السلام عليكم ورحمة الله درجات. وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد انك حميد مجيد اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن لما قال الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون وتبيين مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتقون الى تحقيق مسائل العلم وهذا شرح الكتاب الاول من برنامج مهمات العلم في سنته الثالثة ثلاث وثلاثين بعد الاربع مئة والالف وهو كتاب تعظيم العلم بمعد البرنامج صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي. نعم الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولوالدينا ولجميع المسلمين قلتم غفر الله لكم تعظيم العلم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ما عظمه معظم وسار اليه راغب تعلم قوله وفقه الله وسار اليه راغب متعلم السير الى الله هو سلوك صراطه مستقيم ذكره ابن رجب بالمحجة في سير الدلجة وحقيقته سير العبد بقلبه الى الله قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد مبينا الة السير الى الله عز وجل فاعلم ان العبد انما يقطع المنازل الى الله بقلبه وهمته لا ببدنه وفي هذا المعنى انشد المنشد قطع المسافة بالقلوب اليه لا بالسير فوق مقاعد الركبان فاذا ذكر السير الى الله فاعلم ان معناه هو سلوك طريقه المستقيم بقطعه بالقلب نعم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة نبرأ نبرأ بها من شرك الاشراك. قوله وفقه الله من شرك الاشراك الشرك بتحريك الراء وتسكينها هو حبالة الصائد هو حبالة الصائد التي ينصبها لقوس الصيد ومن الكلم النوابغ عند الادباء كما في نهاية العرب وغيره البدعة شرك الاشراك البدعة شرك الاشراك اي حبالته التي ينصبها الشيطان ليقنص بها الخلق فانهم اذا وقعوا في البدعة جرهم الى الشرك نعم فتوجب لنا النجاة من نار الهلاك واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فبلغ رسالته واداها واسلم امانته وابداها انتصبت بدعوته اظهر الحجج واندفعت في بينات الشبهات واللجج قوله اللجج بتحريك اللام مفتوحة لا بضمها هو التمادي في الخصومة نعم وورثنا المحجة البيضاء والسنة الغراء لا يأتيه فيها ملتمس ولا يرد عنها مقتبس صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه عدد من تعلم وعلم. اما بعد فلم يزل العلم الفا جليلا تتعاقب عليه الاماكن جيلا جيلا ليس لطلاب المعالي هم سواه ولا رغبة لهم في مطلوب العداة وكيف لا وبه تنال سعادة الدارين وطيب العيش هو شرف الوجود ونور الاغوار والنجود. حلية الاكابد ونزهة النواظر. من مال اليه نعيم. ومن جال به غنم ومن ان قاد له سلم قوله ونور الاغوار والنجود الاغوار جمع غور والغور من الارض منخفض منها والنجد ما ارتفع منها وغور جزيرة العرب اهانة وكل ما ارتفع عنها الى العراق يسمى نجدا وقوله حلية الاكابر اي زينتهم فالحلية اسم لما يتزين به والزينة نوعان احداهما زينة باطنة وهي ما يجمل به الباطل والاخر زينة ظاهرة وهي ما يجمل به الظاهر والعلم من زينة الباطن وما يرى من اثاره في الظاهر فهو من اثر تلك الزينة نعم لو كان سلعة تباع لبذلت فيه الاموال العظام او صعد في السماء لسمت اليه نفوس الكرام هو من المتاجر اربحها وفي فاخر يشرفها اكرم المآثر مآثره واحمد الموارد موارده. فالسعيد من حظ نفسه عليه وحث ركاب روحه اليه. والشقي اي من زهد فيه او زهد وابعد عنه او بعد انفه باريج العلم مزكوم وختم القفا هذا عبد محروم والعلم يدخل قلب فكن لي موفق من غير بواب ولا استئذان ويرده المحروم من خذلانه لا تسقنا اللهم بالحرمان وان مما يملأ النفس سرورا ويشرح الصدر ويمده نورا اقبال الخلق على مقاعد التعليم وتلمسهم صراطه المستقيم واذل دليل واصدقه تكاثر الدروس العلمية وتوالي الدورات التعليمية حلاوة في قلوب المؤمنين وشذا في حلوق الكفرة والمنافقين معقودة والركب معكوفة. قوله والركب معكوفة اي محبوسة فالعكف الحبس واللبس وليس المراد وصف حركتها فلا يقال في وصف حركتها عكف الركب وانما يقال تني الركب ومنه قول زياد بن واصل السلمي يا لافتا شر الاحاديث الكذب يكفيك من اناقة ثني الركب اما العكوف فهو الاقامة على الشيء ومنه قوله تعالى ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون اي مقيمون عليها نعم والفوائد شارقة والنفوس سائقة الاشياخ ينزلون درر العلم والتلامذة ينضمون عقده قوله الاشياخ يمثلون درر العين ان يستخرجونها ومنه كلهم مثل الكنانة اذا استخرج ما فيها من النبل والسهام فالنسل هو الاستخراج نعم وان من الاحسان الى هذه الجموع الصاعدة والاجيال الواعدة ارشادها الى سر حيازة العلم الذي يظهرها بمأمولها ويبلغها رحمة بهم من الضياع في صحراء الاراء وظلماء الاهواء واعمالا لهذا الاصل جمل الحديث ايها المؤمنون عن تعظيم العلم فان حظ العبد من العلم موقوف على حظ قلبه من تعظيمه واجلاله. فمن امتلأ قلبه بتعظيم العلم واجلاله صلح ان يكون محلا له وبقدر نقصان هيبة العلم بالقلب ينقص حظ العبد منه حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم. فمن عظم العلم لاحت انواره عليه ووفدته رسل فنونه اليه ولم يكن لهمته غاية الا تلقيه ولا لنفسه لذة الا الفكر فيه وكأن ابا محمد الحافظ رحمه الله لمح هذا المعنى فختم كتاب العلم من سننه المسماة بالمسند الجامع اذا به في اعظام العلم واعون شيء على الوصول الى عظام العلم واجلاله معرفة معاقد تعظيمه وهي الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب فمن اخذ كان معظما للعلم مجلا له. ومن ضيعها فلنفسه اضاع ولهواه اطاع. فلا يلومن ان فتر عنه الا نفسه. يداك او نفخ ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العلم. وسنأتي بالقول بإذن الله على عشرين معقدا. يعظم بها العلم من غير بسط مباحثها فان المقام لا يحتمل والاتيان على غاية كل ناقد يحتاج الى زمن مديد. والمراد هنا التبصرة والتذكير وقليل يبقى ينفع خير من كثير يلقى في رفع فخذ من هذه المعاقل بالنصيب الاكبر فنل الحظ الاوفر من رياض الفنون وحدائق العلوم واياك والاخلاد الى مقالة قوم حجبت قلوبهم وضعفت نفوسهم فزعموا ان هذه الاحوال غلو وتنطع وتشدد غير مقنع فقد غلب بينهم وبينها بسور له باب. باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. فليس مع هؤلاء على دعواهم من الشرع ما يصدقها ولا من شواهد الاقدار ما يوثقها وانما هي عذر البليد وحجة العاجز فان الغلو والتنطع من شيء الوحي شاهده والرعيد الاول سالكه فكل معقل منها ثابت باية محكمة او سنة مصدقة او اثار عن خير القرون الماضية فاذا وثقت لصدقها وعقلت خبرها وخبرها فلا تقعد همتك بخطبة الكسل والثواني تتسلل اليها وهي هذه احوال من مضى من سلف الامة وخير الورى فاين الثرى من الثريا؟ بل من شمت نفسه الى مقاماته ادركها فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم ان التشبه الكرام فلاح فاشهد قلبك هذه المعاقد وتدبر من قولها ومعقولها واستنبط منطوقها ومفهومها فالمباني خزائن المعاني مقصود هذه الجملة الاعلام بان نيل الطالب للعلم موقوف على قدر تعظيمه له فمن عظمه ناله ومن لم يبالي به حجب عنه العلم واعون شيء للوصول الى اعظام العلم هو معرفة معاقد معاقد تعظيمه وهي الاصول الجامعة المحققة تعظيم العلم في القلب وفي هذه الرسالة ذكر عشرين معقدا من معاقد تعظيم العلم على وجه متوسط بين الايجاز والاطناب فقليل يبقى فينفع خير من كثير يلقى في رفع فان المرء انما يشرف بقدر ما يدرك فان المرء انما يشرف بقدر ما يدرك وانما يمكن ادراكه اذا حسن ما يلقى اليه على وجه الايجاز فالعلم لا يمدح بالبسط والاتساع وانما يمدح بتكميل المدارك وحصول الانتفاع ومراد الشريعة نفع الخلق بمعرفة الحق وتوسيع المعاني وتشقيق المباني بالتطويل ربما حال بين الخلق وبينها والسير على هذه الاصول المذكورة في هذه الرسالة من تعظيم العلم جادة سنية سنية وطريقة علية شرعية وهجر الناس لها سيرها عندهم غلوا وتنطعا وتشددا ومن لا يعرف الذهب يظنه نحاسا واذا لم تكن النفوس مقيدة بتعظيم العلم وفق هذه الاصول المذكورة في هذه الرسالة فانها لا تشرف بالعلم ابدا وموجب تقديم اقراء هذه الرسالة بين يدي هذا البرنامج وغيره هو الاعتناء بتحصيل هذه المدارك العظيمة في تعظيم العلم فان الطالب اذا اوقف عليها وحث عليها جدير به ان يتحقق بها فاذا تحقق بها عظم العلم كقنين ان يدركه واذا غاب عنه علمها وكثر جهلها ضعف اعظام العلم في قلبه ففاته من العلم خير كثير فينبغي ان يشهد المرء قلبه هذه المعاقد وان يعتني بتحصيلها ليحصل العلم ويدرك الانتفاع به فان العلم منة ربانية ومنحة الهية والله سبحانه وتعالى لا يجعل ذخائره في قلوب لا تعظم شريعته بل اذا عظم المرء شريعة الله عز وجل واسها العلم فتح الله عز وجل للعبد باب الفهم واعانه على تحصيل العلم واذا خلا القلب من ذلك لم ينتفع العبد بقوة حفظ ولا جودة فهم فان الله سبحانه وتعالى لا يبلغ العبد من ال هذه المطالب الا بتوفيق منه سبحانه وتعالى. كما قال الشاعر كتب الذكاء وقال لست بنافع الا بتوفيق من الوهاب فاذا رزق العبد التوفيق يسر الله عز وجل له ادراك العلم فينبغي ان يكون اقبالك على قراءة هذه الرسالة بنية التحقق بما فيها لانه مفتاح حصولك للعلم فان غفلت عن ذلك فاعلم انه يفوتك خير كثير ويحصل لك تعب كبير في تحصيل العلم ثم لا تنال منه الا قليلا. وربما امتد بالانسان عمر المجيد ثم يخرج من العلم صفر اليدين ويتركه وراءه ظهريا ولم يكن الله سبحانه وتعالى غير كريم ولكن من لم تصن نيته ولا صلح قلبه للعلم لعدم اعظامه فاته العلم. واما من جمع قلبه على اعظام من علم فان الله يمده بانواع القوى التي يتهيأ بها له تحصيل العلم ما لا يكون لنظرائه وقرنائه نعم المعقد الاول تطهير وعاء العلم وهو القلب فان لكل مطلوب وعاء وان وعاء العلم وان وعاء العلم القلب هو الوعائي يعكره ويغير ما فيه. وبحسب طهارة القلب يدخله العلم. واذا ازدادت طهارته ازدادت قابليته للعلم. ومذهب العلم في القلب كنور ان صفا زجاجه شعت انواره والا والا لطخته الاوساخ كسفت انواره. قوله كسفت انواره اي ذهبت والكسوف عند جمهور اللغة جمهور اهل اللغة ذهاب نور الشمس كله او بعضه ذهاب نور الشمس كله او بعضه وفرق ابو حاتم السجستاني احد ائمة اللغة بين ذهاب جميع نور الشمس وذهاب بعضه فسمى الاول كسوفا وسمى التاني فسمى الاول خسوفا وسمى الثاني كسوفا ذكره في كتاب الفرق له نعم فمن اراد حيازة العلم فليزين باطنه ويطهر قلبه من نجاسته. فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف وطهارة القلب ترجع الى اصلين عظيمين. احدهما طهارته من نجاسة الشبهات. والاخر طهارته من نجاسة الشهوات. ولما لطهارة القلب من شأن امر بها النبي صلى الله عليه وسلم في اول ما امر في قوله تعالى في سورة المدثر وثيابك فطهر في قول من يفسر الثياب بالباطل وهو قول حسن له مأخذ صحيح. قوله وهو قول حسن له مأخذ صحيح اي تفسير الثياب بالاعمال والحامل على تقديم هذا المعنى دون غيره قوى رعاية سياق الايات فان سياقها دال على ان المراد بالثياب الاعمال فان الله قال وربك فكبر ثم ذكر هذه الاية فقال وثيابك فطهر ثم اتبعها قوله تعالى والرز فاهجر وكل هذه الامور السابقة واللاحقة للاية تتعلق بالباطن فالمناسب بين هذا وذاك ان يكون قوله تعالى وثيابك فطهر متعلقا بالباطن اي طهر اعمالك من كل ما ينجسها فتصير الاية الثلاث منتظمة في امر الباطن والعرب تقول فلان نقي الثياب اي سالم من الذنوب والاثام وعلى هذا التفسير اكثر السلف ذكره ابو جعفر ابن جرير في تفسيره فتفسير الاية بالاعمال الملابسات اصح من تفسيرها بالثياب الملبوسات فتفسير الاية بالاعمال الملابسات اصح من تفسيرها بالثياب الملبوسات لان رعاية السياق تدل على ذلك وعليها المعول ومن القواعد النافعة في الفهم ما ذكره ابو محمد ابن عبد السلام في كتاب الامام ان السياق يعين على تفسير المجملات وترجيح المحتملات وتقرير الواضحات انتهى كلامه وهذه القاعدة نافعة في فهم الكلام. ولا سيما في فهم القرآن الكريم ومنه هذه الاية فان ملاحظة السياق الذي وردت فيه رجح به كون المراد بالثياب الاعمال لان التوبة يطلق في كلام عربي على العمل ويطلق ايضا على ما يلبس فلما لوحظت السياقة التي وردت فيها الاية كانت رعايتها مرجحة للقول بان المراد بالثياب فيها هي الاعمال فيكون معنى قوله تعالى وثيابك فطهر اي طهر اعمالك من كل ما ينجسها وتطهير العمل يكون بتطهير القلب من جميع انواع النجاسات التي تلحق به فتطهير العمل يكون بتطهير القلب من جميع انواع النجاسات التي تلحق به واصول نجاسات القلب ثلاثة ذكرها ابن القيم في كتاب الفوائد اولها الشرك وتانيها البدعة وثالثها المعصية فهؤلاء الثلاث هن اصول ما ينجس القلب فكما ان للبدن والثياب وبقع الارض ما ينجسها من انواع النجاسات التي يذكرها الفقهاء في تصانيفهم فان للقلوب ما ينجسها واصول ذلك يرجع الى الثلاث اللواتي ذكرهن ابن القيم في كتاب الفوائد نعم واذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك تستحي من نظر الله الى قلبك وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا قال مسلم ابن الحجاج حدثنا عمرو الناقض قال حدثنا كثير ابن هشام قال حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد الاصمي عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم في هذا الحديث العظيم بيان ان محل نظر الله عز وجل من العبد القلب والعمل مع فليس النظر الى القلب وحده ولا الى العمل وحده بل النظر الى مجموع هذين الامرين القلب والعمل فالتقوى مؤلفة من قلب نقي طاهر وعمل صالح ظاهر ويكون التطهير لهما معا وهو المراد في هذا الحديث فدعوى طهارة القلب بلا عمل كذب وشقاق وعمل بلا طهارة قلب قشر ونفاقا فلا يكون المرء كامل الحال الا بالجمع بين الامرين في طهارة امره. قلبا وعملا نعم واحذر كمائن نفسك اللاتي متى واحذر كماء واحذر كمائن نفسك اللاتمة خرجت عليك كسرت كسر مهاني قلبه فيه العلم حل ومن لم يرفع منه نجاسته ودعاه العلم وارتحل. واذا تصفحت احوال طائفة من طلاب العلم في هذا في هذا المعقد رأيت خللا بينا فاين تعظيم العلم من امرئ تغدو الشهوات والشبهات في قلبه وتروح؟ تدعوه صورة محرمة وتستهويه مقالة مجرمة حشوه المنكرات والتلذذ بالمحرمات فيه غل وفساد وحسد وعناد ونفاق وشقاق انى لهؤلاء وللعلم ما لهم منه ولا هو اليهم. قال سهل ابن عبد الله رحمه الله حرام على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل ذلك في كتاب الله عز وجل قوله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق قال سفيان ابن عيينة رحمه الله تعالى في تفسير هذه الاية احرمهم فهم القرآن اي احرموا قلوبهم وقال يا محمد ابن يوسف الفريابي امنع قلوبهم من التدبر في امري اي في القرآن الكريم قال ابن كثير رحمه الله تعالى مبينا مناسبة العقوبة لحالهم فكما انهم استكبروا اذلهم الله عز وجل بالجهل انتهى كلامه واذا صرف الله قلب العبد عن الفهم والتدبر والانتفاع بالعلم فان قواه لا تنفعه واقرب شيء يخذلك اذا ركنت اليه قوتك التي تتوهمها فلا عون للعبد على طلب العلم وتحصيل مقصوده منه الا باقبال قلبه على الله سبحانه وتعالى تأليها واجلالا وتعظيما فانه اذا اقبل به على الله طهرا وصلح ان يكون محلا للعلم وليس المراد بصرف القلوب الذي ذكره الله سبحانه وتعالى عدم قدرتهم على الحفظ بل تجد في الخلق من يكون حافظا القرآن عارفا الفاظه لكنه حرم فهمه والعمل به فالمراد من صرف قلوبهم عن الايات هو صرفها عن فهمها والعمل بها وقد ذكر ابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى في كتاب المدخل ان بعض المتكبرين يحفظ القرآن ولكنهم منعوا فائدته وهي الفهم والعمل وهذا هو المطلوب منه كما ذكر ومن كان حافظا القرآن والعلم غير منتفع بهما في الفهم والعمل فان حال العوام خير منه فقد صرف قلبه عن الخير بما حاق به من عذاب اليم وعقاب عظيم وهو صرفه عن فهم ايات الله عز وجل والعمل بها ومن امعن النظر في احوال السابقين من كمل العلماء وجد ما يظهر العقول من كلامهم انما تولد من كمال اقبال قلوبهم على الله سبحانه وتعالى فان مبتغي العلم اذا لازم تأليه الله وتعظيمه فتح الله عز وجل له من الفهم والبيان والادراك ما لا يحصل لغيره فينبغي ان يجتهد طالب العلم فيما يقربه الى الله سبحانه وتعالى. وان يكون له حظ من عبادات السر التي يصدق قلبه في الاقبال على الله فانه مع الظاهر قد ينازع القلب في كمال الاقبال فاذا خلا العبد مع ربه سبحانه وتعالى حصل قوة في الاقبال عليه مع بقاء المنازعة لكن المرء مع خلو بنفسه اعون على اصلاح حاله من مع اجتماعه بغيره من الخلق واذا كمل الاقبال على الله سبحانه وتعالى بالاعمال الصالحة واعظمها قراءة كتابه ومعرفة تفسيره وتفهم معانيه والعمل به فانه ييسر له من العلم الشيء الكثير وفي اخبار ابراهيم بن عبدالواحد المقدسي اخي الحافظ عبد الغني المقدسي صاحب العمدة انه قال لابن اخته الضياء المقدسي لما خرج في رحلته الى العلم اذا اردت ان تستكثر من