السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا هو الدرس الرابع من برنامج الدرس الواحد السابع. والكتاب المقروء فيه هو قضاة في السرف المالي للعلامة الميلي رحمه الله. وقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف. وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة مبارك بن محمد ابراهيم الميلي الجزائري. المقصد تاريخ مولده ولد في السنة السادسة عشرة. بعد الثلاثمائة والالف. المقصد الثالث تاريخ توفي رحمه الله في الخامس والعشرين من شهر صفر سنة اربع وستين بعد الثلاثمائة والالف وله من العمر ثمان واربعون سنة رحمه الله رحمة واسعة. المقدمة الثانية التعريف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا. المقصد الاول تحقيق عنوانه طبعت هذه الرسالة في حياة مصنفها رحمه الله باسم محاضرة في السرف المالي. واقراره ذلك بمنزلة صدور الاسم منه المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذا الكتاب هو السرف المالي وكانت المحاضرات في عرف من سبق لا تلقى القاء ثم تفرغ في قالب المكتوب بل كانت تكتب وتلقى مكتوبة وعلى هذا جرى العمل في قرون الامة حتى تغير في هذا القرن فصار الكلام يلقى ثم يحول الى قالب كتابة. فالدروس التي كانت تعقد في مدارس الاوقاف كالصلاحية وغيرها او تلك المحاضرات التي كانت تقام في جمعية العلماء بالجزائر كان ملقيها يكتبها كتابة وافية ثم يقرأها مما كتب ولهذا بقيت محفوظة دون تغيير او تحويل او اشكال فيها. المقصد الثالث توضيح منهجه هذه الرسالة هي لون من الوان البيان الادبي. صيغ في موضوع شديد الاهمية وهو موضوع الشرف المالي الذي بينه المصنف رحمه الله من جوانب عدة كبيان حده ووجوهه وحكم الشرع فيه. وابراز مضاره وسبل مقاومته كل ذلك في سياقة رفيعة يأخذ القول فيها رقاب بعضه ارسالا ومما ينبه اليه ان مما تقوى به الملكة الادبية كتب علماء فانهم كانوا من ابلغ اهل القرن كعبد الحميد ابن باديس والبشير الابراهيمي والمبارك زميلي ونظيرهم في تونس وهو محمد الخضر ابن حسين فان هؤلاء الجماعة وجدوا في زمن واحد في القرن الماضي وتميزوا عن سائر علماء الاقطار مما كان لهم من بلاغة ومن قرأ في كتب القوم رأى مقادير بلاغتهم رحمهم الله تعالى. فينبغي الا يخلي طالب العلم نفسه من القراءة في تصانيفهم وقد جمعت في مجموعات كمجموعة البشير الابراهيمي ومجموعة محمد الخظر حسين رحمهما الله. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد قال المصنف رحمه الله تعالى الحمد لله الذي جعل الاسلام دينا وسطا لا ناقصا عن حد الاعتدال ولا ذاهب عنه شطط نحمده ان جعلنا من اهله وجنوده. ونسأله التوفيق للعمل بآدابه والوقوف عند حدوده ثم الصلاة والسلام على خاتم النبيين واول المسلمين القائل وقوله الجد ما عالما اقتصد وعلى اله واصحابه الذين نصروه بحسن الاقتياد ونشروا دعوته بالحكمة والسداد. وعلى من تبعهم متخليا عن السرف متحليا صادق قوله رحمه الله تعالى واول المسلمين اي اسبقهم فيه رتبة لا انه اسبقهم اليه فقد كان وجوده صلى الله عليه وسلم عاقبا لمن قبله من الانبياء الذين هم ائمة المسلمين فيراد بوصفه صلى الله عليه وسلم بكونه اول المسلمين يعني ارفعهم فيه درجة نعم. اما بعد فيا ايها السادة كنتم لمن خلفكم خير قادة. ان هذا سوق لا ينفق فيه الا الدين الخالص والارشاد الناصح وميدان لا يبرز اليه الا من جمع الله له بين سعة الاطلاع وحسن الاختيار. وبين باللهجة وعذوبة البيان. وانا ليس لي من البضاعة ما اطمع في نفاقه لديكم. وليس لي من البلاغة ما يحسن عرضه عليكم غير ان الجمعية كلفتني بالقاء كلمات عليكم في موضوع السرف المالي ووجوهه ووجوب مقاومته وكيف تقاوم؟ فلم ارى التواني عن استجابة دعائها وهي جمعية جد ولم ولم استجز القعود عن تلبية ندائها وهي تدعو الى الرشد. فان وجدتم حديثي خلوا من الفائدة فالمسئول عن ضياع وقتكم من كلفني بهذا الحديث. وان بعض الفائدة فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله السرف المالي ايها السادة يطلق اطلاقا عاما على معنى وهو تجاوز لمرء اعد. السلف. السرف ايها السادة اطلقوا اطلاقا عاما على معنى هو تجاوز المرء الحد في فعل من افعاله. فالغلو من شعبه ولعلاجه مع علماء السنة احاديث الاقتصاد في الطاعة في ابواب كتبهم ووضع الغزالي كتابه الاقتصاد في الاعتقاد ويستعمل السرف استعمالا خاصا فيراد به تجاوز المرء الحد في الانفاق وهو اخو التبذير. كلاهما اضاعة للمال. وقد حذر القرآن منه في ايات منها ولا تأكلوها اسرافا وبدارا ان يكبروا. وقال تعالى واتي ذا القربى وقوى المسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا. ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا وقال تعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. ولولا محاربة الاسلام للسرف ما كان ما كان يندبنا الى تقنين الماء في الطهارة. وهو لا قيمة له في كثير الاوقات واغلب الجهات قال ابن ابي زيد رحمه الله وقلة الماء مع احكام الغسل سنة والسرف منه غلو غلو وبدعة الشرف الخاص ايها السادة هو موضوع حديثنا وانما ذكرنا السرف العام لان كل ما ورد في ذمه والوعيد عليه متناول للسرف الخاص وقد اخبرنا القرآن ان ان المبذر اخو الشيطان وان الشيطان كفور لربه فالمبذر كفور لربه وسائر في طريق الكفر بربه. وكفى به حكما ممن قوله الحق. وله الملك يوم ينفخ في ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة بيان حقيقة السرف. فذكر رحمه الله تعالى ان الشرف يطلق على معنيين اثنين احدهما معنى عام والاخر معنى خاص. فاما المعنى العام للسرف فهو مجاوزة الحد المأذون فيه. وهو الذي اشار اليه بقوله هو تجاوز المرء الحد في فعل من افعاله. فاذا تجاوز المرء الحد الذي اذنت به الشريعة فقد وقع في السرف وعد المصنف رحمه الله تعالى الغلو من شعبه. وانه ناشئ منه. والحق ان السرف والغلو يشتركان جميعا في انهما مجاوزة للحد المأذون به. الا ان بينهما فروقا ثلاثة. اولها ان الغلو في العقائد. والسرف في وثانيها ان الغلو يقع لازما للمرء وربما الى غيره. اما السرف فانه لا يتحقق الا بتعدي اثره الى غيره وثالثها ان الغلو يتمحض قصد صاحبه في طلب التقرب والتعبد ما يفعل واما السرف فقد يكون واقعا على جهة التعبد وقد يكون واقعا على جهة في العادة واما المعنى الثاني وهو المعنى الخاص فهو مجاوزة المرء حد المأذون فيه فيما يتعلق بانفاق المال وله شريك لقبي في خطاب الشرع وهو التبذير. والفرق بينهما ان السرف يقع بمجاوزة حد اذن في اصله. فيكون اصل الفعل مأذونا به. واما التبذير فانه يتعلق بانفاق المال في وجوه غير مأذون بها. فمن جاوز مثلا في اكرام ضيفه الحد المأذون به فقد وقع في السره. لان اصل الاكرام مشروع. لكن من انفق ماله في شرب خمر او غير ذلك من المحرمات فقد وقع في التبذير هذا وذاك قد حذر منهما الشرع الحكيم في ايات واحاديث عدة ذكر المصنف رحمه الله الله تعالى جملة منها وسبق تقرير قاعدة كلية في الشريعة في درس الصباح وهو ان الشرع جاء بالعدل وهو التوسط بين طرفي الافراط والتفريط. ومن جملة التوسط ما يتعلق بانفاق ما لي في وجوهه فالعبد مأمور الا يفرط ولا يفرط في ماله. نعم قد نهى الكتاب وقد نهى الكتاب وذمه وقد نهى عنه الكتاب وذمه في غير ما اية منها يا اهل الكتاب لا تغنوا في دينكم ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين. وان المسرفين هم اصحاب النار الا يهدي من هو مسرف كذاب؟ هذه الايات في سورة واحدة ولا في عدة سور؟ عدة سور. طيب وش كيف تقرأ قال الله تعالى اعد ان كنت اسقطت الواو لما جيت احدى الايات وفيها واو واو اسقطت الواو. اعد. نعم. قال الله تعالى يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غلط غلط منها يا اهل الكتاب هذي ما فيها اشكال لكن بعد ذلك اذا جاءت واو العطف تقول قال الله وقوله تعالى قوله تعالى وقوله تعالى هذا نبهنا على انه مثل اسقاط الكلمات عند المحدثين المحدثين يقولون ثنى الى حدثنا ويقولون عن الشعب سمع جابرا يعني عن الشعبي انه سمع جابر لابد تقرأها كذا وكذلك الايات التي تكون في معن واحد من سور مختلفة تقرأ بهذه السورة فتدخل فيها قولك وقوله تعالى وقوله تعالى لئلا يتوهم خلاف الصواب فيها واحيانا يكون ايرادها بعطف الواو بدون ذكر وقوله تعالى متعذرا كقوله هنا في الاية الرابعة الثالثة والتي هي اول الصفحة الاربعين قال وان المسرفين هم اصحاب النار. فمن المتعذر ان تقرأها هكذا لكن تقرأها فتقول وقوله تعالى نعم وقوله تعالى ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين. وقوله تعالى وان المسرفين هم اصحاب النار وقوله تعالى ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب بل القاعدة في اي متن اللي ذكرناها؟ الواسطية ها عاقبة السرف المالي في الاخرة ان يلقى ان يلقى بصاحبه في النار. وعاقبته في الدنيا ان يلقى به في المتربة والصغر فالشرف المالي هو الذي القى باسرنا بين ايدي المرأة المرابين الذين اذا ذكرت لهم الرحمة واثنيت عليها حسبوها غنيا مغرما بكراسي النيابة او مبتلى بخصومة العباد او في معناها او في معنى هذين ممن ممن يهين المال في سبيل اهانته ويشتته لتشتيت والسرف المالي هو الذي وضع بيوتا كانت ذا مجد وسؤدد. والسرف المالي هو الذي اخرج من ايدينا املاكا واي املاك الى ايد ترى من اشرف اعمالها سلب ناقوت يومنا. والسرف المالي هو الذي قعد بالامة الجزائرية عن تعمير المساجد وانشاء المدارس واتخاذ ملاجئ للفقراء والعجزة. وبالآخرة ان السرف المالي هو الذي الذي قسم القلوب ومات الشعور وجعل ما في وجودنا من منفعة فلغيرنا وما فيه من مضرة ومعرة فعلينا فكانت الجمعية موفقة في اختيار هذا الموضوع لو انها اختارت له غيري ممن يصوره تصويرا ممن يصور تصويرا ينفذ الى القلوب على قسوتها ويحرك المشاعر على غلظتها. ويفتح البصائر على طول غفلتها اذا كان السرف ايها السادة هو تجاوز الحد فان الحد منه مشروع ومنه معروف. فما حضره الله علينا فقد حدنا عنه فانفاق فلس واحد في المحظورات تجاوزا للحد المشروع يعد سرفا. تترتب عليه مضاره الاخرويا والدنيوية وما ندبنا اليه الشرع فقد رخص لنا في تركه ليترك ليترك لنا فسحة النظر في عواقب الانفاق في المندوبات وحق اختيارها بعضها على بعض عند تواردها. فالسرف في المندوبات هو كثرة الانفاق التي تؤدي الى اهمال مندوبات هي اعم نفعا واعظم اجرا. او تفضي الى العجز عن حقوق الناس من اداء دين او نفقة عيال على الفقراء لحظ حياتهم الفانية القاصرة النفع ليس كالانفاق على تعليم البنين والبنات لحفظ لحفظ حياتهم قاندة المتعدية الفائدة. وهكذا تختار من وجوه الانفاق في الخير ما هو انقى لمسيرتك واجدى على امتك وما اباحه الشرع لنا فقد وكل فعله وتركه الى نظرنا واختيارنا لميسرتك. هم ما هو انقى لميسرتك واجدى على امتك وما اباحه الشرع لنا فقد وكل فعله وتركه الى نظرنا واختيارنا فالمباحات في نظري هي للمكلفين بمثابة المسائل التمرينية للمتعلمين. الغرض من تلك التمارين تقوية ثم ملكت الذكاء في المتعلم وتعويده على تطبيق الكليات على الجزئيات. وتسهيل استحضار القواعد عند عروض امثلتها على نحو ذلك افهم الحكمة في تشريع المباحات فبها تنمو في المكلفين قوة التفكير ويتدربون على اختيار وجه الاصلح واصابة موضع الحكمة فيما يفعلون او يذرون. وبهذا تنحل شبهة كثيرا ما تخدع الناس. يقوم احدنا على عمل مباح فينكر عليه اخوانه الذين رأوا فيه ضررا. فيجيبهم بانه مباح مستوي الطرفين. وليس كذلك دائما فقد تعرض للمباح اعتبارات شرعية ترجح احد طرفيه. فيصير الطرف المرجوح مرغوبا عنه شرعا وربما نشأ عنه ضرر اخروي. وقد يعرض له اعتبارات شخصية او زمنية ترجح احد طرفيه فيصير المرجوح مذموما عقلا وسببا لضرر دنيوي. فالفلاح مثلا له ان يكتري هكتارا بالفين يبذر به يأتي به بعد عام بمائتي فرنك. ولكن اما ينكر الناس على هذا الفلاح؟ وهل تنهض عليهم بان عمله مباح اذا السرف في المباح منكول الى العرف واعتبار حال المنفق. فرب انفاق هو سرف بالنظر لحال شخص وغير سرف بالنظر اخر واذا اردنا ان نبين السرف في المباحات قلنا انه الاسترسال في قضاء مآرب النفس واحضار مشتهياتها في المأكل والمسكن والملبس والمنكح وهذا فقه عمر رضي الله عنه كفى بالمرء سرفا الا يشتهي شيئا الا اشتراه فاكله هذا ما رأينا القاه اليكم من معنى السرف وعواقبه الوخيمة. وتحديده في المحظورات والمندوبات والمباحات بعد ان بين المصنف رحمه الله تعالى حد السرف وذكر معنييه واتبعه بذكر طرف من عواقب الوخيمة قدر في هذه الجملة الاخيرة حدوده في المحظورات والمندوبات والمباحات ويعلم بهذا ان السرف لا يدخل في المكروهات وانما يدخل في محرم ظاهر او يدخل في مندوب او في مباح عنده. وعلى التحقيق الذي ذكرنا فان تجاوز الحد في المحرم لا وانما يكون تبذيرا. فاذا انفق المال في وجه محرم خرج من اسم السرف الى اسم تبذير ويكون حينئذ محرما على كل حال. واما تجاوز الحد في مأذون به سواء كان مما يتعلق بالمأمور به او بالمأذون المستوي الطرفين وهو المباح فهذا هو الذي يصدق فيه ما ذكره المصنف من حده في المندوبات او المباحات. واما تحديده في المنهيات فمتعقب بان اصل الشيء اذا كان منهيا عنه فانفق فيه المال صار تبذيرا. واما حده في المندوبات فقد ذكره رحمه الله تعالى بقوله وكثرة الانفاق التي تؤدي الى اهمال مندوبات هي اعم نفعا واعظم اجرا. او تفظي الى العجز عن حقوق الناس من اداء دين او نفقة عياد. فاذا انفق المال في وجه مندوب افضى الى ترك مندوب افضل منه او ادى الى التقصير في واجب من النفقة كان ذلك محظورا منهيا عنه وكان من السرف في المندوبات الذي يذم. ثم انتقل الى مسألة ثالثة وهي السرف في المباحات ونبه رحمه الله تعالى الى علة الاباحة في الشرع. وان المقصود بها هي تقوية العباد على اداء المأمورات واجتناب المحظورات فان النفس لو لم يوجه اليها الا الامر والنهي كلت وملت فجعل لها شيء يؤذن به وهو المباح وهذا معنى كلامه هي بمثابة المسائل التمرينية متعلمين فهم يتقوون بها على فعل المأمور وترك المحظور. ثم نبه رحمه الله تعالى الى مسألة تتعلق بالاسراف في المباح وهي ان من الناس من يتعلل بتوسعه في المباحات كمأكل او ومشرب او ملبس او نوم بقوله بان هذه الامور مباحة مستوية الطرفين. ورد رحمه الله تعالى هذه المقالة بان ان المباح قد تعرض له اعتبارات شرعية ترجح احد طرفيه. فيصير الطرف المرجوح مرغوبا عنه شرعا. ومن جملة ذلك السرف في المباح. فان المتقرر في اصول الفقه ان المباح مستوي الطرفين فيكون مأذونا به لا به امر ولا نهي لذاته. لكن اذا اقترن به معنى خارج عنه فانه قد يخرج عن حد اباحة. ولذلك ذهب جماعة من الفقهاء رحمهم الله تعالى الى ان الاسراف في المباح مكروه. وهو مذهب الحنابلة كما قالوا ويكره الاسراف في المباح. بل ذهب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وتلميذه ابن القيم الى ان الاسراف في المباح محرم وهذا اقوى من جهة الدليل والنظر فان المباح انما يراد به التوصل الى اقامة حكم الشرع بفعل مأمور وترك محظور. فاذا افضى المباح الى القطع عن فعل المأمور وجر الى الوقوع في فعل المحظور لم يمكن حينئذ ان نقول انه مباح تستوي فيه الفعل والترك فمثلا اذا توسع الانسان في مأكله او مشربه او ملبسه حتى صار تقول عن حضور الجماعة لم يقال حينئذ ان توسعه في مأكله ومشربه وملبسه مباح. بل يقال حين اذ عند الجمهور انه مكروه وعند شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم انه محرم. وكما سلف القول بالتحريم اقوى لان ذلك مجاوزة للمباح فيما قدر به شرعا. والمباح قدر شرعا لتقوية العباد على العبادات فاذا ادى الى تأخيرهم عنها وتخذيلهم عن فعلها وتقوية نفوسهم على ما حظر منها كان المباح حينئذ ممنوعا منه. وهذا الاصل هو الذي بنى عليه ابن القيم رحمه الله تعالى اغاثة الله فاندن رحمه الله تعالى في جملة من كتبه حول مفسدات القلب التي ترجع الى المباح كالتوسع في مأكلي والمشرب والملبس والكلام وغير ذلك. ومن طالع كلامه معتبر ذلك في احوال الناس وجد صدق ما قالوا وان المباح الذي يتوسع فيه الى حد السرف يفضي بصاحبه الى ترك المأمور وفعل المحظور وقد نبه الى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله مثلا في الصحيحين ولا يزال اقوام يتأخرون عن الصلاة حتى يؤخرهم الله في النار. فذكر التأخير هنا حمل عليه اصلا اشتغالهم بمباح. لان الاصل في المسلمين حسن الظن بهم. فلا يقال انهم تأخروا لفعل محظور. بل يقال انهم شغلوا بمباح. فاذا كان قال ابن مباح افضى الى التأخير في الصلاة. يجر بصاحبه الى تأخيره حتى يدخل النار فهذا يدل على ان المباح اذا اسرف فيه جر الى فعل المحظور وترك المأمور. والفقهاء رحمهم الله تعالى ينبهون في بعض المسائل الى افراد من هذا كما ذهب بعضهم الى كراهة الشبع. وذهب قوم الى تحريمهم. والمختار عدم ذلك لكن اذا كان عادة وديدانا فالقول بتحريمه تخريجا على هذه القاعدة قوي. لكن وقوعه مرة او دون تأثير له في ترك المأمور وفعل المحظور فحين ذاك لا يقال انه محرم ويدل على ذلك حديث ابي هريرة في سقيا اللبن لما شرب فاعتذر الى النبي صلى الله عليه وسلم لما كرر عليه طلب الشرب قال لا اجد له مساغا يا رسول الله ولا يكون الانسان لا يجد مساغا الا اذا شبع وهذا انما يقع على جهة المرة بعد المرة اما اذا كان ديدانا فانه يثقل العبد عن العبادة. ولهذا قال من قال من الفقهاء يكره الشبع خشية اضطرابه عادة يلجأ الى الوقوع في المحظور الذي ذكرناه فيما يتعلق بالسرف في المباح. نعم. اما وجوهه فكثيرة والكلام في اغلب الوجوه يستدعي حديثا مستفيضا. وكلاما طويلا عريضا. ويقمح فيه الايجاز الذي يشبه ان يكون وميضا. من ذا الذي يضمن استيعاب نشاط السامعين للحديث اذا استعرض المتكلم في مجلس واحد السرف في الخمر والقمار. والزنا رشوة وسائر المنهيات وفي الفلاحة والتجارة وغيرها من المباحات. وفي القهوة والاتاي والدخان وغيرهن من الزوائد التي صارت عند الكثير الزم من الضروريات. وفي الزردة والزيارة وما اليها من البدع والمنكرات. وانما يحسن بمن يطرق وهذا الموضوع من صفة الخطابة في هذا في مثل هذا الجمع ان يختار من وجوه السرف بعض ما هو اظهر في المجتمع. وضرورة وضرورته اخفى على كثير من العقلاء. فانا الان اذكر لكم من وجوه السرف الصداق والوليمة والهضيمة والضيافة والهدي واوقفي على كل واحد منها بالفات النظر الى مفاسده الفاتا يحملنا على لزوم مقاومته. فاما الصداقة الغرب فاما الصداق قوله بالفات النظر هذا خلاف السوي في التعبير لان اللفت هو الصرف ولكن يقال توجيه النظر. ولذلك سمى العلماء كتبهم توجيه الانظار وتوجيه النظر ولم سموها لفت الانظار ولا لفت النظر لان اللفتة صرف والمقصود هو توجيه النظر الى الكلام. نعم. فاما فالغرض منه التفرقة بين النكاح والسفاح. واختلفوا في اقل ما يجب منه ولكنهم لم يختلفوا انه لا حد لاكثره وقد تغالى الناس فيه تغاليا بعثهم على التفاخر بالتكاثر واعتقاد انه سبب للمجد او مظهر من مظاهره نكاحا ضروريا للبنين والبنات من صعوبات قل من يقدر على تذليلها. وسنوا له عوائد تخور العزائم لمحاولة تغييرها او تمدينها ثم نظروا الى الشوارع نظرهم الى الصداق فاغرقوا فيها كل الاغراق. ترى المصدق او المشور يرى املاكه ان لم يبعها او يأتي على اهم ذخيرته ان لم يستنفذها. ليقال ان عروسه او كلمته جاءت خمسينات او المئات من الملابس وبكذا وكذا من انواع الزينة التي يبليها النظر قبل الجسد ويذهب برونقها الهواء قبل الغمس في الماء ولو ان السرف في الصداق والشواهرى كان بتمليك الزوجين اصولا تغل او حيوانات تنتج لكان في منفعته ما يخفف قليلا من مفسدته. ولكنه كما ترون وتسمعون ضريبة فادحة يستخلصها منا نوع من التجار لا نجدهم للتنفيس على معسر ولا لبناء مشروع خيري. نشى نشأ عن هذا السرف سوى الاضرار العامة كل سرف اضرار لا يستهان بها. احدها غرس الكراهية في نفوس الزوجين ما يبعث. في نفس الزوج لما لما يحدثه التكلف في الصداق من ضعف رابطة المحبة والرحمة. التي هي مساكن حياة الزوجية وثمرة هذا الغرس وسوء العش هو سوء المساك. مساك الحياة الزوجية. هي مساك الحياة الزوجية. مساك. بزينة ومعنى جماع يعني الذي يجمع الحياة الزوجية. نعم مساج مساك مساك نقول وزنا ومبنى يعني على زنة جماع وبمعناه. نعم. التي هي مساك الحياة امساك مساك الحياة الزوج مساك بكسر الميم التي هي مساك الحياة الزوجية وثمر هذا الغرس هو سوء العشرة والفراق الذي يجرح العواطف. ويسيء حياة الابناء ثانيها عنوس المرأة بالعجز عن الشوارع او الصداق الشوار الشوار ثانيها عنوس المرأة بالعجز عن عن الشوارة او الصداق والعانس منغصة للحياة. ما فيه الف مقصورة شوارة صحارى الشوام نعم احسن الله اليك ثانيها عنوش المرأة بالعجز عن الشوارع او الصداق والعانس منغصة لحياة اسرتها. ثالثها عزوبة الرجل بعزل بعزله عن ذلك السرف في الصداق. والرجل والرجل الاعزب عضو اشن في الاغلب. رابعها انكاح البنت غير ما تميل اليه ويميل اليها جريا خلف كثرة المال ودوسا لعاطفة المحبة بسبب رقة الحال. خامسها كثرة الطلاق من بناء عقدة النكاح على السرف في الصداق. لا على المحبة والوفاق. سادسها ضعف ضعف الاخلاق وانتشار الشرور من اجل اضطراب النفوس الناشي عن العزوبة والعنوس. فان النكاح وطمأنينة للزوجين. قال الله تعالى ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. سابعها ضعف ضعف الامة بقلة في ورقة الدين وصرف مواهب الشباب الى الاشتغال بالفراغات بين العامرات بالمساوئ والذي يألف بالفارغات وصرف الى الاشتغال بالفارغات بل العامرات بالمساوي والذي يألف مناظر الغرام والحزن لا يستطيع ان يقف موقفا الجند والبطولة ونختم هذا الوجه من السرف بكلمة صحت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند احمد واصحاب السنن قال رضي الله عنه والامة غنية بكثرة الغنائم وقلة ابواب الانفاق. الا لا تغالوا في صداق النساء. فلا تغلوا الا لا تغلو في صداق النساء فانها لو كانت مكرمة في الدنيا وتقوا عند الله. لكان اولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم ما اصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا اصدقت امرأة من بناته اكثر من ثنتي عشرة وان كان رجل ليبتلي بصداق امرأة حتى يكون لها وان كان رجل ليبتلى بصدق الله وان كان رجل ليبتلى بصداق امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه وحتى يقول كلفت اليك اليك كلفت اليك عرق القربة والاثنتا عشرة اوقية تزيد على اربعمائة درهم ولكنه نهى عن زيادة عن الاربعمائة وعزم على وضع الزائد في بيت المال. فردت عليه امرأة بقوله تعالى واتيتم احداهن قنطارا فرجع اليها وكان وقافا عند كتاب الله. ولم يرجع اليها في ذم الغلو وان فيه مفاسد ولكن في تحديد اكثر صداق وتمليك الزائد للمسلمين. ونرى ان عمر رضي الله عنه كان لا يعجزه الجواب بانه امير امير وللامير ان قصورا مباحة على احد طرفيه حسب المصلحة العامة ولكنه اختار التسليم لوجوه. احدها خشية ان يكون وضع الزائد على ما حده في بيت المال غصبا اما لمال المصدق او لمال الزوجة وثانيها انه كان يرى نفسه كما هو الواقع اسوة وقدوة فسلم للمرأة ليعلم الامة احترام الافكار وعدم التعصب للنفس يدل لذلك ما رواه مالك في الموطأ انه احتلم في واشتغل بغسل اثر الاحتلام من ثوبه حتى اسفر. فقال له عمرو بن العاص رضي الله عنه لو تركت ثوبك يغسل فانا لا ثياب فاجابهم بانه ليس كل الناس يجدون ثيابا ولو فعلتها لك انت سنة وثالثها الوقوف عند ظاهر القرآن واتهام النفس بان في التأويل انتصارا للفكرة. والتأويل في الاغلب تضليل للنفس وتعطيل للنص. ولولا السرف في التأويل ما ستر واجعلنا محاسن الدين ولا تعذر على المرشدين جمع كلمة المسلمين. لما بين المصنف رحمه الله تعالى ما سلف مما يتعلق بتحديد السرف شرع رحمه الله تعالى يكشف عن وجوده في جملة من صوره بين المسلمين من جملة ذلك الصداق الذي هو مهر المرأة. وقد اجمع اهل العلم على ايجاب المهر للمرأة ولكنهم اختلفوا في حد اقله واكثره. والصحيح انه لا حد لاقله ولا لاكثره. ولكن يراعى فيه حكم الشريعة. فاذا كان فيه ظلم وهظم بالانقاص او اسراف وافحاش بالزيادة كان منهيا عنه لاجل هذا المعنى الذكر رحمه الله تعالى ما ال اليه حال الناس من السرف في الصداق ثم بين جملة من اضرار ذلك كغرس في نفس الزوج واضعاف رابطة الزوجية بين الرجل وامرأته والتسبب في فشو عنوسة النساء وعزوبة الرجال وكثرة الطلاق وضعف الاخلاق وانتشار الشروط واقلال النسل ورقة الدين اشاعة الفحش تضييق طرق المباح مما يجعل الرجال والنساء يقعون في المحظور في بهذه الابواب. وذكر رحمه الله تعالى قول عمر رضي الله عنه ما اصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نساء ولا اصدقت امرأة من بناته اكثر من اثنتي عشرة اوقية. وهذا دال على عدم المبالغة في المهر لان ذلك لا يجاوز اربعمئة درهم كما بينه رحمه الله تعالى. ثم ذكر قول عمر وان كان الرجل يبتلى بصداق امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه قد صرح به جماعة ممن وقع في الطلاق فانه يقول بان الذي جره الى حل عقد الزوجية بينه وبين زوجته انه لا تزال يتذكر كل ما رأها ما اثقلت به كاهله من الديون طلبا لصداقها ومهرها ثم ذكر رحمه الله تعالى ما جاء عن عمر من ارادة تحديد المهور في القصة المشهورة مع المرأة التي ردت عليه. وهذه القصة قصة لا تثبت ولم تروى من وجه صحيح. وما ذكره من تطلب حمل فعل عمر على ترك الالزام بالتحديد لا يحتاج اليه لان هذه القصة لم تثبت في نفسها. ولكن تحديد المهور اذا اريد به وضع حد لمفاسد متعدية فلولي الامر ان يضعه واما باعتبار الشرع فالاصل ان المهور لا تحديد لها. لكن ان وقعت مفاسد مترتبة من المبالغة في المهور فحينئذ ينظر ولي الامر في مصلحة الرعية. لان حكم ولي الامر مناط بمصلحة الرعية كما قرره الفقهاء رحمهم الله تعالى نعم. واما الوليمة فقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر بها والغرض منها اظهار نكاح يحسان الى الفقراء. وكانت في صدر الاسلام بسيطة خالية من السلف والكلف. ففي صحيح البخاري انه صلى الله عليه وسلم معنا صبية بنت حيي وعلى زينب بنت جحش من امهات المؤمنين رضوان الله عليهم. رضوان الله عليهن اجمعين بتم رضوان الله عليهن اجمعين بتمر واقط. رضوان الله عنهن. انت تقول عليهن. احسن الله اليك القرآن رضي عليه ولا رضي عنه؟ عنه. عنه. نعم. احسن الله اليكم اولا ما معنى صبية بنت حيي وعلى زينب بنت جحش من امهات المؤمنين رضي الله عنهن اجمعين بتمر وسمن واقط وفيه انه اولم على بعض نسائه بتمر من بمدين من شعير. وكذلك الوليمة على فاطمة بنت افضل الخلق كانت بمدين من شعير كما في الطبراني. وقد اسرف الناس في الولائم فتنافس الاغنياء في مظاهر الترف وقلدهم عندو نوم كل بما يجد ويجتهد فما شئت من فرش مبثوثة لاقدام الوجهاء محرومة منها اعين الفقراء الى ستائر منمقة وموائد منوعة. ويمتد هذا السرب اياما تختلف باختلاف اقدار المؤلمين. ولا تخلو الولائم عادة من منكرات تكمل الدين وتغضب رب العالمين وعوائد مستنكرة تقنع في مروءة المؤلم وتجرح اصدقائهم من والمدعوين اموالا للراقصين والراقصات. ويجمع المؤلم منهم ما لا مالا يفتخر بكثرته وهو ما يعبر عنه في جهات من الوطن بالعون وفي الاخرى بالتاوسة وفي الاخرى بالغرامة ان بعث الناس من الولائم بغير الباعث الشرعي فاثمر لهم مفاسد منها صعوبة النكاح بالعجز عن سرف الولائم وصعوبة النكاح تمضي الى ما مقدم من العنوس والعزوبة وضعف الاخلاق وضعف الامة. ومنها تغير قلوب المتحابين والمتصاهرين بعدم اعطاء دعوين منهم للراقصين والراقصات ما يرضي المؤلم او بقلة ما يبذلونه له من العون او التهاوسة او الغرامة او بزيادة بعضها على بعض في ذلك والفة القلوب نعمة لا يستهين بها الا الانانيون الذين لا يهمهم غيرهم غير ذواتهم. وقد امتن الله بها على الصحابة رضوان الله عليهم فقال تعالى فقال تعالى واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء الف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن وتبديد السرف بالولائم بنعمة لا يشترى بما في الارض جميعا ينسينا تبديده لاملاك كثيرة لنفوس عزيزة ومنها اهانة الفقراء وهم من حيث الخلق اخف اجراما ومن حيث الدين ايسر انقيادا ومن حيث اكثر انتاجا. وقد جاء عن ابي هريرة رضي الله عنهم موقوفا عند البخاري مرفوعا عند مسلم. شر الطعام طعام الوليمة يدعى الغني تركوا الفقير فاذا اردنا السداد وسلوك طريق اقتصادي فلنقتدي بولائم السلف ولنقصد فيها الى المقصد الاشرف من اعلان في العديد من المحتاج. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ها هنا وجها اخر من وجوه السرف في انفاق المال وهو السرف في الوليمة واصل الوليمة هي الطعام الذي يصنع للنكاح. فان العرب جعلت لموائد اطعمتها اسماء مشهورة عندهم منها الوليمة فانها اسم لمأدبة النكاح. وجاء الشرع في اقرارها وفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم وامر بها وكانت في صدر الاسلام خالية من السرف والتكلف. كما ثبت في وليمته صلى الله عليه وسلم عند بناءه صفية وزينب انها كانت بتمر وسمن واقطوا انه اولم على بعض نسائه بمدين من شعير. وكذلك روى الطبراني بسند لا بأس به ان وليمة فاطمة رضي الله عنها كانت بمدين من شعير. لما بنى بها علي رضي الله عنه. وقد اسرف الناس في الولائم وتنافسوا فيها ووقعوا في منكرات بسبب هذا الاسراف كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى واثمد ذلك لهم مفاسد منها ما ذكره المصنف من صعوبة النكاح وتغير قلوب الخلق واهانة الفقراء حيث ينحون عن مثل هذه الموائد المبسوطة او لا يقدرون على فعل ذلك في انكحتهم كما يفعله الاغنياء وقد جاء الشرع بتعظيم قدر الفقراء في احاديث كثيرة كتقديمهم في الدخول الى الجنة او في النصر بدعائهم وغير ذلك من الاحاديث الدالة على تفضيل الفقراء على الاغنياء وهي مسألة طويلة عند اهل العلم يتعلق بالتفظيل بين الغني والفقير. ومن جملة ما يتعلق بالوليمة ما ارشد اليه النبي صلى الله عليه وسلم ها هنا بقوله شر الطعام طعام الوليمة يدعى اليه الغني ويترك الفقير. فجعل شرا لما فيه من هذا العيب والثلج وهذا الحديث قد روي موقوفا لفظا مرفوعا حكما. وقد جاء رفعه لفظا عند مسلم. وما اعني الصحابة من الحكم على شيء بالمعصية والكفر واشباه ذلك فانه محمول على الرفع كما نقله ابن عبد البر اجماعا فاذا صرح الصحابي بكون شيء معصية او كفرا فان ذلك عن خبر لا عن رأي كما قال عمار رضي الله عنه فيما رواه بعض اصحاب السنن من صام يوم الشك فقد عصى. ابا القاسم صلى الله عليه وسلم فهذا يقال ان له حكم وظع لما فيه من الجزم من معصية ومثل هذا قول ابي هريرة لو لم يأتي مرفوعا لفظا فانه يجزم بان له حكم الرفع. نعم واما الاطعام على الموتى وهو ما يسمى في لسان النعي وفي لسان سلفنا الفصيح الهضيمة. واحسنوا في هذا الاسم فان فيها لا هظما واكلا لاموال اليتامى ظلما. يتكلف ولي الميت اطعام الناس على نحو اطعام الولائم واعطاؤه اجرة للطلبة على قراءتهم قرآن وللموردين على اذكارهم على ذكرهم للاذكار. وقد تستمر قراءة القرآن التي هي للاجرة لا للاجر مدة تزيد عن الشهر ويستمر نحو ذلك في بعض الجهات استعداد ولي الميت لوفود التعزية بالذبائح والاطعمة. والاشربة من قهوة من قهوة واتاي وقد يتفق له اليوم اليوم ان والثلاثة متوالية لا يفد عليه فيها وافد يفسو. فيفسد ما هيأه ثم يظن انقطاع يستعد فيفد اليه حال اذ جمع يشتت همه في جمع مواد ضيافته. هكذا نعامل المصابين منا والارهاق وتبديد ما جعل الله لهم من التركة بالانفاق. بل نحملهم ارتكاب الديون وطلاقة الوجه وضحك العيون. ولا نعذرهم عند تقصير ولا نعفي عوراتهم من التشهير. ولا ترقوا قلوبنا لصغار الاولاد ولو لم يبق لهم بعد هذا السرف الا التراب. بل نأكل ونشترط ونأخذ ونغتبط والله تعالى يقول وليخشى الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا ان الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا. وقد اثمر هذا السلف الممقوت علاوة على افتقار اسر وافتضاح بيوت اخرى مفاسد. احدها ضياع اليتامى فلا مال يبقى على كرامتهم. ولا ولا قدرة على على عمل لسد حاجتهم ولا ولا اقرباء يراعون حق قرابتهم. ولا جمعيات تقوم بكفالتهم فان ماتوا صغارا كان موتهم سبة وعار وان اصبحوا كبارا جنوا على المجتمع اضرارا. ثانية واسوء حال الايامى فالزواج متعذر عليهن في الغالب ذو قرابتهن يرون في حفظ صبيتهن خدمة على الاجانب. ان عملن فبوجه كاسب وان قعدنا فبقلب لاهف. ثالثة وقسوة القلوب والغفلة عن عظة الموت فقراء القرآن ترى الميت بينهم وهم يأكلون ويتلذذون ويتحدثون ويضحكون ويغتابون وفود التعزية للمصائب وللمصاب يمتحنون. فان وجدوا لديه من لوازم الضيافة ما يقضي الا بناتهم قالوا ما مات من خلى مثلك خلاها تبارك الله عامرا. وان لم يجدوا ما يسدوا نهمهم ويبهت نظرهم. قالوا خلت دار فلان واي قلب اغلظ من قلب لا يتعظ بالموت؟ وان لسان حال الاموات لافصح من لسان الاحياء بالعظات؟ قالت امرأة تبكي اخاها وكانت في حياتك لي عظات فانت اليوم اوعظ منك حيا. رابعتها صرف القرآن عن الغاية التي انزل من اجلها فالقرآن الذي انزل لمن يخشى انزل ليتدبروا اياته وان يتذكروا اولوا الالباب. اصبح بضاعة تباع للمرضى والموتى والقرآن الذي لو انزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. اضحى لا يتجاوز حناجر قراءه. والقرآن الذي يجعل من الجبان شجاعا ومن الشوح جوادا صار اهله الا من رحم ربك اجبان الناس واشجع. واشحهم ان هذا لهو المصيبة التي لا يقاس بها الثكل تاكل والداهية التي تصفر حقيقة منها الانامل. فاذا اردنا في هذا الامر الاستقامة وسلوك طريق السلامة. فلنقرأ القرآن عن الاعتعاظ والاعتبار ولا نتوسل به الى الدرهم والدينار. ولنعفي المصابين من تلك العوائد ومد الموائد بل يصنع لهم الطعام الجيران وذوو الارحام. روى ابو داوود والترمذي وغيرهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد اتاهم ما يشغلهم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ها هنا وجها ثالثا من وجوه السرف وهو السرف في الاطعام عند الموتى اذا ماتوا وهو الذي يسمى في لسان اهل الجزائر العظيمة وهو مصطلح صحيح في اللغة. وهذا الفعل الذي يفعله الناس من اطعام على الموتى الذي يتكفله اولياء الميت هو من جملة النعي. فقد صح عند ابن ماجة من حديث جرير رضي الله عنه انه قال كنا نعد الاجتماع على الطعام عند اهل الميت من النعي. وهذا نقل على اجماع الصحابة رضوان الله عنهم على ان الاجتماع على طعام يصنعه اهل الميت للناس ان هذا من جملة النعي المنهي عنه. وانضم الى صنع الطعام والاجتماع عند اهل الميت في بعض البلاد وجود من يقرأ من المقرئين ومن يتحدث من المتحدثين ثم ذكر رحمه الله تعالى مفاسد لهذا السرف الممقوت منها ضياع اليتامى وسوء احوال الايامى وقسوة القلوب والغفلة عن بموت الميت وصرف القرآن عن الغاية التي انزل من اجلها الى قراءته في المآتم. وذكر رحمه الله تعالى اخرا الطريقة الشرعية التي امر بها الناس وهو ان من مات لاحد اقاربه احد او جار له فان السنة ان يصنع جيرانهم وذوو ارحامهم لهم الطعام كما امر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث اصنعوا لال جعفر طعاما فقد اتاهم ما يشغلهم. فالسنة هي ان يصنع الطعام لال الميت ويذهب به اليهم. واما ما عليه الناس اليوم من عكس القضية. وهو ان اهل الميت صاروا يتكلفون فهذا ليس بمشروع جزما فان صنعه غيرهم واجتمعوا عندهم فهذا فيه وجه حظر ووجه شرع فاما وجه الشرع فهو صنع الطعام لاهل الميت واما وجه الحظر فهو الاجتماع عنده. نعم يصنع الطعام لال الميت كما امر. واما ان يصنع الطعام ثم يدعى الناس عند اهل الميت فهذا مخالف للطريقة الشرعية. فصار الطعام الذي يصنع في حال وفاة احد على ثلاثة احوال الحال الاولى ان يصنع لال الميت. ولا يدعى للاجتماع عليه. بل من حضر اكل والثاني ان يصنع لال الميت ويدعى له الناس فهذا ممنوع لانه من النعي والثالث ان يصنعه ال الميت لغيرهم. فان كان ضيفا طارئا عليهم من خارج البلد لا بأس به. وان لم يكن كذلك فانه ممنوع منه. واعتبر هذا في احوال الناس تعرف شيوع المحظور وقلة الموافقة للمأمور. نعم. واما السرف في موائد الضيافة فترى يتكلم تأتيث منزل الضيافة وزخرفة واقتناء الاواني الرفيعة. فاذا نزل بهم ضيف اغرب باحضار الفواكه في غير ابانها وبالغ في تنويع الاطعمة والحلوى على غير ذلك من الى غير ذلك من مظاهر الترف واسباب السرف يبعث المضيف الى ذلك الاسراف اما طلب مرضات ضيف تكرمته واما حب الاعجاب بجوده ومقدرته. واما خشية كلام الناس في واليته فلو قصر في شيء مما جرت به عادة امثاله بتقديمه للضيوف ليعد تقصيره او قصوره استخفافا بضيوفه من رضعه في صباه حكى لان رجلا موسرا يسكن بضيعة بعيدة عن القرى ان ضاف اصدقاء له وقدما اليه وقدم اليهم فلاحته وكسبه لحما حنيدا ولبنا حليبا. وفاكهة طرية واطعمة شهية. ولكنه لم يتعفهم بفناجين القهوة بكؤوس الاتاي فعدوها له اساءة طغت عنها ذلك الاحسان وتحدثوا بها متعجبين متنقصين. فبلغه انتقادهم وانتقاصهم فدعاهم مرة اخرى فنزلوا عليه بعد الزوال فاسرع اليهم بفناجين القهوة. ولم يزل يتردد اليهم بها حتى منتصف الليل. فعملت فيهم واشتد بهم الجوع وهموا بالبوحل المضيف. فترددوا ثم هجم احدهم عليه بقوله اين العشاء؟ فاجابه هذه تتمة عشاء وكان جادا فلم يطعمه عنده هذه المرة غير القهوة. ولقد وفق في جوابه الفعلي كما احسن في جوابه القول وفي مظاهر السلف في في مضيافاته غرس مبادئ الجفاف القلوب واصول الشح في النفوس. ذلك بان الرجل ينزل به او ببلده من يمد اضافته ولكن العادة الغالبة تجعل الضيافة عليه ذلك الحين متعذرة او متعسرة فيقع في حرب بين حكم ضمير او امر العادة وقد يجيب صوت الضمير وحنبذة ولكن بنقص وكدر. وقد ينزل على حكم العادة فلا يضيف الناس ويبقى حيا منه خزين ولكن بتكرر هذا الانقياد للعادة يعتاد ترك الضيافة. ولو مع الاستطاعة فيجفو قلبه وتشح نفسه ويقع لغير هذا الرجل مثل ما وقع فيه فتقطع صلة ما امر الله به ان يوصل او تكاد. فعلينا ان نوجد فعلينا ان ان نجود. ان نجود جودا خاليا من الكلفة والتبذير. واما اعتقد ان كمال الجود في كثرة انضيافاته لتمتن لتمتن لتمتين الروابط بالصناة لا في كثرة المأكولات ثم قطعها عند الحاجة اليها. ان الاحسان هو ان ضيافة ان الاحسن ان الاحسن هو ان نصرف ضيافة ضخمة واحدة الى عدة ضيافات هينة. كما نصرف ورقة الالف الى الى اوراق شتى من ذوات عشرين وخمسين. وقد قال معلم الجود ومكارم الاخلاق عليه الصلاة والسلام. لو دعيت الى قراع اجبت ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا وجها اخر من وجوه السرف وهو السرف في موائد الضيافات. فان اصل اكرام الضيف شيء قرره الشرع كما ثبت في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. فدل هذا على وجوب اكرام الضيف. والكرم لا حد له بل مرده الى العرف. فكل ما سمي اكراما للضيف في العرف كان من جملة المأمور به. واذا تجوز في ذلك الى تعدي المأذون به سار سرفا كما ذكر المصنف ها هنا من احوال الناس. وذكر من مظاد السرف في الضيافات غرس مبادئ في القلوب وتثبيت الشح في النفوس وايقاع العداوة واضعاف الروابط والصلات بين الناس وهذا خلافه مقصود الضيافة اصلا كما ان الشرع الحكيم جاء بخلاف هذا فقد روى البخاري رحمه الله تعالى عن عمر رضي الله عنه قال نهينا عن تكلف ومن جملة التكلف السرف في الضيافة. وقول الصحابي نهينا او امرنا معدود في في جملة المرفوع حكم نعم. واما التكلم في الهدايا فالباعث عليه وثمرته كالباعث على السرف في وثمرته فان لم يجد الرجل او المرأة ما يمنع العين من الهدية تركها فتركها بذلك صلة ينبغي ان تتعاهد. وقد الى المرأة او الرجل ما لا يملأ العين فيغضبان ويطلقان في المهدي لسان السوء. وقد ادبنا الاسلام في هذا الامر بمثل حديث لو دعيت الى قراع لاجبت ولو اهدي الي قراع لقبلت. وحديث يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو سينجاد وفرسول الشاة احقر ما فيها ليس نظر الاسلام الى الضيافة والهدية من حيث انها فرصة لملء البطون او معرض لصناعة الاطعمة والحلوى بل مقصودها بل مقصوده منها ربط الصلات وتنمية المودات. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ها هنا الوجه الاخير من وجوه الاسراف وهو الاسراف في هدايا فان اصل الهدية مأمور به كما روى الترمذي وغيره بسند حسن النبي صلى الله عليه وسلم قال تهادوا تحابوا. فامر النبي صلى الله عليه وسلم الهدية الشرع بالاهداء هو تقوية صلة المؤمنين بعضهم ببعض. واذا جوز المأذون به من الحد في الهدية وقع الناس في ظد المقصود الشرعي. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ولو اهدي الي كراع وهو مما يحتقر لقبله صلى الله عليه وسلم. نعم هذا ما اردنا التنبيه عليه الان من وجوه السرف ومفاسدها ولعلنا قد اسرفنا في القول من حيث التطوير الذي يستغنى عنه بالمعنى. لا من حيث توفية الموضوع حقه. واذا شعرنا بالسرف فلنعد الى الاقتصاد. الاقتصاد هو الاستقامة على نهج الاعتدال بين طرفي الافراط والتفريط وهي الرتبة التي عناها ابن الوردي بقوله بين تبذير وبخل رتبة وكلا هذين ان زاد قتل خرج الامام احمد عن ابي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من فقه الرجل قصده في معيشته وقال تعالى ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كن البسط فتقعد ملوما محسورا. واجعل القرآن مقتصدين من عباد عن الممدوحين فقال تعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. وحكي ان الملك بن مروان قال لابن اخيه عمر بن عبدالعزيز حين زوجه ابنته فاطمة ما نفقتك؟ فقال له عمر الحسنة بين سيئة وتلائم والذين اذا انفقوا. رضي عبد الملك من اقتصاد نفقة لفاطمة وهي التي بلغت مكانة من المجد عبر عنها شاء الشاعر بقوله بنت الخليفة والخليفة جدها اخت الخلائف والخليفة زوجها قال المؤرخون لا يصدق هذا البيت على امرأة سواها ممن تقدمنها او تأخرنا عنها. الاقتصاد ايها السادة ضد التبذير والسرف كما انهم ضد الشح والبخل. فكل ذنب جاء في كلام الله ورسوله وكلام حكماء لهذين الطرفين الطرفين فهو مدح وثناء على الاقتصاد. وكل ما يذكر من الاثار السيئة والعواقب الوخيمة لدينك الطرفين فهو تنبيه على محاسن الاقتصاد وفوائده. فالاقتصاد مخض بصاحبه في الاخرة الى الجنة ان شاء الله وفي الدنيا الى العز والكرامة الى جعل وجودنا لنا وحياتنا عامرة بالاثار الخالدة. ولنتصور شرفنا في مثل الدخان والشمة والقهوة والاتاي مما لا لذة فيه ولا نعيم. ثم ثم لنتصور اقتصادنا بترك هذه الاعشاب نجد في ذلك الاقتصادي مما نجد في ذلك الاقتصاد ما يكفي للنهوض بمشاريع واسعة من علمية وصناعية وتجارية وفي ذلك اننا ستة ملايين فلنفرض سدسنا يتعاطى الدخان والشمة وينفق فيها كل واحد فر فرنكا كل يوم فادى مليون فرنك. يذهب كل يوم في الدخان والشمة ولنفرض ثلثانا يشرب القهوة والاتاي ويستهلك كل واحد ربع فرنك. في اليوم فهذا مليون اخر يخرج كل يوم في القهوة والاداء فلو اننا استبدلنا بهذه الاشياء مشاريع خيرية مقبوضة كل يوم من اليونان من الفرنكات. لكانت مشاريعنا اغنى المشاريع واقواها ووجودنا اشرف الوجودات واعزوها فكيف لو اقتصدنا بترك المحرمات ونبذ قبائح العادات وكف النفس عن بعض المشتهيات. نشكو التأخر والانحطاط ونقيم على خطتي التفريط والافراط. فحالنا قالوا من يشكو مرض السكر السكري ويتمادى على شرب العسل واكل الحلوى ان دائنا منا وعلاجه بايدينا. فلتكن لنا ارادة قوية في طرح السرف خطا ثابت خطا ثابتا وخطا ثابتة وخطا ثابتة في سلم الاقتصاد ولا نمثل الاعجوبة التي قال فيها الاول. ومن العجائب والعجائب جمة قرب الحبيب وما اليه وصول. كالعيس في البداية يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول. بعد ان فرغ المصنف رحمه الله تعالى من بيان وجوه السرف وذكر مفاسدها بين رحمه الله تعالى الحد المأمور به وهو الاقتصاد. والمراد به الاستقامة بين طرفي الافراط والتفريط. فان السرف يقابله التقطير وما بينهما هو الجادة المسلوكة السالمة شرعا. وقد كان السلف رحمهم الله الله تعالى يقولون ان الحسنة بين السيئتين والهدى بين الضلالتين. ومرادهم بذلك ان حسنة المأمور به شرعا بين سيئة الجفاء وسيئة الغلو. وقل هذا في نظيره وهو الهدى بين ضلالتين يعني ضلالة الافراط والتفريط. وهذا الاصل كما سلف هو الذي فضلت به هذه الامة على غيرها. فهي وسط يعني عدل في جميع ابوابها سواء فيما يتعلق بصلتها مع ربها او بالصلة المؤمنين الله من المسلمين بعضهم بعضا. ومن تمسك بالاقتصاد سلم في الدنيا ويوم المعاد من فرط في الاقتصاد خرج به ذلك الى او الى الاسراف وكلاهما طرف مذموم. ولو ان المبذرين اعتبروا هذه الاموال فصرفوها في ما ينبغي صرفه فيه من وجوه البر والخير والاحسان والنفع لجاد ذلك على المسلمين بخير كثير كما ضرب المصنف بذلك مثلا. نعم. ونرى الان ايها السادة انه قد استبان لكم الشرف المالي واتضح لكم بعض وجوهه وهامنتم بوجوب مقاومته على اي وجه كان مندمجت في غضون الكلام السابق. كيفية قاومته وهي تعتمد على ثلاث دعائم ذكر ما جاء في السرف من الايات واحاديث واقوال الحكماء. وهي ناحية نقلية ثانية بيان مضار مفاسده وهي ناحية عقلية. ثالثا امثلة من اقتصاد السلف وهي ناحية عملية تطبيقية. ولابد لاثمار المقاومة من تعميم من كيفيتها بين طبقات الامة وللتعميم وسائل احدها تعليم المسجدي فيقطع الواعظ من اوقاته من فيقطع الوعاظ من اوقاتهم دنوسا في تفسير اية من ايات السرف او حديث من احاديثه ويبنون دروسهم على الدعاء من ثلاثة التي وصفناها ثانيتها التعلم التعليم المكتبي فيلقي المعلم في امثلة قواعده ودروس ادابه بعض ما جاء في السلف. مما يقل لفظه ويقرب فهمه. ثالثتها الخطابة فتنشأ خطب في مواضع السرف تكون نماذجة تحتذى. رابعة والمحاضرات من نوادي خامستها المقالات والقصائد بالصحف السيارة. سادسة انشاء الاشعار العامية يتغنى بها بين الطبقات التي لا لا تغشى المساجد والنوادي والتي لم تزل بعيدة عن التأثير بالفصحى. سابعتها تخليد الحديث في هذا الموضوع بالتأليف والجمع وتيسير لتعميمهم بالنشر والطبع فتعهدوا فتعهدوا الجمعية فتعهد الجمعية الى من ترى فيهم كفاءة بالتأليف او بجمع المغتال مما يلقى في الموضوع بالفصحى وبالعامية وتنشط الكتاب والادباء والخطباء بجوائز على على ما احسنوا من اثار اقلامهم وقرائهم. وتشارك في تعميم ما يطبع باشتراء نسخ منه اهداء واهدائها مجانا. ثامنتها الاسوة الحسنة في تقدم من يملك الشجاعة الادبية الى الى اعتزام الاقتصاد وطرح السلف فيما يغني من وجوه السرف المعتادة ويسعى في تقوية جانبه بحمل بعض اصدقائه على خطته. والمتشاركون في هذه الخطة واي يؤكدوا عزمهم بالتحالف على التزامها. والقدوة الحسنة هي التي تجعل لكلام الله وقعا في القلوب ولامر الدين احتراما في النفوس ولعظات المرشدين تأثيرا في المجتمع. والقدوة الحسنة هي التي تجعلنا امة جد وعمل. لا شرذمة هزل وتواكل فان وقوف المرشد عند حد القول يحمل المستمع على الوقوف عند حد السمع. وقرنه قولا يبعد السامع على قرن السماع بالاتباع. فالقول المجرد يبعث القول يبعث عن القول المجرد والامتثال بالعمل يبعث الامتثال بالعمل وهذا سر نجاح السلف وفشل الخلف. لما بين المصنف رحمه الله تعالى ان السرف داء اجتماعي عضال ضرب باطنابه في نفوس الخلق نبه الى وظيفة اهل الاصلاح وهي مقاومة مثل هذه العوادي التي تغير على المجتمعات فتؤثر فيها. ورتب رحمه الله تعالى سبل مقاومة ذلك على ثلاث دعائم اولها ذكر ما جاء في السرف من ايات واحاديث الحكماء وهي ناحية نقدية وتانيها بيان مضاد السرف ومفاسده وهي ناحية عقلية وثالثها ضرب امثلة من اقتصاد السلف وهي ناحية عملية تطبيقية. ثم بين رحمه الله تعالى مخارج هذه الدعائم امتثالها وان الوسائل التي يمكن بها تحقيق هذه الدعائم في المقاومة لهذا الداء العضال في المجتمع يكون باعمال جملة من الوسائل منها التعليم المسجدي يعني المنسوب الى المسجد فيحرص الوعاظ على ان يجعلوا من اوقاتهم دروسا تتعلق بالسرف. ومنها التعليم المكتبي وهو المنسوب الى المكتب لان اصل التعليم كان في عهد السلف من التابعين فمن بعدهم ينسب الى المكتب وكان يعلم فيه القرآن والحساب تابوا وكتابة الاحرف ثم خرج في صورة المدارس النظامية في القرون الهجرية الوسطى الى زمان هذا فينبغي على القائمين في التعليم في المدارس والجامعات والمعاهد ان يتنبهوا الى نشر ما يكون فيه وعي للناس جاء هذا الداء العضى ومنها الخطابة والمحاضرات والمقالات والاشعار ومنها تأليف الكتب ونشرها وتعميمها ومنها الاسوة الحسنة بان يكون في الامراء والوزراء والعلماء والحكماء والادباء من يمتثل الشريعة ويخالف حال الناس من التفاخر بوجوه السرف التي اعتادوها. والناس يتأثرون بالفعل من تأثرهم بالقول. نعم. وهذا مغزى الجمعية في دعوتها الى حياة السلف. فما كان في في حياة السلف من دين فالجمعية تقف فيه وقوفهم عند الكتاب والسنة. واجتهاد فحول الثقات وما كان في حياتهم من دنيا جمعيته تأخذ منه الجد وبعد النظر. فتختار من حياة هذا العصر الارفع الانفع. وهذا نثر ما نظمه شاعرنا ان قال اما الحياة فاننا معشر جدد. فيها ولكننا في ديننا قدماء ختم المصنف رحمه الله تعالى هذه الرسالة بالتنبيه الى ان الدعوة الى الاقتصاد ومحاربة السرف هي دعوة الى حياة السلف فان السلف رحمهم الله تعالى كان من شأنهم في هذا الامر نبذ السرف وتحري الاقتصاد في جميع وجوه الانفاق وخير هذه الامة هم السلف الاوائل وسلامة من جاء بعدهم هو في امتثال طريقتهم كما قال مالك رحمه الله تعالى لا يصلح اخر هذه الامة الا بما صلح به اولها. وقال الشاعر خير الامور السالفات على الهدى وشر الامور المحدثات البدائع. وقال ابن الجزلي في الطيبة فكن على نهج سبيل السلف في مجمع عليه او مختلف. فينبغي ان يتحرى الانسان سلوك طريق السلف في اموره كلها في ابواب العقائد والافعال والاخلاق فان ذلك اسلم سبيلا واوثقوا طريقا. ومن جملته ان يتخلص الانسان من معرة السرف والتقطير وان يلزم طريقة الشرع بالاقتصاد بين من يقبض يده وبين من يبسط تضوى كل البسط وهذا اخر التقرير على هذا الدرس والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه