بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حق حمده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لمجده واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان اعظم المسائل والابواب التي تستحق العناية العظيمة من طالب العلم ابواب ومسائل التوحيد الذي هو حق الله جل وعلا على العبيد وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام انه سأل معاذا رضي الله عنها تدري على الله وقال الله ورسوله اعلم فقال حق حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله الا يعذب من مات لا يشرك بالله شيئا وهذا يبين لك عظم شأن التوحيد وانه هو الحق الاعظم وهو اولى واوجب ما توجهت اليه الهمم بالعناية بالدرس والحفظ والتحمل دعوة والامر والنهي ولا شك ان الكتب انما انزلت من الله جل وعلا لبيان هذا الاصل العظيم والانبياء اتفقوا على الدين واختلفوا في الشرائع كما قال جل وعلا ان الدين عند الله الاسلام التوحيد واحد عند جميع الانبياء لانه حق الله جل وعلا واما الشرائع فمختلفة لقوله لكل جهلنا منكم شرعة ومنهاجا. وصح عنه عليه الصلاة والسلام من حديث ابي هريرة رضي الله عنه انه قال الانبياء اخوة لعلان الدين واحد والشرائع شتى. فاذا كل الانبياء والمرسلين دعوا الى هذا الاصل العظيم هو توحيد الله جل وعلا والا يعبد الا الله وحده وان يكفر بالطاغوت وان لا يشرك بالله جل وعلا كيف لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي صالح ولا حجر ولا شجر ولا يتعلق القلب تعلق العبادة الا بالله لو على وحدة دون ما سواه ولهذا كان ورثة الانبياء على الحقيقة هم الذين ورثوا الدعوة الى التوحيد. لان اعظم ما ورث الانبياء الاصل الجامع الذي هو توحيد الله جل وعلا وغيره بعده في المرتبة فالذي يرث ميراث الانبياء هو الذي يعلم التوحيد ويدعو اليه. لهذا كان من الواجب على كل طالب علم ان يجعل اهتمامه بتوحيد الله جل وعلا فوق كل اهتمام تعلما حفظا وتعليما ودعوة وامرا بالمعروف ونهيا عن المنكر بل ان الله جل وعلا جعل عبادة واولياءه هم الذين يأمرون بالتوحيد وينهون عن الشرك. فقال سبحانه مثنيا على من استجاب له من عباده الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور. قال العلماء امروا بالمعروف امروا بالتوحيد وبلاوازمه. ونهوا عن المنكر نهوا عن الشرك وطرائقه ولا شك ان الطاعات جميعا من لوازم التوحيد ومن اثاره وان المعاصي والذنوب على اختلاف انواعها من اثار التشريك باي نوع من انواع والدعوة الى التوحيد لما كانت من اهم المهمات بل هي اهم المهمات في كل زمان وفي كل مكان فينبغي ان يعلم ان التوحيد يترك ويجهل وينسى اذا لم يدعى اليه. ويترك الناس الدعوة اليه اذا لم يعلموا منزلة اذا لم يعلموا حقه اذا لم يعلموا فضله اذا لم يعلموا محبة الله جل وعلا له ولاهله ولهذا قال طائفة من العلماء منهم ابن القيم رحمه الله ما من اية في القرآن الا وهي في التوحيد وهذا صحيح لهذا ينبغي التواصي بهذا دائما. والتوحيد لا يترك حتى يتركه العباد. تعلما ثم يتركونه تعليما ثم يفشوا المنكر والشرك وانواع ذلك وهم لا ينتبهون وقد رأينا في زماننا هذا طائفة ممن حصل طرفا من العلم وتجد عندهم مباحث كثيرة وربما حسن كلام وعرض لكنهم نسوا مسائل التوحيد لعدم مراجعتها يعلمون الامر المجمل منه وجوب التوحيد ومعناه ويعلمون النهي عن الشرك هو الشرك الاكبر الى اخره لكن اذا تحملت كتاب التوحيد الذي فيه اكثر انواع التوحيد ومفرداتها واكثر انواع الشرك ومفرداته اذا تأمل فذلك وجدت ان ثمة ابوابا كثيرة مما غشيه الناس في هذا الزمان وفي غيره. ووقع فيه فهذا ينسب الافعال الى البشر دون نظر الى فعل الله جل وعلا. وهذا ينكر الاسباب وهذا يفعل كذا. الى اخره من الاقوال والاعمال التي تنتشر وتسمعها تارة من الخاصة فظلا عن الجهلة والعامة الدعوة الى التوحيد لها طريقان الطريق الاول الطريق المجمل المفصل وان شاء الله تعالى نذكر لك هذين الطريقين مع امثلة لها واشارات تنبؤك عن المقصود من ذلك في دروسنا القادمة ان شاء الله جل جلاله. اسأل الله سبحانه ان يجعلني واياكم من ورثة علم محمد عليه الصلاة والسلام وان يجعلنا من حملة دينه المجاهدين في سبيله الهامرين بالمعروف والناهين عن المنكر المتبعين طريقة السلف الصالح في كل ذلك انه سبحانه جواد كريم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ذكرنا لكم بالامس ان اعظم ما يجب على طالب العلم ان يهتم به التوحيد الذي هو دين الله جل وعلا الذي اجتمعت عليه الانبياء والمرسلون والذي ورثته العلماء عن النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم. والدعوة الى التوحيد من اعظم القربات لانها دعوة الى حق الله جل وعلا ولانها دعوة متابع فيها ما دعا اليه النبي محمد عليه الصلاة والسلام ولانها لدعوة فيها مضاعفة الاجر والعمل لانها من اعظم بل هي اعظم الاعمال الصالحة والدعوة الى التوحيد لها طريقان الطريق الاول تبيين التوحيد وتبليغ الايات والاحاديث فيه وشرح ذلك والتوحيد كما هو معلوم ثلاثة انواع توحيد الربوبية وتوحيد الالهية وتوحيد الاسماء والصفات والطريق الثاني تبيينه ضد التوحيد الذي هو الشرك بالله جل وعلا الذي هو اقبح الاعتقاد والعمل فما ثم اعتقاد ولا عمل اقبح من الشرك بالله جل جلاله فالطريق الثاني ان يبين معنى الشرك وانواع الشرك بالله جل وعلا الخوف من الشرك بانواعه وكيف يحذر من ذلك والتحذير من وسائل هذا الشرك وتبيين ما يتصل بذلك وكل من هذين اعني طريق الاولى والطريق الثانية بيان التوحيد وبيان الشرك لها وسيلتان او منهجان في الدعوة الى الله جل وعلا الاولى في كل منهما البيان المجمل والتبليغ المجمل والبيان المجمل يعنى به الا تذكر تفاصيل الكلام تحت اصول مسائل التوحيد فلا يفصل الكلام على توحيد الربوبية ولا على توحيد الالهية ولا على توحيد الاسماء والصفات وذلك اذا اقتضى المقام الاختصار وعدم التطويل بان يبين مجمل ما جاء في فضل التوحيد انه دعوة الانبياء والمرسلين وانه حق الله جل وعلا وما يكفر من الذنوب ونحو ذلك وتقديم التوحيد على غيره والاستدلال بالادلة في ذلك ويذكر معنى توحيد الربوبية والالوهية والاسماء والصفات بشيء من الاجمال وهذا القدر يحسن اذا تبعه وكان معه شيء من ذكر اثار انواع التوحيد يعني اثار توحيد الربوبية في ايمان العبد وفي ايمان الناس وكذلك اثر توحيد الالهية في ايمان العبد وفي ايمان الناس واثر ذلك في الارض وكذلك توحيد الاسماء والصفات اثر التوحيد على ايمان العبد وايمان الناس و ذكر امثلة للاثار وكذلك في الشرك طريق مجملة على هذا النحو بان يذكر خطر الشرك ومناقضة الشرك لشهادتها ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وذكر الخوف من الشرك وانه اعظم ما يخاف منه ومصير المشركين في الدنيا وفي الاخرة ونحو ذلك مما ينفر من الشرك ويخيف منه ثم يذكر معنى الشرك وانواع الشرك تعريف الشرك الاكبر الشرك الاصغر الشرك الخفي بيان ما يتصل بذلك من اثار في الدنيا وفي الاخرة فهذان طريقان مجملان قد يحتاج الى الاجمال طالب العلم في بعض المواضع فالداعية الى الله جل وعلا قد يجمل وقد يطنب وقد يفصل والقرآن فيه ايات فيها الاجمال وثمن ايات فيها التفصيل والحجاج مع المشركين وبيان ما فيه ما فيه التوحيد من ما قال في المشركين والرد على ذلك وبيان ما في الشرك من مقالة المشركين والرد على ذلك ونحو هذه المسائل لهذا فان الداعية الى الله جل وعلا اذا دعا مجملا فانه يتبع طريقة القرآن في الاجماع لكن لا يتميز اهل التوحيد الا بانهم لا يدعون مجملا دائما بل اذا اقتضاه المقال ولكنهم يدعون مجملا ومفصلا فيذكرون الاجمال في موضعه ويذكرون التفاصيل في موضعها ليذكرون معنى التوحيد وانواع التوحيد وصور توحيد الربوبية وصور توحيد الالهية وضد ذلك ويبينون معتقده في السنة والجماعة في الاسماء والصفات والرد على المخالفين الى غير ذلك من المسائل. فاذا الدعاة الى الله جل وعلا على منهج السلف الصالح اعظم ما يتقربون الى الله جل وعلا به ان يبينوا ما انزل الله جل وعلا على نبيه عليه الصلاة والسلام ولا يترك من ذلك شيئا واعظم ذلك الحقيق بان يؤكد عليه لاجل الا يرفع من الناس والا ينساه الناس فيقع فيه مخالفته الا وهو البيان تفصيلي للتوحيد والبيان التفصيلي للشرك وانواعه ما يتعلق بذلك مع العناية بالاستدلال من الكتاب والسنة واجماع الامة في المسائل التي يعرض لها طالب العلم ولا شك ان هذا اذا سلكه الداعي الى الله جل وعلا فانه سيجد في قلبه انشراحا ونورا وسيجد سرورا وحبورا لانه فينفتح له من انواع معرفة الله جل وعلا ومعرفة اسمائه وصفاته والعلم بانواع توحيده والخوف من ظد ذلك ما لا ينفتح لغيره لان المجاهد يهديه الله جل وعلا سبله والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين وللعلم زكاة لا بد من بذلها للعلم جهاد من انواع الجهاد ان يجاهد بالعلم فاذا لم يمكن الجهاد بالسنان فان المجاهد بالعلم مجاهد المجاهر ببيان القرآن والسنة وحق الله جل وعلا لا شك انه داخل في نوع من افضل انواع الجهاد وذلك لقول الله جل وعلا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا يعني جاهدهم بالقرآن جهادا كبيرا وكذلك المنافقون فانهم يجاهدون بالعلم النافع كما قال جل وعلا يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومعلوم ان المنافق في دار الاسلام مؤمن كما امن النبي عليه الصلاة والسلام بما واموال بما هو اموال المنافقين فلم يستبحهم لما قيل له في قتل بعضهم قال لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه ومع ذلك يجاهدون بالعلم والدعوة والامر المعروف والنهي عن المنكر فلا شك اننا نشر العلم والحق والهدى والدعوة الى ذلك بالبيان انه نوع من الجهاد وهو من علامات الطائفة المنصورة التي نصرها الله جل وعلا باول هذه الامة وفي اخرها فلا تزال منصورة ظاهرة كما ثبت في الصحيح انه عليه الصلاة والسلام قال لا تزال طائفة من امتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من ولا من خالفهم حتى يأتي امر الله وهم على ذلك فظهور الطائفة المنصورة والفرقة الناجية ظهورهم في كل زمان وفي كل وقت وفي كل بلد ظهورهم بالحجة والبيان. ظهورهم بالقرآن لان القرآن يعلو ولا يعلى عليه. فمن كانت معه حجة القرآن فهو الظاهر وهو الغالب لان حجة القرآن هي الحجة الماضية. ولان برهان القرآن والسنة انه هو البرهان الماظي الذي هو الحق ويوافق ما خلق الله جل وعلا في سماواته وفي ارضه من الحق فهو الحق الذي يوافق كل حق ولهذا فان الطائفة هذه لا تزال تجاهد ظاهرة على الحق يعني قائلة بالحق ومعها الحق تبين ذلك. وقد يكون في بعض الازمنة ان تظهر بالنوع الثاني من الظهور وهو ظهور السنان وظهور السلاح وظهور الجهاد البدني فهذا قد لا يكون دائما. فالنبي عليه الصلاة والسلام واصحابه لما كانوا في مكة كانوا ظاهرين على غيرهم والله جل وعلا جعل لهم العزة وان كان المشركون لهم الغلبة لان هؤلاء اعني النبي عليه الصلاة والسلام ومن معه كانوا على الحق وكانوا ظاهرين بما معهم من الحجة والبيان ثم جاهدوا لما اذن الله جل وعلا لهم وكانت عندهم القدرة على ذلك والمصلحة في ذلك راجحة جاهدوا واذن الله جل وعلا لهم فاجتمع لهم نوع الظهور ظهور السنان وظهور البيان واللسان والامة لا تزال ظاهرة باللسان والبيان لا تزال طائفة منها ظاهرة باللسان والبيان معها حجة الله ومعها قول الله جل وعلا وقول المبلغ عن الله دينه رسولا رسول وقول المبلغ عن الله دينه رسوله محمد عليه الصلاة والسلام. لهذا فان معرفة هذه المسائل يشرح الصدر ويجعل المرء يبذل لدين الله ويبلغ ويعلم ويدعو وهو يشعر انه بحجته وان كان وحده فهو طاهر على الحق وظاهر بالحق وانه ليس وحيدا ولو كان واحدا لهذا قال تعالى في وصف إبراهيم الخليل عليه السلام ان إبراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين قال امام الدعوة امام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في بيان تفسير هذه الاية قال ان ابراهيم كان امة لان لا يستوحش سالك الطريق يعني طريق التوحيد من قلة السالكين قانتا لله لا للملوك ولا للتجار المترفين حنيفا مائلا عن طريق الشرك ولم يك من المشركين خلافا لمن كثر سوادهم وزعم انه من المسلمين ولهذا يعلم العبد انه وان كان في نوع او من الزمان او في بعض الارض وان كان واحدا فانه اذا كان على نهج الانبياء والمرسلين فانه هو الحق وهو الجماعة وهو الذي سلك الصراط المرظي لان الذي قبله على ذلك كثير وابراهيم عليه السلام كان امة ومحمد عليه الصلاة والسلام كان امه لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين اسأل الله جل وعلا ان يجعلني واياكم من المجاهدين في سبيله الداعين اليه على بصيرة وان يجنبنا الضلال والردى ونعوذ به جل جلاله ان نذل او نذل او نضل او نضل او نجهل او يجهل علينا او نظلم او نظلم اللهم فاعذنا انك سميع قريب