السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا هو الدرس العاشر من برنامج الدرس الواحد الثامن. والكتاب المقروء فيه هو اعلان الاعلام للعلامة منصور البوتي. وقبل الشروع في اقراءه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف. وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ علامة الفقيه منصور بن يونس بن صلاح الدين. البغوتي الحنبلي. يقنى بابي السعادات ويعرف بالشارح بولعه بشرح متون الحنابلة كزاد تقنع والاقناع ومنتهى الارادات. المقصد الثاني تاريخ مولده ولد على رأس الالف الاولى المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي الله يوم الجمعة العاشر من ربيع الثاني سنة احدى وخمسين بعد الالف وله من العمر احدى وخمسين سنة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا. المقصد الاول تحقيق عنوانه اثبت على اضطرت الكتاب في نسخته الخطية اسمه الذي طبع به وهو اعلام الاعلام بقتال من انتهك حرمة البيت الحرام. المقصد الثاني بيان موضوعه اشتمل هذا الكتاب على ايضاح حكم من انتهك حرمة البيت الحرام وقتاله فيه لواقعة وقعت في حياة المصنف سنة احدى واربعين بعد الالف تسمى بوقعة الجلالية. حيث بغى بعض عسكر الترك الذين تمردوا على حاكم اليمن ثم استمالهم احد اشراف مكة ويقال له نامي ابن عبدالمطلب فادخلهم مكة رغبة في مدافعة رجل اخر من اشرافها على ولايتها فاوقعوا في مكة واهلها قتلا وسلبا واختل حبل الامن فيها صار امر اهلها فرطا. المقصد الثالث توضيح منهجه رتب المصنف رحمه الله تعالى كتابه في مقدمة وبابين وخاتمة. وجعل كل باب سلوكا في نسق اربعة مقاصد. واعتنى ببيان اقوال المذاهب الاربعة المتبوعة ونوع نقله عن جملة من تآليف اربابها. وذكر في طي ذلك اطرافا من دلائل الاحكام. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين قال المؤلف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي جعل البيت مثابة للناس وامنا. وخصه بانه اول بيت وضع للناس مباركا وهدى للعالمين ويمنى وحرمه وعظمه يوم خلق السماوات والارض وجعله لطالب في خيري الدارين كفاية ومغنا. احمده سبحانه واشكره واستعينه واستهديه واستغفره. وابرأ اليه من حادثة مستقبحة لفظا ومعنى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا صاحبة ولا ولدا. رضي لنا الاسلام دينا به علينا منا واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا صلى الله وسلم عليه عبده ورسوله وحبيبه وخليله الذي الله منا وانزل عليه قل لا اسألكم ما عليه اجرا الا المودة في القربى. ومن يقترف حسنة زد له فيها صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه وتابعيهم الذين تخلقوا من الكمال. بكل صفة حسنى يا ربنا عليك توكلنا واليك انبنا. المصنف رحمه الله تعالى الحمدلله الذي جعل البيت مثابة للناس وامنا الى اخره فيه براعة استهلال بالاشعار بان مقصود تأليف هذه الرسالة بيان حكم يتعلق ببيت الله الحرام ومعنى المثابة المذكورة في قول الله عز وجل واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا اي يتوبوا اليه مرة بعد مرة ويرجعون لتشوق نفوسهم له. وتطلع افئدتهم اليه الثوب هو الرجوع والرجوع الى البيت حامله الشوق اليه. وقوله رحمه الله واستهديه هذه لفظة من جهة استعمالها في الدعاء سائغة. واما من جهة ادخالها في خطبة الحاجة كما يفعله بعض والخطباء والوعاظ فانها لم تثبت بسند صحيح. بل رويت بسند ضعيف لا يصح. وما اشار اليه من الواقعة هي التي ذكرناها لكم مما ذكرها جماعة من المؤرخين وسميت بوقعة الجلالية نعم. اما بعد وقد حدث ببيت الله الحرام مع ذوي افضل الرسل الكرام عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام. واقعة ليس لوقعتها كاذبة خابظة اضحت بدور الهدى لها كاسفة. ويا لها من طامة ليس لها من دون الله كاشفة. رجت الارض منها فضلا عن القلوب رجا وما كان عدو الله ابليس لاعظم منها بعد وقعة الحسين رجا. نال المحاربون لله ورسوله من ال بيته نهبا وقتلى وصاروا بالبيت الحرام مثخنين جرحا وقتلى وما رعى الاعداء حق الله في حرمه الذي لم يزل محرما منذ خلق الله السماوات والارض مبدلا معظما الا في ال رسول الله صلى الله عليه وسلم واهلي جوار ذلك الحمى المكرم اباءوا بغضب من الله ولعنة ضربت عليهم الذلة والمسكنة. قوله رحمه الله فباءوا بغضب من الله ولعنة وضربت عليهم الذلة والمسكنة. يحتاج الى خبر صادق لان الحكم على احد من الخلق بغضب او رضا او جنة او عذاب يفتقر الى خبل صادق من الوحي ولا خبر ها هنا. ولو انه اكتفى بما جاء في القرآن الكريم في ذم من الحد في بيت الله الحرامي لكان اولى كما قال الله عز وجل ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم. فلو جاء بما تضمنته هذه الاية كان اولى من قوله فباءوا بغضب من الله ولعنة الى اخره. نعم. فلما اراد العسكر المنصور نصرة الله ورسوله والتوجه اليهم ينالوا اعظم الاجور احببت ان اضع نبذة على وجه الاختصار غير المخل حذرا من تطويل الممل ابين فيها ما يتعلق بحالهم وبيان احكام قتالهم مع الاعتراف بالعجز عن ادراك تلك المدارك والاقرار بان لست من رجال يسلكون حق تلك المسالك. ولكني استعين الله سبحانه واسأله الارشاد والتوفيق. الامداد والعناية والهداية لاقوم طريق ورتبتها على مقدمة وبابين وخاتمة. وارجو من الله حسن السابقة واطمع في حسن الخاتمة اعلام الاعلام بقتال من انتهك حرمة البيت الحرام. واسأل الله ان يجعلها خالصة لوجهه الكريم. وسببا للفوز بجنات النعيم قوله رحمه الله ولما اراد العسكر المنصور نصرة الله ورسوله الى اخره يريد بذلك العساكر المصرية التي انجد بها الشريف زيد الذي انحاز عن مكة لما اخرج منها واستولى عليها ابن عمه نامي ابن عبدالمطلب مع من كان معه من عسكري الترك فكاتب الشريف زيد متملك مصر فارسل اليه بجيش عينه على استعادة الامن والحكم في بلد الله الحرام. ولما كان المصنف رحمه الله تعالى من فقهاء الحنابلة في في مصر الف هذه الرسالة. نعم. المقدمة في تحقيق امرهم وبيان حالهم احكمهم حكم قطاع الطريق على الانام ام المغاة الخارجين عن قبضة الامام؟ اعلم وفقني الله واياك ان الخارجين عن قبضة الامام اربعة اصناف. احدها امتنعوا عن طاعته وخرجوا عن قبضته بغير تأويل سائغ. فهؤلاء قطاع طريق. الثاني لهم تأويل الا انهم نفر يسير لا لهم كالعشرة ونحوهم وحكمهم حكم قطاع الطريق. الصنف الثالث الخوارج الذين يكفرون بالذنب. ويكفرون اهل الحق وعثمان وعليا وطلحة والزبير وكثيرا من الصحابة. ويستحلون دماء المسلمين واموالهم الا من خرج معهم. فهؤلاء يجوز قتلهم قد هذا الامام احمد في احدى الروايتين عنه وطائفة من اهل الحديث الى انهم كفار مرتدون. قال للترغيب والرعاية وهي اشهر وذكر ابن حامد انه لا خلاف فيه. الصنف الرابع قوم مسلمون بايعوا الامام وراموا خلعه او مخالفته بتأويل سائغ صواب او خطأ ولهم مناعة وشوكة ويحتاج في كفهم الى جمع جيش وهم البغاة. اذا علمت ذلك هذه الطائفة الخارجة على اهل بيت الله الحرام قطاع طريق ان لم يكن لهم تأويل سائغ وانى لهم بذلك. فتجري عليهم احكام الطريق وان كانوا بالعمران. قال القاضي ابو يعلى من ائمة مذهبنا وان حصروا قرية او بلدا ففتحوه وغلبوا على اهله او قلة منفردة بحيث لا يلحقهم الغوث عادة فهم محاربون. لانهم لا يلحقهم الغوث فاشبه قطاع الطريق في الصحراء انتهى وقال في الاحكام السلطانية وتجري احكام قطاع الطريق على المحاربين في الامصار كما تجري عليهم في الصحاري انتهى. ومعنى ذلك قول اكثر اصحابنا وبه قال الاوزاعي والليث والشافعي وابو يوسف وابو ثور لتناول الاية بعمومها كل محارب ولان ذلك اذا ولد في مصر كان اعظم خوفا واكثر ضررا فكان بذلك اولى. قال في المدونة للمالكية من كابر رجلا على اماله بسلاح او غيره في زقاق او دخل على حريمه في مصر حكم عليه بحكم الحرابة. وقال العلامة النسائي الشافعي في لو خرج جمع من المصحف حاربوا او اغار اسكهم على بلدة او قرية او اهل احد طرفي البلد على الاخر فان كان لا يلحق المقصودين عون لو استغاثوا لضعف السلطان او بعده وغلبة الدعاء فقطاع لعموم الاية وجرأتهم اعظم. وقال من الحنفية وعن ابي يوسف انهم لو كانوا في المصري ليلا او فيما بينهم وبين المصري اقل من مسيرة سفر اي مسافة قصر وهي ثلاثة ايام عندهم تجري عليهم احكام قاع الطريق وعليهم فتوى لمصلحة الناس. وهي دفع شر المتغلبة المتنصصة ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الموضع اصناف الخارجين عن قبضة الامام فجعلهم اربعة اصناف احدها قوم امتنعوا عن طاعته وخرجوا عن قبضته بغير تأويل سائر. فهؤلاء قطاع طريق فهم ممتنعون من الطاعة لكن لا تأويل يسوغ لهم مع منعة وقوة القسم الثاني لهم تأويل الا انهم نفر يسير لا منعة لهم كالعشرة ونحوهم. وهؤلاء حكمهم حكم قطاع الطريق والصنف الثالث الخوارج الذين يكفرون بالذنب الى اخر ما ذكر يعلو الخوارج هم المكفرة بالذنب خلاف النصوص. فان الاحاديث صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوب وجوه عشرة كما قال الامام احمد وليس فيها في وصف الخوارج انهم يكفرون بالذنب لكن هذا وصف بعد ذلك عليهم فشهروا به في الصدر الاول. فمن يقول انه لا خارجي الا من كفر بذنب للاحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرها فان هذا النعت لم يثبت في نعوتهم. والنبي صلى الله عليه وسلم اخبر عنهم باوصاف متى وجدت كانوا هم الخوارج. ولو لم يكفروا بالذنب. فاذا مرقوا من الاسلام وقتلوا المسلمين وتركوا اهل الاوثان وكان الغلبة فيهم حدثاء الاسنان الى اخر ما ورد في الاحاديث والاخبار فهؤلاء هم الخوارج. والغالب قديما وحديثا ان من اجتمعت فيه هذه الصفات تسارع الى التكفير من الذنب فكأنه شبيه بالوصف الذي صار لازما له لكن من جهة النصوص ليس في شيء من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا التكفير بالذنب شرطا لصفة الخارجية. وقد اختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في تكفير خوارج كما ذكر المصنف رحمه الله واصح القولين انهم فسقة وليس بكفرة قال ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى اجماع الصحابة على ذلك. ثم ذكر الصنف الرابع وهم قوم مسلمون بايعوا الامام رموا خلعه او مخالفته بتأويل سائغ صواب او خطأ ولهم منعة وشوكة. ويحتاج في كفهم الى جمع جيش وهم البغاة فالبغاة متصفون بكونهم جمعا لهم منعة مع وجود تأويل سائغ تعلق به وهذا الموضع الذي تكلم فيه من تكلم من الفقهاء غلط فيه عامتهم كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حتى جعل منهم من جعل الخوارج ومانع الزكاة من جملة اهل البغي الذين تجري عليهم احكام المحاربين. وهذا لا تساعد عليه النصوص. فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل الخوارج قسيما لاهل البغي ولا فردا من افرادهم كما ثبت في الصحيح انه الله عليه وسلم قال تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين. فالمارقة هي الخوارج والفرقة هي وقعت بين المسلمين باقتتالهم والتي ورد فيها قوله صلى الله عليه وسلم تقتل عمار الفئة الباغية وهي المذكورة في سورة الحجرات. فتكون الخوارج واشباهها خارجة عن اهل البغي. منفصلة عنها والذي تدل عليه النصوص والله اعلم في هذا الموضع الغامض ان الخارجين على ولاية الامام اثنان النوع الاول قوم لهم تأويل وهؤلاء صنفان احدهما من له منعة وهم البغاة. والاخر من ليس له منعه وهؤلاء قطاع طريق. والثاني من لا تأويل لهم وهم صنفان ايضا. الاول الخوارج والثاني معدودون في قطاع الطريق ايضا. فيكون المفرق بين هذه الطوائف وجود التأويل وعدمه تارة ووجود المناعة وعدمها في حق القلة والكثرة من الطريق والخوارج ليس لهم تأويل سائغ قديما ولا حديث. كما ذكر ذلك شيخ الاسلام ابن ابن تيمية وشيخنا صالح ابن فوزان لان متعلقهم فيما يذكرون من المسائل لا قائل به من اهل العلم المعول عليهم فيه ولا ظهور لادلته. فمتى وجدت هذه الدعوة مع الاتصاف بصفات الخوارج المذكورة في الاحاديث كانوا خوارجا ولم يكونوا بغاة. فمثلا من جعل حاكم كافرا لانه يعزي الكفار فيها الكاهن. فهذا ليس له تأويل سائغ لانه لا قائل به من الفقهاء الراسخين ولا يساعد على ذلك دليل. وكلما قوي الدليل قوي التأويل على هذه الطائفة الموصوفة في الاحاديث النبوية انها تعرض لها اشياء متخيلة من تلاعب الشيطان بهم فتجرفهم الى تقتيل المسلمين والبغي عليهم مع الانتساب الى الشريعة. ولو قال قائل ان من خصائص الخوارج القيام في طلب اقامة الدين دون قطاع الطريق والبغاة فهذا فيه في الغالب والا قد يكون من اهل البغي من ينتسب الى اظهار الدين. لكن الغالب ان الخوارج تنتحل اظهار الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يقولون من قول خير البرية اي دعواهم ترجع الى اقامة الشريعة وليس كل دعوا مسلمة لاصحابها. ولغموض هذا المحل وافتقاره الى دقة نظر فان لمن لم يبتلى بقضاء ولا افتاء الا يتكلم في هذه المسائل. قال ابن دقيق العيد اعراض مسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها القضاة والعلماء. انتهى كلامه. فينبغي يحذر الانسان من ان تزل به قدمه في هذه الحفرة وليرد الامر الى اهله. بل الافتاء فيها ايضا لا احتياج له لان هذا من مسائل القضاء وليس من مسائل الافتاء. والناس اليوم من المتشرعة يخلطون بين مسائل الدين فيجعلون كل مسائل الدين حظا بزعمهم للعلماء. فمسائل تدبير الولاية للعلماء ومسائل الحكم على المارقين للعلماء الى اخر ما يذكرون وهذا من الغلط فان الشريعة رتبت لكل صاحب ولاية حقا فمثلا الحكم على مارق بانه كافر ليس للعالم وانما للقاضي المنصوب في ذلك مثال اخر الحكم بدخول شهر رمضان وخروجه ليس للعالم وانما للقاضي لانه الذي يوقر اليه هذا الامر. والذي شبه على الناس هو ان هذه الامور كانت مجتمعة في النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت احكامهم تجتمع باعتباره نبيا واماما ومفتيا ومعلما فلما افترقت مراتب الناس في هذا فمنهم المعلم الذي لا يقضي ومنهم الذي يقضي ولا يعلم و منهم الذي يفتي ولا يقضي صار حق كل واحد منهم معرفة ما له. فاذا تعدى فقد اخطأ واذا عرف طالب العلم هذه المنازل خرج من كثير من المشوشات واخرج غيره منها ولا يحتاج الى وقته في تمييز مسائل لا مدخل له فيها. وما تروج به عادة الجرائد والصحف من الكلام في ادخال شهر رمضان بالحساب او بالرؤية كله من عدم عقل هذه المراتب فان هذا ليس حظا لهم ويجب على ولي الامر منعهم من ذلك وعدم تمكينهم سواء كانوا من العلماء او غيرهم لان هذا حق القاضي وقد ولولي الامر جهة قضائية يصدر عنها مثل هذا الامر. كما انه لا يقبل من القاضي الذي لم يمارس الافتاء ان يفتي في شيء فالافتاء منصب له قدره ومكانته وطريقته. ولما لم يميز الناس هذه المناصب ومراتبها صاروا يخلطون بينها. وانجرف ورائهم الناشئة من طلبة العلم ودهماء الناس فاختلط الحابل بالنابل كما صار الناس يعدون ان المفتي النافع للخلق من اذا سئل في مسألة قال هذه المسألة فيها خمسة اقوال الاول كذا والقول الثاني كذا والقول الثالث كذا. وليس هذا من الافتاء بشيء فان مقالات المفتين بمنزلة الادلة للمقلدين كما ذكر الشاطبي ومداركهم لا تدرك ما يلقى اليهم. فهم اشبه شيء بامرئ يقف بين يدي امرئ يرميه بالحجار فيضره ولا ينفعه. والمستفتي انما يخاطب بما يعقله فيفتيه المفتي اما بمذهبه ان كان بمذهب او بما ظهر له سواء ذكر الدليل او لا. وانظروا الى فتاوى العلماء الراسخين ممن سبق قريبا من علماء هذه الدعوة الاصلاحية تجدون ديدانهم الاقتصار على ما ينفع المستفتي دون تطوير مقاله والى تفريق العلامة محمد ابن عثيمين رحمه الله تعالى بين كلامه في المسألة في منصب الافتاء وبين كلامه في المسألة في منصب التعليم اليم وربما تبدى له في منصب التعليم رأي في المسألة لكنه لا يفتي به الخلق. واما الناشئة من المتشرعة ولا سيما ممن يفتون في القنوات والجرائد فهم يفتنون عضلاتهم بتعداد الاقوال وربما ذكروا الادلة وربما ذكروا الاقوال دون ذكر ما ينبغي ان يفعله المستفتي. وهذا من الخيانة له والاضرار به. فاذا قيل للمستفتي في المسألة اربعة اقوال كذا وكذا وكذا وسندت عليه ثم ترك فهذا جعل خيرا بشهوته لا بدينه. ولو انه افتاه بمذهبه المتقيد به كان اسلم لدينه. ومن ما الت اليه حال الناس انهم اذا سمعوا مفتيا متقيدا بمذهب احمد في بلدنا او بمذهب الشافعي او بمذهب مالك او مذهب ابي حنيفة استبشعوه. ورأوا انه لا يتابع الدليل. واذا سمعوا انسانا يعدد الاقوال رأوا ان ذلك هو العالم الذي يصلح لافتاء الخلق. وانما فشى هذا في الناس لان من سبق كانوا يأخذون العلم عن الرجال وليس مقصودهم في صحبتهم مجرد المسائل. بل هم ينظرون الى احوالهم وتصرفاتهم وامساكهم في الافتاء وتكلمهم فيه وصرفهم مسألة الى اخرى وملاحظة حال ومقال ومنصب وغير ذلك فكان في افتاء من سبق السلامة للمفتي والمستفتي. واما عامة افتاء اهل هذا العقد المتأخر وصار اكثره مما يضر بالمفتي والمستفتي. فعامتهم لا يراعي هذه الامور. ولذلك امتثلوا قول مالك فيما رواه ابو نعيم في كتاب الحلية بسند صحيح عنه قال كان الرجل يختلف الى الرجل ثلاثين سنة نتعلم منه والان المتعلم يختلف الى معلمه ثلاثين يوما ربما ثم يتركه ويظن انه واخذ المفاتيح فيقرأ في الكتب فيتخرج هذا المتعلم وهو لا يعرف كيفية التعليم ولا كيفية الافتاء ولا رد الى اهلها واسوأ من هذا وهذا من جعل تعدي هذه الحدود جهادا واظهارا للحق وشجاعة فيه والحقيقة ان هذا ليس بجهاد ولا شجاعة. بل هو تهور فالذي يسأل عن مسألة من مسائل القضاء فيقول تعرظ على مجلس القظاء الاعلى او قاظي البلد ليس خائفا من التمرة المترتبة عليها. فاذا سئل هل الكافل اذ نشر مقالا في الصحيفة فهو لا يخاف من حكم سلطان زمانه بل يخاف من حكم ربه سبحانه وتعالى لان هذا ليس اليه. وانما هو للقاضي الذي خوله السلطان بذلك. فيحتاج الى اقامة هذه القضية وفق الشرع لحكم فيها. ويأتي الناشئة والاغمار فيسمعون اعراض العالم. عن هذه المسائل بقوله اسأل عما ينفعك او لا تشتغل بهذا فيجعلون من اتخذ هذا الصراط المستقيم زائغا ويعدونه خائفا وربما عدوه من اعوان الظلمة. وفي الحقيقة انهم هم اعوان الظلمة فانه ما تجرأ الظلمة على الدين الا بفعائل المتشرعين. وما افسد كثيرا من احوال المسلمين الا تسارع الجهلة المنتسبين الى الشريعة ولذلك فامر الدين عظيم وليس سهلا كما يحسبه الناس. وقد قال رجل لمالك يا ابا عبد الله عن مسألة؟ فقال دعها قال انها سهلة. فغضب ما لك وقال ان الدين ثقيل. الم قول الله عز وجل انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. فالحكم بشيء افتاء او قضاء او تعليما ثقيل على من جعل الله عز وجل له قلبا شهيدا واحيا قلبه بالتمسك بالامر العتيق وطريقة من مضى واما من تتسارع به خطاه الى مجاراة الناس ومواكبة العصريين فهذا يضل يضل وربما كان مآله وخيمة فان التعدي على الشريعة من المنتسبين اليها اعظم من تعدي الخارجين انهى عليها لان المتشرع يغر. واما غيره فان الناس يعرفون انه ليس من اهل هذا الشأن. ومتى وقر هذا المعنى في قلوبكم علمتم ان مقصود العلم هو معرفة الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم قال وحالا وليس المراد معرفة العلم الذي هو القول بان يعرف مجرد الحلال والحرام بل يعرف الاحوال التي ترعاها الشريعة وتكسبها اربابها فانه اذا كان على هذه الحال نجا وانجى واذا خرج عنها ربما لك واهلك. نعم. قال الباب الاول فيه اربعة مقاصد. المقصد الاول في قتال المحاربين اي الطريق قال الله تعالى انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او ويصلب او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض. وعن ابن عباس رضي الله عنهما اذا قتلوا واخذوا لقتلوا وصلبوا واذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا. واذا اخذوا المال ولم يقتلوا قطعت ايديهم وارجلهم من الخلاف واذا اخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الارض. رواه الشافعي في مسنده. وبه قال قتادة وابو مجلز وحماد والليث والشافعي واسحاق واحمد. وذهبت طائفة الى ان الامام مخير فيهم بين القتل والصلب والقطع. والنفي لان التغيير وهذا قول سعيد ابن المسيب وعطاء ومجاهد والحسن والضحاك والنخعي ومالك وابي الزناد وابي ثور وداوود اجاب الاولون عن دعوى ان اول التخيير بان ابن عباس قال بمثل قولهم فاما ان يكون توقيفا او لغة وايهما كان فهو حجة ويدل عليه ايضا انه بدأ بالأغلظ فالاغلظ وعرف القرآن فيما اريد به التخيير البداءة بالاخف ككفارة اليمين. ويدل عليه ايضا ان العقوبة تختلف باختلاف الاجرام. ولذلك اختلف حكم الزاني والقاذف والسارق. فقال الامام ابو حنيفة ان قتلوا واخذوا المال فالامام مخير فيهم ان شاء قطع ايديهم وارجلهم من خلاف وقتلهم وان شاء قتلهم وان شاء صلبهم قال محمد رحمه الله يقتل او يصلب ولا يقطع وابو يوسف في المشهور قاله الزينعي لما قرر المصنف رحمه الله تعالى ان هذه طائفة الخارجة في ذلك الزمان بمكة قطاع طريق من المحاربين بين حكمهم واورد الافصل في ذلك وهو قول الله تعالى انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا الى اخر الاية وهذه الاية قد اختلف اهل العلم فيها هل او فيها للتخيير فالامام مخير بين هذه العقوبات فيهم ام انه يلاحظ فيهم حال اجرامهم فاذا جمعوا شيئا مع شيء عوقبوا بشيء واذا جمعوا شيئا اخر ما شيء اخر عوقبوا بشيء كما في اثر ابن عباس انه قال اذا قتلوا واخذوا المال قتلوا وصلبوا. واذا قتلوا ولم المال قتلوا ولم يصلبوا الى اخر ما قال. وهذا هو مذهب الشافعي واحمد. ولو صح اثر ابن رضي الله عنه لكان حجة الا انه لا يروى من وجه صحيح. واذ لم يروى اثر ابن عباس من وجه صحيح فان الاشبه والله اعلم وقوع التخيير. لكن لا على ارادة التشهي. فليس المقصود بالتأخير ان الامام يتشهى فيهم فان شاء قتل وصلب وان شاء قتل وان شاء قطع وان شاء نفى بل لابد ان يلاحظ قدر اجرامهم. فبحسب جرم اولئك القطاع يغلظ عليهم ويخفف. فاذا وقع منهم تقتيل وسرقة للمال واخافة للطريق كان جزاؤهم اشد العقاب من القتل والصلب. وان وقع منهم ودون ذلك عوقبوا بقدر ما يراه الامام مناسبا لجرمهم الذي ارتكبوه. نعم. ووقت الصلب بعد القتل عند الشافعي واحمد وقال ابو حنيفة وابو يوسف ومالك والليث والاوزاعي يصلب حيا ثم يقتل مصلوبا. يطعن بالحربة لان الصلب وانما يعاقب الحي لا الميت واستدل للقول الاول بحديث ان الله كتب الاحسان على كل شيء. فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة في قدر مدة الصلب خلاف فعند ابي حنيفة والشافعي يصلب ثلاثة ايام وبه قال من من اصحابنا القاضي ابو يعلى في الاحكام السلطانية والمشهور عند اثر اصحابنا حتى يشتهر. والصلب واجب في حق من قتل واخذ المال لا يسقط بعفو ولا غيره ويدل له حديث ابن عباس ان جبريل نزل بان من قتل واخذ المال صلب. وقال الحنفية ان شاء الامام صلب وان شاء لم يصلب وقال مالك ان كان جلدا صلب والا فلا. ثم بعد القتل والصلب يدفع الى اهله ليغسلوه ويصلوا عليه. وقال ابو حنيفة فلا يغسل ولا يصلى عليه كالباغي ويأتي. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بعدما سلف مسائل تتعلق بعقوبتهم اولها في بيان وقت الصلب. فذكر ان العلماء مختلفون فيه ايكون بعد القتل ام قبله فمذهب الشافعي واحمد انه يكون بعد القتل فيقتل اولا ثم يصلب على عود قائم. يربط عليه وتعلق يداه بعود اخر معترض. وذهب ابو حنيفة ومالك الى ان الصلب يتقدم القتل واستدل المصنف رحمه الله تعالى لمذهبه وهو مذهب الحنابلة القائلين بان الصلب بعد القتل بحديث ان الله كتب الاحسان على كل شيء الى اخره. ومنشأ الاختلاف في هذه المسألة الاختلاف في علة الصلب فهل المراد بعلة الصلب اشهار ذلك ام علة قتله قبل قتله بعد صلبه بان يصلب اولا تبكيته وتحزينه. والذي يظهر والله اعلم هو ان الصلب يكون قبل القتل ليكون ابلغ في تحزينه وهو ظاهر فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما نكل بالعرنيين. فان النبي صلى الله عليه وسلم سمل اعينهم وقطع ايديهم وارجلهم ثم تركهم في الرمظاء يستغيثون ولا يغاثون ويستسقون ولا يسقون. ومراده صلى الله عليه وسلم بذلك تبكيتهم وتحزينهم على فعلتهم التي فعلوا ولو كان ذلك مخالفا لحديث احسان القتل لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لان المقصود بالاحسان هو وقوع القتلة على الوجه المناسب لحال المقتول. ومن روع وقتل واخذ المال فالمناسب التنكيل به بان يصلب اولا ثم يقتل ثانيا ليجمع بين الذمامتين في لنفسه واحداهما كونه سيقتل والتاني كونه سيبقى مصلوبا من بعد قتله فيكون في هذا مزيد تحزين وتبكيت له ثم ذكر مسألة ثانية وهي قدر مدة الصلب. فذهب بعض الفقهاء الى تقديرها بثلاثة ايام. وذهب قوم اخرون الى عدم التقدير وانما تحصيل مقصودها وهو الاشهار. ولم يرد في ذلك شيء مرفوع ولا مأثوم والامام مخير في ذلك. ان شاء ابقاه ساعة وان شاء ابقاه عشرة ايام بحسب ما يحصل من مقصود احياء النفوس وكف اهل البغي عن فعلاتهم. ثم ذكر مسألة ثالثة وهي ان الصلب واجب في حق من قتل واخذ المال لا يسقط بعفو ولا غيره. واستدل بحديث ان جبريل نزل بان من قتل واخذ المال صلب. ولو صح هذا الحديث لكان فصلا الا انه لا يصح والمختار ان هذا راجع الى نظر الامام في المصلحة. فاذا قتل المال ورأى ولي الامر صلبه صلبه وان لم يرى صلبه لم يصلبه. ثم ذكر بعد ذلك مسألة رابعة وهي تغسيل اهل البغي والصلاة عليهم وسيذكره فيما يستقبل اطول من هذه العبارة. نعم. المقصد الثاني ان حكم الرديء اي المعين حكم مباشر عند ابي حنيفة ومالك واحمد. فعلى هذا اذا قتل واحد منهم ثبت حكم القتل في حق جميعهم. وان قتل بعضهم ثم اخذ المال بعضهم قتلوا وصلبوا كما لو فعل الامرين كل واحد منهم. قال في الكنز وشرحه للزيلع وغير مباشر كالمباشر يعني في الاخذ والقتل حتى تجري احكامه على الكل بمباشرة بعضهم. وقال في المختصر للشيخ خليل المالكي وشرحه للقباب. ولا يشترط في وجوب القتل ايضا مباشرته له بل يقتل ولو شارك فيه باعانة. وقال الشافعي لا يحد الا المباشر. ذكر المصنف رحمه الله الا هنا اختلاف الفقهاء في حكم الردء اي المعين من قطاع الطريق فمذهب الجمهور ان الردء كالمباشر وذهب انه ليس مثله بل يعزر. والصحيح هو القول الاول لان العرانيين الذين قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم كانوا جماعة والعادة جارية ان الذي باشر القتلى ليس جميعهم فانه يستغنى بواحد او ثلاثة من مجموعهم ومع ذلك قتلهم النبي صلى الله عليه وسلم جميعا بما فعل من سمل عيونهم وتقطيع ايديهم وارجلهم في الرمظاء وهذا هو الذي تدل عليه قواعد الاصول. نعم. المقصد الثالث اذا تابوا قبل القدرة عليهم سقطت عنهم حدود الله تعالى واخذوا بحقوق الادميين من الانفس والجراح والاموال الا ان يعفى لهم عنها. قال الله تعالى ان الذين من قبل ان تقدروا عليهم فاعلموا ان الله غفور رحيم. على هذا يسقط عنهم تحطم القتل والصلب والقطع والنفي ويبقى عليهم القصاص في النفس والجراح وغرامة المال والدية لما لا قصاص فيه. واما من تاب بعد القدرة عليه فانه لا يسقط عنه شيء من ذلك ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مسألة توبة المحاربين وان مناط هذه التوبة القدرة عليهم او عدمها فاذا تابوا قبل قدرة عينهم سقطت عنهم حدود الله واخذوا بحقوق الادميين. لظاهر الاية. واما من تاب بعد القدرة عليه فانه لا يسقط عنه شيء من ذلك. والمراد بالقدرة عليه تسلط ولي الامر عليه وكف اذاه عن الخلق. فاذا تسلط عليه ولي الامر كأن يحصره في ملتجأ او يقبض عليه صار هذا كله من معنى القدرة. نعم السلام عليكم. المقصد الرابع في قتال البغاة اذا خرج قوم مسلمون عن طاعة الامام وغلبوا على بلدة بتأويل سائغ دعاهم الى طاعته وكشف شبهتهم التي استندوا اليها في خروجهم عن الطاعة لان علي رضي الله عنه فعل كذلك باهل حرورا قرية من قرى فان لم يرجعوا قاتلهم اذا تحيزوا وتهيأوا للقتال واجتمعوا له. قال الله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا وبينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله. واذا قلد الامام اميرا على قتال تقدم قبل القتال انذارهم ولا يهجم عليهم غرة ويكون قصده بالقتال ردعهم ولا يتعمد قتلهم. ويقاتلهم مقبلين ويكف عنهم مدبرين اذا انقضت شوكتهم ولا يقتل اسراهم فيحبسون حتى تنجري الحرب ثم يطلقون. ولا تغنم اموالهم ولا لا تشبه دواريهم ولا ينصب عليهم المنجنيق ونحوه ولا يحرق عليهم المساكن ولا يقطع الشجر فان احاطوا باهل العدل وخافوا الاستظاما جاز ان يذهب. خافوا منهم الاصطلاح. اصطلام يعني الاستئصال خافوا ان يتسلطوا عليهم ويفنوهم باللام فان احاطوا باهل العدل وخافوا منهم الاصطلاح جاز ان عن انفسهم بما استطاعوا في اعتماد قتلهم ونصب المنجنيق ونحوه عليهم لان للمسلم ان يدفع عن نفسه بقتل طالبها اذا لم يندفع وقال العلمي في شرح الكنز يجوز قتالهم بكل ما يقاتل به اهل الحرب كالرمي بالنبل والمنجنيق وارسال الماء والنار عليهم الا تشبه ذريتهم وتحبس اموالهم حتى يتوبوا لانهم مسلمون. وان احتاجوا في قتالهم الى خيرهم وسلاحهم قاتلوهم بها قال مالك والشافعي لا يجوز وان لم يحتاجوا اليها حبسوا عني حتى تذهب شوكتهم وقتالهم. فقال الشافعي والقدوري لا يبدأوهم بقتال حتى يبدأوا به فان بدأوا قاتلهم حتى يفرق جمعهم. واذا تجلت الحرب ومع اهل العدل اموال لهم ردت اليهم وما ترث من هذه غير القتال فهو مضمون على متلفه وما اتلف عليهم في دائرة الحرب من نفس ومال فهو هدر وما اتلفه البغاة في بغير دائرة الحرب من نفس او مال فهو مضمون عليهم وما اتلفوه في دائرة الحرب فلا ضمان عليهم وهو هدر. ويصلى على قتل يا اهل البغي ويغسلون واما قتلى اهل العدل في غزلهم والصلاة عليهم قولان احدهما لا يغسلون ولا يصلى عليهم لان قتالهم بالذب الدين فهو كقتال الكفار وهذا الصحيح عندنا لان علي رضي الله عنه لم يغسل من قتل معه وعمارا اوصى الا يغسل فقالت جنوني في ثيابي فاني مخاصم. قال الامام احمد قد اوصى اصحاب الجبل انا مستشهدون غدا. فلا تنزعوا عنا ثوبا ولا تغسلوا عنا ادم. قال في جرح القدور قتلى اهل العدل شهداء يصنع بهم ما صنع بالشهداء يدفنون بدمائهم ولا يغسلون ولا يصلى عليهم واما قتلى اهل البغي فلا يصلى عليهم ويدفنون. والقول الثاني يغسلون ويصلى عليهم وهو احد قولي لانهم قد يصلوا على عمر وعثمان وعلي وارسلوهم وكان قتلهم ظلما. وقتال اهل البغي يخالف قتال قطاع الطريق من خمسة اوجه احدها يجوز قتال قطاع الطريق مقبلين ومدبرين لاستيفاء الحقوق منهم. ولا يجوز اتباع من ولى من اهل البغي بعد لشوكتهم اذا لم يتعلق به حق من قصاص او مال. الثاني يجوز ان يعمد بالحرب قتل من قتلهم. ولا يجوز ان يعمد قتل البغال الثالث انهم يؤخذون لما استهلكوه من مال ودم في الحرب وغيرها بخلاف اهل البغي. الرابع يجوز حبس من اسر منهم يرى حاله وان لم يجز حبس احد من اهل البغي. الخامس ان ما اجتبوه من خراج واخذوه من صدقات. فهو كالمأخوذ غصبا لا يسقط عن اهل والصدقات حقا بخلاف البغاة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا النقص طرفا من الاحكام المتعلقة بقتال البغاة وسلف ان البغاة هم القوم الذين خرجوا عن طاعة الامام ولهم منعة بتأويل سائق الواجب على الامام ان يدعوهم الى طاعته وان يكشف شبهتهم التي استندوا اليها في خروجهم عن الطاعة. كما اتفق لعلي رضي الله عنه في فعله باهل حوراء. واهل حاروراء هم الخوارج وليس هذا دال على ان الخوارج من اهل البغي بل دال على انه اذا كان هذا يفعل بالخوارج الذين حكم بعض اهل العلم بكفرهم فالاولى ان يفعل بمن دونه هم وهم اهل البغي فان لم يرجعوا قاتلهم حينئذ الامام وتهيأ لقتالهم امتثالا امر الله سبحانه وتعالى به من دفع اذاهم وشرهم عن المسلمين. ثم ذكر من جملة المسائل التي ينبغي رعايتها في اداب قتالهم ان يقدم ندارتهم قبل ذلك ولا يهجم عليهم غرة وان يكون مقصوده من القتل ردعهم لمجرد قضاء وطي النفس في التسلط عليهم ولا يتعمد قتلهم ويقاتلهم مقبلين ويكف عنهم مدبرين الى اخر ما ذكر ثم ذكر انه لا ينصب عليهم المنجنيق ونحوه. ومأخذ هذه المسألة ان الصائل من المسلمين يدفع بالاقل فاذا كان شرهم يندفع بما دون ذلك دفعوا به. اما اذا كان شرهم لا الا بمثل هذا جاز دفعهم به. ولذلك قال المصنف فان احاطوا باهل العدل وخافوا منهم الاصطدام جاز ان يدفعوا عن انفسهم بما استطاعوا اعتماد قتلهم ونصب المنجنيق ونحوه. اي اذا لم يتمكن من دفعهم الا بالاغلظ فانه يدفعهم بذلك لان الاصل الدفع بالاقل في ارتكاب اخف المفسدتين. ثم ذكر بعد ذلك احكام الاموال بينهم وبين اهل العدل ثم ذكر حكم الصلاة على قتل الفريقين. وذكر خلاف اهل العلم في قتل اهل العدل هل يغسلون صلى عليهم ام لا فذكر ان من الفقهاء من قال لا يغسلون ولا يصلى عليهم ومنهم من قال يغسلون ويصلى عليه والاشبه بالرجحان منهما القول الاول لما استفاض من صنيع اصحاب الجمل وكان القتال بينهم من جملة قتال اهل البغي من انهم اوصوا بالا ينزع عنهم ثوب ولا يغسل عنهم دم. والاثر الذي اورده المصنف عن عمار فيه ضعف يسير. واما الذي اورده عن الامام احمد فما حكمه صحيح ولا ضعيف ولا ما الجواب؟ ها احمد ايش ماذا؟ لان الامام احمد لم يدرك اصحاب الجمل فحينئذ كم بينه وبين اصحابه الجمل اقل شيء بين الامام احمد والصحابة كم؟ اثنان. فحين ذاك يكون منقطع ولا يكون معضل؟ منقطع ولا معضل معضل لكن مثل هذا يكون معضلا ام لا؟ هذه دراسة الحديث واحد زائد واحد يساوي اثنين هي التي تنتج مثل هذا الفهم. ولذلك يأتي من يأتي ويعلق عليها بمثل ما مضى. من ان الامام احمد لم يدرك اصحابه الجمل فحين ذاك هذا لا يصح. ويقال في الكشف عن طريق تصحيحه ان هذا من النقل العام للاخبار الذي يكفي فيه الاستفاضة والامام احمد امام ثقة فاذا نقل احد الائمة الموثوق بعلمهم شيئا من الاخبار التي طريقها الاستفاضة والشهرة فالاصل تموته. واضحة هذه القاعدة؟ ولا ما هي بواضحة مثال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في محاضرته التي طبعت ككتاب عن امام الدعوة محمد بن عبد الوهاب ذكر قصة خروجه من العيينة وما صار بعد ذلك بينه وبين ابن سعود في الدرعية. كم بين الشيخ عبد العزيز وبين شيخ عبد الوهاب اقل شي اقل شي اثنين لانه ادرك حمد بن فارس محمد بن فارس ادرك عبدالرحمن بن حسن وعبد الرحمن بن حسن ادرك الشيخ محمد. فبينه اثنان فنقول هذا النقل صحيح ام غير صحيح ايش؟ صحيح لان هذا نقل بالاستفاضة حكاه امام ثقة عارف بما ينقله. وهذه الطريقة نافعة في معرفة ما يصح من الاخبار المستفيضة بدون حاجة الى نظر في مفردات اسانيدها كما نبه على ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية في مقدمة التفسير وابن حجر في الافصاح بالنكت عن ابن الصلاح. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى بعد ذلك خروقا قتال اهل البغي وقتال الطريق. نعم. الباب الثاني فيه اربعة مقاصد ايضا الاول في جواز لقتالهم في الحرم اعلم انه من انتهك حرمة الحرام بجناحه لا نعلم في الدين خلافا. وقد روى الاثرم باسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال من احدث حدثا في الحرم اقيم عليه ما احدث فيه من شيء. فقد امر الله تعالى بقتال من قاتل في الحرم فقال سبحانه ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه. فان قاتلوكم فاقتلوهم. فاباح قتلهم عند قتالهم في الحرم. ولان اهل الحرم يحتاجون الى ارتكاب المعاصي كغيرهم حفظا لانفسهم واموالهم واعراضهم. فلو لم يشرع الحد في حق من ارتكب موجبه في الحرم يتعطلت الله تعالى في حقهم وفاتت هذه المصالح التي لابد منها ولا يجوز الاخلال بها. ولان الجاني في الحرم هات كل حرمته بمنزلة الجاني في دار الملك لا يعصم لحرمة الملك بخلاف الملتجئ اليها لجناية صدرت منه في غيرها. وهذه مسألة مجمع كما صدر به المصنف رحمه الله تعالى نقلا عن ابن قدامة. نعم. المقصد الثاني الجاني الملتجئ الى الحرم من قتل او اتى ما يوجب حدا خارج الحرم ثم لجأ اليه لم يستوفى منه فيه ولا يبايع ولا يشارى ولا يطعم ولا يؤوى. ويقال له اتق الله واخرج الى منك الحق الذي قبلك. فاذا خرج استوفي يمينه هذا قول ابن عباس وعطاء وعبيد بن عمير والزهري وابي حنيفة واصحابه واحمد وقال مالك والشافعي وابن المنذر يستوفى منه فيه لعموم نصوص الحدود والجنايات واستدل الاولون بقوله تعالى ومن دخله كان امنا اي دخل الحرم بدني قوله تعالى فيه ايات بينات مقام ابراهيم ولقوله صلى الله عليه وسلم ان الله حرم مكة امرئ يؤمن بالله واليوم الاخر يأتي ما ولا بها شجرة فإن احد فإن احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا ان ولا فان احدا يخلفها وش بعدها؟ منصوب وعلى قول قليل انه ايضا يخلفها مرفوع عكس عملها. ذكره ابن هشام في المغني لكن الاخذ باللغة الشهيرة اولى. وهنا فان احد. نعم. فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا ان الله اذن لرسوله ولم يأذن لكم. وانما اذن ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس فليبلغ الشاهد الغائب. وقال صلى الله عليه وسلم ان الله حرم مكة يوم خلق السماوات والارض وانما احلت لي ساعة من نهار ثم عادت الى حرمتها فلا يشفك فيها دم. رواه الشيخان قال عن الاحكام السلطانية فان بغوا على اهل العدل قاتلهم على بغيهم اذا لم يمكن ردهم عن البغي الا بالقتال. لان قتال اهل البغي من حقوق الله التي لا يجوز ان يضاعف فكونها محفوظة في حرمه اولى من ان تكون مضاعة فيه. وبالخلاف وعيون المسائل وغيرهما. اتفق الجميع على جواز القتال فيها اي مكة متى عرض تلك الحال ورده في الفوع. وقال الشيخ تقي الدين ان تعدى اهل مكة او غيرهم على الركب ارتفع الركب وكما يدفع الصائل وللانسان ان يدفع مع الركب بل قد يجب ان احتيج اليه وذكر ابو بكر ابن الاعرابي تغلب فيها كفار او وجب قتالهم بالاجماع. وقال الماوردي والذي عليه اكثر الفقهاء انهم يقاتلون على بغيهم اذا لم ينكر ردهم عن البغي الا بالقتال. لان ان رجال اهل البغي من حقوق الله تعالى التي لا يجوز اضاعتها. ولا ان يكون حق الله محفوظا في حرم الله تعالى اولى من ان يكون قال النووي هذا الذي ذكره الماوردي هو الصحيح وقد نص عليه الشافعي في الام ذكر المصنف رحمه الله تعالى ها هنا هما الجاني الملتجئ الى الحرم الذي اصاب جناية خارج الحرم ثم التجأ اليه اتستوفى منه في الحرم؟ ام يخرج من الحرم ثم تستوفى منه. وبين ان الفقهاء مختلفون في ذلك على قولين اثنين. اولهما ان الاستيفاء لا يقع في الحرم بل يخرج منه. والقول الثاني ان الاستيفاء يقع في حرم بيت الله عز وجل واصح القولين من جهة الادلة والنظر هو القول الثاني انه تستوفى منه جنايته ولو كان ملتجئا الى الحرم لان ان ترك ذلك يؤول الى اضاعة حقوق الله وحفظ حقوق الله في حرمه اولى من اضاعتها. واذا كان الملتجئ اهل البغي كان دفعهم واقامة حق الله عز وجل فيهم اكد واكد. لان دفع الفئة الباغية مأمور به فهو من الله كما قال تعالى فقاتلوا التي تبغي واستيفاء حق الله عز وجل في حرمه اولى من اضاعته ولا سيما ما انه قد يترتب على تركهم من الشرور اعظم من ذلك. نعم. المقصد الثالث لا تعصم الاشهر الحرم وهي رجب ذو القعدة وذو الحجة والمحرم شيئا من الحدود والجنايات. واما قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام في قتال فيه. والقتال فيه كبير. فاكثر الاقوال انها منسوخة. وعن عطاء انه سئل عن القتال في الشهر الحرام فحلف بالله ما يحل للناس وجوه الحرم ويا اهل الشهر الحرام الا ان يقاتلوا فيه وما نسخت وعليه من ائمتنا صاحب الهدي النبوي ويؤيده ما رؤي عند ابي الله عنه قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام الا ان يؤذى وسئل سعيد بن المسيب هل يجوز للمسلمين ان يقاتلوا في الشهر الحرام؟ قال نعم. سعيد بن المسيبي. مسيب ولا مسيب؟ مسيب الفتح السلام عليكم وسئل سعيد بن المسيب هل يجوز للمسلمين ان يقاتلوا الكفار في الشهر الحرام؟ قال نعم. قال ابو عبيدة والناس في الثغور اليوم جميعا يرون الغزو على هذا القول مباحا في الشهور كلها. ولم ارى احدا من علماء الشام والعراق ينكره عليهم وكذلك احسب قول اهل الحجاز وحجته قوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم. وهذه ناسخة لتحريم القتال في الشهر الحرام. وقال ابن والذي عندي ان قوله تعالى قل قتال فيه كبير نكرة في سياق الاثبات بعتناول فردا واحدا ولا يتناول كل هذه الاية لا دلالة فيها على تحريم القتال مطلقا في الشهر الحرام ولا حاجة الى النسخ فيه ذكره ابن عادل في تفسيره ذكر المصنف رحمه الله تعالى استدرادا مما يتعلق بهذا المحل الخلافة في كون الاشهر الحرم عاصمة ام لا؟ وهل تحريم القتال فيها باق او قد نسخ ذلك. وجمهور اهل العلم على ان النهي منسوخ. وذهب بعض اهل العلم الى عدم نسخه والظاهر من عمل المسلمين كما حكاه ابو عبيدة ان ذلك قد نسخ وابن القيم رحمه الله تعالى له كلام طويل في بقاء ذلك في زاد المعاد. نعم. المقصود الرابع لا يجب على من لم يرد النسك من العسكر منصور المقاتلين لتلك الفئة العاتية الاحرام من الميقات. بل لهم مجاوزته بغير احرام كسائر اهل الاعذار. من خائف ومن له حاجة كرروا كحشاش وحطاب. قال في المغني لان النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة حلالا وعلى رأسه المظهر. وكذلك ولم نعلم احدا منهم احرم يومئذ. قال وبهذا قال الشافعي وابو حنيفة لا يجوز لاحد دخول الحرم بغير احرام الا من كان دون ومتى اراد احدهم النسك بعد مجاوزة الميقات احرى من موضعه ومن احرم وصد عن الحرم فقد قال الله تعالى فان ثم استيسر من الهدي فيذبح هديا بنية التحلل ثم يتحلل فان لم يجد هديا صام عشرة ايام بنية التحلل ثم حل هذا قول الشافعي واحمد فقال ابو حنيفة ومالك لا بدل الهدي لانه لم يذكر في القرآن ومن لم يقف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر اذا اتاه الحج في ذلك العام. قال في المغني لا نعلم فيه خلافة. قال جابر رضي الله عنه لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع. اي ليلة مزدلفة وهي ليلة الجمع. قال ابو الزبير فقلت له اقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؟ قال نعم. رواه الاثرم باسناده ومن فاته الحج تحلل بطواف وسعي وحلاق روي ذلك عن عمر وابنه وزيد ابن ثابت وابن عباس وابن الزبير وهو قول ابي حنيفة ومالك والثوري والشافعي وعليه القضاء من قابل سواء كان الفائت واجبا او تطوعا. روي ذلك عن عمر وابنه وزيد وابن عباس وابن الزبير. وهو قول ابي حنيفة والشافعي واحدى الروايتين عن مالك واحمد وهي اصحهما عندنا. والرواية الاخرى عنهما لا قضاء عليه بل ان كانت الحجة فرضا فعلها الوجوب السابق وان كانت نفلا سقطت. روي هذا عن عطاء وعليه ايضا هدي في قول من سمينا من الصحابة والفقهاء غير الحنفية انهم قالوا لا هدي عليه ويخرج الهدي في سنة القضاء عند من اوجبه والا اخرجه في عامه. ومحل وجوب القضاء والهدي عندنا اذا لم يشترط الابتدائي احرامه فان استوطى فيه بان قال وان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. فله التحلل مجانا اذا احصر واوفاته الحج ولا قضاء ولا هدي عليه. وان اختار من فاته الحج البقاء على احرامه ليحج من قابل فله ذلك على الصحيح عندنا. وروي عن مالك والقول الثاني ليس له ذلك وهو قول الحنفية والشافعي ورواية عن مالك بظاهر الخبر وقبول قول الصحابة رضي الله عنهم لما العسكر الشارعين في قتال تلك الفئة يحتاجون الى بيان حكم دخولهم مكة لان لمكة من احكام دخولها ليس لغيرها وهم قادمون من جهة مصر بلدي المصنف بين رحمه الله تعالى جملة من الاحكام التي يفتقرون اليها. فبين ان هؤلاء لا يجب عليهم الدخول باحرام الا من اراد النسك منهم ومن لم يرد النسك منهم كما هو الاصل في اولئك فانه لا يجب عليه احرام. والصحيح من اقوال اهل العلم في هذه المسألة ان الاحرام انما يجب مريدي النسك فمن دخل مكة مريدا لنسك في العمرة او الحج فهو الذي يجب عليه الاحرام. ومن لم يكن مريدا لنسك فلا يجب عليه لما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لما عد المواقيت هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن من من اراد الحج او العمرة فجعلها محلا البدء بالنسك لمن اراده. ثم بين من الاحكام ان من احرم وصد عن الحرم محصرا فانه يذبح هديا ويتحلل. فاذا احرم بنسك ثم حصر عن نسكه فانه يحل ويتحلل بذبح هديه. فان لم يجد هديا فمذهب الشافعي واحمد ان يصوم عشرة ايام هديه وذهب ابو حنيفة ومالك الى انه لا بدل عليه وهو الصحيح لانه لم يذكر في القرآن وكذلك لما حصر صلى الله عليه وسلم كان في اصحابه فقراء كثير فلم يأمرهم بالصيام عوض الهدي الذي يفقدونه ثم ذكر من الاحكام ان من لم يقف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فاته الحج. وهذا محل اجماع. واذا فاته حج تحلل بعمرة وهذا معنى قوله تحلل بطواف وسعي وحذاق اي تحلل بعمرة كما هو مذهب جماعة من الصحابة وهو قول الائمة الاربعة هو الصحيح. ثم عليه القضاء من قبل سواء كان الذي فاته نسكه الواجب او كان تطوعا وهو اصح قولي اهل العلم لان من دخل في العمرة او الحج وجب عليه اتمامهما سواء كانتا تطوعا او واجبا كما قال الله تعالى واتموا الحج والعمرة لله. ثم ذكر انه يجب عليه اذا قضى من قابل نسكه انه يجب عليه هدي وهو الموافق للاثار. وقال الحنفية لا هدي عليه. ثم ذكر ان محل وجوب القضاء والهدي اذا لم يشترط في ابتداء احرامه اما من اشترط ثم حصر فانه يتحلل ولا قضاء ولا هدي عليه. ثم ذكر مسألة من مسائل من احصر فاراد ان يقضي في قابل هل يبقى على احرامه ام لا؟ قولان لاهل العلم وظاهر فعل الصحابة رضوان الله عنهم انه ليس له ذلك. نعم. الخاتمة يلزم كل احد اخلاص النية لله تعالى في الطاعات وان يجتهد في ذلك. قال الله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. فروي عن عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه. اخرجه الشيخان. فينبغي لمن توجه لقتال تلك الطائفة ان يخلص النية لله تعالى لتكون كلمة الله هي العليا. ولا يقصد عرضا ولا غرضا دنيويا من نحو اخذ ثأر او تشف فتلك مقاصد فانية بل يقاتلهم امتثالا لله ورسوله واعلاء لكلمة الاسلام وشأن الايمان والذب عن المسلمين وحريمهم واقامة لحدود الله ابتغاء مرضاته. وان يدعو عند القتال بما هو عنه صلى الله عليه وسلم ومنه. ما رواه ابو داوود وغيره جيدا عن انس رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا غزا قال اللهم انت عبدي ونصيري بك وبك اصول وبك اقاتل. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا الاخلاص في القول والعمل. وان يجنبنا الزلل والخطل. وهذا اخر ما تيسر سمعه لشدة الحاجة اليه ونسأل الله ان يعم نفعه والله الهادي الى سبيل الصواب. واليه المرجع والمآب والحمد لله الاول والاخر وباطنه الظاهر وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين. قول المصنف الله تعالى وروي عن عمر هذه الصيغة تستعمل لارادة ذكر الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تختص بكونها دليلا على التظعيف. فما علق به ناشر هذا الكتاب من ان المصنف قدم بين يدي هذا الحديث صيغة رويا وهي من صيغ التمريظ. وانه لا ينبغي ان يصدر بها حديث اجمعت الامة على صحته. انما يصح لو كانت هذه الصيغة روي مختصة عندهم بالتمليظ وليس كذلك. بل هم يستعملونها في ذكر المروي. كما كان الترمذي يقول كثيرا في جامعه اذا اسند حديثا قال روي من حديث فلان وفلان وفلان ويعد جماعة من الصحابة منهم من حديثه في الصحيحين من الاحاديث التي اجمعت الامة على صحتها والترمذي يصحح تلك الاحاديث كما يعرف من تصرف كلامه في جامعه او في موضع اخر فليست هذه الصيغة روي مختصة بالتمريض بل قد تستعمل في معنى اخر ومن اشهر المعاني التي يستعملها اهل العلم ارادة ذكر المروي وتعديده كما فعل المصنف ها هنا فقال وروي عن عمر يريد ذكر المروي ولا يريد الابانة عن مرتبة وحينئذ اعتراضا عليه. وسبق ان عرفنا لكم الاخلاص. فقلنا الاخلاص هو ها يا خالد تصفية القلب من ارادة غير الله سبحانه وتعالى. قلنا في نظم ذلك ايه ايش؟ اخلاصنا تصفية للقلب من قصد لغير الله فاحفظها فطن. بس هذا يخالف كلام الاخ خالد. الاخ خالد قلنا ان الاخلاص هو تصفية القلب من ارادة غير الله. وانت تقول ان تصفية القلب من قصد غير الله. لان ثم قال اخلاصنا تصفية للقلب من قصد لغير الله فاحذر يا فطن. اي القولين اصح الان وهل بينهما فرق؟ ام لا ها؟ ها ابو عبد الرحمن؟ ايش القصد ها وغيره ها يا احمد اي احسنت هذه الرواية المحفوظة يا ابو عبد الرحمن قلنا الذي ورد في النصوص الاشارة الى النية بالارادة فالاخلاص هو تصفية القلب من قادة غير الله وقولنا فيما سبق من قصد غير الله ليس كاملا لان الكامل هو التعبير بما عبرت به فنقول الاخلاص هو تصفية القلب من ارادة غير الله. وعدمنا البيت فقلنا اخلاصنا تصفية للقلب من مريد لغير الله. ايش؟ مريد لغير الله. نعم. انكسر هذا البيت في اجماع اهل الشعر ارادة لغير الله فاحذر يا فطن ارادة لغير الله فاحذر يا فطن حتى يكون موافقا للتعريف ايش؟ انا شاك فيها احسنت غير الله لان بالفعل ارادة غير الله فاحذري يا خطيب. اخلاصنا تصفية للقلب من ارادة غير الله فاحذر يا وبختم هذا الدرس نكون قد بلغنا قدر ثلث البرنامج ما هو بيت الشعر؟ البارح نسيت اقول بقيت الشعر ما هو بيت الشعر الذي نختم بهذا اليوم؟ بيت البارح نعطيكم اياه مجاني بيت البارح بنصف الثلث ابتدي يبتدئ المسير فسيروا معشر الاخوان سيرة. هذا البارح بنصف الثلث يبتدأ المسير فسيروا معشر الاخوان سيروا. نصف الثلث كم؟ السدس. سدس. والبرنامج ستة ايام. ثلاثين كتاب. انهينا منها يوما. فيه خمسة كتب فنكون قد انهينا السدس. وبيت اليوم هذه القصيدة لازم اللي يحضرون درس الواحد يحفظونها. نسامحكم السنة هذي لكن السنة القادمة نسمع لكل واحد او يعرض كل واحد نسمع غلط لكن يعرض كل واحد منكم ايش البيت؟ من اللي تكلم انت ها انت حضرت العام؟ من عندك ها نحن بحمد لله صرنا الى ثلث الا ثلث كثير. احسنت. وها نحن بحمد الله صرنا الى ثلث الا ثلث كثير. يعني لما قضينا اليوم الحمد لله هذا اليوم نكون انهينا ثلث البرنامج. وها نحن بحمد الله صرنا الى ثلث الا ثلث كثير وقوله الا ثلث كثير اشارة الى حديث الصحيحين الثلث والثلث كثير. وابيات هذه القصيدة المقصود بها ان تكون معينة على قطع الطريق. نسأل الله عز وجل ان ييسر لنا ولكم. والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وال وصحبه اجمعين