السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله رسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الثاني عشر من برنامج الدرس الواحد الثامن والكتائب المقروء فيه هو قاعدة في اخراج الزكاة على الفور للحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين. المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة الحافظ عبدالرحمن بن احمد بن رجب السلمي الدمشقي ثم البغدادي بابي الفرج ويعرف بابن رجب. المقصد الثاني تاريخ مولده ولد صبيحة الخامس عشر كرم من شهر ربيع الاول سنة ست وثلاثين وسبعمائة. المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في شهر رجب سنة خمس وتسعين وسبعمئة وله من العمر تسع وخمسون سنة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. المقدمة الثانية التعريف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول تحقيق عنوانه لم يذكر احد من مترجم المصنف رحمه الله تعالى هذا الكتاب له ولا حملت نسخته الخطية اسما يتميز به جاء في اخرها قول ناسخها اخر القاعدة في اخراج الزكاة على الفور فاستحسن ناشرها تسميتها بذلك. المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذه الرسالة هو بيان حكم اخراج الزكاة. هل هو على الفور ام لا؟ والمراد بالفورية هنا اخراجها وقت حلولها. دون تأخير. المقصد الثالث توضيح منهجه جاءت هذه الرسالة في سياق واحد دون ابراز بتراجم تدل عليها. وشحنها المصنف بنقل الروايات المتعددة عن الامام احمد رحمه الله في هذه المسألة واتبعها بالنقل عن كتب الاصحاب مع بيان ما يحتاج الى تنبيه مع ذكر مذاهب العلماء غير احمد في اخره كما انه عرض لبيان جملة من المسائل المخرجة عليها. فذكر مسائل تخرج على حكم اخراج الزكاة فورا او تراخيا. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد. قال المصنف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. رب يسر يا كريم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد واله اجمعين. وسلم وبعد فهذا فصل في وجوب اخراج الزكاة على الفور. قد صرح بذلك اصحابنا في كتبهم وكلام الامام احمد يدل على قال في رواية جعفر ابن محمد اذا وجبت الزكاة لا يخرجها الا جملة. لا يفرط وقال في رواية ابن هاني وقال في رواية ابن هاني وصالح وسئل اتأخر الزكاة؟ قال لا. قال في رواية ابي داوود لا يؤخرها عن محلها وقال بكر بن محمد سئل ابو عبد الله عن رجل يكون وقت زكاته فيخرج فيعطي قليلا قليلا. فكأنه اذا حلت عليه الا ان يقدمها. قال ما يأمن الحجثان؟ قال ولكن يخرج قليلا قليلا قبل ان تحل. فاذا حل قد تعين تخريجها وقال الاثرم سئل ابو عبد الله عن رجل يحول الحول على ماله فيؤخر عن وقت الزكاة قال ولم يؤخر يخرجها الى حال الحول وشدد في ذلك. قيل له فان حال الحول فابتدأ في اخراجها. فجعل اولا فاول قال لا يحل يخرجها كلها اذا حال عليه الحول وشدد في ذلك. وقال في رواية ابن منصور وسئل عن قول سفيان الثوري اذا وجبت عليه الزكاة فجعلها في كيس فجعل يعطي قليلا قليلا يرعى الموضع قال لا بأس اذا كان لا يجد فاذا وجد لان يفرغ منه احب اليه. قال احمد جيد وهذه الرواية قد تشعر بعدم التحريم وقال في رواية العباس ابن محمد الخلاد في الرجل يؤخر الزكاة حتى تأتي عليه سنين. ثم يزكين خافوا عليه الاثم في تأخيره وقال في رواية يعقوب ابن بختان في رجل عليه زكاة عام لم يعطه واعطى زكاة عام قابل. قال ولكن يعطي الماضي وهذا يشعر بعدم التحريم ايضا. ونقل عنه يعقوب ابن بختان ايضا في رجل تجب عليه الزكاة وله قرابة وقوم قد كان عودهم فيعطيهم وهم عنه غيب. يدفعها اليهم. قال ما احب ان يؤخرها الا ان لا يجد مثلهم في فهذا نص على جواز التأخير لمن لا يجد مثلهم في الحاجة وقد نص في مواضع اخر على انه لا يؤخرها بعد الحول ليجريها على اقاربه. منه محمد ابن يحيى الكحال والحسن ابن محمد والفضل ابن زياد. ونقل عنه اسحاق بن هاني الله وابو مسعود وابو مسعود الاصبهاني وابو طالب وسندي وغيرهم الجواز. وفي رواية عبد الله انه يجوز ذلك تعجيلا للزكاة فحمل ابو بكر عبد العزيز المنع والجواز على اختلاف حالين لا على اختلاف قولين. المنع على تأخير ليجريها عليهم بعد الحول والجواز على اجرائها عليهم قبل الحوض. وهذا التفصيل قد نقله الحسن بن محمد عن احمد وخالف صاحب المحرر ابا بكر في ذلك وقال ظاهره الجواز مطلقا واخذ منه جوازة تأخير الزكاة للقرابة احمد نصوص اخر تدل على كراهة اجرائها عليهم شيئا فشيئا قبل الحول. معللا بانه يخص بزكاته قرابته دون غيرهم ممن هو احوج منهم. وقال لا يعجبني فان كانوا مع غيرهم سواء في الحاجة فلا بأس. نقله عنه جعفر بن محمد وكذا نقل عنه ابو داوود اذا كان غيرهم احوج وانما يريد ان يغنيهم ويدع غيرهم فلا وان استووا في الحاجة فهو اولى ونقل عنه ايضا اذا كان له قرابة يجري عليهم ايعطيهم من الزكاة؟ قال ان كان عدها من عياله فلا قيل انما يجري عليهم شيئا معلوما كل شهر. قال اذا كفى ذلك. قيل لا يكفيها فلم يرخص له ان يعطيها من الزكاة ثم لا يوقى للزكاة مال. ومعنى هذا انه كان عودها الاجراء عليها من غير الزكاة. قال لا توقى بالزكاة فقد وقى به ما له ولم يذكر الخلال ولا ابو بكر اخر الرواية فاشكل فقهها من كلامهما. ذكر المصنف رحمه الله الا هنا روايات متعددة عن ابي عبدالله احمد بن حنبل. في اخراج الزكاة اهو على الفور ام لا. ومجموع ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى يؤول الى ان الامام احمد رحمه الله تعالى له قولان في ذلك اولهما وجوب اخراجها على الفور اما مع تقديم شيء منها تعجيلا او بانتظار حلول وقت وجوبها يخرجها والثاني عدم وجوب ذلك. اما مطلقا او لمصلحة مقتضية يتم كعدم وجود اهلها. ولابد من التأليف بين هذه الاقوال بما يوافق مذهب احمد والتوفيق بينها هو ان القول بجواز التأخير مطلقا مما هجر ولم يصل مذهبا احمد بل مذهب احمد اخراجها فورا. لكن هذه الفورية مقيدة عند اصحابه بالامكان والمراد بالامكان وجود اهلها مثلا كما في الروايات الاخرى التي نقلت عنه في انتظار اهلها ولذلك قال في زاد مستقنع يجب اخراجها فورا مع امكانه الا لضرر فقوله يجب اخراجها فورا اي في وقتها. وقوله مع امكانه اي اذا لم يوجد مانع يحمل عليه كعدم وجود اهلها فينتظرهم ليعطيهم. الا لضرر لان الضرر مرفوع في الشريعة فاذا خشي تسلط لصوص عليه اذا اخرجها في وقتها جاز له ان يؤخرها. وهذه الفورية التي ذكرناها وهي الاصل هو الذي دلت عليه الادلة. والادلة الدالة على ذلك نوعان اولهما الدليل الخاص. وهو الله تعالى واتوا حقه يوم حصاده. فهذا يدل على وجوب اخراج الزكاة وقت حلولها. والثاني الدليل العام. وهو ما تقرر في الاصول ان امرا للفورية كما سلف في شرح سلم الوصول. فحينئذ يكون الراجح باعتبار الدليل وهو مدح احمد انه يجب اخراجها فورا. وهذه الفورية مقيدة بالامكان وعدم الضرر وهذا القيد لا يخالف خوريتها. والممنوع منه هو تأخيرها. نعم. ومما يتفرع على جواز تأخير اداء الزكاة انه يجوز ان يتحرى بها شيء معين تضاعف فيه الصدقة. فمن قال انه يجوز تأخيرها لمن لا يجد مثله في الحاجة لم يبعد على قوله ان ان يجوز تأخيرها لشهر يفضل فيه الصدقة ايضا. وقد يتخرج على ذلك انه يجوز ونقل الزكاة الى بلد بعيد لقرابة الفقراء. حاجتهم شديدة وقد توقف احمد في هذه الصورة في رواية الاثرم. وقال ومسائل التوقف تخرج على وجهين غالبا. واجازهن خاعي لذي القرابة خاصة. واجازه ما لك في النقل الى المدينة خاصة والنقل فيه تأخير الاخراج فكما يؤخر الاداء الى الوصول الى مكان فاضل تفضل فيه ابواب النفقة فكذلك تؤخر الى زمان فاضل تفضل فيه الصدقة. بل ان التأخير الى الزمان اولى لانه ليس فيه عدول من فقراء بلد الصدقة ولا نقل لها عن غيرهم وقد استشكل احمد قول عثمان هذا شهر زكاتكم قال ابراهيم ابن الحارث سئل احمد عن قول عثمان هذا شهر زكاتكم؟ قال ما فسر اي وجه هو؟ قيل فليس يعرف وجهه؟ قال قال الاثرم قلت لابي عبد الله حديث عثمان هذا شهر زكاتكم ما وجهه؟ قال لا ادري. واما حديث عثمان فحدثنا به من قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا مع عمر عن الزهدي عن الشاي بن يزيد قال سمعت عثمان يقول هذا شهر زكاتكم يعني رمضان. قال القاضي ابو يعلى قد نقل عن السائب بن يزيد انه قال ذلك في شهر رمضان نقل عنه انه قال ذلك في المحرم قلت قوله يعني رمضان ليس هو من قول السائب بل من قول من بعده من الرواة وحمل القاضي هذا الحديث على ان الامام يبعث سعاته في اول السنة وهو اول المحرم. فمن كان حال حوله اخذ منه ومن تبرع باداء زكاة لم تجب عليه قبل منه. ومن قال لم يحل حولي اخره. وقد نص احمد وغيره على ان من خشي ان يرجع عليه الساعي بالزكاة انه عذر له في تأخير اخراجها. وقال مالك وغيره من العلماء لا تجب الزكاة في الاموال الظاهرة الا يوم الا يوم مجيء السعاة. نقله عنه ابو عبيد وقالت طائفة المعنى قول هذا شهر زكاتكم يستحب فيه تعجيل زكاتكم. نقل ذلك القاضي في خلافه ورده على قائله. وروى ابو عبيد في كتاب الاموال قال حدثنا ابراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن ابن يزيد. قال سمعت عثمان بن عفان هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة اموالكم. ومن لم يكن عنده لم يطلب منه حتى لا يأتي بها تطوعا فمن اخذ منه لم تؤخذ منه حتى يأتي هذا الشهر من قابل. قال ابراهيم اراه يعني شهر رمضان قال ابو عبيد وقد جانا في بعض الاثر ولا ادري عن من هو ان هذا الشهر الذي اراد عثمان المحرم؟ وقال بعض السلف ذلك الشهر الذي كان يخرج فيه الزكاة نسي وان ذلك من المصائب على هذه الامة فروى ابو زرعة في قال سألت ابا مسهر عن عبدالعزيز بن الحصين هل يؤخذ منه؟ فقال اما اهل الحزم فلا يفعلون. قال فسمعت ابا مسلم يحتج بما انكره على عبد العزيز ابن الحصين. قال حدثنا سعيد ابن عبد العزيز عن الزهري فقال كان من البلاء على هذه الامة ان نسوا ذلك الشهر. يعني شهر الزكاة. قال ابو مسهر. قال عبدالعزيز سماه لنا الزهري. وقد روي ان الصحابة كانوا يخرجون زكاتهم في شهر شعبان اعانة على الاستعداد لرمضان لكن من وجه لا يصح وروى يحيى ابن سعيد الحمصي قال حدثنا سيف ابن محمد عن ضرار ابن عمرو عن يزيد الرقاشي عن انس ابن مالك قال كان اصحاب رسول الله صلى الله الله عليه وسلم اذ استهل شهر شعبان اكبوا على المصاحف فقرأوها واخذوا في زكاة اموالهم فقووا بها الضعيف والمسكين على صيام شهر رمضان ودعا المسلمون مملوكيهم فحطوا عنهم الضرائب شهر رمضان ودعت الولاة اهل السجون فمن كان عليه اقاموه عليه والا خلوا سبيله. ويحيى ومن فوقه الى يزيد كلهم ضعفاء. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مخرجة على الروايات المنقولة عن الامام احمد رحمه الله تعالى في جواز تأخير اخراج الزكاة عن وقتها وهي مسألة تأخيرها الى زمن تفضل فيه الصدقة كرمضان. فاذا كان تأخيرها جائزا على الروايات التي ذكرت عن الامام احمد فيجوز على مذهبه تحري وقت فاضل بها وهو شهر رمضان. وذكر في ذلك الاثر والصحيح عن عثمان رضي الله عنه هذا شهر زكاتكم. وهذا الاثر مما خفي معناه كما قال الامام احمد. لان تعيين ذلك شهر لم يعرف ولا عرف كذلك موجب قوله رضي الله عنه هذا شهر زكاتكم. ويحتمل ان يكون اراد به هذا شهر زكاتكم اي الشهر الذي ينبغي ان تعظموا فيه الصدقة باموالكم ولا يريد بذلك الصدقة الواجبة لان الزكاة قد تطلق على معنى اعم فيراد بها طهارة المال ونماؤه والمال يطهر وينمو بالصدقة كما يطغو وينمو بالزكاة الواجبة فيه والحاصل ان هذا التأخير على ما تقدم لا يكون جائزا لما تقرر انها على الفور فليس له ان يتحرى اخراجها في وقت فاضل مؤخرة. لكن هل له ان يتحرى اخراجها في وقت حاضن مقدمة هي مخرجة على خلاف اهل العلم رحمهم الله تعالى في جواز تقديم الزكاة. والصحيح جواز تقديم الزكاة كما اهو مذهب احمد وهو من مفرداته؟ فاذا تحرى اخراجها في شهر رمضان تقديما جاز ذلك. واما اذا تحرى اخرجها في شهر رمضان تأخيرا فانه لا يجوز ذلك لما تقرب من الفورية في الاخراج. ثم ان المصنف رحمه الله تعالى ذكر مسألة ثانية تخرج على هذه المسألة وهي تأخيرها لاجل نقلها الى بلد بعيد بقرابة فقراء حاجتهم شديدة. كأن تكون الزكاة تحل عليه في شهر رجب فيخرجها في رجب ولا تصلوا اليهم الا في ذي القعدة. كما كان هذا الامر صعبا على الناس في ايصال اموالهم فيما سلف. ومسألة نقل الزكاة من بلد مخرجها الى بلد اخر مما اختلف فيها اهل العلم رحمهم الله تعالى على اقوال والاصل فيها بقاؤها في بلد مخرجها. لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح لمعاذ رضي الله عنه فانهم اطاعوا دعوك لذلك فاخبرهم ان الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم. فالمقصود هنا بالاغنياء والفقراء اغنياء البلد الذي هو فيه وليس المراد بذلك عموم الفقراء والا لقال ثم ترد على فقراء فيكون هذا الحديث نصا في ان الزكاة محلها الاخراج في بلد مخرجها. نعم اذا لم يوجد اهلها فله ان ينقلها الى خارجها. وذهب بعض اهل العلم وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية الى التوسعة في ذلك اذا اقتضتهما فاذا اقتضت مصلحة النقل جاز النقل عنده. واذا لم تقتضه مصلحة فانه يبقى على الاصل. والاشبه والله اعلم ان اخراج الزكاة يكون في بلد مخرجها الا اذا لم يوجد اهلها فاذا لم يوجد اهلها فانها تنقل البلد وذكر المصنف رحمه الله تعالى في اثناء كلامه ها هنا ان من خاف ان يرجع عليه بالمطالبة جاز له ان يؤخرها حتى وصوله. فقال وقد نص احمد وغيره على ان من خشي ان يرجع عليه الساعي بالزكاة انه عذر له في تأخير اخراجه. والمراد برجوع الساعي مطالبته بها عند وصوله. فاذا كان وقت وجوب بالزكاة شهر شعبان والساعي وهو الذي يندبه ولي الامر لجمع الزكاة لا يصل الى بلد مخرج الا في شوال ويخشى مخرجها انه اذا اخرجها يرجع عليه الساعي بتكرار المطالبة بها. فيكون قد اخرجها مرتين فيجوز له عند احمد ان يؤخرها لاجل دفع الضرر عن نفسه وهو الذي نقله المصنف بعد ذلك عن مالك وغيره اذ قالوا لا تجب الزكاة في الاموال الظاهرة الا يوم مجيء السعاة. يعني الاموال التي تحصى وترى كالابل والغنم والزروع ونحوها. فلاجل خوف طلبة السعاة بها جوزوا ذلك. وهذا معنى قول صاحب زاد الا لضرب فان من الضرر تكرار المطالبة بها من السعاة اذا وصلوا اليه. فاذا كان الساعي يصل متأخرا وهو يخشى ان يطالبه بها جاز له ان يؤخرها الى حين وصوله. نعم. واما مذاهب العلماء في هذه المسألة قال ميمون ابن مهران اذا حال الحول اخرج زكاته وله ان يشتغل بتفرقتها شهرا لا يزيد عليه. قال ابو عبيد حدثنا علي ابن ثابت عن جعفر ابن برقان عن ميمون ابن مهران قال اجعلها صرارا ثم ضعها فيمن تعرف ولا الجمع صرة اجعلها سررا ثم ضعها في من تعرف ولا يأتي عليك الشهر حتى تفرقها. وصرح اصحابنا جواز تأخير اخراجها يسيرا من غير تقدير. وحكوا عن مالك والشافعي ومحمد بن الحسن. انه يجب اخراجها على الفور عن ابي يوسف الا يجب ما لم يطالبه الامام وحكوا في كتب الخلاف منهم القاضي وابن عقيل عن الحنفية انهم قالوا تسقط الزكاة بتلف المال قبل امكانه وبعده. على انه لا يجب اخراجها على الفور. وانه لا يجب بدون مطالبة الساعي هذا يشبه المحكية عن ابي يوسف كما تقدم. ختم المصنف رحمه الله تعالى هذه الرسالة ببيان مذاهب علماء اخرين سوى الامام احمد في هذه المسألة. وجمهور اهل العلم على وجوب اخراجها فورا. ومنهم من سهل في تأخير شهرا لاجل مصلحة تفريقها كما ذكر المصنف عن ميمون ابن فهران وتقدم مثله عن الامام احمد. ومنهم كذلك من سهل في تأخيرها لاجل خوف المطالبة بها وهذا معنى قول ابي يوسف لا يجب ما لم يطالبه الامام. فاذا خشي ذلك كما تقدم يجوز له تأخيرها. والذي تدل عليه الادلة كما سلف انه يجب اخراج الزكاة على الفور. فاذا حان وقتها وجب اخراجها في ذلك الزمان. ان امكن ما لم يلحق الانسان بذلك ضررا. هذا هو الذي تدل وعليه الادلة وهو نص مذهب احمد كما في زاد المستقرع وهذا اخر التقرير على هذه الرسالة اللطيفة والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين