بسم الله الرحمن الرحيم اللهم بك استعين وبك استبين وعليك اتوكل اهلا وسهلا ومرحبا بكم في المجلس الثالث من مجالس التعليقات الصرفية والنحوية والبلاغية على ايات كتاب الله سبحانه وتعالى نحن معا اليوم في الصفحة الثانية من سورة البقرة ولنبدأ بالتعليقات الصرفية سنعلق في هذه الصفحة على اربع كلمات سواء وعذاب واليم ولقوا اما سواء فهي اسم مصدر للفعل استوى يستوي ذلك ان المصدر استواء اما سواء التي حروفها اقل من حروف فعلها فهي اسم مصدر ثمان اسم المصدر ها هنا معبر به عن اسم الفاعل لتوكيد المبالغة استعمال اسم المصدر في الاصل للمبالغة فاذا ما انتقل الى معنى اخر صار عندنا توكيد للمبالغة والمعنى السياقي لهذه البنية الصرفية صار ان الذين كفروا مستو عليهم الانذار وعدمه مستو عليهم الانذار اولنا سواء بمستويات عذاب ايضا هي اسم مصدر للفعل عذب يعذب. ذلك ان مصدر عذب تعذيب فعذاب اسم مصدر على ما قررنا. وهكذا يرد في اي القرآن اليم بمعنى اسم الفاعل مؤلم للمبالغة وفعله المه وليس اليم انما هو في نفسه الم غيره المه يؤلمه فهو مؤلم المه العذاب. يؤلمه العذاب فهو مؤلم له واليم له اليم ها هنا بمعنى مؤلم وليس بمعنى اليم في نفسه فالمعنى لهم عذاب لهم تعذيب مؤلم لهم لقوا اصلها لقي استثقلت الضمة على الياء فسكنت فصار لقيم وهذا غير ممكن. التقى ساكنان فحذفت الياء لالتقاء الساكنين فصار لقو جئنا الى حالة ثقيلة ايضا بان الواو سبقت بكسرة حتى تبقى الواو حتى تبقى الواو وتسلم قلبت الكسرة ضمة فصارت لقوا ومن هنا ننفذ الى الفوائد الاعرابية من قوله تعالى لقوا يظن بعضهم ان هذا الفعل مبني على الضم الظاهر والواو في محل رفع فاعل هذا على على القول بان الفعل الماضي له ثلاث احوال في البناء لكن نقول الفعل هنا مبني على الضم المقدر على الياء المحذوفة. لالتقاء الساكنين وليس مبنيا على الضم الظاهر على القاف لان احكام الاعراب والبناء انما تكون في اواخر الكلمة. لا في حشوها وفي في حشو بنيتها لا تكون في هذا نبدأ كذلك بالفوائد الاعرابية بعد هذه الفائدة التي ذكرناها وابتدأنا بها اعرابه سواء في الاية الكريمة ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذروا في اعرابها اوجه ولعل اقربها انها خبر مقدم اما المبتدأ فهو جملة اانذرته وهذه الجملة وقعت مبتدأ من غير حرف مصدري سابق حملا على المعنى ذلك ان المعنى ان الذين كفروا مستو عليهم الانذار وعدمه. اولنا الجملة بالمصدر من غير حرف مصدري سابق كما نفعل ونأول الجملة بالمصدر اذا وقعت مضافا اليه يوم يعض الظالم على يديه اي يوم عض الظالم على يديه اولنا الجملة بالمصدر من غير حرف مصدري سابق وقد وهم بعض المتأخرين وتبعهم كثير من المعاصرين فظنوا ان همزة التسوية التي تأتي بعد سواء هي حرف مصدري والصواب ما عليه النحات قبل وقد صرحوا بذلك ان الهمزة ليست حرفا مصدريا. اذ ترى في كتب النحو والتفسير يقولون الجملة هنا مبتدأ من غير حرف مصدري سابق وهي من المواطن القليلة التي تقع فيها الجملة مبتدأ وقد افضنا في شرح هذا في شرح كتاب اعراب الجمل واشباه الجمل لقوله تعالى ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم الجاب والمجرور على سمعهم معطوفان على الجار والمجرور على قلوبهم في محل نصب ولا يعلقان وقد اتفقنا ان شبه الجملة اذا وقع تابعا فانه لا يعلق. وكذلك اذا وقع نائبا عن الفاعل في قوله تعالى وعلى ابصارهم غشاوة على ابصارهم ليسا معطوفين على الجار والمجرور قبلهما بل ها هنا عندنا جملة جديدة وعلى ابصارهم غشاوة غشاوة مبتدأ مؤخر على ابصارهم الجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف فاذا جعلنا على ابصارهم معطوفين على الجار والمجرور قبلهما لم يبقى لكلمة غشاوة اعراب. لم يبق لها اعراب وصارت معلقة هكذا في النظم لا معنى لها. وهذا لا يكون نعود الى قوله تعالى سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون جملة لا يؤمنون فيها خلاف كذلك والظاهر ما ذهب اليه استاذنا فخر الدين انها في محل رفع خبر ثان خبر ثان لان اي ان الذين كفروا مستو عليهم الانذار وعدمه غير مؤمنين فالجملة هذه خبر ثان مراد به مراد به التوكيد المراد بخبرها هنا التأكيد لان لا يؤمنون معناها هو معنى مستو عليه عليهم الانذار وعدمه ما معنى مستو عليهم الانذار وعدمه معناه عدم الايمان لا ينتفعون بوعظ ولا تذكير نعم في قوله تعالى ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر من ها هنا نكرة موصوفة نكرة موصوفة اي ومن الناس فريق يقول امنا بالله وباليوم الاخر اما جملة يقول بعدها فهي في محل رفع صفة لمن لان من نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ جملة يقول صفة لها وها هنا نعلق على مسألة اعراب الجمل في ذكر صفات المنافقين فهي مهمة جدا. وقد رأيت ان استاذنا فخر الدين في كتابه اعراض المنهجي للقرآن الكريم احسن ايما احسان في ضم هذه الجمل بعضها الى بعض. فقد قال ان جملة يقول ومن الناس من يقول جملة يقول صفة اولى اما جملة في قلوبهم مرض فهي صفة ثانية. ومن الناس فريق يقول امنا بالله وباليوم الاخر في قلوبهم مرض ولا يعكر هذا ان يقول فاعله بلفظ الافراد وفي قلوبهم بلفظ الجمع. هذا لا يعكر صفو هذا الاعراب لانه كما هو مقرر من سواء كانت موصولة او نكرة موصوفة يجوز مراعاة لفظها بالافراد وهكذا جاءت الاية ومن الناس من يقول ويجوز مراعاة معناها كذلك وعلى هذا جاءت الاية بعد ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين هذا جائز نعود اذا يقول صفة اولى في قلوبهم مرض صفة ثانية ثم واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض معطوفة على جملة في قلوبهم مرض هذه الجملة الشرطية كلها واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون ثم واذا قيل لهم امنوا كما امن الناس قالوا انؤمن الجملة الشرطية معطوفة على في قلوبهم مرض في محل رفع بالعطف ثم واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا هذه ايضا معطوفة على في قلوبهم مرض ثم واذا خلوا الى شياطينهم قالوا ان معكم معطوفة على الجملة في قلوبهم مرض. فهذه كلها صفات المنافقين في هذه الصفحة فيقول امنا بالله واليوم الاخر وما هم بمؤمنين في قلوبهم مرض اذا قيل لهم لا تفسدوا قالوا انما نحن مصلحون اذا قيل لهم امنوا كما امن الناس الى اخره اذا لقوا اذا خلوا هذه كلها من اوصافهم. بعض الاوصاف جاءت خالية من العطف. ثم جاءت الاوصاف الاخرى بالعطف. ففي الاعراب سنكون معطوفة على جملة في قلوبهم مرض وبين بعض الاوصاف جاءت جمل اعتراضية للتوبيخ والتأكيد. مثلا واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون جاء الرد الالهي القاسي الا حرف استفتاح للتنبيه والتوكيد. الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون انهم هم المفسدون. فجملة الا انهم هم المفسدون اعتراضية بين المتعاطفين. لاننا سنرى بعدها او ذكرنا بعدها ان جملة اذا قيل لهم امنوا معطوفة عليها معطوفة على في قلوبهم مرض. فقد وقع الاعتراض بين المتعاطفين. ثم كذلك واذا قيل لهم امنوا كما امن الناس قالوا ان اؤمن كما امن السفهاء معطوفة الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون. هذه الجملة اعتراضية اعتراضية للتوبيخ فيها مبالغة في توبيخهم. لا سيما انه جاء فيها اداة الاستفتاح الا توكيدا ثم صدرت بان ثم جاء ضمير الفصل انهم هم السفهاء فهم ضمير فصل وتوكيد لا محل له من الاعراب والسفهاء خبر ان والف السفهاء جنسية لاستغراق الصفات. او للمبالغة والكمال. اي الذين كملت فيهم اوصاف السفهاء. فكأن ليس فيها غيره الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون جملة جملة لكن لا يعلمون هذه معطوفة على السفهاء. على ما قرره استاذنا ولكن لا يعلمون معطوفة على السفهاء. اي الا انهم السفهاء ولكن لا يعلمون الا انهم السفهاء وغير عالمين. معطوفة عليها فاذا تبينا ها هنا جملتين اعتراضيتين بين المتعاطفات في قوله تعالى اذا قيل قيل فعل مبني للمفعول. اين نائب الفاعل؟ في هذا خلاف طويل. والاحسن ان الجملة في محل رفع النائب فاعل على الحكاية واذا قيل لهم ما القول المحكي؟ لا تفسدوا في الارض جملة لا تفسد في الارض في محل رفع النائب فاعل على الحكاية لماذا قلنا ان هذا هو الوجه الصحيح او الاقرب على اقل تقدير لان الجملة هذه كانت مفعولا به قبل ان يبنى الفعل للمفعول فلما بني الفعل للمفعول قيل فالقياس ان المفعول به هو الذي يصير نائب فاعل وعلى هذا لا حاجة الى التقديرات الاخرى التي ادعاها بعض النحويين او كثير من النحويين لقوله تعالى زادهم الله مرضا زادهم الله مرضا. مرضا تمييز منصوب وبعض النحويين يجعله مفعولا به ثانيا. ولعل وجه التمييز احسن ذلك ان هذه الكلمة ملتزم فيها التنكير لا تعرف لا نقول زادهم الله المرض. بل نقول زادهم الله مرضا التزام التنكير في هذه الكلمة دليل على انها تمييز لا مفعول به الى الاوجه البلاغية او بعض اللطائف البلاغية نبدأ بقوله تعالى لا يؤمنون علام لم تعطف على الجملة السابقة لم لم يكن النظم؟ ان الذين كفروا. سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم ولا يؤمنون والجواب ان هذا يرجع فيه الى فن من فنون علم المعاني هو فن الوصل والفصل الجملة هذه لم تعطف على جملة سواء عليهم انذرتهم ام لم تنذرهم لانها نفس معناها او لانها في معناها بمعناها تماما. لا يؤمنون معناها معنى سواء عليهم انذرتم ام لم تنذروا فهي كالتوكيد للجملة الاولى ولا يعطف المؤكد على المؤكد لان الشيء لا يعطف على نفسه والاصل في العطف المغايرة. فاذا الجملة لا يؤمنون فصل بينها وبين جملة سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لان بينهما كمال الاتصال لان الثانية كالتوكيد للجملة الاولى ايضا في قوله تعالى انما نحن مصلحون ها هنا اسلوب قصر واداته انما وفيه قصر موصوف على صفة قصروا انفسهم على الصلاح وهذا القصر قصر اضافي اي انما نحن مصلحون لا مفسدون وذكر بعض وذكر بعض البلاغيين ان ان استعمال انما يكون في البديهيات وعلى هذا فالاية الكريمة بنظمها هذا تكشف عن سوء خبيئتهم وعن عنادهم وعن كبرهم فهم لم يقابلوا لم يقابلوا الموعظة بالرد الحسن بل قابلوها بالعناد وبان مسألة صلاحهم هي مسألة بديهية لا تحتاج الى نقاش انما نحن مصلحون وينبغي ان تعرفوا ذلك لان هذا بديهي هذا هو مدلول استعماله انما على ما قرره بعض علماء البلاغة. من انها تكون من انها تستعمل في البديهيات التعبير بالفعل امنا لما كانوا مع المؤمنين والايات هذه تتحدث عن المنافقين. لما كانوا مع المؤمنين واذا واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا اختار النظم القرآني التعبير بالفعل للدلالة على التجدد والحدوث والمراد بالتجدد ها هنا الوقوع بعد العدم. ليس المراد به التجدد مرة بعد اخرى. هذا المراد به بالتجدد. اذا واذا لقوا الذين امنوا قالوا لو امنا عبر النظم الكريم بالفعل للدلالة على ان هذا طارئ منهم لكن اذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم عبر بالجملة باسمية للدلالة على السبوت والديمومة وللدلالة على ان هؤلاء المنافقين نفاق كفر هم مع الكافرين انما يقولون هذا امام المؤمنين مرة هكذا اذا اذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا بلفظ الفعل واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم ايضا في قوله تعالى اشتروا الضلالة بالهدى. ها هنا عندنا استعارة. وفي اجرائها طريقتان فاما ان نجعلها استعارة تصريحية بان يكون شبه شبه اختيارهم للضلالة بالاشتراء شبه الاختيار بالاشتراء ثم حذف المشبه وابقى المشبه به فالاستعارة تصريحية الاستعارة على هذا تصريحية. ولما كانت واقعة في الفعل فهي استعارة تبعية لان اجراءها تابع لاجرائها في المصدر اختاروا الضلالة شبه اختيارهم بالاشتراك ويمكن ان نجعلها استعارة مكنية بان نقول شبه الضلالة بالسلعة تشترى. حذف المشبه به السلعة ورمز له بشيء من لوازمه وهو اشتروه فالإستعارة مكنية وعلى كل حال سواء كانت مكنية او تصريحية فان هذه الاستعارة مرشحة اي مقواة مقواة بماذا؟ بذكر ربحت تجارته لما اختار لفظ اشتروا فانه رشح لهذه الاستعارة بقوله فما ربحت تجارتهم فهذه ترشيح للاستعارة نعيد مرة اخرى اشتروا الضلالة ان قلنا انها استعارة تصريحية فهي تصريحية تبعية وان قلنا انها استعارة مكنية فهي مكنية اصلية لان الباقي من طرفي التشبيه حينئذ هو الضلالة وهي كلمة ليست مشتقة بل هي مصدر ولذلك الاستعارة ستكون اصلية. وعلى كل حال فهي استعارة مرشحة بانه قد ذكر شيء يقوي الاستعارة بعد تمام الاستعارة اذا اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم. في قوله تعالى ربحت تجارتهم المتحدث عنه ها هنا تجارة التجارة فقد اسند الربح الى التجارة مجازا. وهذا مجاز عقلي واقع في الاسناد. اسناد الربح الى التجارة مجاز عقلي. والاصل فما ربحوا في تجارتهم من اللطائف في هذه الايات ذكر لا يشعرون ثم لا يؤمنون اذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون. الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون واذا قيل لهم امنوا كما امن الناس قالوا ان اؤمن كما امن السفهاء؟ الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون. فعلام قال لا يشعرون ثم قال لا يعلمون. قال الامام البقاعي في نظم الدرر ولما كان الفساد يكفي في معرفته والصد عنه ادنى تأمل والسفه لا يكفي في ادراكه والنهي عنه الا رزانة العلم ختمت كل اية بما يناسب ذلك من الشعور والعلم ولما كان العام جزء الخاص قدم عليه اسأل الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا واياكم بكتابه العظيم. والحمد لله تعالى في البدء والختام