لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الثاني والعشرين الدرس الواحد السابع والكتاب المقروء فيه هو رسالة في حكم اجزاء سبع البدنة والبقرة عن الشاة في الاهداء وغيره. وقبل البدء في اقرائه لابد من ذكر مقدمتين اثنتين. المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد. المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة القدوة عبدالرحمن ابن ناصر ابن عبدالله السعدي. بكسر السين المهملة كما هو المسموع من اهل بيته وتلاميذه يكنى بابي عبد الله ويعرف بابن سعدي نسبة الى احد اجداده المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في الثاني عشر من محرم حرام سنة سبع ان بعد الثلاث مئة والالف المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله قبل طلوع في فجر يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الاخرة سنة ست بعد الثلاث مئة والالف. وله من العمر تسع وستون سنة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه وقعت النسخة الخطية من هذه الرسالة غفلا من تقييد اسم لها. واختار تلميذ المصنف شيخنا محمد ابن البسام ان يسميها حكم اجزاء سبع البدنة والبقرة عن الشاة في الاهداء وغيره. المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع وهذه الرسالة هو تحقيق كون سبع البدنة والبقرة يقوم مقام في كل شيء من الاجزاء والاهداء. المقصد الثالث توضيح منهجه. اصل وهذه الرسالة هو فتيا حول سؤال شاع يتعلق بالموضوع المذكور فقيد المصنف رحمه الله تعالى هذه الرسالة وذكر فيها كلام الحنابلة في اربعة مواضع تفيد المقصود. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. لدعاء الحادث في كثير من الاوقات لهذه المسألة كتبنا فيها ما يلي الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله لا هو فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله وعليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فقد كثر سؤال الناس عن اجزاء البدنة والبقرة عن سبع شياه. وهل تقوم اقام السبع في كل شيء من اجزاء واهداء ام تقوم مقام السبع في الاجزاء دون الاهداء؟ اصل هذه المسألة التي اشار اليها المصنف رحمه الله تعالى خلاف انتشر في اواسط القرن الماضي الهجي في مسألة مكافأة سبع البدنة والبقرة للشاة في الاجزاء والاهداء معا ام في الاجزاء دون الاهداء والمراد بالاهداء اجرها وانقسم اهل العلم في البلد الى قولين اثنين اولهما قول من يقول انها تقوم مقام الشاة في الاجزاء والاهداء جميعا. فتكون مجزئة فيما فظه الشاة بسبعها وكذلك اذا اهدى الانسان سبع بدنة او بقرة كان ذلك واقعا موقعه فلو ان انسانا ضحى بشركة في بدنة له سبعها عند هؤلاء له ان يهدي ثوابها الى اكثر من واحد فيهديه الى من شاء. وكان صدر هؤلاء هو المصنف رحمه الله فانه اختار هذا القول وشاعت عنه الفتوى بذلك. والثاني قول من يقول ان السبع يقوم مقام الشاة في اجزاء فقط دون الاهداء. فيمنعون ان يهدي احد سبع البدنة عن اكثر من واحد وكان صدر هؤلاء العلامة محمد بن ابراهيم ال الشيخ رحمه الله. فحمل هذا الاختلاف المصنف على جمع هذه الرسالة نعم احسن الله اليكم فاجبت مستعينا بالله راجيا منه الهداية الظاهرة والباطنة. قد ثبت في الصحيح من حديث جابر وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل البدن والبقرة عن سبعة كما ثبت عنه انه لا يجزئ في الاضاحي الا جذع من الضأن او ثني المعز. ففهم اهل العلم من هذا ان جعل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبعة يعني انها تجزئ عن سبعة اشخاص وانها تنوب ملابس العشية كما ان سبع شياه تنوب مناب البدنة والبقرة ولم يزل هذا فهو الموجود في اذهان اهل العلم ولم يذكروا الا خلافا لاسحاق بن راهويه وغيره بان البدنة تجزئ عن عشر شياه ومقتضى هذا ان كل سبع منها قائم مقام الشاة في الاجزاء والاهداء فكما تجزيء الشاة عن واحد فيجزئ سبع البدنة عن واحد. وكما يجوز اهداء الشاة في الثواب لاكثر من واحد. فكذلك سبع البدنة وكما ان مفهومة من كلام الشارع فهو الذي تقتضيه المعاني الشرعية والحكمة التي جعل الشارع البدنة عن سبعة لكثرة ثمنها وكبر جسمها وكثرة لحمها ونفعها وهذه الحكمة تسبق الى ذهن كل من سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يشك فيه ولا ينفري واهل العلم ما زالوا على هذا المفهوم من كلام الشارع. ولذلك لما ذكر المجد في الملتقى حديث جابر وحديث ابن عباس وغيرهما في ذلك. ترجم عليه فقال باب ارجاع البدنة والبقرة عن سبع شياه وكذلك غيره. وايضا فاجزاء البدنة والبقرة عن سبع انما معناه انها سبع اظاحي كما جعلها النبي صلى الله عليه وسلم ليس معناه ان كل واحدة من اضاحيها لا يجوز اهداؤها لاكثر من واحد. فهذه مسألة وتلك مسألة اخرى. فان الاخيرة هي مسألة اهداء القرب وقد ثبت في الاحاديث الصحيحة المتكاثرة جواز اهداء القرب وقد قررها ابن القيم في كتاب الروح وذكر ادلة كثيرة جدا على جواز وباهداء القرب ووصول ثوابها للاحياء والاموات. وهو مذهب الامام احمد الذي لا يختلف مذهبه فيه والمقصود انه يجب التفريق بين المسألتين والا يجعل عدم ابداء البذلة عن غير سبع اضاحي منقولا الى تلك المسألة ويسد باب فضل الله وكرمه من غير في مانع ولا دليل وايضا صاحب هذا القول يتناقض فانه يجوز اهداء الشاة الواحدة لاكثر من سبعة ولا يجوز اهداء جملة البدنة لاكثر من سبعة ومع تناقض هذا القائل فليس عنده حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف في ذلك ولا قول واحد من الصحابة بل ولا قول واحد من اصحاب الامام احمد وانما نصوصهم على خلاف ذلك كما سنذكرها ان شاء الله تعالى وقد قال ابن ابي عمر في الشرح الكبير ولا بأس ان يذبح الرجل عن اهل بيته شاة واحدة او بدنة او بقرة يضحي بها نقص عليه احمد وبه قال مالك والليث والاوزاعي واسحاق الى اخر كلامه صرح ان البدنة والبقرة قابلة لاهدائها لاكثر من سبعة كالشاة. والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن ابو بطيف. على سعة اطلاعه على كلام الاصحاب لما سئل عن اهداء سبع البدنة او سبع البقرة لاكثر من واحد اجاب بانه لم يرى فيها ما يدل على المنع ولا على الجواز. وان كان بعض الذين ادركنا يفعلون هذا نص فتواه فلو كان عنده من كلام احد من الاصحاب ما يدل على المنع لذكره ولو فهم ما فهمه بعض المتأخرين من قول الاصحاب وتجزئ البدن والبقرة عن سبعة انه سبعة اشخاص حتى في اهداء اجرها لذكر ذلك فدل على ان الافتاء بالمنع من جواز اهداء سبع البدنة حادث لم يعرفه الشيخ رحمه الله. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة قاعدة الشريعة في انزال سبع البقرة والبدنة منزلة الواحدة من الشياه فان النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح جعل البدنة والبقرة عن سبعة. فعلم به ان البدنة كونوا عن سبعة في الاجزاء وانها تنوب مناب سبع من الشياه. كما ان السبع من الشياه تنوب مناب بدلتي والبقرة وعلى هذا استقر قول اهل العلم رحمهم الله تعالى واقتضى ذلك ان يكون سبع البدنة والبقرة قائما مقام الشاة في كل ما اريد اقامته فيه. فاذا كانت الشاة تذبح لي او تذبح لتهدى فبحسب ما فيها من قصد يكون كذلك هذا القصد مطردا في سبع البدنة اذا ذبح مضح الشاة عن نفسه واهل بيته واهدى ثوابها الى اكثر من واحد اقتضى جراد القاعدة ان يكون سبع البدنة منزلا منزلتها فيكون سبع البدنة ايضا مما يهدى الى اكثر من واحد لمن رأى منعه وقد نقل المصنف رحمه الله تعالى ما يدل على صراحة ذلك من الشرح الكبير لابن ابي عمر في قوله رحمه الله ولا بأس ان يذبح الرجل عن اهل بيته شاة واحدة او بدنة او بقرة يضحي بها. فصرح ان البدلة والبقرة قابلة لايجائها لاكثر من سبعة في الشاة لانه لم يقيد القصد في اهداء سبع البدنة والبقرة بان يكون عن واحد فقط. بل جعل حكم الشاة الواحدة كحكم سبع البدنة والبقرة دون تفريغ. ثم نقل المصنف رحمه الله تعالى ما يدل على صحة هذا الفهم عن مفتي الديار النجدية العلامة عبد الله بن عبد الرحمن ابو بطين. فانه سئل عن هذه المسألة فذكر انه ليس في كلام الاصحاب ما على المنع ولا على الجواز ونقل ان بعض الذين ادركهم من اهل نجد كانوا يفعلون ذلك فيهدون السبع عن اكثر من واحد فلو كان عنده من كلام احد من الاصحاب ما يدل على المنع لذكره. ولو انه فهم ما لهم من الفاظ على ما فهمه المانعون في القرن الماضي لتكلم به رحمه الله تعالى مع عظيم عنايته بفقه الحنابلة فانه له عدة حواس على كتب الحنابلة واكدها عندهم الروظ المربع ومنتهى الارادات وله رحمه الله تعالى على هذا وعلى هذا وكان من افقه المتأخرين في مذهب الامام احمد رحمه الله تعالى. نعم. احسن الله اليكم وقد حرصت على البحث في هذه المسألة وراجعت ما تيسر لي مراجعته من كتب الاصحاب فلم ارى احدا منهم صرح بالمنع بل ولا هو ظاهر من عبارته بل الذي رأيته من كلامهم في عدة مواضيع التصريح في هذه المسألة وانها هي المذهب قولا واحدا وهاك نقل كلامهم الدال على ما ذكرته ليستضح لك ويتبين لك الصواب واضح قال في المنتهى وشرحه والاقناع وشرحه وما قبلها وما بعدها من كتب الاصحاب في اخر جزاء الصيد وتجزئ البدنة والبقرة عن سبع شياه كعكسها كما تجزئ سبع الشياه عن البدنة والبقرة. فانظر رحمك الله هذه العبارة وانها تدل دلالة الا تقبلوا الاشتباه ان البدنة جميعها تجزئ عن سبع خياح فاذا كانت سبع شياه قد تقرر انه يجوز اهداؤها لاكثر من سبعة اشخاص فالبدن والبقرة كذلك وكما ان هذه العبارات تدل على جملة البدنة والبقرة فانها تدل على سبعهما من باب اولى واحرى وان سبع كل منهما قائم مقام الشاة في كل شيء ومن ذلك اذا اهدى الشاة لاكثر اذا اهدى الشاة لاكثر من واحد فانها تجزيء فكذا سبع البدن ولو كان لا يجزئ لاستثنوه من هذا العموم. كما قالوا مريدين التعميم ولو في جزاء الصيد اشارة لما في جزاء الصيد من الخلاف. بل قد ورد حديث بهذا اللفظ ترجم عليه في المنتقى فقال باب ان البدنة والبقرة عن سبع شياه شياه وبالعكس عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم اتاه رجل فقال ان علي بدنة وانا موسر لها ولا اجدها فاشتريها فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يبتاع سبع شياه فيذبحهن. رواه احمد وابن ماجه. ثم ذكر على هذه الترجمة حديث جابرا ان النبي صلى الله عليه وسلم امرنا ان نشترك في الابل والبقرة كل سبعة منا في بدنة متفق عليه وفي رواية في الحج والعمرة والمقصود ان كلامه في هذا الموضع في المختصرات والمطولات متفق على هذا المعنى وان البدنة تجزئ عن سبع شياه في كل حال فمن اذ دعى استثناء شيء فعليه الدليل وانى له ذلك؟ بعد ان بين المصنف رحمه الله تعالى دلالة الشرع على ذلك واستقرار العمل به شرع ينقل عن كتب الحنابلة رحمهم الله تعالى ما يدل على ذلك من عباراتهم وابتدأ بالموضع الاول الذي يذكرونه في اخر جزاء الصيد فهم يقولون وتجزئ البدنة والبقرة عن سبع شياه كعكسه كما تجزئ سبع شياه عن البدنة والبقرة. وهذا يدل على انهم انزلوا سبع البقرة والبدنة منزلة الشاة. ولو كان عندهم تقييد في التفريق بين اضطراب هذا في هذا لنبهوا الى ذلك وقيدوه. فبقي في هذا الموضع على عمومه وان السبع من البقرة والبدنة يقع موقع الشاة من كل وجه. واورد المصنف رحمه الله تعالى ما يدل على هذا المعنى من سنة النبي صلى الله عليه وسلم منقولا من كتاب المنتقى في الاحكام للمجد ابن تيمية رحمه الله تعالى وذكر تحت ترجمته باب ان البدنة والبقرة عن سبع شياه وبالعكس اورد حديثين اثنين اولهما رواه احمد وابن ماجه واسناده ضعيف والثاني مخرج في الصحيحين وهو دال على المقصود كما بوب المصنف عن ابن تيمية من اجزاء سبع البدنة والبقرة عن الشاة لقوله باب ان بدنته البقرة عن سبع شياه وبالعكس اي وان سبع شياه تقع كذلك عن البدنة والبقرة كاملتين. نعم احسن الله اليكم. الموظع الثاني قالوا في كتبهم المختصرة والمطولة الاقناع والمنتهى والمقنع وشروحها ومختصراتها وتوابعها في اخر الجنائز في قربة فعلها المسلم واهداها او بعضها كنصفها او ثلثها او ربعها لمسلم حي او ميت نفعه ذلك. ومثلوا بالصلاة والصيام والصدقة والحج والاضحية فمنهم من صرح بالاضحية في هذا المقام كصاحب الاقناع. ومنهم من عمم الحكم بجميع القرب. وهذا نص صريح منهم ان من اهدى اضحية سواء كانت من الغنم او من الابل او من البقر او اهدى بعضها كالنصف والثلث والربع واقل من ذلك انه يصل الى المهدى اليه وينتفع به فلو قال في حياته هذه اضحية عني وعن والدي وذبحها من الغنم او من البدن فحكمها واحد وكذلك لو اهداها بعد هاته وجعل في وصيته اضحية له ولوالديه او غيرهما جاز ذلك. وصل اليهم الثواب. ومن قال ان اضحية الشاة تصل اليهم واظحية البدن وهي السبع منها او من البقرة لا يصل فقد اتى بشيء من عنده وقال فنص الاصحاب كما قال فدليل السنة لغير مستند شرعي الا ان يدعي ان الاضحية وفي هذا المقام لا تطلق الا على الشاة. واما سبع البدنة وسبع البقرة فلا يسمى اضحية. وهذا مخالف للنص والاجماع. وهذا يبين لك ان بقولهم في باب الاضحية والهدي وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة انها تكون سبع اضاحي ليس مرادهم ان ان سبع البدنة والبقرة في باب الاهداء الاحسان لا يهدى لاكثر من واحد لانه لو كان هذا مرادهم لتناقض كلامهم ولكنه ولله الحمد متفق على المراد في الموضعين. ففي باب الاضاحي والهدي يقال ان البدنة والبقرة عن سبعة وسبع اضاحي لا اكثر كما دل عليه النص في باب الاهداء يجوز اهداء سبعها لاكثر من واحد كما تهدى الشاة لاكثر من واحد. مع انها اضحية واحدة لا تجزئ الا عن اضحية واحدة فالواجب الفرق بين البابين والا يخلط احدهما بالاخر فيختلط الامر على صاحبه نوضح هذا انه لو اهدى صلاة واحدة او صيام يوم واحد او صدقة بدرهم واحد او ثوب واحد ونحوه لاكثر من واحد لوصل اليه. فما بال الاضحية لا تصل الا اذا كانت من الغنم. فمن نظر الى كلامهم في هذا الموضع جزم بلا افتراء ان الطريق واحد. واحد في الاضاحي كلها سواء شاة او سبع بدنة او سبع بقرة ذكر المصنف رحمه الله تعالى ها هنا الموضع الثاني من المواضع الواقعة في هذه المسألة عند قنابلة وهو ما ذكروه في اخر الجنائز. وفيه قولهم واي قربة فعلها المسلم واهداها او بعضها كنصفها او رضي او ربعها يعني اهدى قدرا من هذه القربة لمسلم حي او ميت نفعه ذلك. ومثلوا بالصلاة والصيام والصدقة والحج اضحية وصرح صاحب الاقناع بالاضحية. فاذا اراد انسان مثلا ان يكون له سبع من بدنة يشركه فيه غيره ولما استتم هذا السبع له صار من حقه ان يهدي بعضه كنصفه او ثلثه او ربعه فلو ان سبعة اشتركوا في بدنة فصار حظ كل واحد منهم هو السبع منها فاراد احد المشبعين الذي ثبت سبعه ان يهدي ثلثا او نصفا او اكثر من ذلك لغيره فان مذهب الحنابله ينص على جواز ذلك واذا اشرك اكثر من واحد في هذا القدر صح ذلك فلو انه اراد ان يجعل هذا السبع اربعة ارباع احدها عن نفسه وثلاثة عن غيره فان نص المذهب انه يجوز ان يهدي النصف او الثلث او الربع فهو اهدى ربعا من سبعه الى ابيه وربعا من سبعه الى امه وربعا من سبعه الى اخيه وجعل ربع سبع الثواب له فهذا نص في ان السبع يمكن ان يقع في الاهداء عن اكثر من واحد. نعم الموضع الثالث في قوله في الكتب المختصرة والمطولة بالدماء الواجبة والدم الواجب شاة او الجذع ضأن او ثني معز او سبع بدن او سبع بقرة فهذا ايضا نص صريح ان من وجب عليه دم سواء كان لواحد كنفسه وابيه مثلا كنفسه او ابيه عشان يصير واحد لنفسه او ابيه. احسن الله اليك كنفسه او ابيه مثلا او لعدد كوصية واجبة فيها اضحية واحدة لعدة اشخاص انه يجزئ فيها احد الامور الثلاثة وهذا واضح ولله لله الحمد ذكر المصنف رحمه الله تعالى هذا الموضع الثالث عندهم في الحج وهو في ذكر الدماء الواجبة فهم يذكرون ان الدم الواجب على العبد اما شاة جذع ظأن هذي او زائدة. شاة جذع ظاء ميم او معز او سبع بدنة او سبع بقرة. وصرحوا بان السبع ينزل منزلة الشاة في الواجب فمن وجب علي دم لنفسي او لابيه فاخرجه سبعا من بدنه صح ذلك عندهم وكذلك اذا كان لعدد كوصية واجبة فيها اضحية واحدة لعدة اشخاص فذلك يجوز عندهم فان الوصية الواجبة تجعل الاضحية واجبة في حق صاحبها الذي اوصي بها. فلو ان احدا اوصى بان يضحى عنه شاة ويدخل في الاهداء والداه واخ له صح عندهم. واذا كان هذا الايصال نزل في سبع بدنة عوضا عن الشاة بقي على ثبوت الوصية في ان السبع يكون عن من اوصي لهم من ابيه وامه واخيه. نعم الموضع الرابع كلامهم في الوقف والوصايا فانهم صرحوا بوجوب اتباع لفظ الموصي. فاذا قال الموصي في وصيته يخرج منها اضحية لوالدي ووالديهم مثلا نظرنا عند تنفيذ هذه الوصية ما يسمى اضحية شرعية فنجده واحدا من ثلاثة اشياء شاة او سبع بدنة او سبع بقرة فاذا هذه الوصية بحسب اطلاق الشارع وبحسب العرف الجاري وهو ان كلا منها اضحية كنا منفذين لهذه الوصية وخرجنا من التبعة واما ان نقول ان ادناها بشاة خرجنا من السبعة وان نفذناها بسبع بدنة او بقرة لم نخرج من التبعة فهو تحكم بلا دليل. والمقصود انه لا يوجد حديث صحيح ولا ضعيف ولا قول صاحب من الصحابة ولا قول احد من الاصحاب ولا دليل يجب المصير اليه يمنع من وصول سبع البدنة او البقرة لاكثر من واحد ويصل اذا كان من الشاه بل الادلة المذكورة على خلاف ذلك كما ذكرناها وليس افتاء بعض المتأخرين استنادا على العبارة التي ذكرناها عنها يوجب اهدار شيء مما تقدم لكن حسب المفتي بذلك ان يكون معذورا حيث ظن ان هذا هو الشرع والله لا يضيع اجر اجر من احسن عملا واجتهد في اصابة الصواب. واما ان قوله يجعل رادا لما ذكرنا من الادلة فحاشا وكلا. وليس عذره عذرا لمن وقف على ادلة المسألة وظهرت له ومآخذها فالواجب على العبد ان يتبع الدليل حيث كان ومع من كان كما عليه ان يحترم اهل العلم والدين بحسب مقاماتهم في الدين. فنسأل الله تعالى ان وفقنا وجميع اخواننا المسلمين انه رؤوف رحيم. صلى الله على محمد وسلم. قال ذلك وكتبه الفقير الى الله تعالى عبدالرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي سنة تسع وخمسين وثلاث مئة والف ختم المصنف رحمه الله تعالى بذكر الموضع الرابع وهو كلامهم في الوقف والوصية بان من اوصى فقال يخرج لي اضحية لوالدي ووالديهم ولم يعين هذه الاضحية هل هي شاة او سبع من بقرة او بدنة فاراد القيم على الوقف او انفاذ الوصية ان يخرجها فهو في اخراجها بين شاة او سبع بدنة او سبع بقرة. لان هذا كله يقع عليه اسم الاضحية. فاذا اخرجها شاة صح واذا اخرجها سبع بدنة صح واذا اخرجها سبع بقرة صح لان الشرع جاء بهذا فاذا صححنا وقوعها اضحية لزم ان نصحح اندراج اكثر من واحد في ما اوصى به. فاذا ضحى عن بسبع بدنة او سبع بقرة فان من اوصى لهم يندرجون معه ولو كانوا اكثر من واحد. ولا ريب ان هذه النصوص المنقولة في المذهب تدل على ان المذهب لا يقصر سبع البدنة او البقرة على الاجزاء فقط بحيث مناب الشاة الواحدة بل هو عندهم مطلق فيكون قائما مقام الشاه في الاجزاء والاهداء وهذا الذي نصره المصنف هو الاقرب الى الصحة اذ لا يوجد حديث صحيح ولا ضعيف ولا قول احد من الصحابة يوجب المصير الى المنع من وصول سبع البدنة او البقرة لاكثر من واحد. وان ذلك يختص فقط بالشاة وان الشاة تقع في الاهداء عن اكثر من واحد واما سبع البدنة فلا يقع الا عن واحد. والصحيح التسوية بينهما فكما تجزئ الشاه مقابل سبع بدنة وبقرة فكذلك يكون حكمهما واحد الشاة تجزي وتهدى عن اكثر من واحد وكذلك سبع البدنة يجزي عن واحد وفي الاهداء فانه يدخل فيه اكثر من واحد ولا دليل على انه في الاهداء يختص بواحد فقط بل اذا اهدى سبعا من بقرة او بدنة ثم ادخل فيه عشرة على عبارات المذهب واطلاقات الشرع فان صحيح ولا يوجد ما يمنع منه. ثم اشار رحمه الله تعالى الى الادب الذي ينبغي في مثل هذه المسائل بالارشاد الى ان افتاء احد لا يمنع ان يخالف قوله اذا ظهرت الادلة. وذلك المفتي بحسب ما ظهر له وله عذره ولكن غيره يجب عليه ان يتبع الدليل وان يفحص كلام الفقهاء لينظر في القول المختار. كما ان عليه ان يلازم تعظيم العلماء وتوقيرهم وعدم الوقيعة فيهم. فاذا اختار مسألة وقابله ممكن اخر في الاختيار كان لازما على المخالف ان يتأدب بادب الشرع في مسائل الدين فان المتكلمين من العلماء انما يريدون اصابة الحق واذا غلط احدهم بشيء منه لم يوجب ذلك اهراق كرامته والاعتداء في العبارة عليه تصريحا او كناية الا ان هذا الادب قد يثقل على النفوس. لما طبعت عليه النفس من طلب الانتصار. فتجد ان كثيرا من المتكلمين في كل عصر في مسائل الدين يوسعون العبارة في الرد على المخالف وربما ذكروا ما لا تعلق بالمسألة وطريقة اهل السنة في هذا الباب الاقتصار على المراد دون تطويل القول لما لا تعلق له بالمسألة حتى في ردهم على اهل البدع كما ذكر البادي رحمه الله تعالى في التعديل تجريح ان الرد على اهل البدع المقصود به كف مقالاتهم والتحذير منها. فلا يجوز ذكر وعيب لا تعلق له ببدعته. ومراده رحمه الله تعالى عدم الخروج عن مقصود الشرع في ابطال البدعة فلا يتعرض لطوله او عرضه او غير ذلك مما لا صلة له بمقالته بل يكون الرد متعلقا بالمقالة فقط ومن لزم الادب مع العباد فاز في يوم المعاد. ومن لم يتأدب فانه يشقى كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب المدارس الادب عنوان سعادة المرء وفلاحه. وقلة الادب عنوان بوادي المرء وخساره والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين