السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الرابع عشر من برنامج الدرس الواحد الثامن. والكتاب المقروء فيه هو كتاب فصول في الصيام والتراويح والزكاة للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين. المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة لمقاصد المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة محمد ابن صالح ابن محمد ابن عثيمين يكنى بابي عبد الله ويعرف بابن عثيمين نسبة الى احد اجداده. المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة سبع واربعين بعد الثلاثمائة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في العاشر من شهر شوال سنة احدى عشرين بعد الاربع مئة والالف وله من العمر اربع وسبعون سنة رحمه الله رحمة واسعة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه طبع هذا الكتاب في حياة مصنفه باسم فصول في الصيام والتراويح والزكاة. وفي ذلك اعلام بكونه مرتضيا هذا الاسم المقصد الثاني بيان موضوعه يفصح عنوان الكتاب عن ان هذه الرسالة تدور مطالبها حول هذه الابواب الثلاثة. الصيام والتراويح والزكاة. المقصد الثالث توضيح منهجه صنف المؤلف رحمه الله تعالى كتابه هذا على وجه الاختصار. ورتبه في فصول ثمانية واعتنى ببيان الادلة وذكر الراجح وربما اشار الى الخلاف احيانا. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع الحاضرين والمستمعين. قال المؤلف رحمه الله تعالى الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله واصحابه. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وسلم تسليما اما بعد فانه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك فانا فاننا نقدم الى اخواننا المسلمين الفصول التالية سائلين الله تعالى ان يجعل عملنا خالصا لله موافقا لشريعته نافعا لخلقه. انه جواد كريم الفصل الاول في حكم الصيام الفصل الثاني في حكمه وفوائده. الفصل الثالث في حكم صيام المريض والمسافر الرابع في مفسدات الصوم وهي المفطرات. الفصل الخامس في التراويح الفصل السادس في الزكاة وفوائدها. الفصل السابع في لاهل الزكاة الفصل الثامن في زكاة الفطر. الفصل الاول في حكم الصيام صيام رمضان فريضة ثابتة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجماع المسلمين. قال الله تعالى يا يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون اياما معدودات فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين. فمن تقوى خيرا فهو خير له وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون. شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن قرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. فمن شهد منكم الشهر فليصمه كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم. ولعلكم تشكرون. وقال النبي صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان متفق عليه. وفي رواية لمسلم وصوم رمضان البيت واجمع المسلمون على فريضة صوم رمضان فمن انكر فريضة صوم رمضان فهو مرتد كافر يستتاب فان تاب واقر بفريضتي فذاك والا قتل كافرا. وفرض صوم رمضان في السنة الثانية من الهجرة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات. والصوم فريضة على كل مسلم بالغ عاقل فلا يجب الصوم على الكافر ولا يقبل منه حتى يسلم ولا يجب الصوم على الصغير حتى يبلغ. ويحصل بلوغه بتمام تمام خمس عشرة سنة او نبات اعانته او نزول المني منه بالاحتلام او غيره. وتزيد الانثى بالحيض فمتى حصل للصغير احد هذه الاشياء فقد بلغناك يؤمر الصغير بالصوم اذا اطاق بلا ضرر عليه. ليعتاده ويألفه ولا يجب الصوم على فاقد العقل بجنون او تغير دماغ او نحو وعلى هذا فاذا كان الانسان كبيرا يهدي ولا يميز فلا صيام عليه ولا طعام ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا طليعة هذه الفصول بيان حكم الصيام. واستفتح ذلك ان صيام رمضان وهو المراد بالبيان هنا انه فريضة ثابتة بدلالة الكتاب والسنة والاجماع. فاما الكتاب فالاصل في ذلك قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم الى تمام ايات ووجه دلالة هؤلاء الايات على وجوب الصيام من وجهين اثنين اولهما التصريح بكتبه والمراد بالكتب اللزوم والايجاب. فالكتب حيث دار في الكتاب والسنة. يراد به الايجاب فان كان الامر شرعيا صار الايجاب شرعيا وان كان الامر قدريا صار الامر قدريا. والمسألة المفروظة هنا متعلقة بامر شرعي وهو فرض صيام رمضان. والثاني في قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر وهذا دال على وجوب الصيام لاقتران الفعل المضارع باللام الدالة على الامر. ثم بذكر الدليل من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث ابن عمر في الصحيحين وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بني الاسلام على خمس ثم عد من هؤلاء الخمس صوم رمضان. والاجماع على ذلك مشهور عند الخاص والعام من المسلمين. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى في جملة ما ذكر من يتعلم به فرض الصيام فقال والصوم فريضة على كل مسلم بالغ عاقل. ولابد من زيادة قيدين اثنين اولهما الاستطاعة فيقال مستطيع والثاني السلامة من الموانع. فيقال سالم من الموانع. فحينئذ يكون الصوم فريضة على كل مسلم بال عاقل مستطيع سالم من الموانع. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى مسائل تتفرع هذا فذكر من المسائل المتفرعة عن قيد الاسلام انه لا يجب الصوم على الكافر ومعنى لا يجب الصوم على الكافر انه لا طلبوا به حال كفره ولا يصح منه. ولا يراد بذلك انه غير مخاطب به لما تقرر ان الكفار مخاطبون بالشريعة كلها. وخرج بقيد البلوغ الصغير فان الصغير لا يجب عليه الصوم حتى يبلغ والبلوغ له ثلاث علامات. الاولى بلوغ خمس عشرة سنة. والثانية ان العانة والمراد بها شعر القبل. والثالثة نزول المني من الصغير بالاحتلام او غيره. وتختص الانثى بعلامة رابعة وهي نزول دم الحيض منها. ثم ذكر ان من طرائق التأديب شرعي امر الصغار بالصوم اذا اطاقوا ذلك بلا ضرر ليعتادوه ويألفوه كما كان الصحابة رضوان الله عنهم يفعلون ذلك بصغارهم ثم ذكر مما يخرج بقيد العقل فاقد العقل بجنون او تغير دماغ او نحوه. فان من كان كذلك لا يجب عليه صيام. ومن هذا الجنس الكبير اذا خلف وهرم وصار يهدي فانه لا صيام عليه ولا اطعام لانه ليس مع علن للايجاب وخرج بقيد المستطيع المريض فان المريض لا يجب عليه الصيام كما سيأتي ذكر احواله فيما يستقبل في كلام المصنف. وخرج بقيد السالم من الموانع المرأة الحائض والنفساء فانه يقوم بهما مانع بالغ من ذلك وهو خروج ذم الحيض والنفاس منهما. نعم احسن الله اليكم. الفصل الثاني في حكم الصيام وفوائده من اسماء الله تعالى الحكيم. والحكيم من اتصف بالحكمة والحكمة اتقان عن الامور ووضعها في مواضعها ومقتضى هذا الاسم من اسمائه تعالى ان كل ما خلقه الله تعالى او شرعه فهو لحكم فهو ولحكمة بالغة علمها منالمها وجهلها من جهلها وللصيام الذي شرعه الله وفرضه على عباده حكم عظيمة وفوائد جمة فمن حكم الصيام انه عبادة يتقرب بها العبد الى ربه بترك محبوباته المجبول على محبتها من وشراب ونكاح لينال بذلك رضا ربي والفوز بدار كرامته. لينال بذلك رضا ربه والفوز بذلك كرامته فيتبين بذلك ايثاره لمحبوبات ربي على محبوبات نفسه. وللدار الاخرة على الدنيا. ومن حكم الصيام انه سبب للتقوى اذا قام الصائم بواجب صيامه قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. فالصائم مأمور بتقوى الله عز وجل وهي امتثال امري واجتناب نهيه وذلك هو المقصود الاعظم بالصيام. وليس المقصود تعذيب الصائم بترك الاكل والشرب والنكاح. قال النبي صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول الزور ولا من به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. رواه ابو البخاري قول الزور كل محرم من الكذب والغيبة والشتم وغيرها من الاعمال المحرمة والعمل بالزور العمل بكل فعل محرم ومن العدوان على الناس بخيانة وغش وضرب الابدان واخذ الاموال ونحوها. ويدخل فيه الاستماع الى ما يحرم الاستماع اليه من الاغاني المحرمة والمعازف وهي الات اللهو والجهل هو السفه وهو مجانبة الرشد في القول والعمل. فاذا تمشى الصائم بمقتضى هذه الاية والحديث كان الصيام تربية نفسي وتهذيب اخلاقه واستقامة سلوكه ولم يخرج شهر رمضان الا وقد تأثر تأثرا بالغا يظهر في نفسه واخلاقه وسلوكه. ومن حكم الصيام ان الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغنى حيث ان الله تعالى قد يسر له الحصول على ما يشتهي من طعام وشراب ونكاح مما اباح الله شرا ويسره له قدرا. فيشكر ربه على هذه النعمة ويذكر اخاه ويذكر اخاه الفقير ويذكر اخاه الفقير الذي لا يتيسر له الحصول على ذلك. فيجود عليه بالصدقة والاحسان. ومن حكم الصيام التمرن على ضبط النفس والسيطرة عليها حتى يتمكن من قيادة ال ما فيه خيرها سعادتها في الدنيا والاخرة ويبتعد عن ان يكون انسانا بهيميا لا يتمكن من منع نفسه عن لذة او الشهوات لما فيه مصلحة ومن حكم الصيام ما يحصل من الفوائد الصحية الناتجة عن تقليل الطعم واراحة الجهاز الهضمي فترة معينة بعض الفضلات والرطوبات الضارة بالجسم وغير ذلك. ذكر المصنف رحمه الله تعالى بهذا الفصل نبذة من حكم الصيام والمقطوع به ان كل امر شرعي فهو مشتمل على حكم كما ان كل نهي شرعي فهو مشتمل على حكم والمتقدمون يشيرون غالبا الى الحكم باسم المقاصد. وهي اما مقاصد عامة للاحكام واما مقاصد خاصة في كل عبادة بعينها. وقد صنف ابو محمد ابن عبد السلام كتابا اسمه مقاصد الصيام. واورد المصنف رحمه الله تعالى هنا خمسة حكم من حكم الصيام. اولها انه عبادة يتقرب بها العبد بفطم النفس عن محبوباتها التي جبرت عليها تقربا الى الله سبحانه وتعالى. فيتخلص من محبة المألوف لاجل محبة المعبود سبحانه وتعالى. والحكمة التانية ان في الصيام تحصيلا للتقوى بكف النفس عن غيها وزجرها عن وتحبيبها الى اتيان الحسنات والاستكثار من الخيرات. فيحصل بالصيام جمع النفس على الطاعة و بعدها عن المعصية. وهذا هو المقصود الاعظم من الصيام لا ترك الطعام والشراب كما جاء في حديث ابي هريرة اورده المصنف رحمه الله تعالى عند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه والمراد بالزور الباطل. ثم ذكر حكمة ثالثة وهي ان الغني يعرف قدر نعمة الله عز وجل عليه. فانه اذا حبس عن نفسه النعم التي يتقلب فيها مسه طرف من فقدها فاذا افتقدها عرف قدر ما بلغه الله سبحانه وتعالى منها فيحمله ذلك على رقة قلبه وعلى جوده بما ينفعه من صدقة واحسان ثم ذكر الحكمة الرابعة وهي سياسة النفس ورياضتها حتى ترتاض وتسلم قيادها للعبد والنفس تحتاج الى سياسة عظيمة لكبح جماحها ومن جملة ما يعين على ذلك هو الصيام ولذلك ارشد النبي صلى الله عليه وسلم من لم يجد قدرة على النكاح ان يصوم لما فيه من كسر شهوة النفس وتسهيل فطنها عن ميلها الى تلك الشهوة كما في قوله صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء متفق عليه ثم ذكر الحكمة الخامسة وهي تحصيل المنفعة الصحية في تقوية البدن ودفع المضار عنه بتقليل الطعام واراحة الجهاز الهضمي فترة من الزمن يحصل بها تقوية البدن وتطهيره مما يضره. نعم. الفصل الثالث في حكم صيام المريض المسافر قال الله تعالى ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. والمريض على قسمين احدهما من كان مرضه لازما مستمرا لا يرجى زواله كالسرطان فلا يلزمه الصوم لانه ليس له حال يرجى فيها ان يقدر عليه. ولكن يطعم عن صيام كل يوم مسكينا اما بان يجمع مساكين بعدد الايام فيعشيهم او او يغديهم كما كان انس ابن مالك رضي الله عنه يفعله حين كبر. واما بان يفرق طعاما على مساكين بعدد الايام لكل مسكين ربع صاع نبوي اي ما يزن نصف كيلو وعشرة غرامات من الجيد ويحسن ان يجعل معه ما يؤدبه من لحم او دهن ومثل ذلك الكبير العاجز عن الصوم في طعم عن كل يوم مسكينا الثاني من كان مرضه طارئا غير ميؤوس من زواله كالحمى كالحمى وشبهها. وله ثلاث حالات الحال الاولى الا يشق عليه الصوم ولا يضره فيجب عليه الصوم لانه لا عذر له. الحال الثانية ان يشق عليه ولا يضروا فيكره له الصوم لما فيه من العدول عن رخصة الله تعالى مع الاشقاق على نفسه. الحال الثالثة ان يضره الصوم فيحرم عليه ان يصوم لما فيه جلب الضار على نفسه. وقد قال تعالى ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما. وقال تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار. اخرجه ابن ماجة والحاكم قال النووي وله طرق يقوي بعضها بعضا. ويعرف ضرر على المريض ما باحساسه بالضرر في نفسه واما بخبر طبيب موثوق به. ومتى افطر المريض في هذا القسم فانه يقضي عدد الايام التي افطرها اذا عوفي فان مات قبل معافاته سقطان لقضاء سقط عنه سقط عنه المريض لان فرضه ان يصوم عدة من ايام اخر ولم يدركها والمسافر على قسمين احدهما من يقصد بسفره التحيل على الفطر فلا يجوز له الفطر. لان التحيل على فرائض الله لا يسقطها. الثاني من لا يقصد ذلك فله او ثلاث حالات الحال الاولى ان يشق عليه الصوم شقة شديدة فيحرم عليه ان يصوم لان النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة الفتح صائما فبلغه ان الناس قد شق عليهم الصيام وانهم ينظرون فيما فعل فدعا بقدح من ماء بعد العصر شرب والناس ينظرون فقيل له ان بعض الناس قد صاموا فقال اولئك العصاة اولئك العصاة. رواه مسلم الحال الثانية ان يشق عليه صوم مشقة غير شديدة فيكره له الصوم لما فيه من العدول عن رخصة الله تعالى مع الاشقاق على نفسه. الحال الثالثة الا يشق عليه الصوم فيفعل الايسر عليه من الصوم والفطر لقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. والارادة هنا بمعنى المحبة فان تساوى فالصوم لانه فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن ابي الدرداء رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان في حر شديد حتى ان كان احدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة. والمسافر على سفر من حين يخرج من حتى يرجع اليها ولو اقام في البلد التي سافر اليها مدة فهو على سفر ما دام على نية انه لن يقيم فيها بعد انتهاء غرضه الذي سافر اليها من اجله فيترخص برخص السفر ولو طالت مدته اقامته لانه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم تحديدا مدة ينقطع بها السفر والاصل بقاء السفر وثبوت احكامه حتى يقوم دليل على انقطاعه وانتفاء احكامه. ولا فرق في السفر الذي يترخص فيه بين السفر العارض كحج وعمرة وزيارة قريب وتجارة ونحوه. وبين السفر المستمر كسفر اصحاب الاجرة التكاسي او غيرها من السيارات الكبيرة. فانهم متى خرجوا من بلدهم فهم مسافرون يجوز لهم ما يجوز للمسافرين من الاخرين من الفطر في رمضان من الفطر في رمضان وقصر الصلاة الرباعية الى ركعتين والجمع عند الحاجة اليه بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء والفطر افضل لهم من الصيام اذا كان اسهل لهم ويقضونه في ايام الشتاء. لان اصحاب فهذه السيارات لهم بلد ينتمون اليها فمتى فمتى كانوا في بلدهم فهم مقيمون لهم ما للمقيمين وعليهم ما عليهم ومتى اثروا فهم مسافرون لهم ما للمسافرين وعليهم ما على المسافرين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فصل مفردا في بيان حكم صيام المريض والمسافر اذ يقوم بهما مانع ربما اباح لهما الفطر ويترتب على ذلك احكام كما سيأتي. وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان المريض على قسمين احدهما من كان مرضه لازما مستمرا لا يرجى زواله. ويعجز معه عن الصيام ولابد من زيادة هذا طيب فان من الامراظ ما يكون لازما مستمرا لا يرجى زواله لكن لا يعجز صاحبه عن الصيام. فيبقى الوجوب متعلقا فلا بد من زيادة قيد لا يرجى زواله ويعجز معه عن الصيام. فاذا كان المريض على هذه الحال فانه لا يلزمه صوم ولكن يطعم عن صيام كل يوم مسكينا. وهو مخير في اطعام هؤلاء المساكين. اما بجمعهم جميعا واطعامهم كما ثبت ذلك عن انس بن مالك رضي الله عنه واما ان يفرق طعاما على اولئك المساكين بعدد الايام. وتقدير ما يطعم ان يدفع الى كل مسكين ربع صاع نبوي ومقدار بالمقادير المعروفة اليوم نصف كيل وعشرة جرامات من البر الجيد. ثم ذكر انه يستحسن ان يجعل معهما يأدمه من لحم او دهن لان تمام الاطعام انما يتحقق بهذا. والله سبحانه وتعالى لما ذكر كفارة اليمين قال من اوسط ما تطعمون اهليكم والاصل ان الكفارات مجراها واحد والوسط في زماننا هذا ما كان مشتملا على ما يأدمه من لحم او دهن او نحوه ذلك. ثم ذكر ان هذا النوع من المرض وهو المرض الذي لا يرجى زواله مع العج يلحق به الكبير الذي يعجز عن الصيام فيكون له حكمه ثم ذكر القسم الثاني من المرضى وهو من كان مرضه طارئا غير ميؤوس من زواله كالحمى وشبهها وذكر انه له ثلاث حالات الحالة الاولى الا يشق عليه الصوم ولا يضره فهذا يجب عليه الصوم اذ لا عذر له كالامراض الخفيفة والحال الثانية ان يشق عليه الصوم ولا يضره فيكره له الصوم لما فيه من العدول عن رخصة الله مع الاشفاق على نفسه. كمن اشتدت عليه الحرارة فانه اذا ردت عليه الحوض اشتدادا شديدا حصل له مشقة بذلك فهذا يكره له الصوم لان الله عز وجل ارخص له والله عز وجل يحب ان تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه. ثم ذكر الحالة الثالثة وهي التي يكون الصوم فيها ضارا المريض فحين اذ يحرم عليه الصوم لما في ذلك من الاضرار به. والله عز وجل قال ولا تقتلوا انفسكم وقال ولا تلقوا بايديكم الى وفي الحديث الحسن عند ابن ماجة وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار. وهذا النوع من المرضى يبقى القضاء متعلقا بذمته. فاذا عوفي وجب عليه ان يقضي تلك الايام لا اطعام عليه. فان مات قبل معافاته سقط عنه القضاء. لان فرظه ان يصوم عدة من ايام اخر وهو لم يدرك تلك الايام. فمن مرض في رمضان ثم بقي عليه بسبب مرضه صيام عشرة ايام فشفي في اخر رمضان ثم افطر مع الناس ثم مات في اليوم الثاني من العيد فهذا لا شيء عليه لانه لم يدرك شيئا من الوقت يتسع لصيام تلك الايام. لا قضاء ولا كفارة ثم ذكر بعد ذلك احكام صيام المسافر فذكر ان المسافر على قسمين. الاول من يقصد بسفره التحيل على الفطر فيسافر ليفطر وهو قصد بسفره تحصيل فطره. فهذا اثم ولا يجوز له الفطر. والثاني من لا يقصد ذلك فهذا له ثلاث حالات والنوع الاول الذي يسافر ليفطر اذا افطر ويبقى القضاء في ذمته. لان من قواعد معرفة القضاء في من يفطر في رمضان ان المطالبة بالصوم ثابتة في ذمة العبد لقول الله عز وجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه فاذا خرم شيئا منها اما لعذر شرعي او لغيره فان ذمته تبقى مشغولة بقضائه حتى يقضيه. ثم ذكر الثاني من المسافرين وهم من لا يقصد التحيل فذكر ان المسافر حينئذ له ثلاث حالات الحال الاولى ان يشق عليه الصوم مشقة فحينئذ يحرم عليه الصوم لما في ذلك من الاضرار بنفسه. والحال الثانية ان يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة فهذا يكره له الصوم لتركه الرخصة. والحال الثالث ان لا يشق عليه الصوم. فهذا مخير بين الصوم والفطر وجمهور اهل العلم على ان الصوم افضل. لانه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفيه شهود الوقت الاشرف وهو وقت رمضان وموافقة الناس في عبادتهم فيكون ذلك اعون له في الاتيان بها. ثم ذكر ان حكم الفطر يثبت للمسافر من حين خروجه من بلده حتى يرجع اليها ولو اقام خارج بلده مدة مديدة لان الله سبحانه وتعالى قال ومن كان منكم مريضا او على سفر ولم يقل الله سبحانه الا في سفر لانه لو قيل في سفر توهم ان فطره يختص بحال كينونته مسافرا بين بلد الى بلد فجيء بعلى الدالة على الاستعلاء اي يجوز له الصيام ما بقي دائما على سفره فاذا بقي على سفره ولو استقر في بلد اخر فان له الفطر. ثم ذكر رحمه الله تعالى انه لا فرق هنا بين السفر العارض والسفلي المستمر. فالعارض كحج او عمرة والمستمر من يتجر بالخروج والسفر كاصحاب سيارات الاجرة او سيارات النقل فهؤلاء يجوز لهم الفطر كما يجوز لغيرهم من المسافرين. نعم الفصل الرابع في مفسدات الصوم وهي المفطرات. مفسدات الصوم سبعة احدها الجماع وهو ايلاج الذكر في الفرج فمتى جامع الصائم فسد صومه ثم ان كان في نهار رمضان والصوم واجب عليه لزمته الكفارة المغلظة لفحش فعله. وهي عتق رقبة فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين فان لم يستطع فاطعام الستين مسكينا. فان كان الصوم غير واجب عليه كالمسافر يجامع زوجته وهو صائم فعليه القضاء دون الكفارة. الثاني انزال المني بمباشرة او تقبيل او ضم او نحوها فان قبل ولم فلا شيء عليه. الثالث الاكل والشرب وهو ايصال الطعام او الشراب الى الجوف سواء كان عن طريق الفم او عن طريق الانف ايا كان نوع المطعوم ايا كان نوع المطعوم او المشروب ولا يجوز للصائم ان يستنشق دخان البخور بحيث يصل الى جوفه لان الدخان لان الدخان لان للدخان جرما واما شم الروائح الطيبة فلا بأس به. الرابع ما كان بمعنى الاكل او الشرب مثل الابل مثل الابر المغذية التي التي يستغنى بها عن الاكل والشرب. فاما غير المغذية فلا تفطر. سواء كانت عن طريق عرق او العضل. الخامس اخراج الدم بالحجامة وعلى قياسه اخراجه بالفصد ونحوه مما يؤثر على البدن كتأثير الحجامة فاما اخراج الدم اليسير للفحص ونحوه فلا يفطر لانه لا يؤثر على البدن من الضعف تأثير الحجامة التقيؤ عمدا وهو اخراج ما في المعدة من طعام او شراب. السابع خروج دم الحيض والنفاس. وهذه المفسدات لا تفطر الا بثلاثة شروط احدها ان يكون عالما بالحكم وعالما بالوقت. الثاني ان يكون ذاكرا. الثالث ان يكون مختارا فلو احتاج ما يظن ان الحجامة لا تفطر فصومه صحيح لانه جاهل بالحكم وقد قال الله تعالى وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم. وقال تعالى ربنا لا تؤاخذنا نسينا او اخطأنا. فقال الله قد فعلت. وفي الصحيحين عن ابي بن حاتم رضي الله عنه انه عقالين اسود وابيض تحت وسادته. فجعل يأكل وينظر اليهما فلما تبين احدهما من الاخر امسك عن الاكل يظن ان ذلك معنى قوله تعالى حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود ثم اخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم انما ذلك بياض النهار وسواد الليل. ولم يأمره بالاعادة. ولو اكل يظن ان الفجر لم يطلع او ان او ان الشمس قد غربت ثم تبين خلاف ظنه فصومه صحيح لانه جاهل بالوقت. وفي صحيح البخاري البخاري عن اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما قالت افطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيب ثم طلعت ولو كان القضاء واجبا لبينه صلى الله عليه وسلم لان الله اكمل به الدين. ولو بينه النبي صلى الله عليه وسلم نقله الصحابة رضي الله عنهم بان الله تكفل بحفظ الدين. فلما لم ينقله الصحابة رضي الله عنهم ما نمنا انه ليس بواجبه ولان مما تتوفر الدواعي على نقله لاهميته. فلا يمكن اغفاله ولو اكل ناسيا انه صائم لم يفطر لقول النبي صلى الله الله عليه وسلم من نسي وهو صائم فاكل او شرب فليتم صومه فانما اطعمه الله وسقى متفق عليه ولو اكره على الاكل او تبغمض فتهرب الماء الى بطنه او قطر في عينه فتهرب القط الى جوفه او احتلم فانزل ان ينفس صومه صحيح فصومه صحيح في ذلك كله لانه بغير اختياره. ولا ولا يفطر الصائم بالسواك بل هو وسنة له ولغيره في كل وقت في اول النهار واخره. ويجوز للصائم ان يفعل ما يخفف عنه شدة الحر والعطش التبرد بالماء ونحوه فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش وبلغ ابن عمر رضي الله عنهما ثوبا فالقاه على نفسه وهو صائم وهذا من اليسر الذي كان الله يريده بنا ولله الحمد والمنة على نعمته وتيسيره. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فصلا في مفسدات الصيام. والمقصود بالمفسدات المفطرات التي متى عرضت للعبد جرحت صيامه وصار مفطرا وعدها المصنف رحمه الله تعالى مفسدات اولها الجماع والمرود بالجماع علاج الذكر في الفرج فاذا جامع الصائم فقد فسد صومه واذا كان هذا الايلاج في نهار رمضان والصوم عليه واجب حينئذ لكونه غير معدول سافر ونحوه فانه يلزمه كفارة مغلظة كما ثبت ذلك في الصحيحين في قصة الرجل المجامع في نهار رمضان وهي مرتبة على الترتيب وليس على التخيير. والرواية التي جاء فيها ذكر التخييل لا تصح وقد رواه ثلاثون رجلا عن الزهري لم يذكروا التخييل كما ذكره الدارقطني رحمه الله تعالى فالواجب عليه اولا عتق رقبة اي تحريرها. فان لم يجد وجب عليه صيام شهرين متتابعين فان لم يستطع فاطعام ستين مسكينا. وان الصوم غير واجب عليه كالمسافر اذا سافر فجامع زوجته حينئذ وهو صائم فهذا ليس عليه كفارة وانما عليه القضاء لاجل كونه افطر في حال سفره وفطره في حال السفر جائز فعليه القضاء فقط مما يتعلق بهذه المسألة ايضا ان من كان عليه قضاء من رمضان ثم لما دخل في صيامه اتى اهله حال صومه ان الصحيح ان الكفارة لا تتعلق بذمته لان مأخذ الكفارة هو شرف الزمان كما هو قول الجمهور فلا تجب هذه الكفارة الا على مجامع في نهار رمضان ممن يجب عليه الصيام وليس له عذر. ثم ذكر المفطر الثاني وهو المفسد الثاني وهو انزال المني بمباشرة او تقبيل او ضم او نحوها. اما ان كان نزول المني بغير اختياره كنظر ونحوه فلا شيء عليه. وان بلى او ضم ونحو ذلك ولم ينزل فلا شيء عليه. ثم ذكر المفسد الثالث وهو الاكل والشراب. والمراد به ايصال الطعام او الشراب الى الجوف باي طريق من الطرق. ثم ذكر انه لا يجوز للصائم ان يستنشق دخان البخل بحيث يصل الى جوفه. وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الدخان اذا استنشقه الانسان هل هو مفطر او لا والصحيح ان شمه ليس بمفطر. واما التعرض له بالاستنشاق وسحبه الى الجوف فالاولى ترك ذلك. وعللوا ذلك بكون الدخان له جرم. وفي النفس من ذلك شيء. لكن الذي عليه الفتوى منع ذلك وعدم جوازه. اما الشم العابد فاذا كان في مجلس او مكان فشمه فهذا لا يضر. ثم ذكر الرابع وهو ما كان من جنس الاكل والشرب ومعناه كالابر الابر المغذية التي تقوي البدن فهذه لها حكم الاكل والشرب اما لا يغذي فانه لا يفطر. ثم ذكر المسند الخامس وهو اخراج الدم بالحجامة المعروفة او بالفصد لقوله صلى الله الله عليه وسلم كما في السنن افطر الحاجم والمحجوم وهو حديث صحيح ولم يصح حديث في نسخ الخبر بان الحاجم والمحجوم يفطران بفعلهما والاحاديث المروية في ذلك ضعيفة. والصحابة مختلفون في هذا لكن دلالة النظر تدل عليه فان الحجامة تظعف البدن والصائم ممنوع من كل ما يظعف بدنه. فالصحيح ان الحجامة من المفسدات السادس التقيؤ عمدا وهو اخراج ما في المعدة من طعام او شراب ولم يروى في ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم والحديث المشهور في ذلك ضعيف. لكن ثبت هذا عن ابن عمر رضي الله عنه عند ابو مالك في الموطأ ولا يعرف له مخالف من الصحابة. السابع خروج دم الحيض والنفاس وهذا مفسد مختص بالمرأة. وهذه المفسدات كما ذكر المصنف لا الصائم لا تفطر الصائم الا بثلاثة شروط. احدها ان يكون عالما بالحكم وعالما بالوقت. والثاني ان يكون ذاكرا. ان يكون مختارا. فلو انه كان بحكمها مع عدم التفريط او جاهلا بوقت الامساك او وقت الفطر ففعل شيئا مخلا بذلك او كان ناسيا او كان مكرها فان ذلك لا يجرح صومه. وذكر المصنف رحمه الله تعالى الادلة على ذلك. ثم ذكر من المسائل الملحقة بهذا انه لو اكل ناسيا وهو صائم لم يفطر لقوله صلى الله عليه وسلم من نسي وهو صائم فاكل او شيء فليتم قومه فانما اطعمه الله وسقاه. متفق عليه. وهل يجب على من رآه ان ينهاه عن اكله او شربه؟ قولان لاهل العلم اصحهما انه يجب عليه ان ينهاه لان فعله منكر وان كان هو معذور. ثم ذكر من مسائل هذا الباب ان السواك لا يفطر بل هو سنة في اول الوقت واخره. وذكر ايضا انه يجوز للصائم ان يفعل ما يخفف عنه شدة الحري والعطش كالاغتسال بالتبرد بالماء او رش الجسد او غسل الرأس او نحو ذلك فان هذا مباح والحديث المروي فيها الذي اخرجه ابو داوود وغيره مما اراده المصنف ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش هذا حديث لا يصح بل قال النسائي رحمه الله تعالى هذا حديث منكر. نعم. الفصل الخامس في التراويح التراويح قيام جماة في رمضان ووقتها من بعد العشاء الى طلوع الفجر. وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان حيث قال من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قام ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة او الرابعة فلم يخرج اليهم. فلما اصبح قال قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج اليكم الا اني خشيت ان تفرض وذلك في رمضان. والسنة ان يقتصر على احدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين. لان عائشة رضي الله عنها سئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان يزيد في رمضان ولا في غيرها على احدى عشرة ركعة متفق عليه. وفي الموطأ عن محمد بن يوسف وهو ثقة ثابت عن السائب بن يزيد وهو صحابي ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه امر ابي ابن كعب وتميما الدارية ان يقوما للناس باحدى عشرة ركعة وان زاد على احدى عشرة ركعة فلا حرج لان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قيام الليل فقال مثنى مثنى فاذا خشي احدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى. اخرجه في الصحيحين. لكن المحافظة على العدد الذي جاءت به سنة مع التأني والتطوير الذي لا يشق على الناس افضل واكمل. واما ما ما يفعل بعض الناس من الاسراع المفرط فانه خلاف مشروع. فان ادى الى الاخلال بواجب او ركن كان مبطلا للصلاة. وكثير من الائمة لا يتأنى في صلاة التراويح وهذا خطأ منهم فان الامام لا يصلي لنفسي فقط وانما يصلي لنفسي ولغيري فهو كالولي يجب عليه فعل الاصلح. وقد ذكر اهل العلم انه يكره للامام ان يسرع اسرى تمنع المأمومين فعل ما يجب. وينبغي للناس ان يحرصوا على اقامة هذه التراويح وان لا يضيعوها بالذهاب من مسجد الى مسجد فان من قام مع الامام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة وان نام بعده على فراشه. ولا بأس بحضور النساء صلاة التراويح اذا امنت الفتنة بشرط ان يخرجن محتشمات غير متبرجات بزينة ولا متطيبات. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل طرف من احكام صلاة التراويح والمراد بصلاة التراويح قيام الليل جماعة في رمضان وفضيلة صلاة التراويح ثابتة بفعله وقوله صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم في الصحيح من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وقام صلى الله عليه وسلم في رمضان اياما ثم ترك ذلك خشية ان يفرض على الناس والسنة في ذلك ان يصلي احدى عشر ركعة لحديث عائشة الذي اورده المصنف وكذلك فعل عمر لما جمع الناس فان ابي تميما لما قام بالناس قام باحدى عشرة ركعة. والزيادة على ذلك جائزة. وقد ثبت هذا عن السلف رحمهم الله على فقد كانوا يوسعون في هذا فمنهم من يصلي ثلاثا وعشرين ركعة ومنهم من يصلي تسعا وثلاثين ركعة وبين ذلك اعداد عدة والدال على الاباحة قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فهذا الاطلاق يدل على ان انسان يصلي متنا متنا ما شاء ثم يوتر بواحدة. والافضل المحافظة على السنة لكن المحافظة على السنة كما وكيفا اما ما يفعله بعض الناس من المحافظة على السنة كما بالاقتصار على احدى عشرة ركعة ثم لا يحافظ عليها كيفا فهذا ليس مقتد واذا كان يسرع بصلاته فهذا مفرط واذا وقع منه الاخلال بصلاة بالا يتمكنوا من الاتيان بما يجب عليهم في في صلاتهم فهو اثم بذلك. وقد فتن الناس بهذا في الازمنة الاخيرة فصاروا يتسارعون الى انقضاء صلاة التراويح في مدة ربع ساعة ونحوها. ولا ريب ان من صلى هذه لا ريب انه لم يوافق السنة ولو صلى احد عشر ركعة وزعم انه موافق لها. ثم ذكر المصنف مما ينبغي رعايته من الاحكام الحرص على اقامة التراويح في المسجد الذي يلي المصلي والا يظيع صلاته بالتنقل من مسجد الى مسجد فان من اكثر التنقل اضاع التراويح. لان النفس يصيبها ملل وكسل عن والخروج ها هنا وها هنا وربما زين لها الشيطان البطالة فتركت صلاة التراويح بخلاف ما اذا التزم الانسان مع امام حيه فان ذلك ادعى الى اصابته المحافظة على صلاة التراويح والشريعة تمتدح دائما الديمومة على العمل وان قل وذكر المصنف رحمه الله تعالى مما يحمل على رعاية هذا ان من قام مع الامام حتى ينصرف كتب له قيام كما ثبت ذلك في حديث ابي ذر في السنن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان احدكم اذا قام مع الامام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ومعنى ينصرف حتى اسلم من صلاته. ثم ذكر من احكام صلاة التراويح انه لا بأس بحضور النساء صلاة التراويح اذا امنت الفتنة عليهن بشرط خروجهن محتشمات غير متبرجات بزينة ولا متطيبات. نعم الفصل السادس في الزكاة وفوائدها الزكاة فريضة من فرائض الاسلام وهي احد اركانه واهمها بعد الشهادتين والصلاة وقد دل على وجوبها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجماع المسلمين. فمن انكر وجوبا فهو كافر مرتدنا للاسلام يستتاب فان تاب والا قتل. ومن بخل بها وانتقص منها شيئا فهو من الظالمين المستحقين لعقوبة لا تعالى قال الله تعالى ولا يحسبن الذين يبخلون بما اتاهم الله من فضل فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم. سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة. ولله قراءة السماوات والارض والله بما تعملون خبير. وفي صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة اقرانه زبيبتان يطوقه يوم القيامة. يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه يعني يقول انا مالك انا كنزك الشجاع ذكر الحيات والاقرع الذي تمعط فروة رأسه لكثرة سمه وقال تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بعذاب اليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون. وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها الا اذا كان يوم القيامة صفيت له صفائح من نار. فاحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنب وجبين وظهر كل ما بردت اعيدت في يوم كان مقدار خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد وللزكاة فوائد دينية وخلقية واجتماعية كثيرة. نذكر منها ما يأتي. فمن فوائدها الدينية اولا انها قيام بركن من اركان الاسلام الذي عليه مدار سعادة العبد في دنياه واخراه. ثانيا انها تقرب العبد الى ربي تزن في ايمانه شأنها في ذلك شأن جميع الطاعات. ثالثا ما يترتب على اداءها من الاجر العظيم. قال الله تعالى يمحق الله الربا ويربي الصدقات. وقال تعالى وما اتيتم من ربا ليربوا في اموال الناس فلا يربو عند الله. وما اتيتم من زكاة تريدون وجه الله فاولئك هم المضعفون وقال النبي صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة اي ما يعادل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله او الا الطيب فان الله يأخذها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي احدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل رواه البخاري ومسلم. رابعا ان الله يمحو بها الخطايا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. والصدقة تطفئ خطيئتك ما يطفئ الماء النار. والمراد بالصدقة هنا الزكاة وصدقة التطوع جميعا. ومن فوائدها الخلقية اولا انها تلحق المزكي بركب الكرماء ذوي السماحة والسخاء. ثانيا ان الزكاة تستوجب اتصاف المزكي بالرحمة العطف على اخوانه المعدمين والراحمون يرحمهم الله. الثالث انه من المشاهد ان بذل النفع المالي والبدني للمسلمين الصدر ويبسط النفس ويوجب ان يكون الانسان محبوبا مكرما بحسب ما يبذل من النفع لاخوانه. رابعا ان في الزكاة تطهير لاخلاق باذلها من البخل والشح كما قال تعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ومن فوائدها الاجتماعية اولا ان فيها دفعا لحاجة الفقراء الذين هم السواد الاعظم في غالب البلاد. ثانيا ان في زكاة تقوية للمسلمين ورفعا من شأنهم. ولذلك كان احد جهات الزكاة الجهاد في سبيل الله كما سنذكره ان شاء الله تعالى ثالثا ان فيها ازالة للاحقاد والضغائن التي تكون في صدور الفقراء والمعوزين. فان الفقراء اذا رأوا تمتع يا ابن اموال وعدم انتفاعهم بشيء منها لا بقليل ولا بكثير. فربما يحملون عداوة وحقدا على الاغنياء حيث لم يراعوا لهم حقوقا ولم يدفعوا لهم حاجة فاذا صرف الاغنياء لهم شيئا من اموالهم على رأس كل حول زالت هذه الامور وحصلت والوئام. رابعا النفيات تنمية للاموال وتكفيرا لبركتها كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما نقصت صدقة من مال اي ان نقصت الصدقة المال عدديا فانها لن تنقصه بركة وزيادة في المستقبل بل يخلف الله بدلها ويبارك له في ماله. خامسا ان له فيها توسعة وبسطا للاموال فان الاموال اذا صرف منها شيء اتسعت دائرتها وانتفى بها كثير من الناس بخلاف اذا كانت دولة بين الاغنياء لا يحصر الفقراء على شيء منا فهذه الفوائد كلها في الزكاة تدل على ان الزكاة امر ضروري لاصلاح الفرد والمجتمع وسبحان الله العليم الحكيم والزكاة تجب في اموال مخصوصة منها الذهب والفضة بشرط بلوغ النصاب وهو في الذهب احد عشر جنيها سعوديا وثلاثة اصباع الجنيه وفي الفضة ستة وخمسون ريالا سعوديا من الفضة او ما يعادلها من الاوراق النقدية. والواجب فيها ربع العشر ولا فرق بين ان يكون الذهب الفضة نقودا ام كبرا ام حليا؟ وعلى هذا فتجب الزكاة في حلي المرات من الذهب والفضة اذا بلغ نصابا ولو كانت تلبسه او تعيره لعموم الادلة الموجبة لزكاة الذهب والفضة بدون تفصيل. ولانه وردت احاديث خاصة تدل على وجوب الزكاة في الحلي ان كان يلبس مثل ما رواه عبدالله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما ان امرأة اتت النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذاب فقالا تعطين زكاة هذا؟ قالت لا. قال ايسرك ان يسورك الله بما سوارين من نار فالقى وقالتهما لله ورسوله. قال في بلوغ المرام. رواه الثلاثة واسناده قوي. ولانه احوط وما كان احوط هو اولى ومن الاموال التي تجب فيها الزكاة عروض التجارة وهي كل ما اعد للتجارة من عقار وسيارات ومواشي واقمشة وغيرها من اصناف الاموال والواجب فيها ربع العشر فيقومها على رأس الحول بما تساوي ويخرج ربع عشره. ويخرج ربع عشره سواء كان اقل سواء كان اقل مما اشترى به ام اكثر مساويا. فاما ما ادوا لحاجته او تأجيره من العقارات والسيارات والمعدات ونحوها فلا زكاة في لقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس على المسلم في عبده ولا فرس صدقة لكن تجلو في الاجرة اذا تم حوله وفي وفي حلي الذهب والفضة بما سبق. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فصلا في حكم الزكاة وفوائدها فاخبر رحمه الله تعالى بان الزكاة فريضة من فرائض الاسلام واحد اركانه وقد دل على وجوبها الكتاب والسنة والاجماع فاما الكتاب فقوله تعالى واتوا الزكاة. واما السنة فكحديث ابن عمر المتقدم في الصحيحين وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بني الاسلام على خمس وذكر منها ايتاء الزكاة. واما الاجماع فان هذا امر مجمع مستفيض شهرة بين المسلمين خاصتهم وعامتهم. ثم ذكر ان منكرها كافر مرتد عن وهذه قاعدة مطردة في اركان الاسلام جميعا ان من جحدها وانكرها انه كافر بتظاهر الادلة عليها وكونها شعيرة راسخة وفريضة لازمة من الدين الضروري العام. ثم ذكر من الاحاديث المحذرة من كنز الذهب والفضة وعدم اخراج الزكاة في الاموال كلها. ذكر حديث الشجاع الاقرع وفيه قوله صلى الله عليه وسلم فلم يؤدي زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا اقرع وهذا التمثيل عام في كل مال لقوله صلى الله عليه وسلم من اتاه الله مالا فكل مال لم يؤدى تؤدى زكاته فصاحبه متعرض لهذا الوعيد ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم له زبيبتان الزبيبة هي الزبد الكائن في طرف الشدر فله زبيبتان في كل صدق زبد ظاهر وهذا اشنع وابشع ما يكون من الذي يراه المرء ثم ذكر بعد ذلك فوائد دينية وخلقية واجتماعية للزكاة والمراد من فوائد الحكم وهي مقاصد فرضها فذكر من فوائدها الدينية انها قيام بركن من اركان الاسلام التي عليها مدار سعادة العبد في الدنيا والاخرى وان من فوائدها الدينية ايضا انها تقرب العبد الى الله. ومن فوائدها ايضا ما يترتب على ادائها من الاجر العظيم والزيادة عند الله سبحانه وتعالى وذكر الاية والاحاديث الدالة على ان الله سبحانه وتعالى يربي الصدقات ويعظمها لصاحبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كما يربي احدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل اي تكون هذه الزكاة المخرجة مثل الجبل في الاجر والثواب. ثم ذكر من فوائدها الدينية انها تمحو الخطايا. ثم ذكر فوائد خلقية متعددة منها انها تلحق المزكي بركب اهل الكرم فان الذي ينفق ما له في الزكاة كريم به. وثانيها ان الزكاة توجب اتصاف المزكي بالرحمة والعطف والله وعز وجل يرحم من عباده الرحماء كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث اسامة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انما يرحم الله من عباده الرحماء. وثالثها ان بذل النفع المالي والبدني يورث انشراح الصدر وبسط النفس ولاجل هذا فمن دقائق تصرف ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد انه ادرج فصلا في اسباب انشراح الصدر قبل بيان مسائل الزكاة في كتاب زاد المعاد وهو فصل نافع في بيان الاسباب المؤدية الى انشراح الصدر ثم ذكر فوائد اجتماعية متعددة منها ان فيها دفع حاجة الفقراء وهم كثير في كل بلد ومنها ان الزكاة يقوي المسلمين وترفع شأنهم ولا سيما اذا صرفت في احد مصارفها وهو الجهاد في سبيل الله. ثم ذكر منفعة اخرى وهي ان فيها للاحقاد والضغائن التي تكون في صدور اهل الحاجة. وما يكون في نفوسهم من الغيظ على من يتمتع بالمال من الاغنياء فيكون في استاء الاغنياء الزكاة اليهم دفع لهذه الاحقاد والضغائن. ثم ذكر من فوائدها اجتماعية كذلك ان فيها تنمية للاموال. لقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ما نقصت صدقة من مال. وهذا الحديث له معنيان اثنان اولهما ان الصدقة سبب لحلول البركة بالمال. واذا بورك في المال زاد. واذا زاد علم انها لم تكن سببا لنقصه. والثاني ان المراد بذلك الثواب. فاذا اخرج الانسان صدقة من ماله فان المال لم ينقص لان الله عز وجل حفظه له بالاثابة عليه احوج ما يكون له ثم ذكر من منافعها ان فيها توسعة وبسطا للاموال واشاعة لها وترويجا للمال بين ايدي والا يكون مقصورا على الاغنياء فقط. ثم ذكر بعد ذلك طرفا من احكام الزكاة التي يحتاج اليها الناس كثيرا. فذكر ان الزكاة ستجب في اموال مخصوصة منها الذهب والفضة اذا بلغ النصاب. فاذا بلغ النصاب ما ذكره المصنف من الذهبي والفضة وجب على الانسان ان يخرج زكاتهما والواجب فيهما ربع العشر. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه لا فرق وبين ان يكون الذهب والفضة نقودا ام تبرا يعني خالصا لم يسبك؟ ام حليا اي ما سبك في من صوره ثم فرع على هذا ان الزكاة تجب في حلي المرأة من الذهب والفضة اذا بلغ نصابه ولو كانت تلبسه او تعيره لعموم الاديان الا الموجب لزكاة الذهب والفضة. والصحيح ان الحلي الذي تلبسه المرأة او تعيره انه لا زكاة فيه لان هذا العموم الذي ذكره المصنف كغيره يرد بالادلة الخاصة في ذلك والاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كحديث عبد الله ابن عمر هنا لم يثبت منها شيء فجميع الاحاديث الواردة في ايجاد الزكاة من الحلي الملبوس كلها احاديث ضعيفة والتعويل على الاثار وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها انها لم تكن تخرج زكاة حلي ايتام عندها ولم مخالف لها من الصحابة فالاظهر والله اعلم ان الحلي الذي تلبسه المرأة او تعيره انه لا تجب فيه الزكاة. ويدل على هذا ان لبس الحلي مما تعم به البلوى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يأتي حديث صحيح خاص في ذلك ثم ذكر ان من الاموال التي تجب فيها الزكاة عروض التجارة والمراد بها الاعيان المعدة للاتجار فيها على اختلاف انواعه فتجب الزكاة فيها ومقدار الواجب اخراج ربع العشر بتقويمها على رأس الحول الذي بلغته فتقدر بقيمته حينئذ سواء كانت تلك القيمة مساوية لما اشتراه او اكثر او اقل. فاذا قدرت تلك القيمة اخرج ربع العشر منها اما ما كان لحاجة الانسان او كان مما يؤجر من المستغلات في العقارات والسيارات والشاحنات وغيرها فهذه لا زكاة فيها لكن اذا قبض اجرتها ثم حال على هذه الاجرة الحول فانه تجب عليه الزكاة في المال الذي قبضه بعد مرور الحول عليه كمن كان عنده عمارة او معدة كان يؤجرها بمبلغ ثم يحبس هذا المبلغ في البنك فاذا مر عام على بقاء هذا المال في البنك فانه يجب عليه ان يزكيه فتكون الزكاة في الاجرة المترتبة عليها لا في اصل المال من العقاري المستغل. نعم. احسن الله اليك. والفصل السابع في اهل الزكاة اهل الزكاة هم الجهات التي تصرف اليها الزكاة. وقد تولى الله تعالى بيان بنفسه فقال انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين. وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من والله والله عليم حكيم. فهؤلاء ثمانية اصناف. الاول الفقراء وهم الذين لا يجدون من كفايتهم الا شيئا دون النصف. فاذا كان الانسان لا يجد ما ينفق على نفسه وعائلته نصف سنة فهو فقير فيعطى ما يكفيه وعائلته سنة الثاني المساكين وهم الذين يجدون من كفايتهم النصف. النصف فاكثر ولكن لا يجدون ما يكفيهم سنة كاملة فيكمل لهم نفقة السنة. واذا كان الرجل ليس عنده نقود ولكن عنده مورد اخر من حرفة او راتب او استغلال يقوم بكفاية فانه لا يعطى من الزكاة. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب العاملون عليها وهم الذين يوكلهم الحاكم العام للدولة بجباية من اهلها وتصريفها الى مستحقيها وحفظها ونحو لذلك من الولاية عليها فيعطون من الزكاة بقدر عملهم وان كانوا اغنياء. الرابع المؤلفة قلوبهم وهم والعشائر الذين ليس فيهم عنهم قوة فيعطون من الزكاة ليقوى ايمانهم فيكون فيكونوا دعاة للاسلام قدوة صالحة واذا كان الانسان ضعيف الاسلام ولكنه ليس من الرؤساء المطاعين بل هو من عامة الناس فهل يعطى من زكاة الاقوى ايمانه. يرى بعض العلماء انه يعطى لان مصلحة الدين اعظم من مصلحة البدن. وها هو اذا كان فقيرا يعطى بدنه فغذاء قلبه بالايمان اشد واعظم نفعا. ويرى بعض العلماء انه لا يعطى لان المصلحة من قوة ايمانه مصلحة فردية خاصة الخامس الرقاب ويدخل فيها شراء الرقيق من الزكاة واعتاق واعتاقه ومعاونته ومعاونة المكاتبين وفك الاسرى من المسلمين. السادس الغارمون وهم المدينون اذا لم يكن لهم ما يمكن ان يوفوا منه ديونهم فهؤلاء يعطون ما يوفون به ديونهم قليلة كانت ام كثيرة. وان كانوا اغنياء من جهة القوت. فاذا قدر ان هناك رجل له مولد يكفي لقوتي وقوت عياله ان الا ان عليه دينا لا يستطيع وفاء. فانه يعطى من الزكاة ما يوفي به دينه لا يجوز ان ولا يجوز ان يسقط الدين عما دينه الفقير وينويه من الزكاة. واختلف العلماء فيما اذا كان المدين والدا او ولدا فهل يعطى من الزكاة لوفاء دينه والصحيح الجواز؟ ويجوز لصاحب الزكاة ان يذهب الى صاحب بالحق ويعطيه حقه وان لم يعلم المدين من ذلك اذا كان صاحب الزكاة يعرف ان المدينة لا يستطيع الوفاء. السابع في سبيل الله وهو الجهاد في سبيل الله فيعطى المجاهدون من الزكاة ما يكفيهم لجهادهم ويشترى من الزكاة الات للجهاد في في سبيل الله ومن سبيل الله العلم الشرعي فيعطى طالب العلم الشرعي ما يتمكن به من طلب العلم من الكتب وغيرها الا ان يكون له مال يمكنه من تحصيل ذلك به الثامن ابن السبيل وهو المسافر الذي انقطع به السفر فيعطى من الزكاة ما يوصله لبلده فهؤلاء هم اهل الزكاة الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه واخبر بان ذلك فريضة منه صادرة بان ذلك فريضة من مصادرة عن عن علم وحكمة والله عليم حكيم. ولا يجوز صرفها في غيرها كبناء المساجد واصلاح الطرق لان الله ذكر على سبيل الحصر. والحصر يفيد نفي الحكم عن غير المحصور فيه. واذا تأملنا هذه الجهات عرفنا ان منهم من يحتاج الى الزكاة بنفسه ومنهم من يحتاج المسلمون اليه. وبهذا نعرف مدى الحكمة في ايجاد الزكاة وان الحكمة منه بناء مجتمع صادق متكامل متكافئ بقدر الامكان. وان الاسلام لم يهمل الاموال ولا المصالح التي يمكن ان تبنى على المال ولم يترك للنفوس الجشعة الشحيحة الحرية في شحتها في شحها وهواها بل هو اعظم وجه للخير ومصلح للامم والحمد لله رب العالمين ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل اهل الزكاة. والمراد باهل الزكاة المستحقون لها وهم الذين عبر عنهم المصنف بقوله هم الجهات التي تصرف اليها الزكاة والاصل فيها قول الله تعالى انما الصدقات للفقراء والمساكين الى اخره فانتظم في هذه الاية ثمانية اصناف هم اهل الزكاة الاول الفقراء وحدهم المصنف رحمه الله تعالى بان انهم الذين لا يجدون من كفايتهم الا شيئا قليلا دون نصف سنة. فاذا كان الانسان لا يجد ما ينفق على نفسه وعائلته نصف سنة فهو فقير والثاني المساكين وحدهم المصنف بانهم الذين يجدون من كفايتهم ان يصرف اكثر لكن لا يجدون ما فيهم سنة كاملة فتكمل لهم نفقة السنة جميعا. والفقر والمسكنة تختلف من الى زمان ومن مكان الى مكان. والثالث العاملون عليها والمقصود بالعاملين عليها السعاة. وهم الجبات الذين يجبون الزكاة ويجمعونها ممن يوكل ولي الامر اليهم ذلك. والرابع المؤلفة قلوبهم. وهم القوم الذين يتألفون على الاسلام ليقوى ايمانهم. والمراد بهم المعظمون المترأسون في عشائرهم وقبائلهم وقد اختلف اهل العلم في بقاء هذا الحكم او اختصاصه بزمن النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح ان هذا باق. والصحيح ايضا اختصاصه باهل القوة والرئاسة. اما من لم يكن رئيسا مطاعا فانه لا يندرج في هذا الصنف ثم ذكر الصنف الخامس وهو الرقاب والمراد عتقها. ويدخل في هذا الشراء الرقيق من الزكاة اعتاقه معاونة المكاتبين يعني الذين يريدون ان يتحرروا من الرق فيكاتبون سيدهم على مال مقدر في وقت معين يأتون به منجما فيجوز دفع الزكاة اليهم عتق رقابهم ومن ذلك ايضا الاسرى من المسلمين لان مآل الاسير عند الكفار في ما سلف كان ان يكون رقيقا مملوكا بين اظهرهم ثم ذكر السادس وهو الغارم والمراد بالغانم المدين اذا كان عليه دين عظيم ولا يتمكنوا من وفائه فيجوز دفع الزكاة له لاجل سد هذا الدين. ولا فرق بين اذا كان والدا او والدا او غير ذلك على الصحيح لان المقصود من دفعها للولد او الوالد حينئذ المقصود وفاء الدين ليس المقصود النفقة عليه فيجوز دفعها على الصحيح الى الوالد او الولد لاجل دينه لا لاجل محاباة ثم ذكر انه يجوز لصاحب الزكاة ان يذهب الى صاحب الحق ويعطيه حقه وان لم يعلم المدين فلا يشترط علم المدين بذلك. ثم ذكر السابع وهو سبيل الله والمراد به الجهاد. سواء كان جهادا بالبنان او جهادا بالبيان وجهاد بالبنان هو القتال وهو غالب متعلق هذا الاسم بالكتاب والسنة وجهاد البيان هو العلم فيجوز اعطاء طالب العلم من الزكاة مما يمكنه من طلب العلم. ثم ذكر الثامن وهو ابن سبيل والمراد بابن السبيل المسافر المنقطع الذي انقطع في سفره واحتاج الى ما يوصله الى بلده فيعطى من الزكاة. هذه هي الجهات التي بينها الشرع. وما عدا ذلك فلا يجوز صرفه فيه كبناء المساجد المدارس واصلاح الطرق فان الله عز وجل ذكر مصارف مقدرة فلا يجوز تحويلها عما ذكر فيها ومصرف السبيل الذي وسعه المتأخرون فادخلوا فيه هذه الاشياء لم يثبت في الشرع ما يدل على اندراج شيء فيه الا الحج فالحج كما هو رواية عن الامام احمد رحمه الله تعالى ودلت عليه الادلة هو من جملة سبيل الله. وما عدا ذلك كبناء مساجد ومدارس والاربطة واصلاح الطرق وحفر الابار هذا كله ليس من سبيل الله المذكور فيه مصر في الزكاة. الفصل الثامن في زكاة الفطر. زكاة الفطر فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم مسألة هنا. دفع مال الزكاة لاعتاق رقبة قاتل. هل هذا مندرج في الرقاب ام لا؟ يعني رجل قتل رجلا فطلب في الدية بعشرة ملايين. فلتدفع الزكاة اليه لاجل عتق رقبته ام لا ما الجواب الجواب هذا عتق رقبة من القتل وليس عتق رقبة من الرق. فلا يجوز دفع الزكاة الواجبة فيه. واما ان يتصدق الانسان سعه فله ان يتصدق بما شاء. زكاة الفطر فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الفطر من رمضان قال عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان على العبد والحر والذكر والانثى والصغير والكبير من المسلمين متفق عليه. وهيصعب من طعام مما يقتاته الادميون. قال ابو سعيد الخدري رضي الله عنه كنا يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام وكان طعامنا الشعير والزبيب والتمر رواه البخاري فلا تجزئ من الدراهم والفروش واللباس واقوات البهائم والامتية وغيرها لان ذلك خلاف ما امر به النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا من عمل ليس عليه امرنا فهو رد اي مردود عليه ومقدار الصاع كيلوان واربعون من البر الجيد هذا هو مقدار الصاع النبوي الذي قدر به النبي صلى الله عليه وسلم الفطرة. ويجب اخراج الفطرة قبل صلاة العيد والافضل اخراجها يوم العيد قبل الصلاة وتجزيء قبله بيوم او يومين فقط. ولا تجزئ بعد صلاة العيد لحديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن اداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن اداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. رواه ابو داوود وابن ماجة ولكن لو لم يعلم بالعيد الا بعد الصلاة او كان او كان وقت اخراجها في بر او بلد ليس فيه مستحق اجزأ اخراجها بعد الصلاة عند تمكنه من اخراجها والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه. ختم المصنف رحمه الله تعالى هذه الفصول الثمانية بفصل في زكاة الفطر والمراد بزكاة الفطر الزكاة التي تخرج عن النفوس عند فطر رمضان فالفرق بينها وبين ما مضى ان ما سبق زكاة اموال وزكاة الفطر زكاة نفس والاصل فيها حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الفطر من رمضان على العبد والحر الى اخره فهذا دليل ثبوت هذه الزكاة في ذمم المسلمين وتقديرها صاع من طعام كما جاء التصريح به في حديث ابي سعيد الخدري الذي ذكره المصنف فيخرجها الانسان كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرجها طعاما قدره صاع عن كل احد. واما اخراج القيمة فليس السنة. وانما يجوز مع الحاجة كما هو مذهب ابي حنيفة ورواية عن احمد وعليها الدليل فمع الحاجة يجوز ذلك. لكن مع السعة وعدم الحاجة فان الانسان يخرجها طعاما والاصل في زمن اندراس الشرائع ان القيام بها على الوجه الذي امر به شرعا اولى من من فعلها على وجه اخر مباح. فما ال اليه فعل الناس من التساهل في دفع زكاة الفطر مالا هذا خلاف السنة وانما هو مباح بقدر ما يقدره ولي الامر. فاذا قدر ولي الامر ذلك جاز. لان الدليل في ذلك انما هو فعل معاذ مع اهل اليمن ومعاذ كان هو امير اهل اليمن فاذا رأى ولي الامر ذلك بان تخرج قيمة فلا بأس حينئذ لاجل الحاجة ما اذا لم يرى ولي الامر ذلك فليس للانسان ان يخرجها الا طعاما. والمعمول به في هذا البلد هو ومذهب احمد رحمه الله تعالى وان المشروع هو اخراجها طعاما. فالمتعين على الناس هنا ان يخرجوها طعاما لان المصير الى غيره يحتاج الى امر من ولي الامر لان تدبير احوال المسلمين العامة يفتقر الى امر زائد منه على المعمول اللي هو المعمول في هذا البلد هو مذهب احمد ومذهب احمد اخراجها طعاما. فالمحافظة على هذا اطهر وابقى لاظهار الشرائع والناس صاروا يتساهلون اليوم في شرائع الدين وهذا رسول اندراسها فصاروا في زكاة الفطر يدفعون اموالا لمن يقولون انه يخرجها طعاما وصاروا في الاضحية يخرجون مالا الى مؤسسات لتذبح عنهم ذلك حتى صارت هذه الشرائع مهجورة كما صارت في بعض البلاد الاسلامية وبدا هذا الامر يسري الى هذه البلاد والواجب على الانسان ان يحرص على اقتفاء سنة النبي صلى الله عليه وسلم. فان البركة والهدي كله في هديه صلى الله عليه وسلم. وقيام الناس باخراج الزكاة الفطر طعاما وتلمس اخوانهم الفقراء والتعرف عليهم هذا مما يسبب تماسك جماعة المسلمين وقوتها واما التعويم على مجرد تحويلها بالصرافات الى مؤسسات فهذا يزيد غفلة المسلمين بعضهم عن بعض والفقهاء العالمون بمقاصد لا يفتون بمثل هذا لاجل ما يؤول اليه من ضعف جماعة المسلمين وفرق بين الفتيا بقول في زمن وبين حال المسلمين في زمان ولما صار بعض المفتيين لا يراعي مقاصد الشرع في حفظ جماعة المسلمين توسع الناس في الافتاء باشياء يزعمون انها جائزة مما انشأ من هذه الامور المنسوبة الى الجواز انشأ منها الوقوع في المحرمات كما صار بعض الناس يفتي توسعا في انواع من الانكحة تعرف عليها الناس باخرة كالمسفار والمضياف وغيرها ويرون انها جامعة لاركان النكاح فلا بأس واما الفقيه بمقاصد الشرع فلا يفتي بجوازها لان مآلها الفساد وهذا هو الذي حدث كما تشهد بذلك المحاكم في هذا البلد او غير ذلك. والمقصود ان التأكيد على مثل هذه الشرائع ليس تشديدا على الناس. كما يفهمه بعض الخلق بل هو تثبيت في قلوبهم حتى يعرفوا مقدار هذه الشرائع ويحافظوا عليها. ثم بين المصنف مقدار الصاع وانه كيلان واربعون جراما من البر الجيد وما كان في معناه من الاصناف التي تخرج. ووقت اخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد. هذا هل وقتها والافضلية كلما قرب من صلاة العيد كان افضل فافضلها قبل الصلاة ويجزي اخراجها قبل ذلك بيوم او يومين واما بعد صلاة العيد فلا يجوز تعمد تأخيرها حتى يصلي الانسان العيد ثم يخرجها. لكن اذا لم يعلم بالانسان بالعيد الا بعد الصلاة ثم اخرجها فلا شيء عليه. وكذلك اذا كان اخراجها غير ممكن كأن يكون بعيدا في بر او غير ذلك فاخرها لاجل هذا فانه لا يأثم لان شرط ذلك الامكان وهو غير متمكن من ذلك وهذا اخر التقرير على هذه الرسالة والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين