الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا هو الرابع عشر من برنامج الدرس الواحد السابع. والكتاب المقروء فيه هو مفهوم البيع واحكام الخروج على ولاة الامر للعلامة صالح ابن فوزان. فقبل الشروع في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين. المقدمة التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة صالح بن فوزان ابن عبد الله الفوزان. المقصد الثاني تاريخ مولده ولد سنة اربع وخمسين بعد الثلاثمائة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته لا يزال حفظه الله حيا بين اظهرنا. وتقدم ان اثبات مثل هذا المقصد في حق الاحياء جريا على ثبوت نسق واحد في الترجمة وله من العمر خمس وسبعون سنة امد الله في عمره على خير. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه. اصل هذه الرسالة هو محاضرة حرفية القيت باسم مفهوم البيعة واحكام الخروج على ولاة الامور. ثم قيدت مكتوبة ونشرت تحت نظر الشيخ بهذا الاسم. المقصد الثاني بيان موضوعه افصل اسم الكتاب عن مقصود هذه الرسالة وهو بيان ما يتعلق بمسألة البيعة والخروج على ولاة الامور المقصدة الثالث توضيح منهجه اكتست هذه المحاضرة بما عليه علماء الدعوة الاصلاحية من كثرة الاستدلال بالاي والحديث. وتقرير المعاني الشرعية بما دل عليه الدليل دون توجيه النظر الى سواه. ومما ينبه اليه ان الجمع المذكور في كلمة الامور الذي يعبر به جماعة من اهل العلم فيقولون ولاة الامور ان هذا خطأ فان الجمع انما يصح في فيقال ولي الامر واولي الامر. واما جمع الثاني فلم ياتي في الكتاب ولا السنة. والعقل يأباه لان امر المسلمين واحد واذا تشعبت امورهم صارت محتاجة الى جماعة من المدبرين. فالذي يقوله ولاة الامور كانه يثبت عددا من لكل واحد امر وانما يقال ولي الامر وولاة الامر. واعتبر هذا في القرآن والسنة تجد صدق ما ذكرت لك. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المؤلف حفظه الله تعالى الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد فان الله سبحانه وتعالى امر المؤمنين بالاجتماع ونهاهم عن التفرق والاختلاف. قال سبحانه وتعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. وقال سبحانه ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات. واولئك لهم هم عذاب عظيم. وذلك لما يترتب على اجتماع المؤمنين من القوة والتآلف والمحبة بينهم والتناصر على الحق ذلك شرع الله للمسلمين اجتماعات تتكرر عليهم في اليوم والليلة وتتكرر في الاسبوع وتتكرر في السنة. يجتمعون في مكان واحد لاداء عبادة فريضة وفريضة. عبادة وفريضة من فرائض الله سبحانه وتعالى. شرع صلاة الجماعة في الصلوات الخمس في اليوم والليلة. وتوعد الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة من غير عذر شرعي قالهم اجتماعا اسبوعيا لصلاة الجمعة وشرع لهم اجتماعا سنويا لصلاة العيدين. وشرع لهم اجتماعا اكبر يأتي اليه المسلمون من الارض ومغاربها لاداء الحج كل سنة. ووحد كلمتهم في هذه الاجتماعات يقتدون بامام واحد في الصلوات الخمس وفي وفي الاعياد وكذلك يجتمعون على اداء المناسك مناسك الحج تحت قيادة واحدة هي الولاية على بلاد الحرمين وشرع الاجتماع ايضا لبعض النوافل كصلاة التراويح وصلاة الكسوف. كل هذا تربية للمسلمين على الاجتماع والتآلف والتعارف والتراحم وان يكونوا كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. يتفقد بعضهم بعضا في هذه الاجتماعات فمن فقدوه بحثوا عنه وتعرفوا على حاله. ونصحوه اذا لم يكن له عذر بان يحضرني المسجد ويصلي مع جماعة المسلمين فلو ان المسلمين تفرقوا وكل يصلي وحده ولا يرى بعضهم بعضا لحصل من التنافر والتناكر والاختلاف شيء الكثير فهذا الدين ولله الحمد هو دين الاجتماع والتعاون على البر والتقوى والتناهي عن الاثم والعدوان. قرر المصنف حفظه الله في هذه الجملة بيان اصل عظيم من اصول هذه الديانة وهو اقامة الجماعة فان الشرع جاء بالامر بالاجتماع اي وناها عن التفرق والاختلاف. وهي احدى المسائل الكبار التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل الجاهلية ولما عد امام الدعوة رحمه الله تعالى مسائل الجاهلية قدم هذه المسألة واعدها من المسائل الثلاث الكبار التي فارق فيها النبي صلى الله عليه وسلم اهل الجاهلية فان اهل الجاهلية كانوا متفرقين متناحرين فجاء الشرع بالامر باجتماع المؤمنين بهذا الدين. واستفاض هذا الاصل حتى صار اسم الفرقة الناجية الجماعة. كما ثبت في حديث معاوية وغيره. كل هذا انما صيغ في الشرع لتقرير امر الجماعة. ولتثبيت الجماعة في نفوس المؤمنين فان الله عز وجل شرع للمؤمنين ان يجتمعوا في عبادات كثيرة من العبادات المفروضة او المتنفل بها في يومهم وفي اسبوعهم وفي سنتهم كاجتماعهم في الصلوات الخمس وفي صلاة العيدين قصور والتراويح واجتماعهم في الحج. كل هذه المظاهر انما جعلت من الشرع لاقامة هذا في نفوس الناس ولتثبيت هذه الشريعة في قلوبهم بحيث يصير من الاصول المحققة عندهم ان امر مأمور به شرعا. وهي ملازمة للدين الكامل. وقد روى الدارمي بسند فيه انقطاع عن عمر رضي الله عنه ان انه قال لا اسلام الا بجماعة. وهذا الاثر وان كان فيه مقال الا انه حق. فان الدين انما جاء بالامر بالاجتماع وحث الخلق على تآلف القلوب واشاعة المحبة بينهم لما فيه من الاعانة على لزوم الشريعة. نعم. ولما كان الاجتماع للمسلمين لا يتم ولا يحصل الا بقيادة تقودهم وتتولى امورهم وتنفذ الاحكام الشرعية فيهم وتمنع الظالم عن ظلمه وتؤدي الحق الى صاحبه. فهذا لا يتم الا بقيادة وولاية من المسلمين والولاية والقيادة لا تتم الا بالسمع والطاعة. قال الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله اطيعوا الرسول واولي الامر منكم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما طلب اصحابه منه وصية قال اوصيكم بتقوى الله والطاعة وان تأمر عليكم عبد فانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعد بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ. واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. فبين صلى الله الله عليه وسلم ان الذي يعصم من الاغتناب والضلال امران الامر الاول السمع والطاعة لولي امر المسلمين وعدم الخروج عليه وعدم معصيته اذا امر بطاعة الله سبحانه وتعالى. الامر الثاني التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وترك البدع والمحدثات فلا يفرق المسلمين الا احد هذين الامرين. الامر الاول الخروج على ولي امر المسلمين وعصيانه والامر الخروج عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم الى البدع والمحدثات في الدين. واكد صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة لولاة فقال من يطع الامير فقد اطاعني. ومن عصى الامير فقد عصاني. ونهى صلى الله عليه وسلم وشدد عن مفارقة جماعة والشذوذ والاختلاف. فلذا قال صلى الله عليه وسلم من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ثم مات مات ميتة جاهلية وفي حديث حذيفة رضي الله عنه ارشدنا عند الاختلاف ماذا نعمل؟ قال له صلى الله عليه وسلم تلزم جماعة المسلمين وامامهم قال فان لم تكن لهم جماعة ولا امام. قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو ان تعض على اصل شجرة. تعض على اصلها. ولو ان تعض اصل شجرة حتى يدركك الموت وانت على ذلك. فامره باعتزال الفرق المختلفة والتمسك بالكتاب والسنة. ولو كان حتى يأتيه الموت ويصبر على ما يلقى في ذلك من التعب ولو ان يعض على اصل شجرة. كل هذا يدل على احترام السمع والطاعة ولاة امور المسلمين وعدم مخالفتهم ومعصيتهم. لما بين المصنف حفظه الله ان الاسلام انما يقوم معه ان الشرع جاء بالامر باجتماع المسلمين قرر ان جماعة المسلمين لا يتم امرها الا بقيادة تقودها وولي امر يسوس وهذا شيء اجتمعت عليه الامم جميعا مؤمنها وكافرها بل البهائم العجماء في كل صنف منها امير يكون مقدم جماعتها. واذا كان هذا في حق البهائم العجماء فهو اكد في حق الناس. لذلك لا توجد امة مسلمة ولا كافرة الا ولها قائد يقودها. وقد قرر الشرع الحكيم ذلك كما في قوله تعالى في هذا الاية يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. فان المأمور بطاعته في هذه الاية ثلاثة اوله هو الرب عز وجل وثانيهم هو الرسول صلى الله عليه وسلم وثالثهم هم ولاة الامر وانما ذكر ولاة الامر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفرد الفعل للاعلام بان الولاة هم نواب عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في تدبير امر المسلمين. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هو امام جماعة المسلمين في زمانه. فلما مات صلى الله الله عليه وسلم صار من يخلفه هم ولاة الامر. والسنة كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية هو ان يكون امام المسلمين واحدا والمتولون في البلدان هم نوابه. لكن ان تعذر اقامة هذا لضعف المسلمين وعجزهم او قلة قيامهم بامر دينهم صار كل متول على بلد هو ولي امر ذلك البلد. فالشرع بين ثبوت الطاعة لولاة الامر لكونهم نوابا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تدبير امر المسلمين. وكما ان العلماء هم نواب عن النبي صلى الله عليه وسلم في الافتاء والعلم فان الامراء نواب عن النبي صلى الله عليه وسلم في السلطنة والحكم وقد امر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض الذي ذكره الشيخ امر بالسمع والطاعة لولاة الامر لان امر المسلمين لا يتم اذا نصبوا اماما الا بان يسمع ويطاع. ولهذا صار من دين المسلمين البيعة لولي امرهم. والمراد بالبيعة هو عقد السمع والطاعة لولي الامر. فالبيعة تجمع هذين الشيئين وهما السمع والطاعة. فمن بايع اماما فقد عقد له سمعه وطاعته والتزم ان يكون كذلك ثم اتبع الشيخ حفظه الله هذا الحديث بحديث ثان في الطاعة وهو حديث من يطع الامير فقد اطاعني ومن عصى الامير فقد عصاني وفيه تأكيد طاعة ولي الامر ثم اردفه بالتشديد على مفارقة المسلمين فاورد حديث من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ثم مات مات ميتة جاهلية. للاعلام بان طريقة اهل الاسلام هي لزوم الجماعة والسمع والطاعة وطريقة اهل الجاهلية هي التفرق وعدم السمع والطاعة. وهذه المسألة ايضا هي من المسائل الكبار التي خالف فيها النبي صلى الله عليه وسلم اهل الجاهلية وقد اتبعها امام الدعوة بالمسألة السابقة في مسائل الجاهلية. فان اهل الجاهلية لا يرون سمعا ولا طاعة لامرائهم بل يشغبون عليهم ويكثروا اختلافهم عليهم وتتقلب امورهم بحسب قوة المتولي منهم وشجاعته. فتنقل الولاية من هذا الى هذا في حياتي باعتبار تقدمه على فرسان قومه. فلما جاء الشرع ثبت هذا باصل وثيق وهو السمع والطاعة لولي الامر بما في ذلك من اقامة امر المسلمين في دينهم ودنياهم. وكذلك في حديث حذيفة في قوله صلى الله عليه وسلم ان تلزموا جماعة فالمسلمين وامامهم امر باقامة هذا الاصل. واذا لم تكن جماعة ولا امام فان الانسان يؤمر باعتزال تلك الفرق التي تعبت وتفرقت ولم يعد لها جماعة ولا امام. نعم. ولكن اعداء الاسلام خصوصا في هذا الزمان يحاولون يبث الفرقة بين المسلمين ويحاولون ان ينشروا الافكار الخبيثة والسموم القاتلة التي تفرق جماعة المسلمين. وتبغض امام اليهم وتبغضهم الى امامهم من اجل ان يتفرقوا ويصبحوا تحت ايديهم ويهون انقيادهم لعدوهم. لان العدو يعلم ان مسلمين اذا اجتمعوا تحت قيادة امامهم فان عدوهم لن يستطيع ان ينال منهم. اما اذا تفرقوا واختلفوا فان العدو يتغلب عليهم نتدخل في شؤونهم وحينئذ لا يرحمهم ولا يشفق عليهم. لانه عدو والعدو لا يتوقع منه رحمة ولا يتوقع منه خير فهذا امر من اصل العقيدة لاجتماع الكلمة والنهي عن التفرق. ولزوم جماعة المسلمين وامام المسلمين. هذا من اصول عقيدة المسلمين وهو مسجل في كتب العقائد يتدارسونه المسلمون جيلا بعد جيل ويدرسونه لاولادهم وشبابهم انه امر مهم جدا. فلما كان لا يتم اجتماع كلمة المسلمين وائتلافهم الا بامام ينصبونه يتولى شؤونهم فان نصب الامام فريضة على المسلمين. ولهذا لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم لم يشتغلوا في تجهيزه حتى بائعوا الخليفة فمن بعده مما يدل على ان امر الامامة والقيادة مهم جدا لا تمر ساعة او اي زمن الا وللمسلمين امام ينعقد عليهم تنعقد عليه بيعتهم وجماعتهم. بين المصنف حفظه الله في هذه الجملة ان من السعاة في ابطال جماعة المسلمين من يكيد له من اعدائه الذين ينشرون الافكار الخبيثة ويسعون في تدبير تغيير للولايات المتمكنة في البلاد الاسلامية بما سمي بالانقلابات فان هذه انما سعى فيها الكفار ثم علقها من علقها من جهلة المسلمين وجعلها طريقا للتغيير وتبديل الولاية. واشباه هذه المكائد لا تزال تصبح وتمسي على المسلمين فينبغي ان يحذر المرء من الانسياق الى الدعايات المغرضة التي يبثها الكفرة ومن تقلد اقوالهم من الدعوة الى الحريات المطلقة وغيرها من الشعارات التي ظاهرها الدسم وباطنها السم وما دخلت هذه المقالات الى بلد الا افسدت اهله وغيرت ولايته. وتحول الناس الى شر مما كانوا عليه واذا اعتبر الانسان بحال المسلمين في بعض البلدان وما الوا اليه بعد تبديل الولاية المتمكنة فيهم وما تقلبوا فيه من شر بعده الى اليوم منذ اكثر من بضعة عشر سنة علم مقدار ما يكده الاعداء لاهل الاسلام. ثم نبه المصنف وحفظه الله الى ان هذا الاصل من الامر بالاجتماع ولزوم الجماعة ونصب الامام ان هذا من اصول عقيدة المسلمين وقد دونه من كتب من اهل السنة في عقائدهم ولم يزل اهل السنة على اقامة هذا الاصل واشاعته وبيانه وهم انما ادخلوه في العقائد وان كان اصلا من ابواب الطلبيات لان المخالفة فيه صارت شعارا لاهل البدع من المعتزلة والخوارج ومن تعلق مقالاتهم من بعدهم. فلما ظهرت هذه القالة بين المسلمين من تسويغ الخروج على ولاة ونزع يد الطاعة منهم وتفرقة الجماعة صار من دين اهل السنة والجماعة التنبيه الى هذه الاصول. وهم انما يقيمون هذه الاصول ديانة وتقربا الى الله سبحانه وتعالى. فان السمع والطاعة لولاة الامر لم يصدر بمراسيم ملكية ولا خطابات حكومية. بل صدر بامر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم. والشريعة لا ترقب فيه فلانا او ولا بلدا دون بلد وانما ترقب فيه مصلحة المسلمين. فان نصب الامام انما وقع في الشريعة لحفظ الجماعة. والجماعة اذا لم يكن لهم امام صعب عليهم تدبير امر دينهم ودنياهم. فجاءت الشريعة باقامة الجماعة ونصب الامام فيهم والامر بالسمع والطاعة له لان هذا لا يتم الا بهذا. وكل واحد منها اخذ برقبة الاخر. فلا جماعة الا بامامة ولا ما مات الا بطاعة كما روي في اثر عمر السابق. فلا تكون الجماعة الا مع وجود امام لها. ولا تتحقق منفعة الامام الا بالسمع والطاعة ولشدة الحاجة اليه وقع هذا في عهد الصحابة رضوان الله عنهم بيانا من فعلهم فانهم نصبوا الخليفة اولا ثم اشتغلوا بتجهيز النبي صلى الله عليه وسلم ثانيا. لان الامر اذا انفلت في ساعة لم يمكن تداركه ومن قرأ في تاريخ الامم عرف شدة مثل هذا الامر والشريعة لا تأتي الا بما فيه مصلحة الناس ونفعهم في دنيا والاخرة واذا تجرد العبد من طلب حظ نفسه علم عظمة هذا الاصل وانه من اصول الشريعة الكبار وان الاحاديث المروية فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم احاديث كثار ملئت بها الصحاح والسنن والمسانيد. فقرائتها وشاعتها وبيان احكامها هي من الدين ومن الجهل المستبين اعراض بعض طلبة العلم عن دراسة هذه الاحاديث وقراءتها بين الناس توهما منهم ان مثل هذا فيه اعانة للظلمة. ولست انت اعلم من الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولو كان كذلك لصارت مما يحدث به في زمن دون زمن. ولا ذكر هذا احد من فقهاء الاسلام. ولكن قلة العقل وغلبة الجهل ودخول الفساد الى قلوب الناس صار يميل بهم عن بعض الشريعة. فصارت حالهم كل حزب بما لديهم فرحون وقد رأينا هذا في معاقد الدروس ممن اذا جاء تدريس باب الامارة في كتاب الصحيح او غيره انفض بعض من كان يحضر الدرس توهما منه ان مثل هذا لا مصلحة فيه ولا نفع وانما فيه اعانة لاهل الظلم من الولاة وكل هذا من الجهل ومن يريد تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى فانه يقيم هذا الاصل في نفسه لان هذا دين الله عز وجل وانت باشاعة دين الله عز وجل لا تتملق الى فلان ولا فلان. وانما تبين الاحكام الشرعية كما جاءت بها الشريعة ومن لزم الشريعة كانت له النجاة كما قال مالك رحمه الله السنة كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك فمن لزم السنة وتابع ما امر به الشرع نجا ومن اخطأها هلك وبعض يرقبون صوت السلطان ولا يرقبون غضب الرحمن. فتجد انهم يزيفون هذه الاحكام تارة تزلفا الى السلطان يعظمون شأنها فوق ما امرت به الشريعة. فربما تسامحوا في طاعته في معصية الله سبحانه وتعالى. ويقابلهم طائفة اخرى تزين لهم انفسهم الميل عن الطريقة الشرعية وتضيق صدورهم بالاحاديث المروية في هذا. والجادة السوية ولزوم ما جاءت به الشريعة فان الشريعة جاءت بالسمع والطاعة في المعروف. وما عدا ذلك من معصية الله فلا سمع ولا طاعة نعم والامامة تتم باحد امور ذكرها اهل العلم الامر الاول بيعة اهل الحل والعقد لامام يختارونه كما الصحابة رضي الله عنهم ابا بكر الصديق بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. فبايعه اهل الحل والعقد من المهاجرين والانصار وتبعهم بقية المسلمين. فبقية الرعية تبع لاهل الحل والعقد من الامراء والعلماء وذوي الرأي والعلم والشأن. فاذا بايعها هؤلاء فالبقية تبع لهم. لانهم ينوبون عنهم ويمثلونهم لان المسلمين كالجسد الواحد وكالبنيان يشد بعضه بعضا هذا الطريق الاول من طرق انقياد البيعة لولي الامر ان يختاره اهل الحل والعقد من المسلمين فيبايعونه فاذا تمت بيعته من اهل الحل والعقد لزمت طاعته والانقياد له. من حضر البيعة ومن لم يحضرها من المسلمين. الامر الثاني اختيار الامام ولي العهد بعد ان يختار ولي امر المسلمين من يتولى الامر من بعده فتسمى هذه ولاية العهد. فاذا اختار ولي الامر من يقوم بالامر من لزم طاعة ولي العهد من بعد موت الامام. وتنفذ امامته باختيار ولي الامر له. لان ولي الامر يكون نائبا للمسلمين فاذا اختار وليا للعهد لزم المسلمين القبول والطاعة. والدليل على هذا اختيار ابي بكر رضي الله عنه لعمر بن الخطاب ولاه العهد من بعده فرضي بذلك المسلمون. وانقادوا ولم يعترضوا فعمر بن الخطاب تولى الامر بولاية العهد ممن قبل وهو ابو بكر الصديق رضي الله عنه وعهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى ستة من العشرة المبشرين بالجنة اختار واحدا وهو افضلهم وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه. الامر الثالث وهو الطريق الثالث مما تتم به بيعة ولي الامر اذا تغلب بسيفه على المسلمين حيث لم يكن هناك ولاية فقام رجل فيه الكفاءة. وفيه القوة وتغلب بالقوة طيب فانه تجب طاعته وتتم ولايته بذلك. لان منازعته تجر على المسلمين شرا وتفجر خلافا وسفكا للدماء فاذا قام واحد من المسلمين في مجتمع ليس فيه امام اما انه مات الامام او غير ذلك. وتغلب بالقوة والسيف وهو مسلم انه تجب طاعته. اما ان يقوم هذا وولي الامر موجود فهذا امر محرم ولا يجوز. وامر النبي صلى الله عليه وسلم قال من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم او يفرق جماعتكم فاقتلوه كائنا من كان ما اذا لم يكن هناك ولي امر وقام من المسلمين من تتوفر فيه الكفاية وتغلب بالقوة ففي هذا خير للمسلمين. وتلزم ويمثلون لذلك بعبد الملك ابن مروان الاموي. فانه لما انتهت الخلافة من معاوية ويزيد ابنه وحصل من المسلمين ما حصل من الاختلاف قام عبدالملك بن مروان وكان رجلا شهما شجاعا عالما حازما. فضبط الامور واستولى على الرعية فاطاع له وفيهم العلماء وفيهم اصحاب الرأي وانقادوا له. واطاعونا لما في ذلك من المصلحة للمسلمين. فهذه الامور الثلاثة التي تتم بها البيعة بولاية الامر كما ذكرها اهل العلم اخذا من تاريخ المسلمين الماضي في عهد الصحابة والتابعين والقرون المفضلة فيجب علينا ان نسير على هذا المنهج ولا نستورد نظاما من الخارج مخالفا للاسلام ونتبعه. بل يجب ان نتبع ما جاء به والمطهر وسار عليه المسلمون واقروه. فمن خالفوا فقد شد عن الجماعة ومن شد شد في النار. سبق ان عرفت انه لا اسلام الا بجماعة ولا جماعة الا بامامة. والمراد بالامامة هي ولاية الامر. في السلطان حكم فان اسم الامامة يقع على معان عدة لكن المرادة في هذه الاحكام انما هي الامامة المتعلقة بالحكم فيقال ان الامامة هي ولاية امر السلطان والحكم. وقد ذكر اهل العلم رحمهم الله تعالى ان الامامة باحد طرق ثلاث جمعها السفاريني بقوله ونصبه بالنص والاجماع وقهره فحل عن الخداع. فهذه طرائق ثلاث تحصل بها الامامة. اولها نصوا عليه من متول قائم حكمه. فاذا عين ولي الامر حاكما من بعده لزم الناس طاعته ودليل هذا نص ابي بكر رضي الله عنه على عمر فانه جعل الامامة اليه من بعده. واقر المسلمون هنا للبيعة لعمر والطريق الثاني الاجماع على بيعة احد من المسلمين كما اجمع على بيعة ابي بكر الصديق بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وثالثها قهره وتغلبه. فاذا تغلب احد على سدة الحكم والسلطان في بلد من بلاد المسلمين واستتب له الامر كانت له البيعة. فان ابن عمر وغيره من ابى بايعوا عبد الملك ابن مروان لما حصل ما حصل من الاختلاف في زمن بني امية مع عبد الله ابن الزبير واخوانه ثم تغلب عبد الملك ابن مروان وبايعه ابن عمر وغيره من الصحابة فدل هذا على ان من غلب على سدة الحكم بايعه المسلمون وانعقدت له الامامة. واذا كان الزمن زمن فتنة والمتغلبون يتناوبون على الغلبة فان الانسان يلتزم طاعة من غلب منهم. فاذا خلع التزم طاعة من بعده فقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه انه كان في زمن الفتنة اذا تولى امير صلى وراءه وادى اليه زكاته ثم لما استتب الامر لعبد الملك بن مروان بايعه رضي الله عنه وثبت الحكم لبني امية على البلاد الحجازية بعد بلادي الشامية. هذه الطرائق الثلاث هي الطرائق التي دلت عليها الشريعة. في عهد الصحابة رضوان الله عنهم فان بهذه الثلاث وقع في عهد الصحابة جميعا. فدل على الاحتجاج بفعلهم على كل واحدة مما ذكرنا. ثم اشار المصنف رحمه الله تعالى الى التحرير من استيراد انظمة في الحكم من الخارج. والمراد بالخارج خارج هذه بلاد سواء كان من بلاد للمسلمين اخرى او من بلاد الكفرة. لان الواجب هو اتباع الشرع المطهر. وهو يشير بذلك الى ما يسمى ايش ها يا احمد يشير بذلك الى الانتخابات. ما حكم الانتخابات؟ او يشير الى غيرها؟ ما الجواب؟ يشير الى الانتخابات او الى غيرها الى الانتخابات. طيب ما حكم الانتخابات؟ ها يا عبد الله عبد الله يقول لا تجوز لانها من عادات الكفار. ها يا عبد الله ها وش الدليل على هذا اي نعم لكن حق الامامة لولي الامر ام للناس الان لو ان متوليا اراد ان يفعل هذا هل له فعل ذلك ام ليس له فعل ذلك؟ ما الجواب؟ الطاعة والسمع لمن له ام لغيره؟ ما الجواب؟ له فاذا اراد نقلها الى غيره له ذلك ام ليس له ذلك؟ له ذلك هو يريد ان يسقط حقه باختياره له ذلك يريد ان يسقط حقه باغتياله. الاخ عبدالله يقول لا يجوز لانها من عادات الكفار. الجواب يقال هذا امر يتعلق باصلاح الحال واقامة وجوه الحياة ام يتعلق بالتعبد؟ الجواب يتعلق باصلاح احوال الناس وليس وما كان فيه صلاح حياة الناس كانواع المراكب والمخترعات فللمسلمين ان ينتفعوا به. فنقول في تقرير هذه المسألة ان السمع والطاعة حق جعله الشرع لولي الامر كما مضى في هذه الاحاديث. فاذا اراد ولي الامر ان ينقل هذا الحق لغيره جاز ولا ما يجوز؟ يجوز ولا ما يجوز؟ يجوز واللي يقول ما يجوز قد يكون يخطئ لي هذا الامر فيجعله لي شخص اخر لا تقم به الكفاية. كيف يعني يوضع منه رأي الجميع في انسان نقول ان الذي يقول يجوز غلط والذي يقول لا يجوز غلط نقول ان نقل هذا الحق له طريقان اثنان احدهما ان ينقله الى اهله وهم اهل الحل والعقل. والمراد بهم اهل الرأي من الامراء اي والعلماء والوجهاء فان هؤلاء هم الذين بايديهم عقد الامور وحلها في بلاد المسلمين. فهذا شيء جاءت الشريعة كما فعله عمر في اصحاب الشورى الستة الذين جعل الامر اليهم فهو قد نقل السمع والطاعة في اختيار ولي امر من بعده اذا اصحاب الشورى الستة رضي الله عنهم. والطريق الثاني ان ينقله الى من ليس من اهل الحل والعقد سواء كان اشخاصا معينين ام عموم الناس المسمين في لسان اهل العصر بالشعب فهذا لا يجوز جزما لان الامر المقصود شرعا من انتظام حياة الناس لا يتحقق بهذا. فان من لا تقوم به الكفاية ولو كانوا قليلا او كانوا جميعا وفيهم من يعتد برأيه ومن لا يعتد برأيه فلم تأتي الشريعة بمثل هذا ابدا. هذا هو الذي يقتضيه الدليل في هذه المسألة وسلامة الجادة البقاء على الاصول المعتمدة في الدين في ما ينصب به ولي الامر. ولكن ان فعل لولي الامر هذا على الوجه الذي ذكرناه من نقله الى اهل الحل والعقد كان ذلك جائزا بلا مرية. نعم. اما ما يذكر الان من البيعة لبعض الفرق السياسية او الفرق المبتدعة من انهم يبايعون واحدا من جماعات سياسية لا تدخل في طاعة ولي امر المسلمين ولا ترى رأي المسلمين انما تريد ان تفرق الشمل فيبايعون واحدا منهم فهذه بيعة باطلة وهذه ينطبق عليها قول الرسول صلى الله الله عليه وسلم من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم او يفرق جماعتكم فاقتلوه كائنا من كان. والنوع الثاني من هذه البيعة الباطنة وهو بيعة اهل البدع من الصوفية وغيرهم. يبايعون واحدا منهم على انهم يتبعونه ولا يخالفونه. مهما امرهم يطيعونه في امره. هذه بيعة اهل التصوف ويطيعونه طاعة عمياء وينقادون لهم قيادا تاما. وهو على غير هدى وليس هو ولي الامر انما يعتبرون هذا من دينهم ويوجبون طاعتهم فهذا لله وللرسول صلى الله عليه وسلم فان المسلمين كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى اجمعوا على ان من يرى انه تجب طاعة احد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه يستتاب فان تاب والا قتل. فلا احد تجب طاعته بعد الرسول صلى الله عليه وسلم انما يطاع اذا اطاع الله واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم. اما اذا خالف الرسول وخط له خطا يخالفه ومنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في العبادة او في الاتباع. فهذا يجب قتله اذا لم يتب الى الله سبحانه وتعالى. فالبيعة انما تكون لولي الامر قال تعالى ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله. يد الله فوق ايديهم. اي يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك يبايعون الخلفاء بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. وقال تعالى لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فلا احد يبايع على السمع والطاعة الا رسول الله صلى الله عليه وسلم. او الخليفة وولي الامر امر اما القيادات الجماعية والحزبية والقيادات البدعية فهذه بيعات باطلة ولكن الاخيرة اشد وهي الزام بطاعة احد غير الرسول صلى الله عليه وسلم. لما بين المصنف حفظه الله البيعة الشرعية وهي عقد السمع والطاعة لولي الامر اتبعها ببيان البيعة البدعية فان البيعة الموجودة اليوم في بلاد المسلمين هي نوعان اثنان اولهما بيعة شرعية وهي عقد السمع والطاعة لولي الامر. والثاني بيعة بدعية وهي بيعة لم تأتي بها الشريعة. وهي نوعان اثنان احدهما بيعة التوبة الموجودة عند المتصوفة التي يبايع فيها المريد شيخه على التوبة الى الله سبحانه وتعالى والانخلاع من احواله الردية والالتزام بالطريقة واورادها واحوال اهلها. والثاني بيعة الحزب وهي الموجودة عند الاحزاب والجماعات المعاصرة. وهي عندهم تنقسم الى قسمين اثنين الاول بيعة امارة وهي تستقل عن طاعة ولي الامر فيكون اللازم للمبايع هو طاعة من بايع لا طاعة ولي الامر المتمكن في البلد. والثاني بيعة عمل. وهي لا تستقل عن ولي الامر. ولكن تحصل البيعة لاجل تسيير امر ما يدعو اليه الحزب سواء كان من الاحزاب اليمينية او اليسارية او الاسلامية وكل هذه الانواع كلها مبتدعة ولا تجوز. ومن سوغ بيعة العمل وقال اننا لا نستقل عن ولي الامر ولكن يراد بها تنظيم العمل وتسييره وايصال المراد الى الاتباع قيل له ان الشرع لم يأتي الا ببيعة واحدة لولي الامر. فان كنت ولي الامر كانت في البيعة وان لم تكن هو فلا تجوز لك البيعة. واذا اقر بانه ليس بولي الامر بطلت بيعته. والشرع لم في انجاز الامور ببيعة غير ولي الامر. ولو كان في الدعوة الى الله سبحانه وتعالى. وفي الصحيح في بعث معاذ وابي موسى رضي الله عنهما الى اليمن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تطاوعا فامر كل واحد منهما ان اجتهد في طاعة اخيه ولم يمضي طاعة احدهما على الاخر ويلزمه بالاخر. لانهما بعثهما جميعا متعاونين على بيان الدين فاذا كان المقصود هو التعاون على بيان الدين كان الاصل هو التطاوع وليس الطاعة. فان الطاعة التي يلتزم بها احد لاحد دون ولي الامر بان يطيعه من كل وجه ليست في دين الله سبحانه وتعالى. نعم. فيجب التنبه لهذا الامر فانه امر مهم جدا ولا يجوز ان يقلل من شأن ولي الامر وان يتكلم فيه في المجالس او في الخطب او المحاضرات. فلا يجوز ان يتكلم اخطائه وتجاهر اخطاؤه لان هذا مفرق للكلمة ويجرأ على ولاة الامور. وربما يؤول الى القتال وشق عصا طاعة ولكن ولي الامر يناصح. قال النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة. قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. فتوصل اليه النصيحة سرا بينه وبين اما عن طريق المشافهة واما عن طريق الكتابة. واما عن طريق المكالمة الهاتفية. واما عن طريق الوصية بان يوصى من يبلغه بالنصيحة ولا تفشى النصيحة على الناس وتشهر باخطاء ولاة الامور. لان هذا يجلب شرا ولا يحقق خيرا المسلك هو الذي سلكه الخوارج. سلكه من قبل عبدالله بن السوداء اليهودي. حينما اخذ يسب عثمان الخليفة الراشد. ثالثا الخلفاء الراشدين جعل هذا اليهودي الذي ادعى الاسلام ينفث سمومه بين المسلمين. ويؤلب على خليفة رسول الله صلى الله عليه سلم حتى نتج عن ذلك ما نتج من قتل عثمان رضي الله عنه. وانفتح باب الفتنة على الامة. ولا تزال الامة تعاني بعد مقتل عثمان بسبب هذا الخبيث الحاقد. الذي اخذ ينفث سمومه بمسبة الخليفة حتى حقد السفهاء وضعاف العقول وضعاف الايمان على ولي الامر. وانتهى الامر الى ما انتهى اليه من من الجريمة الكبرى. وكذلك ما حصل من الخوارج من على المسلمين ولا يزال يخرج منهم من يخرج ويحصل شرور على المسلمين. بسبب مخالفة ولاة الامور وشق عصا الطاعة بحجة الغيرة على الدين وانكار المنكر بل هذا هو المنكر نفسه وليست النصيحة. وهذا هو المنكر وليس الامر بالمعروف هذه طريقة الخوارج والمعتزلة فهم يقومون على ولاة الامور. ويشقون عصا الطاعة ويقولون هذا من انكار المنكر بل هذا هو المنكر نفسه لما يلزم عليه من شق عصا الطاعة وتفريق الجماعة وسفك الدماء وانتهاك الاعراض ونهب الاموال والتسلط الاعداء ليس هذا هو العلاج اذا حصل اخطاء من بعض ولاة الامور ليس العلاج ان يشهر اخطاؤهم. في المجتمع لان هذا حقدوا الناس ويجرؤوا الاشرار وبالتالي يؤول الى الافتراق والشقاق ويؤول الى ما لا تحمد عقباه. فهذا امر يجب التنبه له لانه قد ينطلي على بعض الناس ان هذا من الغيرة على دين الله ومن انكار المنكر. نعم انكار المنكر واجب لكن له درجات هو احوال وله نظام بينه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته فليس من انكار المنكر التشهير بولاية الامور وتحريض الناس عليهم وتكبير اخطائهم فهم بشر يخطئون ويصيبون لا شك في ذلك. ولا نقول لا يناصحون بل يناصحون ولكن تكون النصيحة السرية التامة التي يحصل بها الخير ويندفع بها الشر. فهذه امور يجب التفطن لها لاننا الان نعيش في اختلط فيه الحابل بالنابل وظهر من يدعي العلم والله اعلم بحقيقته وظهر من يدعي النصيحة والله اعلم بما يكن في نفسه فحصل خوض في هذا الامر العظيم وباصل من اصول العقيدة لا يجوز التهاون به. والعلماء لم يهملوا هذا الشيء بل انهم ذكروه في كتب العقائد ونظموه. ووضحوه وبينوا ما لولاة الامور من الحق وما للرعية من الحق. بينوا ما لولاة على الرعية من الحق وبينوا ما للرعية على الولاة من الحق. بموجب الكتاب والسنة لا بموجب الاهواء او التقليد الاعمى او التأثير ما عند الكفار من الفوضى التي يسمونها الديموقراطية. فامر المسلمين امر متميز. قال الله تعالى كنتم خير امة ان اخرجت للناس في هذه الجملة وجوب التنبه الى حفظ هذا الاصل العظيم وهو الامامة والحذر من تقليل شأن ولي الامر. والبراءة من الكلام فيه في المجالس او في الخطب او في المحاضرات لان الشرع لم يأتي بهذا والمأمور به هو مناصحة ولي الامر. ففي الصحيح من حديث تميم رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة. قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم وهذا الحديث اصل عظيم كما ذكر النووي رحمه الله تعالى في شرحه ولكل واحد من هؤلاء حق في صرف النصيحة ويجب ان يكون صرف النصيحة وفق الطريقة الشرعية المرعية وليس للانسان ان يبتدأ من عند نفسه طريقة لم تأتي بها الشريعة ومن جملة ما بينته الشريعة ان مناصحة ولاة الامر تكون سرا ولا تكون جهرا. ففي مسند احمد بسند حسن من حديث عياض الفهري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اراد ان ينصح بامر فلا يبدي له علانية. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم فلا يبدي له علانية اي لا يظهره بينه وبين الناس. بل يكون سرا بينهما. والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ولكن ليأخذه الى بيته. وهذا الامر الذي جاء في الحديث جرى عليه عمل الصحابة رضوان الله عنهم كما روى احمد بسند حسن من حديث عبد الله ابن ابي اوفى قال ان كان السلطان يسمع منك فاته في بيته فاخبره بما علمت. فان قبل منك والا فدعه. وفي صحيح البخاري عن ابن زيد في شأن عثمان قال والله اني لا اكلمه بيني وبينهم ما دون ان اكون اول من يفتح امرا لم يفتحه احد قبلي. وهذه الاثار صريحة في طريقتهم رضوان الله عنهم في نصح ولاة الامر فمن اراد ان ينصح ولي الامر فانه ينصحه سرا ولا ينصحه على نية ولا سيما اذا كان غائبا فيأتي الى مجامع الناس في المساجد والمدارس والمحافل فيتكلم في هذه المسائل. ولم يستدل احد بشيء من الادلة على خلاف هذا الا وهو مردود. وكيف لا يرد وهو خلاف طريقة الصحابة رضوان الله عنهم. واذا عدل الناس عن هذه الطريقة قال عليهم الداخل في امر دينهم ودنياهم وانما رتبت الشريعة هذا لما فيه من توقير السلطان فان الشرع جاء بتوقير وحفظ حرمته لما في ذلك من تقوية امرهم في قلوب الناس. ومن استدل بدليل على خلاف هذا ففي دليله ما ينقض دعواه كما يستدل بحديث ابي سعيد الخدري افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. كيف يرد على هذا الدليل ما الجواب احسنت ان الحديث فيه قوله صلى الله عليه وسلم عند سلطان جائر فلم يقل افضل الجهاد كلمة حق في سلطان جائر بل قال افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. فيكون عنده ويبدي له ما شاء. وانما شاع الوقيعة في في صدر الاسلام لما جرى عبد الله ابن سبأ ابن السوداء اليهودي في نقض بيعة عثمان وقلب عليه الناس وعلقت هذه الطريقة بدين الخوارج والمعتزلة. فصارت من جملة عقائدهم. وهذا الامر كما ذكر المصنف منكر عظيم فيه شق في الطاعة وتفريق الجماعة وسفك الدماء وانتهاك الاعراض. والواجب على الانسان ان يتحرر الطريقة الشرعية وان يمتثلها لما فيها من الخير والبركة وما عدا ذلك مما يصير اليه الناس مما يسمى بالديمقراطية وحرية الكلمة والراي والرأي الاخر وغيرها من المصطلحات الخلابة كل هذا لم تأتي به الشريعة. وكل مدع دعوا فيه فانه قادم في دعواه واعتبر هذا في حال الناس في هذه الاصول التي جعلوها من الديموقراطية وحرية الكلمة والرأي والرأي الاخر تجد كذب دعواهم فيها ولا يخفى ذلك على عاقل سواء في صغار الامور ام كبارها. وانظر الى ما عليه كثير من اهل الفكرة من مصادرة ردود اهل الحق وعدم اشاعتها في وسائل الاعلام. وهم يقولون انهم يدعون الى الرأي والرأي الاخر. نعم قال تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس هذا قرأته سابق لاحق بالجملة الماضية. ومن المنكر الكلام. ومن المنكر الكلام في ولاة الامر مما يجر شرا ولا يحقق خيرا. ولا يكون من النصيحة بل هو من الفضيحة وايغار الصدور فيجب التنبه لهذا الامر لانه مهم جدا. ولا يصلح المسلمون بدون ولاة امور منهم ومن اين يأتون بولاة الامور؟ هل يأتون بهم من الملائكة ولاة الامور منهم من المسلمين انفسهم ومن المجتمع نفسه. ولذا قال تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله قاطعوا الرسول واولي الامر منكم. قال منكم اي من المسلمين فولي الامر من المسلمين بشر يخطئ ويصيب. ولكن لا تأخذ من خطأه التشهير والتغرض ونشر الاختلاف بل يناصح بالطريقة الصحيحة. فالله جل وعلا قال لموسى وهارون حينما الى فرعون الملك الجبار. فاتياه ولم يكن قفوا بالاسواق والمساجد وسبوا. اوقفوا بالشوارع والتجمعات سمبو فرعون لانه يتسلط على الناس لكنه قال فاتياه واذا اتيتماه فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او اخشى لان هذا يجر شرا لا تثيروه بالكلام القاسي والعنجهية. مع انه كافر ملحد. لكن الكلام الطيب يؤثر على الانسان وعلى الاقل يخفف شره. ويخفف وطأته ويجعله يصغي الى قبول الحق. فاما ان يقبل واما ان لا المهم فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى. فالامور لها سياسة ولها ضوابط ولها حدود ونحن لا نستورد مذهبنا ومنهجنا من عادات الكفار. ومن فوضى الكفار لانه ليس بعد الكفر ذنب. وانما نأخذ منهجنا من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما عليه جماعة المسلمين. فهذه هي البيعة واهميتها هو انها هي التي ينعقد بها الحكم بين الناس وتكون بالطرق التي ذكرناها نقلا عن اهل العلم. وهذا ما يلزم المسلمين بعد تمام للبيعة من السمع والطاعة والنصيحة وعدم الاساءة الى ولاة الامور واتخاذ اخطائهم سلما للنيل منهم. ونحن لا نرضى بالاخطاء من ولاة الامور ولا من غيرهم ولكن نعالج الامور بحكمة وبروية. لان الامور اذا عولجت بغير حكمة نتج عن ذلك الضرر العظيم وتفاقم الامر الخطير. وايضا هذه الامور لا يجوز ان يدخل فيها من هب ودب وانما توكل لاهل العلم البصيرة الذين يعالجون الامور على ضوء الشريعة. فمن لاحظ شيئا فانه يبلغ اهل العلم ويبين لهم ما رأى او ما سمع واهل العلم يتولون علاج هذا الامر. وان كان الانسان له صلة ويستطيع ان يصل الى ولاة الامور فانه يبلغهم بينه وبينهم فهذا هو الطريق الصحيح وهذا هو العلاج الناجح. واما غير ذلك فانه الفوضى والشر وانحلال كلمة وتفرق الجماعة. وبالتالي يحل بالمجتمع ما حل بالمجتمعات الفوضوية. وانتم تشاهدون الان ما حل بالمجتمع التي ليس لها ولاة امور. تعلمون هذا في العراق تعلمون هذا في الصومال. تعلمون هذا في الافغان. كل هذا نتيجة وانهم ليس لهم ولاة امور وانما اصبحوا عصابات وجماعات كل جماعة تريد ان تستقل بالامر وتنتصر على الاخرى ما زالوا كما تعلمون في اخذ ورد ولن ينكشف ما بهم الا اذا اختاروا ولي امر منهم ودخلوا تحت طاعته. وانقادوا لبيعته عند ذلك يتبع الله عنهم الشر. فولاة الامور جنة كما في الحديث. يتستر من ورائها المسلمون يدفع الله بهم من الشرور ومن كيد للاعداء ما لا تعلمون او تعلمونه ولا تقدرون على علاجه. فهم جنة لمن ورائهم فلا يستهان بهم او يحط من بل الواجب الدعاء لهم بالتوفيق والهداية والاعانة. ولهذا يقول بعض السلف اذا رأيت الرجل لا يدعو لولاة الامور فاعلم انه عنده نزعة خروج. لان هذا شأن الخوارج فكيف بالذي يدعو على ولاة الامور؟ هذا اشد من الذي لا يدعونهم الواجب ان نناصحهم وان ندعو لهم وان نتعاون معهم على الخير ونناصحهم عن الشر هذا هو واجبنا جميعا والله جل وعلا الا قال ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل. ان الله عما يعظكم به ان الله كان سميعا بصيرا. هذا في حق ولاة الامور اوصاهم الله بهذه الوصية ثم اوصى الرعية فقال يا ايها الذين امنوا واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. فان تنازعتم في شيء الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر. ذلك خير واحسن تأويلا. فالاية الاولى في حق ولاة الامور والاية الثانية في حق الرعية. وكل عليه واجب وكل يعرف مهمته. واذا تضافرت الجهود وتعاونوا المسلمون وتعلموا دينهم وعقيدتهم. عرفوا الحق من الباطل. واما اذا جهلوا هذا الاصل وتلقوا الارشادات التوجيهات من المغرضين ومن اصحاب الضغائن فانه تحصن الكارثة للمسلمين. ولا حول ولا قوة الا بالله كلمات قلتها واسأل الله سبحانه وتعالى ان ينفع بما فيها من صواب. وان يغفر لي ما كان فيها من خطأ صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. بعد ان بين المصنف حفظه الله ما يجب من نصيحة ولاة الامر سرا نبه الى خطر اشهار الكلام عليهم وسبهم لما في ذلك من ايغال الصدور وانما يمكن ان يتملك على المسلمين من هو منهم. واذا ميز الانسان حال المسلمين وجد قلة اهل الطاعة واذا كان هذا في افراد الناس فانه في الملوك اولى. وشيخ الاسلام ابن تيمية يقول ملوك المسلمين لهم سيئات كبيرة ولهم حسنات كبيرة ولا يكاد يأتي فيهم الصالح بعد الصالح الا في ازمنة متطاولة اذ هذا حال الحكم الولاية والواجب على العبد ان يمتثل الطريقة الشرعية بترك التعرض لسب ولاة الامر. وقد روى ابن ابي في كتاب السنة وابن عبد البر في التمهيد بسند صحيح عن انس رضي الله عنه قال كان الاكابر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوننا عن سب الامراء وهذا كالاجماع بين الصحابة رضوان الله عنهم لعدم الفائدة في ذلك بل فيه اغار الصدور وامداد للقلوب بما يفسدها ويفرق جماعة المسلمين. ثم ذكر قصة موسى وهارون عليه الصلاة والسلام في ذهابهما الى فرعون. ومن هذه القصة استنبط ابن الجوزي رحمه الله تعالى ان امر ولي الامر ونهيه يكون بطريقة الوعظ والتعريف دون تخشين الكلام. لان الغالب فيهم اذا خشن الكلام عليهم فانهم لا يستجيبون. لكن اذا وعظوا اخوة وذكروا قميل ان يستجيبوا. واذا كان تخشين القول لهم يجر الى منكر اعظم فهذا لا يجوز بالاتفاق كما ذكر ابن الجوزي وان كان لا يجر الى منكر اعظم لكن يلقى صاحبه عناء ومشقة وبلاء من ولي الامر فمذهب جمهور اهل العلم انه له ذلك وذهب بعض اهل العلم الى انه لا ينبغي للمؤمن ان يتعرض للبلاء بمثل هذا. ثم ذكر المصنف حفظه الله ان هذه المسالك هي المسالك الشرعية ونحن مستغنون بها عما بهر به اهل العصر من طرائق الكفار المدعوة بالديمقراطية او بالحرية او بغيرها من تلك الاسماء. والتي انتشرت بعد الحرب العالمية الثانية حينئذ الى النظام العالمي الواحد بمواصفات معينة ثم اعيدت الدعوة اليه قبل سنين بنفس الدعوة لكن غير مسماها بما سمي بالعولمة. فكل هذه طرائق باطلة لا ينبغي ان يغتر بها الناس. وكما اباد الله عز وجل بعد الحرب العالمية الثانية يبيدها باذنه وقوته سبحانه وتعالى في هذه الازمنة فان الامر لله عز وجل وانه لا يصلح عمل المفسدين. ثم ذكر المصنف حفظه الله تعالى منفعة ولي الامر بقوله فولاة الامور جنة. وهذا معنى حديث ابي هريرة المخرج في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الامام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به ومن احسن متون العقيدة التي ذكرت وظائف ولي الامر وما يتعلق به الدرة المضيئة للسفارين وانفع شروحها في هذا الباب هو شرح العلامة محمد ابن عثيمين فينبغي ان يقرأه طالب العلم. ثم ذكر ان اللائق بالعبد هو والدعاء لولاة الامر لما في ذلك من طلب صلاحهم. وقد كان هذا طريق السلف واثر عن جماعة منهم كالحسن البصري والفضيل بن عياض واحمد ابن حنبل رحمهم الله والناس في هذا الباب على ثلاثة اقسام. القسم الاول من يدعو لولي الامر. والقسم الثاني من يدعو على ولي الامر. والقسم الثالث من لا يدعو له ولا عليه. والموافق للطريقة الشرعية والجادة هو الاول الذي يدعو لولي الامر ومقصوده طلب صلاحه فهو يلتمس بدعائه وبدعاء المسلمين ان يصلح ولي الامر واذا صلح ولي الامر استقامت حياة الناس. ولهذا فان الصادقين لا يجهرون بدعائهم. ولا يطلبون به صلة ولا عاداتهم وانما يطلبون به رضا الله عز وجل لما يلمسون من ان صلاح المتولي تصلح به الرعية كما ان زاد المتولي تفسد به الرعية والعاقل هو من يسلك ما جاءت به الشريعة ويدرك مآخذ الاحكام ومآلات ومن ليس له بصيرة تختلط عليه هذه المسائل ويشبه له ببعض الكلام الذي يجده في كلام اهل العلم كما يذكر بعضهم في هذه المسألة ان الشاطبي رحمه الله ذكر في الاعتصام ان من الامور المحدثة الدعاء لولاة الامر في خطب جمعة وهذا الذي ذكره الشاطبي صحيح باعتبار اصله فلم يكن يدعى في خطبة الجمعة لاحد فلما ظهرت مقالة الرافظة في طعن على الصحابة اظهر اهل السنة الدعاء والترضي عن الخلفاء الاربعة. ولما اظهر الخوارج الطعن على ولاة الامر اظهر اهل السنة الدعاء لهم فهي امور وقعت على وجه المناقضة لشعار اهل البدع واهل السنة انما يلتمسون فيها ثواب الله سبحانه وتعالى. ومن تأمل سير علمائهم وجد الصدق فيها فانهم يدعون لولي الامر وينصحونه ويدعون الناس الى لزوم طاعته اعمالا لهذه الاصول جميعا وجاء ثواب الله سبحانه وتعالى ومن مشى على هذا الطريق سلم ومن تنحى عنه الى غيره مما تزينه النفوس وغيرها فانه يهلك ويعطب ويلحقه الضرر في دينه ودنياه وهذا اخر التقرير على هذا المجلس وقد اثبت الاخوان في تصوير هذه الرسالة الاسئلة التي سئل عنها الشيخ فاجاب بها وهي اسئلة يلزم طالب العلم ان يقرأها وان يطلع عليها والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين