بسم الله الرحمن الرحيم اللهم بك استعين وبك استبين وعليك اتوكل حياكم الله تعالى واهلا وسهلا ومرحبا بكم في مجلسنا الثاني من مجالس التعليقات الصرفية والنحوية والبلاغية على كتاب الله سبحانه وتعالى نحن معنا اليوم في الصفحة الاولى من سورة البقرة نبدأ بالفوائد الصرفية قوله تعالى لا ريب فيه هدى للمتقين. هدى ها هنا مصدر وضع موضع اسم الفاعل للمبالغة والمعنى ذلك الكتاب لا ريب فيه. هادني المتقين للمتقين اصلها للمتقيين عندنا يئان حذفت الياء الاولى بعد طرح حركتها اذ صارت ساكنة فالتقى ساكنان فحذفت فصارت للمتقين ثم ابدلت الواو تاء لانها فاء في الصيغة المتفرعة عن الافتعال صيغة الافتعال اذا وقعت تاء الكلمة واوا او تاء او ياء فانها تبدل تاء وتدغم في التاء الثانية فصارت للمتقين وعلى هذا المادة مرجعها الى الوقاية فالمتقي يقي نفسه من النار ويقي من حوله من النار ممن يلوذ به وقد لمح ابن المعتز هذا المعنى فقال خلي الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واصنع كماش فوق ارض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة ان الجبال من الحصى يوقنون اصله يؤيقنون فيه عملان حذف الهمزة حملا على حذفها من المضارع المسند الى المتكلم وايقن هناك التقى همزتان وهذا في غاية الثقل فحذفت احداهما. صار ايقن يقن حذفنا الهمزة ياء ساكنة وقبلها ضم مقلب واوا فتصبح يوقن. فالمادة اصلها من اليقين وهكذا عرفنا ان اصل الواو ياء الفوائد الاعرابية اسأل كثيرا ما اعراب الف لام ميم وامثالها في اوائل السور والجواب ان هذا بحسب اجتهادات العلماء في استنباط معناها فاذا فاذا قلنا انها سر الله المكنون في كتابه وانها قد استأثر الله بعلمها فهذه لا تعرب. لانها لم تدخل في الاسناد ونحن لا نعرب الا ما دخل في اسناد وكون عندنا جملة الكتاب ذلك الكتاب ما اعراب الكتاب اعراب الكتاب بحسب حرف المعنى اذا قلنا ان الها هنا عهدية حضورية كما هو المعروف في ال التي تصحب الاسم المعرف بان بعد بعد اسم الاشارة فحينئذ الكتاب بدل ذلك الكتاب اي ذلك المشار اليه حكمه كذا وكذا وكذا. يأتي ذلك الكتاب حكمه ما الخبر لا ريب فيه هدى اذا الكتاب بدل جملة لا ريب فيه خبر لاسم الاشارة هدى خبر ثان لاسم الاشارة هذا اذا قلنا ان العهدية حضورية فاذا قلنا ان جنسية لاستغراق الصفات او التي تسمى جنسية للمبالغة والكمال. فحينئذ الكتاب خبر والمعنى ذلك الكتاب ذلك هو الكتاب لا غير لانه جامع لصفات الكتب السماوية كلها فكان غيره لا يستحق ان يسمى كتابا كما نقول نمدح فلانا انت الرجل اي لا غير فاذا الهنا في الرجل جنسية للمبالغة والكمال او لاستغراق الصفات اي انت الذي اجتمعت فيك صفات الرجال فكأن غيرك لا يصح ان يسمى رجلا تنظروا الى هذا الفرق الدقيق اذا قلت ان ال للعهد الحضوري فحينئذ الكتاب بدأ. اذا قلت ان لاستغراق الصفات فالكتاب خبر وهو والجملة التي بعده خبر ثان وهدى خبر ثالث للمتقين ما ذي اللام اللام ها هنا زائدة للتقوية والتوكيد زائدة للتقوية والتوكيد ولابد ان نشيرها هنا الى ان قولنا زائدة لا يعني انها زائدة في المعنى بل في الصناعة النحوية اي انها لا تربط بين العامل لان العامل يصل الى المعمول هدى مصدر وضع موضع اسم الفاعل والمصدر يعمل ويأخذ مفعولا كما يأخذ فعله مفعولا فالاصل ان المتقين مفعول به للمصدر هدى وهو هنا بمعنى اسم الفاعل اي هادني المتقين ذلك الكتاب لا ريب فيه هادن المتقين المتقين مفعول به لهدى الذي وضع موضع اسم الفاعل ثم جاءت اللام معه لفضل توكيد لا للربط ولذلك قلنا انها زائدة. هي لم تربط بين العامل والمعمول كشأن حروف الجر الاصلية جاءت للتوكيد وللتقوية لم للتقوية؟ لان هدى المصدر وعمل المصدر فرع عن عمل الفعل ولذلك هو ضعيف بالنسبة الى الفعل وفجأة اللام معه تقوية وتوكيدا كما قلنا ومما رزقناهم ينفقون ما اسم موصول اين الضمير العائد على الاسم الموصول الجواب ان الضمير العائد على الاسم الموصول هنا محذوف. والتقدير ومما رزقناهم اياه ورزقناهم فعل يتعدى الى مفعولين الاول هو الهاء والثاني اياه وقد حذف وهذا كثير حذف الضمير العائدي على الاسم على الاسم الموصول اذا كان منصوبا يكثر وفي الكلام ولا اشكال فيه ابدا ومما رزقناهم اياه يؤمنون بما انزل اليك. ما معنى الباء ها هنا ما معنى الباقي ها هنا؟ الباء ها هنا للالصاق المعنوي. لانه في امر معنوي غير محسوس والباء تكون ايضا للالصاق المجازي. اذا كانت مع القريب اقول مثلا مررت بالديار انا لم لم التصق مروري لم يلتصق بالديار وانما مررت بمكان يقرب منها مررت بالديار وكذلك عندما اقول امسكت بالقلم هنا الصاق حقيقي. الباء هنا للالصاق الحقيقي ذلك ان يدي التصقت بالقلم فاذا عندنا الفصاق معنوي كأن نقول امنت بالله وعندنا الصاق مجازي للقريب كان اقول مررت بزيد وعندنا الصاق حقيقي امسكت بالقلم على هدى من ربهم بما نعلق الجار والمجرور الجار والمجرور هنا متعلقان بصفة محذوفة لهدى على هدى كائن من ربهم لعل قائلا يقول اليس هدى المصدر؟ الا يعمل؟ لما لا نعلق الجار والمجرور من ربهم بالمصدر؟ والجواب ان هدى لا يتعدى بمن؟ الفعل هدى لا يتعدى بمن. ولذلك لا نعلق الجار والمجرور به بل نعلق الجار والمجرور هنا بصفة محذوفة لهدى. على هدى كائن من ربهم واولئك هم المفلحون. ما اعرابهم؟ فيها وجهان احسنهما انهم ضمير فصل وتوكيد لا محل له من الاعراب اولئك مبتدأ اسمه اشارة مبني على الكسر في محل رفع المبتدأ. والكاف حرف خطاب. المفلحون خبر وجاءت هم للفصل غرض ضمير الفصل ان يفرق بين الخبر والتابع ان يبين ان ما بعده خبر وليس تابعا فلربما ظن ظان اذ يسمع اولئك المفلحون ان المفلحون هنا خبر ان المفلحون هنا بدل ذلك اولئك المفلحون بدل من اسم الاشارة فينتظر الخبر فجاءتهم لتبين انه خبر وليس تابعة الفوائد البلاغية يقول قائل لما قال تعالى ذلك الكتاب ولم يقل هذا الكتاب مع ان الظاهر ان يقال هذا الكتاب بالاشارة بالقريب دون البعيد والجواب ان في الاشارة بالبعيد بيانا لبعده عن تناولهم اياه بالمعارضة او التسفيه فقد فاجئهم في مفتتح السورة برموز واشارات لا عهد لهم بها الف لام ميم لم ليزداد التفاتهم وتنبه اذهانهم الى الكلام ثم اعقبها بهذا الحكم الصارم الدقيق ذلك الكتاب بانه الكتاب الذي اجتمعت فيه صفات الكتب السماوية كلها وكأن غيره لا يستحق ان يسمى كتابا فهو بعيد جدا عن متناول المعارضة او التسفيه كما قلنا في قوله تعالى على هدى من ربهم. اولئك على هدى. استعارة لطيفة جدا وبديعة فقد شبه تمكنهم من الهداية بحال الفارس المستعلي على فرسه المتمكن من قياده ما قال اولئك مهتدون. اولئك على هدى لشدة تمكنهم من الهداية والعلماء رحمهم الله تعالى ورضي عنهم اختلفوا في نوع هذا هذه الاستعارة وفي اجراءها فالمشهور انها استعارة تمثيلية لان وجه الشبه فيها منتزع من متعدد شبهت هيئة تمكنهم من الهدى وثباتهم عليه ومحاولتهم الزيادة فيه والسير في طريق الخيرات بهيئة الراكب في الاعتلاء على المركوب والتمكن من تصريفه والقدرة على ارادته تشبهت حالتهم المنتزعة من متعدد التي وصفناها الان بتلك الحالة المنتزعة من متعدد هذا هو المشهور فيها. وبعضهم جعلها استعارة تصريحية تبعية. وبعض العلماء كالسيد الشريف جعلها استعارة مكنية تبعية على السكاكي ولا نريد ان نفيض في هذه المسألة فهي طويلة الذيل جدا تبحث في كتب اهل الاختصاص والحمد لله رب العالمين