الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس الثلاثون من برنامج في الدرس الواحد السابع والكتاب المقروء فيه هو رسالة في الحث على اجتماع كلمة المسلمين. ولم التفرق والاختلاف اخي العلامة ابن سعدي رحمه الله وقبل الشروع في اقرائه لابد من مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف طموحني وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه هو الشيخ العلامة القدوة عبدالرحمن بن ناصر ابن عبد الله السعدي لكسب السين المهملة كما هو المسموع من تلامذته واهل بيته. يكنى لابي عبدالله المقصد الثاني تاريخ مولده ولد في الثاني عشر من شهر محرم الحرام سنة سبع عدد ثلاثمئة والالف. المقصد التالي التاريخ وفاة توفي رحمه الله قبل طلوع يوم الخميس قبل طلوع فجر يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الاخرة سنة ست وسبعين بعد الثلاثمائة الف وله من العمر تسع وستون سنة رحمه الله رحمة واسعة. المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاث مقاصد ايضا المقصد الاول تحقيق عنوانه لم تحمل النسخة الخطية للكتاب اسما له من وضع مصنفه وكأن هذا الاسم الذي طبع به وهو رسالة في عن اجتماع كلمة المسلمين ودم التفرق والاختلاف هي من وضع المعتني بالكتاب. المقصد الثاني بيان موضوعه موضوع هذه الرسالة هو في الحث على اجتماع كلمة المسلمين وذم التفرق والاختبار بينهم المقصود الثالث توضيح منهجه رتب المصنف رحمه الله تعالى في كتابه في في فصول ربما ترجم للفصل وربما تركه غفلا من الترجمة فقال فصل ويبين تحت كل فصل مقصوده من جمل القول التي تتصل بالاصل الذي صنف لاجله الكتاب وهو الحث على الاجتماع والتحذير من الافتراق. نعم احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه استعين وعليه اتوكل الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله وصحبه اجمعين. اما بعد فان الله تعالى خلق خلقه من العدم واوجدهم بعد ان لم يكونوا شيئا مذكورا ليعبدوه وحده لا شريك له ويطيعوه ويتقوه ومدار ذكره ومرجعه على اداء حقوقه وحقوق عباده اللازمة والمستحبة التي شرعها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وهي شعب كثيرة واقسام فمنها ما هو اصول ومنها ما هو احكام ومنها فما هو قواعد كلية تندرج تحت كثير من الاحكام الجزئية ومنها مقاصد ومطالب ومنها ما هو موصل اليه وكلها ترجع الى تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها ومن اعظم الاوامر الالهية والشرائع السماوية والوصايا النبوية. الاعتصام بحبل الله جميعا واتفاق كلمة واجتماعهم وائتلافهم والحث على هذا بكل طريق موصل اليه من الاعمال والاقوال والتعاون على ذلك قولا وفعلا والنهي عن التفرق والاختلاف وتشتيت شمل المسلمين. والزجر عن جميع الطرق الموصلة اليه بحسب القدرة والانكان وقد دل على هذا الاصل العظيم الكتاب والسنة واجماع الانبياء والمرسلين واتباعهم الى يوم الدين. قال تعالى امرا عباده بالتمسك بحبله الذي هو دينه والاجتماع عليه الرق والاختلاف ممتنا على عباده بتوفيقه لهم لذلك يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا. الاية وقال تعالى ناهيا عن التنازع والاختلاف مخبرا انه سبب للفشل وعدم النصر على الاعداء سلوا وتذهب ريحكم وقال مذكرا عباده بنعمته التي لا يقدر عليها الا العزيز الحكيم قلوبهم لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم اية وقلوبهم شتى. وقال جل جلاله ممتنا على رسوله بدينه للمخالطين الداعي لتأليفهم واجتماعهم وعدم تفرقهم الاية ووصف الله المؤمنين بانهم رحماء بينهم وقف رسوله بانه رؤوف رحيم قال لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. وقال تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ومن اعظم البر السعي في جمع كلمة المسلمين واتفاقهم لكل طريق. كما ان السعي في تفريق كلمتي للمسلمين من اعظم التعاون على الاثم والعدوان وقد قص الله علينا في كتابه سيرة الرسل الذين بعثهم لتبليغ رسالاته وذكر نصحهم لاممهم وحرصهم الاجتماعي على الاسلام ونهيهم عن التفرق والاختلاف مما هو كثير في القرآن. وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم قد ابدى في هذا الاصل واعاده وامر باجتماع العبادة ونهى عن التفرق المفضي الى الفساد فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا وكونوا عباد الله اخوانا. المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه. وفي صحيح مسلم عن ثمين للداري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الدين النصيحة قلنا لمن رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. ومن اعظم النصيحة للمسلمين السعي في تأليف قلوبهم واجتماعهم ونهيهم عن التفرق. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه بالانصار منبها لهم بمنة الله عليهم بهدايتهم واجتماعهم وغناهم بسببه. يا معشر الانصار الم من اجلكم ضلالا فهداكم الله به متفرقين فجمعكم الله به علة فاغناكم الله به كلما قال شيئا قال الله ورسوله امن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم محذرا لاصحابه عن تبليغه في الكلام المغير للقلوب. لا يبلغني احد عن احد شيئا. فاني احب ان اخرج اليكم وانا سليم الصدر وقال لما شاوره بعض اصحابه في قتل المنافقين لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه اي لما فيه من التنفير عن الاسلام لمن لم يسلم. فتركهم وهم مستحقون للقتل تأليفا. وكان صلى الله عليه وسلم يوصي من يبعثه للدعاية لدين الاسلام يوصي من يبعثه للدعاية لدين الاسلام وتعليم الشرائع كيف يقول بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا وتطاوعوا ولا تختلفوا وقال ولا تختلفوا كيف قلوبكم فاخبر ان الاختلاف الظاهر سبب لاختلاف الباطن. وقال صلى الله عليه وسلم انما الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم. وكل هذه الاحاديث في الصحيح وتواتر صلى الله عليه وسلم النهي عن الخروج على ولاة الامور. والسمع والطاعة لهم وان ظلموا وعصوا. وما ذاك الا لا لما في الخروج عليهم من الشر العظيم وقد امر الله ورسوله باجتماع المسلمين في كثير من العبادات كالحج والاعياد والجمعة والجماعة لما اقتناعهم من التواجد والتواصل وعدم التقاطع. ونهى الله ورسوله عن الغيبة والنميمة والسعاية والتقاطع والخيانة والحسد والحقد ونحوها لما فيهم لما فيها من الفساد وتشتت العبادة وامر بالاصلاح بين الناس بكل بطريق حتى انه اباح الكذب المتوصل به للاصلاح بما فيه من الصلاح وبالجملة فمن تأمل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملاته للخلق مسلمهم وكافرهم قريبهم التامة والخلق العظيم بالعفو عن اهل الجرائم وتأليف الخلق لدخول في دين الاسلام واعطاء المؤلفة قلوبهم ليسلموا ويقوى ايمانهم وتركه كل ما فيه تنفير انه صلى الله عليه وسلم يترك الافضل الاكمل ويفعل ما دونه مراعاة لقلوب الخلق وقد كان في بنيان الكعبة على قواعد ابراهيم فقال لعائشة لولا ان قومك حديث عهد بجاهلية لنقضت الكعبة وجعلتها على قواعد ابراهيم فمن تأمل هذا عرف انه صلى الله عليه وسلم بعث بالحنيفية السمحة فاذا علمت ذلك عرفت ان من اهم الدين واجل شرائع المرسلين النصيحة لكافة الامة والسعي في جمع كلمة المسلمين وحصول التآلف بينهم وازالة ما بينهم من التبارز والتشاحن والمحن. وان هذا الاصل من اعظم معروف يؤمر به ومن اعظم منكر ينهى عنه وان هذا من فروض الاعيان اللازمة لكل الامة علمائها وولاتها وعوامها بل هي قاعدة لا يتم الايمان الا بها فجربوا مراعاتها علما وعملا وانما كان الامر كذلك بما ورد لما في ذلك من المصالح الدينية والدنيوية التي لا يمكن حصرها وفي اضاعته من المضار والدنيوية ما لا يمكن عدها فلذلك عقدت لهذا فصلين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة تقرير اصل عظيم من اصول الديانة وهو تحصيل الاجتماع ذموا الافتراء وابتدأ بيانه بذكر ان الله سبحانه وتعالى لما خلق الخلق لعبادته وخاطبهم بشرعه جعل ما امرهم به على درجات متفاوتات. فمن تلك الشرائع ما هو اصول ضرورية ومنها ما هو احكام ومنها ما هو قواعد كلية تجمع تلك الاحكام ومنها ما هو وسائل توصلوا الى المقاصد وهي تجتمع جميعا لان مطلب الشريعة هو تحصيل المصالح وتكبيرها وتعطيل المفاسد وتقليلها. ثم انتقل بعد تقرير هذه الجملة الى بيان ان من اعظم من اوامر الالهية والشرائع السماوية والوصايا النبوية الاعتصام بحبل الله جميعا واتفاق كلمة المسلمين قلوبهم فقد ابدى الشرع في هذا واعاد بطرائق عدة وفي نصوص كثيرة من القرآن والسنة منها ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى في قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ففي هذه الجملة من الاية شيئين شيئان اثنان احدهما الامر بالتمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى على المعنى الخاص بحبل الله وعلى المعنى الثاني التمسك بدين الله بما تقدم ان حبل الله يطلق ويراد به دين الله ويطلق تارة ويراد به كتاب الله سمى الشيء الثاني النهي عن التفرق في قوله تعالى ولا تفرقوا وقد اكد الله سبحانه وتعالى الاجتماع بذكر كلمته جميعا فان السياق يتسرق بدون نعم فلو قيل واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا لكان المعنى صحيحا لكن اكد هذا المعنى لتحقيق الاجتماع بادخال كلمة جميعا تأكيدا لطلبه. ثم ذكر نهيه سبحانه وتعالى عن التنازع وانه ينشئ الفشل في قوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم يعني قوتكم ثم ذكر امتنانه سبحانه وتعالى على المؤمنين بتأليف قلوبهم كما قال تعالى والف بين قلوبهم وقال لعبده محمد صلى الله عليه وسلم فيها لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم. وهذه الاية مع سابقته كما ذكرت لكم دليل على ان الشرع جاء بتأليف القلوب لا بتوحيدها. لان توحيد القلوب بجمعها على شيء واحد مما يقطع امتناعه اختلاف مدارك الناس وهمومهم ولا ادل على ذلك من تعدد المذاهب الفقهية الاربعة ومع وجود المذاهب الفقهية الاربعة لا يمكن ان توحد المسلمين على قول ولكن الذي جاء فيه الشرع هو تأليف القلوب ولذلك لا تجد في القرآن ولا في السنة امرا بتوحيد المسلمين وانما فيه امر بائتلاف قلوبهم ومقتضى الائتلاف ان يعذر بعضهم بعض وعند امتناع الاتفاق على قول وهذا حال الفقهاء رحمهم الله تعالى فانهم كانوا مع اختلاف اقوالهم تأتلف وقلوبهم ولا يقع في قلب احدهم بغض لاخيه لمخالفته له في القول الذي ينتحله في مسألة ما ثم ذكر سبحانه ثم ذكر رحمه الله تعالى ما بينه الله عز وجل من حال المنافقين من انهم متفرقون كما قال تعالى تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ثم ذكر ما امتن به على النبي صلى الله عليه وسلم من لين قلبه الذي اورث اجتماع الناس عليه فقال فبما رحمة من الله لنت لهم؟ يعني برحمة من الله عز وجل لنت لهم وزيدت ما تأكيد المعنى فهي صلة لتأكيد المعنى. ثم قيل له ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. وان كما ذكر الله سبحانه وتعالى غلظة القلب لان منشأ نفع الناس مداره صلاح القلب. فاذا صلح قلب الانسان ممن يدعو ويعلم انتفع الناس بدعوته واذا فسد قلبه قل انتفاع الناس به. ولذلك لما قال بكر فلما قال رجل لدر ابن عبد الله ما لك اذا وعظت الناس؟ انتفعوا واذا هم غير كاذب ينتفع وقال ليست النائحة التكلفة كالنائحة المستأجرة اي ليس من يحمل في قلبه الصلاح والاصلاح ان يتكلموا في هذه المسائل دون ان يكون ذلك المعنى موجودا في قلبه ثم ذكر من اوصاف المؤمنين انهم رحماء بينهم فكل واحد منهم يرحم اخاه ثم ذكر وصف النبي صلى الله عليه وسلم في اخر سورة التوبة بالمؤمنين رؤوف ورحيم ثم امر بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم بذكر اية الاسوة وهي قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. وهذه الاية اهمل كثير من الاصوليين بيان ما انتظم في كلام الصحابة من الاعتداد بها في ذكر الاقتداء. فهذه الاية حقيقة بان تسمى باية الاسوة واحاديث كثيرة بالتتبع يتكلم فيها الصحابي لامر ثم يقول قال الله عز وجل لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فلو جمعت هذه الاثار والاحاديث في ظلال تفسير هذه الاية كان ذلك حسنا. ثم ذكر جاء في الكتاب من الامر بالتعاون على البر والتقوى والحذر من التعاون على الاثم والعدوان ثم قرر ان من اعظم البر هو السعي في جمع كلمة المسلمين واتفاقهم بكل طريق كما ان السعي في تفريق كلمة المسلمين من اعظم التعاون على الاثم والعدوان ثم فاتبع ذلك حال سيرة الرسل الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى وما اتفق من نصحهم لاممهم بالاجتماع وتحذيرهم من الاختلاف والتفرق. وللمصنف رحمه الله تعالى قدح معلى وحظ واف من بيان احوال الرسل مع اممهم في تفسيره الصغير وقد طبع مفردا باسم قد ولد من هذا التفسير باسم قصص الانبياء. واحققهم بان يقرأه طالب العلم لانه من احسن من تكلم على الفوائد المستنبطة من وفي الانبياء ثم ذكر احاديث مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في الامر بالاجتماع والنهي عن التفرق المفضي الى الفساد كنهيه صلى الله عليه وسلم عن التحاسد والتناشد والتناجس والتباغض الى اخره وامره صلى الله عليه وسلم بالنصيحة ائمة المسلمين وعامتهم ومن اعظم النصيحة السعي في تأليف قلوبهم الى اخر الاحاديث التي اوردها رحمه الله تعالى. واورد من جملتها الاصل الكلي الذي تواتر عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن الخروج عن على ولاة الامر والسمع والطاعة لهم وان ظلموا وعصوا وما ذاك الا لما في الخروج عليهم من الشر العظيم. فان الامر كما قال ابن القيم رحمه الله على قل من خرج على امامه ليزيل شرا الا تولد من خروجه شر اعظم شر اعظم من الشر الذي اراد ابطاله ثم ذكر مقاصد الشريعة في الاجتماع كحثها على الاستماع في كثير من العبادات كالحج والاعياد والجمعة والجماعة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم كلها داعية الى هذا وقد تقدم نظير هذا القول في رسالة مفهوم البيعة للعلامة صالح ابن فوزان حفظه الله. نعم. احسن الله اليك فصل في بعض مفاسد الاختلاف والتنازع والتباغظ والتهاجر ومضادها. لا يستريب عاقل ان الله تبارك وتعالى لم ينهنا عن امر من الامور الا وفيه من المفاسد العامة. والخاصة ما اوجبته حكمته ورحمته. فاول مضار والتباغض والاختلاف اضاعة هذا الاصل العظيم. ومعصيته الله ورسوله الموجب للعقاب وحرمان الثواب وانقصان الايمان وحصول الحسرة والخسران واهمال ما دلت عليه الايات القرآنية والاحاديث النبوية لا يترسب عليها من الاقتتال والاختصام والموالاة والمعاداة التي تجعل المسلمين فرقا. كل فريق يريد كقوله بحق او باطل فيحصل بذلك من ارتكاب الخطأ والضلال والهوى من المفاسد العامة والخاصة الا يعلمه الا الله ويترتب على ذلك ترك الحق الذي مع المنازع نصرة للهوى وبغضا للشخص الذي جاء قال ايه؟ فيوجب له بغض ما معه من الحق. ويحصل ويحصل بسبب ذلك من الغيبة والنميمة والسعاية ما هو اكبر ما هو من اكبر المعاصي اذا كان قليل البصيرة فلا يهتدي لسبيله ولا يدري اي الطائفتين يتبعه في قيله للمتبع هواه مجال مجالا يجول فيه باعراض العلماء والصالحين وولاة امور المسلمين وبقوله لطائفة ويتلبس بلباسها على قلب منافق مكار مخادع فيتوصل بذلك الى مقاصده قبيثتي ويبدر في قلوب من انتسب اليهم ما يقدر عليه من البدور التي تنتج الخزي والفضيحة وليس الاسف على هلاك من هذا شأنه وهذا غاية قصده. فانه بسبيل من هلك. وانما الاسف كل الاسف ان يلقي اليه سمعه ويمكنه من قلبه ولبه. ويصغي اليه ضانا نصحه وهو في الحقيقة اكبر عدو هذا بعض ما انتجه الاختلاف ومنها انه يستدرج بالمفتقد المفترقين الى المباعدة والمهاجرة حتى لا يتعلم بعضهم من بعض ولا ينصح بعضهم بعضا. فيضيع من المصالح التي هم بصددها لو كانوا ما هو من اهم الواجبات واكبر القربات واجل الطاعات الى غير ذلك من طمع اعدائهم بهم كلمتهم وتشتت امرهم ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل بعض مفاسد الاختلاف والتنازع والتباغض والتهاجر ومضادها فانه لما غرر ان الشريعة جاءت بالاجتماع ونهت عن التورط فلا بد ان يكون ما نهت عنه الشريعة مفاسد عظيمة فذكر من الاختلاف والتنازع ومضار التشاحن والتباغض اضاعة هذا الاصل العظيم وهو اصل الجماعة فيؤول امر الى افتراق المسلمين واختلافهم واذا افترق الخلق فقد برئت الشريعة من حالهم كما قال الله عز وجل ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء. ووجه ذلك ان الشريعة فجاءت بالجماعة فاذا خرج العبد من الجماعة فقد خرج عما امرت به الشريعة فيكون في ذلك اضاعة لهذا الاصل العظيم ومنها ما يترتب على الافتراء من خصومة واقتتال وموالاة ومعاداة تجعل المسلمين فرقا كل حزب بما لديهم فرحون. ويترتب على ذلك ان يسعى كل حزب وطائفة في نصرة القول الذي انتحل دون تمييز الحق من الباطل لان حب الشيء يعمي ويصم وربما غلب على قلبه حب طائفته وحزبه فيسعى في نصرتها دون حق او باطل ويطلب من المخارج الشرعية ما يسوغ به اطلاق النصرة دون تمييز بين الحق والباطل. مما يورث التحير عند اصحاب القصور السليمة و القلوب الصحيحة فلا يهتدون سبيل التمييز بين الحق والباطل الذي تكلم فيه هؤلاء المتنازعون كان هذا سبيلا الى دخول اصحاب الاغراض الفاسدة بالانتساب الى طائفة من الطوائف وانتحال قولها وبث في بذور الفتنة والشقاق وزيادة وقيد نار التباغض والتناحر بين اولئك فيدخل فيهم من ليس منهم وانما اراد ان يزيد افتراقهم ويخالف بين قلوبهم. ومنها ان وقوع هذه الخصومة تؤول باهلها الى المباعدة والمهاجرة. فهم يفترقون ثم يتهاجرون ويتباعدون فلا يتعلم بعضهم من بعض ولا ينصح بعضهم بعضا. فتضيع بهذا مصالح عظيمة كانت في اجتماع من لديه هو من اعظم واجباته وافضل القربات واجل الطاعات كما قال المصنف فيحتجب الخير في الامة تفرقه فيكون عند هؤلاء خير وعند هؤلاء خير وعند هؤلاء خير لكن كل طائفة تمتنع من الخير الذي عند اه تلك وكل طائفة ترى ان ما عندها هو اولى مما عند الاخرى. وهذا حال الفرق والاحزان في كل فان كل طائفة تتخذ بعضا من الدين تدعو اليه. فيضيع الدين الحق بين هؤلاء. فالدين مفرق بينهم لا يكون الدين الحق تاما الا عند اهل السنة والجماعة الذين يلزمون الجماعة التي امرت بها الشريعة واما ان ينتحل الانسان طريقة ثقة او جماعة تدعو الى بعض الدين كالعناية بالحياة السياسية او ينتحل طريق طائفة وجماعة تعتني بالاحوال القلبية او يعتني طريق جماعة تشتغل بدعوة في ناس دون ناس فهذا من تفريق الدين بين هؤلاء والواجب على الانسان ان يأخذ بالدين كله الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ومات عليه. فان الاسلام دين كامل في ابواب الشريعة كلها وميادين الحياة جميعها. كما قرر ذلك العلامة محمد الامين الشنقيطي في رسالته النافعة الاسلام دين كامل وتقدم اقراء تلك الرسالة بحمد الله في برنامج الدرس الواحد الاول. نعم. احسن الله اليكم فصل في فوائد اتفاق المسلمين وتحابهم والسعي في ذلك. وهذا هو المطلوب المقصود الذي جرى الكلام لاجله والمقصد وهو المقصد الذي يجيه يرغب المصلحون واليه شمر المشمرون وبه تنافس المتنافسون ولمثله اعمل العاملون بما اشتمل عليه من المصالح العظيمة والمهمات الجسيمة. وبالجملة فجميع المفاسد التي والتي لم تذكر في مفاسد التهاجر والتباغض والتدابر لهذا الامر تزول وتصل بصاحبها الى كل خير تحصل الخيرات وتنزل البركات وتستجاب الدعوات وتبدل السيئات بالحسنات كلمة المسلمين يجتمع شمل الدين ويحصل لهم بذلك في الارض العز والتمكين. وبه يزيد الاسلام والايمان ان الايمان عند اهل السنة والجماعة قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والسعي في هذا من اكبر الطاعات فيزيد به الايمان درجات بالخير قال تعالى لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح وقال النبي صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بافضل من بافضل من درجة الصيام والقيام والصدقة بلى يا رسول الله قال اصلاح ذات البين فان فساد ذات البين هي الحالقة وفي رواية لا اقول الشعر ولكن حالقة ولكن حالقة ولكن حالقة الدين. فاي درجة اعظم من هذه الدرجة التي زاد بها على امهات الفضائل الصلاة والصيام والصدقة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا افلا اخبركم بشيء اذا فعلتموه تحاببتم السلام بينكم ترتب صلى الله عليه وسلم دخول الجنة على وجوده ايمان هو سبب الائتلاف ونبه على الدواء لهذا بافشاء السلام. لان من الكلام الذي من اجله افشاء السلام من اكبر الدواعي لذلك لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى المفاسد الناشئة من الفراق اتبع ذاك الفصل بفصله في فوائد اتفاق المسلمين ذكر ان الفوائد الناشئة عن اتفاق المسلمين تغمر كل سيئة نشأت ومفسدة تولدت من الافتراء اتفاق كلمة المسلمين يوصل الناس الى تحصيل الخيرات ونزول البركات شملهم وتمكين دينهم وزيادة ايمانهم. ولا ادل على هذا الفصل وسابقه من قوله صلى الله عليه وسلم الجماعة رحمة والفرقة عذاب. فهذا الحديث قد جمع كل للجماعة وكل رذيلة للفرقة. فكل رحمة توجد انما توجد بسبب الجماعة وكل رذيلة توجد فانما وجدت بسبب الفرقة ولو لم يكن في الدين مما يحث على هذا الاصل الا هذا حديث لكان كافيا في بيان عظم قدر الاجتماع وشدة ضرر الاختلاف والافتراظ. نعم فصل اذا علم هذا فالواجب على المسلمين عموما وعلى اهل العلم خصوصا ان يسعوا في هذا الامر ويتحملوا من اجله مشاق ويبذل جهدهم وطاقتهم في حصول التواجد وعدم التقاطع والتهاجر ويرغبوا غيرهم فيه كان لامر الله وسعيا في محبوبه وطلبا للزلفى لديه. فيوطنوا انفسهم على ما ينالهم من الناس من الاذى القولية والفعلية مع انها ستنقلب ان شاء الله راحة ومواصلة دينية. ويقابلون المسيء بالعفو عنه والصفح وسلامة النفس ولا يعاملوه بما عاملهم به. بل اذا عاملهم بالبغض عاملوه بالمحبة وان عاملهم بالاذى عاملوه بالاحسان. وان عاملهم بالهجر وترك السلام عاملوه ببدر السلام والبشاشة ولين الكلام والدعاء له بظهر الغيب ولا يطيعوا انفسهم الامارة بالسوء بمعاملته من جنس ما عاملهم به فليست هذه حالة الانبياء واتباعهم بل حالهم العفو والصفح عن اهل الجرائم كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن حال النبي الذي ضربه قومه حين دعاهم الى الله حتى ادموه فجعل يمسح الدم عن وجهه قل اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون هذا والله الفخر الكامل الذي يبني لصاحبه في الدنيا الثناء الجميل وفي الاخرة الثواب الجزيل قال تعالى ولا يجرمنكم شنآن قوم ان صدوكم عن المسجد الحرام ان تعتدوا ويحث على مقابلة المسيء العفو في قوله تعالى ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. وقوله تعالى وان تعفوا اقرب وقوله تعالى فمن عفا واصلح فاجره على الله وقوله تعالى فمن عزم الامور فاذا وفق المسلمون لهذه الحالة جمع الله شملهم والف بين قلوبهم وهداهم سبل فالسلام واخرجهم من ظلمات الجهل والظلم والضلال الى نور العلم والعدل والايمان. ويجب عليهم اذا وصاحبها وان يريد ان يشق عصا المسلمين ويفرق بينهم لنيل غرض من اغراضه الفاسدة ان يقمعوه وينصحوا ولا يلتفتوا لقوله وعدم تتبعها خصوصا ما يصدر من رؤساء الدين والعلماء وطلبة العلم الذين لهم الحق الاكبر جميع المسلمين بما قاموا به من علم الشرع وتعليمه الذين لولاهم ما عرف الناس امر دينهم ومعاملاتهم فلولاهم لم يعرفوا كيف يصلون ويزكون يصومون ويحجون بل لا يعرفون يبيعون ولا يشترون بل لولاهم لكان الناس كالبهائم لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ولا عرفوا حلالا ولا حراما. فالواجب على المسلمين احترامهم وكف الشر عنهم وقمع ومن يريدهم باذى والتغاضي مما يصدر منهم وعدم نشره. لان نشره فساد عريض واعلم ان الخير والشر علامات يعرف بها العبد. فعلامة سعادة الانسان ان تراه قاصدا للخير لكافة المسلمين حريصا على هدايتهم ونصيحتهم بما يقدر عليه من انواع النصح مؤثرا لستر عوراتهم وعدم اشاعتها اذا بذلك وجه الله والدار الاخرة وعلامة شقاوة العبد ان تراه يسعى بين الناس بالغيبة والنميمة عثراتهم ويتطلع على عوراتهم. فاذا سمع بشيء صدر منهم من المكروه اشاعه واذاعه بل ربما نشر معه شرحا من ابتداعه فهذا العبد بشر المنازل عند الله مقيت عنده متعرض لمساخط يوشك ان يفضحه في دنياه قبل اخراه. ان لم يتدارك نفسه بالتوبة النصوح وتبذير السيئات بالحسنات فهذي قم بمن لنفسه عنده قيمة ان يربأ بها عن هذه الخصلة الذميمة ويتأمل معنى قوله صلى الله عليه وسلم من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. وقوله صلى الله عليه وسلم يا معشر من امن بلسانه اله ولم يدخل يدخل الايمان قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من يتبع عورة اخيه يجمع الله عورته ومن يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته يفضحه ولو في يفضح ولو في جوف بيته هذا الوعيد الشديد في عموم المسلمين. واما العلماء والصالحون فالوقوع بهم اقبح وهو وليا فقد اذنته بالحرب. وقد قال بعض السلف ان لم يكونوا العلماء اولياء الله فلا ادري من هم اولياءه وصدق رحمه الله فان ولاية الله انما تنال بحسب قيام العبد باوامر الله تعالى ولاهل العلم من هذا اكبر نصيبه فانه لا يكاد ينال العبد طرفا من العلم يصير فيه رئيسا حتى يجتهد ويجد ويمضي عليه طويل وهو متجرد لطلب العلم تاركا لما عليه اهل الدنيا مستغرقا لاكثر اوقاته واشرف ساعاته بالاشتغال بالعلم الذي هو بنفسه ادل وهم احرى بولاية الله من غيرهم فكيف بالقدح فيهم من غلبت عليه الشقاوة وافنى زمانه بالقيل والقال ولم يضرب مع الصالحين بسهم من نفائس الأعمال فلا تراه باحثا عن امر دينه ولا مجالسا للعلماء لا على وجه على وجه الاستفادة منهم بل لو سئل عن ادنى مسألة من امر دينه لم ينطق برنس شفته ومع هذا فقد اطلق لسانه بقلب العلماء واهل الدين زاعما فيما قاله انهم انه مصيب نعم قد اصاب طريق اهل الشر والتحق بالحيوانات الخسيسة التي تترك الاطعمة الطيبة وتذهب الى الجيفة من الاطعمة الخسيسة لتركه المحاسن واقباله على ما ظنه مساوئ وانحراف عن طريق اهل الخير فليس بكفئ ان يذكر معهم وانما يذكر لان لا يغتر به مغترون. ويقع بشبكته الجاهلون. ولعله ان تبع ويتوب ويقلع الى ربه وينير التوبة حجاب ولا ذنب الا وراءه مغفرة الملك الوهاب لمن تاب واناب لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من المقدمات الثالثة شرع يبين المقصود بايضاح الطرائق التي تتحقق وبها وحدة بئر تتحقق بها كلمة اتفاق يتحقق بها اجتماع كلمة المسلمين يبرأون من التفرق والاختلاف. فذكر في هذا الفصل اربع طرائق اولها ان يسعى من العلماء واهل العلم الى تحقيق هذا الاصل وهو لزوم الجماعة ان يجتهدوا في الحث عليه ويتحملوا المشاق ويبذلوا جهدهم وطاقتهم في تحصيل التواجد والتحاب بين المسلمين والثاني ان يجتهدوا في مقابلة الاساءة التي يقابلون بها بالاحسان الى الخلق فاذا عاملهم احد من الخلق بما يسوء عمله بالاحسان وان عاملهم بالهجر وترك السلام ببذل السلام والبشاشة ولين الكلام اتفاقا ومتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر طريقا ثالثا وهو انه يجب عليهم اذا رأوا صاحب هوى يريد ان يشق عصا المسلمين ويفرق بينهم لنيل غرض من اغراضه الفاسدة ان يقمعوه وينصحوه ولا يلتفتوا الى قوله ثم ذكر طريقا رابعة وهو ان يحرصوا غاية الحرص على ستر عورات المسلمين. وعدم تتبعها خصوصا ما يصدر من رؤساء الدين والعلماء وطلبة العلم من العورات التي هي زلاتهم فيجب ان يحفظوا لهم وان يعرفوا لهم قدرهم وان يعرفوا لهم قدرهم وان يكفوا الشر عنهم ويقمعوا من ارادهم باذى ثم استطرد الشيخ رحمه الله تعالى في ذكر علامات للخير والشر يعرف بها العمد ويتميز بها المتكلم في هذه مسائل فان الكلمة الواحدة كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى يتكلم بها رجلان يريد بها احدهما الحق ويريد بهما الاخر ويريد بها الاخر محض الباطل ويدل على كل سيرته وما يدعو اليه فليست الزلة التي تبدر من عالم مشتغل بالعلم كالذلة التي تبدر من من دعي ينتحله فلكل حاله المناسبة له. ثم ذكر رحمه الله تعالى ما جاء من الوعيد الشديد للتعرظ لعورات المسلمين. وهذا عام فيهم. فكيف اذا كان ذلك متعلقا بالعلماء والصالحين؟ فالوقوع فيهم اقبح واقبح وهو علامة على معاداة الله ومحاربته كما في حديث من عاد لي وليا فقد اذنته بالحرب وان لم يكن العلماء هم الاولياء فمن هم الاولياء؟ لان لهم من الخير والهدى والرشاد ونفع العباد ما ليس لغيرهم من اهل الولايات وتكلم بكلام عظيم في تحصيل ولاية الله وانها انما تنال بحسب قيام العبد باوامر الرب عز وجل واهل العلم لهم من ذلك اكبر نصيب. فلا يعدل هؤلاء بمن كان دونهم ممن يقدح فيهم. ويشغل زمانه بالقيل والقال ولم يشاركهم في جدهم ووكدهم وعنايتهم فهو ملتحق باهل المقاصد السيئة والمآرب الخبيثة والنفوس الدنيئة وهو كحال الحيوانات الخفيفة التي تترك طيب الطعام وتختار الجية نعم احسن الله اليك فصل ومن اعظم ما يجب الاعتناء به على اهل العلم على اهل العلم الا يجعلوا الاختلاف بينهم في المسائل الدينية حين يخرج المخالف فيها الى البدع والشرك سببا وداعية. سببا وداعيا الى التفرق وتشتيت القلوب وموجبا للقول والطعن بسببها والموالاة والمعاداة عليها فان هذا ظلم وتعدي لا يحل باجماع المسلمين فما زال السلف الصالح من الصحابة والتابعين فمن بعدهم يختلفون في مسائل الدين ولا ينكر بعضهم على بعض ولا يوجب بعضهم على بعض ان يتبعه والا ظلله فان هذه مرتبة لا تفك فان هذه مرتبة لا تصلح الا الرسل فهم الذين يضلل مخالفهم. واما من عاداهم فلم تضمن لهم له العصمة. ومن رحمة الله بعباده في ان جعل اختلاف هذه الامة رحمة ليذيب المصيبة ويعفو عن المخطئ واتفاقهم حجة ونجاة وعصمة فالواجب على اهل العلم ان يبذلوا جهدهم بتحري الحق والصواب. وان لا يضللوا المخالف منهم مثلهم اخطأ او اصابه وهذا في جميع المسائل التي تعارضت فيها اقوال سلف الامة بحسب ما اداهم اليه اجتهادهم يرى ان الماء لا ينجس الا بالتغير بالنجاسة. لا يجوز له القدح في من يرى ان ما لم يبلغ قلتين ينجس بمجرد الملاقاة وبالعكس وكذلك من يرى ان الماء المستعمل في رفع الحدث يصير طاهرا غير مطهر لا ومن يراه طاهرا مطهرا وبالعكس ولا من يرى ان الصلاة في الثوب النجس نافيا تعاد على من لا يرى الاعادة ولا من يرى وجوب صوم ليلة الثلاثين من شعبان في الغيم على من يرى استحباب الفطر او اباحته ولا ولا من يبيح فعل النوافل ذوات الاسباب في اوقات النهي على من يمنعها وبالعكس وامثال هذه المسائل التي لم يزل الخلاف فيها بين السلف والى الان. فلا يحل لمن يرى احدا قولين فيها ان ينكر على غيره على وجه فان هذا ظلم لا يجوز. بل وظيفة اهل العلم في مثل هذه المسائل الخلافية. ان يبينوا ما يرون انه الصحيح بحسب قدرتهم بالدليل الشرعي الذي هو الكتاب والسنة والاجماع والاعتبار والقياس الذي هو الكتاب والسنة والاجماع والاعتبار بالقياس والحكم وضاح العقل بالدليل الشرعي ان جعل هذا الخلاف سلما للاختلاف لانه بعيد عن الانصاف. نعم ان ظهر من احد من اهل العلم مخالفة بينة لدليل شرعي صريح فانه يجب نصحه ويبين له الدليل الشرعي باقرب الطرق. ولا يجعلك تأنيبه او غيبته في المجالس بدلا من نصحه فليست هذه طريقة اهل الانصاف بل طريقتهم النصيحة سرا وعدم اشاعة الفاحشة وبالجملة فالواجب على من العلم وغيره من السعي في معرفة الحق والاجتهاد في تنفيذه والعمل به والتعاون على ذلك وان يحب احدهم لاخيه ما يحب لنفسه سواء وافقه او خالفه فكما انه اذا وقع منه خطأ وزلل يحب اطلاع احد عليه بل يحرص على فقر نفسه فكذلك ينبغي ان ينزل اخاه منه بهذه المنزلة ما يصدر منه على احسن محمل فان الجزاء من جنس العمل فمن كان عمله مع اخوانه هكذا ستر الله لاسباب يعلمها واسباب لا يعلمها. سترا لا يحصل لمن لم يكن بهذه المثابة. فكما تدين تدان اذا اوثاقا فنسأل الله ان يوفقنا واخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه وان يصلح احوال المسلمين اذا بين قلوبهم ويهديهم سبل السلام والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وسلم بين المصنف رحمه الله تعالى ها هنا اصل عظيما يجب الاعتناء به وهو انه على اهل العلم ان لا يجعلوا الاختلاف بينهم وفي المسائل الدينية داعيا الى التفرق وتشتيت القلوب وموجبا للقدح والطعن بسببها والموالاة والمعاداة ومحل هذا هو المسائل التي تقبل الاجتهاد. اما المسائل التي لا تقبل الجهاد فليس القول في القول فيما ذكر المصنف رحمه الله تعالى. ولاجل هذا قيد عبارته فقال الا يجعلوا اختلاف بينهم في المسائل الدينية التي لا يخرج المخالف فيها الى البدع او البدع او الشرك. فاذا كان مخالفا في اصل عظيم من اصول الدين مما يخرج به الى البدعة او الشرك فليس حال الوئام والمحبة معه كمن تختلف معه في مسألة تقبل الاجتهاد فان لهذا حالا يصلح له وهذا حالا يصلح به. فان من كان مخالفا في مسألة اجتهادية لم يخرج من الاخوة الدينية والمحبة العلمية لان ما جرى فيه امر يقبل الاجتهاد. واما من خرج الى المرجولة والاراء المبتدعة فقد جاءت الشريعة باستصلاحه بما يعزر به من هجر وتأديب من ولي الامر فمحل ما ذكره الشيخ انما هو في المسائل التي تقبل العذر. وهي المسائل التي تكون محلا للاجتهاد النظار والعذر فيها مرتبة عظيمة وعلى هذا كان هدي السلف رحمهم الله تعالى فانهم كانوا يختلفون في مسائل من مسائل الدين مما يجري فيه اجتهاد ثم لا يعلم كلام احد منهم في اخيه لاجل المخالفة مخالفة في المسألة الفقهية للقطع عنده بانه انما حمله على المخالفة دليل شرعي معتد به. ووظيفة اهل العلم رحمهم الله تعالى في مثل هذا هو بيان الحق بدليله وبه يعلم تحرير القاعدة التي يذكرها بعضهم وهي قولهم لا انكار في مسائل الخلاف فان اطلاق هذه الكلمة ليس بصحيح. وانما الصحيح الذي دلت عليه الادلة هو انه لا انكار في مسائل اجتهاد لان مسائل الخلاف نوعان اثنان احدهما مسائل الخلاف الاجتهادية. والثاني مسائل الخلاف التي ليست اجتهاد اذية فما كان من الجنس الاول وهو المسائل الاجتهادية فلا انكار فيها بمعنى النكير على على العمل واما المسائل التي لا تقبل الاجتهاد فانه ينكر على المخالف فيها انكارا شديدا بالعلم والعمل ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى انه اذا حرر ان المسائل الاجتهادية لا انكار فيها فذلك من جهة العمل فلا ينكر على ما اجتهد عمل ما انتهى اليه علمه لكن ليس معناها لا انكار عليه بالعلم وهو بيان ضعف قوله والرد عليه فانه لم يزل الناس يرد بعضهم على بعض فتحرض من هذا العلم بان قول بعض اهل العلم لا انكار في مسائل الخلاف صوابه لا انكار في مسائل وهم يريدون بالخلاف هنا المسائل التي تقبل الاجتهاد اما المسائل التي لا تقبل الاجتهاد فهذه يشتد النكير فيها ثم لا انكار في مسائل اجتهاد يريدون لا انكار في مساجد في هذه من جهة عمل العامل بها. اما من جهة الرد عليه للعلم فلم يزل العلماء على ذلك يردون على بعضهم في مسائل اجتهادية وتقدم معنا مثلا قراءة رسالتي الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في الرد على الشيخ محمد ناصر الدين الالباني في مسألة وضع اليدين وارسالهما بعد الرفع من الركوع فهذا من جنس المسائل الجهادية التي ينكر فيها بالعلم لا ينكر فيها بالعمل من عمل عملا وكان عمله على دليل معتد به عنده فذلك له وما عمل فلا يمنع من عمله به ثمان مراد اهل العلم رحمهم الله تعالى في هذا هو في حق من كان الحق مطلوبه والدليل هادي اما من شيب قصده او لم يكن الدليل هاديه وانما يبني مقالاته في الدين على مذهب انتحله فهذا يشتد النكير عليه. لان المأخذ الذي علق به الاحكام في المسائل التي يختارها ليس هو المأخذ الذي يبنى عليه اجتهاد. فان الاجتهاد يبنى على الادلة ولا يبنى على الهوى. فاذا عرف عن قائل توسعه في جنس المسائل التي تاقت اليها نفوس اهل الضلال والهوى في هذا الزمان فهو يقول مثلا بجواز سفر المرأة بدون محرم ويقول ايضا بجواز كشف المرأة وجهها ويقول ايضا بجواز ولاية المرأة الولايات كالقضاء وغيره ويقول بنظائر هذه المسائل في مسألة المرأة فمثل هذا يقضى او ان الذي حمله ليس موجب الاجتهاد الذي هو الدليل وانما هو طلب موافقة الناس. ولا ادل على ذلك من اجتماعها في واحد مع افتراق ابوابها واختلاف ادلتها فيبعد حينئذ ان يقال ان مثل هذا من المسائل الاجتهادية هي مسائل الاجتهادية في افرادها لا مسائل اجتهادية في مجموعها. ولهذا لما جمع رجل في زمن الامام احمد كتابا وفيه رخص الفقهاء فقال ان هذا جمع الشر كله. لان الفقهاء انما رخص هذا في مسألة ورخص ذاك في مسألة وخز الثالث في مسألة اخرى فاذا جمعت كلها وجعلت الدين صار ذلك من الشر ومن هذا الجنس من يبني اصلا كليا في الدين على ملاحظة احوال الناس وطلب موافقتهم وما يميل اليه الرعاة فيهم فهو يفتيهم بحسب ما يصلح لهم وتتوق اليه انفسهم فمثل هذا لا يقال انه لا انكار في مسائل اجتهاد بل هذا يشتد النفير عليه لان الاصل الذي بنى عليه الدين الذي يتدين لله عز وجل به ليس اصلا شرعيا وانما هو طلب موافقة الناس وهذا في كل زمان يظهر وقد ظهر في زمن ماضي ما هو اشد من هذا الزمن اليوم والف بعض كبار العلماء ممن زلت قدمه وزاغ قلبه الف كتبا في ابطال اصول من اصول الاسلام كابطال الامامة وتدبير الرئاسة في الدين وانها امر بحسب احوال الناس ولا يرجع الى الديانة ابدا. فاذا ارادوا طريق من الطرق او سلكوا منهجا من المناهج في تدبير ولايتهم السلطانية فلهم ذلك ورد عليه العلماء رحمهم الله الله تعالى في زمانه والمقصود ان من عرف حسن قصده واجتهاده في طلب الحق وبنى اقواله على الشرعية فهذا يعذر ويعامل بالرأفة والرحمة والمحبة والالفة من رأى منه شيئا حمل كلامه على احسن محمل وتلطف في ايصاله الى الحق ولينزل نفسه منزلة اخيه الى زل فانه يرجو من الناس ان يعاملوه بهذا القدر من المعاملة. وبهذا ينتهي التقرير على هذه رسالة فانها تنتهي الى هذا القدر وما بعدها فائدة مهمة من كلام ابن سعد الحقها الاخوان طلبا للوقوف عليها فانها عظيمة المنفعة وبهذا الدرس ولله الحمد والمنة نختم برنامج الدرس الواحد السابع وبه تكمل الكتب الثلاثون المقروءة فيه وبه تبلغ الكتب التي قرأت في برنامج الدرس واحد مئتين وعشرة كتب ولله الحمد والمنة. فنسأله سبحانه وتعالى ان يتقبل منا جميعا الحسن وان يرزقنا بركة ذخرها وغنمها وان يجعلها حجة لنا ولا يجعلها حجة علينا دأبنا على ختم كل مجلس ببيت شعر. فكنا قلنا البارح ايش من يذكر البيت واذ يبقى من الاسداس سدس فلن ينأى عن الصبر البصير سنعيد الابيات من اولها الى ما انتهت اليه. وغدا ان شاء الله لعل احد الاخوان ياخذها ويطبعها ويوزعها. فاسمعوها وغدا ان شاء الله تأخذونها مطبوعة ابتداء من اول بيت قيل في البرنامج الى اخر بيته اليوم وهذه قصيدة البرنامج هذه السنة يقول فيها الشاعر يقول بنصف الثلث يبتدأ المسير فسيروا معشر الاخوان سيروا. وها نحن بحمد الله صرنا الى ثلث على ثلث كثير وهذا النصف بعد الثلث تم به يدنو من الختم المصير وفي الثلثين يا صحبي ثناء فما فوض سواها مستطير واذ يبقى من الاسداث سدس فلن ينأى عن الصبر البصير. وما بعد التمام لدى هميم. هميم يعني ذو ذو همة وما بعد التمام لدى هميم سوى الامعان في رد يصير وتفتيش وتحقيق وبحث وتمحيص بها الفتح الكبير فلا تقنع بما التقرير ابدى ولا تعجز كما الكسل الغرير فان العجز للارواح داء وان تعز غايته المرير وما عدوا من الاعلام نجما يقطع يومه العبث الغرير يقطع يومه العبث البطير ولكن جده واضحى حساما به حاز الامامة اذ يغير الهي هذه الايام ولت وفي طياتها الخير الوفير فلا تحرم عبيدك من جزاء ولا تجعل جهادهم يبير ويسر امر جمعتهم مرارا وبالازواج يمير وطهر بالعلوم قلوب مرادهم من الاخرى الحبير وبارك في دروس قد اقيمت ومتع في البقاء بها سميره. نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد للجميع اذكر ثانيا بعد هذه القصيدة بالعشاء غدا ان شاء الله تعالى الحفل الختامي بعد المغرب والعشاء بعد العشاء ولا نعدل احدا في الغياب. جزاكم الله خير كما تحضرون اليوم فلنا عليكم ان تحظروا غدا فان العشاء ظيافة لكم جميعا. وانبه ايظا الى امر ثالث وهو اننا سنستكمل ان شاء الله تعالى يوم الخميس السابع والعشرين من شهر شعبان سنستكمل ما بقي علينا من مقادير يسيرة من كتب اليوم الواحد السادس وسيكون بعد الفجر درس بقية درس شرح عقيدة الامام المجدد وبعد العصر شرح اداب المشي الى الصلاة من باب صلاة اهل الاعذار الى الجنائز وبعد المغرب نقدم الصيام لاجل مناسبته للعامة لان الوقت يكون قريبا من رمضان وبعد العشاء نقرأ كتاب الزكاة وبه نختم باذن الله سبحانه وتعالى ما بقي علينا من اشياء يسيرة تتعلق ببرنامج اليوم الواحد السادس والى هنا انتقل ما يتعلق بالتسجيل والبث فصل التسجيل هذا الاخ اللي عند البث اطفئ البقية بيتعلق بكم لان الحاضر له احوال غير الاحوال الذي يسمع عبر الانترنت