ننتقل الى الكتاب الخاص للمفصل نعم. الحمد لله الذي اتم علينا نعمه واسبغ علينا من واسع جوده واحسانه اكمل لنا دينه وختم رسالته ببعثة خاتم النبيين والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اجمعين اللهم اختم بالصالحات اعمالنا ووفقنا لما فيه رضاك وتقبلها منا يا رب العالمين واغفر لنا لشيخنا ولوالدينا وللمسلمين اجمعين. امين. قلتم حفظكم الله في مصنفكم تفسير الفاتحة وقصار المفصل قال العالمين تقديرا وانزل الكتاب ليكون للعالمين نذيرا. وصلى الله على عبده ورسوله محمد المبعوث داعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا. وعلى آله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان معرفة معاني كلام الله والاشراف على مكنون هداه هي اولى ما ادمن فيه النظر وحركت نحوه الفكر فبه تحصل النفوس راحتها وتحوز القلوب طمأنينتها. قوله والاشراف على مكنون هداه اي على الهدى المحفوظ فيه وهو ما تضمنه من البيان والارشاد وهو ما تضمنه من البيان والارشاد وهداية القرآن نوعان احدهما هداية عامة للعالمين والاخر هداية خاصة للمؤمنين والفرق بينهما ان الاول يتناول اقامة الحجة والثاني يتناول ايضاح المحجة ان الاول يتناول اقامة الحجة والثاني يتناول ايضاح المحجة نعم احسن الله اليكم قلتم الاوان قصار مفصله اللطيف من الضحى الى اخر المصحف الشريف عناية جمهور المسلمين حفظا لقصر اياتها وعذوبة سياقها. ولكل فضائل مخصوصة ومقاصد منصوصة فهي حقيقة بالتفهم. وجديرة بالتعلم. وهذا تفسير مختصر للسور المذكورة يقرب تناوله ويسهل تأمله قيدته راجيا منفعته التامة وملتمسا بركته العامة مستفتحا بتفسير الفاتحة لما لها من مقام عظيم ومنزل كريم والله اسأل السلامة من الزلل التقاء سوء القول والعمل. هم قوله فهي حقيقة للتفهم وجديرة بالتعلم. تقدم ان خطاب الشرع نوعان. احدهما الخطاب الشرعي الخبري. الخطاب الشرعي الخبري المقتضي للامتثال بالتصديق والثاني الخطاب الشرعي الطلبي المقتضي للامتثال بالفعل والترك ومرد معرفة جوامع هذين النوعين من الخطاب الى قسمين من القرآن احدهما قصار المفصل واكثر ما فيها يتعلق بالخطاب الشرعي الخبري والاخر سورة البقرة واكثر ما فيها يتعلق بالخطاب الشرعي الطلبي فاستفتاح معرفة التفسير بتلقي تفسير هذين القسمين يوقف على جوامع البيان للنوعين معا. فمن رام التفسير اجعل اشتغاله اولا بتفسير قصار مفصل ثم يرتقي بعده الى تفسير سورة البقرة واذا اراد تمام المكنة فانه يتم المفصل اولا ثم ينتقل الى سورة البقرة. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله تفسير سورة الفاتحة عن ابي سعيد ابن المعلى رضي الله عنه قال كنت اصلي فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فلم اجبه قلت يا رسول الله اني كنت اصلي قال الم يقل الله استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم. ثم قال الا اعلمك اعظم سورة في القرآن قبل ان تخرج من المسجد. فاخذ بيد فلما اردنا ان نخرج قلت يا رسول الله انك قلت لاعلمنك اعظم سورة من القرآن قال الحمد ولله رب العالمين. هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اوتيته. رواه البخاري. قوله صلى الله عليه قلما هي السبع المثاني سميت الفاتحة بذلك لامرين احدهما يتعلق بالمباني احدهما يتعلق بالمباني. فاياتها يتبع بعضها بعضا ويتلو بعض بعضها بعضا والاخر يتعلق بالمعاني يتعلق بالمعاني الاقتران جملة من المعاني المتناسبة فيها فتثنى فيها المعاني بعضها على بعض كالخبر بالانشاء في قوله تعالى الحمد لله رب العالمين مع قوله اهدنا الصراط المستقيم وكصفات الجلال لله بصفات الجمال. كقوله مالك يوم الدين مع قوله الرحمن الرحيم وقوله القرآن العظيم والقرآن العظيم الذي اوتيته هذه الجملة لها معنيان احدهما ان القرآن العظيم وصف للفاتحة فهي قرآن عظيم اي مقروء عظيم ويدل على ذلك كونها اعظم سورة في القرآن والآخر ان العطف فيها من عطف العام على الخاص ان العطف فيها من عطف العام على الخاص فيكون انشاء جديدة يراد بها القرآن كله نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. فاذا قال العبد الحمد لله قال الله تعالى حمدني عبدي واذا قال الرحمن الرحيم قال الله تعالى اثنى علي ابدي واذا قال مالك يوم الدين قال مجدني عبدي وقال مرة فوض الي عبدي قال اياك نعبد واياك نستعين. قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فاذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين الضالين. قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. رواه مسلم. قوله هذا بيني وبين عبدي عبدي ما سأل اشارة الى عهد وقوله هذا لعبدي ولعبدي الاول هذا بيني وبين عبدي والثاني قوله هذا لعبدي ولعبدي ما سال اشارة الى وعد وهذان الامران المذكوران في الفاتحة من العهد والوعد هما المرادان بالذكر في حديث شداد بن اوس رضي الله الله عنه في سيد الاستغفار في الصحيح. وفيه وانا على عهدك ووعدك ما استطعت فان العهد والوعد المذكوران في سيد الاستغفار المأمور بقوله في الصباح والمساء هما المذكوران في هذا الحديث وهما منتظمان في سورة الفاتحة فتكرار الفاتحة في اليوم مرات عدة مجيء بهذا العهد والوعد وتوثيقة ذلك في الصباح والمساء بالذكر اعلام بالثبات عليهما وفاء بالعهد وطلبا للوعي نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. بسم الله اقرأ القرآن فمقصود المبسم في فاتحة القراءة هو بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ. والاسم الاحسن الله علم على ربنا عز وجل. ومعناه المألوف المستحق لافراده بالعبادة والرحمن الرحيم اسمان من اسمائه تعالى دالان على رحمته فاولهما دال عليها حال تعلقها به في سعتها والآخر دال عليها حال تعلقها بالخلق في وصولها اليهم. قوله والاسم الاحسن الله مأخوذ من خبر الله عن اسمائه في قوله ولله الاسماء الحسنى فهذا خبر عن جميعها انها حسن والخبر عن واحد منها يكون بقولنا الاسم الاحد احسن اما ما شاع في لسان المتأخرين من قولهم عند ارادة التعبير عن اسم من اسماء الله ولفظ دلالة كذا وكذا فانه لا يخلو من اعتراضات ليس هذا محلها اقلها انه اجنبي عن عرف الكتاب والسنة وما جاء في القرآن والسنة اولى بالتقديم. فمن اراد ان يعبر عن شيء من اسماءه لله تعالى فليقل والاسم الاحسن. نعم احسن الله اليكم واول هذه السورة الحمد لله رب العالمين فالحمد هو الاخبار عن محاسن المحمود معه حبه وتعظيمه ورب العالمين اسم اضافي. فالرب في كلام العرب المالك والسيد والمصلح للشيء. والعالمين جمع عالم وهو اسم للافراد المتجانسة من المخلوقات. فكل جنس منها يطلق عليه عالم فيقال عالم سوى عالم الجن وعالم الملائكة وربوبيته ما ذكره المصنف وفقه الله من معنى العالمين عدول عن المشتهر على السنة المتكلمين في هذا المحل من قولهم العالمين اسم لما سوى الله عز وجل فان هذا التفسير للعالمين لا يوجد في الوضع اللغوي. والاصل الاصل تفسير خطاب الشريعة واعظمه القرآن بلسان العرب لانه عربي وانما يوجد هذا اللفظ العالمين على ارادة الافراد المتجانسة من المخلوقات فالأفراد المتجانسة من المخلوقات كل واحد منها يسمى عالما ومجموعها يقال فيه العالمين فالملائكة عالم والجن عالم والانس عالم ومجموعها يكون هو العالمين فالربوبية هنا ربوبية تختص ببعض مخلوقات الله كما هو واقع في غيره من القرآن الكريم ويبقى وراء الافراد المتجانسة افراد اخرى من المخلوقات لا جنس لها كالعرش والكرسي والجنة والنار الكائنتين في الاخرة. نعم افاد هذا بايجاز؟ الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله عز وجل لم تنتج ظلما بل مضمونها العناية بالخلق ورحمتهم. ولهذا وصف نفسه بقوله فهو رحمن وسعت رحمته جميع الخلق رحيم يوصل رحمته اليهم مبني على المحقق من الفرق بين الرحمن والرحيم فالرحمن اسم دال على صفة الرحمة حال تعلقها بالخالق والرحيم اسم دال على صفة الرحمة حال تعلقها بالمخلوق المرحوم. ولذلك قال في الاول فهو رحمن وسعت رحمته جميع الخلق وقال في الثانية رحيم يوصل رحمته اليهم. واشار الى ذلك منشدكم بقوله ورحمة لله مهما علقت بذاته فالاسم رحمن ثبت او علقت بخلقه الذي رحم فسمه الرحيم فاز من سلم. ورحمة لله مهما علقت بذاته فالاسم رحمن ثبت او علقت بخلقه الذي رحم فسمه الرحيم فاز من سلم. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. ثم اكد ربوبيته بقوله مالك يوم الدين وهو يوم الحساب والجزاء عليه الاعمال الذي قال الله تعالى فيه وما ادراك ما يوم الدين ثم ما ادراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله. وهو يوم القيامة وخصه بالذكر لانه يظهر فيه للخلق كمال ملك الله تمام الظهور لانه يظهر فيه للخلق كمال ملك الله تمام الظهور لانقطاع املاك الخلائق والا فهو مالك يوم الدين وغيره من الايام. وقوله اياك نعبد واياك فنستعين اي نخصك وحدك بالعبادة ونستعين بك وحدك في جميع امورنا. وعبادة الله تأله القلب له بالحب والخضوع والمأمور به فيها امتثال خطاب الشرع والاستعانة به هي طلب العبد العودة منه في الوصول الى ثم قال اسلام ما ذكره المصنف من اشتمال معنى الهداية على الدلالة والارشاد والثبات على الصراط حتى لقياه اعلام بان الهداية المطلوبة للعبد نوعان اعلام بان الهداية المطلوبة للعبد نوعان احدهما هداية دلالة وارشاد الى الصراط المستقيم هداية دلالة وارشاد الى الصراط المستقيم. والاخر هداية تبات عليه وتمسك به بداية ثبات عليه وتمسك به فليس كل من يهدى الى الصراط يثبت عليه وانما من وفقه الله عز وجل الى الهداية الكاملة ثبته الله عز وجل عليه حتى يلقاه. نعم صراط الذين انعمت عليهم المتبعين للاسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم غير صراط المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به. وهم اليهود. ومن عدل عن الصراط المستقيم من هذه الأمة عن علم ففيه شبه منهم ولا صراط الضالين الذين تركوا الحق عن جهل فلم يهتدوا وضلوا الطريق وهم النصارى ومن عدل عن الصراط المستقيم من هذه الامة عن جهل ففيه شبه منهم تفسير سورة الضحى عن جندب ابن سفيان رضي الله عنه قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه سلم فلم يقم ليلتين او ثلاثة فجاءت امرأة فقالت يا محمد اني لارجو ان يكون شيطانك قد تركك لم قربك منذ ليلتين او ثلاثة فانزل الله عز وجل والضحى والليل اذا سجى ما ودعك ربك وما قلى. متفق عليه قوله فلم يقم ليلتين او ثلاثة اي لم يصب حظه من صلاة الليل فانقطع عن دأبه للصلاة ليلتين او ثلاثة. طيب كيف مرة في الحديث؟ قال فلم يقم ليلتين او ثلاثا ثم قال لم اره قربك منذ ليلتين او ثلاثة كلها متعلقة بوصف الليلة مرة ذكر ومرة هنى واضح الاشكال الجواب انه اذا حذف المعدود جاز التذكير والتأنيث بالعدد اذا حذف المعدود فلم تذكر هنا ثلاثة ماذا؟ فلما حذف جاز ان يذكر وجاز ان يؤنت نعم بسم الله الرحمن الرحيم. ادم هذا مثاله المشهور حديث ابي ايوب الانصاري في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان واتبعه ستا من شوال اصلها ستة ايام لكن لما حذف المعدود جاز بالعدد التذكير والتأنيث. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. والضحى والليل اذا سجى ما ودعك ربك وما قلى خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى. الم يجدك يتيما فأوى ووجدك ضالا فهدى. ووجدك عائلا فاغنى. فاما اليتيم افلا تقهر واما السائل فلا تنهض. واما بنعمة ربك فحدث اقسم الله تعالى بالضحى وهو اسم ضوء الشمس اذا اشرق وارتفع والمراد به هنا انها النهار كله. كلمة الضحى آآ تتصرف في القرآن على نوعين احدهما عام يراد به النهار كله وذلك اذا ذكر مقابلا لليل كقوله تعالى واغطش ليلها واخرج ضحاها فالضحى هنا هو النهار كله والاخر خاص يراد به اول النهار وذلك اذا لم يقابل بذكر الليل كقوله تعالى كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها فالمراد بالضحى هنا ايش اول النهار طيب كيف يكون اول النهار وهو قال او ضحاها الضمير ارجع الى ماذا العشية كيف الضحى ينسب الى العشية؟ واضح السؤال او ضحاها يعني ضحى العشية نسب اليهما اليها لما بينهما من الملابسة. لما بينهما من الملابسة فانهما يتقاربان في وقتهما فينسب احدهما الى الاخر. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله وبالليل اذا سكن بالخلق وثبت ظلامه على اعتنائه برسوله صلى الله عليه وسلم فقال جوابا للقسم ما ودعك ربك وما قلى اي ما تركك ربك وما ابغضك بابطاء وحي وتأخره عنك. وهذا له من ربه في الدنيا ثم بشره بماله في الآخرة فقال وللآخرة خير لك من الاولى فلا الدار الاخرة خير لك من دار الدنيا ولسوف يعطيك ربك من مظاهر الانعام ومقامات الاكرام في الاخرة فترضى. والى هنا تم جواب القسم بمثبتين بعد منفيين. قوله والى هنا اما جواب القسم بمثبتين بعد منفيين اما المنفيان فاولهما في قوله تعالى ما ودعك ربك اي ما تركك والثاني في قوله وما قلى اي وما ابغضك واما المثبتان فالاول في قوله وللاخرة خير لك من الاولى والثاني في قوله ولسوف يعطيك ربك فترضى نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله ثم شرع يذكره بما امتن عليه في الدنيا فقال الم يجدك استفهام تقرير ان اي وجدك يتيما لا ام لك ولا اب. بل مات ابوه وهو حمل وماتت امه وهو صغير لا يقدر على على القيام بمصالح نفسه فاوى بان ضمك الى من يكفلك وجعل لك مأوى وجعل لك مأوى تأوي اليه فكفله جده عبد المطلب. ثم لما ما تكفله عمه ابا طالب حتى ايده بنصره بالمؤمنين قوله فكفله جده عبد المطلب ثم لما مات كفله عمه ابا طالب جيء بهذه الكلمة على هذا الوجه من تضعيف الفعل لاشهاد القلب امتنان الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم فان المنة على النبي صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عبدالمطلب وعمه ابي طالب هي لله سبحانه وتعالى ابتداء اذ سير الله عز وجل في قلوبهما من ما حملهما على الحنو والعطف عليه وهذا نظير قوله تعالى وكفلها زكريا فالمنة في كفالة زكريا مريم لله عز وجل. فهو الذي رغبه فيها وجعل قلبه مشتملا على رحمتها وقوله في القراءة الاخرى وكفلها زكريا اخبار عن وقوع الحفظ وقراءة التشديد فيها معنى زائد وما يجيء من القراءات بزيادة في الحركة او المبنى فالاصل فيه الزيادة في المعنى كالذي ذكرنا فانه يفيد زيادة في التضعيف لا توجد في مجرد اخلاء الفعل من التضعيف ولذلك شرب علم القراءات لانه يوصل الى فهم كلام الله عز وجل واما من يكون منتهى نظرهم في القراءات هو الصوتيات فهؤلاء لم يفوزوا بحظ الاعلى من القراءة. فالحظ الاعلى من القراءة ما ينتظم فيها من الاشارة الى احكام قد تخفى لعدم وجودها في القراءة العامة التي يذكرها بس قراءة العامة يعني القراءة المشهورة يعني في بلد اما حفص او ورش او غيرهما نعم ووجدك ضالا لا تدري ما الكتاب ولا الايمان فهدى فدلك وارشدك وانزل عليك الكتاب والحكمة كما لم تكن تعلم هذه الاية وهي قوله تعالى ووجدك ضالا فهدى فسرتها ايتان بمقتضى ما ذكره مصنف الكتاب فمعنى قوله ووجدك ضالا اي لا تدري ما يراد بك وتفسيرها في قوله تعالى ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان واما قوله فهدى ففسرها قوله تعالى وانزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وتفسير القرآن بالمعاني المدلول عليها في اياته اولى من تفسيره بغيرها ولزوم التعبير بها ابرأ في الذمة واصون للديانة من التجرؤ على احداث معان يراد بها احداث الفاظ يراد بها التعبير عن معان صحيحة فان كثيرا من المتكلمين في هذه الاية وهي قوله ووجدك ضالا ذكروا اشياء لا ينبغي ذكرها في الجناب النبوي صلى الله عليه وسلم فالاولى ان يلتزم الانسان خبر القرآن بان معنى وجدك ضالا لا تدري ما يراد بك نعم ووجدك عائلا فقيرا فاغنى بما ساق اليك من الرزق واقنعك به قوله فاغنى بما ساق اليك من الرزق وقنعك به فيه بيان ان الغنى التام مركب من شيئين احدهما رزق يحصل به العبد مصالحه رزق يحصل به العبد مصالحه. والثاني قناعة تقطع قلبه عن الطمع فيما سواه قناعة تقطع قلبه عن الطمع فيما سواه. فالعبد اذا رزق ما فيه مصلحته ولم فهيأ له القناعة لم يكن غنيا على الحقيقة وذلك مفقود من اكثر الناس. ولعظمه سير في الشرع هو حقيقة الغنى. ففي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الغنى غنى النفس. يعني قناعتها بما يصل اليها من رزق اتق الله فقد صارت قلوب اكثر الخلق خالية من القناعة فتجد ان عظم مطالبهم هو الزيادة من حظوظ الدنيا وهذا امر ليس اجنبيا عن طلاب العلم والمتشرعة بل صار اكثر من ينتصر منهم للناس ينتصر لهم في حظ الدنيا لا في حظ الدين فلا تجدوه رافعا صوته ولا محوقلا بلسانه ولا محمر الوجه في هداية الناس الى ما يلزمهم من الخلق من الدين بل تجد انه يصنع هذا واكثر لاجل الخبز والماء. وهذا من الجهل. فالمقدم اصلا طلب اية الناس في الدين والواجب على المنتصب من دلالة الناس الى الخير من الداعين الى الله عز وجل ان يكون عظم بهم هو توجيه الخلق الى ما فيه صلاح دينهم. واما ما يفوتهم من حظوظ الدنيا لغلبة سلطان دائر او نحو ذلك فيكون مطالبا به على منزلة اقل من الاولى. اما عكس ذلك بتصير الاول اصلا يشاع عليه يشاع ويدار فانما هو من التكالب على الدنيا وهو من التنافس على ما يحرز منها من سلطانها واموالها والصادق حقا هو الذي تكون مطالبته للناس في الدين كمطالبته في الدنيا او اعلى لان صلاح الناس وسعادتهم وطمأنينتهم وانتفاع الظلم عنهم وصلاح امورهم لا يكون الا بصلاح دينهم ولو انهم اوتوا اموالا طائلة مع خلو قلوبهم من الدين فانه تتجدد له من انواع النكد غصة ما لم يكن موجودا اولا فيحتاجون الى ما يدفعون به هذه الظواهر التي نشأت من اغفال العناية بالدين فلابد ان تملأ قلوب الخلق بالقناعة بما وصل اليهم من الرزق. وان الله سبحانه وتعالى بما يوصل الى الخلق من الرزق قد كفل لهم صلاحه به فمن الناس من يصلحه الغناء ومن الناس من يصلحه الفقر ومن الناس من يصلحه التوسط ومن يروم مجتمعا او جماعة يكون الناس فيها قاطبة اغنياء فهذا منازع قدر الله فان الله عز وجل قال نحن رسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا فهم درجات فيها احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. ومن اواك وهداك واغناك فحقه مقابلة نعمته بالشكر ومنه ما ذكره الله عز وجل في قوله اي لا تغلبه مسيئا معاملته واما السائل عن دين او دنيا فلا تنهض اي تزجر بل اقض حاجته او رده برفق واما بنعمة ربك فحدث مخبرا عنها فان التحدث بنعمة الله داع لشكرها وسبب في محبة القلوب لمن اسداها فان القلوب مجبولة على محبة المحسن اليها تفسير سورة الشرح بسم الله الرحمن الرحيم الم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك الذي انقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك. فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا ترى فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب. يقول الله تعالى ممتنا على رسوله صلى الله عليه وسلم الم نشرح لك صدرك استفهامة قرير اي شرحنا صدرك للاسلام. وهو ناشئ عن شرح صدره الحساب الذي وقع مرتين اولاهما في صغره لما كان مسترضعا في بني سعد والثانية ليلة اسري به في مكة رواهما مسلم ووافقهم البخاري في الثانية. ذكر المصنف في بيان هذه الاية ان الشرح الواقع للنبي صلى الله عليه وسلم في صدره نوعان فالاول شرح جسماني اذ شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم مرتين اولاهما في صغره لما كان مسترضعا في بني سعد والاخرى في كهولته ليلة اسري به من مكة الى بيت المقدس بين يدي المعراج والثاني شرح روحاني اذ حشي قلبه صلى الله عليه وسلم بالمعارف الايمانية والكمالات الدينية والشرح الاول مقدمة موطئة للشرح الثاني فان شرح النبي صلى الله عليه وسلم في صدره الجسماني وقع لارادة حشو قلبه بالحقائق ايمانيتي والكمالات الدينية المثمرة للشرح الروحاني نعم ووضعنا اي حططنا عنك وزرك وهو الذنب. الذي انقض اي اثقل ظهرك. ورفعنا لك ذكرك فاعلينا قدرك وجعلنا لك الثناء الحسن بما اشاع الله من محاسن ذكره بين الناس وبما نزل من القرآن ثناء عليه وكرامة له وبالهام الناس التحدث بما جبله الله عليه من المحامد في اول نشأته. ومن اعظم ذلك ان الله قرن ذكره بذكره في الشهادتين وله في قلوب امته من المحبة والتعظيم بعد الله تعالى ما ليس لاحد سواه وقوله فإن مع العسر وهو الشدة يسرا اي سهولة والفاء فيه فصيحة تفصح عنك الا من مقدر يدل عليه الاستفهام التقريري هنا اي اذا علمت هذا وتقرر فاعلم ان اليسر مصاحب للعسر فالعسر الذي عهدته وعلمته سيجعله الله يسرا. والتنكير للتعظيم وفي تكرارها بقوله العسر يسرا تأكيد لتحقيق اضطرار هذا الوعد وعمومه. هذا الذي ذكره المصنف وفقه الله مبين ان العسر المراد في الآية الأولى هو العشر المراد في الآية الثانية. وان اليسر المراد في الآية الأولى هو اليسر المراد في الثانية فالعشر فيهما هو العشر المعهود الذي عرفه النبي صلى الله عليه وسلم مما لحقه من المشقة والبلاء والعنت في دعوة الخلق. واليسر الذي شهده هو ما افاض به الله عز وجل عليه من السهولة والنصر. وجيء به منكرا للتعظيم. فقيل يسرا والجملة الثانية مؤكدة للجملة الاولى وما يذكره كثير من المفسرين بان تنكير اليسر في الايتين وتعريف العسر دال على ان العسر واحد وان اليسرى اثنين فيه نظر لان محل هذا فيما اذا كانت الجملة الثانية مستقلة عن الاولى. اما اذا كانت تأكيدا لها فلا يجري فيها هذا القول. مفاده الطاهر ابن عاشور في تفسيره. ولا يخلو التفسير المذكور للاية مما من اعتراضات ذكرها غيره لكن هذا اقل ما يدفع به هذا القول المشهور ومعنى الايتين ان العسر الذي يلحقك سيلحقه يسر الى الله واعيدت الاية للتأكيد في تقوية حصول في وعد الله عز وجل. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. ثم امر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وبشكره والقيام بواجب نعمه فقال فاذا فرغت فانصب. اي اذا فرغت من عمل باتمامه فاقبل على عمل اخر لتعمر اوقاتك كلها بالاعمال الصالحة. والى ربك فارغب. فاعظم الرغبة اليه في مقبلا عليه. قوله مقبلا عليه استفيد وصف الاقبال من تعدية الفعل بحرف بحرف الجر الى فتقدير الكلام ارغب الى ربك ولما عدي الفعل بالحرف المذكور دل على تضمنه معنى اخر. مقصودا وهو الاقبال على الله وتقدم ان نوحاة البصرة تختص بمراعاة ما تفيده الحروف والافعال من تضمين المعاني واشرابها. وهذا اليق بكمال قرآني وجلاله فان الاليق حمله على اكمل المعاني واليقها كهذه الاية. فان الى لا يراد بها مجرد التعدية وايقاع الفعل من العبد لله بل هي تتضمن فوق الايقاع للفعل اقبال قلب بالعبد على الله سبحانه وتعالى فيكون قوله والى ربك فارغب اي توجه الى ربك راغبا مقبلا عليه بقلبك. وهذا اخر بيان هذه الجملة من الكتاب ويستوفي بقيته باذن الله بعد صلاة المغرب والحمد لله رب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين