عليها فاصابهم من الغش والزعق والصعق ما اصابهم وربما اربى ذلك على قلوبهم حتى ماتوا وانما حل بهم ذلك الموت لما شهدوه في انفسهم من تفريط في الحق او للحج فان المفرط على نفسه المقصرة في حق ربه اذا سمع من وعيده او وعده ما يزعج نفسه تزلزل قلبه وحينئذ ضعف عن احتمال هذا فحل به الغش او الصعق او الموت فلا يكون ذلك كمال وطريقة هؤلاء كما ذكر شيخ الاسلام مما انكرها الصحابة كابن عمر او ابن الزبير واسماء رضي الله عنهم ولم تكن هذه حال الكمل من الصحابة والتابعين واتباع التابعين. واذا اردت ان حالا او مقالا في الكمال والنقص في حقائق الايمان فانظر الى ما كان عليه الصدر الاول فان وجدت هذا من دأبهم فالزمن وان لم تجده بينهم فاتركه. فانه لا خير في حقيقة ايمانية لم يعرفها الصدر الاول رحمهم الله تعالى. نعم. اذ المقصود هنا ان الرب تعالى هو الذي يقيت عباده يغذيهم واجسادهم وهو مستغن عن عباده من كل وجه فهو بنفسه عالم قادر. وكل ما يعلمه العباد هو من تعليمه وهدايته وما يقدرون عليه فهو من اقداره. وهو سبحانه وتعالى كما قال ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء. وهو الذي خلق فسوى وقدر فهدى. واذا كان ما للعباد من علم وقدرة فمنه امتنع ان يحصل له منهم علم او قدرة فان ذلك يستلزم الدور القبلي اذ كان المعلم نقدر لغيره يمتنع ان يكون علمه وقدرته منه. وايضا فمن جعل غيره عالما قادرا كان اولى ان يكون عالما قادرا قال تعالى قل من يرزقكم من السماء والارض ام من يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من من الميت ويخرج الميت من الحي. ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا تتقون عليكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال فانا تصرفون؟ الى قوله قل هل من شركاء من يهدي الى الحق قل الله يهدي للحق افمن يهدي الى الحق احق ان اتبع امن لا يهدي الا ان يهدى. فما لكم كيف تحكمون. فقوله وفمن يهدي الى الحق احب ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى. في قراءتان مشهورتان يهدي واصله يهتدي فسكنت اليوم اظلمت سكنت التاء. التاء التي قبل الدال وليست الياء فسكنت الهاء وادمت. تاء تاء فسكنت التاء واضرمت في الدال بعد ان قلبت دال والقيت حركتها على الهاء فاكثر فاكثروا يفتحون الهاء ومنهم من يسكنها ومنهم من يختلس والقراءة الاخرى بالتخفيف يهدي ثم قيل انه فعل متعدي ان يهدي غيره. وقيل بل فعل لازم ان يهتدي. وحكوا هدى بمعنى اهتدى. وانه يستعمل ازمن ومتعديا وهذا اصح والمعنى افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهتدي بنفسه الا ان يهديه او غيره وهذا يتناول كل مخلوق. فكل مخلوق لا يهتدي الا ان يهديه الله. ففي الاية النهي عن اتباع كل مخلوق وانه لا يتبع الا الله وحده الذي يهدي الى الحق. فكل هدى في العالم وعلم فهو هذا وتعليمه ويمتنع ان يكون غيره هاديا له ومعلما. فقوله امن لا يهدي الا ان يهدى يتضمنون في اهتدائه بنفسه مطلقا. وانه لا يهتدي بحال الا ان يهديه غيره. وهذا حال جميع مخلوقات فقد بين ان هذا حق بالاتباع من هذا لانه يهدي الحق وهذا لا يهدي وذلك نهي عن عبادة ما سواه وعن استهدائه وعن طاعته لان كل معبود فهو متبوع يتبعه عابده فاذا لم يتبعه ولم يكن عابدا له ولهذا يجزون يوم القيامة بنظير اعمالهم فان الجزاء من جنس العمل كما في الصحيحة ينادي مناد ليتبع كل قوم ما كانوا يعبدون. فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر وذكر اتيان الحق في صورة غير الصورة التي يعرفون يمتحنهما ليتبعون غير ربهم وانهم يستعيذون بالله منه ويقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فاذا ربنا عرفناه فيأتيهم الله في السورة التي يعرفون فيتجلى لهم ويخرون له سجدا الا المنافقين فان ظهورهم تصير مثل قرون البقر. ثم ينطلق ويتبعونه. والحديث في ذلك طويل وهو في الصحيح من حديث ابي هريرة وابي سعيد. وفي مسلم من حديث جابر وهو ايضا معروف من حديث ابي موسى ومن حديث ابن مسعود وهو اطولها اخره والله اعلم. الحمد لله وحده. بعد ان بين المصنف رحمه الله تعالى ان ان الطعوم تشتمل على ما يتعلق بقوام الابدان وقوام الارواح. وان منها مما ما يتعلق بالقلب ما ينفعه ويمده حياة ومنها ما يضر به عاد الى تقرير ما سلف من ان الاية دالة على استغناء الله سبحانه وتعالى عن عباده وانه لا يفتقر الى هؤلاء الخلق في شيء من الامور مما يرجع الى انواع الطعوم كلها بل هم المفتقرون اليه في غذاء اجسادهم وغذاء ارواحهم. فهو سبحانه وتعالى يعلم الخلق ويجعل لهم قدرا على ادراك مطلوباتهم ولا يحتاج سبحانه وتعالى الى تعليمهم ولا تعزيزهم اياه. لتقوى قدرته على مراداته وكما ان الله سبحانه وتعالى مستغن عن الخلق في ذلك وهم مفتقرون اليه فان ذلك يقتضي كونه عز وجل الها. وهذا هو مراد الاية فان مراد الاية تقرير الالوهية عز وجل. واذا كان الله عز وجل عالما قادرا موصوفا بصفات الكمال مستغن عن خلقه لزم فحينئذ ان يكون هو المألوف الذي تلهه القلوب. ومن جملة ما يندرج في هذه الكمالات انه سبحانه وتعالى يهدي الخلق ولا يحتاج الى هدايتهم وما كان من الالهة مفتقرا الى هاد يهديه فلا يصلح ان يكون الها كما بينه المصنف في معنى الايات في سورة يونس. ومعنى قول المصنف في نعت حركاته الها قال ومنهم من يختلس الاختلاس الاتيان باكثر الحركة وقدره بعضهم بالثلثين كما ان مقابله وهو الاتيان بالحركة كاملة يسمى بالاتمام. والاتيان اكثر الحركة يسمى بالاختلاس كما ان عدم الحركة يسمى سكونا. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى ان حال جميع المخلوقات افتقارها الى هداية الله سبحانه وتعالى. وهذا منطوي في معنى الاحتياج الذي يحتاجونه. فلما كانوا محتاجين الى هدايته فمن اهتدى بهداه واخذ طاعته ان الله عز وجل يهديه في الاخرة كما ذكر في الاحاديث الصحيحة التي تكون في الموقف وفيها ان الله عز وجل يهدي مؤمنين به الى معرفته كما قال فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون اي عرفوها بما جاء في القرآن والسنة من وصف سبحانه وتعالى فيسجدون له. واما المنافقون فانهم لا يسجدون له بل تصير ظهورهم طبقا واحدا كما ثبت هذا في الصحيح واما وصف الظهور بانها مثل قرون البقر فهذا لم يثبت وان كان المعنى واحدا بل الذي في الصحيح تصير طبقا واحدا يعني لا قدرة لها على الانحناء والامتنان كقرون البقر فانها لا تنثني ولا تنحني. وبهذه الوجوه الاربعة التي ذكرها ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى يظهر تقديم قراءة الظم على قراءة الفتح وانها اكمل معنى وفي هذه الاية قراءة اخرى كلها خارج العشر اي من القراءات التي توصف بالشذوذ لكن المشكلة فيها من معاني هو ما ذكره شيخ الاسلام رحمه الله تعالى ومما يتعلق بافادات المفسرين في هذه الاية ان اهل العلم رحمهم الله تعالى تكلموا في المقتضي لذكر الاطعام دون غيره. فلماذا قال الله عز وجل وهو يطعم ولا يطعم. ومجموع ما ابداه من تكلم في هذا امران اثنان احدهما ان الاطعام اشرف الانعام. ان الاطعام اشرف الانعام ذكر معناه القرطبي والثاني لمسيس الحاجة اليه. لمسيس الحاجة اليه ذكره ابو حيان الاندلسي رحمه الله تعالى. وقبل ان نختم الدرس ننبه على امور تتعلق به احدها التحريض على اغلاق الجوالات لانها تشوش على الدرس وتقطع اقبال الانسان على مقصوده منه. وثانيها انه ليس من ادب الدرس التفرق هو البعد عن الحلقة بل الذي جاءت به السنة هو القرب من الحلقة والدخول فيها. وكلما كان الانسان فيها اقرب كان اجره اعظم لامتثاله السنة. اما التفرق اوزاعا اوزاعا وافرادا افرادا فهذا مما جاءت السنة بالنهي عنه ثالثها انبه الى انه سيتم توزيع كتاب يتضمن تعريفا بالبرنامج وهو الذي دأبنا على توزيع كل سنة فمن اخذ منه نسخة فيما مضى يترك النسخ الموجودة للاخوان الذين لم يتعرفوا على البرنامج. كما والاخوان شريط نيل المرام للعلامة ابن عثيمين وقصيدة عنوان الحكم للبستي. فاحرص على اقتناء نسختك منها. وهذه تجدونها عند الباب اذا خرجتم وكل من مر يأخذ نسخة واحدة فقط لتعم الفائدة. ورابعها انبه الى ان المسابقات الثلاث التي ستكون في البرنامج في المقروء والمسموع والمحفوظ سيكون اختبار مسابقة مسموع يوم الثلاثاء بعد العشاء ومادته شريط نيل المرام في احكام الصيام للعلامة ابن عثيمين. وسيكون اختبار مسابقة المقروء بعد درس العشاء يوم الاربعاء ومادته كتاب نتائج الافكار للسفارين وهو احد كتب البرنامج وهو في يوم الاربعاء ايضا وسيكون اختبار مسابقة محفوظ بعد درس العصر من كل يوم ومادته قصيدة عنوان الحكم لابي الفتح البستي رحمه الله تعالى. وسيجلس الاخ الذي تعرضون عليه في اخر المسجد بعد درس العصر ويقوم من شاء بالمشاركة في هذه المسابقة بعرض اثني عشر بيتا تقريبا كل يوم لينجزها في يا من اخرهن يوم الخميس. الامر الخامس يسمح بالتسجيل الصوتي لمن اراد. شرط ان يكون خاصا له. الامر السادس من لم يسبق له ان قرأ الكتاب المعرف بالبرنامج فليقرأه جيدا حتى يفهم المقصود منه فتنزاح عنه شبه عارظة. الامر السابع توجد اوراق خاصة بتسجيل الاسئلة لا تقبل الاسئلة المكتوبة بغيرها وهي موجودة على هذا العمود وهذا العمود. من كان عنده سؤال يكتبها في هذه البطاقات وهذه احداها مثلا ونجيب عليها ان شاء الله في اخر البرنامج كما درجت عليه العادة. الامر الثامن يبدأ درس الفجر بعد ساعة من الاذان. ويبدأ العصر والعشاء بعد خمس واربعين دقيقة من الاذان. وليس من سلام الامام من الاذان. وكلما تأخر الاذان تأخر البدء معه ولو تأخر دقيقة يتأخر معه دقيقة. اما درس الظهر والمغرب فيكون بعد الصلاة مباشرة لضيق الوقت والله واعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين