بسم الله الرحمن الرحيم اللهم بك استعين وبك استبين وعليك اتوكل ربي اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي اما بعد فحيا الله الكرام واهلا وسهلا ومرحبا بكم في مجلسنا العشرين من مجالس تيسير البلاغة قد شرعنا بحمد الله تعالى في الحديث عن العلم الثالث من علوم البلاغة الذي هو ذيل لعلمي المعاني والبيان. وهو علم البديع شرعنا فيه وقلنا انه ينقسم الى صنفين الصنف الاول ما يكون فيه التحسين راجعا الى اللفظ. ويسمى المحسنات اللفظية وقد اتممنا الحديث عنها في المجلس الماضي بحمد الله تعالى وتحدثنا عن الجناس وعن التضمين وعن الاقتباس وعن الموازنة. هذا ما ذكره المصنف من المحسنات اللفظية. رحمه الله تعالى واحسن اليه اليوم بعون الله تعالى نبدأ بالحديث عن المحسنات المعنوية التي يكون التحسين فيها منصرفا الى المعنى فنبدأ اليوم ان شاء الله بالحديث عنها ونتحدث في درسنا هذا عن التورية والالتفات نبدأ بالتورية ان شاء الله قال الشيخ رحمه الله التورية والمواراة التغطية والستر ومنه قوله تعالى يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا يواري سوءاتكم ان يسترها وقال ابو عبيدة لا اراه اي لا ارى هذا الجذر لفظ المواراة ووارى وورى لا ارى هذا اللفظ الا مأخوذا من رائي الانسان من الوراء نعم قال فاذا قال وريته فكأنه جعله وراءه بحيث لا يظهر. عندما تقول وريت فلانا اي جعلته ورائي بحيث لا يظهر نعم. اذا ابو عبيدة يرى ان التورية راجعة الى لفظ الوراء قال المصنف رحمه الله والتورية في علم البديع ان تطلق لفظا له معنيان الاول او احدهما قريب ظاهر غير انك لا تريده والثاني بعيد خفي هو الذي تريده الا انك تستره وتغطيه بالقريب المتبادر من لفظه وقد تمهد لهذه التغطية بكلمة سابقة اذا نحن في التورية امام معنيين قريب يتبادر الى ذهن المتلقي لكنه ليس مرادا وبعيد قد يستر بالقريب او يستر بقرينة تعم الامر على السامع يعني بقرينة تنصرف او تصرف ذهن السامع الى القريب. لكن القريب غير مراد. ولذلك التورية هي لون بديعي عال جدا كما سنذكر ان شاء الله. بل عدها بعضهم افضل الوان البديع. نعم. لانه لا يدركه ولا يستطيع استعماله الا الاذكياء من الناس متلقين وقائلين نعم قال وقد تمهد لهذه التغطية بكلمة سابقة واليك الامثلة. المثال الاول كان ابو بكر كثير الاسفار معروفا فلما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل من يعرفه يسأله. جعل هنا فعل ناقص بمعنى انشأ من افعال الشروع جعل من يعرفه يسأله من هذا معك فيجيب هاد يهديني الطريق فيحسبونه دليلا يرافقه كي لا يضل الطريق لانه كان تاجرا وكان يصطحب في تجارته معه من يهديه الطريق حتى لا يضل فلما هاجر مع حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم قالوا له من هذا معك؟ قال هاد يهديني الطريق. طيب المعنى المتبادر الى ذهن المتلقين حينئذ والسامعين انه رجل يرشده الطريق نعم ممن يعرف اه في الطرقات ويتقفى الاثار وهكذا لكن المعنى البعيد الذي يريده وانك لتهدي الى صراط مستقيم ابو بكر يريد رضي الله عنه يريد هذا المعنى البعيد الذي لا يتبادر للاذهان. هو المعنى المراد. ففي كل من كلمة هاد والطريق والغاز. ازا قال هاد يهديني الطريق الان في كلمة هاد تورية وقد مهد للمعنى القريب ورشح له بكلمة الطريق فهي تستر المعنى البعيد المراد وتوريه وتخبئه بالمعنى الظاهري الذي يتبادر الى المتلقي. وترون جميعا ان تعمية المعنى المرادي كانت مقصودة عند سيدنا ابي بكر ها هنا للحفاظ على سيدنا رسول الله ولايصاله الى مبتغاه على احسن هيئة دون ان يمسه احد باذى اذا هذا المثال الاول. ايضا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر رجلا من العدو فسألهما ممن انتما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اخبرتنا عما نسألك اخبرناك وقيل ان هذا كان في طريقهما الى في في الطريق الى غزوة بدر يعني نحن الان في طريق حرب والحرب لا بد فيها من التورية ومن ومن الخدعة قال ان اخبرتنا عما نسألك اخبرناك فبعد ان اخبرهما عما يريدان قال قد اخبرتكما فاخبراني ممن انتما؟ فاجاب الرسول صلى الله عليه وسلم نحن من ماء وانطلقا مسرعين فظن الرجل انهما من قبيلة تدعى ماء وانما اراد بالماء النطفة فاذا المعنى الذي يتبادر الى المتلقي انها القبيلة قال لما قالا له نحن من ماء فاذا هما من قبيلة ماء مضى الرجل في سبيله. وهما يريدان المعنى الاخر الذي اثبته البيان القرآني ان الانسان خلق من ماء دافق فاذا الماء الذي هو النطفة هذا هو المعنى البعيد الذي وراه المصطفى صلى الله عليه وسلم. ايضا قال نصير الدين الحمامي ابيات شعرك كالقصور ولا قصور بها يعوق. ومن العجائب لفظها حر ومعناها رقيق هنا التورية وقعت في كلمة رقيق ورقيق ها هنا لها معنيان قريب غير مراد وهو المتبادر الى الذهن لا سيما انه مهد له بكلمة حر وهو المملوك اذا قريب غير مراد وهو المملوك. وقد مهد له ورشح لهذا المعنى القريب بذكر لفظ حر قبله وبعيد مراد بعيد مراد وهو الرقة واللطف. ومن العجائب لفظها حر ومعناها رقيق اي معناها لطيف ابيات شعرك كالقصور ولا قصور بها يعوق في رأيكم ماذا بين قوله القصور وقصور تذكروا بينهما جناس تام ولا عبرة بال التعريف بينهما جناس تام. نعم تنبيه الفرق بين الجناس والتورية ان الجناس لفظان بصورة واحدة لكن معناهما مختلف فمثلا كالقصور ولا قصور بها تكررت كلمة القصور مرتين ومعناها في الاولى جمع قصر وفي الثانية التقصير لا قصور اي لا تقصير فيها فهي تامة اللفظ عذبة اللفظ تامة المعنى لا اشكال فيها ذات شعرك كالقصور في الفخامة والجمال ولا قصور بها يعوق ومن العجائب لفظها حر ومعناها رقيق. الان قال فالمعنيان مختلفان ومرادان في الجناس لفظان بمعنيين مختلفين مرادين اذا عندنا جناس ها هنا ولا ظاني تكررا بسورة واحدة فكان جناسا الفن البديعي ها هنا الجناس اما التورية فلفظ واحد له معنيان يراد ابعدهما مسل كلمة رقيق في البيت الثاني هي لفظ واحد معناه القريب مملوك وهو غير مراد ومعناه البعيد لطيف نفيس وهو المراد. نعم اذا في الجناس عندنا لفظان بمعنيين مختلفين بالتورية عندي لفظ له معنيان قريب غير مراد وبعيد مراد كما قلنا نعم تنبيه ثاني التورية التي تقرن بملائم المعنى القريب هي التورية المرشحة كما مر في عدد من الامثلة. تذكروا معي تذكروا مثلا بيتي نصير الدين الحمامي ابيات شعرك كالقصور ولا قصور بها يعوق ومن العجائب لفظها حر ومعنى ها رقيق نعم ومن العجائب لفظها حر ومعناها رقيق فالان في كلمة رقيق كما قلنا تورية الان عندنا ملائم المعنى القريب نحن قلنا رقيق المعنى القريب انه عبد مملوك حر تلائم المعنى القريب. فاذا هذه هذه تورية مرشحة مرشحة نعم قال والتي تقرن بالمعنى البعيد هي المبينة هي المبينة كقول الشاعر يا من رآني بالهموم مطوقا وظللت من فقدي غصونا في شجون اتلومني في عظم نوحي والبكاء شأن المطوق ان ينوح على غصون نعيد البيتين يا من رآني بالهموم مطوقا وظللت من فقدي غصونا في شجون. طبعا ظللت وهكذا نقول ظل يظل من الباب الرابع فعيل يفعل وظل عند الفك تصبح ظللت نعم وظللت من فقدي غصونا في شجون اتلومني في عظم نوحي والبكاء؟ عظمي اي عظمي عظم فسكن الحرف الثاني تخفيفا فصار عظم اتلومني في عظم نوحي والبكاء شأن المطوق ان ينوح على غصون قال للفظي مطوقا في البيت الاول في الشطر الاول من البيت الاول. معنيان قريب غير مراد وهو محاط العنق المطوق الذي احيط عنقه بقلادة او نحوها وبعيد مراد وهو الحمامة فقد شبه نفسه بالحمامة يا من رآني بالهموم مطوقا اي كالمطوق كاليمام او الحمام على تفريق بينهما المطوق معروف هذا النوع من اليمام او الحمم قال للفظي مطوقا معنيا. قريب غير مراد وهو محاط العنق. وبعيد مراد وهو الحمامة نحن هذا شرحناه. اذا وهو الحمامة عندما قال يا من رآني بالهموم مطوقا يعني كالمطوق كاليمام او الحمام هذا هو المعنى البعيد المراد فقد شبه نفسه بالحمامة وبين المعنى المورى عنه الحمامة حين صرح بذكره في قوله في البيت الثاني شأن المطوق اذا لاحظوا في البيت الثاني بين المعنى البعيد لم يوره بل قربه في الشطر الثاني عندما قال شأن المطوق ان ينوح على غصون وتعلمون ان الحمامة ينوح على غصون ويسجع هكذا ويكرر الحانة نعم. شأن المطوق ان ينوح على غصون. فاذا هذا الشطر الثاني من البيت الثاني قرب لنا المراد بقوله مطوقا ولم يبعده. نعم قال وسميت مبينة لان المعنى المورى عنه كان خفيا. فبين بذكر ملائمه اما التورية المجردة فهي التي لا تقرن بملائم اي من المعنيين بملائم اي من المعنيين نعم تنبيه ثالث الفرق بين التورية والكناية ان الثانية يمكن ان يراد فيها المعنى الاصلي اما في التورية فالمعنى القريب غير مراد حتما ولذلك هذا مما زدته ها هنا آآ المصنف رحمه الله تعالى فرق بين الجناس والتورية ولعل الاولى ان نفرق بين التورية والكناية فهما اشد التباسا لانك في الكناية لفظ اطلق واريد به لازموا معناه مع جواز ارادة المعنى الاصلي في التورية كما قلنا عندنا لفظ له معنيان قريب غير مراد وبعيد هو المراد. اذا قريبان جدا متقاربان. ما الفرق بينهما؟ الكناية يمكن ان تريد المعنى الاصلي. عندك لفظ يلزم عنه معنى ويمكن ان تريد المعنى الاصلي كأن تقول في مدح امرأة كما قلنا سابقا ان تقول مثلا في مدح امرأة نؤوم الضحى وهذه كانت صفة مدح الجاهلية ويعنون بها انها مخدومة متنعمة فهي لا تحتاج الى التبكير من الاسحار احيانا نعم الى فترة قريبة كان النساء يستيقظن في السحر ويبدأن بالخبز والعجن وهكذا والاعمال الشاقة اذا هي مخدومة منعمة لا تحتاج الى الاستيقاظ باكرا وتحضير الطعام وتهيئته وهكذا فاذا نؤوم الضحى المراد لازم معنى هذا كناية كناية عن ترفها وتنعمها وانها مخدومة لكن يمكن ان يراد المعنى الاصلي يمكن انها حقا تنام الى الضحى ويمكن انها تستيقظ من الفجر فتمشي مثلا اذا لاحظوا في الكناية نريد لازم المعنى لكن يمكن ان يراد المعنى الاصلي ايضا اما في التورية فالمعنى القريب لا يراد البتة المراد هو المعنى البعيد فقط المراد هو المعنى البعيد فقط نعم بعض التدريبات المتعلقة بالتورية قال بين المعنى القريب والبعيد من التورية فيما يلي قال الشيخ يوسف النبهاني المحب للنبي صلى الله عليه وسلم الذي مدحه بدواوين من الشعر وباشعار كثيرة رحمه الله وتقبل منه وجعل هذا المديح شافعا له يوم القيامة ان شاء الله قال الشيخ يوسف النبهاني يصف اختباء رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار ثور واستكن البدر المنير بثور لم يضره من العدا عواء في هذا البيت ثلاث توريات البدر المعنى القريب له هو القمر كما تعلمون والمعنى البعيد المراد هو النبي صلى الله عليه وسلم طبعا والتورية تكون على سبيل التشبيه لا اشكال في ذلك يا من رآني في الهموم مطوقا او بالهموم مطوقا المراد به قلنا الحمام يعني يا من رآني مثل المطوق فالتورية تكون التورية آآ تكون على سبيل المجاز ولا اشكال في ذلك قال فيه ثلاث توريات البدر المعنى القريب هو القمر. والبعيد هو النبي صلى الله عليه وسلم وقد مهد لهذه التورية بذكر كلمة ثور بعدها وهو من بروج القمر ومن منازل القمر. واستكنا البدر المنير بثور استكنا في ذلك المنزل هذا هو المعنى الظاهر غير المراد الذي يتبادر. فانظروا البدر رشح لهذا المعنى القريب ثور طيب وكذا قوله عواء وهو من منازل القمر. اذا هذه ايضا رشحت للمعنى القريب للبدر ايضا ثور القريب انه من بروج القمر ومن منازل القمر والبعيد غار ثور الذي استكن فيه النبي صلى الله عليه وسلم واستتر عن اعين المشركين برهة من الزمن طيب عواء المعنى القريب انه من منازل القمر كما قلنا طيب والبعيد المراد الكلب على سبيل التشبيه لم يضره من العدى عواء يعني من يعوي وعواء صيغته مبالغة عوى يعوي فهو عاو وعواء نعم فانظروا عندنا ثلاث توريات وهذه التورية تسمى التورية المهيئة وهي النوع الرابع صار عندنا المرشحة والمبينة والمجردة والمهيئة قال وهذه التورية تسمى التورية المهيئة. وهي التي تكون في لفظين او الفاظ يهيئ كل منها الدورية للاخر يهيئ كل منها التورية للاخر وقال ايضا هوايا طيبة لا بيضاء عطبول طويلة العنق حسنة العنق وطول العنق مستحسن في المرأة. هوايا طيبة لا بيضاء عطبول ومنيتي عينها الزرقاء لا النيل عينها الزرقاء فيها تورية فالمعنى القريب لها الجارحة لاسيما انها وردت بعد البيضاء يعني لما قال هوايا طيبة لا بيضاء عطبول ومنيتي عينها الزرقاء. لما قال لا بيضاء عطبول كان الترشيحا وايماءا الى ان المراد بعينها الزرقاء العين الجارحة وهذا المعنى القريب غير المراد والمعنى البعيد لها عين ماء في المدينة المنورة. عين ماء في المدينة المنورة وفي هذه التورية ترشيح يناسب المعنى القريب وهو قول لا بيضاء عطبول وتجريد يناسب المعنى البعيد. بل وهو قوله النيل ليس تجريدا وانما كما قلنا تبيينا يناسب المعنى القليل يناسب المعنى البعيد فيضلني على هذا يتساقطان فلا يحكم لأي منهما لأن فيها ترشيحا وتبيينا وقال ايضا يصف الذين عارضوا بانت سعاد في مدح سيد العباد خاضوا بمدحك هذا البحر ما بلغوا استغفر الله كل قد خاضوا بمدحك هذا البحر ما بلغوا كعبا فعاد لهم بالعجز تخجيل استغفر الله كل قد اجاد وهم كل رؤوس لهم بالفوز تكليل لكن لكعبك يا خير الانام على رؤوسنا ثابت فضل وتفضيل ما اعذب هذه الابيات كعب لاحظوا قال لكن لكعبك يا خير الانام على رؤوسنا. هو يقول ان الشعراء قد خاضوا وتفننوا ولونوا اساليب المديح للنبي عليه الصلاة والسلام لكن ما بلغوا شيئا ولا يستطيع احد ان يفي حق رسول الله صلى الله عليه وسلم الا خالقه سبحانه وتعالى. هو الذي يكافئه على ما بذل وقدم لهذه الامة وللبشرية كلها اذا خاضوا بمدحك هذا البحر ما بلغوا كعبا فعاد لهم بالعجز تخجيل وعادوا خجلين لانهم لم يفعلوا شيئا استغفر الله كل قد اجاد وهم كل رؤوس لهم بالفوز تكليل لكن لكعبك يا خير الانام على رؤوسنا ثابت فضل وتفضيل لاحظوا كعب فيها تورية وهي واضحة القريب كعب الرجل لكنه غير مراد قد رشح له بقوله على رؤوسنا والبعيد المراد كعب بن زهير الذي مدح النبي عليه الصلاة والسلام بقصيدة بانت سعاد بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم اثرها لم يفدى مكبول وما سعاد غداة البين اذ رحلت الا اغن غضيد الطرف مكحول الى اخره القصيدة نعم ايضا وقال يشتاق مكة ام القرى لست انسى اذ تقربني والدمع من فرحي في حجرها صبب فالحجر المعنى القريب له ما بين يدي الانسان من الثوب وتقول جلس طفلي في حجري في حضني. نعم والدمع ينصب على الحجر غالبا. لما قال ام القرى لست انسى اذ تقربني والدمع من فرحي في حجرها اذا في هذا ترشيح للتورية وايهام زيادة ايهام اما البعيد المراد فهو جانب الكعبة من جهة الشمال من جهة الحطيم. يقال له الحجر نعم وقال ايضا يشتاق المدينة قل لي متى العذراء ترضى؟ ولبانة المشتاق تقضى. والعذراء معناها القريب غير المراد معروف وهي البكر اما البعيد المراد فهي المدينة المنورة وقد رشح للتورية وللمعنى القريب بقوله ترضى وهذا من صفات الانثى نعم من صفات البشر نعم وقال في مدحه صلى الله عليه وسلم به زين الله الوجود بخاتم لاعظم افلاك لاعظم افلاك السماء نعله قرد او قرط القرط. نعم طبعا المعنى القريب هو الحل. والبعيد المراد به خاتم الانبياء. طبعا الخاتم المعنى القريب هو الحي. الحل. نوع من الزينة. نعم والمعنى البعيد المراد هو خاتم الانبياء عليه الصلاة والسلام قد رشح للتورية بذكره القرط. نعم ايضا قول سراج الدين الوراق اصول اديم وجهي عن اناس لقاء الموت عندهم الاديب ورب الشعر عندهم بغيض ولو وافى به لهم حبيب. وهذا من بدائع التورية قال انني لا اقترب ممن لا يعرف قيمة الادب وممن يبغض الشعر ولو اتى لهم به حبيب لما جاء بحبيب بعد بغيض اوهم ان المراد عكس بغيض. هذا المعنى القريب غير المراد. والمعنى البعيد المراد حبيب ابن اوس الطائي تم ابو تمام. الشاعر المعروف نعم وقال ابو الحسين الجزار كيف لا اشكر الجزار ما عشت حفاظا واهجر الاداب وبها صارت الكلاب ترجيني وبالشعر كنت ارجو الكلاب يقول لم يكن لي حظ في الشعر وما كان احد يقدرني قدري. فكنت ارجو الكلاب على سبيل التشبيه اعزكم الله يعني كنت ارجو البشر الذين هم كالكلاب في المنزلة فلما ذهبت الى الجزارة وصرت اعمل فيها صارت الكلاب ترجيني ان اقدم لها بقايا العظم واللحم فصرت عزيزا بعد ان كنت ذليلا فقال لكلمة الكلاب معنيان قريب غير مراد. وهو الحيوان المعروف نعم وقد هيأ له بذكر الجزارة قبله وبعيد هو المراد وهو لئام الناس. كنت ارجو الكلاب اي كنت ارجو لئام الناس نعم مع ان في هذا التشبيه نظر في هذه الاستعارة طبعا هي استعارة تصريحية كما تعلمون بهذه الاستعارة التصريحية نظر نعم آآ فالكلب عند العرب قديما ممدوح نعم لكن قد يقال ان معقد التشبيه هنا انحطاط القدر وهم منحط القدر عن الانسان ولذلك قد يشبه به لئام الناس التاسع وقفت باطلال الاحبة سائلا ودمعي يسقي ثم عهدا ومعهدا ومن عجب اني اروي ديارهم. يروي ديارهم بماذا يا كرام؟ يروي ديارهم بدمعه وحظي منها حين اسألها الصدى لكلمة الصدى معنيان قريب غير مراد وهو العطش وقد رشح له بماذا بي اروي دياره وبعيد هو المراد وهو رجع الصوت وحظي منها حين اسألها الصدى. يسأل الديار عن اهلها اين رحلوا؟ عن احبابه اين رحلوا؟ لكن ليس حظه من هذا السؤال الا رجع الصوت نعم وقال احدهم شكرا لنسمة ارضكم كم بلغت عني تحية؟ لا غرو ان حفظت احاديث الهوى فهي الذكية والذكية لها معنيان قريب غير مراد وهو الساطع الرائحة وهو الساطع الرائحة وبعيد مراد وهو من الذكاء والفطنة. وهو من الذكاء والفطنة طبعا والتورية هنا مبينة لانها قرنت بما يلائم المعنى البعيد. لانه قال حفظت احاديث الهوى وهنا بين المعنى البعيد ولم يرشح للمعنى القريب ولم يستر المعنى البعيد بل بينه ووضحه الفن الثاني من المحسنات المعنوية هو الالتفات واصله تحويل الاتجاه كما يلتفت المصلي بوجهه عند سلامه وانصرافه من صلاته تحويل الوجه اما في علم البديع فهو ان يحول اتجاه التعبير من اسلوب التكلم او الخطاب او الغيبة الى اسلوب اخر. اي كنت تتحدث عن موضوع باسلوب الغيبة ثم اكملت الحديث عن الموضوع نفسه بطريق الخطاب مثلا فتكون قد التفت من الغيبة الى الخطاب وهكذا قال مؤمن ال ياسين وما لي لا اعبد الذي فطرني. ثم قال واليه ترجعون. فانت ترى ان اسلوب التكلم كان يقتضيه ان يقول اليه ارجع ليكون الكل بنسق واحد نسقي المتكلم لكنه بعدما تحدث عن نفسه التفت الى قومه فخاطبهم محذرا واليه ترجعون الالتفات هنا واضح من التكلم الى الخطاب نعم الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. اياك نعبد ان العلماء جعلوا الاسم الظاهر كضمير الغائب. وهذه قاعدة. الاسم الظاهر يعامل معاملة ضمير الغائب لذلك تقول محمد جاء هو عاد عليه ضمير الغائب. الاسم الظاهر يعامل معاملة ضمير الغائب فكان مقتضى التعبير ان يقول اياه نعبد لانه بدأ الحديث بالاسم الظاهر الذي هو قائم مقام ضمير الغائب اياه نعبد. لكن قال اياك نعبد. التفت الا انه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية واليك بيانها ان المصلي يكون في بدء فاتحته ذاهل الفكر غافل القلب غائبا عن ملاحظة القرب من الرب لكنه بعد ان يبدأ بحمد الله والثناء عليه بصفاته العلية صفة اثر صفة. يزداد خشوعا ويشعر بانه يقترب جدا من معبوده شيئا فشيئا حتى صار كأنه بين يديه يخاطبه وكانه يراه عيانا فلقد فتح له الباب وزال عن عينيه الحجاب لهذا خاطبه بالعبادة وسأله الهداية والسعادة مصداق هذا قوله صلى الله عليه وسلم اعبد الله كأنك تراه اي مستحضرا لعظمة الله سبحانه وتعالى خاشيا له خائفا منه راغبا فيما عنده. راهبا من عقابه مترجيا ثوابه زكا تخاطبه سبحانه بدأت غائبا الحمد لله رب العالمين. تستحضر هذه الصفات اياك نعبد واياك نستعين اقسام الالتفات قد يكون الالتفات انصرافا عن التكلم الى الخطاب او من التكلم الى الخطاب. وما لي لا اعبد من التكلم واليه ترجعون الى الخطاب انصراف عن التكلم الى الغيبة انا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر لم يقل لنا اذا طبعا كما قلنا الاسم الظاهر قائم مقام ضمير الغائب انظروا فصلي انا هنا بدأ بالمتكلم بالتكلم انا بضمير العظمة ثم قال فصل لربك ما قال صلي لنا الان الاسم الظالم مقام ضمير الغائب كما قلنا. لم يقل فصلي لنا انا وصل لربك الانتقال من التكلم الى الغيبة ايضا انصراف عن الخطاب الى التكلم. كمعاتبة المرء نفسه ضيعت عمرك فيما لا يضرك ولا ينفعك ثم يقول نادما يا ليتني قدمت لحياتي انتقل من الخطاب الى الغيبة ويكثر ان يخاطب المرء نفسه. ان ينكر نفسه حتى انه يجرد من نفسه شخصا يحادثه كأنه ينكره لست انا نعم او انصراف عن الخطاب الى الغيبة حتى اذا كنتم في الفلك وجرينا بهم. ما قال بكم لانه صار يسرد قصة قصة غائبين ولذلك سردها سرد القصص صار ده قصص الغائبين حتى اذا كنتم في الفلك وجرينا بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن انجيتنا. انظروا قصة يحكيها عن غائبين نعم ايضا عندنا انصراف عن الغيبة الى الخطاب كما قلنا الحمد لله هذا قائم مقام ضمير الغائب اياك انصرف عن الغيبة الى الخطاب انصراف عن الغيبة الى التكلم والله الذي ارسل الرياح فتثير سحابا فسقناه الله قائم مقام ضمير الغائب. سقناه متكلم. اذا انتقال من الغائب الى المتكلم بدلا من فساقه شرط الالتفات ان يكون في جملتين لا في جملة واحدة فلا التفات في قولك انت صديقي. تقولون لي اين الالتفات؟ انت ضمير مخاطب وصديق قلنا يقوم مقام ضمير الغائب فهل عندي ها هنا التفات من المخاطب الى الغائب؟ لا الالتفات يكون بين جملتين ان تذكر الضمير غائبا في جملة مثلا ثم تذكره مخاطبا او مخاطبا ثم غائبا او مخاطبا ثم متكلما وهكذا نعم قالوا ان الكلام اذا نقل من اسلوب لاخر كان ابعث لنشاطي السامع وادعى الى اصغائه وجذب انتباهه. كما قلت لكم لا تبخسوا هذه الفنون البديعية حقا فان لها شأنا عظيما في جذب انتباه السامع في لفت انتباه السامع في تنشيط السامع وليست كما يظن بعض اناس زخرفا من القول وغرورا. لا ابدا لها اهميتها. الالتفات مثلا يجعلك تلتفت انت ايضا ايها المخاطب الى المعنى والى الكلام لانه حصل اختلال فيما يبدو لك في استعمال الضمائر لان النغمة الواحدة مملول كالحديث المعاد وقديما قالوا لن نصبر على طعام واحد لكن للالتفات مواقع لطيفة واعتبارات شريفة. جديرة بالبحث عنها والالتفات اليها. واليكم جانبا منها قال تعالى في شأن الاعراض عن الاعمى والتشاغل بزعماء قريش ليقبلوا الايمان عبس وتولى. على قول كثير من المفسرين المراد به النبي صلى الله عليه وسلم عبس هو انجأوا الاعمى ثم قالوا وما يدريك يا رسول الله لم يقل وما يدريه هنا التفات من اسلوب الغيبة عبس الى الخطاب وما يدرك فانت له تصدى. ولولا الالتفات لقيل وما يدريه تأمل تجد ان تنشيط السامع لا قيمة له في الالتفات هنا. لكن السر يكمن في شيء اخر هو لطف الرب الكريم بالرسول العظيم في موضع كتاب لو فاجأه به من الاول باسلوب الخطاب لانصدع فؤاده لان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلم الخلق بالله واشد الخلق خشية لله فكان بدء العتاب في صورة الحكاية من شخص غائب او عن شخص غائب وما كان الخطاب بالعتاب الا بعد هذا التعريض الكريم والايقاظ المتلطف به. او الايقاظ اللطيف ايضا قال تعالى في قبول الفداء عن اسرى بدر ما كان لنبيا ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض تجد هنا التفاتة من الغيبة لنبي لان الاسم الظاهر في حكم الحكاية عن الغائب والتفت عنه الى الخطاب بقوله تريدون عرض الدنيا ولم يصدر العتاب بالخطاب ولما وصل الى الخطاب جمعه مع غيره لم يفرد النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائد الجيش وهو المسئول عليه افضل الصلاة والسلام ليخف وقع المؤاخذة ايضا قوله تعالى معاتبا لحبيبه الاعظم في شأن الاذن للمنافقين بالتخلف عن الجهاد عفا الله عنك لما اذنت لهم تأمل هنا لا تجد التفاتا بل تجد صيغة الخطاب بالعتب من البدء لكنه مسبوق بالعفو ومقرون بالملاطفة في سورة الاستفهام لذلك لم يكن هناك التفات لانه صدره بالعفو عنه لان لا يتصدع قلبه الشريف عليه الصلاة والسلام ايضا في ركوب الكفار البحر كما قلنا. تأمل بلاغة الالتفاتين هنا وجمال الاسلوب. خاطبهم اول ركوب الفلك. كنتم في الفلك لانهم لم يبعدوا فلما اقلعت بهم الفلك وابتعدت في البحر التفت عنهم متحدثا بضمير الغيبة البعيد وجرين بهم وفرحوا وجاءهم الموج. ثم لما انجاهم من البحر ووطأت اقدامهم البر اذا هم يبغون في الارض فالتفت اليهم ثانيا وخاطبهم بعقوبة جرمهم. يا ايها الناس انما بغيكم عاد الى خطابهم كما يصدر الحاكم حكمه الاخير فيقذف بكلمة الاعدام في وجه المجرم الخطير في وجه المجرم الخطير نعم جماليات الالتفات قال السكاكي هذا من بديع قوله. والسكاكين يتهم بانه اعجمي غير فصيح اللسان وانه حرف البلاغة عن مسارها وانه شوهها وهكذا يقال. انظروا الى بيان السكاكين رحمه الله قال والعرب يستكثرون منه ويرون الكلام اذا انتقل من اسلوب الى اسلوب ادخل في القلوب عند السامع واحسن تطرية لنشاطه واملأ باستدرار باستدرار اصغائه وهم احرياء بذلك اليس قرى الاضياف سجيتهم ونحر العشار للضيف دأبهم وهج جيرانهم لا مزقت ايدي الادوار لهم اديما. ولا اباحت لهم حريما والادوار كانوا يديرون هذه السهام فمن خرج يعني من خرج سهمه مثلا خرج السهم ويريدون ان يذبحوا يتخيرون. هذا السهم لهذه الناقة هذا السهم لكذا فيديرونها ويخرجون هذا السهم فاذا خرجت تلك الناقة ذبحوها لا مزقت ايدي الادوار لهم اديمة ولا اباحت لهم حريما. افتراهم يحسنون قرى الاشباح؟ فيخالفون بين لون ولون وطعم طعم ولا يحسنون قرى الارواح فلا يخالفون فيه بين اسلوب واسلوب وايراد وايراد بهذا الكلام الجميل اللطيف نختتم درسنا اليوم ونلقاكم ان شاء الله تعالى في درس اخر لطيف من دروس علم البديع كونوا على الموعد ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته