لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا هو الدرس الخامس من برنامج الدرس الواحد الرابع والكتاب المقروء فيه هو حقيقة العلم والعلماء للعلامة الالباني رحمه الله تعالى وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين ابن نوح ابن نجاة الالباني مولدا الدمشقي مهاجرا العماني وفاة يكنى بابي عبد الرحمن ويعرف بمحدث الديار الشامية المقصد الثاني تاريخ مولده ولد سنة اثنتين وثلاثين بعد الثلاث مئة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في يوم السبت الثاني والعشرين من جمادى الاخرة سنة عشرين بعد الاربع مئة والالف وله من العمر ثمان وثمانون سنة فرحمه الله تعالى رحمة واسعة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول تحقيق عنوانه طبعت هذه الرسالة في حياة المصنف رحمه الله تعالى باسم حقيقة العلم والعلماء واصلها محاضرة علمية القاها رحمه الله ثم فرغت وطبعت في هذه الرسالة المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذه الرسالة اللطيفة ينبئ عنه اسمها اذ متعلقها بيان حقيقة العلم الذي ينبغي ان يطلب والكشف عن رتبة العلماء الذين يقصدون في الاستفتاء المقصد الثالث توضيح منهجه هذه الرسالة لم تكتب على وجه التصنيف بل اخذت من كلام المصنف رحمه الله واثبتت على النحو الذي تكلم به غير انه يتجلى منها المسلك العام له رحمه الله بالاقتباس من انوار الوحيين واتباع سبيل السلف الصالحين رحمهم الله بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين وللمسلمين. قال المصنف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم هم مسلمون وقوله تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقوموا خذوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فات فوزا عظيما قليلا الارحام ان قرأت على قراءة ابن عامر جررتها ولا ما انتبهت لا تسمع وفيها قراءتان كسر الجر والفتح ماء اما بعد والارحام الارحام نعم ايه كمل اما بعد اما بعد فان خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة من بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. فان الباعث على البحث في العلم النافع العلم الشرعي الذي تقوم به الحجة على المسلم انما هو ما تسمعه ما بين اوانة واخرى وانه من اهل العلم وليسوا كذلك. وفي الغالب تكون هذه المسائل مخالفة لما جرى عليه عمل لائمة السابقين من السلف الصالح والائمة المجاهدين كان اقرب مثال وقع لي انسة. ما معنى وفي سبيل الله في اية مصاريف الزكاة في قوله تعالى انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة في قلوبهم في الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل. السؤال هل هو في سبيل الله يختص بالجهاد في سبيل الله ام يشمل ايضا مصالح او خال المسلمين كدماء المساجد والمدارس واتخاذ المرافق والمنافع العامة للمسلمين فهل في سبيل الله من اية مصاريف كانت يشمل غير الجهاد في سبيل الله. للغني ان يعطي زكاة ماله لبناء مسجد مثلا او لبناء مدرسة او مستشفى او غير ذلك. وكان جوابي ان معنى قوله عز وجل في هذه الاية كلمة وفي سبيل الله خاص بامرين اثنين الى ثالث لهما. الامر الاول ما هو معروف لدى الجميع وهو الجهاد في سبيل الله. الامر الثاني ما جاء به دين شرعي لوسع كلمة وفي سبيل الله فيدخل بهذه الجملة انفاق الى بيت الله الحرام. فيكون معنى وفي سبيل لله اي الجهاد والحج ولم يأتي عن احد من السلف والائمة المجتهدين توسعة لهذه الجملة باكثر من هذين اللماعين الجهاد في سبيل الله وفي الاحداد للفقير المحتاج الى بيت الله الحرام دليل الاحداث للفقير والاحداد للفقير قد جاء في حديث صحيح في سنن ابي داوود ومسند الامام احمد وغيرهما ان رجلا من التي يعرف بابي طالب حج مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فلما رجع جاءت زوجته الى النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام قالت يا رسول الله ان زوجي ابا طلق لم يحججني على جمله لم يحججني على جمله فلان فارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف كما قال عليه الصلاة والسلام لو انك احجلتها عليه لكان ذلك في سبيل الله اخذ الامام احمد رحمه الله تعالى من بين الائمة الاخرين الذين حصروا وفي سبيل الله في الجهاد في سبيل الله من هذا الحديث معنى اخر اضاف اضافة الى المعنى الاول فقال وفي سبيل الله في الجهاد والاحجاد في سبيل الله في سبيل الله والاحداد الى بيت الله الحرام. وتجد اليوم فتاوى تصل من هنا وهناك ان معنى وفي سبيل الله واسع بحيث يدخل تحته كل المصالح التي ينتفع بها المسلمون ومن ذلك ما اشرنا اليه انفا من دعاء المساجد والمدارس ونحو ذلك. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الماضية ان الحامل له على الكلام في العلم النافع الذي تقوم به الحجة على المسلم هو ما يسمعه المتصدر للتعليم والافتاء من فتاوى تصدر بين اونة واخرى من طائفة تنسب الى العلم. يجترئون فيها على احداث اقوام جديدة ان تكن من اقوال السلف رحمهم الله تعالى ثم ذكر رحمه الله تعالى مثالا مما عدل فيه كثير من المفتين عن طريقة السلف رحمهم الله تعالى وذلك في معنى وفي سبيل الله في اية مصاريف الزكاة من سورة التوبة. وقد سئل عنها رحمه الله تعالى هل سبيل الله عز وجل في هذه الاية؟ يختص بالجهاد في سبيل الله فتكون مقصورة على الغزو ام تشمل فرحة اخرى للمسلمين كبناء المساجد والمدارس واتخاذ المرافق والمنافع العامة لهم فاجاب رحمه الله تعالى بان معنى هذه الاية وفي سبيل الله خاص بامرين اثنين لا ثالث لهما اولهما ما هو معروف عند الجميع وهو الجهاد في سبيل الله. وقد اتفق عليه اهل العلم رحمهم الله تعالى فلم يقع بينهم خلاف ان السبيل في هذه الاية من مصاريف الزكاة بقوله تعالى وفي سبيل الله هو الغزو. وثانيه ان المراد بذلك بذل المال في تحجيج الفقراء والمحتاجين الى بيت الله الحرام فيكون معنى وفي سبيل الله راجع الى الحج والجهاد واستدل رحمه الله تعالى على دخول الحج في مسمى سبيل الله بالحديث الذي ذكره من مسند ابي داود من سنن ابي داوود ومسند احمد ان رجلا من الصحابة فيعرف لابي طليق على زنة عظيم وقيل طلق كما ذكر ابن حجر في الاصابة الى ان المعروف كنيته تكنيته بابي طليق. وذكر خبره مع زوجه. وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له انك احججتها علي لكان ذلك في سبيل الله وهذا الحديث ليس في سنن ابي داود ولا مسند احمد وانما اخرجه الطبراني في المعجم الكبير وابن ابي شيبة وابن السكن والبغوي في معجم الصحابة باسناد جيد جوده المنذر في الترغيب والترهيب والهيثمي في مجمع الزوائد وابن حجر في الاصابة واشتبه على المصنف رحمه الله تعالى لانه كان يملي ذلك من حفظه بحديث اخر في المسألة في سنن ابي داود لكن القصة فيه معلقة بابي معقل وامي معقل ولا يصح الحديث المروي في سنن ابي داوود وانما الثابت في ذلك هذا الحديث الذي اخرجه الطبراني في الكبير والبزار وابن ابي من شيبة ومن تقدم ذكرهم باسناد حسن وقد ذهب الى هذا من الصحابة ابن عمر رضي الله عنه فانه يرى ان لا بأس في اخراج الزكاة في تحجيج الفقراء كما صح ذلك عنه فيما رواه ابو عبيد في كتاب الاموال والبغوي في مسند ابن الجعد ومن هنا اخذ الامام احمد رحمه الله تعالى من الائمة الاربعة لصرف المال اعني مال الزكاة في تحجيج الفقراء والمحتاجين ووسع معنا وفي سبيل الله الى هذا المعنى الثاني ووافقه على ذلك اسحاق ابن راهويه رحمه الله تعالى وكان من رؤوس الفقهاء وقد ذكر كثيرا من كلامه في الفقه ابو عيسى الترمذي في كتابه الجامع فالذي دلت عليه السنة وجاء به الاثر عن الصحابة ثبوت كونه الحج من جملة ما يدخل في مصاريف الزكاة في قوله تعالى وفي سبيل الله كما هو مذهب الامام احمد خلافا لبقية الائمة الاربعة وهذا القول زعم ابو عبيد القاسم ابن فلان في كتاب الاموال انه لم يقل به احد ودفع هذا ظاهر لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه ثم بفتيا من افتى به واتخذه قولا من الائمة الاربعة وهو احمد ابن حنبل ووافقه اسحاق ابن راهويه ثم جماعة ممن تأخر عن هذه الطبقة والحاصل ان الذي دلت عليه ادلة الشريعة ان مصرف السبيل المذكور في اية الزكاة وفي سبيل الله اجمعوا شيئين اثنين احدهما الغزو والثاني تحجيج من لا يستطيع الحج الى بيت الله الحرام وقد ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان بعض اهل العصر وسع معنا في سبيل الله حتى ادخل فيه بناء المساجد والمجالس والروبوت وغيرها وذكر ان هذا لم يأتي عن احد من السلف والائمة المجتهدين وفيما ذكره رحمه الله تعالى نظر فقد روي هذا بسند حسن عن مجاهد في مسند ابن ابي شيبة اذ قال كل شيء يعمله العبد فهو في سبيل الله ومجاهد ابن جبر يرى توسعة السبيل على هذا المعنى الذي افتى به بعض اهل العصر. الا انه مخالف لمذهب شيخه ابن عمر كما انه قالب عن النصوص التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم التي تحصل السبيل في الامرين المتقدمين الجهاد في سبيل الله الفقراء الذين لا يستطيعون الحج نعم ان العلم الذي يذكره الله عز وجل في غير ما اية ويشيد بفضله الرسول صلى الله عليه وسلم في احاديث كثيرة هو العلم الذي قال الله عز وجل فيه يرفع الا الذين امنوا منكم الذين اوتوا العلم درجات. فقال تبارك وتعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من الجنة وايضا من اراد الله به خير المساكن في الدين والاحاديث بهذا كثيرة وكثيرة جدا. فليس العلم الذي مدح الله عز وجل اهله ثم اكد ذلك نبيه صلى الله عليه ليس مجرد ان نسمع قول العالم مهما كان شأن هذا العالم. يفسر لنا اية او يفسر لنا حديثا تفسيرا لم يسبقه اليه احد من علماء ومن جاءوا من بعدهم او كان منهم من الائمة المجتهدين اتباعهم الذين سلكوا طريقا اولين. فالعلم الشرعي هو الذي قال فيه رحمه الله تعالى العلم قال الله وقال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه ما العلم نصبك للخلال تفاهة بين الرسول وبين فقيه كلا ولا جحد الصفات ونفيها حذرا من اساطير والتشبيه. فاذا قيل ما هو العلم الشرعي؟ فالجواب واضح كلامنا مبين العلم قال الله هذه اول مرتبة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال الصحابة الكرام فهذا طبعا اذا اتفقوا على شيء كانت اذا قوم الحجات اجلالا بمثل قوله تبارك وتعالى ومن يشاقك الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع سبيل المؤمنين ان يوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. فسبيل المؤمنين هو سرير الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فلا يجوز مخالفتهم فالعلم اذا فالعلم اذا تأخذه فالعلم اذا تأخذه من قول الله عز وجل ثم قول نبيه صلى الله عليه وسلم ثم جاءنا عن اصحابه الكرام فاذا جاء مفسر الى مثل هذه الاية وفي سبيل الله انها توسعة دخل فيها صرف اموال الزكاة لبناء المساجد وبناء المدارس وغيرها من المرافق العامة التي فيها منافع للمسلمين. فلا ينبغي ان او لمثل هذا التفسير انه تفسير بالرأي مخالف لتفسير السلف الصالح رضوان الله عليهم. ولو رجعنا الى كتب التفسير لاسيما ما كان منها من الامهات ومن المراجع الاساسية التي التي يعتمد عليها كل المفسرين الذين جاءوا من بعدهم كتفسير محمد ابن جرير المفسر والمحدث والمؤرخ المشهور وتفسير الحافظ ابن كثير الدمشقي وهو ايضا مفسر ومحدث ومؤرخ لم نجد مثل هذا التفسير الشامل في طرق الخير وانما وجدنا فيها وغيرها من كتب التفسير. بل وكتب الفقه ايضا نجدها في سبيل الله يعني بالجهاد في سبيل الله. وفي الاحداد الى بيت الله من حرام فحينما نجد مثل هذه التوسعة لا ينبغي لنا ان نقبلها لانها خلاف ما كان عليه سلفنا الصالح. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ان العلم الممدوح الذي مدحه الله سبحانه وتعالى ومدحه نبيه صلى الله عليه وسلم ليس هو الرجال واقوالهم من اهل العلم فضلا عن غيرهم. وانما المراد بذلك العلم الراجع الى كتاب الله والى سنة النبي صلى الله الله عليه وسلم وابين دليل في ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين والمراد دين ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن والسنة والقرآن الكريم وحي والسنة المطهرة وحي واليهما يرجع اصل العلم. ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى فيما ذكر المصنف العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه ما العلم نصبك للخلاف تباهة بين الرسول وبين رأي فقيه كلا ولا جحد الصفات ونفيها حذرا من التعطيل والتشبيه. وابين من هذه الابيات في الدلالة على مقصود المصنف قول ابي عبد الله الذهبي صاحب ابي عبد الله ابن القيم اذ قال نظمن العلم قال الله قال رسوله ان صح والاجماع فاجهد فيه ما العلم نصبك للخلاف جهالة بين الرسول وبين رأي فقيه ان هذين البيتين من كلام ابي عبد الله الذهبي رحمه الله تعالى جمعت مصادر العلم الثلاثة العظيمة وهي كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الصحيحة. والاجماع الذي ينعقد باتفاق اهل العلم. واولى اولى العلماء باخذ العلم عنهم من اهل الاجماع هم الصحابة رضوان الله عليهم فانهم اذا اتفقوا كان اتفاقهم حجة وكان اتباعهم اخذا بسبيل المؤمنين وترك ما هم عليه صد عن سبيل المؤمنين. وفي ذلك اية النساء العظيمة من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا والمراد بسبيل المؤمنين في اكد الناس الصحابة رضوان الله عليهم فانهم ائمة المؤمنين. وهذه الاية حجة في وجوه باتباع اقوال الصحابة والاقتداء بافعالهم. فلا يجوز للعبد ان يخرج عن العلم الذي جاء في القرآن وفي السنة لفهم السلف الصالح ومقدمهم الصحابة رضوان الله عليهم. فاذا جاء احد ليفسر لنا اية او صح لنا حديثا فذكر فيها معنى لم ينكر رده الى شيء من اصول الشريعة ولا وجد ما يدل عليه في كلام الله ولا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا في كلم ولا في كلام الصحابة وائمة الهدى من التابعين واتباع التابعين فاننا نرد قوله كائنا من كان الا عبرة باقوال الرجال وانما العبرة بما جاء في كلام الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام ائمة الهدى. نعم قد ذكرنا اكثر من مرة اننا حينما ندعو الناس الى اتباع كتاب الله وما صح من حديث رسوله صلى الله عليه وسلم كما ينبغي ان يكون سباعنا لهذين المصدرين على ما كان عليه السلام من الصالح فهما لهم فهما لهما وتطبيقا لهما في حياتهم المباركة فحينما نراجع تفسير هذه الاية لا نجد مثل هذا التوسع فيكون هذا التفسير المحدث فيه انحراف عما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم وحده يكفيني نتبين خطأ مثل هذا التفسير. بين رحمه الله تعالى هنا اصلا عظيما كان يجندن حوله رحمه الله تعالى في دعوته رغبة في المحدثات والبدع وحرصا على رد الناس الى الدين العتيق. فبين ان مخرج العلم هو الكتاب والسنة لفهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى. فاذا رام انسان ان ينظر في شيء من معاني القرآن والسنة فانه ينبغي ان يقصد الى النظر في المنقول عن السلف رضوان الله عليهم. واذا وجد قول خارج عن كلام السلف من جملة المحدث فانه يرد ويكون محدثا من بعدهم غير مقبول في تفسير كلام الله ولا في معاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم والتفسير المحدث المتعلق بكلام الله او بكلام النبي صلى الله عليه وسلم ما جمع وصين اثنين احدهما الا يوجد في كلام احد من السلف رحمه الله رحمهم الله تعالى وثانيهما الا تحتمله دلالة اللفظ او المعنى فاذا فسرت اية او شرح حديث على وجه لم يتكلم به احد من السلف ولا كانت ولا كان النص محتملا له من جهة المبنى او المعنى فانه يرد على صاحبه كائنا من كان وقد صنف بعض اهل العصر كتابا في في بدع التباكير ذكروا فيه شيئا كثيرا طيبا من البدع و فرصوا فيه ايضا بدعا لان مصادرهم ايضا غير سوية لكن التنبيه الى بدع التفاسير من مخارج العلم النافع التي ينبغي ان يعتني بها طالب العلم ليميز التفسير المبتدع عن غيره نعم وكثيرا ما نسمع ايضا فتاوى تخالف ما كان عليه السلف الصالح الائمة الاربعة وغيرهم مما قد ذهب اليه بعض الكتاب الاسلاميين اليوم زعما انه من باب التيسير والتوسعة على الناس فلا بد رحمه الله تعالى في هذه الجملة الى حال ما كان عليه الناس قبل سنين قليلة ولا يزالون يتزايدون فيه وهو الفتاوى التي تغلف غلاف التيسير والتوسعة على الناس وتكون من التيسير ممنوع فان التيسير في اصله مشروع وهذا الدين مبني على اليسر كما قال الله سبحانه وتعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وفي صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الدين يسر الا ان المتمسحين بالتيسير يخالفون ما اذنت به الشريعة من التيسير المشروع الذي تدل عليه ادلة الشرع ان التيسير المشروع ما جمع شيئين اثنين احدهما ان يكون ذلك بانتزاع فقيه عالم دراك وثانيهما ان يكون مرده في الاستنباط والنزع دلالات الالفاظ وكليات المعاني الشرعية الثابتة بنفسها ومن هنا قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى انما الفقه الرخصة من فقيه. اما التشدد فيحسنه كل احد ومعنى كلامه ان المقبول من الفقه مما يتعلق بهذا الاصل ان يكون رخصة من فقيه من عارف ضرات يبني رخصته على ما جاءت به دلالات الشرع اما مما يرجع الى الالفاظ او كليات الشريعة اما ما عليه كثير من المنتسبين الى الفتيا اليوم من اصدار فتاوى يبنونها على اصول يرجعون الى التيسير فهذا كله من التزييف في الدين. كمن يبحث عن اي قول من الاقوال المذكورة في الفقه الاسلامي ولو كانت منسوبة الى طائفة مبتدعة مبتدعة ثم يفتي على وفق ذلك القول لانه قد سبقه قائل به ويرى ان ذلك هو الموافق للتوسعة على الناس او تعلقوا بدعوى عموم البلوى وعدم انكار دفعها او يكل الامر الى فتح الذرائع التي يكون ضررها يسيرا مقابلا لمن يزعم هو في ظنه بانهم يشددون على الناس بسدد ذرائع فكل هذا من مظاهر التيسير التي تنسب الى الدين والدين منها براء. وقد كتب بعض الدارسين رسالة اكاديمية نافعة اسمها منهج التيسير المعاصر كشف فيه عن شيء من زيف هذه الدعوات العصرية. في علم بهذا ان التيسير نوع ما جمع شيئين اثنين احدهما بتره عن النصوص ورده الى اقوال الرجال وارائهم والثاني ان يتكلم به انصاف الفقهاء والمتعالمين. فاذا كان على هذه الحال كان هذا التيسير ممنوع عن غير مقبول نعم فلا بد انكم سمعتم من يصرح بإباحة الات الظرب مع ان العلماء قديما واتباعهم حديثا يفسرون قوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله قسموا له الحديد بالغناء الذي فيه الى فيه الهاء حين يتعاطونه عن القيام بالواجبات اسلامية كبيرة عن القيام بواجبات اسلامية كثيرة وهي قد يكون منها المحافظة على الصلاة فحينما فيأتي بعض الناس يفسرون هذا التفسير يفسرون لهو الحديث بالكلام الذي يخالف الشريعة مثلا او ما فيه تارة الغوغاء والضوضاء على كلام الله فقط ولا يبشرونه انه الغناء ايضا رغم مديء احاديث كثيرة. عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الات الطرب مما يؤكد مما يؤيد هذا التفسير الوارد عن السلف ان من لفي الحديث الغناء فمن تلك الاحاديث مثلا ولست في صددها كلها فاخرجه البخاري تعليقا ووصله جمع كبير من المحدثين بالسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ليكونن امي من امتي اقوام يستحلون الحر اي الزنا والحرير الحرى لكسر المهملة وفتح الراء والمراد بذلك الفرج كناية عن الزنا يستحلون رواية عند ابي داود الخز وهو نوع من اللباس يكون مخلوطا من حليب وصوف الا ان رواية الخز رواية شاذة نعم نعم يحلون الحراء الزنا والحرير اي الحرير الحيواني المثنى ببعض البلاد بالحرير البلدي او غير النباتي. والخمر والمعازف اقوام الى جنب علم حيواني يعني الذي يخرج من جودة القذف نعم ولينزلن اقوام الى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولون ارجع الينا غدا فيبيته في بيتهم الله ويضع العلم ويمسح اخرين قردة وخنازير الى يوم القيامة. اسمعوا اليوم كثيرا من الناس يعلنها صريحة ان كتابة او محاضرة لان الات سرد جائزة على ما تفنن فيه الكفار الاوروبيون اليوم ابتكار الات كثيرة وكثيرة جدا. اذا سمع السامع انهارت قواه وذهبت معانيه الاسلامية. ومروءتهم اسلامية قال لا يهتم بما يقع هناك من فسق او فجور. حينما نسمع مثل هذه الفتاوى يجب ان نقف امامها متسائلين ولا نقف امامها مستسلمين لنقول لهم هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين. كيف توسعون معنى وفي سبيل الله بحيث ان بحيث انكم تدخلون فيها المساجد فلا يبقى غنيم يتبرع من ماله الكثير الوفير تضرعا فوق ما فرض الله عز وجل عليه من الزكاة. فهو لا يعمل الخير الا في حدود الفرض فقط اما التطوع فقد منع نفسه منه لان هؤلاء العلماء اوجدوا له طريقا ان كل سبل الخير تنفق تعتبر من الزكاة المفروضة. وهكذا فالامثلة تتعدد في تفسير نصوص من الكتاب والسنة. على خلاف ما كان عليه علماء المسلمين قديما. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مثالا مما يدعى بانه من التيسير على الناس وهو قول من قال في اباحة الات الطرب والغناء التي تفنن فيها الكفار على انواع كثيرة مع ان العلماء قديما واتباعهم حديثا يستدلون بدلائل ظاهرة من الكتاب والسنة على تحريم الغناء. ومن من ذلك الاية التي ذكرها المصنف رحمه الله تعالى وهي قوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله فان لهو الحديث في هذه الاية كما صح ذلك عن ابن مسعود وابن عباس فيما رواه ابن جرير في تفسيره وابن ابي شيبة في المصنف والبيهقي في السنن هو الغناء. واذا صح التفسير عن السلف لم يلتفت عن الصحابة لم يلتفت الى غيرهم وكانت الحجة بقولهم كما نص على ذلك ابن جرير الطبري في مواضع من تفسيره فمن قواعد التفكير ان تفسير الصحابة مقدم على تفسير غيرهم. فهذه الاية حجة في تفسير لهو حديثي فهذه الاثار حجة في تفسير لهو الحديث في هذه الاية بانه الغناء تكون هذه الاية دليلا على تحريم الغناء وقد صنف بعض المعاصرين كتابا سماه الموسيقى والغناء في ميزان الاسلام فجاء في تفسير هذه الاية بما يضحك منه العارفون بقواعد تفكير فانه نظر في الايات والاحاديث التي جاء فيها ذكر له في قوله تعالى في سورة الجمعة واذا رأوا تجارة او لهوا ينقض اليها وتركوك قائما. فزعم ان الله ورد الى معناه اللغوي وهو كما ذكر ابن فارس كل ما اشغل الانسان وحين اذ فان المشغل للانسان يتفاوت ولا يكون على كل حال محرما بل ربما كان محرما وربما كان مباحا كما دلت ايات كثيرة على اباحة اعراض من الدنيا هذه غفلة شنيعة عن قاعدة عظيمة من قواعد التفسير. وهي ان اللفظ يكون له معنى عن الانفراد. ويكون له معنى على التركيز فهذه الاية لم يأتي فيها قول الله عز وجل ومن الناس من يشتري اللهو ليضل عن سبيل الله ولو كانت الاية على هذه الصورة لوسعنا قوله الا ان هذه الاية جاءت مركبة فقيل فيها ومن الناس من يشتري لهو الحديث ولهو الحديث على التركيب له معنى غير معنى اللهو على الانفراد وتفسيره كما ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم هو تفسيره بالغناء وينبغي ان ليعلم طالب العلم خاصة ان دقائق المعاني في بيان القرآن الكريم وفهم السنة لا يستطاع الا بالسير على كطريقة من مضى من السلف وانتحال طرائقهم في الاستنباط والفهم. وكان السلف رحمهم الله تعالى يرعون في تفسير القرآن التفريق اين دلالة اللفظ على الانفراد؟ ودلالته على التركيب والاقتران. فيكون تارة بمعنى اذا انفرد ويكون له معنى اخر اذا ركب مع غيره كهذه الاية فان لهو الحديث فيها انما يراد به الغناء ولم يأتي قط في القرآن ذكر اللهو على ارادة هذا المعنى مفردا من غير قرن بل جيء به على هذا الوجه ليؤكد ان لهو الحديث مختص بالغناء بغير خلافه من انواع اللهو التي دل عليها باسم اللهو الذي جاء مفردا في ايات كثيرة وفي احاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلم بهذه القاعدة وبما ثبت عن الصحابة ان لهو الحديث في هذه الاية هو الغناء. ومن زعم ان لهو الحديث هو كل ما يشغل. ولو كان مباحا فقد جاء بقول مضحك اذ لا يؤثر عن السلف وهو مخالف كذلك لقواعد الاستنباط والفهم لكلام الله سبحانه وتعالى كما ان تحريم الغناء جاءت فيه احاديث كثيرة منه ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى عن البخاري معلقا وعزاه الى البخاري معلقا لان البخاري قال فيه وقال هشام ابن عمار وهشام شيخ للبخاري وما قال فيه البخاري قال وكان المنقول عنه هو شيخه هل يكون معلقا او موصولا قولان لاهل العلم رحمهم الله تعالى والصحيح ان ما علقه البخاري عن شيخه هو من قبيل المتصل. لان البخاري رحمه الله تعالى لم يعرف بتدريس وقد سمع من شيخه هذا الذي علق عنه فقد صرح في غير هذا الموضع بقوله حدثنا هشام بن عمار ومعلقات البخاري عن شيوخه بالصيغة قال هي موصولة على الصحيح. ومن هنا قال ابن رجب في نزهة الاسماء عند هذا الحديث والاشبه انه مسند يعني متصل غير معلق واشرت الى هذه القاعدة بقول ما علق البخاري فيه ان يقل قال وهو شيخه قل الحكم قال حكم عن لمن سلم من دلسة والانقطاع ما علم. يعني الحامل على جعل قال في شيخ البخاري متصلة ان قال حكمها حكم عن وعن اذا جاءت من غير مدلس وعلم ان السند غير منقطع فانه يحكم حينئذ باتصال هل السند؟ فالصحيح ان هذا الحديث موصول عند البخاري غير معلق ولو قيل بانه معلق فقد وصله جماعة من السلف رحمهم الله تعالى من ائمة في الرواية كابي داود في سننه والاسماعيلي في مستخرجه في اخرين بسند صحيح عن ابي عامر او ابي الاسعدي فذكر هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والمقصود التنبيه الى ان مثل هذه الفتاوى التي تسمع ويحدث فيها قول لم يكن من اقوال السلف سواء في المثال الاول الذي ذكره المصنف وهو توسعة معنى وفي سبيل الله من مصاريف الزكاة حتى يدخل في ذلك ما يزيد عن قدر الذي صحت به الادلة وهو الغزو والحج او المثال الثاني الذي فيه قول من قال باباحة الات الطرب زعم ان ذلك من التيسير على المسلمين كل كل هذا من الاقوال التي لا يلتفت اليها بل يقال لقائلها برهانكم ان كنتم صادقين. واذا طولبوا ببرهان لم يكن معهم دليل قاطع على ما ادعوه. والوصية وصيتي ابن مسعود رضي الله عنه وهي قوله عليكم بالامن العتيق عظيمة القدر في هذه الازمان التي تبدلت فيها الافهام وزلت الاقدام وغلب الكفار وظهر الاشرار وارتفع نجم النفاق وكثر المتكلمون في الشريعة من غير اهلها ومن سار على طريق من سبق وثبت نفسه على الدين العتيق ووصل حبله برب العالمين اعانه الله عز وجل وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول فيما رواه ابن عساك بسند صحيح عنه انت الجماعة اذا كنت على الحق ولو وكنت وحدك وفي رواية ولو كنت على رأس جبل وكان الفضيل ابن ابن عياض رحمه الله تعالى يقول لا تغتر بكثرة الهالكين. لا تغتر بكثرة الهالكين. ولا من قلة السالكين وما احسن قول ابي سليمان الداراني لو شك الناس كلهم في الطريق ما شككت فيه وحدي يعني ما استبان له من ادلة الكتاب والسنة. ومن هنا كان السلف رحمهم الله تعالى يدعون الله عز وجل بان يميتهم على الاسلام سنة فكثر في دعائهم الدعاء بالموت على الاسلام والسنة اي بالتثبيت عليها حتى يلقوا الله عز وجل. وروا ابن شاهين في كتاب السنة عن بعض السلف انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله ان يدعو له بان يموت على الاسلام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم والسنة والسنة والسنة وقبض اصابعه ثلاثا فنسأل الله عز وجل ان يحيينا جميعا على الاسلام والسنة وان يميتنا جميعا على الاسلام ايها السنة غير خزايا ولا نداما ولا مبدلين. نعم لكي نعرف من هم العلماء الربانيون يجب اولا ان نفهم العين على حقيقته فقد ذكرنا انفا ان العلم قال الله تعالى وقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم وقال الصحابة رضوان الله عليهم وليس العلم وهذا تسمعونه صراحة من بعض هؤلاء الذين يأتونكم بالفتاوى الجديدة انه يقول لك هذا رأيي وانت حر ليس في الاسلام هذا رأيي وانت حر وانما عليك ان تفي بما قال الله وبما قال الرسول صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه سلفنا الصالح فان كان ليس هناك رأي لهؤلاء العلماء الذين مضوا للسلف في مسألة جدت هنا فلا بد من الاجتهاد ولابد من ابداء الرأي لكن الرأي المبني على تلك المصادر الثلاثة الكتاب والسنة والاجماع اما ان ينتصب فيفتي فتوى يخالف فيها من كان قبلنا من السلف فليخالفوا بها نصوص الكتاب والسنة بتأويل هذه النصوص تأويلا يتفقوا مع ما ذهبوا اليه من الري يقول اهل العلم اذا جاء الاثر بطل النظر اذا جاء الاثر عن الله ورسوله او اصحابه فلم يبق هناك مجال للنظر ويقولون بعبارة النصرة على اجتهاد هذا في مورد النص ايضا يقولون بلسان عربي قديم اذا جاء نهر الله بطل نهر معدن فهذا الرأي الذي يزعمونه انما يمكن ان يكون له ودادا وان يكون له قبول فيما اذا لم يخالف اما اية واما حديثا صحيحا او ما كان عليه السلف من تفسير اية او حديث صحيح لذلك فيجب ان نتعلم كيف نتفقه وكيف نتعلم ونحن لا نريد من كل انسان ان يصير عالما وفقيا في كتاب الله وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فان هذا ليس بالامر المتيسر لاكثر مناسبا ولا حتى لكثير من هؤلاء الذين نصبوا انفسهم لابداء اراء لهم تخالف الكتاب الناس ليس من السهل لامثال هؤلاء ان يجتهدوا الاجتهاد الذي يستند على الكتاب والسنة. والاستناد على الكتاب والسنة لابد فيه ان يرجع المعتمد الى ما اشرنا اليه من كتب التفسير والاعتماد على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد فيه من الاعتماد على ما صح من وهكذا حينما يريد ان يجتهد وان يبدع رأيه في مسألة حدثت ولابد ان يكون السند الى عمومات الادلة من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والا من لم يكن بهذه المثابة لم يكن عالما. لان العلماء جميعا اتفقوا على ان العالم هو الذي يقول في كل ما ذهب اليه. قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم اما المقلد هو الذي يقول قال الشيخ الفلاني وهو الشيخ الفلاني كذا هذا ليس من العلم في شيء بل هذا من الجهل الذي اساء اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي اخرجه الشيخان من حديث العاصي رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكن انه يقبض العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يبقي عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فافتوا بغير علم فاضلوا واضلوا وقدرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بان العلم سينقرض رويدا رويدا ولا يذهب العلم ابتداء ينتزعه ربنا عز وجل من اهل العلم والفم وانما يقبض اهل العلم سنة الله في خلقه. ثم يبقينا كالا يعرفون من العلم شيئا واقصد بالعلم هنا قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم وليس قال فلان وافتى فلان وهذا واقعنا وهذا هو واقعنا وفي العصر الحاضر ولذلك ننصح اخواننا المسلمين جميعا. وبخاصة من كان منهم معنا على هذا الخط والصراط المستقيم باتباع في كتاب الله عز وجل وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصح منه ان يسأل هؤلاء المفتين حينما يفتون برأيهم في مسألة من اين جئتم بهذا؟ المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة حقيقة ما ينبغي رد الامر اليه في العلم وهو استخراجه من مشكاة القرآن والسنة واجماع اهل العلم فان هذا هو العلم على الحقيقة واما من يفتي الناس بفتية ثم يقول لهم هذا رأي وانتم احرار فيما تفعلون فهذا كما قال المصنف رحمه الله تعالى ليس في الاسلام هذا رأي وانت حر وانما عليك ان تفتي بما قال الله وبما قال الرسول صلى الله الله عليه وسلم ومما عظمت البلية به دعوة الاجتهاد. فان كثيرا من الناس يقولون اقوالا ويفعلون افعالا يسوغون انفسهم الجراءة عليها ويسوغ لهم ذلك بدعوى الاجتهاد. ودون ذلك خلط القتاد. فان الاجتهاد ينظر في تحقيقه الى معان عدة منها اجتماع الة الاجتهاد في ذلك المتكلم. وكثير ممن يتكلمون في مسائل العلم هم عارون من الة اجتهاد حتى صار يتكلم يتكلم في مسائل الدين الصحفي والمزارع والحراث اقوى المهندس والطبيب مع عدم وجود الة الاجتهاد فيهم وقل مثل هذا لمن يسمون بالمفكرين والمثقفين والاعلاميين فان هؤلاء لا يحق لهم الكلام بالشريعة لان الكلام في الشريعة على صورة اجتهاد لا سيما انه وازل انما يلاط بمن كملت الته في الاجتهاد. ثم ان من كملت الته في الاجتهاد فاجتهد في مسألة يحاكم ايضا في دليله الذي ادعاه وعلى هذا الاجتهاد فاذا نزع باجتهاده الى دليل معتد به مأخوذ من الكتاب او السنة او الاجماع او اقوال السلف سلم له وان كان هذا المجتهد الذي اجتمع فيه الالة يأخذ قوله من كتاب فقهي موافقة بحال الناس او يعتمد على حديث ضعيف او اثار عدل عنها ائمة الهدى فانه يرد عليه قوله كائنا من كان. ثم بعد ذلك ينظر ايضا في هذه المسألة التي اجتهدت ففيها فهي قابلة للاجتهاد ام غير قابلة له؟ وقد صار الناس يتكلمون في مسائل لا يقبل لا يقبل الاجتهاد فيها ان الشريعة قد بينتها ووضحتها وصارت فيها اصولا راسخة لا يمكن تغييرها فصار الناس يتحدثون في بعض البلاد عن استدامة جمع الصلوات للطالب المتغرب توسعة له في الوقت صار منهم من يجتهد في ترك الصوم في رمضان في البلاد التي يكون النهار فيها طويلا ومثل هذا مسائل ومثل هذه المسائل لا فيها اجتهاد لان الشريعة بينتها وانما محل الاجتهاد المسائل التي تتنازعها الانظار في اختلاف الادلة وعدم استيضاح موارد الدليل فيها على قول دون قول فحينئذ يكون الاجتهاد سائغا فيها وقد كان بعض اهل العلم يسمي هذه المسائل التي لا تقبل ازدياد بالاصول ويسمي المسائل التي لا التي تقبل الجهاد بالفروع وهذا هو الذي دلت عليه الشريعة وهو احسن ما قيل في التفريق بين الاصول والفروع. اما ما درج عليه بعض اهل الفكر والثقافة مستغربة من تسميتهم بثوابت الدين ومتغيراته فهذا قول فاسد وقد كتب العلامة صالح ابن فوزان حفظه الله تعالى رسالة نشرت في بعض الصحف واوردت في الجزء الثاني من كتابه البيان لبعض اخطاء الكتاب بين فيها خطأ استعمال هذا الاصطلاح وتسمية الشريعة ثوابت ومتغيرات فان الشريعة ليست على هذا الوصف وليس هذا الوصف في كلام الله ولا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا في كلام السلف ولو قيل انه اجتهاد في الاصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح نرد هذا عليهم بان قاعدة لا اجتهاد لا مشاحة للسلاح مردها اذا كان المصطلح الحادث الذي اجتهد في وضعه لا يترتب عليه مفاسد. وهذا المصطلح اصله مستجر من مدرسة العلمنة ثم انتقل الى غيرها من المدارس الفكرية المنتسبة الى الاسلام والواجب على طلاب الشريعة واهلها ان في كل لفظ يطلقونه وينسبونه الى الشرع. لئلا يتوصل بهذه الالفاظ الى هدم الشريعة كما يفعله بعض اهل المكر والخيانة والدجل اعاد الله المسلمين من شرورهم. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى جملة من الاقوال المأثورة في رد الامر الى الاثار وعدم مجاوزتها فان اهل العلم يقولون اذا جاء الاثر بطل النظر يعني اذا جاء الشيء المأتور يقول فان النظر العقلي ينقطع دونه. واذا جاء نهر الله بطل نهر معقل وهذه الجملة مما يكثر دورانه ولا يعرف معناه الا قليل فما معنى قول من قال اذا جاءنا الله بطل نهر معقل ما الجواب هذا هذا المعنى لكن اقصد ما هو نهر الله وما هو نهر معقل هذا الذي اقصد ما الجواب ها يا ابراهيم احسنت ونهر الله ما سمعت انت قربت من المعنى هذه الفائدة مما يستخرج بالمناقيش لا سيما بفطرها الاول فنهر معقل هو نهر منسوب الى معقل ابن يسار المزني رضي الله عنه شقه من نهر دجلة بامر عمر. وقيل وقع ذلك في عهد معاوية رضي الله عنه وحضره زياد ابن ابيه وانما فتحه معقل ابن يسار فنسب اليه والاول اصح فنسب الى الصحابي الجليل معقل ابن يسار بانه حفره بامر عمر رظي الله عنه اما نهر الله فهذا مما يستخرج بالمناقيش من الفوائد فاني لم اجد لها تفسيرا الا في كتاب خلاصة الاثر في علماء القرن الثاني عشر وهو كتاب تراجم للمحب فانه فسر نهر الله بالمد الذي يقم يعني انه اذا تكاثرت الانهار تكاثرت الامطار وزاد الماء فاظ النهر وحين اذ فالغى هذا النهر بفيضانه مما ساقه الله عز وجل في المياه الحاجة الى تحدي المياه منه بشق جداول او انهار منه ومن ذلك ايضا قول اهل العلم الاجتهاد في مولد النص يعني اذا ورد النص عن النبي صلى الله عليه وسلم او كان في كلام الله عز وجل فان الاجتهاد حينئذ يمنع والمعنى اذا كانت المسألة واضحة جلية بدليلها ثم نبه رحمه الله تعالى ان الاجتهاد الذي يقبل هو الاجتهاد المستند الى هذا يعني الى الكتاب والسنة واما الجهاد بالاراء والتقليد للاقوال فليس داخلا في جملة ما يقبل من اجتهاد بل قد اجمع العلماء على ان المقلد ليس من جملتهم ونقل اجماعهم ابن عبدالبر في كتاب جامع بيان العلم وفضله وذكر المصنف رحمه الله تعالى ايضا ان هذا العلم وهو العلم الصحيح من الكتاب والسنة هو الذي ينتزع في اخر الزمان كما ثبت ذلك بحديث ابن عمرو في الصحيحين ان الله لا ينزع العلم انتزاعا من صدور الناس فيقبض الله عز وجل العلماء العالفين بدلائل الوحيين ثم يتخذ الناس رؤوسا جهالا لا يعتمدون على الدليل بل يعتمدون على ارائهم واهوائهم فيظنون ويضلون كما هو واقع في بعض بلاد المسلمين. نعم واذا كان من لغتنا في الحاضر اليوم فيما يتعلق بجمع الاموال ويلفتون النظر بان من النظام الاسلامي ان يحاسب الحكام والولاة الذين يسرون ايش معنى يلفتون النظر يوجهون الانظار اليهم هذا المعنى لا يعرف بلسان العرب هذا من اللحن الفاشي في كلام الناس بل الفت ظد التوجيه لان اللفت هو الصرف فصواب العبارة يوجهون الانظار وتوجيه الانظار وليس لفت الانظار لان لفت الانظار يعني صرفها وليها عن المقصود نعم بان من النظام الاسلامي ان يحاسب الحكام والولاة الذين يقرون ويغتنون بعد ان انتصبوا في وظائف من يقال لهم من اين لكم هذا المال من المال العلم وان يقال لهم فيه من اين جئتم بهذا الذي تفتون به الناس؟ ان قالوا قال الله بما فسره السلف لا بما انتم ترونه ويراه غيركم من اهل الرأي في هذا العصر. واذا قالوا لنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نسأل من هذا الحديث صحيح ام ليس بصحيح؟ فاذا قالوا هذا حديث صحيح فنحملهم تبعته وليس علينا نحن المسؤولية لانهم من المفروض ان يكونوا اهلا للامانة. فاذا افتونا بحديث واقعه بعيدا وهم قالوا انه حديث صحيح فعليهن حملوا فعليهم ما حملوا لانهم هم المسئولون عن اداء الامانة الى الناس ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا نكتة لطيفة من الاستدلال بحال على حال. وكان رحمه الله تعالى قد اودي ذكاء مفرطا ويقع هذا النوع في كلامه كثيرا فان كثيرا من الناس المنتسبين الى الدعوة والاصلاح يتكلمون كثيرا عن وجوب محاسبة الولاة والاخذ على ايديهم فيما يتعلق بصرف المال وجمعه من مصادر وتبيين هذه المصادر اي من المصادر المشروعة ام من المصادر الممنوعة واعظم من هذا الانتصاب لمحاسبة الناس فيما يتعلق بالفتية والعلم. لان الفتية تتعلق في اقامة الدين والاسراء بالمال يتعلق بامر الدنيا والدين اعظم من الدنيا. فكما يرسل القول بوجوب محاسبة الولاة بالاسراء والاغتناء الغير مشروع يجب ان يرسل القول اكثر واكثر في مسائلة المتصدين للفتوى والتعليم ممن هم ليسوا اهل وكان السلف رحمهم الله تعالى يذكرون في ابواب الاحتساب الاحتساب على المتصدرين للتعليم والتدريس والفتية وقد وقع هذا في كلام جماعة من السلف منهم مالك ربيعة الرائي وشيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهم الله تعالى فالاحتساب على المنتسبين الى التعليم اولى من الاحتساب على الولاة في اموالهم لان الوالي انما قصار امره في المال ان يفسد دنيا غيره. واما الذي ينتسب للفتوى والتدريس وهو غير اهل لها فانه ويفسد دين الناس وفرق شاسع بين الامرين نعم. ولا ننسى ان الناس كلهم طائفتان مصرح بما في القرآن الكريم في قوله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون فاهل الذكر ومال القرآن والذكر قد ذكر في غير هذه الاية. واتفق العلماء من اجل ذلك على ان المقصود بالذكر هنا وهناك انما هو وانت الاية المذكورة انفا قد قسمت الناس الى علماء وغير علماء ومن البداهة بمكان انه ليس المقصود باهل القرآن هنا انه هم الذين يرتلون القرآن ويحفظون حروفهم واحكامهم المتعلقة بعلم التوجيه. وقد يرغبون فيها ايضا ضربا غير مشروع لكنهم لا يفقهون شيئا مما ما يرتلون وانما المقصود باهل القرآن اهل العلم واهل الفهم بكتاب الله عز وجل وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلا يمكن واذا لم نقل لا يجوز فلا يمكن اذا لم نقل لا يجوز لمسلم ان يتصور عالما بالقرآن وبتفسيره ومعانيه وهو جاهل للسنة لذلك يجب ان نستحضر ولذلك يجب ان نستحذر في بالنا وفي خاطرنا اننا حينما نفسر هذه الاية فاسألوا اهل الذكر ان كنتم اتعلمون بانهم اهل القرآن واهل العلم به والفهم لمعانيه. يجب ان نستحضر انهم ايضا على علم بالسنة. الا فان كان جاهلا لسنة او لا يميز صحيح ان ضعيفها وضعيفها من موضوعها فهذا لا يمكنه ان يفهم القرآن بصورة باتة. لا يمكن للانسان ان يفسر القرآن الا بالاعتماد على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا مما يدل عليه القرآن نفسه لان الله عز وجل قال فيه مخاطبا به نبيه صلى الله عليه وسلم وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم فبيان الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن هو سنة هذا البيان اذا لم يعرفه العالم فلن يستطيع ابدا ان يفسر القرآن تفسيرا صحيحا. لذلك نحن نرى في هذا العصر وقبل هذا العصر كثيرا من نعم لا يعرفون من السنة شيئا يذكر. والخلاصة ان واجب العلماء ان يوفوا غير العلماء وواجب غير العلماء ان يسألوا اهل العلم بصريح الاية فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. ومن كان من اهل العلم فعليه ان ان يبلغ هذا العلم والا اللعنة التي جاء ذكرها في القرآن ووعيد رسول الله ووعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث من سئل عن علم بكى انه الزم يوم القيامة بلجام من نار وتحقيقا لوجوب السؤال ممن ليس بعالم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث المعروف الا سألوا حين جهلوا فانما شفاء العز السؤال. واذا نحن سألنا من ليس عالما بالكتاب والسنة افتانا على خلاف الكتاب والسنة فحينئذ لم يقدم الينا علما فلا يجوز لنا في هذه الحالة ان نتبعه والا نكون قد ظللنا معه كما علمتم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور انفا ان الله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يقلعا لمن اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا. فاذا كان هناك بعض الناس لا يهمهم ان يظنوا ان يضلوا بسبب افدائهم بالرأي المخالف للعلم الصحيح. فينبغي على جماهير المسلمين الذين ليسوا من اهل العلم ان ينتبهوا الا يمنوا مع من ضل من هؤلاء الذين يفتون بغير علم وسمير ذلك انك ادب بامر الله عز وجل في كتابه فنقول لهم اتوا برهانكم ان كنتم صادقين وان لم نفعل ذلك كما امرنا ربنا عز وجل في هذه الاية ظللنا مع الظالين فكنا ما من اهل الجحيم اسأل الله عز وجل ان يحفظنا واياكم من كل ما يضللنا ويخرجنا عن سواء السبيل ولعل في هذا القدر كفاية لبيان ان العلم النافع انما هو قال الله عز وجل وقال رسوله صلى الله عليه وسلم فقال الصحابة الله عليهم والحمد لله رب العالمين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ان الناس كلهم ينقسمون الى قسمين اثنين احدهم احدهما العلماء الراسخون والثاني المتعلمون المستفتون فقال الله عز وجل فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. فاهل الذكر هم الذين يعلمون. ويقابلهم من لا يعلم والذكر في هذه الاية قد اتفق العلماء على احد معنيين وهو القرآن الكريم كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى وذكر جماعة منهم ابن حزم واختاره ابن قاسم النجري ان داخلة في الذكر وهو الصحيح لان الذكر النازل يشمل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من كلام ربه ومن ما جاء من كلامه صلوات الله وسلامه عليه فالقرآن وحي نازل وكذلك السنة وحي نازل. ثم بين رحمه الله تعالى ان اهل الذكر الذين فسروا في قول اهل العلم اتفاقا بانهم اهل القرآن المراد بهم اهل الفقه في القرآن. والمراد باهل الفقه في القرآن هم العارفون بتفسيره المستنبطون للاحكام منه ولا يوصل الى هذه المرتبة الا بالعلم بالسنة. اما الجاهل بالسنة فانه سيقع في خطأ كبير في مواضع عدة من القرآن الكريم يفتقر فيها الناظر الى تفسير القرآن بالسنة ويحتاج الى تمييز صحيحها من ضعيفها ولا قدرة له الا بالعلم بالسنة. وعلى المعنى الذي تقدم تكون هذه الاية ظاهرة يعني على قول ابن حزم الذي اختاره ابن قاسم النجدي فاسألوا اهل الذكر وان الذكر شامل للقرآن والسنة يكون معنى هذه الاية اسألوا اهل القرآن سنة يعني العالمين بالقرآن والسنة وهذا هو القول الصحيح الراجح. ثم ذكر خلاصة مهمة ان واجب ان يفتوا غيرهم وواجب الجهلة والمتعلمين ان يستفتوا اهل العلم الراسخين. ومن كان من اهل العلم يجب عليه البلاغ والاداء ليسلم من الوعيد الوالد في احاديث كثيرة والجاهل المتعلم ينبغي له ان يجتهد في سؤال من كان عالما وليحذر من سؤال من لم يكن عالما المصنف رحمه الله تعالى في هذا المعنى حديثا سماه بحديث معروف يعني مشهور وهذا الحديث عند ابي داوود وهو حديث ضعيف ان ضعفه المصنف رحمه الله تعالى وهو حديث على سألوا حين جهلوا فانما شفاء العي السؤال والعي بالفتح هو العدل ومنه الجهل. واما العي بالكثر فهو خلاف البيان والافهام والى ذلك اشرت بظابط قلت فيه العي عجز ان فتحت فاعلم والعي بالكسر خلاف المفهم. يعني اذا فتحت العين ترى العين عزا واذا كسرت العين صار المراد بالعي خلاف البيان ويجب على العبد ان يحرص كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى في اخر الرسالة على سؤال اهل العلم وان يهتم بذلك لئلا يضل مع من ضل. فان العبد يوم القيامة يقف بين ربه فيسأله الله سبحانه وتعالى من اين لك هذا؟ فاذا كان قد بناه على اوتي العلماء الراسخين المبنية على الدليل القويم نجا حينئذ وان كان قد رجع في ذلك الى الادعياء والجهلة والمتكلم في العلم من غير اهلية فانه يكون اثما فيما فعل لانه قصر فان الله عز وجل لم يؤمر لم يأمر بسؤال ولكل احد وانما امر بسؤال اهل الذكر وهنا انبه الى استنباط حسن ذكرته في بعض المجالس في هذه الاية وهي قول الله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. لان مما شاع عند كثيرا من الناشئة هداهم الله الى الدين الصحيح ما ينقلونه عن الامام احمد انه قال اذا اختلف الناس فاسألوا اهل الثغور. ثم قالوا يحتجون بهذا في رد العظيمة الى من اشتغل بالجهاد وجواب هذا الاشكال الذي ذكروه ان نقول ان الله سبحانه وتعالى قال لنا فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. فاذا قال قائل اسألوا اهل الثغور او اسألوا اهل العروش او اسألوا اهل القروش لم نقبل منه ذلك لان قول الله سبحانه وتعالى يقدم على قول كل احد على ان الامام احمد رحمه الله تعالى لا يظن به ذلك. ولكن تقدير كلام الامام احمد فاسألوا اهل العلم الساكنين لان العادة كانت جارية في الزمان الاول ان الخلفاء اذا ارسلوا نفيرا يرابط في ثغور الاسلام ارسلوا معهم قاضيا ومفتيا وعالما ومقرئا للقرآن واماما ومؤذنا للصلاة. فلما كانوا على تلك الحال وكان فيهم العلماء كان العلماء الذين يقفون بالثغور اعلم بحال من فيها. لان الحكم على الشيء فرع على تصوره. واذا كان العالم واقفا في الثغر مع كما للعلم امكنه الفتوى واما اذا كان الثغر خليا من العلماء الراسخين كثغور هذا الزمان فحينئذ لا يستدل بكلام الامام احمد كونوا من فهمه فهمه على غير الوجه الصحيح. فكلام الامام احمد موافق على هذه الاية. موافق لهذه الاية. لكن الجهل بالحال الذي تكلم وفيها الامام احمد رحمه الله تعالى هي التي ولدت قول ما من قول من قال بان مرد امور الجهاد انما يوكل الى به لا الى العلماء القاعدين مع ان هذه الفرية قد ردها الشرع المبين فان الله سبحانه وتعالى جعل وصف العلماء القعود ولم يجعل وصفهم الخروج كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين. فان الفرقة القاعدة في القول صحيح كما اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم هم العلماء الذين يتعلمون ويعلمون لان العلم لا يمكن الا بجمع القلب و جمع الهمة عليه. ثم اذا جاءهم المجاهدون فقهوهم في دين الله. اما اذا كان المجاهدون بمنأى عن فتي اهل العلم بل دون اهل العلم ويطعنون فيهم فحينئذ لا يقبل قولهم. وما احسن ما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى الذي جمع بين العلم الصحيح والجهاد الصحيح. اذ ذكر قاعدة نافعة نقلها عنه البعدي في الاختيارات في اوائل كتاب الجهاد عدد فيها احوال المتكلمين في الجهاد وجعلهم رحمهم الله تعالى الى ثلاثة اقسام من يتكلم فيه وهو عارف بما تصلح به الدنيا ومن يتكلم فيه وهو عارف بما يصلح به الدين. فالاول اذا تكلم اصلح الدنيا وافسد الدين. والثاني اذا تكلم اصبح الدين وافسد الدنيا ثم قال فلا يتكلم في هذه المسائل الا العارف بما يصلح به الدين والدنيا. نسأل الله العلي العظيم ان يهدي ضال مسلمين وان يجمعهم على الحق المبين وان يتولانا في العالمين وان ينصر عباده المجاهدين وان يدحر عن المسلمين صور الكافرين والحمد لله رب رب العالمين وهذا اخر التعليق والتقرير على هذا الدرس الخامس من البرنامج ونكون قد بلغنا به سدس البرنامج نسأل الله عز وجل حسن المسير وحلاوة المصير وان يكتب الله عز وجل لنا جميعا انتفاعا فيما نقرأ ونتعلم والحمد لله رب العالمين