كتابة الحديث وسماعه تستكثر من قراءة القرآن فانه ييسر لك بذلك ما لا ييسر لك بدونه قال الضياء فجربت ذلك فوجدته كذلك فاني كنت اذا قرأت كثيرا سمعت كثيرا من الحديث وكتبت واذا لم افعل ذلك قل سماع الحديث وكتابة ذكره ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة بمعنى هذه الحكاية في ترجمة ابراهيم ابن عبد الواحد المقدسي رحمه الله تعالى نعم المعقد الثاني اخلاص النية فيه. ان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم وسلم وصولها قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. وقال البخاري في الجامع المسند الصحيح ومسلم في المسند الصحيح واللفظ للبخاري حدثنا عبد الله ابن مسلمة قال اخبرنا مالك عن يحيى ابن سعيد عن محمد ابن ابن ابراهيم عن علقمة عن رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى وما سبق من سبق ولا وصل من وصل هذان الدليلان الاية والحديث اصلان عظيم ان في تقرير الاخلاص لله عز وجل والاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله هو تصفية القلب من ارادة غير الله وفي ذلك قال منشدكم اخلاصنا لله صفي القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن اخلاصنا لله صفي القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن. فمن اراد الاخلاص فليصفي قلبه من ارادة غير الله عز وجل فلا يكون في قلبه التفات ولا نظر الى غيره والى واذا خلا القلب من الارادات الباطلة وتمحض مقصود العبد في مرضات الله عز وجل والقربى اليه قال له الاخلاص وقول منشدكم في البيت انف الذكر فاحذر يا فطن تنبيه الى مشقة الاخلاص وان العبد يحتاج في تحصيله الى جهاد كبير فانه لا يرعى طلب الاخلاص في شيء الا وسوس له الشيطان فيه قال سهل بن عبدالله والشافعي رحمهم الله لا يعرف الرياء الا مخلص لا يعرف الرياء الا مخلص اي لا يتسرب الخوف من الرياء ومشقة دفعه والخطرات فيه الا الى قلب امرئ يطلب تحصيل الاخلاص في اعماله نعم وما سبق من سبق ولا وصل من وصل من السلف الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين. قال ابو بكر المروذي رحمه الله سمعت رجل يقول لابي عبد الله يعني احمد ابن حنبل وذكر له الصدق والاخلاص. فقال ابو عبد الله بهذا ارتفع القوم وانما ينال المرء العلم على قدر اخلاصه والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول فيها تتحقق نية العلم للمتعلم اذا قصدها. الاول رفع الجهل عن نفسه بتعريفها ما عليها من العبوديات. وايقافها على مقاصد الامر والنهي. الثاني رفع الجهل عن الخلق بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم. الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع. الرابع العمل بالعلم. فالعلم شجرة والعمل ثمرة وانما يراد العلم للعمل ولقد كان السلف رحمهم الله هذه الاصول الاربعة هي عماد نية العلم فمن اراد ان يحقق نية العلم فليشهد قلبه هذه الاصول وليديم تذكيرها وليدم تذكيرها اياه مكررا هذه الاصول نظرا وخبرا والى عدها اشار مرشدكم بقوله ونية للعلم رفع الجهل عن عن نفسه فغيره من النسم ونية للعلم رفع الجهل عن عن نفسه فغيره من النسم وبعده التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن. وبعده التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن والنسم جمع نسمة وهي النفس ومعنى زكن اي ثبت هذان البيتان جامعان لاصول النية في العلم. نعم. ولقد كان السلف رحمهم الله يخافون الاخلاص في طلبهم العلم فيتورعون عن ادعائه لا انهم لم يحققوه بقلوبهم. فهشام الدستوائي رحمه الله يقول والله ما استطيع ان اقول اني ذهبت يوما اطلب الحديث اريد به وجه الله عز وجل. وسئل الامام احمد هل طلبت العلم لله؟ فقال لله عزيز ولكنه شيء حبب الي فطلبته. ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير. وخير وينبغي لقاصد السلام ان يتفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في اموره كلها دقيقها وجليلها سرها وعلنها ويحمل ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية. قال سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي. لانها تتقلب علي منشأ تقلب النية هو كون محلها القلب وانما سمي القلب قلبا لتقلبه قال الشاعر قد سمي القلب قلبا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل فاذا كان وعاء النية وهو القلب يتقلب فانها تتقلب بتقلبه نعم بل قال سليمان الهاشمي رحمه الله ربما احدث بحديث واحد فاذا اتيت على بعضه تغيرت نيتي فاذا الحديث واحد يحتاج الى نيات هذا الذي ذكره سليمان الهاشمي رحمه الله يراد به تصحيح النية وتصحيح النية شرعا هو ردها الى المأمور به اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها ردها الى المأمور به اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها فقولنا ردها الى المأمور به اي المحكوم به شرعا اي المحكوم به شرعا وقولنا اذا عرض لها ما يغيرها اي يخرجها من قصد الارادة الى الاباحة المجردة ان يخرجها من قصد الارادة من قصد القربة الى الاباحة المجردة وقولنا او يفسدها اذا عرض لها ما يخرجها من الصلاح الى ضده اذا عرض لها ما يخرجها من الصلاح الى ضده وهو الارادة المحرمة وتصحيح النية غير تجديدها فان محل تصحيح النية هو اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها اما تجديد النية فالمراد به شرعا استصحاب ذكرها اذا ضعف القلب عنها استصحاب ذكرها اذا ضعف القلب عنها فها هنا منزلتان عظيمتان الاولى منزلة تصحيح النية وهي ردها الى المأمور به اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها والاخرى منزلة تجديد النية وهو وهي استصحاب ذكرها مع العمل وتقدم بيان المراد بتصحيح النية اما تجديدها فهو ان العامل اذا شرع في عمله ناويا التقرب الى الله عز وجل به ربما طال به الأمد تضعف قلبه عن ذكر النية التي حملته عليه فيحتاج الى تذكيرها بذلك فالحال التي تطلب منه حينئذ هو تجديد نية اصل عمله فان النية التي ابتدأ بها العمل نية صحيحة لكن مع طول الامد ربما ضعف القلب عن ذكرها فيحتاج الى اعادة تجديدها ليحصل له استذكارها ونية العلم اذا لم تجدد ضعفت فينبغي ان يعاود طالب العلم امرار اصلاح نيته وتقويتها في قلبه بين الفينة والفينة في سيره في طلب العلم فان ذلك بمنزلة الوقود الذي اذا تزود به زاده قوة واذا غفل عنه سرى اليه الضعف فان عرض له ما يغير نيته او يفسدها فهو يحتاج الى الامر الاول وهو تصحيح نيته بعد فسادها ومن اعظم ما يهيئ لك اخذ العلم هو صلاح نيتك فبقدر صلاحها تكون قوتك في اخذ العلم. وبقدر ضعفها يضعف قلبك عن طلب العلم واذا حسنت نية المتعلم وصلحت وهبه الله سبحانه وتعالى قوة لا تدرك بالاسباب ظاهرة وكم من امرئ يرى واهن البدن ضعيف القوى لكن له وثبة في طلب العلم عظيمة فتجده هميما في حفظ العلم وتفهمه حريصا على حضور حلقه ومجالسه فلم تمنعه علة بدنه عما فيه صلاح دينه وقوى نفسه على ذلك صلاح نيته. فوهبه الله عز وجل من القوة الباطنة ما اذهب عنه اثار العلة الظاهرة. نعم المعقل الثالث جمع همة النفس عليه فان شعث النفس اذا جمع على العلم التام واجتمع واذا شغل به وبغيره ازداد تفرقا وشتاتا وانما تجمع الهمة على المطلوب بتفقد ثلاثة امور. اولها الحرص على ما ينفع. فمتى وفق العبد الى ما ينفعه حرص عليه ثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله. اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده. هذا بيت مشهور نسبه الضارب الاصفهاني في محاضرات الادباء الى علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وذكر ابن ابي الحديد بشرح نهج البلاغة والمقري في نفح الطيب بيتا اخر بمعناه اذا لم يكن عون من الله للفتى اتته الرزايا من وجوه الفوائد والرزايا هي المصائب والمعنى لحقت به المصائب من وجوه ظن انها تنفعه ولعبدي ولعبد الغفار الاخرس بيت ثالث في هذا المعنى فقال اذا لم يكن عون من الله للفتى فكل معين عدا الله خاذله فكل معين على الله خاللوا وربعت الابيات الثلاثة لقولي فلن يدرك الانسان ما هو قاصده. اذا لم يكن عون من الله للفتى فلن يدرك الانسان ما هو وقاصدوا. نعم. ثالثها عدم العجز عن بلوغ البغية منه. وقد جمعت هذه الامور الثلاثة في الحديث الذي رواه مسلم ابن الحجاج قال حدثنا ابو بكر ابن ابي شيبة وابن نمير قال حدثنا عبد الله ابن ادريس عن ربيعة ابن عثمان عن محمد ابن يحيى ابن حبان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فمن اراد جمع همته على العلم فليشعل في نفسه شعلة الحرص عليه لانه ينفعه فالكل خير في الدنيا والاخرة انما هو ثمرة من ثمرات العلم. قوله بل كل خير في الدنيا والاخرة انما هو الثمرة من ثمرات العلم بمعنى قول ابن القيم رحمه الله تعالى في اغاثة اللهفان اصل كل خير العلم والعدل واصل كل شر الجهل والظلم اصل كل خير العلم والعدل واصل كل شر الجهل والظلم انتهى كلامه فمرد الخير كله الى العلم والعدل والعدل لا يدرك الا بعلم فان العبد اذا لم يكن له علم لم يمكن ان يحكم في القضية ولا يقسم السوية بل لابد ان يكون له علم يتبين له به العدل فيما يريده فرجع الامر الى العلم كله وبهذا صرح القرافي في الفروق فاحسن اذ قال اصل كل خير العلم انتهى كلامه وصدق فان الذي ذكره ابو عبد الله ابن القيم صنوا للعلم لا يتحقق الا بالعلم فمن لم يكن له علم لم يمكنه العدل. فمن اراد خير الدنيا والاخرة فعليه بالعلم وليستعن بالله عليه ولا يعجز عن شيء منه فانه حينئذ يدرك فانه حينئذ يدرك بغيته ويفوز بما امله قال الجنيد رحمه الله ما طلب احد شيئا بجد وصدق الا ناله فان لم يناله كله نال بعضه الجد بالجد والحرمان بالكسب فانصب تصب عن قريب غاية الامل. اجتماع الحركتين على الجيم في الكلمة الاولى يقتضي صحة الوجهين جميعا فيقال الجد بالفتح والجد بالكسر ووضع الحركتين على الحرف اعلام بان الكلمة جاءت عن العرب بهما وكان قدماء المصححين للكتب المطبوعة يعتنون بهذا فاذا تعددت وجوه اللغة في الكلمة عددوا الحركات عليها واذا اجتمعت تلك الحركات على حرف واحد جعلوا الاعلى للغة الاعلى فاذا وجد على كلمة في اعلاها ضمة ودونها فتحة فهي بلغتان والاعلى من هي الضم ولاجل هذه العناية شرفت الطبعات القديمة للكتب لان القائمين عليها حينئذ كانوا من العلماء او ممن يلوذ بهم فلما صار العلم سلعة ودخل فيه من ليس من اهله تسلط على طباعة الكتب الدهماء الدهماء والجهلاء فضربوا فيها خط عشواء فينبغي ان يجتهد طالب العلم في تحصيل الطبعات القديمة لاجل هذا المقصد المذكور نعم فانهض بهمتك واستيقظ من الغفلة فان العبد اذا رزق همة عالية فتحت له ابواب الخيرات وتسابقت اليه المسرات قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة ورادفه امر العزيمة اشرقت الارض بنور بها ومن تعلقت همته بمطعم او ملبس او مأكل او مشرب لم يشم رائحة العلم واعلم بان العلم ليس يناله امه في مطعم او ملبس فاحرص لتبلغ فيه حظا وافرا واهجر له طيب المنام وغلسي. وان مما يعلي الهمة ويسمو بالنفس اعتبار اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضين. فابو عبدالله احمد بن حنبل كان وهو في الصبا ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حلق الشيوخ فتأخذ امه بثيابه وتقول رحمة به حتى يؤذن الناس او يصبحوا وقرأ الخطيب البغدادي رحمه الله صحيح البخاري كله على اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس اثنان منها بليلة من وقت صلاة المغرب الى صلاة الفجر واليوم الثالث من ضحوة الى صلاة المغرب ومن المغرب الى طلوع الفجر. قال الذهبي تاريخ الاسلام وهذا شيء لا اعلم احدا في زماننا يستطيعه. رحم الله ابا الله كيف لو رأى همم اهل هذا الزمان ماذا يقول؟ وهذا الذي وقع للخطيب رحمه الله مما يستبعد وقوعه من قعدت همته اما اهل الجد فانهم يقربون لذكره ولمشقة مثله يستغرب بل ربما عد غلطا كما ذكر محمد ابن ابي بكر الشلي في المشرع الروي ان هذه الحكاية غلط وان الخطيب انما قرأ البخاري في خمسة ايام وما ذكره رحمه الله وقع له الانتقال ذهنه من حكاية الى حكاية فان الخطيب قرأ البخاري مرتين احداهما في خمسة ايام على جريمة المروازية بمكة والاخرى في ثلاثة ايام على اسماعيل الحي وهي هذه الحكاية المذكورة وقد اخبر بها الخطيب نفسه في كتابه المعروف تاريخ بغداد وما ذكره الذهبي رحمه الله تعالى اعلام عن حال الناس وما صاروا اليه وليس اعلاما عن حقيقة الامر في نفسه. وانه لا يستطاع ابدا ذلك ان وهب القدر بيد الله سبحانه وتعالى. فان الله سبحانه وتعالى يهب لمن يشاء ما يشاء سبحانه من القدر والمواهب التي لا تكون لغيره وقد تكرر مثل هذه الفعلة من جماعة منهم ابن طولون فانه ذكر في الفهرس الاوسط انه حاكى صنيع الخطيب فقرأ صحيح البخاري على بعض شيوخه في مثل هذه المدة ومن المقولات النكراء في هذه الازمنة ابطال المنقول عن السلف رحمهم الله تعالى فيما عظم من احوالهم علما وعملا بدعوى ان العقل لا يقبله وان هذه الاخبار وان صحت سندا فانها لا تقبل لعدم امكانها والمتكلم بهذه المقالة اوتي من ملاحظة حاله فانه رأى ما انتهت اليه حاله وحال اهل عصره من العجز عن هذه المقامات العالية فقاس على حاله احوال السلف الماظين فجعل ما يقدر عليه هو لازما لما يقدر عليه السلف فلما صار عاجزا عن تلك المنازل العظيمة في العلم والعمل استبعد وقوعها ومن نظر في احوال السلف وطالع ما وهبهم الله عز وجل من القوى وما كانوا عليه من الجد في العلم والعمل ادرك صدق ذلك. ومن حيل بينه وبين معرفة احوالهم وحجب بحجاب كثيف في ملاحظة قوته وقوة نظرائه من اهل عصره تكلم هذه المقالة النكراء من استبعاد وقوع مثل هذه الاعمال العظيمة في العلم والعمل. فاذا اردت ان تحكم على احوال ملف فلا تجعل ميزان الحكم عليها ما تراه من حالك وحال الناس في زمنك ولكن اجعل ميزان العدل في الحكم عليها ملاحظة احوالهم التي كانوا عليها مما صح بالاسانيد عنهم علما وعملا ولاجل هذا جلت منفعة النظر في احوال السلف فان المقامات العظيمة التي كانوا عليها اذا طالعها العبد قويت نفسه وعلت همته ورغب في السير بسيلهم. فجد في عزيمته في مطلوبه من العلم والعمل ومن جواهر ابي الفرج ابن الجوزي ومن جواهر ابي الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى قوله في صيد خاطره وامزج طلب الفقه والعلم بمطالعة قيل السلف والزهاد في الدنيا وامزج طلب الفقه والعلم بمطالعة سير السلف والزهاد في الدنيا ليكون سببا لدقة قلبك. انتهى اكلامه ثم ذكر رحمه الله تعالى انه صنف كتبا مفردة في سير جماعة منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري ومعروف والكرخ واحمد بن حنبل وسفيان الثوري رحمه رحمهم الله تعالى. فاذا اجتهد طالب العلم في قراءة سير السلف اشرف قد نفسه وسمت روحه واطلع على احوال قوم يقتدى بهم واذا انس العبد وحشة الغربة في الطريق فليلاحظ ما كانوا عليه بل ينظر الى ما كان عليه ائمتهم من الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ثم من خلفهم من علماء والشهداء والصالحين فان ذلك مما يخفف وحشة القلب في طريق الغربة ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين ومهما بلغ البول الشاسع بين حالنا وحالهم كما قال عبدالله بن المبارك لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيح اذا مشى كالمقعد الا ان من اجتهد وعزم على اللحاق بهم ادركهم وفي الاخبار المنقولة عن ابي عن ابي سعيد الحسن البصري رحمه الله تعالى انه ذكر الناس ووعظهم بذكر احوال الصحابة رضي الله عنهم فقال له رجل يا ابا سعيد انك ذكرت قوما مضوا على خيل دهم بهم وانا على حمر عرج فقال رحمه الله تعالى من سار على طريق القوم وصل. من سار على طريق القوم وصل. وصدق رحمه الله تعالى فان العبد اذا اخذ بطريقهم وسار بسيرهم واقتدى بهديهم وصل الى ما وصلوا اليه وانتهوا الى ما انتهوا اليه رحمهم الله تعالى فاحرصوا على دوام الاطلاع على احوال السلف بالقراءة في اخبارهم والتمسوا من ذلك الكتب النافعة التي صنفها الائمة القدماء ولا سيما الكتب المصنفة باسم الزهد كتاب الزهد لاحمد ابن حنبل والزهد لابي داوود السجستاني والزهد هو زهدي لوقيع بن جراح والزهد لهناد بن السري والزهد لابي بكر البيهقي والزهد لابي بكر ابن ابي الدنيا فان هذه الكتب فيها اثار كثيرة عن اقوال السلف واحوالهم بصلاح نياتهم وقوة عزائمهم في العلم والعمل. نعم وكان ابو محمد ابن التبان اول ابتدائه يدرس الليل كله. فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل. فكان يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة شيء من الانية العظيمة ويتظاهر بالنوم. فاذا وقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس. وقد رأيت في بعض المجموعات الخطية في مكتبة نجدية خاصة مما ينسب الى عبدالرحمن بن حسن ال الشيخ صاحب فتح المجيد قوله رحمه الله شمل الى طلب العلوم وانهض لذلك بكرة واصيلا. وصل السؤال وكن هديت مباحثا. فالعيب عندي ان تكون جهولا فكن رجلا رجله على الثرى ثابتة وهامة همته فوق الثريا سامقة ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة فان همة الصادق لا قوله ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة يقال في وصف الرجل اشيب ولا يقال شايب في اصح القولين عند اهل العربية وهو اسم للرجل اذا خالطه الشيب والمرأة اذا ظهر شيبها لم يقل امرأة شيباء بل يقال فيها امرأة شمطاء فيختص وصف الاشيب بالرجل فيقال رجل اشيب ويقال للمرأة امرأة شمطاء لا شيباء كما يقال للرجل ايضا رجل اشيمط او اشمط. نعم كان ابو الوفاء ابن عقيل احد اذكياء العالم من فقهاء الحنابلة ينشد وهو في الثمانين ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي وانما اعتاد شعري غير صبغته واننا اعتاد شعري غير صبغته والشيب في الشعر غير الشيب في الهمم. من بدائع كلم ابن الجوزي رحمه الله تعالى قوله العلم والعمل توأمان امهما علو الهمة العلم والعمل توأمان امهما علو الهمة. انتهى كلامه وذو الهمة العالية لا يمنعه كبر السن عن مقصوده قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه وتعلم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كبارا انتهى كلامه فلم يمنعهم تقدم اعمارهم من ادراك حقائق العلم وفهمها والاعتناء بها فينبغي ان يجتهد طالب العلم بالحرص على تحصيله والا يحول بينه وبين ذلك ما يعرض له به الشيطان من التشبيه من قوله انك كبير السن ولن تدرك العلم فان هذه اكذوبة طرية فالمرء اذا جد في العلم واقبل عليه ادركه وان تقدمت به السن. نعم المعقد الرابع صرف الهمة فيه الى علم القرآن والسنة. ان كل علم نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم العلوم اما خادم لهما فيؤخذ منه ما تتحقق به الخدمة او اجنبي عنهما فلا يضر الجهل به فاذا القرآن والسنة يرجع العلم كله وبهما امر النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم وهل اوحي الى ابي القاسم صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن والسنة ومن جعل علمه القرآن والسنة كان متبعا غير مبتدع ونال من العلم اوفره. قال ابن وفي هذا المعنى قال ابن حجر فيفتح الباري بعد ذكر القرآن والسنة واما باقي العلوم فانها الات واما باقي العلوم فان الات لفهمهما وهي الضالة المطلوبة او اجنبية عنهما وهي الضارة المغلوبة قال واما باقي واما باقي العلوم فاما الات لفهمهما اي الكتاب والسنة وهي الضالة المنشودة او نبية عنهما وهي الضارة المغلوبة. ومعنى قوله الضالة المطلوبة اي المقصودة المنشودة وقوله الضارة المغلوبة اي المفسدة المطرحة لانها اجنبية عن القرآن والسنة فما كان من العلوم خادما للقرآن والسنة فهو مطلوب ابتغاء فهمهما وما كان اجنبيا عنهما غير محقق فانه يطرح ولا يشتغل به نعم قال ابن قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد العلم فليتوه القرآن فان فيه علم الاولين والاخرين. قوله فليثور قال اي فليبحث عن فهمه اي فليبحث عن فهمه بطلب معانيه وتدبر اياته نعم وقال مسروق رحمه الله ما نسأل اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء الا علمه بالقرآن الا ان علمنا يقصر عنه وفي لهذا يقول الله عز وجل ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء اي ايضاحا لكل شيء فكل علم نافع اصله في القرآن من التمسه وجده وينسب لابن عباس رضي الله عنهما انه كان ينشد جميع العلم بالقرآن لكن تقاصروا عنه افهام الرجال وما احسن قول عياض ان يحصوا به في كتابه الالماع العلم في اصلين لا يعدهما الا المضل عن الطريق اللاحم. علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن تابع عن صاحبه. قوله عن الطريق اللاحذ اي الواضح فالزائغ عن الطريق الواضح لا يوفق الى اصل العلم وهو علم الكتاب والسنة واعلى الهمم في طلب العلم كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد طلب علم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله نفس وعلم حدود المنزل وقد كان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع فالعلم بالسلف اكثر والكلام في بعدهم اكثر قال حماد بن زيد قلت لايوب السخفياني العلم اليوم اكثر او فيما تقدم؟ فقال الكلام اليوم اكثر والعلم فيما ما تقدم اكثر وبيان وجه ذلك ما ذكره ابن ابي العز في شرح الطحاوية اذ قال فلذلك صار كلام المتأخرين كثيرا قليل البركة فلذلك صار كلام المتأخرين كثيرا قليل البركة بخلاف كلام المتقدمين بخلاف كلام المتقدمين فانه قليل كثير البركة فانه قليل كثير البركة واشار الى هذا المعنى ايضا ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارس السالكين فكان كلام السلف الاوائل قليلا وافر العلم كثير النفع عظيم البركة بخلاف كلام المتأخرين فانك تجد لهم كلاما كثيرا الا ان بركته قليلة طيب لماذا لماذا كلام الاوائل قليل؟ كثير البركة وكلام المتأخرين كثير قليل البركة فاللي يجيب يرفع يده قل اخا من الاوائل كانوا قريبين من الكتاب والسنة والاخذ من معينهما طيب غيره نعم. يقول الاخ لان الاوائل كانوا يتعلمون العلم ويحرصون على العمل بخلاف المتأخرين اخر يقول الاخ لان النبي صلى الله عليه وسلم قال خير القرون خير القرون قرني والخيرية تشمل كل شيء الجواب ان الفرق بين الاوائل والاواخر تباين مقاصدهم في الكلام تباين مقاصدهم في الكلام روى ابو نعيم الاصبهاني في كتاب حلية الاولياء والبيهقي في شعب الايمان انه قيل لحمدون القصار اكتبوا هذه الحكاية واحفظوها انه قيل لحمدون القصار ما بال كلام السلف انفع من كلامنا ما بال كلام السلف اكثر نفعا من كلامنا ما بالكلام السلف اكثر نفعا من كلامنا فقال لانهم يتكلمون لعز الاسلام ونجاة النفوس ورضى الرحمن لانهم يتكلمون ليش لعز الاسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن ونحن نتكلم لعزة النفس لعز النفس لعز النفس وطلب الدنيا ورضا الخلق ونحن نتكلم لعز النفس وطلب الدنيا ورضا الخلق انتهى كلامه فلما تباين القصد بين الاوائل والاخر تباين اثر الكلام في النفع والانتفاع فينبغي ان يحرص الانسان على ما ينفعه لا على ما كان مطولا كما سبيت قلوب بعض الناس بهذا عند المتأخرين. وسبق ان ذكرت لك ان العلم لا يمدح بالبسط والاتساع. وانما يمدح ويحمد بالنفع والانتفاع فان قليلا يبقى فينفع خير من كثير يلقى فيرفع وليس من مقاصد العلم تطويل العبارة والتفسير للمباني بل جاءت الشريعة بطلب الايجاز فان النبي صلى الله عليه وسلم اوتي جوامع الكلم. فكان يجمع له في الكلام القليل ما يشتمل على معان كثيرة ذكره الزهري وغيره ويأتي بيانه في شرح الاربعين النووية باذن الله وصح عليه وصفا ما ذكرته في ابيات لي قلت فيها خير الكلام كلام عد في القول قليلا ان بقرت الحرف منه اغرق افها منيلا خير الكلام كلام عد في القول قليلا ان بقرت الحرف منه اغرق الافهام ميلا ومعنى ان بقرت الحرف منه يعني ان شققت الكلمة منه متفهما معناها وجدت من المعاني ما يغرق الافهام كالنيل اذا كالنيل اذا زاد فاغرق ما حوله من الارض فينبغي ان يحرص الانسان على ملاحظة هذا الاصل متعلما ومعلما وان الممدوح في ايصال الحق الى الخلق هو الايجاز لا غسط العبارات وتطويل الاشارات والتطويل في العبارة انما ينفع لثلة من المنتهين. فلا يكون محمودا على كل حال. وجمهور الخلق من المتعلمين وغيرهم انما يصلحون بما يلقى اليهم على وجه الايجاز الذي يجمع معاني ما يراد ايصاله اليهم من الحق وكان العلماء الاكابر فيما مضوا يقللون الفاظهم في بيان معاني الكتاب والسنة وايضاح كتب باهل العلم مع صلاح النية وحسن العمل وكمال الاقبال على الله سبحانه وتعالى فانتفع الخلق بهم وتخرج عليهم فئام كثير من العلماء طبقة بعد طبقة فلما طولت العبارات وبسطت الاشارات صار لا ينبل في العلم الا الواحد بعد الواحد وعامة من يتخرج من هؤلاء انما يتخرج باجتهاده المفرد ومن الناس من يزهد ويزهد في تقليل الكلام. وربما عيب العلماء الكبار بقلة كلامهم في بيان ما يقررونه من العلم وهذا من جهل المتكلم به العائب لهم. فان العلم لا يراد منه تطويل العبارة. وانما يراد منه تحصيل مقصوده. هو ربما وفت عبارة وجيزة عن كلام كثير وهؤلاء العلماء الكبار سنا وعلما معهم من اسباب البركة ما يكون به قليل كلامهم نافعا بخلاف كثير كلام غيرهم. والعلم انما يحمد بصدوره بجمل مباركات لا بعبارات مطولات نعم المعقد الخامس سلوك الجادة الموصلة اليه. لكل مطلوب طريق يوصل اليه فمن سلك جادة مطلوبه اوقفته عليه. ومن عدل عنها الم يظهر بمطلوبه وان للعلم طريقا من اخطأها ضل ولم ينل المقصود. ربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثير يقول الزرنودي رحمه الله في كتابه تعليم المتعلم وكل من اخطأ الطريق ضل ولا ينال المقصود قل او جل. وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد الجهل بالطريق وافاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع الفائدة القليلة. وقد ذكر هذا الطريق بلفظ جامع مانع محمد مرتضى ابن محمد زبيدي صاحب تاج العروس بمنظومة النوم تسمى البية السند. يقول فيها فما حول الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسن لحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مبيد الناصحين. فطريق العلم وجادته مبنية على امرين من اخذ بهما كان معظما ان لانه يطلبه من حيث يمكن الوصول اليه. فاما الامر الاول فحفظ متن جامع للراجح. فلا بد من حفظ. ومن ظن انه ينال العلم كحفظ فانه يطلب محالا والمحفوظ المعول عليه هو المتن الجامع للراجح اي المعتمد عند اهل الفن فلا ينتفع طالب يحفظ المغمور في فن ويترك مشهورة كمن يحفظ الفية الاثارية بالنحو ويترك الفية ابن مالك. من معايب اخذ العلم حفظ المتون غير المعتمدة عند اهله فطالب العلم ينبغي ان يكون حريصا على حفظ وقته ومن حرصه على حفظ وقته ان يشتغل بحفظ المتون المعتمدة فيحفظ المتن المعتمد في الفن الذي يروم ادراكه وصرف النفس الى حفظ المتون غير المعتمدة يضر بها. ومن هنا قال الزبيدي في الفية السند فما حوى الغاية في الف سنة فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد للناصح والمتن الجامع للراجح وصف للمتن المعتمد وما خرج عن ذلك فلا يتشاغل به فاياك ان تأخذ من المتون حفظا وفهما متنا لم يعتمده اهل العلم. ولم يتداولوه بين بالبيان والايضاح وكما يعاب حفظ المتون غير المعتمدة يعاب حفظ المتون المعتمدة من نسخ مصلحة والنسخ المصلحة هي نسخ المتون التي حكمت فيها ايدي بعض المتأخرين بالتغيير والتبديل ممن يعمد الى متن مشهور من المتون المتداولة كالفية ابن مالك او غيرها في غير في ابياتها بحسب ما يظهر له من صحة وجه نحوي او عوضي او غير ذلك ولم يكن اهل العلم يصنعون ذلك. وانما كانوا يجعلونه حاشية او في ضمن شرح ذلك المتن ومن طالع منكم شرح ابن غازي المكناسي رحمه الله تعالى على الفية ابن مالك وجده لا يغادر ابياتا من الفية ابن مالك الا عقب عليها بقوله ولو انه قال كذا وكذا لكان ومع ذلك لم يعمد احد من اهل العلم الى استخراج تصحيحات ابن غازي وايداعها في الالفية واظهارها للحافظين ليحفظوها بعد ذلك الاصلاح لان ما عن لابن غازي رأي له. كما انه يظهر لغيره رأي اخر فالمحكوم به صحة ان تأخذ تلك المتون المعتمدة كما وضعها اربابها واياك والنسخ المصلحة التي حكمت فيها ايدي الناس بالتصحيح وانما يغتفر هذا فيما يتعلق بالخطاب الشرعي فانه اذا اصلح المتن على وجه محقق صحته في خطاب الشرع جاز ذلك. ومنه ما عمد اليه اهل المشرق لما طبعوا العقيدة الواسطية فجعلوا الايات فيها على رواية حفص عن عاصي والا فان ابا العباس ابن تيمية حفيد كان يقرأ بحرف ابي عمر ابن العلاء فلما ارادوا طبعها جعلوا الاية فيها مثبتا على رواية حفص عن عاص. فمثل ذلك لا بأس به. ونظيره اصلاح ما ساغ اصلاحه من الفاظ الاحاديث النبوية وفق النسخ التي بايدينا النووي رحمه الله تعالى مثلا ذكر من احاديث الاربعين حديث سفيان ابن عبد الله الثقفي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قل امنت بالله ثم تقم وهذا اللفظ ليس موجودا في النسخ التي بايدينا من صحيح مسلم. وانما فيها قل امنت بالله فاستقم فاذا اصلح هذا اللفظ على وفق ما بايدينا كان ذلك سائغا مع الانباه الى ان ما النووي لا يقال فيه انه خطأ. لان النووي انما اثبت تلك الاخبار نسخ متصلة به بالسماع فهو صحيح في حق ما اثبته لكن في حقنا انما يعول على الفاظ النسخ التي بايدينا. نعم واما الامر الثاني فاخذه على مفيد ناصح فتفزع الى شيخ تتفهم عنه معانيه يتصف بهذين الوصفين واولهما الافادة وهي الاهلية بالعلم فيكون ممن عرف بطلب العلم وتلقيه حتى ادرك فصارت له ملكة قوية فيه والاصل في هذا ما اخرجه ابو داوود رحمه الله في سننه قال حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن ابي شيبة قال حدثنا جرير عن الاعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم واسناده قوي والعبرة بعموم الخطاب لا بخصوص المخاطبة فلا يزال فلا يزال من معالم العلم في هذه الامة ان يأخذه الخالف عن السالف. اما الوصف الثاني فهو النصيحة معنيين اثنين احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به. والاهتداء بهديه ودله وسمته. قوله والاهتداء بهديه ودله وسمته الهدي اسم للطريقة التي يكون عليها العبد الهدي اسم للطريقة التي يكون عليها العبد وهو جامع للسمت والدل وهو جامع للسمت والدل فعطفهما عليه من عطف الخاص على العام وبين الدل والسنت فرق فالدل هو الهدي المتعلق بالسورة الظاهرة هو الهدي المتعلق بالصورة الظاهرة. واما السمت فهو اسم للهيئة المتعلقة بالافعال اسم للهيئة المتعلقة بالافعال اللازمة للعبد او المتعدية عنه نعم والاخر معرفته بطرائق التعليم بحيث يحسن تعليم المتعلم ويعرف ما يصلح له وما يضره وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي في الموافقات وبرنامج مهمات العلم يخرج نوره من هذه المشكاة التي ذكرها الشاطبي في طرائق التعليم من معرفة ما يصلح للمتعلم واحسان تعليمه فالناس يحدث لهم مع ضيق اوقاتهم وضنك احوالهم وكثرة اشغالهم ما يوجب طلب الاصل اصلحي لهم فيحدث لهم من التصرف في العلم ما يكون معينا لهم على حفظ العلم والدين وعدم ضياعها قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله يحدث للناس اقضية بقدر ما يحدثون من الفساد يحدث للناس اقضية بقدر ما يحدثون من الفساد انتهى كلامه فان الناس اذا استشرى فيهم الفساد اقيم من الزواجر ما يردعهم عنه ممن لا مما لم يكن معروفا من قبل وكذلك اذا خيف فوات العلم والدين لتغير الاحوال واختلاف الاوقات احدث لهم من التصرف في العلم ما يعينهم على حفظ العلم والدين فليس هذا البرنامج ونظراؤه بدعا من القول بالعلم والعمل بل هو مبني على اصل وثيق وهو الذي ذكره الشاطبي من معرفة طوائف التعليم واحسان تعليم الناس بملاحظة احوالهم وحملهم على ما يصلحون به واذا قال قائل فهل كان من مضى ممن يعتد به يشرح المتون المشروحة في هذا البرنامج في مثل هذه المدد قيل لم يزل الناس على ذلك حتى غلوا بتطويل العبارات واذا اردت ان تعرف صدق ذلك فانا مفتي البلاد الاسبق شيخنا ابن باز رحمه الله له شروح محفوظة صوتيا بثلاثة الاصول والقواعد الاربع والواسطية والتوحيد فاستمع اليها وستجد ان المدة التي شرح فيها هذه المتون هي في كثير منها اقل من المدة التي نشرح فيها هذه المتون ولم يكن الناس يعرفون تطويل العبارات بالتعليم الذي يراد به نفع الناس لجمهور الخلق فلما غلب على الناس هذا صار مستنكرا عندهم تقليل العبارات. ولو انهم نظروا الى مثل ما ذكرنا من الدروس لمفتي البلاد الاسبق لعلموا حقيقة ذلك. وكان ممن تأخر زمنه ممن ادركنا من الطبقة السابقة وهو في طبقة شيوخ الشيخ ابن باز شيخنا عبد العزيز ابن مرشد رحمه الله وكان تصديا لتعليم العلم غير مشغول عنه باي امر من امور الدنيا فكان يقرأ في المدة اليسيرة كتبا كثيرة لتفرغه الكامل للعلم مع ملاحظته هذا الاصل وهو تقليل العبارات في تحصيل الافادات فتخرج به اناس كثير واما تطويل العبارة فربما كان مانعا للانسان من ادراك العلم. وانما يحسن هذا في حال دون حال ولسنا بالذين نعيب مطلقا تطويل تطويل العبارات لمن يصلح له ويناسب حاله لكننا لا نقول ان تقليل العبارات يضيع العلم. بل تقليل العبارات يحفظ العلم. وحمل الناس على ما يصلح لهم في ضيق اوقاتهم وتغير احوالهم امر ينبغي ان يلاحظه مريد الخير بالناس فان من اراد ان يقيس حالنا على حال من مضى اخطأ فيه فان طالب العلم في من مضى كان طول يومه فارغا لمعلمه. واما اليوم فانه يشغل وجه النهار. بدراسة اكاديمية او عمل ثم يتخذ من بقية اليوم ما يكون فيه راحته وقضاء حوائجه. فلا يخلص له في اليوم الواحد الا مدة يسيرة. فاذا اريد حفظ العلم لم يكن من العقل عدم ملاحظة تغير احوال الناس بل تكون حال العاقل الحكيم الرشيد مريد النفع للناس ان يحدث لهم من الاحوال التي يحفظ بها العلم والدين ما يعينهم على ذلك ومما ينبه اليه فيما يتعلق بالجهل بطرائق التعليم ان من الناس من المعلمين او المتعلمين صار يكتفي بقراءة او اقراء المتون المعتمدة مرة واحدة ويتشاغل عنها بغيرها وهذا من الجهل بحقيقة العلم فان العلم محشو في هذه المتون فمن اراد ان يصيبه بها وليجتهد في الاقبال عليها وتكريرها مرة بعد مرة. فان اعادة النظر فيها خير له من جعل وقته في غيرها وانظر الى حكمة الشريعة الغراء في تكرار الفاتحة في الصلوات فانك تقرأ الفاتحة في اليوم الواحد مرات ومرات في كل صلاة فانه لما عظم قدرها احتيج الى تكريرها ولا يذهب ذلك التكرير رونقها ولا يزيل جدة معانيها بل يزيد فريقها وهجا ويظهر للانسان من معانيها ان تدبرها ما لم يكن يعلمه من قبل كما ذكر ابو العباس ابن تيمية الحفيظ الله تعالى فاللائق بمريد العلم ان يديم تكرار ما ينفعه مرة بعد مرة. وان لا يقطع عنه بدعوى ان قراءته مرة واحدة كافية في الانتفاع به. بل متى كان الشيء نافعا كان الانفع للانسان ان يكثر من تكريره. واذا اعيد النافع على القلب مرة بعد مرة قرت معانيه في القلب وثبتت وقد ذكر من اخبار شيخنا ابن باز رحمه الله ان كتاب ثلاثة الاصول وادلتها قرأ عليه في مدينة الدلم ابان كان قاضيا لها اكثر من مائة مرة ولو سألت احدنا معلما او متعلما كم قرأت هذا الكتاب او اقرأته لقال مرة واحدة وهذا من الغبن المستبين والحرمان المبين الذي يصرف به العبد عن اصول العلم النافعة وفي مثل هذا يقول ابو عبيد القاسم ابن سلام رحمه الله تعالى عجبت لمن ترك الاصول عجبت لمن ترك الاصول وطلب الفضول انتهى كلامه عجبت لمن ترك الاصول وطلب الفضول. ومن جملة ما يندرج في كلامه العزوف عن الاصول المعتمدة والاشتغال بشذور العلم المتفرقة وفي منفعة اعادة العلم انشدت ابياتا منها لا تضجروا من كرة الاعادة وشمروا ذا منهج الافادة والحق في المعروف بالنفاعة تكراره حتى تقوم الساعة واجدر العلوم ان يعاد اصولها وما هدى العباد كم كرر الاشياخ للاصول وما بلوا بمذهب الفضول فمن اراد العلم بالاحكام ملتمسا او مرشد الانام بعروة المتون وليحتفل بجوهر الفنون وليحكم الالفاظ المعاني مكررا كالسبع في المثاني. وهي قصيدة معروفة باسم منفعة الاعادة. من التمسها وجدها نعم المعقل السادس رعاية فنونه بالاخذ وتقديم الاهم فالمهم ان الصورة المستحسنة يزيد حسنها بتمتع البصر بجميع اجزائها. ويفوت من حسنها عند الناظر بقدر ما يحتجب عنه من اجزائها العلم هكذا من راعى فنونه بالاخذ واصاب من كل فن حظا كملت الته في العلم قال ابن الجوزي رحمه الله بصيد خاطره جمع العلوم ممدوح من كل فن خذ ولا تجهل به. الحر مطلع على الاسرار. ويقول شيخ شيوخنا محمد ابن مارع رحمه الله في ارشاد الطلاب ولا ينبغي للفاضي ان يترك علما من العلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه ولا له ان يعيب العلم الذي يجهله ويجري بعالمه فان هذا نقص وذيلة. العاقل ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بحلم والا دخل تحت قول القائل اتاني ان سهلا ذم جهلا علوما ليس يعرفهن سهل علوما لو قراها ما قلاها ولكن الرضا وبالجهل سهل قوله ما قلاها اي ما ابغضها فالقلى هو البغض ومنه قوله تعالى ما ودعك ربك وما قلى نعم انتهى كلامه وانما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد اصلين احدهما تقديم الاهم فالمهم مما يفتقر اليه المتعلم وفي القيام بوظائف العبودية لله سئل ما لك بن انس امام دار الهجرة عن طلب العلم فقال حسن جميل ولكن انظر يلزمك من حين تصبح الى حين تمسي فالزمه. قال ابو عبيدة معمر ابن المثنى رحمه الله انشغل نفسه بغير المهم اضر بالمهم وقدم الاهم ان العلم جم والعمر طيف زار او ضيف الم والاخر ان يكون قصده في اول طلبه تحصين مختصر في كل فن. حتى اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق طبعه منها وانس من نفسه قدرة عليها فتدحر فيه سواء كان فنا واحدا ام اكثر اما بلوغ الغاية في كل فن والتحقق بملكته فانما يهيئ له الواحد بعد الواحد بازمنة متطاولة. ثم ينظر المتعلم ثم ينظر المتعلم فيما يمكنه من تحصيلها افرادا للفنون مختصراتها واحدا بعد واحد او جمعا لها والافراد هو المناسب لعموم الطلبة ومن طيار شعر الشراقطة قول احدهم وان تريد تحصيل فنن تمئة وعن سواه قبل الانتهاء معه. وفي ترادف العلوم المنعجاء ان توأمان استبقا لن يخرجا قوله ومن طيار شعر الشناقطة الشعر التيار هو الذي لا يعلم قائله فما لم يعلم قائله من الاشعار سمي طيارا والى هذا المعنى اشار منشدكم بقوله شائع الابيات ان لم يعلم قائله الطيار بين الامم شائع الاشعار ان لم يعلم قائله الطيار بين الامم وقوله مه كلمة زجر اي انتهي عن ذلك كان ومن عرف من نفسه قدرة على الجمع جمع وكانت حاله استثناء من العموم ومن نواقض هذا المعقد المشاهدة الاحزام عن تنوع العلوم والاستخفاف ببعض المعارف والاشتغال بما لا ينفع مع الولع بالغرائب وكان مالك يقول شر العلم الغريب وخير العلم الذي قد رواه الناس وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس المعقد السابع المبادرة الى تحصيله واغتنام سن الصدى والشباب. فان العمر زهرة اما ان تصير بسلوك المعالي ثمرة. واما ان تذبل وان مما تثمر به زهرة العمر المبادرة الى تحصيل العلم وترك الكسل والعجز واغتنام سن الصلة والشباب امتثالا للامر باشتباق خيرات كما قال تعالى فاستبقوا الخيرات وايام الحدادة فاغتنمها الا ان الحداثة لا تدوم قال احمد رحمه الله تبهت الشباب الا بشيء كان في كمي فسقط. والعلم في سن الشباب اسرع الى النفس. واقوى تعلقا قال الحسن البصري رحمه الله العلم في الصغر كالنقش في الحجر فقوة بقاء العلم في الصغر كقوة بقاء النقش بالحجر. فمن اغتنم شبابه نال اربه وحمد عند مشيبه اغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم السراد واضر شيء على الشباب التسويف وطول الامل فيسوف احدهم ويركب بحر الاماني ويشتغل باحلام اليقظة ويحدث نفسه ان الايام المستقبلة ستفرغ له من الشواغل وتصفو من والعوائق قوله ويشتغل باحلام اليقظة احلام اليقظة تركيب يراد به ما لا حقيقة له نعم والحال المنظورة ان من كبرت سنه كثرت شواغله ان من كبرت والحال المنظورة ان من كبرت سنه كثرت وعظمت قواطعه مع ضعف الجسم ووهن القوى ولن تدرك الغايات العظمى والترجي والتمني ولست بمدرك ما فات مني ليهفى ولا بليت ولا لوني ولا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم بل هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا. ذكره البخاري في كتاب العلم من صحيحه. وانما يعسر التعلم في الكبر كما بينه الماوردي في ادب في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القواطع وتكاثر العلائق فمن قدر على دفعها عن نفسه ادرك العلم وقد وقع هذا جماعة من النبلاء طلبوا العلم كبارا فادركوا منه قدرا عظيما. منهم القفال الشافعي رحمه الله المعقد الثامن لزوم التأني في طلبه وترك العجلة ان التحصيل ان تحصيل العلم لا يكون جملة واحدة. اذا القلب يضعف عن ذلك. وان للعلم فيه ثقلا كثقل الحجر في يد حامله. قال تعالى انا سنلقي عليك قولا ثقيلا اي القرآن واذا كان هذا وصف القرآن الميسر كما قال تعالى ولقد يسرنا القرآن الذكر فما الظن بغيره من العلوم وقد وقع تنزيل القرآن رعاية لهذا الامر منجما مفرقا باعتبار الحوادث والنوازل. كما قال وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا وهذه اية حجة في لزوم التأني في طلب العلم والتدرج فيه وترك العجلة. كما ذكره الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه والراغب في مقدمة جامع التفسير قوله وقد وقع تنزيل القرآن رعاية لهذا الامر منجما اي مفرقا والنجم هو الوقت المطلوب فيكون المعنى في اوقات معينة مقدرة مضبوطة نعم ومن شارد النحاس الحلبي قوله رحمه الله اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تلتقط يحصل المرء بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط. قال شعبة ابن اختلفت الى عمرو ابن دينار خمسمائة مرة وما سمعت منه الا مئة حديث في كل خمسة مجالس حديث خمسة مجالسه في كل خمسة مجالس حديث اليكم وقال حماد بن ابي سليمان لتلميذ له تعلم كل يوم ثلاث مسائل ولا تزد عليها شيئا ومقتضى لزوم التأني والتدرج بداءة بمتون القصار المصنفة في فنون العلم حفظا واستشراحا والميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليها ومن للنذر بالمطولات فقد يجني على دينه. وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى تضييعه. ومن بدائل الحكم قول عبد الكريم احد شيوخ العلم بدمشق الشام في القرن الماضي طعام كبار سم الصغار وصدق فان الرضيع اذا تناول طعام مهما لذ وطاب اهلكه واعطبه. ومثله من يتناول المسائل الكبار من المطولات. ويوقف نفسه مع ضعف الالة على العلماء وتعدد مذاهبهم في المنقول والمعقول المعقل التاسع الصبر في العلم تحملا واداء اذ كل جليل من الامور لا يدرك الا بالصبر. واعظم شيء تتحمل به النفس طلب المعالي. تصبيرها عليه. ولهذا كان الصبر مصابرة مأمورا بهما لتحصيل اصل الايمان تارة ولتحصيل كماله تارة اخرى. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا وقال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم للغداة والعشي يريدون وجهه. قال يحيى ابن ابي كثير في تفسير هذه الاية هي مجالس الفقه ولن يحصل احد العلم الا بالصبر. قال يحيى ابن ابي كثير ايضا لا يستطاع العلم براحة الجسد. فبالصبر اخرجوا من معرة الجهل قال الاصمعي من لم يحتمل ذل التعليم ساعة بقي في ذل الجهل ابدا وبه تدرك لذة العلم قال بعض السلف من لم يحتمل الم التعليم لم يذق لذة العلم ولابد دون الشهد من سم لسعة قوله ولابد دون الشهد من سم لسعة الشهد بفتح الشين وضمها هو العسل في الشمع هو العسل في الشمع ودونه ابر النحل التي تلسع من اراده وكذلك معاني الامور دونها وخزات الالم التي تصعب الوصول اليها فمن لم يحتمل وخزات الالم في طلب المعالي لم يصل اليها نعم وكان يقال من لم يركب المصاعب لم ينل الرغائب وصبر العلم نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه فالحفظ يحتاج الى صبر والفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر. ورعاية حق الشيخ تحتاج الى صبر. والنوع الثاني صبر في ادائه وبثه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر. وافهامهم يحتاج الى صبر. واحتمال زلاتهم يحتاج الى صبر وفوق هذين النوعين وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما لكل الى شؤو العلا وثبات ولكن عزيز في الرجال ثبات قوله لكل الى شاوي العلا الشاو هو الغاية والوثبات جمع وثة وهي القفزة والمعنى لكل الى غايات العلا قفزات في طلابها ولكن يعز في الرجال الثبات على مطلوبهم وقديما قيل من ثبت نبت فمن كانت له عزيمة تثبته في طلب مقصوده وصل اليه وفي اخر الهداية لمنشدكم قوله ان ان الثبات في الرجال عزا ويغنم الرجال منه العز فاذا ثبت المرء في طلاب مقصوده حصل غايته وبلغ العز الذي يروم حصوله فينبغي ان يجتهد طالب العلم في تثبيت نفسه وتذكيرها بالصبر فان الصبر اذا زرعته النفس انقلبت الالام التي يجدها الى لذات بل فقدها بالكلية وصار ثباته على العلم ممكنا ولما غاب عن الناس التذكير بهذا الاصل واشهاد القلوب له قل فيهم الصبر على العلم فتجد احدهم ربما جلس في مقاعد التعليم سنة ثم تململ وتركها واذا كان عاكفا في حلقة من حلق العلم كان نشيطا في الاقبال مدة يسيرة ثم تشاغل بغير الاقبال على العلم الذي يسمعه هذا من ضعف صبره فمن وجد ذلك في نفسه فليحسن سياستها وليعجل بمداواتها واشفائها من علتها والا فانها تسري فيه حتى تغلب عليه فيترك طلب العلم بخلاف من راظها وجاهدها ب طلب العلم فانه لا يزال يحملها على مقصوده حتى تهون عنده تلك المصاعب ويفقدها بالكلية ومن لطيف ما يذكر ان احد الطلبة ممن يحضر مثل هذه المجالس ذكر لي انه ابتداء حضوره كان يجد ثقلا في حضورها لطول مدتها عما عليه الناس لا على ما كان عليه اهل العلم ثم صبر نفسه حتى وجد انه فقد ما كان يؤنسه واكتشف ذلك بانه كان يبكر الى صلاة الجمعة فاذا دخل المسجد بادر الى عمود يتكئ عليه فلما واصل حضور هذه المجالس صار لا يحتاج الى ذلك العمود لانه عود نفسه على الصبر بالجلوس مدة طويلة فصار لا يجد الاما في ظهره فاذا ذكر الانسان نفسه هذا الصبر وجرعها المه محتسبا الاجر عند الله سبحانه وتعالى مستحضرا انه يجلس في مقعد من مقاعد جهاد النفس هو اعظمها في تعريفها الحق الموصل الى الله سبحانه وتعالى صبر الانسان وسيجد الانسان لذة صبره بما يفوز به من الخير في الدنيا وما يرجوه عند الله سبحانه وتعالى في الاخرى فنسأله سبحانه وتعالى ان يعيننا على الرشد وان يرزقنا العزيمة فيه نعم ومن يلزم الصبر يظفر بالرشد قال ابو يعلى الموصلي المحدث اني رأيت وفي الايام تجربة للصبر عاقبة محمودة الاثر وقل من جد في امر تطلعه واستسحب الصبر الا فاز بالظفر المعقد العاشر ملازمة اداب العلم. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين. ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه قلة ادبه عنوان شقاوته وبواره. فما استجلب خير الدنيا والاخرة بمثل الادب ولاستجلب حرمانهما بمثل قلة الادب والمرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسب ونسب وانما يصلح للعلم من تأدب بآدابه في نفسه ودرسه ومع شيخه وقرينه قال يوسف بن الحسين للادب تفهم العلم لان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبذل له وقليل الادب يعز العلم ان يضيع عنده سأل رجل البقاعي ان يقرأ عليه فاذن له البقاعي فجلس الرجل متربعا فامتنع البقاعي من لقائه وقال له انت فاحوج الى الادب منك الى العلم الذي جئت تطلبه؟ ومن هنا كان السلف رحمهم الله يأثمون بتعلم الادب كما يعتنون بتعلم العلم. قال ابن قال ابن سيرين رحمه الله كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم. بل ان طائفة منهم يقدمون تعلمه على تعلم العلم. قال ما ابن انس لفتى من قريش يا ابن اخي تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم وكانوا يظهرون حاجتهم اليه قال مخلد بن الحسين لابن يوم نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم. قوله رحمه الله نحن الى كثير من الادب احوج ومنا الى كثير من العلم ذاك في زمانه فما بالك بزماننا وما احسن موقع نحن في الاجراء على النفس وعيبها وبيان نقصها وانما اراد مخلد رحمه الله تعالى في الازراء على نفوس اهل زمانه تحريضهم على تحصيل الكمال من الاحوال بتكميل ادبهم والاحتياج اليه اكثر من احتياجهم الى العلم. واذا كان هذا كلاما صادرا في حق من كانوا اكمل منا حالا قال نحن الى ادب اكثر مما كانوا عليه احوج فينبغي ان يحرص طالب العلم على الاخذ بالادب وان يحققه في نفسه وان يجتهد في معرفة مواقعه وامتثال مأموريه فان المتأدب يصلح ان يكون وعاء للعلم وكما ينتخب الناس لانسابهم ما يشرفون به فان الله سبحانه وتعالى يصطفي للعلم من يشرف به فكما ان النبوة اختيار يجتبي الله عز وجل اليها من شاء منكن لخلقه فان العلم اجتباء من الله سبحانه وتعالى وليس هذا الاجتباء للخلق بالوانهم ولا انسابهم ولا احسابهم ولا اموالهم ولا قواهم وانما على ادابهم. فمن تأدب في العلم صلح ان يكون وعاء له. ومن كان قليل الادب فيه فانه ويحرم العلم وكم من امرئ عرف في ابان حياته بقوة حفظ وجودة فهم الا انه انقطع عن طلب العلم لانه كان قليل الادب ولا يجعل الله عز وجل العلم عند من قل ادبه وانما يجعله سبحانه وتعالى عند من كمل ادبه. واحق الناس بالاداب الكاملة والاخلاق الفاضلة والشمائل الجميلة والخصال الجليلة هم طلاب العلم فينبغي ان تكونوا يا طلاب العلم ممتثلين الادب حريصين عليه مشهورين به متشرفين بالانتساب اليه واياكم ومخالطة السفهاء والدهماء وقليلي الادب. فمتى وجدتم احدا هذه اوصافه؟ ففروا منه كما تفرون من للاسف فان هجمة احوالهم على قلوبكم اشد من هجمة الاسد على ابدانكم. فان مخالطة قليل الادب تنقل اليك ادبه كما ان مخالطتك كامل الادب تنقل اليك ادبه نعم وكانوا يوصون به ويرشدون اليه. قال مالك كانت امي تعممني وتقول لي اذهب الى ربيعة. فعن ابن ابي عبدالرحمن اهل المدينة في زمنه تتعلم من ادبه قبل علمه وانما حرم كثير من طلبة العصر العلم وانما حرم كثير من طلبة العصر العلم بتضييع الادب فترى احدهم متكئا بحضرة شيخه بل يمد اليه رجليه ويرفع صوته عنده ولا يمتنع ولا يمتنع عن اجابة الجوال او غيره فاي ادب عند هؤلاء ينالون به العلم؟ اشرف الليث ابن سعد رحمه الله على اصحاب الحديث فرأى منهم شيئا كأنه او كره فقال ما هذا؟ انتم الى يزيد من الادب احوج منكم الى كثير من العلم فماذا يقول الليث لو رأى حال كثير من طلاب العلم في هذا العصر المعقد الحادي عشر صيانة العلم عما يشين مما يخالف المروءة ويخرمها. من لم يصن العلم لم يصنه العلم كما قال الشافعي ومن اخل بالمروءة بالوقوع فيما يشين فقد استخف بالعلم. فلم يعظمه ووقع في البطالة فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه. قال وهب بن منبه رحمه الله لا يكون من الحكماء لا يدرك العلم بطال ولا كسل ولا ملول ولا من يألف البشر وجماع المروءة كما قاله ابن تيمية الجد في المحرر وتبعه حفيده في بعض فتاويه استعمال ما يجمله ويزينه وتجنب ما يدنسه وجملة المروءات من النوافل المستحبات فهي اصل بابها لانها مكملة للدين وما يحتاج اليه من الدين فهو من الفرائض وما زاد عن ذلك والمروءة مندرجة فيه فانه من فجل ما يذكر في باب المروءات هو من النوافل المستحبات. وقد يكون فيها شيء واجب نعم قيل لابي محمد سفيان ابن عيينة قيل لابي محمد سفيان ابن عيينة قد استنبطت من القرآن كل شيء. فاين المروءة فيه؟ فقال في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين ففيه المروءة وحسن الادب ومكارم الاخلاق. ومن الزم ادب النفس للطالب تحليه للمروءة وما يحمل وتنكبه خوارمها التي تخل بها كحلق لحيته. قوله وتنكبه خوارمها التي تخل بها الخوارم جمع خرم وهو الشر وخوارم المروءة هي مفسداتها التي تضعفها او تذهب بها. هي مفسداتها التي تضعفها او تذهب بها فلا يقال في شيء انه خادم للمروءة الا اذا كان قاضيا عليها بالافساد او الاضعاف. فكل شيء ان اضعف المروءة او افسدها فهو خالم لها نعم وتنكبه خوارمها التي تخل بها كحلق لحيته فقد عده في خوارم المروءة ابن حجر ابن حجر الهيتمي من الشافعية وابن عابدين من الحنفية او كثرة الالتفات في الطريق وعده من خوارمها ابن شهاب الزهري وابراهيم النخاعي من المتقدمين او مد الرجلين في مجمع الناس من حاجة ولا ضرورة داعية واده من الخوارم جماعة منهم ابو بكر الطرطوشي من المالكية وابو محمد ابن قدامة وابو وفاء ابن عقيل من الحنابلة او صحبة الاراضي والفساق والمجان والبطالين. وعده من خوارم المروات جماعة. منهم ابو حامد الغزالي وابو بكر ابن الطيب من الشافعية والقاضي عياض من المالكية او مصارعة الاحداث والصغار وعده من الخوارم ابن الهمام وابن من الحنفية ومن اخل بمرؤته وهو ينتسب الى العلم فقد افتضح عند الخاص والعام ولم ينل من شرف العلم الا الحطام المعقد انتخاب الصحبة الصالحة له الانسان مدني بالطبع قوله فالانسان مدني بالطبع اي لابد له من الاجتماع بغيره من ابناء جنسه ومشاركة بعضهم بعضا في تحصيل مصالحهم وهذه الجملة مشهورة في كلام قدماء فلاسفة اليونان ثم اصل اصولها ومد فروعها ابن خلدون في كتاب المقدمة ومعناها في قوله تعالى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا فهذه الاية اصل في المدنية. وان مقصود التعارف حصول انتفاع الخلق بعضهم ببعض نعم واتخاذ الزميل ضرورة لازمة في نفوس الخلق. فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره من الطلاب. لتعينه هذه المعاشرة على للعلم والاجتهاد بطلبه والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود ولا يحسن بقاصد العلا الا انتخاض صحبة صالحة تعينه فان للخليل في خليله اثرا. قال ابو داوود والترمذي والسياق لابي داوود حدثنا ابن بشار حدثنا ابو عامر حدثنا ابن بشار قال حدثنا ابن عامر ابو حدثنا ابن بشار قال حدثنا ابو عامر وابو داوود قال حدثنا زهير بن محمد قال حدثني موسى ابن وردان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. يقول الراغب الاصفهاني ليس اعداء الجليس جليسه بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر اليه لا تصحب الكسلان في حالاته كم صالح بفساد اخر يفسد عدو البليد شريعة كالجمر يوضع في الرماد فيخمد والجليد كالجمل يوضع في الرماد فيخمد والجليد هو الجاد الحازم وانما يختار للصحبة من يعاشر من يعاشر للفضيلة لا للمنفعة ولا للذة فان عقد المعاشرة يبرم على هذه المطالب الثلاثة الفضيلة والمنفعة واللذة كما ذكره شيخ شيوخنا محمد الخضر بن حسين في رسائل الاصلاح تنتخب صديقا فانتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به. قال ابن مسعود رضي الله عنه اعتبروا الرجل بمن يصاحبه فانما يصاحب الرجل من هو مثله. وانشد ابو الفتح البستي لنفسه. اذا ما اصطنعت امرئا فليكنعت امرأ اذا ما اصطنعت امرأ فليكن شريف النجار زكي الحسب. فنزل الرجال كنذل النبات. فلا للثمار ولا للحطب. قوله شريف النجار النجار بكسر النون وضمها الاصل والانساب مؤثرة في الطبائع ذكره ابو العباس ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ولذلك لا تلم خوارم العادات وقبائح الاخلاق الا بساقط الاصل نعم ويقول ابن بارع رحمه الله في ارشاد الطلاب وهو يوصي طالب العلم ويحذر كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة وسيء السمعة والاغبياء والبلداء فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان. وكان هذا عين قول سفيان ابن عيينة اني لاحرم جلسائي الحديث الغريب موضع رجل واحد ثقيل فقد يحرم المتعلم لاجل صاحبه فاحذر هذا الصنف وان تزيى بزي العلم فانه يفسدك من حيث تحس قوله رحمه الله اني لاحرم جلسائي الحديث الغريب يعني الحديث الذي يستفاد لعلوه او لمحل معناه فهذا مراده بالغريب في هذا الموضع المعقد الثالث عشر بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والشوارع عنه. اذ تلقيه عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له. ومذاكرة به وسؤال عنه فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه لكمال الالتفات اليه والاشتغال به. فالحفظ خلوة بالنفس والمذاكرة جلوس الى القرين والسؤال اقبال على العالم فبالحفظ يقرر العلم بالقلب وينبغي ان يكون جل همة الطاء وينبغي ان يكون جل همة الطالب مصفوفا الى الحفظ والاعادة كما يقول ابن الجوزي رحمه الله في سير خاطره ولم يزل ولم يزل العلماء الاعلام يحضون الحفظ ويأمرون به. قال عبيد الله بن الحسن وجدت احضر العلم منفعة ما وعيته بقلبي ولكته بلساني. قوله ولقته وبلسان اي حركته بلساني اي حركت به لساني متحفظا اياه من قولهم لا كالشيء في فيه اذا علكه وتحرك به لسانه ومن قواعد العلم ان القراءة التي يرفع بها الصوت تكون للحفظ والقراءة التي يخفض بها الصوت تكون للفهم فاذا اراد المرء ان يحفظ شيئا فليرفع صوته واذا اراد ان يفهم شيئا فليخفض صوته فانه اذا رفع صوته اجتمع على الحفظ هالتان احداهما اذنه بما يلقى اليها والاخرى عينه بما تدرك منه فيكون اجتماع الالتين اقوى في ثبات محفوظ واذا رام فهم شيء خفض صوته به لانه اذا خفض صوته جمع قلبه عليه. لان رفع الصوت يبدد قوة القلب وخفض الصوت يقويها. فاذا خفضت صوتك جمعت قوة قلبك على ما تروم ادراكه فادركته وفهمته نعم. وسمعت شيخها ابن عثيمين رحمه الله يقول عثيمين احسن الله اليكم. وسمعت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله يقول حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا ليس بعلم ما حول القمطر ما العلم الا ما الله الصدر قوله القمار بكسر القاف وفتح الميم اسمه وعاء كانت تحفظ الكتب وتصان فيه فيما سبق وهو بمنزلة الحقيبة التي يتخذها الناس اليوم مقامه نعم والمتلمس للعلم لا يستغني عن الحفظ ولا يجمل به ان يخلي نفسه منه. واذا قدر على ما كان يصنع ابن الفرات رحمه الله تأخذ به فقد كان لا يترك كل يوم اذا اصبح ان يحفظ شيئا وان قل. ومن عقل هذا المعنى لم يزل من الحفظ في ازدياد. فلا ينقطع فلا ينقطع عنه حتى الموت. كما اتفق ذلك لابن مالك رحمه الله صاحب الالفية النحوية فانه حفظ في يوم موته خمسة شواهد ما ذكره المصنف وفقه الله من ان ابن مالك رحمه الله بقي يحفظ الى اخر عمره حتى حفظ في يومه الذي مات فيه خمسة شواهد نبأ صادق دال على ان الانسان لا تزال له قدرة على الحفظ حتى يموت فلا تزول قدرته على الحفظ الا بزوال عقله ولكن القوى تختلف في ذلك فمن عود نفسه الحفظ وجعله دأبه وعادته فسيبقى مع كبره قادرا على الحفظ ما لم يتغير عقله ومن الاخبار المنقولة في ترجمة ابن هشام النحوي صاحبي اوضح المسالك ومغن لبيب انه تحول في اخر عمره وكان كبيرا من مذهب الشافعية الى مذهب الحنابلة فحفظ متن الخرقي في فروع الحنابلة مع كبر سنه في خمسة اشهر وذكر ان ابا الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى طلب علم القراءات بعد سن التمانين فادركه ومعلوم مشقة حفظ اوجه القراءات المختلفة على من كان شابا لكنها تسهل على المرء ولو كان كبيرا اذا كان مرتاضا للحفظ اخذا به طول عمره فمثل ذلك لا يزال قادرا على الحفظ ما لم يتغير عقله فاذا تغير عقله حصل له العجز عن ذلك فينبغي ان يجتهد طالب العلم في رياضة عقله على الحفظ والفهم ورياضة العقل كرياضة البدن فان مريد تقوية عضلات بدنه يأخذها برياضة معينة حتى تقوى وتزداد وكذلك من اراد تقوية عقله ينبغي له ان يأخذه بما يعينه على قوته شيئا فشيئا واوتي الناس من جهلهم هذا الاصل فاستصعبوا العلم فان احدهم اذا ذكر له العلم طمحت نفسه اليه فهجم عليه هجمة الليثي فاخذه اخذا شديدا تحمل نفسه من الحفظ والفهم ما لا تطيقه الان فيكل ويمل فيكل ويمل وينقطع عن ذلك اما من اخذ نفسه شيئا فشيئا في ذلك فتعاطى من العلم حفظا وفهما شيئا يسيرا ثم ارتقى الى ما فوقه بعد مدة ثم ارتقى الى ما فوقه بعد مدة فانه لا يزال في زيادة فعلى رائم العلم ان يأخذ بهذا الاصل والا يشغله ضعف البدايات فان البداية مقرونة بالضعف واعتبر هذا في نفسك فقد كنت في بطن امك جنينا ثم خرجت منه وليدا ثم تقلبت غلاما ثم ارتفعت شابا يافعا وصار لك من القوة ما لا ما لم يكن لك من قبل. وكما رأيت هذا في نفسك بدلا فاعتبره في قلبك حالا فان قلبك اذا اخذ بالتقوية شيئا فشيئا قوي واذا اردت ان تحمله شيئا لا يحتمله في المبادئ كان ضعيفا عن ذلك وستصل من الكمالات في النهاية الى شيء لم تكن تظن انك تبلغه في البداية قال ابو العباس ابن تيمية الحفيد بمنهاج السنة النبوية والعبرة بكمال النهاية لا بضعف البداية والعبرة بكمال النهاية لا بضعف البداية. ومن الناس من اذا لحقه هذا الضعف اعجز نفسه وسارع الى الاجهاز عليها فترك طلب العلم موهما نفسه انه لا قدرة له عليه لما وجد من العنت في بدايته واذا ادرك الانسان هذه الحقيقة وان المرء يلقى في البداية عنة سهل عليه الصبر فلا بد ان يعرف كل واحد منكم انه اذا ابتدأ طلب العلم فسيجد مشقة فان النفس تحتاج الى تعويد واذا اراد ان يعودها فليأخذها شيئا فشيئا حتى يتمكن العلم في القلب فسيقوى القلب على طلاب ما هو شديد عظيم وللتنبيه على هذا الاصل انزل على النبي صلى الله عليه وسلم في اول ما انزل ايات من سورة العلق فلم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم شيء كثير. وانما انزل عليه عدة ايات ليحتملها قلبه. وكذلك اذا اخذت في العلم فاعلم ان ما انك انما تفلح اذا اخذت شيئا يسيرا منه ثم بعد مدة ارتفعت الى ما فوقه فانك ستصل مع طول المدة ودوام الصبر الى شيء كنت لا تظن انك تقدر عليه في مبتدأ امريكا والبلية التي تزعزع نفوس طلاب العلم وتضعف سيرهم هي استطالة الطريق قال ابن القيم رحمه الله تعالى من استطال الطريق ضعف مشيه. انتهى كلامه. فاياك ان تستطيل طريق فانك تسلك طريقا عظيما وتأخذ سابلة جليلة هي ميراث خير الانبياء صلى الله عليه وسلم فاحمل نفسك على طلب العلم شيئا فشيئا مع الايام والليالي وستنتفع به وما امرتم به من اخذ العلم شيئا فشيئا لا يخالفه جريان هذا البرنامج على هذا النحو المتتابع فان المقصود من هذا البرنامج ليس تخريج طالب علم منه ولكن المراد منه ان يستفتح المبتدئون به تلقيهم ويتذكر به المتوسطون ما ينفعهم ويحقق منه المنكر هنا مسائل العلم وانما ينتفع بهذا البرنامج من اذا فرغ منه رجع اليه حفظا وفهما فبقي في ذلك مدة طويلة. فمن اراد ان ينتفع بهذا البرنامج فانه ينبغي له اذا فرغ منه بعون الله وتوفيقه ومدده ان يرجع الى سماع هذه الدروس وان يعتني بحفظ المتون التي شرع شرحت مع ما ينتقي من التقريرات التي بينت بها معانيها. ولو بقي في ذلك سنة واحدة حتى يأتي وقته في سنة قادمة ثم حضره ثانية وثالثة ورابعة وخامسة فانه او يدرك العلم. وانا كفيل لمن اخذ بهذه الطريق انه من اخذ بهذا الطريق انه سيجد العلم. وكم من منا ونحن جميعا قد خضنا عباد العلم من طالت مدته وقلت منفعته للجهل بالطريق وما ينفع فيها خلاف من لزم هذه الاصول وادمن النظر فيها وكررها على نفسه حفظا وفهما فانه سيأخذ الاصيل الجليل الاثيل الذي ينتفع به في الدنيا ويرجو نفعه عند الله سبحانه وتعالى في الاخرة وليس العلم بفترته وانما العلم ببركته. وهذه المتون مما تواطأ الناس على الانتفاع بها. وكم من لم يعرف كثيرا من المتون التي صار الناس يدرسونها اليوم يحقق من العلم ما لا يحققه من شغل بفضول العلم في المتون التي صار الناس يتلقفونها مما لم تداوله العلماء ولا اعتنت به وهذه المتون الخمسة عشر التي ادرجت في هذا البرنامج جلها مما تواطأ اهل العلم على العناية به. فاجعلوا انفسكم حريصين على الليالي بهذا الاصل. مدركين الغاية من هذا البرنامج ومن احتفل بحضوره ظانا انه بمجرد جلوسه يدرك العلم فلا يتعبن نفسه وانما ينبغي له ان يحضر اولا ثم اذا رجع الى مقره في هذه المدينة او غيرها اعاد النظر في هذه الكتب متنا وشرحا ثم كرر ذلك مرات ثم حرص على ان يعيد هذه الكتب بحضور مرة بعد مرة في كل صلاة باذن الله عند ذلك يتحقق العلم في قلبه. واعلموا انه لو لم يحصل من بركة في هذا الدرس الا قراءة هذه الكتب الخمسة عشر في هذه المدة لكان كافيا لنا جميعا فان ان انتفاعكم بما في بطون هذه الكتب خير من انتفاعكم بما يلقيه اليكم مبين معانيها فان هذه كتب لعلهم حطوا رحالهم في الجنة. والمتكلم بين ايديكم لا تؤمن عليه الفتنة. فلا تشغلن بقول معلمك عن هذه الكتب النافعة بل اجعل لنفسك منها حزبا تكرره حفظا وفهما يفتح لك بذلك ابوابا من الفهم والعلم نسأل الله سبحانه وتعالى ان يفتح علينا فتوح عباده المخلصين نعم وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس ويقوى تعلقه بها والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران وقد امرنا القرآن وقد امرنا بتعاهد القرآن الذي هو ايسر العلوم. قال البخاري رحمه الله تعالى قال البخاري رحمه الله رحمه الله حدثنا عبد الله بن يوسف قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت ورواه مسلم من حديث مالك به نحوه قال ابن عبد البر رحمه الله في كتابه التمهيد عند هذا الحديث واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابن المعقلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم وكان الزهري رحمه الله يقول انما يذهب العلم النسيان انما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة وبالسؤال عن العلم تفتتح وخزائنه قال الزهري رحمه الله انما هذا العلم خزائن وتفتتحها المسألة وحسن المسألة نصف العلم والسؤالات المصنفة كمسائل احمد المروية عنه برهان جلي على عظيم منفعة السؤال. وقلة الاقبال على العالم بالسؤال اذا ورد على بلد فاكشف بلغ العلم فيه فهذا سفيان الثوري رحمه الله يقدم عسقلان فيمكث ثلاثا لا يسأله انسان عن شيء فيقول لرواد للجراح احد اصحابه اكسري لي اخرج من هذا البلد هذا بلد يموت فيه العلم قوله رحمه الله هذا بلد يموت فيه العلم لانه لا احد يسأل عنه فامر صاحبه ان يبتلي له ان يطلب له من ينقله في الاجرة ليخرج من هذا البلد وشبيه بهذه الحكاية ما حادتني به سليمان السكيت رحمه الله رئيس قضاة حائل عن شيخه محمد الامين ابن المحمود الشنقيطي نزيل الزبير انه لما قدم عنيزة لقيه علماؤها واهلها فسألوه عن البلدان التي دخلها قادما من المدينة حتى وصل الى عنيزة. فلما انتهى سؤالهم الى بلد من تلك كالبلدان قال اما هذه البلد فاهلها علماء فعجبوا من جوابه وذكروا له انهم لا يعرفون فيها من يشار اليه بطلب العلم. فكيف يكون اهلها جميعا علماء فقال لاني اقمت فيها شهرا فلم يسألني انسان مسألة فعلمت انهم علماء فمثل هذا البلد يموت فيه العلم وينبغي ان يخرج منه الانسان مهاجرا فبقاء موصوف بالعلم مدة في بلد لا يسأل عنه ولا ينتفع به دليل على عدم مبالاة اهله بالعلم وانه ميت بينهم واذا اكان هذا في حق المعلم المفيد فانه اصدق في حق المتعلم المستفيد فاذا اراد الانسان ان يلتمس العلم ورأى اهل بلده لا يعرفون له قدرا ولا يحفظون له وحرمة ولا تقام بينهم حلقه فليخرج منه فان هذا بلد يموت فيه العلم وقد ذكر ابو بكر ابن العربي رحمه الله من انواع الهجرة الى الله الخروج من بلد الجهل الى بلد العلم نعم فمن لقي شيخا فليغتنم لقائه بالسؤال عما يشكل عليه ويحتاج اليه. لا سؤال متعنت ممتحن. وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته. فالحفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته المعقد الرابع عشر اكرام اهل العلم وتوقيرهم. ان فضل العلماء عظيم ومنصبهم منصب ومنصبهم منصب جليل ومنصبهم منصبه ومنصبهم منصب جليل. لانهم اباء الروح. فالشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد. وفي قراءة ابي ابن كعب رضي الله عنه النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو اب لهم والابوة المذكورة في هذه القراءة ليست ابوة النسر اجماعا وانما هي الابوة الدينية الروحية الاعتراف بفضل المعلمين حق واجب. قال شعبة ابن الحجاج كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد بن علي الاجهوي فقال رحمه الله اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فداءه لذلك وقد امر الشرع برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. قال احمد في المسند حدثنا هارون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني ما لك ابن الزيادي عن ابي قبيل المعافري عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه. ويعرف لعالمنا حقه امسك ابن عباس رضي الله عنهما يوما بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه فقال زيد اتمسك لي وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس انا هكذا نصنع بالعلماء ونقل ابن حزم الاجماع قوله بركاب زيد الركاب اسم للابل التي تحمل القوم فمعنى قوله امسك بركاب زيد اي بالناقة التي يركب عليها ليعتليها نعم والبصير ونقل ابن حزم الاجماع على توقير العلماء واكرامهم والبصير بالاحوال السلفية يقف على حميد احوالهم في توقير علمائهم فقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا جلسوا اليه كان انما على رؤوسهم الطير لا يتحركون. وقال محمد ابن سيرين رأيت عبدالرحمن ابن ابي ليلى واصحابه يعظمونه ويسودونه مثل الامير وقال يحيى الموصلي رأيت ما لك بن انس غير مرة وكان باصحابه من الاعظام له والتوقير له. واذا رفع احد صوته صاحوا به واذا رفع احد صوته صاحوا به واذا رفع احد صوته صاحوا به فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه. واذا حدث عنه عظمه من غير غلو بل ينزله منزلته. لئلا يشينه من حيث اراد اراد ان يمدحه وليشكر تعليمه ويدعو له ولا يظهر الاستغناء عنه ولا يؤذيه بقول او فعل وليتلطف في تنبيهه على خطئه اذا وقعت منه زلة ومما تناسب الاشارة اليه هنا باختصار وجيز معرفة الواجب ازاء زلة العالم وهو ستة امور. الاول التثبت في صدور الزلة منه. والثاني التثبت في كونها خطأ وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها والثالث ترك اتباعه فيها والرابع التماس يذري له بتأويل سائغ والخامس بذل النصح له بلطف وسع بذل النصح له بلطف وسر لا بعنف وتشهير والسادس حفظ جنابه فلا تهدر كرامته في قلوب المسلمين. قوله حفظ جنابه الجناب بالفتح الجانب والمراد قدره فيحفظ قدره ولا تهدر كرامته وهذه النبذة في معرفة الواجب تجاه زلة العالم من عيون ما في هذه المقيدة من المعاني فان زلة العالم ذهاب العالم وشاع الابتلاء بها باخرة لقلة العلم وكثرة الاهواء وينبغي ان يطرد المرء في كل واقعة من هذه الوقائع التي تقع بها زلات احد من اهل العلم هذه الاصول الستة فليتثبت اولا في صدور الزلة انها وقعت ممن ذكرت عنه. ثم ليتثبت ثانيا من كونها خطأ محققا فان الامر كما قال الاول وكم من عائب قولا صحيحا وافته من الفهم السقيم والحكم على شيء من اقوال العلماء وافعالهم بانه خطأ هي وظيفة العلماء الراسخين ذكره الشاطبي في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم فلا يحكم احد على كون شيء صادر عن عالم بانه زلة الا عالم راسخ. واذا تتابع العلماء على عد ذلك زلة كان تثبيتا لليقين بكونها زلة لا يتابع فيها. اما فاذا لاح لهم ما يستنكرونه فانه ينبغي لهم ان يعرضوه على العلماء الراسخين لا ان يبادروا بذكره وتغطية قائله والرد عليه. واذا اشتغل المتعلمون برصد الزلات وقعوا في المشكلات اذا اشتغل المتعلمون برصد الزلات وقعوا في المشكلات وهذه داهية من دواهي العصر التي اضعفت اخذ العلم في النفوس قال بعض السلف اذا كان اول ما يتعلم المتعلم الكلام في الناس فمتى يطلب العلم اذا كان اول ما يتعلم المتعلم الكلام في الناس فمتى يطلب العلم؟ ثم اذا حكم على احد بانه زل في امر ما ببيان العلماء الراسخين حفظ حقه ولم تهدر كرامته ولا يخدش ولا يخدش في حفظ قدره الرد عليه فانه لم يزل العلماء يرد بعضهم على بعض كما قال الامام احمد رحمه الله تعالى ويلتمس له تأويل سائغ بالاعتذار عنه والتأويل السائغ محله عند اهل العلم ما قوي مأخذه. فما قوي مأخذه كان تأويله سائغا وعد صاحبه ممن يطلب له الاعتذار. وانما يتحقق التأويل السائغ في حق من قوي اصل الذي بنى عليه كلامه وان كان مخالفا للاقوى من الدلائل والاصول. اما من بنى كلامه على شيء واهن فمثل ذلك لا يلتمس له عذر الا تأويل سائغ له. وليس كل مسألة يتكلم فيها المتكلمون في العلم تكون ذا مقام محفوظ فيه. بل مما ينسب الى العلم مسائل مهدرة. لا قدر لها. لانها اما مسائل موضعاه عند اهل العلم واما مسائل لها ادلة الا انها تخالف ادلة ظاهرة واضحة ولاجل هذا فرق العلماء بين المسائل الاجتهادية والمسائل الخلافية. فالمسائل الاجتهادية هي ما قوي مأخذه من العلم. واما المسائل الخلافية منها ما يقوى مأخذه ومنها ما يضعف مأخذه فقول الناس انه لا انكار في مسائل الخلاف ليس صحيحا باطلاق وانما الصحيح لا انكار في مسائل الاجتهاد اما الخلاف فلا تكاد مسألة من المسائل الا ويوجد فيها خلاف. وكم من خلاف لا حظ له من النظر كما قال الحصار في اخر نظم المكي والمدني وليس كل خلاف جاء معتبرا الا خلاف له حظ من النظر. فالخلاف الذي يعتد به ما كان له حظ من النظر ثم اذا التمس له العذر وحمل على التأويل السائغ بذلت له النصيحة بلطف ويسر لا بعنف وتشهير فان من نعت اهل السنة انهم يعرفون الحق ويرحمون الخلق. ذكره ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى. ثم اذا رد على زلة العالم بلطف ويسر حفظت له كرامته ولم تهدر لاجله هذه الزلة وهذه الاصول الستة ميزان اقامة العدل في مثلها والثبات عليها مما يدخل على النفوس فان العدل في الناس قليل والله سبحانه وتعالى يقول ان الانسان كان ظلوما جهولا فعامة الناس يغلب عليهم عنصر الظلم والجهل الذي طبعت عليه نفوسهم ولا يكاد ينتزعه منهم الا قليل ومن ذهبيات الذهبي قوله الانصاف عزيز واذا كان هذا في زمان الذهب فكيف في زماننا هذا؟ والمقصود ان السلامة لك في مثل هذا المورد ان تقتدي بالعلماء الراسخين وان تستن بسنتهم وتهتدي بطريقتهم ففي ذلك امنك من الغلط والزلل نعم ومما يحذر منه مما يتصل بتوقير العلماء ما صورته التوقير ومآله الاهانة والتحقير كالازدحام على العالم والتضييق عليه والجاءه الى اعزل السبل فما ماته شيم ابن بشير الواسطي المحدد الثقة رحمه الله الا بهذا. فقد ازدحم اصحاب الحديث فطرحوه عن حماره فكان سبب موته رحمه الله المعقد الخامس عشر رد مشكله الى اهله رد مشكله الى اهله فالمعظم للعلم يعول على دهاكنته والجهابدة من اهله لحل مشكلاته ولا يعرض نفسه لما لا تطيق خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء على الدين فهو يخاف سخطة الرحمن قبل ان يخاف صوت سلطان فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا فان تكلموا بمشكل فتكلم بكلامهم وان سكتوا عنه كما وسعهم قوله فالمعظم للعلم يعول على دهاكنته وجهابذته وجهابذة اهله الدهاقنة جمع دهقان بالكسر والضم وذكر الفتح ايضا فهي من المثلثات من الكلمات ومعناه قوي التصرف مع حدة واصله اعجمي ثم عرب والجهابلة جمع جهبد اي نقاد خبير ببواطن الامور نقاد خبير ببواطن الامور واصله اعجمي كذلك ثم شاع في كلام اهل العلم وقوله فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامهم وان سكتوا وعنه فليسعك ما وسعهم يعلم منه ان ائمة الهدى رحمهم الله لما قرروا ان السلامة لا يعدلها شيء قصدوا منع نفوسهم من التشوف الى الولوج في متاهات الانظار ومشكلات الاخطار من الوقائع التي تحدث بين الناس فاذا وجدوا من يسد الحاجة ويبرئ الذمة استغنوا به لانهم يرون انهم اذا كفوا بغيرهم فالسلامة لا يعدلها شيء فلا يحمل فلا يحملون نفوسهم على اقتحام المخاطر فاذا كفيت بغيرك في امر ديني فالسلامة لك ان تكل الامر الى اهله فان ذلك من امانة العلم وبه تتحقق بركته وكان السلف رحمهم الله تعالى يحمدون الامساك عن الكلام ويقولون من كثر كلامه كثر سقطوه ومن كلام المحدث الملهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما رواه ابن ابي الدنيا وغيره انه قال من كثر كلامه كثر سقطوه ومن كثر سخطه ايش قل حياؤه ومن قل حياؤه ذهب ورعه ومن قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه من كثر كلامه كثر سخطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه وهذه الكلمة العظيمة من الهامات عمر بن الخطاب صادقة في احوال الناس اذا اعتبرتها فان كثير الكلام تكثر سقطاته وهي ما يبدر من لسانه ما يبدر على لسانه من مخالفة الشريعة فاذا تكاثر ذلك في كلامه تكاثر فاذا تكاثر السخط في كلامه ذهب حياؤه لانه لم يعد يبالي بما يتكلم به فاذا قل حياؤه قل ورعه فانه يضعف عن الورع مع تكاثر هذه السقطات وعدم المبالاة بها. لان الورع يتحفظ من صدور شيء منه. بخلاف من لا يبالي بما يصدر منه فاذا قل ورعه مات قلبه. واذا اعتبرت هذا في الناس وجدت كلام عمر ابن الخطاب رضي الله عنه صادقا فيهم والملاحظ في تقرير ان السلامة لا يعدلها شيء مما قرره اهل مما قرره اهل العلم هو الخوف من الله سبحانه وتعالى فانهم لا يريدون الخوف من السياسات السلطانية والانظمة الحكومية وانما يريدون الخوف من الله سبحانه وتعالى ان يسألك عن كلام تكلمت به كيف تكلمت وبعض الناس يرى ان هذا تخليا عن بيان حكم الشريعة وجبنا عنها. وانما يصدق هذا الوصف اذا لم يكن وفي البلد قائم بامر الله من العلماء الاخيار فاذا كان الامر في الافتاء والبيان موكولا علماء ثقات في جهة مخولة من ولي الامر فان السلامة الدينية ان تكل هذا الامر اليهم ليسلم لك واما التجرؤ بالكلام في كل امر ينزل ممن لم يوكل اليه هذا الامر فله حظ من قول الذهبية رحمه الله تعالى فقول احدهم انا ابو فلان فاعرفوني فيكاد يكون هم المتكلمين بذلك اشهار انفسهم والتطلع الى تبوء منازل بين الخلق والامر عند الله عز وجل ثقيل والدين عظيم والله سبحانه وتعالى يقول ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فاذا وكل الشيء الى اهله فالسلامة الدينية لك عند الله ان تكل هذا الامر اليهم وان تقتدي بهديهم. فما تكلموا فيه فتكلم بمثل كلامهم وما سكتوا عنه فاسكت فانهم عن علم كامل تكلموا. وببصر نافذ سكتوا وكما يكون بيان الدين كلاما يكون بيان الدين صمتا وليس كل كلام بيان فكم من كلام هو في الحقيقة كلام؟ يعني جروح؟ وكم من صمت هو دواء فلا تظنن ان بيان الشرع انما يكون بالكلام بل يكون ايضا للصمت كما ارشد الى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت ومما ينبه اليه ان الناس باخرة شغفوا بحب من يتكلم في كل ساقطة ولاقطة واذا عدلوا ذلك بطريقة العلماء زعموا ان العلماء لا يتكلمون لظنهم ان الطريقة المثلى هي الكلام في كل شيء وليست هذه هي طريقة اهل العلم بل اهل العلم انما يتكلمون فيما ينفع الناس واما الكلام في امور لا تنبني عليها احكام شرعية ولا يتعلق بها ما ينفع الناس فانهم لا يتكلمون فيه. لان الكلام فيها شغل للناس ما يطلب منهم ينفعهم ولما جهل هذا الامر قيل ان العلماء لا يقومون بالدور المطلوب منهم بتوهم المتكلم بهذه المقالة ان دور العلماء ان يتكلموا في كل شيء فحالهم نظير حال السياسيين. الذين اذا سقطت ورقة توت تكلموا فيها وهذا مما يخالف هيبة العلم وسلطانه فان العالم انما يتكلم اذا وجد ان لكلامه نفعا والوظيفة التي وكلها الله عز وجل اليه هي النصيحة لائمة المسلمين وعامتهم. فهو ينصح ويبصر وينذر ويحذر. فان اجابوا فذلك خير وان لم يجيبوا فقد برأت ذمته. وليست وظيفته ان يصنع عالما مثاليا من الحكام والمحكومين بل من شاء الله سبحانه وتعالى هداه ومن شاء الله سبحانه وتعالى اضله. فاذا وعيت هذه الوظيفة عرفت ان الواجب على صاحب العلم هو ان يبين للناس ما ينفعهم لا ان يبين للناس ما يطلبون فان طلبة الناس لا تتناهى واما ما ينفعهم مما جاءت به الشريعة فهو ينتهي الى حد محدود وقدر معين. واذا اردت ان تفرق بين الحق والباطل تنظر الى طريقة اهل العلم الكاملين واعدد كلامهم وكيف يتصرفون في الوقائع والحوادث وكيف يكون كلام غيرهم لا اقصد باهل العلم كل منتسب الى العلم وانما اقصد اهل العلم ممن شهر علمه وكبرت سنه فمن جاوز السبعين ممن شهر بالعلم اعتبروا حاله وحال غيره. قبل ان تجدوا ابناء السبعين فيهم من يخالف طريقة هؤلاء لكن لا زال في بلاد المسلمين بقية من الاكابر الذين يسيرون على طريقة من قبلهم والعلم في هذه الامة موروث امتثلوا طريقتهم وكل شيء يخالف هذه الطريقة فانها نون مبتكرات الاراء التي لا ترجع الى دليل من الكتاب والسنة. نعم ومن اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن والناس في هذا الباب طرفان ووسط فقوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها وفزعوا الى الاهواء والاراء يستمدونها من هيجان الخطباء ورقة الشعراء وتحليلات السياسيين مجافاة المنافقين وقوم يعرضون وقوم يعرضونها على العلماء لكنهم لا يرتضون قالهم ولا ولا يرضون مقالهم فكأن طلبوا جوابا يوافقوا هوى في نفوسهم. فلما لم يجدوه مال عنهم والناجون من نار الفتن السالمون من وهج المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم ثم الفزع هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم قوله السالمون من وهج المحن الوهن بالتحريك حر النار فمعنى الجملة السابقة السالمون من حر نار المحن نعم وان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم فطرح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة. فالسلامة لا يعد لها شيء. وما احسن قول ابن عاصم في الوصول وواجب في مشكلات الفهم تحسين الظن باهل العلم ومن جملة السلامة لا يعدلها شيء يعني عند من ادمان السلامة اجمل السلامة لا يعد لها شيء سلامتك عند من عند الله عز وجل لا ومن جملة المشكلات رد زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون الشاطبي في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم. واذا تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب تولدت فتن وبلايا كما هو مشاهد في عصرنا فانما نشأت كثير من الفتن حين تعرض للرد على زلات العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة الاغمار والجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم فيها. قوله بعض الناشئة الاغمار الاغمار جمع غمر بضم اوله وسكون ثانيه ويضم ايضا فيقال غمر وغمر. وهو الذي لم يجرب الامور ولم يطلع على حقائقها ومن بدائع الاشعار قول ابي حيانة الاندلسي يظن الغمر يظن الغمر ان الكتب تهدي اخا فهم لادراك العلوم وما يدري الجهول بان فيها غوامض حيرت عقل الفهيم اذا رمت العلوم بغير شيخ قبلت عن الصراط المستقيم وتلتبس الامور عليك حتى تصير اضل من توم الحكيم المعقل السادس عشر توقير مجالس العلم واجلال اوعيته فمجالس العلماء كمجالس الانبياء. قال سهل ابن عبد الله من اراد ان ينظر الى مجالس الانبياء فلينظر الى مجالس العلماء. يجيء الرجل فيقول يا فلان اي شيء تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا؟ فيقول طلقت امرأته ويجيء اخر فيقول ما تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول ليس يحنث بهذا القول وليس هذا الا لنبي او لعالم فاعرفوا لهم ذلك وقال مالك ابن انس ان مجالس العلماء تحتضن بالخشوع والسكينة والوقار. وقد كان مالك رحمه الله اذا اراد ان يحدث توضأ وجلس على فراشه وسرح لحيته وتمكن من جلوسه بوقار وهيبة ثم حدث. وكان عبدالرحمن بن مهدي لا يتحدث بمجلسه. لا تحدثوا الله اليكم وكان عبدالرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه ولا يبرى فيه قلم ولا يتبسم فيه احد وكان وكيع ابن الجراح وكان وكيل ابن الجراح في مجلسه كأنهم في صلاة. فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس العلم حقها. فيجلس فيه جلسة الادب ويصغي الى الشيخ اليه فلا يلتفت عنه من غير ضرورة. ولا يضطرب ولا يضطرب لضجة يسمعها ولا يعبث بيديه او رجليه ولا يستند بحضرة شيخه ولا يتكئ على يده ولا يكثر التنحنح والحركة ولا يتكلم مع جاره واذا عطس خفض صوته واذا ابا ستر فمه بعد رده جهده. انما ذكرت هذه الاداب في مجالس العلم. لانها روضة العلم المعظمة ومقامته الموقرة التي تحفها الملائكة وتغشاها السكينة وتتنزل عليها الرحمة والعلم صلاة القلب قاله ابن جماعة فاذا جلس طالب العلم بحلقته احرم به ولزمه الاقبال عليه وقطع نفسه عن كل ما يشغلها عنه فان اشتغال القلب بغير العلم يضعف اصول العلم الى القلب ولو حمل الانسان على نفسه ليحصل اقبال قلبه على العلم بان يقيدها عليه لكان ذلك نافعا وقد روى البخاري معلقا ان ابن عباس كان يضع القيد والكبل في قدم عكرمة مولاه يعلمه القرآن والفرائض فادرك عكرمة رحمه الله تعالى وصار من كبار اصحاب ابن عباس نعم وينضم الى توقين مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب. فاللائق بطالب العلم صون كتابه وحفظه اجلاله والاعتناء به فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه ولا يجعله بوقا واذا وضعه وضعه بلطف وعناية رمى اسحاق يوما بكتاب كان بيده وهويه ساكت السلام عليكم وما اسحاق بن راهويه يوما بكتاب كان بيده فرآه ابو عبد الله احمد بن حنبل فغضب وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ ولا ايتكئ على الكتاب او يضعه عند قدميه واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفعه عن الارض وحمله بيديه قوله واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفعه على عن الارض وحمله بيده اعلام بان وضع الكتاب على الارض خلاف الادب ولاجل هذا نقول لمن يحضر مجالس الدروس ترفع كتابك بيدك ولا تجعله على الارض فان من تعظيمه ومن رفع الكتاب الى صدره قربه من قلبه فجدير ان يصل العلم اليه ومن القاه الى الارض ابعده عن قلبه. فجدير ان يبعد عنه العلم. وكان الناس يعظمون هذا ويجعلون للكتب اوعية تحفظها اذا جلسوا في الحلق فيسندوها على ما يرفعها. ثم صار الناس يضعون هذه الكتب في اخريات المجلس الذي يحضرونه ثم صار من الدروس التي رأيتها من كان يحضر بين يدي شيخه ثم يضع الكتاب على الارض ثم يقرأ وهذا من الاستخفاف بالعلم بين المعلم والمتعلم فان هذه الكتب فيها علوم نافعة من الكتاب والسنة وغيرها فلا ينبغي ان يضعها الانسان على الارض تعظيما لها. ومن عظم العلم عظمه العلم ووصل اليه. ومن لم يبالي بالعلم لم يبالي العلم به وانت محتاج الى العلم والعلم غير محتاج اليك نعم المعقد السابع عشر الذب عن العلم والذود عن حياضه ان للعلم حرمة وافرة توجب الانكسار له اذا تعرض لجنابه بما لا يصلح وقد ظهر هذا الانفصال عند اهل العلم في مظاهر منها الرد على مخالف فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين ولم يزل الناس يرد بعضهم على بعض كما قال الامام احمد لكن المرشح لذلك هم العلماء والدهماء مع لزوم الادب وترك الجور والظلم. قوله للدهناء الدهماء هم العامة واصل الدهم هو التغطية ولما كان اكثر الخلق الذين يغطون الارض هم العوام قيل في وصفهم الدهماء قال المبرد يقال للعامة دهماء يراد انهم قد غطوا الارض نعم ومنها هجر المبتدع ذكره ابو يعلى الفراء اجماعا فلا يؤخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كما في الرواية لدى المحدثين وبذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية الحفيد مقررا اصلا كبيرا تعظم الحاجة اليه في ازمنة الجاهلية والفتن فاذا اتعذر اقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك الا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ذلك الواجب كان تحصيل مصلحة واجب كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة خيرا من العكس. ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد او سوء ادب. قوله لدد اي خصومة شديدة نعم كان عبدالرحمن بن مهدي ان تحدث احد في مجلسه او بني قلم صاح ولبس نعليه ودخل. وكان وكيع اذا انكر من امر جلسائه شيئا ان سعل ودخل وشوهد هذا مرارا لشيخ شيوخنا محمد ابن ابراهيم ال الشيخ. فكم مرت الرؤيا منصرفا لما سمع طالبا يتشدق وفي مقاله فاخذ نعلي فاخذ نعليه وانصرف. ومن لطائف الاخبار في هذا المضمار ما حدثني به عبدالله التويجري ان الشيخ عبدالله ابن حميد لما كان قاضيا في بريدة دخلت المسجد في اثناء درسه بقرة فانصرف الناس اليها واقبلوا عليها ينظرون. فلما احس ذلك منهم وكان ذكيا مع كف بصره اخذ نعليه وقام من المجلس وذكر كفارة المجلس ثم خرج من المسجد لانه لما رأى انقلاب وانصرافهم الى البقرة عن العلم وجد انهم لا يستحقون بقاءه في المجلس فقام وتركهم وسمعت عبد الله بن مانع يقول سمعت محمد ابن عثيمين رحمه الله يقول كنت في حلقة شيخنا ابن سعدي فدخل عصفور المسجد فجعلت اتبعه نظري فقال لي يا محمد صيد العلم خير من صيد الطير صيد العلم خير من صيد الطير. فكانوا يعتنون بحفظ ابصارهم. وتنبيه من حولهم الى الاقبال عليهم بالقاء ابصارهم وجمع قلوبهم على ما يلقى اليهم من العلم نعم وحضر شاب مجلس سفيان الثوري فجعل يترأس ويتكلم ويتكبر بالعلم فغضب سفيان وقال لم يكن السلف هكذا لم يكن السلف هكذا كان احدهم لا يدعي الامامة ولا يجلس في الصدر حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة وانت تتكبر على من هو اسن منك قم عني ولا اراك تدنو من مجلسي وكان رحمه الله يقول اذا رأيت الشاب يتكلم عند المشايخ وان كان قد بلغ من العلم مبلغا من خيره فانه قليل الحياء. وان احتاج المعلم الى اخراج متعلم قوله رحمه الله اذا رأيت الشاب الى اخره فيه تنبيه الى ان طالب العلم حديث السن لا ينبغي له ان يتكلم بين يدي المشايخ وان بلغ في العلم ما بلغ فان ذلك عنوان قلة حيائه فليس العلم بكثرة المعلومات وانما العلم بحصول البركات ومن تقدم في العمر من العلماء اخذوا في حصول البركة منه من ان يتكلم غيره من الناشئة فاذا خالط احدكم العلماء فليكن ارظاؤه بالسكوت وحرصه على الاستماع اكثر من رغبته في ان يتكلم بين ايديهم وان يظهر ما عنده من العلم وكان السلف رحمهم الله تعالى مع كمال علمهم وصحة قصودهم يتحفظون من الكلام في العلم بحضور غيرهم ثم صار الناس بعد مع سوء قصودهم وقلة علومهم يفرح احدهم بمسألة يحققها بالكلام عنها في كل مجلس بين يدي كل احد لا يحفظ لاحد قدره وقد اشار الى هذا المعنى الذهبي رحمه الله تعالى في كلام له في سير اعلام النبلا اكتبوه واحفظوه قال رحمه الله تعالى كانوا مع حسن القصد كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالبا كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالبا يخافون من الكلام واظهار المعرفة والفضيلة يخافون من الكلام واظهار المعرفة والفضيلة واليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم وسوء القصد واليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم وسوء القصد انتهى كلامه واذا كان الذهبي يذكر هذا في زمانه واصفا له بالكثرة فانه في زماننا صار اكثر من الكثير ومن تحلى بهذه الحلية فسيحرم وصف العلم اما بتركه والميل عنه او بالاشتغال بامر من امور الدنيا نعم وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه زجرا له فليفعل كما فعل سفيان وكما كان يفعله شعبة رحمه الله مع ابن مسلم في درسه وقد يزجر المتعلم بعدم الاقبال عليها كيف يعني اخراج الم تعلم مجلسه اذا قل ادبه قال اخرج الان وين يسوونه المدارس والجامعات لكن لا جاء في حلقة الشيوخ وقال للشيخ قم الله يهديك قال له الشيخ متشدد وهذا من الجهل فان من لا يستحق العلم لا ينبغي ان يجلس في حلقة العلم العلم لا يراعي احدا وان كان ابن من كان العلم يراعي حرمته فمن قام بحرمته قام العلم له. ومن لم يبالي بحرمته استحق الحرمان من العلم ولو كان من ابناء الملوك وعلى هذا كان السلف والطلاب اذا طرده الاستاذ من القاعة الحصة القادمة وهو يجي ولا ما يجي يجي اول واحد علشان يبين يعني سلامة قصده فيأتي حتى يمحو حبوته والطالب اذا مو هو الان يقال له اخرج من الدرس قيل له انتبه في الكتاب او قيل له لا تشتكي او قيل لا ترد على الجوال او قيل يا اخي لا يكون وجهك هكذا وشيخك هكذا فانت تجلس اليه وهو يجلس اليه اما ان تجعل ظهرك اليه او اليه فليس هذا من ادب العلم قال هذا تشدد وهذا من الجهل بالعلم وزاد هذا الجهل سكوت المعلمين عن تأديب المتعلمين. اذا لم يتأدب المتعلم لن يحصل العلم واعلموا يا اخوان ان من يحملكم على الاداب ولو كان علمه قليلا خير لكم ممن لا يبالي بتأديبكم وان كان علمه كثيرا فقليل علم مع الادب امان وكثير علم مع قلة الادب زوال فليس العلم بكثرة العبارات العلم بالبركة ولا يمكن ان تكون البركة مع قلة الادب فالذي يحظر الدرس ويلتفت هنا وهنا او يرد على الجوال وشيخه ينظر اليه ولا ينصحه ان لم يراعي تدريج احوال الناس فهذا غاش له لانه ان كان ناصحا له نبهه الى ان هذه الحال لا تنبغي وقد صار هذا الامر عند الناس ضعيف الجانب حتى ان احدهم حدثني عن رجل يقرأ على شيخ في صحيح البخاري رن عليه جواله فرد عليه اذا لم يكن للشيخ عندك هيبة فاين هيبة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن لما ضعفت هذه المعاني صار الناس لا يعرفون ولست الوم متعلما وانما الوم معلم ولومي للمتعلم اذا لم يدرك ان هذا من النصيحة له. وانه يجب ان يؤدب نفسه ليحصل على العلم. نعم وقد يزجر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته. فالسكوت جواب كما قال الاعمش ورأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز رحمه الله فربما سأله سائل عما لا ينفعه فترك الشيخ اجابته وامر البخاري ان يواصل قراءته او اجابه بخلاف قصده المعقدة الثامن عشر التحفظ في مسألة العالم فرارا من مسائل الشغب فرارا من مسائل الشغب وحفظا لهيبة قوله فرارا من مسائل الشغب الشغب بسكون العين ولا تحرك فلا يقال الشغب والشغب هو تهييج الشر وتحريكه وما يجري على السنة الناس من قولهم احداث الشغب لحن منتشر وانما يقال احداث الشغب ومن ذكر هذه اللغة وهي التحريك من اللغويين فانها من مبتدراته وليست من المؤنوس الموروث عن قدماء اهل اللغة نعم وحفظا لهيبة العالم فان من السؤال ما يراد به التشغيب وايقاظ الفتنة واشاعة السوء. ومن انس منه العلماء هذه لقي منهم ما لا يعجبه كما مر معك في زجن المتعلم فلا بد من التحفظ في مسألة العالم ولا يفلح في تحفظه فيها الا من اعمل اربعة اصول اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ فيكون قصده من السؤال التفقه والتعلم لا التعنت والتهكم فان من ساء قصده في سؤاله يحرم بركة العلم ويمنع منفعته. وفي الناس من يسأل وله في سؤاله قصد باطن يريد التوصل به الى مقصود الله. فاذا غفل عنه المفتي وافتاه بما يريد فرح به واشاعه. واذا تنبه الى قصده حال بينه وبين مراده وزجره عن غيه. قال القرفي رحمه الله تعالى في كتابه الاحكام سئلت مرة عن عقد النكاح بالقاهرة هل يجوز ام لا؟ فارتبت وقلت له اي للسائل ما افتيك حتى تبين لي ما المقصود بهذا فان كل احد يعلم ان عقد النكاح بالقاهرة جائز فلم ازل به حتى قال انا اردنا ان نعقده خارج القاهرة فمنعنا لانه استحلال يعني نكاح تحليل وهو نوع من الانكحة المحرمة فجئنا للقاهرة فقلت له لا يجوز لا بالقاهرة ولا بغيرها نعم ووقع مثل هذا لابي العباس ابن تيمية الحديث في فتوى تتعلق باهل الذمة ذكرها تلميذه البار ابن القيم رحمه ذكرها تلميذه البار ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه اعلام الموقعين في كتابه اعلام الموقعين ردت عليه غير مرة؟ غير ردت عليه غير مرته في وجه في وجه غير الوجه السابق لها. فكان يقول لا يجوز حتى قال في اخر مرة هي المسألة عينته وان خرجت في عدة قوالب من موجبات المقاتل التجرؤ على الفتوى والمبادرة الى الكلام في الامور الواقعة دون روية ولا ادمان فكر ونظر فيتكلم المتكلم من المفتين في المسألة وله قصد ولمن سأله قصد اخر فاذا لم ينتبه المفتي الى المقاصد الخفية في المسائل فربما اصيبت مقاتله فالاستفتاءات المموهة من مقاتل المفتين مما يدل على جلالة منصب الفتوى وخطورته وانه ينبغي ان يتباعد الانسان عنه اذا كفي بغيره ولما عقل اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هذا كانوا يتدافعون الفتوى حتى ترجع الى الاول منه هم وليست الفتوى مشيدة على الادراك العلمي فقط بل يحتاج المفتي مع مزيد علمه الى طول التجربة والتسديد والاعانة والتوفيق من الله سبحانه وتعالى قال الفتح بن خشرف قال الفتح ابن شخرف لما حضر ابو عبد الله احمد بن حنبل سئل من نسأل بعدك فقال رحمه الله تعالى سلوا عبد الوهاب فمثله يوفق لاصابة الحق تلو عبدالوهاب فمثله يوفق لاصابة عبد الوهاب وعبد الوهاب هذا هو عبد الوهاب ابن عبد الحكم الوراء من كبار اصحاب احمد ولم يكن مشهورا بكثرة علم ولكنه كان معروفا بمكانة ديانة وقوة عقل فكان ذلك من موجبات تحويل الفتوى اليه وفي ذلك تنبيه الى ان الفتوى ليست مبنية على العلم فقط بل يحتاج المفتي الى ذكاء وفطنة ومتانة دين وطول تجربة وكبر سن نعم اما الاصل الثاني فالتفقه الى ما يسأل عنه فلا تسأل عما لا نفع فيه اما بالنظر الى حالك او بالنظر الى المسألة نفسها. سأل رجل احمد ابن حنبل سأل رجل احمد ابن حنبل عن يأجوج ومأجوج امسلمون هم؟ فقال له احكمت العلم حتى تسأل عن هذا ومثله السؤال عما لم يقع. حتى تسأل فقال له احكمت العلم حتى تسأل عن ذا ومثله السؤال ومثله السؤال عما لم يقع او ما لا يحدث او ما لا يحدث كل واحد وانما يخص به قوم دون قوم. قوله وانما يخص به قوم دون قوم هذا اصل من اصول تلقي الدين وان فيه ومنه ما يخص به قوم دون قوم ومن تبويبات البخاري في صحيحه باب من خص بالعلم قوما دون قوم فمن مدارك بث العلم ونفع الناس به ان يكون من العلم ما يخص به بعض اهله ولا يكون حمى مستباحا لكل احد ولم يزل العلماء على هذا حتى ظعف هذا الاصل وكان شيخ شيوخنا محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى له درس لا يحضره الا اربعة من كبار اصحابه. لان ما يلقى من العلم مما يصلح له وتحتمله قلوبهم وفي ذلك حفظ للعلم هو اجلال له وتعريف للناس بمقامه ومما ينبه اليه ان من حفظ العلم واقامة ناموسه وتشييد اركانه اعمال هذا الاصل فلا يظنن امرئ ان العلم ينبغي ان يكون مبلغا لكل احد بل منه من يرتفع اليه بعض الناس دون بعض بقوة افهامهم وصلاحيتهم لحمل العلم ومن لا يحتمل ذلك فلا ينبغي ان يقحم فيه حفظا لدينه وحرصا على سلامته في الدنيا والاخرة ولاجل هذا كنا قبل لا نرى نقل هذا البرنامج عن طريق الشبكة العنكبوتية المسماة بالنت لان من الاصول المقررة هذا الاصل وهو تخصيص العلم ببعض الناس ومن تخصيصه ان لا يستوي الحاضرون والنتيجون فان الحاضرون احق من غيرهم ولما كثر الطلب اجبنا اليه بعد الاستخارة ونسأل الله ان يكون فيه نفعا لكن لابد ان يكون بين الحاضرين والنتيين فرق والا لم نكن عادلين وهذا الفرق ان الاجازة بهذه الكتب بعد قراءتها لا تكون الا لمن حضر. اما الاخوان الذين يحضرون عبر سماع هذا الدرس فهم يستفيدون ما يستفيدون من الفوائد التي تقرأ او تلقى واما الاجازة بهذه الكتب فلا تكون له ولذلك اذا بلغنا موضع الاجازة فان الاخ القائم على النقل يقفل النقل كما انه سيكون هناك درس المتمم لهذه الدروس صباح الجمعة بعد المقبلة فغدا يكون درس القواعد الاربع فجرا. واما الجمعة التالية فسيكون هناك مجلس للختم بعد فجرها. وهذا المجلس سيكون خاصا بالحاضرين. ولن ينقل عبر الشبكة العنكبوتية. كل هذا ليس بخلا بالعلم وانما اعمالا لهذا الاصل. نعم اما الاصل الثالث فالانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله فلا يسأله في حال تمنعه ككونه مهموما او متفكرا او ماشيا في طريق او راكبا سيارته فليتحين طيب نفسه قال قتادة رحمه الله سألت ابا الطفيل مسألة فقال ان لكل مقام مقالة وسأل رجل وسأل رجل ابن المبارك عن حديث وهو يمشي فقال ليس هذا من توقير العلم. وكان عبدالرحمن بن ابي ليلى يكره ان يسأل وهو يمشي يكره ان يسأل وهو يمشي اما الاصل الرابع فتيقظ السائل الى كيفية سؤاله باخراجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في خطابه. ولا تكون مخاطبته له كمخاطبته اهل السوق واخلاط العوام قال جعفر بن وادي عثمان كنا عند يحيى كنا عند يحيى بن معين فجاءه رجل مستأجر فقال يا ابا زكريا حدثني بشيء اذكرك به فقال فقال يحيى اذكرني انك سألتني ان احدثك فلم افعل واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم اليوم رأيت في كثير منها سلب التحفظ وسفساف الادب فترى من يسأل متهكما قوله سفساف الادب اي ردئه واستفساف من كل شيء رديؤه نعم ترى من يسأل متهكما او يسأل محتقرا يسألون عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع لا يتخيرون وقت الايراد المناسب ولا يتلطفون ففي عرض المطالب فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون. وما احوج هؤلاء الى مقالة زيد ابن اسلم الله لما سأله رجل عن شيء فخلط عليه فقال زيد اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل وكم هم المحتاجون يوم الى مثل مقالة زيد ابن اسلم رحمه الله المعقد التاسع عشر شغف القلب بالعلم وغلبته عليه. قوله شغف القلب بالعلم اي بلوغه شغاف القلب وهو غشاؤه ومنه قوله تعالى قد شغفها حبا اي بلغ حبه باطن قلبها نعم صدق الطلب له يوجب محبته وتعلق القلب به ولا ينال العبد درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه. قال ابن القيم الله تعالى في مفتاح دار السعادة ومن لم يغلب لذة ادراكه وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة العلم ابدا انما تنال لذة العلم بثلاثة امور ذكرها ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله في كتابه السالف احدها بذل الوسع والجهد قوله بذل الوسع بضم الواو اي الطاقة وذكر فيها ايضا الفتح والكسر والافصح قراءتها بالضم نعم وثانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص ولا تتم هذه الامور ما ذكره ابن القيم من صحة النية والاخلاص من الخاص على العام فالنية شرعا هي ارادة القلب العمل تقربا الى الله ارادة القلب العمل تقلبا الى الله تقربا الى الله والاخلاص هو تصفية القلب من ارادة غير الله فالنية من عمل القلب والاخلاص صفتها المطلوبة شرعا فالنية من عمل القلب والاخلاص صفتها المطلوبة شرعا نعم ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب ومن سبر هذه اللذة في احوال السابقين من علماء الامة رأى عجبا فلسان احدهم ما لذتي الا رواية مسند ما لذتي الا رواية مسند قد قيدت بفصاحة الالفاظ ومجالس فيها تحل سكينتهم ومذاكرات معاشي الحفاظ ان لذة فوق لذة السلطان والحكم التي تتطلع اليها نفوس كثيرة وتبذل لاجلها اموال وفيرة وتسفك دماء غزيرة. بات ابو جعفر النسبي عموما من ضيق البال وسوء الحال وكثرة العيال. فوقع في خاطره فرع من فروع مذهبه. وكان رحمه الله حنفيا. فاعجب به فقال يرقص بدائه ويقول اين الملوك وابناء الملوك؟ اين الملوك وابناء الملوك؟ اذا خاض في اذا خاض في بحر التمكن خاطرين على درة من معضلات المطالب حققت ملوك الارض في نيل ما حووا ونلت المنى بالكتب لا بالكتائب. ولهذا كانت الملوك تتوب الى لذة العلم وتحس فقدها وتطلب تحصيلها قيل لابي جعفر المنصور الخليفة العباسي المشهور الذي كانت ممالكه تملأ الشرق والغرب هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله؟ فقال وهو مستوي على كرسيه وسرير ملكه بقيت بقيت خصلة ان اقعد على مصطبة وحولي اصحاب الحديث اي طلاب اي طلاب العلم فيقول المستملي من ذكرت الله يعني فيقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان ويسوق الاحاديث المسندة. مصطبة يعني ايش يعني درجة مكان مرتفع تنظر الى شدة افتقار هذا الخليفة الى لذة العلم وطلبه تحصيلها تنظر الى شدة افتقار هذا هذا الخليفة الى لذة العلم وطلبه تحصيل وطلبه تحصيلها وطلبه تحصيلها وجوعته تفصيلا تنظر الى فانظر الى شدة افتقار هذا الخليفة الى لذة العلم وطلبه تحصيلها وجوعته اليها. ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت الذات والعادات وذهلت وذهلت النفس عنها فالنظر ابن سمير يقول لا يجد المرء لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه مستحيل الالام لذة بهذه اللذة ومحمد بن هارون الدمشقي يقول لمحبرة تجالسني نهاري احب الي من انس الصديق رزمتك غد في البيت عندي احب الي من عدل الدقيق ولطمة عالم في الخد مني الذ لدي من شرب ولا تعجب فما هذه الاحوال الا مسوا عشق العلم؟ فابن القيم يقول في روضة المحبين واما عشاق العلم فاعظم واما عشاق العلم فاعظم شغفا به وعشقا له من كل عاشق بمعشوقه وكثير منهم لا يشغله عنه صورة من البشر فان هذا الشغف يا طلاب العلم ممن يقدم حظه من عرسه على حظه من درسه ويكون جلوسه الى الشمال وشيوخ القمراء احب اليه من الجلوس الى العلماء وتقوى عزيمته للتنقل في الفلوات ولا تقوى على السير في نقل المعلومات وينهض نشيطا لقيس وينهض نشيطا لقسم وينهضوا نشيطا لقنص الطير ويرقدوا ويرقدوا كسلا عن صيد الخير. فما حظ هؤلاء وكثير هم؟ ما حظهم من تعظيم العلم وقلوبهم مأسورة وقلوبهم مأسورة بمحبة غيره. قوله وشيوخ القمراء فورى مهرمزي في المحدث الفاصل عن الاعمش انه قال اذا رأيت الشيخ ولم يطلب الحديث فاصفعه فانه من شيوخ القمراء اذا رأيت الشيخ ولم يطلب الحديث عن العلم فاصفعه فانه من شيوخ الخمراء قال سهل بن اسماعيل شيخ رامه رمزي قلت لابي عقبة يعني شيخه محمد ابن عقبة الشيباني ما شيوخ القمراء؟ فقال شيوخ دهريون يجتمعون في ليالي القمر يعني الليالي المقبلة شيوخ دهريون يجتمعون في ليالي القمر فيتحدثون بايام الخلفاء ولا يعرف احدهم ولا يعرف احدهم كيف يتوضأ. انتهى كلامه. فهم اناس طالت اعمارهم منسوبون الى الدهر والدهر تكون نسبة اليه دهريون. الا انهم مع طول اعمارهم لم يطلبوا ما يلزمهم من العلم. ولهذا مستحقين للصفع لانه ضيع ما يجب عليه من العلم فهو لا يحسن الوضوء فهو لا يحسن الوضوء التي لا تصح الذي لا تصح صلاته الا به فلما كانت هذه حاله كان مستحقا للصفع عند الاعمش رحمه الله المعقد العشرون حفظ الوقت بالعلم اذا كان العلم اشرف مطلوب والعمر يطوى كجليد يذوب فعين العقل حفظ الوقت فيه والخوف من تقضيه والسؤال عنه يوم القيامة يحملني واياك على المبالغة برعايته. قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ينبغي ان يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قرباه ويقدم فيه الافضل فالافضل من القول والعمل ومن هنا عظمت رعاية العلماء للوقت حتى قال محمد بن عبد الباقي البزاز ما ضيعت ساعة من عمري في لهو او لعب وقال ابو ابن عقيل الذي صنف كتاب الفنون بثمانمائة مجلد اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل فلقد كان احمد بن سليمان البلقاسي المتوفى عن ثمانية وعشرين سنة يقرئ القراءات في حال اكله خوفا من ضياع وقته في غيرها فكان اصحابه يقرأون عليه وهو يتناول مأكله ومشربه بل كان يقرأ عليهم وهم في دار الخلاء. فكان ابن تيمية الجد رحمه الله اذا دخل الخلاء لقضاء حاجة قال لبعض قال لبعض من حوله اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك ما ذكره من القراءة على ابن تيمية الجد في حال دخوله الخلاء لا تقدح في عظام العلم فان القارئ كان خارج الكنيس مباعدا له وانما اراد حفظ الوقت بان لا يمضي عليه بالا يمضي عليه شيء منه في غير فائدة يستفيدها وفي تاريخ ابن عساكر عن احمد ابن علي احمد ابن علي الرقام قال سألت عبدالرحمن ابن ابي حاتم عن كثرة سماعه وسؤالاته ابيه فقال ربما كان يأكل واقرأ عليه ويمشي واقرأ عليه ويدخل الخلاء واقرأ عليه ويدخل البيت في طلب شيء واقرأ عليه. فكانوا لشدة حرصهم على حفظ الوقت فيما ينفعهم من قراءة العلم. يقرأونه في مثل هذه الاحوال التي ذكرت نعم وتجلت هذه الرعاية للوقت عند القوم رحمهم الله في معالم عدة لم تبلغها الحضارات الانسانية قاطبة منها قوله لم تبلغها الحضارات الانسانية الانسانية نسبة الى الانسان وهو اسم جنس يقع على الواحد والجمع والذكر والانثى مشتق من الانس او النسيان فلا يختص بالصفات الحسنة دون السيئة فان العرب لم تضع هذه الكلمة على هذا المعنى فهو لا يتضمن حمدا ولا مدحا فاذا قيل في حق احد فلان انساني او في حق بلاد انسانية فانه لا يفيد الا كونها مسكونة بالانس ولا يدل على حمد ولا مدح. وانما وقع استعماله على هذا المعنى في كلام الفلاسفة ثم شاع عند الناس حتى ظنوه صوابا من جهة اللغة. ولا تعرف العرب هذا المعنى في كلامها نعم منها كثرة دروسهم فقد كان النووي رحمه الله يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على مشايخه والشوكاني رحمه الله صاحب الى الاوطان فابلغ دروسه في اليوم كم عندنا كم عندنا درس في اليوم اربعة على قولة العوام يا لها الخيرة يعني وين وين بحالنا ووين حالهم الله المستعان فبعدين حنا كم نقرأ؟ كم يوم ثمان ايام ثمانية ايام هم كم يقرأون يعني انه بقي على هذه الحال خمس سنوات حتى ادرك رحمه الله نعم السكانية والشوكاني والشوكاني رحمه الله صاحب نيل الاوطار تبلغ دروسه في اليوم والليلة ثلاثة عشر درسا منها ما تأخذه عن مشايخه ومنها ما يأخذه عنه تلاميذ ومنها ما يأخذه عنه تلامذته واربى محمود الالوسي صاحب التفسير عليهم جميعا فقد كان يدرس في اليوم اربعة وعشرين درسا ولم ما اشتغل بالتفسير والافتاء نقصت الى ثلاثة عشر درسا ثم رأيت في ترجمة محمد ابن ابي بكر لجماعة ان دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو خمسين درسا. خمسين درس يا اخوان خمسين درس يعني يسمع الانسان يقول هذا خيال لكن لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيح اذا مسك المقعد كان هذا الرجل مما يدرس يدرس في السحر قبل الفجر بساعة درس في السحر من شدة ولعه بالعلم واهتمامه بتعليمه. فلذلك صارت دروسه خمسين درسا في اليوم والليلة ومنها كثرة مدروساتهم فقد درس ابن التبان المدونة نحو الف مرة وربما وجد في بعض كتب عباس ابن الفارسي بخطه الف مرة وكرر غالب ابن عبد الرحمن المعروف بن عطية والد صاحب التفسير المشهور صحيح البخاري سبع مئة مرة ومنها كثرة مكتوباتهم فاحمد بن عبد الدائم المقدسي احد شيوخ العلم من الحنابلة كتب بيده الفي مجلد ووقع مثله ابن الجوزي ومنها كثرة مقروءاتهم. فابن الجوزي رحمه الله طالع وهو بعد في الطلب عشرين الف مجلد. ومنها كثرة شيوخهم الذين جاوز عدد شيوخهم الالف كثير في هذه الامة واعجب ما ذكر ان ابا سعد السمعاني بلغ عدد شيوخه بلغ بلغ عدد شيوخه سبعة الاف شيخ قال ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد وهذا شيء لم يبلغه احد ومنها كثرة مسموعاتهم ومقروءاتهم هذا هذا من كان في زمانه يضارعه كان ابن عساكر ولكن السمعاني تنكر ودخل بلاد الشام وكانت في يد الصليبيين تنكر ودخلها واخذ عن شيوخها بخلاف ابن عساك فمن شدة ولعه بالعلم دخل الى هذه البلاد التي تله الصليبيون حريصا على ادراك ما فيها من بقايا العلماء ومنها كثرة مسموعاتهم ومقروءاتهم على شيوخهم من التصانيف المطولة والاجزاء الصغيرة فقد تعد بالالاف المؤلفة كما وقع لابن السمعاني المذكور وصاحبه ابن عساكر في جماعة اخرين. ومنها كثرة مصنفاتهم حتى عدت الف مصنف لجماعة من علمائها هذه الامة منهم عبدالملك بن حبيب عالم الاندلس وابو الفرج ابن الجوزي احفظ ايها الطالب وقتك فلقد ابلغ الوزير الصالح بن هبيرة فلقد ابلغ الوزير الصالح بن هريرة بنصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع اسهل وراه اسهل ما واراه اسهل ما عليك يضيع. قوله ما عنيت بحفظه بالبناء المفعول اي شغلت ويجوز في قوله اراه الفتح والضم. اراه اذا كان من العلم واراه اذا كان من الظن. نعم الخاتمة الى هنا بلغ القول التمام وحسن قطع الكلام بالختام. فيا شداة العلم وطلابه ويا قصاد الفقه واربابه. قوله ويا سداة العلم تدات العلم جمع شاذ والشادي في العلم هو من اخذ بطرف منه وهي عندهم مرتبة فوق مرتبة المبتدئ. نعم امتثلوا معاقل التعظيم وانتم تقبلون على مقاعد التعليم تجدوا نفعه وتحمدوا عاقبته واياكم والتهاون بها والعزوف عنها فانها مفتاح العلم ومرقاة الفهم فبها تجمع العلوم وتؤصل وبها تيسر الفنون وتحصل فشمروا عن ساعد زد ولا تشغلوا ببيعة الجد واحفظوا رحمكم الله قول ابي عبد الله ابن القيم رحمه الله طالب النفوذ الى الله والدار الاخرة بل الى كل علم وصناعة ورئاسة حيث يكون رأسا في ذلك مقتدى به فيه يحتاج ان يكون شجاعا مقداما حاكما على وهمه غير مقهور تحت سلطانه غير مقهور تحت سلطان تخيلها زاهدا في قوله حاكما على وهمه الوهم بسكون الهاء هو الظن واما بتحريكها الوهن فهو الغلط. والمقصود هو الاول لا غير مقهور تحت سلطان تخيله زاهدا في كل ما سوى مطلوبه عاشقا لما توجه اليه. عارف بطريق الوصول اليه. والطرق القواطع عنه مقدام الهمة هذه تلجأش لا يثنيه عن مطلوبه لو ملائم ولا عزل عادل. كثير كثير السكون. دائم الفكر غير مائل مع لذة المدح ولا الم الذنب قائما بما يحتاج اليه من اسباب معونته. لا تستفزه المعارضات. شعاره الصبر وراحته التعب. محبا الاخلاق حافظا لوقته لا يخالط الناس الا على حذر كالطائر الذي يلتقط الحب بينهم قائما على نفسه بالرغبة والرهبة طامعا في نتائج الاختصاص على بني جنسه غير مرسل شيئا من حواسه عبثا ولا مشرحا خواطر ولا مشرحا خواطره بالكون وملاك ذلك هجر العوائد وقطع العلائق الحائلة بينك وبين المطلوب انتهى كلامه رحمه الله فما اجمله فما اجمله ذكرى وتبصرة! قوله رحمه الله ملاك الامر بفتح الميم وتكسر ايضا اي قوام الشيء وهو نظامه وعماده والنظام الذي يجمع ما سبق هو ما ارشد اليه رحمه الله هنا. فقد رد تحصيل المطلوبات المعظمة الى اصلين متى وجدا حصل الانسان وطوبه المعظم احدهما هجر العوائد وهو ترك ما جرت عليه عادة الناس والفوه مما يضعف السير الى المطلوب. والثاني قطع العلائق اي الوشائد والصلات الحائلة بين العبد ومطلوبه وزاد ابن القيم رحمه الله في موضع اخر من الفوائد رفظ العوائق وافضل عوائق وفرق بينها وبين العلائق بان العوائق هي الحوادث الخارجية وان العلائق هي التعلقات الداخلية القلبية فصار تحصيل المطلوبات يرجع الى ثلاثة اصول اولها هجر العوائد وثانيها قطر قطع العلائق وثالثها رفض العوائق. فمتى تحرى الانسان هؤلاء في مقصود يطلبه ادركه نعم اللهم يسر لنا تعظيم العلم واجلاله واجعلنا ممن سعى له كذلك فناله اللهم انا نسألك علما نافعا ونعوذ بك من علم لا ينفع اللهم علمنا مما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك امين. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. امين. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. امين. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ابدا احييتنا. امين. واجعله الوارث منا. اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا. امين. ولا مبلغ علمنا. ولا الى النار مصيرنا. ولا تسلط علينا الا يخافك فينا ولا يرحمنا. امين قوله وقوتنا بالإفراد كما هو الوارد في لفظ الحديث وموافقة اللفظ النبوي اولى من ابتداء كلام غيره وهو المصدق بقوله تعالى ويزدكم قوة الى قوتكم فالقوة جاءت مفردة بخلاف الاسماع والابصار وهذا هو الوارد في حديث ابن عمر عند الترمذي ومتعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا. وبهذا ينتهي شرح الكتاب على نحو مختصر يبين مقاصده الكلية ومعانيه الاجمالية اللهم انا نسألك علما في المهمات ومهما من المعلومات وبالله التوفيق وقبل انصرافكم اود التذكير بامور احدها التحريض على اغلاق الجوالات لانها تشوش على حضور الدرس وتقطع اقبال القلب. فهي من العلائق التي ينبغي ان تقطعوها لئلا تقطعكم ومنها التنبيه الى انه ليس من ادب الدرس التفرق والبعد عن الحلقة والذي جاءت به السنة هو الدنوء الدنو من الحلقة هو الدخول فيها. واذا كان الانسان فيها ومنها اقرب كان تحقق الاجر له اعلى واجلى. ولذلك ينهى عن التفرق في مجالس العلم لان السنة على خلاف ذلك ومنها التنبيه الى انه يسمح بالتسجيل الصوتي لمن اراد ذلك بشرط ان يكون تسجيله الذي يسجله خاصة به ومن اراد ان ينقل تسجيلا عاما فانه يأخذ التسجيل المحفوظ في المكتبة الجمعية بالمسجد ومنها تحريصكم على اقتناء نسخ البرنامج فهي نسخ مصححة قدر الوسع مقابلة على اصول خطية عتيقة كما يعلم ذلك فيما سيأتي من بعض المواضع المشكلة فيها ولا ينبغي للانسان ان يزهد فيها الا ان لا يجدها فان لم يجدها فانه يتخذ نسخة اخرى مما بايدي الناس. والنسخ التي اريد توزيعها على حضور هذا الدرس قد نفذت منذ البارحة لكن جعل الاخوان في مركز النور للتصوير وخدمات الطالب. هنا نسخة من اراد ان يصور منها لنفسه فانه يراجع هذه المكتبة التي يعرفها الاخوان من اهل المدينة فاسألوهم عنها ومما ينبه اليه النهي عن استصحاب شرح اثناء قراءة هذه الكتب سواء كان للمتكلم مما فرغ من كلامه في دروس سابقة او كان غيره فان الانفع للمرء ان يحضر بنسخة المتن فان كانت هذه النسخة مما سبق التقرير عليها فانه يأتي بها ويزيد عليها وان كانت جديدة فانه يكتبها على هذه النسخة النسخة الجديدة. واما الحضور بالشروح فانا لا اسمح به ولا ابيح لاحد ان يحظر ان يحضر شرحا لاحد كائنا من كان. لان هذا مما يضر المتعلم. ولم تكن من عادة اهل العلم احضار الشروح الا في حق الشيخ فكان بعضهم مضى من اهل العلم يحظرون الشيوخ وقد ادركنا من ادركنا في مجالس الحرمين ممن يدرس الفية ابن مالك يحظر ابن عقيل ثم يشرح ويقرأ بعض المواضع على الطلبة واما الطلبة فلا يحضرون الا المتن لان لا يشغلوا بما في الشرع عما الشيخ بيانه له وما في الشروح تستطيع ان تقرأه في مقام اخر ومن احب ان يؤخر نقل هذه المعلومات على نسخته بعد سماعها صوتيا يحضر كناشا اي دفترا ثم يكتب فيه فيما يسمع من الفوائد ومما ينبه اليه ايضا انه توجد بطاقات للاسئلة ستجدونها في اماكن متفرقة من هذا المجلس وهي الاوراق المعتمدة للاجابة عنها ان شاء الله تعالى. وما عدا ذلك من الاوراق فاننا لا نقبل السؤال عليه الا هذا الصباح فقد وهل الاخ الذي سيحضر الاوراق عن احضارها فهذا الصباح نأخذ الاوراق التي كتبتم فيها واما ما عدا ذلك بطاقات بيضاء ستوجد في اماكن متعددة يمكنكم ان تكتبوا الاسئلة عليها وهي لكتابة الاسئلة وليست لكتابة الفوائد يأخذها الاخ ثم يكتب عليها الفوائد هذه موقوفة على اسئلة الدروس فلا تجعل لغيره والتنبيه الاخير ارجو منكم جميعا ان لا يلحقني احد فانتم في شغل وانا في شغل والسلام ان شاء الله تعالى نؤخره الى ختم الدروس سيكون في وقت السلام عليكم سلاما خاصا واما السلام العام فبمجرد الجلوس قلت السلام عليكم فحصل السلام على الجميع. ومنفعة ذلك لي ولكم فام الا يثقل احد على نفسه ثم يثقل عليه بلحاقه وسؤاله وبعد هذا انتهى ما ينبغي سماعه مما ينقل واما الذي لا ينقل افتح هذا الجهاز ان شاء الله تعالى لقاؤنا بعد العصر في درس ثلاثة الاصول بعد العصر والمغرب وبعد العشاء ايش منظومة القواعد الجدول موجود عندكم في اول الكتاب وغدا بعد الفجر القواعد الاربع وتحضرون المجلد الثاني المجلد الثاني من من آآ كتابين من المقررات فيه متون زائدة وظعناها لانتفاع طالب العلم وهي ثمانية متون وهي تقرأ سردا فاحضروها معكم غدا لاننا سنقرأ منها سردا ما يهيئ الله سبحانه وتعالى حتى يحصل لكم سماعها وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين