فان الايمان عند اهل السنة والجماعة هو قول اللسان واعتقاد الجنان والعمل بالجوارح والاركان يزيد الرحمن وينقص بطاعة الشيطان. هذا الاصطلاح. ونقول في الاصطلاح لانهم خالفوا اذ وضعوا هذا التعريف للايمان خالفوا اهل الفرط الذين بكل طائفة منهم مخالفة في بعض ذلك فمنهم من اكتفى بالقول ومنهم من اكتفى بالاعتقاد منهم ومنهم الى اخر ذلك. اما في اللغة فالايمان هو التدقيق الجازم الذي لا ريب فيه. فالايمان ليس هو التصديق كما يقوله كثيرون ممن لم يفهموا اللغة وانما الايمان تصديق جازم لا ريب فيه اذا كان التصديق جازما لا تردد فيه صار ايمانا. قال جل وعلا وما انت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين. فجمع اولئك في قولهم بين نفي ايمان لهم وانهم صادقون. يعني انهم لن يصلوا من ابيهم بان لا يكون في قلبه ريب. ولا تردد في بيتهم فلن يصل الى الايمان ولو صدقهم ظاهرا فهو في ريب وشك من امرهم باطنة. ولهذا قال بل سولت لكم انفسكم امرا. والتصديق ايضا في اللغة اما ان يكون تصديقا لخبر واما ان يكون تصديقا لانشاء. والانشاء هو الامر والنهي. فتطبيق الاخبار باعتقادها وتصديق الاوامر والنواهي بامتثال الامر وبالابتعاد عن النهي قال جل وعلا في سورة الصافات لما ذكر قصة ابراهيم وانه رأى الرؤيا ذبح ولده وقال لولده يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك. انظر ماذا ترى. ورؤيا الانبياء حق والذبح هنا امر. صار امتثال الامر بالفعل هو حتى في اللغة وفي الشرع ايضا. ولهذا قال جل وعلا بعدها فلما اسلم وتله للجبين. وناديناه ان يا ابراهيم عدو صدقت الرؤيا فلم يسمه مصدقا بالرؤيا الا لما اسلم جميعا وسل ابراهيم ابنه فلما ابتدأ بالفعل صار مصدقا للرؤيا لان الرؤيا فيها امتثال لامر ذلك هو ذبح الولد من في اللغة هو التطبيق الجازم الذي لا ريب فيه. وفي القرآن يأتي الايمان تارة معدا بالباء. وتارة معدا بالله وعذاب الباء كقول الله جل وعلا امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون. امن بي. هذا تعدية بالباب. قولوا امين ان بالله امنوا بما نزلت مصدقا. والايات في هذا كثيرة. وتارة يعد الايمان باللام. كقوله جل وعلا وما انت في مؤمن لنا ولو كنا صادقين. وكقوله فامن له لوط. قال العلماء الفرق بين هذا ان الغالب فيما عدي باللام ان يكون هو المعنى اللغوي وهو التصديق الذي لا ريب فيه ولا واما اذا عدي بالباء فيراد به المعنى الشرعي وهو ما يكون قولا وعملا واعتقادا. اذا تبين ذلك فالايمان قول وعمل. قول القلب وهو اعتقاده. وقول اللسان وهو شهادته بان لا اله الا الله. وما يجب عليه ان يشهد به بلسانه. والعمل عمل الجوارح وعمل القلب من انواع اعمال القلوب. ولهذا قال كثير من اهل العلم ايمان قول وعمل. وقالت طائفة الايمان قول وعمل واعتقاد. وهذا وهذا لانه بالتفصيل يكون يكون الايمان قولا وعملا واعتقادا. وبالاجمال يكون قولا وعملا. والقول والعمل يرجع كل واحد منهما الى القلب والى غيره اما اللسان في القول او العمل او الجوارح في العمل