الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال الطحاوي رحمه الله تعالى رازق بلا مؤونة مميت بلا مخافة باعث بلا مشقة ما زال بصفاته قديم قبل خلقه لم يزد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته. وكما كان بصفاته ازليا. كذلك لا يزال عليها ابديا. ليس بعد الخلق ليس بعد خلق الخمس استفاد اسم الخالق ولا باحداث البرية استفاد اسم الباري له معنى الربوبية ولا مرغوب ومعنى الخالق ولا مخلوق. وكما انه محي الموتى بعد ما احياه. استحق هذا الاسم قبل احيائهم. كذلك استحق اسم الخالد قبل انشائهم ذلك بانه على كل شيء قدير. سبحانه. وكل شيء اليه قدير. احسنت. وكل امر عليه يسير. سبحانه. لا يحتاج الى شيء سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فهذه تكملة وصلة لما تقدم الكلام عليه من بيان معاني جمل هذه العقيدة النافعة عقيدة العلامة ابي جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى. ووقفنا عند قوله مميت بلا مخافة باعث بلا مشقة وهذا كالجمل التي قبله فيها اثبات كمال الرب جل وعلا وانه في كمال مالاته وصفاته غير مماثل لخلقه بل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فذكر فيما تقدم جملة من صفات الرب جل وعلا وانه في اتصافه بتلك الصفات لا يماثل المخلوق الذي اذا اتصف بصفة فهو لحاجته لمقتضى تلك الصفة ولضعفه ولافتقاره. والله جل جلاله متصف بصفات الكمال التي مرجعها الى انه سبحانه هو الغني الحميد هو الغني غير تاج غير محتاج لمقتضى صفاته وغير محتاج سبحانه لاثر تلك الصفة بل هو وسبحانه وتعالى فيما يفعل يفعل لحكمة لا لحاجة جل وعلا فخلقه سبحانه وتعالى للخلق بلا حاجة ورزقه سبحانه وتعالى لهم لحاجتهم اليه. لا لحاجته سبحانه وتعالى اليهم. كما مر انا على حد قول الله جل جلاله يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. وجميع صفات الكمال ان ترجعوا الى صفة الغنى وصفة الحمد له سبحانه. والى هذين الاسمين العظيمين الغني والحميد سواء في ذلك صفات الجلال او صفات الجمال صفات الربوبية او الصفات التي ترجع اليها معاني العبودية للرب جل جلاله. قال هنا مميت بلا مخافة يعني انه سبحانه يميت من شاء ان يميته ويفقد من شاء ان يفقده الحياة لا بخوف من هذا الذي افقده الحياة اي يعتدي على مقام الرب جل وعلا. ولكن لحكمته سبحانه. فهو الذي وامات وهو الذي افقر واغنى سبحانه لحكمته البالغة العظيمة. فهو فيما يحيي لم لحاجة وفيما اماك سبحانه ما امات لمخافة بل هو سبحانه الذي يحيي ويميت لحكمة بالغة. فقال هنا مميت بلا مخافة. والمخلوق البشر او غير البشر بالاماتة على من يخاف من شره. وهذا دليل النقص في المخلوق انه لانه لما لم يكن دافعا عن نفسه الا بهذا الفعل صارت في المخلوق هذا من صفات النقص في انه يميت لمخافته. وهذا لا يدخل فيه معنى مشروعية الجهاد. لان هذا لمعنى اخر لا يتعلق بالمخلوق بل يتعلق بحق الله جل وعلا واقامة دينه واعلاء كلمته. فهذا معنى قوله بلا مخافة وانه سبحانه باعث بلا مشقة باعث الخلق بعد موتهم سواء في ذلك بعث المكلفين او بعث غير المكلفين بلا مشقة تلحقه سبحانه ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة. وهذا لكمال صفات الرب جل وعلا. اذا تبين لك ذلك فان في هذه الجملة من كلامه مسائل اعني قوله مميت بلا مخافة فيها مسائل. المسألة الاولى ان مميت اسم فاعل من اماتا المتعدي. و الاسم للرب جل وعلا المميت هو سبحانه المحيي المميت. والمميت صفة كمال مع قرينتها المحي. المميت اسمه كمال مع قرينه المحيي. فهو سبحانه الموصوف بكونه احياء وامات جل وعلا. المسألة الثانية معنى مميت اي خلق الموت فيمن شاء سبحانه يعني جعل من شاء من خلقه ميتا بعد ان كان والموت عند جمهور اهل السنة ومن وافقهم من غيرهم مخلوق موجود وهو الذي يعبرون عنه بان الموت صفة وجودية. وذلك لقول الله جل وعلا الذي الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا. فجعل الموت مخلوقا وتسلط عليه الخلق وهذا يدل على انه موجود خلق الموت وخلقه يدل على انه صفة وجودية وكذلك ما جاء في السنة من احاديث كثيرة فيها ان الموت يؤتى به يوم القيامة على هيئة كبش فيذبح في قنطرة بين الجنة على قنطرة بين الجنة والنار. فهذا يدل على ان الموتى موجود وله صفة الوجود. وهذا له ادلة ايضا كثيرة تدل على ما ذكرنا من ان الموتى ليس عدما للحياة وانما هو وجود لصفة ليست هي الحياة فالحياة وصف صفة وهو وجود لصفة اخرى وهذه الصفة الاخرى هي الموت هذا هو الذي قرره جمهور اهل السنة وقال غير اهل السنة من الفلاسفة وبعض من وافقهم من اهل السنة وهو قول اهل الكلام فيما ذكروه في كتبهم الخاصة الكلام قالوا الموت في تعريفهم للموت الموت عدم الحياة عما من شأنه ان هنا حيا وهذا التعريف تجده في كثير من كتب التفسير التي ينحو اصحابها منحى اهل الكلام حتى ان بعض المنتسبين لمنهج السلف ظن ان هذا التعريف يمشي فنقل بعض النقولات فيها هذا التعريف. وهذا هو تعريف اهل الكلام والفلاسفة. يقولون الموت عدم الحياة عما من شأنه ان يكون حيا. ويجيبون عن الاية في قوله خلق الموت والحياة بان الخلق هنا بمعنى التقدير. فيكون عندهم معنى الاية الذي قدر الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا. وهذا مصير منهم الى ان الموت عدم محض وهذا خلاف الادلة الكثيرة من السنة وايضا من القرآن التي تدل على ان الموتى حياة اخرى. ولهذا نقول لمن مات انه في الحياة البرزخية وليس في عدمه. فالحياة حياة الانسان متعلقة بروحه ومتعلقة بجسده. وحياة الجسد بحلول الروح فيه فاذا فارقت الروح الجسد صار الجسد عديم الحياة. لذلك يمتد تنتثر اجزائه في التراب ويذهب واما الروح وهي داخلة في جملة تسمية الانسان انسانا اما الروح فهي هي مخلوقة بالبقاء لا للعدل لهذا اذا قيل مات يعني صار جسمه لنوع للعدم او صار جسمه للفناء واما روحه فهي للبقاء لكن لها حياة تخصها. والجسد عند اهل السنة في القبر له تعلق بالروح. فان الحياة البرزخية للروح عند اهل السنة والجسد تبع لها. تبع للروح ليست الحياة للروح فقط بل هي للروح والجسد تابع عكس هل الحياة الدنيا فان الحياة فيك الان للجسد والروح تبع فيألم الجسد فتعلم الروح وهكذا يسعد الجسد فتسعد الروح الى غير ذلك من التفصيل. واما بعد الحياة البرزخية يعني بعد الموت فان الموت حالة صفة وجدت ادت الى انفصال الروح عن البدن فصارت الروح بالموت لها حياة تخصها وصار البدن بالموت له صفة تخصه وبين هذا وهذا تعلم. يدلك هذا على صحة ما اختاره ائمة اهل السنة بما دلتهم عليه الاحاديث. وظاهر القرآن من ان الموت صفة توجد وليس عدما محض بل هو موجود له خصائصه. والموت في الاية مخلوق خلق الموت والحياء. وقولهم ان الموت والحياة هنا تسلط عليها الفعل خلق فيكون بمعنى التقدير نقول هذا غير مستقيم لانه علل ذلك بعده بقوله ليبلوكم ايكم احسن عملا وحسن العمل انما يكون بعد الوجود قدم الموت على الحياء لان الموت يكون بعده الجزاء على حسن العمل. ولما جاء في السنة من الادلة المسألة الثالثة ان الموت متعلق يعني اماتة الرب جل وعلا متعلقة كل شيء. كما قال سبحانه كل شيء هالك الا فكل شيء كتب عليه الموت. فلابد ان يموت كل شيء يعني مما حلته الحياة بالروح. فلابد ان يفنى وهناك ما استثني مما يموت. وذلك في قوله جل وعلا ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون. والاستثناء هنا في قوله الا ما يشاء الله اختلف فيه اهل العلم على عدة اقوال ترجعون اليها في التفسير. ومنها ان يكون المستثنى ارواح الشهداء لان الشهداء احياء بنص الاية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا. بل احياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما اتاهم الله من فضله. الايات في عمران وهذا هو اظهر الاقوال ان المستثنى ارواح الشهداء فيكون عموم قوله جل وعلا كل شيء هالك الا وجهه على ظاهره في انه سيهلك كل شيء الا الرب جل وعلا. وهذا قد جاء في تفسير قوله تعالى فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون رفيع الدرجات ذو العرض الى قوله لمن الملك اليوم لله الواحد القهار لان الرب جل وعلا اذا امات الملائكة المقربين نادى لمن الملك اليوم؟ ثم اجاب نفسه العلية بقوله جل جلاله الملك اليوم لله الواحد القهار لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار. ثم قال اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم. ان الله سريع الحساب. وهذا يدل على ان المخلوقات ظعيفة محتاجة الى ربها فكل من استحضر صفة الموت الذي سيحل به وسيحل ايضا بغيره من المخلوقات فانه يظهر له عظم الرب جل وعلا الذي يمسك السماوات والارض ان تزول وانه سبحانه وتعالى هو المحيي المميت وانه جل وعلا هو الواحد الاحد الغني الكامل في صفاته ونعوت جلاله وعظمته. واما قول الطحاوي باعث بلا مشقة فهذا فيه صفة البعث لله جل وعلا وفي موضعه سيأتي ان شاء الله تعالى ذكر مسائل البعث والنشور الى جهتها. قال بعدها ما زال بصفاته قديما قبل خلقه. لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من فاتح. قوله ما زال بصفاته قديما قبل خلقه الى اخره. اراد به انه جل وعلا لم بصفاته متصفا بصفاته قبل ان يخلق الخلق. فصفاته سبحانه ثابتة له قبل وجود المخلوقات. المنظورة التي تراها العام. والتي لا تراها مما ما هو موجود. قال ما زال بصفاته قديما. قال فيه بحث مر معكم في الاسم القديم او في وصف الله جل وعلا بالقدم. وقوله قبل خلقه اراد به انه سبحانه ما اتصف هذه بعد ان خلق الخلق كما سيأتي في قوله ليس بعد خلق الخلق تفادى اسم الخالق ولا باحداث البرية استفاد اسمه الباري. ثم قال لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته تركيب هذه الجملة كالتالي لم يزدد شيئا جل وعلا من صفاته لم يزدد شيئا بكونهم يعني بوجودهم وايجادهم وخلقهم لم يزدد شيئا. وهذا الشيء وصف لانه لم يكن قبلهم من صفته. يعني ان الرب جل وعلا ما ازداد شيئا لم يكن عليه سبحانه قبل ان يخلقه بل هو سبحانه بصفاته قبل ان يخلق الخلق وبعد ان خلق الخلق لانه لا ان يعطل الرب جل وعلا من صفاته. لان تعطيل الرب جل وعلا من صفاته نقص. والله سبحانه متنزه عن النقص بانواعه وهذا الكلام منه مع ما بعده متصل. ولذلك سنذكر ما يتعلق به من المسائل متتابعا بعد بيان معنى هذه الجمل الاتية. قال وكما كان بصفاته ازليا كذلك لا يزال عليها ابديا. يعني ان صفات الرب جل وعلا كما انه لم يزل عليها وهو اول بصفاته فهو ايضا جل وعلا اخر بصفاته سبحانه وتعالى. فصفات الرب جل وعلا ابدية ازلية لا ينفك عنه الوصف في الماضي البعيد ولا في المستقبل. بل هو سبحانه وتعالى لم يزدد بخلقه شيء لا في جهة الاولية ولا في جهة الاخرية بل هو سبحانه وتعالى لم يزل بصفاته اولا سبحانه قال ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا باحداث البرية استفاد اسم الباري. اراد بذلك انه جل وعلا من اسمائه الخالق ومن صفاته الخلق قبل ان يخلق فلم يصل الخالق بعد ان خلق بل هو اسمه الخالق جل وعلا قبل ان يخلو. ولم يكن اسمه الباري بعد ان برأ الخليقة بل اسمه الباري قبل ان يبرأ الخليقة. لهذا قال بعدها له معنى الربوبية ولا مربوغ. ومعنى الخالق ولا مخلوق فقبل ان يكون قبل ان يكون سبحانه خالقا للخلق يعني قبل ان يكون ثم مخلوق هو خالة وقبل ان يكون ثم مربوب هو جل وعلا الرب سبحانه وتعالى. قال وكما انه محي الموتى بعد ما احيا استحق هذا الاسم قبل احيائهم. فهو سبحانه المحيي قبل ان يكون ثم ميت. قبل ان يميت الموتى هو المحي وكذلك هو المستحق لاسم الخالق قبل انشائهم. ذلك بانه على كل شيء قدير. هذه الجمل في الدلالة على المعنى الذي ذكرته لك. وهذا المعنى الذي دل عليه كلام الطحاوي يرتبط به مسائل مهمة جدا في هذا الموضع. وهذا الموضع مما يظهر منه ان رحمه الله خالف ما عليه اهل الحديث والاثر في هذه المسألة العظيمة وذلك ان اصول هذه المسألة قديمة في البحث بين الجهمية وبين المعتزلة وبين الكلابية والعشائرة وبين الماتوريدية وبين اهل الحديث والاثر. والمذاهب فيها متعددة ولهذا نقول نبين ما في هذه الجمل من من مباحث على مسائل ايضاحة للمقام. المسألة الاولى ان الناس اختلفوا في اتصاف الله جل وعلا بصفاته هل هو متصف بها بعد ظهور اثارها واسماء الرب جل وعلا سميت بها بعد ظهور اثارها ام قبل ذلك؟ على مذاهب. المذهب الاول هو مذهب المعتزلة والجهمية ومن نحى نحوهم من انه جل وعلا لم يصل له صفات ولا اسماء الا بعد ان ظهرت اثارها. فلما خلق صارت له صفة الخلق وصار من اسمائه الخالق وذلك على اصل عندهم وهو ان اسماء الله جل وعلا مخلوقة. فلما خلق سماه الناس الخالق وخلق له اسم الخالق. فعندهم ان الزمان لما ابتدأ فيه. الخلق او الرزق او الايشاء صار بعده له اسم الخالق. وقبل ذلك لم يكن له هذا الاسم ولم تكن له هذه الصفات. فقبل ان يكون ثم سامع لكلامه فليس هو سبحانه متكلما فلما ظهر سامع لما خلق سامعا لكلامه خلق كلاما عند المعتزلة والجهمية معهم اياه فصار له اسم المتكلم او صفة الكلام لم ما خلق من يسمع كلامه. كذلك صفة الرحمة على تأويلهم الذي يأولونه او انواع النعم والمنعم والمحيي والمميت كل هذه لم لا تطلق على الله عندهم الا بعد ان وجد الفعل منه على الاصل الذي ذكرته لكم عنهم ان الاسماء عندهم والصفات مخلوقة. المذهب هو مذهب الاشاعرة والماتريدية ومذهب طوائف من اهل الكلام في ان ان الرب جل وعلا كان متصفا بالصفات وله الاسماء ولكن لم تظهر داروا صفاته ولا اثار اسماعه. بل كان زمنا طويلا طويلا. معطل عن الافعال جل وعلا له صفة الخلق وليس ثم ما يخلقه. له صفة الفعل ولم يفعل له صفة الارادة واراد اشياء كونية مؤجلة غير منجزة وهكذا فمن اسمائه عند هؤلاء الخالق ولكنه لم يخلق. ومن اسمائه عندهم او من صفاته الكلام ولم يتكلم ومن صفاته الرحمة بمعنى ارادة الانعام وليس ثم منعم عليه. ومن اسمائه المحي وليس ثم من احيا ومن اسمائه البارئ وليس ثم منبرأ. وهكذا حتى انشأ جل وعلا هذا الخلق المنظور الذي تراه من الارض والسماوات وما قص الله علينا في كتابه ثم بعد كذلك ظهرت اثار اسمائه وصفاته. فعندهم ان الاسماء والصفات بهذا العالم المنظور دون غيره لهذا العالم المنظور او المعلوم دون غيره من العوالم التي سبقت وقالوا هذا فرارا من قول الفلاسفة الذين زعموا ان هذا العالم قد او ان المخلوقات قديمة متناهية او دائمة من جهة الاولية جهة القدم مع الرب جل على والمذهب الثالث هو مذهب اهل الحديث والاثر واهل السنة اعني عامة اهل السنة وهو ان ان الرب جل وعلا اول بصفاته وصفاته سبحانه وتعالى قديمة يعني واول سبحانه وتعالى بصفاته. وانه سبحانه كان من جهة الاولية بصفاته كما عبر الماتن هنا بقوله كان بصفاته وان صفات الرب جل وعلا لابد ان تظهر اثارها لانه سبحانه فعال لما يريد. والرب جل وعلا له صفات الكمال المطلق ومن انواع الكمال المطلق ان يكون ما اراد سبحانه وتعالى فما اراده كونا لابد ان يكون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ومن مذهب اهل السنة والاثر والحديث انه سبحانه يجوز ان يكون خلق انواع من المخلوقات وانواعا من العوالم غير هذا العالم الذي نراه. فجنس مخلوقات الله جل وعلا اعم من ان تكون هذه المخلوقات الموجودة الان فلابد ان يكون ثم اوجدها الله جل وعلا وافناه ظهرت فيها اثار اسمائه وصفاته جل وعلا فان اسماء الرب جل وعلا وان صفات الرب جل وعلا لابد ان يكون لها اثرها لانه سبحانه فعال لما يريد. فما اراده سبحانه فعله. ووصف نفسه بهذه الصفة على صيغة المبالغة الدالة على الكمال بقوله فعال لما يريد. فما اراده سبحانه كان. وهذا متسلسل كما سيأتي بيانه في الزمن الاول يعني في الاولية وفي الاخرية فهو سبحانه كما كان بصفاته ازليا كذلك لا يزال عليها ابديا. وهذا منهم يعني من اهل الحديث والاثر والسنة هذا القول منهم لاجل اثبات الكمال للرب جل وعلا. وقول المعتزلة والجهمية فيه تعطيل الرب جل وعلا عن اسمائه وصفاته. يعني ان الله جل وعلا كان بلا صفات وبلا اسماء وانه لما فعل وجدت صفات الرب جل وعلا. وهذا نسبة النقص بالرب جل وعلا لان الصفات هي عنوان الكمال والله سبحانه وتعالى كمالاته بصفاته. واما قول الاشاعرة وما تريدية ومن نحى نحوهم فهذا ايضا فيه وصف الرب جل وعلا بالنقص. لان اولئك يزعمون انهم متصف ولا اثر للصفة. ومعلوم ان هذا العالم المنظور الذي تعلقت به عندهم الاسماء والصفات هذا العالم انما وجد قريبا فوجوده قريب وان كان وان كانت مدته او عمره طويل لكنه بالنسبة الى الزمن بعامة الزمن المطلق لا شك انه قريب. لهذا قال عليه الصلاة والسلام ان الله قدر مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وكان عرشه على الماء جل وعلا. فتقدير فالتقدير كان قبل ان يخلق هذه الخلائق قبل ان ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وهي مدة محدودة والله جل وعلا لا يحده زمان فهو سبحانه وتعالى ليس قبله شيء جل وعلا وفي هذا اقرار لانه من جهة الاولية الزمان في ادراك المخلوق. وننتقل من الزمان المنسوب الى الزمان المطلق. وهذا تتقاصر عقولنا عنه وعن ادراكه. وعما هذا العالم المنظور فانه محدث وحدوثه قريب. ولهذا نقول ان قول الاشاعرة وما تريدية بانه كان متصفا بصفات وله الاسماء لكن لم تظهر اثارها ولم يفعل شيئا الا بعد ان ان اوجد هذا العالم نقول معنى ان ثم زمانا مطلقا طويلا طويلا جدا ولم يكن الرب جل وعلا فاعلا ولم يكن لصفاته اثر ولا لاسمائه اثر في المعبودات في المربوبات ولابد ان الله جل وعلا او سبحانه وتعالى من يعبده جل وعلا من خلقه ولابد ان يكون له جل وعلا مخلوقات لانه سبحانه عال لما يريد وهذه صفة مبالغة مطلقة في الزمن كله لان ما اسم موصول واسماء تعم ما كان في حيز صلتها. بقي ان يقال ان قولهم اراد ولكن ارادته كان معلقة غير منجزة ونقول هذا تحكم لان هذا مما لا دليل عليه الا الفرار من قول للفلاسفة ومن نحى نحوهم بقدم هذا العالم المنظور. وهذا الالزام لا يلزم اهل الحديث والسنة الاثر لاننا نقول ان العوالم التي سبقت هذا العالم كثيرة متعددة لا نعلمها الله جل وعلا يعلمها هذا ما قيل انه يسمى قدم جنس المخلوقات. او ما يسمى بالقدم النوعي للمخلوقات. وهذه من المسائل الكبار التي نكتفي في تقريرها بما اوردنا لك في هذا المقام المختصر. المهم ان يتقرر في ذهنك ان مذهب اهل الحديث والاثر في هذه المسألة لاجل كمال الرب جل وعلا وان غير قولهم فيه تنقص للرب جل وعلا لكونه معطلا عن صفاته او بكونه سبحانه وتعالى معطلا ان يفعل وان تظهر اثار اسمائه وصفاته قبل خلق هذا العالم المعلوم او المنظور. المسألة الثانية ان الطحاوي رحمه الله كانه يميل الى المذهب الثاني وهو مذهب الماتوريدية وهذا من اغلاط هذه العقيدة التي خالف بها فيها مؤلفها منهج اهل الحديث والاثر. هذا ظاهر كلامه كما اعترف به الشارع ومنشرح هذه العقيدة من الماتوريدية قرروا هذا الكلام على ان كلامه موافق لكلام ابي منصور ما تريد والاشعري ومن نحى نحوه. المسألة الثالثة متصلة بهذا البحث وهذا البحث من اصعب المباحث التي ستعرض لك في شرحنا لهذه العقيدة لكن نعرضها بشيء من الوضوح والاختصار وهو ما يسمى بمسألة التسلسل التسلسل معناه انه لا يكون شيء الا وقبله شيء ترتب عليه. او لا يكون شيء الا وبعد شيء ترتب عليه. والتسلسل على اعتبارات. فالجهة الاولى المعتبرة في بحث التسلسل صفات الرب جل وعلا. وللناس في التسلسل المتعلق بصفات الرب جل وعلا. مذاهب. الاول من قال ان الرب جل وعلا يمتنع تسلسل صفاته في الماضي ويمتنع تسلسل صفاته في المستقبل. فلا بد من امد يكون قد ابتدأ في صفاته او ابتدأ ابتدأت صفاته ولابد ايضا من زمن تنتهي اليه صفاته. وهذا هو قول الجهمية والعياذ بالله وقول طائفة من المعتزلة كابي هذيل علاف وجماعة منهم والمذهب الثاني وان التسلسل في الماضي ممتنع والتسلسل في المستقبل لا يعني ان الاتصاف بالصفات لابد ان يكون له زمن ابتدأ فيه هذا الزمن قريب من خلق هذا العالم الذي تعلقت به الاسماء والصفات او الذي ظهرت فيه اثار الاسماء والصفات. وفي المستقبل هناك تسلسل في الصفات يعني عدم انقطاع للصفات وهذا هو قول اهل الكلام والاشاعرة والماتريدين. والقول الثالث مذهب الثالث ومذهب واهل السنة والحديث وهو ان التسلسل ثابت في الماضي وثابت في المستقبل. وثبوت هو في الماضي غير متعلق بخلق تتسلسل فيهم الصفات او تظهر فيهم اثار الصفات بل يجوز او نقول بل تتنوع التعلقات باختلاف العوالم. وفي المستقبل يعني في الاخرة هو لو على اخر بصفاته سبحانه وتعالى هناك التسلسل في الجهة في جهة المستقبل. مقتضى القسمة ان يكون ثم قسم رابع وهو انه لا تسلسل في المستقبل وهناك تسلسل في الماضي هذا مقتضى الصبر والتقسيم في القسمة وهذا لا قائل به من المذاهب المعروفة يعني لا يعرف ان احدا قال بهذا القسم. اذا تبين لك ذلك فهذه المسألة بحثت اولا. مسألة التسلسل قبل بحث المسألة الاولى التي ذكرناها لكم من جهة مذاهب الناس في الصفات تعلقها بالخلق يعني الثلاثة مذاهب اللي ذكرناها. لما بحث التسلسل نتج منه البحث الاول. ولهذا اذا اردت ان تفهم جهة التسلسل تفهم اثرها الذي ذكرته لك في الاول. لان كلا من هاتين المسألتين مرتبط بالمسألة الاخرى. الجهة الثانية من الاعتبار تسلسل في المخلوقات. تسلسل في صفات الخالق ذكرناه والجهة الثانية من الاعتبار التسلسل في المخلوقات. والتسلسل في المخلوقات للناس فيه مذهبان فيما اعلم الاول تسلسل في الماضي وهذا ممتنع عند عامة الناس الا الفلاسفة. الذين قالوا انه لا عالم الا هذا العالم. وان هذا العالم لم يزل في الماضي وانه ما من علة فيه الا وهي مؤثرة لمعلول فيه ايضا. وان هذا العالم ترتب تسلسل فيه الاخر عن الاول والثاني عما قبله ليس ثم غيره. نقول ان هذا من جهة هذه الجهة عامة الناس عدا الفلاسفة على ما ذكرنا. يعني اتفق عليها معتزلة واهل السنة على ان التسلسل تسلسل المخلوقات في الماضي انه ممتنع الا قول الفلاسفة والفلاسفة كما هو معلوم من قالوا بهذا القول خارجون عن الملة لانهم يرون قدم هذا العالم مطلقا وان المؤثر فيه الافلاك بعلل مختلفة يبحثونها. المذهب الثاني ايش قلنا حنا؟ حنا قلنا في الماضي وآآ في المستقبل تسلسل في المخلوقات غير ممتنع. تسلسل في المخلوقات غير ممتنع عند الجمهور الا في خلاف جهم وبعض المعتزلة في ان تسلسل الحركات والمخلوقات في المستقبل ايضا ممتنع وانهم لابد ان يصيروا الى عدم او الى عدم تأثير اما عدم محض او عدم تأثير الجهة الثالثة في الاعتبار في التسلسل تسلسل الاثر والمؤثر والسبب والمسبب والعلة والمعلول. وهذا لابد من النظر فيه وايضا نقول اشهر المذاهب في اثنان الاول مذهب نفاة التعليل والعلل والاسباب الذين يقولون لا اثر لعلة ان في معلولها ولا اثر لسبب في مسبب وانما يفعل الله جل وعلا عند وجود الا لا لكونها علة. وهذا هو مذهب نفاة التعليل كقول الاشاعرة القدرية و ابن حزم وجماعات. والمذهب الثاني ان الاسباب تنتج مسبباتها ويتسلسل ذلك وان العلة تنتج معلولا ويتسلسل ذلك يعني جوازا ولكن ذلك كله بخلق الله جل وعلا له وان التسلسل في الاثار ناتجا عن المؤثرات ليس لذاتها بل لسنة الله جل وعلا التي اجراها في خلقه. ولن تجد لسنة الله تبديلا. ولن تجد لسنة الله المسألة الرابعة قوله وكما كان بصفاته ازليا كذلك لا يزال عليها ابديا القول في قوله كان بصفاته هذا حق لان اهل السنة يعبرون عن الله جل وعلا على بانه سبحانه وتعالى بصفاته. فيعبرون بالباء المقتضية للمصاحبة. لان الله جل وعلا لم تنفك عنه صفاته وكما كان بصفاته سبحانه وتعالى فلم يكن سبحانه وتعالى ولا صفة بل كان بصفاته والباء هنا للمصاحبة يعني انه سبحانه وتعالى كان ازليا بصفاته التي هو جل وعلا موصوف بها. والمعتزلة يعبرون في مثل هذه المسائل عن الصفات بالواو فيقولون الله وصفته الله وعلمه. الله وقدرته. الله وحلمه. الله ورحمته. الله و قهره وهكذا فيعبرون بالواو لان الصفة عندهم منفكة عن الموصوف فعندهم ان الصفة غير ملازمة للموصوف وليست قائمة به. ولهذا بحث الشارح عندك مسألة هل الصفات غير الذات الاسم هل هو عين المسمى؟ ونحو ذلك عرض لها بما تستفيده من بحثه لانه نوع من الاستطراء لكن ننبهك الى ان قوله كان بصفاته هو الاستعمال الذي يستعمله اهل السنة. ولا نقول الله جل وعلا وقدرته فان الله سبحانه فعل وقدرته مثلا او نقول الله جل وعلا وعلمه هذا استعمال الواو في هذا المقام لا يسوغ بل تستعمل الباء فنقول الله جل وعلا بعلمه الله سبحانه وتعالى بقدرته لان الباء تدل على المصاحبة لان هذه الصفات قائمة بذات الرب جل وعلا. قوله ازليا مر معنا فيه وانه منحوت من كلمة لم يزل. المسألة الخامسة قوله في اخر الكلام ذلك بانه على كل شيء قدير وكل شيء اليه فقير. وكل امر عليه يسير لا يحتاج الى شيء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. هذا تعليل لما مر ذلك بانه على كل شيء قدير على احياء الموتى وعلاء اثنائهم وعلى رزق الناس رزق المخلوقات وجميع ذلك. وقوله ذلك بانه على كل شيء قدير تتعلق به المسألة الخامسة هذه وهي ان اهل السنة يجعلون قدرة الرب جل وعلا متعلقة بكل شيء. واسم الله القدير متعلق بكل شيء. وقدرة الله جل وعلا غير محصورة بل هو سبحانه قادر على ما شاء وعلى ما لم يشاء جل وعلا وهذا هو مذهب اهل الحديث والسنة وبه جاء القرآن العظيم فكل ما في القرآن تعليق القدرة بكل شيء. والله على كل شيء قدير. ان الله كان على كل شيء مقتدرا. وكان الله على ذلك. وكان الله على كل شيء وكان الله على ذلك قديرا. وان الله على كل شيء قدير ونحو ذلك من الايات التي فيها تعليق القدرة بكل شيء. اهل البدع واهل الكلام يعلقون القدرة بما يشاءه الرب جل وعلا. فيقولون تعلق قدرة الرب جل وعلا بما يشاؤه. ولذلك ترى انهم يعدلون عما جاء في القرآن بقول والله على كل شيء قدير الى قولهم والله على ما يشاء قدير لان القدرة عندهم متعلقة بما شاءه الله وليست متعلقة بما لم فعندهم قدرة الله تتعلق بما شاء ان يحصل اما ما لم يشأ ان يحصل فانه لا يتعلق به القدرة فاذا قيل هل الله قادر على ان لا يوجد على ان لا يوجد ابليس فيقولون لا غير قادر. هل الله قادر على الا توجد السماوات؟ يقولون لا غير قادر لان القدرة عندهم متعلقة بما شاءه جل وعلا. وما لم يشأه في كونه وفي ملكوته مما الم يحصل بعد او مما حصل خلافه؟ فان القدرة غير متعلقة به ولذلك يقول قائلهم ليس في بالامكان ابدع مما كان. لان القدرة عندهم متعلقة بما شاءه الله جل وعلا. وهذا القول باطل بوضوح وذلك دليلين. اما الاول فان الذي جاء في القرآن كما ذكرنا لك تعليق القدرة كل شيء في الايات التي ذكرت لكم طرفا منها. الثاني ان الله جل وعلا قال في سورة الانعام قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم. او من تحت ارجلكم. او شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض. ولما نزلت هذه الاية تلاها عليه الصلاة والسلام فقال قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم. قال عليه الصلاة والسلام اعوذ بوجهك. ثم تلى او من تحت ارجلكم فقال عليه الصلاة والسلام اعوذ بوجهك. ثم تلى او يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض. قال عليه الصلاة والسلام هذه اهون. والله جل وعلا لم يشأ ان يبعث على هذه الامة عذابا من فوقها او من تحت ارجلها فيهلكهم بسنة بعامة. بل جعل بينهم بأسهم شديد حكمته سبحانه وتعالى العظيمة العلية. فدلت الاية على ان قدرة الله جل وعلا تتعلق بما لم يشأ ان يحصل قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم وهذا لم يشأه الله جل وعلا ومع ذلك تعلق به القدرة وهذه من الكلمات التي يكثر عند اهل العصر استعمالها فيتنبه على انها من اثار قول اهل الاعتزال. في بعض الاحاديث جاء والله على ما يشاء قادر واني على ما اشاء وهذا الجواب عنه معروف بانه متعلق باشياء متعلق باشياء مخصوصة وليست تعليقا للقدرة بالمشيئة او ان يقال قدرته على ما يشاء لا تنفي قدرته على ما لم يشأ جل وعلا نكتفي بهذا القدر واسأل الله جل وعلا لي ولكم التوفيق والسداد