ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد هذا هو الدرس الحادي والعشرين من برنامج الدرس الواحد الرابع والكتاب المقروء فيه وهو كتاب منزلة السنة في الاسلام للعلامة الالباني رحمه الله وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه هو العلامة المحدث محمد ناصر الدين ابن نوح ابن نجاة الالباني مولدا الدمشقي مهاجرا العماني وفاة ليكنى بابي عبد الرحمن ويعرف بمحدث الديار الشامية المقصد الثاني تاريخ مولده ولد سنة اثنتين وثلاثين بعد الثلاثمائة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في يوم السبت الثاني والعشرين من جمادى الاخرة عام عشرين بعد الاربعمائة والالف وله من العمر ثمان وثمانون سنة فرحمه الله تعالى رحمة واسعة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه طبع هذا الكتاب تحت نظر مصنفه في حياته باسم منزلة السنة في الاسلام هو بيان انه لا يستغنى عنها بالقرآن فهو اسمه المرتضى ولا ريب المقصد الثاني بيان موضوعه مفرد المصنف رحمه الله تعالى في كتابه هذا التعريف بمنزلة السنة في التشريع الاسلامي وانها اصل قائم من اصول الادلة المقصد الثالث توضيح منهجه اصل هذه الرسالة محاضرة القاها العلامة الالباني في احد المحافل العلمية ثم طبعها لزيادة عناوين جانبية وظهر فيها العناية بذكر الادلة والاكثار من ضرب الامثلة لتقرير مقصوده منها اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين وللمسلمين اجمعين قال العلامة الالباني رحمه الله تعالى منزلة السنة في الاسلام وبيان انه لا يستغنى عنها بالقرآن. ان الحمد ان الحمد لله نحمده نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله قال تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها ان تتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها. وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقي يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله واحسن الهدي هدي محمد وشر الامور محدثاتها. وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد فاني لا اظن انني سوف لا استطيع ان اقدم ان اقدم الى هذا الحفل الكريم لا سيما وفيه علماء الادلاء والاساتذة الفضلاء شيئا من العلم لم اسبق ان احاطوا به علما فان صدق ظني فحسبي من كلمتها لان اكون بها مذكرا متبعا لقول الله تبارك وتعالى وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين. ان كلمتي في هذه الليلة المباركة من ليالي شهر رمضان المعظم لم ارى ان تكون في بيان شيء من فضائله واحكامه وفضل قيامه ونحو ذلك مما يفرحون فيه اعادة الوعاظ عادة الوعاظ والمرشدون بما ينفع الصائمين ويعود عليهم بالخير والبركة وانما اخترت ان يكون حديثي في بحث هام جدا لانه اصل من اصول الشريعة الغراء وهو بيان اهمية السنة في التشريع اسلامي وظيفة السنة مع القرآن تعلمون جميعا ان الله تبارك وتعالى اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم بنبوته واختصه برسالته فانزل عليه كتابه القرآن الكريم وامره فيه في جملة ما امره به ان يبينه للناس فقال تعالى وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم والذي اراه ان هذا البيان المذكور في هذه الاية الكريمة يجتمع على نوعين من البيان الاول بيان اللفظ ونظمه وهو تبليغ القرآن وعدم كتمانه واداءه الى الامة كما انزله الله تبارك وتعالى على قلبه صلى الله عليه وسلم وهو المراد بقوله تعالى يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وقد قال السيدة عائشة عائشة رضي الله عنها في حديث لها ومن حدثكم ان محمدا صلى الله عليه وسلم كتم شيئا امر بتبليغه فقد اعظم على الله الفرية. ثم تلت الايات المذكورة. اخرجه الشيخان وفي رواية لمسلم لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا ام امر كتب قوله تعالى واذ تقول للذي انعم الله عليهم وانعمت عليه امسك عليك زوجك واتق الله وتكفي في نفسك ما الله مبدين وتخشنك والله احق ان شاة والاخر بيان معنى اللفظ او الجملة او الاية التي تحتاج الامة الى بيانه واكثر ما يكون ذلك في الايات المجملة او العامة او المطلقة فتأتي السنة وضحوا المجمل وتخصصوا العام وتقيدوا المطلق وذلك يكون بقوله صلى الله عليه وسلم كما يكون بفعله واقراره ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه جملة منزلة السنة من القرآن الكريم وذكر في ذلك قول الله سبحانه وتعالى وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ثم ذكر ان هذا البيان المذكور في هذه الاية مما امر به النبي صلى الله عليه وسلم يشمل نوعين من البيان او بيان اللفظ ونظمه وهو تبليغ القرآن وعدم كتمانه واداؤه الى الامة. فكان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتهدوا في تلقي القرآن من جبريل عليه الصلاة والسلام. ويتابع الفاظه كما قال الله عز وجل لا به لسانك ان علينا جمعه وقرآنه ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم اجتهدوا في تعليم الصحابة رضوان الله عليهم القرآن كما سمعه والامر في ذلك كما قال ابن مسعود اقرأوا القرآن كما علمتم وروي ذلك مرفوعا ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى في نقل القرآن معرفة كيفية التلفظ به كما كان يتلفظ به جبريل عليه الصلاة والسلام فينقله النبي صلى الله عليه وسلم تاما بكل حرف وحركة حتى نقل الينا في قرون الامة قرنا بعد قرن على الاوجه المعروفة بعلم القراءات. واما البيان الثاني فهو بيان معنى اللفظ او الجملة او الاية التي تحتاج الامة الى بيانها. يعني ان المقصود بذلك بيان معاني الالفاظ. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبين مجمل القرآن ويخصص عام ها ويقيد مطلقه بسنته صلوات الله وسلامه عليه. ومن هنا كان فعله صلى الله عليه وسلم من جملة ما تفسر به ايات في القرآن الكريم فاية الوضوء مثلا مما يستعان به على تفسيرها النظر الى سنة النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية الوضوء والايات الامرة بالصلاة في قوله تعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل في اية اخر مما يستعان على تفسير مجملها بالنظر الى سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ففسرت سنة النبي صلى الله عليه وسلم اجمال اوقات الصلاة واحوالها وعدد وسجداتها وغير ذلك من احكامها. فكان هذا هو بيان النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الذي انزله الله عز وجل تارة يبين اللفظ بنقله كما سمعه صلوات الله وسلامه عليه من دون نقص ولا زيادة. وتارة يكون بيان صلى الله عليه وسلم للقرآن ببيان معناه على الاوجه التي ذكرنا ويأتي بذلك امثلة في كلام المصنف رحمه الله ضرورة السنة لفهم القرآن وامثلة على ذلك. وقوله تعالى والسابق والسابقة فقطعوا ايديهما. مثال صالح لذلك فان السارق فيه مطلق ان يرث بين السنة القولية الاول منهما وقيادته السارق الذي يترك ربع دينار. بقوله صلى الله عليه وسلم لا قطع الا في ربع دينار فصاعدا. اخرجه الشيخان كما بينت الاخر بفعله صلى الله عليه وسلم او فعل اصحابه واقراره فانهم كانوا يقطعون يد السارق من عند المفصل كما هو معروف في كتب الحديث بينما بينت سنة القولية بيدا المذكورة في اية التيمم فامسحوا بوجوهكم وايديكم لانها الكف ايضا بقوله صلى الله عليه وسلم التيمم ضربة للوجه والكفين اخرجه احمد والشيخان وغيرهم من حديث عمار ابن ياسر رضي الله عنهما واليكم بعض الايات الاخرى التي لا يمكن فهمها فهما صحيحا على مراد الله تعالى الا من طريق السنة الاول قوله تعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. فقد فهم الصحابة النبي فقد فهمت اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله بظلم على عمومه الذي يشمل كل ظلم. ولو كان صغيرا ولذلك استشكل الاية فقالوا يا رسول الله اينا لم يلبس ايمانه بظلم؟ فقال صلى الله عليه وسلم ليس بذلك انما هو الشرك الا تسمعون الى قول لقمان ان الشرك لظلم عظيم اخرجه الشيخان وغيرهما الثاني قوله تعالى واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان ختم ان يفتنكم الذين كفروا وظاهر هذه الاية يقتضي ان قصر الصلاة في السفر مشروط له الخوف. ولذلك سأل بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما بالنا نقصر وقد امنا ولصدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته. رواه مسلم. الثالث قوله تعالى كرمت عليكم الميتة والدم. الاية فبينت السنة القولية ان ميتة الجراد والتمة والكبد والطحال من الدم حلال فقال صلى الله عليه وسلم احلت لنا ميتتان ودمان الجراد والحوت اي السمك بجميع انواعه والكبد والطحال اخرجه البيهقي وغيره مرفوعا وموقوفا واسناد بالموقوف صحيح وهو في حكم مرفوع لانه لا يقال من قبل الرائد. الرابع قوله تعالى قل لا اجد فيما اوحي فيما اوحي الي محرما على افعل من يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسوحا او لحمة خنزير فانه نجس او فسقا اهل لغير الله به ثم دعته السنة فحرمت اشياء لم تنصب في هذه الاية كقوله صلى الله عليه وسلم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلاب من الطير الحرام وفي الباب احاديث اخرى في النهي عن كقوله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر ان الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الانسية فانها رد. اخرجه الشيخان الخامس قوله تعالى كل من حرم زينة الله التي اخرج من عباده والطيبات من الرزق. فبينت السنة ايضا ان من ان من الزينة ما هو محرم فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه خرج يوما على اصحابه وفي احدى يديه حرير وفي الاخرى ذهب. فقال هذان حرام على ذكور امتي حل لاناثها اخرجه الحاكم وصححه والاحاديث في معناه كثيرة معروفة في الصحيحين وغيرهما الى غير ذلك من الامثلة الكثيرة المعروفة لدى اهل العلم بالحديث والفقه. ومما تقدم يتبين لنا ايها اخوة اهمية السنة اهمية السنة في التشريع الاسلامي. فاننا اذا اعدنا النظر في الامثلة المذكورة فضلا عن غيرها مما لم نذكره. نتيقن انه لا سبيل الى في القرآن الكريم فهما صحيحا الا مقرونا بالسنة ففي المثال الاول فهم الصحابة الظلم المذكور في الاية على ظاهره ومع انهم كانوا رضي الله عنهم كما قال ابن مسعود افضل هذه الامة وابرها قلوبا ومقها علما واقل لا تكلف فانه مع ذلك قد اخطأوا في ذلك الفهم لولا ان النبي صلى الله عليه وسلم ردهما من خطأهم وارشدهم الى ان الصواب في الظلم المذكور انما هو شرك. لاتبعناهم على خطأهم ولكن الله تبارك وتعالى خاننا عن ذلك بفضل ارشاده صلى الله عليه وسلم وسنته وفي المثال الثاني لولا الحديث المذكور لبقينا شاكين على الاقل في قصر الصلاة في السفر في حالة الامن ان لم نذهب الى اشتراط الخوف فيه كما هو ظاهر الاية. وكما تبادر ذلك بعض الصحابة الاولى انهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصر ويقصرون معه وقد امنوا وفي المثال الثالث لولا الحديث وايضا لحرمن طيبات احلت لنا الجراد والسمك والكبد والطحال. وفي المثال الرابع لولا الاحاديث التي ذكرنا فيه بعضنا وفي المثال الرابع لولا الاحاديث التي ذكرنا فيه بعضها لاستحللنا ما حرم الله علينا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من اتباع ولهو المخلب من وكذلك المثال الخامس لولا الاحاديث التي فيه لاستحللن ما حرم الله على لسان نبيه من الذهب والحرير. ومن هنا قال بعض السلف السنة تقضي على الكتاب بعد ان بين المصنف رحمه الله تعالى منزلة بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقسم ذلك الى نوعين شرع يضرب امثلة على تحقيق هذا المعنى. وان القرآن مفتقر في مواضع كثيرة الى عن النبي صلى الله عليه وسلم وابتدأ رحمه الله تعالى باية القطع في السرقة وهي قول الله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما فذكر ان هذه الاية جاءت مجملة في شيئين احدهما في القدر الذي يحصل فيه القطع فلم يبين هذا القدر وبينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الصحيحين لا قطع الا في ربع دينار فصاعدا والاخر الاجمال في القدر الذي يقطع من اليد. فان الله عز وجل قال فاقطعوا ايديهما ولم يبين قدر ما يقع فيها اي قطع فيها مقدار الكف ام تقطع الى المرفق ام تقطع الى المنكب كما قالته بعض فرق الخوارج فذكر ان سنة النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ثم فعل اصحابه من بعده عملا بهذه السنة جاء فيها بيان الذي يقطع من انما هو الى مفصل الرسغ وهو الكف. كما ان نظير هذه الاية في اليد جاء في اية التيمم وهي قول الله عز وجل فامسحوا ايديكم فامسحوا بوجوهكم وايديكم فجاءت الاية هنا مجملة في ذكر اليد وبينت السنة انها الكف كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم التيمم ضربة للوجه والكفين وجاءت احاديث ان المسح في التيمم الى المرفق لكن لا يسلم منها شيء من الضعف والمشهور مستفيض في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ان التيمم يكون للكفين فقط. فيكون القدر من الكف في التيمم كالقدر من اليد في القطع في السرقة ثم ذكر رحمه الله تعالى خمس ايات تشتمل على خمسة امثلة تقرر هذا المعنى اولها قول الله تعالى الذين امنوا ولم يلبثوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. فان الصحابة رضوان الله عليهم توهموا ان الظلم هنا يعم كل شيء حتى الصغائر التي يظلم الانسان بها نفسه. فجاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا له اينا لا اينا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس كما تقولون ان تسمعوا قول العبد الصالح يعني لقمان ان الشرك لظلم عظيم. ففسر هذا الحديث اية سورة الانعام الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم ان الظلم فيها هو الشرك. فيكون معنى الاية الذين امنوا ولم يلبسوا ولم يلبسوا ايمانهم بشرك اولئك لهم الامن وهم مهتدون امنون في الدنيا والاخرة مهتدون في الدنيا والاخرة في اصح اقوال اهل العلم رحمهم الله تعالى في تفسير هذه الاية وقد استل بيوطي رحمه الله تعالى في شرحه على الفيته في علم البلاغة من هذا الحديث نوعا من انواع سماه بنفي الموضوع اذ ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس كما تقولون فدفع توهم الصحابة لانهم توهموا موصيا ثم نفاه النبي صلى الله عليه وسلم ببيانه الذي بين وقد وقع هذا في ايات من القرآن وقعت من الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلمت كعائشة رضي الله عنها ثم ذكر المثال الثاني وهو اية القصر في السفر وهي قول الله عز وجل واذا وهمتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا. فان ظاهر هذه الاية يقتضي ان صلاتي في السفر انما يكون مع وجود الخوف فاذا انتفى الخوف فان القصر حينئذ ينتهي وهذا هو الذي فهمه لابن امية رضي الله عنه. فسأل عمر ابن الخطاب عمر ابن الخطاب عن هذه الاية فقال اني سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انها صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته. يعني ان الله سبحانه وتعالى زاد في الفضل فليس القصر في السفر مقصورا على الخوف. ولكن يجمع حال الخوف والامن وانما ذكر الخوف في هذه الاية. لان اصل ابتداء السفر السفر انما هو في الخوف ثم لما امن الناس بقيت هذه بقيت مشروعية القصر في السفر صدقة من الله سبحانه وتعالى. وفي هذه الاية رد على وفي هذا الحديث رد على جماعة من من بعدهم كرهوا ان يقال ان هذا صدقة من الله. وهذا الحديث صريح في ان منن الله عز وجل وكرمه تسمى صدقات على العباد ثم ذكر اية ثالثة وهي قول الله عز وجل حرمت عليكم الميتة والدم فان هذه الاية تفيد العموم فيها ذكر الميتة والدم مقرونا الدالة على الاستقرار الاستغراق. ويعني ذلك ان جميع افراد الدم والميتة محرمة على المسلمين ولكن هذا العموم الذي جاء في هذه الاية خصته السنة وذلك في الحديث الذي اخرجه ابن ماجة من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احلت لكم ميتتان ودمان فاما الميتتان فالجراد والحوت واما الدمان فكبد فالكبد والطحال وهذا الحديث كما ذكر المصنف قد اختلف في وقته ورفعه. والصحيح انه موقوف لفظا كما اخرجه البيهقي في السنن الكبرى بسند صحيح اصح من اسناد ابن ماجة عن ابن عمر قال احل لنا ميتتان ودمان فلم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم ومثل هذا كما تقدم يسمى بالمرفوع حكما فله حكم الرفع لانه لا يقال من قبل الرأي وقول الصحابي احل وامرنا ونهينا. الصحيح من اقوال اهل العلم رحمهم الله تعالى انها مرفوعة الى النبي صلى الله عليه وسلم لم كما اشار الى ذلك العراقي رحمه الله تعالى في الالفية بقوله قول الصحابية من السنة او نحن امرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله باعصر على الصحيح وهو قول الاكثري. فهذا الحديث مرفوع حكما موقوف لفظا في اصح طريقيه وقد دل هذا الحديث على حل شيئين من الميتة هما الجراد والحوت وعلى حل شيئين من الدم وهما الطحال والكبد ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اية رابعة فيها تحريم المطاعم التي لم يأذن الله عز وجل بها وهي قوله تعالى قل لا اجد فيما اوحي الي محرما على طاعم اطعمه الا ان يكون ميتة من اودم مسبوحا او لحم خنزير الاية فهذه الاية تفيد ان ما وراء هذه الاشياء يكون حلالا. ولهذا قال اهل العلم رحمهم الله تعالى الاصل في الاطعمة الحلم الا ما حرمه الله وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا اصل صحيح الا ان هذه الاية جاءت فيها اشياء زائدة جاءت اشياء زائدة عليها في السنة حرمها النبي صلى الله عليه وسلم كتحريم كل بذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير والحمر الانسية في اصح اقوال اهل العلم رحمهم الله الله تعالى في هذه المسائل السنة دلت على قدر زائد من المحرمات في المطاعم فعرف بهذا قدر السنة في هذه المسألة وانها زادت على على القرآن الكريم لاشياء لم تأتي في القرآن الكريم. ثم ذكر اية خامسة بها تمام الايات ست وهي قول الله عز وجل قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق الاية. فان السنة بينت ان من الزينة ما هو حرام على الرجال وهو الحرير والذهب فانهما محرمان على الرجال مع كونهما من جملة الزينة التي اخرجها الله سبحانه وتعالى لعباده. فهذه الامثلة كما ذكر الشيخ رحمه الله تعالى تبين اهمية السنة في التشريع والاحكام الاسلامية وان ان السنة تجيء مبينة للقرآن الكريم وزائدة عليه ولهذا قال بعض السلف كما ختم المصنف وهو حسان ابن عطية قال السنة تقضي على القرآن ومعنى تقضي على القرآن يعني تبين القرآن وهذا البيان تارة يكون بزيادة عليه وتارة يكون ببيان مجمله وتارة بتخصيص وتارة بتقييد مطلقه كما يعرف ذلك ممن عانى صناعة الفقه نعم السلام عليكم ضلال المستغنيين بالقرآن عن السنة ومن المؤسف انه قد وجد في بعض المفسرين والكتاب المعصرين والكتاب المعاصرين من ذهب الى جواز ما ذكر في المثالين الاخيرين من اباحة اكل السباع ولبس الذهب والحرير اعتمادا على القرآن فقط بل وجد في الوقت الحاضر طائفة يتسمون بالقرآنيين ويفسرون القرآن باول دون الاستعانة على ذلك بالسنة الصحيحة بل السنة عندهم تبع لاهوائهم فما وافقهم منها تشبثوا به. ومن لم ومن لم يوافقهم منها نبذوا وراءهم ظهريا. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد اشار الى هؤلاء بقوله في الحديث الصحيح لالفين احدكم متكئا على اريكته يأتيه الامر من امر مما امرت به او نهيت عنه فيقول لا ادري ما وجدناه ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه رواه الترمذي وفي رواية لغيره ما وجدنا فيه حراما حرمناه الا واني اوتيت القرآن ومثله معه وفي اخرى الا انما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله بل ان من المؤسف ان بعض الكتاب الافاضل الف كتابا في شريعة الاسلام وعقيدته ذكر في مقدمته انه الفه وليس لديه من المراجع الا القرآن فهذا حديث صحيح يدل على دلالة وقاطعة على ان الشريعة الاسلامية ليست قرآنا فقط وانما هي قرآن وسنة فمن تمسك باحدهما دون الاخر وان لم يتمسك باحدهما لان كل واحد منهما يأمر بالتمسك بالاخر كما قال تعالى من يطع الرسول فقد اطاع الله وقال فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ليجدوا في انفسهم ودم مما قضيت ويسلموا تسليما. وقال وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون له والخيارات من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا. وقال وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاه عنه فانتهوا وبمناسبة هذه الاية يعجبني ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو ان امرأة جاءت اليه فقالت له انت الذي تقول لعن الله النامصات والمتنمصات الحديث؟ قال نعم. قالت فاني قرأت كتاب الله من اوله الى اخره فلم اجد فيه ما تقول. فقال لها ان كنت قرأتيه لقد وجدتيه اما قرأت قوله وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. قالت بلى. قال فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لعن الله النامصات الحديث متفق عليه بعد ان بين المصنف رحمه الله تعالى بالامثلة قضاء السنة على القرآن بيانا لمجمله وتقييدا لمطلقه وتخصيصا لعامه ذكر رحمه الله تعالى على وجه التحذير طائفة شاعت وداعت وعظم خطرها وتطاير شرابها في القرن الماضي وهي طائفة القرآنيين الذين خرجوا في البلاد الهندية وادعوا ان الاسلام لا حاجة فيه الى السنة النبوية وانما يكتفي الناس بالقرآن الكريم. وزعموا ان سنة النبي صلى الله وعليه وسلم هي التي انتجت الخلافة بين الناس في احكام الديانة. وان القرآن يجمعهم. ونتج من هذا كثير من احكام الشريعة حتى زعموا ان القرآن لم يدل على ان الصلوات الا في اوقات معينة ليست الاوقات التي جاءت بالسنة الى اخر ما ادعوه. وحقيقة مذهبهم مذهب الزنادقة الباطنية. الذين يتوصلون بمثل هذه الدعاوي الى الزعم بان الشريعة لها ظاهر ولها باطن ومن اخذ بالسنة فانما سار على الظاهر واما من ترك السنة ثم غاص بنظره في القرآن فانه يقف على حقيقة الباطن ذلك يجرهم هذا الامر الى سقوط التكاليف الشرعية عنهم بالكلية وانسلاخهم من معنى العبودية وخروجهم من الملة الاسلامية وقد صنف كثير من اهل العلم من البلاد الهندية وغيرها في الرد على هذه الطائفة. واشهر دليل من السنة فيه اجتثاث هذه المقالة قوله صلى الله عليه وسلم الا اني اوتيت القرآن ومثله معه. فبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصحيح في هذا الحديث الصحيح المخرج في سنن ابي داوود وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم اوتي شيئين احدهما القرآن والثاني ما هو مثل القرآن وهو سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي التي اشار اليها الرب سبحانه وتعالى في سورة النجم في قوله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اسفه على بعض الكتاب الذين الفوا في شريعة الاسلام وعقيدته ثم فخر في مقدمة كتابه بانه الف هذا الكتاب وليس لديه من المراجع الا القرآن وهذا ولا ريب من القصور البين لان القرآن لا يفي بجميع احكام الشريعة تفصيلا بل يحتاج الانسان الى كثير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وليس هذا مما يفخر بمثله ثم ذكر الشيخ رحمه الله تعالى ان الحديث المتقدم يدل دلالة قطعية على ان الشريعة الاسلامية ليست قرآنا فقط وانما هي قرآن وسنة فمن تمسك باحدهما دون الاخر فقد زاغ. ولهذا يجيء في القرآن كثيرا قرن الامر بطاعة الله مع طاعة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول بل علق الله سبحانه وتعالى بطاعة رسوله واخبر من اطاع ان من اطاع الرسول فقد اطاع الله كما قال تعالى من يطع الرسول فقد اطاع الله. بل ذكر الله سبحانه وتعالى ان الايمان لا يقع اصلا وكمالا حتى يحكم النبي صلى الله عليه وسلم ويرضى بقوله ويسلم تسليما كاملا كما قال عز وجل فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم خرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. ثم ذكر قول الله عز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعصي الله ورسوله فقد ضلالا مبينا. وقول الله سبحانه وتعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقد صنف ابو عبد الله احمد بن حنبل كتابا لم يبقى منه الا فصول مشتتة نقلها شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن في مواضع من كتبهما مع اشادتهما بهذا الكتاب وهو كتاب طاعة الرسول للامام احمد ابن حنبل وذكر شيخ الاسلام وابن القيم عن الامام احمد انه ذكر ان الله سبحانه وتعالى ذكر طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن في اكثر من ثلاثين موضعا منه ثم ذكر الشيخ رحمه الله تعالى ما يصدق به ما ذكره من افتخار السنة من افتقار القرآن الى السنة وبما فيه مشابهة لما قالت هؤلاء القرآنيين بقصة هذه المرأة التي ادعت على ابن مسعود رضي الله عنه ان انها لم تجد في القرآن ان الله لعن النامصات والمتنمصات والواشمات وقالت اني قرأت كتاب الله من اوله الى اخره فلم اجد ذلك بين الدفتين يعني بين جانبي مصحف فقال ان كنت قرأتيه فقد وجدتيه ما قرأت وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. قالت بلى فقال سمعته رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعن الله النامصات الحديث فجعل ابن مسعود رضي الله عنه هذه الاية الكلية دليلا على وجوب متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع افراد البيان من قوله وفعله وتقريره احسن الله اليك عدم كفايات اللغة لفهم القرآن ومما سبق يبدو واضحا انه لا مجال لاحد مهما كان عالما باللغة العربية وادابها ان يفهم القرآن الكريم دون الاستعانة على ذلك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية فانه لن يكون علم في اللغة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين نزل القرآن بلغتهم ولم تكن قد شابتها لوثة العجمة والعامية واللحد ومع ذلك فان انهم غالطون في فهم الايات السابقة حين اعتمدوا على لغتهم فقط. وعليه فمن البناهية ان المرء كلما كان عالما بالسنة كان احرى بفهم القرآن واسم بعض الاحكام منه. ممن هو جاهل بها فكيف بمن هو غير معتد بها ولا ملتزم ولا ملتفت اليها اصلا ولذلك كان من القواعد المتفق عليها بين اهل العلم ان يفتر القرآن بالقرآن والسنة ثم باقوال الصحابة الى اخره. ومن هنا يتبين لنا سبب ضلال علماء الكلام قديما وحديثا ومخالفتهم للسلف رضي الله عنهم في عقائدهم. فضلا عن احكامهم وهو وهو بعدهم عن السنة والمعرفة بها. وتحكيمهم عقولهم اهواهم في ايات الصفات وغيرها وما احسن ما جاء في شرح العقيدة الطحاوية وكيف يتكلم في اصول الدين من لا يتلقاه من الكتاب والسنة وانما يتلقاه من قول فلان واذا زعم انه يأخذ من كتاب الله لا يتلقى تفسير كتاب الله من احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ولا ينظر فيها ولا فيما قاله الصحابة والتابعون لهم باحسان المنقولة الينا عن الثقافة الذين تخيرهم النقاد فانهم لن ينقلوا نظم القرآن فانهم لم ينقلوا نظم القرآن وحده. بل نقلوا نظمه ومعناه ولا كانوا اعلم ان القرآن كما يتعلم الصبيان بل يتعلمونه بمعانيه. ومن لا يسلك سبيلهم فانهم فانما يتكلم برأيه. ومن يتكلم برأيه وبما يظنه والله ولم يتلقى ذلك من الكتاب فهو مأتوم وان اصاب ومن اخذ منا الكتاب والسنة فهو مأجور وان اخطأ لكن ان اصاب يضاعف اجره ثم قال كما قال فالواجب كمال التسليم للرسول صلى الله عليه وسلم والانقياد لامره وتلقي خبره بالقبول والتصديق دون ان نعارضه بخيال باطل نسميه معقولا او نحمله شبهة شبهة او شكا او نقدم عليه اراء رجال وزبالة اذهانهم فنوحده صلى الله عليه وسلم بالتحكيم والتسليم والقيادة والاذعان. كما نوحد المرسل سبحانه وتعالى بالعبادة والخضوع والذل والانابة والتوكل. وجملة القول ان الواجب على المسلمين جميعا الا يفرقوا بين القرآن والسنة من حيث وجوب الاخذ فيهما كليهما واقامة التشريع عليهما معا فان هذا هو الضمان لهم الا يميلوا يمينا ويسارا والا يرجعوا القهقرة ضلالا كما اصح عنها هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تركت فيكم امرين لم تضلوا ما ان تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يرنا على الحروب. رواه مالك بلاغا والحاكم موصولا باسناده من حسن بين المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة عدم كفاية الاحاطة باللغة العربية لفهم القرآن الكريم. فمهما كان المرء عارفا بعلوم اللغة ومعاني مفرداتها فانه لا يمكن ان يستقل بهذه المعرفة في فهم القرآن الكريم دون الاستعانة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية. لانه كما مر معنا في الامثلة ان تلك الامثلة لم تكن مفتقرة الى بيان لغوي وانما كانت مبتقرة الى بيان شرعي. ثم ان الذين استشكلوها هم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم بمنزلة عظيمة من الفصاحة والبلاغة وسلامة اللسان من لوثة العجبة والعامية واللحن. ومع ذلك غرقوا في فهم بعض الايات التي قوم النبي صلى الله عليه وسلم فهمهم لها. فلابد ان يكون الانسان عارفا بالسنة فوق عرفانه باللغة العربية ليتمكن من فهم القرآن واستنباط الاحكام الشرعية منه مما هو جاهل به ثم ذكر رحمه الله تعالى ان من القواعد المتفق عليها بين اهل العلم ان يفسر القرآن بالقرآن والسنة ثم باقوال الصحابة. والمصنف رحمه الله قال تعالى عدل عن التعبير الشائع ان يفسر القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم باقوال الصحابة ونشر هذا في كلام له في مواضع كثيرة منها فيما يستقبل من الكتاب. فانه رحمه الله تعالى يرى ان التفريق بين الكتاب والسنة بحرف العطف ثم يورث بكر السنة عن القرآن مع ان السنة هي والقرآن شيء واحد ولذلك اختار التعبير بقول ان يأخذ الانسان القرآن من القرآن والسنة ثم بعد ذلك يأخذه من اقوال الصحابة الى اخر المصادر المعلومة عند المشتغلين بمصادر التفسير وهذا الذي ذكره الشيخ رحمه الله تعالى انما حمله عليه كما تقدم حمله عليه نهي الناس وزجرهم عن تفريق بين الكتاب والسنة تقرير ان الكتاب والسنة شيء واحد فقرنهما في هذه القاعدة. واهل العلم قاطبة جروا على تقرير هذه القاعدة النحو المشهور فقالوا يفسر القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم باقوال الصحابة. ولم يقصد هؤلاء الذين رتبوا تفسير القرآن على هذا الوجه لم يقصدوا بذلك بترا السنة عن القرآن. وانما معنى هذه القاعدة ان يفسر القرآن بالقرآن والسنة والاثر الى اخره اذا جاء مصدقا للقرآن. فان لم يوجد في القرآن انتقل بعد ذلك بالسنة والاثر واللغة في مصدقته السنة فان لم يوجد في المفطرين الاولين انتقل الى الاثر المصدق باللغة والاجماع الى اخر ذلك. فليس مقصودهم المباينة بين هذه المصادر بحيث انه اذا وجد في القرآن يفهم من القرآن ولا يعتنى بفهمه من السنة واذا من السنة يفهم من السنة ولا يعتنى بفهم من اقوال الصحابة فان هذا لا قائل به وانما عنوا رحمهم الله تعالى ان يكون ان تكون المرتبة الاولى تفسير القرآن بالقرآن يكون المفسر هو القرآن استقلالا وان جاء معه سنة واقوال صحابة ولغة فهذا امر تابع له فان لم يوجد فينظر في السنة. فان جاء مع السنة اقوال الصحابة ولسان اهل العربية والاجماع. فحينئذ يكون ذلك تابعا للسنة فان لم يوجد في القرآن ولا في السنة انتقل الى اقوال الصحابة فتكون اصلا فان جاء معها موافقة اللغة وهو انعقاد اجماع واشباه ذلك صار عاضدا لهذا. فهذا وجه قول اهل العلم ان القرآن يفسر بالقرآن ثم بالسنة ثم باقوال الصحابة فهو قول صحيح لا عيب على من انتحله. ولكن المصنف رحمه الله تعالى رأى ان الاولى التعبير بقول تفسير القرآن القرآن والسنة ثم باقوال الصحابة لتحقيق ما بين القرآن والسنة من المعارضة. وهذا وجه حسن لكنه لا يخالف طريقة اهل العلم. لان اهل العلم كما ذكرنا لا يقصدون المباينة بين القرآن والسنة بقوله يفسر القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم باقوال الصحابة وانما يقصدون ان يكون القرآن في المرتبة الاولى اصلا في تفسير القرآن وان اندرج معه غيره كسنة او اثر. وفي المرتبة الثانية ان يفسر القرآن قالوا بالسنة وان درج معه غيره كاثم او لغة او اجماع. ثم يقصدون في مرتبة الثالثة ان يفسر القرآن اقوال الصحابة ثم اندرج معه موافقة اللسان العربي او الاجماع اخذ به فهذه هي مصادر التفسير الكبرى على الترتيب المشهور عند اهل العلم وهو ترتيب صحيح لا غضبة فيه ولا تثريب على من انتحله. فيقول يفسر القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم باقوال الصحابة رضوان الله عليهم فهذه مخارج التفسير والى ذلك اشرت بقول مخارج التفكير عند من نظر تفسيره بمثله ثم بالخبر فما اتى عن صحبة وتابعي وخيرة القرون في المجامع فهذه الثلاثة الاصول في فسره وما بقي فضوله يعني ان ما وراء ذلك هو فضول زائد عنها في الغالب ان التفسير لا يحتاج فيه الى مزيد نقل عن السلف بعد السنة وبعد القرآن الكريم ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى كلاما حسنا عن ابن ابي العز سارح العقيدة الطحاوية من بيان اثر اخلال كثير من المتكلمين في علم العقائد بهذا الاصل حتى انهم عمدوا الى الاقيسة العقلية والادلة الجدلية فاستنبطوا منها المعتقدات ورضوا بها وتركوا القرآن والسنة بحيث صار احدهم لا يدري ما هو المعتقد الذي جاء في القرآن والسنة كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة النبوية وغيره ان هؤلاء من المتكلمين في الاعتقاد على خلاف ما جاءت به الشريعة اكثرهم لا يعرف ما جاء به القرآن الكريم ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم. فمن هنا قدموا اراء الرجال وزملاء اذهانهم على ما فيها فظلوا في هذا الباب العظيم باب الاعتقاد احسن الله اليك تنبيه هام ومن البديهي بعد هذا ان اقول ان السنة التي لها هذه الاهمية في التشريع انما هي السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بطرق علمية ولا سند صحيحة معروفة عند اهل العلم بالحديث عند اهل العلم بالحديث والرجال وليس في التي في بطون مختلف الكتب من التفسير والفقه والترغيب والترهيب والرقائق والموعاة وغيرها. فان فيها كثيرا من الاحاديث الضعيفة والمنكرات والموضوعة وبعضها مما يتبرأ منه الاسلام مثل حديث هارون وماروت وقصص الارانق. ولي رسالة خاصة في ايصالها وهي مطبوعة. وقد خرجت كبيرة منها في كتابها الضغط سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة واثرها السير في الامة وقد بلغ عددها حتى الان قرابة اربعة قرابة اربعة الاف حديث وهي ما بين ضعيف وموضوع وقد طبع منها خمسمائة فقط فالواجب على اهل العلم لا سيما الذين ينشرون على الناس فقههم وفتاويهم ان لا يتجرأوا على الاحتجاج بالحديث الا بعد التأكد من ثبوته. فان كتب الفقه التي يرجعون اليها عادة مملوءة عادة مملوءة بالاحاديث الواهية المنكرة وما لا اصل له كما هو معروف عند العلماء وقد كنت بدأت مشروعا هاما في نظري وهو نافع جدا للمشتغلين بالفقه سميته الاحاديث الضعيفة والموضوعات في امهات الكتب الفقهية واعني بها الهداية للمارغيناني في الفقه الحنفي المدونة لابن القاسم في الفقه المالكي شرح الوجيز للرافعية في الفقه الشافعي المغنية لابن قدامة في الفقه الحنبلي بداية المجتهد ابن رشد الاندلسي في الفقه المقارن المقارنة ولكن لم يتحلى اتمامه مع الاسف لان مجلة الوعي الاسلامي الكويتية التي وعدت بنشره ورحبت به حين الصلاة عليه لم تنشره. واذ قد فاتني ذلك فلعلي اوافق في مناسبة اخرى ان شاء الله تعالى الى ان اضع لاخواني المشتغلين بالفقه منهجا علميا دقيقا يساعدهم ويسهل لهم طريق معرفة درجة الحديث الرجوع الى المصادر التي لا بد من الرجوع اليها من كتب الحديث وبيان خواصها ومزاياها وما يمكن الاعتماد عليه منها والله تعالى ولي التوفيق نبه المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الى ان السنة التي لها المحل الاعظم من فهم القرآن وبيان احكام الشريعة انما هي السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من الاحاديث الصحيحة والحسنة. وليس كل من قول في كتب التفسير والفقه والترغيب والترهيب والرقائق والمواعظ وغيرها بل لا بد ان يكون ذلك المنقول صحيحا غير ضعيف فان هذه الكتب التي يتداولها اهل العلم فيها كثير من الاحاديث ضعيفة والموضوعة. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان بعض ما فيها مما يتبرأ منه الاسلام يعني مما يخالف قضى الاسلام في توحيد الله سبحانه وتعالى وتنزيهه واسلام الوجه له واتباع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر من ذلك حديث هاروت وماروت وهو وهو جملة الاحاديث المذكورة في تفسير اية سورة البقرة وهذه الاية قد كثرت الاحاديث المروية فيها ولا يصح منها حديثنا البتة والاية في ظاهرها مغنية عن تطلب تفسير لها فانه لا يحتاج الى التمات الاحاديث التي جاءت فيها تفصيل قصة هاروت ومعروف بل اية البقرة ظاهرة في انها روتا وماروت ملكان انزلهما الله سبحانه وتعالى يبتليان الناس بفتنتهم في السحر ولله عز وجل ان يبتلي خلقه بما شاء على يد ملك او على يد رسول. وفي الحديث القدسي في صحيح مسلم ان الله عز وجل قال في حق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم انما بعثتك لابتليك وابتلي بك. فمن جملة الابتلاء الى الخلق ما وقع في اية سورة البقرة وهو ان الله عز وجل انزل ملكين كريمين هما هاروت وماروت يبتلي في الناس يبتلي الناس بذلك في تعليم السحر. وما عدا هذا التفسير من القدر الزائد مما يذكر في الاحاديث ضعيفك والموضوعة فلا يحتاج اليه وبتتبع تفسير القرآن الكريم فان كثيرا من فهم القرآن الكريم يحال بين العبد وبينه بسبب الاحاديث الضعيفة والموضوعة فتجد ان اكثر المفسرين اعتنوا في هذا المقام بسد مروي في قصة هاروت وماروت وما لحقهما من فتنة الى اخر المروي في ذلك وما جاء في مسحهما. واما العارف بالسنة فهو يرى ان هذه احاديث ضعيفة لا يثبت منها شيء وان لفظ الاية مغن عن تلمس شيء من هذه الاحاديث. وذكر ايضا قصة الغرانيق وان له رسالة خاصة في ابطالها وهي نصب المجانيق في نفس قصة الغرامية. والمراد بقصة الغرانيق ما جاء في عدد من الطرق الموصولة والموصلة ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى من سورة النجم سمع قول وانهن الغوانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى. وهذا اللفظ فيه مدح لالهة المشركين ولذلك فرح المشركون بما سمعوا وقالوا قد رجع الى مدح الهتنا وترك سبها. وهذه القصة قد السلف اهل العلم في صحتها وظعفها والاشبه والله اعلم هو ما ذهب اليه جماعة من المحققين كالحافظ ابن حجر في فتح الباري ان هذه القصة قصة ثابتة فانها قد رويت من اسانيد باسانيد كثيرة مختلفة المخارج متباينة الطرق تدل على ان لهذه القصة باصناف وليس هذه وليس في هذه القصة بحمد الله عند المحققين ما يخالف توحيد الله سبحانه وتعالى ولا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فان هذا القول الذي سمع لم يكن من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن الشيطان لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم هذا المبلغ وهو اقرأ السورة القى الشيطان بصوته في اسماع المشركين هذه مديحة. فظنوا انها من كلام النبي صلى الله عليه وانما فعل الشيطان ذلك ليشبه على الناس دينهم. وفي ذلك قول الله عز وجل في سورة الحج وما ارسلنا من قبلك كالنبي ولا رسول الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته. فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم الله اياته والله عليم حكيم فهذه الاية في اصح قولي اهل العلم بالتفسير ان معناها انه ما من رسول ولا نبي اذا قرأ ما ينزل عليه الا تعشى الشيطان ليحتال في الزيادة على ما يلقى الى النبي الكريم من كلام الله سبحانه وتعالى. ثمان الرب سبحانه وتعالى ينسخ ما يلقي الشيطان فيبطله ويحكم اياته فلا يتأتى ابدا ان يدخل الشيطان فيها شيئا. وعلى هذا المعنى لا يكون في رجع في هذه القصة فيه اشكال وقد اختار هذا القول جماعة من المحققين منهم محمد الامين الشنقيطي ونصر ذلك في رحلة الحج ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه قد اعتنى بتأليف كتاب اسمه سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة واثرها السيء في الامة جمع فيه عددا كبيرا من هذه الاحاديث وقد بلغ عددها حين كتابة هذه الرسالة اربعة الاف ثم ذكر انها جاوزت خمسة الاف ثم تجاوزت بعد وفاته رحمه الله تعالى عشرة الاف حديث نقدها رحمه الله تعالى ومحصها وبين ضعفها فالواجب على اهل العلم حينئذ ان لا يتعجلوا بنقل احاديث من الكتب لا يعرفون لها خطاما ولا زماما ولا يعرفون اين هي صحيحة ام لا. ولا سيما ما كان في الكتب الفقهية وذكر انه كان له مشروع هام في نظره وهو الاحاديث الضعيفة والموضوعة في امهات كتب الفقهية وسمى خمسا من امهات كتب الفقه ولكن لم يتح لم يتح نشره ولا كتابته وهو من المشاريع التي هم بها رحمه الله تعالى ثم لم تخرج الى العيان بل ماتت في ضمن ما مات من امانيه رحمه الله تعالى كالامنية التي تمناها ان يضع المشتغلين منهجا علميا دقيقا يساعدهم على معرفة ثابت من الضعيف لكن له رحمه الله تعالى كتاب ارواء الغليل في تخريج احاديث من ال السبيل وهي احاديث الاحكام الفقهية عند الحنابلة خاصة ويشاركهم في كثير منها عامة المذاهب الفقهية المتبوعة عند اهل السنة الفقهية كغيرها من الكتب فيها احاديث لا اقول انها ضعيفة بل ربما يبنى الباب على حديث لا اصل له كما ان الفقهاء كما ان الفقهاء رحمهم الله تعالى يذكرون في باب الاقرار حديث لا عذر لمن اقر. وهذا حديث لا اصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم في امثلة اخر تقع في كلام بعض الفقهاء رحمهم الله تعالى. ولا يعني هذا مجافاة كتب الفقه. وانها لا تنفع المشتغلة بالحديث بل ان هناك من الكتب الفقهية ما فيه كثير من المستطاب الحديثي الذي لا يوجد في غيره ومن امثلة ذلك كتاب الفروع لابن مفلح فان كتاب الفروع فيه كلام كثير على المرويات والرواة وخاصة من كلام الامام احمد من كتاب العلل الذي ذهب اكثره فلا يوجد الا فيه وفي كتاب المغني لابي محمد ابن قدامة. ومثله كذلك ابو البناية شرع الهداية للحافظ العيني الحنفي. فان فيه كثيرا من الصناعة الحديدية التي قد لا توجد في من كتب تخريج احاديث الاحكام. فينبغي ان يعتني الطالب بمثل هذه الكتب الفقهية للاستفادة منها في بيان قدر المرويات في ابواب الاحكام الفقهية نعم الله اليك ضعف حديث معاذ في الرأي وما يستنكر منه وقبل ان انهي كلمتي هذه ارى لابد لي من ان الفت انتباه الاخوة الحاضرين الى حديث مشهور قل ما يخلو منه كتاب من كتب اصول الفقه. ما معنى ما معنى الفت يوجه الانظار يعني لا المراد الصحيح امحمد اي نعم الفت يعني اصرف وقلنا ان هذا تعبير ملحون وان الصواب ان يقول الانسان اوجه انتباه الاخوة اما الطرف فهو بضد المقصود الذي يقوله المتكلم نعم وقبل ان انهي كلمتها لابد لي من ان اوجه انتباه الاخوة الحاضرين الى حديث مشهور قل ما يخلو منه كتاب من كتب اصول الفقه لضعفه من حيث اسناده انتهينا اليك هذه الكلمة من عدم التفريق من عدم جواز التفريق في التشريع بين الكتاب والسنة. لذلك بعض الناس الان يتكلم فيقول هناك لفتة تربوية هذا معناه خطأ لان معناه صرفة تربوية لان هذا الكلام الذي يذكر لا يقال به لا لا يؤخذ به. فهل تعبير خاطئ؟ نعم ولتعارضي مع ما انتهينا اليه في هذه الكلمة من عدم جواز التفريق في التشريع بين الكتاب والسنة ووجوب الاخذ بهما معا. الا وهو حديث معاذ معاذ بن جبل رضي الله عنه ان صلى الله عليه وسلم قال له حين ارسله الى اليمن بما تحكم؟ قال بكتاب الله قال فان لم تجد قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فان لم تجد قال اجتهد رأيي ولا الوا قال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نضعف سري فلا مجال لبيانه الان وقد بينت ذلك بيانا شافيا ربما لم اسبق اليه في السلسلة السابقة بالذكر. وحسبي الان ان اذكر ان امير المؤمنين في الحديث الامام البخاري رحمه الله تعالى قال فيه حديث منكر وبعد هذا يجوز لي ان اشرع في بيان التعارض الذي اشرت اليه فاقول ان حديث معاذ ابن يضع للحاكم منهجا في الحكم على ثلاث مراحل لا يجوز ان يبحث عن الحكم في الرأي الا بعد ان لا يجده في السنة ولا في السنة الا بعد ان لا يجده في قرآن وهو بالنسبة للرأي منهج صحيح لدى كافة العلماء وكذلك قالوا اذا ورد الاثر بطل النظر ولكنه بالنسبة للسنة ليس صحيحا لان السنة حاكمة على كتاب الله ومبينة له. فيجب ان يبحث عن الحكم في السنة ولو ظن وجوده في الكتاب لما ذكرنا. وليست السنة مع القرآن كالرأي مع السنة كلا ثم كلا بل يجب اعتبار الكتاب والسنة مصدرا واحدا لا فصل بينهما ابدا. كما اشار الى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم على اني اوتيت القرآن ومثله مع يعني السنة وقوله وقوله لن يتفرقا حتى يرد على الحوض. فالتصنيف المذكور بينهما غير صحيح الا انه يقتضي التفرقة بينهما وهذا باطل فسبق بيانه فهذا هو الذي اردت ان انبه اليه فان اصبت فمن الله وان اخطأت فمن نفسي والله تعالى اسأل ان يعصمنا واياكم من الذلل ومن كل ما لا يرضيه واخر الاعواد ان الحمد لله رب العالمين. ختم المصنف رحمه الله تعالى كتابه هذا ببيان ضعف حديث عاد في الرأي وهو حديث ضعيف عند متقدمي الحفاظ وقد قال فيه البخاري حديث منكر وحسنه شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير في صدر تفسيره. والاشبه والله اعلم صحة قول من ضعفه من ائمة الحفاظ المتقدمين. فهو حديث ضعيف اخرجه اصحاب السنن الا ان معنى هذا الحديث مما يتنازع فيه فان كان معنى هذا الحديث كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى لانه يقتضي ان يكون القرآن مباينا للسنة وتكون السنة مباينة للرأي بحيث لا يجمع مع القرآن ما اجمعوا الى القرآن السنة ولا يجمعوا الى السنة الرأي فهذا معنى باطل ولا ريب لان القرآن والسنة شيء واحد وان كان معنى هذا الحديث ان الحاكم سواء كان حاكما في الاموال او الاديان او غيرها اذا كان المقصود انه يحكم بكتاب لا الذي تصدقه السنة ويصدقه الرأي ولابد فحينئذ يكون ذلك مقدما فان خلا الحكم من وجوده على هذه المرتبة نظر في السنة التي تكون مصدقة بالرأي فان خلا من هذا فانه ينظر الى الرأي وكون الرأي مؤخرا عنها هذا هو الفهم صحيح الذي درج عليه اهل العلم كافة في ما سلف من ان هذا هو المعنى المقصود بالحديث. اما اذا كان المعنى ما ذكر الشيخ من انه يطلق على ارادة المباينة والتفريق بين الكتاب والسنة فهذا ممنوع وليس هذا مرادا في هذا الحديث عند اهل العلم رحمهم الله تعالى وهذا اخر تقرير على كتاب منزلة السنة للاسلام للعلامة الالباني اعتذروا عن عدم قدرتي على الوفاء بدرس الفجر وعدم اعتدال سابق واني بحمد الله خلال تسع سنين من التدريس لا اذكر اني غبت الا باعتدال سابق الا في هذا يوم كان غدرا مقدورا لعارض عرب ولكن ان شاء الله تعالى سننفذ درس الفجر وذلك في درس العصر وسنقرأ اولا ابن حجر الذي هو كتاب العصر وهو كتاب لطيف من لطف الله عز وجل ان جاء كتابا ذا حجم لطيف ومعنى شريف يمكن ان شاء الله تعالى وانفاذه في ساعة واحدة وتكون الساعة الثانية ان شاء الله تعالى محلا لدرس الفجر وبه ان شاء الله تعالى يستتم عقد هذه الدروس الله عز وجل الإعانة على اتمامها والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه اجمعين