السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمد عبده ورسوله اما بعد فهذا هو الدرس الرابع والعشرون من برنامج الدرس الواحد الثامن والكتاب المقروء فيه هو كتاب ذم الخمر. للحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة الحافظ عبدالرحمن ابن احمد ابن رجب السلمي الدمشقي. يكنى بابي الفرج ويعرف بابن رجب. المقصد الثاني تاريخ مولده ولد صبيحة الخامس عشر من شهر ربيع الاول سنة ست وثلاثين وسبعمائة المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في شهر رجب سنة خمس وتسعين وسبعمئة وله من العمر تسع وخمسون سنة فرحمه الله رحمة واسعة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا الاول تحقيق عنوانه اسم هذا الكتاب ذم الخمر. والشاهد على صحة هذه التسمية امران احدهما وجود هذا الاسم على قرة مجموع عند مخطوط فيه عدة مصنفات لابن رجب والاخر ان ابن عبد الهادي صاحب الدر المنظل ذكره في جملة تأليفه. المقصد بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب ذم الخمر. ببيان قبحها وابراز مضارها وذكر عقوباتها في الاخرة المقصد الثالث توضيح منهجه بنى المصنف رحمه الله تعالى رسالته عن النقل المحض في اكثرها. فشحنها بالاحاديث النبوية. والاثار والحكاية ايات المفصحة عن ذم الخمر ومضاره وعقوباته. ولم يعقد رحمه الله تعالى انا في اثناء ذلك شيئا من التراجم. فجاءت هذه الرسالة في نسق واحد دون فصل نعم بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع الحاضرين والمستمعين ولسائر المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى خرجت دار قطني باسناد ضعيف من حديث ابن عباس مرفوعا الخمر ام الخبائث واكبر الكبائر من شربها وقع على امه وعمته وخالته. قال عثمان وروي مرفوعا الصحيح وقفه قال اجتنبوا الخمر ام الخبائث فانه كان رجل ممن كان قبلكم كان يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غاوية فارسلت اليه فقالت انها تدعوك لشهادة فدخل. فطفقت كل ما دخل بابا اغلقته دونه حتى افضى الى امرأة وعندها غلام وباطية خمر. فقالت انما دعوتك لتقتل هذا الغلام او تقع علي او تشرب كأسا بيت صحت وفضحتك فلما رأى انه لابد له من ذلك قال لها اسقيني كأسا فسقته ثم قال زيديني فلم فلم يرمي حتى وقع عليها. فلم فلم يرم حتى وقع. فلم يرم حتى وقع عليها وقتل الغلام فاجتنبوا الخمر فانه لا يجمع الايمان وادمان الخمر في صدر رجل ابدا. الا يوشك احدهما ان يخرج صاحبة وفي الدارقطني ايضا عن عبد الله ابن عمر مرفوعا الخمر ام الخبائث وروي عنه ايضا انه قال قال وجدته في التوراة. وفي مسند ابن وهب عنه مرفوعا هي اكبر الكبائر وام الفواحش فلا تشرب الخمر فاينا مفتاح كل شر ومن شربها ترك الصلاة ووقع على امه وخالته وعمته. وفي حديث معاذ رضي الله عنه في المسند لا تشربن خمرا فانها رأس كل فاحشة. وعن عثمان رضي الله عنه قال مجمع الخبائث ثم انشأ يحدث ان رجلا خير بين ان يقتل صبيا او يمحو كتابا او يشرب خمرا. فاختار ان يشرب شرب الخمر فما هو الا ان شربها حتى صنعهن جميعا. وعن عثمان رضي الله عنه قال اياك والخمر فانها مفتاح كل شر اوتي رجل فقيل له اما ان تحرق هذا الكتاب واما ان تقتل هذا الصبي واما ان تسجد لهذا الصليب واما ان تفجر بهذه المرأة واما ان تشرب هذا الكأس فلم يرى شيئا اهون عليه من شرب الكأس. فشرب الكأس وفجر بالمرة وقال قتل الصبي وحرق الكتاب وسدد للصليب فهي مفتاح كل شر. وعن مجاهد قال قال ابليس اذا سكر ابن ادم اخذنا بخزامته فقدناه حيث شئنا. بخزامته. احسن الله اليك. اخذنا بخزامى فقدناه حيث شئنا. وعمل لنا بما احببنا. وعن وهب بن منبه قال قال الشيطان اذا سكر ابن ادم قلنا والى كل شهوة كما تقاد العير باذنها. ويذكر من ام الذي رأى بعرفة انه قد غفر للناس الا لفلان من امره كذا وكذا وانه لما دل عليه سأله فاخبره انه سكر ثم جاء الى امه فنهته فاخذها فالقاها في التنور وهو مسجور. ذكره ابن ابي الدنيا ورويت بسياق طويل غريب ذكره ابن الجوزي في كتاب البر والصلة وفي تفسير لمردويه باسناده عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما انهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ملكا من بني اسرائيل اخذ رجلا فخيره بين ان يشرب الخمر او يقتل نفسا او يزني او يأكل لحم الخنزير او يقتلوه فاختار ان يشرب الخمر. فانه لما شربا لم يمتنع من شيء ارادوه منه. وقصة هارون وماروت في هذا المعنى خرجها احمد من رواية ابن عمر مرفوعة وقد تكلم فيها. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا الاثار والاخبار الدالة على ذم الخمر. ومراده تقبيح الخمر. ولاجل هذا لم يتعرض لما يدل على حرمتها. لان هذا ليس مقصوده وانما بيان المقبح لها. فمن جملة ما اورده ما اخرجه الدارفقني باسناد ضعيف مرفوعا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الخمر ام الخبائث. ومعنى ام الخبائث اصلها الجامع لها كما قال عثمان موقوفا عليه الخمر مجمع الخبائث. والاصل الجامع للاشياء يسمى اما ومنه سمي اعلى الراس اما ومنه سميت مكة ام القرى لان القرى ترجع اليها. ومنه ما يقوله اهل العربية وغيرهم اصل الباب كذا وكذا كقولهم اصل ادوات الاستثناء الا وهلم جرة فالمراد الاصل الذي يرجع اليه وينتشر فيه ثم اتبع هذا الحديث بالاثر المروي عن عثمان وساقه بالفاظ متعددة. وهو صحيح عنه موقوفا وروي عنه مرفوعا ولا يصح. واورد فيه قول عثمان اجتنبوا الخمر. ام الخبائث ثم ذكر حامل على ذلك فقال فانه كان رجل ممن كان قبلكم كان يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غاوية فارسلت اليه خادمها فقالت انها تدعوك لشهادة فدخل فطفهقت كلما دخل بابا اغلقته دونه حتى افضى الى امرأة وضية وعندها غلام وباطية خمر فقالت انما دعوتك لتقتل هذا الغلام او تقع علي او تشرب كأسا فان ابيت صحت وفضحتك فلما رأى انه لابد له من ذلك قال لها اسقيني كأسا ظانا انه الاخف فسقته ثم قال زيديني فلم يعني بادر ولم ينتهي حتى وقع عليها فعجل ذلك بعد ان كان ممتنعا منه وقتل الغلام وقع في كل ما ارادته منه بسبب الخمر. ثم قال عثمان فاجتنبوا الخمر فانه لا يجمع الايمان هو ادمان في سدر رجل ابدا الا يوشك احدهما ان يخرج صاحبه. فالخمر تنازع الايمان وسيكتب مصنف هذا المعنى فيما اقبل ثم اورد في هذا المعنى في ان الخمر ام الخبائث حديثا لا يصح عن عبد الله ابن عمر ثم اتبعه او برواية عنه ايضا في مسند ابن وهب وهي لا تصح وكذلك حديث معاذ من بعده لا يصح ثم رجع الى روايات اخرى اخرى في الوقوف عن عثمان رضي الله عنه. ثم نقل قول مجاهد قال ابليس اذا سكر ابن ادم اخذنا والخزامى الحبل الذي يعلق في انف الجمل فيقاد به. فجعل الشيطان السكران بهذه المنزلة فانه اذا فقد عقله صار بمنزلة البهيمة التي يسهل قيادها ويفعل فيه الشيطان بعد ذلك ما اراد كما قال وعمل لنا بما احببنا. وذكر ايضا من الاثار المروية في هذا عن وهب ان الشيطان يقول اذا سكر ابن ادم قدناه الى كل شهوة كما تقاد العير باذنها ثم ذكر القصة المشهورة عن رجل كان مسرفا على نفسه في شرب الخمر فدخل مرة على امه فلما رأت ضجرت منه فوعظته ونصحته وكانت تخبز الخبز في التنور. فغضب من زجها ووعظها فاخذها عياذا بالله ورماها في التنور فاحترقت ثم افاق بعد ذلك فاشتد حزنه وعظم خطبه وكثرت توبته وصلاحه في حاله اثار منها عما جاء عن مالك بن دينار انه رأى في المنام من غفر له ومن لم يغفر في الموقف فرأى ان ذلك الرجل لم يغفر له لعظيم ذنبه الذي اصابه. وهذه قصة مشهورة ذكرها جماعة من السلف الرجل بعينه ومنهم المصنف نفسه في كتاب لطائف المعارف في ابواب رمضان ثم بعد ذلك الاثر المرفوع عند ابن مردوي في تفسيره عن عبد الله ابن عمرو واسناده ضعيف ثم ذكر ان مما شهر في هذا المعنى قصة هاروت وماروت. وقصة هاروت وماروت قصة مشهورة وهو انهما ملكان انزلهما الله ابتلاء للملائكة لما عجبت من انزال ادم وذريته واستخلافهم في الارض فانزل الله عز وجل هاروت وماروت افتتن بالزهرة اذ جعلت اي الكوكب المعروف جعلت امرأة اصاب اراد ان يصيب منها فابت عليهما حتى قيل غلاما فابي فعرظت عليهم الخمر فشربا فقتل الغلام ثم وقع عليها وهذه القصة قصة لا تصح ابدا. وهي مأخوذة من كلام اهل الكتاب اما عن كعب. ابن ماتع الحميري المعروف بكعب الاحبار او غيره. والصحيح في تفسير هذه الاية من سورة البقرة وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلماني من احد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر. ان الله عز وجل انزل دينك الملكين ابتلاء للخلق فجعل من الجار على يديهما فتنة الخلق بتعليم السحر مع تصريحهما بان ذلك كفر. فالله عز وجل جعلهما ابتلاء لبني ادم. كما في قصة الملكي الذي جاء للاقرع والاعمى والابرص في صورته ابتلاء لهم فكذلك هذان ملكان صالحان انما انزلا ابتلاء. والشرك الموجود في الارض منه ما يرجع الى ما انزله الله عز ابتلاء على يد دينك الملكين وما انزل على الملكين بباب واما مما بثته الشياطين في عهد لسليمان عليه الصلاة والسلام. السحر الموجود في الارض من هذا او من ذاك. هذا مرجعه وهذا تفسير الاية البين الواضح دون حاجة الى تلك القصص التي لا يصح منها شيء. ومما ينبه اليه ان كثيرا من الاي عجب العلم في تفسيرها عند كثير من الناس لاشتغالهم بمثل تلك القصص والاحاديث الواهية المروية فيها فكثير من كتب التفسير شحنت بقصة هاروتا وماروت وفسرت الاية بذلك وهذه القصة لا تصح ابدا والاية ظاهرة لا تحتاج الى كبير مشقة في فهمها ونظائرها في القرآن الكريم كثيرا مما يكون فيه تفسير الاية واضحا جليا ثم بعد ذلك يتكلم فيه الناس بكلام لا طائل تحته كقصة الغرانيط والخلاف في صحتها وضعفها ومعنى الاية فيها والاية واضحة بينة مع القصة او بدون القصة. وعامة ما يقع للناس في التفسير انهم يحجبون عنه بمثل هذه الامور. وقد شكى عبد الحميد ابن باديس رحمه الله تعالى الى شيخه محمد ما يجده من اختلاف المفسرين وتعارض اقوالهم في فهم كلام الله سبحانه الا فارشده الى نصيحة انتفع منها انتفاعا عظيما فقال اجعل قلبك كالمصفاة فاتركي الغث وخذي الصحيح لتستريحي. فامتثل هذا ومن اعظم ما يعين على ذلك ان يتقوى الانسان في العلوم الاصلية والالية ثم يشتغل بالنظر في كلام الله سبحانه وتعالى دون مطالعة كلام المفسرين. ثم ينظر بعد ذلك في كلام المفسرين فان هذا اعون له على تدبر القرآن وفهمه. نعم واعلم ان شرب الخمر فيه مفاسد في الدين وعقوبات في الاخرة. لما فرغ المصنف من ذم الخمر شرع يبين مفاسده الدينية وعقوباته الاخروية. نعم. اما مفاسدها في الدين فمتعددة. منها نزع الايمان كما في الصحيحين لا يشرب الخمر وحين يشربها وهو مؤمن وتقدم قول عثمان لا يجتمع الايمان وادمان الخمر في صدر رجل الا يوشك ان يخرج احدهما اصاحبه وقد جاء اطلاق الكفر والشرك على شرب الخمر وتشبيه شاربه بعابد الوثن. ففي النسائي عن عبد ابن عمر مرفوعا من شرب الخمر فجعلها في بطني لم تقبل منه صلاة سبأ. وان مات فيها مات كافرا. فان اذهبت عقله عن شيء من الفرائض لم تقبل منه صلاة اربعين يوما. وان مات فيها مات كافرا وروي موقوفا ومرفوعا عن عبد الله من وجوه شتى والموقوف لعله اشبه. وروى خيثمة عن عبدالله موقوفا. هي اكبر الكبائر اي من شربها نهارا ظل مشركا. ومن شربها ليلا بات مشرك. وروي مرفوعا ولا يصح. وفي المسند ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا مدمن الخمر ان ما تلقي الله كعابد وثن. خرجه ابن حبان في صحيحه وفي حديث خرجه ابن الجوزي في الواهيات شارب الخمر كالذي يعبد اللات والعزى وهذا لان مدمنها اعكف عليها ولا يكاد يفيق منها فيصير كالعاكف على الاوثان. كما قال علي رضي الله عنه في الشطرنج وقد روي عنه ان اصل دين مجوسية انه كان لهم دين وكان عليهم ملك يشرب الخمر فسكر فوقع اختي ثم ادعى ان الله اباحه ثم خد لمن خالفه وخاديد وابرم فيها النار. فيقتحم الناس قادفون فيها حتى ان كانت المرأة لتجيء بالصبي ترضعه. فيقول يا امه اقتحمي فان عذاب يا اهون من عذاب الاخرة. خرجه يعقوب بن شيبة. وكلما ادمن الخمر واكف عليها نقص ايمانه وضعف ونزع منه فيخشى انه يسلبه بالكلية عند الموت. وقد وقع ذلك في حكاية ذكرها عبدالعزيز بن ابي وكان عبدالعزيز يقول اتقوا الذنوب فانها اوقعته. وعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال لان احب الي من ان اشرب الخمر لان السكران تأتي عليه ساعة لا يعرف فيها ربه في ذلك اثر اسرائيليون لله عز وجل. وفي صحيح مسلم انهى عن كل ما اسكر عن الصلاة. وقال الله الا انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فلا سعادة للعبد ولا فلاح بدون ذكر الله والصلاة ذلك حرم عليه الاشتغال بكل ما صد عن ذلك. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا من مفاسد شرب الخمر الدينية انها ينزع بسببها الايمان من العبد. كما في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن. فشرب الخمر ليس من افعال المؤمنين وهو مؤذي بنقصان الايمان فاذا شرب المؤمن الخمر فقد زال كمال ايمانه ولم يبقى معه الا اصل الايمان واذا تمادى في شربها فربما بلغه هذا التمادي نزع اصل الايمان منه كما سيأتي في المصنف رحمه الله تعالى ثم ذكر ان من دلائل ان الايمان لا يجامع شرب الخمر انه قد جاء اطلاق الكفر والشرك على شرب الخمر وتشبيه شاربه بعابد وثن. وذكر في ذلك احاديث لا تثبت امثلها حديث مدمن الخمر ان مات لقي الله كعابد وثن وهذا الحديث صححه ابن حبان وغيره والاشبه ان ضعيف واحسن ما يقال في معناه هو ان مدمن الخمر يموت وقلبه معلق بهواه الذي هو شربها. كما ان عابد الوثني يموت وقلبه معلق بهواه. فكل واحد منهما له نصيب من قول الله تعالى افرأيت من اتخذ الهه هواه ثم ذكر بعد ذلك ما اخرجه ابن الجوزي ولا يصح شارب الخمر كالذي يعبد اللات والعزى. ووجه معناه توجيه توجيها حسنا بيانه ان مدمن الخمر يعكف قلبه عليها ولا يكاد يفيق منها كما ان الشرك له سكرة تجعل قلب صاحبه عاكفا على الاوثان ثم اورد بعد ذلك اثارا واحاديث ومنها قوله صلى الله عليه وسلم انهى عن كل ما عن الصلاة اي عن كل ما سبب غفلة العبد وتضييعه للصلاة ومن ومن ذلك الخمر كما قال الله عز وجل انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر صدكم عن ذكر الله وعن الصلاة. فالخمر يصد شربها عن ذكر الله. واذا صد شربها عن ذكر الله اضعف الايمان في قلب صاحبها. نعم ومنها سخط الله عز وجل. وذكر رحمه الله تعالى من ما يصدق ما ذكرنا ان العبد اذا تمادى في شرب الخمر ضعف حتى ربما نزع اصل الايمان منه. القصة المشهورة التي رواها ابن ابي الدنيا وجماعة ان عبد العزيز بن ابي قد حضر رجلا يلقن كانوا يقولون لا اله الا الله فكان اخر ما قال هو كافر بذلك فسأل عبدالعزيز عنه فاذا هو مدمن خمر وكان عبدالعزيز يقول اتقوا الذنوب فانها اوقعته يعني اوقعته في الكفر وهذا معنى قول ابن القيم في الفوائد الذنوب جراحات ورب جرح اصاب مقتل اي رب جرح كان فيه عطب الانسان وهلاكه واخراجه من الاسلام بالكلية الى الكفر. نعم منها سخط الله عز وجل وفي المسند ان اسمع بنت يزيد مرفوعا. من شرب الخمر لم يرضى الله عنه اربعين ليلة. فان ما كما تكافر وان تاب تاب الله عليه. اسماء بنت اسماء بنت يزيد بنتي يزيد انت وانتهي من نوع من الصرف. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا من مفاسد الخمر سخط الله عز وجل على العبد واورد في ذلك حديث اسماء عند احمد واسناده حسن. وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم من من شرب الخمر لم يرضى الله عنه اربعين يوما. وجاء تفسير عدم الرضا انه لا في حديث صحيح اخر وانه لا تقبل له صلاة اربعين يوما. ومعنى عدم القبول عدم الاثابة عليها. فيجب عليه ان يصلي لكن يكون في تلك الحال لا ثواب له. واذا كان على تلك الحال فمات فان مات مات كافرا اي مات ال كحال الكافرين لان الكافرين لا ثواب لهم على اعمالهم. وهو اذا مات في تلك الحال مات في زمن لا ثواب له على عمله فيه والمقصود اس عمله وهو الصلاة هذا معنى فان مات مات كافرا وليس معناه انه يكون قد خرج بذلك من الاسلام. وان تاب تاب الله عليه. نعم ومنها منع قبول الصلاة والتوبة وخرج النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من حديث عبدالله ابن عمرو مرفوع من شرب الخمر وسكر لم تقبل له صلاة اربعين صباحا. فان مات دخل النار وان تاب تاب الله عليه. وعند النسائي لم تقبل له توبة اربعين صباحا. وفي مسند ابن وهب سخط الله عليه اربعين يوما وان سكر الرابعة يرضى الله عنه حتى يلقاه. وفي الترمذي عنه مرفوعا بعد الرابعة وان تاب لم يتب الله عليه وسقاه من طينة الخبال وان صح حمي على انه لا تهيئ له توبة نصوح بعد ذلك ويكون ذلك من احاديث الوعيد وفي رواية من شرب خمرا نجسا من شرب خمرا نجسا بخس الصلاة فشرب من شرب خمرا نجس بخست من شرب خمرا نجس بخست صلاته اربعين يوما. خرج ابو داوود من حديث ابن عباس فمن وقبول الصلاة اربعين يوما بالسكر ومتاع دمه لم تقبل له صلاة جمعة كذا روي عن عبد الله ابن عمه مرفوعا وموقوفا ولو لم يكن للسكران الا قدوة مناجاة الرحمن لكفى وبعدا. يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا من مفاسد شرب الخمر. انه يمنع صاحبه له قبول الصلاة والتوبة. واورد في منع قبول الصلاة. حديث عبدالله بن عمرو وهو حديث صحيح فيها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لم تقبل له صلاة اربعين صباحا. وهذا هو معنى قول في الرواية الاخرى لم يرضى الله عنه اربعين ليلة ومعنى قوله لم تقبل له توبة اربعين صباحا فالله عز وجل معرظ عنه بعدم قبول صلاته وعدم قبول صلاته التي هي اعظم الاركان العملية في الاسلام اجعله على خطر من تباعده من الايمان وخروجه من الاسلام على هذا يحمل معنى انه لم تقبل له توبة اربعين صباحا هو انه لا يتهيأ له ذلك بل يكون الله سبحانه وتعالى معرضا عنه فلا يوفق الى التوبة فان الله عز وجل تواب على خلقه باعتبار توفيقهم اليها وباعتبار قبوله لهم منها. فاذا نفيت التوبة عنه اريد بها نفي تيسرها اليه فكأن الله عز وجل يعاقبه بحجزه عن التوبة وهذا مثل الحديث الاخر وفيه ضعف ان الله لا يقبل توبة صاحب بدعة اي لا ييسر له اسبابها لتجاري الهوى به فيكون من عقوبته حرمانه من الاسباب الميسرة لتوبته. ثم اورد الفاظا اخرى لا تصح. نعم. عقوبات شارب الخمر. واما العقوبات هذا من المحقق وليس هذا ليس من صلب الكتاب العناوين الداخلية هذه ليست من صلب الكتاب. وهذا هداه الله قد اخطأ فلم يظعها حتى بين معقوفتين وان كان الاولى عدم ادخالها ابدا. نعم. والعقوبات فمنا دنيوية وهي شرعية كالقتل بعد الرابعة وفيه كلام معروف ومنها قدرية وهو المسخ قردة وخنازير والخسف. ففي سنن ابن وصحيح ابن حبان وغيره ليشربن اناس من امتي الخمر ويضرب على رؤوسهم بالمعازف يخسف الله بهم الارض ويجعل منهم قردة وخنازير. ومنها في البرزخ وسيأتي وقال مسروق ما من ميت يموت وهو ويزني او يسرق او يشرب الا جعل معه في قبره شجاعان ينهشانه الى يوم القيامة. وقال سهل الانبا اتيت رجلا قد احتضر فبينما انا عنده افصاح صيحة اخذ منها ثم وثب فاخذ بركبتي فافزعني فقلت لهما قضيتك قال هو ذا حبشي ازرق عيناه مثل السكرجتين. غمزني غمزة اخذت اخذت منها فقال لي موعدك الشعير الظهر فسألت عنه اي شيء كان يعمل؟ فسألت عنه اي شيء كان يعمل؟ قيل كان يشرب النبيذ بعد ان فرغ المصنف من بيان مفاسد الخمر شرع يبين عقوباتها فذكر ان من عقوباتها عقوبات دنيوية اي محلها الدنيا وتلك العقوبات الدنيوية نوعان احدهما العقوبات الشرعية القتل بعد الرابعة وفيه كلام معروف فان العلماء رحمهم الله تعالى اختلفوا في الاحاديث الوالدة في قتل مدمن الخمر بعد الرابعة. خلافا طويلا وقد تعرض المصنف رحمه الله تعالى هذا في شرح كتاب علل الترمذي في اوله. والصحيح ان قتل مدمن الخمر بعد الرابعة ليس من الحدود بل هو تعزير موكل الى ولي الامر. فاذا رأى انه قد تجارى في شرب الخمر وتمادى وان انه لا ينحسب فساده الا بقتله جاز له ان يقتله. اما كون ذلك حدا فان النصوص ودلالاتها لا تقوى على ذلك والنوع الثاني من العقوبات الدنيوية العقوبات الدنيوية القدرية. وهو المسخ قردة وخنازيرا والخسف بهم وثبت في ذلك الحديث المشهور وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليشربن اناس من امتي خمرا ويضرب على رؤوسهم بالمعازف يخسف الله بهم الارض ويجعل منهم قردة وخنازيرا. ان يقلبوا سورهم مسخا الى قردة وخنازير. وهذا هو حديث المعازف الذي علقه البخاري وافاض اهل العلم في بيان في صحته ودلالته كابن القيم في اغاثة اللهفان وغيره. ثم ذكر ان من العقوبات عقوبات تكون في البرزخ وسيأتي ذكر شيء منها واورد في ذلك قصة من القصص التي تزجر بها القلوب. نعم. ومن في الاخرة وهي انواع فمنها العطش يوم القيامة ففي المسند عن قيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمرة عطشانا يوم القيامة. وعن عبدالله بن عمرو قال في التوراة الخمر مر طعمها اقسم الله بعزتي لمن شربها بعد ما حرمتها لاعطي لاعطشنه يوم القيامة. ذكر رحمه الله تعالى من العقوبات الاخروية ها هنا التعطيش يوم القيامة واورد فيه حديثا لا يصح ولعله مما تلقي من اهل الكتاب كما روي عن عبد الله ابن عمرو انه قال في التوراة الخمر مر طعمها الله بعزته لمن شربها بعد ما حرمتها لاعطشنه يوم القيامة. نعم. ومنها الخلق تشويه الخلق وقبح الهيئة يوم القيامة. روى الاجري باسناد عن عبدالله بن عمرو قال لا تسلموا على شرف على شربة الخمر ولا تعودوا مرضاهم ولا تشهدوا جنائزهم ان شارب الخمر ياتي يوم القيامة مائل شقه عيناه يندلع لسانه على صدره يسيل العفو على بطنه. يتقذره كل من رآه. وعن احمد ايتننن او لا يصلي الامام وعلى من مات مدمن خمر. ذكر المصنف رحمه الله تعالى من العقوبات الاخروية لشارب الخمر ان يتشوه خلقه وتقبح هيئته يوم القيامة. واورد في ذلك اثرا عن عبد الله ابن عمرو وهذا الاثر معلق عند البخاري بالجملة الاولى فقط ومعلوم ان عبد الله بن عمرو له اخذ عن اهل الكتاب فيشبه ان يكون هذا مما نقله عنهم ثم ذكر عن احمد رواية في ترك الصلاة من الامام على مدمن الخمر اي تعزيرا له تنفيرا للناس من فعلته وانما ذكرها رحمه الله تعالى بعد هذا لان اثر عبد الله ابن عمرو زاد على ذكر تشويه الخلق وقبح الهيئة من بيان ما يجب من هجران شربة الخمر وترك عيادة مرضاهم. وهذا اصل شرعي في الفسقة انهم يعاقبون تعزيرا بهجرهم بما يستصلحون به. فان صلحوا به وكان رادعا لهم عن جرمهم كان ذلك سائغا. وان لم يكن الهجر له منفعة فانه يطوى ولا يبسط نعم. ومنها الشرب من صديد اهل النار. ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل مسكر حرام ان على الله عهدا لمن يشرب الخمر لمن يشرب الخمر ان يسقيه من طينة الخبال قالوا يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال عرق اهل النار او عصارة اهل النار. وفي المسند عن ابي امامة وان اقسم ربي بعزتي لا يشرب عبد من ابيه بجرعة من خمر الا سقيته مكانا من حميم جهنم معذبا او مغفورا له وفي المسند وصحيح ابن حبان عن ابي موسى مرفوعا من مات مدمن خمر سقاه الله من نهر الغوطة قيل وما نهر الغوطة؟ قال نهر يجري من فروج المومسات يؤذي اهل النار ريح فروجهم وخرج بعض المتقدمين وهو نشوان فمر بقرية فيها خمر كثير فتمثل بهذا البيت وطير ابادي ما مرض كرم ما مرضت به. وطيرنا كأنه طيرنا باد كرم ما مرضت به. وطيرنا باد كرم مررت به الا تعجبت ممن يشرب الماء الا تعجبت ممن يشرب الماء بي هاتف من تحت شجرة يقول وفي جهنم ماء ما تجرأه عاص فابقى له في الجوف امعاء المصنف رحمه الله تعالى من العقوبات الاخروية الشرب من صديد اهل النار وفيه حديث جابر في صحيح مسلم وهذه العقوبة من اصح العقوبات مع الحرمان من شرب الخمر في الاخرة كما سيأتي. ومن كان كذلك شاربا للخمر فان على الله عهدا كما في هذا الحديث ان يسقيه من طينة الخبال وطينة الخبال كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم قال عرق اهل النار او عصارة اهل النار. ومحل هذا اذا لم يتب فان من تاب تاب الله عليه. لكن مما وهو يشربها نفذ فيه استحقاق هذا العذاب. ثم ذكر بعد ذلك حديثا اخر وهو حديث امامة وفيه ظعف ثم اتبعه بحديث ابي موسى في نهر الغوطة وهو نهر يجري من خروج المومسات وهذا الحديث ضعفه جماعة والاشبه ان هذا الحديث لا بأس باسناده فلا يرقى الى التصحيح وانما هو من قبيل الحسن ثم ذكر بعد ذلك قصة الهاتف الذي قال وفي جهنم ماء ما تجرعه عاص فابقى له في الجوف امعاء اه يعني لشدته نعم. ومنها ان شربها في الدنيا يمنع شرب خمر الاخرة. وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الاخرة. وفي رواية فمات وهو ومدمن وفي رواية ثم لم يتب منها زاد النسائي وابن ماجه في رواية لو ما عن ابي هريرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شراب اهل الجنة ومن ترك شربها شربها في الاخرة. وفي المسند عن ابي امامة وان اقسم ربي بعزتي لا يدعو عبد من عبيدي من مخافتي لا سقيته من حظيرة القدس. وخرجه الاسماعيلي من حديث علي وزاد فيه يأتيه اهل الجنة يشربون فيه يكرمهم الله بذلك. اي انهم يجتمعون في حظيرة القدس يشربون الخمر وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال في التوراة لمن تركها بعد ما حرمتها الا سقيته في حظيرة القدس افليس من الغبن كل الغبن تعجل شرب هذه الخبيثة المفسدة للعقل والدين. مع زمرة الفساق والشياطين وترك شرب الخمر المطهرة التي هي لذة للشارب في حظيرة القدس مع الذين انعم الله من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ليلة مناما طويلا وفي اخره رأيت ثلاثة نفر يشربون خمرة ويتغنون فسألت عنهم فقالوا هؤلاء زيد ابن حارثة جعفر وعبدالله ابن رواحة فمال اليهم فسلم عليهم وذلك بعد ان استشهدوا بمؤتتة رضي الله عنهم ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة عقوبة اخروية اخرى. وهي ان من شرب الخمر في الدنيا يمنع شرب خمر الاخرة واورد احاديث يصح منها اولها فقط وهو حديث ابن عمر مرفوعا من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الاخرة والمقصود بذلك من مات وهو يشربها دون توبة. اما من تاب فان الله يتوب عليه. فاذا مات العبد من اهل الاسلام وهو يشرب الخمر فانه اذا ادخل الجنة لا يكون من اهلها المتلذذين بها. هذا هو القول الصحيح من اقوال اهل العلم ان من كان من اهل الاسلام مات شاربا للخمر فعوقب على ذلك ثم دخل الجنة كان من عقوبته انه لا يتلذذ بخمر الجنة. وهذا فيه اشكال. هذا القول الراجح وهو اختيار شيخنا ابن باز فيه اشكال وهو ان الداخل للجنة الذي يحرم شيئا من نعيمها يلحقه ايش؟ يلحقها ايش لا هو عقاب الجنة ليست دار عقاب يلحقه يلحقه الم يلحقه الم المرء مفطور اذا رأى قرينا له معه شيء ليس معه الا يلحقه الم؟ فمن باب اولى ان متلذذات الجنة يلحقها الم. فكيف نجيب عن هذا ها يا خالد كيف ما تشوف نفسه اليه ونقول يكون حاله حال من فاته شيء دون ان يلحقه نقص يكون حاله حال من فاته شيء ولم يلحقه نقص كمن يكون في منزلة في الاخرة دون منزلة من هو فوقه فان من يكون في درجة في الجنة وفوقه غيره من المؤمنين لا ريب ان نعيم الاعلى اعلى. ولكنه لا يلحقه حزن ان ادخاله فيها جعله في حال فوت دون نقص. فهو حال من فاته شيء لكنه لا يحس بنقص. اذا ما الفائدة اذا كان فوته النفس؟ الفائدة ان ذلك يكون زيادة نعيم لغيره. ان ذلك يكون زيادة نعيم لغيره فالذي لم يشرب الخمر في الدنيا يتنعم نعيما زائدا عن من شربها في الدنيا ولم يتب منها نعم ومنها اقامة الحد عليها في البرزخ استشهد رجل في زمن السلف وكان يشرب بعض الانبذة المختلف في حلها فروي في المنام وهو متشح بحلة خضراء فقيل له ما فعل الله بك؟ قال ما تراه صانعا بالشهداء غفر لي وادخلني الجنة قال فلما ولي قال فلما ولى نظرت الى اثار السياط بظهره فقلت له مكانك قال اوارأيت قلت فقال قل لابي وكان ابوه يومئذ حيا الذي كان الذي كنا نشد هذي نوع من الاشربة المحرمة نعم ذاك الداب الذي كنا نشرب انا وانت لا تشرب فاني انا الذي قتلت في سبيل الله لم اترك ان جلدت عليه حدا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا من عقوباته اقامة الحج عليها في البرزخ وليس في دلائل القرآن والسنة ما يدل على ذلك ومثل هذه الحكاية لا يثبت بها اصل. نعم واعلم ان شرب الخمر لو لم يرد لو لم يرد الشرع بتحريمه لكان العقل يقتضي تقبيحه لما من ازالة العقل الذي به شرف الادمية على الحيوانات فيصير مشاركا لبقية البهائم او اسوأ حالا منهم فمنهم من يتلطخ نجاسات ولا قذار والقيء ومنهم من يتشبه بالخنزير او يقتل او يجرح فيشبه الشفاع الجوارح كالكلب العقول ونحوه ايها الشارب للخمر تنبه لجنايتها فانت لبيب. انها للستور هتكم بالالباب فاتكم ذنوبك ولهذا حرمها كثير من اهل الجاهلية قبل الاسلام. قال بعضهم جاء الى احب خلق الله اليه فافسده. يعني العقل وربما يصير المجنون الذي يصرع احسن حالا من السكران. قال ابو واسحاق الفزاري رأيت مجنونا يصرع يسوي رأس سكران ورؤيا سعدون معتوه جالسا عند رأس شيخ سكران يذب عنه فسئل عنه فقال هذا مجنون. فقيل له انت مجنون او هو؟ قال بل هو ثم قال لاني صليت الظهر والعصر جماعة ولم يصلي هو جماعة ولا فرادى. فقيل له هل قلت في ذلك شيئا؟ قال نعم. تركت النبيذ لاهل النبيذ واصبحت اضمان قراحا لان النبيذ واصبحت اشرب ماء ماء قراحا لان النبي اذا يذل العزيز ويكسو وجوه النضار القباح. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان العقل قاض بتقبيح الخمر ولو لم دمها في الشرع لسوء اثرها على شاربها فهي تزيل العقل وتجعل الانسان بمنزلة البهيمة ولهذا فان كثير من العقلاء من اهل الجاهلية عزفوا عنها ولم يشربوها. ثم ذكر من احوال السكارى ما يدل على هذا. نعم. فالواجب بالتوبة من جميع المعاصي فربما فاجأت المنية بغتة على غير توبة فيصبح المرء في زمرة الموتى نادما مع الخاسرين وقد تقدم ان الوعيد مشروط بعدم التوبة وفي حديث ابي هريرة لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن والتوبة معروضة ثم بعد ذلك كان رجل من الصين يكنى ابا عم بنصيبينا. كان رجل بنصيب بنصيبينا بنصيبهم يكنى ابا عمرو وكان مدمنا على شرب الخمر فشرب ليلة ثم نام فاستيقظ مرعوبا نصف الليل فقال اتاني ات في فقال لي جد بك الامر ابا عمرو وانت معكوف على الخمر تشرب صهباء صراحية سال بك السيل ولا ثم نام فلما كان وقت الفجر مات فجأة وسكر اخر فناما الى عشاء الاخرة وكانت امرأته ابنة عمي وكانت دينة فجعلت توقظه للصلاة. فلما الحت عليه حلف بطلاقها البتة الا يصلي ثلاثا. فلما اصبح كبر عليه ابنة عمه فبقي يومين لم يصلي لاجل يمينه فعرظت له علة فمات وفي هذا انشد بعضهم اتأمن ايها السكران جهلا بان تفجاك في السكر المنية فتضحى عبرة للناس ضرا وتلقى الله من شر البرية قال الله تعالى ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. وفي الحديث الندم توبة فلا لابد من ندم واقلاع وعزم على بالكلية. اما من عزم على المعاودة ولو بعد حين فليس بتائب. قيل ابن المبارك من مدمن الخمر قال الذي يشربه اليوم ثم لا يشربه الى ثلاثين سنة ومن رأيه اذا وجده ان يشربه وكثير من العصاة يترك الشرب في الايام الفاضلة كرمضان فقط ومن نيته المعاودة بعد انقضاء وهذا مدمن ليس لا سيما ان عد الايام. وطال عليه الشعر حتى يعود. الشعر. طالعين شهر رمضان يعني وقال عليه الشعر حتى يعود ولهذا اذا قرب الشهر جد في الشرب ليتودع منه ثم يعاود الشرب عند انقضاء وانشذب اذا العشرون من شعبان ولت فواصل شرب ليلك بالنهار ولا تشرب باقداح صغار فان الوقت ضاق الصغار واقبح من ذلك اخذ بعض الجهلة هذا الكلام من باب الاشارات ودعواهم ان له سرا لا يفهمه الا الخواص وان في اشارة الى مبادرة العمر بالطاعة عند اقتراب الاجل. واخذ هذا من هذا الكلام قبيح جدا وهو كاخذ الاخر السر من قول قائلهم الزجاج ورقت الخمر وتشاكلا فتشابه الامر كانهما خمر ولا قدحما كانما خمر كأنما خمر كأنما خمر ولا قدح وكأنما قدح ولا خمر فإن هذا ظاهر وانما يؤخذ منه الفسق ولكن يدعي بعض الجالة ان في سرا اراده القائل وهذا السر اقبح من ظاهره حيث كان ظاهره الفسق وهذا الباطن مشار اليه وهو ان الخالق والمخلوق اتحدا حتى صارا شيئا واحدا لا يميز العارف بينهما وهو السر اليه عندهم فهذا الشعر ونحوه اما ان يؤخذ منه الفسق او الكفر. وانما تؤخذ الاسرار الربانية من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم او كلام السلف الصالح او الاشعار الحكيمة التي فيها الحكمة. والمقصود هنا ذكر التوبة يا نداما يا صحا القلب صحا فاطرد عني الصبا والمرح هزم العقل جنودا للهوا سادة لا تعجب عن صلحا زجر الوعد فؤادي فرعى وزفاق القلب مني وصحى. بادر التوبة من قبل الردى فمناديه ينادي ينادينا لوحا ينادينا الوحى. ينادينا ينادينا الوحى الوحى يعني السرعة. ينادينا الوحى الذكر المصن رحمه الله تعالى في اخر هذا بعد ان قرر دم الخمر وتقبيحها ذكر ان الواجب المبادرة الى التوبة من جميع المعاصي خشية ان تفجأ المنية بغتة على غير توبة. وقد تقدم ان الوعيد فيما سلف مشروط بعدم التوبة فمن مات ولم يتب تحقق فيه ذلك الوعيد او صار مستحقا لذلك الوعيد. واورد قصصا في هذا المعنى زجر الوعظ فؤادي فارعوى وافاق القلب مني وصحى. زجر الوعظ فؤادي فرعوا وافاق القلب مني وصح الابيات ان داما يا صحا القلب صحا فاطردا عني الصبا والمرح هزم العقل جنودا للهوى سادتي لا ان صلح زجر الوعظ فؤاد فارعوى وافاق القلب مني وصحى. بادر التوبة من قبل الردى فمناديه ينادينا الوحى يا هذا نعم. يا هذا اعرف قدر لطفنا بك وحفظنا لك انما نهيناك عن المعاصي صيانة لك وغيرة عليك لا الى امتناعك ولا بخلا بها عليك لما عرفتنا بالعقل حرمنا عليك الخمر لانها تستره شيء به عرفتنا لا يحسن بك انت لكان كل ما يقطع المعرفة بيننا وبينك لا كان كل ما يحجب بيننا وبينك يا شارب الخمر لا اتغفل؟ يكفيك شكرا جهلك؟ لا تجمع بين خطيئتين. يا من باشر بعض القاذورات اغتسل منا بالانابة فقد زال الدرن طهروا درن القلوب بدمع العيون فما ينفعها غيرها. يا من قد درنا قلبه بوسخ الذنوب لو اغتسلت والانابة لطهرت لو شربت من شراب التوبة لوجدته شرابا طهورا. يا اوساخ الذنوب يا ادران العيون هذا مغتسل بارد وشراب مجالس الذكر للمذنبين شراب المواعظ شراب المحبين وترياق المذنبين. قد علمت كل ناس مشربهم غدا درنا عليكم اليوم شراب التشويق ممزوجا بماء التخويف فبالله لا يقم احد منكم منها هذا الا وقد اناب الى الكريم الوهاب اليس من اهل الشراب من يبكي ومن ام يضحك ومنهم من يطرب ومنهم من يتملق الناس ويتعلق بهم ومنهم من تثر نفسه فلا يرضى فلا يرضى الا بان يطلق او يضرب بالسيف ومنهم من ينام فاكل شراب المواعظ يعمل في السامعين فمنهم من يبكي على ذنوبه ومنهم من يضحك من اين مطلوبه ومنهم من يضحك فرحا ومنهم من يتشبث بأذيال واصيل لعله يعلق خطى مراحلته على قطارهم ومنهم من لا يرضى حتى يبت ضاق الدنيا ثلاثا انه يقتل هوا نفسه بسيف العزم كالمعربد ومنهم من لا يدري كالنعيم ايقضان انت اليوم ام انت وكيف يطيق النوم حيران هايم. فلو كنت يقضان الفؤاد لحرقت محاجر عينيك الدموع السواجم. بل اصبحت في النوم الطويل وقد دنت اليك امور مفظعات مظائن تسر بما يفنى وتفرح بالمنى كما سر بالنذات في النوم حالم نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والردى لك لازم. وتذهب فيما سوف كذلك في الدنيا تعيش البهائم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ورضي الله عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعين سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين المصنف رحمه الله تعالى بهذه الموعظة اللطيفة وهي حسنة الجمل لكنه بناها على جعل شراب المواعظ شراب هؤلاء. وسبق ان ابا العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر ان بين هذه الحال وتلك فرقا من وجهين احدهما ان المواعظ مما امر الله سبحانه وتعالى به. وهذه الخمر مما حرمها. فكيف يجعل ما امر الله به واذن نظير ما حرمه سبحانه وتعالى. والثاني ان الخمر تكمل زوال العقل والمواعظ تزيد بعقول اهلها لزيادتها صلاحهم. هذا معنى كلامه وهو في اخر الرسالة التي قرأناها في اول مجلس في هذا البرنامج وقوله رحمه الله تعالى في اول هذه الموعظة الصفحة الثانية والثمانين لما عرفتنا بالعقل حرمنا عليك الخمر العقل بالله باعتبار كونه الة المعرفة لا باعتبار انه دليل مستقل يوصل الى معرفة الله عز وجل ولكنه الة بهذه المعرفة ولاجل هذا جعل خطاب الامن والنهي شرطه كما يذكرون التكليف. والتكليف احد ركنيه العقل ففي هذا الاعتبار تصح هذه الجملة وهذا اخر التقرير على هذا المجلس والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه