السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا هو الدرس الثلاثون من برنامج من برنامج الدرس الوحي الرابع هو الكتاب المقروء فيه هو رسالة كتبها ابن القيم رحمه الله تعالى الى احد اخوانه وقبل الشروع في اقراره لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول وين التفسير يعني المقصد الاول جر نسبه هو العلامة المحقق محمد بن ابي بكر ابن ايوب الزراعي ثم الدمشقي يكنى بابي عبد الله ويعرف بشمس الدين وبدهن قيم الجوزية ويقال اختصارا ابن القيم والجوزية مدرسة كان ابوه قيما لها والقيم هو المدبر لشؤون المدرسة المتطرف في اوقاتها بمنزلة المدير في عرف اهل العصر المقصد الثاني تاريخ مولده ولد السابع عشر ولد السابع صفر سنة احدى وتسعين وست مئة المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله ليلة الخميس ثالث عشر شهر رجب سنة احدى وخمسين والسبعمائة وله من العمر ستون سنة فرحمه الله تعالى رحمة واسعة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه لا تشتمل النسخ الخطية في هذه الرسالة على تعيين اسم سماها المصنف به وانما يضع يضع لها مفهرس المخطوطات ما يرونه مناسبا لمضمونها ودلوا عبارة على ذلك ان هذه الرسالة كتاب ارسله ابن القيم الى احد اخوانه المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذه الرسالة وصية جامعة ونصيحة نافعة عليها انوار الوحيين المقصد الثالث توضيح منهجه اصل هذه الرسالة كما سلف انما هو كتاب ارسله ابن القيم الى احد اخوانه فهي معدودة من جملة المكتوبات بين اهل العلم فلم تكتب اصلا على وضع التصنيف غير ابن القيم رحمه الله تعالى اظهر فيها جملا من التقاسيم النافعة والمشاهد الايمانية اللامعة لما عز نظيره في بقية تفانيده فعلى هذه الرسالة حلاوة ولمن ذاقها مرارا عرف ما فيها من الطلاوة نعم بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللحاضرين وللسامعين وللمسلمين. قال المحيط رحمه الله الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين على اله وصحبه وسلم. هذا كتاب ارسله الشيخ الامام العالم العلامة شيخ الاسلام مفتي المسلمين ابو عبد الله محمد بن ابي بكر المعروف الجوزية رحمه الله تعالى علاء الدين ان يحسن الى الاخ علاء الدين في الدنيا والاخرة وينفذ به ويجعله مباركا بينما كان. فان بركة الرجل سالمون للخير حيث قال الله تعالى هدايا الى الله مذكرا بهم واغبا في طاعته من بركة الرجل. ومن خلاني ماذا فقد خلاني البركة قد درجة لقائه والاجتماع به بالناجريات يعني ما يجري من الحوادث والوقائع. نعم وكل افة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت وفساد القلب يعود بضياع حظه من الله تعالى ونقصان درجته ومنزلته عنده افة تدخل على العبد فسببها ضياع القلب وفساد القلب ثم غافلة وتعود بضياع حظهم جملة جديدة صححوه عندكم. ضياع قلبه سببها ضياع الوقت وفساد القلب ثم وتعود بضياع حظه. اعد وكل عقل. وكل افة تدخل على العبد فسببها ضياع المقص وفساد القلب من الله تعالى ونقصان درجته ومنزلته عنده ولهذا اوصى بعض الشيوخ فقال احذروا مخالفة من تبين مخالفته الوقت وتفسد القلب فانه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفردت على العبد اموره كلها وكان ممن قال الله الا في ان القليل ممن غسلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى واتبعوا اهواءهم ومصالحهم فرطا اي فرطوا فيما ينفعهم ويعود عليهم لصلاحهم واشتغلوا بما لا ينفعهم بل بما يعود بضررهم عاجلا وادلا وهؤلاء قد امر الله سبحانه والا يطيعهم لا تتم الا بعدم طاعتها هنا لانه مما يدعون الى ما يشافيهم من ذكر الله والغفلة عن ذكر الله الغفلة تباع يصده عن قصد الحق وارادته واتباعه فيكون من المغضوب عليهم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى اول ما ذكر في هذه الرسالة دعاء الرب سبحانه وتعالى لاخيه الموصل اليه بان يحسن اليه الله عز وجل في الدنيا والاخرة وان ينفع به ويجعله مباركا اينما كنت ثم ذكر ان بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل. ونصحه لكل من اجتمع به. وهذه هي المرتبة التي تبوأها مسيح عيسى عليه الصلاة والسلام كما قال وجعلني مباركا اينما كنت اي معلما للخير داعيا الى الله سبحانه وتعالى مذكرا به مرغبا بطاعته. فهذه بركة الرجل وليست بركته درهمه وديناره. ولا قوله وبيان وانما بركته تعليم الخير وهداية الناس الى الحق. واذا خلا العبد من هذه البركة فقد محكت محقت بركة لقائه والاجتماع به وضاع على لاقيه من الخير الشيء الكثير واثر على صحبته لمثل هؤلاء فضاع عليه وقته وفسد عليه قلبه. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى قاعدة نافعة وهي ان كل افة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت وفساد القلب. ومن هنا قال من قال ممن مضى نفسك ان لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية. وهذا اشار به الى فساد القلب. وقال ايضا السيف ان لم تقطعه قطعك فاشار بذلك الى ضياع الوقت. فكل افة تسري الى العبد في نفسه فانها من من ضياع وقته وفساد قلبه. واذا استحكم هذا في حق العبد ضاع عليه حظه من الله سبحانه وتعالى فنقصت درجته ومن هنا كان السلف رحمهم الله تعالى يعنون بحفظ اوقاتهم واغتنام اعمارهم فيما يقربهم الى الله سبحانه وتعالى صيانة لقلوبهم وحرصا على حظهم من ربهم كما مر في كتاب حفظ العمر لابي الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى ثم نقل توصية نافعة عن بعض الشيوخ الصالحين اذ قال احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب انه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد اموره كلها وكان ممن قال الله تعالى فيه ولا تطع ان اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا. فاذا ضاع وقت الانسان وفسد قلبه عليه حظه من ربه سبحانه وتعالى وكان امره فرط غير مستغنم للحسنات ولا مستقل من السيئات. ثم ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى ان حال اكثر الخلق هو على هذا الوجه ممن غفل قلبه عن ذكر الله واتبع هواه وصارت امورهم ومصالحهم فرطى اي فرطوا فيما ينفعهم ويعود عليهم بما يصلحهم واشتغلوا بما لا ينفعهم بل ربما بما عاد عليهم بالضرر العاجل والاجل. وهؤلاء قد امر الله سبحانه وتعالى رسوله بالا يطيعهم. فمن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباعه في هذا والوصية بوصية الله سبحانه وتعالى التي اوصاه اياها بان لا يميل الى هؤلاء ثم ذكر رحمه الله تعالى ان الغفلة عن ذكر الله والدار الاخرة متى تزوجت باتباع الهوى تولد بينهما كل شر وكثير ما يقترن احدهما بالاخر تبيت الزوجين هما. ومن تأمل فساد احوال العالم عموما وخصوصا وجده ناشئا عن فهذين الاصلين اما الغفلة عن ذكر الله سبحانه وتعالى واما اتباع الهوى. فالغفلة تحول بين العبد وبين تصور الحق ومعرفته والعلم به فيكون ضالا لا علم عنده كما كانت حال النصارى الذين عملوا لله عز وجل بغير علم فكانوا ضلالا. واما اتباع الهوى فانه يصد عن قصد الحق. ويمنع من ارادته واتباعه فيكون العبد من المغضوب عليهم كحال اليهود الذين كان عندهم علم من الحق لكنهم اتبعوا اهواءهم وركبوا في سفن الهوى فبعدت بينهم وبين اتباع الشريعة فصاروا مغضوبا عليهم واما المنعم عليهم فهم الذين من الله تعالى عليهم بمعرفة الحق علما وبهم الفئات اليه وايثاره على ما سواه عملا هم الذين على سبيلهم نجاة ومن سواهم على سبيل الملاك ولهذا امرنا الله سبحانه ان نقول كل يوم وليلة عزة مرات اهدنا مستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فإن العبد محرم كل الاضطرار الى ان انا عارفا بما ينزع في مآسي ومعارف وان يكون مؤثرا مريدا لما ينفعه مستندا لما يضره فبمجموع هذين اكون هدي الى الصراط المستقيم فان فاته معرفة ذلك سلك سبيل الضالين وان فاته قصده واتباعه سلك سبيل المغضوب عليهم. وبهذا تعرف قدر هذا الدعاء العظيم رحمه الله تعالى هنا براءة المنعم عليهم من هاتين العلتين فان هاتين العلتين وهما الغفلة واتباع الهوى حظ المغضوب عليهم والضالين قد اقتسموها بينهم اما المنعم عليهم ممن هداهم الله سبحانه وتعالى فهؤلاء قد دلهم الله سبحانه وتعالى الى الحق فقدموه على كل شيء فسلموا من اتباع الهوى. واعانهم الله سبحانه وتعالى على العمل بالعلم مقيمين له غير غافلين فكلموا من معرة الضلال فكانوا جامعين بين هذين المطلبين قد عرفوا ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم ثم اثروا هذا الذي عرفوه على كل شيء فحصل لهم بذلك سلوك والصراط المستقيم وصاروا من المنعم عليهم الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين والعبد منتقم الى الهداية في كل لحظة ونفس في جميع ما يأتيه ما يذر فانه بين امور لا ينفك عنها. احدها امور قد اتاها الاية التوبة منها او تكون امور لم يعرف وجه الهداية فيها لا علما ولا عملا فباته الهداية على علمها ونعيبتها والى قصدها وارادتها او امور قد هدي فيها من وجه دون وجه فهو محتاج الى تمام الهداية فيها او امور قد هدي الى اصلها دون تفاصيلها فهو محتاج الى هداية التقسيم او طريق قد هدي اليها وهو محتاج الى هداية اخراجها فالهداية الى الطريق شيء والهداية في في طريقك شيء اخر الا ترى ان الرجل يعرف ان طريق البلد الفلاني هو طريق كذا وكذا ولكن لا يحسن ان يسلكه فان سلوكه فان محتاج الى هداية خاصة في نفس السلوك كالسير في وقتك لا دون وقت كذا مقدار كذا والنزول من هكذا فهذه هي هداية في نفس الشيء قد يظهرها من هو عارف لان الطريق هي هذه فيهلك وينقطع عن المقصود. وكذلك ايضا امتنع اموره ومحتاج الى ان يحصل له فيها من الهداية في المستقبل مثل ما حصله في الماضي وامور المؤخر عن اعتقاد حق او باطل فيها فهو محتاج الى هدى وهو على ضلالة ولا يشعر فهو الى انتقاله عن ذلك الاعتقاد في الهداية من الله وامور قد فعلها على وجه الهداية وهو محتاج الى ان يهدي يهدي اليها غيره ويرشده وينصحه ذلك يفوت عليه من الهداية بحسبه. كما ان هدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية. فان الجزاء من مثل ان كلما هدى غيره وعلمه هداه الله وعلمه فيصير هاديا مهديا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وغيره زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين فينا اليوم حربا لاعدائك نحب بحبك من احبك ونعادي بعداوتك من خالفك. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة منفعة تكرار الداعي في كل صلاة من اهل الاسلام بقوله اللهم بقوله اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم وقد اشار الى نحو هذا المعنى الذي ذكره المصنف اشار اليه شيخه ابن بمواضع من كتبه وتلميذه ابن رجب في مواضع من كتبه والمصنف نفسه في مدارج السالكين وغيرها من تصانيف الا ان عبارته هنا اشفى واكمل الا ان عبارته هنا اشكى واكمل بيانا. فذكر ان العبد يفتقر الى هداية الله سبحانه وتعالى في كل لحظة ونفس. وان الهداية العامة التي حظي بها من الدخول في الاسلام لا تغنيه عن تفاريد الهداية وتفاصيلها في مقامات عدة. احدها امور قد اتاها على غير وجه الهداية جهلا. فهو محتاج الى ان يطلب بداية الى الحق فيها ومنها ان يكون عارفا بالهداية فيها فاتاها على غير وجهها عمدا فهو محتاج الى التوبة منها ومنها ان تكون امور لم يعرف وجه الهداية فيها لا علما ولا عملا ففاتته الهداية على علمها ومعرفتها والى قصدها وارادتها وعملها او امور قد هدي فيها من وجه دون وجه فهو يحتاج الى تمام الهداية فيها او امور قد هدي الى اصلها دون تفاصيلها فهو الى التفصيل او طريق قد هدي اليها وهو محتاج الى هداية اخرى فيها فالهداية الى الطريق شيء والهداية في نفس الطريق يعني الى تفاصيل الطريق شيء اخر وكذلك ايضا تم امور هو محتاج الى ان يحصل له فيها من الهداية في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي وهناك امور خال عن اعتقاد حق او باطل فيها فيحتاج الى هداية الى الصواب فيها وثم امور يعتقد فيها انه على الهدى وهو على الضلالة وهو محتاج الى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهداية من الله سبحانه وتعالى وهناك امور قد فعلها على وجه وهو محتاج الى ان يهدي اليها غيره ويرشده وينصحه وينصحه فاهمال ذلك يفوت عليه من الهداية بحسبه فهذه مقامات عظيمة من المراتب والمقامات التي يحتاج العبد فيها الى هداية الله عز وجل. ولهذا فان العبد مفتقر الى هداية الله سبحانه وتعالى في كل نفس من انفاسه وتحريكة من تحريكاته لان العبد اذا لم تكن له هداية من الله عز وجل تأخذ ولهذا ثبت عند البزار بسند صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم كان من دعائه اللهم لا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. فكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ان لا يوكل الى نفسه طرفة عين لانه اذا وكل الى نفسه طرفة عين فقد هداية الله سبحانه وتعالى وعند ذلك كان العبد على شفا هلكه ان يخذل لفقدانه الهداية في شأن من شؤونه ولذلك كان العبد مأمورا بان يردد دائما سؤال الله سبحانه وتعالى بهدايته لتشمل الهداية كل مقام من هذه المقامات العظيمة. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان هداية العبد لغيره ونصحه اياه يفتح له باب الهداية فان الجزاء من جنس العمل. فمن فان الذي يتصدى لهداية الناس وتعليمهم وجلالتهم يفتح الله عز وجل له وابوابا من العلم والخير والهداية سيكون هاديا مهديا كما جاء في الدعاء الذي رواه الترمذي وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا اللهم بينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين غير ظالين ولا مضلين الى اخره. وهذا الدعاء مركب من حديثي مختلفين لا يسلمان من ضعف والاشبه ان اوله من الدعاء بزينة الايمان والجعل بكونه هاديا مهديا اشبه انه يحسن دون تمام الحديث وقد اثنى الله سبحانه على عباده المؤمنين الذين يسألونه ان يجعلهم ائمة يهتدى بهم فقال تعالى في صفات عباده والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعينهم واجعلنا للمتقين اماما. قال ابن عباس اهتدى بنا في الخير وقال ابو صالح يهتدى به فقال مفعول ائمة بالتقوى يقتضي بنا المتقون. وقال مجاهد اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم على من لم يعرف قدر فهم السلف وقال يجب ان تكون الاية على هذا القول من باب المطلوب على تقديره واجعل المتقين لنا ائمة. وهذا من ثمن فهم مجاهد رحمه الله فانه لا يكون الرجل اماما للمتقين حتى يتم بالمتقين. فنبه مجاهد على هذا الوجه الذي ينالون به هذا المطلوب وهو اقتداء السلف المتقين من قبلهم فيجعلهم الله سبحانه وائمة للمتقين من بعدهم. وهذا من احسن الفهم في القرآن والطفه. ليس من باب قلبي فيه شيء فمن اهتم باهل السنة قبله اهتم به من بعده ومن ماله ووحد الله سبحانه لفظ اماما ولم يقول واجعلنا للمتقين ائمة. ووحد الله سبحانه لفظ اماما ولم يكن وجها للمتقين اما فقيل الامام في الاية جمع ان فقيل الايمان بالاية جمع ان نحو صاحب وصحت نحو صاحب وصحاب. وهذا قول الاخفش وفيه بعد وليس هو من اللغة المشهور المستعملة المعروفة حتى يفسر بها كلام الله وقال اخرنا الامام هنا نفسه اللتي يقال ان امام النحو صام صياما وقام قياما اي اجعلنا ذوي امام وهذا ابعث من الذي قبله. وقال انما قال اماما ولم يقل ائمتنا على نحو قوله تعالى ولم يقل رسول رب العالمين وهو من الواحد المراد بالجمع نحو قول الشاعر اي لسنا لي بامراء وهذا احسن الاقوال غير انه يحتاج الى مزيد بيان وهو ان المتقين كلهم على طريق واحد ومعبود واحد وسبيل واحد وهم اتباع كتاب واحد ونبيهم نبي واحد وعبيد رب واحد فدينهم واحد ونبيهم واحد كتابهم واحد ومعبودهم واحد فكأنهم كلهم اله واحد من امدادهم ليسوا كالائمة المختلفين الذين قد اختلفت طرائقهم مذاهبهم وعقائدهم الائتمان انما هو دماءهم عليه وهو شيء واحد وهو الامام في الحقيقة لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان من توفيق العبد ان ييسره للسعي في هداية الناس وتعليمهم للخير وان ذلك سبب من اسباب الاهتداء ان الجزاء من جنس العمل ذكر ثناء الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين الذين يسألونه في دعائهم ان يجعلهم ائمة خدمة للمتقين كما قال الله سبحانه وتعالى والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعل اجعلنا للمتقين اماما. ثم ذكر من كلام السلف رحمهم الله تعالى في تفسيرها قول ابن عباس يهتدى بنا في الخير. وقول ابي صالح الزيات يهتدى بهدانا وقول مكحول ائمة في التقوى يقتدي بنا المتقون وكل هذه الاقوال مؤتلفة على معنى ان واحد ثم ذكر قول مجاهد وهو اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم. وقد زعم بعض اهل العربية ان هذا من التفسير بالمقلوب فاصل الاية المتقدمة وجعلنا للمتقين اماما. اي ان يكون الداعي اماما للمتقين في تفسير مجاهد ان يكون الداعي مؤتما بالمتقين. فزعم هذا القائد ان هذا قلب بالتفسير. وقد ابطل ابن القيم رحمه الله تعالى هذه ثم قال بان هذا من تمام فهم مجاهد. فان الرجل لا يكون اماما للمتقين حتى يأتم بالمتقين. وهذا هو الذي اخذه مجاهد رحمه الله تعالى فان من شروط امامة المتقين ان يكون من يريد ان يكون الراغب فيها سائرا طريق المستقيم مقتديا بهم مؤتما بما كانوا عليه. لان طريقهم واحد. ثم ذكر ان هذا من احسن فهم في القرآن وليس فمن باب القول في شيء فمن اهتم باهل السنة قبله اهتم به من بعده ومن معه. ثم ذكر رحمه الله تعالى النكتة في تفريج كلمة امام فلم يقل الله عز وجل وجعلنا للمتقين ائمة وانما قالوا وجعلنا للمتقين اماما. فذكر في ذلك ثلاثة اقوال لاهل العربية اولها ان الامام في الاية جمع عام نحو صاحب وطحام ورجل ورجال وهذا قول الاخفش وفيه بعد كما قال ذلك انه ليس على وصف اللغة الشائعة الفاشية المعروفة بكلام الله سبحانه وتعالى ومن التفسير ان كلام الله سبحانه وتعالى يحمل في تفسيره على اللغة المشهورة المستعملة المعروفة لا على اللغة القليلة النادرة المهجورة اوعى ثم ذكر قولا قولا ثانيا عن بعض اهل العلم وان الامام هنا مصدر بائث يقال اما امام النحو صام قياما وقام قياما اي اجعلنا ذوي امام وهذا اضعف من النبي قبله وذلك لافتقاره الى التقدير والاصل ان الكلام لا يحمل على التقدير ما لم يكن ثم قرينة حاملة عليه فقوله هنا يقتضي تقدير اجعلنا ذوي امام والاصل عدم التقدير الا بقرينه. ثم ذكر قولا ثالثا وهو ان المفرد هنا قصد هذه الجنس كما قال الله سبحانه وتعالى في حق موسى وهارون ان رسول رب العالمين ولم يقل رسول رب العالمين فهذا واحد اريد به الجمع هذا قول الفضاء وهو احسن الاقوال فما اختاره ابن القيم رحمه الله تعالى. فيكون معنى هذه الاية ان المتقين كلهم على طريق واحد ومعبود واحد وسبيل واحد واتباع كتاب واحد ونبي واحد وعبيد رب واحد فدينهم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد ومعبودهم واحد وقبلتهم واحدة فكأنهم كلهم امام واحد لمن بعدهم ليسوا كالائمة المختلفين الذين اختلفت ومذاهبهم وعقائدهم فيكون هذا من قبيل المفرد الذي اطلق واريد به الجمع فصل وقد اخبر سبحانه ان هذه الإمامة انما تنال بالصبر واليقين فقال تعالى وجعلنا منهم ائمة يأتون بأمرنا لما صدروا وكانوا بآياتنا يوقنون. فبالصبر واليقين تنال الامامة في الدين. فقيل بالصبر عن الدنيا وقيل بالصبر على البلاء وقيل بالصبر عن منعاني والصواب انه بالفرج عن ذلك كله بالصبر على اداء فرائض الله والصبر عن محارمه والصبر على اقداره وجمع سبحانه بين الصبر هما سعادة العبد وفقدهما يقصده سعادة يفقده سعادته. فان القلب تطرقه طوارق الشهوات المخالفة لامر الله وطوارق الشبهات المخالفة لقدمي فاصدع فبالصدر يدفع الشهوات وباليقين يتبع الشبهات فان الشهوة والشبهة مضادتان للدين من كل وجه فلا ينجو من عذاب لا الا من دفع شهواته بالصبر وشبهاته باليقين ولذلك اخبر الله سبحانه عن حبوب اعمال اهل الشبهات والشهوات فقال كالذين من قبلكم كانوا اشد منكم قوة واكثر اموالهم واولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم لخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخنتم كالذي خابوا فهذا الاستماع للاخلاق واستمتاع بنصيبهم من ثم قال وخبز كالذي خاضوا وهذا هو خوض اهل الباطل في دين الله وهو خوض اهل الشبهات. ثم قال اولئك اولئك حفظت اعمالهم في الدنيا والاخرة واولئك هم الخاسرون. تعلق سبحانه حدوث الاعمال والخسران باتباع الشهوات الذي هو الاستمتاع بالخلاء وباتباع الشهوات الذي هو الخوض بالباطل. اتباع الشبهات وباتباع الشبهات الذي هو الخوض بالباطل. بعد ان بين المصنف رحمه الله تعالى في الجملة الفائتة ان المؤمنين يدعون ربهم سبحانه وتعالى بان يوفقهم للامامة بالدين. ذكر رحمه الله تعالى ان هذه الامامة كما تنال بالصبر واليقين. فقال تعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يقيمون الصبر واليقين تنال الامامة في الدين. واقدم من نقلت عنه هذه الكلمة هو ابو محمد سفيان ابن عيينة الهلالي. فانه كان يقول بالصبر واليقين تنال الامامة بالدين وقد استنبطها من اية السجدة وجعلنا وجعلنا منهم ائمة يزون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون ثم ذكر رحمه الله تعالى الخلافة في تعيين الصبر او الصبر على الدنيا ام الصبر على البلاء ام الصبر وعن المناهج والصواب كما قال انه بالصبر عن ذلك كله بالصبر على اداء فرائض الله والصبر على محارمه والصبر على اقداره واجمع من هذا ان يقال ان حقيقة الصبر هو حبس النفس على امر الله. وامر الله سبحانه وتعالى ينقسم الى قسمين الامر الكوني الذي هو الاقدار المؤلمة والثاني الامر الشرعي الذي هو الامر والنهي فيؤمر العبد بان يصبر على اقدار الله سبحانه وتعالى فلا يتسخطها. وان يصبر على الفرائض فيأتيها هو عن ملاهي في تركها فاذا كان كذلك كان عبدا صابرا صبورا. ثم ان الله سبحانه وتعالى جمع في هذه الاية بين الصبر واليقين لان سعادة العبد وفقدهما يفقده سعادته. وذلك ان امراظ القلب كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية والتلميذ ابن القيم ثم ابن رجب في اخرين انما تنشأ من علتين اثنتين احداهما العلل التي تنشأ من الشهوات والاخرى العلل التي تنشأ من الشبهات فعمم الشهوات تدفع بالصبر وعلل الشبهات تدفع بيقين وهذا هو السر في اقتران هاتين الكريمتين احداهما باخرى وذلك انهما دواءين فدائيين عظيمين فبالصبر تدفع اجواء الشهوات باليقين تدفع ادواء الشبهات وكما ان فصل وكما انه سبحانه علق الامامة في الدين بالصبر واليقين فالاية متضمنة لاخوين الاخرين. احدهما الدعوة الى الله وهي هداية خلقه الثاني هدايتهم لما امر به على لسان رسوله لا منهم قضى عقولهم وارائهم وسياساتهم واذواقهم وتبليد اسلافهم بغير الله لانه قال يهدون لامرنا لما صبروا فهذه اربعة اصول تضمنتها هذه الاية احدها الصبر وهو حث النفس عن محارم اي واحد سواء على فرائضه وحبسها عن التسخط والشكايات لاقداره. الثاني اليقين وهو الايمان الجازم ثابت الذي لا ريب فيه ولا تردد ولا شك ولا بخمسة اصول ذكرها الله تعالى في قوله والملائكة والكتاب والنبيين وفي قوله ومن يكن الله وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل نظرا بعيدا وقوله امن الرسول بما اودي اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله الناس مقلوبة تمام في الآية خطأ اقرا هاي الصوبة وبين احد من رسله والايمان باليوم الاخر وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بينهما في حديث عمر رضي الله عنه في قوله الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فهذه الاصول الخمس من لم يؤمن بها فليس بمؤمن واليقين ان يكون الايمان بها حتى تصير كانها معاينة للمعاينة للقلب مشاهدة له نسبتها الى البصيرة كنسبة الشمس والقمر الى البصر ولهذا قال من قال من السلف ان الايمان هو اليقين كله. الثالث هداية الخلق ودعوته الى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قولا ممن دعا الى الله قال الحسن البصري وعمل بطاعته واجعل الخلق اليه دنية الله تعالى وهم دنية الله تعالى الذين استثناهم الله عز وجل. نعم وهم سنية الله تعالى من الخاسرين. قال تعالى والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات له بهما ولهذا قال الشافعي رحمه الله تعالى لو فكر الناس كلهم في سورة اخي لكفتهم الله على بصيرتنا قال تعالى الله تفسير لسبيله الذي هو عليها فسبيله وسبيل اتباعه الدعوة الى الله فمن لم يدعو الى الله فليس على سبيله وقوله على بصيرة قال ابن الاعرابي البصيرة الثبات في الدين وقيل البصيرة العبرة كما يقال اليس لك في كذا بصيرة معنى البصيرة اي عبرة؟ قال الشاعر الذاهبين الاولين من القلوب لنا بصائر. والتحقيق ان العبرة ثمرة البصيرة فاذا تبخرت كبر فمن عدم البصيرة عدم فكأنه لا بصيرة له واصل النفي من الظهور والبيان. فالقرآن بصائر اي ادلة وهدى وبيان يقول الى الحق ويهدي ويهدي الى الرشد ولهذا يقال للطريقة من الدم التي يستدل بها يستدل بها التي يستدل بها على الرمية بصيرة. على الرمية هي التي يستدل بها على مسجد الصيد الذي رمي يعني الدم الذي يسري بعد الصيد وهو يمشي يسمى بصيرة ولهذا يقال للطريقة من الدم التي يستذل بها على الرمية بصيرة فدلت الاية ايضا على ان من لم يكن على بصيرة فليس من للرسول وان اتباعه هم اولو البصائر ولهذا قال انا ومن اتبعني فان كان المعنى ادعو الى الله على بصيرة ويكون من اتبعني معطوفا على الضمير المرفوع ان ادعو واحسن العفو واحسن العقد لاجل الفصل. واحسن العطف فهو دليل على ان اتباع الرسول على ان اتباع الرسول هم الذين يدعون الى الله والى رسوله وان كان من اتبعني معطوفا على الضمير للمجرور في سبيلي اي هذه سبيلي وسبيل من اتبعني فكذلك وعلى التقديرين فسبيله وسبيل من اتبعه الدعوة الى الله الاصل الرابع قوله يهدون لامرنا وفي ذلك دليل على وجوب اتباعهم ما انزل الله على رسوله وهدايتهم به وحده دون غيره من الاقوال الاراء والنحل والمذاهب بل لا يهدون الا بامره خاصة فحصل من هذا ان ائمة الدين الذين يقتدون بهم ان ائمة الدين الذين يقتدون بهم هم الذين جمعوا بين الصبر واليقين والدعوة الى الله بالسنة والوحي فلا يستجاب مدينة يقتدى بهم ان ائمة الدين الذين يقتدى بهم هم الذين جمعوا بين الصبر واليقين والدعوة الى الله بالسنة والوحي لا بالاراء والبدع هؤلاء خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في امته وهم خاصة واولياؤه ومن عاداهم او حاربهم فقد عادى الله سبحانه واذنه بالحرب قال الامام احمد في خطبة كتابه بالرد على الجهمية الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل جمعا من العلماء يدعون من ظل الى الهدى على الاذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله اهل العناء فما احسن اثرهم على الناس وما اقبح اثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطنين وتأويل الجانبين الذين افتقدوا الية البداعة واطلقوا عنان البرنامج يختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله بسم الله وبكتاب الله بغير علم فيتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهالا الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من من فتن ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل المتقدم ان الله سبحانه وتعالى لما علق الامامة في الدين بالصبر واليقين علقها ايضا باصلين اخرين احدهما الدعوة الى الله والثاني هدايتهم بما امر الله سبحانه وتعالى به. اذ قال يهدون بامر لما صبروا فتحصن من مجموع ما سبق ان هذه الاية جاء فيها شرط الامامة في الدين بجمع هذه الاصول الاربعة واولها الصبر وحقيقته كما سلف حبس النفس على امر الله القدري والشرعي وثانيها اليقين وحقيقته استقرار القلب بالحق وعماد هذا الحق الذي يستقر به القلب واصول الايمان الخمسة المعروفة وما بعدها من شرائع الدين فهي تابعة لها وثالثها هداية الخلق ودعوتهم الى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فان الله عز وجل قال ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين اي لا احسن قولا ممن كان على هذا الوصف. وهؤلاء الداعون الى الله سبحانه وتعالى هم تونية الله من الخاسرين. فقد كتب الله عز وجل لهم السعادة واستثناهم من الانسان الذين حكم الله عز وجل عليهم بالخسران. وقال سبحانه وتعالى ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. ومعنى قوله سبحانه وتعالى وتواصوا بالصبر يعني امروا بعضهم بعضا بالمعروف ونهوا بعضهم بعضا عن المنكر. ثم ذكر تفسير قوله تعالى قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين. وذكر في تفسير البصيرة ما جاء عن الاعرابي انه الثبات في الدين ثم بين رحمه الله تعالى التحقيق ان العبرة ثمرة البصيرة وان البصيرة في الاصل هي اصابة الحق ومعرفته فاذا عرف الانسان الحق كانت العبرة ثمرة لهذه البصيرة فاعتبر واتعظ ثم ذكر قول الله سبحانه وتعالى كما سلف قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وذكر خلاف اهل العلم في عود الضمير في اتبعني على ماذا هو معطوف وذكر قولين رجح في كتابه مفتاح دار السعادة القول الاول وان الظمير معطوف على ان الجملة معطوفة على الظمير المرفوع ادعو. فمعنى الاية قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني يعني لان من اتبعني يدعو الى الله كما ادعو والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو على بصيرة فمن اتبع النبي صلى الله عليه وسلم فانه يدعو الى بصيرة. ورابع الاصول ان هؤلاء يدعون الى الحق بامر الله سبحانه وتعالى اي بما انزله على رسوله على رسوله صلى الله عليه وسلم فهم لا يدعون الناس بالعراء ولا بالبدع ولا بالاهواء ولا بالعادات والاعراف وانما يدعونهم عن كتاب والسنة فاذا اجتمعت هذه الاصول الاربعة في العبد تحققت له الامامة في الدين فلا تنال الامامة بالدين الا بالصبر واليقين والدعوة الى الله عز وجل ولزوم ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فصل ومما ينبغي الاتنان به علما ومعرفة وارادة العلم بان كل انسان بل كل حيوان الا ما يسعى فيما يحصونه اللذة والنعيم وطيب العلم ويندفع به عنه اضفاد ذلك. هذا مطلوب صحيح يتضمن ستة امور. احدها معرفة شيء النافع للعبد الملائم له الذي يحصن له الذي يحصل له لذته وفرحه وسروره وطيب عيشه الثاني معرفة الطريق الموصلة ثالث ثالث سلوك تلك الطريق الرابع معرفة الضار المؤذن مناف للذي ينكد عليه حياته الخامس معرفة الطريق التي اذا سلكها الثالث تجنب سلوكها فهذه ستة امور لا تتم لذة العبد وفرح وسروره وصلاح حاله الا اكمالها وما نقص منها عاد عليه بسوء حاله. عاد عليه بسوء حاله وتمجيد حياته. فكل عقل يسعى في هذه الامور لكن اما في غلطان سببهما الجهل ويتخلص ويتخلص منهما بالعلم. وقد يتحصن له العلم بالمطلوب والعلم بطريقه لكن ان في قلبه عادات وشهوات تحول بينه وبين قصد هذا المطلوب النافع وسلوك طريقه وكلما اراد ذلك اعترضته تلك الشهوات ما حب مقلق او فرط مزعج. فيكون الله ورسوله والدار الاخرة والجنة ونعيمها احب اليه من هذه الشهوات في علم انه لا يمكنه الجمع بينهما فيوتر على المحبوبين على ادناهما. فيؤثر اعلى المحبوبين على ادناهما واما ان يحصل له علم بما يترتب على ايثار هذه الشهوات من المخاوف والالام التي اعلمها اشد من الم في هذه الشهوات فسواه فان خاصية العقل تتحقق في ايثار اعلى المحبوبين على ادماننا واحتمال ادنى المكروه ان يتخلص من اعلامهما لهذا ليتخلص من اعلاهما وبهذا الاصل تعرف عقول الناس وتميز بين العاقل وغيره ويظهر تفاوت الناس في العقول اين اكل من اثر لذة عادلة منغصة منفدة انما هي او كطيف يمتع به يمتع به من زاره في المنام على لذة هي من اعظم اللذات وطرحة ومسرة هي من اعظم المسرات دائمة لا تزول ولا تفنى ولا تنعطي باعها بهذه اللذة الفانية المحتلة التي حشيت بالالام وانما حصلت بالالام عاقبتها والمها فليضيع جمعنه في اشتغاله بها فضلا عن ايثارها على ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وقد اشترى الله سبحانه من المؤمنين انفسهم وجعل ثمنها جنته واجرا هذا العقد على يد رسوله وخليله وخيرته من خلقه فسلعة رب السماوات والارض فسلعة فسلعة رب السماوات رب السماوات والارض مشتريها والتمتع بالنظر الى وجه الكريم وسماع كلامه منه في داره ثمنها ومن جرى الاقدار يبني على يده رسوله كيف يليق بالعاقل ان يضيعها ويهملها ويبيعها بثمن بخ فانية المتقين وخفت موازين المتقين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل ستة امور لا تتم لذة العبد وفرحه وسروره الا باستكمالها وما نقص منها عاد عليه بسوء الحال ونكد العيش احدها معرفة الشيء النافع الملائم له الذي يحصل له لذته وفرحه وسروره وطيب عيشه. والثاني معرفة الطريق الموصلة الى ذلك والثالث سلوك تلك الطريق. والرابع معرفة الضال المؤذي المنافر الذي ينكد عليه حياته. والخامس معرفة الطريق الذي اذا سلكها اضوت به الى ذلك. والسادس تجنب سلوكها. ثم ذكر ان كل عاقل يسعى في هذه الامور. لكن اكثر الناس غلط في تحصيل هذا المطلوب المحبوب النافع من احد شيئين. احدهما عدم تصوره بالكلية. وثانيهما تصوره مع عدم معرفة الطريق الموصل اليه. فهذان الغلطان هما منشأ غلط الغالطين في هذا الامر الذي آل بهم الى فقد اللذات وانما وجد هذان السببان من الجهل بالله وبامره وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم والتخلص منه ما سبيله العلم. لكن العبد اذا طلب العلم ربما عرض في قلبه وشبهات تحول بينه وبين قصد هذا المطلوب وتمنعه من سلوك طريقه وتزين له سلوك غيره ولا يمكن للعبد دفع هذه الشهوات والشبهات عن نفسه الا باحد امرين. احدهما حب مقلق لما اعده الله سبحانه وتعالى من الكرامة لمن اقبل عليه وعمله بطاعته. وثانيهما فرق مزعج وخوف من عقوبة الله سبحانه وتعالى للسيرورة الى دار الندامة. فيقول الله ورسوله والدار الاخرة والجنة ونعيمها ادى اليه من هذه الشهوات ويعلم انه لا يمكن الجمع بينهما فيؤثر اعلى المحبوبين على ادناهما واما ان يحصل له علم بما يترتب على ايثار هذه الشهوات من المخاوف والالام التي المها اشد من الم فوات هذه الشهوات وابقى فمما يساق به القلب الى الله سبحانه وتعالى اما بحاد الحب المقلق الذي يحمل العبد على ترك الشهوات والشبهات اوحى بالفرق المزعج الذي يرهب العبد ويخوفه فيمنعه من سلوك طريقة من سلك هذين المشربين اعني طريق الشهواتي والشبهات واذا عرف هذا عرفت تباين عقول الناس فان من الناس من يبيع الغالي النفيس بالفان الخسيس. ويرضى بشهوة ساعة عن شهوة كاملة تامة لا نقص فيها ولا يرضى ان يقاسي الما يسيرا ليبجره الله سبحانه وتعالى لذة عظمى بل همه ورغبته في ذات العاجلة وخوفه ورهبته ليست من الالام الاجلة وانما من فوت شيء من حظوظ هذه الدنيا فهذا هو حقا والعاقل السعيد من يسأل الله عز وجل له حاجيا من حب مزعج او خوف مقلق فساقه الى تعظيم هذه السلعة التي الله سبحانه وتعالى مشتريها وثمنها كلامه والسرورة الى دار كرامته وعقد البيع قد على يد رسوله صلى الله عليه وسلم اذا عرفت هذه المقدمة فاللذة التامة والفرح والسرور وطيب العيش والنعيم انما هو في معرفة الله وتوحيده والشوق الى لقائه واجتماع القلب والمنة عليه. فاما ان تدل عيش من قلبه مشتت وهمه مفرط. فليس لقلبه ستر يستقر عنده ولا حبيب يأوي اليه ويسكن اليه كما اخضع القائل عن ذلك بقوله حبيب اليه يطمئن ويسكن حبيب اليه يطمئن ويسكن. فالعيش الطيب والحياة النافعة وقرة العين في السقوط والطمأنينة الى الحبيب الاول ولو تدخل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ولم يطمئن الى شيء منا ولم الى اهله وربه ووليه الذي ليس له من دونه ولي ولا شفيع ولا غنى له عنه طرفة عين كما قال القائل شعر وحنينه ابد لاول منزل. فاحرص على ان يكون همك واحدا. وان يكون هو الله وحده. فهذا غاية العبد وصاحب هذه الحالة في جنة معجلة قبل جنة الاخرة وفي نعيم عاد كما قال بعض الواجبين انه ليمر للقلب اوقات نقول ان كان اهل الجنة في مثل هذا انهم لفي عيش طيب. وقال اخر انه ليمر بالقلب اوقات قيل له وما اطيب ما فيها؟ قال معرفة الله ومحبته والانس بقربه والشوق الى لقائه في الدنيا نعيم يشبه نعيم اهل الجنة الا هذا. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة فاخبر انه حجب اليه من الدنيا شيئا ثم قال وجعل قرة عيني في الصلاة وقرة العين فوق المحبة فانه ليس كل محدود تقربه وانما تقر العين باعلى المحبوبات الذي يحب لذاته وليس ذلك الا لله الذي لا اله الا هو وهو كل ما سواه فانما يحب تبعا لمحبته. فيحب لادنيه ولا يحب معه فان الحب معه شرك والحب ويده توحيدا فالمشرك يتخذ من دون الله اندادا يحبهم كحب الله. والموحد من لا يحب من احبه الله ويبغض من ابغضه الله ويسأل ما يفعله لله ويترك ما يتركه لله ومدار الدين على للقواعد الاربعة وهي الحب والبغض عليهما الفعل والترك والعطاء والمنع فمن استكمل ان يكون هذا كله لله فقد استكمل الايمان وما نقص منها ان يكون لله عاد بنصهما للعبد ان ما تقربه العين واعلام مجرد ما يحبه. فالصلاة قرة عيون المحبين في هذه الدنيا بما في فيها من مناجاة لما فيها من مناجاة من لا تقر العيون الا به. ولا تطمئن القلوب ولا تسكن الا اليه والتنعم بذكره والتلذذ والقول له. والقرب منه ولا سيما في حال السجود وتلك الحال قالوا اقرب ما يكون العبد من ربه فيها ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم فاعلم فاعلم بذلك ان فاعلم بذلك. فاعلم فاعلم بذلك. فاعلم بذلك ان راحته صلى الله عليه وسلم في الصلاة فما اخبر ان قرة عينه فيها كما اخبر ان قرة عينيه بها فاين هذا من طور من يقول نصلي ونستريح من الصلاة فالمحب راحته وقرته عينه في الصلاة والغافل المعرض ليس له نصيب من ذلك بل الصلاة كبيرة شاق كبيرة شاقة عليه اذا كان فيها كأنه قائم على الجمع حتى يتخلص منها فاحبوا الصلاة اليه اعجلها واسرلها انه ليس له قرة عين فيها. ولا لقلبه راحة فيها. والا فان كل من قرأت عينه بشيء راح قلبه به فاشق ما عليه مفارقته والمتكلف البالغ القلب من الفارغ القلب من الله والدار الاخرة والمبتلى من احبة الدنيا اشق ما عليه الصلاة فاكرم ما اليه طولها ما تفرغه وصحته وعدم بعد ان بين ابن القيم رحمه الله تعالى فيما سلف من الفصول ما يتعلق بتحصيل بالذات ذكر رحمه الله تعالى هنا ان اللذة التامة والفرح والسرور وطيب العيش والنعيم انما هو في معرفة الله وتوحيده والانس به والشوق الى لقائه واجتماع القلب والهمة عليه فاستعيد من كان ذلك حشو قلبه والشقي من كان قلبه مشتتا وهمه مفرقا فانه لا عيش انكد من عيشه. ثم حث على ان يكون هم العبد هما واحدا وهو الله سبحانه وتعالى فان القلب فان القلب اذا ملئ بمحبة الله وخوفه وخشيته والانس به والشوق اليه كان صاحبه في جنة عظيمة من جنان الدنيا فهي جنته المعجلة قبل جنة الاخرة. كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فيما نقله عنه تلميذه ابن القيم في مدارس السالكين ان في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الاخرة انما اراد شيخ الاسلام بهذه الجنة جنة الانس بالله والشوق اليه والانطراح بين يديه والتلذذ بكلام ودعاءه في محراب مناجاته سبحانه وتعالى كما تكلم بهذا من تكلم من اهل الصلاح والتقى ممن وجد هذا المعنى فقال احدهم انه لما يمر بالقلب اوقات اقول ان كان اهل الجنة بمثل هذا انهم لفي عيش طيب وقال اخر او انه ليمر بالوقت اوقات يرقص فيها طرب وقال ثالث المساكين اهل الدنيا خرجوا منها وذاقوا ما اذاقوا اطيب ما فيها قيل له وما اطيب ما فيها؟ فقال معرفة الله ومحبته والانس بقربه والشوق الى لقائه. وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم اهل الجنة الا هذا النعيم من تردد القلب بمعرفة الله ومحبته وانسه بقربه والشوق الى لقائه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم حبب الي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة. فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان محبوبات من الدنيا ترجع الى النساء والطيب. وانما خص هذين العرظين من اعراض الدنيا كما ذكر ابو الفرج ابن رجب في بعض رسائله خص بالمحبة لان بهما صلاح الروح فان النفس والروح تنتفعان بامر النساء والطيب اكثر من انتفاعهما بسائر الاعراض فان بقية اعراض الدنيا انما يكون بها صلاح للبدن. اما النساء قيل ففيها صلاح للروح والنفس. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم وجعلت قرة عيني في الصلاة وقرة العين امر فوق محبة والصلاة هي اعظم الاحوال القلبية التي يكون فيها الانس بالله سبحانه وتعالى والشوق اليه ففيها تحقيق توحيد الله عز وجل في مقامات عظيمة من الوقوف بين يديه قياما ساكنا من غير حركة ووضع اليد على الاخرى كما قال الامام احمد رحمه الله تعالى وضع اليد الاخرى على الصلاة دل بين يدي عزيز. فمن اطلع الى حال العبد في صلاته فاذا كمل هذه الحالة التي هو فيها يكون قد وقف على باب من ابواب معرفة الله سبحانه وتعالى وانسه والشوق اليه لا يحصل لغيره وهذا هو الذي ادركه النبي صلى الله عليه وسلم فوجد قرة عينه في الصلاة في سكون نفسه اليها وتنعمه بذكر ربه وتردده بالخضوع له. فكان صلى الله عليه وسلم يقول يا بلال ارحنا بالصلاة فكانت راحة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وتصديق هذا من كلام الله سبحانه وتعالى واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين. فاهل خشوعي الكامل لا يجدون راحتهم الا في الصلاة فهم يتلذذون بطولها ويسعون اليها ويسابقون الى الحضور فيها مبكرا لانهم يعلمون ان راحة قلوبهم وطمأنتهم طمأنينتها وانس نفوسهم انما يكون بهذا الامر من الدنيا ومما ينبغي ان يعلم ان صلاتنا في تقربها العين يستريح بها القلب هي التي تجمع ستة مشاهد المشهد الاول الاخلاص وهو ان يكون الحامل عليها والداعي اليها رغبة العبد في الله ومحبته له وطلب مرضاته والقرب منه اليه محبة له وخوفا من عذابه ورجاء لمغفرته وثوابه. لما حث ابن القيم رحمه الله تعالى الركب بالسير الى تحصيل ما به طمأنينة النفس وقرة العيش وراحة القلب وهو الصلاة. ذكر ان الصلاة التي يتحقق بها هذه الاوصاف فتقر عين صاحبها ويستريح قلبه هي الصلاة التي تجمع ستة مشاهد. فاذا اجتمعت هذه المشاهد الستة فيها نال العبد من حلاوة الصلاة ما انسه النبي صلى الله عليه وسلم منها فكانت راحته فبدأ باول المشاهد وهو الاخلاص لله سبحانه وتعالى فيها فيكون الحامل للعبد على ادائها رغبته في الله ومحبته له وطلب مرضاته سبق ان ذكرنا ان حقيقة الاخلاص هي تصفية القلب من قصد غير الله سبحانه وتعالى. واذا هذا اشرت اخلاصنا تصفية للقلب منه رفض لغير الله فاحفظ يفق فاذا خلص قلب العبد وصفا من كل ايرادات التي تكون فيه الا ارادة وجه الله سبحانه وتعالى كان مخلصا في عمله وهذا هو الذي ينبغي ان يشهده العبد في فيكون قلبه ليس فيه الا ارادة الله عز وجل رغبة ومحبة المشهد الثاني مشهد الصدق والنصح وهو ان يفرغ قلبه لله فيها ويستفرغ دوده فيها في اقباله على الله وجمع قلبه عليها وايقاعها على احسن النجوم واكملها ظاهرا وباطنا. فان الصلاة لها ظاهر وباق والاقوال المسموعة وباطنها الخشوع والمراقبة وتفريغ القلب لله لا يلتفت قلبه عنه الا غيره لا روح فيه افلا يستحي العبد ان يواجه سيده بمثل ذلك. ولهذا ولهذا ولهذا تلف كما يلف الثوب ويضرب بها على وجه صاحبها وتقول ضيعك الله كما ضيعتني والصلاة التي كمل ظاهرها وباطنها تسعد ولها نور وبرهان كنور الشمس كنور الشمس حتى تعرض الله فيرضانا ويقبلها وتقول حفظك الله كما حفظتني. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا المشهد الثاني من مشاهد الصلاة الستة وهو مشهد الصدق والنصح فيها بان يفرغ العبد قلبه لله ويستفرغ جهده وفيها فيكون مقبلا على الله سبحانه وتعالى في باطنه. وهذا المقام الذي هو مقام الصدق يقال له بانه توحيد المراد وتوحيد الارادة كما ان المقام الاول وهو توحيد وهو الاخلاص يقال له توحيد الارادة فالمخلص يجعل كما ان الاول هو توحيد المراد. فالمخلص يجعل مراده واحدا وهو الله سبحانه وتعالى. ثم يصدق فيجعل واحدة فلا يكون في قلب هذا المريد ارادة تفسد الارادة العظمى وهي التوجه الى الله سبحانه وتعالى فحصل هذا الفرق بين الاخلاص والصدق كما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذ ابن القيم وابن رجب بان الاخلاص هو توحيد المراد والصدق هو توحيد الارادة فصلنا المشهد الثالث مشهد المتابعة والاقتداء وهو ان يحرص كل الحرص على الاقتياء في صلاته بالنبي صلى الله عليه وسلم صلي كما كان يصلي ويعرض عما احدث الناس في الصلاة من الزيادة والنقصان والاوضاع التي لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء منها ولا عن احد من من الصحابة ولا يقف عند اقوال المرخصين الذين يقفون مع اقل ما يعتقدون وجوبة فيكون غيرهم قد ناداهم في ذلك واوجد ما اسقطوه ولعل الاحاديث الثابتة والسنة النبوية من جانبه لا يلتفتون ولا يلتفتون الى ذلك. ويقولون نحن مقلدون لمذهب فلان وفلان. وهذا لا يخلص عند الله ولا يكون عذرا لمن تخلف عما علمه من السنة عنده. فان الله سبحانه انما امر بطاعة رسوله واتباعه وحده وان الامر باتباع غيره وانما يطاع غيره اذا امر بما امر به الرسول صلى الله عليه وسلم وكل احد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنأخذ من قوله ونترك. سبحانه وتعالى بنفسه الكريمة انا لا نؤمن وحسن وحكم الرسول فيما شجر بيننا ومن قاد لحكمه ونسلم تسليما فلا ينفعنا تحكيم غيره والامتهاد له ما ينجينا من عذاب الله ولا يقبل منا هذا الجواب. اذا سمعنا ان نداءه سبحانه وتعالى يقول يوم القيامة الا اجبتم المرسلين فانه لابد ان يسألنا عن ذلك ويطالبنا بالجواب. قال تعالى فلنسألن الذين اوصي اليهم ولنسألن المرسلين. وقال النبي صلى الله عليه وسلم كانوا ولاحد من الناس فيشرد فسيرد يوم القيامة ويعلم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى المشهد الثالث من مشاهد الصلاة التي هي قرة العين وهو مشهد المتابعة والاقتداء. ويحوي سنته النبي صلى الله عليه وسلم فيما اخرجه البخاري من حديث ما لك بن الحوير صلوا كما رأيتموني اصلي. فامر النبي صلى الله عليه وسلم بان تكون صلاة احدنا وفق الصلاة النبوية في صفتها لان الله سبحانه وتعالى ارسله الينا رسولا مبلغا وهاديا وبشيرا ونذيرا. فأمرنا صلى الله عليه وسلم بأن نصلي الصلاة وسط ما كان صلى الله عليه وسلم يصلي وهو صلوات الله وسلامه عليه اعلم الناس باكمل الصلاة التي تصلح لله سبحانه وتعالى فاكمل الناس صلاة من كان مقتديا بالنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته. لان الصلاة مظهر من مظاهر تعظيم الله عز وجل. ومن اراد ان يعظم الله فليعظمه بتعظيم عارف به ولا احد اعلم بالله سبحانه وتعالى من النبي صلى الله عليه وسلم. وقد جاء في الامر طاعته صلى الله عليه وسلم ايات واحاديث كثيرة فيها البيان الاكيد والوعيد الشديد على من خالف طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في صغير او كبير او دقيق او جليد. وانما بعثه الله سبحانه وتعالى ليبتلي به كما جاء في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه في حديث عياض قال انما بعثتك لابتليك وابتلي بك وهذا معنى ما صح من حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اوحي الي انكم بي تفتنون وعني تسألون فمن الابتلاء به صلى الله صلى الله عليه وسلم الابتلاء به في الاوضاع المنقولة في كلام الفقهاء من صفة الصلاة فمن عظم كلام الفقهاء واخذه ولم يبالي بما صح من الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فاينه من قول النبي صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني اصلي ومن هنا عظم السلف رحمهم الله تعالى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وتتبعوا افرادها حتى قال ابن رحمه الله تعالى في اربع ركعات يركعها الرجل اكثر من اربعين سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني اكثر من اربع مئة حديث مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا. وقد افرز رحمه الله تعالى كتابا اسمه صفة الصلاة وهو اقدم من ذكر انه افرد كتابا بهذا المعنى بعد ابي نعيم شيخ البخاري الا ان كتاب ابي نعيم قد ثني منذ وكانه لم يستقصب اما كتاب ابي حاتم ابن حبان فانه استقصى به فكان يحيل عليه في كتابه الصحيح لانه والاحاديث الواردة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. فاذا اراد الانسان ان يعظم الله سبحانه وتعالى في الصلاة فليأخذ تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فانه شاف كاف المشهد الرابع مشهد الاحسان وهو مشهد المراقبة. وهو ان يعبد الله كانه يراه. وهو وهو ان تعبد الله كانك تراه السلام عليكم وهو مشهد المراقبة وهو ان تعبد الله كأنك تراه. هذا المشهد انما ينشغل من كماله الايمان بالله واثنان وصفاته حتى كأنه يرى الله سبحانه وتعالى فوق سماواته مستويا على عرشه يتكلم بامره ونهيه ويدبر امر الخليقة ينزل الامن من عنده ويصعد اليه فتعرض اعمال العباد وارواحهم عند الموافاة عليه فيشد ذلك كله بقلبه ويشهد اسمائه وصفاته ويشهد قيوما حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما. امرا نانيا. يحب ويغضب ويرضى ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من اعمال العباد ولا اقوالهم ولا اعطني فليعلم خائنة الاعجون وما تخفي الصدور. ومشهد الاحسان اصل اعمال القلوب كلها فانه يوجب الادلال والتعظيم والخشية والمحبة والخشية والمحبة والانابة والتوكل والخضوع لله سبحانه والذل له ويقطع الوساوس وحديث النفس ويجمع القلب والهم على الله احب العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الاحسان تبي تتباوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والارض وقيامها وركوعها وسجود وقيامهما وركوعهما وسجودهما وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد. ذكر المصنف رحمه الله الله تعالى هنا المشهد الرابع من المشاهد الصلاة التي تقر بها العين وهو مشهد الاحسان. وقد تقدم بيانه من كلام ابي الفرج في رجب في شرح حديث شداد وان حقيقة الاحسان هو اتقان العبادة وتكميلها على ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في فيه تجبرين اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فذكر النبي صلى الله عليه وسلم مقامين اثنين احدهما ما اكمل من الاخر اولهما مقام المشاهدة وثانيهما مقام المراقبة. فالاول بان يعبد العبد ربه سبحانه وتعالى على شهود اسمائه وصفاته فيشهده قيوما حيا حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما حييا كريما امرا ناهيا يحب ويغضب ويرضى ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فوق عرشه. فان لم يمكنه هذا هذه المنزلة فليعبد الله عز وجل على مقام المراقبة فيستحضر ان الله سبحانه وتعالى مطلع عليه شهيد على ما يديه ومشهد الاحسان اصل اعمال القلوب كلها لما يورثه من اجلال الله عز وجل وتعظيمه وخشيته. ولهذا صار اهل الاحسان هم اهل اكملوا اكملوا اهل الايمان كما ان اهل الايمان اكملوا اهل الاسلام فاعلى اهل الاسلام منزلة هم المحسنون ولذلك قال الله عز وجل وان الله لمع المحسنين يعني ان المعية الكاملة يعني ان المعية الكاملة من الله عز وجل بالنصرة انما تكون معكم لعبده وهم اهل الاحسان التام المشهد الخامس مشهد المنة وهو ان يشهد ان المنة لله سبحانه كونه اقامه في هذا المقام لقيام قلبه وبدنه في خدمته بينما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون والله لولا الله ما اهتدينا ولا الصحابة يرتجزون دون نعم كما كان الصحابة يرتجزون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا صلينا قال تعالى عليكم من هداكم من ايمان ان كنتم صادقين. فالله سبحانه هو الذي جعل المسلم مسلما في مصلى كما قال الخليل صلى الله عليه وسلم ربنا وجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا فتى مسلمة وارنا مناسكنا. فقال رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي. فالملة لله وحده له في ان جعل عبده قائما في طاعته وكان هذا من اعظم نعمه عليه فقال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله وقال ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم. وكره اليكم اولئك هم الراشدون ما كان العبد اعظم توحيدا كان حظه من هذا المشهد اتم. وفيه من الفوائد انه يحول بين القلب وبين العجب العمل ورؤيته فانه اذا شهد ان الله سبحانه هو المال به الموفق له الهادي اليه شغله شهود ذلك عن رؤية نفسه والاعجاب بعمله وان يصول به على الناس فيرفع من قلبه فلا يعجب به ومن لسانه فلا النوبية فلا يشهد لنفسي حمدا فليشهده كله لله كما يشهد النعمة كلها من هو الفضل كله له والخير كله في يدي هذا من زمان التوحيد. فلا يستقر قدمه في مقام التوحيد الا بعلم ذلك وشهوده علمه ورجح فيه صار له مشهدا. واذا صار لقلبه مشهدا اثمر له من المحبة والانس لله والى لقائه وسنعوده وطاعته ما لا نسبة بينه وبين اعلى نعيم الدنيا البتة وما خير في حياته اذا كان قلبه من هذا مسدودا وطريق الوصول اليه عنه مسدودا بل هو كما قال تعالى بل هم يأكل ويتمتعوا ويمهيهم الامل فسوف يعلمون. اعد اعد من فضله ومن فوائده ان يضيفنا ومن فوائده ان يضيف الحمد كله الى وليه ومستحقه. فلا يشهد لنفسه حمدا لله كما يشهد النعمة كلها منه والفضل كله له. والخير كله في يديه وهذا من تمام التوحيد فلا يستقر قدمه في مقام التوحيد الا بعلم ذلك وشهوده فاذا علمه ورسخ فيه صار له في وطاعته فلا نسبة بينه وبين اعلى نعيم الدنيا البتة. وما للمرء خير في حياته اذا لعن قلبه هل هذا مسدودا وطريق الوصول اليه عنه مسدودا بل هو كما قال تعالى يأكلوا ويتمسحوا ويلهم الامل فسوف يعلمون. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا المشهد الخامسة من مشاهد الصلاة التي هي قرة العين وهو مشهد المنة بان يرى تفضل الله سبحانه وتعالى عليه واكرامه له اذ هداه الى الصراط المستقيم. كما قال الله سبحانه وتعالى يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في كما عند الترمذي بسند صحيح بسند حسن من حديث معاوية انكم تتمون سبعين امة انتم اكرمها انتم اكرمها واعزها على الله سبحانه وتعالى. فمن منة الله سبحانه وتعالى على العبد ان جعله من هذه الامة المرحومة الذي امتن الله عز وجل عليها بكمال الدين وبعثة خير المرسلين وانزال اشرف الكتب وهو القرآن الكريم ومن هذه المنة في افرادها ان الله سبحانه وتعالى فرض علينا هذه الصلوات وجعلها في خمسة اوقات بمنزلة المطهر من الذنوب والخطيئات كما في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ارأيتم لو ان نهرا بباب احدكم يغتسل فيه يوم خمس مرات ايبقى من درنه شيء؟ قالوا لا يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم فذلك مثل الصلوات الخمس فمن منة الله سبحانه وتعالى على العبد التي ينبغي ان يشهدها اكرامه سبحانه وتعالى له وتفضله عليه بتمكينه من هذه الصلاة وتهيئة الاسباب التي تعينه على على الاتيان بها. وانظر هذا في حالك ان الله سبحانه وتعالى يمن عليك بجهودها في بيوته بينما اناس كثير فتوقع انفسهم الى شهودها فلا يمكنون من ذلك بما اعتراهم من الامراض والعلل استحالت بينهم وبين المجيء الى بيوت الله سبحانه وتعالى. وانظر يمنة او يسرة في الصف وربما شهدت منة الله سبحانه تعالى عيب اذ تصليها قائما وغيرك يصليها جالسا. فاذا شهد العبد مقام منة الله سبحانه وتعالى في صلاته اورثه او ذلك الانكسار لله عز وجل وتعظيمه وخشيته. وهذا المشهد من انفع المشاهد بالقلب. فانه اذا تمكن من قلب العبد حال بينه وبين العجب بعمله ورؤيته فانه يرى انه لا قدرة له على شيء من هذه الاعمال الا بتوفيق الله سبحانه وتعالى فهو يردد قول الشاعر اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده في علم انه لم يوفق الى هذه الاعمال الا بتوفيق الله سبحانه وتعالى له واعانته عليها وقد قال الله عز وجل ممتنا على نبيه شعيب من كلام شعيب وما توفيقي الا بالله؟ فصرح شعيب عليه الصلاة والسلام ان توفيقه لم يكن الا باعانة الله سبحانه وتعالى له ومنته عليه. وقد سمعت بعضا هذه العلم وهو الشيخ احمد بن علي المبارك يقول لم يذكر التوفيق في القرآن يعني بهذا المعنى فان هناك اية فيها ذكر التوفيق على منافقين ادعاء قال لم يذكر التوفيق في القرآن الكريم الا في هذه الاية اعلاما بعزة توفيق الله عز وجل للعبد وانه منصب عظيم من رزقه الله عز وجل فقد رزقه خيرا كثيرا. ومن فوائد مقام هذه مقام المنة ان العبد يضيف كل ما هو فيه من الانعام والالاء الى الله سبحانه وتعالى فهو يعلم انه ما منه شيء ولا قدرة له على شيء بل كل شيء منه سبحانه وتعالى وهذا تمام التوحيد فان قلبه يمتلئ بتعظيم الله واجلاله والانقياد له والانكسار بين يديه اصلنا المشهد الثالث مشهد التفسير وهو ان العبد لو زاد في القيام للنمل غاية الاجتهاد وبذل وسعه فهو مقر وحق الله سبحانه عليهما فهو مقصر فهو مقصر وبذل وهو ان العبد لو اجتهد في القيام بالامر غاية الاجتهاد وبذل وسعه فهو مقصر وحق الله سبحانه عليه اعظم والذي ينبغي ان يقابله به من الطاعة والعبودية والخدمة فوق ذلك بكثير. وان عظمته وجلاله سبحانه يقتضي من العبودية ما يليق بهما. واذا كان خدم الملوك وعبيدهم يعاملونهم في خدمة بالاجلال لهم والتعظيم والاحترام والتوقيع والحياء والمهابة والخشية والنصح بحيث يفرغون قلوبهم وجوارحهم لهم فمالك الملوك ورب السماوات والارض اولى ان يعامل بذلك بل باضعاف ذلك اذا شهد العبد من نفسه انه لم يعطي ربه في عبوديته حقا. ولا قريبا من حقه علم تقصيره ولم ها هنا ذلك غير الاستغفار والاعتذار من تكفيره وتفريطه وعدم القيام بما ينبغي له من حقه وانه الى ان يغفر له وانه الى ان يغفر له العبودية ويعفو عنه فيها احوج منه الى ان كما ينبغي لك انت عليه بمقتضى العبودية فان خدمة العبد وعمله لسيده مستحق عليه بحكم كونه عبده ومملوكه. فلو طلب منه الاجر على عمله وخدمتي لعجه الناس واحمق واخرق. هذا وليس عبده ولا ممنوطه على الحقيقة. بل هو عبد الله على الحقيقة من كل وجه. فعمله وخدمته مستحق عليه بحكم كونه لعبده. بحكم كونه عبده فاذا اثابه عليه كان ذلك مجرد فضل ومنة واحسان اليه. لا يستحقه العبد عليه. ومن هنا يفهم معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لن يدخل احدكم الجنة بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة من وفضل. فقال انس بن مالك رضي الله عنه يخرج للعبد يوم يخرج للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوير. ديوان فيه حسناته وديوان فيه سيئاته. وديوان ان النعم التي انعم الله عليه بها فيقول الرب سبحانه وتعالى لنعمه خذي حقك من حسنات عبدي اقوم اشغلها فيستغفر حسناته. ثم تقول وعزتك ما استوفيت حقي اذا اراد الله ان عبده وهبه نعمه وغفر له سيئاته وضاعف له حسناته وهذا ثابت هو ادل كل شيء على كمال علم الصحابة بربهم وحقوقه عليهم كما انهم يعلم الامة بنبيهم وسنته ودينه فانها فان في هذا الامر من العلم والمعرفة ما لا يدركه الا اولوا البصائر العارفون بالله. العارف واسمائه وصفاته وحقه ومن هنا يفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابو داود داود والامام احمد من حديث زيد ابن مالك وحذيفة ابن اليمان وغيرهما ان الله تعالى لو عذب اهل صلواته واهل ارضه لعددهم وهو غير ظالم لهم. ولو رحمهم لك انت رحمته خيرا لهم من اعمالهم ختم المصنف رحمه الله تعالى المشاهد ستة التي تحصل بها الصلاة التي هي قرة العين التقصير وذلك بان يرى العبد انه مهما حسن صلاته واجتهد في تكميلها واتبع في ذلك سنة النبي صلى الله الله عليه وسلم وعرف منة الرب سبحانه وتعالى عليه بذلك ولم يكن في قلبه الا الله فانه كيفما فعل انه مقصر في الحق الذي يجب لله عز وجل من الكمال في عبوديته. وهذا سيد العباد محمد صلى الله عليه وسلم كان يشهد هذا المشهد فكان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل كله حتى تتفطر قدماه فتقول عائشة له ان الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول يا عائشة افلا اكون عبدا شكورا وكان صلى الله عليه وسلم يقول من يدخل الجنة ان احد منكم بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمته. وفي بعض الاثار ان الملائكة المقربين تسبح الله سبحانه وتعالى فتقول في تسبيحها سبحانك ما عبدناك حق عبادتك. فاذا كان هذا قول اعظم اهل الارض من خلق الله عز وجل فيها وهو محمد صلى الله عليه وسلم وهو قول اعظم اهل السماء من خلق الله عز وجل فيها وهم الملائكة يشهدون بانهم مقصرون في حق الله سبحانه وتعالى فما الحري بغيرهم؟ ولما وعى السلف رحمهم الله تعالى هذا العصر العظيم كانوا ينظرون الى انفسهم بعين المقص والاحتقار لعلمهم بانهم مقصرون في جنب الله عز وجل مفرطون في طاعته ولقد كان بكر ابن عبد الله المزني يقف في مشهد عرفات ثم يطيل الدعاء من البكاء ثم ينظر الى الناس ويقول لولا اني معهم لقلت ان الله سبحانه وتعالى يغفر لهم. فانظر الى غمطه لنفسه واحتقانه لها لعلمه بانه مقصر في جناب ما يجب لله سبحانه وتعالى من حق. وهذه الاحوال ظاهرة في كلام السلف رحمهم الله تعالى مستفيضة في مقامات نفوسهم فكانوا يجتهدون في العبادات لانهم بانه مقصرون في الوجه الاكمل الذي يجب لله عز وجل. حتى قيل في ترجمة حماد ابن سلمة انه لو قيل له ان انك تموت الساعة لا انك لو تموت الساعة لما قدر ان يزيد لله طاعة. يعني لما كان عليه من كمال الحال. وانه كان مجتهدا في طاعة الله عز وجل ومع ذلك كان حماد بن سلمة رحمه الله تعالى شاهدا على نفسه بتقصيره وبقلة عمله في حق ما لله سبحانه وتعالى مع ما كان عليه من شدة الورع والخوف من الله من الله سبحانه وتعالى. والحاصل ان هذا المشهد وما سبقه وسبقه ومن المشاهد هي من اعظم المشاهد القلبية التي ينبغي ان يراها الانسان في سائر عمله لا في صلاته فقط وانما اختص المصنف رحمه الله تعالى الصلاة بالذكر هنا لانها قرة العين التي جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم وما بعدها من الاعمال تابع لها فمن اراد السعادة في نفسه وطلب النجاة في دنياه واخرته فليلتمس في اعماله كلها هذه المشاهد الستة وليؤدب نفسه تأديبا عظيما في هذا المقام وتأديبها يحتاج الى دوام مجاهدة ومصادرة. وقد قال الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا لعلكم تفلحون واخبر سبحانه وتعالى انه كائن مع من جاهد فيه كما قال سبحانه وتعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا. فاذا صدق الانسان في جهاده والتمس طاعة الرب سبحانه وتعالى اعانه الله سبحانه وتعالى هذا وسدده وكمله حتى يبلغ به مقامات عظيمة مع معرفته لقدر نفسه بانه مقصر في حق الله سبحانه وتعالى فصل وملاك هذا الشأن اربعة امور نية صحيحة وقوة عالية يقارنها رغبة ورهبة هذه الاربعة وهي قواعد هذا الشأن ومهما دخل على العبد من النص في ايمانه واحواله وظاهره وباطنه فهو من النقصان هذه الاربعة او نقصان بعضها فليتأمل اللذيذ هذه الاربعة فليجعلها سيره وسلوكه عليها عيونه واعماله واقواله واحواله ويبني عليها علومه واعماله واقواله واحواله فما من نكب الا فما نتج من نتج الا منها. فلا تخلف من تخلف الا من فقدها. والله اعلم وبالله المستعان وعليه السكنى واليه الرغبة. وسائر اخواننا من اهل السنة في تحقيقها علما وعملا. انه ولي ذلك والمال به وهو حسبنا ونعم الوكيل وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم. ختم المصنف رحمه الله تعالى رسالته بذكر اصل عظيم ترجع اليه الاعمال كلها. وذلك ان ملاك العبد في تحصيل لذته يكون بتحصيل هذه الامور الاربعة واولها النية الصحيحة وثانيها القوة العالية واراد بها الهمة وثالثها الرغبة رابعها الرهبة واشبه شيء يشبه به هذه الاربعة بالطائر. فان الرأس هو الهمة العالية الطائل فيه النية الصحيحة الصالحة والجناحان له بمنزلة الرغبة والرهبة. فاذا كان العبد في سيره الى الله سبحانه وتعالى بمنزلة هذه الامور الاربعة من الطائر كان سيره صحيحا وعمله فالحا صالحا فرجع عليه ذلك بنعمة الدنيا والاخرى وخير الدنيا والاخرى. وهذه الرسالة من خواص رسالة من رسائل ابن القيم التي ينبغي ان يقرأها الانسان واكثر من مرة فان العلم لا يراد به ان يقرأه الانسان مرة واحدة وانما يراد به ان يكرره على قلبه مرة وثانية وثالثة ورابعة ليرى ما فيه من العبر العظيمة والحكم الباهرة التي يهتدي بها ويستدل بها الى الطريق الصواب وهذا اخر التقرير على الدرس الموفي للثلاثين من برنامج الدرس الواحد الرابع وهو تمام عقدها اسأل الله عز وجل بمنه وكرمه ان ينفعنا بذلك كله وان يجعله حجة لنا ولا يجعله حجة علينا وان يزيدنا علما وعملا وايمانا ويقينا وان يرزقنا عزائم مغفرته وموجبات رحمته وصدق الاقوال وصلاح الاعمال وحسن الحال وان يرزقنا الهدى والتقى والسداد والغنى والعفاف والرشد في كل امرنا وان يتولانا فيحيينا على الاسلام والسنة ويميتنا على الاسلام والسنة وان يعيذنا من مضلات الفتن فنعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يتقبل منا عملنا وان يجعله في ميزان حسناتنا ومن خير اعمالنا وان يعيد علينا عملنا هذا سنوات عديدة واعمارا مديدة ونحن في صحة وعافية والناس في اسلام وسنة وهداية وهذا اخر ما فتح الله عز وجل به ويسر في هذه الدروس. واختم ذلك بتنبيهات منها سيكون ان شاء الله تعالى غدا بعد المغرب الحفل الختامي للبرنامج وبعد صلاة العشاء يكون العشاء ثم تكون نهاية هذا البرنامج بخير باذن لله سبحانه وتعالى وثانيها ان كثيرا من الاخوان سألوا عن كتب البرنامج في دورته السابقة وستكون ان شاء الله تعالى موجودة لمن رمى الحصول عليها في مركز البيع الذي يقع خارج المسجد بعد صلاة العصر من غد. وثالثها سيمكن ان شاء الله تعالى بعد عدة ايام من انقضاء البرنامج الحصول على جميع اشرطة هذا البرنامج مسجلة على سيدي من السيديات التي تستعمل في الحاسب الالي. فمن اراد ان يحصل على شيء منها فانه يتصل بعد هذه المدة بالاخوان المثبتة ارقام هواتفهم في الاعلان ليتحصل على التسجيل الكامل لبرنامج الدرس الواحد الرابع باذن الله عز وجل. رابعها يكون ان شاء الله تعالى بعد في نهاية هذا الدرس اختبار اختبار مسابقة المسموع لمن اراد ان يشارك فيها. خامس التنبيهات قد وزع عليكم الاخوان استبيانا بالامس يريدون تحصيله اليوم ومن لم يتمكن من الاتيان به اليوم فان اخر تفضله على القائدين على هذا البرنامج ان باذن الله سبحانه وتعالى غدا في صلاة المغرب ليسلمه في الصلاة واخر التنبيهات ان هناك استبيان اخر وزع ولا مزيان ان هناك استبيان اخر يوزع بعد هذا الدرس ان شاء الله تعالى فمن استطاع ان يجيب عليه بسرعة في هذه الليلة ويعطيه الاخوان فلا بأس من اراد ان يأتي به غدا فليأتي به غدا والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله الذي تتم بنعمته صالحات