بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله ان الله واحد لا شريك له ولا شيء مثله ولا شيء يعجزه ولا اله غيره قديم بلا ابتداء دائم بلا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اللهم انا نسألك علما نافعا وعملا صالحا وقلبا خاشعا ودعاء مسموعا. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا من العلم والعمل يا ارحم الراحمين اما بعد فهذه الجمل الثلاث وهي قوله ولا شيء مثله ولا شيء يعجزه ولا اله غيره تفصيل لما يعتقده في توحيد الله جل وعلا والتوحيد كما ذكرنا منقسم الى الاقسام الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات وتوحيد الالهية. فذكر هذه الاقسام الثلاث في قوله ولا شيء ولا شيء يعجزه ولا اله غيره. فقوله ولا شيء مثله راجع الى توحيد الاسماء والصفات والافعال وقوله ولا شيء يعجزه راجع او مثبت لتوحيد الربوبية وقوله ولا اله غيره مثبت لتوحيد العبادة والالوهية. وقدم رحمه الله ما يدل على توحيد الاسماء والصفات بعد ذكر توحيد الالهية في قوله ان الله واحد لا شريك له بان النزاع كائن في توحيد الالهية وفي توحيد الاسماء والصفات فمع اهل الشرك النزاع في توحيد الالهية وهو الذي كان النزاع فيه ما بين الرسل وبين اقوامهم ولهذا قدم ما يعتقده بقوله ان الله واحد لا شريك له. لان هذا هو حقيقة النزاع بين الرسل وبين اقوامهم. ثم قال ولا شيء مثله لان هذا هو حقيقة النزاع ما بين اهل السنة والجماعة وما بين مخالفيهم من المبتدعة على اصنافهم من المجسمة والمعطلة والنفات واشباه هؤلاء. وايضا قرن بينهما لان البدع بريد الشرك. فان ترك تنزيل فيه الله جل وعلا عن مماثلة المخلوقين يؤدي الى الشرك به جل وعلا. ولهذا قال من قال من السلف المعطل يعبد عدم والممثل يعبد صنما فالتمثيل ثم اقتران بينه وبين الشرك لان الممثل اتخذ صورة جعلها على صفات معينة فصارت صنما له كما ان المشركين عبدوا الاصنام واتخذوها الهة واما قوله ولا شيء يعجزه فهو توحيد الربوبية كما سيأتي بيان ذلك مفصلا اذا فترتيب المصنف الطحاوي رحمه الله بهذه الجمل الاربع ترتيب مناسب وهو متنقل بفهم في امور الاعتقاد وموقف اهل السنة واهل الاسلام من مخالفيهم والجملة الاولى في هذا اليوم هي قوله ولا شيء مثله. والكلام عليها يكون في مسائل. المسألة الاولى ان قوله ولا شيء مثله مأخوذ من قول الله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. ومن قوله جل وعلا ولم يكن له كفوا احد ومن قوله جل وعلا هل تعلم له سميا؟ ومن قوله سبحانه فلا تضربوا لله الامثال ان الله يعلم وانتم لا تعلمون. واشباه هذه الادلة التي تدل على ان الله سبحانه لا يماثله شيء من مخلوقاته والمسألة الثانية ان قوله لا شيء مثله راجع لنفي المماثلة وهذا هو الذي جاء في الكتاب والسنة ان ينفع عن الله جل وعلا ان يماثل احدا او شيئا من خلقه وكذلك ينفى عن المخلوق ليكون مماثلا لله جل وعلا واذا كان كذلك فالمماثلة او التمثيل او المثلية تعرف بانها المساواة في الكيف والوصف مساواة في الكيفية راجعة الى ان يكون اتصافه بالصفة من جهة الكيفية مماثل لاتصاف المخلوق كقولهم يد يد الله كايدينا وسمعه كاسماعنا واشبه ذلك واما المماثلة في الصفات فهي ان يكون معنى الصفة بكماله التام في الخالق كما هو في المخلوق اذا تقرر ذلك فان اعتقاد المماثلة بالكيفية او في الصفات على النحو الذي ذكرت هذا تمثيل يكفر صاحبه ولهذا كفر اهل السنة النصارى وكفر اهل السنة المجسمة لان النصارى شبهوا المخلوق بالخالق وشبهوا عيسى بالله جل وعلا والمجسمة شبه الله جل وعلا ومثلوه بخلقه المسألة الثالثة الفرق ما بين المماثلة والمثلية وبين التشبيه. ولتقرير ذلك تنتبه الى ان الذي جاء نفيه فيه الكتاب والسنة انما هو نفي المماثلة اما نفي المشابهة مشابهة الله لخلقه فانها لم تنفى في الكتاب والسنة لان المشابهة تحتمل ان تكون مشابهة تامة ويحتمل ان تكون مشابهة ناقصة فاذا كان المراد المشابهة التامة فان هذه المشابهة هي التمثيل وهي المماثلة ذلك منفي لقوله تعالى ليس كمثله شيء فاذا لفظ المشابهة ينقسم الى موافق للمماثلة الشبيه موافق للمثيل وللمثل والى غير موافق يعني قد يشترك معنا الشبيه والمثيل ويكون المعنى واحدا اذا اريد بالمشابهة المشابهة التامة بالكيفية وفي تمام معنى الصفة في الكيفية وفي تمام معنى الصفة واما اذا كان المراد بالمشابهة المشابهة الناقصة وهي الاشتراك باصل معنى الاتصاف فان هذا ليس هو التمثيل المنفي فلا ينفى هذا المعنى الثاني وهو ان يكون ثمة مشابهة بمعنى ان يكون ثم اشتراك في اصل المعنى واذا كان كذلك فان لفظ الشبيه والمثيل بينهما فرق كما قررت لك لفظ المشابهة لفظ مجمل لا ينفى ولا يثبت واهل السنة والجماعة اذا قالوا ان الله جل وعلا لا يماثله شيء ولا يشابهه شيء يعنون بالمشابهة المماثلة اما المشابهة التي هي الاشتراك في المعنى فنعلم قطعا ان الله جل وعلا لم ينفها لانه سبحانه سمى نفسه بالملك و سمى بعض خلقه بالملك ملك يوم الدين الملك الحق وسمى بعض خلقه بالملك وقال الملك واشباه ذلك من الايات وكذلك سمى نفسه بالعزيز وسمى بعض خلقه بالعزيز وكذلك جعل نفسه سبحانه سميعا واخبرنا بصفة السمع له والبصر والقوة والقدرة والكلام والاستواء والرحمة والغضب والرضا مع ذلك واثبت هذه الاشياء للمخلوق للانسان فيما يناسبه منها. فدل على ان الاشتراك في اللفظ وفي بعض المعنى ليس هو التمثيل الممتنع لان كلام الله جل وعلا حق وبعضه يفسر بعضا. فنفى المماثلة سبحانه بقوله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. واثبت اشتراكا في الصفة واذا قلت اشتراكا ليس معنى ذلك انها من الاسماء المشتركة في الصفات ولكن اثبت اشتراكا في الوصف يعني شركة فيه فان الانسان له ملك والله جل وعلا له الملك والانسان له سمع والله جل وعلا له سمع والانسان له بصر والله جل وعلا له بصر وهذا الاثبات فيه قدر من المشابهة لكنها مشابهة في اصل المعنى وليست مشابهة في تمام المعنى ولا في الكيفية فتحصل من ذلك ان المشابهة ثلاثة اقسام الاولى مشابهة في الكيفية وهذا ممتنع والثاني مشابهة في تمام الاتصاف ودلالة الالفاظ على المعنى بكمالها وهذا ممتنع والثالث مشابهة بمعنى الصفة مشابهة في معنى الصفة في اصل المعنى وهو مطلق المعنى وهذا ليس بمنفي. ولهذا صار لفظ التمثيل ونفي التمثيل ونفي المثلية صار شرعيا. لانه واضح دلالته غير مجملة واما لفظ المشابهة فان دلالته مجملة فلم يأتي نفيه. ونحن نقول ان الله جل وعلا لا شيء ولا يشابهه شيء سبحانه وتعالى ونعني بقولنا لا يشابهه شيء معنى المماثلة في الكيفية او المماثلة في تمام الاتصاف بالصفة وتمام دلالة اللفظ على كمال معنى. المسألة الرابعة على قوله ولا شيء مثله ان اثبات الصفات لله جل وعلا قاعدته مأخوذة من هذه الجملة ولا شيء مثله فاثبات الصفات مأخوذ من قوله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فنفى سبحانه وتعالى واثبت وعند اهل السنة والجماعة ان النفي يكون مجملا لا شيء مثله. ليس كمثله شيء. وان الاثبات يكون مفصلا وهو السميع البصير وهذا بخلاف طريقة اهل البدع فانهم يجعلون الاثبات مجملا والنفي مفصلا. فيقولون في صفة الله جل وعلا ان الله ليس بجسم ولا بشبح ولا بصورة ولا لاعضاء ولا بذي جوارح ولا فوق ولا تحت ولا عن يمين ولا عن شمال ولا قدام ولا خلف وليس بذي دم ولا هو وخارج ولا داخل الى اخر تصنيفهم للمنفيات واذا اتى الاثبات انما اثبتوا مجملا فصار نفيهم واثباتهم على خلاف ما دلت عليه الاية ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فطريقة اهل السنة ان النفي يكون مفصلا ان النفي يكون مجملا وان الاثبات يكون مفصلا على قوله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير والنفي المجمل فيه مدح والاثبات المفصل فيه مدح والنفي المجمل والاثبات المفصل من فروع معنى استحقاق الله جل وعلا للحمد والله سبحانه اثبت انه محمود ومسبح في سماواته وفي ارضه جل وعلا. كما قال سبحانه وان من شيء الا يسبح بحمده. ولكن لا تفقهون تسبيح وكقوله وله الحمد في السماوات والارض. وكقوله فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون يسبح لله ما في السماوات وما في الارض ونحو ذلك والجمع بين التسبيح والحمد وجمع بين النفي والاثبات لان التسبيح نفي النقائص عن الله فجاء مجملا والحمد اثبات الكمالات لله جل وعلا. فجاء مفصلة فاثبات الكمالات من فروع حمده سبحانه وتعالى ولهذا صار محمودا جل وعلا على كل اسمائه وصفاته وعلى جميع ما يستحقه سبحانه على افعاله جل وعلا وتنزيهه سبحانه بنفي تنزيهه سبحانه بالنفي يعني بالتسبيح ان يكون ثم مماثل له سبحانه وتعالى. فمعنى سبحان الله تنزيها لله جل وعلا عن ان يماثله شيء او عن النقائص جميعا. والحمد اثبات الكمالات بالتفصيل فاذا من نفى مجملا واثبت مفصلا فانه وافق مقتضى التسبيح والحمد الذي قامت عليه السماوات والارض ومن نفع مفصلا واثبت مجملا فقد نافى طريقة الحمد والتسبيح. الذي في السماوات والذي قامت عليه السماوات العرب بهذا صارت طريقة القرآن ان يكون النفي مجملا والاثبات ان يكون النفي مجملا والاثبات مفصلا. وطريقة اهل البدع بعكس ذلك المسألة الخامسة ان قوله تعالى ليس كمثله شيء الذي هو دليل ولا شيء مثله قد اختلف فيه المفسرون في معنى الكاف في قوله ليس كمثله شيء والكاف هنا على اي شيء تدل على اقوال الاول منها ان الكاف هذه بمعنى مثل فيكون معنى قوله ليس كمثله شيء ليس مثله شيء. مبالغة في النفي عن مثل المثل فكيف يوجد المثل فنفيه من باب اولى ومجيء الكاف بمعنى الاسم هذا موجود في القرآن وكذلك في لغة العرب. فاما مجيئه في القرآن مجيء الكاف بمعنى الاسم وهي حرف كما في قوله جل وعلا ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة فقوله او اشد قسوة عطف الاسم على الكاف التي هي في قوله كالحجارة فهي كالحجارة او اشد ومعلوم ان الاسم انما يعتق على الاسم فقوله فهي كالحجارة يعني فهي مثل الحجارة او اشد قسوة من الحجاب ومجيئه في اللغة ايضا ظاهر ومحفوظ كقول الشاعر لو كان في قلبي كقدر قلامة حبا لغيرك ما اتتك رسائلي فقوله لو كان في قلبي كقدر قلامة هذا جعل شبه الجملة الجار والمجرور في قلبي مقدم وجعل الاسم كقدره لكون الكاف بمعنى مثل يعني لو كان في قلبي مثل قدر قلامة وهذا التوجيه الاول لطائفة من المفسرين في ان الكاف هنا بمعنى مثل على ما ذكرنا وهذا التوجيه لهم وجيه وظاهر في اللغة ومستقيم المعنى ايضا في الاية الثاني ان الكاف في قوله ليس كمثله شيء هذه صلة وهي التي تسمى عند النحويين زائدة وزيادتها ليس زيادة لللفظ وانما هو زيادة لها ليكون المعنى زائدا اليست زائدة بمعنى ان وجودها وعدم وجودها واحد حاشا وكلا ان يكون في القرآن شيء من ذلك وانما تزاد ليكون مبالغة في الدلالة على المعنى. فقوله ليس كمثله شيء تكون الكاف صلة والزيادة او مجيء الصلة في مقام تكرار الجملة تأكيدا كما حرره ابن جن النحو المعروف في كتابه الخصائص حيث قال ان الصلة والزيادة تكون في الجمل لتأكيدها فتكون في مقام تكريرها مرتين او اكثر او كما قال فيكون معنى قوله ليس كمثله شيء ليس مثله شيء ليس مثله شيء ليس مثله شيء وهو السميع البصير وهذا تفهمه العرب في كلامها. وجاءت الزيادة بالصلة في مواضع كثيرة من القرآن كقول الله جل وعلا فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله. فقوله فبما رحمة من الله يعني فبرحمة من الله لنت لهم ابرحمة من الله لنت لهم يعني ليس من جهتك وانما هو رحمة من الله سبحانه وتعالى. وكقوله جل وعلا فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم يعني فبنقضهم ميثاقهم لعناهم فبنقضهم ميثاقهم لعناه وكقوله لا اقسم بيوم القيامة في احد وجهي التفسير اذا تقرر لك ذلك الوجه الاولى من هذين التفسيرين هو الثاني من كون الكاف صلة زائدة في مقام تكرير الجملة يعني ان النفي اكد فتكون ابلغ من ان ينفى مثل المثل لانه قد يشكل في نفي مثل المثل ان يكون نفي المثلية الاولى ليس مستقيما دائما او ليس مفهوما دائما. اما الثاني فانه واضح من جهة العربية وواضح من جهة العقيدة. واضح من جهة دلالته على تأكيد النفي الذي جاء في الاية. هذا خلاصة الكلام على قوله ولا شيء مثله ثم قال رحمه الله تعالى ولا شيء يعجزه ومعنى ولا شيء يعجزه يعني انه سبحانه وتعالى لا شيء مما يصح ان يطلق عليه انه شيء يعجزه جل وعلا ويكرهه ويثقله ولا يكون قادرا عليه بل هو سبحانه الموصوف بكمال القدرة وكمال العلم وكمال الصفات وكمال القوة. فلذلك لا شيء يعجزه سبحانه وتعالى ولا شيء يعجزه فيها تقرير لتوحيد الربوبية كما ذكرنا انفا لان نفي العجز لاجل كمال القدرة كمال الغناء كمال قوته سبحانه وتعالى وهذا راجع الى افراد توحيد الربوبية وفي الكلام على قوله ولا شيء يعجزه مسائل. المسألة الاولى ان هذا منتزع من قول الله جل وعلا وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الارض انه كان عليما قديرا فنفى سبحانه ان يكون ثم شيء يعجزه في السماوات وكذلك في الارض وعلل ذلك بكونه عليما قديرا ونفي العدل في الاية جاء معللا بكمال علمه وقدرته وذلك لان العجز في الجملة اما ان يرجع الى عدم علم فلاجل عدم علمه بالامر عجز عنه واما ان يرجع بعدم القدرة فعلم ولكن لا يقدر على انفاذ ما علم او ما يريد واما ان يرجع اليهما معا. ولذلك لما قال وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الارض علله بقوله انه كان عليما قديرا. ومن المتقرب في علم الاصول في مسالك العلة من ابواب القياس ان التعليل في القرآن والسنة يستفاد من جهات. ومنها مجيء ان بعد الخبر او بعد الامر والنهي وهنا لما اخبر عن نفسه بعدم العجز وعلل ذلك بكونه سبحانه ليس بي بكونه سبحانه عليما قذرا علمنا ان سبب عدم العدل هو كمال علمه سبحانه وكمال قدرته المسألة الثانية ان هذه الجملة نأخذ منها قاعدة قعدها ائمة اهل السنة والجماعة وهي ان النفي اذا كان في الكتاب والسنة فانه لا يراد به حقيقة النفي وانما يراد به كمال ضده. يعني ان كل نفي نفي عن الله جل وعلا ان كل نفي مضيف لله جل وعلا فنفي عنه سبحانه ما لا يليق بجلاله بالقرآن او في السنة فان المقصود منه اثبات كمال الضد. لان النفي المحض ليس بكمال فقد ينفى عن الشيء الاتصاف بالصفة لانه ليس باهل الله فيقال فلان ليس بعالم لانه ليس اهلا لان يتصف بذلك يقال فلان ليس بظالم لانه ليس بقادر اصلا كما قال الشاعر في وصف قوم يذمهم قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل لانهم لا يستطيعون اصلا ان يظلموا او ان يعتدوا لعجزهم عن ذلك لان العرب كانت تفتخر بان بان من لم يظلم يظلم كقول الشاعر وهو زهير ومن لا يظلم الناس يظلم فتقرر ان النفي المحض ليس بكمال ولذلك نقرر القاعدة ان النفي في الكتاب والسنة انما هو لاثبات كمال الضد واخذنا ذلك من قوله جل وعلا في هذه الاية وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الارض انه كان عليما قديرا فصار النفي نفي العجز عنه سبحانه فيه اثبات كمال علمه وقدرته وهذا خذه مطردا في مثل قوله جل وعلا ولا يؤده حفظهما. وفي قوله جل وعلا في اول اية الكرسي لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال حياته وكمال قيوميته سبحانه ولا يؤده حفظهما فيه اثبات كمال قدرته جل وعلا وكمال قوته في قوله ولا يظلم ربك احدا بكمال عدله سبحانه وفي قوله ولم يكن له كفوا احد وذلك لكمال قصاته بصفاته بقوله لم يلد ولم يولد لكمال استغنائه سبحانه ففي كل نفي جاء في الكتاب والسنة تأخذ اثبات الصفة التي هي بضد ذلك النفي ولهذا تثبت بعض الصفات وتثبت بعض الاسماء عند طائفة من اهل العلم بالفاظ لم ترد صراحة واخذوها من النفي الذي جاء في الكتاب والسنة المسألة الثالثة ان قوله ولا شيء يعجزه كما ذكرت لك من افراد توحيد الربوبية والتمثيل عن العام ببعض افراده التوحيد صحيح لان دلالة الخاص على العام مؤكدة واضحة لا يمكن ان تخرج دلالة الخاص عن الامر الكلي العام ولهذا يجيء الاثبات مفصلا كما ذكرنا لاجل ان الاثبات العام لله جل وعلا في جميع الصفات حق فيثبت في كل موضع بحسبه فمن مثل في موضع في بعض افراد الربوبية فان تمثيله لذلك حق وان لم يمثل بجميع افراد الربوبية بخلاف الاسمى والصفات فان الاسماء والصفات تمثل عليها بانواعها اهل السنة اذا ذكروا الاسماء والصفات تمثيلا في هذه في هذا المقام فانهم يذكرون تلك الاسماء والصفات والافعال التي تدل على انواع الصفات ليذكرون مثالا للصفات الذاتية ومثالا للصفات الاختيارية ومثالا للصفات الفعلية حتى يكون ذلك عاما لاجل الا يشترك اهل السنة مع اهل البدع في التعبير فاذا اتى مثلا في اثبات الصفات لا يقولون اننا نثبت صفات الرب جل وعلا كالحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر والارادة والكلام ويسكتون لان هذه السبع هي التي اثبتها الكلابية والاشاعرة وطائفة ولا يقولون نثبت الحياة والكلام بالله والسمع والبصر ويسكتون. ولكن هذا وهذا فاذا ذكروا هذه السبع يقولون ايضا معها فهو سبحانه سميع بصير او موصوف بالسمع والبصر والقدرة والكلام والارادة والحياة والاستواء والنزول والرحمة والغضب والرضا فيجمعون والوجه واليدان الى اخره فيجمعون في ذكر الصفات ما جرى عليه الاتفاق وما لم يجري عليه الاتفاق يعني بينهم وبين اهل البدع تمييزا لقول اهل السنة عن غيرهم واما في الربوبية لاجل انه لم يجري فيها الخلاف فانه يسوغ ان يمثل لها ببعض افرادها المسألة الرابعة على قوله ولا شيء يعجزه ان العجز هنا كما في الاية جاء نفيه متعلقا بالاشياء ودلالة الاية على النفي ابلغ واعظم من قول المصنف ولا شيء يعجزه لانه جاء في الاية زيادة من التي تنقل العموم من ظهوره الى النصية فيه فقال سبحانه وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الارض. فقوله وما كان الله ليعجزه من شيء لو قال وما كان الله ليعجزه شيء لصح النفي وصار ظاهرا في العموم وعما لما قال من شيء جاءت زيادة من هذه لتنقل العموم المستفاد من مجيء النكرة في سياق النفي من ظهوره الى النصية فيه ومعنى الظهور في العموم انه قد يتخلف بعض الافراد على سبيل الندرة واما النصية في العموم فانه لا يتخلف عن العموم شيء فلما نفى بمجيء النكرة في سياق النفي وجاء بزيادة من التي دلت على انتقال هذا هذه النكرة المنفية من ظهورها في العموم الى كونها نصا صريحا في العموم اذا تقرر هذا فالمنفي ان يعجزه سبحانه وتعالى هو الاشياء والاشياء جمع شيء والشيء الذي جاء في الاية وما كان الله ليعجزه من شيء وفي قوله هنا ولا شيء يعجزه وكذلك في قوله قبل ولا شيء مثله تعريف شيء عندنا انه ما يصح ان يعلم او يؤول الى العلم سواء كان من الاعيان والذوات او كان من الصفات والاحوال فكلمة شيء النصوص تفسر عند المحققين من اهل السنة بانها ما يصح ان يعلم او يؤول الى العلم قولنا يصح ان يعلم مما هو موجود امامك او يؤول الى العلم لعدم وجوده ذاتا ولكنه موجود في القدر كقول الله جل وعلا هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكون شيئا مذكورا فقد كان شيئا لكن لا يذكره الناس لانهم لم يروه ولكنه شيء يعلم وسيؤول الى العلم يعلم في حق الله جل وعلا وسيؤول الى العلم في حق المخلوق والذكر ولهذا في قوله ولا شيء يعجزه وقوله وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الارض راجع هنا الى ما هو موجود والى ما ليس بموجود من الذوات والصفات احوال لانها جميعا اما ان تكون معلومة او تكون هائلة الى العلم قال بعدها رحمه الله ولا اله غيره فقوله ولا اله غيره هذا منتزع من قول الله جل وعلا اعبدوا الله ما لكم من اله غيره هذه جاءت بها الرسل جميعا جابها نوح وجاء بها هود وجاء بها صالح وجاءت بها الانبياء والرسل جميعا وهذا في المعنى كقوله جل وعلا كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير الا تعبدوا الا الله وكقوله جل وعلا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وكقوله جل وعلا وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون وفي قوله ولا اله غيره مسائل الاولى ان هذه الكلمة هي معنى كلمة او هي مطابقة لكلمة التوحيد لا اله الا الله وكلمة التوحيد لا اله الا الله معناها لا اله غيره والاله في كلمة التوحيد وفي قولك لا اله غيره هذا دخل عليه النفي فالمنفي جنس الالهة التي تستحق العبادة. والله جل وعلا ليس داخلا في هذا النفي كما سيأتي بيانه في اعراب كلمة التوحيد وكلمة الا الله موافقة لغيره لان الغيرية ربما كانت غيرية في الذوات كقولك خرج او كقولك ما دخل رجل غير زيد فهنا ذات الرجال غير ذات زيد او في الصفات كقولهم جاءكم بوجه غير الذي ذهب به الوجه من حيث هو واحد لكن من حيث الصفة اختلف فاذا الغيرية قد ترجع الى غيرية الذات وقد ترجع الى غيرية الصفات وفي النفي لا اله الا الله هنا الاله المنفي هو جنس الالهة التي تستحق العبادة والا الله ليس هذا مخرجا من الالهة لانه لم يدخل اصلا فيها حتى يخرج منها لان النفي راجع الى الالهة الباطلة المسألة الثانية ان قوله لا اله غيره مشتمل على كلمة اله وكلمة الاله هذه اختلف الناس في تفسيرها التفسير الاول لها ان الاله هو الرب وهو القادر على الاختراع او هو المستغني عما سواه المفتقر اليه كل ما عداه. وهذا قول اهل الكلام بان الاله هو الرب. يعني هو الذي يقدر على الخلق والاختراع والابداع وهو الذي يستغني عما سواه وكل شيء يفتقر اليه. كما ذكرنا لكم مرارا عبارة صاحب السنوسية وعبارة او عبارة اهل الكلام في ذلك. وهذا التفسير في كون الاله هو القادر على الاختراع وهو الرب لاهل الكلام من اجله صار الافتراق العظيم في فهم معنى كلمة التوحيد وتوحيد العبادة وفي فهم الصفات وفي تحديد اول واجب على العباد والتفسير الثاني وان الاله اله فعال بمعنى مفعول يعني مألوء. سمي الها لانه مألوه. والمألوه مفعول من المصدر وهو الاله والالهة مصدر الا هيأ له الهة والوهة اذا عبد مع الحب والذل والرضا فاذا صارت كلمة الاله هي المعبود. والاله والالوهية هي العبودية اذا كانت مع المحبة والرضا فصار معنى الاله اذا هو الذي يعبد مع المحبة والرضا والذل وهذا التفسير هو الذي تقتضيه اللغة وذلك لان كلمة الى هذه لها اشتقاقها الراجع الى الفعل او الراجع الى المصدر الها الذي جاء في في قراءة ابن عباس في سورة الاعراف ويذرك والهتك. يعني ويذرك وعبادتك. واما مجيئها اللغة فهو كقول الشاعر كما ذكرنا لكم مرارا لله در الغانيات المدهي سبحن واسترجعن من تأله يعني من عبادته الاله هو المعبود ولا يصح ان يفسر الاله بمعنى الرب مطلقا لان الخصومة وقعت بين الانبياء اقوامهم بين المرسلين واقوامهم في العبودية لا في الربوبية فالمشركون اثبتوا الهة وعبدوهم كما قال جل وعلا واتخذوا من دونه واتخذوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضده وكقوله اجعل الالهة الها واحدا؟ يعني اجعل المعبودات معبودا واحدة وهذا يدلك على ان هذا النفي في قوله ولا اله غيره راجع الى نفي العبادة وهذا القول هو قول اهل السنة وقول اهل اللغة وقول اهل العلم من غير اهل البدع جميعا وهو المنعقد عليه الاجماع قبل خروج اهل البدع في تفسير معنى الاله وهذا هو معنى كلمة التوحيد لا اله الا الله. يعني لا معبود بحق الا الله جل جلاله المسألة الثالثة راجعة الى كلمة التوحيد لا اله الا الله ما معناها معناها لا معبود حق الا الله جل وعلا وكما هو معلوم الخبر في قوله لا خبر لا النافية للجنس محذور لا اله ثم قال الا الله وحذف الخبر خبر لا النافية للجنس شائع كثير في لغة العرب كقول النبي صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا خطيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول. الخبر كله محذوف. وخبر لا نافية للجنس يحذف كثيرا وبشيوع اذا كان معلوما لدى السامع كما قال ابن مالك في الالفية في البيت المشهور وشاع في ذا الباب يعني باب لا النافية للجنس وشاع في ذا الباب اسقاط الخبر اذا المراد مع سقوط ظهر فاذا ظهر المراد مع السقوط جاز الاسقاط وسبب الاسقاط قاط كلمة حق لا اله حق الا الله. ان المشركين لم ينازعوا في وجود اله مع الله جل وعلا وانما نازعوا في احقية الله جل وعلا بالعبادة دون غيره وان غيره لا يستحق العبادة النزاع لما كان في الثاني دون الاول يعني لما كان في الاستحقاق دون الوجود جاء هذا النفي بحذف الخبر لان المراد مع سقوطه ظاهر وهو نفي الاحقية. كما قال تعالى ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل وفي الاية الاخرى قال جل وعلا ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه الباطل فلما قال سبحانه ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل قرن بين احقية الله للعبادة بطلان عبادة ما سواه دل على ان المراد في كلمة التوحيد لا اله الا الله هو نفي استحقاق العبادة بشيء لاحد غير الله جل وعلا. فاذا صار تقدير الخبر بكلمة حق صوابا من جهتين الجهة الاولى ان النزاع بين المشركين وبين الرسل كان في استحقاق العبادة لهذه الالهة ولم يكن في وجود الالة والثاني ان الاية بل الايات دلت على ان بطلان عبادة غير الله وعلى احقية الله جل وعلا بالعبادة دون ما سواه اذا تقرر ذلك كما ذكرت لك الخبر مقدر بكلمة حق لا اله حق ولا نافية للجنس فنفت جنس استحقاق الالهة للعبادة. نفت جنس المعبودات الحقة فلا يوجد على الارض ولا في السماء معبود عبده المشركون حق. ولكن المعبود الحق هو الله جل وعلا وحده وهو الذي عبده اهل التوحيد وتقدير الخبر بحق كما ذكرنا لك هو المتعين خلافا لما عليه اهل الكلام المذموم حيث قدروا الخبر بموجود او في شبه بقولهم في الوجود لا اله في الوجود او لا اله موجود. وهذا منهم ليس من جهة الغلط النحوي ولكن من جهة عدم فهمهم لمعنى الاله لانهم فهموا من معنى الاله الرب فنفوا وجود رب مع الله جل وعلا. وجعلوا اية الانبياء دليلا على ذلك وهي قوله جل وعلا لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا. وكقوله في اية الاسراء قل لو كان معه الهة كما يقولون اذا لابتغوا الى ذي العرش سبيلا. ففسروا اية الانبياء واية الاسراء برباب الرب ولكن هي في الالهة كما هو ظاهر لفظها اذا تقرر ذلك فنقول ان عبادة غير الله جل وعلا انما هي بالبغي والظلم والعدوان والتعدي لا بالاحقية. المسألة الرابعة هي اعراب كلمة التوحيد لا اله الا الله. ان لا نافية للجنس واله هو اسمها مبني على الفتح ولا النافية للجنس مع اسمها في محل رفع مبتدأ وحق هو الخبر وحق المحذوف هو خبر والعامل فيه والابتداء او العامل فيه لا النافية للجنس على الاختلاف بين النحويين في العمل. والا الله الا استثناء الا اداة استثناء والله مرفوع وهو بدل من الخبر لا من المبتدع لانه لم يدخل في الالهة حتى يخرج منها لان المنفي هي الالهة الباطلة فلا يدخل فيها كما يقوله من لم يفهم حتى يكون بدلا من اسم لا النافية للجنس بل هو بدل من الخبر وكون الخبر مرفوعا والاسم هذا مرفوعا يبين ذلك لان التابع مع المتبوع فالاعرابي والنفي والاثبات واحد وهنا تنتبه وهنا تنتبه الى ان الخبر لما قدر بحق صار المثبت هو استحقاق الله جل وعلا للعباد ومعلوم ان الاثبات بعد النفي اعظم دلالة في الاثبات من اثبات مجرد بلا نفي. ولهذا صار قوله لا اله الا الله وقول لا اله غير الله هذا ابلغ في الاثبات من قول الله اله واحد. لان هذا قد ينفي التقسيم ولكن لا ينفي استحقاق غيره للعبادة ولهذا صار قوله جل وعلا لا اله الا هو الرحمن الرحيم وقول قائل لا اله الا الله بل قوله تعالى انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون جمعت بين النفي اثبات وهذا يسمى الحصر والقصر وفي الاية حصر وقصر. وبعض اهل العلم يعبر عنها بالاستثناء المفرغ وهذا ليس بجيد بل الصواب فيها ان يقال هذا حصر وقصر. فجاءت لا نافية وجاءت الا مثبتة ليكون تم حصر وقصر في استحقاق العبادة لله جل وعلا حصر وقصر لاستحقاق العبادة لله جل وعلا دون غيره. وهذا عند علماء المعاني في البلاغة يفيد الحصر والقصر والتخصيص يعني انه فيه لا في غيره وهذا اعظم دلالة فيما اشتمل عليه النفي والاثبات. ومعنى كلمة التوحيد وتفصيل الكلام عليها ترجعون اليه في موضعه من كلام ائمة الدعوة رحمهم الله تعالى المسألة الاخيرة على قوله ولا اله غيره ان هذا هذه الكلمة فيها اثبات توحيد العبادة لله جل وعلا كما ذكرنا وتوحيد العبادة لله جل وعلا لا يستقيم الا بشيئين كما ذكرنا بنفي وباتبات. فالنفي وحده لا يكون به المرء موحدا والاثبات وحده لا يكون به المرء موحدا حتى يجمع ما بين النفي والاثبات نفي استحقاق العبادة لاحد من هذه الالهة الباطلة واثبات استحقاق العبادة الحقة لله جل وعلا وحده دون ما سواه. وهذا هو معنى الايمان بالله والكفر بالطاغوت. فلا يستقيم توحيد احد حتى يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله. ومن كان ايمانه بالله صحيحا كان كفره بالطاغوت صحيحا. اذ ثم ملازمة ما بين هذا وهذا واثبات توحيد الالهية على هذا المعنى بين النفي والاثبات يتضمن اثبات توحيد الربوبية بان كل موحد لله في الالهية موحد لله جل وعلا في الربوبية وكذلك مستلزم لاثبات صفات الكمال لله جل وعلا لانه لا يعبد الا من كان متصفا بصفات الكمال هذا خلاصة ما يشتمل عليه قوله ولا اله غيره في هذا القدر كفاية واسأل الله جل وعلا لي ولكم النور في الدنيا وفي الاخرة والاهتداء التام والامن التام انه كريم جواد سميع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. نجيب على ثلاثة اسئلة فقط كلام على مسألة التشبيه من حيث الكيفية والمعنى والاصل ان توضح وتمثل هذه المسألة كما هو معلوم بسطها اهل السنة وخاصة شيخ الاسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من كتبه كذلك هو في شروح الواسطية المطولة تذكر هذه المسألة تشبيه من حيث الكيفية هو التمثيل كقول المجسمة ان الله جسم كاجسامنا ويده كايدينا وقدمه كاقدامنا واستواءه كاستوائنا في كيفية الاستواء مماثل لنا ومشابه لنا فهذا تشبيه من حيث الكيفية وتشبيه من حيث تمام المعنى بان يقول معنى استواء الله هو معنى استوائنا تماما المعنى في هذا هو هذا معنى سمع الله هو معنى سمعنا تمام لا فرق بين هذا وهذا وهذا ايضا تشبيه مذموم باطل ولكن المشابهة التي لا تنفع هي ما كان من جهة الاشتراك في اصل المعنى لان المعنى كما هو معلوم يوجد كليا في الاذهان وعما في الخارج فيكون مختلفا بحسب الاظافة والتخصيص فاذا كان المعنى الكلي هذا له جهتان جهة مطلق المعنى اقل درجات المعنى فهذه هي او هذا هو القدر المشترك بين كل من اتصف بالصفة فمثلا في السمع البعوضة لها سمع والذباب له سمن الضأن له سمع والنمل له سمع والانسان له سمع هؤلاء اشتركوا في اصل معنى السمع لكنهم يتفاوتون فيه بقدر ما هم عليه قدر ما يناسب ذواته قدر ما يناسب ابدانه بقدر ما يناسب استعداداتهم التي جعلها الله جل وعلا لهم. فسمع البعوض ليس هو كسمع الانسان وسمع النمل ليس كسمع الانسان ولكن اصل معنى السمع مشترك بين هذه المخلوقات. فكذلك جنس المخلوقات التي لها سمع نثبت لها اصل السمع كما هي عليه ولكن سمع الله جل وعلا يناسب ذاته. فكما ان ما بين وما بين النمل في السمع قدر مشترك في هذا المعنى معنى السمع ومعنى البصر فما بين المخلوق وبين الله جل وعلا هو مشترك في اصل المعنى. اما في تمام المعنى فكل له ما يناسبه الله جل وعلا يناسب ذاته العلية العظيمة الجليلة الاتصاف بالصفات الكاملة المطلقة كمال المطلق الذي لا نقص بوجه من الوجوه والمخلوق له ما يناسب ذاته من نقص وحاء. فهذا معنى الكيفية تمام المعنى اصل الاتصاف بالصفة لا وهو التخصيص في الخارج تمام المعنى كلي في الذهن. نعم تمام المعنى تمام المعنى غير مضاف كلي والكيفية تمثيل فاذا قلت السمع هو كالسمع صار هذا تجسيم صار هذا تمثيلا واذا قلت سمعه جل وعلا او بصره في كيفية الاتصاف هو ككيفية اتصاف المخلوق بالسمع والبصر صار هذا تكييفا فاذا قلت السمع والسمع صار هذا تمثيلا تمثيلا في المعنى. واذا قلت اتصف بالسمع بكيفية اتصافنا بالسمع واتصف بالبصر بكيفية اتصافنا بالبصر صار هذا تجسيما او صار هذا من جهة الكيفية. لان السمع المسموعة انت تدرك المسموعات بواسطة اذن وطبلة الى اخره والله جل وعلا ادراكه للمسموعات ليس بكيفية ادراك المخلوق للمسموعات كذلك البصر عين الله جل وعلا ليست كعين المخلوق في الكيفية نثبت لله عينا كما يليق بجلاله وعظمته لكن لا نقول عينه سبحانه كعين الانسان بالكيفية فيها سواد بياض اولها حدقة شبكية الى اخره. فاثبات المعنى هذا كمال المعنى لله جل وعلا والكيفية التمثيل فيها هذا تجسيم وهو من المكفرات لانه تمثيل للمخلوق في الخالق ما رأيك في كتاب المنحة الالهية في تهذيب شرح الطحاوية ما شفت الكتاب هذا قولك المنفي جنس الالهة التي تستحق العبادة المقصود بقول تستحق العبادة يعني في ظن في ظن العابدين الا يعني لا اله حق فنفيت فنفت كلمة التوحيد احقية الالهة بالعبادة المقصود بحسب ظنهم نحاول نقول المنفي جنس استحقاق الالهة للعبادة هذا الكلام اقول سؤال في الاصول ومتعلق كلمة الكاف كمثله والجواب عليها تقسيم الفاضل الشرعي ووضعي وعرفي ونقصه زيادة ونقل واستعارة كنقصنا هلا وكازدياد الكافي كمثله. هذا اقول البحث فيه معروف لكن هذا يحتاج الى بسطا اخر هذا السؤال طيب يقول قال اهل السنة كما ذكرتم قاعدة اهل السنة ان النفي مجمل والاثبات مفصل وان اهل البدع عكس لاهل السنة. فما القول عندما يقول احد من اهل البدع املاء الكريم ايش؟ املأ الكون ها نفي املأ الكون املأ الكون نفيا ولا تقل باثبات فيكون النفي عندهم والاثبات مجمل ماذا ما فهم الكلام املأ الكون نفي يعني زي ما تبي ولا تقل باثبات يعني لا تفصل هذا موافق لقولهم ان النفي مفصل والقول والاثبات مجمل نكتفي بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد