السلام عليكم ورحمة الله والدين مراتب ودرجات وجعل للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم في نادي كل الى سفيان ابن عيينة عن عمرو ابن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله ابن عمرو عن عبد الله ابن عمرو ابن العاصي رضي الله عنه وهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون وتبيين مقاصدها الكلية ومع الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه والمنتهون الى تحقيق مسائل العلم وهذا شرح الكتاب الثاني من برنامج مهمات العلم في سنته الثالثة ثلاث وثلاثين بعد الاربع مئة والالف وهو كتاب ثلاثة الاصول وادلتها لشيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب التميمي رحمه الله المتوفى سنة ست بعد المائتين والالف نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين اجمعين. قال شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله الله تعالى في ثلاثة الاصول وادلتها. بسم الله الرحمن الرحيم. اعلم رحمك الله انه يجب علينا تعلم اربع مسائل الاولى العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الاسلام بالادلة. الثانية العمل به الدعوة اليه الرابعة الصبر على الاذى فيه. والدليل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر قال الشافعي رحمه الله تعالى هذه السورة لو ما انزل الله حجة على خلقه الا هي لكفتهم. وقال البخاري رحمه الله تعالى باب العلم قبل القول والعمل والدليل قوله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله اغفر لي ذنوبك فبدأ بالعلم قبل القول والعمل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه يجب على العبد تعلم اربع مسائل المسألة الاولى العلم وهو شرعا ادراك خطاب الشرع وهو شرعا ادراك خطاب الشرع ومرده الى المعارف الثلاث معرفة العبد ربه الله ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ودينه الاسلام والمدراد والمراد بالادراك هنا معناه اللغوي وهو تحصيل المطلوب والوصول اليه وهو تحصيل المطلوب والوصول اليه فقولنا في تعريف العلم ادراك خطاب الشرع اي وصول العبد اليه وحصوله عليه والجار والمجرور في قول المصنف بالادلة متعلق بالثلاث جميعا فتقدير الكلام معرفة الله بالادلة ومعرفة نبيه بالادلة ومعرفة دين الاسلام بالادلة ولا يخالف هذا قوله فيما يستقبل الاصل الثاني معرفة دين الاسلام بالادلة فان تخصيصه بالذكر في ذلك الموضع ملاحظة لافتقار فروع الاسلام لكثرتها الى معرفة الادلة فلما كانت فروع الدين اكثرها مسائل اعاد رحمه الله تعالى تخصيصها بمعرفة الادلة فقال الاصل الثاني معرفة دين الاسلام بالادلة وليس مقصود المصنف في ذكر معرفة هؤلاء الثلاث في اقترانها بالادلة ان تكون كل مسألة منها معلومة عند العبد بدليلها اذ ذلك مما يعسر على جمهور الخلق وانما مراده رحمه الله تعالى ان يتقرب في القلوب كون هذه المسائل المتعلقة بالمعارف الثلاث المذكورة ثابتة بادلة شرعية فاذا وقر في قلب العبد ان هذه المعارف الثلاث ثابتة بادلة شرعية كان ذلك كافيا في تصحيح دينه وان لم يكن مستحظرا ذكرها وهذه هي المعرفة الاجمالية التي تكفي كل مسلم. اما المعرفة التفصيلية التي يفتقر فيها الى معرفة كل مسألة بدليلها فالواجب من ذلك يختلف باختلاف الخلق بالنظر الى ما يناط بهم. فالواجب على الحاكم والمفتي والعالم والمعلم من ذلك غير ما يجب على الخلق والمقصود ان تعلم ان مراد المصنف هنا بيان ان المعرفة الاجمالية المتعلقة بالادلة تكفي العبد اذا استحضر ان هذه المعارف ثابتة بادلة وان لم يستحضر ذكر تلك الادلة. اما غيره فانما يلحق به من الواجب يزداد بقدر ما يلحق به من الوظيفة الشرعية. فمن زادت وظيفته الشرعية في الشرع قدرا. في الشرع قدرا كافتاء او تعليم او قضاء او غيرها زاد الواجب في حقه والمسألة الثانية العمل به وهو شرعا ظهور صورة خطاب الشرع ظهور صورة خطاب الشرع على العبد وخطاب الشرع نوعان الاول خطاب الشرع الخبري وظهور صورته بامتثاله بالتصديق نفيا واثباتا وظهور صورته بامتثاله بالتصديق نفيا واثباتا والثاني خطاب الشرع الطلبي وظهور صورته بامتثال الامر والنهي وظهور صورته بامتثال الامر والنهي فقوله تعالى ان الساعة اتية لا ريب فيها وقوله تعالى وما ربك بظلام للعبيد هنا من الخطاب الشرعي الخبري فيكون العمل بهما بامتثالها بالتصديق اثباتا في الاول ونفيا في الثاني فيصدق العبد ان الساعة اتية ويصدق بنفي جميع الظلم عن ربنا سبحانه وتعالى وقوله تعالى واقيموا الصلاة وقوله تعالى لا تأكلوا الربا هما من خطاب الشرع الطلبي فيكون العمل بهما بامتثال الاول بالفعل وامتثال الثاني بالنهي فيقيم الانسان ما امر به من الصلاة وينتهي عما نهاه الله سبحانه وتعالى في اكل الربا او قربان الزنا او غير ذلك والمسألة الثالثة الدعوة اليه اي الى العلم والمراد بها الدعوة الى الله لانه لا يوصل اليه الا بالعلم فمن دعا الى الله وفق المنهج النبوي فانما يدعو الى العلم والدعوة الى الله شرعا هي طلب الناس كافة الى اتباع سبيل الله هي طلب الناس كافة الى اتباع سبيل الله والمسألة الرابعة الصبر على الاذى فيه والصبر شرعا حبس النفس على حكم الله حبس النفس على حكم الله وحكم الله نوعان احدهما قدري والاخر شرعي والمذكور من كلام المصنف هو الصبر على الاذى فيه اي في العلم تعلما وعملا ودعوة والاذى من القدر المؤلم فيكون الصبر على الاذى فيه صبرا على حكم الله القدري ولما كان العلم مأمورا به شرعا فان الصبر عليه ايضا يكون صبرا على حكم الله على حكم الله الشرعي فيجتمع في العلم الصبر على حكم الله القدري والصبر على حكم الله الشرعي والدليل على وجوب تعلم هذه المسائل الاربع هو سورة العصر. لان الله سبحانه وتعالى اقسم بالعصر ان الانسان اي جنسه كله في خسر والعصر هو الوقت المعروف قبل غروب الشمس وموجب تقديم هذا القول على غيره ملاحظة المعهود في خطاب الشرع فان العصر اذا ذكر في الخطاب الشرعي لم يرد به الا هذا الوقت. فلم يأتي في كلام الله ولا في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ارادة الدهر به ومن القواعد النافعة في تفسير كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الاعتناء بالمعهود في الخطاب الشرعي اي ما يدور فيه من الالفاظ على وجه معين من الاستعمال ومن امثلة ذلك مثلا كلمة الميل. فان الميل في الخطاب الشرعي لا يراد به الا ميل المسافة ولم يأتي في الخطاب الشرعي على ارادة غيره. ويعلم بهذه القاعدة ان الراوي الذي قال في حديث المحشر ثم تدنو الشمس من الخلق على قدر ميل لا ادري مين المسافة ام ميل المكحلة ان المراد به ميل المسافة لانه لا يرد في الشرع اطلاق لفظ الميل ويراد به ميل المكحلة وهي وهو العود الذي يدخل فيها لاخذ الكحل منها وجعله في العين. فهذه القاعدة قاعدة نافعة من فروعها الترجيح بان المراد بالعصر في اول سورة العصر هو الوقت الذي يكون قبل غروب الشمس ولما اقسم الله عز وجل بالعصر على ان جميع جنس الانسان في خسر استثنى انواعا اربعة اتصف اهلها استثنى صنفا واحدا اتصفا باربعة اوصاف فقال الا الذين امنوا وهذا دليل العلم لان الايمان لا يدرك اصله ولا كماله الا بعلم ثم قال وعملوا الصالحات وهذا دليل العمل ووصف الاعمال بالصالحات فيه اعلام بانه لا يراد جنس العمل وانما يراد عمل مخصوص وهو العمل الموصوف الجامع بين الاخلاص لله ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم قال وتواصوا بالحق وهذا دليل دعوة فالحق اسم لما وجب ولزم واعلاه ما كان واجبا بطريق الشرع والتواصي به تفاعل بين اثنين فاكثر. وهذه هي الدعوة ثم قال وتواصوا بالصبر وهذا دليل الصبر ولوفاء سورة العصر بالمقاصد المذكورة قال الشافعي رحمه الله هذه السورة لو ما انزل الله حجة على خلقه لك كفتهم اي لكفتهم في قيام الحجة عليهم بوجوب امتثال حكم الله وليس المراد لاغنتهم عن بقية ادلة الشريعة في بيان احكامها. وانما ارادوا وانما اراد كفايتها في شيء مخصوص وهو قيام الحجة على الخلق في وجوب امتثال حكم الله شرعية خبرا وطلبا ذكره ابو العباس ابن تيمية الحفيد وعبد اللطيف ابن عبد الرحمن ال الشيخ وعبد العزيز ابن رحمهم الله تعالى واصل هذه المسائل الاربع الذي تتفجر منه وترجع اليه هو العلم فانه بلا علم لا مكنة للعبد على عمل صالح ولا دعوة صحيحة ولا صبر راسخ لاجل هذا اورد المصنف رحمه الله تعالى كلام البخاري بمعناه لا بلفظه فلفظه باب العلم قبل القول والعمل لقول الله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله فبدأ بالعلم انتهى كلامه فقول المصنف قبل القول والعمل على ارادة بيان مراد البخاري ووجه الاستدلال بهذه الاية على المراد المذكور هو ان الله سبحانه وتعالى قدم الامر بالعلم على الامر القول والعمل وهو استغفار الله سبحانه وتعالى واستنبط هذا المعنى قبل البخاري شيخ شيوخه سفيان ابن عيينة رواه عنه ابو نعيم الاصفهاني في كتاب حلية الاولياء ثم اخذه بعد البخاري الغافقي بوب عليه في مسند الموطأ باب العلم قبل القول والعمل. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله اعلم رحمك الله ان انه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث هذه المسائل والعمل بهن. الاولى ان الله خلقنا ورزقنا ولم يتركناها بل ارسل الينا رسولا فمن اطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار. والدليل قوله تعالى اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فزعون رسولا فعصى الرسول فاخذناه اخذوه الثانية ان الله لا يرضى ان يشرك معه احد في عبادته لا نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا غيرهما والدليل قوله تعالى الثالثة ان من اطاع الرسول فوحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان اقرب قريب. والدليل قوله تعالى لا تجدوا ومن يؤمنون بالله واليوم الاخر من حاد الله ورسوله ولو كانوا ورسوله ولو كانوا ابائهم او ابنائهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه. ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين رضي الله عنهم ورضوا عنه. اولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ثلاث مسائل عظيمة يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمهن والعمل بهن فاما المسألة الاولى فمقصودها بيان وجوب طاعة الرسول فمقصودها بيان وجوب طاعة الرسول. وذلك ان الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا اي مهملين لا نؤمر ولا ننهى. بل ارسل الينا رسولا هو محمد صلى الله عليه وسلم. ليأمرنا بعبادة فمن اطاع امره دخل الجنة ومن عصاه دخل النار كما قال تعالى انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فاخذناه اخذا وبيلا. اي اخذ شديدا وتعقيم خبر ارسال الرسول الينا بذكر ارسال موسى عليه الصلاة والسلام السلام الى فرعون وعاقبة ديانة تحذير لهذه الامة من عصيان النبي الموصل اليها فيحل بهم عقاب الله واليم عذابه في والاخرة كما حل بفرعون وجنوده. واما المسألة الثانية فمقصودها ابطال الشرك في العبادة ووجوب التوحيد فمقصودها ابطال الشرك في العبادة ووجوب التوحيد. وان الله لا يرضى ان يشرك معه احد في عبادته كائنا ان كان لان العبادة حقه. ولا يرضى ان يشرك معه في حقه احد والنهي عن دعوة غير الله دليل على ان العبادة كلها لله وحده فمعنى الاية فلا تعبدوا مع الله احدا لان العبادة لله وحده. واما المسألة تارثة فمقصودها بيان وجوب البراءة من المشركين. فمقصودها بيان وجوب البراءة من المشركين كاين لان طاعة الرسول وتوحيد الله وهما الامران المذكوران في المسألتين الاولى والثانية لا يتحققان الا باقامة هذا الاصل فالمسألة الثالثة بمنزلة التابع اللازم للمسألتين الاوليين وهي ان من اطاع الرسول ووحد الله لا تتم لا يتم له التوحيد والطاعة الا من المشركين فلا يجتمع الايمان الناشئ عن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتوحيد الله مع محبة المشركين اعداء الله بل المؤمنون محادون من حاد الله ورسوله معادون من عادى الله ورسوله ومعنى قوله تعالى من حاد الله ورسوله اي من كان في حد متميز عن الله ورسوله وهو حد وهو حد الكفر فان المؤمنين يكونون في حد ويكون المشركون في حد واذا تميز كل حزب في حد لم يكن بين الحزبين الا المعاداة وهاتان المقدمتان المستفتحتان بقول المصنف رحمه الله اعلم رحمك الله هما رسالتان منفصلتان له عمد بعض اصحابه الى جعلهما توطئة بين يدي ثلاثة الاصول وادلتها. ثم شهر هذا المجموع بهذا الاسم والا فرسالة ثلاثة الاصول مبتدأها قول المصنف فيما يأتي اعلم ارشدك الله واما المسائل الاربع والثلاث التي جعلت بين يديها فهي من صنع بعض اصحابه ثم تهر هذا المجموع باسم ثلاثة الاصول وادلتها. نعم قال رحمه الله تعالى اعلم ارشدك الله لطاعته ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين وبذلك امر الله جميع الناس وخلقهم لها كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ومعنى يعبدون يوحدون الحنيفية في الشرع لها معنيان احدهما عام وهو الاسلام والاخر خاص وهو الاقبال على الله بالتوحيد ولازمه الميل عن كل ما سواه هو الاقبال على الله بالتوحيد ولازمه الميل عن كل ما سواه فيكون الحلف في لسان العرب الاقبال ام الميل اذا كان الميل ما يصح كلامنا لا بد ان نعكس الجملة فيكون معناه في اللغة الاقبال والميل لازم الاقبال وفرق بين تفسير الكلمة بما وضعت له في لسان العرب وتفسيرها باللازم اللاحق لها. والكلام انما يفسر باعتبار وضعه. فيقال الحنف هو قبال الحنف هو الاقبال والميل لازم له. فتكون الحنيفية في معناها الخاص هي الاقبال على الله بالتوحيد ولازمه الميل عن كل ما سواه. وهي دين الانبياء جميعا فلا تختص بابراهيم عليه الصلاة هو السلام واضيفت اليه تبعا لوقوعها كذلك في القرآن. فانها تذكر مضافة الى ابراهيم عليه الصلاة والسلام وموجبه امران احدهما ان الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم يعرفون ابراهيم عليه الصلاة والسلام وينتسبون اليه ويزعمون انهم على دينه فأجدر بهم ان يكونوا حنفاء لله غير مشركين به. والآخر ان الله جعله اماما لمن بعده والاخر ان الله جعله اماما لمن بعده بخلاف غيره من الانبياء فلم يؤمر بالائتمام بهم والاقتداء باحوالهم ذكره ابن جرير في تفسيره والناس جميعا مأمورون بها ومخلوقون لاجلها والدليل قوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فانما خلق الجن والانس لاجل عبادة الله وبرهانه هذه الاية فهي بكونهم مخلوقين لاجلها واذا كانوا مخلوقين لاجلها فهم مأمورون بها فالامر لازم لفظها والخلق هو صريحهم وتفسير المصنف رحمه الله يعبدون بقوله يوحدون له وجهان احدهما انه من تفسير اللفظ باخص افراده تعظيما له انه من تفسير اللفظ باخص افراده تعظيما له فان التوحيد اكد انواع العبادة والاخر انه تفسير للفظ بما وضع له انه تفسير لللفظ بما وضع له. فالعبادة تطلق في الشرع يراد بها التوحيد فالعبادة تطلق في الشرع ويراد بها التوحيد ومنه قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم اي وحدوه والعبادة والتوحيد اصلان عظيمان يجتمعان ويفترقان بحسب المعنى المنظور اليه فاما اجتماعهما فيكون اذا نظر الى ارادة التقرب فيكون اذا نظر الى ارادة التقرب. اي قصد القلب العمل تقربا الى الله عز وجل. فيكونان حين مترادفين فتكون كل عبادة يتقرب بها الى الله توحيد له وهذا معنى قول المصنف في كتاب القواعد الاربع فاعلم ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد فكل عبادة يتقرب بها العبد الى ربه هي توحيد له. واما افتراقهما فيكون اذا نظر الى الاعمال المتقرب بها فيكون اذا نظر الى الاعمال المتقرب بها فهي باعتبار افرادها مختلفة الانواع فكل ما تقرب به الى الله فهو عبادة ويكون التوحيد واحدا من تلك الاعمال التي يتقرب بها العبد الى ربه فهذه هي الصلة بين العبادة والتوحيد اجتماعا وافتراقا فيفترقان في حال ويجتمعان في حال نعم قال رحمه الله واعظم ما امر الله به التوحيد وهو افراد الله بالعبادة واعظم ما نهى عنه الشرك وهو دعوة غيره والدليل قوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. فاذا قيل لك ما الاصول الثلاثة التي يجب على معرفتها فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم. لما كانت كيفية مركبة من الاقبال على الله بالتوحيد والميل عن كل ما سواه بالبراءة من الشرك عرف المصنف رحمه الله التوحيد والشرك والتوحيد له معنيان شرعا احدهما عام وهو افراد الله بحقه. وهو افراد الله بحقه وحق الله نوعان حق في المعرفة والاثبات وحق في القصد والطلب حق في المعرفة والاثبات وحق في القصد والطلب وينشأ من هذين النوعين ان التوحيد الواجب على العبد ثلاثة انواع توحيد ربوبية وتوحيد الوهية وتوحيد اسماء وصفات والثاني خاص وهو أفراد الله بالعبادة وهو افراد الله بالعبادة والمعنى الثاني هو المعهود شرعا اي المراد عند ذكر التوحيد في خطاب الشرع في الايات والاحاديث ولهذا اقتصر عليه المصنف فخصه بالذكر دون بقية انواعه فقال التوحيد وهو افراد الله بالعبادة مقتصرا على المعهود شرعا فان التوحيد اذا اطلق في خطاب الشرع كان المراد به هو توحيد العبادة المتضمن افراد الله بالالهية والشرك يطلق في الشرع على معنيين احدهما عام وهو جعل شيء من حق الله لغيره. جعل شيء من حق الله لغيره والثاني خاص وهو جعل شيء من العبادة لغير الله وهو جعل شيء من العبادة لغير الله وانما عدل في حد الشرك عن الصرف الى الجعل لامرين ما هما ومنه احسنت احدهما ان الجعل هو المعهود في خطاب الشرع اي الوارد في الايات والاحاديث ومنه قوله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وفي الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم اي الذنب اعظم؟ فقال ان تجعل لله ندا وهو خلقك والاخر هذا الاول والاخر ان الجعل فعل يتضمن اقبال القلب بالتأله ان الجعل فعل يتضمن اقبال القلب بالتأله بخلاف الصرف فانه موظوع في كلام العرب للدلالة على تحويل الشيء من وجه الى وجه اخر فلا يكون فيه من معنى الاقبال والتأله القلبي ما يكون في كلمة جعل في كلمة جعل فلاجل هذين الامرين عدل عن المشهور في كلام المتكلمين في بيان حقيقة الشرك عن الصرف الى الجعل والمعنى الثاني في تعريف الشرك هو المعهود شرعا. ولذلك اقتصر عليه المصنف فقال واعظم ما نهى عنه الشرك وهو دعوة غيره معه لان الشرك يطلق في خطاب الشرع ويراد به الشرك المتعلق بالعبادة والعبادة يعبر عنها بالدعاء كما سيأتي فقول المصنف وهو دعوة غيره معه بمعنى عبادة غير الله سبحانه وتعالى معه فهذان اللفظان يقعان على معنيين احدهما عام واسع والاخر ضيق خاص وبالثاني ورد خطاب الشرع وجرى المصنف رحمه الله تعالى على موافقة خطاب الشرع. فذكر تعريف التوحيد والشرك باعتبار المعنى الخاص المعهودي شرعا وتقديم ما قدمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم اصل اصيل في بيان مقاصد الشرع واعظم ما امر الله سبحانه وتعالى به التوحيد واعظم ما نهى عنه الشرك كما قال نصنف والدليل قوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ووجه دلالته على ذلك ان الامر بعبادة الله والنهي عن الشرك به جاء ذكرهما مقدما في اية الحقوق العشرة وهي قول الله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذو القربى واليتامى والمساكين الى تمام الاية فلما قدم الامر بعبادة الله والنهي عن الشرك به على سائر الحقوق علم انهما اعظم فانما يقدم الاهم ذكر هذا الوجه في دلالة الاية على اعظمية التوحيد والشرك ابن قاسم العاصم في حاشية ثلاثة الاصول. ثم بين المصنف مسألة اخرى مرتبة على ما تقدم فقال فاذا قيل لك ما الاصول الثلاثة الى اخره وقد علمت فيما سلف ان الله عز وجل خلقنا لاجل عبادته وامرنا بها ولا يمكن القيام بها الا بمعرفة ثلاثة اصول احدها معرفة المعبود الذي تجعل له تلك العبادة وتانيها معرفة الكيفية التي توقع بها العبادة وثالثها معرفة المبلغ عن المعبود ما يجب له سبحانه من العبادة فلا يمكن لامرئ ان يمتثل امر الله سبحانه وتعالى بالعبادة الا بمعرفته بهذه الاصول الثلاثة ومعرفة المعبود هي معرفة الله. ومعرفة الكيفية التي يعبد بها هي معرفة الدين. ومعرفة المبلغ عنه هي معرفة النبي صلى الله عليه وسلم فصار الامر بالعبادة دالا على وجوب هذه الاصول الثلاثة فاذا سئلت ما دليل هذه الاصول الثلاثة؟ معرفة الله ومعرفة دينه ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم فالجواب ان كل امر بالعبادة في الكتاب والسنة هو امر بها واضح كل امر في الكتاب والسنة هو امر بها مثلا قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم كيف يدل على الاول الاول معرفة المعبود فالذي يريد ان يعبد الله ممتثلا هذا الامر لا يمكن الا بمعرفته ذلك المعبود وهو معرفة الله والاصل الثاني ان العبادة المطلوبة لا تمكن الا بالوقوف على بالمبلغ عنها وهو الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم تلك العبادة التي يراد ايقاعها لا يمكن للعبد ان يعرف المطلوب منه الا على كيفيتها وهي وهي الدين وهي الدين. فكل امر بالعبادة امر بهذه الاصول الثلاثة. واذا اردت ان تعرف ذلك حق المعرفة فانظر الى خصوصي اسئلة القبر الثلاثة بهذه المطالب يتضح لك بيقين ان كل امر بالعبادة امر بهذه الاصول الثلاثة فاذا سمعت قائلا يقول ان هذه الامور امور اصطلاحية يذكرها المصنفون بحسب اجتهادهم فاعلم انه لم يفقه دين الله عز وجل. وان المصنف لم يجئ بشيء من نفسه وانما جاء بما دل عليه الكتاب والسنة. لكن من ضعف علمه لم يصل الى فهم ما فهمه ما فهمه العارفون بكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. نعم قال رحمه الله فاذا قيل لك من ربك؟ فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته. وهو معبودي لمعبود سواه. والدليل قوله تعالى الحمد لله رب العالمين. وكل ما سوى الله عالم وانا واحد من ذلك العالم شرع المصنف رحمه الله يبين الاصل الاول وهو معرفة العبد ربه فقال فاذا قيل لك من ربك قل ربي الله الذي رباني الى اخره. ومعرفة الله على وجه الكمال متعذرة في حق الخلق لان كماله عز وجل مما يعجز عن الاحاطة به المخلوقون فلا يتناهى كمال الله عز وجل الى حد يمكن ضبطه بمعرفته وكلما زاد العبد معرفة بالله سبحانه وتعالى اطلع على حقيقة جهله بقدر الله عز وجل ومن معرفة الله عز وجل قدر يتعين على كل احد وما زاد عن هذا القدر فالناس يتفاضلون فيه. واصول معرفة الله الواجبة على كل احد اربعة الاول معرفة وجود الله معرفة وجود الله. فيؤمن العبد بانه موجود فيؤمن العبد بانه موجود والثاني معرفة ربوبيته فيؤمن العبد بانه رب كل شيء. معرفة ربوبيته. فيؤمن العبد بانه رب كل شيء. والثالث معرفة الوهيته فيؤمن العبد بانه هو الذي يعبد بحق وحده فيؤمن العبد بانه هو الذي يعبد بحق وحده والرابع معرفة اسمائه وصفاته فيؤمن العبد بان لله اسماء حسنى وصفات علا فيؤمن العبد بان لله اسماء حسنى وصفات علا والدليل على ذلك كما ذكر المصنف هو قوله تعالى الحمد لله رب العالمين كيف دلالتها على هذه الاصول الاربعة الاول معرفة وجوده كيف تدل على معرفة وجوده نعم احسنت لان المعدوم لا يحمد وانما يحمد ما هو موجود فيدل على الاصل الاول وهو معرفة وجوده والثاني احسنت. التصريح بكلمة الرب. لان قوله تعالى الحمد لله رب العالمين. دال على اثبات ربوبيته ذكري باسم رب العالمين والثالث معرفة الوهيته لقوله لقوله الحمد لله فموجب استحقاقه سبحانه وتعالى الحمد هو كونه المستحق للعبادة واما دلالتها على معرفة اسمائه وصفاته فلما فيها من التصريح باسمين من اسمائه الحسنى هما الله ورب العالمين مع ما يتضمنانه من الدلالة على صفة الربوبية وصفة الالوهية فهذا وجهه دلالة فاتحة الفاتحة على اصول معرفة الله الاربعة. وقول المصنف رحمه الله تفسيرا للعالمين وكل من سوى الله عالم هي مقالة تبع فيها غيره من المتكلمين في بيان معناه وهي لا تعرف في لسان العرب وانما هي من اصطلاحات الفلاسفة والمنطقيين التي سرت في العلوم. حتى ظن الناس انها العالمين في الوضع اللغوي ومنشأوا ذلك ان الفلاسفة رتبوا مقدمتين مشهورتين الاولى الله قديم والثانية العالم حادث ونشأ من هاتين المقدمتين قولهم كل ما سوى الله عالم ثم فشت هذه النتيجة في كلام اهل العلم وظنوها موافقة للوضع اللغوي. وانما هي داخلة من كلام الفلاسفة نتيجة للمقدمتين المشهورتين عندهما اشار الى ذلك بايجاز الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير والعالمين في لسان العرب اسم للافراد المتجانسة كعالم الانس وعالم الجن وعالم الملائكة وليست كل مخلوقات الله عز وجل افرادا متجانسة بل منها ما هو من الافراد المتجانسة كالانس والجن والملائكة ومنها افراد لا جنس ومنها افراد لا نظير لها من جنسها كالعرش والكرسي والجنة والنار فيكون تفسير العالمين هو الافراد المتجانسة من المخلوقات والمخلوقات نوعان احدهما افراد متجانسة كالانس والجن والملائكة والاخر افراد غير متجانسة اذ لا نظير لها من جنسها كلمة كالعرش والكرسي والجنة والنار. فيكون قوله تعالى رب العالمين اي رب الافراد المتجانسين من المخلوقات وذكرهم دون غيرهم على وجه التعظيم لهذا المخلوق فان فيه من ظهور عظمة الله عز وجل ما ليس في غيره فتكون الاية دالة على بعظ المخلوقات لعظمتها وهي المخلوقات المتجانسة ولا تكونوا هذه الاية دالة على عموم ربوبية الله وانما تدل على ربوبيته لجنس خاص وهو الافراد المتجانسة. واما الاية الدالة على عموم ربوبية الله عز وجل فهي قوله تعالى وهو رب كل شيء فانه يدخل في هذا العموم كل مخلوق من مخلوقات الله عز وجل من الافراد المتجانسة وغيرها. نعم قال رحمه الله فاذا قيل لك بم عرفت ربك؟ فقل باياته ومخلوقاته ومن اياته الليل والنهار والشمس القمر ومن مخلوقاته السماوات السبع ومن فيهن والارضون السبع ومن فيهن وما بينهما والدليل قوله تعالى لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس. وقوله تعالى ومن اياته الليل والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم اياه تعبدون وقوله تعالى ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يقلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخراتهم لامره الاله الخلق والامر. تبارك الله رب العالمين. لما ذكر المصنف رحمه الله ان الله فهو الرب ان الله هو الرب وبين دليله كشف عن الدليل المرشد الى معرفة الله عز وجل. والدليل المرشد الى معرفة الله عز وجل نوعان احدهما التفكر في اياته الكونية التفكر في اياته الكونية والاخر التدبر في اياته الشرعية التدبر في اياته الشرعية وهما مذكوران في قول المصنف باياته. لان الايات شرعا لها معنيان احدهما الايات الكونية وهي المخلوقات والاخر الايات الشرعية وهي ما انزله الله من الكتب. فيكون قول المصنف بعد ذلك ومخلوقاته من عطف على العام لان المخلوقات بعض الايات وهي مختصة بالايات الكونية. ثم ذكر المصنف ان من ايات الله الليل والنهار والشمس والقمر وان من مخلوقاته السماوات السبع ومن فيهن والاراضون السبع ومن فيهن وما بينهما الليل والنهار والشمس والقمر والسماوات والارض وما بينهما كلها من مخلوقات الله عز وجل ومع ذلك فرق المصنف بينها فجعل اسم الايات مختصا بالليل والنهار والشمس والقمر. وجعل اسم المخلوقات مختصا بالسماوات السبع والاراضين السبع وما بينهما وموجب ذلك هو اتباع ما وقع في السياق القرآني فانه اكثر ما يكون في القرآن عند ذكر الليل والنهار والشمس والقصر والشمس والقمر الارشاد الى كونهن ايات واذا ذكر فيه السماوات والارض اشير اليهن بانهن مخلوقات فتبع المصنف رحمه الله تعالى سياق القرآن وموجب وقوع ذلك في سياق القرآن هو بناؤه على الوضع اللغوي فان الاية في لسان العرب هي العلامة وظهور هذا المعنى في الشمس والقمر والليل والنهار اقوى لانهن يتجددن ويتتابعن فظهور كونهن علامة اجلى وتسمية الارض والسماوات بالمخلوقات ملاحظة للمعنى اللغوي للخلق وهو التقدير فالسماوات والارض مقدرة على صورة واحدة لا تتغير فالارض والسماء في الليل والنهار على صورتها التي خلقها الله سبحانه وتعالى. فلما كان ظهور معنى الاية في الشمس والقمر والليل والنهار اقوى عبر عنه. عبر عنهن بذلك. ولما كان ظهور معنى التقدير في السماوات والارض اعلى عبر بذلك في القرآن الكثير في الكريم وهذا الموضع من المواضع التي زعم بعض الشراح ان المصنف فرق فيها بينما لا يفرق بينهم فزعم ان الليل والنهار والشمس والقمر والسماوات والارض هن ايات وهن مخلوقات ولا فرق بينهن وهذا باعتبار ما تبادر من الالفاظ صحيح لكن باعتبار الوضع الشرعي فرق بينهن في القرآن على الوجه الذي ذكرت له فتبع المصنف رحمه الله تعالى السياق القرآني ووقع السياق القرآني كذلك لما ذكرت لك من ملاحظة الوضع اللغوي اية واسم المخلوق ومعنى يغشي في الاية الثالثة المستدل بها يغطي وحثيثا سريعا ومسخرات مدللات نعم. قال رحمه الله والرب هو المعبود والدليل قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم الذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء انزل وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا قالوا لله اندادا وانتم تعلمون. قال ابن كثير رحمه الله تعالى الخالق لهذه الاشياء هو المستحق للعبادة لما بين المصنف رحمه الله الدليل المرشد الى معرفة الرب عز وجل ذكر ان الرب هو المستحق للعبادة معنى قوله والرب هو المعبود اي هو المستحق ان يكون معبودا وليس كلامه تفسيرا للفظ الرب وانه يقع كذلك في لسان العرب فان الرب لا يفسر بالمعبود في قول جمهور اهل اللغة وهو الصحيح وانما اراد المصنف بيان ان موجب استحقاق الله عز وجل للعبادة هو كونه ربا ثم كلام ابن كثير رحمه الله تعالى في تصديق ذلك مستدلا بقول الله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الى تمام الاية وما بعدها. فان الله عز وجل ذكر في صدرها الامر بالعبادة ثم ذكر موجبه وهو فقال الذي خلقكم والذين من قبلكم فالاقرار بالربوبية يستلزم الاقرار بالالوهية فمن قر بالله ربا وجب ان يقر به معبودا مألوها تجعل العبادة كلها له. ومن اوسع باودية الادلة في تحقيق توحيد العبادة هو بيان كونه سبحانه وتعالى ربا. وقد ذكر ابن الوزير في ترجيح باساليب القرآن على اساليب اليونان عن صاحب كتاب مذاهب السلف ولم يسمه ولا عرفته ان في القرآن خمس مئة اية كلها تدل على الربوبية انتهى كلامه وانما ملئ القرآن ببيان ربوبية الله عز وجل لايصال الخلق منها الى وجوب توحيده سبحانه وتعالى بالالوهية. فمن كان ربا وجب ان يكون معبودا. نعم قال رحمه الله وانواع العبادة التي امر الله بها مثل الاسلام والايمان والاحسان. ومنه الدعاء والخوف والرجاء كلوا والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والانابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من انواع العبادة التي امر الله بها كلها لله تعالى. والدليل قوله تعالى لا تدعوا مع الله احدا. عبادة الله لها معنيان في الشرع احدهما عام وهو امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب الخضوع والثاني خاص وهو التوحيد والثاني خاص وهو التوحيد وعبر بالخضوع في بيان المعنى العام للعبادة دون الذل لامرين احدهما اقتفاء الخطاب الشرعي لان الخضوع مما يعبد به الله بخلاف الذل فالخضوع يكون دينيا شرعيا وكونيا قدريا بخلاف الذل فانه لا يكون الا كونيا قدريا فيقال للخلق اخضعوا لله. ولا يقال لهم ذلوا لله. لاجل المأخذ الذي ذكرته لك لا يتقرب الى الله عز وجل بالذل. وانما يتقرب له بالخضوع فيكون عبادة له وفي صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قضى الله بالامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعانا لقوله اي خضوعا له سبحانه وتعالى هي عبادة لكونها من افعال الملائكة التي يتقربون بها الى ربهم وعند البيهقي بسند صحيح عن عمر بن الخطاب في قنوته انه كان يقول ونؤمن بك ونخضع لك ولم يقل ونذل لك والاخر ان الذل ينطوي على الاجبار والقهر ان الذل ينطوي على الاجبار والقهر فقلب الذليل فارغ من الاقبال على الله عز وجل الذي هو حقيقة العبادة كما انه يتضمن نقصا لا يناسب الحالة التي يبلغها العبد اذا عبد ربه سبحانه وتعالى ولا يجد ذلك لا يأتي الذل مطلقا الا على وجه النقص كما قال تعالى خاشعين من الذل وقال ترهقهم ذلة وما يخالف ذلك من الايات قد بينا وجهه وانه لم يجيء على وجه الاطلاق وانما جاء على وجه التقييد. فيكون المختار مما يوافق ادلة الشرع ان يذكر الخضوع في العبادة ولا يذكر الذل لاجل الامرين سبق ذكرهما وفي ذلك قال منشدكم وعبادة الرحمن غاية حبه وخضوع قاصده هما قطبان الرحمن غاية حبه وخضوع قاصده هما قطبان. وقاصده هو المتوجه اليه في طلبه وانواع العبادة كلها لله عز وجل. قال تعالى وان المساجد لله الاية فالنهي عن عبادة غير الله عز وجل دليل على ان العبادة لله وحده. واشير الى عبادة في قوله تعالى فلا تدعوا مع الله احدا بقوله تدعو لان العبادة يعبر عنها في الشرع كثيرا بالدعاء لانه ركنها الركين ولبها المتين وعند اصحاب السنن بسند صحيح من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة فمعنى الاية فلا تعبدوا مع الله احدا لان العبادة لله وحده. نعم قال رحمه الله فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كافر. والدليل قوله تعالى برهان له به فإنما حسابه عند ربه. انه لا يفلح الكافرون. ذكر المصنف رحمه الله ان من صرف فشيئا من العبادات لغير الله فهو مشرك كافر واستدل باية المؤمنون ووجه الدلالة منها في قوله انه لا يفلح الكافرون. مع قوله في اولها ومن يدعو مع الله الها آخر فانه يدل على ان المذكور فيها من افعال الكافرين. والمذكور فيها هو عبادة غير الله. واشير اليها فمعنى قوله ومن يدعو مع الله الها اخر ومن يعبد مع الله الها اخر. وتوعده بالحساب تهديد له وما اقترفه هو كفر لانه اشار الى مصيره بعد حسابه في الاخرة بقوله انه لا يفلح كافرون ونفي نفي الفلاح لا يكون الا في حق من مستقره النار. فنفي الفلاح في الاخرة دال على الخسران المبين الذي هو جزاء الكافرين وجعل شيء من العبادة لغير الله سبحانه وتعالى شرك والكفر يكون بالشرك وغيره والمذكور هنا من الكفر في الاية هو الشرك. ومعنى قوله لا برهان له اي لا حجة له به ولا بينة على ما ادعاه وهذا وصف كاشف لحقيقة كل معبود سوى الله. فكل معبود سوى الله سبحانه وتعالى لا حجة لعابده على استحقاقه العبودية فليس وصفا مميزا لانواع المعبودات ان منها ما تقوم الحجة عليه ومنها ما لا تقوم كذلك بل هي صفة كاشفة عن حال كل معبود سوى الله ان عابده لا تكون له حجة على استحقاقه العبادة نعم قال رحمه الله وفي الحديث الدعاء مخ العبادة والدليل قوله تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم حين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. ودليل الخوف قوله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوفه واولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. ودليل الرجاء قوله تعالى لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. ودليل التوكل قوله تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. وقوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعون لا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين. ودليل الخشية قوله تعالى فلا تخشوهم واخشوني. ودليل الانابة قوله تعالى انيبوا الى ربكم واسلموا له. الاية ودليل الاستعانة قوله تعالى اياك نعبد واياك نستعين. وفي اذا استعنت فاستعن بالله ودليل الاستعاذة قوله تعالى قل اعوذ برب الفلق وقوله تعالى قل اعوذ اعوذ برب الناس ودليل الاستغاثة قوله تعالى اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ودليل الذبح قوله تعالى قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له. ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله من ذبح لغير الله ودليل النذر قوله تعالى يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا. شرع المصنف رحمه الله يورد انواعا من العبادة. فذكر اربع عشرة عبادة يتقرب بها الى الله. ابتدأها بالدعاء. وجعل الحديث في الترجمة له فليس قوله وفي الحديث الدعاء مخ العبادة دليلا للمسألة السابقة بل هو ابتداء لكلام جديد تقديره ودعاء العبادة قوله تعالى واختار المصنف للإشارة الى هذا المراد ايراد حديث نبويا رواه الترمذي وفيه ضعف متبعا غيره من الائمة كالبخاري رحمه الله فانه ربما بوب على مقصوده من حديث بحديث نبوي ضعيف والكلام الذي شرع يذكره المصنف هو بيان جملة من العبادات رأسها الدعاء فاولها على ما تقدم من التقدير ودليل الدعاء قوله تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم. ودعاء الله شرعا له معنيان احدهما عام وهو امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع. امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع فيشمل جميع افراد العبادة لان العبادة تطلق بهذا المعنى ويسمى هذا النوع دعاء العبادة والاخر خاص وهو طلب العبد من ربه حصول ما ينفعه ودوامه. طلب العبد من ربه حصول ما ينفعه ودوامه او دفع ما يضره ورفعه. او دفع ما يضره ورفعه ويسمى دعاء المسألة هذه هي العبادة الاولى والعبادة الثانية هي الخوف من الله وخوف الله شرعا هو فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا هو فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا ماذا ذكرنا في السنة الماضية حروب غروب القلب واليوم ايش قلنا ضرار القلب طيب بينهم فرق فانت عاد اكيد يا محمد ما معك شرح ايه اكيد انا اشوفك ولكن بعض الاخوان جزاهم الله خير اليوم الصباح نبهت عليهم وكنت متأدبا فلم اقل يا هذا ويا ذاك وحضروا العصر ايضا ومعهم شروح فكيف ينالون بركة العلم اذا لم يتأدبوا بامر المتعلم بامر المعلم تنالون فارجو من الاخوان الا يحضروا شيئا من الشروح ولو كان للمصنف لان المقصود ان تجمع قلبك على ما يلقى اليك ولهذا لما قلت فرار قلبي قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا الذين معهم الشروح لم ينتبهوا الى الفرض لانهم لم ينتبهوا الى كلام المتكلم وانما معهم شروح يظنون انه تغنيهم هذا من الغلط فان الذي يرغب في تحقيق العلم لا يرظى بان يبقى قوله على كل حال كما كان بل اذا فتح الله له فهما باح به واعلنه نحن لما ذكرنا هروب القلب كنا متبعين لجماعة من الائمة منهم ابو عبد الله ابن القيم في كتاب مدارج السالكين لكن احد اذكياء الطلبة قال لي لماذا يقال هروب القلب الى الله ذعرا وفزعا ولا نقول فرار قلبي الى الله وبنى قوله على ان المصرح به في خطاب الشرع هو الفراق لقول الله تعالى ففروا الى الله فايما اعلى ما في خطاب الشرع ام اما في كلام ابي عبد الله ابن القيم وغيره الشرع لكنني قلت له ابتداء الفرار بمعنى الهرب ثم قلت له دعني انظر فلما نظرت وجدت ان بين الفرار والهرب فرقا فان الهرب التباعد من المحذور مع بقاء الطلب التباعد عن المحظور مع بقاء الطلب. فهو يبعد عمن يطلبه. لكن الطلب عليه وقلق نفسه باقي. اما فهو تباعده عن المحظور عن المحظور مع حصول الامن له واضح تباعده عن المحذور مع حصول الامن له. فالذي يفر يصل الى مأمن. والذي يهرب لا يصل الى مأمن بل يبقى فزعه متواليا فالاكمل ان يقال خوف الله شرعا هو فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا. والعبادة الثالثة هي الرجاء ورجاء الله شرعا هو امل العبد بربه في حصول المقصود امل العبد بربه في حصول المقصود مع بذل الجهد وحسن التوكل. مع بذل الجهد وحسن التوكل. والعبادة الرابعة هي التوكل والتوكل على الله شرعا هو اظهار العبد عجزه لله واعتماده عليه واظهار العبد عزه لله واعتماده عليه والعبادة الخامسة هي الرغبة والعبادة السادسة هي الرهبة والعبادة السابعة هي الخشوع. وقرن المصنف بينها لاشتراكها في الدليل والرغبة الى الله شرعا هي ارادة العبد مرضاة الله بالوصول الى المقصود محبة له ورجاء. ارادة العبد مرضاة الله بالوصول الى المقصود. محبة له رجاء والرهبة من الله شرعا هي فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا مع عمل ما يرضيه قرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا مع عمل ما يرضيه والخشوع لله شرعا هو فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا مع الخضوع له فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا مع الخضوع له والعبادة الثامنة هي الخشية وخشية الله شرعا هي فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا مع العلم بالله وبامره فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا مع العلم بالله امره واذا بصوت بما سلف وجدت ان جملة من العبادات هي الخوف والرهبة والخشية والخضوع تشترك في اصلها. وتفترق فيما يلحقها من الوصف. فبينهن فرق باعتبار الوصف بكل واحدة منهن على ما سبق ذكره. والعبادة التاسعة هي الانابة والانابة الى الله شرعا هي رجوع قلب العبد الى الله محبة وخوفا ورجاء رجوع قلب العبد الى الله محبة وخوفا ورجاء والعبادة العاشرة هي الاستعانة والاستعانة بالله شرعا هي طلب العبد العون من الله في الوصول الى المقصود طلب العبد العون من الله في الوصول الى المقصود العون المساعدة والعبادة الحادية عشرة هي الاستعاذة والاستعاذة بالله شرعا هي طلب العبد العوذ من الله عند ورود المخوف طلب العبد العودة من الله عند ورود المخوف والعوذ الالتجاء والعبادة الثانية عشرة هي الاستعانة هي الاستغاثة والاستغاثة بالله شرعا هي طلب العبد من الله الغوث عند ورود الضرر طلب العبد الغوث من الله عند ورود الضرر والغوث المساعدة في الشدة والعبادة الثالثة عشرة هي الذبح والذبح لله شرعا هو قطع الحلقوم قطع العبد الحلقوم والمريء من بهيمة الانعام قطع العبد الحلقوم والمريء من بهيمة الانعام تقربا الى الله على صفة معلومة تقربا الى الله على صفة معلومة وتفسير الذبح بسفك الدم تفسير لللفظ بلازمه لا بما وضع له في لسان العرب. واللفظ انما يفسر بالوضع اللغوي لا بما يلزمه من المعاني. وبهيمة الانعام هي الابل والغنم والبقر وبها اختصت الذبائح الشرعية كالهدي والاضحية والعقيقة وما عداها لا يتقرب بذبحها وانما يتقرب بلحمها وجلدها وريشها صدقة او هدية ومن ذبح لغير الله على ارادة التقرب ولو دجاجة فانه يكون كافرا لارادة التقرب وان كان تقربه باطل على قواعد الشريعة. فمن اراد ان يتقرب الى الله عز وجل بالذبح. لا يكون تقربه بهذه العبادة الخالصة واقعا الا اذا ذبح بهيمة من بهائم الانعام فان ذبح غيرها لم يكن التقرب بالذبح وانما كان بالصدقة او الاهداء من لحمها او ريشها او جلدها واضحة المسألة هذي هذه مسألة جليلة عبادة الذبح يختص التقرب فيها ببهيمة الانعام فلو ذبح الانسان دجاجة على نية التقرب الى الله عز وجل بالذبح. تكون عبادته واقعة ام لا تكون غير واقعة لان الذبح على كونه قربة لله مختص ببهيمة الانعام مثال يوضح ذلك الركوع عبادة من العبادات التي تكون لله ام لا عبادة ام ليس عبادة عبادة. متى يكون الركوع عبادة اذا كان في الصلاة فلو قام انسان من هذه الحلقة واستقبل القبلة ثم ركع ثم رفع جاء بعبادة متقبلة عند الله ام لم يأتي بعبادة ايش لم يأتي بعبادة متقبلة بل فعله عبث فان ركع لصنم كفر لماذا لارادة التقرب وان كانت هذه العبادة لا تكون عندنا قربة الا في ضمن الصلاة فنظير ذلك القول في الذبح انه لا يكون قربة لفعل الذبح الا في بهيمة الانعام فان كون ذلك قربة بالتصدق بلحمها او ريشها او جلدها كمن يذبح دجاجة او غيرها فيكون التقرب هو بما ذكر اما الذبح فيختص ببهيمة الانعام والعبادة الرابعة عشرة هي النذر والنذر لله شرعا يقع على معنيين احدهما عام وهو الزام العبد نفسه لله امتثال خطاب الشرع الزام العبد نفسه لله امتثال خطاب الشرع اي الالتزام بدين الاسلام كله. والاخر خاص وهو الزام العبد نفسه لله نفلا معينا غير معلق. الزام العبد نفسه لله نفلا معينا غير معلق. وهذا الحد الشرعي للنذر بمعناه الخاص يتحقق فيه كونه عبادة وفق القيود المذكورة فقولنا نفلا خرج به الواجب لانه لازم للعبد اصالة وقولنا معينا خرج به المبهم لان الابهام لا يترتب عليه فعل وانما فيه الكفارة فلو قال انسان لله علي شيء فهذا مبهم لا تحصل به قربة النذر وقولنا غير معلق خرج به ما كان على وجه العوض والمقابلة كقول القائل لله علي ان شفى مريضي ان اصوم ثلاثة ايام. فمتى وقع النذر نفلا معينا غير معلق كان قربة يتقرب بها الى الله عز وجل وهذا فصل المقال في كون النذر عبادة من العبادات ام لا؟ فانه يكون عبادة على هذا النحو فان خرج عنها لم يكن متقربا به. فلو ان انسانا قال لله علي نذر فمثل هذا لا يكون قد جاء بعبادة النذر لانه نذر ايش مبهما غير معين وتلزمه الكفارة فيه نعم كم بقي على الاذان تمنطاش كم يدين ثمانية وخمسين نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله الاصل الثاني معرفة دين الاسلام بالادلة وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد بالطاعة والبراءة والخلوص من الشرك واهله. وهو ثلاث مراتب الاسلام والايمان والاحسان. لما فرغ المصنف رحمه الله من بيان الاصل الاول اتبعه ببيان الاصل الثاني وهو معرفة العبد دين الاسلام بالادلة. والدين يطلق في الشرع على معنيين احدهم عام وهو ما انزله الله على الانبياء لتحقيق عبادته. ما انزله الله على الانبياء لتحقيق عبادته والاخر خاص وهو التوحيد والاسلام الشرعي له اطلاقان احدهما عام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة والخلوص من الشرك واهله وهذا هو دين الانبياء جميعا والاخر خاص وله معنيان ايضا الاول الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم. ومنه حديث ابن عمر حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين بني الاسلام على خمس اي بني الدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم على خمس وحقيقته شرعا استسلام الباطن والظاهر لله استسلام الباطن والظاهر لله تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة استسلام الباطن والظاهر لله تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة. والثاني الاعمال الظاهرة. فانها تسمى اسلاما وهذا المعنى هو المقصود اذا قرن الاسلام بالايمان والاحسان. والاسلام الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم له ثلاث مرات كما ذكر المصنف الاولى مرتبة الاعمال الظاهرة وتسمى الاسلام والثانية مرتبة الاعتقادات الباطنة وتسمى الايمان والثالثة مرتبة اتقانهما وحقيقتها عبادة الله على مقام المشاهدة او المراقبة وتسمى الاحسان. ومن اهم مهمات الديانة معرفة الواجب عليك في هذه المراتب في اسلامك وايمانك واحسانك. والواجب منها يرجع الى ثلاثة اصول فالاصل الاول الاعتقاد والواجب فيه كونه موافقا للحق في نفسه. والواجب فيه كونه موافقا للحق في نفسه اصول الايمان الستة التي ستأتي والحق من الاعتقاد ما جاء به الشرع والاصل الثاني الفعل والواجب فيه موافقة حركات العبد الاختيارية ظاهرا وباطنا موافقة حركات العبد الاختيارية باطنا وظاهرا للشرع امرا وحلا للشرع امرا وحلا. والحركات الاختيارية هي ما صدر عن قصد وارادة والامر الفرض والنفل والحل ما اذن الله سبحانه وتعالى به. فينبغي ان تكون افعال العبد الاختيارية دائرة بين الامر والحلال وفعل العبد نوعان احدهما فعله مع ربه احدهما فعله مع ربه وجماعه شرائع الاسلام اللازمة وجماعه شرائع الاسلام اللازمة له كالصلاة والصيام والزكاة والحج وشروطها واركانها ومبطلاتها. والاخر فعله مع الخلق وجماعه احكام المعاشرة والمعاملة معهم. والاصل الثالث الترك والاصل الثالث الترك والواجب فيه موافقة الكف والامتناع عن الفعل لمرضاة الله موافقة الكف والامتناع عن الفعل لمرضاة الله وجماعه المحرمات الخمس التي اتفقت عليها الانبياء وهي الفواحش والاثم والبغي والشرك والقول على الله بغير علم وما يرجع اليها ويتصل بها وتفصيل ما يجب من هذه الاصول الثلاثة الاعتقاد والفعل والترك لا يمكن ضبطه لاختلاف في اسباب العلم الواجب ذكره ابن القيم في مفتاح دار السعادة وهذه المسألة مسألة جليلة وهي من اهم ما ينبغي التنويه به عند شرح ثلاثة الاصول ببيان ما يجب عليك في اسلامك وايمانك واحسانك. ومن احسن من تكلم فيها ابو عبد الله ابن القيم في مفتاح دار السعادة نعم قال رحمه الله وكل مرتبة لها اركان فاركان الاسلام خمسة والدليل من السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس. شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة تأتي وصوم رمضان وحج البيت والدليل؟ كل مرتبة من مراتب الدين الثلاث لها اركان فاركان الاسلام خمسة هي المذكورة في حديث ابن عمر المتفق عليه الذي اورده المصنف واركان الايمان ستة وهي ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشره وسيأتي ذكرها واركان الاحسان اثنان احدهما ان تعبد الله وثانيهما ان يكون ايقاع تلك العبادة على مقام المشاهدة او المراقبة. ان يكون ايقاع تلك العبادة يعني فعلها على مقام المشاهدة او المراقبة. نعم قال رحمه الله والدليل قوله تعالى وقوله تعالى ومن يبتغ غير الاسلام دينه فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. ودليل الشهادة قوله تعالى لا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط. لا اله الا هو العزيز الحكيم. ومعناها لا بحق الا الله لا اله نافيا جميع ما يعبد من دون الله الا الله مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته كما انه لا شريك له في ملكه وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني الاية وقوله قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا مشرك به شيئا ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله. فان تولوا قولوا اشهدوا بانا مسلمون. ودليل شهادة ان محمدا رسول الله قوله تعالى وانفسكم عزيز عليهما اعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. ومعنى شهادة ان محمدا رسول الله فيما امر وتصديقه فيما اخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر والا يعبد الله الا بما شرع. ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة. ودليل الصيام قوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين ودليل الحج قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين. لما بين المصنف رحمه الله حقيقة دين الاسلام ومراتبه واركانه الا قال والدين قوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام اي الدليل على ان الدين الذي يجب اتباعه هو الاسلام قوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام وقوله ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه. الاية والاية الاولى تتعلق بالاسلام بمعناه العام. ويستدل بها على ارادة الخاص في اندراجه فيه. ثم سرد المصنف اركان الاسلام مقرونة بادلتها والشهادة التي هي ركن من اركان الاسلام هي الشهادة لله بالتوحيد ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة والصلاة التي هي ركن من اركان الاسلام هي صلاة اليوم والليلة وهي الصلوات الخمس والزكاة التي هي ركن من اركان الاسلام هي الزكاة المفروضة المعينة في الاموال والصوم الذي هو ركن من اركان الاسلام هو صوم رمضان في كل سنة والحج الذي هو ركن من اركان الاسلام هو حج الفوض الى بيت الله الحرام في العمر مرة واحدة فما خرج عن ذلك مما يرجع الى هذه الاركان فلا يندرج في الركنية ولو قيل بوجوبه فمثلا زكاة الفطر واجبة. الا انها ليست من جملة الزكاة التي هي ركن. بل الزكاة التي هي ركن تختص بالزكاة الواجبة في الاموال المعينة المقدرة شرعا. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى معنى الركنين الاولين لجلالتهما. فبين ان معنى لا اله الا الله جامع بين النفي والاثبات نفي جميع ما يعبد من دون الله واثبات العبادة لله وحده. وذكر رحمه الله تعالى في بيان هذا المعنى قوله تعالى قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله وكرر النفي في هذه الاية ثلاث مرات لان المخاطبين بها وهم اهل الكتاب لم يكونوا ينازعون في اثبات الوهية الله. وانما كانوا ينازعون في اخلاص العبادة له. ونفي تلك عنه فكرر عليهم الامر بالنهي عن الشرك ثلاث مرات في الاية المذكورة. وقول المصنف رحمه الله الله تعالى في معنى شهادة ان محمدا رسول الله والا يعبد الله الا بما شرع. يعني بما شرعه الله لا بما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فالظمير المقدر المستتر يرجع الى الله سبحانه وتعالى يرجع الى الاسم الاحسن الله ولا يرجع والى الرسول صلى الله عليه وسلم فان الرسول صلى الله عليه وسلم ليس له حق الشرع وانما حق الشرع متمحض لله وحده فلا يقال في حقه صلى الله عليه وسلم الشارع وانما يخبر به عن الله وحده على وجه الخبر. وكما ينفى عنه وهو له المقام الاعلى فلا يجوز اطلاقه على غيره من الخلق. فلا يقال في حق احد انه مشرع. ولا توصف المجالس نيابية باسم المجالس التشريعية. لان ذلك مشاحة لله في حق متمحض له وهو حق التشريع والدليل على اختصاص نسبة الشرع الى الله امران والدليل على اختصاص نسبة الشرع الى الله امران احدهما ان فعل الشرع لم يأت مضافا في القرآن والسنة الا الى الله فعل الشرع لم يأتي مضافا في القرآن والسنة الا الى الله. فلما وقع جريانه كذلك في خطاب الشرع علم انه لنكتة سودا وهي افراد الله سبحانه وتعالى بهذا الحق. والاخر انه لم يوجد في كلام احد من الصحابة شرع الله صلى الله عليه وسلم بل قالوا فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهما فرق فان الشرع وضع ما يتقرب به الى الله والفرظ والسن تبليغ لذلك الشرع. ووظيفة النبي صلى الله عليه وسلم هو التبريغ لا التشريع. واشرت الى ذلك بقول الشرع حق الله دون رسوله بالنص اثبت لا بقول فلان. اوما رأيت الله حين اشاده ما جاء في الايات ذكر الثاني. يعني ذكر نسبة التشييع للرسول صلى الله عليه وسلم. وجميع صحب محمد لم يخبروا شرع الرسول وشاهدي برهان ومعنى قوله تعالى عزيز عليه ما عنتم اي يعز عليه ما يشق عليكم فالعنة المشقة ومعنى قوله تعالى وذلك دين القيمة اي دين الكتب القيمة وهي المستقيمة المنزلة على الانبياء لدين الله وهو دين الاسلام. فمعنى قيم يعني مستقيم وما جرى على كلام الناس في لسان الناس من قولهم هذا كتاب قيم يقصدون له قيمة غلط لغوي فان معنى كلامهم في وصف كتاب قيم يعني كتاب مستقيم. لا ان له قيمة هذا لا يعرف في لسان العرب. وهذا اخر بيان هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته باذن الله تعالى بعد صلاة المغرب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين