السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الثامن والعشرون من برنامج الدرس الواحد السابع. والكتاب المقروء وفيه هو رسالة ابي داود السجستاني رحمه الله الى اهل مكة في وصف سننه وقبل الشروع في لابد من ذكر مقدمتين اثنتين. المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول نسبه هو الحافظ القدوة سليمان بن الاشعث ابن اسحاق الازدي السجستاني يكنى بابي داود. المقصد الثاني تاريخ مولده ولد سنة اثنتين ومئتين المقصد الثالث تاريخ وفاة توفي رحمه الله في السادس عشر من شهر وان سنة خمس وسبعين ومئتين. وله من العمر ثلاث وسبعون سنة رحمه الله رحمة واسعة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا. المقصد الاول تحقيق عنوانه حفظت لنا احدى النسخ الخطية العتيقة اسم هذه الرسالة تامة. فقد كتب على ضرتها رسالة ابي داوود السجستاني سليمان ابن اشعث في وصف تأليفه لكتاب السنن المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذه الرسالة ايضاح المصنف رحمه الله منهجه في تأليف السنن التي جمعها المشهورة باسم سنن ابي داوود المقصد الثالث توضيح منهجه هذه الرسالة اللطيفة سيقت في مسرد واحد متتابعة اه الجمل غير مفصولة بتراجم ابواب تدل على مضمنها. وهو رحمه الله تعالى يسوق اصلا ويتبعه اخر دون تقديم ما يميزه. لكن من عرف تآليف اهل الحديث امكنه الوقوف على معاقد الجمل والقول في هذه الرسالة. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين. قال ابو داوود رحمه الله تعالى. سلام عليكم فاني احمد اليكم الله الذي لا اله الا هو واسأله ان يصلي على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم كلما ذكر قوله رحمه الله فاني احمد اليكم ذكر الخليل الفراهيدي في كتاب العين ونقله عنه ابن القيم في بدائع الفوائد ان معنى هذا التركيب الشائع في المراسلات فاني احمد اليكم الله اي احمد معكم الله. نعم. اما بعد عافانا الله واياكم عافية لا مكروه معها ولا عقاب بعدها. فانكم سألتم ان اذكر لكم الاحاديث التي في كتاب السنن. اهي اصح وما عرفت في الباب ووقفت على جميع ما ذكرتم فاعلموا انه كذلك كله الا ان يكون قدره من وجهين صحيحين فاحدهما اقوم اسنادا والاخر صاحبه اقدم في الحفظ. فربما كتبت ذلك ولا ارى في كتابي من هذا عشرة احاديث. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة انه انتخبوا من الاسانيد الصحاح فالوجه عند المحدثين يطلق ويراد به الاسناد. فقوله قد روي من وجهين صحيحين اي روي الحديث باسنادين صحيحين والاسانيد الصحيحة تتفاضل ومن تفاضلها ما ذكره المصنف ها هنا بقوله احدهما اقوم اسنادا والاخر صاحبه اقدم في الحفظ وما كتبت ذلك وكأنه اراد بالاقوم في الاسناد ما هو اعلى في طريق رواية بان يكون ذلك الاسناد عاليا وغيره نازل. اما قوله اقدم في الحفظ يعني اكثر تقدما على السند الاخر من جهة الحفظ فهو يفاضل بين سندين احدهما موصوف بعلوه لقلة رجاله كما قال في البيقونية وكل ما قلت رجاله على. والثاني احدهما موصوف بالصحة. فذكر انه ربما كتب النازل لاجل صحته. وترك العالي رغبة عنه. والا فالممدوح عند المحدثين جمع الاسانيد العالية. واذا اعرضوا عن سند عال واخذوا بثان فلا بد من امر يحملهم على ذلك ومما يحمل على ذلك تقدم رواته في الحفظ. والمقصود ان ابا داود رحمه الله تعالى ربما قدم اسناد نازلا على عال عنده لصحة اسناد النازل. وسنن ابي داوود فيها حديث واحد ثلاثي وهو اعلى ما عنده. وهو ما رواه قال حدثنا مسلم ابن ابراهيم. قال حدثنا عبد السلام ابن وابي حازم ابو طالوت قال شهدت ابا برزة دخل على عبيد الله ابن زياد الحديث فليس بين ابي داود وبين ابي برزة الاسلمي الصحابي الا رجلان اثنان هما شيخه مسلم ابراهيم وشيخ شيخه هذا الحديث انما اتصل عاليا بشهوده دخول عبيد الله بن زياد. اما الحديث المرفوع بهذا الزند ففيه قصة وبين ابي طالب وبين ابي برزة فيه رجل لكن الموقوف صحيح الاسناد انه شاهد ابا برزة وليس له من الثلاثي الا هذا. ومن قال من اهل العلم ليس في سنن ابي داوود احاديث ثلاثيات يريد المرفوعات فليس فيها شيء شيء مرفوع ثلاثي بل اعلم عنده في المرفوعات الرباعيات التي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيها اربعة. ثم ذكر انه لا يكون في كتابه من هذا الجنس الذي قدم فيه النازل الصحيح على عال هو اقل منه درجة الا نحو عشرة احاديث لئلا يعاب بكتابته النازل وترك العالي. فبين علة اهماله للعالي واخذه بالنازل وهو تقدم الاسناد النازل في الصحة على الاخر. نعم. ولم اكتب في الباب الا حديثا او حديثا وان كان في الباب احاديث صحاح فانه يكثر. وانما اردت قرب منفعته. ذكر رحمه الله تعالى من طريقته في تأليف السنن انه لا يكتب في الباب الذي يترجم له بترجمة الا حديثا او حديثين فهو يعقد ترجمة ثم لا يريد تحت الترجمة كل ما روي فيها. ولكنه ينتخب من الاحاديث المروية وان كان في احاديث صحاح لانه اذا جمع كل ما روي في الباب طال الباب وهو قصد بتأليف السنن نفع الناس وهذا الامر جرى عليه كبار الحفاظ من المتقدمين فانهم تركوا استيعاب ما في الباب لان لا يطول كتاب اشار الى هذا البخاري ومسلم ابن حجاج في اخرين. وطريقة المصنفين في الابواب هم ينتخبون اصح المروي في المعنى. وبهذا فضلت الكتب المترجمة على الابواب على كتب المسانيد لان مقصود المصنف على الابواب الانتخاب ومقصود المصنف على المسانيد الاستيعاب. ذكر هذا المعنى ابن حجر رحمه الله تعالى في تعجيل المنفعة. واذا اعدت الحديث في الباب من وجهين او ثلاثة فانما هو من زيادة كلام وربما تكون فيه كلمة زيادة على الاحاديث. ذكر رحمه الله تعالى انه اذا كرر الحديث من وجهين او ثلاثة اي باسنادين او ثلاثة فانما يعيده لاجل وجود زيادة في كل سند معاد وربما تكون هذه الزيادة كلمة واحدة. والكلمة الواحدة في احاديث الاحكام لها مقام وربما جاء في سنن ابي داوود من هذا الضرب شيء نافع. واول ما في بلوغ المرام عند ذكر حديث الذباب وعزوه الى البخاري قال وزاد ابو داوود وانه يتقي بجناحه الذي فيه الداء وفي ابي داوود من هذا الجنس شيء نافع وزيادات الاحاديث علم من علوم الحديث النافعة فان الزيادات تحتاج الى تمييز صحيحها من ضعيفها. هذا في باب الرواية وتحتاج الى الانتفاع بها في فقه معاني الحديث. فان ان الحديث كما قال الامام احمد رحمه الله يفسر بعضه بعضا. وان من تفسيره جمع الزيادات الواردة في الواحد فاذا جمعت الزيادات في المتن الواحد استفيد منها في دراية الحديث وفقهه. فمن الضرب الاول مثلا وهو ان يشتمل الحديث على زيادة ويستفاد في معرفة هذه الزيادة عند سبل اسنادها على ترتيب منزلتها. اهي من صحيح الحديث او من ضعيفه؟ كثير من الزيادات التي وردت في كتب السنن على احاديث الصحيحين. فان من قواعد العلل ان الزيادة التي اعرض عنها صاحب الصحيح فهي في الغالب عله اشار الى هذا المعنى ابو الفرج ابن رجب الحنبلي رحمه الله. فمثلا حديث لن يقف المار بين يدي المصلي اربعين خير له. الحديث. فقوله اربعين جاءت في الصحيح دون ووقعت زيادتها عند البزار بتقدير عاما اربعين عاما. فمن عرف هذه الزيادة من جهة صحتها فوقف على ان هذه الزيادة ضعيفة لا تثبت. ومن فنون علم الحديث الضعيفة في الاحاديث الصحيحة. وفي هذا النوع احاديث كثيرة. ومما يتعلق بالدراية مثلا ما وقع في كتاب الحيل من صحيح البخاري في حديث انما الاعمال بالنيات وفي اوله زيادة يا ايها الناس انما الاعمال من نيات فهذه الزيادة فيها تحقيق وقوعه في الخطبة بالمناداة بقوله صلى الله عليه وسلم يا ايها الناس نعم. ربما اختصرت الحديث الطويل لاني لو كتبته بطوله لم يعلم بعض من سمعه المراد منه ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ها هنا ان من مقاصده في تأليف كتاب السنن اختصار الحديث الطويل. لانه لو كتبه بطوله لم يعلم بعض من سمعه المراد منه ولم يطلع على موضع الفقه فيه. فهو انما اراد بتصنيف السنن على الابواب ان تبنى فيها احكامه على الاحاديث مستنبطة منها. واذا ساق الحديث بطوله ربما خفي على الناظر فيه وضع الشاهد منه فيضطره ذلك الى اختصار الحديث الطويل. وهذه الجادة هي الجادة المسلوكة في كتب السنن ولهذا تجد في الصحيحين احاديث طوال كثيرة ولا تجد في السنن الاحاديث يسيرة رويت تامة لان هذا يخالف مقصود مصنفي السنن. واهل الحديث رحمهم الله تعالى يشيرون الى اختصار الحديث تارة بالحاق كلمة مختصر باخر الحديث فهم يوردون حديث ثم يقولون مختصر. والاصل ان هذه الكلمة عندهم موضوعة للدلالة على هذا المقصد وربما استعملوها في الاشارة الى العلة. فانك قد تجد في كلام بعض الحفاظ يسأل عن حديث فيقول هذا مختصر وهو يريد ان الراوي غلط فيه فرواه بهذا اللفظ كما قال ابو حاتم الرازي في حديث لا وضوء الا من ريح او صوت. فقال هذا حديث مختصر. يريد ان شعبة اخطأ فيه فاختصره من حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا شك احدكم في صلاته فلا ينصرف يسمع صوتا او يجد ريحا فرواه شعبة على وجه الاختصار بمعنى بلفظ اخر ادى الى معنى ثان وشهوف نظرهم رحمهم الله تعالى في هذا العلم اداهم الى التعبير عن مقاصده بمثل هذه الالفاظ التي انه في حرف واحد منها علم غزير ولكنها اشبه بلقط اللؤلؤ من قعر البحر فلا يقدر على لقط اللؤلؤ من قعر البحر الا خلق قليل من اهل الغوص. وكذلك فهم كلام الحفاظ رحمهم الله تعالى يحتاج الى جهد جهيد امر مديد وطول تقليب للنظر وتوجيه للفكر حتى يعرف الناظر في كلامهم مقاصد تصرفاتهم بمثل هذا الجنس الذي ضربناه لكم وهو قولهم هذا حديث مختصر انهم قد يريدونه الاعلال ويوردونه تارة اخرى للانباء عن معنى الاختصار المشهور عند اهل العلم. وابو داود رحمه الله تعالى لم يستعمله فيما استحضره الا بالمعنى المشهور وهو ارادة ان المختصر انه اقتصر على بعض الحديث اما بمعنى الاعلال فلم يستعمله في بسننه. نعم. واما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن انس والاوزاعي حتى جاء الشافعي فتكلم فيها وتابعه على ذلك احمد بن حنبل وغيره رضوان الله عليهم فاذا لم يكن مسند ضد المراسيل ولم يوجد المسند فالمرسل يحتج به وليس هو مثل المتصل في القوة ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مسألة الاحتجاج بالمراسيل. فذكر رحمه الله ان الاحاديث المرسلة عند اهل العلم كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك ابن انس والاوزاعي حتى جاء الشافعي فتكلم فيها وتابعه على ذلك احمد بن حنبل وغيره رضوان الله عليهم. وكلام الشافعي رحمه الله تعالى اورده في كتاب الرسالة فانه ذكر ان المرسل لا يقبل الا شروط اربعة عدها واطال القول مستفيظا في مدها وبسطها ونسبة هذا المذهب الى الشافعي رحمه الله تعالى لا على انه تفرد به عن اهل زمانه بل قد كان في زمانه من شاركه في ترك الاحتجاج بالمراسيل كيحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن بن مهدي وانما لانه رحمه الله تعالى انتصر لبيان مذهبه في هذا واشهره في كتاب الرسالة انا هو اوفى من بين هذا المأخذ الملتبس فاستحق ان ينسب اليه وليس مقصود ابي داوود السجستاني رحمه الله تعالى ان الشافعي رحمه الله تعالى احدث ردا المراسيل ولكن المقصود هو ان اهل الصدر الاول من اتباع التابعين كانوا يقبلون المراسيل لقرب الزمان. لان الزمان الاول كان الكذب فيه قليلا. والاختلاف الموجب للفرقة يسيرا. فيبعد ان يحدث احد حديث يرسله الا وهو يقطع بصحته. فاذا قال التابعي او تابعي التابعية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فالثقة بهم حملت على الثقة بمراسيلهم. حتى ذهب بعض اهل العلم الى ان اقوى من المتصل كما ذكره ابن عبد البر في التمهيد قالوا لان من وصل الاسناد بتسمية اهله احال عليه ومن ارسل الحديث فقد ضمن صحته لانه جزم بنسبته الى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا فيه قوة من جهة النظر باعتبار حال السلف الصالح لا باعتبار ما ال اليه الفن واستقر عليه اصطلاح اهله. فلما تباعد الزمان وتأخر ووقعت الفتن وافترقت الفرق بين الشافعي رحمه الله تعالى ما ينبغي ان يكون عليه العمل في المرسل وعليه استقر عمل اهل الحديث وهو رد المراسيل كما نص على ذلك الامام مسلم في مقدمة صحيحه وبه يعلم ان القول ليس بينهما اضطراب بل هو تغير بحسب تغير الحال. فلما كان العهد من زمن الرسالة قريبا والكذب نادرا ودعاة الفتنة والبدعة مكبوتين كان المرسل مما يتسامح فيه ولما وقع الكذب وفشى وتأخر الزمان استقرت طريقة اهل الحديث على عدم قبول المراسيل الا انهم مع ذهابهم الى تظعيف المراسيل يرون ان الباب الذي ليس فيه مسند فالمرسل اولى من الرأي. ولهذا يريدون المرسل في الابواب التي لا يكون فيها حديث مسند ويحتجون به ويقولون مرسل الحديث احب الينا من الرأي وعلى هذا جرى عمل اكابرهم وصاروا يحتجون به لا على وجه تثبيت الحجة به في نسبته الى النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن لانه اقوى ما في الباب كباب الخطبتين في العيد فهم يرون ان الاخذ بمرسل سعيد بن المسيب وفيه ذكر الخطبتين اولى من الرأي بجعلها خطبة واحدة ثم ذكر قاعدة من قواعدهم التي تتعلق بالمرسل فقال واذا لم يكن مسند ضد المراسيل ولم يوجد المسند فالمرسل يحتج به. اي اذا لم يكن هناك حديث مسند يخالف المرسل ولم يوجد المسند احتج بالمرسل في هذا الباب. فالاحتجاج بالمرسل عندهم في الابواب التي ذكروه فيها مشروط بشرطين احدهما الا يوجد في هذا الباب حديث مسند. وثانيهما الا يكون هذا المسند مخالفا للاحاديث الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر ان المرسل ليس هو مثل المتصل في القوة. وذلك ان المرسل فيه جهل بمن اسقط منه اوجب رده. اما المتصل فان كل راو اخذه عمن فوقه فيكون المتصل اقوى من المرسل اذا كان رواة كل منهما ثقات. نعم. وليس في كتاب السنن الذي صنفته رجل متروك الحديث شيء. ذكر ها هنا ان كتاب السنن الذي صنفه بريء من الرواية عن من وصف بانه متروك الحديث ومتروك الحديث عند اهل العلم مرتبة مجعولة لمن كان شديد الضعف. فاذا قالوا فلان متروك الحديث فهم يريدون به شديد الضعف. فذكر رحمه الله ان كتابه لا يشتمل على رواية راو من هذا الجنس. والمقصود هو في تقدير في جرح الرواة وتعديلهم. فلا يعترض عليه بوجود راو وصفه غيره من الحفاظ بانه متروك. فان ذلك الحافظ الذي رضي في الراوي وصفه بمتروك الحديث لم يرضه ابو داوود رحمه الله تعالى ولم يره متروك فالحديث فمن صنف من المعاصرين في هذه المسألة وكتب فيها باثبات ان سنن ابي داوود تشتمل على رواة متروكي حديث لا يصح ابدا وانما يصح لو وجد في كلام ابي داوود وصفا لراو بانه متروك الحديث ثم اخرج له في السنن اما يأتي بكلام احمد وابي زرعة وابي حاتم الرازيين في الرواة بان هذا متروك ثم يسلطه على رواة في سنن ابي داوود هذا لا يمكن لان هذا هو اجتهادهم وذاك هو اجتهاده. نعم. واذا كان فيه حديث منكر بينته وانه منكر وليس على نحوه في الباب غيره. ذكر المصنف رحمه الله تعالى من مذهبه في تأليف السنن انه يبين ما كان في كتابه من الحديث المنكر والحديث المنكر في عرف الحفاظ الاول هو الحديث الذي يشتمل على النكرة ولا يلزم ان يكون راويه ضعيفا خالف الثقات. بل اذا اشتمل على نكرة وهي روايته وعلى وجه مستغرب يستنكره اهل المعرفة فانهم يصفون الحديث بهذا. فربما وصفوا حديث الثقة بذلك فتجد اذا مرويا بسند الرجال وهو ثقات. يقولون فيه هذا حديث منكر. للاشارة الى انه روي على وجه فيه نكرة كما ذهب بعض الحفاظ الى ان حديث عيسى ابن يونس عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها حديث منكر. فانهم استنكروا رواية عيسى ابن يونس عن هشام ابن عروة. وغيرهم من الحفاظ لم يستنكرها وادخلها في الصحيح كصاحبي الصحيح. لكن من الحفاظ من استنكر هذا. ولهذا كانوا يستبعدون على الرأي ان حديثا لا يكون عند غيره. فيقولون لفلان من اين له هذه الاحاديث؟ وربما استنكروا في لفظ التحديث كما استنكر الامام احمد احاديث المباركة من فضالة عن الحسن البصري قال غيره لا يذكر التحديث يعني بين الحسن وبين الصحابة وكما قال مسلم بن الحجاج في صحيحه وعلامة المنكر في حديث الرجل ان يعمد الى راوي كثير الحديث والرواة فيأتي عنه بما ليس عندهم فيأتي بعض الرواة ويروي حديثا عن امام في الرواية له اصحاب كثر ثم لا هذا الحديث مرويا عنده فهذا استنكر كحديث علي ابن مسعدة الباهلي عن قتادة عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون. فقتادة ابن دعامة البصري ابو الخطاب السدوسي كثير الحديث. والصحيحان مملوءان بحديثه. وله اصحاب ائمة كثر كهشام الدستواء وسعيد بن ابي عروبة. ثم يأتي راو صدوق سيء الحفظ ويروي هذا الحديث ولا يكون عندهم فمثل هذا يستنكر كما لو جاء رجل افاقي فذكر انه حظر درس للشيخ ابن باز رحمه الله وذكر فيه قولا لما عرض على اصحاب الشيخ استنكروه. فمثل هذا نظير الحديث المنكر ان يعمد راو لا يحتمل مجيئه بهذا الحديث عن امام من ائمة الرواية ولا يذكر مثله اصحابه الملازمون له نعم. وهذه الاحاديث ليس منها في كتاب ابن المبارك ولا في كتاب وكيع الا الشيء اليسير وعامته في كتاب هؤلاء مراسيل. وفي كتاب السنن من موطأ ما لك بن انس شيء صالح. وكذلك كمن مصنفات حماد بن سلمة وعبد الرزاق وليس ثلث هذه الكتب فيما احسبه في كتب جميعهم اعني مصنفات ما لك بن انس وحماد بن سلمة عبد الرزاق ذكر المصنف رحمه الله تعالى فضيلة كتابه هذا بانه اشتمل على جمهور الاحاديث المحتاج اليه في ابواب الاحكام مسندة فان غالب الكتب التي تقدمته انما هي احاديث مراسيل كما في كتاب ابن المبارك وكتاب وكيع وفي كتابه السنن من موطأ مالك ابن انس شيء صالح يعني في كتاب الموطأ شيء طيب من الاحاديث المسندة وفيه مراسيل وبلاغات وكذلك مصنفات حماد بن سلمة وعبد الرزاق اكثر ما فيها الموقوفات والمراسيل. ففظيلة سنن ابي داوود على هذه الكتب التي تقدمته انه قصد الى جمع الاحاديث المرفوعة في ابواب الاحكام. ثم انه ليس ثلث هذه الكتب فيما احسبه في كتب جميعهم. يعني ليس ثلث ما في الكتاب الذي الفه من الحديث موجودا في كتب هؤلاء جميعهم لان عامة ما في كتبهم هو المراسيل والموقوفات وهو قل ان يذكر مرسلا او موقوفا. نعم. فقد الفته نسقا على ما وقع عندي. فان ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليس مما خرجته فاعلم فاعلم انه حديث واه الا ان يكون في كتابه من طريق اخر فاني لم اخرج الطرق انه يكبر على المتعلم. ولا اعرف احدا جمع على الاستقصاء غيري. وكان الحسن بن علي الخلال قد جمع منه قدر تسعمئة حديث. وذكر ان ابن المبارك قال السنن عن النبي الله عليه وسلم نحو تسع مئة حديث. فقيل له ان ابا يوسف قال هي الف ومئة قال ابن المبارك ابو يوسف يأخذ بتلك الهناة من هنا ومن هنا نحو الاحاديث الضعيفة ذكر ها هنا ان كتابه هذا الف على نسق ما وقع عنده من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم فانه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم جما غفيرا وذكر انه كان يحفظ خمس مئة الف حديث. وانتخب رحمه الله تعالى من هذه الاحاديث الاحاديث التي يحتاج اليها في ابواب الاحكام. فسنن ابي داوود تعد من اقدم الكتب المؤلفة في احاديث الاحكام لانه لم يتوسع في استيعاب الكتب التي يدخل بها في حيز الجامع كصحيح البخاري وصحيح مسلم. فسنن ابي داوود من كتب كثيرة مذكورة في الصحيحين لانه لم يرد الا جمع احاديث الاحكام. فذكر انه جمع في هذا فاوعى واذا خرج الحديث عن هذا الكتاب فاعلم انه حديث واهن الا ان يكون في كتابه من طريق اخر ورواه ذاك المصنف من طريق اخر فهو لم يستوعب الطرق وانما اخرج الاحاديث ببعض طرقها. ومعنى قوله رحمه الله تعالى فاعلم انه واهم اي احكم عليه بالوهاء. وهذه الكلمة ليس فيها نظر كما علق المعلق فانه لا يريد كل حديث لم يذكر في سننه. ولكنه اراد كل باب يورد في احاديث الاحكام ثم لم يذكره هو ولم يذكر له حديثا. وهذا معنى قول غيره رحمهم الله تعالى فانهم يريدون ان الابواب الثابتة في الدين فقد رووا فيها ما يبينها. اما ان يروى في نفس الباب احاديث اخرى فان ابا داوود لا يقول بهذا ابدا فمثلا لما خرج ابو داوود احاديثا في ابواب الخلاء اورد في كل باب حديثا او حديثين وهو يورد في كتاب مسائل احمد احاديث في بعض الابواب التي في السنن لم يذكرها وهو يرى صحتها. لكنه يريد حديثا يثبت به باب مستقل في ابواب الاحكام. هذا مراده رحمه الله تعالى. وهذا معنى ما ذكره جماعة من اهل العلم كابن رجب ان الاحاديث التي تخرج عن الاصول الستة لا تكاد تصح مرادهم في ابواب الدين التي يحتاج اليها لا في الحديث كله ففي المسند وغيره احاديث في اخبار الانبياء وتفسير القرآن والرقائق شيء منها في الكتب الستة فهذه لا تثبت بها ابواب مستقلة من الدين ففي كتب الستة غنية عن ما سواها ثم ذكر رحمه الله تعالى انه لا يعرف احدا جمع لاستقصاء غيري. يعني كما جمع هو فانه اورد جما غفيرا من الاحاديث يعد الوفا كما سيأتي. واجتهد جماعة قبله في هذا فالحسن ابن علي الخلاب جمع في احاديث الاحكام تسع مئة حديث. وابن المبارك لما قيل له لما ذكرها قال السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو تسع مئة حديث يريد بذلك السنن المروية في ايش؟ في في ايش حديث الاحكام ما يجي واحد يعلق ويقول الاحاديث اكثر من هذا فان ابن المبارك روى الالاف من الاحاديث رحمه الله لكن مراده في احاديث الاحكام. فقيل له ان ابا يوسف قال هي الف ومئة. فقال ابن المبارك ابو يوسف يعني صاحب ابي حنيفة يأخذ بتلك الهنات من هنا ومن هنا نحو الاحاديث الضعيفة. يعني ان ابا يوسف زاد المائتين وهي احاديث فيحمل كلام ابن المبارك على الاحاديث الصحيحة في الاحكام ان عدتها تسع مئة حديث. وهذا فيه قوة فانك اذا رأيت بلوغ المرام الذي هو من اجمع كتب الاحكام ثم خلصته من احاديث الضعيفة صارت قريبا من هذا العدد. ولاهل العلم رحمهم الله تعالى كلاما كثيرا في عدة احاديث الاحكام متفرق سبق ان امليناه في بعض الدروس فقد تكلم في هذه المسألة جماعة من القدماء كابن المبارك وابي داوود وابي بكر ابن العربي والاصوليون يذكرون في ابواب الاجتهاد بعض ما يتعلق بهذا فانهم في باب اجتهاد ذكروا عدد ايات الاحكام وذكر بعضهم عدد احاديث الاحكام. وهي مسألة تستحق الافراد بالجمع نعم وما كان في كتابه من حديث فيه وهن شديد فقد بينته. ومنهما لا يصح سنده وما لم اذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها اصح من بعض. وهذا لو وضعه غيري لقلت انا فيه اكثر وهو كتاب لا ترد عليك سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم باسناد صالح الا وهي فيه الا ان يكون كلام استخرج من الحديث ولا يكاد يكون هذا. ولا اعلم شيئا بعد القرآن اني الزم للناس ان يتعلموه من هذا الكتاب. ولا يضر رجلا الا يكتب من العلم بعد ما يكتب هذه الكتب شيئا واذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره. واما هذه المسائل مسائل الثوري ومالك والشافعي فهذه الاحاديث اصولها ويعجبني ان يكتب الرجل مع هذه الكتب من رأي اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ويكتب ايضا مثل جامع سفيان الثوري فانه احسن ما وضع الناس من الجوامع. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ها هنا جملة من المسائل التي تتعلق بتأليف كتابه السنن. فذكر ان ما في كتابه من حديث فيه وهن شديد فقد بينه ومنه ما لا يصح اسناده وما لم يذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها اصح من بعض. فهو ذكر ان الاحاديث التي اوردها في كتابه تنقسم الى قسمين باعتبار البيان احدها ما تكلم عليه وبين مرتبة وثانيها ما سكت عنه. فاما المرتبة الاولى وهي مرتبة البيان فهي متعلقة بالحديث الذي فيه وهن شديد فان الاحاديث التي فيها وهن شديد بينها رحمه الله تعالى ونبه اليها. وهذا بسبب ما ارتضاه هو فلا يستدرك عليه برأي غيره. فان انظار الحفاظ تختلف في الحكم على الاحاديث. فهو يرى انه وفى ببيان في سننه من حديث يشتمل على وهن شديد. واما المرتبة الثانية وهي ما لم يذكر فيه شيئا فهو صالح واختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في معنى قوله فهو صالح فاشتهر عند ان ما سكت عنه فهو صالح اي حسن. لان اهل العلم يعبرون بالفاظ تدل على مرتبة الحسن. منها الصالح والجيد والقوي فمن قال عن حديث هو صالح فهو يرى انه من جملة الحسان ففهموا ان قوله ما لم اذكر فيه شيئا فهو صالح اي حسن وعلى هذا جرى ابن الصلاح والعراق وجماعة ويقوي مذهبهم ما وقع في بعظ نسخ هذه الرسالة وما لم اذكر فيه شيئا فهو حسن. والمختار والله اعلم ان معنى قوله فهو صالح اي صالح للاحتجاج. فان الصلاحية للاحتجاج هي مقصوده من ايراد الاحاديث فان دياره للاحاديث في سنن ابي داوود في ابواب الديانة يريد بها ثبوت معاني الابواب. فما ذكره فيها فهو صالح للاحتجاج به وقد يكون من اعلى الصحيح قد يكون حسنا وقد يكون ضعيفا فسكت عن احاديث على شرط الشيخ واخرجها الشيخان وسكت عن احاديث حسان وسكت عن احاديث ضعاف. وهي وان اختلفت مرتبة الحكم عليها لكن معها دائرة الصلاحية للاحتجاج بها في هذا الباب. فقد يورد بابا ليس فيه الا حديث ضعيف. فيكون هذا الحديث صالحا للاحتجاج في هذا الباب لعدم وجود مسند صحيح فيه. ثم نبه رحمه الله تعالى الى امر يتعلق بالمرتبة الاولى امر يتعلق بالمرتبة الثانية فقال فيما يتعلق في المرتبة الاولى وهي ما بينه قال ومنه ما لا يصح اي مما بينه ما لا يصح سنده بالكلية فليس له متابعات ولا شواهد تقويه فيكون قد بينه باعتبار السند المذكور وهو يرى انه لا يصح اسناده ايضا بالكلية. ومنها ما بين ان سنده وفيه وهن لكن ربما صح باعتبار متابعته وشواهده. وذكر بالنسبة فيما يتعلق بالمرتبة الثانية وهي ما لم يذكر فيه شيئا بل سكت عنه قال وبعضها اصح من بعض. يعني ان المسكوت عنه في كتابه تتفاوت درجاته في الصحة هذا هو الواقع فمنها ما هو في اعلى الصحة ومنها ما هو صحيح جيد ومنها ما هو دون ذلك. ومما ينبغي ان يدركه طالب العلم ان السكوت عند المحدثين قد يراد به تارة اصطلاح خاص للساكت كما جرى الحافظ ابن حجر فيفتح الباري على ان ما سكت عنه فهو حسن نص على هذا في مقدمة كتابه. فالحديث الذي يريده الحافظ ثم يسكت عنه فهو عنده حسد. وذكر السيوطي في الحاوي ان الحديث الذي يسكت عنه ابن في الترخيص الحبيب فهو حسن وكأنه استفاده من استقراء طريقته. والا ليس في كلام الحافظ ابي الفضل ابن حجر ما يشير الى ذلك. وبالجملة فالسكوت يورث طمأنينة. لكن لا يجزم باختيار الا مع دليل. فاذا وجدنا حافظا سكت على حديث فهذا يورث القلب طمأنينة وسكونا اليه لكن لا نقول انه حسنه الا اذا وجد تصريحه بان سكوته هذا المقصود ثم ذكر منزلة كتابه انه لو وضعه غيره لقال فيه اكثر يعني لم تدحه ذكر من فضيلته انه كتاب لا ترد عليك سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم باسناد صالح الا وهي فيه. وهذا يبين حتى ما ذكرت لك انفا من انه يقصد جمل الابواب لا تفاصيل المرويات فهو يقصد ان الابواب المهمة من الدين قد اشتمل عليها هذا الكتاب المتين قال الا ان يكون كلام استخرج من الحديث ولا يكاد يكون هذا اي الا ان يكون كلاما استنبط استنباطا من الاحاديث وليس هو المتبادر من ظاهرها وهذا مما يتفضل به الناس فقد يستدل عالم من العلماء على سنة متعلقة بالاحكام من حديث خفي على غيره الاستدلال به. هذا هو الذي سلم ابو داوود بامكان وجوده وان كان قال ولا يكاد يكون هذا ثم ذكر انه لا يعلم شيئا بعد القرآن الزم للناس ان يتعلموه من هذا الكتاب وهو لا يريد بهذا بالنظر الى نفسه. وانما يريد بالنظر الى المروي فيه. فان المروي فيه هو جمل اصول احاديث الاحكام ثم قال ولا يضر رجلا الا يكتب من العلم بعدما يكتب هذه الكتب شيئا. اي لوفائها مقاصد احاديث الاحكام. واذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره. اي اذا امعن النظر في الكتاب وتفهم تصنيفه عرف مقدار هذا الكتاب وهو من اجل السنن التي تفيد الفقيه. ولهذا فان كل كتاب من كتب السنن له فضيلة في منفعته. فسنن ابي داوود انفع في الفقه. وسنن الترمذي انفع في علم الحديث من جهة معرفة الرواة ومراتب الاحاديث. وسنن النسائي انفع في الحديث من جهة معرفة العلل وسنن ابن ماجة فضيلتها في الحاق ابواب خلت منها السنن كمقدمته التي استفاض في احاديث الاتباع والتحذير من البدع فيها. ففضيلته تأتي في تكميل فهم السنة بعد السنن الاربع كان من اهل الحديث بعد الصحيحين من يدرس سنن ابي داوود لمن اراد الفقه ويدرس سنن الترمذي لمن اراد معرفة مراتب الحديث واسماء الرواة ثم ذكر بعد ذلك صلة كتابه بكتب المسائل المروية عن الثور وماله الشافعي فذكر ان هذه الاحاديث هي اصول تلك المسائل. وذكر ان مما يحمد ان يكتب الرجل مع هذه الكتب من رأي اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اي اثار الصحابة وهذا شيء قد اهمل باخرة فنجد الحث على حفظ احاديث الاحكام ولا نجد عناية باثار اصحاب النبي عليه الصلاة والسلام. مع الافتقار الى كثير من هذه الاثار في ابواب من الدين فمثلا دخول المسجد باليمين والخروج منه باليسار لا نعلم فيه شيئا يعتمد عليه وحديث انس عند الحاكم من السنة ان يدخل الرجل المسجد بيمينه الى اخره حديث ضعيف الاسناد. وانما اوثق شيء في الباب ما علقه البخاري. قال كان ابن اذا دخل المسجد قدم يمينه واذا خرج واذا كان اذا دخل دخل بيمينه واذا خرج خرج بيساره فلا محيص عن حفظ مثل هذا الاثر ولهذا فان من معرة تجريد الكتب التي تسمى بالمختصرات التي جرد بها اصول الكتب الستة ثم شرع حفظها من عيبها ومعرتها اقتراح الاثار مع ان الاثار يفتقر اليها في كثير من ابواب الديانة. وقد جمع احد المعاصرين كتابا حسنا على فوت فيه لكنه يحتاجه طالب العلم ليدمن النظر فيه ليعرف الاثار وهو كتاب ما صح من اثار النبي صلى الله عليه وسلم لزكريا الباكستاني اظن ان اسمه هكذا في ثلاثة اجزاء هذا كتاب نافع ينبغي ان يصطحبه طالب العلم وان يقرأ فيه كثيرا لما فيه من الاثار الواردة عن الصحابة مع العناية ببيان درجاتهم حسب وسع الجامع ثم قال ايضا ويكتب ايضا مثل جامع سفيان الثوري فانه احسن ما وضع الناس من الجوامع يعني لاشتماله على الاحاديث والاثار كثرة الاثار فيه. وكتاب جامع سفيان ممن قطع خبره من دهور متطاولة. فاكثر المصنفات التي صنفت قديما كجامع ابن جريج ومصنف حماد بن سلمة وجامع سفيان الثوري قد ذهبت. واذا رأيت ما عد في كتب علي ابن المدين مما الفه ثم لا يوجد اليوم منها الا كتابين او ثلاثة رأيت قدر ما فات من العلم وعلم هذه الامة منه ما قبر مع الرجال لما ماتوا ومنهما ضاع بضياع الكتب فضاعت كتب كثيرة اما باهمال اهلها او بالعواد التي عدت على الامة كما في غزو المغول لبغداد وما فعلوه في التي القوها في نهج دجلة والتهمها النهر الا شيئا يسيرا استنقذه من استنقذه من بقي من وقد رأيت في احدى خزائن الكتب مجلدا من زاد المسير بخط الحافظ ابي الفرج ابن الجوزي مؤلفه قد تأثر بماء نهر دجلة وكتب عليه انه مما استخرج من نهر دجلة. هذا الذي بقي وهو نذر يسير وما غمر شيء نعم هذا الكتاب في الهند وبغداد وهذا الان المجلد في الهند هذا سبب ضياع الكتب انها انتشرت في الامة بسبب الاعواد التي عدت عليها. وذكر لي شيخنا الشيخ حماد الانصاري رحمه الله ان سنن سعيد بن منصور كانت موجودة في نجد في احد مكتبات العلما وسماه لي واليوم لا وجود لها في البلاد النجدية وجد قطعة منه في احد الخزائن نجدية هي التي نشرت من سنن سعيد المنصور. والشيخ يذكر قبل خمسين سنة انه رآه كاملا. في مكتبة احد العلماء وذكر لي ايضا ان كتاب معجم الطبراني كان موجودا في بلادهم كاملا واشترى تلك النسخة رجل من ايطاليا نقلها اليها وليس هذا بمستغرب لان بلادهم وهي بلاد ما لي هي سكن الاندلسيين الذين فروا فان الذين فروا اوغلوا في الدخول في افريقيا حتى سكنوا ما يسمى بالصحراء العربية الكبرى. ولذلك يوجد في هذه المنطقة من المخطوطات ما لم ينتبه الناس اليه الى اليوم. فتلك المنطقة هي من اغنى مناطق العالم. لان الاسر العلمية الاندلسية توارثت هذه الكتب وهي باقية فيها. وهناك احد المراكز الموجود في تنبوك تو اسمه مركز احمد بابا وهو في وسط الصحراء في عشرين الف مخطوطة ورجح بعض المستشرقين الذين يعمرون تلك البلاد للاسف ولا يكاد يصل اليهم عربي ان في بلاد التنبوك وما حولها وهي الصحراء العربية من جهة ازواد وتوات وغيرها اكثر من مليون مخطوطة من التراث العربي ان الخزائن الاندلسية انتقلت اليها وقد كانت هذه البلد بلد علم وتجارة لمدة خمسة قرون وكانت فيها سلطنة عظيمة نعم. والاحاديث التي وضعتها في كتاب السنن اكثرها مشاهير. وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث الا ان تمييزها لا يقدر عليه كل الناس. والفخر بها انها مشاهير فانه لا يحتج بحديث غريب. ولو كان من رواية ما مالك ويحيى ابن سعيد والثقات من ائمة العلم. ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه ولا يحتج حديث الذي قد احتج به اذا كان الحديث غريبا شاذا. فاما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر ان يرد عليك احد. فقال ابراهيم النخعي كانوا يكرهون الغريب من الحديث. فقال يزيدون ابي حبيب اذا سمعت الحديث فانشدوا كما تنشد الضالة فان عرف والا فدعه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان من فضيلة كتابه هذا ان الاحاديث الذي وضعها فيه اكثرها مشاهير. ويريد بالمشاهير المنتشرة بين الناس. لقوله وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث فهي مشهورة مروية لكن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس اي تمييز صلاحيتها للابواب المناسبة اليها لا يستطيع كل احد ان يرد كل حديث الى بابه اللائق به من الفقه. وهذا هو الذي اختص به فانه رد كل حديث من الباب اللائق به من ابواب احاديث الاحكام. ثم ذكر ان الفخر بها انها مشاهير. لان الحديث الغريب لا يحتج به ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد من ائمة العلم. ومراد اهل العلم بالحديث الغريب الحديث الذي يستنكر يستغرب ويغلب على الظن ان راويه اخطأ فيه. فاذا اخطأ الراوي في الحديث ولو كان اماما فان لا يؤخذ به وربما توقفوا في زيادة زادها احد الحفاظ حتى يطلعوا على متابع له كما توقفوا في زيادة من التي زادها مالك في حديث ابن عمر في ذكر زكاة الفطر حتى وجدوا متابعا لمالك لان العلم عندهم باع واشتهر واما ما لم يشتهر ويشع بين الناس فان هذا عندهم ليس من العلم بل هو مما يستنكرونه البون الشاسع بين حالنا وحالهم. فان كثيرا من طلبة العلم من المتصدرين للتعليم او المجتهدين في التحصيل انما يشغف قلوبهم حب الغريب. فاذا سمعوا اختيارات غريبة من المعلم ظنوا ان في ذلك تحقيق فاذا كان المعلم كثير المخالفة لمذهب اهل بلده صار في اعينهم جليلا لمجرد المخالفة هو يصير في نظرهم غير مقلد بل مجتهد. واذا امعنت النظر في ترجيحاته وجدت فيها الاقوال الشاذة لان من رغب في الغريب جاء بالشاذ وكذلك من المعلمين ما لا يرى ان العلم الذي ينبغي ان يظهر هو العلم الغريب فتجد تدريس كتب تجعل اصولا وهي ليست باصول كمن يدرس الفقه سنين عددا في كتاب السير الجرار للشوكاني ويرى انه يكسب الطالب ملكة الاستنباط والاجتهاد. واي سابق سبقه الى اقراء مثل هذا الكتاب وليس هو من الكتب العمد الاصول التي ينبغي ان يعول عليها في التعليم. وعلى هذا فقس فلا ينبغي ان يغتر المعلم او المتعلم بالغريب بل يجب ان يفر منه فرار العبد من كائد يكيد به او عدو يطلبه ولهذا من العلوم علوم خاصة لا تشاع ولا تداع لكل احد لان اشاعتها واذاعتها ربما اضرت بالناس كما سيأتي في كلام ابي داود رحمه الله تعالى ثم ذكر بعد ذلك انه لو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به اذا كان غريبا شادا اي ان الاحتجاج بالاحاديث الغريبة يوجب الطعن فيها مما تقل به قيمة الكتاب الجامع لها فاما المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر ان يرده عليك احد. وبهذا اختصت احاديث الصحيحين لانها مشهورة متصلة صحيحة لا يمكن ردها ومن تكلم في احاديث الصحيحين التي تلقيت بالقبول فلا يكاد يسلم من طعن في دينه وايمانه ولهذا تجد ان اكثر المتكلمين على احاديث الصحيحين الذين يرون ان في الصحيحين احاديث ضعاف ان هؤلاء عامتهم ممن غمز في بدينه اما ببدعة او فسق او كفر فيتجرأون على هذه الاحاديث. واما من امتلأ قلبه بالايمان فانه لا يقدر على الطعن فيها. حتى ولو كان من اهل البدع. فابو سعد السمان من رؤوس المعتزلة يقول ان لم يقرأ كتاب البخاري لم يتغرغر بحلاوة الايمان. هذا مع ما كان عليه هو من منزلة في علوم المعتزلة ومعلوم ان المعتزلة اهل عقل وليسوا اهل نقل. ثم يصف البخاري بهذا الوصف. ثم نقل عن السلف رحمهم الله تعالى هذا الذي يصدق ما ذكر فقال قال ابراهيم كانوا يكرهون الغريب من الحديث وقال يزيد ابن ابي حبيب اذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضال فان عرف والا فدعه. يعني ان العلم الذي يحتاج اليه وينتفع به هو العلم المشهور الصحيح وعلى هذا في الحديث قس في علمك الذي تحتاج اليه. فان العلم الذي تحتاج اليه هو العلم الذي تنتفع به في فانظر حاجتك فاذا كنت تحتاج الى تفهم احكام الفقه فادرس الفقه. واذا كنت تحتاج الى معرفة العقائد فادرس العقائد واذا كنت تحتاج الى معرفة التفسير فادرس التفسير ولا تتطلع الى دراسة علوم لست في حاجة اليها الان انت محجوب عنها بما هو انفع لك. فلا ينبغي للطالب مثلا ان يدرس النحو والاصول ومصطلح الحديث وهو لم يدرس مقدمات الديانة في الفقه والاعتقاد واحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فان العلم تقصد به العبادة وهذه مهمات العبادة عظيمة واكثر الناس يغترون بتشقيق الكلام في هذه العلوم حتى تصدهم عن العلوم النافعة. وانظر الى ولع طوائف بمصطلح الحديث مع ضعفهم في علم الحديث على الحقيقة لا من جهة الكلام في الرجال وقواعد الجرح ولا معرفة العلل ولا كيفية الاستنباط. فوكدهم انما هو في دراسة علم الي الحديث. ويفرطون في علوم اعظم وكل هذا بالخروج عن الجادة. وهي بلية بليت بها الامة بسبب تحقق قول ابي الحسن الفالي تصدق للتدريس كل مهوس بريد تسمى بالفقيه المدرس فحق لاهل العلم ان يتمثلوا ببيت قديم شاع في كل مجلس لقد هزلت حتى بدأ منه كلاها وحتى سامها كل مفلس. فصار كل يجلس للتدريس. وكل يقدر ما شاء من الكتب. اما ان يتقي الله عز وجل في ما يعلم وينظر ملائمته للطلاب فهذا قليل. وقد كان من قبلنا لا يمكننا الطالب من درسه الا حسب منفعته بالدرس. فاذا جاء الطالب اليهم يريد ان يقرأ شيئا سألوه هل قرأت قبله كذا؟ ام لم تقرأه اجاب نعم قالوا هل قرأت كذا؟ قال نعم. حتى يعرفون مبلغه من العلم. ولا يقرون طالبا جاء اليهم وهو لم العلم ثم يأخذ صحيح البخاري ويقول اريد ان اقرأ في صحيح البخاري فيقولون له تفضل سم لانهم يعرفون ان هذا ظرر عليه في دينه بل ينظرون الى كتب المبادئ هل حفظها وتقررت في نفسه ام لا؟ فاذا وجدوه كذلك نقلوه الى ما بعده واذا وجدوه قد انتقل ما بعده نقلوه الى ما بعده ولا يمكننا الطالب من علم الا ومنفعته واذا رأوا انه ترقى في علم ما وهو لم يتقن علما يحتاج اليه في ظبط شيء مما يهم نقلوه الى ذلك العلم فان مثلا الشيخ صالح الاطرم رحمه الله لما استتم في قراءة رسائل شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب في العقيدة على الشيخ محمد ابن إبراهيم وانتقل الى قراءة الواسطية بعد ان قرأ ثلاثة الاصول والتوحيد والقواعد الاربعة وكشف الشبهات فقرأ من حفظه فلحن فقال له الشيخ ما قرأت الاجرومية؟ قال لا يا شيخ قال اذا اقرأ الاجو الرومية اولا بعدين نقرأ الواسطية ورأى انه ابتدأ في هذا العلم وادرك في مهمات العقائد ما يحتاج اليه ويحتاج الى اصلاح لسانه لان اصلاح اللسان بالنحو من اهم المهم ان مات فنقله الى العلم المناسب له. ولما وفد الشيخ حسن بن مانع رحمه الله من قطر على الشيخ محمد ابراهيم سأله كما ذكرت لكم فيما سبق هل قرأت كتاب كذا؟ قال نعم. هل قرأت كذا؟ قال نعم هل قرأت كذا؟ قال نعم. قال هل قرأت بلوغ المرام؟ قال نعم. قال هل قرأ السادس؟ زاد المستقنع قال نعم. فقال له رحمه الله اذا انت يا ولدي تجلس مكاني. ثم سأله قال انت عند من قرأت؟ قال نعم قرأت عند الشيخ محمد بن مانع هو من ابناء عمومتي فقربه الشيخ منه لما وجد فيه تأهلا فكان احد اربعة يقرأون في درس خاص على الشيخ محمد في بيته ولم يكن تقريبهم منه لاجل اسمائهم ولاشخاصهم ولا عائلاتهم ولكن لانهم تأهلوا الى علم ينتفعون به. اما ان يدرس كل شيء لكل احد في كل زمان وكل مكان فهذا بلاء في الامة. يذهب الانسان كما تجد في بعظ الدورات التي تكون في قرى يدرس كتب اهل القرية احوج الى الدروس المهمة لعامة الامة من ان تدرس مثل هذا الكتاب لهم ولكن بفقد في العلم صارت مثل هذه الظواهر. والمقصود ان الكلام الذي ذكره ابو داوود رحمه الله تعالى في المشهور والغريب اصل نافع في العلم كله فينبغي ان يقتدي به المرء نعم. وان من الاحاديث في كتاب السنن ما ليس بمتصل وهو مرسل ومدلس واذا لم توجد الصحاح عند عامة اهل الحديث على معنى انه متصل. وهو مثل الحسن عن جابر والحسن عن ابي هريرة والحاكم يعم مقسم عن ابن عباس وليس بمتصل وسماع الحكم من مقسم اربعة احاديث واما ابو اسحاق عن الحادث عن علي فلم يسمع ابو اسحاق من الحارث الا الا اربعة احاديث ليس فيها مسند واحد واما اما في كتاب السنن من هذا النحو فقليل ولعل ليس للحارث الاعور في كتاب السنن الا حديث واحد فان ما كتبته باخرة وربما كان في الحديث ما تثبت صحة الحديث منه اذا كان يخفى ذلك عليه ربما تركت الحديث اذا لم افقه وربما كتبته وبينته. وربما الم اقف عليه فربما اتوقف عن مثل هذا لانه ضرر على العامة ان يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث ان علم العامة يقصر عن مثل هذا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا من جملة اصوله في تأليف ان من الاحاديث في كتابه السنن ما ليس بمتصل وهو مرسل ومدلس والمرسل عند المحدثين قد قد يطلقونه على ما هو اعم من المعنى الذي استقر عليه. فانهم قد يطلقون المرسل يريدون به كل حديث في اسناده سقط. سواء كان سقطوا في اوله او في اخره او في اثنائه او كان سقط رجل واحد او سقط رجلين ثم ذكر ان ما كان من هذا الجنس وهو اذا لم توجد اصطحاح عند عامة اهل الحديث على معنى انه متصل. يعني اذا فقد الحديث المتصل في باب من ابواب توسعوا في رواية ما كان من هذا الجنس فيجعلونه في معنى المتصل مع علمهم بانقطاعه لكنهم جعلوا له هذا الحكم بان الباب خال من حديث متصل يرويه اتقات وقد اخذ كل واحد منهم عن الاخر فيلحقون عوضا ما كان في معناه ومراده ما كان في معناه اي في منزلته على البدن لا في حكمه. فما في حكم المتصل معنى اخر لكن ما في معنى المتصل يريد به رحمه الله تعالى ما خلا الباب من مسند متصل فيوردون فيه ما هو في معناه اي ما يكون دالا على الترجمة التي ترجم بها لعدم وجود حديث متصل. اما ما هو في حكم المتصل فهذا فن اخر وهو الاسانيد التي هي منقطعة ولكن جعل لها حكم اتصال مثال ذلك رواية الشعبي عن علي ابن ابي طالب فان الشعبي لم يوقف على سماعه من علي ابن ابي طالب وادخل البخاري حديث الشعبي عن علي ابن ابي طالب في صحيحه لان الشعبي لم يأخذ من حديث علي الا ما رواه ثقات اصحابه فهو بمنزلة المتصل عندهم. وكرواية ابي عبيدة ابن عبد الله ابن مسعود عن ابيه فان ابا عبيدة لم يسمع من ابيه الا شيئا قليلا في موته واما الاحاديث الكثار التي عن ابيه فانه لم يسمع ومع ذلك صححها اهل الحديث كعلي ابن المدين ويعقوب ابن شيبة والنسائي رحمهم الله تعالى وادخلوها في جملة المسند وكراوية سعيد ابن المسيب عن عمر ابن الخطاب فان سعيد ابن المسيب لن نقف على اسناد فيه قال سمعت عمر لكن كما قال الامام احمد اذا لم يصح سعيد عن عمر فماذا يصح؟ فان سعيد من الجلالة والمقام الاعلى في الديانة مع امكان الادراك لعمر ما يحمل العارف بالحديث ان يجعل هذا في حكم المتصل في اسانيد اخرى عندهم. فاذا رأيت شيئا من الاسانيد المنقطعة فلا تبادر الى تضعيفه الا ان تتيقن انه وليس عندهم في حكم المتصل. فانهم ربما ثبتوا رواية من هذا الجنس. واكثروا بها. كما اكثر البخاري في تعليق نسخة علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس مع ان علي لم يسمع من ابن عباس بل قال احمد في مصر نسخة يرحل اليها معاوية ابن صالح عن علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس مع علمهم رحمهم الله بانقطاعها لكن جعلوا لها حكما متصل لان عليا اخذ عن ثقات ابن عباس كمجاهد ابن جبر فيكون الاصل فيها القبول الا ان يتبين تعليلها بوجه اخر. ومثل قول ابراهيم النخعي في رواية عن ابن مسعود قال اذا قلت قال ابن مسعود فهو عن غير واحد من اصحابه. واذا قلت عن فلان فهو الذي سميت لك فيستفاد منه ان رواية ابراهيم عن ابن مسعود هي بروايته عن جماعة من اصحاب ابن مسعود وان كان في ذلك بحث لكن المقصود الارشاد الى تفريق بين قولهم هذا في معنى المتصل وقولهم هذا في حكم المتصل. فمرادهم في معنى المتصل ان الباب خلا من حديث متصل باسناد فاخرجوا فيه ما كان منقطعا او برواية مدلس. واما ما هو في حكم المتصل اي جعلوه متصلا حكما وان لم يكن كذلك حقيقة. ثم ذكر رحمه الله تعالى امثلة على ذلك. ثم قال واما ابو اسحاق عن الحادث عن علي فلم يسمع ابو اسحاق من الحارث الا اربعة احاديث ليس فيها مسند واحد. واما ما افتى بالسنن من هذا النحو فقليل. اي من هذا الضرب الذي هو في معنى المتصل فهو قليل الوجود. ولذلك كل جملة من جمل هذا الكتاب تصلح ان تكون بحثا مفردا فلو اراد احد ان يجمع ما في معنى المتصل الذي اختاره ابو داوود وجد احاديث كثيرة. ثم قالوا لعل ليس لحاله بكتاب السنن الا حديث واحد فانما باخرة فاشار ان ما كان برواية الحارث الاعور فهو حديث واحد من هدي الجنس لان الحارث ابن الاعور اختلف فيه العلماء اختلافا كثيرا فمنهم من عده ثقة ومنهم من عده كذابا حتى اوجب ان بعض النقاد يتوقف فيه كما توقف فيه الذهبي في موضع وقال انا الله تعالى في الحارث الاعور. فلذلك تجافاه بعض المحدثين ممن يخرج عن هذا الضرب كابي داوود رحمهم الله وللحارث الاعور في سنن ابي داوود حديثان اثنان احدهما في كتابه الزكاة والثاني في اخر ثم بعد ذلك قال ربما كان في الحديث ما تثبت صحة الحديث منه اذا كان يخفى ذلك علي فربما تركت الحديث اذا لم افقهه وربما كتبته بينته وربما لم اقف عليه وربما اتوقف عن مثل هذا. يعني ربما يرد في بعض الاسانيد ما يجعل الناظر يتردد في ثبوت صحتها فربما ظهر له فادخله في الصحاح وربما ترك الحديث اذا لم يفقه وجهه ولم يتبين له هل هو سالم من الاعلال؟ او يتطرق اليه احتمال العلة. وربما كتبه وبينه. اي كتب الحديث وبين علته وربما لم يقف عليه. وربما توقف عن مثل هذا فهو يشير بهذا الى انه لم بابراز العلل في كتابه. هذا مقصود هذه الجملة. وانما طوى رحمه الله تعالى علم العلل لانه اراد نفع عامة وعلم العلل ضرره على العامة ان يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث. لان علم الناس يقصروا عن مثل هذا فعلم العلل علم دقيق حتى شبهوه رحمهم الله تعالى بالكهانة وقالوا ربما الى للرجل هذا حديث منكر ولا يدرى من اين جاء. فتجد بعض الحفاظ يتوقف في قبول الحديث. ولا يقبله لكنه لا يستطيع ان يعبر بعبارة تفصح عن وجه الاعلان. لكنه لا يقبل مثل هذا السند فيرده وهذا علم دقيق لا تحتمله العقول ولذلك فهو من العلوم التي لا تنبغي اشاعتها. وفي اقراء كتب العلل في عامة الدروس تقوية لنفوس الطلبة على الجراءة على هذا الفن الذي هو من اغمض علومهم كما قال ابن كثير رحمه الله فاذا درست كتب العلل لكل احد اورث الجراءة في النفوس وصار كل يتكلم بتعليل الاحاديث بما شاء كما ذكرت لكم بعض الامثلة واقبح من هذا جرائتهم على تعليل المتون فتجد احدهم يتكلم في تعليل المتون وهو لا الة له في فهم الكتاب والسنة ولا في معرفة علوم الالة كما ذكرت لكم ان احدا استنكر قول بكر ابن عبد الله المزني ما سبقهم ابو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في القلب فقال هذا القول منكر لانه مخالف لما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اصبح اليوم منكم صائما؟ قال ابو بكر انا حتى عدد خصال من خصال الخير كلها يقول فيها ابو بكر انا. قال فهذا يدل على ان ابا بكر سبقهم بصلاة وصيام. ولم يرد ابن عبد الله هذا المعنى ولكنه اراد توجيه انظارهم الى المعنى الاعظم فهو لا يقول ان ابا بكر لم يسبق بصلاة ولكن يقول ان اعظم شيء سبق به ابو بكر هو ما وقر في القلب. هذا هو الذي تقتضيه صناعة البيان اللغوي. و لهم في ذلك امثلة ومنشأها من الجراءة على نشر هذا الفن عند كل احد. فيأتي ويدرس هذا العلم الى اناس لا يعرفون مراتب اصحاب سفيان فيقال فلان وفلان اختلف على سفيان وهو ربما لا يعرف من هو سفيان ولا يدري سفيان الموجود في هذا الاسناد سفيان ابن عيينة ام سفيان الثوري فهذا علم ينبغي ان يحذر منه الانسان في نفسه والا يتجرأ عليه لانه غامض ويحتاج الى طول اجتهاد مع توفيق وسداد وتخرج بالعارفين بهذا الفن اما ان يتخرجوا بالكتب نفسه فهذا لا يقدر وانما يتخرج باهل الفن ويأخذه عنهم وانظروا كلامهم في كتب العلل لو اردت ان تقرأ في كتاب العلل لا تطيق نفسك اذا لم تكن ذا فهم في الفن. كما يقول بعض الاخوان اذا فتحت علل ابن ابي حاتم وسألت ابي عن حديث فلان فلان قال منكرا وسألته عن حديث فلان قال هذا خطأ يقول انا لا ادري منكر وخطأ لماذا؟ وصدق هو لا يستفيد كبير الفائدة من مثل القراءة بهذه الكتب مع عدم الة تعينه على الفهم فيها. نعم. وعدد كتب هذه السنن ثمانية عشر جزءا مع المراسم منها جزء واحد مراسيل. وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من المراسيل منها ما لا يصح ومنها ما ها هو مسند عند غيري وهو متصل صحيح. ولعل عدد الذي في كتابي من الاحاديث قدر اربعة الاف وثمانمائة حديث ونحو ست مئة حديث من المراسيل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا مما يتعلق بترتيب كتابه ان عدد بهذه السنن ثمانية عشر جزءا مع المراسيل يعني باعتبار التجزئة الكتاب الى مقادير معينة بلغت ثمانية عشر جزءا مع المراسيل منها جزء واحد من المراسيل وهذا الجزء اشتهر بافراده باسم كتاب المراسيل لابي داود السجستاني. ونبه ان ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من المراسيل منها ما لا يصح ومنها ما هو مسند عند غيره وهو متصل صحيح. فليست كل المراسيل التي اوردها ضعافا بل فيها اما هو ضعيف وفيها ما له ما يشهد له من الحديث المسند الذي يصح به. ثم ذكر تقدير احاديثه التي رواها في الكتاب انها قدر واربعة الاف وثمان مئة حديث. واما جزء المراسيل فنحو ست مئة حديث من المراسيل. وهذا عد قريب من العد الذي عد به اليوم وان كان عد العادين اليوم لا يثق به لان هذه النسخ التي بايدي الناس عد احاديثها الكتبيون ولم يعد احاديثها العلماء فلاجل ذلك تجد نسخة تنتهي الى خمسة الاف ونسخة تزيد قليلا ونسخة تزيد يسيرا لعدم بوضوح المنهج في العد فمنهم من يعد الحديث اذا كررت اسانيده يعده حديثا واحدا ومنهم من ينتقل نظره في العد ثم بعد ذلك يكتب علامة بالرقم نفسه في كتب مثلا ثمانية عشر ثم يكتب ثمانية عشر وعليها نجمة لانه فاته في العرضة الاولى للكتاب ان يرقمه برقم خاص فلما تنبه في التصحيح صار لا يمكن لانه سيغير الترقيم كله فجعل هذه العلامة والوثوق بعد المؤلفين اولى من الوثوق بعد غيرهم. نعم. فمن احب ان يميز هذه الاحاديث مع الالفاظ فربما حديث من طريق وهو عند العامة من طريق الائمة الذين هم مشهورون. غير انه ربما طلبت اللفظة التي لتكون لها معان كثيرة. وممن عرفت نقل من جميع هذه الكتب. فربما يجيء الاسناد في علم من حديث انه غير متصل ولا يتبينه السامع الا بان يعلم الاحاديث وتكون له بها معرفة فيقف عليه مثل ما يروى عن ابن جريج قال اخبرت عن الزهري ويرويه البرصاني عن ابن جريج عن الزهري فالذي يسمع انه متصل ولا يصح بتة فانما تركناه لذلك. هذا لان اصل الحديث غير متصل ولا يصح هو حديث معلول ومثل هذا كثير. والذي لا يعلم يقول قد ترك حديثا صحيحا من هذا وجاء بحديث تم معلول نبه المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الى طريقته في اختيار الاحاديث مما يتعلق بالمتن والسند فذكر انه اجتهد في المتون في تطلب الالفاظ التي تكون لها معان كثيرة. فاذا روي الحديث في ابن بالفاظ متعددة اختار الرواية التامة منها او التي تشتمل على لفظ ادل على المقصود في ابواب الاحكام فينتقي من تلك الاحاديث ويقدم ما يصلح في متنه للمناسبة مع ترجمة الباب. وكذلك هو يختار في الاسانيد فيختار في الاسانيد ما هو اصحها وان كان تبادر الى الناظر ان غيره اصح منه كما مثل بما يروى عن ابن قال اخبرت عن الزهري فهذا السند ظاهره الانقطاع لقوله اخبرت ولم يسم من اخبره ويرويه محمد ابن بكر البرساني عن ابن جريج عن الزهري لا يقول ابن جريج اخبرت فيأتي من يسمع هذا الحديث ويظن ان السند الثاني متصل ويقول هو اولى بالتخريج من السند الاول وهو لا يصح بتة كما قال المصنف. فتركه لاجل العلة فيه. لان هذا الاسناد لا متصلا ولا مسندا فاهمله واورد السند الاخر لانه هو الذي يصح. فالذي لا يعلم يقول قد ترك حديثا صحيحا الذي يرى ظاهر رواية محمد بن بكر عن ابي جريدة عن الزهري يقول هذه اصح لان الرواية الثانية قال ابن جويج اخبرت عن الزهري والذي يعرف يميز ان الرواية مطرحة وانها غلط وان المحفوظ هو اخبرته. كما مر معنا في جواب الحافظ ابن حجر عن احاديث ظاهرها الصحة ولكن مع الفحص عنها يتبين اعلالها. فمن يأتي ويرى هذه الاسانيد في ظاهره يقول هذه صحيحة. واذا رأى الاسانيد التي تبين العلة قال هذه ويتركها نعم. وانما لم اصنف في كتاب السنن الا الاحكام ولم اصنف كتب الزهد وفضائل الاعمال غيرها فهذه الاربعة الاف والثمانمئة كلها في الاحكام. فاما احاديث كثيرة صحاح في الزهد وغيرها فلم اخرجها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وسلم تسليما وحسبنا الله ونعم الوكيل. ختم المصنف رحمه الله تعالى هذه الرسالة بالاعلام بان انه لم يصنف في كتاب السنن الا الاحكام. فاهتمامه هو باحاديث الاحكام. وربما ادخل معها غيرها لاهميته فانه مثلا ادخل كتاب السنة في ضمن السنن والسنة عند المتقدمين لقب لعلم الاعتقاد. فادخله لاهميته وكثرة الفرق والخلاف في ذلك الزمان. وترك كتبا اخرى من كتب الرواية كالاحاديث المروية في الزهد وفضائل الاعمال والرقائق واخبار الساعة واشراطها وغير ذلك. ولم يذكر من غير الاحكام الا المهم. كما ذكر السنة وهذا الكتاب من الكتب التي تميز بها كتاب سنن ابي داود عن غيره من السنن فانه جمع فيها احاديث الاعتقاد مبوبة فهو شبيه بكتاب التوحيد من البخاري. ولا يوجد لهما نظير في الكتب الستة. وقد افرده احد الباحثين بدراسة قبل سنين عددا قدمت في احدى الجامعات في المملكة العربية السعودية ولم تطبع حتى الان مع انه من الاهمية بمكان ثم بعد ذلك ذكر ان جميع الاحاديث الاربعة الاف وثمان مئة التي اوردها كلها في الاحكام. اما الاحاديث الصحاح في الزهد والفظائل وغيرها فانه تركها ولم يخرجها وبهذه الرسالة ينتفع في معرفة تصرف ابي داوود في سننه. وهذا التأليف بمنزلة المقدمة للسنن وفي كلام اهل العلم رحمهم الله تعالى ما يلزم قراءته قبل قراءة الكتاب لتفهم طريقته فيه كمقدمة ابي داوود يستحسن قراءتها قبل سنن ابي داوود والعلل الصغير للترمذي وهو اخر كتاب منه صار ملحقا به ينبغي ان تقدم قبل قراءة السنن لانه بين فيه طريقته فيه. ومقدمة مسلم يستحسن ان تقرأ قبل نفسه وهذه الكتب الثلاثة ومن جنسها كتاب الرسالة للامام الشافعي هي بواكير المصنفات في مصطلح الحديث فهي حقيقة بالافراد بالدراسة بان تجمع مصنفات الائمة الاول الذين قرروا مصطلح الحديث هذه الكتب الاربعة التي ذكرت لكم مقدمة مسلم في صحيحه والعلل الصغير للترمذي ورسالة ابي داوود وكتاب الرسالة للامام الشافعي. فهذه الكتب الاربعة يستكن فيها علوم كثيرة تتعلق بمصطلح الحديث تعتبر باكورة في علوم الحديث. فقرائتها وظبط مسائلها ينتفع به في معرفة هذا الفن. وهذا اخر التقرير على هذا تام والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين