السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمد محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الحادي والعشرون. من برنامج الدرس الواحد الثامن تو الوقوف فيه هو نتائج الافكار للعلامة محمد بن احمد السفاريني رحمه الله وقبل في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين. المقدمة الاولى التعريف بالمصنف. وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة محمد بن احمد بن سالم من السفاريني النابلسي الحنبلي المقصد الثاني تاريخ مولده ولد سنة اربعة عشرة مئة بعد الالف المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله يوم الاثنين الثامن من في شهر شوال سنة ثمان وثمانين بعد المئة والالف وله من العمر وسبع وسبعون سنة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف في ثلاثة مقاصد ايضا. المقصد الاول تحقيق عنوانه اسم هذا الكتاب نتائج الافكار في شرح حديث سيد الاستغفار ويدل على هذا ثلاثة امور اولها ذكر المصنف هذا الاسم في ديباجة كتابه وثانيها ذكره له في اجازته لعبد القادر ابن خليل تركي وثالثها تواطؤ النسخ الخطية عليه المقصد بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب شرح حديث نبوي شريف مع اوف بسيد الاستغفار. المقصد الثالث توضيح منهجه جعل المصنف رحمه الله تعالى في صدر كتابه مقدمات عدة ثم اتبعها بشرح الحديث وقطع الحديث جملة جملة ولم يفصل بتراجم تبين مقصودة والمطالب المدخلة فيه انما هي من تصرف احد النساخ ثم اخطأ ناشر الكتاب فادخلوها في صلبه وهو كثير النهر من كتب ابن القيم. والنقل عنها مع غزارة فوائده وتنوع معارفه نعم بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين وجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. وبه نستعين الحمد لله الحليم الغفار الكريم الستار غافر الذنب والاوزار العيوب والاقذار لا تضره المعاصي وان عظمت ولا تنفعه الطاعات وان كثرت. فهو العزيز الجبار واعان على الطاعة واثاب عليها وقدر المعصية وعاقب عليها حكمة منه بهرت العقول وحيرت الافكار خلق الخلائق بقدرته واودع فيهم القوة والملكات بحكمته. فسلط عليهم الاعداء بمشيئته وجعل فيهم دواعي الخير والشر بارادته. فيهم شقي وسعيد وفجار وابرار ومؤمنون وكفار وابرار ومؤمنون وكفار واخيار واشرار وابتلاهم بالمعاصي والذنوب وفتح التوبة لمن يتوب ودعاهم الى الاطالة والرجوع عن العيوب. وحثهم على الانابة والاستغفار. فكم في طي هذه التقديرات من الباهرة والمصالح الباطنة والظاهرة. حكمة بالغة وقدرة قاهرة. فدع عنك التعاظم واجنح الى انكسار وخلي الفخر بالطاعة والزم اعتاب ابواب الذل والافتقار. فانه الباب الذي لا يصلحك سواه ولا يحميك سوى فما لك والغنى فاياك واياه فانه وصف مولاك القهار فالكبرياء رداؤه والعظمة ازهاره فمن نازعه واحدا منه ما كبه في النار. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له من بالتوبة بعد الحوبة وندب الى الاقالة بعد ارتكاب الضلالة. فقال في كتابه المكنون وتوبوا الى الله جميعا ايها لعلكم تفلحون. وحث على الاستغفار دعاية واخبارا. فقال استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله نور الانوار منبع الهدى ينبع التقى ومعدن التقوى وسر الاسرار. قوله رحمه الله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم نور الانوار اي اعظم الانوار نورا. وهذا النعت مخرج على قول من قال من المفسرين في تفسير جملة من الايات بان المراد بالنور فيها هو النبي صلى الله عليه وسلم كابن جرير الطبري وجلال السيوطي في اخرين. والصحيح ان اولئك الايات لا يراد بها النبي صلى الله عليه وسلم. وليس في شيء من اهل القرآن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالنور واشد اية اشكلت على اولئك قوله تعالى قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين والصحيح ان النور والكتاب المبين كلاهما هو القرآن الكريم والعطف بينهما دال على المغايرة في الصفات لا على المغايرة في الذات. بل الموصوف بذلك شيء واحد هو القرآن الكريم لكنه وصف بوصفين متغايرين واما قوله وسر الاسرار فالمراد بهذا التعبير انه هو الجامع لجميع كمالات الخصائص البشرية. وهذا حق فان النبي صلى الله عليه وسلم هو اكمل الخلق في كل كمال. ولذلك فانه صلى الله عليه وسلم بني ادم وهو سيدهم في الاولى والاخرى نعم. ارسله بين يدي الساعة على حين فترة من الرسل وقد طبق الارض الظلم والجهل فانقشع الظلام وطلعت شمس الرسالة على سائر الاقطار وتلألأ النور بعد ان تلا ايات النور وزاد الحبور بعد ان محق بالحروب من الظلم البحور ونمى السرور بعد ان ركعت في جهة اهل الكفر النسور والمحدة دولة الاكاسرة والهياطنة وعبدة الكواكب والاحجار. صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه واصحابه احبابه وانصاره واحزابه الائمة الاخيار والاتقياء الابرار. صلاة وسلاما دائمين ما دام الليل والنهار وما تحلل بنشر عطرهم الاسفار وتفاخر بنشر ذكرهم ذكرهم اهل الاثار والاخبار. اما بعد فيقول العبد الفقير لمولاه العلي محمد بن احمد السفاريني الحنبلي. عامله الله بلطفه الخفي والجلي. قد سنح في خلدي ان اشرح سيدي الاستغفار لما فيه من بدائع الفوائد وودائع العوائد التي لعلها لا تخطر على قلب غالب من يدعو بهذا الدعاء مولاه بهذا الاستغفار الذي جمع فروعا لكثرة ما فيه من الفوائد والاسرار جعله النبي صلى الله عليه وسلم المختار سيد الاستغفار وسميته بنتائج الافكار في شرح حديث سيد الاستغفار. واحببت ان اقدم امام المقصود مقدمة تشتمل على عدة مقاصد فاقول المقصد الاول في ذكر الحديث ومن اخرجه من الائمة وترجمتهم الصحابي رضي الله عنه اما الحديث فهو ما رواه الامام احمد والبخاري والترمذي والنسائي وعن ابيه على شداد ابن اوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيد الاستغفار اللهم انت ربي وفي لفظ ان يقول العبد اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت. اعوذ بك من شر ما صنعت وابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت. من قالها من النهار موقنا بها فمات من قبل ان يمسي فهو من اهل الجنة ومن قالها من الليل هو موقن وهو موقن بها فمات قبل ان يصبح فهو من اهل الجنة. واعلم ان موضوع الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث انه رسول الله. وحده هو علم يعرف به اقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وافعاله واحواله وغايته هو الفوز بسعادة الدارين. فدخل في قولنا واحواله تقرير تقريره بان يفعل بحضرته فعل فيقره وصفاته عليه الصلاة والسلام. من كونه اكحل العينين ازج الحاجبين. قوله رحمه الله تعالى في موضوع الحديث هو ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث انه رسول الله اي ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم باعتبار كونه مرسلا من الله عز وجل. ولهذا فلا يدخل في سنته الا ما كان بعد البعثة. فقيد البعثة قيد لازم في تمييز لا يدخل في جملة الحديث وما يخرج منه. صرح بذلك ابو العباس ابن تيمية رحمه الله على وحده كما ذكر المصنف علم يعرف به اقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم افعاله واحواله وفسر الاحوال بانه يندرج فيها التقريرات. وكذلك يلزم منه ان هذه الاحوال تندرج فيها الافعال. فان الانسان بين قال وحال. فلو انه جعل الحد محصورا في القول والحال لكان جامعا. غير ان مثل هذه المقامات بناء وعلى الوضوح اولى. فان الحدود والتعريفات كما تبنى على الاختصار فانها تبنى على الواضح الجليل الذي لا ينشأ منه الاشكال. ومن هنا فالمختار بان علم ما الحديث هو علم تعرف به اقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وافعاله وتقريراته واوصافه فتندرج هؤلاء الاربع في جملة حد علم الحديث وهذا الحد كما سلف هو باعتبار عناية اهله المشتغلين به. اما باعتبار مأخذ الاصوليين او غيرهم فلهم في ذلك منازع غير هذا المنزل. نعم. اما ترجمة الصحابي اما ترجمة الصحابي فهو ابو شداد بن اوس الانصاري ثم الخزرجي بن اخي حسان بن ثابت رضي الله عنهما نزل الشام ناحية فلسطين وكان ممن اوتي والحكمة وروي انه لما ادنت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ثم جلس ثم قام ثم جلس. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا شداد وما سبب فعلك؟ فقال يا رسول الله ضاقت بي الارض فقال الا ان الشام سيفتح بيت المقدس سيفتح ان شاء الله تعالى وتكون انت وبيت المقدس سيفتح ان شاء الله تعالى وتكون انت وولدك من بعدك ائمة بها ان شاء الله فكان كما اخبر صلى الله عليه وسلم. واسناده ضعيف نعم فكان ذا عبادة واجتهاد توفي سنة ثمان وخمسين من الهجرة وله خمس وسبعون سنة وقيل مات سنة احدى واربعين وقبره طاهر ببيت المقدس بباب الرحمة تحت سور المسجد الاقصى يزار ويتبرك به والله اعلم. قوله رحمه الله يزار ويتبرك به على وجه الخبر. وهذه عادة نقلة التاريخ. فانهم ربما نقلوا اخبارا لا يليق السكوت عليها. لكن توسعهم في نقل جميع افراد الوقائع والكائنات. ادخل مثل هذه المقالات في كلامه. ولهذا نبه العراقي رحمه الله تعالى ان نقلة السيرة ان نقل ان نقلة السير يجمعون دون تمييز كما قال في الفية السيرة وليعلم الطالب ان تجمع ما صح وما قد انكر التبرك بقبور الصالحين محرم ووسيلة الى الشرك وقد تكون بعض افعال الخلق عنده من جنس الشرك. وكان اللائق وبالمصنف رحمه الله تعالى اما الاعراض عن حكاية مثل هذا او الاشارة الى ما فيه من خلل وذلل ولكنه سرده باعتبار كونه واقعة تاريخية متعلقة بالمترجم له. نعم فصلوا عن ما ترجمة الامام احمد فهو احمد ابن محمد ابن حنبل وقد اشتهر بنسبة الى جده ابيه حنبل ابن هلال ابن اسد شيباني لانه من بني شيبان بفتح الشين المعجمة بن ابن ذهل ابن ابن ذهل اضم من دار المعجمة ابن ثعلبة كما نسبه ولده عبد الله واعتمده الخطيب وغيره. وغلط الخطيب عباسا الدوري وابا بكر ابن ابي داوود في قولهم انه من ابن شيبان ابن ثعلبة قال ذهل ابن ثعلبة وعم ذهل ابن شيبان. المروزي ثم البغدادي لانه قدم من مر الى بغداد وهو حمل فولد بها في ربيع الاول سنة اربع وستين ومئة. ونشأ بها وسمع من شيوخها ثم دخل البصرة والكوفة ومكة والمدينة واليمن والشام والجزيرة وغيرها. وسمع من اسماعيل ابن علية وهشيم ابن بشير ويحيى بن سعيد بن القطان وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق الصنعاني وغيرهم وروى عنه ابناه صالح وعبدالله وابن عمي حنبل بن اسحاق والبخاري ومسلم وابو داوود السجستاني وخلق لا يحصون ولم يروي عنه البخاري في صحيحه الا حديثا واحدا. قوله رحمه الله ولم يروي عنه البخاري في صحيحه الا حديثا واحدا اي على وجه المباشرة بانصار البخاري شيخا بانصار احمد شيخا للبخاري. واما باعتبار كونه شيخ شيخه فقد ذكر المصنف حديثا اخر بعد هذا اخرجه البخاري عن رجل عن الامام احمد. والصحيح ان البخاري عن الامام احمد مباشرة حديثين اثنين صار احمد بن حنبل شيخا له فيهما احدهما حديث ابن عباس في عد المحرمات والاخر حديث اخر في خاتم النبي صلى الله عليه واخذهما من الامام احمد على وجه المذاكرة فانه قال في الاول قال لنا احمد وقال في الثاني زادني احمد وقد اشرت الى هذين الحديثين بقول نظمن وللبخاري عن احمد اعلمي عدوا المحرمات وحديث الخاتم وللبخاري عن احمد اعلمي عد المحرمات وحديث الخاتم قال لنا مرة وزادني قال لنا مرة وزادني قال لنا ومرة وزادني كانما مذاكرا له عني قال لنا ومرة وزادني كانما مذاكرا له عني اي وقع اخذه لهذين الحديثين عن احمد في مجلس المذاكرة. نعم. وقال الحازمي البخاري روى عن احمد ابن الحسن الترمذي عن الامام احمد حديثا اخر. وفطائل الامام احمد مشهورة ومناقبه مأثورة قد افردت تصنيف واحتفل بها في التأليف وصنف الحافظ البيهقي كتابا في مناقبه حافلا وكذا الحافظ ابو اسماعيل الانصاري صاحب كتاب منازل والحافظ ابن الجوزي وغيرهم قال الامام ابو زرعة لعبد الله بن الامام احمد كان ابوك يحفظ الف الف حديث قال قتيبة ابن سعيد احمد امام الدنيا وقال اسحاق بن ورا هويه احمد حجة بين الله وخلقه وسئل رضي الله عنه ستين الف مسألة فاجاب بحدثنا واخبرنا لا من كتاب فقال الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه منتهى النقول كان ابن جرير كتبا حمل ثمانين بعيرا. وكان حفظ ابن الانبري في كل جمعة الف كراس وحفظ وحفظ ثلاث مئة في بيت من الشعر استشهادا للنحو وكان الامام الشافعي يحفظ من مرة او نظرة وابن سينا الحكيم حفظ القرآن في ليلة واحدة. وكان ابو يحفظ الف الف حديث والبخاري وحفظ عشرها اي مئة الف حديث قال والكل من بعض محفوظ الامام احمد ابن حنبل انتهى قوله رحمه الله والبخاري حفظ عشرها اي مئة الف حديث هذا كما سيأتي عنه من الاحاديث الصحاح قال وحفظت مائتي الف حديث غير صحيح. فمجموع ما ذكر ان البخاري حفظه هو ثلاث مئة في حديث نعم واطلق غير واحد من العلماء بانه رضي الله عنه احاط بالسنة وانه لم يحط بها احد سواه وتوفي الامام احمد رضي الله عنه ببغداد ضحوة الجمعة ثاني عشر ربيع الاول سنة احدى واربعين مئتين وعمره سبع وسبعون سنة ووهيم المناوين في شرحه الكبير عن الجامع الصغير فزعم ان عمره سبع ان عمره سبع فصلى عليه رضي الله عنه الف الف وثلاث مئة الف سوى من كان في السفن. وقال الامام الحافظ ابو زرعة ان المتوكل امر مسح الموضع الذي صلي عليه فيه فبلغ مقام الفي الف وخمسمائة الف واسلم يوم موتهم من اليهود والنصارى والمجوسي بعشرون الف عشرون الفا والله الموفق. هذه هذه الامور التي ذكرها المصنف رحمه الله تعالى نقلا عن ابي زرعة فيما وقع واتفق في الصلاة على الامام احمد هي في جملة قصة طويلة انكرها الذهبي رحمه الله تعالى والنكرة عليها ظاهرة لوهاء راويها وعدم صحتها. نعم مطلب واما ترجمة بدون مطلب. واما ترجمة الامام البخاري فهو ابو عبد الله محمد ابن اسماعيل ابن ابراهيم ابن المغيرة ايضا من ميمي على مشغول ويجوز كسرها ابن يردز بها بفتح المثناة تحت ثم سكون الزاهي فدال مهملة مكسورة فزع ساكنة ايضا وموحدة فكذا ضبطه ابن خلكان عن بعضهم ثم نقل عن ابن مكولة انه ابن بردزبة بموحدة فرائ مهملة ساكنة فموحدة فهاء. قال وهو بالبخارية ومعناه بالعربية الزارع وهو مولى الجعفيين ولاء اسلام. لان جده المغيرة اسلم على يد مان البخاري الجعفي وهو ابو علي عبد الله ابن محمد ابن جعفر ابن يمان المسندي شيخ البخاري ذكر المصنف رحمه الله تعالى ضبطين في جد البخاري اشهرهما هو الثاني وعليه اكثر اهل العلم وقوله رحمه الله وهو مولى الجعفيين ولا اسلام الولاء المذكور في تأليف اهل العلم ثلاثة انواع احدها ولاء العتق والثاني ولاء الحلف والثالث ولاء الاسلام والمراد بولاء الاسلام ان يكون جد هؤلاء المنسوبين الى قبيلة ما اسلم على يد رجل من اهل تلك القبيلة كما للبخاري فان جده المغيرة اسلم على يد يمان البخاري الجعفي. فنسب اليه واشار الى قسمة الولاء ونسبة البخاري الى ولاء الاسلام السيوطي رحمه الله تعالى في الفيته اذ قال ولا عتاقة ولا احلف ولاء اسلام كمثل الجعفي. ولا عتاقة ولا حلف ولا اسلام كمثل الجعفي والمراد بالجوع في البخاري رواه البخاري عن الامام احمد وابي نعيم ويحيى ابن معين ويحيى ابن معين وخلق يزيدون على الف وروى عنه الترمذي وكذا النسائي فيما ومسلم خارج الصحيح. قوله وكذا النسائي فيما قيل الصحيح ان البخاري ان النسائي لم يروي عن البخاري وانما حدث عن بعض اصحابه عنه وعن محمد بن يعقوب الحافظ عن ابيه قال رأيت مسلما ابن الحجاج بين يدي البخاري يسأله سؤال الصبي المتعلم فقال له لا لا الا حاسد واشهد الا اشهد انه ليس بالدنيا مثلك. وكذا وكذلك روى عنه ابو زرعة وابراهيم الحربي وغيره كان يحضر مجلسه اكثر من عشرين الفا يأخذون عنه. قال البخاري احفظ مئة الف حديث صحيح ومائتي الف حديث غير صحيح وهو احد الذين سموا سموا من المحدثين امير المؤمنين. قوله رحمه الله وهو احد الذين سموا من المحدثين امير المؤمنين قال ابو محمد ابن ابي حاتم في تفسير هذه اللفظة في كتاب الجرح والتعديل. فوق العلماء في زمانه. فمن وصف وبانه امير المؤمنين فمعناه انه متقدم على غيره من العلماء في ذلك الزمان ولشيخ شيوخنا محمد حبيب الله الشنقيطي منظومة مع شرحها عد فيها امراء المؤمنين في الحديث نعم اولهم عبد الله ابن ذكوان ثم مالك ومحمد ابن اسحاق شعبة بنو الحجاج وسفيان الثوري وابو عبدالله محمد بن يحيى الذهلي وابو نعيم الفضل بن دكين وقيل ومسلم جدير ذلك وان لم يبلغنا انهم لقبوه بذلك ومناقب البخاري الشهيرة وفضائله كثيرة. واتفقوا على انه ولد بعد صلاة الجمعة بثلاث عشرة ليلة خلت في من شوال سنة اربع وتسعين ومئة وتوفي ليلة السبت عند العشاء ليلة عيد الفطر ودفن يومه بعد ظهر سنة ست وخمسين ومئتين بقرية تسمى خرنتك بفتح الخاء المعجمة ثم نون ساكنة ثم مثنى. فوق قرية من قرى سمرقند. تسمية هذه القرية بخرنتان كما ذكره المصنف خلاف المعروف في كتب التراجم والبلدان بان البخاري توفي في خرتانك بتقديم التاء على النون وهي بلدة موجودة في اوزبكستان اليوم. نعم واما ترجمة الترمذي فهو الامام الحافظ ابو عيسى محمد بن عيسى ابن سمرة بفتح السين المهملة فواو ساكنة فراء مهملة ابن موسى ابن الضحاك السلمي الضرير ولد اكمها عن نحويه الترمذي. احد ائمة الحديث ومصنف احد الكتب الستة وهي صحيح البخاري ومسلم وسنن ابي داوود وجامع الترمذي والنسائي وابن ماجة وله اوله وله ايضا كتاب التواريخ والعلل كان يضرب بحفظه المثل وهو تلميذ البخاري وشاركه في بعض شيوخه مثل قتيبة ابن سعيد ومحمد ابن بشار وغيرهما. قوله وهو تلميذ البخاري اي الذي اختص به دون بقية الستة بل بلغ من رتبته ان البخاري كتب عنه حديثا فان الترمذي لما اسند حديث العقيقة في الجامع قال وكتب عني محمد بن اسماعيل البخاري هذا الحديث قال الامام ابو اسماعيل الهروي الحافظ الحنبلي صاحب كتاب منازل السائلين جامع الترمذي عندي انفع من كتاب البخاري ومسلم لان كتاب لا يصل الى الفائدة منهما الا المتبحر العالم. وكتاب ابي عيسى يصل الى فائدته كل احد. قال ابن نعاني الترمذي نسبة الى مدينة قديمة على طرف نهر بلخ الذي يقال له جيحون والناس مختلفون في كيفية هذه النسبة بعض بفتح التاء وبعضهم يضمها وبعضهم يكسرها. والمشهور على السنة عامة الناس كسر التاء والمتداول على السن فتح التاء وكسر الميم والذين يضمون التاء يضمون معها الميم. توفي رضي الله عنه لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وسبعين بترمي وقال السمعاني بقرية بوغ بضم الباء الموحدة والغير المعجمة سنة خمس وسبعين ومائتين. وقال الخليلي في ارشاد مات بعد الثمانين ومائتين ولم يرتظه الائمة. قال الحافظ العراقي عن قول الخليلي قاله على الظن وليس بصحيح والله اعلم واما ترجمة النسائي فهو واما ترجمة النسائي فهو ابو عبدالرحمن احمد بن شعيب بن علي الخرساني مصنف كتاب السنن او الصغرى والكبرى احدى الكتب الستة قال الحافظ ابو عبدالله الحاكم قوله رحمه الله الكبرى احدى الكتب الستة وهم والصحيح ان السنن التي هي احدى الكتب الستة من سنن النسائي انما هي السنن الصغرى واسمها مجتبى من السنن المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الحافظ ابو عبد الله الحاكم كان النسائي امام اهل الحديث وكان يصوم الدهر ويختم القرآن في كل ليلة في كل يوم وليلة. فاذا كان في في رمضان ختم في كل يوم مرتين وكان يجاهد ويرابط ولما امتحن بدمشق. قال احملوني الى مكة فحمل اليها فتوفي وهو مدفون بين الصفا والمروة قاله في الزهر البسام. وقال الحافظ العراقي انه توفي بفلسطين في سفر سنة في سفر في سفر سنة ثلاث وثلاثين ومئة. قاله الطحاوي ابن يونس وزاد يوم الاثنين لثلاث عشرة خلق منه وكذا قال الحافظ ابو عامر العبدلي انه مات بالتاريخ المذكور بالرملة مدينة بفلسطين ودفن ببيت المقدس وقالت دار وقال الدار قطني حمل الى مكة فتوفي بها في شعبان سنة ثلاث. فقال الحافظ ابو عبد الله ابن منده عن مشايخه انه مات بمكة سنة ثلاث وكان مولده سنة اربع عشرة ومائتين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى اقوالا مختلفة في موضع وفاته فمن اهل العلم من ذكر وفاته بمكة ومنهم من ذكر وفاته فلسطين وهو الصحيح. فانه مات بفلسطين ودفن هناك وقبره معروف واما الرواية التي فيها انه دفن بين الصفا والمروة فليست بصحيحة والصحيح انه مات في فلسطين فان هذا قد حكاه ابن يونس وهو من اعرف الناس به كما قال الذهبي نعم. وافصح ابن خلكان عن سبب محنته فقال سكن مصر وانتشرت بها تصانيفه واخذ عنه الناس. ثم فارق مصر في اخر في عمره وخرج الى دمشق فسأل عن معاوية وما روى من فضائله فقال اما يرضي معاوية ان يخرج رأسا برأس حتى يفضل؟ وفي رواية اخرى ما اعرف له فضيلة الا لا اشبع الا اشبع الله بطنك. قال وكان يتشيع قال كانوا يدفعون في حضنه حتى اخرجوه من المسجد. ما زال يدفعون في خصيتيه احسن الله اليك فما زالوا يدفعون في خصيتي حتى اخرجوه من المسجد وفي رواية يدفعون في خصيته وداسوه ثم حمل الى الرملة فمات فقال الحافظ ابو نعيم الاصبهاني لما داسوا بدمشق مات بسبب ذلك الدوس وكان قد كتاب الخصائص في فضل علي رضي الله عنه واهل البيت واكثر رواياته فيه عن الامام احمد بن حنبل رضي الله عنه فقيل له الا تصنف كتابا في فضائل الصحابة رضي الله عنهم فقال دخلت دمشق والمنحرف عن علي كثير. فاردت ان يهديهم الله بهذا الكتاب رحمه الله تعالى في حق النسائي وكان يتشيع كانه تبع في ذلك من وصف نسائي به والذين وصفوا النسائي به انما يريدون اعتقاده فضيلة علي تقدمه وهذا هو الذي كان عليه اكثر الموصوفين بالتشيع متقدم العلماء الذين يرون فضيلة علي على عثمان لما روي له من الفضائل الكثيرة. والذين ذكروا هذا عن النسائي انما بنوه على انه صنف كتابا مفرد في خصائص علي وما بنوا عليه يحتاج الى دليل مصدق فانه رحمه الله تعالى افصح عن علة تصنيفه ذلك الكتاب وهو ارادة هداية الناس في دمشق الشام الى علي فان دمشق الشام كانت في ازمنة كثيرة المنحرف فيها على علي كثير لانها كانت دارا وكان بينهم وبين علي منازعة في امر الولاية. فكان المنحرف فيهم عن علي كثير فاراد ان يبين لهم فضائل علي فصنف هذا الكتاب. فوصفه بالتشيع لو انما يراد به اعتقاد فضيلة علي وتقدمه على عثمان ثمان في ثبوت هذا نظرا لكون تأليفه لكون تأليف لكتاب الخصائص انما هو لاجل العلة المذكورة. وقد ابتلي بتأليفه هذا الكتاب فان اهل دمشق كانت عصبيتهم ولا زالت الى وقت قريب فيهم كانت عصبيتهم لبني امية فوقع له ما وقع معهم وكان ذلك سببا لوفاته رحمه الله تعالى. نعم. قال ابن خل كان وكان النسائي يصوم يوما ويفطر يوما قال وكان موصوفا بكثرة الجماع. قال ابن عساكن الدمشقي كان له اربع زكاة له اربع زوجات يقسم لهن وسراري فقالت دار قطني وتوحن النسائي بدمشق فادرك الشهادة رحمه الله ورضي عنه ثم ذكر الخلاف فاين مات؟ ثم قال وكان اماما في الحديث ثقة ثبتا حافظا وموفده وموفده بنساء مولده بنسى سنة عشرة وقيل اربع عشرة ومئتين. قال ونسبته الى نسا. بفتح النون والى نسأ بفتح النون والسين المهملة وبعدها همزة وهي مدينة بخراسان خرج منها جماعة من الاعيان انتهى وقال البرماوي في شرح الزهر البسام والنسائي يقال فيه النسائي ايضا نسبة الى نساكورة من وقال المسعوديون سام الارض فارس وقال الحافظ عبدالغني بن سعيد النسا موضع بخراسان قال الرشاطي قياس نسوي والله اعلم. مجموع ما ذكر في نسبة المصنف الكبير ابي عبد الرحمن النسائي ثلاث ضبوط ثلاثة ضبوط اولها النسوي وثانيها النسائي وثالثها نسائي كالسبأ انشدنا شيخنا حماد الانصاري رحمه الله تعالى في نظمه مقدمة التقريب قال كبعض اشياخ الامام النسائي وهو في الوزن لديهم كسبأ نعم المقصد الثاني في بعض فضائل الاستغفار فقد ندب الله تعالى في كتابه العزيز ومدح اهله واخبر انه سبب لحصول الرزق والغيث وفي صحيح مسلم والترمذي وابن ماجه وغيره يا ابن ادم كلكم مذنب الا من عافيت فاستغفروني اغفر لكم وفي من استغفرني وهو يعلم اني ذو قدرة على ان اغفر له غفرت له ولا ابالي. هذا الحديث ليس في هذه الكتب بهذا اللفظ وانما هو حديث ابي ذر الطويل ولفظه يا عبادي انكم تذنبون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم. نعم. ولو في الترمذي يا عبادي وفي الترمذي ايضا من حديث انس رضي الله عنه قال وقال حسن غريب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني اني غفرت لك ولا ابالي يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك وبها مغفرة. العنان بفتح العين المهملة السحاب وقراب الارض بضم القاف ما يقارب ملأها. وتكسر ايضا فيقال خراب الارض وقراب الارض. وروى الامام احمد والحاكم وقال صحيح الاسناد عن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابليس وعزتك لا ابرح اغوي عبادك ما دامت ارواحهم في اجسادهم فوعزتي وجلالي لا ازال اغفر لهم ما استغفروني. واسناده ضعيف. وروى البيهقي عن انس رضي الله عنه مرفوعا الا ادلكم على ادائكم ودوائكم؟ الا ان دائكم الذنوب ودوائكم الاستغفار. وروي عن قتادة من قوله وهو المحفوظ. نعم قال الحافظ المنذري وهو اشبه بالصواب وروى ابو داوود والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي وصححه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنه ما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب وفي اسناده ضعف. وروى ابن ماجة باسناد صحيح والبيهقي عن عبدالله بن بسر رضي عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا. قوله طوبى ثعلة من الطيب فهي اسم جامع لكل افراد الطيب. والاحاديث المروية ان طوبى شجرة في الجنة لا يثبت منها شيء وروى البيهقي باسناد لا بأس به عن البراء رضي الله عنه مرفوعا. من احب ان تسره صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار. واسناده ضعيف وروي ايضا عن انس مرفوعا ان للقلوب صدأ كصدأ النحاس وجلاء والاستغفار. واجتناده ضعيف ايضا وبالجملة بدواء الذنوب الاستغفار قال الحافظ ابن رجب في كتابه شرح الاربعين النووية وروينا من حديث ابي ذر مرفوعا ان لكل داء دواء وان دواء الذنوب الاستغفار. وهو كسابقين وقال بعض العارفين انما معول المذنبين البكاء والاستغفار فمن اهمته ذنوبه اكثر لها من الاستغفار وكان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطلب من الصبيان الاستغفار ويقول انكم لم تذنبوا. وكان ابو هريرة يقول لغلمان الكتاب قولوا اللهم اغفر لابي هريرة سوف يؤمن على دعائهم. قال بكر مزني لو ان رجلا يطوف على الابواب كما يطوف المسكين ويقول استغفروه لي لكان قوله ان يفعل ومن كثرت ذنوبه وسيئاته حتى فاقت العد والاحصاء فليستغفر الله مما علم الله فان الله قد علم وكل شيء واحصاه كما قال تعالى يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا احصاه الله وفي حديث شداد ابن اوس عن النبي صلى الله عليه وسلم اسألك من خير ما تعلم واعوذ بك من شر ما تعلم واستغفر لما تعلم انك انت علام الغيوب. وهذا قطعة من حديث اذا كنز الناس الذهب والفضة فكنزوا هؤلاء مات وسبق اقراء شرح الحافظ ابن رجب عليه في احد دروس برنامج الدرس الواحد في سنة مضت نعم. وقال الامام المحقق ابن القيم في كتابه الكلم الطيب والعمل الصالح قراءة القرآن افضل من الذكر والذكر افضل من الدعاء هذا من حيث النظر من حيث النظر الى كل منهما مجردا. وقد يعرض للمفضول ما يجعله او واولى من الفاضل بل يعينه فلا يجوز ان يعدل عنه الى الفاضل. قوله رحمه الله والذكر افضل من الدعاء. المراد بالدعاء هنا ما تضمن طلبا وسؤال قال كالتسبيح في الركوع والسجود فانه افضل من قراءة القرآن فيهما. بل القراءة فيهما منهي عنها وكذا التسبيح والتحميد في محلهم ما افضل من القراءة؟ وكذلك التشهد وكذلك ربي اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني بين السجدتين افضل من القراءة وكذلك الذكر عقب السلام من التهليل والتسبيح والتكبير والتحميد افضل من الاشتغال عنه بالقراءة وكاجابة المؤذن والقول كما يقول وان كان فضل القرآن على كلام على كلام على كل كلام كفضل الله على خلقه. لكن لكل مقام مقام متى فات مقاله فيه وعدل عنه الى غيره اختلت الحكمة وفقدت المصلحة المطلوبة منه. وهكذا الاذكار قيدتوا بحال مخصوصة افضل من القراءة المطلقة والقراءة المطلقة افضل من الاذكار المطلقة. اللهم الا نعرض للعبد ما يجعل الذكر والدعاء ما انفع له من قراءة القرآن مثاله ان يتفكر في ذنوبه فيحدث ذلك توبة واستغفارا او يعرض له ما يخاف اذاه شياطين الانس والجن فيعدل الى الاذكار والدعوات التي تحفظه وتحوطه. وكذلك قد يعرض للعبد حاجة ضرورية اذا اشتغل سؤالها بقراءة او ذكر لم يحضر قلبه فيهما. واذا اقبل على سؤالها او الدعاء اليها اجتمع قلبه كله على الله. واحدث له تضرعا وخشوعا وابتهالا فهذا قد يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه انفع له. وان كان كل من القراءة والذكر افضل اعظم اجرا وهذا باب نافع يحتاج الى فقه نفس وفرقان بين فضيلة الشيء في نفسه وبين فضيلته العارضة فيعطى كل ذي حق حقه ويوضع كل شيء في موضعه وحفظ المراتب من تمام الحكمة التي هي نظام الامر والنهي والله الموفق قال وهكذا الصابون والاسنان انفع للثوب في وقت التجميل وماء الورد ونحوه. والتجميل وهكذا الصابون والاسنان ينفع للثوب في وقت التجميل وماء الورد في وقت والتجميل والتجميع وانفع للثوب في وقت والتجمير. وماء الورد ونحوه انفع له في وقت. قال وقلت لشيخ الاسلام ابن تيمية تقدس الله روحه يوما سئل بعض اهل العلم قلت وهو الامام الحافظ ابن الجوزي ايما انفع العبد التسبيح او الاستغفار فقال اذا كان الثوب نقيا فالبخور وماء الورد انفع له وان كان ديسا فالصابون والماء الحار فقال لي رحمه الله فكيف والثياب لا تزال دنيسة والله اعلم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى نقلا عن ابن القيم قاعدة نافعة في التفضيل بين الاعمال. وان الاعمال قد تفضل بالنظر الى ذواتها تارة وقد تفضل بالنظر الى معنى اقترن بها تارة اخرى. فالقرآن افضل من الذكر والذكر افضل من الدعاء بالنظر الى ادوات الاعمال نفسها. وقد يقترن بها معنى فيكون هذا افضل من هذا ترديدي مع الاذان حال رفعه فانه افضل من قراءة القرآن. وآآ القرافي رحمه الله تعالى في الفروق في اخرها كلام نافع في ذكر المعاني الا قد التي قد تقتن بالعمل فتوجب تفضيله على غيره المقصد الثالث اعلم ان الظلم عند الله يوم القيامة له ثلاثة دواوين كما قاله صلى الله عليه وسلم كما في مسند يا احمد من حديث عائشة رضي الله عنها ديوان لا يغفر الله سبحانه منه شيئا وهو ديوان الشرك به سبحانه فان الله لا يغفر ان يشرك به وديوان لا يترك الله منه شيئا. وهو ظلم العباد بعضهم بعضا. فان الله سبحانه يستوفيها ويستوفيه كله. وديوان لا يعبأ الله به شيئا وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عز وجل فهذا الديوان اخف الدواوين واسرعها محوا فانه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفرة ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشرك فانه لا يمحى الا بالتوحيد قال شيخ الاسلام ابن تيمية كفارة الشرك التوحيد والحسنات يذهبن السيئات. قال ابن مفلح في الاداب قال في نهاية المبتدئين قيل قيل تحبط الصغائر بثواب المرء اذا اجتنب الكبائر. وهو الذي ذكره ابن عقيل في الانتصار وهو ظاهر ما ذكره جماعة من المفسرين منهم ابن الجوزي لظاهر قوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عن نكفر عنكم سيئاتكم. قال الامام المحقق ابن القيم ديوان المظالم لا يمحى الا بالخروج منها الى واستحلالهم منها. ولما كان الشرك اعظم قوله رحمه الله ديوان المظالم لا يمحى الا بالخروج منها الى اربابها واستحلالها منهم هذه هي قاعدة الباب الكلية عند ابن القيم. وقد يوجد في الافراد ما يتخلف عن ذلك فانه رحمه الله تعالى يختار في حق من استطال بلسانه في عرظ احد انه لا يلزمه وان يتحلل منه بل يكفيه ان يدعو له ويذكره بخير وهذا اختيار شيخه ابن تيمية رحمه الله تعالى نعم. ولما كان الشرك اعظم الدواوين الثلاثة عند الله حرم الله الجنة على اهله فلا تدخلوا الجنة نفس مشركة وانما يدخلها اهل التوحيد فانه مفتاح بابها فمن لم يكن معه مفتاح لم يفتح له بابها. وكذلك نتى بمفتاح لا اسنان له لم ينكر الفتح به. واسنان هذا المفتاح هي الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وصدق الحديث واداء الامانة وصلة الرحم وبر الوالدين. فاي عبد اتخذ في هذه الدار مفتاحا صالحا من التوحيد وركب فيه اسنانا الاوامر جاء يوم القيامة الى باب الجنة ومعه مفتاحها الذي لا يفتح الا به فلم يعيقه عن الفتح عائق الا ان تكون له ذنوب وخطايا واوزار لم يذهب عنه اثرها في هذه الدار بنحو التوبة والاستغفار. لم يذهب عنه اثره وفي هذه الدار بنحو التوبة والاستغفار فانه يحبس عن الجنة حتى يتطهر من درنه ووسخه ثم يخرج من النار فيدخل فيدخل دار القرار فانها الدار الطيبة التي لا يدخلها الا الطيبون كما جاء في القرآن المبين. سلام عليكم فادخلوها خالدين. اما النار فانها دار الخبث في الاقوال والاعمال والمآكل والمشارب ودار الخبيثين. والحق جل يجمع الخبيث بعضه على بعض فيرقمه كما يرقم الشيء المتراكم بعضه على بعض ثم يجعله في جهنم مع اهله ليس فيها الا خبيث. ولما كان الناس على ثلاث طبقات طيب لا يشوبه خبث وخبيث لا طيب فيه واخرون فيهم خبز وطيب كانت دورهم ثلاثة دار الطيب المحض ودار الخبث المحض وهاتان الداران لا يفنيان ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى وهي دار العصاة فانه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين احدا. لانهم اذا عذبوا بقدر جرائمهم من النار فادخلوا الجنة ولا يبقى الا دار الطيب المحض ودار الخبث المحض والله سبحانه وتعالى اعلم. هذا الكلام الذي نقله المصنف عن ابن القيم في الوابل الصيب فيه تصريح ابن القيم بان الجنة والنار لا يفنيان ابدا فما يعزوه اليه بعض مخالفيه من انه يقول بفناء النار لا يصح عنه. بل عبارة ابن القيم رحمه الله تعالى مصرحة بذلك. نعم المقصد الرابع في سبب تسمية هذا الدعاء بسيد الاستغفار ولما استحق هذه السيادة على سائر على سائر صيغ الاستغفار واعلم ان السيد يطلق على من ساد قومه يسود وعلى من ساد قومهم يسودهم سادة وسودة وسيدودة فهو سيدهم وهم سادة. قال الراغب والسيد المتولي للسواد اي الجماعة. ولما كان من شرط المتولي للجماعة ان يكون عذب النفس قيل لكل من كان فاضلا في نفسه سيد. وعلى ذلك قوله تعالى في حق يحيى عليه السلام سيده وحصورا. قال في يطلق السيد على الرب والمالك والشريف والفاضل والزعيم والكريم والحريم الذي لا يستفزه غضبه ومتحمل الاذى من قومه والزوج الرئيسي والمقدم وورد في حديث كل بني ادم سيد فالرجل سيد اهل بيته والمرأة سيدة اهل بيتها. واسناده وفي الحديث الصحيح الذي رواه ابو داوود في سننه عن بريدة مرفوعا. لا تقولوا للمنافق سيد. فان كان سيد وهو فان كان سيدكم وهو منافق فحالكم دون حاله والله لا يرضى لكم ذلك. واختلف الناس في اطلاق السيد على البشر المحفوظ بالنهي قوله صلى الله عليه وسلم لا تقول للمنافق سيد فانكم اذا قلتم ذلك اغضبتم الله. وفي لفظ لا تقول للمنافق سيدي وهذا يدل على انه اذا كان ممنوعا منه في حق المنافق فالمنع منه في حال في حق الكافر اولى فيحرم مخاطبتهم بذلك. واختلف الناس باطلاق على البشر فمنعه قوم ونقل عن مالك واحتجوا لانه صلى الله عليه وسلم لما قيل له يا سيدنا قال انما السيد الله وجوزه اكثرونا محتجين بالقرآن وبالاحاديث الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم على المنبر كما في البخاري وغيره وجعل ينظر الى الناس مرة والى الحسن ابن علي رضي الله عنهما مرة ويقول له ان بني هذا سيد ولعل الله ان يصلح به بين فئتين من المسلمين وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه انه كان يقول ابو بكر سيدنا واعتق سيدنا يعني بلالا وقول النبي صلى الله عليه وسلم للانصار قوموا الى سيدكم وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان سعد ابن عبادة رضي الله عنه قال يا رسول الله ارأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا يقتله الحديث فقال صلى الله عليه وسلم انظروا الى ما يقولون وسيدكم وما في الحديث انه قيل له صلى الله عليه وسلم من السيد؟ قال يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام قالوا فما من فقالوا فما في امتك سيد؟ قال بلى من اتاه الله مالا ورزق سماحة فادى شكره وقلت شكايته في واسناده ضعيف. وقوله صلى الله عليه وسلم هذا سيد ولد ادم ولا فخر. اخبارا عما اكرمه الله تعالى به من الفضل والسؤدد وتحدثا بنعمة الله عنده واعلاما لامته ليكون ايمانهم به على حسبه وموجبه ولهذا ولهذا اتبعه بقوله ولا فخرا اي ان هذه الفضيلة التي نلتها كرامة من الله تعالى لم انلها من قبل بقوة فليس لي ان افتخر بها. قال الراغب سمي الزوج سيدا لسياسته زوجته. فثبت بما ذكر سيدي على البشر وهذا صار الان كالاجماع ويحمل حديث المعين صح انه صلى الله عليه وسلم قال ذلك تواضعا وكراهة في وجهه صلى الله عليه وسلم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى خلاف العلم في اطلاق السيد على غير الله سبحانه وتعالى واورد من الادلة ما يدل على الجواز والصحيح جواز اطلاق السيد على اه غير الله سبحانه وتعالى بشرطين اثنين. اولهما اهلية الموصوف بذلك وهو المسلم الذي له فضيلة. فمن كان غير مسلم او كان مسلما ليس له فضيلة تدل على اختصاصه بشيء فلا يخاطب بهذا والثاني امن الفتنة عليه وحمل المصنف رحمه الله تعالى حديث المنع بعد ان علقه على اشتراط الصحة والصحيح انه حمله على ان النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب بذلك منع المخاطبين له بذلك على انه قال ذلك تواضعا وكراهة. والصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك مخافة ان يتمادى الناس في الغلو فيه فحسب مادة ذلك. لانه قال قولوا بقولكم او بعض قولكم ولا يستهينكم الشيطان هذا يدل على ان مقصود من المنع حسم مادة الغلو فيه صلى الله عليه وسلم. نعم. واما قوله صلى الله عليه وسلم انا الناس يوم القيامة مع انه سيد في الدنيا ويوم القيامة. فانه اشار به الى انفراده بالسؤدد فيه والشفاعة العظمى دون غيره الناس اليه في حوائجهم ومهماتهم. فكان صلى الله عليه وسلم حينئذ سيدا منفردا من بين البشر لم يزاحموا احد في ذلك قد دعاه فهو كقوله تعالى مالك يوم الدين مع انه مالك الدنيا ويوم الدين وقوله لمن الملك اليوم لله الواحد القهار مع ان الملك له له في الدنيا والاخرة ولكن لما انقطعت في الاخرة دعوة المدعين للملك في الدنيا وكذلك لجأ الناس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في العقبا حتى تدافع اولو العزم للشفاعة من ادم الى نوح الى ابراهيم الى موسى الى عيسى حتى انتهت الى سيد المرسلين وخاتم النبي وحبيب رب العالمين. فصلح تخصيصه بالسيادة في ذلك اليوم وان كان هو سيد العالم دنيا وحسرا وعقبا. واللائق من هذه المعاني على ان هذا الدعاء سمي سيد الاستغفار لانه فاضل والفاضل سيد المفضول. وقال في المطلع السيد هو الذي يفوق في الخير قومه ويرتفع عليه. قال له الزجاج النووي فعلى هذا سمي هذا الدعاء سيدنا الاستغفار لانه قد فاق سائر صيغ الاستغفار في الفضيلة وارتفع عليها. فقال الحافظ جلال الدين السيو ليقال الطيبي لما كان الدعاء جامعا لمعاني التوبة استعير له السيد انتهى. ووجه افضلية هذا الدعاء على غيره من صيغ الاستغفار انه بدأ فيه بالثناء على الله بعد بدايته اللهم التي هي بمعنى يا الله التي معناها ادعو الله ثم الباري جل وعلا استشعارا من شدة القرب واستغراقا في مقام المشاهدة ثم اعترف بانه مربوب مفعول للرب الفاعل دون غيره ثم اعترف بانه لا اله غيره معبود بحق الا وسبحانه. لا اله غيره معبود الحق لله وسبحانه فاتى بما يشعر بتوحيد الربوبية وتوحيد الالهية. ثم اعترف بالعبودية الخالصة له سبحانه وانه مقيم على الوعد ثابت على العهد. فمن الايمان به وبكتابه وبسائر انبيائه ورسله ثم استدرك على نفسه انه مقيم على ذلك بحسب طوقه واستطاعته لانه اعجز واقل واضعف من تأدية الربوبية حقها او القيام على العهد والوعد من غير انحراف مما ثم انه استعاذ به سبحانه من شر كل ما صنع من التقصير في القيام بما يجب عليه من الانعام ومن ارتكاب الاثام ثم بترادف نعمته عليه وبما يصيب من الذنوب والمعاصي ثم سأله سبحانه المغفرة من ذلك كله معترفا بانه لا يغفر الذنوب سواه سبحانه وتعالى. ففي ضمن ذلك ما هو ثناء على الله سبحانه وتعالى بجميل اوصافه والائه من عدم معالجته بالعقوبة من عدم معاجلته بالعقوبة ومن ايصاله الرزق اليه وحفظه من المصائب والبلايا ومن شياطين والجن وذكر الحافظ ابن رجب في ذيل طبقات الاصحاب ان بعض الناس رأى الحافظ ابا موسى عبدالله ابن الحافظ عبدالغني المقدس العلم المشهور في المنام. وكان الرائي من اصحاب الحافظ فسأله الرأي فقال له اوصيك بالدعاء الذي حفظتك اياه فاحفظه فقال له ما بقيت احفظه؟ فقال له هو مكتوب في الورقة التي كتبتها لك فما نفعني الله الا به. وكان الدعاء اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك الحديث انتهى. والمستحب في الدعاء ان يبدأ الداعي بالثناء على الله بين يدي حاجته ثم يسأل حاجته كما في دعاء ذي النون الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم دعوة اخي ذي النون ما دعا بها الا فرج الله كربه لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. وفي الترمذي دعوة اخي ذي النون اذا ادعى وهو في بطن الحوت لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. فانه فانه لم يدعو بها مسلم في شيء قط الا استجاب الله له وهكذا عامة ادعية النبي صلى الله عليه وسلم كما في دعاء الكرب لا اله الا الله العلي عظيم الحليم لا اله الا الله رب العرش العظيم. لا اله الا الله رب السماوات ورب الارض ورب العرش الكريم وفي السنن وصحيح ابن حبان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو وهو يقول اللهم اني اسألك باني اشهد انك انت الله لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الاعظم الذي اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى. قوله صلى الله عليه وسلم لقد سأل الله باسمه الاعظم الصحيح ان الاسم الاعظم وصف يعم الاسماء الالهية كلها فكما ان الاسماء الالهية حسنى فكذلك توصف كلها جميعا بالعظمة وهذا احسن الاقوال في تفسير هذا واختاره شيخ شيوخنا عبدالرحمن السعدي في مجموع وشيخنا ابن باز وانما تكون الاعظمية في حق داع ما باعتبار بمناسبة حاله ودعائه لما دعا به من الاسماء. فمثلا من كان به حاجة من حوائج الدنيا فدعا الله سبحانه وتعالى متوسلا بما يناسب سؤله من الاسماء كقوله يا رزاق ارزقني كان الرزاق هو اسم اعظم في حقه حينئذ. نعم. وفي سنن ابي داوود والنسائي عن انس رضي الله عنه انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي ثم دعا اللهم اني اسألك بان لك الحمد لا اله الا انت المنان بديع السماوات والارض. يا ذا الجلال والاكرام يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد دعا الله باسمه العظيم الذي اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى فاخبر صلى الله عليه سلم ان الدعاء يستجاب اذا تقدمه ثناء وذكر والثناء عليه سبحانه وانجع ما طلب به العبد حوائجه فلا جرم الدعاء الذي الذكر والثناء افضل واقرب الى الاجابة من الدعاء المجرد. ولا سيما اذا كان بمثل هذه الجمل بمثل هذه الجمل الجامعة والكلمات والكلمات المتضمنة لتوحيد رب لتوحيد ربوبيته فقد انضاف الى ذلك اخباره بعبوديته وحاله مسكنته وافتقاره واعترافه بالنعم المتواصلة وذنوبه المتراسلة انه لا يغفر زلته ولا يطيل عثرته الا هو سبحانه. فقد توسل الى معبوده والهيه وخالقه وصفات كماله واحسانه وفضله وامتنانه وصرح بشدة فاقته وحاجته وضرورته وفقره وتلطخه بمعصية من هو خالقه ورازقه وحافظه ومعينه فاجتمع المقتضي من السائل والمقتضي من المسؤول في الدعاء فكان اجدر بالاجابة واحرى بان يسمى بسيد الاستغفار لانه الطف موقعا واتم معرفة معرفة وعبودية. وانت ترى في الشاهد ولله المثل الاعلى ان الرجل اذا توسل الى من يريد معروفه بكرمه وجوده وذكر وذكر حاجته وفقره ومسكنته. كان اعطف لقلب المسؤول واقرب الى قضاء حاجته منه فاذا قال له انت جودك قد سارت به الركبان وفضلك كالشمس لا ينكر في العيان ومعروفك قد عم وقد بلغت بي الحاجة والضرورة مبلغا صبر معه. ونحو ذلك كان ذلك ابلغ في قضاء حاجته ان يقول له ابتداء اعطه كذا وكذا. فاذا عرفت هذا فتأمل قول ابينا ادم عليه السلام ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. فقول وقول وقول موسى عليه السلام باني لما انزلت الي من خير فقير. وقول ذي النون المتقدم. وفي الصحيحين ان ان ابا بكر الصديق رضي الله عنه قال يا رسول الله علمني دعاء ادعو به في صلاتي فقال قل اللهم اني ظلمت نفسي كبيرا وانه لا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك انت الغفور الرحيم. وفي لفظ ظلما فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحاله والتوسل الى ربه بفضله وجوده. وانه المنفرد بغفران الذنوب فهو كدعاء سيد الاستغفار فانه جمع فيه بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل. حيث قال ابوء اعترف لك بنعمتك علي فهذه مشاهدة منة وابوء بذنبي فهذه مطالعة عيب النفس ثم سأل الله سبحانه المغفرة من ذنوبه والاقالة من عيوبه وحوضه. فما احراه باجابة دعاه وما اولاه بقبول مولاه. بقبول مولاه ومغفرة ذنوبه وخطاياه حيث انه استقاله مما اجتناه واستغفره مما ارتكبه واتاه فانه سبحانه وتعالى قد في الشهوة والغضب والغفلة وابتلعوا بعدوه ابليس لا يفتر عنه. فقال يدخل عليه من الابواب التي هو من التي هي من نفسه فتميل نفسه معه لانه يدخل عليها بما تحبه. فاتفق هو نفسه وهواه ثلاثة على العبد مسلطون امرون يبعثون الجوارح في قضاء وطنهم والجوارح الة منقادة فلا يمكنها الا الانبعاث فهذا شأن هذه الثلاثة ولها بعنوان الدنيا ومن هذا ما نسب للامام الشافعي اني بليت باربع يرمينني بالنبل عن قوس لا توتير ابليس والدنيا ونفسي والهوى من اين لي من شرهن نصير. وينسب من ذلك ايضا لشيخ الاسلام ابن تيمية تقدس الله روحه اني بليت باربع يرمينني بالنبل من قوس لها اشراك ابليس والدنيا ونفسي والهوى من اين يرجى للضعيف وللفقير من ذلك في ذلك اني بليت باربع يرمينني بالنبل من قوس نهى اوتار ابليس والدنيا ونفسي والهوى هل للفتى من بينهن فرار يا ربي عاملني بلطفك واحمني مما اخاف فانني محتار نفسي التي تبغي الشفاء بمرادها وبهناكها والعار يا حافظ الملكوت كلي حافظا من شرها يا رب يا ستار ولما ابتلى سبحانه عبده بما ابتلاه اعانه بجند اخر وامده بمدد اخر. يقاوم يقاوم به ما ابتلاه مما اريد هلاكة فارسل اليه رسولا وانزل عليه كتابه وايده بملك كريم. يقاتل عدوه الشهيد يقاتل عدوه الشيطان فاذا امره الشيطان بامره امره الملك بامر بامر ربه وبين لهما في الطاف ما في طاعة العدو من الهلاك فهذا يلم به مرة وهذا مرة ومنصور من نصره الله وجعل له مقابلة مقابلة نفس الامارة نفسا مطمئنة وجعل له مقابلة الهوى الحامل له على طاعة الشيطان والنفس الامارة نورا وبصيرة وعقلا يرده عن مع الهواء فاذا فرط منه زلة استدرك ذلك بالتوبة والاستغفار والرجوع من الفرار والله تعالى يقبل من اقبل ويتوب على من تاب وتنصل والله الموفق. جملة ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى فيما سلف شيئين اثنين احدهما بيان معنى كون هذا الحديث هو سيد الاستغفار بيان موجبه. فاما الامر الاول وهو بيان صيرورة هذا الحديث سيد الاستغفار فمعناه افضل الاستغفار فان السيد هو ذو الفظيلة المتقدم على غيره. فعدوا هذا الحديث سيدا الاستغفار يفيد كونه افضل انواع الاستغفار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم. واما الامر الثاني وهو بيان موجبه فان موجب كون هذا الحديث سيد الاستغفار امران اثنان. اولهما اعتراف العبد بنقصه وفقره وحاله والثاني توسله الى ربه بكماله وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ابياتا للشافعي وشيخ الاسلام ابن تيمية واتبعها بذكر ابيات له في بيان شؤم ابليس ابليس والدنيا ونفسه والهوى. و تبعتهم فقلت كذلك اني بليت باربع يرمينني اني بليت باربع يرمينني بالنبل من قوس لها اخطار ابليس والدنيا ونفسي والهوى. ابليس والدنيا ونفسي والهوى من اين لي مع حربهن قرار؟ من اين لي مع حربهن قرار يا ما لك الاملاك كن لي واقيا يا مالك الاملاك كن لي واقيا من شركها يا ربي يا جبار. يا مالك الاملاك كل واقية من شركها يا ربي يا جبار والشرك هو حبالة الصائب التي ينصبها للصيد. وهي محركة الراء. لكن سكنت للوزن. نعم وهذا اول الشروع في المقصود ولله الحمد والمنة. قوله صلى الله عليه وسلم سيد الاستغفار تقدم قريبا ان السيد يطلق على الفاضل هي اعظم صيغ الاستغفار وافضلها واجمعها للمعاني الموجبة لكل غفران الذنوب. فهذه السيادة باعتبار ما جمعته من المعاني التي اشرنا الى بعضها انفا ومن المعلوم انه لا يوجد في اللهم اغفر لي واستغفر واستغفر الله ونحو ذلك ما في هذا الدعاء من تقديم الاعتراف بالربوبية وتوحيدها والالهية. والخلق والعبودية والتمسك بالعهد والوعد على حساب الاستطاعة والاعتراف بالنعم والاقرار بالذنوب واللمم ثم طلب المغفرة. والاستغفار استفعال والسين فيه للطلب اي طلب المغفرة يعني سيد صيغ طلب المغفرة ومن اسمائه سبحانه وتعالى الغفار والغفور وهما من ابنية المبالغة ومعناهما الساتر لذنوب عبادي وعيوبهم المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم. قوله رحمه الله تعالى في تفسير الغفار والغفور ومعناهما الساتر لذنوب عباده الى اخره جرى فيه على طريقة من يخص اسم المغفرة بالستر كما ذكر ابن القيم ان المغفرة تتضمن امرا اخر. وهو وقاية العبد شر ذنبه فيكون اسم الغفار والغفور جامعان لشيئين اثنين. احدهما ستر الذنب وتغطيته والثاني وقاية العبد شره. وسيأتي في كلام المصنف رحمه الله تعالى ما يوافق هذا وكانه ذهل عن التحقيق ها هنا ثم ذكره في موضع مستقبل نعم. واصل الغفر التغطية يقال غفر الله لك يغفر غفرا وغفرانا ومغفرة والمغفرة الباس الله سبحانه وتعالى العفو للمذنبين من عباده قوله صلى الله عليه وسلم اللهم الى اخره لا خلاف عند البصريين ان لفظة اللهم معناها يا الله ولهذا لا الا في الطلب فلا يقال اللهم غفور رحيم. بل يقال اغفر لي وارحمني واختلف النحات في الميم المشددة من الاسم فقال سيبويه زيدت عوضا من حرف النداء. ولذا لا يجوز عند البصريين الجمع بينهما في اختيار الكلام فلا قالوا يا اللهم قال البدر بن مالك في الفيته والاكثر اللهم بالتعويض وشذي اللهم في قريظ قال له قوله قال البدر ما معناها ما معنى قاظي بدر ابن مالك؟ نعم. بدر الدين بدر الدين معناها بدر الدين. وهل ابن مالك بدر الدين من هو بدر الدين بن مالك من النار ها؟ احسنت هو الابن ابن الناظم ابن الناظم هو بدر الدين. وقد جهل السفانين رحمه الله تعالى هنا والا فالاب يقال له الجمال ابن ما لك فهو جمال الدين محمد ابن مالك. واما بدر الدين ابن مالك فهو ابنه وصواب هذه العبارة قال الجمال ابن مالك نعم قال الاسمني الاكثر في مال اكثر من نداء اسمه وسبق ان الاسماء المضافة الى الدين حكمها الكراهة وانها مما حدث بعد الخامسة تقريبا. نعم. قال الاشموني الاكثر من نداء اسم الله تعالى ان يحذف حرف النداء ويقال اللهم بتعويض من مشددة عن حرف النداء وشد الجمع بين الميم وحرف النداء في الشعر وذكر قول الشاعر اني اذا ما حدث الى اخره وقال الامام المحقق ابن القيم في كتابه جلاء الافام في فضل الصلاة والسلام على خير الانام ويسمى فكان من هذا الضرب عوضا اذ هو في غير محل المحذوف. فان كان في محله سمى بدلا كالالاف في قام وباع فانها عن الواو والياء قال ابن القيم ولا يجوز عند سيبويه ان يوصف هذا الاسم ايضا. فلا يقال اللهم الرحيم ارحمني. ولا منه مضمة التي على الهاء ضمة الاسم المنادى المفرد وفتح الميم لسكونها وسكون الميم التي قبلها قال ابن القيم وهذا من خصائص هذا الاسم كما اختص بالتاء في القسم ويدخل حرف النداء عليه مع لام التعريف وبقطع همزة وصله في النداء وتفخيم لامه وجوبا غير مسبوقة بحرف اطباق. هذا ملخص مذهب الخليل وسيبويه وقيل تميم عوض عن جملة محذوفة والتقدير يا الله امنا بخير. اي اقصدنا ثم حذف الجار والمجرور. وحذف المفعول فبقي في اقضي لي يا الله ام ثم حذفنا الهمزة لكثرة دورانها بكثرة دوران هذا الاسم في الدعاء على السنتهم فبقي يا اللهم وهذا قول الفراء. قال الاشهوني مذهب الكوفيين ان الميم في اللافي اللهم بقية محذوفة وهي امنا بخير وليست عوضا عن حرف النداء فلذلك اجازوا الجمع بينهما في الاختيار فقال قال الامام ابن القيم وصاحب هذا القول يجوز دخول ياء عليه ويحتج بقول الشاعر اقول يا اللهم يا اللهم اردد علينا شيخنا مسلما. وبالبيت المتقدم وغيره اورد البصريون هذا بوجوه احد ان هذا التقدير لا دليل عليها ولا يقتضيها القياس فلا يصار اليها. الثاني ان الاصل ادام الحذف. الثالث ان الدال بهذا قد يدعو بالشر على نفسه وعلى غيره فلا يصح هذا التقدير فيه. ولان العرب لم تجمع بين ياء واللهم وفي فصيح الكلام وانه من الجائز ان يكون الانسان اللهم امنا بخير ولو كان التقدير كما ذكره الكوفيين لم الجمع بين العوض والمعوض ولان الداعية بهذا الاسم لا يخطر بالك بباله وانما غايته مجردة الى المطلوب بعد كاين اسم وايضا لو كان التقدير كما زعموا لكان اللهم جملة تامة يحسن السكوت عليها لاشتمالها على الاسم المنادى للطلب وذلك باطل. وايضا لو كان الامر كما ذكروا لكان يكتب فعل الامر وحده ولم يوصل في اسم المنادى كما يقال يا الله قه ويا زيدعه ويا عمرو فيه لان الفعل لا يوصل بالاسم الذي قبله فيجعلان في كلمة واحدة وايضا فانه يسوء استعمال هذا اللفظ في موضع لا يكون بعد دعاء كقوله لا يكون بعده دعاء كقوله في الدعاء اللهم لك الحمد واليك المشتكى انت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلى وعليك ولا حول ولا قوة الا بالله. فقولي اللهم اني اصبحت اشهدك الى اخره قولي اللهم مالك الملك الى اخره فقول نبينا صلى الله عليه وسلم في اذكار ركوعه وسجوده وفي استفتاح صلاته سبحانك اللهم بحمدك وقيل زيدت الميم للتعظيم والتفخيم كزيادتها في زرقمة لشديد الزرقة وابن. في الابن قال ابن القيم وهذا القول صحيح لكنه يحتاج الى تتمة فقائله لاحظ معنى صحيحا لا بد عن لا بد من بيانه وهو ان الميمة تدل على ان وهو ان الميم تدل على الجمع وتقتضيه ومخرجها يقتضي ذلك وهذا مطرد على اصل من اثبت المناسبة بين اللفظ والمعنى؟ كما هو مذهب اساطير عربية وعقد له ابو الفتح ابن جني بابا في الخصائص وذكره عن سيبويه واستدل بانواع منها. تناسب اللفظ والمعنى ثم قال ولقد مكثت برهة يرد علي اللفظ لا اعلم وضوءه فاخذ معناه في قوة لفظه ومناسبة تلك الحروف المعنى ثم اكتشفوا فاجدوا كما فهمته او قريبا منه. قال الامام ابن القيم فحكيت لشيخ الاسلام شيخه الامام ابن تيمية طيب الله ثراه فقال وانا كثيرا ما يجري لي ذلك ثم ذكر لي فصلا عظيم النفع في التناسب بين الحفظ والمعنى وبمناسبة الحركات لمعنى اللفظ وانهم في الغالب يجعلون الضمة التي يا اقوى الحركات للمعنى الاقوى والفتحة الخفيفة المعنى الخفيف والكسرة المتوسطة للمتوسط. فيقولون عز يعز اذا صلب وارض عزيزة. صلبة قولوا نعز يعز بالكسر اذا امتنع والممتنع فوق الصلب فقد يكون الشيء صلبا ولا يمتنع على كاسره ثم يقولون عزه يعجه اذا غلبه. قال تعالى في قصة داود عليه السلام وعزني في الخطاب. والغلبة اقوى من الامتناع قد يكون الشيء ممتنعا في اصله متحصنا عن عدوه ولا يغلب غيره فالغالب اقوى من الممتنع فعطوا اقوى الحركات والصلب واضعف من الممتنع فاعطوا اضعف الحركات وممتنع ومتوسط بين المرتبتين فاعطوا الحركة الوسطى الى ما لا لا يحصى عدا والحاصل ان الميم حرف شفهي يجمع الناطق به شفتيه فوضعته العرب علما على الجمع قالوا للواحد فاذا جاوزوه الى الجمع قالوا انتم وكذا هو وهم وضربت وضربتم واياه واياه وما ونظائر ذلك وتأمل لما الشيء يلمه بمعنى جمعه منه لما الله شعثه اي جمع ما تفرق من امور ومنه دار لمومة اي تلم الناس وتجمعهم ومنه بدر التم اذا كمل والتوأم للولدين المجتمعين في بطن ومنه الام وام اصله الذي تفرع عنه فهو الجامع له. وبه سميت مكة ام القرى والفاتحة ام القرآن ام القرآن واللوحة المحفوظ؟ واللوح المحفوظ ام الكتاب وفي الصحاح ام شيء اصله مثواك صاحبة منزلك يعني التي تأوي اليها وتجتمع معها. وام الدماغ الجلدة التي تجمع الدماغ ويقال لها ام الرأس والامة الجماعة المتساوية في الخلقة والزمان قال تعالى في الارض ولا طائرين يطير بجناحي الا امم امثالكم. في الحديث المرفوع لولا ان الكلاب امة من الامم لولا ان الكلاب امة من الامم لامرت بقتلها. فاذا علم هذا من شأن الميم فوهم لحوقها في اخر هذا الاسم الذي يسأل الله سبحانه به في كل حاجة وكل حال ايذانا بجمع اسمائه وصفاته فالسائل اذا قال اللهم اني اسألك كانه قال ادعو الله الذي لو الاسماء الحسنى والصفات العلى باسمائه كلها. ولهذا قال الحسن اللهم مجمع الدعاء فقال ابو رجاء العطاردي ان الميم في قوله اللهم فيها تسعة وتسعون اسما من اسمائه فقال النظر ابن سمير من قال اللهم فقد دعا الله بجميع اسمائه فقد وجه طائفة هذا القول بان الميم بمنزلة الواو والدالة على الجمع من مخرجها فكان الداعي بها يقول يا الله الذي اجتمعت له الاسماء الحسنى العلا قال ولذلك شددت لتكون عوضا عن علامتي الجمع. وهي الواو والنون في مسلمون ونحوه وعلى الطريقة نفس الميم دالة على الجمع فلا تحتاج الى هذا. وقد علمت ان المذهب المنصوص ما عليه خليل وسيباويه من البصريين تنبيهان الاول قد تحذف قول اللهم ان كنت قبلت حجتي كثير في الشركة قولي اللهم لولا انت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا. الثاني قال في النهاية تستعمل اللهم على ثلاثة انحاء احدها النداء المحضور الثاني ان يذكره المجيب تمكينا للجواب في نفس السامع كان يقول لك وزيد قائم فتقول اللهم نعم او اللهم لا ثالث ان تستعمل دليلا على الندرة وقلة وقوع المذكور نحو قولي انا ازورك اللهم اذا لا اذا لم تدعني الا ترى ان وقوع الزيارة مقرونا بعدم الدعاء قليل انتهى ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا القول في معنى اللهم ومجموع ما ذكره دال على ان كلمة اللهم معناها يا الله كما هو مذهب الخليل وسيبويه وسائل البصريين ثم حذفت الياء وعوضت عنها الميم وعندهم لا تجتمع الياء التي للنداء مع اللهم واختيار التعويض بالميم لما فيها من الجمعية في الدلالة على المقصود. فان الميم مخرجها بين الشفتين وفيها جمع وهذه الجمعية التي اشار اليها المصنف رحمه الله تعالى وجاءت في الكلام الحسن وكلام ابي رجاء العطواري العطارد اذ قال ان الميم في قوله اللهم فيها تسعة وتسعون اسما من اسمائه من جهة ان جميع الاسماء الحسنى ترجع الى اسم الله ووصف الالهية. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة في الصحيحين ان لله تسعة وتسعين اسما من احصاها دخل الجنة. فالمقصود بقول ابي رجاء ان الميم في قولها اللهم فيها يعني بدلالتها على الالهية التي انتظم فيها هذه الاسماء التسعة وتسعون الاتيان بالميم كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى يراد به التعظيم ثم ان ابن القيم رحمه الله تعالى لما حقق ذلك اشار الى قاعدة نافعة. في فهم كلام العرب وهي ملاحظة المناسبة بين الاسم والمعنى. فان العرب ترقب في ما تجعله من الاسماء ما يتعلق بها من المعاني. كما قال رجل لابي عثمان المازني لما سميت الخيل خيلا؟ فقال اما رأيت ما في مشيتها من الخيلاء فسأله ولم سميت منى منى قال لما يمنى فيها من الدماء ان يراق فيها من دماء الهدي. وذكر الزبيدي في تاج العروس انه سأل شيخه وعبدالخالق ابن ابي بكر المزاجي لما سمي الرئيس رئيسا فقال لانه يأخذ براسي الرجل ومن نوع هذه القاعدة فتح له فهم كثير في درك معاني العرب. ولو لم يطلع على كل لفظة بعينها في لكنه يستدل بالاصل الكلي العام على فهم البقية. ومن اجل هذا بز كتاب مقاييس اللغة لابن فارس لعنايته برد كلم العرب الى اصول فانه يجمع المعاني المتفائلة في معنى واحد داخل في اصل من اصول اللغة التي يذكرها. فيقول مثلا الالف يقول مثلا الباء والراء والراء اصل دال على الاتساع ومنه سمي البر برا لما فيه من الاحسان الى الناس وسمي البر برا لما فيه من اتساع البقعة. وعلى هذا فقس ومن وعى هذه القاعدة النافعة استفاد كثيرا في فهم كلام الشريعة وكلام الخلق. وقد اسبل القول فيها مدرارا في بيانها ابو الفتح بالجني في كتاب الخصائص. ثم تبعه ابن القيم في جلاء الافهام وفي كتاب اخر له ذكر هذا ايضا. نعم ضمير خطاب منفصل مبني وهو اعرف المعارف بعد اسم الجلالة تعالى تقدس. ربي يا الله لا غيرك واستفيد قوله وهو اعرف المعارف بعد اسم الجلالة تعالى وتقدس لما تقرر من ان الضمائر اعرف المعارف نعم ربي يا الله لا غيرك واستفيد الحصر من تعريف الطرفين. والرب من اسمائه تعالى وهو في الاصل بمعنى التربية وهي تبليغ الشيء الى كماله شيئا فشيئا. ثم وصف به للمبالغة وقيل هو من ربه يربه فهو رب تنمى ينم فهو نم ثم سمي به الملك. لانه يحفظ ما يملكه ويربيه. ولا يطلق على غيره تعالى الا مقيدا كقوله ارجع الى ربك قال في المطالع اصل الرب المالك ومنه رب العالمين وقيل القائم بامورهم والمصلح لهم قول ابن عباس رضي الله عنهما لان لان ربنا لان يربني بنو عمي بضم الراء احب الي من ان يردني غيرهم. من ان يربني غيرهم. اي يملكني ويدبر امري ويصيروا لي ابني سعادة وملوكا. سبق ان ذكرنا لكم ان معاني الرب في لسان العرب ترجع الى ثلاثة اصول احدها السيد وثانيها المالك وثالثها المصلح للشيء القائم عليه وقد عددها جماعة فاوصلوها الى بضعة عشر معنى والصحيح ان تلك المعاني التي عددوها راجعة الى هذه الاصول الثلاثة. وقول ابن عباس هنا لان يربوني لان يربني بنو عمي الى اخره ذكر ناشر الكتاب ان هذا الاثر لم يجد من رواه. وهو في صحيح البخاري في كتاب التفسير منه. نعم لا اله معبود بحق في الوجود الا انت يا الله. لان كل معبود سواه باطن وكل اله غيره جل شأنه عاطل والاله كافي عالم بمعنى مألوه. وكل متخذ معبودا اله عند متخذي. افرأيت من اتخذ الهه هواه والتأله والتعبد والتنسك والتأليه والتعميد والهتك فرح تحير وسمي به المعبود بحق لان الخلق وتحيروا في كل ذاته سبحانه وكف عنان اللسان عن الكلام في اشتقاقه واشتقاق الاسم الكريم الذي هو الجلالة اليق بالادب قول المصنف رحمه الله تعالى وكف عنان اللسان عن الكلام في استقاقه واستقاق اسم الكريم الذي هو الجلالة اليق ادب ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في بدائع الفوائد ان المراد بالاشتقاق هنا انما هو ملاقاة اللفظ للاصل الذي اخذ منه. وانه لا تعلق له بغير ذلك. فحينئذ فلا عيب في التعرض لهذه المسألة فاذا قيل ان كلمة الله مشتقة من كذا وكذا لم يكن في ذلك تعرضا جناب الالهي وانما فيه طلب تحصيل المأخذ المتناسب بين اللفظ المعنى وقد تكلم اهل العربية في هذا ممن رأى الاستقاق فان من اهل العلم من قال انه اسم جامد غير مشتاق انه مشتق واختلفوا في ذلك على اقوال انصحها انه من اله يأله كعلم يعلم والمراد به من تعظمه القلوب محبة وذلا بهم في قوله عليه الصلاة والسلام اللهم انت ربي لا اله الا انت اثبات لتوحيد الربوبية وتوحيد الالهية. لان قوله اللهم وانت ربي الى غيرك فليس لي رب ولا خالق سواك توحيد الربوبية ولهذا اعقبه بقوله خلقتني الى اخره قوله لا اله الا انت توحيد اي ليس لي معبود ولا مألوف الا انت والكلام في التوحيد يتضمن ثلاثة انواع احدها الكلام في الصفات من كونه تعالى حيا موجودا عالما بجميع المعلومات متكلما بصيرا قادرا مريدا الى اخر ما ورد في الكتاب والسنة من اسمائه الحسنى وصفاته العلا والحديث يدل على ثبوت صفاته الى الصفات في طريق الالتزام لان الاله المعبود سبحانه لا يكون الا كاملا حيا قادرا. والمتعطل هو المتعطل عن الصفات الكمالية في غاية النقص اذ هو بالجماد اليق تعالى الله وتنزه عن كل نقص وعيب. الثاني توحيد الربوبية وهو ان الله سبحانه فوق كل شيء وانه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والافعال. فهذا التوحيد حق لا ريب فيه وهو الغاية عند كثير من اهل النظر كلام وطائفة من الصوفية قال شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية اعلى الله مناره وابقى على ممر الايام اثاره في كتابه شرح وهذا التوحيد يعني توحيد الربوبية لم يذهب الى نقيضه طائفة معروفة من بني ادم. ولم يعرف عن احد من الطوائف من الطوائف انه قال ان العالم له صانعان متماثل الان في الصفات والافعال. قال فان الثانوية من المجوس والمعنوية القائلين بالاصلين النور والظلمة وان العالم صدر عنهما متفقون على النور خير من الظلمة وهو الاله وهو الاله المحمود عندهم. وان الظلمة شريرة مذمومة وام متنازعون في الظلمة. هل هي قديمة او محدثة فلم فلم يسووا بين ربين متماثلين وهم كفار ضلال. قال واما النصارى القائلون بالتثليث فانهم انهم يثبتوا للعالم ثلاثة ارباب ينفصل بعضهم عن بعض. بل هم متفقون على ان صانع العالم واحد ويقولون باسم الاب والابن وروح اله واحد وقول في التدليس قول متناقض في نفسه. وقول في التثليث قول متناقض في نفسه وقول في الحلول يفسد منه ولهذا كانوا يكتمون قولهم عن كثير من اصحابهم فانهم اذا فهمون فروعنوا بفطرة عقولهم. وهذا كل مضل وملحد في كل في كل شريعة وملة بكتم الالحاد والضلال عن اكثر اتباعه ان المقالات الفاسدة في الهيئات قد فطر الله عباده على العلم بفسادها بعد التصور التام. ولهذا لا لا يكاد احد من يعبر عن قولهم بمعنى بمعنى معقول ولا يكاد اثنان منهم يتفقان على قول واحد فانهم يقولون هو واحد ثلاثة بالاقلوم تفصل تارة بالخواص وتارة بالصفات وتارة بالاشخاص. فيقولون ان الاقانيم الثلاثة يأكلون الاب لابني وانقذ امي واقول ام روح القدس وكلام النصارى على غاية من الفهاهة والبلادة وهم امة ضالة حتى قال بعض الفضلاء انهم عار على بني ادم وقال اخر لو اجتمع عشرة من علماء النصارى عن احد عشر مذهبا والحاصل انهم لا يقولون ان خالق الخلق ثلاثة بل واحد بلا ذات والله اعلم والمقصودون انه ليس بالطوائف من يثبت للعالم صانعين متماثلين مع ان كثيرا من اهل الكلام والنظر والفلسفة تعبوا في بيان هذا البنطلوب وتقريره ومنهم من اعترف بالعجز عن تقريره هذا بالعقل ورغم وزعم انه يتلقى من السمع والمشهور اثباته بدليل التمانع وهو دليل صحيح في نفسه. وهو انه لو كان للعالم صانعان متكافئان فعند اختلافهما مثل ان يريد احدهما تحريك جسم ويريد الاخر ويريد الاخر تسكينه او يريد احياؤه ويريد الاخر اماتته فاما ان يحصل مرادهما فاما ان يحصل مرادهما او مراد احدهما او لا يحصل مراد واحد منهما. والاول ممتنع لانه يستلزم جمع بين الضدين والثالث ممتنع لانه يستلزم خلو الجسم عن الحركة والسكون ويستلزم ايضا عجز كل منهما والعاجز لا يكون ولان المانع من فعل احدهما هو فعل اخر فلو امتنع مراده ما لزم كون كل منهما مانعا للاخر وممنوعا للاخر وذلك يستلزم كون كل منهما قادرا غير. وذلك يستلزم كون كل من منهما قادرا غير قادر لان كونه مانع ان يقتضي القدرة وكونه ممنوع ان يقتضي العجز. وذلك تناقم واذا حصل مراده واحد يما دون الاخر كان هذا هو الاله القادر. كان هذا هو الاله القادر والاخر. عاجز لا يصلح للالهية وكثير من اهل النظر يزعمون ان دليل التمانع هو معنى قوله تعالى لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا اعتقادهم ان توحيد الربوبية الذي قرروه هو توحيد الالهية الذي بينه القرآن ودعت اليه الرسل وليس له كذلك الثالث توحيد الالهية وهذا هو المقصود الاعظم وهو قطب ذلك التوحيد. وهو الذي دعت اليه الرسل ونزلت به الكتب وخلق الله سبحانه بل ما خلق الله سبحانه الا لهذا التوحيد الذي هو توحيد الالهية المتضمن توحيد الربوبية وهو عبادة الله وحده لا شريك له فان المشركين من العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وان الله خالق السماوات والارض كما اخبر عنهم تعالى بقوله ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض فليقولن الله قل الحمد لله بل اكثرهم لا يعلمون ولان سألتهم من خلق السماوات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فانى فكون وهذا في القرآن كثير جدا مما يحتج عليهم في اثبات توحيد الالهية بما اعترفوا به من توحيد الربوبية فانهم لم يكونوا يعتقدون في الاصنام انها مشاركة لله في خلق العالم. بل كان حالهم فيها كحال امثالهم من مشركي الامم من الهند والترك والبربر وغيرهم تارة يعتقدون انها تماثيل قوم صالحين من الانبياء ونحوهم ويتخذونها شفعاء يتوسلون بهم الى الله. وهذا كان اصل الشرك العرب كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان عمرو ابن لحي ابن قمعة ابن خندف هو اول من غير دين ابراهيم عليه الصلاة والسلام من نصب الاعصاب حول البيت وسيب السوائب واخبره وسيب السوائب واخبر النبي صلى الله وسلم انه رآه يجر في النار اي امعاء. وكانت خزاعة ولاة ولاة البيت الحرام قبل قريش وكان عمر هذا فيما ذكره اهل السير قد قدم ارض ارض البلقاء من الشام ووجدهم يعبدون الاصنام ويقولون انهم يطلبون بهم الرزق والنصر فجلب الاصنام الى مكة فكان ذلك اول الشرك الذي قير به دين ابراهيم. فقد قال تعالى وقالوا لا تذرن لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث نصرا وقد اضلوا كثيرا. وقد ثبت في صحيح البخاري وكتب التفسير وقصص الانبياء وغيرهم وقد ثبت في صحيح البخاري وكتب التفسير والقصص الانبياء وغيرها عن ابن عباس وغيره من السلف انها هذه اسماء قوم صالحين كانوا في قوم نوح. فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صلوا تماثيلهم. ثم طال عليهم الامد فعبدوهم وان هذه الاصنام بعينها صارت الى قبائل العرب. ذكرها ابن عباس رضي الله عنهما قبيلة قبيلة. فتبين ان الشرك العربي كان من جنس شرك قوم نوح وان الاصنام اصلها تماثيل قوم صالحين وشرك النصارى قريب من هذا الجنس فانهم يصورون في كنائس صورة من يحسنون به الظن ويتخذونه شفيعا ووسيلة الى الله تعالى وقد ثبت في صحيح مسلم عن ابي الهياج الاسدي قال قال لي علي ابن ابي طالب رضي الله عنه الا ابعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ امرني الا ادع قبرا مشرفا الا سويت تراها تمثالا الا طمسته. وفي الصحيحين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا انبياء مساجد يحذروا ما فعلوا. قالت عائشة رضي الله عنها ولولا ذلك ابرز قبره ولكن كره ان يتخذ مسجد ومن اسباب الشرك عبادة الكواكب واتخاذ ما يظن انه مناسب للكواكب من طبائعها غير ذلك والشرك قوم ابراهيم عليه السلام فيما يقال كان من هذا الجنس وكذلك الشرك بالملائكة والجن واتخاذ الاصنام لهم. وهؤلاء المشركون كانوا يقرون بالصالح سبحانه وانه ليس للعالم صانعا ولكن اتخذوا هذه الوسائط شفعاء كما اخبر الله عنهم بقوله ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاء ولا تنبؤون الله بما لا يعلم في في السماوات ولا في الارض سبحانه تعالى عما يشركون. وفي الاية الاخرى ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون. فلو اقر الرجل بتوحيد الربوبية الذي يقر به هؤلاء النظار يفنى فيه كثير من اهل التصوف. ويجعلونه غاية السالكين كما ذكره صاحب على عزيزي السائلين وغيره. وهو مع ذلك لم يعبد الله وحده ويتبرأ من عبادة ما سواه. كان مشركا من امثاله من المشركين قال شيخ الاسلام في تفسير اياك نعبد واياك نستعين وكثير من الصوفية والفقراء انما سعي في تحقيق هذا الافتقار وشهود الربوبية يعني الافتقار الى الله علما وذوقا وشودا ربوبية. قال فمن ظم الى ذلك توحيدا الهية وشهد الفرق الثاني كالجنيد وامثالي فهؤلاء هم العارفون اولياء الله المتقون. وان عند ذلك ولم يشهدوا توحيدا الالهية والامر والنهي. فهم المضارعون للمشركين المحتجين بالقدر بحسب ما فيه من ذلك الشر فالقرآن مملوء من تقرير هذا التوحيد وبيانه وضرب الامثال له. ومن ذلك انه لا يعبد انه لا يعبد انه لا يعبد الا الله فيجعل الاول دليل على الثاني اذ كانوا يسلمون الاول الذي هو توحيد الربوبية. وينازعون فيبين لهم سبحانه انه اذا كنتم تعلمون انه لا خالق الا الله وهو الذي يأتي وهو الذي يأتي العباد ما ينفعهم ويدفع عنهم ما يضرهم. لا شريك له في ذلك فلماذا تعبدون غيره وتجعلون معه الهة اخرى في قوله تعالى قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى الى قوله وجعل الارض قرارا وجعل خلالها انهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا االه مع الله بل اكثرهم لا يعلمون. يقول تعالى اله مع الله فعلى هذا وهذا استفهام انكار يتضمن نفي ذلك وهم كانوا مقرين بانه لم يفعل ذلك غير الله. فاحتج بذلك عليهم وليس المعنى انه استفهام هل مع الله اله كما ظنه بعضهم انه لا يناسب سياق الكلام. والقوم كانوا يجعلون مع الله الدا اخرى كما قال تعالى عنهم اجعل الالهة اجعل الالهة الهوا واحدا ان هذا لشيء عجاب. لكنهم ما كانوا ان معه الى ان جعل الارض قرارا وجعل خلالها انهارا بل هم مقرون بان الله وحده فعل هذا وهكذا سائر الايات بعد هذه اية والحاصل انه لابد من توحيد الالهية وتوحيد الربوبية وقد نقلنا انه ليس في الارظ من اثبت للعالم خالق متماثلين في الصفات والافعال فهل هذا ممتنع لذاته وامتناعه ظاهر في العقول بخلاف ما يظنه كثير من اهل الكلام نعم الدالية الدهرية في حركة الافلاك وحركات النفوس الى الانسان الطبيعية فان من هؤلاء الفرق الضالة من يثبت امورا محدثة بدون احداث الله تعالى ايافهم المشركون في بعض الربوبية وكثير من مشركي العرب وغيرهم قد يظن في الهية شيء هذا وانها تنفع وتضر بدون ان يخلق الله بدون ان يخلق ان يخلق الله ذلك فلما كان هذا الشرك في الربوبية موجود في الناس بين القرآن بطلانه. بقوله تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لدى وكل اله لما خلق لعلى بعضهم على بعض والموجود خلاف هذا فان العالم مرتبط بعضه ببعض ما من مخلوق الا وهو متصل بغيره من المخلوقات. محتاج اليه فالحيوان الواحد والنبات الواحد من اصل وذلك ومن اصل وذلك غيري والم جراؤه وايضا مفتقر الى الهواء والماء والتراب بل والى انواع النباتات والحيوانات ومفتقر الى اثره للشمس والقمر والليل والنهار وغير ذلك والفلك مرتبط بعضه ببعض والافلاك مفتقر بعضها الى بعض والعالم العلوي مرتبط بالعالم السفلي فلو قدر ان صانع الارض غير صانع السماء وانه مستغنى عنه اي لا مستغن عنه لا يغير احدهما مصنوع الاخر لزم ذلك الا يكون لازم ان يكون لزم ذلك الا يكون ما في السماء مؤثرا في الارض فلا تؤثر الشمس والقمر في الارض ان يكون ما يصعد من الابخرة والادخنة والاغبرة لا يؤثر في نور الشمس والقمر والهواء. والواقع خلاف وتقرير هذا يطول المقصود ان الحديث النبوي في هذا الدعاء المأثور عن عن ينبوع الحكم ومعدن الفصاحة والبلاغة ومن اوتي جوامع الكلم الكلم اشتمل على التوحيد هو المقصود من خلق العالم توحيد الربوبية وتوحيد الالهية والله سبحانه وتعالى الموفق. ذكر المصنف رحمه الله تعالى فيما سلف ان قوله صلى الله عليه وسلم انت ربي لا اله الا انت متظمن لتوحيد هيدي الربوبية والالوهية. ثم ذكر انواع التوحيد الثلاثة لان الاسماء او الصفات تستلزمان توحيد الربوبية والالوهية من وجه وتتضمنانه من وجه اخر فصار هذا الحديث دالا على انواع التوحيد الثلاثة بل هو كذلك دال على توحيد الاسماء والصفات بدلالة المطابقة فان الرب من اسماء الله سبحانه وتعالى. وذكر بعضهم انه اسمه الاعظم والصحيح في معنى الاسم الاعظم ما سلف. فصار توحيد الربوبية مذكورا في قوله انت ربي وتوحيد الاسماء والصفات مذكورا في قوله ربي لان الرب من اسماء الله سبحانه وتعالى وفيه صفة الالوهية وتوحيد وفيه وفيه توحيد الاسماء والصفات وتوحيد الالوهية في قوله صلى الله عليه وسلم لا اله الا انت. وسبق ان ذكرنا ان التوحيد معناه شرعا ايش ما الجواب اه ايش خصائصه نعم احسنت ذكرنا ان التوحيد شرعا هو افراد الله بحقوقه باعتبار المعنى العام. وفي ذلك تفصيل نكتفي بالعام ان التوحيد هو افراد الله بحقوقه وقلنا بحقوقه ولم نقل بخصائصه لحديث معاذ اتدري ما احق العباد على الله وما حق الله على العباد فجعله حقا. وقلنا ان توحيد الربوبية معناه افراد الله ماشي بافعاله وقلنا ان توحيد الالوهية هو افراد الله ايش احسنت بافعال العباد المتقرب بها. لان العباد لهم افعال لا يتقرب بها. وقلنا ان توحيد الاسماء والصفات هو ايش هو افراد الله باسمائه الحسنى وصفاته العلى هذا الذي حررناه فيما سلف. ثم انقدح عندي اشكال. وهو اذا قلنا ان توحيد الربوبية هو توحيد افراد الله بافعاله وان توحيد الالوهية هو افراد الله بافعال العباد المتقرب بها وان توحيد الاسماء والصفات هو افراد الله باسمائه الحسنى وصفاته فاين افراد الذات؟ الذات شيء غير الاسماء وغير الصفات. وغير الافعال الالهية وغير افعال العباد المتقرب بها واضح الاشكال؟ لاننا نؤمن بان الله عز وجل واحد في ذاته. لا كما تقوله النصارى بانه ثلاثة ولا ما تعتقده المجوس من ان للكون الهين فهو في ذاته واحد الاشكال واضح ولا مو بواضح؟ الجواب بان يقال ان هذا ينبغي ان يذكر في توحيد الربوبية فيكون توحيد الربوبية افراد الله بذاته وافعاله. لان ما يتعلق ذات صن الافعال في باب المعرفة والاثبات. كما ان القصد والارادة يختصان كما ان الالوهية تختص بباب القصد والارادة. فتوحيد الربوبية هو افراد الله بذاته وافعاله. ويندفع حين ذلك هذا الاشكال. ثم ان المصنف رحمه الله تعالى ذكر ان من طريقة القرآن الاستدلال على توحيد الالهية بتوحيد الربوبية قال والقرآن مملوء من هذا. وقد ذكر ابن الوزير في ترجيح اساليب القرآن على اساليب اليونان عن صاحب كتاب مذاهب السلف ولم يسمه ان في القرآن خمسمائة اية تدل على الربوبية انتهى كلامه وموجب كثرتها هو ما ذكره المصنف وها هنا تبعا لشيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم ابن رجب بان توحيد الربوبية سلم للاذعان بتوحيد الالوهية. ثم ذكر بعد ذلك ان المشركين مع مع ما كانوا يعتقدون من الهة فان هذه الالهة لم تكن عندهم بمنزلة الله عز وجل وانما هي شفعاء عند الله عز وجل. ثم ذكر وقوع الشرك بين اهل الارض ابتداء بشرك قوم نوح ثم انتحلته العرب وبعد ذلك بشرك قوم ابراهيم ثم بعد ذلك انتحلته فارس فان الشرك الذي وقع فيه الخلق يرجع باعتبار نوعه الى شيئين اثنين احدهما شرك يتعلق بالمعظمات الارظية وهو شرك قوم نوح ومن تبعهم. والثاني شرك يتعلق بالمعظمات السماوية وهو شرك قوم ابراهيم ومن تبعه. فقوم نوح عظموا اولئك الصالحين من اهل وقوم ابراهيم عظموا الافلاك السماوية. نعم فقوله عليه الصلاة والسلام خلقتني راجع الى توحيد ربوبيتي لان الله جل ثناؤه هو الخالق العالم وحده لا شريك له ولا وزير له سبحانه وتعالى ولقد امتن الله على عباده بخلقه لهم في عدة ايات قال جل ثناؤه ولقد خلقنا الانسان من سلالة من وقن ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة. فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشأناه خلقا اخر. فتبارك الله احسن الخالقين ثم انكم بعد ذلك لميتون ثم انكم يوم القيامة تبعثون. فاستوعب الله ذكر احوال ابن ادم قبل كونه بل ترابا ومعني الى حين بعثه يوم القيامة. الى حين بعثه يوم القيامة فاول مراتب خلقه انه سلالة من طين ثم سلالة وهي النطفة التي استنت من جميع البدن فتمكث كذلك اربعين يوما ثم يقلب الله سبحانه تلك النطفة علقة سوداء من دم فتنفث اربعين يوما اخرى ثم يصيرها الله تعالى مرة وهي قطعة لحم اربعين يوما. وفي هذا الطويل تقدر اعضاؤه وصورته وشكله. واختلف في اول ما يتشكل ويخلق من اعضاء ثقيل القلب وقيل الدماء وقيل وقيل الكبد وقيل فقار الله ودليل كل قول ودليلك لقول وترجيحه. ودليل كل قول وترجيح على ما سواه مما يطول الذكر فلا يناسب ما نحن بصدده. وحاصل ما شاهده ارباب التشريح حتى انهم متفقون عليه ان اول ما يتاهون اول ما يتبين في خلقه جثة الحيوان ثلاث نقط متقاربة بعضها من بعضنا يتوهم انارس بالكبد والقلب والدماء. ثم يزداد بعضها من بعض بعد بعد امتداد ايام الحمل. فهذا القدر هو الذي عند قيل فاما اي هذه النقاط اسبق واقدم فليس عندهم عليه الدليل قال الامام المحقق ابن القيم في كتابه تحفة المودوع تحفة الودود في احكام المولود الا ان الاخلاق ولولا والعقل تقدم القلب والله اعلم. وقال في مفتاح دار السعادة من حكم بعد الحق اختلاف المقالات وحججها في ذلك الصحيح انه يعني القلب اول الاعضاء تكون فقد قال سبحانه وتعالى فلينظر الانسان مما خلق خلق مما الاية وقال يا ايها الناس ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب. ثم من نطفة ثم من علقة ثم ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة. لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء. الى اجر مسمى ثم ونخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم منكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا وقال جل ثناؤه ايحسب الانسان ان يترك سدى الم يكن نطفة ممنئ يمنى ثم كان علاقتها فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والانثى. اليس ذلك بقادر على ان تحيي الموتى وقال الم نخلقكم مما فجعلناه في قرار مكين الى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون. فقال او لم يرى الانسان انا خلقنا من نطفة فاذا هو خصيم مبين هذا في كتاب الله كثير يدعو العبد الى يدعو العبد الى النظر والتفكر في مبدأ خلقه ووسطه واخره. اذ خلق ومن اعضاء الخلق ومن اعظم الدلائل على خالقه وفاطره. وفيه من العجائب الدالة على عظمتنا على عظمة الله ما تنقضي الاعمال في الوقوف على بعض فلهذا قال المصطفى في هذا الدعاء العظيم اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني الى اخره وهذا من اعظم اسباب الاجابة ان يقول الانسان في صدر دعائه امام حاجته من الثناء والتوحيد والعظمة لربه والاعتراف بالعجز والانكسار وان يرجع على نفسه بذنبه مما يليه وان يرجع على نفسه بذنبه ما يليق ويحسن ثم يذكر حاجته. وعلى كل حال من اعظم ما من الله به على عبده ان ابرزه من عدم من الوجود وجعل له سمعه وبصرا وعقله فما وركب فيه من القوى الظاهرة والباطنة ما يظهر به عقول العقلاء واذا الحق جل ثناؤه انشأ انشأنا انشأنا من العدم الى الوجود. فلا فلا يحسن منا عدم طاعته في كل لحظ ولا ولهذا يقول سبحانه قتل الانسان ما اكفره من اي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم اماته فاقبره. ثم اذا شاء انشره. انظر رحمك الله الى مبدأ خلقك والى ما اودع فيك من القوى وما ركب فيك من العروق والمفاصل تجد امرا يبهر الالباب ويحير العقول فانظر بعين الى النطفة وهي قطرة مما ماء مهين ضعيف مستقذر لو مر بها ساعة من النهار فسدت وانطلت. كيف استخرجها رب الارباب العليم العليم القدير من بين الصبي والترايب من قادة لقدرته مطيعة لمشيئته مذللة الانقياد على ضيق طريقها واختلاف مجالها الى ان ساقها الى مستقرها. وكيف جمع سبحانه بين الذكر والانثى والقى المحبة بينهما؟ وكيف قادهما وكيف قادهما سلسلة المحبة والاجتماع الذي هو سبب تخليق الولد وتكوينه؟ وكيف قدر اجتماع دينك المعين من مع لكل منهما عن صاحبه وساق وساقهما من اعماق وساقهما من اعماق العروق والاعضاء وجمعهما في موضع واحد جعل لهما قرارا مكينا لا يناله هواء يفسده ولا برد يجمده ولا عارض يصل اليه ولا افة تسلط عليه ثم قلبت تلك النطفة البيضاء علقة حمراء تضرب بها سواد ثم جعلها مضغة لحم مخالفة للعلقة في لونها وحقيقتها وشكلها ثم جعلها عظاما مجردة لا كسوة عليها مباينة للمضاد شكلها وهيئتها وقدرها وملمسها ولونها وانظر كيف وقسم تلك الاجزاء المتساوية متشابهتين الاعصاب والعظام بالعروق والاوتار واليابس واللين وبين ذلك. ثم كيف ربط بعضها ببعض ورباطا واشد وابعاده عن الانحلال وكيف كسالح من ركبه عليها وجعله وعاء لها غشاء وحافظا. فجعلها حاملة له مقيمة له فاللحم قائم بها وهي محفوظة به وكيف صورها فاحسن صورها وشق لها السمع والبصر والفم والانفع وسائر ومد اليدين والرجلين وبسطهما وقسم رؤوسها بالاصابع ثم قسم الاصابع بالانامل وركب الاعضاء الباطلة من القلب والمعدة والكبد والطحال والرئة والرحم والمثانة والامعاء. كل واحدة منها له قدر يخصه منفعة تخصه. ثم انظر الحكمة البالغة في تركيب نظام قواما للبدن وعمادا له وكيف قدرها ربها وخالقها بمقادير مختلفة واشكال متباينة فمنها الصغير والكبير والطويل والقصير المستدير والدقيق والعريض والمصمت والمجوف. وكيف ركب بعضها في بعض فمنها ما تركيبه تركيب الذكر في الانثى منها ما تركيب تركيب اتصال فقط وكيف اختلفت اشكالها باختلاف منافعها كالابراس فان لما كانت لما كانت الة للطحن جعلت عريضة ولما كانت الاسنان ثالثا للقطع فقط كانت مستدقة محددة. ولما كان الانسان محتاجا الى الحركة بجهة بدنه وبعض اعضاءه للتردد. لم يجعل عظامه عظما واحدة فالعظام المتعددة وجعل بينها مفاصل حتى يستدير بها وكان قدر كل واحد منها وشكله. وكان قدر كل اخدمنا وشكره على حسب الحركة المطلوبة منه وكيف شد ازر تلك المفاصل والاعضاء وربط ببعضها ببعض الاوتار ورباطات اثبتها من احد الطرفين عظمي واوسط العظم بالطرف الاخر كالرباط له. ثم جعل في احد طرفي العظم زوائد خارجة عنه وفيه زوائد خارجة عنه في الاوقات الاخر نقرا غائصة في موافقة لشكل تلك الزوائد لتدخل فيها وتنطبق عليها فاذا اراد العبد ان يحرك جزءا من بدنه لم يمتنع عليه. ولولا المفاصل لتعذر علي ذلك وتأمل كيف خلق الرأس وكثرة ما فيه من العظام حتى قيل ان خمسة وخمسون عظما مختلفة الاشكال والمقادير والمنافع. وكيف ركبه سبحانه على البدن وجعله عاليا عليه علو الراكب على ولما كان عاليا على البدن جعل فيه الحواس الخمس قالت الادراك كلها من من السمع والبصر والشم والذوق واللمس وجعل حاسة البصر بمقدمة في مقدمه في مقدمه ليكون كالطليعة والحرس والكشف للبدن وركب كل عين بسبع طبقات لكل طبقة وصف مخصوص ومنفعة مخصوصة لو فقدت طبقة من تلك السبع الطبقات او زالت عن هيئتها ومواضعها لتعطلت العين عن الابصار ثم اركز سبحانه داخل تلك الطبقات السبع خلقا عجيبا. وهو انسان العين بقدر العدسة ينظر ما بين المشرق والمغرب والارض والسماء. وجعل له من العين بمنزلة القلب من الاعضاء فهو ملكها وتلك الطبقات والاجفان والاداب خدم له وحجاب وحراس فتبارك الله احسن الخالقين وشق سبع سبحانه له السمع وخلق له الاذان احسن خلقه. وابلغ واحسن خلقة وابلغها في حصون المقاصد منها فجعلها مجوفة كالصدفة لتجمع الصوت فتؤديه للصماخ وليحس بدبيب الحيوان فيها فيبادر الى اخراجه وجعل فيها غضونا وتجاري واعوجاجات تمسك الهواء والصوت الداخل فتكسر فتكسر ثم تؤديه الى الصماخ ثم اقتضت حكمة الحكيم الخالق سبحانه ان جعل ماء الاذن مرا في غاية المرارة فلا يجاوزه الحيوان الى باطن الاذن فاذا وصل اليه اعمل الحيلة في رجوعه وجعل ماء العين مالحا ليحفظها فانها شحمة قابلة للفساد فكانت ملوحة ماءها الله وحفظه وجعل ماء الفم عذبا حلوا ليدرك به طعم الاشياء على ما هي عليه اذ لو كان على غير هذه الصفة لا حالها الى طبيعته كما ان من عرض لفمه المرارة استمر طعم الاشياء التي ليست استمر طعمنا التي ليست مرة كما قيل ومن يكذا فمن مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا فنصب سبحانه قصبة الانف في وسط احسن شكله وهيئته وفتح فيه المنخرط وحجز بينهما بحاجز واودع فيهما حاسة الشم التي يدرك بها انواع الروائح الطيبة والخبيثة والنافعة الضارة ويستنشق منه الهوى فيوصله الى القلب فيتروح به ويتغذى به ولم يجعل فيه اعوجاجا وغضونا كالاذن لئلا يمسك الرائحة فيضعفها جعله سبحانه مصبا تنحدر اليه فضلات الدماء. فضلات الدماغ فتجتمع فيه ثم تخرج منه. واقتضت حكمته تعالى ان جعل اعلى انه ادق من اسفله لان اسفله اذا كان واسفل اجتمعت فيه تلك الفضلات فتخرج بسهولة ولانه يأخذ من الهواء ملء ثم نأخذ من الهواء ملءه ثم يتصاعد في مجراه قليلا قليلا حتى يصل الى القلب وصولا لا يفتره ولا يزعجه. ثم فصل بين المنخرين بحاجز الحكمة منه ورحمة فانه لما كان قصبة ومجرى سائرا لما ينحدر منه من فضلات الرأس ومجرى للنفس الصاعد منه. جعل وسطه عاجزة بان لا يفسد بما يجري فيه ويمنع فيمنع نشقه للنفس. بل اما ان تعتمد الفضلات نازلة من احد المنفذين في الغالب فيبقى الاخر للنفس. واما ان نجري فيهما فينقسم فلا يفسد الانف جملة بل يبقى فيه مدخل للنفس. وايضا فان عضو فانه عضو واحد وحاسة واحدة فجعل الحاجز بينهما لانه ربما اعيب احداهما او عرظت له افة تمنعها من كمالها فتكون الاخرى سالمة فلا تتعطل منفعة هذا الخس هذا الحسي جملة ولم يجعل في الوجه الفين لانه لانه شيئين لانه شيء ظاهر وفيه انفا واحدا وجعل في منفذين منفذين يحجز بينهما بحاجة يجري مجراه تعدد العينين والاذنين في المنفعة وهو واحد تبارك الله احسن الخالقين. وشق سبحانه للعبد الفم في احسن موضع واليقين واليق به. واودع فيه من المنافع والات الذوق والكلام وعلى القطع والطحن ما تبهر العقول عجائبه. فاودعه اللسان الذي هو احد اياته الدالة عليه سبحانه وجعله ترجمان لملك الاعضاء مبينا كما جعل الاذن رسولا مؤديا ومبلغا اليه فهي رسوله وبريده وقد تمضت حكمته ان جعل هذا الترجمان وصونا محفوظا مستورا غير بارز مكشوف كالاذن والعين والانف لانها تؤدي من الخارج اليه بخلاف اللسان فانه يؤدي منه الى الخارج. فجعل مستورا لعدم الفائدة في ابرازه لانه لا يأخذ من الخارج الى القلب وايضا فانه لما كان اشرف الاعضاء بعد القلب ومنزلته او منزلته منه منزلة ترجمانه ووزيره عليه سرادق يستره ويصونه كالقلب في في الصدر ولانه من الطف الاعضاء والينها ولا يتصرف الا بواسطة الرطوبة المحيطة به لو كان بارزا صار عوضة للحرارة واليبسة والنشأ في المانع له من التصرف الى غير ذلك من الحكم. ثم زين سبحانه فما بما فيه من الاسنان التي قالوا له وزينة وبها قوام العبد وغذاؤه وجعل بعضها رحل للطحن وبعضها الة للقطع فاحكموا اصولها وحدد رؤوسها وبيض لونها صفوف متساوية الرؤوس متناسقة الترتيب كانها الدر النظيم بياضا وصفاء وحسنا. واحاط سبحانه على ذلك كله حائطين او من المنافع والحكم ما اودعهما وهما الشبتان فحسرونهما وشكلهما وجعلهما غطاء فم اتماما لمخارج حروف الكلام نهاية انه لما جعل اقصى الحلق بداية الاول لسانا وما جاوره وسطا. ولهذا كان اكثر العمل فيما له اذا اذا هو الواسطة مقطوعة حكمته سبحانه ان جعل الشفتين لحما صرفا لا عظم فيه ولا عصب لتمكن بهما من بص الشراب ويسر فتحهما وطبقهما وخص الفك الاسود طلب التحريك لانه لا خف هو تحريك ولا خف احسنه لانه ولان الاعلى يشتمل على الاعضاء الشريفة فلم يخاطر بالحركة فلم يخاطر في الحركة وخلق سبحانه الحناجر مختلفة الاشكال في الضيق والسعة. والخشونة والمناسب والصلابة واللين والطول والعرض والقصر فاقتربت بذلك الاصوات اعظم اختلاف فلا يكاد يشتبه صوتان الا نادرا. ولهذا كان الصحيح قبول قبول شهادة الاعمال لتمييزه بين الاشخاص باصوات كما يميز البصير بينهم بصورهم والاجتماع العالق بين الاصوات كالاشتباه العارض بين الصور. وزين سبحانه الرأس بالشعر وجعله لباسا له لاحتياج وزين الوجه بما انبت بمشعور مختلفة الاشكال والمقادير فزينه بالحاجبين. وجعلهما وقاية لما ينحدر من بشرة الرأس الى العين وقوسهما واحسن خطاهما وزينا جفان العينين بالاهداب وزين الوجه باللحية وجعلها كمالا ووقار ومهابة للرجل وزين ما انبت ما قوم من الشارب وتحتهما من العنفقة. وكذلك خلقه سبحانه لليدين. وكذلك خلقه سبحانه لليدين وما الات العبد وسلاحه وراس ماله ومعاشه فطولهما بحيث يصلان الى ما شاء من بدنه وعرض الكف ليتمكن وعرض الكف فليتمكن من القبض والبسط وقسى فيه الاصابع الخمسة قسم كل اصبع بثلاث انام والابهام باثنتين ووضع الاصابع الاربعة في جانب والابهام في جانب يدور الابهام على الجميع فجاءت على احسن وضع وصلحت به للقبض والبسط ومباشرة الاعمال. ولو جئت مع الاولون والاخرون على ان يستنبطوا تحقيق افكارهم وضعا اخرا للاصابع سوى ما وضعت ما وضعت عليه لم يجدوا اليه سبيلا فتبارك من لو شال سواها وجعلها طبقا واحدا الصفحة فلم يتمكن العبد بذلك من مصالحه وانواع تصرفاته ودقيق الصناع والخط وغير ذلك فان بسط اصابعه وان ضمها وقبضها كانت دبوسا والة للضرب. وان جعلها بين الضم والبسط كانت مغرفة لو يتناول بها ويمسك بها فيها ما يتناوله. فركب الاظفار على رؤوسها زينة لها واعتمادا ووقاية ويلتقط بها الاشياء الدقيقة التي لا والا يتناولها سوى اصابع وجعلها سلاحا لغيره من الحيوان والطير والة لمعاشي وليحك الانسان بها بدنه عند الحاجة فظفه والذي هو اقل الاعضاء واحقادها لو عدم او الانسان ثم ظهرت فيه حكة لاشتدت حاجته اليه ولم يقم مقامه شيء في حق بدنه ثم يهدي الى مواضيع الحج حتى تمتد اليه ولو في النوم والغفلة من غير حاجة الى طلب ولو استعان بغيره لم يعتر على موضع الحق الا بعد ومشقة ثم انظر الى الحكمة البالغة في جعل عظام في جعل عظام اسفل البدن في جعل عظام اسفل البدن غليظة قوية لانها اساس له وعظامه في والصلابة. لانها محمولة ثم انظر كيف جعل الرقبة مركبا للرأس رتبها من سبع خرزات مجوفات مستديرات ثم طبق بعضها على بعض وركب كل وركب كل خرزة على صاحبتها ترقيم المحكم المتقنا حتى صارت كانها خرزة واحدة ثم ركب الرقبة على الظهر والصدر ثم ركب الظهر من اعلاه الى منتهى الى عظم العجز من اربع وعشرين خرزة مركبة. بعضها في بعض هي مجمع اضلاعه والتي تمسك ان تنحل وتنفصل ثم وصل تلك العظام بعضها ببعض فوصل عظام الظهر بعضها بعظام الصدر وعظام الكتفين بعظام العظودين والعظدين بالذراعين والذراعين بالكف والاصابع اصابع وانظر كيف انكسر عظام عريضتك عظام الظهر والرأس كسوة من اللحم تناسبها والعظام الدقيقة كسوة تناسبها كالاصابع كذلك كعظام الذراعين والعظدين فهو مركب على ثلاث مئة وستين عظما. منها مئتان وثمانية واربعون مفاصل وباقيها صغار صغار حشت خلال المفاصل. فلو حشيت خلال المفاصل فلو زادت عظما واحدا لكانت مضرة على الانسان يحتاج الى قلعه ولو نقصت عظما واحدا كان نقصان يحتاج الى جبره. فالطبيب ينظر في هذه العظام وكيفية تركيبها ليعرف وجه العلاج في جبرها والعارف ينظر فيها ليستدل بها على عظمة بارئها وخالقها وحكمته وعلمه ولطفه وما ابعد ما بين النظرين ثم انه سبحانه ربط تلك الاعضاء الاعضاء والاجزاء بالرباطات فشد بها اسرى وجعلها ثالث ثقة تحفظها حتى بلغ عددها الى خمسمائة وتسعة وعشرين رباط. وهي مختلفة في الغناء والرقة والطول والقصر والاستقامة نحنا بحسب اختلاف مواضعها ومحالها. فجعل منها اربعة وعشرين رباطا الة لتحريك العين وفتحها قم يا ابصارها لو نقص منها رواطا اختل امر العين وهكذا لكل عضو من الاعضاء رباطات هي له كلالات التي بها يتحرك ويتصرف يفعل كل ذلك صنع الرب الحكيم وتقدير العزيز العليم في قطرة ماء مهين فويل للمكذبين وبعدا للجاحدين. ثم انه سبحانه في الرأس ثلاث خزائن نافذا بعضها الى بعض في مقدمه وسطه واخره واودعها من اسراره ما اودعها من الذكر والفكر والتعقل ودعا في باطن خلق الانسان ما فيه من القلب والكبد والطحال والرئة والامعاء والمثانة وسائر ما في بطنه من الالات العجيبة والقوى المتعددة المقتربة منافع فاما القلب فهو الملك المشغل لجميع الات البدن المستخدم لها فهو محفوظ بها محشود مخدوم. مستقر في الوسط وهو اشرف اعضاء وبه قوام الحياة وهو منبع الروح الروحاني والحرارة الغريزية وهو معدن العقل والحلم والجشاعة والكرم والصبر والاحتمال والحب والرضا والغضب وسائر صفات الكمال فجميع الاعضاء ظاهرة والباطنة وقواها انما هي جند من اجناد القلب فالعين طليعة الذي يكشف له المرئيات فان ادت اليه ادته اليه ولشدة ولشدة الارتباط بينها وبينه اذا استقر به شيئا ظهر منها فهي مرآة مترجمة للناظر ما فيه. كما ان اللسان ترجمان ترجمان كما ان اللسان ترجمان مؤدي للسمع ما فيه. ولهذا كثيرا ما يقرن سبحانه في كتابه بين هذه الثلاثة كقوله ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا. وبالجملة فجميع الاعضاء خدم القلب وجنوده. ثم ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم على ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا الا وهي القلب. فقال ابو هريرة رضي ابو هريرة رضي الله عنه القلب مالك واعضاء الذنوب وان طاب الملك طابت جنوده وان خبث الملك خبثت جنوده وجعلت الرئتك المروحة لتروح دائما لانه اشد الاعضاء لانه اشد الاعضاء. لانه اشد الاعضاء حرارة بل هي منبع بل هو منبع الحرارة الدماغ وهو المخ فانه جعل باردا واختلف في حكمة ذلك. فقالت طائفة لاجل تبريد الحرارة التي في القلب ليردها ليردها عن الافراط الاعتدال وقالت طائفة بل المخ حار لكنه فاتر الحرارة وبه تبريد من خاصية فانه مبدأ للذهن. ولهذا كان الذهن يحتاج الى موضع ساكن من قارن صاف عن الاقذار والكدر خال من الجلبة والدخل. ولذلك تكون جوا ولذلك تكون جودة الفكر والتذكر واستخراج الصواب عند سكون البدن وفتور حركته وقلة شواغله ومزعجاته. وكذلك لم يصلح لها القلب وكان الدماغ معتدل لان ذلك صالحا له ولذلك تجود هذه الافعال في الليل وفي وفي المواضع الخالية وتفسد عند التهاب نار الغضب والشهوة وعند الهم الشديد ومع التعب والحركات البدنية والنفسانية وهذا البحث متصل بقاعدة اخرى. وهي ان الحواس والعقل مبتدأها القلب او الدماغ. فعند طائفتنا ان مبدأها كل ان مبدأها كلها القلب وهي مرتبطة بي وبينه وبين الحواس منافذ وطرق. قالوا وكل واحد من هذه التي هي الات الحواسنة له اتصال بالقلب باعصاب وغير ذلك وهذه الاعصاب تخرج من القلب الى ان تأتي الى كل واحد من هذه الاجسام بها الحواس ومنشأوا هذه الاعضاء من القلب منشأ هذه الاعضاء من القلب وهو مركب من الاشياء تشكل جميع هذه الاقسام التي فيها الحواس فالعين اذا صارت شي ندت بالالة التي فيها الى القلب لان هذه الالة متصلة منها الى القلب وكذا السمع وغيره فكل العروق التي في البدن متصلة بالقلب اما بانفسها واما بواسطة فما من عرق ولا عضو الا وله اتصال بالقلب اتصالا قريبا او بعيدا وينبعث منه في تلك العروق والمجاري الى كل عضو ما يناسبه ويشاكله. فينبعث منه الى العين ما يكون منه فينبع منه الى العين ما يكون منه حسن البصر والى الاذنين ما يدرك به المسموعات واللحم ما يكون من حسن اللمس والى الانف ما يكون منه حسن الشم والى ما يكون منه حسن الذوق والى كل قوة ما تمد قوته وتحفظها. ما تمد قوته وتحفظ وتحفظها هو الممد لهذه الاعضاء والحواس والقوى ولهذا كان الصحيح انه اول اول الاعضاء تكون. ومن قال ان العقل في رأسه كالحنفية فلعله بحسب الاتصال قال الامام المحقق ابن القيم في مفتاح دار السعادة الصواب وان مبدأ العقل ومنشأه من القلب وفروعه وثمرته في الرأس والقرآن وقد دل على هذا بقوله افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها وفي قوله ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ولم يرد بالقلب ولا مضغة اللحم المشتهر المشتركة بين الحيوانات والمراب بل المراد ما فيه من العقل واللب. وزعم قوم ان مبدأ كراسي الدماغ وانكر ان يكون بين القلب والعين والاذن والانف اعصابنا وعروق وقالوا هذا كذب على الخلقة. قال ابن القيم والصواب بين الفريقين وهو ان وهو ان القلب ينبعث منه قوة الى هذه الحواس وهي قوة معنوية لا تحتاج الى وصولها اليها الى مجاري مخصوصة واعصاب تكون حاملة لها فان اصول القوى الى هذه الحواس والاعضاء لا تتوقف الا على قبولها واستعدادها وامداد القلب لا على مجال واعصاب لا على مجاري واعصاب وبهذا يزول الالتباس في هذا المقام الذي قال به الكلام وكثر فيه النزاع والخصام والله ولي الانعام ولا يخفى الذي ذكر الله من حكمة خلق الانسان اقل القليل. والامر اضعاف اضعاف كما كما يخطر بالبال اولياء وهم الخيانة ويجري به المقال. ولكن رصدنا الاشارة الى قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني والا فلو نظر الانسان الى غذاءه فقط مدخله ومستقره ومخرجه رأى منه العبر والعجائب. فقد جعل الله له الة يتناوله بها ثم بابا يدخل منه ثم اله تقطع صغارا ثم طاحونا تطحنوا ثم اعين بما ان تعجنوا. ثم جعل له مجرى طريقا الى جانب مجرى النفس ينزل هذا ويصعد هذا فلا يعني مع غاية القرب ثم جعل له حوايا وطرقا توصله الى المعدة باي خزانة وموضع اجتماعي ولها بابان باب اعلى يدخل من وهو اوسع وباب اسفل يخرج منه وهو اضيق من الاعلى لان الاعلى مدخل للحاصل والاسفل مصرف للضار منه والاسفل دائما ليستقر الطعام في موضعه فاذا انتهى الهم فان ذلك الباب ينفتح الى انقضاء الدفع ويسمى البواب لذا ويسمى البواب لذلك والاعلى سمى فم المعدة ينزل الى المعدة متلمسا فاذا استقر فيها من ماعة وذهب ويحيط بالمعدة من داخلها وخارجها حرارة نارية ربما تزيد على حرارة النار ينضج بها الطعام فيها كما ينضج الطعام في القدر بالنار المحيطة بها ولذلك يذيب ما هو مستحجر مستحجر كالحصى وغيره حتى تتركه ماء فاذا اذهبت على صفو الى فوق ورسى كدره الى اسفل ومن المعدة عروقه متصلة بالسائل البدني تنبعث فيها معلوم كل عضو وقوامه. بحسب استعداده وقبوله فينبعث اشرف ما في ذلك والطف واحب الارواح فينبعث الى البصر بصرا والى السمع سمعا والى الشم شما. والى كل حاسة بحسبها فهذا الطف ما يتولد عن الغذاء ثم ينبعث منه الى الدم ما يناسبه من اللطافة والاعتدال ثم ينبعث من الباقيين الاعضاء في تلك المجاري بحسبها وينبعث منه الى العظام والشعور والاظفار ما يغذيها ويحفظها فيكون الغذاء داخلا داخلا المعدة من طرق ومجال هذا وارد اليها وهذا صادر عنها خدمة بالغة ونعمة سابغة ولما كان البدع اذا استحال في المعدة استحال دما ومرة سوداء ومرة صفراء وبلغما اقتضت حكمته سبحانه وان جعل لكل واحد من هذه مصرفا ينصب اليه ويجتمع فيه. ولا ينبعث الى الاعضاء الشريفة الا اكمله فوضع البراز مصبا للمرة الصبرا. ووضع الطحال للمرة السوداء جعل الكبد يمتصها شرفها ما في ذلك وهو الدم. فهو بيته ثم يبعث الى جميع البدن من عرق واحد قسم على مجاري كثيرة يوصل الى كل واحد من الشعور والاصابع والعظام والعنق ما يكون به قوامه واما البلغم فبين فبيت فبيته الصدر وهو بارد لونه ابيض وطعمه مالح ثم اذا نظرت الى ما في الانسان من القوى الباطنة والظاهرة المختلة بانفسها ومنافعها. من القوى الباطنة والظاهرة المختلفة في انفسها ومنافعها رأيت العجب العجاب كقوة سمعه وبصره وشمه وذوقه ولمسه وحبه وبغضه ورضاه وغضبه وغير ذلك من القوى المتعلقة بالادراك والارادة وكذلك القوى المتصرفة في غذائه كالقوة المنضجة له والقوة الماسكة الماسكة له الرافعة له الى الاعضاء والقوى العظمة له بعد اخذ الاعضاء حاجته امنوا فهذا اثار صنع تعالى في قطرة من ماء مهين فلو اجتمع الانس والجن على ان يخلقوا لتلك لتلك النطفة سمعا او بصرا وعقلا وقدرة او علما او روحا بل عظما واحدا عظامها بل عرقا واحدا من ادق عروقها بل شعرة واحدة العجز عن ذلك. فمن فمن هذا صنعه في قطرة ماء؟ فكيف صنعه في ملكوت السماوات والارض فسبحان من بارت قدرته العقول وتضالت لعظم حكمته الفحول ودلت مصنوعاته على وقدرتي وارادتي لا اله الا هو انفرد بخلق المخلوقات واحاط بكل شيء علما. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة طويلة الدين طرفا من اسرار خلق الانسان. وهذه الاسرار منطوية في ايتين اثنين من كتاب الله سبحانه وتعالى جمعتا اصل خلق الانسان احداهما قول الله عز وجل يا ايها ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك. والاية الاخرى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم وهذه الخلقة القويمة كما سبق بيانه تشمل استقامته باطنا في ايمانه وهدايته وفطرته واستقامته ظاهرا في صورته. واقتبس المصنف رحمه الله تعالى فيما سلف كثيرا من كلام ابن القيم في مفتاح دار السعادة فانه اسبغ قول فيها في بيان اسرار خلق الانسان وكيفيات تلك الخلقة ولطف الله سبحانه وتعالى به ان صوره على هذه الصورة وعرض المصنف رحمه الله تعالى لمسألة كبرى من مسائل خلق الانسان وهي محل عقلي منه. والعلماء رحمهم الله تعالى مختلفون في هذه المسألة على ثلاثة اقوال اولها ان محل العقل القلب والثاني ان محل العقل الدماغ والثالث ان محل العقل القلب مع اتصاله بالدماغ. وهي ثلاث روايات عن الامام احمد رحمه الله تعالى والصحيح هو ان العقل في القلب مع اتصاله بالدماغ فالقلب مريد والدماغ مدبر. وبهذا تجتمع الايات والاحاديث في نعت العقل. نعم قوله صلى الله عليه وسلم وانا عبدك اي تألون وخلقا وهذا معطوف على قوله اللهم انت ربي كانه قال اللهم انت ربي وانا عبدك وقوله لا اله الا انت خلقتني اذعان واعتراف بالتوحيد الالهية وتوحيد الربوبية واقرار بكل واحد منهما. كما اشرنا اليه سابقا الى خالق ربي ولا اله ولا معبود سواك يا الله. فالعبادة لله اسم جامع لما امر الله به ورسوله. واول ذلك اقرار العبد ان الله ربه وخالقه وانه مفتقر اليه في كل نفس وانه وجوده ووجود قدرة وافعاله به منه. وان وجود كل ما وجد فمنه سبحانه فانه خالق ذلك وخالق كل شيء وربه ومليكه. ما شاء كان وما لم يكن. فلا يكون العبد عابدا لله ولا مؤمنا حتى يقر بهذا كله ثم لابد ان يكون عمله لله فبذلك يكون عابدا والا فلوى قرب ربوبيته وعبد غيره كما اشار الى ذلك شيخ الاسلام في بعض كتبه كان من جنس المشركين الذين يقرون بان الله خالقهم ويعبدون غيره. ودرجة العبودية افضل درجات وارقى المنزلات ولهذا فضل الله تعالى بني ادم بها ودعاهم اليها والمراد العبودية الاختيارية التي يأتون بها طوعا واختيارا لا اكراها واضطرارا وقد ثبت انه سبحانه وارسل اسرافيل الى النبي صلى الله عليه وسلم يخيره بين ان يكون ملكا نبينا عبدا نبيا فنظر الى جبريل كالمستشير بشريا تواظف قال بل اكون عبدا نبيا رواه الامام احمد وابو يعلى وابن عساكر عن ابي هريرة وابن عساكر من حديث عائشة وابن وعساكر من حديث عائشة وابو نعيم عن ابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم فقد ذكر حبيبه ونبيه صلى الله عليه وسلم باسم عبوديته في اشرف مقاماته في مقام الاسراء ومقام الدعوة ومقام التحدي فقال في مقام الاسراء سبحان الذي اسرى بعبده الم يقل برسوله ولا نبيه اشار الى انه نال هذا المقام الاعظم في كمال عبوديته لربه. فقال في مقام الدعوة فعبد الله يدعو يكاد يكونون عليه لبدا. وقال في مقام التحدي وان كنتم في رب مما نزلنا على عبدنا في سورة من مثله. وفي الصحيحين من وفي الصحيحين في حديث الشفاعة وتراجع الانبياء فيها وقول المسيح عليه السلام اذهبوا الى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فدل ذلك على انه نال ذلك نال ذلك المقام العظيم عبوديته لله وكمال مغفرة الله له. ولما كانت العبودية عند الله بهذه المنزلة الرفيعة والدرجة الشامخة المنيعة لقد قضت حكمة العليم الحكيم عن عسكر ادم وذريته دارا ينالون فيها هذه الدرجة بكمال طاعتهم وتقربهم اليه بمحابه وترك ما من اجله فكان ذلك من تمام نعمته عليهم واحسانه اليهم. العبد لغة المملوك من نوع من يعقل. فقام بالمحكم العبد الانسان او رقيقا لانه مملوك لبارئه فقال سيبويه انه في الاصل صفة ولكنه استعمل استعمال الاسماء واجمع المسلمون على ان وعد بالعبد في الايات المذكورة محمد صلى الله عليه وسلم. وقال الاستاذ ابو علي الدقار ليس للمؤمنين صفات اتم ولا اشرف من العبودية ليس للمؤمنين صفة اتم ولا اشرف من العبودية ولهذا اطلقها الله تعالى على نبيه في اشرف المواطن فقوله تعالى تبارك الذي نزل الفرقان على عبده. فقوله فاوحى الى عبده ما اوحى. ويقال انه ما وصل صلى الله عليه وسلم الى الدرجات العالية والمراتب الرفيعة في المعراج اوحى الله تعالى الي يا محمد بما يشرفك قال يا رب بانت انسبني ناسك بالعبودية فانزل الله سبحانه سبحان الذي اسرى بعبده. ولهذا قال القاضي عياض رحمه الله ومما زادني عجبا وتيا وكدت بخمؤتيها ومما زادني عجبا وتيها وكدت باخمصي اطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وان صيرت احمدني نبيا. ومن هذا قول بعضهم لا تدعني الا بيا عبدها فانه واشرف اسمائي فكان شيخ الاسلام ابن تيمية تقدس الله روحه يقول من اراد السعادة الابدية فليلزم عتبة العبودية وقال بعض العارفين لا طريق اقرب الى لا طريق اقرب الى الله من العبودية لا طريق اقرب الى الله من العبودية ولا حجاب اغرظ من الدعوة ولا ينفع مع الاعجاب والكبر عمل واجتهاد ولا يظر مع الذل والافتقار بطالة. يعني بعد فعل الفرائض والقصد ان الفقر والذل الانكسار تدخل على الحليم الغفار وترميه وترميه على طريق المحبة والوله لانه نفض يديه مما سواه مما عليه وله فينفتح له من هذا باب لا يفتح له من غير هذا الطريق وان كانت طرق سائر الاعمال والطاعات تفتح للعبد بابا من المحبة على التحقيق لكن الذي يفتح منها من هذا الطريق قريب بلا تعويق فالذل والانكسار والعجز والافتقار وازدراء النفس ورؤيتها بعين العيب والذنب واليوم النقص والضعف واللوم بحيث يشاهدها متصلة بكل عيب وذنب وكل تفريط وخطب نوع اخر وفتح اخر والسالك بهذا الطريق غريب في الناس وهم في واد وهو في واد وتسمى طريقة الطير. يسبق النائم فيها على فراشه السعادة ويصبح قد قضى على الركب. بيع قطع الركب بينما هو يحدثك اذا هو قد سبق الطرف وفاة السعادة وذلك لانه رأى نفسه اعجز شيء لانه لا قوة له ولا الا بربه قد اسلم الامر لذي النهي والامر. فيشهد قلبه كريشة ملقاة. بارض فلاة تسيرها الرياح يمينا وشمالا الاقدار ادبار واقبال ويشهد نفسه ويشهى ويشهد نفسه كراكب سفينة. في البحر يهيج بان يهيج بها الريح وتتلاعب الامواج بتلك الالواح وترفعها تارة وتخفضها اخرى فتجري عليه احكام القدر وهو كالالة طريحا بين يدي من هو اولى به واخراه قد القى نفسه ببابه ووضع خده على ثرى اعتابه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ولا ولا قطعا فما له من نفسي سوى الجاني والظلم واثاري ما ومقتضياتهما فلا الى اولى اليه من من شراك نعل كشاة ملقاة بين الذئاب والسباع. لا يرد لا يردها عنها الا الراعي. فلو تخلى عنها طرفة عين لتقاسمتها اعضاء حال العبد موقا بين يدي الله وبين اعدائه. من شياطين الانس والجن فان حماها فان حماه منهم وكبهم عنه ولم يجدوا اليه سبيلا والا بان تخلى عنه ووكله الى نفسه طرفة عين صار اكلة اكلة لمن ظفر به منهما سبق غيره اليه حينئذ يعرف الناس حقا ويعرف حينئذ يعرف نفسه حقا ويعرف ربه وهذا احد التأويلات للكلام المشهور من عرف نفسه وعرف ربه وليس هو حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قد توهمه جماعة وسألنا عنه بعض طلبة العلم وانما هو اثر اسرائيلي غير هذا اللفظ ولفظه يا انسان اعرف نفسك تعرف ربك كما قاله الامام المحقق ابن القيم في كتابه شرح منازل السائلين. قال وفيه ثلاث احد هو ان من عرف نفسه بضعف عرف ربه بالقوة ومن عرفها بالعجز عرف ربه بالقدرة ومن عرفها بالذل عرف ربه بالعز ومن عرفها بالجان عرف ربه بالعلم فان الله سبحانه استأثر بالكمال المطلق والحمد والثناء والمجد والغنى والعبد الفقير ناقص وكلما ازدادت معرفة العبد بنقصه وعيبه وفقره وذله وضعفه وجعله ازدادت معرفته لربه باوصاب كماله الثاني ان من نظر الى نفسه وما فيها من الصفات الممدوحة من القوة والارادة والكلام والمشيئة والحياة عرف ان من اعطاه ذلك وخلقه فيه اولى ومعطي الكمال احق بالكمال فكيف يكون العبد حيا؟ حيا اذ حيا متكلما سميعا بصيرا مريدا عالما يفعل باختياره ومن خلقه واوجد ومن خلقه واوجده لا يكون احق بذلك منه. فهذا من اعظم المحال بل من جعل العبد متكلما او لا ان يكون هو متكلما جعله حيا قادرا سميعا بصيرا اولى بذلك. فالتأول الاول من باب الضد وهذا من باب الاولوية. الثاني ان من باب النفع كما انك لا تعرف نفسك التي هي اقرب الاشياء اليك. فلا تعرف حقيقتها ولا ماهيتها ولا كيفيتها فكيف تعرف حقيقة ربك وكيفية صفاته. والمقصود ان العبد يعرف بقلبه معرفة حقوق ان العبد يعرف بقلبه في معرفة حقيقية ان العبد يعرف بقلب معرفة حقيقية انه يعرف بقلبه معرفة حقيقية انه عاجز ضعيف فتزول عن رعونات الدعاوى والاضافات الى نفسه. ويعلم انه ليس له من الامر شيئا بل هو ضعيف عاجز وفقير منكسر القلب. واحب القلوب الى الله تعالى تمكنت منه هذه الكسرة وملكته هذه الذلة والعجز فهو ناكس الرأس بين يدي ربه لا يرفع رأسه اليه منه خجلا قيل لبعض العارفين يسجد القلب؟ قال نعم يسجد سجدة لا يرفع رأسه منها الى يوم القيامة فهذا سجود القلب فقلب لا تباشره هذه الكسرة فهو غير ساجد السجود المراد السجود المراد منه واذا سجد القلب لله هذه السجدة عظمى سجدت معه جميع الجوارح وعنا وعلى الوجه. حينئذ وعلى الوجه حينئذ للحي القيوم وخشعت اصوات والجوارح كلها وذل العبد وخضع واستكان ووضع خده على عتبة العبودية ناظرا بقلبه الى ربه ووليه نظر الى العزيز الرحيم. فلا يرى الا متملقا لربه خاضعا له ذليلا مستكينا متعطفا له فيسأله عطفه ورحمته وهو وبمعاده يا من الوذ به من ماء يا من الوذ به فيما اؤمل ومن اعوذ به فيما احاذره لا والناس عظما عن تكاسره ولا يريدون عظما انت جابر. فاذا تمكنت المسكنة والذلة والانكسار من القلب وعرف نفسه بالعجز والتقصير وانها متصفة بكل عيب ووصف حقير وانه لا حول له ولا قوة ولا دفع ولا منع ولا ضرار ولا نفع الا بالله وانه عنايته لمزقته الرياح واحتوجته الشياطين وتنابته السباع. وغرقت البحر حينئذ العبودية حقها فتصير خطيرة محبة مكانا فتصير خطرة المحبة مكان خطرات المصيبة. وارادة التقريب اليه ومرضاته مكان ارادة معصية ومساقطه وحركات اللسان والجوارح بالطاعات ومكان حركاتها بالمعاصي قد امتلأ قلبه من محبته ولهج لسانه بذكره قادة الجوارح لطاعته فان هذه الكسرة الخالصة لها تأثير عجيب. حكي بشرح منازل السائلين عن بعض العارفين قال دخلت على الله من ابواب الطاعات كلها فما دخلت من باب الا رأيت عليه الزحام فلما اتمكن من الدخول حتى جئت باب الذل والافتقار فاذا هو اقرب باب اليه واوسعه ولا مزاحم فيه ولا ولا معوق. فما هو الا ان وضعت قدمي في عتبتي فاذا قد اخذ بيدي وادخلني وفي مسند الامام احمد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما من يوم الا والبحر يستأذن ربه ان يغرق بني ادم والملائكة تستأذن تعادل وتهلكه والرب تعالى يقول دعوا عبدي فانا اعلم به اذ انشأته من الارض ان كان عبدكم فشأنكم بي وان كان عبدي مني الى فمني الى عبدي وعزتي وجلالي ان اتاني ان قبلت وان اتاني نهارا قبلته وان تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا وان قرب مني ذراعا تقربت منه باعا وان مشى الي هرولت اليه وان استغفرني غفرت له. وان استقالني اقرته وان تاب الي تبت عليه ومن من اعظم مني وكرما وانا الجواد الكريم عبيدي يبيتون يبارزونني بالعظائم وانا اكلهم في مضاجعهم واحرصهم على فروشهم من اقبل تلقيت من بعيد ومن ترك لاجلي اعطيته فوق المزيد. ومن تصرف بحوله وقوته لن تله الحديد ومن اراد مرادي اردتمها يريد ذكريان مجالستي اهل زيادة واهل طاعتي اهل كرامتي واهل معصيتنا اقنطهم بالرحمة ان تابوا. فانا حبيبهم وان لم يتوبوا فعلى طبيبهم وابتليهم بالمصائب ليطهرهم من المعايب. واسناده ضعيف مم تنبيه قد كثرت اقوال علماء الصوفية وارباب المعارف والاحوال في العبارة من من العبد والعبودية. وكل واحد تكلم بلسانه على قدر مقامه وحاله قال ابن عطاء الله العبد الذي لا ملك له وقال رويب يتحقق العبد بالعبودية اذا اسلم القيادة من نفسه الى ربه وتبرأ من وقوته وعلم ان الكل لا هو به. فقال عبدالله بن محمد حزت درجة العبودية ان كنت لنفسي ان كنت لا ترى لنفسك ملكا وتعلم انك لا تملك لها نفعا ولا ضرا وما احسن ما قيل في هذا القبيل وكنت قديما اطلب الوصل منهم فلما اتاني العلم وارتفع الجهل تيقنت ان العبد لا طلب له فان قربوا له فضل وان بعدوا عدلوا وان اظهروا لم يظهروا غير وصفهم وان ستروا فالستر من اجلهم يحلوا. وفي تاريخ ابن خلكان في ترجمة ابي الفتوح بني محمد بن قوس الغزالي اخي الامام ابي حامد الغزالي صاحب كتاب الاحياء عن ابن النجار قال قرأ القارئ بحضرة احمد الغزالي يا يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم. الاية تبقى فشرفهم بها الاضافة الى نفسه بقوله يا عبادي ثم انشد. وهان على اي النوم في جنب حبها وقولنا عادي انه لخليع. اصم اذا ناديت باسمي وانني اذا قيل لي يا عبدها لسميع وبكتاب الامام الحافظ ابن رجب في الذل والانكسار للعزيز الجبار. قال بعض العارفين من ادعى العبودية وله مراد باق فهو هذي مفيدة انما تصح العبودية لمن اوقفنا مراداته وقام بمراد سيده يكون اسمه ما يسمى به اذا دعي باسمي اجاب عن العبودية فلصم له ولا وصف ولا يجيب الا لمن يدعوه الا لمن يدعوه لعبودية سيدي ثم انشأ يقول يا عمر ثاري عند زهراء يعرفه السامع والرائي لا تدعني الا بيا عبدا فانه اصدق واسماعيل وقال غيرهما لي وللفقراء اني عاجز مثلي لا مثلي لا يملك اغنائي. وانما يحسن فقري الى ما لك اسعاد واشقاء اتيه عجبا بانتماء بانتماء الى ابوابه اذا قلت مولاي تدعوني الا بيا عبدها فانه اشرف اسمائي. فقال الامام المحقق ابن القيم في كتابه روضة المحبين لا يصلح التعبد لاحد غير الله لا يصلح التعبد لاحد غير الله عز وجل ولا يغفر سبحانه لمن اشرك به في عبادته ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فمحبة العبودية اشرف انواع المحبة وهي خالص حق الله على عباده ثم ذكر حديث معاذ في الصحيحين في الصحيح اتدري ما حق الله على عباده قال معاذ قلت الله ورسوله اعلم. قال حقه علي ان يعبدوه ولا اشركوا به شيئا تدري ما حق العباد على الله اذا فعلوا ذلك الا يعذبهم بالنار. ثم قال اشرف العبد واحب اسمائه الى الله اسم العبودية كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال احب الاسماء الى الله عبد الله وعبد الرحمن وقال في كتابه الكلم الطيب والعمل الصالح. فدار العبودية على قاعدتين هما اصلها حب كامل وذل تام ومنشأ هذين الاصلين سعادة المنة التي تريد المحبة ومطالعة عيب النفس والعمل الذي يورث الذي يورث الدية التام الذي يورث الذل والله اعلم تتمة للعبد احد عشر وجها جمعها ابن مالك في قوله عباد عبيد جمع عبد اعبد اعابد معبوداء معبدة احد عشر جمعا احسن الله للعبد احد عشر جمعاء جمعها ابن مالك في قوله عباد عبيد جمع عبد واعبد وعابد معبوداه معبدة عبد. كذلك عبدان وعبدان اثبتا. كذلك العبد امددي شئت ان تمد قوله ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة بيان ما تضمنه قول النبي صلى الله عليه وسلم وانا عبدك. وفيه الاقرار بالعبودية والعبودية المقر بها هنا هي العبودية الاختيارية. فان عبودية الخلق لربهم عز وجل نوعان اثنان احدهما العبودية الشرعية الدينية. وهي عبودية الاختيار بالحب بالحب لله سبحانه وتعالى. والثاني العبودية الكونية القدرية. وهي عبودية الاضطرار التي تعم الكافر والمسلم. ثم بين رحمه الله تعالى ان العبودية الاختيارية التي تدور مع تأليه الله سبحانه وتعالى انها من اعظم مراتب الخلق وان الله سبحانه وتعالى قد ذكر نبيه صلى الله عليه وسلم باسم العبودية في المقامات الشريفة وحقيقة النسبة للعبودية كما سلف ان العبادة هي تأله القلب مع الحب والذل فان كان تألها لله كانت عبادة توحيدية وان كان القلب متألها لغير الله سبحانه وتعالى كان كانت عبادة شركية. وحاجة الخلق الى العبادة حاجة عظيمة اذ هي مدار سعادتهم. فان الله سبحانه وتعالى نصبهم في هذه الدنيا ليكون وكدهم وهمهم الاعظم ادراك العبودية كما قال الله عز وجل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ثم الله سبحانه وتعالى سر السعادة فيها. كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من اراد السعادة الابدية فليلزم عتبة العبودية وقلت في هذا المعنى ومن يرد سعادة للابد فليلزم العبادة للصمد ومن يرد سعادة للابد فليلزم العبادة للصمد فالفقر في النفس لمن وعاه فالفقر في النفس لمن وعاه ليس يسده سوى رضاه ليس يسده سوى رضاه. ثم بين المصنف رحمه الله على ان حقيقة العبودية معرفة القلب ربه سبحانه وتعالى وانكساره له وهذا هو معنى سجود القلب الذي ذكره جماعة من اهل الصلاح ممن سلف. ثم ذكر رحمه الله تعالى بعد ذلك ان الله سبحانه وتعالى شرف من شاء من خلقه بنسبتهم اليه بهذا الاسم كما قال تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم الاية فان نسبتهم الى ربهم سبحانه وتعالى لاجل لشرف هذه النسبة ولتحقيق شرف هذه النسبة صار افضل الاسماء ما اضيف الى الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم احب الاسماء الى الله عبدالله وعبدالرحمن. ثم نقل عن ابن القيم رحمه الله تعالى ان مدار العبودية على قاعدتين هما حب كامل وذل تام. وهذا هو المراد في معنى التأله الذي سلف وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية وعبادة الرحمن غاية حبي مع ذل عابده هما قضباني وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القضبان فلا تتحقق والعبادة الا بان ينجمع في القلب حب الله والذل له. نعم قل هو انا على عهدك ايما عاهدتك عليه من الايمان بك والاقرار بوحدانيتك لا ازول عنوانا على وعدك الذي وعدتك عليه من الاعتراف دينك ولربوبيتك ثم استثنى بقوله ما استطعت مدة دوام استطاعته موضع القدر القدر السابق في امره ايا كان انا قد جرى القضاء وان ننقض العهد يوما ما فاني اخلد عند ذلك الى التنصل والاعتذار لعدم الاستطاعة بدفع ما قضيته علي وقيل معنى واني متمسك بما عهدته الي من امرك ونهيك للعذر ومبل العذر في الوفاء به قدر ابن مسعود طاقة وان كنت لا اقدر ابلغكن على الواجب فيه. قال ابن القيم في الهدي وكذا ابن مفلح في الفروع العقود والعهود متقاربة معنا او متفقة فاذا قال اعاهد الله انني احج العام فهو نذر وعدو ويمين. ولو قال اني لا اكلم زيدا فيمين وعد لا نذر فلي ان تضمنت معنى النؤب الايمن وان تضمنت معنى النذر وهو ان يلتزم لله قربة لزمه الوفاء وهي عقد وعهد ومعاهدة لانه التزم لله ما يطلبه الله منه وان تضمنت معنى العقود التي بين الناس وهو ان يلتزم كل كل من المتعاقدين الاخر اتفق عليه فمعاقبة ومعايدة يلزم الوفاء بها ثم ان كان العقد لازم لم يجز نقضه والا خير لا كفارة في ذلك لعظمه ونقل عبدالله قال الله اوفوا بالعقود. قال العود. ونقل ابو طالب العهد شديد في عشرة مواضع من كتاب الله ويتقرب الى الله اذا حلف بالعدل بكل ما استطاع ويكفر اذا احنث باكثر من كفارة يمين قال في المؤمن ان اجرى اليمين على مباح مباح وان وان قوله ولا تنقض الايمان اي في العود والمواثيق قوله اوفوا بعهد الله الاية وقوله اوفوا بالعقود. قال والعهد يجب الوفاء به بغير خلاف فمع اليمين اولى. ونهى عن نقض اليمين ويقتضي التحريم فقال شيخ الاسلام من جنس العهد والعقد لفظ لفظ الذمة وقولهم هذا في ذمة فلان اصله من هذا اي في بما لزمه بعهدي وعقدي. قال في الفنون الذمم هي العهود والامانات. وفي الواضح ومنوال الذمة وذمة فلان. قال بعض اصحابنا في طريقة الذمة لا تملك لانها العهد والميثاق لغتنا في الشرع. وصف يصير به مكلف اهلا للالتزام والالزام ولهذا لو اشترى منها خراب ذمتي صحة وانما يملك الحق وانما يملك الحق الثابت فيها وقيل له والذمة صفة فتفوت بالموت فلا صعوبة ما ندينه فقال لا اسلمها انها صبة بل عبارة عن التزام ولم يبت. وفي الفنون الذمة وان كانت العهد فالملك الذمة وان كانت ان عاد فالملك التسلط فاذا بقي حكم الملك ولا تسلط حقيقة بالميت بقي حكم الذمة وان كان كان لا عهد حقيقة للميت انتهى كلام الفروع فقال في موضع اخر العهد غير الوعد ويكون بمعنى اليمين والامان والذمة والحفاظ والرعاية والوصية لذلك قالوا في سيد الاستغفار وانا على عهدك ووعدك ما استطعت. قال ابن الجوزي وقال المفسرون العهد الذي يجب الوفاء به الذي يحسن فعله والوعد من العهد وقال في اوفوا بالعهد عام فيما بينه وبين ربه وبين الناس. ثم قال الزجاج كل ما امر الله به ونهى عنه فهو من العهد انتهى فكأنه قال بهذا الدعاء وانا على عهدك من امتثال ما امرتني به واجتناب ما نهيتني عنه ولا يبعد ارادة قوله تعالى واذا اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم لست بربكم قالوا بلاء الاية وكذا الميثاق من الملك الخلاق على خلقه كما جاء في روايات بارض الاعمال من عرفات. وروى الامام ابن الجوزي عن ابن عباس رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم قال اخذ الله عز وجل الميثاق من ظهر ادم بالاعمال يعني عرفت فاخرج من صلبه كل ذرية ذرأ فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلا ومن قبلنا قال لست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا. رواه الامام احمد في المسند فهذا الحديث دل على ان عرفات اول وطن اول وطن والرياضة تطوق النفوس الى تلك المعاهد لاجل ذلك العهد. ولي من قصيدة اذكر بها شوقي وتوقي الى تلك الربوع والمعاهد احن اليها من واذكر ان سبب الولاء والتوقع ان يأخذ العهد والميثاق بالاعمال وهي قلبي الى ارض الحجاز يهيم وعلى هيام شاهد وزعيم اما الشهيد فعبرتي وتأوهي ونحور جسمي والفؤاد كليم. وزعيم اشواقي الى تلك الحمى عهد بنعمان بنعمان اراك قديم. تلك المعاهد والربوع معاهدي فيها اللواء والسقم والتنعيم. اله القصيدة روي ان الله سبحانه وتعالى لما دخل العهد على الذرية لما اخذ العهد على الذرية كتب كتابا عليهم فالقمه الحجر الاسود فالقى الحجر الاسود فهو يشهد للمؤمنين بالوفاء وعلى الكافر بالجحود. قال الحافظ ابن الجوزي في مثير الغرام الساكن وهذا مروي عن علي ابن ابي طالب طالب رضي الله عنه قال قال العلماء قال العلماء ولهذه العلة يقول لا ايمانا بك ووفاء بعهدك انتهى. والوعد يستأمن بالخير والشر. قال وعدته خيرا ووعدته شرا فيسقط الخير والشر. قالوا في الخير وعد والعدة بالشر الايعاد والوعيد وقد اوعده يعيده كما في النهاية. وفي القاموس وعده الامر وبه يعده عدة وعدا وموعدنا وموعدة وموعودا وموعودة خيرا وشرا فاذا اسقط قيل في الخير وعد في الشر او اوعد اوعد وقالوا وعد الخير والميعاد وقته والوعيد التهديد والتوعد التهدد كالانعاد والاتعاد قبول العدة واصل الابتعاد واصله هو الواتعاد قال الله تعالى وادغموا وناس يقولون تعدوا فهو مؤتعد بالهمزة وفي القبر يا من اذا وعد وفاء واذا اوعد عفا وقال الشاعر واني واني ان اوعدته او وعدته لمخلف عادي ومنجز موعدي وانا على وعدك مقيم لا حول ولا لا احول ولا ازور افعل المأمور واجتنب المحظور والله ولي الامور والاستطاعة القدرة على شيء وقيل هي استفعال من الطاعة كما في النهاية. قال في القاموس استطاع طاقة ويقال استطاعوا يحلفون التاء استثقالا ويكرهون ادغام التائب فيها فتحرك السين وهي لا تحرك ابدا. فقرأ حمزة غير خلاد. فما اسطاع فما فما اسطاعوا باحرام. فجمع بين الساكنين. وبعض العرب تقول الساعة يستطيع. وبعضنا يقول اسطاع يقول بقطع الهمزة بمعنى اطاع يطيع ويقول تطاوع لهذا الامر حتى يستطيعه. وعلى كل فالمراد قيام بالعهد والوعد ما امنه وقدرتنا وحولنا وقوة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا بيان معنى قول الداعي في سيد الاستغفار وانا على عهدك ووعدك ما استطعت. وهذه الجملة الكثيرة يغني عنها بيان يسير. لكن نريدكم ان تستخرجوه انتم هذا الذكر يشرع في اي وقت سيد الاستغفار في اي وقت. صباح ومساء. او في اليوم والليلة على الرواية الاخرى في البخاري. طيب ما هو العهد والوعد الذي معكم صباح مساء اه وش الدليل وش الوعد طيب لا بس واحد واحد عشان ما يصير تشويش اخر ها كيف طيب والوعد ما شاء الله قربت قوله صلى الله عليه وسلم وانا على عهدك اشارة الى قوله تعالى اياك نعبد واياك نستعين ففي حديث ابي هريرة خيرة القدس ان العبد اذا قال ذلك قال الله هذا بيني وبين عبدي. وقوله صلى الله عليه وسلم ووعدك اشارة الى قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ففي الحديث القدسي ان العبد اذا قال ذلك قال الله هذا ايش؟ لعبدي ولعبدي ما سأل وقوله صلى الله عليه وسلم ما استطعت اشارة الى قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. فهذه الجملة تغني عن كل ما ذكره السفاريني رحمه الله تعالى ولم ارى احدا فسر الحديث بذلك ولكنه المقطوع به. فان العهد والوعد المتكرر الذي علق به الامر هو الذي جاء في سورة الفاتحة بدليل حديث ابي هريرة في صحيح مسلم الذي ذكرناه لكم نعم. وعلى كل واظح؟ واظح المسألة ذي؟ واضحة ولا مب واظحة لو لم تستفيدوا الا هذه الفائدة لكفى في هذا المجلس. لان اذا رجع الامر الانسان الى الشراح سيجد كلاما مثل هذا كلاما عاما لكن هذا هو الذي دل عليه الدليل. واذا صار امام الانسان صار واظحا بينا. نعم. قوله اعوذ اليك يقال اعوذ عوذا وعياذا ومعاذا اي لجأت والمعاذ المصدر والمكان والزمان اي لجأت الى ملجأ ورثت بملاذ فقد تكرر وفي الحديث ذكر التعوذ والاستعاذة وما تصرف منه ما والكل بمعنى الالتجاء والاعتصام. قال في المطلع قوله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اي اليه واعتصموا بي قال ابو عثمان في الافعال عاذ بالله عوذا وعياذا واعاذ لجأ اليه. وفي القاموس العود للالتجاء كالعياد والمعالي والتعوذ عادة انتهى قوله بك يا الله هذا هو المستعاذ به لانه الذي تلتجئ اليه وتعتصم به فكل متعوذ بغيره خائب وكل معتصم بسواه ناكم والمعنى اعوذ برحمتك وعفوك ورضاك ومغفرتك وقوله. من شر ما صنعت اي من شر صنع على ان موصول حرفيا ومن شر الذي صنعته على انها موصول اسمي. وهذا مستعاذ منه ولما كان صنعه يشتمل على خير وشر. خص الاستعاذة من شر تعيدون خيره لان الخير محبوب لله وهو مأمور بفعله عهدا وميثاقا ووعدا بخلاف الشر فانه معاهد على ترك واجتنابه على انه قل ما سلم فعل وان كان خيرا من افة من شوائب الرياء والعجب ونحو ذلك فتكون الافات مستعاذا منها والمراد اعوذ بك من غب شر ما صنعت وعقوبتي وعدم عفوي وغفرانه. او ومن العود الى مثله من شر الافعال وقبيح الاعمال. قول وابوء لك بنعمتك علي من انباء اليه رجع وانقطع قال في القاموس باء اليه رجعا قطع وبؤت به الي واباته وبؤت انتهى ومنه فليتبوأ مقعده من النار ينزل منزله منها ويتخذه قيل هذا على طريق الدعاء او اي بوأه الله ذلك وخرج مخرج الامر وقيل بل هو على ان يستحق ذلك واستوجبه. وفي الحديث الاخر فقد باء بها احدهما وتبوأ وتبوء باثمي واثمك. قيل ترجع به لازما لك وتلزمه وتلزمه وقيل تحمله كرا وتهز وتلزمه. تحمله كرها وتلزمه اصله من الرجوع به ومنه بغضب فباءوا بغضب على غضب. والمعنى اعترف لك طوعا بنعمتك وكانه من الاصل في الرجوع اي رجعت الى الاقرار والاعتراف او من اللزوم اي الزمت ذلك نفسي واحتملته لك يا مولاي. قال في الفتح اصل من بوء اللزوم منه بنعمتك اي الزمها نفسي واقربها واقر بها ولفظ النعمة وان كان مفردا لكنه مضاف فيعم كل نعمة من ظاهرتها الباطنة من نعمة الايمان والوجود من العدم والذكورية والسمع والبصر والمعرفة والفهم والعلم. والصحة غير ذلك من النعم التي انعم الله بها على عباده ما لو اوتي العبد عمر الدنيا وقطع ذلك العمر مستغرقا في طاعة الله وعبادته ولم يعصه في لحظة ولا لفظة مادة ذكرى عشر معشار نعمه سبحانه فلو انفق كل عمره مضاعفا الى ما لا نهاية من الاعمار ما ادى شكر نعمة واحد الدين والشكر نعمة تحتاج الى مثلها من الشكر. فلا سبيل الى تأدية شكر العشر معسال نعمه الا بالاعتراف بالعجز والتقصير. وشكر مبني على ثلاثة اركان الاعتراف بالنعمة باطنا والتحدث بها ظاهرا وتعريفها في مرضات وليها ومسيها فاذا فعل ذلك فقد شكر مع تقصيره في شكرها والله الموفق. فائدة اختلف الناس هل للبارئ جل شأنه وتعالى سلطانه على الكافر من نعمة اولى؟ والجواب ان نعم البارين لا تحصى مننا ولا تستقصى فله على عباده من دقائق النعم وجلائها ما يبهت العاقل ويذهل فقد انشأ فقد انشأ من العدم من العدم الى الوجود ومن عليهم بالحواس من السمع والبصر والشم واللمس والمشي والبطش والعقل والفهم والمعرفة والعلم والفكر والعافية والحفظ الى غير ذلك من الحواس والقوى الظاهرات والباطنة وسخر لهم الليل والنهار واباحهم المباحات واسقل عليهم الستر ومنحهم الحياء. وكل هذه واضعافها واضعاف اضعافها مما يتعذر او يتعسر حصره وصبره من نعم الله تعالى على عباده من جلب كل محبوب ودفع كل مكروه وتيسير كل ملائم ومنع ما ليس كذلك ولكن النعم من حيث هي كما قال المحقق ابن القيم في كتابه الجيوش الاسلامية نعمتان نعمة مطلقة ونعمة مقيدة المطلقة هي المتصلة المتصلة سعادة الابد وهي نعمة الاسلام والسنة وهي التي امرنا الله ان نسأل في صلاتنا ان يهدينا صراط اهلها ومن قوم خاصم بها ومن خصهم بها وجعلهم اهل الرفيق الاعلى حيث يقول تعالى ومن يطع الرسول من يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وحسن اولئك رفيقا. فهؤلاء الاصناف الاربع النعمة المطلقة واصحابها ايضا هم المعنيون بقوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا الدين اليهم اذ هم المختصون بهذا الدين القيم دون سائر الامم. والدين تارة يضاف الى العبد وتارة الى ربه فيقال الاسلام دين الله الذي لا يقبل من احد سواه ولهذا يقال في الدعاء اللهم انصر دينك الذي انزلته من السماء ونسبة الكمال الى الدين والتمام الى النعمة مع اضافتها اليه سبحانه لانه هو وليها ومسديها اليهم. وهم محل محض النعمة القابلين لها. ولهذا في الدعاء المأثور للمسلمين واجعل امة مثنين عليك باقابل هوات ما عليهم. واما الدين فلما كانوا هم القائمين به الفاعلين له بتوفيق ربهم نسبه اليهم. فقال تعالى ان اكملت لكم دينكم. وكان الكمال في جانبه والتمام وفي جانب النعمة واللفظتان وان تقاربتا فبينهما فرق لطيف يظهر بالتأمل فان الكمال اخص بالصفات والمعاني ويطلق على الاعيان وذلك باعتبار صفاتها وخواصها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير. ولم يكن من النساء الا مريم بنت عمران واسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد. فقال عمر بن عبدالعزيز طيب الله روحه ان للايمان حدودا وسننا من استكملها فقد استكمل الايمان واما التمام فيكون في الاعيان والمعاني ونعمة الله سبحانه وتعالى عيال وصابر ومعان واما دينه فهو شرع المتضمن لامره ونهيه ومحابه فكانت اسوة الكمال الى الدين والتمام الى النعمة احسن وكانت اضافة الدين اليهم والنعمة وكانت اضافة وكانت اضافة الدين اليهم والنعمة اليه احسن. قال فاذا علمت هذا فالنعمة المطلقة قد اختصت بالمؤمنين. فاذا قيل ليس لله على كافر نعمة بهذا الاعتبار فهو صحيح. واما النعمة الثانية وهي المقيدة كنعمة السمع والبصر والصحة والغنى والعافية وبسط الوجه وكثرة الولد والزوجة الحسنة وامثالها فهذه مشتركة بين البر والفاجر المؤمنون الكافر فاذا قيل لله على الكافر نعمة بهذا الاعتبار فهو حق فلا يصح. اطلاق السلب والايجاب الا على وجه واحد هو ان النعم المقيدة لما كانت استدراجا للكافر ومآل ولم استدراجا للكافر ومآلها للعذاب والشقاء فكأنها لم تكن نعمة وانما كانت بلية ونقمة كما سماها الله تعالى في كتابه كذلك. فقال فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه اكرمه ونعمه فيقول ربي اكرمني واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن كلا كل من اكرمته بالدنيا ونعمته فيها فقد انعمت عليه وانما ذلك ابتلاء مني له اختبار. ولا كل من قدر وقدرت عليه الصلاة كل من قدرت عليه رزقنا كل من قدرت عليه رزقه. فجعلت بقدر حاجتي من غير فضل اكون قد اهنت الاب التاني عبدي بالنعم كما ابتليه بالمصائب. فان قيل كيف يتفق هذا مع قوله فاكرمه ونعمه. فاثبت له الاكرام والنعمة ثم عليه قول ربي اكرمن فقال كلا اليس ذلك اكراما مني وانما هو بابتلاء فكأنه اثبت له الاكرام ونفاه. فالجواب ان الاكرام غير المنفي وهما من جنس النعمة المطلقة والمقيدة فليس هذا الاكرام المقيد بموجب لصاحبه ان يكون من اهل الاكرام المطلق كذلك اذا قيل ان الله انعم على الكافر نعمة مطلقة ولكنه رد نعمة الله وبدلها فهو بمنزلة من اعطي مالا يعيش به فرماه في البعلير فكما قال تعالى الم ترين الذين بدلوا نعمة الله كفرا واحلوا قومهم دار البوار. الم الذين بدلوا نعمة الله كبرا وقالوا وما ثمود فهديناهم يستحبوا الاعمى على الهدى فهداية اياهم نعمة منه. نعمة منه عليهم فبدلوا نعمة واثروا عليها الضلال قال فقد ظهر فصل الخطاب في مسألة هللنا على الكافر نعمة او لا اكثر اختلاف الناس من جهتين احدهما اشتراك الالفاظ واجمالها الثانية من جهة الاطلاق والتفصيل والله ولي الهداية والتفضيل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مسألة شهيرة وهي هل لله على الكافر نعمة وبين ان العلماء مختلفون فيها بين مثبت وناف ثم نقل كلام حسن لابن القيم رحمه الله تعالى اشتمل على التفصيل وحاصل ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى يقتضي ان النعمة نعمتان الاولى نعمة دينية شرعية وهذه تختص بالمسلم والثانية نعمة قدرية كونية. وهذه يشترك فيها المسلم الكافر فاذا تقرر ان النعمة منقسمة الى هذين القسمين علم ان لله سبحانه وتعالى على الكافر نعمة وهي النعمة القدرية الكونية. وهذه النعمة نعمة مقيدة بخلاف النعمة الدينية الشرعية فانها نعمة مطلقة. نعم تنبيه في قوله ابوء لك بنعمتك علي اعتراف واذعان بعظيم نعم المنان عليه وترادوا في الفضل والاحسان لديه وفي ظمن ذلك شكر من المنعم سبحانه تعالى والتبري من كفران النعم. قال جل شأنه لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد. وروى ابو داوود الترمذي وحسنه من حديث جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابلى بلاء من ابلي بلاء السلام عليكم. من ابلي بلاء فذكره. فقد شكره وان كتمه فقد كفره وروى الامام احمد اسنادا حسن عن النعمان بن بشير اسناده ضعيف نعم. وروى الامام احمد باسناد حسن عن النعمان بن بشير رضي الله عنه مرفوعا من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل والتحدث بنعمة الله عز وجل شكر وتركها كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب. وروى الطبراني بسند حسن عن سخبرة بمهملة بمهملة ثم معجمة فموحدة وزن مسلمة رضي الله عنه رفعه من اعطي فشكر وابتلي صبر وظلم فاستغفر وظلم فغفر اولئك لهم الاجر وهم مهتدون. وقال سليمان التيمي رحمه الله تعالى ان الله عز وجل انعم على عباده بقدر طاعة وكلا الشكر بقدر طاقتهم وكل شكر وان قل ثمن فكل شكر وان قل ثمن لكل نوال وان جل فاذا المرء فقد عرض النعمة للزوال ووسمها بسمة الاضرار وفي كلام بعضهم ان حقا على من لعب بنعم الله عز وجل ان يرسل له بان الله اياها وقد قيل الشكر قيد للنعم الموجودة وصيد للنعم المفقودة وقالوا غفران النعم بوار ووسيلة الى الفرار وفي كلام سيدنا علي ابن ابي طالب رضي الله عنه اذا وصل اليكم اطراف النعم فلا تنفروا اقصاها بقلة الشكر وفي كلام بعضهم. استدعي شارد الشكر واستدم راهنا بلزوم حسن الجوار حصن نعمتك من الزوال بكثرة العطايا والفضال وفي كلام الجنيد قدس الله سره وقد سئل عن الشكر وهو هو الا يعصى الله سبحانه وتعالى بنعمه. فنحو هذا قول سيدنا الامام علي رضي الله عنه في حديثه الطويل الذي رواه عنه كميل ابن زياد النخاعي. كما عند ابي وغيره في ذم بعض حملة العلم الذي يستعمل الة الدين للدنيا يستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على عباده فهذا عصى الله سبحانه بنعمه استظهر بنعمه جل شأنه فاستظهر بنعمه جل شأنه على عباده واختاله وتكبر وتعاظم وتجبر فقد كفر النعمة وقال الامانة فما اجدره بسرعة سلبها عنه ونزعها منه لانه عرضها للنفور وانعام الباري سبحانه لا تقر عندك فور والله ولي الامور قوله رحمه الله تعالى في وصف الجنيه تقدس الله في الدعاء للجنيد قدس الله سره ان كان المراد بالسر القدرة على التصرف كما يعتقده بعض ارباب التصوف في حقيقة السر فهذا معنى باطن. وان كان المراد بالسر ما اختص به من المعارف والكمالات فهذا جائز كالدعاء بقول قدس الله روحه اي طهرها وكملها فاذا قيل قدس الله سره على ارادة الدعاء له بتطهير ما له من الكمالات والمعارف كان ذلك جائزا. فكلمة السر كلمة تشتمل على معنى حق ومعنى باطل. ولولا اجتناب مثل هذه الالفاظ او بالرحمة. وقوله رحمه الله تعالى بعد ذلك ونعم الباري لا تقر عند كفور. شبيهة بكلمة بديعة قالها العلامة عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى ان النعم اذا شكرت واذا كفرت فرت. ان النعم اذا شكرت قرت واذا كفرت فرت نعم قوله ابو اي ارجع على نفسي بالاقرار والاعتراف بذنبي اي اثني فالذنب هو الاثم والجمع ذنوب وجمع الجمع ذنوبات قال بلسان عربي ذنب الاثم والجرم والمعصية انتهى وانما سمي ذنبا لتوقع المؤاخذة عليه لترتبها على فعله. ويشمل فعل كل محظور وترك كل واجب من ترك الصلوات ومنع الزكاة وعدم صوم رمضان والحج الى بيت الله الحرام. مع الاستطاعة وترك شكر النعم. والحاصل انه اعترف بكل ذنب من تقصير في اداء واجب او فعل محظور من موبقات الذنوب كالزنا واكل الربا. وقتل النفس والسحر والفرار من الزحف اذا لم يزد اذا لم يزد العدو اذا لم يزد العدو على ضعف المؤمنين قوة الا متحرفا لقتالا ومتحيزا الى فئات وعقوق الوالدين. ومن فعل كل كبيرة وصغيرة من الذنوب المترتب عليها من الذنب والحوض من الذم والحوض من علام الغيوب الا ان يعفو عن عبده او يتوب العبد فيتوب الله عليه تنبيه نعلم ان الذنوب على قسمين ترك فريضة وهي معصية ابليس لعنه الله تعالى وفعل محرم وهي معصية ابينا ابينا ادم عليه الصلاة والسلام فقد امر ابليس بالسجود فابى وادم عليه السلام نهي عن الاكل من شجرة فاكرة وما عبيء ثم ان الله سبحانه وتاب على ادم لتوبته وبقي ابليس اللعين على حوبته ثم تنقسم من حيث اصولها الى اربعة اقسام ربوبية وشيطانية وبهيمية وسبعية ربوبية تشبه العبد الذليل بصفة مولاه الجليل من الرفعة والعظمة والكبرياء والعز والغنى والقهر والاستيلاء فمن تشبه بشيء ذلك فقد نازع الربوبية حقها واوجب على نفسه خرقها والشيطانية التشبه الشيطان الرجيم من الحسد والبغي والحيلة والخداع والغش والدعوة الى المعاصي والكفر والبدع والضلال فمن فعل شيئا من ذلك فسلفه فيه ومقتضاه عدو الله ابليس الخسيس والبهيمية التشبه بالصفات من الشدة والحرص على قضاء شهوة البطن والفرج كيف اتفق ذلك ومن ايات الشعب والزنا والسرقة والخيانة والفرقة وكل اموالنا واكل اموال الايتام من مال الحرام والبخل والادخار لقضاء الاوتار وعدم حفظ الجوار والسبوعية. التشبه بالصفات السباع من العقب من من من العقب والحقد ومنها يتشعب القتل وايذاء الخلق واغتصاب اموالهم. واول ما يستولي على الانسان البهيمية فاذا وتزايدت قوته دخلت عليه السبوعية فاذا قويت فكرة معكوسة ولم يوفق قسط ولم يوفق استعملته ولم يوفق استعملته في المكر والخداع والحيال والابتدائي ثم يدخل عليه منازعات الربوبية حقوقها حينئذ تعظم البرية وتكبر الرزية. سبق ان ذكرنا قسمة الذنوب بهذا الاعتبار في التقريرات على الفصول المقروءة من كتاب الذريعة. فمن ارادها فليرجع الى ذلك. وما ينبه مما عليه مما يتصل بهذا الموضع ان النوع الاول الاولى تسميته كما ذكر ذلك شيخ الاسلام وتلميذه ابن القيم المالكية اي المنسوبة الى خصال الملوك فان خصال الملوك فيها البطش والقوة والاستعلاء والقهر والغنى فنسبتها اليهم اولى من نسبتها الى الربوبية فتكون اصول الذنوب ملكية وشيطانية وباهيمية وتفسر المالكية بما فسر به المصنف الربوبية. نعم. ثمان الذنوب تنقسم الى قسمين بالنظر الى ضررها ومزيد العقوبة عليها ان لم يعفو العفو الغفور الى كبيرة وهي ما فيه حد في الدنيا ووعيد وما فيه حد في الدنيا وعيد في الاخرة وزاد شيخ الاسلام ابن تيمية تقدس الله روحه او جاء وعيده بنفي ايماننا او لعن على فعله والى صغيرة وهي كل معصية ليس بها ذلك والتوبة من الجميع واجبة خلافا لمن لم يوجبها من الصغائر لكونها تقع مكفرة باجتناب الكبائر والوضوء والصلوات كما في قوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم مدخلا كريما. فقوله الذين يجتنبون ونكبائر الاثم والفواحش الا اللمم. والصواب وجوبها مطلقا لقوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم الى قوله تعالى وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون. فامر بالتوبة عقب ذكر الصغائر والكبائر وامر بالتوبة من الصغائر في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء فان عسى ان يكن خيرا منهم. عسايكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون. قال الامام الحافظ ابن رجب ومن الناس من لم يجب التوبة من الصغائر وحكي عن طائفة من المعتزلة ومن الناس من قال يجب الاتيان باحد امرين التوبة وهو مكفر الذنوب من تلك الحسنات والحق المعتمد وجوب التوبة مطلقا والله الموفق ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا قسمة الذنوب باعتبار ضررها وهي منقسمة الى قسمين. اولهما الكبيرة وهي ما نهي عنه للتحريم على وجه التعظيم. ما نهي عنه للتحريم على وجه تعظيم هذا هو الحد الجامع السالم من الاعتراض وما عداه فانه يرد عليه اعتراضات. واما الصغيرة فهي ما نهي عنه للتحريم لا على وجه التعظيم. ما نهي عنه للتحريم لا على وجه التعظيم والتوبة منهما جميعا واجبة على القول الصحيح كما ذكر المصنف. نعم. قوله فاغفر لي يا جميع ذنوبه ولفظ الذنب في الدعاء وان كان مفردا فانه يعم كل ذنب لانه مضاف لياء المتكلم كما اشرنا اليه انفا. والغفران والمغفرة والتكفير متقاربة المعاني فالغفران والمغفرة مأخوذة من الغفر وهو الستر فكأنها ستر الذنوب او وقاية شرها مع سترها ولهذا سمي كما ستر الرأس ما ستر الراس وقعوا في الحرب مغفر ولا يسمى كل ساتر للراس مغفرة. فقد اخبر الله سبحانه وتعالى عن الملائكة عليهم السلام انهم يدعون للمؤمنين التائبين بالمغفرة ووقاية السيئات والتكفير والتكفير من هذا الجنس لان اصل الكفر الستر والتغطية ففرق بعض المتأخرين بين المغفرة والتكفير بان التكفير محو اثر الذنب حتى كأنه لم يكن والمغفرة تتضمن من ذلك افظال الله العبد واكرامه قال الحافظ ابن رجب في شرح الاربعين النووية وفي هذا نظر قال وقد يفسر بان مغفرة الذنب بالاعمال الصالحة بقلبها صلاة وتكفيرها بالمكفرات تمحوها فقط ثم نظروا فيه ايضا قال لانه قد صح ان الذنوب المعاقبة عليها بدخول النار حسنات ومكفرة بعمل صالح تكون كفارة لها او لا؟ قال ويحتمل معنيين اخرين احدهما ان المغفرة لا تحصل الا مع من عقوبته المؤاخذة لانها وقاية شر الذنب بالكلية والتكفير قد يقع بعد العقوبة فان المصائب الدنيوية كلها مكفرات للخطايا وهي عقوبات وكذلك العفو يقع مع العقوبة وبدونها وكذلك الرحمة. الثاني ان الكفارات التي جعلها الله لمحو الذنوب المكفرة بها المكفرة بها ويكون ذلك هو ثوابها ليس لها ثواب غيره والغالب عليها ان تكون من جنس مخالفتها والنفوس وتجشم مشاقك اجتناب الكبائر التي جعل الله كفارة للصغائر. واما الاعمال التي تغفر بها الذنوب فهذا ما عدا ذلك ويجتمع فيها المغفرة والثواب عليها كالذكر الذي من الحسنات وتمحى به السيئات. وعلى هذا الوجه فيفرق بين الكفارات من الاعمال وغيرها. واما واما تكفير الذنوب ومغفرتها اذا اضيف ذلك الى الله كفر الله ذنبه وكفر سيئاته فلا فرق بينهما وعلى الوجه الاول يكون بينهما فرق ايضا تنبيه روى الترمذي عن ابي ذر ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن فظاهر هذا الحديث كظاهر قوله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات وما شابه ذلك من الاثار ان السيات تحى من صحف الملائكة الحسنة اذا عملت بعدها فقد قرطية العوف بلغني انه من بكى على خطيئة محيت عنه كتبت له حسنة. وعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه هما من ذكر خطيئة عملها فوجد قلبه منها فاستغفر الله عز وجل لم يحسبها لم يحسبها شيء لم يحبسها شيئا حتى عنه الرحمن فقال بشر بن الحارث بلغني عن الفضيل بن عياض قال بكاء النار يمحو ذنوب العلانية وبكاء الليل يمحو ذنوب السر. فقالت طائبة لا تمحى الذنوب من صحائف الاعمال بتوبة ولا غيرها بل لابد ان يوقف عليها صاحبها ويقرأها يوم القيامة واستدلوا بقوله تعالى ووضع الكتاب ترى المجرمين مشفقين مما فيه فيقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرته ولا كبيرة الا احصاها وبهذا نظر لانه انما ذكر فيها حال المجرمين وهم اهل الجرائم والذنوب العظيمة. وهم اهل وهم اهل الجرائم والذنوب العظيمة. فلا يدخل فيهم المؤمنون التائبون من ذنوبهم او المغفورة ذنوبهم بحسناتهم. واظهر من هذا الاستدلال بقوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة الخير يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. فقد ذكر بعض المفسرين ان هذا القول هو الصحيح عند المحققين. وروي عن الوصلي وبلال بن سعد الدمشقي قال الحسا الحسن في العبادة فالحسن في العبد بذنب. قال الحسن في العبد يذنب ثم يتوب واستغفر يغفر له ولكن لا يمحاه من كتابه دون ان يقف عليه ثم سأله عنه ثم بكى الحسن بكاء شديدا وقال لو لم نبكي الا الحياء من ذلك المقام لكان ينبغي لنا ان نبكي وقال بلال بن سعد ان الله يغفر الذنوب ولكن لا يمحوها من الصحيفة حتى يوقف يوم القيامة وان تاب وقال ابو هريرة رضي الله عنه يدني الله العبد يوم القيامة فيضع عليه كنفه ويستره من الخلائق كلها دعوا اليه كتابه بالستر فيقول اقرأ ابن ادم اقرأ يا ابن ادم كتابك ويقرأ فيمر على الحساة فيبيظ لها وجهه ويسر جاء قلبه فيقول اتعرف يا عبدي؟ فيقول نعم؟ فيقول اني قبلتها منك فيسجد. فيقول ارفع رأسك وارجع في كتابك فيمر بالسيئة فيسودها ويوجب منها قلبه وترعد منها فرائسه من الحياء من ربه. ما لا يعلمه غيره فيقول اتعرف يا عبدي؟ فيقول نعم يا ربي فيقول اني قد غفرتها فيسجد فلا يرى من الخلائق الا السجود. حتى ينادي بعضهم بعضا طوبى لهذا العبد الذي لم يعصي الله قط ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين الله عز وجل مما قد وقفه عليه واصحاب هذا القول يحملون احاديث محو السيئات بالحسنات على محو عقوباتها دون محو كتابتها من الصحف. والحاصل ان الله تعالى يغفر الذنوب للعبد المؤمن بالحسنات والتوبة والمكفرات والاعتراف. فمن ثم اعترف العبد في هذا الدعاء اي بالذنب واقر به على نفسه ثم طلب من الله الغفور الرحيم ان يغفره له بمنه وكرمه ثم نفض يديه من الحول والقوة والتجأ الى سعة عفوك بالله وغفرانه معترفا بذنوبه وانه لا يغفرها الا هو بقوله فانه ان شأن اي الشأن والامر لا يغفر الذنوب وحده ان لا يغفر الذنوب وحدك لا شريك لك والاعتراف يمحو الاقتراف كما قيل فان اعتراف المريم اقترافه كما ان انكار الذنوب ذنوب ومنه الاقرار بالوحدانية استجلاب المغفرة وهو كقوله سبحانه وتعالى والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله فاثنى على المستغفرين وفي ضمن ثنائه عليهم بالاستغفار تنويح بالامر به. كما قيل ان كل شيء اثنى الله على فاعله فهو امر به وكل شيء ذم فاعله فهو ناهي عنه كما في الفتح. ولما كان العبد لا ينفك عن نعمة يشكر عليها مولاه ومصيبة ومصيبة ومصيبة يصبر بها يصبر عليها امتثالا لامر الله ورضاء بقضائه ومعصياته يستغفر الله ويتوب اليه منها فيكون اذا انعم الله عليه اذا ابتلاه وصبر واذا اذنب اعترف بذنبه واستغفر. اعترف في هذا الدعاء بالذنب وطلب من مولاه غفرانه لانه لا يغفر الذنوب الا هو سبحانه بعد بعد اعترافه بالنعم المترادفة عليه. ففي ضمن الاعتراف بالذنوب بعد الاعتراف بالنعم اعتراف بتقصير الشكر كما نبهنا عليه سابقا. ولما كان العبد مبتلى الشهوة والغفلة والغضب وكان الشيطان مسلطا على الانسان في هذه الدار وله عليه اعوان من نفسه كان لا بد وان ينال منه لان دخوله عليه من هذه الابواب يسهل ولو احترز العبد اذ لابد ما له من غفلة ومن شهوة ومن غضب والناس تطلب وتتمنى فقد كان ادم ابو البشر احكم الخلق احكم الخلق وارجح عقلا واثبتهم احكم الخلق وارجحهم عقلا واثبتهم ومع هذا فلم يزل به عدو الله حتى اوقعه فيما اوقعه في فما الظن الحلم ومن عقله في جنب عقل ابيه كتفلة في يم غير ان عدو الله لا يخلص من المؤمن الا غيرة على غرة وغفلة فيوقعه بالذنب ويظن انه لا يستقبل ربه بعده ان نتلك الزلة قد اجتاحتها هلكته عفو الله ومغفرته وراء ذلك. فاذا اراد الله سبحانه بعبده خيرا فتح له من باب التوبة الاستغفار والندم والانكسار والذل والافتقار ودوام التضرع والابتهال والدعاء والاحتفال. ما تكون تلك السيئات سبب رحمته حتى يقول عدوه حتى يقول عدو الله يا ليتني تركته ولم اوقعه فيها وهذا معنى قول بعض السلف ان العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة ويعمل الحسنة يدخل بها النار. قالوا قال يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه خائفا منه مشفقا راجلا. باكيا نادما مستحيا من ربه ناكس الرأس بين يديه. وكسر القوم فيكون ذلك الذنب له من طاعات كثيرة لما ترتب عليه من هذه الامور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب الجنة ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه ويتكبر بها ويرى نفسه. ويعجب بها ويستطيل بها ويقول فعلت وفعلت ما يورثه من والكبر والفخر والاستطالة ما يكون سبب هلاكه. فاذا اراد الله بهذا المسكين خيرا ابتلاه بامر يكسره به. ويذل به عنقه ويصغر به نفسه عنده ومن اراد به غير ذلك قل هو عجبه وكبره. وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه فان العارفين كلهم مجمعون على على على زن التوفيق ان لا يكلك الله الى نفسك. فمن اراد الله به خيرا على ان التوفيق كلهم مجمعون على ان التوفيق ان لا يكلك الله الى نفسك فمن اراد الله به خيرا فتح له باب الذل والانكسار ودوام اللجأ الى الله والافتقار بالذنوب والاوزار ورؤية عيوب نفسه وكثرة الاستغفار ومشاهدة فضل ربي واحسانه وبره وجوده وامتنانه. قال الامام المحقق ابن القيم في هذه الكلم الطيب عن ابي اسماعيل الانصاري شيخ الاسلام وامام العارفين صاحب كتاب منهج للسائلين. العارف يسير الى الله بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب سوى العمل قال ابن القيم فالعالم سائر الى الله بين هذين الجناحين لا يمكنه ان يسير الا بهما فمتى فاته واحد منهما فهو كالطير الذي فقد احد قال وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سيد الاستغفار ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت جمع في قوله ابوء لك الى اخره بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل. ومشاهدة المنة توجب له المحبة والحمد والشكر لولي النعم احسان ومطالعة بالنفس والعمل يوجب الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت والا يرى نفسه الا مفلسا. قال واقرب باب دخل منه العبد على باب الافلاس فلا يرى لنفسه حال ولا مقام ولا سببا يتعلق به. ولا وسيلة ولا وسيلة منة يؤمن بها. بل يدخل على الله من باب الافتقاد والافلاس وحد دخول من قد كسر الفقر والمسكنة قلبه. حتى وصلت تلك الكسرة الى سويداء قلبي وانصدع وسمنت الكسرة من كل جهاته ضرورته الى ربه وفقته فاقرأه اليه وان له بكل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة باقة تامة وضرورة كاملة الى ربه. وانه ان تخلى عنه طرفة عين هلك وخسر خسرانا لا يجبر الا ان يعود الله عليه ويتداركه برحمته فمن بنى سلوكه الى الله على هذين الاصلين اعني ومشاهدة عيب النفس والعمل لم يظفر عدوه به الا على قرة وغفلة وما اسرع ما ينعشه الله ويجبره ويتداركه ويتدارك ويرحمه ولا سيما مع اعترافه بذنوبه وانه لا يغفرها الا هو سبحانه. كما ذكر الحافظ ابن رجب في شرح الاربعين النووي من حديث سعيد ابن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوع نية الله تعالى بالمؤمنين يوم القيامة فيقر فيقربه حتى يجعله حتى يجعله بحجابه من جميع الخلق فيقول له اقرأ ويعرفه ذنبا ذنبا اتعرف اتعرف؟ فيقول نعم نعم فيلتفت العبد يمنة ويسرة فيقول الله عز وجل لا بأس عليك يا عبدي انت بستر من جميع خلقي ليس بيني وبينك اليوم احد يطلع على ذنوبك غيري اذهب فقد غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما اتيتني قال ما هو يا ربي؟ قال كنت لا ترجو العفو من احد غيري وفي حديث ابي ذر المرفوع. واسناده ضعيف يقول الله عز وجل من علم منكم اني ذو قدرة على المغفرة ثم استغفرني غفرت له ولا ابالي. وفي حديث علي مرفوع ان ربك لا يعجب من عبده قال رب اغفر لي ذنوبي اعلم عبدي انه لا يغفر الذنوب غيري. فمن اعظم اسباب المغفرة ان العبد اذا اذنب ذنبا لم يرجو مغفرته من غير ربه ويعلم انه انه لا يغفر الذنوب ويأخذها لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره. وفي حديث ابي ذر القدسي يرفع عنك ما دعوتني ورجوتني غفرت ما غفرت ما كان منك ولا ابالي يعني على كثرة ذنوبك وخطاياك فلا يتعاظمني ذلك ولا يستكثره. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم اذا دعا احدكم فليعظم الرغبة فان الله لا يتعاظمه شيء. فذنوب العباد وان عظم اسمه عبد الله ومغفرته اعظم منها. فهو فهي صغيرة في جنب عفو ومغفرته وفي صحيح حاكم عن جابر رضي الله عنه ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يقول واذنوباه مرتين او ثلاثة فقال له صلى الله عليه وسلم قل اللهم مغفرتك اوسع من ذنوبي ورحمتك ارجى عندي من عملي فقالها ثم قال له عد فعاد ثم قال له عد فهد فقال قم فقد غفر الله لك وفي هذا يقول بعضهم يا كبير الذنب عفو الله من ذنبك اكبر ويا عظيم الذنب في بعفو وعظيم الذنب في جنب عفو الله يصغر. وقال الامام الشافعي رضي الله عنه تعاظم لي ذنبي. فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك اعظما. فقال غير يا ربي ان عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بان عفوك اعظم. بان عفوك كاعظم ان كان لا يرجوك الا محسنا ان كان لا يرجوك الا محسن فمن الذي يرجو ويدعو المجرم ما لي اليك وسيلة الا الرجا وجميل عفوك ثم اني مسلم. تنبيها الاول من اسباب المغفرة الاستغفار والاستغفار وطلب المغفرة وتقدم انها وقاية شر الذنوب مع سترها. وقد كثر في القرآن ذكر الاستغفار فتارة بصيغة الامر به كقوله واستغفروا ربكم ان الله غفور رحيم. فقولي وان استغفروا ربكم ثم توبوا اليه وتارة يمدح بمدح اهله. كقوله والمستغفرين بالاسحار وقوله وبالاسحار يستغفرون وقوله والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله وتارة نذكر ان الله يغفر لمن استغفره كقوله ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما خير ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة فيكون عبارة عن طلب. فيكون عبارة عن طلب المغفرة باللسان والتوبة عبارة عن الاقلاع عن الذنوب بالقلب والجوارح وتارة يفرد الاستغفار ويرتب عليه المغفرة كما في حديث انس ابن مالك رضي الله عنه عند الترمذي مرفوعا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عن ان نستعين ثم استغفرتني غفرت لك. وما اشبهه من الاحاديث فهل يراد به الاستغفار مقتنع بالتوبة او يراد به انه مقيد عدم الاصرار كما في ايتان عمران فان الله وعد فيها المغفرة لمن استغفره من ذنوبه ولم يصر على ما فعله فتحمل النصوص مطلقة بالاستغفار على هذا المقيد والتحقيق في هذا كله ان قولا قال اللهم اغفر لي طلب من الله المغفرة ودعاء بها فيكون حكمه حكم سائر فيكون حكمه حكم سائر الدعاء لله فان شاء الله اجابه وغفر لصاحبه ولا سيما اذا فرج عن قلب منكسر اذا اذا خرج اذا خرج عن قلب منكسر بالذنب او صادم ساعة اجابة كالاسحار وادبار الصلوات ويروى عن لقمان الحكيم انه قال لابنه يا بني لسانك اللهم اغفر لي فان لله ساعات لا يرد فيها سائل وقال الحسن اكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم واسواقكم وفي مجالسكم اينما كنتم فانكم لا تدرون متى تنزلون المغفرة. وروى ابن ابي الدنيا في كتاب حسن الظن من حديث ابي هريرة رضي الله الله عنه مرفوعا. قال بين رجل مستلق اذ نظر الى السماء والى النجوم فقال اني لاعلم ان لك رب خالقا. اللهم اغفر لي فغفر له وعن مبيد ابن سمية قال بينها رجل واسناده ضعيف. نعم. وعن مغيث ابن سمية قال بينها رجل بين رجل خبيث فتذكر يوما قال اللهم غفرانك اللهم غفرانك اللهم غفرانك ثم مات وغفر له ويشهد لهذا ما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم ان عبدا اذنب ذنبا فقال ربي اذنبت ذنبا فاغفر لي. قال الله عز وجل علم عبدي ان له ربا يغفر الذنوب ويأخذ يغفر الذنوب ويأخذ به فغفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم اذنب ذنبا اخر فقال مثل الاول مرتين اخريين. وفي رواية لمسلم انه قال في الثالث تفقد غفرت لعبدي فليعمل ما يشاء المعنى ما دام على هذه الحال كلما اذنب واستغفر. والمراد الاستغفار المقرون بعدم الاصرار كما في حديث الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما اصر من استغفر وان عاد في اليوم سبعين مرة رواه ابو داوود والترمذي واسناده حسن واما استغفار لساني مع اصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد ان شاء الله اجابه وان شاء رده وربما يكون الاصرار مانعا من الاجابة. وفي المسند من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون. وروى ابن ابي الدنيا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما التائب من الذنب كمن لا ذنب له والمستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه روي مرفوعا ورفعه منكر ولعله موقوف فقول القائل استغفروا الله مغفرته وهو كقوله اللهم اغفر لي فالاستغفار التام الموجب للمغفرة وما قارن عدم الاصرار قال بعض العارفين من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته وهو كاذب في استغفاره الثاني اعلم ان افضل الاستغفار ما اقترف به ترك الاصرار وهو حينئذ توبة نصوح واما قال بلسانه استغفر الله وهو غير مقلع بقلبه فهو داع لله. بالمغفرة كما يقول اللهم اغفر لي وهو حسن وقد يرجى له الاجابة. واما من قال هو توبة الكاذبين فمراده انه ليس انه ليس بتوبة كما يعتقده بعض الناس وهذا حق فان التوبة لا تكون مع الاصرار فان قال العبد قلت استغفر الله واتوب اليه فلو حالتان ان يكون مصرا بقلبه على ذنبه فهذا كاذب في قوله واتوب اليه لانه غير تائب ولا يجوز له ان يخبر عن نفسه بانه تائب وهو ليس بتائب وان يكون مقنعا عن المعصية بقلبه فالجمهور على على جواز قول التائبة توبوا الى الله وعلى جواز ان يعاهد العبد ربه على لا يعود الى المعصية ابدا فان العزم على ذلك واجب عليه فهو مخبر بما عزم عليه في الحال. ولهذا قيل ما اصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة وفي حديث كفارة المجلس استغفرك اللهم واتوب اليك وقطع صلى الله عليه وسلم سارقا ثم قال استغفر الله وتب اليه فقال استغفر الله واتوب اليه فقال صلى الله عليه وسلم اللهم تب عليه خرجه ابو داوود. واستحب جماعة من اسناده ضعيف. فاستحب جماعة من بالزيادة على قول استغفر الله واتوب اليه. وروي عنهما رأى انه سمع رجلا يقول استغفر الله واتوب اليه فقال له يا حميق. قال توبة من توبة من لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. وسئل الاوزاعي عن الاستغفار ايقول استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه. قال فان هذا لحسن ولكن يقول ربي اغفر لي حين يتم الاستغفار وكرهت جماعة من السلف قول الانسان واتوب اليه وهو قول الحنفية كما حكاه الطهاوي وقال ربيع ابن خزيمة يكون قوله واتوب اليه كذبة وذم كذبة وذنب ولكن يقول اللهم تب علي او يقول اللهم اني فتب علي وهذا قد يحمل على من لم يقلع بقلبه وكان بعض السلف يقول استغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم واسأله توبة نصوحة روي عن حذيفة رضي الله عنه انه قال بحسب بحسب المرء من الكذب ان يقول استغفر الله ثم يعود وسمع مطرف رجلا يقول استغفر الله واتوب اليه فتغيظني وقال لعلك لا تفعل. فظاهر هذا يدل على انه كره ان يقول اتوب اليه لان التوبة النصوح الا يعود الى الذنب ابدا فمتى عاد لي كان كاذبا في قوله واتوب اليه مع انه ثبت عن عائشة رضي الله عنها كما رواه الامام احمد والبخاري ومسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر ان يقول قبل موته سبحان الله وبحمده واستغفر الله واتوب اليه قالت فقلت يا رسول الله اراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده؟ قال اخبرني ربي اني اني سار على علامة في امتي فاذا رأيتها اكثرت من قولي سبحان الله وبحمده استغفر الله واتوب اليه فقد رأيتها اذا جاء نصر الله الى اخر السورة وكذا سئل محمد ابن كعب القرضي عمن عاهد الله الا يعود المعصية ابدا فقال من اعظم من اعظم من من اعظم من اثما؟ فتألى على الله الا ينفذ فيه قضاؤه فقال من اعظم منه اثما؟ يتألى على الله الا ينفذ فيه قضاءه مال الى قوله في هذا الامام محافظ ابو الفرج ابن الجوزي منا وروي نحوه عن سفيان ابن عيينة وهو مرجوح والله اعلم تتمة في ذكر بعض صيغ صيغ الاستغفار الواردة عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم وما ما تعاقب الليل والنهار منها ما رواه بلال ابن يسار ابن زيد قال حدثني ابي عن جدي انه سمع النبي صلى الله عليه يقول من قال استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه غفر له وان كان فر من الزحف رواه ابو داوود والترمذي وقال حسن غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه. قال الحافظ المنذري اسناده جيد متصل فقد ذكر البخاري في تاريخه الكبير ان بلال سمع من ابيه يسار وان يسار سمع من ابيه زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلف في يساري في يسار والد بلال هل هو بالباء الموحدة او هو بالياء المثناة وذكر البخاري في تاريخه انه بالموحدة ورواه الحاكم من حديث ابن مسعود وقال على شرطهما الا انه قال يقولها ثلاثة. وروى ابن الحديث حديث ضعيف اذ وقع فيه اضطراب وروى ابن السني في كتابه من حديث معاذ ابن جبل رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال بعد صلاة الفجر ثلاث مرات وبعد صلاة العصر ثلاث مرات نستغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه كفرت عنه ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر. ومنها ما اسناده ضعيف ايضا مم. ومنها ما رواه البيهقي عن انس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره فقال استغفروا الله واستغفرنا فقال اتموها سبعين مرة يعني فات منافق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد ولا امة يستغفر الله في يوم سبعين مرة الا غفر الله له سبع مئة ذنب فقد خاب ابة عمل في يوم او ليلة اكثر من سبع مئة ذنب ورواه ابن ابي الدنيا والاصفهاني ومنها وهو ضعيف. نعم ومنها ما رواه البيهقي عن اسناد رضي الله عنه في قوله تعالى فتلقا ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم. قال قال سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي انك انت التواب الرحيم. وذكر انه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن شك فيه. واسناده ضعيف ايضا ومنها ما بكتاب عمل اليوم والليلة للنساء عن خباب ان اردت قال قلت يا رسول الله كيف نستغفر الله؟ قال قل اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا انك ثواب رحيم وفيه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال ما رأيت احدا اكثر ان يقول استغفر الله واتوب اليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ما في السنن الاربعة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة قول رب اغفر لي وتب علي انك انت التواب الرحيم. ومنها ما في الصحيحين من حديث الصديق الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم ان يقول في دبركم لصلاة وهو الله اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا الى اخره وتقدمت ومنها ما في صحيح مسلم انه كان من اخر ما يقول صلى الله عليه وسلم بين التشهد والتسليم اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت وما اسرفت وما انت اعلم به مني انت المقدم وانت المغفر لا اله الا انت ومنها الصحيحين من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يدعو بهذا الدعاء اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي واسرافي في امري ان تعلموا بي مني اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما النت وما ان تعلموا به مني انت المقدم وانت المؤخر وانت على كل شيء قدير. الى غير ذلك ومنها ما في الصحيحين. ومنها في عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا اللهم اغفر لي وارحمني والحقني بالرفيق الاعلى وما احسن ما دعا به بعض الاعرابي وهو متعلق باستار الكعبة الشريفة وهو اللهم انا استغفار ان استغفاري مع اصراري على معصيتك لنؤمن. وان ترك الاستغفار مع علمي سعة عفوك لعجز. فلما احبب الي بالنعم مع غناك عني واتبغض اليك بالمعاصي مع فقري اليك. يا من اذا وعد وفى واذا توعد تجاوز وعفى ادخلة عظيمة جرم بعظيم عفوك يا ارحم الراحمين. قوله صلى الله عليه وسلم من قال في النار موقنا بها الضمير فيقال يعود الى الدعاء المذكور باعتبار الكلمات اي من قال الكلمات المذكورات من المسلمين في النهار. وظاهر هذا اطلاق سائر اوقات النهار وفي لفظهم ومن قال يصبح وموقنا بهاي مصدقا بها يشاء المصنف رحمه الله تعالى الى الاختلاف لوالدي في محل قولها فتارة جاء في ان ذلك يكون في النهار فيكون قولها متسعا في النهار كله وفي لفظ اخر من قالها حين يصبح وكلاهما في البخاري والمحفوظ ان هذا الذكر من اذكار الصباح والمساء وليس من اذكار الليل والنهار. وسيأتي تعين الصباح والمساء في كلام المصنف. نعم وموقنا بها اي مصدقا بها ومعتقدا لا لكونها من كلام معصوم الذي لا ينطقان الهوى ان هو الا وحي يوحى بخلاف من لم يكن بها موقنا فلا يحصل له ما ذكر ان لم يكن موقنا بما تضمنته من التوحيد فهو كافر فلا يقبل له عمل. ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه. وقوله وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلنا هباء منثورا. قوله فمات من يومه قبل ان يمسك فهو من اهل الجنة الى لانه افتتح نهاره بتوحيد الربوبية وتوحيد الالهية والاعتراف بالعبودية ومشاهدة المنة من اسنان النعم ومطالعة عيب النفس والعمل من مقاربة المعاصي واللمم وطلب المغفرة من الغفار وهو قائم على قدم الذل والانكسار وواقف على عتبة المسكنة والافتقار ضارع باكف الابتعاد والاحتقار يطلب الاقالة والرجوع يسفك الدماء والدموع يستمنح العفو والصفح ويتردد الدخول بالسلم والصلح. فلا جرم من كان هذا حاله هو فعله ومقاله جديرا بالعفو والغفران والعتق من من العتق من حر النيران ودخول في حزب الرحمن والخلود في الجنان لان الجواد يقبل توبة ان ابق من العباد اذ لا تضره المعاصي ولا تنفعه الطاعات ولا مراد لا اله الا هو. قوله صلى الله عليه وسلم ومن قالها من الليل وفي اللفظ حين يمسي وهو موقن فمات قبل ان يصبح وفي لفظ فمات من ليلته دخل الجنة وفي لفظ كان من اهل الجنة وحاصل هذا ان من قال الدعاء المذكور من اول النهار فمات منه فمات في ذلك اليوم كان من اهل الجنة من قاله من اول ليله فمات فمات في تلك الليلة كان من اهل الجنة ومراد ان يقولا ان يقوله صباحا قال الامام ابن القيم كشيخه الامام ابن تيمية وغيرهما من علماء هذا الشأن طرف النهار ما بين الصبح وطلوع الشمس وما بين العصر والغروب قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا والاصيل قال الجوهري هو الوقت بعد العصر الى المغرب وجمع اسر واصال كانه جمع واصيلة قال الشاعر العمري لانت البيت اكرم باهله واقعدوا في افنائه بالاصائب ويجمع ويجمع ايضا على اسلام مثل بعير وبعيران ثم صغروا الجمع فقال قصيلان ثم ابدلوا من النون لاما فقالوا الى ان قال الشاعر وقفت فيها اصيء صيلان اسائلها اعيت جوابا وما بالربع من احد فقال تعالى وسبح بحمد ربك بالعشي والابكار فالابكار اول النهار والعشي اخره. وقال تعالى وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب قال الامام ابن القيم في كتاب الكلم الطيب وهذا يفسر ما جاء في الاحاديث من قال كذا وكذا حين يصبح وحين يمسي ان المراد به قبل طلوع الشمس قبل غروبها وان محل هذا الاذكار بعد الصبح وبعد العصر انتهى ولا ريب ان هذا الدعاء من اوراد الصباح والمساء فظهر ان وقت الدعاء بعد الصبح وقبل طلوع الشمس صباحا وبعد العصر وقبل غروبها مساء والله اعلم. ذكر المصنف ها هنا ان محل اذكار الصباح والمساء وهذا الدعاء واحد منها ان دعاء الصباح بعد الفجر وان محل اذكار المساء بعد العصر. وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية والتلميذ ابن القيم. وصحيحه والله اعلم كما يدل عليه تتبع الاحاديث المنقولة في هذا ان اذكار الصباح بعد صلاة الفجر واما اذكار المساء فانما تكون بعد صلاة المغرب فان المساء اذا اطلق في الشرع لا يراد به الا ما كان في الليل ويدل على هذا حديث عثمان في السنن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال في صباح كل يوم وفي مساء كل ليلة. فاضاف المساء الى الليلة. والليلة لا تكون الا لا بعد غروب الشمس. واما التسبيح ها هنا فكثير من السلف الوارد في الايات كثير من السلف فسروه بصلاة الفجر وصلاة الصبح. ولولا نفسره بالصلاتين قلنا انه الذكر المطلق. فافضل محل للذكر المطلق هو البكرة الاصيل. نعم تنبيها الاول حكمة تخصيص هذا الدعاء بالصباح والمساء وترتيب الثواب عليه كذلك افتتاح كل من الصباح والمساء بالاقرار بالربوبية لله سبحانه وتعالى والاعتراف بالعبودية. افتتاح كل من الصباح والمساء بالاقرار بالربوبية والالهية لله سبحانه وتعالى والاعتراف عبودية ومشاهدة المنة ومطالعة الذنوب والامر والاعتراف بالساعة بساعة الحين اذ لم يعاجله بالنقم على عدم نعمه والتجري على معاصيه مع ترادف المنن منه عليه مع غناه عنه وشدة فقر العبد اليه سبحانه وتعالى فيكون قد افتتح الصباح بذكره والتوحيد والاقرار بالعبودية بالتقصير وتمام الافتقار وختمه بذلك ويرجى ان يكتب له سائر يومه طاعة وذكرا فان من كان اول عملي طاعة واخر او طاف وفي حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين. وفي حديث مرفوع ما من حافظين يرفعان الى الله تعالى صحيفة فيرى في اولها خيرا وفي اخرها خيرا قال الله للملائكة اشهدكم اني قد غفرت لعبدي ما بين طرفيها فاخرجه اخرجه الطبراني وغيره وهو موجود في بعض نسخ كتاب الترمذي واسناده ضعيف وروى الطبراني ايضا عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استفتح اول نهاره بخير وختمه بخير قال الله وجلني ملائكته لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب قال الحافظ المنذري اسناده حسن ان شاء الله. بل هو ضعيف وفي حديث اخر مرفوع ابن ادم اذكرني من اول النهار ساعة ومن اخر النهار ساعة اغفر لك ما بين ذلك الا الكبائر او تتوب من هذا ذكره الحافظ ابن مراجع في كتابه اللطائف. واسناده ضعيف ايضا قال الامام عبدالله بن المبارك من خدم نهاره بذكر الله كتب نهاره كله ذكرا. يشير الى ان الاعمال بالخواتيم فاذا كانت فاذا كان ختام ذكرا وهو اولى ان يكون حكم الذكر شاملا للجميع. والله اعلم. الثانية قوله صلى الله عليه وسلم من قالها موقنا بها حين يمسي مات من ليلته دخل الجنة وفي رواية وهو من اهل الجنة وعن الترمذي لا يقوله احد حين يمسي وياتي عليه قدره قبل ان يصبح الا وجبت له الجنة ولا يقولها حين يصبح يعني قدره قبل ان يمسي الا وجبت له الجنة لانه سبحانه لا يخلف الميعاد. ولا يذهب عليك ان الله لا يجب عليه شيء الا انه سبحانه لعظيم فضله وكرمه اوجب على نفسه ايقاع ذلك لوعده به. وهل المراد دخول الجنة من غير سابقة عذاب او لو عذب حينئذ فالفائدة من الدعاء ان صاحبه يموت على توحيد لا يقي بسعادة كرم الله تعالى والله الموفق. تتمة روى حديث روى حديث الاستغفار خير من ذكرنا من الائمة كبار الامام الحافظ ابو داوود وابن حبان والحاكم لكن من حديث بريدة رضي الله عنه. فروى ابو القاسم الاصبهاني وغيره من حديث رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس منا من حلف بالامانة وليس منا من خان امرأ مسلما في اهله وخان ومن قال حين يمسي وحين يصبح اللهم اني اشهدك بانك انت الله لا اله الا انت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك ابوء بنعمتك علي وبذنبه فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب غيرك. فان قالها من يوم ذلك حتى يصبح فمات من يومه ذلك قبل ان يمسي مات شهيدا قال احيانا يصيب مات من الاعتماد شهيدا واجساده ضعيف. وروى الطبراني في الكبير والاوسط واللفظ له من حديث ابي امامة الباري رضي الله عنه ورواه ابن ابي عاصم من حديث معاذ ابن رضي الله عنه قال ابو امامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين يصبح ثلاث مرات اللهم لك الحمد لا اله الا انت ربي وانا عبدك امنت بك مخلصا لك ديني اني اصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت اتوب اليك من شر عملي واستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها الا انت فان مات في ذلك اليوم دخل الجنة. وان قالها حين يمسي اللهم لك الحمد لا اله الا انت ربي ونعدك امنت بك مخلصا لك ديني اني امسيت على عهدك ووعدك ما استطعت واتوب اليك من شر عملي واستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها الا انت ومات من تلك الليلة من تلك الليلة دخل الجنة. قال ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلف ما لا يحلف على غيره يقول والله ما قالها عبد في يوم فيموت في ذلك اليوم الا دخل الجنة وقالها حين يمسي فتوفي في تلك الليلة دخل الجنة تعرف حديث معاذ رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه هذا الحديث السابق ضعيف ايضا نعم ولفظ حديث معاذ رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحلف ثلاث مرات لا يستثني انه ما من عبد يقول هؤلاء الكلمات بعد صلاة الصبح فيموت من يومه الا دخل الجنة وان قالها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة فذكر باختصار الا انه قال اتوب اليك من سيء عملي وهو اقرب من قوله من شر عملي لعله تصحيف قاله الحافظ المنذر وذكر الحافظ المنذري المذكور رحمه الله تعالى كل واحد من حديث حذيفة وابي وابو هامة ومعاذ بن جبل رضي الله عنه بصيغة وهي روي وهي في اصطلاحه في كتابه لما لا يتطرق الى احتمال التحسين والله سبحانه اعلم وهذا اشار المصنف رحمه الله تعالى هنا الى اصطلاح خاص بالمنذر في كتاب الترغيب والترهيب وهو انه جعل علامة على ما يريده من الدعاة ان يصدر حديث بقوله وروي وهذه الصيغة ليست على قانون واحد فمنهم من يريد بها التضعيف كالمنذري ومنهم من يريد بها تعداد المروي كما يفعله الترمذي في جامعه فيقول وروي من حديث فلان وفلان ويعدد فلا يريد الحكم عليه الاحاديث بهذا نعم وهذا ما اردت ايراده على حديث سيد الاستغفار من الفوائد النفيسة والعوائد الانيسة مع عدم الوقوف على من تقدمني على شرحه الا في الكتب المجملة غاية ما رأيت من شرحه لا يبلغ ورقة واحدة. فلقد جمعت لك هذه الجمعيات من عدة كتب الله لك لو بذلت غايته لا يمكنك الوقوف عليها. لا ايمكنك الوقوف او الوقوف على جميعها مع ما زدت من ضاحك لامهم وتنقيح عبارات من مشي السقام. ويكفي لذي الالمام ويروي من ويروي من الاواب ويبري من الالام فظن به فظن به وظن به خيرا فلك غمه وعلي غرمه ولك صفه وعلي هفوة ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم عدد ما كانوا وعدد ما يكون. وعدد ما الى يوم القيامة والحمد لله رب العالمين نجز تسويدها نهار الجمعة لثمان خلت من جمادى الثانية سنة الف ومئة وستين من الهجرة النبوية على صاحبه الصلاة والسلام علقه فقير لربه الخائف وصمة ذنبه محمد ابن احمد. السفاريني الحنبلي عفي عنه امينا وهذا اخر التقرير على هذا المجلس نفع الله عز وجل جميعا به وغفر لنا ذنوبنا ما نؤمله فيه والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين