ومن كلمات ابن مسعود رضي الله عنه انه قال اعتبروا الناس يقول لاصحابه اعتبروا الناس باخدامهم. فان المرء لا يخادن الا من يعذبه. اعتبروا الناس باقدامهم فان المرء لا يخادن الا من يعجبه. وهذا مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المروي في السنن المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالف صحيح كما قال ابن مسعود المرء لا يخادل الا من يعجبه. يعجبه في تصرفاته. يعجبه في عقله يعجبه في تفكيره فاذا رأيت احدا يخادن احدا يعني الصديق يعني صديقا له ملازما له محبا له فاعتبر هذا بهذا بذات فان الارواح جنود مجندة ما تعارف منها سلف ومات خالف وما تناكر منها اختلف. فاعتبروا باقدامهم وهذا يدل على ذاك. فمن جهة الاعمال اذا رأيت من يغشى المعاصي والكبائر رأيت من يصاحبه ويلازمه فاعتبره بذاك اخشى عليك ان يكون مثل صاحبه. لانه اما انه لم يعلم بفعل صاحبه. واما انه علم فرضه ومن علم بالمعصية فرضيها كان شريكا لصاحبها في الاثم. في الالسنة اذا وجدت ان فلانا سبابا شتا كثير الغيبة كثير الوقيعة وتجد ان فلان كثير الصحبة له لا يخالفه ولا ينهاه ولا يفارقه فاعلم انه شبيه به رضي صنيعه في العقول الناس يتقاربون في العقول وفي التفكيرات. فاذا وجدت في عقل احدهم محبة للعلم ووجدت من يصاحبه فتعلم ان من يصاحبه محبا للعلم فتعلم ان من يصاحبه محب للعلم ان لم يكن من اهل العلم اذا وجدت من يصاحب صاحب السنة فتعلم انه صاحب سنة. لانه كما قال ابن مسعود اعتبروا الناس باخدامهم. واذا وجدت من يصاحب اهل الاثر تاء هو محب للاثر ولاهله. واذا وجدت من يصاحب اهل الرأي ويلزمهم فتعلم انه محب له وان له وان له حكما. من احب السنة صحب اهلها. ومن احب المحدثات صحب اهلها والمرء على دين خليله. كما قال عليه الصلاة والسلام. فهذه وصية وما وراء هذه الوصية بعد الاعتبار ان تعتبر نفسك ليس المقصود ان تحكم على الناس ولكن هذه عبارة لطيفة من ابن مسعود حيث قال اعتبروا الناس باقدامهم. لكن اذا اردت ان تعتبر الناس فلابد ان تعتبر نفسك قبل ان تعتذر الناس من الناس من لا يحب ان يواجه بالنصيحة والوصية ولكن جعله ابن مسعود رضي الله عنه جعل هذا حكما على غيره واذا تأمل وجد ان في العبارة ان يحكم على نفسه. فاعتبر نفسك باقدامك فان المرء لا يقادم الا من يعجبه. اذا كان كذلك فتأمل نفسك ومن تصاحب. هل تصاحب اهل الطاعة؟ ام اهل المعصية اذا وجدت من يأنس لاهل العصيان ولو كان ظاهره الطاعة ففي الغالب ان نفسه من داخلها تنازعه الى عصيان ولو من طرف خفي. واذا وجدت من يصاحب اهل العلم وجدت ان نفسه تنازعه الى العلم ولو لم يكن من طلبته. واذا وجدت نفسك تصاحب اهل في السنة فمعنى ذلك ان قلبك محب لها. واذا وجدت نفسك تصاحب اهل المحدثات واهل الغيبة واهل النميمة واهل الوقيعة فتعلموا ان المرء على دين خليله فاذا تبدأ مع نفسك بالاصلاح. كلمة ابن مسعود هذه لنفسك ولغيرك. وهذه وصية تربوية جامعة دعوية وكل حسيب نفسه. والله جل وعلا يقول مخبرا عن قولي بعضهم يوم القيامة يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا. لقد اضلني عن الذكر بعد فان جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا. اتهم الرأي وعليك بالسلامة. اطلب سلامة لا تأخذ نفسك بالاماني بل كن على حذر وكن طالبا للسلامة لا طالبا للهو واللعب فان الحياة ليست مدتها كافية للهو واللعب. وان غشى اللهو واللعب الاكفهون. وانما هي لمن عقل ميدان فقط لطاعة الله جل وعلا. ولا تنسى نصيبك من الدنيا